المقالات

02 أبريل 2024

مفاهيم غريبة عن معنى الصوم

١-ليس الصوم إذلالاً للبدن يظن البعض أن الصوم هو لإهلاك الجسد وإضعافه وسر هذه النظرة الخاطئة عدم تفهم بعض أقوال الكتاب المقدس مثل " أقمع جسدى وأســــــــتعبده " ، الجسد يشتهى ضد الروح والروح يشتهى ضد الجسد " ، والحقيقة أن مفهوم الجسد هنا لا يعني البدن أو الهيكل الجسدى وإنما يعنى الإرادة الفاسدة والإنسان العتيق ، والذي أدخل إلى التصوف المسيحى مفهوم النسك الخاطئ القائم على منهج الثنائية بين الجسد والروح العقيدة الأفلاطونية التى تسربت إلى المسيحية وكانت تنادى بأن العالم المادى ليس من أعمال الله وأن كل ما هو مادى إنما هو حقير وكل ما هو مجرد فهو راقي ، هذا الاتجاه لا يوافق مقاصد الله من الإنسان وإنما هو فكر أفلاطوني ينظر إلى الجسم كسجن للعقل وللجسد كمقبرة للروح ، أما الكتاب المقدس فهو دائما أبدا يرفض نظرية الثنائية تماما ويؤكد مبدأ وحدة الجسد والنفس " السيكوفسيولوجي " . وقد علمنا الأباء أن النسك لا يجب أن ينحرف إلى الدرجة التي نقسو فيها على أجسادنا فتعاق عن تأدية واجبات الحياة بنشاط ، وأن التركيز كله ينبغى أن يكون داخليا موجها إلى الإرادة التي تسوقنا إلى الشهوة والخطية . إن الصوم ليس نوعا من الكبت والحرمان وليس هو فريضة ثقيلة مفروضة على النفس من الخارج وإنما هو حب وانتعاش للروح وتخلية إرادية عن شهوة الطعام للإعلاء بها نحو حب الله . الصوم إذا ليس إذلال للبدن وإنما هو إذلالا لشهوة الجسد وليس هو إضعافا للجسد وإنما هو إماتة للجموح والانحراف والإرادة الفاسدة التى تسكن الجسد . ٢- ليس الصوم تكفيرا عن الخطايا يظن البعض أن الصوم تكفيرا عن الخطايا ، وأنه يمحو الذنوب والآثام ، ولكن الحقيقة أنه ليس من وسيلة للغفران إلا دم يسوع المسيح وحده إذ يقول الكتاب متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذى قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله "( رو ٣ : ٢٤ ، ٢٥ ) ، ويقول أيضا " هذا هو حمل الله الذى يرفع خطيئة العالم "(يو ۱: ۲۹).فليس في المسيحية من وسيلة لمحو الخطيئة إلا دم يسوع المسيح وحده ، ولذلك يلزمنا لكي ننال الغفران أن نتوب ونعترف بخطايانا ثم نتقدم للمذبح لنأكل الجسد المقدس ونشرب الدم الكريم ومن خلال هذا الاتحاد ننال الغفران والخلاص الأبدى أما الصوم فهو أحد وسائط النعمة ، إنه واسطة ، إنه وسيلة فقط ، إنه مجال ، إنه مناخ ، إنه تهيئة لكى تنتعش النفس ويتوب القلب وتندم الإرادة ، الفكرة الشائعة أن الأصوام تمحو الخطايا فكرة غير مسيحية وتتناقض مع عقيدة أساسية هي أنه لا غفران إلا بدم المسيح وحده . ولكن إن كان الصوم مقترناً بالصلاة والتوبة وعمل الرحمة ومكملا بسر الأفخارستيا فهنا تكمن المغفرة وترفع عن النفس الدينونة لأن الصوم مهد إلى التوبة ، والتوبة مهدت إلى الاتحاد بالمسيح الذي فيه ننال خلاصنا وتبريرنا وتقديسنا وفرحنا وأبديتنا . ٣- ليس الصوم للصحة يرى البعض أن الصوم مفيد للصحة ويرجعون هذا إلى أن البقول أنفع لصحة الأبدان وأدعى لإطالة الأعمار كما يستندون إلى الكتاب المقدس الذي يؤيد أن البقول كانت الطعام الأصلى للإنسان وليس اللحوم ( تك ۱ : ۲۹ ) ، وأن متوشالح عاش ٩٦٩ على هذا النوع من الطعام بينما انخفضت الأعمار إلى ۱۲۰ عاماً بعد التصريح بأكل اللحم ( تك ۹ : ۳ ) ثم إلى ٨۰ سنة حسب قول مرنم إسرائيل " أيام سنيننا هي سبعون سنة وإن كانت مع القوة فثمانون سنة أفخرها تعب وبلية "(مز ۹۰: ۱۰).وبالرغم من صحة هذا القول في جوانب كثيرة إلا أنه يلزمنا أن نشير إلى أمرين : الأول هو أن بعض الأجساد حالياً لا تحتمل أكل البقول وخاصة من تعانى من أمراض الجهاز الهضمى ، وأنها تهزل بشدة لو صامت فترة طويلة ، والثاني هو أن الصوم لم يكن هدفه تحسين صحة الأجساد بقدر ما هو مجال لانتعاش الروح وممارسة الفضائل التي سبق ذكرها فى هذا المقال .أما بالنسبة لضعاف الأجساد فينصح آباء الاعتراف بتحديد معقول لفترات الانقطاع وأن يتعاونوا مع أطباء أتقياء فى تدبير الجسد بأسلوب لا يجعله هزيلاً وفي نفس الوقت لا يعطل طاعتهم لوصية الصوم ، وينصح الآباء المختبرون عدم التطرف في الأصوام حتى لا يصاب الجسد بالهزال الشديد والأنيميا ويعطون في نصائحهم نموذجاً للاستنارة والاعتدال شخصية أب الرهبان وكوكب البرية الذي خرج من اعتكافه الذي دام عشرين عاماً لا هزيلاً من شدة النسك ولا بدينا من الترهل وكثرة الأطعمة والكسل .إننا عندما نعلل الصوم بالعامل الصحى نفرغ الصوم من جماله الروحي وقوته الخلاقة بهذا التبرير المختلق وننسى أنه متعة ، لأنه عودة إلى الحياة الفردوسية التي فيها عاش آدم لا يأكل لحما وكانت الحيوانات تخضع له . نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
01 أبريل 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الرابع (لو ١٦: ١-٩)

وَقَالَ أَيْضاً لِتَلَامِيذِهِ: كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَدِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطَ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لَأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَلْقُبَ وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، فَدَعَا كُلِّ وَاحِدٍ حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي في بيوتهم. مِنْ مَديوني سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَقَالَ : مِئَةُ بَثَّ زَيْتِ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَكَ وَاجْلِسَ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. ثُمَّ قَالَ لَآخَرَ: وَأَنْتَ كُمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هَذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ، حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالَ الأبدية . مثل وكيل الظلم هذا المثل قائم على فرضية أن الحياة هي فرص، لابد أن ننتهزها، ونقايض بها. علينا أن نبيع الذي لنا هنا تتلفه، تبذره، على أساس أن كل ما نملكه على الأرض هو أمور فانية، وذلك لكي نربح الذي لا يفنى والذي . يبقى إلى الأبد. فإن عرفت أن تقايض الفاني بالباقي تكون نجوت.مثل وكيل الظلم من أصعب الأمثلة التي ممكن أن نقابلها، لأنه وضع خارج القانون الأخلاقي، فالسيد امتدح ذلك الوكيل الظالم، مدحه لأنه عمل بحكمة أهل العالم، حكمة مال الظلم، حكمة السلوك بالجسد. يجب أن نعرف في البداية أن كل الأشياء التي لنا هنا على الأرض من مال وصحة وعافية وعينين وجسد وعقل كل هذه أمانات، وأن المسيح استأمننا عليها، هو صاحبها، ونحن عليها وكلاء. المسيح في هذا المثل يقول عن هذا الوكيل إنه بدد الأموال، التي ليست له، التي لا يملكها، زور في الدفاتر وكتب فيها أشياء ليست صحيحة. المسيح يقول أنا أريدكم أن يكون لكم تلك الذهنية، فالصحة التي عندكم والأموال التي في أيديكم هي ليست ملككم أنتم لستم أصحابها، عليكم أن تبددوها. أنا أقول لكم تصرفوا فيها، بددوها، لا تخافوا، ألست أنا صاحبها الأصلي. أنا سأعوضكم عنها، سأعطيكم أنا أجمل وأحسن منها مائة ضعف، ثم أيضاً أعطيكم معها الحياة التي فوق. كم ستعيش؟ ستين، ثماين سوف أعطيك حياة إلى الأبد. إن أنت بددتها لحسابي سوف أضيفها لحسابك فوق إلى الأبد؛ أما إن أنت أخذتها لحسابك، ضاعت منك وأنت ضعت، ولن يكون لك عندي شيء فوق.المثل دقيق جداً ولا يمكن فهمه إلا على هذا الأساس: أن كل ما نملكه هو ليس لنا. والمسيح يستلف من مثل وكيل الظلم ويكلم أولاد النور، يقول لهم: انظروا أولاد الظلمة إنهم أحكم منكم، انظروا كيف يأخذون مال الظلم المال الذي مآله الفناء ويتمتعوا به ويعملوا به أصدقاء، وأنتم ألا تفعلوا مثلهم وتكسبوا به الحياة الأبدية؟!ثم من يكون يا ترى هذا الشخص الذي يمكنه أن يبدد بسرور؟! هو الذي لا يحس أن الذي يملكه هو له، بل هو ملك المسيح، والمسيح حر فيه والمسئول عنه. لذا المسئولية واقعة عليه وليست علينا. مال الظلم معروف أن المال هو أصل كل الشرور. ولكن هذا المال، المال البطال عندما تبعزقه وتبدده الحساب المسيح يبقى للبر يكون مال بر، يصير للحياة الأبدية تماماً مثل كل شيء في العالم، فالعالم نفسه وضع في الشرير، والزمان الذي نحياه زمان مقصر وشرير؛ ولكن ماذا لو نحن استغلينا هذه الأيام في صلاة وسجود وعبادة؟ سيتحول هذا الزمان المقصر إلى خلود وحياة أبدية. الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي أعطي له حق تحويل الزمن إلى خلود. صل يوم تتحول بحساب الله إلى ألف سنة. صلِّ سنة تكون هذه هي الأبدية هذا هو قانون المقايضة تراب بمجد، ملاليم بجواهر سماوية هذا المثل عجيب ورائع للشخص الذي له وعي وعين روحية، ويمكن تلخيصه في نقطتين: الأولى هي مقدار السعادة والغبطة التي يذوقها الإنسان حينما يبدأ في التبديد الحساب الله، إنها سعادة لا يمكن أن تدانيها أي سعادة أخرى على الأرض، مهما أعطيت من تكريم وأمجاد وأفراح.. كل هذه لا يمكن أن تتساوى مع أحاسيس إنسان يبدد وليس فقط يعطي.والثانية هي أن المتغير يتحول إلى ثابت والفاني إلى باقي وإلى حياة أبدية تصور إنساناً يحس وهو هنا على الأرض بالخلود يحس بالشركة في المجد الإلهي لذلك تهون عليه أتعابه الجسدية، وفرحته لا يمكن أن يقدرها إنسان. المسيح هو أكبر مبدد ممكن أن يسمع عنه إنسان أو عقل بشر، وهو عندما يتكلم عن عطائه في الروح يقول: «ليس بكيل يُعطي الله الروح»، المسيح لا يعطينا حسب استحقاقنا، بل يعطينا بلا كيل. الذي عمل ساعة واحدة سوف يعطيه تماماً مثل الذي عمل ۱۱ ساعة، يقول له أنا صالح، أنا حر أبدد مالي كما أريد. يقول في العهد القديم: «جربوني يقول الرب، إن كنت لا أفتح لكم كوى السماء حتى أفيض عليكم حتى لا يكون هناك متسع حتى تقولوا كفى كفى . ماذا يكون هذا؟ تبديد بلا شك في معجزة إشباع الجموع، اسمع ما يقول أكلوا وشبعوا ثم رفعوا ما فضل منهم ۱۲ قفة مملوءة». إنه تبديد وأيضا نسمع عن الأجران التي حولها خمراً، ۱۸۰ لتراً من خمر جيدة لكي يفرحوا. ونقرأ عن الشبكة المملوءة سمكاً والتي كادت أن تتخرق من كثرة ما تحويه لسان حال المسيح في كل ما سمعنا أن كيله جيد فائض مهزوز ملآن في الأحضان وأخيراً، هذا المثل يخاطب أبناء النور يقول لهم: يا أبناء النور تعلموا من أبناء الظلمة كيف هم يبددون أموالهم على الباطل والبطال. المال مالي، وأنا استودعته عندكم الصحة والعافية أنا أعطيها وأزيد عليها. إن حجزتموها لحسابكم تنزع منكم وتفنى ولا عائد لكم. أما إن أنتم أضفتموها لحسابي تبقى لكم وتزيد وعائدها في السماء محفوظ لكم. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
31 مارس 2024

أبوة الله الحانية

تَحْتَفِل الكِنِيسَة بِفَصْل مِنْ أرْوَع فِصُولْهَا لِكَي يَكُون فِي فِتْرِة الصُوْم الكِبِير المُقَدَّس لِتَحِث وَتُشَجِّع أوْلاَدْهَا عَلَى التَوْبَة وَالرِجُوع إِلَى الله لاَ يُوْجَد أسْهَل وَلاَ أجْمَل وَلاَ أوْضَح مِنْ هذَا الفَصْل( لو 15 ) لِذلِك تُسَمِّيه الكِنِيسَة الإِبْن الشَّاطِر وَلَيْسَ الضَّال لِكَوْنِهِ ضَلَّ لأِنَّ هذَا لاَ يَهِمْ وَإِنَّمَا المُهِمْ أنَّهُ شَاطِر وَرِجِعْ وَالكِنِيسَة تُرِيد أنْ تُعَلِّمنَا رُجُوعه لِذلِك أحِب أنْ أرَكِّز عَلَى نُقْطَة مُعَيَنَة وَهيَ " أُبُّوِة الله " مِنْ أكْثَر الأُمُور الَّتِي تُسَاعِد الإِنْسَان عَلَى تُوْبته شُعُوره أنَّ الله أبُوه وَحِينَمَا يَفْقِد هذَا الإِحْسَاس تَصِير التُوْبَة صَعْبَة وَالتُوْبَة يِيجِي مَعَاهَا أحَاسِيس كِتِيرَة إِحْسَاس زَي إِحْسَاس عَدَم القَبُول إِحْسَاس إِنِّي أزَّعَل رَبِّنَا مَا تِفْرِقش مَعَايَا كِتِيرهُوَ بِالنِسْبَة لِيَّ وَاحِدٌ غَرِيب لكِنْ لَوْ وُجِدَ إِحْسَاس الأُبُّوَة وَأكُون شَبْعَان بِه ( مِنْ رَبِّنَا ) هُنَا سَأخُذْ قَرَار الرُجُوع وَأنَا فَرْحَان يِقُول الكِتَاب { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ } ( لو 15 : 20 ) بِمُجَرَّد إِنَّه سِمِع مِنَّه كِلْمَة مُشْتَاق أنْ يَسْمَعَهَا وَهيَ { يَا أبَتَاه } ( مَا يُقَال فِي القِطْعَة الثَّانِيَة مِنْ صَلاَة الغُرُوب )إِذَنْ مَشَاعِر الأُبُّوَة مَوْجُودَة وَالمَحَبَّة وَالقَبُول مَوْجُود وَكُلَّ شِئ مَوْجُود طَالَمَا المَشَاعِر مَازَالِت مَوْجُودَة فِي القَلْب الإِنْسَان لَوْ عَايِز يِتُوب مَفِيش حَاجَة تِسَاعده عَلَى التُوْبَة غِير كِلْمِة " يَا أبَانَا "غِير كِلْمِة أنَّ الله أب لِيَّ فَالتُوْبَة بِإِحْسَاس البُنُّوَة تِغْفِر جَمِيع الخَطَايَا مَهْمَا تَعَاظَمَت مَهْمَا كَثُرَت مَهْمَا تَفَاقَمَت جِدّاً إِلَى أقْصَى حُدُودْهَا إِحْسَاس البُنُّوَة يِغْفِر تَخَيَّل لَوْ الوَلَد دَه مَعَنْدُوش إِحْسَاس البُنُّوَة أوْ تَخَيَّل إِنْ دَه عَبْد غِلِطْ فِي سَيِّده وَقَالُّه " عَاوِز حِسَابِي عَشَان مِش عَاوِز أقْعُد وَحَصَل مَعَاه نَفْس الَّلِي حَصَل مَعَ الوَلَد دَه تِخْتِلِف إِحْسَاسه إِنَّه عَاوِز يِرْجَع عَنْ إِنْ هُوَ إِبْن وَتِخْتِلِف أيْضاً فِي إِسْتِقْبَال السَيِّد لَهُ مُمْكِنْ يِقُول دَه عَبْد بَدَل عَمَل كِدَه مَا يِلْزَمْنِيش لكِنْ لَمَّا يِكُون إِبْنه يِكُون نِفْسه يِيجِي إِحْسَاس البُنُّوَة هُوَ أسَاس التُوْبَة يِقُولَّك { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ } ( لو 15 : 20 ) كَلاَم مَلِئ بِالمَشَاعِر أعْلَى مِنْ أي عِلاَقَة مُمْكِنْ تُرْبُط بَيْنَ إِثْنَيْن وَنَحْنُ أيْضاً حِينَمَا نَشْعُر بِالأُبُّوَة وَالبُنُّوَة الَّتِي لله نَشْعُر بَكَمْ العَطَايَا الَّتِي يُرِيد الله أنْ يُعْطِيهَا لَنَا رَبِّنَا يِحِب عِلاَقِتنَا بِه تِكُون مَبْنِيَّة عَلَى البُنُّوَة القُدَّاس الإِلهِي رِحْلِة عِبَادَة طَوِيلَة تُهَيِّأك قَبْل التَنَاوُل تُعَمِّق فِيك شُعُور الأُبُّوَة حَتَّى صَلاَة القِسْمَة الَّتِي تَنْتَهِي بِالصَّلاَة الرَّبَانِيَّة { يَا أبَانَا الَّذِي فِي السَّموَات }لأِنَّ هذَا هُوَ الإِحْسَاس الَّذِي يُؤَهِلَك لِلتَنَاوُل لأِنَّهُ بِدُون إِحْسَاس البُنُّوَة لاَ تَسْتَطِيع أنْ تَتَقَدَّم لِلتَنَاوُل لِشُعُورَك أنَّكَ خَاطِئ لأِنَّ هذِهِ النُقْطَة وَهيَ إِحْسَاس البُنُّوَة تُرْجِع لَك كُلَّ الحُقُوق المَسْلُوبَة مِنْكَ وَإِذا حَبِّينَا نِعْمِل مُقَارْنَة بَيْنَ حَال الوَلَد فِي الكُورَة البَعِيدَة وَحَالُه فِي بَيْت أبِيهِ سَنَجِد الآتِي :- 1- الذل حَالُه فِي الكُورَة البعيدة و الكَرَامَة حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 2- الثِيَاب ذَاتَ الرَّائِحَة الكَرِيهَة و الحُلَّة الأُولَى حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 3- إِحْسَاس الهَوَان حَالُه فِي الكُورَة و إِحْسَاس الكَرَامَة حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 4- إِحْسَاس البُعْد وَالقَسْوَة حَالُه فِي الكُورَة و إِحْسَاس إِنَّه إِبْن مَعَ أبِيهِ حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 5- إِنَّهُ عَمَلَ عَمَلاً حَقِير جِدّاً حَالُه فِي الكُورَة و الحُلَّة وَالخَاتِم الَّذِي يَدُل عَلَى السُّلْطَان حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 6- إِنْسَان جَالِس مَعَ الخَنَازِير حَالُه فِي الكُورَة و إِنْسَان مُعَدَّه لَهُ وَلِيمَة عَظِيمَة فِي بَيْت أبِيهِ حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 7- العُبُودِيَّة حَالُه فِي الكُورَة و الحُرِّيَّة حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. 8- الهَوَان حَالُه فِي الكُورَة و خَاتِم البُنُّوَة حَالُه فِي بَيْت أبِيهِ. لأِنَّ الخَاتِم كَانَ يَلْبِسَهُ أبْنَاء المُلُوك لأِنَّ الَّذِي يَلْبِسَهُ دَلِيل أنَّهُ سَيَلِي الحَاكِم وَعَلاَمِة إِرْتِبَاط وَسُلْطَان فِي العُصُور الأُولَى وَالخَاتِم يَكُون بِهِ خِتم يُوَقَّع بِهِ الحَاكِم عَلَى كُلَّ القَرَارَات الَّتِي يَتَخِذْهَا وَحِينَمَا أعْطَاهُ الأب لإِبْنه هذِهِ إِشَارَة مِنْهُ أنَّ هذَا الإِبْن قَدْ صَارَ سَيِّد هذَا المَكَان نَحْنُ كُنَّا نَتَوَقَّع أنَّ الأب سَوْفَ يُقَابِلَهُ وَهُوَ غَاضِب وَمِتغَصَّب لِيُؤدِبُه وَيَطْلُب أنْ يَأكُل وَلكِنْ فِي مَكَانٍ بَعِيد عَنْ أبِيهِ وَلاَ يُعْطِيه أي كَرَامَة حَتَّى يُشْعِره بِحَجم خَطَئُه وَلكِنْ العَجِيب أنَّنَا لَمْ نَسْمَع كَلِمَة عِتَاب وَاحِدَة صَدَّقُونِي إِنْ تَمَلَّك عَلَيْنَا هذَا الإِحْسَاس وَقَوَى عَلَى نِفُوسْنَا مَا بَقَى فِينَا حُب لِلخَطِيَّة لَوْ تَأكَّدْنَا مِنْ هذَا الشُعُور القَوِي أنَّ الله يَمْلُك عَلَى قُلُوبْنَا أنَّ الله أب يَغْفِر لِيَّ أنَّ الله لَهُ أُبُّوَة حَانِيَة أنَّ الله يَهْتَمْ بِيَّ أنَّ الله يَنْتَظِر عَوْدَتِي أنَّ الله مُتَأنِّي عَلَيَّ أنَّ الله يُشْفِق عَلَيَّ مَا تَأخَرْت عَنْ التُوْبَة أبَداً وَلاَ تَلَذَذْت بِأي خَطِيَّة وَلاَ تَمَتَعْت بِأي خَطِيَّة بَلْ عَرَفْت إِنَّهَا عُبُودِيَّة وَأنَّهَا سَلْب وَأنَّهَا مَذَلَّة وَمَهَانَة الكِنِيسَة تُرِيد تَحْوِيل الأحْزَان إِلَى مَسَرَّات وَالعُبُودِيَّة إِلَى مَجْد وَالأب طَالِب مِنْ إِبْنه أمر وَاحِد وَهُوَ أنْ يَرَاه رَاجِع نَدْمَان وَيَقُول { لَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً اِجْعَلْنِي كَأحَدِ أَجْرَاكَ } ( لو 15 : 19) يُرِيد أنْ يَرَاك وَأنْتَ عَارِف قِيمِة الحَيَاة مَعَهُ لأِنَّنِي قَدْ أكُون كُنْت مُشْتَاق إِلَى الخَنَازِير قَبْلَمَا أذْهَب إِلَيْهَا لأِنَّهُ أحْيَاناً عَدُو الخِير يُزَيِّن لَنَا الخَطِيَّة وَأنَّ فِيهَا السُرُور وَاللذَّة وَيُظْهِر العَالَم أمَام عَيْنِيَّ وَهُوَ مُتَلألِئ وَلكِنْ حِينَمَا تُجَرِّبه بِنَفْسَك تَجِد الذُّل لِمَاذَا ؟ لأِنَّك فَقَدْت كَرَامَتَك وَصُورَتَك الإِلَهِيَّة وَقَصْد الله مِنْ خِلْقِتَك لأِنَّهُ لاَ يُرِيد أنْ تَعِيش لِغِيره هُوَ غَيُور عَلَى مَجْده وَعَلَى وِلاَده وَأنْتَ هذِهِ الأيَّام صَائِم وَهيَ أيَّام مَلِيئَة بِالبَرَكَة لاَ تُبْقِي لِلخَطِيَّة بَقِيَّة فِي دَاخِلَك لاَ تَسْمَح أنْ تَكُون بَعِيد لأِنَّهُ لاَ تُوْجَدٌ لَذَّة بَعِيدَة عَنْ الله إِجْعَل لَذِّتَك فِيهِ وَاعْلَم أنَّ الخَطِيَّة لاَ تُشْبِع وَأنَّ الله يَنْتَظِر رُجُوعْنَا وَيَشْتَاق لَنَا { وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيداً رَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ } مِش تَحَنَّن وَأدَارَ وَجْهَهُ .. أعَرَّفه قِيمْتِي شِوَيَّة هذَا هُوَ كَلاَم البَشَر وَجَرَى عَلِيه وَلَمْ يَنْتَظِر حَتَّى يَصِل إِبْنه إِلِيه وَأيْضاً الله هُوَ مُنْتَظِر أنْ يَرَاك وَأنْتَ خَجْلاَن وَوَاقِف بِعِيد وَهُوَ يِسْتَقْبِلَك بِالأحْضَان ( الأُبُّوَة الدَّافِئَة ) كُلَّ إِنْسَان يَقْتَرِب مِنْ رَبِّنَا نَجِده فِي قِمِّة مَجْده القِدِيس أُوغُسْطِينُوس يِقُول { نَحْنُ كُنَّا قَبْلاً فِي ظُلْمَة وَالآن فِي نُوركُنَّا غِير مَرْحُومِين وَلكِنْ الآن صِرْنَا مَرْحُومِين } حَنَان الله غِير مَحْدُود غِير بَشَرِي لأِنَّ حَنَان البَشَر لَهُ مَقَايِيس مُعَيَنَة وَلكِنْ حَنَان الله لاَ يُوصَف وَلاَ يَتَأمَّل الآثَام لأِنَّهُ لَوْ تَأمَّلْنَا مَوْقِف هذَا الإِبْن بِفِكْرِنَا البَشَرِي لاَ يَكُون لِهذَا الإِبْن حَقٌّ وَلكِنْ جَمِيل أنْ نَتَمَتَّع بِأحْشَاء إِلهنَا لأِنَّهُ هُوَ يُرِيد أنْ يِمَتَّعْنَا بِهِ لاَ تَجْعَل خَجَل الخَطِيَّة يَمْنَعَك مِنْ الرِجُوع مَهْمَا إِفْتَقَرْت وَمَهْمَا كَانِت رَائِحَة ثِيَابَك كَرِيهَة وَمَهْمَا بِعِدْت الحَل لَيْسَ البَقَاء فِي البُعْد وَلكِنْ الحَل هُوَ الإِقْتِرَاب مِنْ الله التُوْبَة هِيَ الَّتِي تُعْطِي طَعْم لِلحَيَاة كُلَّ يُوْم نِتُوب وَنِرْجَع نُدْخُل فِي الحُضْن الدَّافِئ كُلَّ يُوْم نُعْلِنْ لَهُ { أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ } ( لو 15 : 18 ) مِثْلَمَا تُعَلِّمنَا الكِنِيسَة أنَّنَا كُلَّ يُوْم نَقُول { إِرْحَمْنِي يَا الله كَعَظِيم رَحْمِتَك } ( مز 50 ) الله أمِين فِي مَحَبِّته صَادِق فِي مَوَاعِيده هُنَاك دَائِماً فِي الكِتَاب المُقَدَّس أحْدَاث تُظْهِر مَشَاعِر الأُبُّوَة الَّتِي هِيَ مَأخُوذَة مِنْ يَنْبُوع أكْبَرهُوَ أُبُّوِة الله لَنَا :- 1- مَشَاعِر أُبُّوِة أبُونَا يَعْقُوب لإِبْنه يُوسِف :- لَمَّا جَاءَ إِخْوَة يُوسِف إِلَى أبِيهِمْ بِمَكْرٍ وَمَكِيدَة لِيَرَى أبِيهِمْ قَمِيص يُوسِف مُلَطَخ بِالدِمَاء وَكَأنَّهُمْ غِير مُتَأكِدِين وَهُوَ لَمَّا رَأى الثُوْب إِنْهَار وَيَقُول الكِتَاب { فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَ مِسْحاً عَلَى حَقْوَيْهِ وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أيَّاماً كَثِيرَةً . فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحاً إِلَى الْهَاوِيَةِ وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ } ( تك 37 : 34 – 35 ) وَهذِهِ كُلُّهَا عَلاَمَات عَلَى الحُزْن الشَدِيد وَأنَّهُ غِير مَسْمُوح بِأي تَعْزِيَة وَتَمَنَّى أنْ تَنْتَهِي حَيَاته لِيَتَقَابَل مَعَ إِبْنُه فِي الهَاوِيَة أُنْظُرُوا مَشَاعِر الأُبُّوَة صَدِّقُونِي مَشَاعِر لاَ تَقِل عَنْ مَشَاعِر الله لَنَا لأِنَّ الله يَفْقِدْنَا نَحْنُ بِالخَطِيَّة وَحِينَمَا نَرْجِع إِلَيْهِ سَنَرَى أعْظَم مِنْ هذَا لأِنَّ أُبُّوِة يَعْقُوب هِيَ مِنْ يَنْبُوع مَشَاعِر الله { الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّموَاتِ وَعَلَى الأرْضِ } ( أف 3 : 15 ) تَخَيَّل لَوْ تَسَبَّبْت أنْتَ فِي حُزْن رَبِّنَا يَسُوع وَتَخَيَّل أيْضاً حِينَمَا جَاءَ إِخْوَة يُوسِف إِلَى أبِيهِمْ وَقَالُوا لَهُ أنَّ يُوسِف حَيٌّ وَكَانَ رَجُل شِيخ يَقُول الكِتَاب { فَعَاشَتْ رُوحُ يَعْقُوبَ أَبِيهِمْ فَقَالَ إِسْرَائِيلُ كَفَى يُوسُفُ ابْنِي حَيٌّ بَعْدُ أَذْهَبُ وَأَرَاهُ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ } ( تك 45 : 27 – 28 ) يَعْقُوب يُرِيد أنْ يَذْهَب وَيَرَاه لَيْسَ مِنْ أجْل الطَّعَام هذَا الأمر إِهْتَمُّوا بِه أنْتُمْ وَلكِنْ مِنْ أجْل أنْ أرَاه مَعَ أنَّهُ مِنْ الوَاجِب يَأتِي يُوسِف إِلَى أبِيهِ وَلَيْسَ العَكْس لأِنَّهُ أيْضاً بِالتَأكِيد يُوسِف مُشْتَاق أنْ يَرَى أبِيهِ هذِهِ هِيَ الأُبُّوَة ثُمَّ يَقُول الكِتَاب { وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَاناً فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ أَمُوتُ الآنَ بَعْدَمَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أَنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ } ( تك 46 : 29 – 30 ) أُنْظُرُوا إِلَى أُبُّوِة يَعْقُوب لِيُوسِف أُرِيد أنْ أُذَكِّرَك بِهَا وَأُعَمِّق الإِحْسَاس بَيْنَك وَبَيْنَ رَبِّنَا قِدِيس مِنْ القِدِّيسِين رَبَطْ بَيْنَ الأمْرِين بَيْنَ أُبُّوِة وَبُنُّوِة يَعْقُوب وَيُوسِف وَأُبُّوِة وَبُنُّوِة الله لِيَّ وَقَالَ { لِيُقَبِلَك ضَمِيرِي كَمَا قَبَّل يَعْقُوب حَبِيبه يُوسِف } .. وَكَأنَّنِي فِيمَا أبْتَعِد عَنْكَ أشْعُر بِابْتِعَاد يُوسِف عَنْ يَعْقُوب وَحِينَمَا أقْتَرِب مِنْكَ أشْعُر بِقُرْب يُوسِف مِنْ أبِيهِ يَعْقُوب إِشْتِيَاق مَا بَعْده إِشْتِيَاق الله يُرِيد هذِهِ المَشَاعِر أنْتَ إِبْنِي مَهْمَا نَجَح العَدُو فِي إِبْعَادَك لكِنْ لاَ يُفْقِدَك كَرَامَتَك وَرُتْبَتَك كُلَّ مَا سُلِبَ مِنْكَ يُمْكِنْ أنْ يُسْتِرَد بَلْ وَأكْثَرالمَجْد الَّذِي أخَذَهُ الإِبْن حِينَمَا رَجَعْ لَمْ يَأخُذه مِنْ قَبْل فَرَح شِدِيد بِسَبَب رُجُوعه { فَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ أَمُوتُ الآنَ بَعْدَمَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ أنَّكَ حَيٌّ بَعْدُ } ( تك 46 : 30 ) وَكَأنَّ الله يُرِيد أنْ يَقُول أنَّ غَايَتِي هِيَ إِنْتَ إِنْتَ فَرَحِي وَمَوْضِع سُرُورِي أتُرِيد أنْ تُفَرِّحَنِي تَعَالَ لاَ تَجْلِس مَعَ نَفْسَك تَحْسِب حِسَابَات كَثِيرَة مِنْ أجْل القُبُول وَكَثْرِة الخَطَايَا هذِهِ مَشَاعِر مُعَطِّلَة وَبَاطِلَة تَأخُذ مِنْ القَلْب أغْلَى وَأجْمَل مَشَاعِرإِنْتَ مِحْتَاجْهَا وَهيَ أنَّ الله بِيَقْبَلَك وَإِنْ رَبِّنَا بِيْحِبَّك إِذَا كَانْ يَعْقُوب إِسْتَقْبِل يُوسِف هكَذَا فَكَمْ بِالحَرِي سَيَكُون إِسْتِقْبَال الله لَنَا بَعْد زَيَغَانَنَا وَنَحْنُ نَقُول لَهُ أنَّ رَأفَتَك كَثِيرَة لاَ تُوصَف وَإِذَا كَانَ البَشَر يُحِبُّوا هكَذَا فَمَا بَالَك الله ؟!!! 2- مَحَبِّة دَاوُد لإِبْنه أبْشَالُوم :- دَاوُد كَانَ لَهُ إِبْن إِسْمه أبْشَالُوم مِنْ يُوْم مِيلاَدُه عَاصِي دَمَوِي عَنِيف صَنَع حِيَل شَيْطَانِيَّة لِيَأخُذ المُلْك مِنْ أبِيهِ وبَدَأ يَسْمَع مِنْ الشَّعْب وَيَحِل مُشْكِلاَتِهِمْ وَكَوَّن جَبْهَة وَمُؤَامَرَة ضِد أبِيهِ وَأحَس دَاوُد أنَّ وُجُوده فِي المَمْلَكَة عِبْئَاً وَاضْطَّرَ أنْ يَهْرَب فَأرْسَل أبْشَالُوم لِيَقْتُل أبِيهِ وَمَشُورِة أخِيتُوفَل الَّتِي بَدَّدَهَا الله بِمَشُورِة حُوشَايَ الأرْكِيَّ وَلَوْ نُفِّذَت هذِهِ المَشُورَة لَكَانَ قُتِلَ دَاوُد وَلَمَّا هَرَب دَاوُد كَانِت مِنْ ضِمْن أخْطَاء أبْشَالُوم الجَسِيمَة أنَّهُ إِضْطَجَع مَعَ سَرَارِي أبِيه الَّلَوَاتِي هُنَّ فِي مَقَام أُمَهَات لأبْشَالُوم وَحِينَمَا قَدَرَ رَجَال دَاوُد أنْ يَدْخُلُوا فِي حَرْب ضِدْ أبْشَالُوم وَهُمْ خَارِجِين قَالَ لَهُمْ دَاوُد بِدَافِع مِنْ أُبُّوِته وَلَيْسَ كَمَلِك فِي حَرْب { تَرَفَّقُوا لِي بِالفَتَى أَبْشَالُومَ } ( 2صم 18 : 5 ) لاَ تَقْسُوا عَلِيه رَغْم شُرُوره لأِنَّهُ أب أُرِيد أنْ أُوَدِّبه وَلَيْسَ أنْ أقْتِله { تَأدِيباً أدَّبَنِي الرَّبُّ ،وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسَلِمَنِي } ( مز 117 – مِنْ مَزَامِير الغُرُوب ) وَأثْنَاء مُطَارَدِتهُمْ لأَبْشَالُوم تَعَلَّق شَعْره فِي شَجَرَة فَمَات فَاعْتَقَدْ رِجَال دَاوُد أنَّهُمْ جَاءُوا بِخَبَرٍ مُفْرِح لِدَاوُد لأِنَّهُ سَيَعُود لِمَمْلَكَته مَرَّة أُخْرَى وَلَمَّا عَادَ كُوشِي لِيُخْبِر المَلِك فَسَأل المَلِك عَنْ إِبْنه مَرَّتَان{ أَسَلاَمٌ لِلْفَتَى أَبْشَالُومَ } ( 2صم 18 : 29 ، 32 ) وَلكِنْ لَمَّا عَرَف مَا أصَاب أبْشَالُوم إِنْزَعَج{ فَانْزَعَجَ الْمَلِكُ وَصَعِدَ إِلَى عِلِّيَّةِ الْبَابِ وَكَانَ يَبْكِي وَيَقُولُ هكَذَا وَهُوَ يَتَمَشَّى يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ يَا ابْنِي أَبْشَالُومُ يَا لَيْتَنِي مُتُّ عِوَضاً عَنْكَ يَا أَبْشَالُومُ ابْنِي يَا ابْنِي } ( 2صم 18 : 33 ) هَلْ كَانَ يَسْتَحِق كُلَّ هذَا ؟ وَهُوَ إِنْسَان دَمَوِي وَعَنِيف وَقَاتِل لأِخِيهِ وَحَاوَل يَقْتِل أبِيهِ وَأبُوه رَغْم كُلَّ هذَا يُرِيد أنْ يَمُوت عِوَضاً عَنْهُ وَذلِك لأِنَّ الله يَنْظُر إِلَى خَطَايَانَا عَلَى أنَّهَا جَهْل لاَ تَجْعَل خَطَايَاك تَعُوقَك عَنْ الرُجُوع إِلَى الله لأِنَّهُ يَعْرِف أنَّهَا حَمَاقَة لأِنَّنَا فِي نَظَر الله أطْفَال وَالله يَغْفِر الجَهْل تَخَيَّل لَوْ أنَّ هذَا قَلْب دَاوُد نَحْو أبْشَالُوم فَمَا بَالَك قَلْب الله نَحْوِنَا ؟!!! مَهْمَا تَفَاقَمَت وَتَعَاظَمَت خَطَايَانَا جِدّاً فَهُوَ يَغْفِر دَاوُد كَانَ يَتَمَنَّى لَوْ أنَّهُ مَاتَ عِوَضاً عَنْ إِبْنه وَلكِنْ الله مَاتَ بِالفِعْل عَنَّا رَغْم أنَّ تَعَدِّيَاتنَا لاَ تَقِل عَنْ تَعَدِّيَات أبْشَالُوم وَمِنْ جِهَة أنَّ الله وَإِبْنه يَسُوع الْمَسِيح يَبْقَى أمِيناً مَعَنَا حَتَّى وَإِنْ كُنَّا تَعَدَّيْنَا عَلَيْهِ كَأبْشَالُوم عَلَى أبِيهِ دَاوُد إِلاَّ أنَّ الله يَبْقَى أمِين لَنَا وَلَوْ شَفْنَا فِي حُزْن أوْ ضِيق يَبْكِي عَلَيْنَا وَلَوْ شَفْنَا فِي مَرَارَة أوْ جُوع يَهُمْ لِكَي مَا يَنْتَشِلْنَا مِنْ هذِهِ الحِرْمَانَات مُعَلِّمنَا بُطْرُس يَقُول { الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأثَمَةِ } ( 1بط 3 : 18) { الَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ } ( رو 4 : 5 ) أُنْظُر كَمْ أنَّ هذِهِ الكَلِمَة كَبِيرَة وَتُعَبِّر عَنْ كَمْ هَائِل مِنْ الخَطَايَا لَكِنْ الله رَاجِع لِيُعَوِض كُلَّ هذَا لأِنَّ قُوَّة الله غَنِيَّة جِدّاً حِينَمَا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي عُبُودِيِّة فَرْعُون قَالَ الله { يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ أَطْلِقْ شَعْبِي لِيُعَيِّدُوا لِي فِي الْبَرِّيَّةِ } ( خر 5 : 1 ) نَعَمْ هُمَّ أوْلاَدِي الله يَتَعَامَل مَعَنَا كَأوْلاَد حَتَّى وَإِنْ كُنَّا فِي سُلْطَان فِرْعُون ( الشَّيْطَان ) { فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ } ( أش 63 : 9 ) لِذلِك صُلِبَ لِيَفُكَك مِنْ السُّلْطَان لِمَاذَا تَقِف بَعِيد تَعَالَ إِتْمَتَّع بِهذِهِ الأُبُّوَة { إِقْتَرِب مِنِّي لِكَي تَتَبَرَّر مِنْ خَطَايَاك }( قِسْمَة " أيُّهَا الكَائِن الَّذِي كَانَ " ) أنَا أُرِيد أنْ أقْبَلَك وَآخُذَك فِي حُضْنِي مَا أبْشَع الخَطِيَّة الَّتِي تَحْرِم الإِنْسَان مِنْ مَشَاعِر الأُبُّوَة وَتَجْعَلَهُ يُحِب نِير العُبُودِيَّة وَيَسْتَغْنَى عَنْ قُبُلاَت الأب الله يُرِيد أنْ يُجَدِّد قُوَى نَفْسَك الَّتِي إِنْهَارَت بِالخَطِيَّة يُرْجِع لَكَ الكَرَامَة وَيَشْفِي كُلَّ أثَرْ لِلخَطِيَّة وَيُعْطِيك الحُلَّة الأُولَى فِي البُيُوت قَدِيماً خَاصَّةً بُيُوت الأغْنِيَاء كَانَ لِصَاحِب البَيْت حُلَّة وَاحِدَة وَإِنْ كَانَ لَهُ أوْلاَد شَبَاب يِسْتِعِرُوهَا مِنَّه فِي حَالِة حُضُور أحَدٌ مِنْهُمْ لِمُنَاسَبَةٍ مَا وَحِينَمَا يَلْبِس أحَدَهُمْ الحُلَّة الأُولَى الَّتِي لأِبِيهِمْ يَصِير لاَبِسْهَا هُوَ صَاحِب البَيْت إِذنْ هُوَ آخِذ الخَاتِم وَالحُلَّة مَا أجْمَل التُوْبَة الَّتِي تَرُد لِلإِنْسَان أكْثَر مِمَّا كَانَ عِنْدُه مَا أجْمَل التُوْبَة الَّتِي تَجْعَلْنَا نَذُوق كَرَامِة التُوْبَة وَمَجْدَهَا وَالَّذِينَ ألْبَسُوا الإِبْن الشَّاطِر الحُلَّة الأُولَى هُمْ الخُدَّام ( الكَهَنَة ) وَإِنْ كَانَ فِي هذَا البَيْت حُلَّة وَاحِدَة وَلكِنْ فِي الكِنِيسَة هِيَ بَيْت الحُلَل الجَدِيدَة كُلَّ وَاحِد مِنَّا دَاخِل لِلصَّلاَة فِي الكِنِيسَة اليَوْم نُلْبِسه الحُلَّة الأُولَى إِنْسَى الخَطِيَّة وَالخَنَازِير وَالثِيَاب ذَاتَ الرَّائِحَة الكَرِيهَة وَالْبِس بَدَل مِنْهَا المَعْمُودِيَّة وَيُذْبَح لَكَ العِجْل المُسَمَّنَ ( التَنَاوُل ) لأِنَّ الحُلَّة الأُولَى هِيَ ثِيَاب العُرْس هِيَ نَفْسَهَا المَعْمُودِيَّة وَبِالتُوْبَة المُسْتَمِرَّة تَلْبِسْهَا مَرَّة أُخْرَى وَأخِيراً جَاءَ الإِبْن الأكْبَر وَلَمَّا عَرَف أنَّ أخِيهِ قَدْ رَجَعْ كَانَ عَلَيْهِ أنْ يَفْرَح وَلكِنْ حَدَث العَكْس وَلَمَّا عَرَف الأب خَرَج لَهُ هُوَ الآخَر ( أُبُّوَة ) لَمْ يَكْتَفِي بِالصَغِير وَظَلَّ يُقْنِع الكَبِير أنَّ كُلَّ مَا هُوَ لِي هُوَ لَكَ لِمَاذَا تَسْتَقِل بِنَفْسَك ؟ لِمَاذَا هذِهِ الحِسَابَات ؟ وَيُذَكِّرُه بِالمَشَاعِر وَأنَّهُ كَانَ مَيِّت فَعَاش وَأنَّنَا وَجَدْنَاهُ مِنْ عَدَم هذَا الأخ الأكْبَر يُمَثِّل ( كَنِيسَة اليَهُود ) وَالصَّغِير هُوَ ( كَنِيسَة الأُمَم ) أوِّل لَمَّا كِنِيسِة اليَهُود ( الأخ الكِبِير ) الَّلِي مُتَمَتِّع بِحُضْن رَبِّنَا مِنْ يُوْمه أوِّل لَمَّا لِقِي كَنِيسَة الأُمَم إِبْتَدِيت تُدْخُل إِبْتَدَى يِغِير قَالَّك لأ يَا انَا يَا هُوَ دَه الَّلِي عَمْلاَه لِغَايِة النَّهَارْدَه كَنِيسَة اليَهُود رَفْضَه كَنِيسَة الأُمَم أخُوك كَانْ مَيِّت وَعَاش إِحْنَا فَرْحَانِين بِه دِي نَاس قِبْلِت الإِيمَان لاَزِم نِفْرَح بِهَا وَإِنْتَ كَمَان لاَزِم تُدْخُل وَتِفْرَح مَعَانَاهُوَ دَه الَّلِي هَا يِعْمِلُه رَبِّنَا فِي نِهَايِة الأزْمِنَة هَا يخَلِّيهُمْ يُدْخُلُوا عَشَان كُلِّنَا نِكُون فِي وَلِيمَة وَاحِدَة { لأِنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ } ( أف 2 : 18 ) رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته وَلإِلهنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
30 مارس 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من الصوم الكبير (مت ۱۵ : ۱۰ - ۲۰ )

" ثمَّ دَعَا الجَمعَ وقالَ لَهُمُ : اسمعوا وافهموا . "ليس ما يدخُلُ الفَمَ يُنَجِّسُ الإنسان، بل ما يَخْرُجُ مِنَ الفَمِ هذا يُنَجِّسُ الإنسان. " حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له: أتَعلَمُ أَنَّ الفَرِّيسيّينَ لَمّا سمعوا القَوْلَ نَفَروا ؟. فأجاب وقال: كُلُّ غرس لم يغرسه أبي السماوي يُقلَع . اتركوهُمْ هُم عُميانٌ قادَةُ عُميان. وَإِنْ كَانَ أَعْمَى يقودُ أعْمَى يَسقُطانِ كِلاهُما في حُفْرَةٍ. فَأَجابَ بُطرس وقال له : فسر لنا هذا المثل. فقال يسوعُ: هل أنتُم أيضًا حتى الآنَ غَيْرُ فاهمين ؟ " ألا تفهمونَ بَعدُ أنَّ كُلَّ ما يَدْخُلُ الفَمَ يَمضي إلَى الجَوْفِ وَيَنْدَفِعُ إلى المَخرَج ؟ " وأما ما يَخْرُجُ مِنَ الفَمِ فَمِنَ القَلبِ يصدر، وذاك يُنَجِّسُ الإنسان، الأنْ مِنَ القلب تخرج أفكار شِرِّيرَةٌ : قَتل، زنى، فسق، سِرقَةٌ، شَهادَةُ زور، تجديف. هذه هي التي تُنَجِّسُ الإنسان. وأما الأكل بأيدٍ غير مغسولة فلا يُنَجِّسُ الإنسان ". عشية أحد الابن الضال: اختار الآباء معلمو الكنيسة هذا الفصل من الإنجيل ليقرأ في عشية الأحد الثالث تمهيدًا لإنجيل القداس... فقد بكت الرب الكتبة والفريسيين الذين داسوا الوصية "أكرم أباك وأمك" وأبطلوها بفتوى أنه ممكن للإنسان أن يتبرع بقيمة ما يعطيه لأبيه يتبرع به للهيكل ويتحلل من أن يعول أباه وأمه أو يكرمهما .وهكذا أعاد الرب - واضع الوصية - أعاد هيبتها ومفعولها الذي يجب أن يكون لها ككلمة الله. والواقع أن رباط البنوة والأبوة هو غاية قصد المسيح، فإما طاعة وخضوع للأب أو خروج عن الطاعة.على أن فهم هذه العلاقة فهما صحيحًا والدخول إلى سرها تتوقف عليه الحياة كلها فكل منا ابن لأبيه وقد مارسنا حياة البنوة وعشناها والذين صاروا أباء لأبناء أدركوا ما هي الأبوة فمن جهة البنوة فكل إنسان مارسها نحو أبيه فيعرف ما عليه كابن وكيف يُرضي الرب والعجيب جدًا أن هذا الرباط لا يمكن وصفه بالكلام ولا باللسان هل يستطيع أحد أن يعبر عما في قلبه نحو أبيه أو يصف ما يربطه مع أبيه من مشاعر ؟ يستحيل، لأن الشعور الحقيقي للابن أن أباه هو مصدر حياته، لقد أخذ حياته ووجوده في العالم من أبيه، فهو الأصل كلمة أب كلمة سريانية معناها أصل فالابن مرتبط بأبيه برباط حياة حياة من حياة فهي ليست علاقة رئيس بمرؤوس، أو سيد وعبد أو مدير وموظف، إنها صلة أب بابن لذلك ما يعمله الابن الحكيم الخاضع لأبيه لا يعمله حبًا في أجر، حاشا، فالابن يعمل مسرة أبيه ولا يطمع في أجر أو ثواب لأن كل ما للآب له إنه ابنه ولا يعمل إرادة أبيه خوفا من عقاب فهذا شأن العبيد بل كل مسرة الابن تكمن في تكميل مشيئة أبيه وحفظ كلامه لا توجد راحة للابن الفطن إذا كسر كلمة أبيه أو خالف وصيته نفسه تصيرفي حزن لا ترتاح حتى يكمل مشيئة أبيه أكرم أباك وأمك هى أول وصية بوعد" هكذا يطلب منا الرب نحو آباء أجسادنا فكم بالحري أبوكم الذي في السموات لقد قالها الرب في القديم: "إن كنت أبا فأين مهابتي". وصايا الآب ليست ثقيلة: الآباء الخطاة يعرفون أن يعطوا أولادهم عطايا جيدة فكم بالحري الآب السماوي لا يوجد أب في الوجود يوصي أولاده وصايا تضر بمصلحتهم أو توذيهم أو تكون ثقيلة عليهم إن كل وصايا الإنجيل هي كلمات الأب لأبنائه تحوي كل الحب وكل النصح للحياة كلها في مصلحتنا وكلها لراحتنا وحفظنا لا توجد وصية ثقيلة وصاياه ليست ثقيلة نير المسيح هين هلم نأخذ الإنجيل بفهم إنه كلام الأب لابنه من يرفض كلمة أبيه ووصاياه ويترك بيته لا يجني سوى التعب والهم والضياع وحتى خرنوب الخنازير لا يجده أكرم أباك بحفظ وصاياه أكرم الرب من كل قلبك لأنه يعرف مكنونات قلبك لا حياة ولا راحة ولا سلام لك بعيدًا عن حضن أبيك ولا شبع لنفسك بعيدًا عن مائدة غنى المسيح الرجوع والتوبة معناها أن الإنسان عاد إلى طاعة أبيه بعد زمن جهالة وعصيان وعرف أن وصايا أبيه ليس كما ظن أنها قيود وعبودية إن عقوبة عدم إكرام الرب كانت الموت بدون رحمة "من شتم أبا أو أما موتًا يموت كانت ترجمة كل الجماعة إن كان ابنا معتنفًا لا يكرم أباه.فماذا نقول عن من يهين الآب السماوي ولا يكرمه في حياته، بل يكسر وصاياه ويستهين بحبه ولا يعمل له حسابًا في حياته؟ تُرى ماذا يكون لمن يحتقر حب الآب السماوي ويخرج عن طاعته ويطلب أن يحيا لذاته في كورة بعيدة وتحلو له حياة الخطايا وماذا نقول عن الذين يكرمونه بشفتيهم كقول إشعياء وقلبهم مبتعد عنه بعيدًا وماذا عن الذين يحفظون كلام الناس ويعملون حسابًا للناس ولكنهم داسوا وصاياه ولكن على كل حال قلب الآب نحونا وحنانه الإلهي يغلب تجبرنا ويجذبنا من كل الكورة البعيدة هو ينظر وينتظر رجوعنا، ففرحه برجوعنا لا يوصف عيناه ترقبان خطانا ونحن نقترب إليه وينتظر اللحظة التي فيها سيركض لاستقبالنا ويضمنا مرة أخرى إلى صدره ليشفي ارتدادنا ويخلع عنا ثوب نجاساتنا ليلبسنا الحلة الأولى فهل نرجع إليه؟ ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان"كثيراً ما يقول البعض كلمة المسيح هذه عن الصوم ولكن لم يكن حديث الرب عن الصوم بل عن الأكل بأيدي غير مغسولة وكان الفريسيون يعترضون أن تلاميذ الرب يأكلون دون أن يغسلون أيديهم وهم بذلك يكسرون تقليد الشيوخ فغار الكتبة والفريسيون على كسر تقليد الشيوخ بينما أصابتهم البلادة حينما كسرت وصايا الله وهذا ما نفعله كثيرًا حينما تغار على أشياء كثيرة أصبحت ذات اهتمام كبير في حياتنا بينما لا نحرك ساكنا حينما نكسر وصايا المسيح أو نتهاون لا تغار على الفضيلة بقدر غيرتنا على بعض عاداتنا أو تقاليدنا أو العرف السائد بين الناس لتكن وصية المسيح هي الشغل الشاغل، وهى تأتي دائمًا قبل كل شيء وأول الاهتمامات ولكن حين تحيز الكتبة والفريسيون وتعصبوا للتقاليد التافهة أكثر مما انحازوا لوصايا الله أصابهم عمى القلب وفقدوا التمييز لذلك قال الرب عنهم: "هم عميان قادة عميان" لقد أغمضوا عيونهم عن الحق وقادوا الناس بعيدًا جدا حتى أسقطوهم في حفرة الهلاك. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
29 مارس 2024

نسكاُ للرهبان والراهبات

قال الله: "قَدْ جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَیَاةَ وَالمَوْتَ البَرَكَةَ وَاللعْنَةَ فَاخْتَرِ الحَیَاةَ لِتَحْیَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إلِھَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِه وَتَلتَصِقُ بِه لأَنَّهُ ھُوَ حَیَاتُكَ وَالذِي یُطِیلُ أَیَّامَكَ لِتَسْكُنَ عَلى الأَرْضِ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ إِبْرَاھِیمَ وَإِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ أَنْ یُعْطِیَھُمْ إِیَّاھَا" (تث ۳۰: 19-20) " نسكاُ للرهبان والراهبات" نتابع تأملنا في مجموعة الصلوات القصیرة ونصل الیوم إلى ھذه الطلبة المتخصصة الثانیة.موضوع النسك ینطبق على الرھبان والراھبات وعلى المكرسین والمكرسات أیضًا، وكل من ھو في باب التكریس. والرھبنة غیر مرتبطة بالكھنوت، وھي لأي إنسان یعیش في دیر أو مكرس بأي صورة.كلمة "نسك" ھي كلمة قلیلة الاستخدام في اللغة العربیة، ولكنھا عمیقة المعنى جدًا. ما الفرق بین الفقیر والناسك؟ ھناك فرق كبیر بین الناسك والفقیر. فالفقیریرغب في الغنى ولكنه لا یستطیع أن یحقق أمنیته،أما الناسك فھو یتعفف ویضبط نفسه في كل شيء بإرادته والنسك المسیحي الأصیل ھو ضبط للجسد بمیزان حساس، لأن النسك بدون إفراز وتمییز وتدبیر حسن ھو سلاح قاتل للنفس. ونحن في أصوامنا نقول: لقد تعلمنا أن نضبط أجسادنا ونفوسنا ورغباتنا لا أن نقتل أجسادنا. والرھبنة القبطیة ھي رھبنة معتدلة. تأمل في كلمة "نسك" كلمة "نسك" تشمل الأعمدة الثلاثة للحیاة النسكیة: النقاوة، والسھر، والكتاب المقدس. ن: نقاوة، نقاوة الإنسان نفسًا، جسدًا، فكرًا،عاطفةً، وشعورًا: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا اللهُ وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز ٥۱: 10) والنقاوة لابد أن تكون داخلیة وخارجیة. س: سھر، السھر الروحي بكل أشكاله ھوالعلامة الممیزة لحیاة النساك. والسھر معناه الاستعداد في انتظار ملكوت السموات. ك: كتاب مقدس، "اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِه ھُوَرُوحٌ وَحَیَاةٌ" (یو ٦: 63) وحیاة النساك ھي قراءة الكتاب وحفظه والتعلم منه والحیاة بالوصیة. بعض العلامات المھمة للنسك ۱- الشركة: الناسك لا یستطیع أن یسیر في طریقه إلا بمشورة أب روحي، وتنشأ شركة بین الأب وابنه الروحي، ویبدأ الابن یتعلم النسك الخالي من التطرف بالتدریج. أما من یسلك بدون مشورة فیقع. ۲- التوبة: النسك ھو وسیلة تساعد على التوبة وقد بدأ ربنا خدمته بقوله: "تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ" (مت4: 17) ۳- التوازن: النسك ھو وسیلة توازن لأنه یقلل الارتباط بالأرض ویزید الاشتیاق للسماء یقول الشیخ الروحاني "طوبى للنفس التي جمعتْ ذاتھا من شرود الذھن ودخلتْ داخل نفسھا وأغلقتْ أبوابھا علیھا"، وقیل في العظة على الجبل "ادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ" (مت ٦:6). ٤- العلاج: النسك ھو وسیلة علاج من النھم في الطعام، والتواجد وسط الناس، إلخ وھو یحرر الإنسان من الرباطات الأرضیة، ویساعد على السھر على خلاص النفس، ویضع حرّاسًا للفكر والعینین والفم والقلب وكل الحواس أما الذي امتلأت بطنه فلا یقدر أن یفرغ عقله لمتطلبات ملكوت السموات یقول معلمنا بولس الرسول "لَكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي یُحَارِبُ نَامُوسَ ذِھْنِي وَیَسْبِینِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِیَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي وَیْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ یُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ ھَذَا الْمَوْتِ؟" (رو ۷: 22-24)،ویقول أیضًا "وَكُلُّ مَنْ یُجَاھِدُ یَضْبِطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ"(۱كو ۹ :25) ٥- النمو: النسك وسیلة قویة لنمو القامة الروحیة. قال أحد الآباء: "لا ینمو الراھب إلا على الصلیب من یصلب نفسه یضع نفسه ویصنع علامة الحب" فالنسك یجعل الإنسان ینحصر في الصلیب فیعرف العلاقة بین محبة الله ومحبة الإنسان فالإنسان الذي یعیش في النسك ویتخلى عن الخیوط الرفیعة والغلیظة التي تربطه بالأرض، ینفتح على السماء فیكون له نصیب فیھا. عبارات آبائیة: "طوبى للراھب الذي یرى بفرح وابتھاج خلاصه وخلاص الآخرین" (إفاجریوس البنطي). "سأل أخ الأب دروثیئوس: كیف أحفظ قلبي؟ فأجاب: إنك لا یمكنك أن تحفظ قلبك مادام فمك وبطنك مفتوحین". "نسك النفس ھو بغض التنعم، ونسك الجسد ھوالعوز" (القوي القدیس موسى الأسود). "السماء بكل نجومھا لیست في جمال بریة مصر بكل نساكھا" (یوحنا ذھبي الفم). طبیعة النسك أو مجالاته تُصلى على الراھب صلاة الراقدین باعتباره مات عن العالم، فالراھب لا یملك شیئًا ولا یسعى لشيء ولا یفكر في شيء على الأرض ویعتبركالمیت. ۱- الملبس: ملابس الراھب تتمیز بالبساطة الشدیدة، واللون الأسود رمز للموت عن العالم والجسد والشھوات. والصلیب الذي یلبسه یكون من جلد حیوان میت. ویلبس قلنسوة علیھا صلبان. قیل عن الأنبا أرسانیوس أنه حین كان في العالم كان رداؤه أنعم من أي إنسان آخر، وحین كان في الإسقیط كان رداؤه أحقر من الجمیع. ۲- المسكن: قلایة الراھب یجب أن تكون بسیطة لتجعل الراھب یشعر برھبنته وأنه یقترب إلى السماء. ۳- الأكل والشرب: لو عاش الإنسان في الشره یفقد الراحة ووجود أنواع متعددة ومعینة من الطعام یثیر داخل الإنسان الشھوات لابد أن تظھرعلى الراھب الحیاة الناسكة. "البطنة" ھي محبة الامتلاء، و"الحنجرة" ھي محبة الأنواع، وكلاھما أعداء للنسك ویقول بولس الرسول "فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِھِمَا"(۱تي ٦: 8 ) قال مار فیلوكسینوس "احذر من امتلاء البطن لأن امتلاء البطن لا یلد عقلاً روحانیًا". ٤- الصمت: عندما سُئِل الأنبا یوسف: أیھما أفضل الصمت أم الكلام؟ قال "إذا كان الكلام من أجل الله فھو جید، وإذا كان الصمت من أجل الله فھو جید" وعندما ذھب للقدیس الأنبا أنطونیوس مع آخرین كانوا یسألون القدیس ظل ھو صامتًا،وقال: "یكفیني النظر إلى وجھك یا أبي" كان آباء الرھبنة یحرصون على الھدوء فیستخدمون أشیاءً لا تصدر صوتًا حتى لا یزعجوا غیرھم ولا یجرحوا سكون البریة، فعالم البریة ھوعالم الصمت وھناك تدریب رھباني یقول "الخلطة تجیب الغلطة" لابد أن یجِّد الراھب في حیاة النسك طلبًا لملكوت السموات. أقوال آباء عن الصمت: "ما الفائدة من النسك الذي أنت عملته بصوم الفم لكنك لم تدرب نفسك على صوم اللسان؟" "الساكن (الھادئ) مكانه عند الله في زمرة الملائكة" (الأنبا أنطونیوس). "إن أردت أن تعرف رجل الله فاستدل علیه من دوام سكوته" (مار إسحق). "الصمت ھو بدایة تطھیر النفس" (القدیس باسیلیوس الكبیر). مرة زار الأنبا أنطونیوس مجموعة من الأخوة تكلموا كثیرًا، فلما انصرفوا قال: "ھم ممتازون ولكن منزلھم بلا باب". ٥- المال: الرھبنة ھي حیاة فقر اختیاري،فالراھب نذر نفسه للفقر إن دخول الأموال في الحیاة الرھبانیة أمر محفوف بمخاطر شدیدة جدًا. أقول لكل راھب: احترس من ھذا العدو الراھب الذي یمتلك مالاً یجرح رھبنته وسیرته، والذین سقطوا في محبة المال صنعوا شرورًا أكثر،وضاعت رھبنتھم وفشلوا "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُور" ( ۱تي ٦: 10). الخلاصة: النسك (النقاوة والسھر والإنجیل) ھو عمادالحیاة الرھبانیة السلیمة الرھبنة ھي خزانة الحیاة الروحیة فاختبارات الحیاة الروحیة ھي اختبارات آباء البریة صلِ ھذه الطلبة "نسكًا للرھبان والراھبات"،لأنه كلما ازداد الراھب في نسكه كلما ازداد لمعانًا وجمالاً وجاذبیة في حیاته. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 مارس 2024

بدعة سيمون الساحر

بدعة السيمونيه: نسبة إلى سيمون الساحر هذا الذى كان يستعمل السحر ودُهش به شعب السامره ثم لما آتى الرسولان بطرس ويوحنا إلى السامره ليمنحا الروح القدس للمعمدين قال لهم " اعطيانى أنا أيضاً هذا السلطان هتة أى من وضعت عليه يدى يقبل الروح القدس " (أع19: 8) فأنتهره بطرس قائلاً: لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتنى موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب ولا قرعه فى هذا الأمر لأن قلبك ليس مستقيماتً أمام الله "(أع 8: 21،20) وقد عرفت الكنيسه شناعة هذه الخطيه فأطلقت أسم السمونيه على كل من يتاجر فى الوظائف الكنسيه أو الحصول على درجات الكهنوت مقابل المال واتباع سيمون يدعون السيمونيون لأنهم عبدوا سيمون كالإله الأول وربط به امرأه تدعى هيلانه التى أدعى سيمون أن فكره الأول تجسد منها وكانت هيلانه امراه عاهره تتجول معه ظهرت البدع في المسيحية منذ عصر الرسل أنفسهم إذ يروي لنا سفر أعمال الرسل عن أول بدعة في المسيحية في إصحاحه الثامن عندما يؤرخ لنا القديس لوقا أن عندما اعتنق سيمون الساحر السامري المسيحية واعتمد أراد أن يشتري موهبة الروح القدس بالمال فزجره الرسول بطرس وطرده: " فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ قَائِلاً: «إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!» وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هَذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ» وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَاناً طَوِيلاً بِسِحْرِهِ وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً وَسِيمُونُ أَيْضاً نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضاً هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ» فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيماً أَمَامَ اللهِ فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هَذَا وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ» فَأَجَابَ سِيمُونُ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا». وجاء في بعض الكتب الأبوكريفية أن سيمون سافر إلى روما فعظم شأنه يقول القديس يوستينوس الذي إلى السامرة أن أتباع سيمون كانوا كُثراً وانهم اعتبروه الإله الأعلى وأشركوا معه أنوية Ennoia الفكر الذي انبثق عنه فتجسد في امرأة اسمها هيلانة. وجاء في الدفاع ضد هذه الهرطقة للقديس ايريناوس أن سيمون قال بإله ذكر أعلى Sublimissima Virtus وبفكر Ennoia منبثق عن هذا الإله الأعلى انثى موازية له وأن أنوية هذه خلقت الملائكة الذين خلقوا العالم وأن هؤلاء الملائكة حبسوا أنوية في جسم امرأة وأوقعوا بها أنواعاً من الإهانات وأن أنوية هذه هي هيلانة امرأة مينيلاوس الزانية في صور ومما قاله سيمون بموجب رواية القديس ايريناوس أن الإله الأعلى أظهر نفسه بصفة الابن بيسوع بين اليهود وبصفة الآب بين السامريين في شخص سيمون وفي بلاد أخرى بصفة الروح القدس ومما نقله أفسابيوس المؤرخ عن هيغيسبوس أن مينانذروس الكبَّاراتي وذوسيثفس وكليوبيوس جميعهم ادعوا الإلوهية في القرن الأول وعلّموا مثل ما علّم سيمون الساحر. ويرى البعض أن مينانذروس تتلمذ على يد سيمون وعلّم في السامرة وأنطاكية. بدعة السيمونية من اخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سِيمون شراء موهبة الرب بدراهم من أخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتغلغلت فيها وعصفت بها فى بعض الأزمنة أثناء الإضطهاد الإسلامى الشديد حيث كانوا يلزم الولاة بطاركة القبط بمبالغ ضخمة من المال فكانوا يضطرون إلى الجولان على بيوت الأقباط فى الوجه البحرى ثم القبلى لجمع هذه الأموال وقد يضطرون إلى بيع مراكز الأساقفة بدراهم وهذا لتسديد ما طلب منهم للوالى أو الخليفة وقد أنشأ هذه البدعه سيمون الساحر وقد أنضم إلى الكنيسة الأولى أملاً فى الحصول على القوة الإلهية عارضاً مالاً على الرسل ظاناً منه أن قوة الرسل الإعجازية إنما هى قوة سحرية يتعلمها ويمارسها مع الناس للحصول على المال كما كان يفعل قبل إيمانه، وقد أطلق أسم السيمونية فيما بعد على بيع مراكز الأسقفيات كما سبق واوضحنا من قبل ومن الآباء البطاركة الذين أشتهروا بالسيمونية - كيرلس الثالث [75] كان يدعى داود بن لقلق - حاول بكل السبل [بالرشاوى والوسائط والحيل أن يرسم بطريركا ] - وبسببه ظل الكرسي خاليا 20 سنة، ونجح أخيرا في الوصول لغايته إذ دفع 3 آلاف دينار للحكومة - رسم باسم كيرلس الثالث - أعاد السيمونية. - استولى على أموال الأديرة. - وأخيراً أجبره الأساقفة على عقد مجمع قدموا فيه طلباتهم لتحديد إختصاصاته . من هو سيمون؟ سيمون هو ساحر أدهش شعب السامرة بسحره، فكانوا يقولون أن سحره شيء عظيم، وكان يرضى شهوة نفسه من العظمة وترديد الناس لإسمه كما كان يجنى أرباحاً طائلة من سحرة فقداعتقدأهل السامرة أن قوة إلهية عظيمة حلت فيه! وذهب فيلبس الرسول والشماس يكرز بالإنجيل في السامرة ورأى سيمون المعجزات التي تجري على يد فيلبس، فأيقن أنها تجري بقوة أعظم من سحره، فآمن واعتمد ولازم فيلبس مندهشاً من المعجزات التي يجريها ويبدو أن إيمانه لم ينشأ عن إقتناعه بقوة إلهية حقيقية إنما كان عن خداع فقد ظن أن في المسيحية قوة سحرية أقوى من قوة سحره. وقد ردت قصة سيمون في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال (9-24) وسمعان هو اسم عبراني معناه ((السامع)) وسمع بطرس ويوحنا عن عمل الله في السامرة، فنزلا إليها. وأجرى الرب بهما معجزات أخرى شبيهة بتلك التي حدثت يوم الخمسين (أعمال 2) فأندهش سيمون أكثر، وأسرع طالباً معرفة تلك القوة السحرية العظيمة مقدماً المال ثمناً لذلك، فوبخه بطرس بشدة وطلب منه أن يتوب وقد عرفت الكنيسة الأولى شناعة هذه الخطيئة فأطلقت اسم السيمونية على كل من يتاجر في الوظائف الكنسيةوقد واجه الكارزون الأولون بالمسيحية مقاومة من السحرة، مثلما جرى مع عليم الساحر الذي قاوم بولس الرسول (أعمال 13: 6 و 7). ولكن قوة معجزات التلاميذ هزمت السحرة كما هومت قوة الرب التى حلت فى موسى سحرة فرعون . هل السيمونية فئة من البدعة الغنوسية؟ وقد كان لسيمون أتباع أعجبوا بقوة سحرة أطلق عليهم اسم السيمونيون اعتبروا سيمون نبياً لهم . وهم شيعة صغيرة من شيع الغنوسيين يقول اوريجانوس عنهم أنهم ليسوا مسيحيين لأنهم يعتبرون سيمون مظهر قوة إلهية ويقول ايريناوس أن سيمون هذا هو أبو الغنوسيين،ولكن لم يتأكد ألعلاقة بين السيمونية والهرطقة الغنوسية فهى علاقة غير معروفه تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أن السيمونية تعتمد على السحر فى الإنتشار أما الغنوسية فتعتمد على الفلسفة ولعل الصواب جانب الآباء المسيحيين الأولين الذين ربطوا بين سيمون الساحر (أعمال 8) مع فكرة الغنوسية. إيمان سيمون الساحر "وكان قبلاً في المدينة رجل اسمه سيمون، يستعمل السحر، ويُدهش شعب السامرة، قائلاً أنه شيء عظيم" كان استخدام السحر أمرًا شائعًا في العالم القديم. في البداية كان السحرة يدرسون الفلسفة وعلم التنجيم والأفلاك والطب الخ. لكن صار اسم "السحرة" يشير إلى الذين يستخدمون معرفة الفنون بغرض التعرف على المستقبل، بدعوى أن ذلك يتحقق خلال تحركات الكواكب، ويشفون المرضى بالتعاويذ السحرية (إش 2: 6؛ دا 1: 20؛ 2: 2). وقد حرّمت الشريعة ذلك (لا 19: 31؛ 20: 6) "وكان الجميع يتبعونه، من الصغير إلى الكبير، قائلين: هذا هو قوة اللَّه العظيمة" يرى بعض الدارسين أن سيمون هذا هو الذي أشار إليه المؤرخ يوسيفوس، الذي وُلد في قبرص، وكان ساحرًا. استخدمه فيلكس الوالي لكي يغوي دروسللا Drusilla أن تترك زوجها عزيزوس Azizus وتتزوجه لكن رفض بعض الدارسين ذلك، لأن سيمون هنا غالبًا ما كان يهوديًا أو سامريًا، كرَّس حياته لدراسة فنون السحر درس الفلسفة في الإسكندرية، وعاش بعد ذلك في السامرة ادعي أنه المسيح، ورفض ناموس موسى، وكان عدوًا للمسيحية، وإن كان قد اقتبس بعض تعاليمها لكي يجتذب بها البعض "وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانًا طويلاً بسحره" إذ رأى عدو الخير كلمة الله يتجسد، وربما أدرك أن مملكته تنهار، بذل كل الجهد لإقامة العقبات في كل موضع، فحث سيمون على عمل السحر زمانًا طويلاً، وخدع الجميع من الصغير إلى الكبير كان سيمون الساحر (ماجوس) شخصية خطيرة، لها سمعتها في الأوساط التاريخية والعلمية، استخدم وسائل شيطانية كثيرة، وحسبه الجميع قوة الله العظيمة. وبحسب القديس إيريناوس كان يجول بامرأة تدعى هيلانة، تُدعي أنها من تجسد سابق من إله العقل، أو من فكر الإدراك الإلهي الذي خرجت منه كل القوة الملائكية والمادية. ويقدم القديس هيبوليتس تقريرًا شاملاً لمنهجه القائم على أساس غنوسي، دعاه "الكشف الأعظم"ويروي الشهيد يوستين كيف استطاع هذا الساحر أن يجتذب أشخاصًا يكرسون حياتهم لنظامه بواسطة قوة السحر، ليس فقط في السامرة، بل وفي إنطاكية أيضًا وروما. وقد عُمل له تمثال في روما نُقش عليه: "تذكار لسمعان الإله المقدس" وقد أثار الحكام في روما ضد المسيحيين ويُقال أنه دخل في صراعٍ مريرٍ مع القديس بطرس انتهي بدحره وبتقرير العلامة أوريجينوس بقت جماعة السيمونيين تخرب في الكنيسة حتى منتصف القرن الثالث "قوة الله العظيمة"، وتعني: "الله القوي" أو "يهوه الجبار" جاء في كتاب اليوبيل (أبوكريفا يهودي) أن الشعب في مصر كان يخرج وراء يوسف ويصيحون El- El wa abir El، ومعناه "الله والقوة الذي من الله" ويرى البعض أن الترجمة الدقيقة لعبارة "قوة الله العظيمة" هي: "هذا هو قوة الله، الإله الذي يُدعى العظيم" تسبب سيمون في عزل بيلاطس بنطس، فقد أعلن أنه سيذهب إلى جبل جرزيم، ويستخرج من تحت أنقاض هيكل جرزيم الآنية التي كان يستخدمها موسى نفسه. فانطلقت وراءه الجماهير، مما اضطر بيلاطس أن يرسل حملة من الجنود فحدثت مذابح رهيبة اشتكى السامريون للحاكم الروماني في سوريا، فأبلغ روما التي استدعت بيلاطس بلا عودة يروي هيبوليتس أنه في استعراض له بروما طلب أن يدفنوه حيًا، مدعيًا أنه سيقوم في اليوم الثالث، فدُفن ولم يقم "ولكن لمّا صدقوا فيلبس، وهو يبشّر بالأمور المختصّة بملكوت اللَّه، وباسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالاً ونساء"يقول لوقا البشير: "ولكن لما صدقوا فيلبس"،وكأنهم قارنوا بين الحق الذي شهد له فيلبس الرسول، والسحر والأعمال المبهرة التي مارسها سيمون، فأعطى الروح القدس قوة لكرازة فيلبس حطمت أباطيل إبليس وجنوده يقرن القديس فيلبس ملكوت السماوات بالعماد باسم يسوع المسيح في عرضٍ رائعٍ، يقدم لنا الشهيد كبريانوس خبرته بخصوص معموديته، قائلاً: [إنني مثلك، ظننت مرة إنني كنت حرًا، مع إنني كنت أسيرًا، مقيدًا في ظلمةٍ روحيةٍ. نعم كنت حرًا، أحيا كيفما أشاء. ولكنني كنت في فراغٍ إلي زمنٍ طويلٍ. كنت أبحث على الدوام عن شيءٍ أؤمن به مع تظاهري بأنني واثق من نفسي، كنت كموجةٍ تلطمها الريح. كنت أيضًا أنجذب إلي كل أمور هذه الحياة معتزًا بالممتلكات والسلطة بينما كنت أعرف في قلبي أن كل هذه الأمور ليست إلا كفقاعةٍ علي البحر، تظهر الآن ثم تتفجر لتزول إلي الأبد مع تظاهري باليقين الخارجي، كنت أعرف أنني مجرد تائه في الحياة، ليس لي خطة أسلكها، ولا مسكن تستقر فيه نفسي يمكنك أن ترى إنني لم أعرف شيئًا عن الحياة الحقيقية، الحياة الجديدة المقدمة لنا من فوق لأنني كنت أبحث عن الحق خلال خبراتي الذاتية، معتمدًا علي طرق منطقي الذاتي، لذا بقي الحق مراوغًا وإذ اعتمدت علي فهمي الخاص، كان نور الحضرة الحقيقية لله مجرد إشراقة بعيدة سمعت أن رجالاً ونساءً يمكنهم أن يُولدوا من جديد، وأن الله نفسه أعلن طريق تحقيق هذا الميلاد الجديد بالنسبة لنا، وذلك لمحبته للخليقة التائهة مثلي في البداية ظننت أن هذا مستحيل كيف يمكن لشخص مثلي عالمي وعنيف أن يتغير ويصير خليقة جديدة؟ كيف يمكن لمن هو مثلي أن يعبر من تحت المياه ويعلن أنه قد وُلد من جديد؟ هذا بالنسبة لي أمر غير معقول، أن أبقى كما أنا جسمانيًا، بينما يتغير صُلب كياني ذاته، وأصير كأنني إنسان جديد لم أرد أن أترك عدم إيماني، ومقاومتي لهذه الفكرة بأنني أولد من فوق. لقد اعترضت: "نحن من لحمٍ ودمٍ، مسالكنا طبيعية، غريزية، مغروسة بحق في أجسامنا إننا بالطبيعة نقدم أنفسنا على الغير، ونسيطر ونتحكم ونصارع لكي نغلب الآخرين مهما كانت التكلفة توجد بعد ذلك عادات اقتنيناها حتى وإن كانت تضرنا، صارت هذه العادات جزًء منا، كأنها أجسامنا وعظامنا كيف يُمكن لشخصٍ أحب الشرب والولائم أن يصير ضابطًا لنفسه ومعتدلاً؟ كيف يمكنك أن تستيقظ صباحًا ما وبمسرةٍ ترتدي ثوبًا بسيطًا وقد اعتدت علي الملابس الفاخرة وما تجلبه من الأنظار والتعليقات؟ كيف يمكنك أن تحيا ككائنٍ متواضعٍ بينما قد نلت كرامة في أعين الجماعة؟هكذا كان تفكيري الطبيعي، إذ كنت في عبودية لأخطاء لا حصر لها تسكن في جسدي. بالحقيقة يئست من إمكانية التغيير فقد تكون تلك العادات ضارة لي، لكنها كانت جزءً مني. لذلك كان التغير مستحيلاً، فلماذا أصارع؟ فإنني كنت أشبع رغباتي بتدليلٍ ولكن في يومٍ أخذت خطوة وحيدة بسيطة وضرورية متجهًا نحو الله تواضعت أمامه وكطفل قلت: "أؤمن" نزلت تحت المياه المباركة فغسلت مياه الروح الداخلية وسخ الماضي، وكأن بقعة قذرة قد أُزيلت من كتانٍ فاخرٍ، بل وحدث ما هو أكثر أشرق نور عليَّ كما من فوق اغتسلت في سلامٍ لطيفٍ تطهرت في الحال قلبي المظلم يتشبع بحضرته، وعرفت عرفت أن الحاجز الروحي القائم بيني وبين الله قد زال تصالح قلبي وقلبه أدركت الروح، نسمة الآب، قد حلّ فيّ من هو فوق هذا العالم وفي تلك اللحظة صرت إنسانًا جديدًا منذ ذلك الحين وأنا أنمو في معرفة كيف أحيا بطريقٍ ينعش حياتي الجديدة المعطاة لي ويعينها ما كنت أتشكك فيه صار لازمًا أن أتعامل معه بكونه الحق واليقين ما كنت أخفيه يلزم أن يخرج إلي النور بهذا ما كنت أسيء فهمه بخصوص الله والعالم الروحي بدأ يصير واضحًا وأما عن عاداتي الخاصة بإنساني القديم، فقد تعلمت حسنًا كيف تتغير حيث تُعاد خلقة هذا الجسد الأرضي بواسطة الله في كل يوم أنمو علي الدوام، صرت أكثر قوة، وحيوية في روح القداسة الآن أخبرك ببساطة الخطوة الأولي في طريق الروح: قف أمام الله كل يومٍ بوقارٍ مقدسٍ، كطفلٍ بريءٍ ثق فيه. هذا الاتجاه يحمي نفسك يحفظك من أن تصير مثل الذين ظنوا أنهم متأكدون أنهم يخلصون، فصاروا مهملين. بهذا فإن عدونا القديم، الذي يتربص دومًا، أسرهم من جديد لتبدأ اليوم أن تسير في طريق البراءة، الذي هو طريق الحياة المستقيمة أمام الله والإنسان. لتسر بخطوة ثابتة أقصد بهذا أنك تعتمد علي الله بكل قلبك وقوتك ألا تشعر به، الآب، إذ هو موجود حولك؟ إنه يود أن يفيض عليك فقط اذهب إليه وأنت متعطش للحياة الجديدة افتح الآن نفسك واختبر نعمته، التي هي الحرية والحب والقوة، تنسكب عليك من أعلى، تملأك وتفيض افتح نفسك أمامه الآن، هذا الذي هو أبوك وخالقك كن مستعدًا أن تنال الحياة الجديدة وتمتلئ بها هذه التي هي الله نفسه "وسيمون أيضًا نفسه آمن، ولمّا اعتمد كان يلازم فيلبس، وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تُجرى اندهش" استطاع سيمون في البداية أن يميز بين الحق والباطل، وما هو من الله وما هو من الشيطان، فآمن وصار مرافقًا لفيلبس الرسول. لقد أبهرته الآيات والقوات العظيمة، وللأسف اندهش فاشتهاها، وصمم أن يشتريها بالمال القديس أغسطينوس يقول: " عندما نسمع: "من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16)، فبالطبع لا نفهم ذلك على من يؤمن بأيّة طريقة، فالشيّاطين يؤمنون ويقشعرّون (يع 2: 19). كما لا نفهم ذلك على من يتقبّلون المعموديّة بأيّة طريقة كسيمون الساحر الذي بالرغم من نواله العماد إلا أنه لم يكن له أن يخلص. إذن عندما قال: "من آمن واعتمد خلص" لم يقصد جميع الذين يؤمنون ويعتمدون بل بعضًا فقط، هؤلاء الذين يشهد لهم أنهم راسخون في ذلك الإيمان الذي يوضّحه الرسول: "العامل بالمحبّة" (غل 5: 6). "القديس كيرلس الأورشليمي: " حتى سيمون الساحر جاء يومًا إلى الجرن (أع 13: 8) واعتمد دون أن يستنير، فمع أنه غطس بجسمه في الماء، لكن قلبه لم يستنر بالروح. لقد نزل بجسمه وصعد، أما نفسه فلم تُدفن مع المسيح ولا قامت معه (رو 4: 6، كو 12: 2) ها أنا أقدم لكم مثالاً لساقطٍ حتى لا تسقطوا أنتم. فإن ما حدث كان عبرة لأجل تعليم المتقرّبين لهذا اليوم (يوم العماد) إذن ليته لا يكون بينكم من يجرب نعمة اللَّه، لئلا ينبع فيه أصل مرارة ويصنع انزعاجًا (عب 15: 12)! ليته لا يدخل أحدكم وهو يقول: لأنظر ماذا يعمل المؤمنون! لأدخل وأرى حتى أعرف ماذا يحدث؟! (أي يدخل لمجرد حب الاستطلاع) أتظن أنك ترى الآخرين وأنت (في نيتك أن) لا ترى؟! أما تعلم إنك وأنت تفحص ما يحدث معهم، يفحص اللَّه قلبك؟! " وللحديث بقية
المزيد
27 مارس 2024

اذكر يا رب اجتماعاتنا، باركها

ليست اجتماعاتنا هي التي نجتمع فيها مع بعضنا البعض، إنما التي نجتمع فيها مع الله، وحينما نجتمع مع بعضنا البعض، يكون الله في وسطنا حسب وعده الصادق"حيثما اجتمع اثنان وثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20) اجتمع الله مع آدم وحواء في الجنة، فكانت أول كنيسة. واجتمع مع نوح وأسرته في الفلك، وكان في وسطهم. وكذلك كان في وسط الثلاثة فتية في أتون النار. واجتمع الرب مع موسى فوق الجبل، وكان اجتماعًا مباركًا، أضاء فيه وجه موسى بالنور لأنه اقترب من النور الحقيقي وفى العهد الجديد، كان الرب يجتمع مع تلاميذه، في أي مكان على الجبل، في بيت حيث شفى المفلوج، وفي البرية حيث بارك الخمس خبزات، أو بين الحقول، وفي جلسة خاصة على بئر يعقوب، وفي بيت مريم ومرثا ومن أجمل الصور التي قدمها لنا سفر الرؤيا الرب في وسط المنائر السبع، في وسط كنيسته إنها صورة الله في وسط شعبه، وفي يده اليمنى ملائكة الكنائس سبقها الرب باجتماعه مع تلاميذه أربعين يوما بعد القيامة "يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله"ودعاهم إلى ذلك الاجتماع بقوله للمجدلية "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أن يمضوا إلى الجليل هناك يرونني"إن مجرد رؤيته يمكن أن تكون هدفا في ذاتها إذ قال لهم قبلًا "أراكم فتفرح قلوبكم. ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم"ونحن نجتمع مع الله في بيته، لذلك نفرح بالذهاب إلى بيت الرب، كما فرح المرتل قائلًا "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" (مز121) وكان الله يجتمع مع الناس في البيوت وكان أول البيوت التي صارت كنائس، بيت مارمرقس (اع12: 12)، وفي عليته حل الروح القدس، وتعلم قديسنا مارمرقس مثالية الاجتماعيات، وعلمنا إياها. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
26 مارس 2024

كيف نصوم الصوم الأربعيني ؟

نود أن نجيب على هذا السؤال فى اختصار وتركيز مشيرين إلى العناصر الهامة الآتية :- 1- بجدية وإخلاص قلب ليس الصوم مجرد شكليات، إنه مضمون قبل أن يكون شكلا ، إنه حياة قبل أن يكون طقسا وترتيباً ، فالامتناع عن اللحم والشحومات والتسليات هو الجانب السلبي للصوم ، وأما الجانب الإيجابي فهو الحياة الروحية النشطة التي فيها التوبة وقرع الصدر والندم والمطانيات، فيها الصمت والهدوء ، وفيها النسك والتقشف ، فيها فحص النفس والتأمل الباطني وفيها أيضا التعمق في كل ما يختص بالحياة الداخلية إنه من الأيسر للإنسان أن يحول كل ما هو روحى إلى ما هو شكلى ثم يبحث بعد ذلك عن الروحانية وراء الشكليات ، أما الصوم الكبير فهو قوة روحية ونبع فياض لكل من تلامس مع جوهره ومضمونه السرى . إن الكنيسة الكاثوليكية والهيئات البروتستانتية فى الغرب اختصروا الصوم ثم تخلصوا منه نهائياً فى أماكن كثيرة من العالم وقد نعيب عليهم هذا الضعف والهزال الروحي ، ولكن إذا كانت الأرثوذكسية تفتخر بعدم تعديلها مواعيد الأصوام فإنها تحتاج في هذه الأيام أن تتمم التزام الصوم بجدية وعمق إن أخطر ما يهدد الجدية في الصوم المظهرية والشكلية والفريسية والاكتفاء بما هو خارجي دون التعمق في الداخل يقول الرب يسوع " وأما أنت فمتى صمت فـادهن رأسك واغسل وجهك لكى لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذى فى الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية " ( مت ٦ : ١٧، ١٨) .أن نأخذ الصوم بجدية هذا يعنى أن ننظر إليه على أنه تحد روحى يستلزم تهيئة واستعداداً وصلاة ثم فحصاً وعزيمة وتصميما ثم نضالاً ودأبا وجهادا للنصرة على أعداء المؤمن الثلاث الشيطان والعالم والذات ٢ بتوبة وتذلل مع فرح داخلى يقول الوحى على لسان يوئيل النبى " ارجعوا إلى بكل قلوبكم وبالصوم وبالبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف ورحيم " ( يوئ ۲ : ۱۲ ، ۱۳ ) ، ويقول داود النبي " أذللت بالصوم نفسى (مز ٢٣:٣٥) وعندما تاب أهل نينوى وقدموا صوماً وتذللا قبلهم الرب ، وعندما صام آخاب الملك الشرير وقدم توبة وندما رضى الرب عنه . فالصوم الكبير هو مجال متسع للتوبة ، لهذا نجد قراءات الكنيسة في أغلب مناسبات هذا الصوم تقدم نصوصاً وشروحات عن حياة التوبة الأسبوع الأول دعوة إلى احتقار أباطيل العالم ورفض لمحبة المال ،والأسبوع الثاني دعوة إلى الصلاة والأمانة وعدم الريـاء ومواجهة العدو في كل تجاربه ، والأسبوع الثالث سيرة الابن الضال كأحسن مثال لحياة التوبة ، أما الأسبوع الرابع فأننا نقابل السامرية التي قدمت توبة مذهلة وتغيرت حياتها بفعل الكلمة وإنجيل الخلاص ، وفى الأسبوع الخامس تبرز لنا الكنيسة أهمية الإيمان في التجديد وخطورة النكسة الروحية فى التوبة عندما تقدم لنا نموذج المخلع ، وأما أحدالتناصير فهو أسبوع توبة ، وأما أحد التناصير فهو أسبوع توبة المعمودية والتوبة المقصودة هنا هي التغير الكامل في الداخل والأعماق والأهداف ويقول اللاهوتي شممان إن أعمق تغير يحدثه الصوم الكبير في النفس البشرية هو أنه يغير اتجاه الشخص واتجاه الجماعة فبدلاً من أن يكون الخبز ولقمة العيش محور اهتمامهم يصبح الكلمة هو مصدر حياتهمولكن يلزمنا أن نشير إلى أن التوبة فى المسيحية خالية من الحزن المرير وفي هذا يقول المطران جورج خضر : " إن التوبة والتذلل يلزم أن يرفع عنها الحزن المرير لأن المسيح رفع عنا حزن الخطية وعقوبتها ، فالصوم في المسيحية ليس تكفيرا ولا قصاصاً ولا نحيباً وإنما هو وسيلة وطريقة صلاة واستدعاء للروح وحنين إلى الفردوس ومنطلق من قيامة المسيح ومرتقب لهذه القيامة لأجل هذا طلب منا المسيح ألا نكون عابسين بل أن ندهن رؤوسنا ، أن نمتلئ من بهجة الخلاص وفرح الروح ، فرح العريس الذي يحضر مع أبيه بفعل روحه القدوس ، يكفينا في توبتنا أن نمتلئ فرحاً وعزاء وسلاماً عندما نسمع مع المرأة الخاطئة القول الإلهى " مغفورة لك خطاياك اذهبي بسلام " . ٣- باعتكاف وصمت وهدوء وتقشف الصوم أسلوب حياة ، إنه سعى نحو الحياة الباطنية متخلصة من كل مشتت خارجي ، المجتمع الخارجي يسعى إلى تبديد قوانا الجسمية والنفسية والعقلية والروحية ، والحياة الروحية هي سعى نحو تجميع هذه القوى وإخضاعها للروح ، بدون تفهم ، معنى الصوم الكبير أنه رحلة إلى أعماق الإنسان فإن الصوم يفقد معناه ويبتعد كثيرا عن جوهره الأصيل الصوم الكبير مجال واسع للتأمل والتعمق واكتشاف سطحيتنا وزيف علاقاتنا مع الناس والأشياء ، فالابتسامات السطحية والحياة القائمة على " معلهش ، صهين ،کله زى بعضه ، الدنيا ماشيه كده وغيرها من الشعارات التي نتبعها في حياتنا وتشير إلى النفاق والغش والدبلوماسية والخلو من العمق والصدق والالتزام . هذه كلها لا تنكشف إلا فى الهدوء " بالرجوع والسكون تخلصون ، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم " ( أش ٣٠ : ١٥ ) الصوم الكبير زمن للنسك والتقشف ورفض للمسرات مثل الملاهي والمأدب والزيارات الكثيرة للمجاملات وسعى نحو الانضباط الداخل لكي تفحص الحياة الباطنية فحصاً دقيقاً ، ومن خلال هذا الفحص تكتشف كل الصفات وتقدم النفس التوبة وتطلب النعمة للتغير والتحول ، في الصوم الكبير مجال للسيطرة على كلامنا وثرثرتنا إن ألفاظنا في طوفان الأحاديث قد فقدت معناها وبالتالى قوتها المسيحية تعيد إلى الكلمة قدسيتها وسلطانها ، إن الصوم يضبط اللسـان حتى لا ندان " بكلامك تتبرر وبكلامك تدان " ، الثرثرة غالباً ما تأتى من العجب والزهو الباطل والرغبة في مديح الناس ، الثرثرة تفتح أبواب النفس وتجعل الحرارة والخشوع يهربان من القلب " الثرثرة تفتح أبواب النفس وتجعل الحرارة والخشوع يهربان من القلب ، الثرثرة تخرج الإنسان عن نفسه والأحاديث الباطلة تغرس الخصومات والنزاع وتجلب البلادة ، وكثرة الكلام لا تخلو من معصية ، الصمت كما علمنا آباؤنا . القديسون هو قوة عظيمة نستعين بها فى محارباتنا الروحية ، هو سلاح للنصرة وعلامة الحكمة الروحية وسر الحياة الباطنية فى الصوم الكبير نتذوق ثمرة الصمت الشهية فنتدرب على التجمع الداخلي وبطلان التمزع والتشتت، العالم الآن يحتاج إلى شهادة لا بالوعظ والكلام الكثير بل بقديسين يحملون نورا وفرحا وعمقاً وجدية وحبا ولهم سر الصمت وقوة الهدوء كدلالة أكيدة على حضور الله فيهم ٤- بعطاء وبذل تقول مديحة الصوم الكبير الشهيرة " طوبى للرحماء على المساكين ، فإن الرحمة تحل عليهم ، والمسيح يرحمهم فى يوم الدين ويحل بروح قدسه فيهم " وليس غريباً على الصوم أن يقترن بعمل الرحمة ، في هذا يقول زكريا النبي : " هكذا تكلم رب الجنود قائلا احكموا حكم الحق واصنعوا الرأفة والمراحم كل إنسان إلى أخيه ، لا تظلموا الأرملة ولا اليتيم ولا الغريب ولا البائس ولا تفكروا شرا الواحد على أخيه " ( زك ٧ : ٨ ) . وهناك قول رائع لأشعياء النبى وإيضاح جميل لمعنى الصوم وفهم أصيل لارتباطه بالرحمة والبذل : " أليس هذا صوماً أختاره : حل قيود الشر، فك عقد النير وإطلاق المسحوقين أحراراً وقطع كل نير ؟ أليس أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ، إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك " ( اش ٥٨ ، ٣ - ٧ ) وقديما كان آباؤنا يصومون ليعطوا أكثر للفقراء والمحتاجين لأن " الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هى هذه افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم " ( يع ۱ : ۲۷ ) ، والرسول بولس يعبر عن العطاء للفقير بالذبيحة المقبولة إذ يقول : " ولكن لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأن بذبائح مثل هذه يسر الله " ( عب ١٣ : ١٦ ) فإذا كان الصوم بذلاً داخلياً فإن الرحمة والعطاء تعبير أكيد عن الحركة الروحية الداخلية الحادثة بفعل الصوم والنسك المسيحي الأصيل . ماذا يحدث لو لم أصم ؟ المسيحى الحقيقى عضو في جسد المسيح السرى الذى هو الكنيسة ، وهو لا يشذ عن الجماعة لأن العضو إذا خرج عن الجسد يفسد ويسبب للجسد آلاماً مبرحة المؤمن يصوم لأن الكنيسة تصوم ، فهو منها ومعها وفيها ، الذى لا يصوم الصوم الأربعيني يخطئ إلى نفسه ويخطئ إلى الكنيسة أيضا لأن الروحانية الأرثوذكسية ليست روحانية فردية وإنما هي روحانية شركة ، وقديما كانت كنيسة الرسل تحيا حياة الشركة هذه إذ كان المؤمنون يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات ، وإذ هم يكسرون الخبز فى البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب ، وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس " افرزوا لى برنابا وشاول ولما صلوا تزعزع المكان وامتلأ الجميع من الروح القدس " ( اع ٢ ، أع ٤ ) .في هذا يقول المطران جورج خضر " إن الكنيسة بأسرها كجسم واحد يجب أن تكون مصلوبة عن أهواء الجسد عن طريق قمع جموحه وشراسته وأن تأخذ بعين الجد قضية آلام ربها " . ويعلمنا الرسول بولس عن الجماعة في الجهاد الروحي قائلاً : " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح حتى إذا جئت ورأيتكم أو كنت غائباً أسمع أموركم أنكم تثبتون في روح واحد مجاهدين معا بنفس واحدة لإيمان الإنجيل " ( فی ۱ : ۲۷). من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم أهمية الشركة فى الصلاة ، والصوم ، والتناول ، والعبادة كلها ، ذلك لأن الاختبار الروحى أرثوذكسيا وإن كان له البعد الشخصي الذي يركز على العلاقة الشخصية بين المؤمن والله ، ألا أنه يتميز بالطابع الكنسى الذى في إطاره لا يستطيع المؤمن أن يخلع نفسه عن وحدة المؤمنين العابدين الذين يصلون عنه ويصلى هو معهم وعنهم والجميع يلفهم جو روحى وجهاد مشترك. نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
25 مارس 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الثالث( لو ١١: ٣٣ - ٣٦)

لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجاً وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلَا تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ، لِكَيْ يَنْظُرَ الدَّاخِلُونَ النُّورَ . سَرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِماً. انْظُرْ إِذَا لِئَلَّا يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةٌ. فَإِنْ كَانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيْراً لَيْسَ فِيهِ جُزْءٌ مُظْلِمٌ، يَكُونُ نَيِّراً كُلُّهُ، كَمَا حِينَمَا يُضِيءُ لَكَ السِّرَاجُ بِلَمَعَانِهِ . العين البسيطة إنجيل هذا الصباح يتكلم عن موضوع مهم للغاية، يُعتبر من أخطر المواضيع التي تقابل الإنسان الروحي في جهاده الروحي، وهو: العين البسيطة. هذا معيار مسيحي من الدرجة الأولى، ويُعتبر امتيازاً عالياً للإنسان الروحي. في الحقيقة لو أننا أخذنا التشبيه على أنه العين البشرية؛ لخرجنا تماماً عما يقصده المسيح الرب هنا لا يقصد العين البشرية. لأسباب كثيرة: أولاً : هي عين واحدة وليست عينين، فهنا يتجه المعنى ناحية عملها وليس ناحية الشكل أو الصفة. ثم هي عين بسيطة، وكلمة بسيطة في اللغة اليونانية تعني معاني قوية جداً، ولكن لا معنى منها يتفق مع الجسد. أول هذه المعاني إنها مفردة أي ليست مركبة، فهي لا تحتمل التعقيد أو الثنائية،بمعنى أنها لا يمكن أن تنقسم إلى رؤيتين. الصفة الثانية: هي عين مستقيمة، في اتجاه أمامي، وليس تعريجاً بين يمين ويسار. وصفة ثالثة : أنها صحيحة، أي ليست مريضة وليس بها شوائب. ثم هي واضحة أو صافية ليس فيها تعتيم، وآخر صفة لتلك العين البسيطة هي إنها مكشوفة، ليس فيها أشياء مخفية. إذن، كما رأينا، لا تنطبق واحدة من كل هذه الصفات على العين الجسدية. إذن ما هو المقصود بالعين البسيطة؟ إنها العين الروحية، إنها العين البصيرة، والبصيرة ليست الإبصار، إنها إدراك الحق وتمييزه وليس كالبصر الذي يرى فقط الظواهر الخارجية. فالعين التي يقصدها المسيح هي إدراك الحق والتمييز ما بين الحق وغير الحق والحق في المفهم اللاهوتي والإنجيلي هو النور، والباطل هو الظلمة. وعندما نقول: النور، فالمقصود هو شخص الرب يسوع الذي قال عن نفسه: «أنا هو نور العالم». فالعين البسيطة هي التي انفتحت بصيرتها على المسيح والحياة الأبدية. بعكس العين الشريرة التي انفتحت على الشر.وعندما نقول أنها عين بسيطة مفردة فنقصد أنها لا تقبل غير المسيح، وترفض أن يكون له بديل. ثم هي عين مستقيمة، أي أن اتجاهها هو ناحية المسيح، لا تميل عنه يمنة ولا يُسرى. وهي عين صحيحة، أي ليس بها سقم غوايات وشهوات الجسد، وتستطيع أن ترى المسيح بصفاء وبدون تشويش. ثم، هي أخيراً عين مكشوفة وصريحة، بمعنى أن كل شيء أمامها واضح.العين الروحية موقعها عند المسيح أعلى شيء عند الإنسان، وأهم عضو من أعضائها، والذي عليه كل التركيز في فهم الإنجيل. يقول عن تلميذي عمواس إنه: «فتح ذهنهم ليفهما المكتوب». لقد انفتحت العين الروحية على الحق ودخلها نور المسيح دخلها الحق؛ فانكشف لها كل شيء عن المسيح. انظروا كم هي مهمة، لذلك جعلها المسيح مثل المنارة التي يضعونها في أعلى مكان في البيت.لو كانت العين الروحية سليمة؛ فإن نور المسيح ونور الله سيدخل ويضيء كل أعضاء الإنسان المنظورة وغير المنظورة، يضيء الفكر والضمير والعواطف والمشاعر والقلب، وتبتدئ كلها تستنير وتعمل الحساب النور. فإذا كان النور البشري المصنوع عنده القدرة أن يعمل في الجسم ويطهر من الميكروبات ويُظهر الخفيات؛ فما بالك بالنور الروحي، نور المسيح الفائق الفاعلية، عندما يدخل ويستقر في الإنسان كم هو قادر أن يميت الخطية، ويطهر الفكر والقلب والضمير من الأعمال الميتة.لو كانت عينك الروحية سليمة؛ فإن النور الإلهي يدخلها وينفذ فيها،الأمر الذي يسميه المتصوفون: التحديق في النور الإلهي، أي الشخوص في نور المسيح.الإنسان الذي دخله شعاع النور من خلال العين الروحية يستطيع أن ينفذ أيضاً من خلالها لينظر ويتأمل في الله. وهذه عملية من أروع ما يمكن، ذلك لأن كلما تأمل الإنسان في الله أكثر ؛ كل ما انسكب فيه النور أكثر.فهنا التحديق في نور الله في الحق الإلهي في شخص يسوع المسيح، هذا يزيد العين جلاء واستنارة.ولكن لاحظ أنه في بداية التأمل يحصل صراخ، فبمجرد أن العين تتأمل في الأمور الإلهية ترتد العين سريعاً، ثوان قليلة وتعود أدراجها، لا تستطيع أن تحدق، لماذا؟ لأن العين ليست سليمة، لابد لها من تطهير وغسيل أكثر وأكثر. ولكن كلما داوم الإنسان في النسك وفي العبادة والقراءة؛ كلما راقت العين وصفت، ويستطيع بعد هذا أن يحدق في النور أكثر، ويوجه ذهنه نحو آية من الآيات أو صفة من صفات الله، ويركز فيها الذهن مع القلب والمشاعر مع الفكر، فلابد له هنا أن يخرج بغنيمة، ولا يمكن أن يخرج فارغاً أبداً. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل