المقالات

27 يونيو 2022

فاعلية التوبة في حياة الخادم

1. توبة الخادم المستمرة تنقية متجددة لإناء حياته : الخادم هو حامل لشخص المسيح واسمه المبارك ؛ وإنجيله المقدس ، وهو شاهد حق لعمل النعمة الإلهية في الإنسان . ولا يمكن أن تصدر الشهادة عن الله من إنسان كسول روحياً غارق في خطاياه ، لأنهم « لا يجتنون من الشوك عنباً ولا من الحسك تينا » ( مت 7 : 16 ) . لذلك يلزمنا باستمرار تنقية الإناء ليحمل ـ عن نقاوة واستحقاق ـ اسم المسيح ونعمته في الداخل . أيها الخادم : « نق أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضا نقيا » ( مت ٢٣ : ٢٦ ) حتى تعيش في هذا الاختبار المفرح الذي يصفه القديس بولس الرسول بقوله : « إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه » ( کو ۳ : ۹۔۱۰ ) . أيضاً « أن تخلعوا من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور وتتجددوا بروح ذهنكم وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق » ( أف 4 : ٢٣-٢٤ ) . ۲۔ توبة الخادم واعترافه حفاظ على روح التلمذة : * التوبة والاعتراف يحفظان الإنسان في روح التلمذة التي لا غنى عنها مهما كثرت معلوماتنا ومعارفنا في الخدمة . ( سيأتى الحديث عن حياة التلمذة تفصيلاً ) ، والفخ الخطير الذي يقع فيه بعض الخدام أنه يظن عن نفسه أنه شئ وأنه قد وصل إلى قامة روحية كبيرة ؛ وبالتالي أصبح أعلى من مستوى الجلوس كتلميذ ومنسحق بين يدى الكاهن وكيل أسرار الله . * وعلى فرض أن الخادم له مكانة عالية في العلم والمعرفة ؛ لكن لا ينبغي أن ينسى أنه . إنسان معرض للضعف والسقوط ؛ ولنتذكر الجبابرة الذين سقطوا من ثباتهم لابتعادهم عن روح التوبة وإصابتهم بروح الغرور والبر الذاتي . یا خادم : أذكر أنك إنسان وأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران . وإذا تذكرت ذلك داوم على التوبة بدموع والاعتراف بانسحاق وانتظام . 3- توبة الخادم واعترافه لهما مقاييس دقيقة : ربما تمر الخطايا أمام معظم الناس دون أدنى اعتبار للخطأ وكسر الوصية والتعدى وقد يستهين الناس بما يسمونه بالخطايا الصغيرة أو البسيطة فإذا بهم يتدرجون من ذلك إلى ارتكاب ما هو أفظع دون تدقيق أو تأثر .أما الخادم فلأنه إنسان يسعى للقداسة والكمال لذا فهو لا يحيا في المفاهيم الضعيفة ولا يرضى لنفسه مهادنة الخطية وقبول العثرة وتفويت الخطأ والتساهل مع النفس ، ولكنه يمسك الخطايا الصغيرة ويدفنهم عند صخرة التوبة والاعتراف « يا بنت بابل الشقية ... طوبى لمن يمسك أطفالك ويدفنهم عند الصخرة » ( مز 136 ـ صلاة النوم ) . والخادم الروحاني العميق يخاف الله ويهاب الإنجيل ويقدس الوصية ويعلم أن كل كلمة بطالة سوف يعطى عنها حساباً . يوم الدين ( مت ۱۲ : ٣٦ ) . لذلك يدقق في اعترافاته ويتوب عن الهفوات والسهوات وينشد الكمال إذ يريد أن يتطهر من كل نجاسة مشتاقاً إلى حياة البر والفضيلة . ومن هذا المنطلق فإن اعتراف الخادم ينبغي أن يشمل السلبيات التي اقترفها . وكذا التوبة عن تقصيره في اقتناء الفضائل والعيشة بالإيجابيات ، والكتاب المقدس يعلمنا أن من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له ( يع 4 : ١٧ ) وكل خطية موجبة للتوبة والاعتراف . 4. توبة الخادم واعترافه إنتماء حي للكنيسة والأبوة : كيف يمكن أن نصدق أرثوذكسية الخادم وكنسيته وهو لا يتوب ولا يعترف ولا .يتتلمذ على يدى الكاهن ؟ !! هل يكفى بالنسبة له أن يلقى عشرات الدروس عن الكنيسة وأسرارها المقدسة وهو لا يمارسها كحياة معاشة تثبت انتمائه لجسد المسيح السرى وهو الكنيسة ؟ هل يكفى للبعض أن ينادوا الكهنوت بعبارة « يا أبانا » وهم عملياً ليس لهم أب يرشدهم ويعينهم ويأخذ بيدهم إذ سقطوا ؟ كما تشير حكمة ابن سيراخ « الويل لمن ليس له ثان لأنه إذا سقط فمن يقيمه » . هل يتجاسر خادم أن يقترب إلى سر الافخارستيا المقدس وهو غير قائم في حياة التوبة وغير معترف بخطاياه أو غير نادم على فعلها ؟ ليت هذه الأسئلة كلها تكون محركاً لنا لنكون أكثر أمانة وتدقيقاً في حياتنا من جهة كل وسائط النعمة اللازمة لخلاص نفوسنا وبالأخص حياة التوبة والاعتراف . ٥- توبة الخادم واعترافه قدوة رائعة للمخدومين : قد يبذل الخادم جهداً كبيراً لإقناع مخدوميه بأهمية سر التوبة والاعتراف في حياتهم ، وفي سبيل ذلك يحضر درساً مستوفياً ويستعين بشواهد وأدلة كتابية ؛ وقصصاً من تاريخ الكنيسة .. إلخ ولكن إذا تم هذا كله بدون أن تكون له حياته الدائمة في ممارسة هذا السر مع اقتناعه الداخلي بذلك وتمتعه بالبركة في حياته ، فلن تؤثر في مخدومیه كثرة الكلمات وتعدد الدروس ومهارة الالقاء . إن درس التوبة والاعتراف المثمر في حياة المخدوم هو رؤيته لخادمه وهو يجلس في انسحاق مع أب الاعتراف يعطى توبة عن خطاياه بل ويود أن يحمل خطايا الآخرين أيضاً فوق رأسه ويعترف بها نيابة عنهم . وهذا يقودنا للنقطة التالية في فاعلية توبة الخادم . 6.توبة الخادم واعترافه شفاعةعن المخدومين : الخادم عموماً هو شفيع عمن يخدمهم ، وبصفة خاصة هو شفيع عن الخطاة من خلال أنه يتقدمهم كتائب ومعترف أمام عرش النعمة ـ هذه الملحمة الرائعة يصفها الوحي الإلهي في ( سفر يوئيل ٢ : ۱۲-۱۷ ) « ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا اشفق يارب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار » .. الخادم عندما يتوب ويبكى ويعترف إنما يوقظ ضمائر الخطاة ويشفع عن المذنبين ، وبسبب توبته يضم الرب إلى الكنيسة كل يوم الذين يخلصون ( أع ٢ : ٤٧ ) . نعم نحتاج كخدام أن نتوب لنتوب الآخرين معنا ، وهكذا نخلص ونخلص على كل حال قوما . وأخطر إحساس ينتاب الخادم ويستسلم له هو الاستغناء التدريجي عن حياة التوبة ومشاعر الانسحاق إلى أن يتحول في النهاية إلى مجرد إنسان يبذل ويتعب ويتحرك دون أن تكون له الفرصة لينسكب في محضر الله وأب الإعتراف ؛ يبكت نفسه ويوبخ ضميره ويقرع صدره بشدة : « اللهم ارحمني أنا الخاطئ » ( لو ۱۸ : ۱۳ ) ؛ ويقيم كيرنيليوس المخدوم قائلاً : « قم أنا أيضا إنسان » ( أع 10 : ٢٦ ) . إذن يليق بنا أن نمارس التوبة دوما وأن نستقى اللبن العقلى العديم الغش لكي ننمو به ( ۱ بط ۲ : ۲ ) ؛ ومهما وصلت قاماتنا الروحية بلوغاً ونضجاً فنحن أول الخطاة ولازلنا مبتدئين في طريق الروح . * والحقيقة أنه كلما تقدم الإنسان في مجالات الروح وميادين الخدمة تصبح توبته شيئاً يحتاج لجهاد أصعب . فقد يحارب بمعطلات وعوائق كثيرة تتطلب منه مزيداً من الجهاد للتغلب عليها . القمص بيشوى وديع كاهن كاتدارئية كنيسة الشهيد مارجرجس وشهداء طنطا الأطهار عن كتاب الخادم الأرثوذكسى كنيسة وحياة
المزيد
13 مايو 2020

رسالة القيامة

رسالة القيامة يسرني أن أهنئكم جميعاً بعيد القيامة المجيد ، لأننا إذ نفرح بقيامة السيد المسيح ، إنما نفرح أيضاً بالقيامة ذاتها ، قيامة جميع البشر و ما تحمله هذه القيامة من معان روحية عميقة ، ترفع من قيمة الإنسانية ، و تظهر ما اعده الله لها من خير و متع في العالم الآخر إنما نقول أولاً إن القيامة هي دليل الإيمان إنها تدل بلا شك علي إيمان الإنسان بالله ، و إيمانه بالروح و بالخلود و بالحياة الأخري و إيمانه بالدينونة العامة التي بعد القيامة ،بالثواب و العقاب و بالتالي إيمانه بالسماء و السمائيين ، و بملكوت الله لأن الملحدين لا يؤمنون بالقيامة و لا بالعالم الآخر و من هنا كانت حياة الإنسان في نظرهم لا تختلف عن حياة الحيوان ، من جهة فناء كليهما بالموت حقاً ما أتفه فناء كليهما بالموت حقاً ما أتفه حياة الإنسان في نظر الملحدين إن كانت تقتصر علي بضع سنوات يقضيها علي هذا الكوكب ، ثم ينتهي إلي لا شئ ! و ما أقسي الموت و أبشع في نظر الملحدين ، إذ أنه كممحاة يمحو كل ما في البشر من وجود و من ذكاء و علم ، و به يصبحون عدماً و من هذا النوع كان جماعة الصدوقيين الذين قيل عنهم في الإنجيل إنهم كانوالا يؤمنون بالقيامة و لا بالروح و لا بالملائكة ، و كذلك كان الابيقوريون الذين يقولون " لنأكل و نشرب ، لأننا غداً نموت "! و الشيطان بلا شك هو وراء إنكار القيامة إنه هو الذي أوحي بهذا الادعاء إلي الملحدين من فلاسفة وجهلاء حتي إذا ما أقنعهم بأنه لا حياة بعد الموت ، ينغمسون حينئذ في الحياة الدنيا ، و مشاغلها و ملاذها ، غير مفكرين في أبديتهم و لا في الوقوف أمام الله في يوم الدين ، و هكذا يهلكون أما المؤمنون ، ففي إيمانهم بالله يؤمنون بالقيامة و اليوم الآخر فالقيامة تدل علي قدرة الله غير المحدودة عند الموت تقف كل قدرة البشر تقف كل مقدرة الذكاء و كل مقدرة العلم و يظهر الإنسان بكل عقله عاجزاً تمام العجز و لكن الكتاب يعلمنا أن " غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله " ( مر10 : 27 ) إن الله قادر علي كل شئ بيده الحياة و الموت ، هو الذي يحيي و يميت إنه يقدر أن يقيم الإنسان بعد موته ، لانه هو الذي خلق الإنسان من تراب الأرض ، فيستطيع أن يرجعه إلي الحياة بعد أن يندمج جسده بالموت في تراب الأرض إن الذي له القدرة علي الخلق من العدم ، له أيضاً القدرة علي أن يقيم من الموت . و القيامة هي ايضاً دليل علي محبة الله و جوده إنه الله الذي لم يشأ أن يكون في الوجود وحده ، إنما خلق كائنات فوجدت . و منها الإنسان . و لما مات الإنسان لم يسمح الله بأن يفني هذا المخلوق ،و إنما من جوده و محبته و هبه حياة بعد الموت ، ليستمر وجوده ن ليس فقط إلي حين . و إنما إلي البد . و هكذا وهب الله للإنسان المائت حياة أبدية ... إن القيامة شئ مفرح . به يلتقي الناس باحبائهم الذين انتقلوا ... ماذا عن الأحباء الذين ترتبط قلوبهم معاً خلال فترة حياتهم معاً علي الأرض . ثم يفترقون بالموت ؟ أتراه يكون فراقاً أبدياً إلي غير لقاء ؟! يقيناً إن محبة الله لا تسمح بهذا . إنما يلتقي هؤلاء في القيامة . تلتقي أرواحهم بعد الموت . و بالقيامة يلتقون روحاً و جسداً . إنه لقاء عام ، نلتقي ، نلتقي فيه ليس بأحبائنا فقط ، إنما بكل الأجيال عبر التاريخ . و ستكون حفلة تعاف كبري . تلك التي سيقيمها لنا الله بعد القيامة ... تلك الحفلة العجيبة التي نتعرف علي كل شخصيات التاريخ التي قرأنا عنها و لم نرها ، ولم نعرف شكلها ، و لا لهجتها و أسلوبها ز سواء من أحكام أو القادة او الأدباء أو المفكرين ... و لعل الله سيرسل لنا ملائكة يعرفوننا أيضاً بجميع الآباء و الأنبياء : حيث نري أباءنا اَدم و نوحاً و إبراهيم و اسحق و يعقوب و أيوب ... و نري أمهاتنا حواء و سارة و اليصابات و رفقة و راحيل ، و قد تقدمتهن جميعاً أمنا العذراء القديسة مريم ... و تقدم لنا القيامة أفراحاً أخري ، هي أفراح العشرة مع الملائكة و القديسين ، بل المتعة بالله نفسه . التي أمامها يقف العقل مبهوراً في دهشة . لا يستطيع ان يعبر . إنما يكفيه أن يذوق و يتمتع ... القيامة تحمل في داخلها عملية توازن و تعويض ... فالذين لم يأخذوا حقهم علي الأرض ، يأخذونه كاملاً في السماء بعد القيامة . و الذين ظلمتهم البشرية ، ينالون العدل الإلهي كاملاً بعد القيامة . كذلك ينال أجرهم هناك ، الذين عملوا الخير في الخفاء . و لم يشعر بهم احد و لكن الله كان يسجل لهم كل أعمال برهم ليكافئهم عليها . كذلك سيعطي كل الذين لم يكافأوا علي الخير الذين عملوه في الأرض . و لم ينالوا عليه ما ينتظرونه من تقدير ... سيشعر الناس في القيامة أن أحكام الله غير احكام الناس . و أنه سيكمل عدل الله في السماء . و يتمتع بهذا العدل أيضاً منن قد ولدوا بظروف معينة . أو في بيئات معينة لم تكفل لهم الخير و السعادة و التكافؤ الاجتماعي . سيعوضهم الله عن كل ما تنقصهم في الدنيا . كما تشرح لنا قصة الغني و لعازر ( لو 16 ) . و في القيامة يرد الإنسان إلي رتبته الأولي . ترجع إلي روحه هيبتها ، و يرجع إلي الجسد بهاؤه ... ينال الجسد لوناً من التجلي يعطيه مجداً ، و كذلك النفس ... و تخلص الجسد من كل نقائصه . و كذلك النفس ... لذلك حسناً قال الكتاب عن الجسد إنه " يزرع في هوان ، و يقام في مجد . يزرع في ضعف و يقام في قوة ز يزرع جسماً حيوانياً ، و يقام جسماً روحانياً " ( 1 كو 15 : 43 ، 44 ) . بالقيامة يتخلص الجسد من كل أمراضه و عاهاته و تشوهاته ، و يظهر كاملاً في بهاء . و كذلك النفس تتخلص من كل أمراضها ونقائصها : من الخوف و الشك و التردد و القلق و الشهوة و الجبن و مال إلي ذلك . و الفلاسفة الذين كانوا يبحثون عن السوبر مان ، سيجدونه في القيامة . لن يحمل ديوجين مصباحاً فيما بعد ن ليبحث عن إنسان ، فإنسان القيامة سيكون بالصورة المثلي . و لكن كل واحد حسب مستواه الكل منيرون . و لكن نوراً يقوف اَخر في الضياء . و يتحقق حلم البشرية في وجود مجتمع بار كامل ...هناك في مدينة " مدينة الله " التي تشرح شيئاً عنها القديس أوغسطينوس . مجتمع ينتهي فيه الصراع و الشقاق . و لا يوجد فيه خلاف و لا كراهية ، لا أنانية ، و لا تنافس . مجتمع تسوده المحبة و تسوده القداسة . و في القيامة يحيا الناس الحياة البرئية البسيطة ، و يكونون - كما قال الكتاب - " كملائكة الله في السماء " . في القيامة تزول الخطية ، إذ لا يصبح الجسد خاضعاً للخطية و لا للفساد . بل يتطهر منها تماماً تماماً . يغسله الله ، فيبيض أكثر من الثلج ( مز 50 ) . و يحيا في مستوي روحي يليق بالسماء و طهرها ... و في القيامة ينتصر الأصيل علي الدخيل ... ينتصر الحق علي الباطل . لأن الحق هو الأقدم ، هو الأصيل ، و الباطل دخيل علي العالم . و في القيامة تنتصر الحياة علي الموت ، لأن الحياة هي الأصيل ،و الموت دخيل ..الإنسان من روح ومن الجسد . الروح حية بطبيعتها و ستبقي هكذا .أما الجسد الذي كان علي الأرض قابلاً للموت ، يصبح بعد القيامة جسداً حياً روحانياً لا يموت فيما بعد . و تصبح للإنسان بصيرة روحية ، فلا يعتمد كلية علي حواس الجسد ...من أجل هذا كله ، يجاهد الإنسان حالياً للتمتع بأمجاد القيامة هذه ... ذلك لأنه ليس الجميع يتمتعون بكل ما ذكرناه . إنما المتعة هي فقط للمستحقين . إذ أن بعد القيامة الدينونة ، و يقف الناس جميعاً أمام عدل الله . الذي يجازي كل واحد حسب أعماله ( رؤ 22 : 12 ) و طوبي لمن يكون مستحقاً لأمجاد الأبدية و سعادة العشرة مع القديسين . فليبذل كل منا جهده . و ليعمل خيراً علي الأرض . لكي يلقاه هناك ... و ليكن كل واحد أميناً في علاقته مع الناس ، و في واجبه نحو نفسه ، و واجبه نحو المجتمع الذي يعيش فيه ، فيصنع خيراً نحو الكل ، و تكون له ذكري طيبة علي الأرض و مكافأة حسنة في السماء . كان لابد أن يقوم المسيح:- 1- كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن فيه كانت الحياة . هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي : " فيه كانت الحياة " ( يو 1 : 4 ) ... و الذي فيه الحياة ، لا يمكن أن يبقي ميتاً ، بل إنه قال لمرثا " أنا هو القيامة و الحياة ... من اَمن بي و لو مات فسيحيا " ( يو 11 : 25 ) ، مادام هو الحياة ، فكيف إذن لا يقوم ؟ ... إنه يؤكد نفس المعني بقوله " أنا هو الطريق و الحق و الحياة " ( يو 14 : 6 ) ... نعم كيف لا يقوم ، هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي " أنا هو الأول و الآخر ، و الحي و كنت ميتاً ، و ها أنا حي إلي أبد الآبدين اَمين ... و لي مفاتيح الهاوية و الموت " ( رؤ 1 : 18 ) ... لهذا كله وبخ ملاك القيامة النسوة قائلاً : " لماذا تطلبن الحي من بين الأموات " ( يو 24 : 5 ) . 2- نعم ، كان لا بد أن يقوم من الموت ، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت ، بمجرد أمره . لقد أقام إيليا ميتاً ، و لكن بسبع صلوات ... و أقام أليشع ميتاً بصلوات أيضاً ... أما السيد المسيح ، فقد أقام إبنة يايرس ، و إبن أرملة نايين ، و لعازر ، بمجرد كلمة الأمر ، غنه معطي الحياة ... في إقامته إبنة يايرس ، أمسك بيدها و قال لها : " طليثا قومي " الذي تفسيره : " يا صبية لك أقول قومي " و للوقت قامت الصبية و مشت ( مر 5 : 41 ، 42 ) . و في إقامته إبن أرملة نايين ، تقدم و لمس النعش فوقف الحاملون ... فقال " ايها الشاب لك اقول قم ، فجلس الميت و ابتدأ يتكلم ، فدفعه إلي أمه " ( لو 7 : 14 ، 15 ) ... و في إقامته لعازر " صرخ بصوت عظيم : لعازر هلم خارجاً ... فخرج الميت و يداه و رجلاه مربوطات بأقمطة ، و وجهه ملفوف بمنديل .. فقال لهم : حلوه و دعوه يذهب " ( يو 11 : 43 ، 44 ) . هذا الذي أمر الموتي فقاموا ... أكان صعباً عليه أن يقوم ؟! ... كلا ، بل كان لا بد أن يقوم ، لأنه مقيم ، لأنه مقيم الموتي بأمره . نعم ، كان لا بد أن يقوم ، هذا الذي قال عنه الكتاب : " كما أن الرب يقيم الأموات و يحيي ، كذلك الإبن أيضاً يحيي من يشاء " ( يو 5 : 21 ) . فهذا الذي يحيي من يشاء ، ألا يحيي نفسه ؟! 3- و كان لا بد للمسيح أن يقوم ، لأن قيامته نبوءة لا بد أن تتحقق . يقول الكتاب بعد شهادة بطرس للمسيح أنه إبن الله " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه ، أنه ينبغي أن يذهب غلي أورشليم و يتألم كثيراً من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة ،و يقتل ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 16 : 21 ) ... و بعد معجزة التجلي " فيما هم نازلون من الجبل ، أوصاهم يسوع قائلاً : لا تعلموا أحداً بما رأيتم حتي يقوم إبن الإنسان من الأموات " ( مت 17 : 19 ) . و بعد أنشفي المصروع و قال " هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة و الصوم " ، قال لهم و هم يترددون في الجليل : " إن إبن الإنسان يسلم إلي أيدي الناس ، فيقتلونه ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 17 : 22 ، 23 ) . و بعد أن شرح مثل الكرم ، و من جاء في الساعة الحادية عشرة ، أخذ تلاميذه علي أنفراد و قال لهم : " ها نحن صاعدون إلي أورشليم ، و ابن الإنسان يسلم إلي رؤساء الكهنة و الكتبة ، فيحكمون عليه بالموت ، ويسلمونه إلي الأمم لكي يهزأوا به و يجلدوه و يصلبوه ، و في اليوم الثالث يقوم " ( متي 20 : 18 ، 19 ) ، ( لو 9 : 31 - 33 ) . لهذا كله حدث تذكير بعد القيامة بذلك قال ملاك القيامة للمرأتين " إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب ... ليس هو ههنا ، لأنه قام كما قال " ( متي 28 : 5 ، 6 ) . و عبارة " كما قال " تعني ما تنبأ به عن نفسه من حيث قيامته في اليوم الثالث . بل أن هناك نبوءات في العهد القديم عن قيامته من الأموات . و لذلك فإن السيد المسيح قال لتلاميذه بعد قيامته " هذا هو الكلام الذي كلمتكم به ، و أنا بعد معكم ، إنه لا بد أن يتم ما هو مكتوب علي في ناموس موسي و الأنبياء و المزامير ... حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب ... و قال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم و يقوم من الموات في اليوم الثالث " ( لو 24 : 44 - 46 ) . حقاً ما أكثر النبواءت عن ذلك نتركها الآن لمبحث اَخر ... و لعله بسببها نقول في قانون الإيمان " و قام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب " . و لعل من الرموز لهذه القيامة في العهد القديم : قصة يونان النبي : فعندما طلب منه اليهود اَية ... قال لهم " جيل فاسق و شرير يطلب اَية و لا تعطي له إلا اَية يونان النبي لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام و ثلاثة ليال ، هكذا يكون إبن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام و ثلاث ليال " ( متي 12 : 39 ، 40 ) . 4- كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن قيامته كانت في سلطانه هو : لقد مات بارادته ... هو قدم نفسه للموت ، و لم يكن مضغوطاً عليه في ذلك ... و قد قال موضحاً هذا الأمر في عبارته الخالدة " إني أضع نفسي لآخذها أيضاً ، ليس أحد يأخذها مني ، بل أضعها من ذاتي ... لي سلطان أن أضعها ، و لس سلطان أن اَخذها أيضاً " ( يو 10 : 17 ، 18 ) ... حقاً ما أعجب هذه العبارة " و لي سلطان أن اَخذها أيضاً " أي أن استرجع هذه الحياة التي وضعتها من ذاتي ، و لم يكن لأحد سلطان أن يأخذني مني ... إذن كان لا بد أن يقوم ، و يقوم بإرادته ... و لعلنا نسأل : لماذا وضع ذاته ؟ ... و ما فائدة ذلك في القيامة .. ؟ 5- كان لا بد أن يقوم ، لأن موته كان مجرد وضع مؤقت ، لأداء رسالة مزوجة . كان ممكناً أنه لا يموت بحسب طبيعته ، و لأن الموت هو أجرة الخطية ( رو 6 : 23 ) . و هو لم تكن له خطيئة تستحق الموت ... و لكنه قبل أن يموت عوضاً عنا ، لكي يفدينا بموته ، كما قال الرسول " متبررين مجاناً بنعمته ، بالفداء الذي بيسوع المسيح ، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه ... من أجل الصفح عن الخطايا السالفة " ( رو 3 : 24 ، 25 ) . كانت هذه هي الرسالة الأساسية للموت ، أي الفداء ... و ماذا أيضاً ..؟ و كان لا بد بعد الفداء ، أن يذهب و يبشر الراقدين علي الرجاء ، و يفتح باب الفردوس ، و ينقل هؤلاء الراقدين من الجحيم إلي الفردوس ... و في هذا يقول القديس بطرس الرسول : " فإن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا ، البار من أجل الأثمة ، لكي يقربنا إلي الله ، مماتاً في الجسد ، و لكن محيي في الروح ، الذي فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التي في السجن " ( 1 بط 3 : 18 ، 19 ) .. نعم كرز لتلك الأرواح بالخلاص ، و نقلها إلي الفردوس ، كما نقل اللص اليمين . و يقول القديس بولس الرسول : " و أما أنه صعد ، فما هو إلا أنه نزل أيضاً أولاً إلي أقسام الأرض السفلي ، الذي نزل هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السموات " ( أف 4 : 9 ، 10 ) . 6- و كان لا بد أن يقوم المسيح ، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة و لا طرفة عين . حتي عندما مات ... تقول القسمة السريانية : انفصلت روحه عن جسده ...و لكن لاهوته لم ينفصل قط لا عن روحه و لا عن جسده ... روحه المتحدة باللاهوت نزلت إلي أقسام الأرض السفلي ، و كرزت للأرواح التي في السجن ، و أصعدتها إلي الفردوس ...أما جسده فبقي في القبر متحداً بلا هوته أيضاً ... فهو قد مات بشرياً من جهة انفصال الروح عن الجسد ، و لكنه كان "محيي في الروح " .. كانت له الحياة الثابتة في اللاهوت ، و التي من أجلها صرخ نيقوديموس و هو يكفنه " قدوس الله .. قدوس القوس .. قدوس الحي الذي لا يموت . نعم كان لا بد أن يقوم هذا الجسد المتحد باللاهوت .. و ما كان ممكناً أن يستمر في الموت . إن الموت لم ينتصر عليه مطلقاً ، و ما كان ممكناً أن ينتصر عليه ... بل أنه بموته داس الموت ، أي داس علي هذا الموت الذي انتصر علي كافة البشر ، فنجاهم السيد من هذا الموت بموته عنهم ، و دفع ثمن خطاياهم .. و هكذا قضي علي سلطان الموت . 7- و هذا الذي قضي علي سلطان الموت بموته ، كان لا بد أن يقوم . كان لا بد أن يقوم ، ليعلن انتصاره علي الموت بقيامته ، و ليعلن للناس جميعاً أنه لا شوكة للموت ، حسب تسبحة بولس الرسول " أين شوكتك يا موت ؟ ... أين غلبتك يا هاوية ؟" ( 1 كو 15 : 55 ) . 8- و كان لا بد للمسيح أن يقوم ، لكي يعزي التلاميذ و يقويهم . كان لا بد أن يقوم ، لكي يزيل النتائج المرعبة التي نتجت عن صلبه ، حيث خاف التلاميذ و اختفوا في العلية ، و تشتت باقي المؤمنين به خائفين من اليهود و بطشهم ... و أنكر من أنكر ، و شك من شك ... و كان لا بد أن يقوم المسيح لكي يقوم بعملية ترميم لإيمان الناس ، و يشجعهم لكي يستمروا في إيمانهم ،و يصمدوا أمام اضطهادات اليهود ... و هكذا كانت قيامته أكبر دافع لهم علي الكرازة . 9- و كان لا بد له أن يقوم ، ليثبت أنه ليس إنساناً عادياً يموت كباقي الناس . جميع الناس يموتون ، و يستمرون هكذا منتظرين القيامة العامة ، لكي يقوموا .. أما السيد المسيح فكان لا بد أن يقوم مباشرة ، و إلا حسبوه إنساناً عادياً ... إن قيامته قد أثبت لاهوته ، و بخاصة أنه قام بذاته دون أن يقيمه أحد . 10- و كان لا بد أن يقوم المسيح ، ليكون الباكورة التي علي شبهها يقوم الكل و هكذا قال القديس بولس " اَلان قد قام المسيح من الأموات ، و صار باكورة الراقدين لأنه كما أن في اَدم يموت الجميع ، هكذا أيضاً في المسيح أيضاً سيحيا الجميع المسيح باكورة ، ثم الذين في المسيح في مجيئه " ( 1 كو 15 : 20 - 22 ) . و يتكلم عن أهمية قيامة المسيح ، فيقول " إن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل إيمانكم أنتم بعد في خطاياكم إذن الذين رقدوا في المسيح أيضاً قد هلكوا " و يستطرد " إن كان لنا في هذه الحياة فقط رجاء في المسيح ، فإننا أشقي جميع الناس " ( 1 كو 185 : 17 - 19 ) . 11- نعم كان لا بد أن يقوم المسيح ، لكي يؤسس المسيحية و لكي يمكث مع التلاميذ أربعين يوماً يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله ( أع 1 : 3 ) ،و يضع لهم قواعد الإيمان و يسلمهم الأسرار و الطقوس ، و ينفخ في وجوهم قائلاً " اقبلوا الروح القدس من غفرتم لهم خطاياهم غفرت لهم ، و من أمسكتموها عليهم أمسكت " ( يو 20 : 22 ، 23 ) ثم يعدهم بحلول الروح القدس عليهم لكي ينالوا قوة ، و يكونوا له شهوداً في أورشليم و كل اليهودية و إلي أقصي الأرض " ( أع 1 : 8 ) ثم بعد ذلك يعهد إليهم بالكرازة قائلاً " اذهبوا إلي العالم اجمع ، و اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها من اَمن و اعتمد خلص " ( مر 16 : 15 ، 16 ) " اذهبوا و تلمذوا جميع الأمم ،و عمدهم باسم الآب و الإبن و الروح القدس و علموهم أن يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها أنا معكم كل الأيام و إلي انقضاء الدهر " ( متي 28 : 19 ، 20 ) . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في القيامة
المزيد
09 فبراير 2023

شخصيات الكتاب المقدس بطرس الرسول

اسمه أيضاً سمعان أو صفا، ويعني الصخرة. عاش في بيت صيدا وكفرناحوم وكان صيّاداً. بشّر فلسطين وآسيا الصغرى وإيطاليا. صنع عدة عجائب (ظلّه كان يشفي). حُكم عليه بالموت من الإمبراطور نيرون. طلب من صاليبيه أن يصلبوه رأساً على عقب لأنه اعتبر نفسه غير مستحق أن يُصلب كسيّده. يُعتبر رئيس جوقة الاثني عشر تلميذاً نشأته ولد فى مدينه بيت صيدا وهذه المدينة كانت مشهوره بالبساطه من حيث انها تضم بيوت للصيادين سمعان اسم عبرانى معناه مستمع واسم ابيه يونا واسم امه يوانا وهو الاخ الاكبر وكانت مهنته الصيد - اما بطرس فهو يونانى معناه صخره وباليونانية بيتروس هو سبط راوبين من اسباط بنى اسرائيل. دعوته للكرازه والتبشير كان القديس بطرس احد تلاميذ القديس يوحنا المعمدان هو واخيه القديس اندراوس.وحينما راى القديس قال له انت سمعان ابن يونا انت تدعى صفا الذى تفسيره بطرس.تقابل مع السيد المسيح وهو يصطاد مع اخيه اندرواس على شاطىء بحر الجليل وجلسوا طول الليل لم يصطادوا شئ فقال ياسيد قد تعبنا الليل كله ولم ناخذ شيئا ولكن على كلمتك نلقى الشبكة "(لو 5: 5) " فامسكو سمكا كثير حتى صرخ قائلا اخرج يارب من سفينتى لانى رجل خاطىء " (لو 5: 8). كتابته 1- كتب رسالته الأولى إلى المؤمنين المتغربين فى شتات بنتس وغلاطيه واسيا وكتبت فى زمن من 63 الى 67 اثناء اضطهاد نيرون وهى تشجيع المؤمنين على الالم وهى رسالة تعزية. 2- كتبت رسالته الثانية الى كل المسيحيين فى اسيا الصغرى فى حوالى 64 – 68 ميلاديه. استشهادة استشهد القديس بطرس فى روما هو والقديس بولس وحينما قبض عليه نيرون الذى امر بصلبه فطلب منه ان يصلب منكس الراس وفى شهر ابيب (اع 5: 15) الاحداث التى شارك فيها 1- حدث تجلى رب المجد يسوع المسيح وهو كان احد الثلاث الذين اخذهم الرب يسوع على جبل التجلى وحتى الرد كان ضعيف ويقول يارب جيد ان تكون ههنا بان شئت نصنع هنا ثلاث مظال لك واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة (عدد 17: 1). 2- عند اقامه ابنه يايرس (لو 8: 51)، مز5: 37. 3- سأل السيد المسيح عن المجد وعن مجيئه مر 13: 2. 4- بطرس مع يوسف في جثيسماني مت 26: 27. 5- في غسل ارجل التلاميذ يو 13: 1. 6- في القاء القبض علي السيد المسيح يو 18: 11. إعتراف بطرس الرسول بأن المسيح هو ابن الله الحي (8 مسرى) في هذا اليوم تحتفل الكنيسة باعتراف بطرس الرسول بأن المسيح هو ابن الله الحي فانه لما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا: من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان " فقالوا: قوم يوحنا المعمدان، وآخرون ايليا وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء، قال لهم وأنتم من تقولون أني أنا، فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يونا أن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات أنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلي هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات وكل ما تحله علي الأرض يكون محلولا في السموات حينئذ أوصي تلاميذه أن لا يقولوا لأحد أنه يسوع المسيح " (مت 16: 13 – 20)لربنا المجد دائما. آمين استشهاد القديسين الرسولين بطرس وبولس وفطر صوم الرسل (5 أبيب) في مثل هذا اليوم استشهد القديسان العظيمان الرسولان بطرس وبولس. أما بطرس فكان من بيت صيدا وكان صيادا فانتخبه الرب ثاني يوم عماده بعد انتخابه لأخيه إندراوس. وكان ذا إيمان حار وغيرة قوية ولما سأل الرب التلاميذ. ماذا يقول الناس عنه. أجابوا: " ايليا أو ارميا أو أحد الأنبياء " فقال بطرس " أنت هو المسيح ابن الله " وبعد أن نال نعمة الروح المعزي جال في العالم يبشر بيسوع المصلوب ورد كثيرين إلى الإيمان وقد أجري الله علي يديه آيات كثيرة وكتب رسالتين إلى جميع المؤمنين. ولما دخل رومية وجد هناك القديس بولس الرسول، وبكرازتهما آمن أكثر أهل رومية فقبض عليه نيرون الملك وأمر بصلبه. فطلب أن يصلبوه منكسا وأسلم روحه بيد الرب.أما بولس الرسول فقد ولد بطرسوس قبل ميلاد المخلص بسنتين، وهو من جنس يهودي من سبط بنيامين، فريسي ابن فريسى وكان عالما خبيرا بشريعة التوراة شديد الغيرة عليها مضطهدا المسيحيين.ولما رجموا اسطفانوس كان يحرس ثياب الراجمين. وأخذ رسائل من قيافا إلى اليهود المتوطنين في دمشق للقبض علي المسيحيين. وبينما هو في طريقه إلى دمشق أشرق عليه نور من السماء فسقط علي الأرض وسمع صوتا قائلا له: " شاول شاول لماذا تضطهدني (أع 9: 4) " فقال: " من أنت يا سيد ". فقال الرب " أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس " ثم أمره أن يذهب إلى حنانيا بدمشق وهذا عمده وللحال فتحت عيناه وامتلأ من نعمة المعزي، وجاهر بالإيمان وجال في العالم وبشر بالمصلوب وناله كثير من الضرب " الحبس والقيود وذكر بعضها في كتاب أعمال الرسل وفي رسائله ثم دخل رومية ونادي بالإيمان فأمن علي يديه جمهور كثير. وكتب لهم الرسالة إلى أهل رومية وهي أولي الرسائل الأربع عشرة التي له. وأخيرا قبض عليه نيرون وعذبه كثيرا وأمر بقطع رأسه. وبينما هو ذاهب مع السياف التقت به شابه من أقرباء نيرون الملك كانت قد آمنت علي يديه فسارت معه وهي باكية إلى حيث ينفذ الحكم. فعزاها ثم طلب منها القناع ولف به وجهه وأمرها بالرجوع وقطع السياف رقبته وتركه وكان ذلك في سنة 67 م فقابلت الشابة السياف أثناء عودته إلى الملك وسألته عن بولس فأجابها: " أنه ملقي حيث تركته. ورأسه ملفوف بقناعك " فقالت له: " كذبت لقد عبر هو وبطرس وعليهما ثياب ملكية وعلي رأسيهما تاجان مرصعان باللآلئ وناولني القناع. وها هو " وأرته إياه ولمن كان معه فتعجبوا من ذلك وأمنوا بالسيد المسيح.وقد اجري الله علي يدي بطرس وبولس آيات عظيمة حتى أن ظل بطرس كان يشفي المرضي (أع 5: 15) ومناديل ومآزر بولس تبريْ الكثيرين فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة (أع 19: 12). صلاتهما تكون معنا. ولربنا المجد دائما. آمين وهذا هو اليوم الذي تعيد فبه الكنيسة بفطر الرسل ويعمل اللقان بعد رفع بخور باكر فى الخورس الثالث وبملابس الخدمة.
المزيد
19 يناير 2022

عيد الغطاس - الظهور الالهى - الثيؤفونيا

عيد الظهور الإلهى وأهميته ... أهنئكم أحبائى بعيد الظهور الإلهي راجيا لكم حياة مقدسة مثمرة فى الرب . اننا اذ نحتفل بعيد (الأبيفانيا) Epiphany (إيبيفاني) أو عيد الغطاس المجيد، فاننا نتذكر الرب فى تجسده وعمادة ليقدس ويكرس لنا الطريق الى البنوة الحقيقية لله والولادة من الماء والروح ونتذكر معموديتنا يوم تعهدنا ان نجحد الشيطان ولا نسير فى طرقه وان نعلن ايماننا المسيحى ونحيا اوفياء لعهد تبنى الله لنا فى قداسة وبر وتقوى . تعمد السيد المسيح القدوس من القديس يوحنا المعمدان بالتغطيس { وللوقت وهو صاعد من الماء } ولذلك نسمى المعمودية "الغطاس". ليؤسس لمعموديتنا نحن المؤمنين به، ففيما نال هو المسحة بالمعمودية أعطانا من خلالها الولادة من الماء والروح . لذلك يوحنا المعمدان قال للناس {هوذا حمل الله الذى يحمل خطية العالم كله} (يو1:26). وشهد عنه قائلا: {إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقرعليه، وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد قال لى : الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أن هذا هو ابنالله} (يو 1: 33 – 34). + وهنا ربط بين معمودية السيد المسيح وحلول الروح القدس عليه وأنه يعمد بالروح القدس. معنى هذا أن الروح القدس حل على السيد المسيح كبداية للعهد الجديد لكى يحل على المؤمنين عبر الولادة من الماء والروح ومن خلال مسحة الميرون المقدس. لهذا تحتفل الكنيسة بعيد الغطاس المجيد لما فيه من أحداث هامة وإعلانات إلهيه تخص خلاصنا. ولعل أول كل هذا ظهورالله المثلث الأقانيم وقت عماد السيد المسيح.. لذلك يطلق علي هذا العيد (عيد الظهور الالهي).. فالاب ينادي قائلاً عن الرب يسوع وهو في الماء {هذا هو أبني الحبيب الذيبه سررت} (مت 3:17)، بينما الروح يحل في شكل حمامة مستقراً علي السيد المسيح ليعلن أنه المخلص الذي أتي لخلاص العالم ليصنع الفداء العجيب. ويقول في ذلك القديس أغسطينوس: (بجوار نهر الاردن ننظر ونتأمل المنظر الالهي الموضوع أمامنا.. فلقد أعلن لنا إلهنا نفسه عن نفسه بكونه ثالوث في واحد.. أي ثلاثة أقانيم في طبيعة إلهية واحدة). معمودية السيد المسيح ومعموديتنا .. الرب يسوع المسيح لم تكن لولادته من الماء والروح لأنه لابن الوحيد للاب بالطبيعة،)هذة العظه من منتدى أم السمائيين والأرضيين) فلم يكن نزوله فى المعمودية لكى يولد من الماء والروح لكنه كان نازلاً من أجل ان يستعلن انه المسيح الرب ويبدأ خدمته العامة لذلك سُمى بالمسيح، يسوع اسم الولادة والمسيح هذا اسم المسحة فى المعمودية، وبينما لرب يسوع يقف في إتضاع عجيب أمام يوحنا المعمدان في نهر الاردن ليعتمد منه.. أعلن الله ليوحنا عن الذي سيعمده إذ هو الابن الكلمة المتجسد . فشهد يوحنا المعمدان قائلاً: {أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحق أن أحل سيور حذائه.. هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم هذا هو الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي لأنه كان قبلي وأنالم أكن أعرفه لكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء.. إني قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فأستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي تري الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو أبن الله..}(يو 1: 26 – 34). بهذه الشهادةالتي قدمها القديس يوحنا المعمدان يكون قد أعلن عن المخلص الحقيقي الذي استعلن وسط البشر في الماء ليحمل خطايا العالم.. وكأن من نزل في الماء قد ترك خطاياه واغتسل منها.. بينما إذ نزل الابن الكلمة المتجسد في الماء وهو بلا خطية قد احتمل كل خطايا البشر.. هذا هو سر الخلاص المعلن في نهر الاردن. يقول القديس اثناسيوس الرسولى عن معمودية السيد المسيح ومعمودتنا نحن وحلول الروح القدس عليه ( أن نزول الروح علي السيد المسيح في الأردن، إنما كان نزولاً علينا نحن بسبب لبسه جسدنا. وهذا لم يصر من أجل ترقيه اللوغوس، بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكي نشترك في مسحته، ولكي يُقال عنا " ألستم تعلمون إنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم " (1كو16: 3). + فحينما اغتسل الرب في الأردن كإنسان، كنا نحن الذين نغتسل فيه وبواسطته. وحينما اقتبل الروح ، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته.ولهذا السبب ، فهو ليس كهارون ، أو داود أو الباقين قد مُسح بالزيت هكذا بل بطريقة مغايرة لجميع الذين هم شركاؤه أي " بزيت الابتهاج " الذي فسر أنه يعني الروح قائلاً بالنبي: " روح الرب علىَّ لأنه مسحني" (إش1: 61)، كما قال الرسول أيضًا: " كيف مسحه الله بالروح القدس" (أع38: 10). + متى قيلت عنه هذه الأشياء إلاّ عندما صار في الجسد واعتمد في الأردن، " ونزل عليه الروح " (مت16: 3). + وحقًا يقول الرب لتلاميذه إن " الروح سيأخذ ممالي" (يو14: 16)، و " أنا أرسله" (يو7: 16)، و" اقبلوا الروح القدس" (يو22: 20). إلاّأنه في الواقع، هذا الذي يُعطى للآخرين ككلمة وبهاء الآب يُقال الآن إنه يتقدسوهذا من حيث إنه قد صار إنسانًا، والذي يتقدس هو جسده ذاته. إذن فمن ذلك (الجسد) قدبدأنا نحن الحصول على المسحة والختم، مثلما يقول يوحنا " أنتم لكم مسحة من القدوس" (1يو20: 2). والرسول يقول " ختمتم بروح الموعد القدوس"(أف13: 1). + ومن ثمَّ فهذه الأقوال هي بسببنا ومن أجلنا( القديس اثناسيوس الرسولى عن العماد) لقد اعتمد السيد ليعلن لنا أنه الطبيب الحقيقي الذي جاء ليرفع خطايا البشر.. لم يقف في الماء لكي يقر بخطيئته كما فعل باقي الناس اللذين أعتمدوا من يوحنا.. فهو بلا خطية.. لهذا ذهل يوحنا حينما أعلن له عن ما هو الواقف أمامه لايعتمد.. لذلك قال له {أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتي إلي} (مت 3: 14) لقد حاول أن يمنعه من العماد لأنه بلا خطية.. فلماذا يعتمد ؟! فأجاب الرب علي يوحنا قائلاً {اسمح الان لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر. حينئذ سمح له} (مت3: 15). العماد في نهر الأردن + في قصة عبور بني اسرائيل ليدخلوا ارض الموعد قديما بقيادة يشوع ابن نون وفي نهر الاردن (يش20: 7 – 17) لما وضعوا تابوت العهد فى الماء انشق النهر فعبروا فيه وانتخبوا 12 رجل من أسباط اسرائيل رجل من كل سبط واخذوا حجارة ومروا عليها حتى عبروا نهر الأردن. قصة العبور كانت هذه القصة رمزا لعبورنا من خلال الرب المتجسد السماء أرض الموعد الحقيقية لذلك انفتحت السماء حين نزل الرب فى الماء كما انفتح النهر بحلول تابوت العهد فيه توافق فى الرمز والمرموز اليه . من هنا أخذت المعمودية أهمية خاصة لأنها عبور إلى ارض الموعد الحقيقية التي هي السماء. حلول الروح القدس على السيد المسيح هو حلول لأجل عمل الخلاص، الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث القدوس.(هذه العظه من منتدى أم السمائيين والأرضيين) هذه الحادثة تؤكد أهمية هذا الرمز لما حدث في عماد الرب يسوع علي يد القديس يوحناالمعمدان لأن الرب جاء لكي يوصلنا إلي أرض الموعد الحقيقية وهي السماء.. لذلك كما كان نهر الاردن الوسيلة التي من خلالها وصل بني اسرائيل الي أرض الموعد هكذا تحقق الرمز في عماد الرب في نهر الاردن ليكون الوسيلة للوصول الي السماء.. وهكذا نفس الامر إذ بمجرد نزول الرب الي نهر الاردن انفتحت السماء ونزل الروح القدس علي هيئة جسمية في شكل حمامة وأستقر علي رأس الرب يسوع كاول إنسان يستقر فيه الروح القدس منذ غادر البشر كما جاء فيه (تك: 3) { فقال الرب لا يدين روحي في الانسان الي الابد لزيغانه هو بشر وتكون أيامة مائة وعشرين سنة}.. اي لا يدوم روحي في البشر.. ولتوضيح هذا المعني أريد أن لا نخلط بين السيد المسيح والروح القدس لاهوتياً (إذ هما أقنومان في الذات الالهية الواحدة) وبين حلول القدس علي السيد المسيح ناسوتياً. ولقد سبق الوحي الالهي وتنبأ عن ذلك قائلاً: {روح السيد الرب علي لأن الرب مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالاطلاق لأنادي بسنة مقبولة للرب} (أش61: 1، 2) + ان الإبن الكلمة والروح القدس كلاهما أقنومين فى الثالوث ولذلك هذا هو الوضع اللاهوتى، (مز45: 6،7) {كرسيك يا الله إلى دهر الدهور قضيب استقامة قضيب ملكك}. هذا الجزء الأول الخاص باللاهوت هذا عن الإبن ووضحها القديس بولس الرسول عن الإبن، {أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بزيت الإبتهاج أفضل من رفقائك}هذا الجزء خاص بالوضع الناسوتى وهونفسه كرسيه إلى دهر الدهور هو نفسه الذى مُسح بزيت الإبتهاج. هذا هو الهدف من المعمودية أن يحل الروح القدس على السيد المسيح ناسوتياً. الملوك يمسحون بزيت قرن المسحة ولكن فى السيد المسيح حل الروح القدس عليه معطيه كمال المسحة المقدسة. ثمار المعمودية والولادة من الماء والروح + المعمودية ولادة من فوق من الماء والروح وبها نصير ابناء وبنات لله بالتبنى والنعمة وتغفر لنا خطايانا ونؤهل للدخول للسماء { اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو و المولود من الروح هو روح } يو 5:3-6 . + وكما يقول الانجيل { بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس } وبها نلبس الرب يسوع { لأن كلكم الذين أعتمدتم للمسيح قد لبستم المسيح } (غلا3: 27) . وننال التطهير الكامل والبر والقداسة (ف 3: 25). لكى يقدسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكى يحضرها كنيسة مجيده لا دنس فيها ولا غضن ولا شيئاً من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب وبالمعمودية ندفن مع المسيح ونقوم {كل من أعتمد ليسوع المسيح قد أعتمد لموته} (رو6: 3، 4) . لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته فإن كنا قد متنا مع المسيح عن الخطية وشهوات العالم وقدمنا توبة عن اثامنا وخطايانا ننمو فى القداسة ونثمر ثمر الروح ونرث ملكوت السموات . + لهذا يحثنا القديس اغريغوريوس النزينزى ان نحتفل بهذا العيد بالتوبة والقداسة ( فلنكرم ليوم معمودية المسيح، ولنعيد عيدًا سعيدًا يفرحنا روحيًا بدلاً من أن نهتم بمعدتنا وشهواتنا. ما هي طريقة فرحنا ؟ اغتسلوا حتى تتنقوا. إذا كنتم قرمزيين من الخطيئة فصيروا بيضًا كالثلج بالاغتسال والتوبة. حاولوا أن تتنقوا لأن الله لايفرحه شئ بقدر ما تفرحه النقاوة وخلاص الإنسان الذي تجسد من أجله، ومن أجله كُتبت كل الكتب، وأعطيت كل الأسرار لكي يصبح (الإنسان) كوكبًا مشعًا بالضياء للعالم المنظور وأمام الملائكة، وقوة محيية للآخرين، ولكي تتقدموا أنتم كأنوار أمام الله النور الاعظم ، وان تدخلوا إلى مساكن النور ).
المزيد
04 أكتوبر 2021

الخطية والزمن

يصرف الإنسان وقتًا في التفكير في الخطية حيث تبدأ بالفكر، ويحدث أحيانًا أن يظل يدفع في الفكر حتى يهزمه أو يُهزَم منه، ويمكن أن نطلق على ذلك "زمن المقاومة"، فإذا سقط فهو يفعل ذلك في وقت يُسمّى "زمن الخطية"، ثم أنه يصرف بعد السقوط وقتًا في الندم قبل أن يقدّم عنها توبة. والإنسان العاقل هو ذاك الذي يستطيع تجاوز الأزمنة الثلاثة للخطية، زمن التفكير وزمن التنفيذ وزمن التوبة، ومن ثَمّ يتجاوز الخطية نفسها.إن الزمن الذي تتم فيه الخطية يكون ضئيلًا جدًا، مقارنة بالزمن الذي يسبقها والآخر الذي يليها. وفي بعض الأحيان تتم الخطية في لحظات، بينما يعاني الإنسان من نتائجها لسنوات، بل وقد يفقد حياته كلها بسببها، ويوصف الإنسان هنا بأنه "انحمق". وبخصوص زمن الخطية يفرِّق الآباء بين وضعين فيما يتعلق بزمن الخطية، الأول زمن اقتراف الخطية، والثاني وصم أو وسم الشخص بالخطية كجزء من شخصيته أو علامة في حياته، كأن تقول إن فلانًا سرق أو إنه سارق، كذب أو كاذب، والفرق هو الزمن المرتبط بكل حالة، فبينما يستغرق الكذب ثوانٍ معدودة، ترتبط الصفة بحياة الكاذب.وكما أن "زمن الخطية" قد يعني الساعات أو الدقائق التي مارس فيها الإنسان الخطية كالسرقة والزنى والسكر، فقد يعني أيضا الحقبة أو الفترة التي عاش الإنسان فيها في الخطية بعيدًا عن الله، عنها يقول القديس بطرس «لأنَّ زَمانَ الحياةِ الّذي مَضَى يَكفينا لنَكونَ قد عَمِلنا إرادَةَ الأُمَمِ» (١بطرس٤: ٣)، وتُسمّى أيضًا أزمنة الجهل: «فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ النّاسِ في كُلِّ مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ» (أعمال١٧: ٣٠). ويتحدث علماء اللغة في الكتاب (الإيتيمولوجيا) عن نوعين من الزمن، المدة أو التاريخ: (الأيام والسنوات= كرونيكال)، والفرصة (أو اللحظة أو الموقف أو القرار= كاريوس) ومنها قولنا «ملء الزمان» وكمال الزمان. هذه الفرصة هي التي تُمنَح للتوبة، يمكن أن تُسمى أيضًا "زمن الافتقاد" «لأنَّكِ لَمْ تعرِفي زَمانَ افتِقادِكِ» (لوقا١٩: ٤٤)، أو زمن استجابة الإنسان «اليومَ، إنْ سمِعتُمْ صوتَهُ، فلا تُقَسّوا قُلوبَكُمْ» (عبرانيين٤: ٧). أخيرًا: فإنه مع طول الزمان يمكن أن يتقسّى قلب الإنسان، وبينما تكون أمامه الفرصة (كاريوس) فإن إرادته تكون عاجزة، ومتى تحركت الرغبة فيه في زمن لاحق فإنه حينئذ يكتشف أن القدرة قد فارقته، هكذا قال الآباء: "لن ينتظرك الزمان حتى تبكي على خطاياك". إذًا فإن كل من استطاع أن يتجاوز زمن الخطية فإنه يستطيع تجاوز الخطية نفسها، ربما كان المقصود بـ«الوقت المقبول» (٢كورنثوس٦: ٢) هو الوقت المقبول من الطرفين: الله والإنسان، أو بمعنى أدق: الوقت الذي قبل فيه الإنسان أن يطيع الله ويقبله، أن يمد يده ليمسك بيد الله الممدوة إليه، إنه زمن الافتقاد ... نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
02 أبريل 2019

يوم الثلاثاء اليوم الثانى من الأسبوع الخامس

النبوات: عد35:10-35:11 أم19:3-9:4 إش1:40-8 أى 1:25-6 القراءات: مزمور باكر: مز5:85-6 إنجيل باكر: مر13:9-24 البولس: فى 22:2-26 الكاثوليكون: 1يو2:3-11 الإبركسيس: أع 10:24-23 مزمور إنجيل القداس: مز17:86 إنجيل القداس: يو12:8-20 إنجيل القداس: الخطية سبت التخبط في الظلام فهي إنفصال وإبتعاد عن الله، والله هو النور الحقيقي. والمسيح جاء ليعلم فينير لنا الطريق، وليعطينا حياة بإتحادنا به، وبإتحادنا به يكون لنا نور، فهو نور العالم ومن يسير في النور فله حياة أبدية لأنه سيظل ثابتًا في المسيح، والمسيح هو الحياة. مزمور الإنجيل: إصنع معي آية صالحة هذه بلسان المسيح، وتعني ليرى اليهود المقاومون ويؤمنون أنك أرسلتني. فلير الذين يشنوني وليخزوا أي لير الذين يبغضوني ويخزوا. إنجيل باآر: الشيطان يلقي الصبي في النار وفي الماء ليهلكه. فهذه إرادة الشيطان، أن يهلكنا. والشيطان هو سلطان الظلمة يدفع من يتبعه للموت. مزمور باآر: الشيطان ماكر قاتل لكن الرب أنت يا رب صالح وديع. رحمتك كثيرة لسائر المستغيثين كما أنقذ الصبي، فلنصرخ له ليشفي طبيعتنا بالكامل. البولس: هنا نرى مواصفات أبفرودتس خدم معى لأجل الإنجيل.. الأخ والشريك العامل. فطريق النور هو طريق خدمة المسيح. الكاثوليكون: إذا ظهر نكون مثله مجد وحياة لمن يسير في النور. هذا تناقض واضح مع الموت الذي ينتظر أتباع إبليس من يفعل الخطيئة فهو من إبليس. وأولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس. الإبركسيس: نرى بولس هنا يدرب نفسه ليسير في النور، ليكون له قيامة من بين الأموات هكذا أعبد إله أبائي :(٣٥:١١- (عد ٣٥:١٠ الإنجيل عن أن المسيح نور ومن يسير وراءه تكون له حياة. وهنا نرى تذمر اليهود على المن (والمن رمز للمسيح) ونجد اليهود يسيرون وراء شهواتهم فماتوا. فالشهوات ظلمة وموت= وبينما اللحم بعد بين أسنانهم قبل أن يمضغوه حمى غضب الرب على الشعب فضربهم.. فدعى إسم ذلك الموضع قبور الشهوة. :(٩:٤- (أم ١٩:٣ إحفظ الرأي والتدبير (وصايا الله) لكي تحيا بها نفسك. لكي تسلك بسلام في طريقك آمنًا ولا تعثر رجلك هذه تساوي "سراج لرجلي كلامك". وكل من يسلك في الحكمة، أي الإيمان بالمسيح وإتباع وصاياه يكون في النور بل يصير نورًا لتعطي رأسك إكليل نعمة وتاج جمال. :(٨- (إش ١:٤٠ دور خدام الله تعزية الشعب ودعوته للتوبة ليرى خلاص المسيح ١) عزوا شعبي أن طريق المسيح ظهر بتجسده. ٢) قوموا في القفر سبيلا لإلهنا القفر هو من يحيا في خراب ويتعثر في الخطية ورمزها هنا صخور القفر. ٣) كل جبل وأكمة ينخفض تنخفض كبرياء الإنسان. ٤) كل واد يمتلئ كل من يحيا في النجاسة أو صغر النفس. ٥) يرى كل بشر خلاص الله من يفعل ما سبق تنفتح عيناه ويبصر طريق الحياة الأبدية. :( (أي ٢٦،٢٥ الله رسم حدًا حول وجه المياه نحو ملتقى النور بالظلمة الله أظهر الحدود بين النور والظلمة بوصاياه، فليس لنا عذر. الكواكب غير نقية أمامه فهو النور الكاشف للظلمة.
المزيد
17 ديسمبر 2019

التجسد الإلهي

عقيدة التجسد هي إحدى العقائد الهامة في الإيمان المسيحي، لذلك تردّد الكنيسة في كل العالم في قانون الإيمان: "هذا الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس". فالتجسد كان في فكر الله منذ البدء، فالموت وفساد الطبيعة البشرية كانا نتائج خطية آدم، وبمجيء المسيح متجسدًا إلى العالم لكي يتمّم فداءنا، وبصلبه وقيامته، وهب لنا أن ننال الحياة والطبيعة الجديدة في سر المعمودية المقدسة.لم تكن توبة آدم كافية لحل مشكلة سقوط الإنسان، إذ لم يكن ممكنًا للتوبة وحدها أن تفي عدل الله ولا أن تغيِّر طبيعة الإنسان، بل كانت البشرية محكومًا عليها بالموت، وكان لابد لوجود مخلص ليعتق الإنسان من هذا الموت ويجدّد طبيعته. وفي المسيحية وحدها دون سائر الديانات فإن الإله فيها هو إله مخلّص، وهو يخلّص بذاته، لا يرسل ملاكًا ولا نبيًا ولا رسولًا من أجل خلاص الإنسان، بل هو وحده بذاته أتى ليخلّص الإنسان (لأنه وحده بلا خطية، وهو وحده غير المحدود، وهو وحده الذي يستطيع أن يجتاز الموت ويهزمه، فيهبنا بقيامته الخلاص من الخطية ومن اللعنة ومن العبودية للشيطان والخطية، ومن الإحساس بالذنب ومن الخوف.. الخ)، فوحده جدّد طبيعتنا الفاسدة.لماذا التجسد؟1) كان التجسد من أجل إتمام الفداء والخلاص، فقد ارتضي الله أن يتخذ لنفسه جسدًا لكي يقبل فيه حكم الموت، وفي جسده يحمل خطايانا على الصليب، وبهذا الجسد الذي تألم يقوم ناقضًا أوجاع الموت واهبًا لنا الحياة.2) بالتجسد يعلن الله ذاته للخليقة (عمانوئيل الله معنا)، فعندما سقط الإنسان وفقد صلته بالله، جاء الله في صورة إنسان لكي يعلن ذاته للبشرية «الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو خبّر» (يو1: 18)، حتي لا يعود الإنسان يعبد المخلوق دون الخالق، فتبطل كل عبادة غير عبادة الإله الحقيقي، فيسوع كان بهاء مجد الله ورسم جوهره (عب1: 3).3) بالتجسد قدم يسوع ذاته مثالًا للبشرية، وتمّم كل بر لكي نتبع خطواته، ولكي لا يعيش الأحياء فيما بعد لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام (2كو5: 15).نبوات ورموز عن التجسد الإلهي + تكلم سفر التكوين عن وعد الله بالخلاص لآدم وحواء في (تك3: 15)، ثم عن كون المخلص من سبط يهوذا في (تك49: 10)، ثم تحدث موسى النبي لشعب إسرائيل «يقيم الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك مثلي» (تث18: 15)، ويُكتب عنه في سفر العدد «أراه ولكن ليس الآن، أبصره ولكن ليس قريبًا» (عد21: 17)، ثم عنه يتحدث إشعياء بكونه مولودًا من عذراء (إش7)، ثم بكونه ملكًا وأبًا أبديًا في (إش9: 6)، كما يتحدث ميخا النبي عن ميلاده في بيت لحم (ميخا5: 2)، وعن مجيئه أيضًا يكتب حجي النبي بكونه مُشتهى الأمم (حجي2: 7)، كما يكتب عنه ملاخي بكونه شمس البر التي تشرق والشفاء في أجنحتها (ملاخي4: 2).+ أمّا عن رموز التجسد فكان عمود السحاب وعمود النار المصاحب للشعب في البرية رمزًا لناسوت الرب ولاهوته، وكانت العليقة رمزًا لتجسده من العذراء، وكانت أيضًا عصا هارون التي أفرخت بغير غرس ولا سقي إشارة لميلاد الرب بدون زرع بشر.المعاني الروحية للتجسد في التجسد تظهر معاني محبة الله للإنسان، ورغبته أن يصنع صلحًا مع البشرية، كما يحمل التجسد معنى الرجاء الذي جعل كل شر الإنسان لا يمنع الله عن خلاصه الذي صنعه من أجل الإنسان. في التجسد أيضًا معنى الاتضاع الحقيقي للإله الذي صار في صورة عبد. وفيه أيضًا تظهر قيمة الإنسان في عيني الله الذي لم يشأ أن يهلك الإنسان، لأنه كان عزيزًا في عيني الرب. التجسد أيضًا يؤكد ضرورة الكرازة وانتشار بشرى الخلاص. أخيرًا التجسد يظهر كيف جاء الله ليمنح الإنسان النصرة على الخطية والشيطان...لتكن هذه المعاني في حياتك معاني حية تتذكرها كلما احتفلت الكنيسة بتذكار ميلاد الرب. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
25 مايو 2020

القيامة حياة

لقد خلق الله الإنسان ليحيا لا ليموت، ولكنه بسبب الغواية من الحية سقط في المعصية وأكل، فخسر الحياة ودخل في دائرة الموت وخسر علاقته بالله، لذلك حين كلمه الله اختبأ آدم وراء الشجرة التي أكل منها فصارت حائلًا بين الله والإنسان، لذلك بصلب المسيح على الخشبة حوّل الشجرة إلى تلاقي بين الإنسان والله في العهد الجديد، وصار يحمل قوة القيامة، لذلك حين اكتشفت الملكة هيلانه صليب المسيح وضعت ميتًت عليه فقام.من هنا نرى أن الفداء مرتبط بالخلاص من الخطية ومن الموت، وشركة في القيامة المجيدة. هكذا نؤمن أن القيامة حياة نحياها في الكنيسة من خلال التناول من الأسرار المقدسة، لذلك يُعطى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه (أي جسد المسيح ودمه) شركة حياة.. ومن خلال هذه الحقيقة نؤمن أننا نحيا القيامة بعمل الروح القدس في العهد الجديد من خلال سر المعموديةن إذ به ننال الطبيعة الجديدة التي تحيا إلى الأبد مع المسيح في ملكوته الأبدي بالقيامة، وكذلك سر الميرون الذي من خلاله نصير مسكنًا لعمل الروح القدس كهيكل مقدس مُهيَّأ للنصرة بالثبات في المسيح القائم من الأموات، من خلال التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين كما أشرنا سابقًا.. ومن خلال سر مسحة المرضى ننال الشفاء المؤدي للحياة عكس المرض المؤدي للموت، ونمارس قبله سر التوبة والاعتراف حتى نتخلص من الخطية بغفرانها فنتهيّأ للشفاء، لأن المرض دخل للبشرية بالخطية. أمّا عن سر الزواج فهو على مثال المسيح والكنيسة. وسر الكهنوت به تنال الكنيسة الحياة من الأسرار المقدسة، لأنه كهنوت المسيح رئيس الكهنة الأعظم، مصدر الحياة للكنيسة كلها بقيامته المقدسة وصعوده للسماء.حقًا بصليبه صار المسيح ذبيحة، وبقيامته صار ذبيحة حيّة، وبصعوده صار ذبيحة حَيَّة دائمة..مما سبق نرى أن حدث القيامة المجيدة نقطة تحول في حياة المؤمن، ورجاء كل مَنْ يتألم لأن للألم نهاية بالشفاء، وكل شفاء هو اختبار للقيامة المقدسة، لذلك كل مَنْ لمس الرب يسوع نال شفاءً من المرض. وكذلك هناك مَنْ نال قيامة من الأموات مثل ابنة يايروس، والشاب وحيد أمه، ولعازر الذي أنتن في القبر أربعة أيام. حقًا كان الرب مصدر حياة لأنه يحمل قوة القيامة بلاهوته لكل متألم التقى به، إن كان مريضًا، أو مَنْ له طلبه لأجل مريض أو منتقل، كما حدث مع لعازر إذ قالت له مرثا «هوذا الذي تحبه مريض»، وقالت أيضًا «لو كنت ههنا لم يمت أخي» في ثقة أن الرب يسوع مصدر حياة، وجاء لكي يُحيي الجنس البشري كله بعمل الروح القدس.لذلك نحن ننظر لحدث القيامة أنه هدف للتجسد الإلهي، إذ شابهنا في كل شيء كإنسان ما خلا الخطية وحدهل، لكي يحمل خطايانا وينقذنا من موت الخطية ويخلصنا من شهوات الجسد، ويقدسنا حتى ننال قوة القداسة وحمل الصليب لإماتة الذات، ونفرح بقوة عمل الروح القدس فينا للثبات في عضوية الكنيسة والثبات في الرأس المسيح بالتناول من الأسرار المقدسة، والسلوك بالوصية الإلهية تنير لنا الطريق للأبدية السعيدة، وتمنحنا قوة صلب الذات البشرية الضعيفة، لننال التوبة كقوة قيامة من ضعفات بشرية ومحاربات شيطانية للإغراء، ومن كل هذه الكلمات نحيا قوة القيامة للنصرة على تحديات كثيرة يضعنا فيها الشيطان..لذلك نقول من القلب "خريستوس آنستي- آليثوس آنستي / المسيح قام – بالحقيقة قام".. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
22 أكتوبر 2021

مهمّة رئيس الملائكة ميخائيل

قيل في سِفر التثنية إنّ الربّ دَفَنَ موسى في الجواء (الوادي)، بعد أن أراه أرض الموعد من بعيد، ولم يَعرِف أحدٌ قبر موسى إلى هذا اليوم (تث34: 6).. فقد أخفى الله جسد موسى بحسب تدبيره الخاص. ولكن ذَكَرَ القديس يهوذا الرسول في رسالته، أنّ رئيس جند الربّ ميخائيل «خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجًّا عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ». وواضح من ذلك أنّ الشيطان أراد أن يعمل ضلالة عظيمة ضدّ تدبير الله لأنّه هو مقاوم وعدو كلّ خير. أراد أن يُظهِر جسد موسى ويحوِّل قلب شعب إسرائيل عن عبادة الله وطاعته، ليتعلّقوا بجسد موسى كنوع من عبادة البشر، إذ كان موسى عندهم هو كلّ رجائهم. فلمّا ظهرت نيّة إبليس محاولاً أن يُخرِج جسد موسى من مكان دفنه المُخفَى عن عيون البشر، أوعز الله إلى ميخائيل رئيس جند الرب أن يوقِف الشيطان ويتصدّى له. ولما كان إبليس رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل في أبناء المعصية - هو قوّة هائلة وروح ظلمة مُريع – وله قدرات فائقة، إذ كان رئيسًا للملائكة، وأوصافه التى وصفها به الأنبياء تُنبئ عن ذلك، إذ يقول عنه إشعياء: «كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟» (14: 12). وقال عنه حزقيال: «أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ... أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ، وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ» (28: 12، 14، 15). على هذا كانت مهمة رئيس الملائكة ميخائيل في التصدّي لإبليس مهمّة غاية في الصعوبة، توصَف بأنّها حرب في السماء. ميخائيل كاسمِه "مَن مِثل الله" يستمدّ قوّته من خضوعه لله. بينما إبليس أو الشيطان هو كروح ظلمة مضاد لطبيعة الله الذي هو النور، والساكن في النور الذي لا يُدنَى منه. + «بَارِكُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ ، الْعَامِلِينَ مَرْضَاتَهُ» (مز103: 20، 21). + «الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ» (عب1: 7). لذلك فإنّنا ندرك أنّ ميخائيل تصدّى لقوّة الظلمة الهائلة، أي لإبليس وجنوده، ليوقِف عمله ويبطل مشورته. وهذا ما عبَّر عنه سِفر الرؤيا بقوله: «حَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ» (رؤ12: 7). وقد كانت مهمّة رئيس الملائكة ميخائيل هكذا مهمّة خطيرة وصعبة جدًّا. ولم يستطِع إبليس أن ينفّذ إرادته الشريرة، بل توقّف عن تقدّمه، بسبب قوّة ميخائيل وتصدّيه الحاسم. ويمكننا أن نتخيّل هذه المواجهة الصعبة، عندما نتذكّر أنّ ملاكًا واحدًا قتل «مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا مِنْ جَيْشِ سَنْحَارِيبُ» (2مل19: 35) المحاصِر لأورشليم في أيام حَزَقِيَّا الملِك. فما بالك برئيس الملائكة!!؟ وقول رئيس الملائكة ميخائيل وصرخَتُهُ في الشيطان «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ» فيه لنا قدوة وسِرّ، به كيف نواجه هذا العدوّ، إذ نلتجئ إلى اسم الرب.. ولاسيّما بعد أن نلنا نعمة البنوّة، وأخذنا من المسيح الإله قوّة وسلطانًا على الأرواح النجسة، حتى طَرْدها وإخراجها وغلبتها بقوّة الروح القدس المُعطَى لنا، لأنّ الرب قال: «أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ» (مت12: 28) وقال الرسول يعقوب: «قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ» (يع4: 7) وقال الرسول بطرس أيضًا: «قَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ» (1بط5: 9). وقال الرب أيضًا: «هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوّ» (لو10: 19). فليكن في فمنا قول رئيس الملائكة «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ». نقوله الليل والنهار في كلّ ما يقابلنا من حروب أو معاكسات أو فخاخ أو مضايقات أو هجمات العدو. وكان عوام (عامّة) المؤمنين يقولون: "ربنا يخزيك يا شيطان". وكانوا يؤمنون إنّه بمجرّد رشم علامة الصليب يهرب الشيطان، ويصيبه الخزي، لأنّ الرب يسوع سحق الشيطان بالصليب. ثم بعد ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة، لمّا تجسّد ابن الله وظهر في الهيئة كإنسان من أجل خلاص العالم. وصُلِبَ على الصليب حاملاً خطيّة العالم كلّه. وأسلم الروح في يديّ الآب. طار صواب عدو الخير لما اكتشف أنّ الذي وُلد في مذود، وصار في الهيئة كإنسان، وصار مُجرَّبًا في كلّ شيء وتعب وبكى ونام.. إلى آخر هذه الأمور، واحتمل الآلام ومات.. لم يكن سوى أقنوم الكلمة، الذي في ذات الله، والواحد مع أبيه في الربوبيّة. وعندما نزل بلاهوته المتّحد بالنفس البشرية إلى الجحيم وسبى سبيًا، وخلّص آدم وبنيه من سجن الأرواح أي قبضة إبليس، أسرع إبليس في جنونه الشيطاني ليعمل ضلالته العظمى، إذ أدرك أنّ المسيح لا يمكن أن يُمسكه الموت، بل هو سيقوم حتمًا كما قال، لأنّه هو هو القيامة والحياة. فراح يعمل في فِكر رؤساء كهنة اليهود، لكي بكلّ وسيلة يخفي القيامة، فأسرعوا إلى بيلاطس لكي يضبطوا قبر المخلّص بأختام وعساكر. وقالوا عن الرب: «أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ... لِئَلاَّ يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى» (مت27: 63، 64). فتصوّر أنّ الشيطان المُضِلّ والكذّاب وأبو الكذّاب يقول عن الرب إنّه مُضِلّ وأنّ قيامته ضلالة.. وإنّي أـتعجّب لشرّ الشرير وظُلمة الظالم. فذاك الذي أسقطه كبرياؤه ليصير مثل العليّ.. أحدَرَتْهُ أفكاره إلى أسفل السافلين. فقال بيلاطس لرؤساء الكهنة الذين انقادوا لمشورة الشيطان "عندكم جنود فاضبطوا القبر كما تشاءون". كانت هذه المحاولة اليائسة والمشورة الغبيّة هي آخر حصون العدو التي هدمها المسيح بقيامته. لأنّه عندما أشرق نور قيامة المسيح هربَتْ قوات الظلمة وتبدّدت في الحال. لأنّه هل ممكن أن يحجِز الظلام نور شمس البرّ؟ وهل ممكن للذي وُلد من العذراء بدون زرع بشر الذي لم يفعل خطيّة، القدوس الذي بلا شرّ أن تسود عليه شوكة الموت؟ وهل يُعقل أنّ الأزلي الأبدي تكون له نهاية أيام؟ لذلك قام المسيح من الأموات، ونقض أوجاع الموت وكسر شوكته، وأنار الحياة والخلود. في هذه المرّة أيضًا، أوعز الربّ لرئيس جنده الملاك ميخائيل أن ينزل، ولكن لم تكن هذه المرّة كسابقتها.. فإبليس انسحق سحقًا بقيامة المسيح الإله، وشوكة الموت والظلام انكسرت إلى الأبد. وقوّة المعاند تحطّمت، والقيود التي كان يقيِّد بها النفوس ويستعبدها رجعت عليه فصار هو مقيدًا ومذلولاً. بل إله السلام وملك السلام أعطى عبيده سلطانًا على إبليس، وأن يدوسوا الحيّات والعقارب وكلّ قوّة العدو. فنزل ميخائيل بقوّة لا ليواجه شيطانًا مقهورًا، وقوّات ظلمة فَزِعة فارّة (هاربة) بل ليُعلِن قيامة المسيح، فلما رآه الجنود وهزّتهم الزلزلة صاروا كأموات وهربوا من الخوف، لذلك دَحرَج الحجر عن باب القبر الفارغ وجلس عليه. وهنا العجب العجاب أنّ الملائكة وهم أرواح فائقة غير متجسّدة.. لا يتعبون ولا يجلسون. ولكن من فرط فرح القيامة جلس ميخائيل على الحجر وبشّر النسوة حاملات الطيب قائلاً: المسيح قام. معونة الملائكة وشفاعتهم: بسبب طبيعتهم الخيِّرة - المخلوقين عليها - فإنّهم يحبّون الخير ويخدمونه ويتمنّونه. وعلى العكس فهم ضدّ الظلام والشرّ والخراب الذي تصنعه أرواح الظلمة في العالم. انظر إلى الملاك الذي شفع في أورشليم في أيّام زكريا النبي كيف قال للرب: «إلىَ مَتَى أَنْتَ لاَ تَرْحَمُ أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا الَّتِي غَضِبْتَ عَلَيْهَا هذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً؟". فأجابه الرب بكلام طيب وكلام تعزية.والأمر المؤكَّد أنّه لم تكن هذه هي المرّة الأولى التي وقف فيها الملاك يطلب ويستعطف الله ويطلب الخير لأورشليم. إذ أنّ الملائكة موجودون في حضرة الله كلّ حين، يباركونه ويسبّحونه من أجل خيراته، ومن أجل أعماله المملوءة صلاحًا. فهُم بالحقيقة شُفَعَاء طالبون الخير وكلّ ما هو مرضِيّ أمام الله.«إِنَّ السَّيِّدَ الرَّبَّ لاَ يَصْنَعُ أَمْرًا إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ» (عاموس3: 7). أيّ أنّ أسرار الله وتدابير نعمته يُعلنها لقديسيه. ألم يقُل في سِفر التكوين: هل أُخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا صانع؟ لذلك ليس كثيرًا أن يصير القديسون شُفعَاء أمامه. المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل