المقالات

21 يوليو 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج2

كيف أميز مشيئة الله؟ العلامات، القرعة الهيكلية والآن وبعد أن أدركنا: 1- ضعفنا البشرى ومحدودية معرفتنا بالحاضر وجهلنا بما يخبؤه المستقبل. 2- ضرورة توافق مشيئتنا مع مشيئة الله المحب، القادر على كل شيء، صانع الخيرات... مع قناعة كاملة وثقة في حنان الله وحكمته. 3- ضرورة الاحتماء بمظلة الصلاة وروح التسليم طوال مسيرتنا ونحن نناقش موضوعا معينا، لنستطيع أن نضمن التدخل الإلهي بالصورة المناسبة وفي اللحظة المناسبة. 4- ضرورة أن تتاغم كل قوى النفس، وتعمل معا، بقيادة روح الله القدوس، فيأخذ كل من: الضمير والعقل والنفس والجسم والمجتمع، الدور المناسب، بالحجم المناسب. 5- أهمية سؤال الله باستمرار، والتشاور مع أب الاعتراف، والدخول في حوار هادئ وهادف، دون تشبث أو عناد، بل في إحساس بالضعف والقصور، والحاجة إلى مشورة بناءة. بعد كل ذلك... كيف أميز مشيئة الله؟ هل هناك علامات معينة استطيع بها أن أتأكد أن ما استقر عليه الرأي هو مشيئة الله؟ العلامات: يتصور البعض ضرورة أن يعطينا الرب علامات معجزية أو محددة، نتعرف بها على مشيئة الله، كأن نحلم بشيء، أو يحدث شيء محدد، أو نسمع كلمة معينة من شخص ما... الخ. ولكن هذا الأسلوب غير سليم لأسباب: 1- إن الله أعطانا روحه القدوس ليرشدنا إلى جميع الحق، فلا يصح أن نتعامل مع الله من باب الخرافات والتخمين والرؤى والأحلام، لأنه حاضر معنا، وعامل فينا وقادر على إرشادنا... 2- سهولة تدخل عدو الخير في هذه الأمور، إذ يعرف إلحاحنا عليها واهتمامنا بها، وهكذا يصور لنا هذه العلامة أو تلك ليسقطنا في حفرة... 3- احتمالات الخداع النفساني، فلا شك أن الأحلام مرآة لشهوات واهتمامات النفس، فإذا اشتهيت أمرًا ما -حتى إذا كان سلبيًا- فمن الممكن أن يدخل في أحلامي، ويحدث الارتباك... وحتى الانحراف.! وهكذا فالإنسان المؤمن لا يعلق نفسه بأمور غريبة، فكم أضاعت الرؤى والأحلام قديسين فقدوا الإفراز أو الاتضاع، وانساقوا وراء إيحاءات عدو الخير. وهناك باب في بستان الرهبان مخصص لهذا الخطر. كما أن القديس انطونيوس الكبير يعتبر فضيلة الإفراز أهم الفضائل، وبدونها تتحول الفضائل إلى رذائل. فهذا يصلى دون إفراز لدوافعه، فيطيل في صلاته طالبًا مديح الناس، فَتُحْسَب صلاته عليه ولا تبني حياته إطلاقًا، بل بالحري تضخم من ذاته فيسقط في الكبرياء... وهكذا. لذلك لا يصح أن ننتظر علامات غريبة لنعرف مشيئة الله في أمر ما، بل هناك روح الله القدوس، وهناك التفكير الإنساني، وأب الاعتراف، والأسرة والأحباء المشيرين... الخ. القرعة الهيكلية: يلجأ البعض إلى هذا الأسلوب لكي يتعرف على مشيئة الله، ولكن هذا الأسلوب غالبًا ما لا يكون مناسبًا... والحالة الوحيدة التي يكون فيها مناسبا تستلزم شروطًا صعبة التنفيذ وهي: 1- إن يكون الإنسان مخلصا تماما في التعرف على مشيئة الله، وتاركا النتيجة بصفة نهائية وحاسمة لله. 2- إن يكون الاختيار بين أمرين متساويًا تمامًا بحيث استحال على الإنسان أن يختار هذا ويترك ذاك. 3- ألا يتردد الإنسان بعد خروج النتيجة بل يعتبرها نهائية. وعموما، هذه الأمور صعبة التواجد في الحياة اليومية، إذ لابد أن يجد الإنسان -بروح الله، وبالتفكير، وبالمشورة- ما يجعله يرجح كفة على الأخرى. وما نلاحظه عمومًا أن الإنسان بعد خروج النتيجة يتضح انه: 1- إما كان يشتاق إليها فيستريح، وقد يكون اشتياقه على أساس خاطئ. 2- وإما انه كان ينتظر الرفض مثلا فتأتى النتيجة بالإيجاب (أو العكس)، فيطلب تكرار القرعة. 3- وإما انه أقتنع فيما بعد باختيار لم تفرزه القرعة فيتشكك... انه خالف المذبح. لهذا فيستحسن عدم اللجوء إلى القرعة الهيكلية عموما، ما لم تتوافر الشروط التي ذكرناها قبلا. وإذا ما تحير الإنسان فعليه أن يلجأ إلى المزيد من الصلاة والتفكير والتشاور والرب سيحسم الأمر لأولاده سلبًا أو إيجابًا بآلاف الوسائل. إن الآباء الرسل لم يلجأوا إلى القرعة إلا: 1- قبل حلول الروح القدس... 2- في حالة تساوى الاختيارات، فالشروط توافرت بالتساوي بين متياس ويوسف (أع1: 21-26). 3- فلنصلى من عمق القلب طالبين تدخل الرب، وإرشاده، وحسمه للأمور، وقطعا سيتدخل، ويوضح كل شيء! إذن كيف أعرف مشيئة الله إن مشيئة الله، حينما تتضح لنا من خلال الصلاة المتوترة التي تلح على روح الله، والتسليم الصادق لمشيئة الله عن ثقة واقتناع، والتفكير الهادئ الرزين، والحوار البناء مع آخرين... تحمل معها علامات معينة: 1- السلام الداخلى: إذ يحس الإنسان بصفاء نفسي وسلام داخلي نحو القرار الذي اتخذه، مع ضمير مستريح انه ترك للرب أن يحدد ما يختاره بحكم عمله الواسع وحنانه الدافق وقدرته اللانهائية. 2- موافقة الكتاب المقدس: إذ يستحيل أن يتعارض الاختيار الإلهي مع وصايا الكتاب، فما كان العمل المعثر والذي يسبب نكوصا على الإعقاب ليس من الله، وشريكة الحياة البعيدة عن المسيح ليست من الله، والقرار المادي الذي تفوح منه رائحة الطمع أو استخدام وسائل غير مشروعة ليس من الله... وهكذا. 3- سير الظروف: إذ يتحرك الإنسان تحت حمى مظلة الصلاة، تاركا للرب أن يتدخل بالصورة التي يراها، بحيث تسود مشيئته كل مشيئة. حينئذ سوف يتدخل الله قطعا، إما إيجابًا أو سلبًا أو تأجيلًا... وسوف يكون الإنسان في قمة الراحة لأي اختيار الهي من هذه الثلاثة، "لان شهوة قلبه مختارة أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن، وأحلى من العسل والشهد. عبدك يحفظها، وفي حفظها ثواب عظيم" (مز19: 10). وهكذا يتحرك الإنسان في الطريق دون توتر، ودون شهوة ذاتية أو مشيئة خاصة، وصرخة قلبه المستمرة: "لتكن مشيئتك" (مت6: 10). من حقه أن يطلب، حسب وصية الرب: "اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا" (مت7: 7) "لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" (في4: 6)، ولكنه يسلم كل شيء لله، تاركا له تحديد المسار، والنتيجة النهائية: "لتكن لا إرادتي بل إرادتي" (مت22: 42). وقديما قال الآباء: "سوف يأتي وقت فيه نشكر الله على الصلوات غير المستجابة أكثر من الصلوات المستجابة". ونحن كثيرا ما نطلب دون أن نأخذ لأننا حسب تعبير الرسول "نطلب رديًا لكي نتفق في لذاتنا" (يع4: 3). فلنطلب أولًا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لنا "(مت6: 33). فليعطنا الرب القلب المرتبط به، والحياة السالكة فيه، والأذن الواعية لصوته، لنتعرف على مشيئته المقدسة، ونصنعها بفرح قائلين: "طعامي أن اعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله" (يو4: 34). ولا شك أن مشيئته "صالحة ومرضية وكاملة" (رو12: 2). والآن أتركك يا أخي الشاب لتراجع ما قلناه، وإذ تقف متحيرًا: ماذا افعل؟ تسمع الصوت الإلهي: "سر أمامي وكن كاملًا، أجرك كثير جدًا" (تك15: 1)، (تك17: 1) الرب مع روحك.. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف عام الشباب
المزيد
20 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (6)الصدق

الصدق واهميتة فى حياتنا ما احوجنا الى الصدق الذى هو قول وصنع الحق والحقيقة وعدم الالتجاء الى الكذب والخداع والرياء سواء على مستوى علاقتنا بالله او بالناس او مع أنفسنا وذلك من أجل ان نبنى مجتمع راقى ومتقدم ونحن نرى المجتمعات المتخلفة تتفكك من أجل روح الاكاذيب والنفاق والشر التى انتشرت فيها ، بينما نرى دول تتقدم وتتطور لانها اتخذت من الصدق والأمانة فى الحياة والعمل قيمة روحية واخلاقية عليا فيها وحتى ان كانت قد بعدت عن الدين الا انها اتخذت من المبادئ الدينية السامية قيم عليا لها.وليست فضيحة بيل كلنتون ومونيكا ليونسكى ببعيدة عن الاذهان وقد عاقب المجتمع الامريكى رئيسه ليس لوجود علاقة له بمتدربة فى البيت الابيض ولكن لانه كذب على الراي العام هناك ولم يقل الصدق.هكذا نرى العلاقات بين الافراد والدول والجماعات يجب ان تقوم على الصدق والامانة والا فقد الانسان مصداقيته أمام الناس وساد الشك والانقسام والفساد والرياء والكراهية بما لها من نتائج سئية على الحياة الروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ان كم الفساد الادراى والمالى والسياسى الذى تم الكشف عنه فى مصرنا العزيزة وكم الأنتهاكات والتجاوزات والسرقات التى حدث فى الماضى وقادت الى الفقر والبطالة والمرض والثورة تحتاج منا الى وقفة حق وصدق مع النفس ومع الله والغير فلو نال كل كاذب عقابه وكل مرتشى جزائه او استٌبعد الفاسدون والكاذبون من مناصبهم لما وصل بنا الامر الى ما نحن عليه الان ولما كان يجرؤ أحد على السرقة والنهب فى المال العام كغنيمة وهو ملك لكل مواطن منا . فهل نفيق من سباتنا ونتعود على الصدق والأمانة أم يستمر استنزاف موارد ومقدرات الشعب لنواصل التخلف والفقر والمرض والظلم . يجب ان يكون للتوعية الاسرية والدينية والاعلامية والسياسية دورها الخلاق فى تنمية الضمير الأخلاقى للشعب وان نعى المسئولية التاريخية الملاقاة على عاتق كل واحد منا للأخذ بزمام المبادرة فى العيش والمناداة بقيم الصدق والامانة والحق والرحمة والمساواة حتى ننجح ونتقدم ونرقى الصدق هو دعوة وأمر إلهى وعلى كل انسان بأن يلتزمبالصدقوالصراحة والحق فى كل قوله وعمله وحياته تمثلا بالله الصادق { و انت يا الهنا ذو صلاح و صدق طويل الاناة ومدبر الجميع بالرحمة }(حك 15 : 1). ان الله صادق وامين ليس فى أقواله وأعماله بل حتى فى مقاصده ونواياه { يا رب انت الهي اعظمك احمد اسمك لانك صنعت عجبا مقاصدك منذ القديم امانة و صدق} (اش 25 : 1). { انا الرب المتكلم بالصدق} عش 19:45. ومن يقول الصدق والحق فانه يتمثل بصفات الله الصادق اما من يكذب فانه يصير متمثلاً ومتعلما من أبليس الذى قال عنه السيد الرب {انتم من اب هو ابليس و شهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء و لم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب} (يو 8 : 44) الصدق فضيلة روحية وقيمة اخلاقية جميلة ومحبوبة وهو من الفضائل الامهات أى التى تلد فضائل أخرى مثل عدم الكذب او الرياء او الخداع او المكر والشهادة للحق والأمانة فى العمل والبر والتقوى ومخافة الله وانجاز الوعود والعهود سواء المكتوبة او الشفاهية والتعامل بامانة مما يجعل الانسان الصادق يؤتمن على أسرار الناس ومصدر ثقة وقبول الله والغير من أجل هذا يدعونا الكتاب ان نجعل الصدق والرحمة والحق كقلادة فى أعناقنا وقلوبنا {لا تدع الرحمة والحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3).لان الشفاة الناطقة بالصدق تثبت {شفة الصدق تثبت الى الابد ، ولسان الكذب إنما هو الى طرفة عين} أم 19:12. وهكذا يحثنا الانجيل على الصدق { لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض} (اف 4 : 25). ويكفى ان نعرف ان الكذبة نصيبهم فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت لنقول الصدق ولانكذب { واما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الاوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني }(رؤ 21 : 8).من اجل هذا علينا ان نتحلى بالصدق والامانة وقول الحق. فالله هو االصادق والامين ويظهر صدقه وامانته ورحمته لنا حتى لو كنا نحن غير أمناء { ان كنا غير امناء فهو يبقى امينا لن يقدر ان ينكر نفسه} 2تيمو 13:2. وهو يدعونا للأمانة والصدق للنفس الأخير {كن أمينا الى الموت فساعطيك إكليل الحياة } رؤ 10:2. وليكن لساننا شاهدا على نقمة قلوبنا وينبوع حياة للغير{ فم الصديق ينبوع حياة و فم الاشرار يغشاه ظلم} (ام 10 : 11). السيد المسيح الصادق ودعوته للصدق:- لقد دعى السيد المسيح { الشاهد الامين الصادق} رؤ 14:3. وشهد بصدقه الاعداء قبل التلاميذ والمؤمنين { فلما جاءوا قالوا له يا معلم نعلم انك صادق ولا تبالي باحد لانك لا تنظر الى وجوه الناس بل بالحق تعلم طريق الله } (مر 12 : 14). وقال لنا انه الطريق والحق والحياة وبه نصل الى السماء { قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتي الى الاب الا بي} (يو 14 : 6).ولو لم يكن السيد المسيح صادقاً لما صنع المعجزات وأقام الاموات واشبع الالاف بخمس خبزات ولهذا نراه يصدق على شهادته باعماله {الست تؤمن اني انا في الاب والاب في الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال. صدقوني اني في الاب والاب في والا فصدقوني لسبب الاعمال نفسها}.يو 10:14-11{الحق الحق اقول لكم ان من يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني فله حياة ابدية ولا ياتي الى دينونة بل قد انتقل من الموت الى الحياة} (يو 5 : 24). لهذا فقد صدقنا وامنا بشهادته { الذي ياتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الارض هو ارضي ومن الارض يتكلم الذي ياتي من السماء هو فوق الجميع.وما راه و سمعه به يشهد وشهادته ليس احد يقبلها. ومن قبل شهادته فقد ختم ان الله صادق.لان الذي ارسله الله يتكلم بكلام الله لانه ليس بكيل يعطي الله الروح. الاب يحب الابن و قد دفع كل شيء في يده.الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله} يو31:3-36. {من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا لانه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه }(1يو 5 : 10) لقد دعانا السيد المسيح الى قول الصدق والحق والأمانة { ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل اوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم.ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير} مت 33:5-37. ورايناه فى صدقه وامانته يصب الويل على الكتبة والفريسيين المراؤون{ ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل. ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا.ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة.هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما} مت 23:23-28. وبصدقنا وأمانتنا نسمع صوته الحنون فى اليوم الاخير { فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت 25 : 21) يحزرنا السيد المسيح من الانبياء والمعلمين الكذبة { احترزوا من الانبياء الكذبة الذين ياتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (مت 7 : 15). ولاسيما في الايام الاخيرة التى يقوم فيها انبياء كذبة {ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين }(مت 24 : 11).{ ولكن الروح يقول صريحا انه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين.في رياء اقوال كاذبة موسومة ضمائرهم} 1تيمو1:4-2. فالكذب هو سلوك مرفوض {لا يكذب بعضكم بعضاً، قد خلعتم الإنسان القديم، ولبستم الإنسان الجديد} كو 3: 9- 10)، {وليصدق كل منكم قريبه، فإننا أعضاء بعضنا لبعض} (أفسس 4: 25). فالكذب يكون بمثابة عودة إلى الطبيعة المشوهة بالخطيئة، ويوقعنا في تناقض مع الإيمان بالمسيح . ولقد عاقب الله فى سفر الأعمال، حنانيا وسفيره بكذبهما على بطرس، لقد كذبا في الواقع على الروح القدس (أعمال 5: 1- 11). فالكذب هو خطية موجهه الى الله قبل ان تكون موجهه الى الناس وان كان الشيطان هو ابو كل كذاب فاننا اخذنا روح الشهادة للحق والصدق بايماننا بالمسيح {و من ملئه نحن جميعا اخذنا ونعمة فوق نعمة.لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا }يو 16:1-17. الصدق مع الذات:- علينا قبل كل شئ ان نكون صادقين أمناء مع ذواتنا وفى تصرفاتنا الخاصة واثقين ان انه ليس شئ مخفى على الله وان ابونا الذى يرى فى الخفاء يجازينا علانية .{ احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية. ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع و في زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك و اغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 1:6-6. نعم قد نصلى فى الكنيسة او مع جماعة المؤمنين او نعطى صدقة بدون ان نقدر ان نخفيها لكن يجب ان نكون قصدنا محبة الله والفضيلة لا بقصد ان نأخذ مجداً من الناس وقد قال الرب { مجدا من الناس لست اقبل }(يو 5 : 41).يجب اذا ان نتحلى بالتواضع { وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة }(1بط 5 : 5). ولا نفتخر ونمدح انفسنا او نرتدى قناعاً يظهرنا للناس اكبر من حقيقتنا { فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} (رو 12 : 3). فلنعرف حقيقة انفسنا ومواضع القوة فيها ونستخدم الوزنات المعطاة لنا من الله فى خدمة الله والغير وصنع الخير . ولا نجرى وراء مديح باطل او مجد زمنى { لانه ليس من مدح نفسه هو المزكى بل من يمدحه الرب} (2كو 10 : 18). كن اذا صادقاً من نفسك واعرفها لأنه من الطبيعي ومن المفيد ان تتأمل نفسك وافكارك ومواهبك وتنميها وابعاد شخصيتك وأن تحاول ان تفهمها بصورة أدق . وأن تعرف لماذا تفكر وتتصرف وتشعر على نحو ما تفعل. لتعرف الى أي مدى انت تختلف عن غيرك. لتعرف الى اين تسير واين المصير؟ لتعرف كل شيء عن نفسك . وليكن ذلك فى ضوء كلمة الله والضمير الصادق وارشاد الروح القدس فان ذلك هو الخطوة السليمة التى تخطوها في طريق الحياة الصحيحة المتكاملة والسعيدة . معرفتك لنفسك تساعدك على ان تستكشفها وتعرف ضعفاتها وقوتها وتعالجها وتتوب وتقلع عن كل ما فيها من رياء وكذب . وتعرف ما يجب ان تقوم به في الحياة وما تستطيع ان تتقنه، وما لا تستطيع.وبهذا تتخلص من الزيف وتكون صادقا مع نفسك { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26) وكلما اتسعت معلوماتك عن نفسك وشخصيتك وواقعك وأهتماماتك ازددت فهما لغيرك وامكنك ان تجد حلول لمشاكلك وتكون صادقا في تعاملك مع الامور غير المجدية في حياتك، وتتوقف عن اختلاق الاعذار، تمتلك الشجاعة الادبية فى الاعتراف بالخطأ ان حدث منك وتعالجه بالطرق السليمة والسعى الحثيث فى تنمية قدراتك الروحية والعقلية والنفسية { واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة} (1تي 6 : 6).ان الله قد وهب لكل منا الكثير من الاستعدادات والقدرات والامكانات وإن كنا لم نستثمرها او استخدمنا منها النذر اليسير ، فنحن مخلوقين على صورة الله ومثاله { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). لنا ارواح خالدة لا تموت ونستطيع بها ان نحلق فى السماء اذ تتطهر وتستنير عندما يكون لها شركة ومحبة واتحاد بالله ولنا عقل جبار به وصل الانسان للقمر واخترع الباخرة والطائرة والكمبيوتر والنت وكل وسائل الاتصال الحديثة وكل العلوم الحديثة ، ولنا العواطف الجياشة التى تخلق من عالمنا فرودس او جحيم بحسب ما نوجهها الى الخير او الشر . فلنكن صادقين فى المحبة للنمو ونبدع { بل صادقين في المحبة ننمو في كل شيء الى ذاك الذي هو الراس المسيح }(اف 4 : 15). فلنتوب عن أخطائنا ونعترف بخطايانا ولنقلع عنها ونحيا الصدق مع أنفسنا ومع الناس. ومع الله الذى لايمكن ان نغشه او نخدعه لان ما يزرعه الانسان اياه يحصد فلنزرع زرع الصدق والبر والخير { فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16 : 27). لكى ندرب أنفسنا على الصدق والامانه أضع هنا بعض التداريب البسيطة كامثلة للتفكير : فكر قبل الاجابه على الاسئلة وقل بماذا كان السيد المسيح يجيب عن هذا السوال لو وجه له ؟، فكر قبل ان تتحدث وما تراه ليس صدقا او مفيداً لا تتحدث به ،استمع كثيرا موجهاً الحديث للخير وعدم الادانة. لا تأخذ شيئا مما فى عهدتك او عملك من ملكية عامه لتستخدمه كشئ خاص بك ، لا تدخل فى جدال او نقاش فى موضوعات لا تعرفها مدعياً معرفتها وان ثبت ان رايك خطأ فاعتذر بلباقه وادب .احترس من التعميم ولا تصدر أحكاما ضد الاخرين بل استفسر عن ما لا تعرف، ارجوك لا تفتى وتدعى المعرفة ابداً فى أمور تجهلها بل اعرف الطريق الى لا أعرف! . لا تبالغ فى شئ بدافع المباهاه والافتخار الباطل واقتنع بان حبل الكذب قصير وان الصدق يكسبك ثقة الناس والله. الصدق مع الله:- نحن نؤمن بان الله عالم بكل شئ حاضر بلاهوته فى كل زمان ومكان { وليس خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا}(عب 4 : 13). فلهذا يجب ان نكون صادقين له فى عبادتنا وصلواتنا وتعاملاتنا وقديما عاتب الرب الشعب { فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب الي بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني } (اش 29 : 13). وهذا ما عاتب عليه السيد المسيح ايضا البعض { فاجاب وقال لهم حسنا تنبا اشعياء عنكم انتم المرائين كما هو مكتوب هذا الشعب يكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مر 7 : 6). لقد طلب الله ان نحبه من كل القلب والفكر والقدرة { تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك }(لو 10 : 27).فهل نحن صادقين فى محبتنا وصلواتنا. ام حتى فى صلواتنا نصلى بلا روح ويطيش فكرنا هنا وهناك { ان قلنا انه ليس لنا خطية نضل انفسنا و ليس الحق فينا.ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم. ان قلنا اننا لم نخطئ نجعله كاذبا وكلمته ليست فينا} 1يو8:1-10 الله يحب الصدق ويكافئ الصادقين الامناء ويطلب منا ان نكون هكذا { فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها} (لو 12 : 42). والانسان الامين الصادق على الوزنات المعطاة له يسمع فى اليوم الاخير { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} (مت 25 : 23). وان كان البعض غير أمناء فان ذلك لا يبطا أمانة الله{ فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء افلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله.حاشا بل ليكن الله صادقا و كل انسان كاذبا كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك و تغلب متى حوكمت} رو3:3-4.فلنعرف اذا الله بصدق ونعبده بالروح والحق { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). يجب ان نتحلى بالايمان والوفاء الاعتراف الامين لله والشهادة لمحبته ولا ننكره لا باقوالنا او بأعمالنا او تصرفاتنا حتى لا نسمع ذلك الصوت القائل { اقول لكم لا اعرفكم من اين انتم تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم }(لو 13 : 27). لقد عاش ابائنا أمناء للرب الذى أحبهم فى جهاد روحي وتعب واسهار واقتنوا الفضيلة والصدق والامانة بالدموع والدم فمنهم من كان يربط شعره فى الحائط لكى لا ينام ويسهر فى الصلاة كالانبا بيشوى ومنهم من كان يقف للصلاة والشمس خلفه ويظل واقفا الى ان تشرق الشمس فى وجهه كالانبا ارسانيوس ومنهم من نفي بعيداً فى ظروف قاسية لسنين طويله مجاهدا لحفظ الامانة والايمان كالقديس الانبا اثناسيوس وديسقورس ومنهم الالاف الذى سجنوا وعذبوا ولم يقبلوا ان ينكروا ايمانهم ومنهم من تقدم للاستشهاد بالالاف عبر العصور فى سبيل حفظ الأمانة وتوصيل الايمان القويم لنا وهذا ما يجب علينا العيش به والدفاع عنه والشهادة له { و ما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا (2تي 2 : 2). الصدق مع الناس:- عندما أتي اخوة يوسف ليبتاعوا قمحا من مصر وكانوا قد باعوه حسدأ وكذبوا على اباهم وقالوا ان وحش ردئ افترسه ! عرفهم يوسف وتنكر لهم وساله عن اباه واخوه بنيامين { ارسلوا منكم واحدا ليجيء باخيكم وانتم تحبسون فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق والا فوحياة فرعون انكم لجواسيس} تك 42:16. فقالوا بعضهم لبعض { حقا اننا مذنبون الى اخينا الذي راينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة. فاجابهم راوبين قائلا الم اكلمكم قائلا لا تاثموا بالولد وانتم لم تسمعوا فهوذا دمه يطلب. وهم لم يعلموا ان يوسف فاهم لان الترجمان كان بينهم. فتحول عنهم وبكى ثم رجع اليهم وكلمهم واخذ منهم شمعون و قيده امام عيونهم....وقال يوسف لاخوته انا يوسف احي ابي بعد فلم يستطع اخوته ان يجيبوه لانهم ارتاعوا منه.فقال يوسف لاخوته تقدموا الي فتقدموا فقال انا يوسف اخوكم الذي بعتموه الى مصر.والان لا تتاسفوا ولا تغتاظوا لانكم بعتموني الى هنا لانه لاستبقاء حياة ارسلني الله قدامكم} تك 21:42-24، تك 3:45-5.ان الكذب حبله قصير ولابد ان يعلن الحق وتظهر الحقيقة فيجب ان نتحلى بالصدق فى اقوالنا وتصرفاتنا واعمالنا مع الاخرين . بيوت كثيرة بل بلاد خربت وتحطمت بسبب الكذب والرياء والنفاق ان الصدق يورث الملكوت ونصيب الكذبة هو الجحيم من اجل هذا قال المرتل { يا رب من ينزل في مسكنك من يسكن في جبل قدسك. السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلم بالصدق في قلبه. الذي لا يشي بلسانه ولا يصنع شرا بصاحبه ولا يحمل تعييرا على قريبه. والرذيل محتقر في عينيه ويكرم خائفي الرب يحلف للضرر ولا يغير. فضته لا يعطيها بالربا ولا ياخذ الرشوة على البريء الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر} مز1:14-5.ولقد قبل السيد المسيح المرأة السامرية رغم خطاياها لانها كانت صادقة معه فى حديثها ومن ثم توبتها {لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الان ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق }(يو 4 : 18) لذلك يدعونا الكتاب الى الصدق نحو بعضنا البعض { لذلك اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض }(اف 4 : 25) قلنا يجب ان نقول الصدق مع الاخرين سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع وهنا اود ان اذكر ايضا القراء باهمية الافراز والحكمة فيما نقرأ وان لا نصدق كل ما نقرأه ولا ننقله الا بتاكدنا من صحته لان وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية تنقل لنا سيل من الاخبار والاقوال والكتابات الكاذبة سواء بقصد او بحسن النية وعدم تحرى الدقة . ان الاعلام الموجه يبث الدعايات الكاذبة بمقاصد ليس خافية على العارفين فيجب علينا ان نكون حكماء ولا ننساق وراء الاكاذيب او فيض الدعايات الكاذبة والمضلله فى مختلف المجالات . كما نحذر الذين يبثون الاكاذيب بقول الرب { ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين (مت 12 : 36). هذا من جهة الله أما الناس فقد ينخدع البعض بدعاية كاذبة لبعض الوقت ولكن الحقائق لابد ان تنكشف سريعاً ويفقد الكاذبين سمعتهم ومصداقيتهم امام الناس. لكى أكون صادقا ايها الرب القدوس الصادق والأمين لتكن انت الراعى الأمين لنفوسنا وتهدى ارجلنا فى دروب الحق والصدق والأمانة لنعرفك ونخافك ونتبعك ونحرص على رضاك والعمل بوصاياك لا خوفا من العقاب ولا طمعاً فى الثواب بل لانك ابونا وخالقنا ورازقنا ومعلمنا الذى يريدنا ان نكون على صورته ومثاله فى حب الخير والامانة والقداسة والكمال ايها الرب الاله القادر على كل شئ هبنا القدرة لنقول ونعمل الواجب واعطنا الشجاعة لنقول الحق ونأخذه من أنفسنا قبل ان نطالب به الأخرين وهبنا الحكمة لنعرف متى نتكلم وماذا نقول ومتى نصمت ولا يكون صمتنا تكاسل او هوى او تقصير فى قول الحق . هبنا النعمة ليكون قولنا واعمالنا وكل حياتنا من أجل محبتك وخلاص نفوسنا وفائدة الغير وحباً للخيرعلمنا يارب ان الصدق خير طريق للشهادة للحق وللانسانية الحقة وان الكذب مرض قاتل يجعلنا ابناء لابليس وجنوداً للشر ، وان الامانة سر تقدمنا كما ان الأمين على القليل ستقيمه على الكثير. ونحن يكفينا ان نتاجر بالوزنات القليلة التى بين ايدينا لنسمع صوتك الحنون قائلاً : تعالوا اليٌ يا مباركي ابى رثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم. أمين القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
19 يوليو 2020

الخادم والمفقودين ج2

سبق أن تحدثنا عن خدمة المفقودين ورأينا مقدار أهميتها...إذ أنها تُعتبر من أهم الخدمات التي نكاد نهملها مع كثرة انشغالاتنا رغم ضرورتها، وقد تعلمنا من مخلصنا الصالح في أثناء خدمته كيف يبحث عن التائهين والمتروكين والمنسيين.+ ومعه نجد كل النماذج.. فالبعض ذهبوا اليه مُقدِّمين إرادتهم له مثل الأبرص وزكا العشار. والبعض انتظرهم مثل الابن الضال. والبعض ذهب إليه محمولًا بأيدي الآخرين مثل المفلوج. والبعض الآخر ذهب هو إليهم لعدم قدرتهم على المجيء بأنفسهم مثل مريض بركة بيت حسدا، وكذلك السامرية التي سافر من أجلها وجعل من مكانها محطة هامة له لابد أن يجتاز منها، وجعل لقاءها مكافأة لتعبه، وتودّد اليها لتفتح قلبها وتكلمه.. فتعب مع واحدة، فأحضرت له مدينة...وهنا يعلمنا أن نذهب ونطلب ونساعد المفقودين والمطروحين والهالكين.+ تعلمنا من رعايته في سفر حزقيال كنموذج للراعى الأمين «اطلب الضال وأسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح وأبيد السمين والقوي وأرعاها بعدل» (حز34 : 16). ويستمر في تحذيرنا: «المريض لم تقوّوه، والمجروح لم تعصبوه، والمكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه، بل بشدة وبعنف تسلطتم عليهم» [٢-٤]، إذ يتحول قلب الخادم عن الاهتمام بالمخدومين إلى ذاته فيرعى مصالحه الخاصة، ويعمل لحساب كرامته الشخصية أو ممتلكاته أو راحته الجسدية... عوض أن يهتم باحتياجاتهم ومصالحهم. إنه لا يُبالي بالمريض أو المجروح أو المكسور أو المطرود أو الضال، بل يهتم بأنانيته. مثل هذا لا يُحسَب راعيًا بل أجيرًا، يطلب الأجرة لا البنوة، بل وأحيانًا يُحسَب لصًا يسرق الرعية عوض أن يصونها ويسندها.+ يوجد أجراء يعملون في الكنيسة، يقول عنهم الرسول بولس: «يطلبون ما هو لأنفسهم لا ما هو ليسوع المسيح» (في٢: ٢١). ماذا معنى: "يطلبون ما هو لأنفسهم"؟ أي لا يحبون المسيح مجانًا. لا يطلبون ما هو لله بل يطلبون المنافع الزمنية، يفغرون أفواههم للربح، ويولَعون بطلب الكرامة من الناس. متى اشتهى أي خادم أمورًا كهذه، وكان يخدم الله لأجل نوالها، فإنه مهما يكن هذا الإنسان يُحسَب أجيرًا ولا يقدر أن يحسب نفسه بين الأولاد، لأنه عن مثل هؤلاء قال الرب أيضًا: «الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم» (مت٦: ٥)...الأجراء موجودون أيضًا بيننا، لكن الرب وحده يفرزهم، ذاك الذي يعرف القلوب هو يفرزهم، وإن كنا أحيانًا نستطيع أن نعرفهم، لأنه لم ينطق الرب باطلًا في حديثه عن الذئاب: «من ثمارهم تعرفونهم» (مت٦: ١٧).+ ولنتعلم من القديس بولس الرسول كيف نذكر أناسًا ونحن باكين، ولنتعلم كيف ننذر بدموعنا من لا نستطيع الوصول اليهم، فمهما ابتعدت المسافات تظل الأيدي مرفوعة من أجلهم، ولا نفتر عن أن ننذر بدموع كل واحد، فتجذبهم بحبال محبتك، ولا تطمئن ولا تسكت إلّا وقد رجعوا إليك... القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
18 يوليو 2020

المقالة السادسة في مشابهة الأمثال،وفي المخافة الإلهية

من يؤمن بابن اللـه له حياة دائمة، من يؤمن بابن اللـه لا تتعرقل خطواته ولو سلك في النار لا يحرقه اللـهيب، من يؤمن بابن اللـه كما قال الكتاب: تجري من بطنه أنَهار ماء حي.الحطب الكثير ينمي اللـهيب ومخافة اللـه تكثر المعرفة في قلب الإنسان والعمل يحقق العلم.فق كثيراً إذا كنت تزرع بزار سيدك لئلا يخلط فيه زارع الزوان شيئاً من بذوره لأنه له عادة أن يعمل في الخير الشر، فلنطلب من الرب النعمة ليعطينا معرفةً وفهماً لنتيقظ في كل شيء.الكور يختبر الفضة والذهب ويصفيهما وتقوى الرب تُهذب أفكار الناس وتنقيها.الصائغ الجالس وراء السندان يعمل أواني حسنة نافعة كذلك مخافة اللـه تجرد كل فكر خبيث من القلب وتنظفه وتبرز ألفاظاً بمعرفة.فلنعطِ مجداً لمن منحنا مخافته في قلوبنا لأنه هو الذي يفيد الإنسان علماً.بدء الحكمة تقوى الرب ؛ والفهم صالح نافع لكل من يعمل به.العبادة الحسنة للـه بدء حسن، الحكيم يحفظ وصايا المسيح ومن يسلك فيها لا يخزى إلى الأبد ؛ ومن يهملها فذاك جاهل ورجائه باطل. من يحفظها بتحقيق فذاك قد أنتقل من الموت إلى الحياة ؛ ولا يعاين إلى الأبد ظلاماً ؛ وفي يوم وفاته يجد دالة ونعمة، وملائكة أتقياء يرشدون نفسه، وأساسه على الصخرة التي لا تتزعزع ويصير وارثاً للحياة الخالدة.هذا هو المغبوط لأنه عرف أن يصنع مشيئة خالقه، إذا ضُربَ البوق يستعد الجيش للحرب لكن في أوان الجهاد ليس الكل محاربين.كثيرون عباد بالزي وقليلون هم المجاهدون. في وقت التجربة تظهر دربة العابد وخبرته. قبل الوفاة لا تغيظن أحداً وقبل الموت لا ييأس أحداً. لا تقل عن ذاتك إنكَ صدِيق ولا عيب لك قدام اللـه فإن الأشياء التي نسيتها أنت تلك ظاهرة قدام اللـه.يجب أن نتيقن إننا إن صبرنا له يكون لعملنا ثمر. أشاء أن أكون عاملاً وممدوحاً عند الإخوة أكثر من أن أكون مخالفاً للوصايا ومرفوضاً عندهم. من يتعلم ويعرف كل كتاب ويعرض عن وصايا المسيح يُضرب جلدات كثيرة، ومن يعمل مشيئة الرب فذاك يحسب رجلاً كاملاً، ليس المكان يجعل الإنسان تاماً بل الفرز ‘ الإفراز ’.فليكن للضعفاء موضع معتدل الحد. من هو الرجل الكامل ؟ هو من يحب الرب بالحقيقة وقريبه كما يحب نفسه، أتقِ الرب فتجد نعمة لأن خشية الرب تولد أحوالاً وعادات تتقوم بِها الفضائل، فأما عدم المخافة فتنتج غيرة مرة ومحكاً ونظائرهما. مخافة الرب ينبوع الحياة، مخافة الرب تثقف عقلاً عاقلاً، مخافة الرب صيانة للنفس، مخافة الرب تعطي للمتقي الرب نعمة في كل تصرفه، مخافة الرب مدبرة للنفس، خشية الرب تضىء النفس، مخافة الرب تذيب الخبث تقوى الرب تنقض الآلام، مخافة الرب تنمي المحبة.خشية الرب تجفف كل شهوة رديئة، مخافة الرب تقطع اللذة، خشية الرب مأدبةً للنفس لأنَها تبشرها بآمال صالحة، مخافة الرب تقلد طرق السلامة، خشية الرب تملأ النفس من الروح القدس وتعطيها لواء ملكوت السماوات. ليس في الناس أعظم قدراً من المتقي الرب، المتقي الرب يضاهي نوراً يرشد الأكثرين إلى الخلاص، المتقي الرب يشابه مدينةً حصينةً موضوعةً فوق الجبل ومن قدام وجهه يتفرق الجن الخبثاء، النفس التي تخاف الرب مغبوطة لأنَها تتقدم فتبصر أمامها القاضي العادل كل حين، إن كنت تتقي الرب فأحفظ وصاياه فلا تخزى. يوجد من يترك موضعه من أجل فضيلة ويوجد من يخلي مكانه التماساً للبطالة وعدم الخضوع، ويوجد من يضطهد من أجل ميراث ويوجد من يفحص عن أشياء كثيرة مريداً أن يتعلم الحكمة ؛ ويوجد من يستفحص عن معجمات كثيرة ابتغاء للسبح الباطل. ويوجد من يحاضر ويجاهد من أجل محبة المسيح ويوجد من يجري ويجتهد من أجل المجد الفارغ، يوجد من يخضع ويطيع من أجل وصية المسيح ومن يخضع ويذعن من أجل درجة وفائدة قبيحة. يوجد من يمدح قريبه من أجل استرضاء الناس ومن يمدح قريبه من أجل وصية المسيح، يوجد من يثلب قريبه من أجل نَهم البطن ومن يواضع ذاته من أجل وصية المسيح. يوجد من يثلب ذاته من سفاهة ؛ ومن يكون شديداً من أجل محبة الفضة، يوجد من يعمل كثيراً من أجل الصدقة ومن يعمل في وقت لا يجب أن يعمل وفي أوان العمل لا يعمل. يوجد من يرتل ويصيح في وقت لا يجب ذلك وفي وقت الترتيل يسكت أو يكلم قريبه كلاماً بطالاً، يوجد من يسهر وقت لا يصلح السهر وفي وقت السهر يتذمر. قد كتب أن الجحيم والهلاك ظاهران عند اللـه فكيف لا تكون قلوب الناس ظاهرة عنده. بدء السيرة الصالحة الدموع في الصلاة أما استماع الكتب الإلهية فهو ابتداء العقل المقسط. ربوات كتب في أذان الجاهل تحسب لا شيء ومن هو الجاهل إلا المتهاون بمخافة الرب. قد كتب أن قلب الحكيم يقبل الوصايا، وأعطي الحكيم شيئاً فيكون أوفر حكمة، أعرف المقسط المحق وعلمه فيزيد في قبولك. الابن المؤدب يكون حكيماً والجاهل يستعمل خادماً. ذوو الغنى العاجزون يصيرون محتاجين أما ذوو الجزالة فيتأصلون في الغنى، الحكيم إذا خشى جنح عن الشر والجاهل إذا وثق بنفسه يختلط بالأثمة. الحاد الغضب يبيع بغير مشاورة والرجل العاقل يحتمل أشياء كثيرة، أكرم الرب فتكون مناهجك ممهدة، أكرم الكاهن والشيخ لتوافى إليك بركة أفواههما، أكرم الشيوخ لأنَهم قد خدموا المسيح كثيراً، أكرم إخوتك لأنَهم عبيد المسيح لكي ما تُحَب منهم. يا أخي إن أحببت السكوت فستعبي غناك بسكون، من يهرب من سكوت قلايته يتخيل الأمور الأرضية، والمهتم بالصناعة يشتهي الأشياء المعدة للقديسين في السماوات. الرب قد تقدم فعرف أفكار العابد إذا اشتهى الكهنوت، فالكهنوت درجة عظيمة إذا أُكملت بلا دنس. الملك المحب للمسيح يُطَوَب لأنه خلف تذكاره للبركة ومدحه في السماء وعلى الأرض، والملك الكافر لا يعرف في حياته حكمة وإذا توفي فقد ترك ذكره للعنة وعاره لن يمحى إلى الأبد. كرسي المؤمن مثبت إلى الدهر، القاضي المبتغي العدل تباركه أفواه الصديقين، والظالم لا تُرحم نفسه لأنه لم يعمل على الأرض حُكماً عادلاً، قد كتب من يُغضِب فقيراً يصنع لذاته أسواء كثيرة. لا تغضب فقيراً لأنه مسكين، ولا تشتم عليلاً أمام الباب لأن الرب يحكم حكومته لأنه قد كتب أنقذ المأخوذين إلى الموت، ولا تُسلم عبداً إلى يدي سيده لئلا يلعنك فتبيد وتَهلك، لأنه قد كتب من يشمت بالهالكين لا يتزكى ومن يتحنن عليهم يُبَارك. المؤمن له العالم وأمواله أجمع، والغير مؤمن لا فلس له، من يرحم مسكيناً يقرض اللـه ونظير عطيته يجازيه، فقد كتب ميزان كبير وصغير ومكاييل مثناه نجسة عند اللـه كلها، من يحفر حفرة لقريبه يسقط فيها. أتقي الرب فينقذك في اليوم الشرير. الملك الحسن التدبير يهتم بمواني البحر، والمجرب في الفهم لا يتوانى في حدود حصونه والفريقان كلاهما يشرفان في الملك لكثرة تدريبهما ويقظتهما. الملك المؤمن يتذكر كل حين الدينونة الدهرية ؛ ومن يتذكر القاضي العادل لا ينسى حرية النفوس التي في الشدائد والضيقات والمحصورة في المحابس والمنافي. الطوبى للرجل الذي يقتني بالسلطان الوقتي المجد الباقي لأن من هو اليوم ملك غداً يتوفى، ومن يعمل مشيئة الرب يثبت إلى الأبد، الطبيب الحاذق في تجربة الأمور يصير مجرباً، التنعم الكثير يولد آلاماً وأمراضاً، والعمل المتعب فيه تعب في الحاضر وبعد التعب ينتج عافية وصحة. أيها العابد لا تشتهي لحماً ولا تشرب خمراً للسكر لئلا يتلف ذهنك ولا تفني منك المهمات العالمية، أكسح النخلة فتسموا إلى العلا وأجتز من النفس الأمور العالمية فتعلوا إلى الفضيلة. من يُقرَف أو يُظلَم فيحتمل فهو يشبه من قد حبس سبعاً في قفص، أما من يخاصم فيشبه من يفسد ذاته. أمر حسن أن توجد في الصلاة الجامعة قبل الكل وتركك إياها من قبل انتهائها من غير اضطرار ليس حسن، أصبر أيها الأخ وأسمع الكتب الإلهية لكي ما تنتفع لأن كما أن السائر في الحر حلوٌ عنده كأس ماءٍ بارد هكذا الأقوال الإلهية تندي النفس. إن شئت أن تسمع فأصبر ؛ وإن سمعت ستكون حكيماً، وإن كنت تحتمل بتثقل ثقل استماع الكلام فكم بالحري العامل فمن هنا تعرف ذاتك إنك متوانٍ. إذا دخلنا إلى بيت اللـه فلا يكون ذهننا طموحاً يتنزه بل فليشتغل إنساننا الباطن بنظر اللـه والصلاة، وإذا صلينا وقلنا يا أبانا الذى في السماوات فلنتحرز أن تخطر لنا الأفكار شيئاً آخر فتزعج ذهننا وتكدره. وإذا وقفت في الصلاة فأعرف بين يدي من أنت ماثل ولتكن نفسك وقلبك كله ناظراً إليه تفهم ما أقوله، إذا أخذ إنساناً بيده صرة دراهم ومضى إلى الموسم ليبتاع بقراً هل يتأمل الخنازير ؟ وإن أراد أن يبتاع حميراً، هل يتفرس في الكلاب ؟ أليس كل فكره منتصب في الأشياء التي يشتهيها لئلا يسخر به فيضيع الذي بيده باطلاً. وإن كان الأخ الواقف إلى جانبك مريضاً بالجسم ويتفق له أن يسعل أو يبصق كثيراً فلا تتضجر منه لكن اذكر أن كثيرين بذلوا ذاتَهم لخدمة سقماء ومجروحين. وإذا كنت معافى في جسمك فلا تترفع لكن خف فإن كل إنسان في يدي يسوع المسيح مخلصنا مثل معزفة كثيرة أوتارها في يدي الرجل. وقد كتب أن أنظار الأشرار دائماً تتقبل الأسواء ؛ والصالحين فستكون كل حين في مناهج الحياة التي فيها معقولات ؛ الفقيه ليجنح عن الهاوية ويخلص، لأنه قد كتب أن الغير مؤدب لا يحب اللذين يوبخونه ولا يخاطب الحكماء. ومن يشتم فقيراً يخطئ، ومن يرحم المسكين يطوب إذ قد كتب إن سقط عدوك فلا تشمت به ولا تعجب بعثراته فإن الرب يبصر ذلك فلا يرضيه ويصرف نظره عنك. من يصم أذنه لئلا يسمع الضعفاء سيستغيث ولن يوجد من يسمعه. لا تفتخر بالأمور التي في غد فإنك لا تدري ماذا يولد اليوم الآتي، لا تعمل سوءاً فلا تدركك المساوئ، لا تحب أن تغتاب أحداً لئلا تنتزع فإنه قد كتب من يجاوب كلاماً قبل أن يسمع فذلك سفاهة له وعار، لا يفرح الأب بالابن العادم الأدب، والابن المتأدب يكون حكيماً. الحكمة ليست بكثرة تعلم الكتب بل كما كتب بدء الحكمة تقوى اللـه ؛ ومعرفة الشريعة إنما هي العزم الصالح ؛ الأمانة تنتج العزم الصالح والعزم الصالح يولد أنْهار ماء حي ومن يقتنيه يشبع من ماءه. بغير زيت لا يوقد السراج وخلواً من الأمانة لا يمكن أن يقتنى العزم الصالح لأنه قد كتب من يقصي الأدب يمقت ذاته، ومن يحرز التوبيخات يحب نفسه. لا تتكردس بسرعة إلى الخصومة لئلا تندم في أواخرك، الاسم الممدوح مأثور أكثر من الغنى الجزيل، والنعمة الصالحة أكثر من الفضة والذهب. بغير صبر لا يبنى البرج وبلا معرفة لا تقتنى فضيلة، ليس للصبر وزن يعادله إن أمتزج به التواضع، موهبة الصبر تعطى من الرب للذين يحبونه والذين يتمسكون بِها ينقذون من غموم كثيرة. الجاهل يكثر أقواله ومن يشفق على شفتيه يكون فقيهاً، العابد العاقل إذا بعث في خدمة يذهب بزي جميل والذين يبصرونه يعطون للرب مجداً، والجاهل أو السكران يفضح زيه في القرى بقباحة فيخجل رئيسه وإخوته. عدم التقوى يولد فكر الحداثة ؛ وخشية الرب تجعل الشباب شيوخاً، أكرم الرب ولا تفتن عالمياً، ماثل صموئيل النبي فإنه أرضى اللـه ونفع الناس، وأولئك الذين عدموا التقوى سقطوا بالسيف. لا تعطي الشاب الجموح دالة ولا تطلق شيخاً أن يفعل أفعالاً غير واجبة فإن المتقي الرب يهتم بشعبه. التورع والتواضع والمحبة تعلي رأس العابد، وفي أوان افتقاده يلمع شارقاً، بغض أو حسد مخبوء في ورع هو ماء مر في آواني ذهب فأطرح فيه عود الحياة فيحلوا لأن الماء حليت من العود فيضمحل منه كل اغتيال الغاش. بصليب مخلصنا يسوع المسيح تضئ المحبة عين الذهن ومن يحب العداوة والمحك فذاك يضاهي من يدخل يده بمداومة إلى جحر أفعى. الدودة في الخشب كالسبح الباطل في العابد وألم محبة الفضة في قلب الإنسان، لا تعلِ ذاتك لئلا تسقط وتجتلب لنفسك هواناً لأن الرب يعضد الورعين ويذل الخطاة إلى الأرض، من يعلِّ ذاته يصنع لنفسه هواناً، ومن يخدم قريبه بتواضع يشرف. من يتحنن على قريبه في يوم حزنه يتحنن الرب عليه في كل حين لأن رحمة الإنسان كخاتم معه. رُب إنسان إذا ما استولى على شيء يظهر رحوماً ووديعاً ثم إذا نال سلطاناً ينتصب نشيطاً يأمر ويوعز بلا تمييز فإن انتزعت منه الرياسة لا يستطيع احتمال الأوامر المأمور بِها منه فذلك كجاهل لم يعرف ضعفه. يا أخي في كافة أعمالك تذكر أواخرك فلا تخطئ إلى الأبد، لا تعجب بكلامك ولا تتغطرس بل واضع ذاتك فإن طائلة المنافقين نار ودود. أقتني خشية اللـه لترهبك الشياطين لأن الأشياء المصنعة دائماً باطلة، إن آثرنا كلنا أن نأمر ونترأس فمن هو المأمور والمطيع، إن اشتهينا كلنا الكرامة فمن يزرع الكرامة. الرجل الحكيم يستعفي من أن يأمر لا من أن يؤمر مكملاً وصية القائل: من يشاء أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً ؛ ومن يريد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداً ؛ كما أن ابن الإنسان ما جاء ليُخدَم بل ليَخْدُم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين. إذ اُنصبت مديراً فلا تشمخ بل صر بين الإخوة كواحد منهم. كرر التفكر في أتعابك القديمة وأعرف أن أُولئك قد تصرفوا في مثل تلك الأتعاب ولا تتوانى بِهم بل أهتم فإنه قد كتب أن شرف الملك بالأمة الكبيرة، وبنقص الشعب ينصحق المقتدر. الإنسان الطويل الأناة كثير الحظ في العقل والصغير النفس جاهل جداً، نصلي أن نؤهل لموهبة فإذا أهلنا لها نتهاون بِها، من يهتم بأخيه بتأديب الرب ووعظه تكون نفسه حسنة الرضاء عند الرب، ومن يتهاون بحياته يخطئ إلى اللـه. لا تفرح بنقص أدب إخوتك لأنك لا تأخذ من الإهانة شرفاً ؛ ولا تحسد نجاح إخوتك فإن الكتاب يقول: ليس لي أعظم من هذا الفرح أن أسمع عن أولادي سالكون في الحق. وقد كتب: أن الذين لا سياسة لهم يسقطون كالورق. والخلاص إنما هو في المشاورة الجزيلة، إن كان الأخ عالماً فلا تُحزن روحه إن سلك سلوكاً باراً لكن كما استبان ليعقوب وجه لابان السرياني هكذا فليبصر وجهك. أفأنت تدعي عالماً فأعرف ذاتك من أعمالك لأنه كما أن الجسم بغير روح مائت كذلك العالم خلواً من العمل باطل، علامة السيرة أن الفضيلة في الشاب العابد هو الابتعاد من كثرة النبيذ ومن إكثار الكلام بتواضع. ومن يحب هذين لا يكمل سيرة ذات فضيلة، لا تلزم أخاك أن يشرب خمراً للسكر وإن كان قد ذاقه في مدة من الزمان، لأن المركب يصلح للسفر زماناً طويلاً وإذا صدم لحظة فيكسر. ولتحب نفسك شاباً وديعاً لكن لا تضع عليه ثقلاً يفوق طاقته كي تنجى بالرب نفسه وإذا ظهر رئيس الرعاة تأخذ إكليل المجد الذي لا يضمحل. حصن بيتك من كل جانب ولا تسمح أن ينقب في بدء تحصنك أياه لئلا يدخل اللص من النقب فيسلب منزلك وتكون أنت سبباً لهلاكك. أعطي المحتاج ولا تقل أنه لا يحتاج أهتم به لئلا تدان كالغير ودودين ولا رحومين. فلنسمع يا إخوتي من القائل: إذ لنا قوت وكسوة فلنكتفي بِهما. فالذين يريدون أن يستغنوا يقعون في تجربة وفي فخ، وفي شهواتٍ كثيرةٍ غبيةٍ ومضرةٍ تغرق الناس في الفساد والهلاك لأن أصل الشرور كلها محبة الفضة. بكل طاقتك أكرم أباك ولا تجعل فرائض الذي ولدك بالرب منقوضة فإنه بِهذه الحال لا يتقوى عليك الجن الخبثاء المتجبرون، واضع نفسك قدام الرب جداً فتجد نعمة فإن منازل الشتامين يقتلعها الرب وينصب عوضهم الودعاء. ولا تعيرون إنساناً راجعاً عن الخطية ؛ ولا تشتم رجلاً في شيخوخته لأن الشيوخ شاخوا منا، ولا تتوانى عن عليل لأنه قد كتب: من يصم أذنه لئلا يسمع من المرضى يستغث ولا يجد من يسمعه ويسير ممقوتاً في مسكنه. من يحمل قولاً من بيت إلى بيت فهو فاعل مخزي فالرجل العاقل يستعمل الصمت. لا تدخل إلى قلاية أخيك قبل أن تقرع بابَها فإنه لا يوافق الاضطراب للصمت. المدبر الفهيم يدهن نفوس إخوته بوعظ الرب وتعليمه والمتهاون يخسر، أمنح الشيوخ كرامة من أجل الرب ومن أجل أنَهم أوفر من الإخوة علماً، لا تلزم الشيوخ بالعمل فإنَهم قد سحقوا بالنسك بشرة حداثتهم، الضمير يكفي لمن يتقي الرب. من يمكنه أن يعمل ويأكل باطلاً ليس بإنسان صالح إذ الرسول يقول: حفظت لكم ذاتي غير مثقل وأحفظ. وقد كتب الطوبى للرحومين فإنَهم يرحمون. لا تظلم قريبك محتجاً بالمكان فإن الكنيسة ليست بالعُمْدَان بل بالناس لأنه قد كتب: ويل لمن يحتشد لذاته أشياء لم يكن له منها شيء فإن الذين يثلبونه ينهضون بغتة ويتيقظ عليه المغتالون ويصير لهم جدوى يختلسونَها. من يبني منزله من الظلم إنما يبني لِذاته شهادة الهلاك لأن القديسين مقتوا كل طريقة ظالمة، عطب عظيم صبي في كنونيون ” شركة ” سيما إن كان ليست في الوسط سياسة وليس من يربي. مغبوط من يرضي اللـه، الراعي الذي ينام خارج حظيرة الغنم لا يسبب لذاته خسارة يسيرة لأن فرح الذئاب رقاد الرعاة. إن تواضع الأخ تحت يدك فأفطن أنه ليس من أجل خشيتك تذكر إذاً الرب وما صبر من أجلك ولا تسىء إليه، لا ترغب في ربح فيه خسارة للنفس لأنه ماذا أكرم من النفس قدراً. عابد مسكين يسكن بتواضع أفضل من عابد موسر يتصدق بتكبر وتشامخ. لا تربطن ذاتك بعهد مع الأخ بل فليكن لك ألفة بمخافة اللـه. يا عابداً أحذر أن تؤثر أن ترضي الذين يعقلون المعقولات العالمية فتضيع سيرة العبادة بل كن موسوماً بمخافة اللـه طول النهار. العابد المتذمر يخسر كثيراً ومن يحتمل بأناة يرث الفرح. لا تسأموا يا إخوتي فأننا لا نريد أن نكون في هذا العالم دائماً، كل ما يصنعه الإنسان من أجل الرب فهو ربح له لأن الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة واللـه يبطلهما جميعاً. أيها العابد إن أصغيت إلى ذاتك فترحم ذاتك أولاً ثم تفرح الذين يحبونك لأن الحكمة تقول: يا ولدى إن كنت حكيماً فستكون حكيماً لذاتك ولقريبك وإن ظهرت رديئاً فتعرف المساوئ وحدك. أيها العابد أفهم ما أقول لا يكن لك من خارج وفي القلاية هياج لئلا تشابه القبور المبيضة التي تبين من ظاهرها بيضاء ومن باطنها مملوءة عظام الناس والنجاسة لأن في كل مكان الإله الواحد الذي له المجد إلى أبد الدهور. آمين. أطرح فكر الكبرياء قبل أن يذللك، أهدم فكر ترفع القلب قبل أن يهدمك، أحزن الشهوة قبل أن تغمك ؛ لا تعيرن أخاً لا جلوس له في قلايته لئلا تسقط في ألمه. إن جلست مع شيخ كبير لا تحدث بفضائله فقط بل تشبه بسيرته لأن هذا نافع لك. أيها العابد أطل أناتك على مبتدئك فإن الأشياء كلها مستطاعة عند اللـه. المبتدئ الذي ليس له أتضاع ليس له سلاح بإذاء المعاند ومن هو هكذا يتهشم كثيراً. من يشتهي راحة جسده يصطنع لذاته أوجاعاً كثيرة أما الطويل الروح فيخلص. المدبر الفهيم لا يستحقر استماع مفاوضة المبتدئ مع من هو أعظم منه والعالم يستفحص تحرير كلام المبتدئ إلى من هو أكبر منه. من يكثر أقواله في الكنونبون يكثر لنفسه خصاماً وبغضاً ومن يحفظ فمه يُحَب. يا أحبائي جليلة هي الطاعة الصائرة من أجل اللـه ؛ فبهذا أعرف الطاعة التي يرضي اللـه بِها، الطاعة الصائرة من أجل اللـه هي مملوءة قداسة. جاهد إلى الموت عن ذاتك ولا تستحي من سقطتك فقد يجتلب خجل خطيئة وربَّ خجل يتجلب شرفاً ونعمة. يا حبيبي إن سقطت في مرض فأذكر القائل: يا ولدي لا تسأم من تأديب الرب ولا تنحل إذا وبخت منه فإن الرب يؤدب من يحبه ويجلد كل ابن يقبله. مرض أخ في وقت ما وقال في ذاته: ويلي أنا الخاطئ أنني عازم أن أصارع هذا الألم. ولما صار معافى سقط أيضاً في ألم أخر أصعب من الأول، وقال ذلك القول أيضاً لكنه لم يظهر سريعاً ألمه لإنسان بل كان يطلب من الرب رأفةً ليهب له عافيةً من المرض وقوة من العلة. إن أتى إليك روح الضجر لا تدع له مسكناً عندك بل قاتله بالصبر، لا يقنعك الفكر قائلاً: أنتقل من مكان إلى مكان فإنك إن تنازلت لهذا الفكر فلا تثبت في موضع قط، فقد كتب بماذا يقوم الشاب طريقه ؟ بحفظه أقوالك. بِهذا يخلص. خاصة المتصرف مع إخوة بأن يقتني مخافة اللـه والعفة في نَهاية غايتهما اللتين منهما تتولد المحبة والفرح والسلامة والطاعة وطول الروح والمسك والصبر وكل المناقب اللائقة بالمسيحيين. ويصير سريعاً إلى الاستماع بطيئاً في التكلم ممسكاً عن الغيظ لأن غضب الإنسان لا يصنع عدل اللـه ؛ ويكون بصيراً كمن لا يبصر إلى الأمور الغير نافعة ولا موافقة. وسامعاً كمن لا يسمع الأشياء التي لا تغني ؛ ويجعل ذاته أدنى وأخر الآخرين فيجد راحة، لأن من يواضع ذاته يرتفع ومن يرفع ذاته يوضع. إن بدأت أن تأمر بأمر ولا تتعب بقدر طاقتك فسيصير لك تعباً عند الأواخر لأن ليس كل وقت يهب هذا الريح نفسه لكن للرياح تغيرات وتنقل. فلهذا نحتاج أن نعود ذاتنا على العمل لأننا لا نعرف ماذا ينتج اليوم الآتي ؛ فليكن قدام عينيك دائماً القائل: لا تدينوا لئلا تدانوا لأنه بالدينونة التي بِها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم. لِمَ تبصر العود الذي في عين أخيك ولا تتأمل الخشبة التي في عينك أيها المرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك وحينئذ تبصر أن تخرج القذاء من عين أخيك ؛ وبلا محال أنك ستجد نعمة قدام الرب والناس. لا تطلق لعينيك أن تطمحا ولا تتأمل تَصَفح جمالاً غريباً لئلا يتناولك معاندك بعينيك. لا تغاير سيرة المتوانيين بل سيرة المزينيين بكل فضيلة. يا أخي لا تتعربس فإن الأشياء الصائرة خارج مخافة اللـه ليس فيها شيء أخر إلا لؤم وندامة، مغبوطة النفس التي تخدم اللـه بتحقيق فإنَها ستجد نياحتها من عند اللـه في أواخرها. توني قليل ينتج خطيئة عظيمة، ويقظة يسيرة تسترجع خسارة كبيرة، أمر مفضل أن تأكل بالرب وتشكر له من أن لا تأكل وتدين الذين يأكلون ويشكرون الرب. إذا جلست على المائدة فكل خبزاً ولا تغتاب قريبك لئلا تأكل لحم أخيك بالاغتياب. لأنه قد كتب: “الذين يأكلون شعبي في إغتذاء الخبز ولم يدعوا الرب”. إذا كنت معافى بالأمانة فكل كل شيء يقدم لك بالرب ؛ فإن قدم لك طعاماً ما لا تشتهي أن تأكله فلا ترده إذا كان أكثر الجلوس معك يريدون أكله ويشكرون الرب. وإذا جلست على المائدة فكل أكلاً لائقاً بالإنسان ولا تحول نظرك حولك كمن لا أدب له. قال أخ لست أستعفي للصون من أكل اللحم لأن كل ما يراه اللـه جيد وليس شيء نجس إذا أخذ بشكر لأنه يتقدس بقول اللـه والتضرع، لكن قد كتب لا يوافق للجاهل أن يتنعم. وعدم أدب للعابد أن يأكل قرصاً صحيحاً والكسر موضوعة قدامه، لا تستحقر الكسر فإن الرب قال لتلاميذه أن يجمعوا الكسر التي فضلت لئلا يضيع منها شيء. أيها الحبيب إن أنغلب أخ وأنصرف من موضعه وبعد ذلك ندم وأراد أن يرجع فلا تمنعه بل أولى بك أن تعزيه وتلاطفه ليعود لأنك لا تعرف ماذا ينتج اليوم الوارد ؛ فلا يجب أن تستحقر مثل هؤلاء كملعوب بِهم بل يجب بالحري أن تعتنق أمرهم أكثر من المعافين من المرضى. إذا سكنت مع إخوة فلا تصر لأحدهم سبباً من أن يفارقهم لئلا تدان في ذلك العالم، وتحرز جداً من أن تقلق أحداً فلا تفرز من ملكوت السماوات مع صانعي الشكوك. إن مرض أخوك فأتعب معه لتؤهل أن تسمع من الرب في ذلك اليوم: ” إذ قد صنعت إحساناً بأحد إخوتي هؤلاء الحقيرين فبي فعلته”. من يتوانى بعليل يغيظ من أدبه، ومن يشمت بسقطة أخيه سيسقط سقطة مذهلة. لا تقل اليوم أخطئ وغداً أتوب ؛ لكن الأوجب أن تتوب اليوم لأننا لا نعلم إن كنا ندرك الغد. يا أحبائي إذا أخطأنا فلنتب فإن الرب يقبل توبة التائبين بالحقيقة، أيها الأخ لا تقل أن هنا قتال وضيقة وهناك راحة وعدم هم، من هو الذي يقاتلنا إن كنت تعرف ؟ أليس هو عدونا المحال. أسمع منذ الآن ماذا يقول في خبر أيوب ” قال الرب للمحال: من أين أقبلت؟ حينئذ قال المحال للرب: من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها”. فأعرف أن الشيطان موجود أينما مضيت وأثبت إذاً في المكان الذي دعيت إليه وناصب المحال فيهرب منك، وأقترب إلى اللـه فيدنوا منك. من يحب الذهب لا يتزك ومن يحب الرب يبارك، من يتوكل على الذهب يسقط ومن يتوكل على الرب ينج. الويل لمن يدخله عدم الأمانة وفقد التقوى ونقص الرأي وقلة المعرفة والجهالة والوقاحة فسيكون حظاً للثعلب. مغبوطة النفس التي تسكن فيها خشية اللـه، من لا يرضى أن يخدم سيداً واحداً سيخدم كثيرين، ومن لا يحتمل أن يخضع لرأس واحد سيخضع لكثيرين في أماكن متباينة، من لا يثبت في عمل صناعة واحدة سيتهشم في أعمال مختلفة. من يزين ثيابه يضر نفسه ؛ لأن الثياب الجزيلة أثمانِها تعيب نفس العابد والثياب الحقيرة تنفعه. إن الكبرياء والجسارة وعدم الحس وفقد الخجل وعدم الإفراز تعيب العابد عيباً خبيثاً. عيب العابد العين الطامحة لأن العابد الطامح يجمع أوجاعاً كثيرة لمن يتبعها. إن لم تمسك من أن تطمح بعينيك فلا تشق يمَّ العفة مستوية، عيب الرجل أن يسكر بالنبيذ رأيت كثيرين ولم أشبههم به. العابد المفتخر بقوته سيفه أول خزيه وعاره أن يفتخر بقوته لأن المفتخر ينبغي بالرب أن يفتخر. الجاهل في الضحك يعلي صوته، وأجهل منه من يمشي ويحرك كتفيه وساعديه معاً تحريكاً بتألم. وعلامة نقص الأدب في العابد أن يرفع جانب مزرته الأيسر رفعاً بألم، العابد المتأدب يتورع في كل شيء. الألم المبوق في الإنسان يعوده أن يحلف بفمه، لا تجعل لفمك عادة الحلف لئلا تتكاثر جهالتك وعوض العدل تجمع لذاتك خطية. شرف العابد أن يتقي الرب ويحفظ وصاياه، شرفه أن يواضع ذاته للكبار والصغار، شرفه الإفراز والتواضع، مجده عدم الحقد والصبر والتيقظ في كل عمل صالح. لا تحتقر شيخاً إن أراد أن يجىء إلى تعب العبادة لأن الرب لم يطرح الذين عملوا من الساعة الحادية عشرة ؛ فانك لا تعلم إن كان إناء مختار. إن أحببت الكبرياء فقد صرت من حظ الشياطين، إن أحببت التواضع فقد صرت من حظ السيد المسيح. إن اقتنيت الفضة ستنصرف من هنا فارغاً، وإن أحببت عدم القنية فلا تعدم الغنى السماوي. إن أخفيت في قلبك ألم الحقد فقد صرت خزانة للغضب وعدم المعرفة والحزن ويستحيل منظر وجهك لأنه قال: إن طرق الحقودين مؤدية إلى الموت. الرجل المترفع الرأي يحزن كثيراً والمتواضع يفرح بالرب كل حين. استعلاء الرأي يبتغي في كل حين إكراماً وتواضع الذهن لا يشمخ ولا يحزن من هوان لأنه ينتظر الثواب من اللـه. من يخفي في قلبه حقداً يشبه من يربي حية في حجره. لا تعطي قلبك حزناً لأن حزن العالم يصنع موتاً والحزن الذي من أجل اللـه يصير سبب حياة دهرية. يا حبيبي أطلب الرب بكل قوتك لتخلص نفسك ؛ ولا تسكن الرذيلة في قلبك، وكما أن الحاجز يرد نَهضة المياه هكذا الرذيلة ترد المعرفة من القلب. إن ابتغيت العدل تأخذه وتلبسه مثل تاج الشرف، العابد المشتبك بأمور العالم يخسر كثيراً، ومن يصبر في الأتعاب النسكية لن يخسر أصلاً. من يعطف فكره إلى الأشياء العالمية بعد زهده ومفارقته إياها فلا يفضل شيئاً على غيره، ومن يظن أنه يلعب بالأمرين جميعاً فإنه يخادع ذاته لأنه قد كتب أن اللـه لا يخادع. لأن الذى يزرعه الإنسان إياه يحصد. يا عابداً لا تجل بنظرك في شوارع المدينة ؛ ولا تطف في أسواقها لئلا يلتقيق عارض قتزلق نفسك إلى الهلاك. التشامخ يعمي عين الذهن ؛ وأما التواضع بالمحبة فيضيئها ؛ لأن الرب يعلم الودعاء طرقه. يا أخي لا تتورط في حمأة الطين، وأبعد ذاتك من إنسان سالك في عدم التقوى. ردىء للرجل أن يتوكل على ذاته ؛ ومن يتوكل على الرب يسلم، من يزين ثيابه وينظفها متكبر، المتكبر نسر بلا جناح، المتواضع ساعٍ خفيف ومثل رامٍ يصيب الإشارة. كما أن الحديد يدق كل شيء ويضمره هكذا التواضع الذى من أجل اللـه يفني حيل العدو ويبيدها. كما أن البوق للبوقي والسلاح للجندي هكذا هو التواضع للعابد. أيها الأخ بادر أن تدخل مختاراً في الطريقة الضيقة قبل أن تدخل قسراً فيما هو أضيق منها. فخر الإنسان العالمي أن يطوف متنزهاً، وفخر العابد أن لا يعبر فكره أسكفة بيته. أسمع يا حبيبي إن المجاهد إذا جاهد يطبق فمه ؛ فأطبق أنت فمك من الأقوال الزائدة فتكون لك راحة. قيل من يجد الحكمة هو عظيم الشأن لكنه لن يفوق المتقي الرب. المبتدئ شيء عظيم لكنه ليس مثل الصبور. المحل الأول جسيم لكنه ليس مثل من يتمم. لا تحب الراحة البشرية لئلا تجد فيها خسارة روحانية. لا تفحص عن الأمور التي ليست لك لئلا تضيع التي لك. لا تكد ذاتك في عمل لا حد له لأن كل الأشياء التي تعمل بحد وترتيب نافعة حسنة. من لم يقتني مخافة اللـه في قلبه ولو أكل كل يوم لبناً وعسلاً لا يستطيع أن يسكت. الإنسان المؤمن يحتمل بشهامة، أثبت في نير الرب الصالح لتفلت من نير هذا العالم الفاقد الصلاح والثقيل. لا تداوم المضي إلى قلاية أخيك. إن كان لك كتاباً نافعاً وسمعت أن أخاً يريد أن يستعيره فأعطيه إياه بلا حسد. وإذا استعرت أنت هذا الشىء يا حبيبي فأحفظه باهتمام وأدفعه إلى صاحبه بسلام. أن استعرت من الكنونيون كتاباً فلا تطرحه في قلايتك متهاوناً به بل أحفظه وأطبقه باهتمام بما أنه شيء للـه. الجسور يُخجل رئيسه وإخوته ؛ والعابد الحكيم يتورع. النسك يذيب الجسد وكثرة الأكل يكثف الذهن. لا يكمل ترتيب العمل بغير حزن، إذ يعطى العابد صبراً في قلايته ؛ لكن مخافة اللـه ؛ وذكر الموت ؛ والتعاذيب ؛ والعمل ؛ والصلاة ؛ ودراسة الكتب الإلهية ؛ أفضل من أن يفني الساعات ويشتغل بالكلام الباطل الذي منه تتولد الوقيعة. لا تجرب أخاك باختلاقك أقوالاً مضحكة لئلا تُدفع إلى الشدائد لأنه قد كتب من يماحكك بأقواله لا يسلم من أن يجعل ذاته ممقوتاً برداءة عقله، ومن يحب الذين يحبونه أي ثواب له إذ الرب يقول ” أليس العشارون والخطاة يعملون هذا الأمر بعينه “. الإنسان الجاهل يقلق نفوس الإخوة، والطويل الأناة يتقي الرب بمحبة. لا تستثقل بالتعب الشبابي، ولا توافق شيخاً لا فهم له، الشيوخ الفهماء هم بعد اللـه عصمة الإخوة. إن مسك العينين والبطن واللسان هما تقويمة عظيمة. الإنسان المتزايد في الرحمة يتلألأ كالمصباح. كمن يكنز لنفسه خيرات هكذا من يمدح قريبه في غيابه. أتقِ الرب فتجد الخيرات. لا تسلك مناهج الخطاة بل أقتفِ طرق الصديقين. إن أحببت طريق العدل ستجد الحياة الدائمة. إن أحببت الصمت ستقطع سير مركبك بسكون. إن أحببت السكون صرت محبوباً من الكل. إن رددت عينيك لئلا تبصر أشياء غرارة ستجد أفكاراً نقية. إن ثبت على المسك والحمية فقد ألجمت شيطان الزنا. إن أحببت المسكنة فقد طرت شيطان محبة الفضة. من يكنز ذهباً في قلايته إنما يكنز آلام استعلاء الرأي وعدم الطاعة. من يخزن لذاته صلوات وصدقات يستغنَ لدى اللـه. إن قوماً آخرين اكتنزوا لذاتِهم أموالاً ؛ فأنت أخزن لنفسك صلوات وصدقات. آخرون يفرحون بالأصوات والأغاني الموسيقية ؛ فأفرح أنت بالترنم والتهليل وبالتمجيد للرب. آخرون يسرون بالبطر والسكر ؛ فأجذل أنت بالمسك والقداسة. آخرون يطربون باللذات ؛ فأفرح إذا صنعت مشيئة الرب. آخرون يسرون بشرف فارغ ؛ فأبتهج أنت بالرب الذي أعد لك وللذين يحبونه إكليل المجد. الإنسان المحب للمسيح هو برج لا يحارب، والتام في المحبة هو سور لا ينقب. إن أردت أن تدرس ماشياً فأدرس صامتاً فيهرب السبح الباطل. جيد هو تقويم من يغلط ولا يضحك عليه. الرياح القبلية تخبط البحر ؛ والحمق يزعج فكر الإنسان. الطويل الأناة يطرد الغضب ؛ وحيث يوجد غضب فقد سكن الغيظ. يا حبيبي إن لم تشأ أن تبني فلا تنقض المناقب المبنية. إذا لم تريد أن تنصب فلا تقلع الغروس المنصوبة. يا أخي إن لم تشاء أن تسكت فلا تقلع رأي الذين يسكتون. يا أخي إن لم تريد أن ترسل للرب تسابيح فلا تبطل الذين يسبحون. الغني إذا تكلم يصمت الكل ويرفعون كلامه إلى السحب ؛ واللـه يخاطبنا بالكتب المقدسة فلا نريد أن نسكت ونسمع لكن واحد يتكلم وأخر يتناعس وأخر تجول أفكاره خارجاً، فماذا يقول الكتاب ؟ ” من يرد مسامعه لئلا يسمع شرائع العلي فصلاته ترفض “. المتواني يستعجل في الصلاة ليسمع آمين، والمتيقظ إذا صلي لا يضطرب، فليكن بعيداً منا المقول بالنبي: ” أنت قريب من شفاههم بعيد من قلوبِهم “. لا تُقلق أخاً ولا توافقه في خطيئة لئلا يسخط الرب عليك ويسلمك في أيدي الأشرار. الطوبى للإنسان الذي لا يفتن على قريبه ولا في أمر واحد من الأمور فإن ثوابه كثير في السماوات. من يتجسس بلا تمييز ولا إفراز يشكك كثيرين. إن لم يضع الإنسان أولاً خطاياه بين عينيه في كل موضع فلا يمكنه أن يسكت. الطوبى لمن يبتدئ بسيرة جيدة ويكملها بمرضاة الرب فقد كتب: ” من يكرم أباه يسر بأولاده وفي يوم صلاته يسمع منه “. من يشرف أباه تطول أيامه وفي يوم وفاته يجد نعمة، أكرم أباك بالقول والفعل لترد إليك البركة منه، لا تتشرف بإهانات أبيك فلا يكون لك من الهوان شرفاً. إن شرف الإنسان إنما هو من إكرام أبيه، وعار الأولاد أم ذات هوان. أيها العابد عوض والديك بالجسد لك من ولدوك بالرب وبالروح ؛ الذين يرشدونك إلى الحياة الدهرية. يا أخي أسمع القائل: يا ولدي تمم أعمالك بوداعة فتُحب من الإنسان المقبول، بمقدار ما أنت عظيم بمقدار ذلك واضع ذاتك فتجد لدى الرب نعمة لأن قدرة الرب عظيمة، ومن المتواضعين يشرف ويمجد، مصيبة الكبرياء ليس لها شفاء لأن نصبة الخبث قد تأصلت فيها. ثلاثة أنواع تكثر الضلال والغرور والرابع ليس صالحاً: ( 1 ) عدم الطاعة للشاب. ( 2 ) وشيوخ يحسدون نجاح الشاب. ( 3 ) والمتورع إذا جنح إلى الأشياء الظالمة. ( 4 ) والرئيس إذا أحزن نفوس الإخوة بغير معرفة. أربعة أشياء تكنز شرف المناقب والخامس صالح قدام اللـه والناس. ( 1 ) ألفة الإخوة بوداعة وعدل. ( 2 ) وأخ يعظ أخاه بمخافة اللـه. ( 3 ) وشاب يخضع للشيوخ مثل أسياد له. ( 4 ) ورئيس يحب إخوته كما يحب ذاته. ( 5 ) ويهتم بخلاص نفوسهم. بالحقيقة إن الكبرياء رديئة للرجل، على كل حال يا حبيبي لا تحب الكبرياء فليست فيها منفعة، كل ألم إذا أُهتم به ينال البرء أما ألم الكبرياء هو شر صعب الشفاء لأنه يطرح دواء البرء ويركب لذاته سماً قاتلاً لا يوجد في عبيد السيد المسيح. فخر العابد الكلام الصادق المرتب حسناً، ومن يحب المزاح والخلاعة فهو جاهلاً. عيده حفظ وصايا المسيح وعزاؤه اجتناب فعل الشر، فرحه السفر إلى الرب، وفخره مخافة الرب. ما أمكنني أن أشارك فلسفة العالم بل أسأل الرب أن يمنحني نعمة مع غفران الخطايا أفضل من الزبرجد والياقوت، وأجل قدراً من خوابي مملوءة ذهباً، وأرفع سمواً من كثرة علم هذا العالم. أشكرك أيها الرب فأنك لم تعدمني طلبتي ولم تعرض عن ابتهال عبدك العاطل لأنك أنت هو رجاء اليائسين ومغيث الذين لا عون لهم.فليكن اسم عظمتك مباركاً إلى دهر الدهورآمين مار إفرآم السريانى
المزيد
17 يوليو 2020

أبواب الجحيم لن تقوى عليها

«وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟»… فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ… أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا» (مت 16: 13-18). أبواب الجحيم: وردت الكلمة المترجمة «الجحيم» في العهد الجديد 11 مرة، تُرجمت في جميعها لكلمة «هاوية»، وفي هذه الآية فقط لكلمة «جحيم». إذاً فالمقصود هنا أبواب الهاوية، هذه التي ارتعب منها الملك حزقيا: «أنا قلتُ في عزِّ أيامي أذهبُ إلى أبواب الهاوية» (إش 38: 10). والهاوية هي العالم السفلي، عالم الأشرار والأرواح الشريرة. التي يقول عنها سفر الرؤيا: «فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ» (رؤ 6: 8)، فالعدو الأخير هو الموت، والهاوية أي عالم الشر تخضع له. أما الربُّ يسوع فيقول: «لاَ تَخَفْ، أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ، وَكُنْتُ مَيْتاً، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ» (رؤ 1: 17-18)، أي أنَّ له السلطان المطلق على الهاوية والموت. وماهي أبواب الهاوية؟ الأبواب في التقليد الشرقي في الكتاب المقدس هي رمز الحُكم والسلطة القضائية. فكان لوط يجلس في أبواب سدوم (تك 19: 1) كعضو في جماعة القضاة في المدينة. وعرض بوعز قضيَّته في أبواب بيت لحم، حيث مجلس القضاء (راعوث 4). وكان مَن عليه قضية قتل بدون عمد أن يهرب إلى أبواب إحدى مدن الملجأ لينال الحماية (يش 20: 4). كما أن أبشالوم عندما تمرد على أبيه داود، كان يقف بجوار طريق باب المدينة ليحكم للشعب (2صم 15: 2) فأبواب الجحيم أو الهاوية هي تعبير عن أكبر سلطة لعالم الشر تواجه الكنيسة، ومهمتها السيطرة على الكنيسة والهيمنة عليها. ولكن ما سبب قوة الكنيسة، هذه التي اقتناها الله بدمه (أع 20: 28)؟ السبب يرجع إلى الأساس الذي بُنيت عليه، فهذا ما أوضحه الرب يسوع: وعلى هذه الصخرة، صخرة الإيمان بلاهوت الرب يسوع، أبني كنيستي. فإن كان البيتُ مبنياً على الصخرة (مت 7: 24) فلن تزعزعه الأمواج ولن تؤثر فيه الرياح. وإن كانت هذه الصخرة هي الرب يسوع نفسه (1كو 10: 4)، وهو نفسه الأساس الذي بُنِيَت عليه الكنيسة (1كو 3: 11)، فلن تستطيع كل قوى الشر المنظورة وغير المنظورة أن تؤثر فيه، بل هو دائمًا يقودُنا في موكب نصرته. والنهاية يخبرنا بها سفر الرؤيا: «وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ» (رؤ 20: 14)؛ تمهيداً لرؤية السماء الجديدة والأرض الجديدة، ذلك الوصف البديع لأورشليم السمائية (رؤ 21). نيافة الحبر الجليل الانبا إبيفانيوس الأسقف الشهيد رئيس دير القديس أبو مقار
المزيد
16 يوليو 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين إِنْجِيلِ لُوقَا

1- بين لو 9 : 54 – 65، اصحاح 12 : 49 ففى الاول التمس يعقوب ويوحنا ان تنزل نار من السماء لاحراق قريه فى السامره فزجرهما المسيح، وفى الثانى قال (جئت لالقى نارا على الارض). فنجيب : ان المخلص اراد بالنار فى الثانى القداسه التى ستحرق قش الدنس والفساد فيكون بين كلاهما صراع عنيف ويجب على المؤمن ان يحارب حتى ينتصر. 2- وبين لو 23 : 26، يو 19 : 16 و17 ففى الاول ان رجلا قيروانيا اسمه سمعان كان اتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع وفى الثانى (فاخذوا يسوع ومضوا به فخرج وهو حامل صليبه الى الموضع الذى يقال له موضع الجمجمه حيث صلبوه). فنجيب : ان المسيح اذ لم يقو على حمل الصليب سخر سمعان ليساعده على حمله، وليس معنى ذلك ان الصليب رفع عن المسيح، كلا بل كان سمعان مساعدا اياه فقط فلا فرق اذن بين القولين. 3- وبين لو 23 : 56، يو 19 : 39 و40 ففى الاول ان النساء كن ينون تحنيط جسد المسيح وفى الثانى ان يوسف ونيقوديموس حنطاه. فنجيب : ان النساء افتكرن ان تحنيط يوسف ونيقوديموس لجسد السيد المسيح لم يكن تماما نظرا لظروف وقت تحنيطه فاردن ان يكملن تحنيطه كما يليق بمقام المخلص الذى يعتبرن كل الاعتبار. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
15 يوليو 2020

مركز الله في الخدمة ج2

4- الله هو الذي يعطي القوة والتأثير لقد أمر السيد المسيح تلاميذه ألا يبرحوا أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالي (لو49:24). وماذا كانت تلك القوة؟ لقد قال لهم "ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع8:1). وفعلًا لم يخدموا إلا بهذه القوة التي أخذوها من الروح القدس.. فإن كنت لم تأخذ قوة من الروح القدس، فبأي قدرة يمكنك أن تخدم؟! 5- إعداد الخدام هنا ولعلنا نسأل: كيف يكون إعداد الخدام للخدمة؟ كثيرون يعدونهم بالمناهج: مناهج تربوية، ودروس في الكتاب وفي التاريخ، وفي العقيدة وفي الطقس، مع تداريب عملية تحت إشراف. وكل هذا نافع، ولكنه ليس كل شيء.. ولا هو قبل كل شيء. إنما.. لابد من الإعداد الروحي، الذي يمتلئ فيه الخادم من روح الله، ليأخذ منه ما يعطيه.لا يأخذ منه فقط الكلام، وإنما أيضًا القوة والروح والتأثير، كما يأخذ منه كذلك الحب العميق الذي يحب به المخدومين ويسعى به إلى خلاصهم بكل اجتهاد.لقد قال بطرس الرسول كلمة في يوم الخمسين. نخست القلوب. فآمن ثلاثة آلاف من اليهود، إذ نخسوا في قلوبهم. واعتمدوا في ذلك اليوم (أع41:2) فكيف حدث ذلك؟ هل كلمة عادية تحدث كل هذا التأثير؟ كلا. وإنما كانت الكلمة تحمل قوة، تحمل روحًا، وتحمل أيضًا لسامعيها قدرة على التنفيذهناك فرق بين إنسان يقول لك كلامًا، فتقتنع به، ومع ذلك تشعر بعجزك عن التنفيذ، وبين إنسان آخر يعطيك الاقتناع ومعه القدرة على العمل.المسألة ليست مجرد ثقافة أو لباقة أو قدرة على التخاطب. إنما روح يصل إلى السماع مع الكلام الذي يصل إلى أذنيه إذن تحضيرك للدرس هو تحضير نفسك روحيًا لكي تكون في حالة روحية، تملأ فيها النعمة قلبك، وتمنحك مع الكلمة قوة وتأثيرًا. وتستطيع أن تحضر الله معك، يدخل إلى الفصل. وهو الذي يتكلم على لسانك، وهو الذي يعمل في القلوب وفي الإسماع. ويشعر السامعون إن الله كان معهم أثناء الكلمة. ويقولون: حقًا إن هذه الكلمة مملوءة من روح الله.. كنا نشعر أثناءها أن روح الله يحرك قلوبنا. ويشعل إحساساتنا ومشاعرنا. الخادم الحقيقي هو إنسان حامل الله (ثيؤفورس) مثل لقب القديس أغناطيوس الأنطاكي. إنه يحمل الله معه أينما سار. وينقله إلى الناس، إنه إنسان عاش مع الله. وذاق حلاوة العشرة مع الله. وهو يقدم هذه المذاقة إلى الناس. ويقول لهم "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز8:34) لذلك نقول إن هناك فرقًا بين الخدمة والتدريس التدريس هو توصيل المعلومات إلى العقول من شخص تربوي خبير بطرق التعليم. أما الخدمة في توصيل الناس إلى الله عن طريق شخص روحي لا يعطيهم مجرد معلومات، إنما يعطيهم روحًا، ويعطيهم حبًا لله ولملكوته عندنا في مدارس الأحد مدرسون كثيرون ليسوا خدامًا عندنا كثيرون يقرأون الكتب، ويمتلئون بالمعلومات. ولهم قدرة على تفهيم الآخرين هذه المعلومات. ولكن هل هذه هي الخدمة؟! إن هذا تعليم وليس خدمة.. أما الخدمة فهي روح ينتقل إلى السامعين فيشعلهم بمحبة الله. وهكذا يكون الخادم: يوصل الروح والحب، وليس مجرد الكلام إنه شخص يحب الناس وينقل إليهم محبة الله إنه ثابت في الله. وبالتالي ثابت في المحبة، لأن الله محبة (1يو16:4). والله يدرب خدامه على الحب، لأن الحب عنصر لازم للخدمة، بدونه تصبح الخدمة مجرد نشاط. والمحبة التي في القلب هي التي تخدم. ولا تستريح حتى توصل كل نفس إلى قلب الله إن كنت لم تصل إلى هذه المحبة، فأنت لم يتم إعدادك بعد للخدمة ولكن أية محبة؟ نجيب تحب الناس كل الحب، كما يحبهم الله. تحبهم لأنهم أخوتك، ولأنهم أولاد الله. تحب خلاص أنفسهم، وتحب أرواحهم لكي توصلها إلى الله. تحب الكنيسة التي هي جسده وتحب الملكوت الذي هو متعة الناس بالله. ومن كل قلبك تريد أن الجميع يحبون الله، لأنه هو قد أحبهم أولًا (1يو19:4) الخدمة ليست مجرد معرفة تنتقل من عقل إلى عقل، إنما هو روح وحياة يمتصها المخدوم من الخادم.. من خادم يحل الله فيه، وينتقل حبه إلى السامع، فيشعر بنفس الحلول ومسكين هو ذلك الخادم البعيد عن الله، أي فراغ يقدمه لسامعيه؟ وكيف يقدم الله للناس وهو لم يختبره؟!وما أجمل المثل القائل: فاقد الشيء لا يعطيه. ونود هنا أن نقدم مثالًا من سفر الرؤيا يوضح علاقة الرب بالكنيسة وبالخدام. 6- مثال المنائر والكواكب قال القديس يوحنا الرائي إنه أبصر الرب في وسط سبع منائر من ذهب هي السبع الكنائس، ويمسك في يمينه سبعة كواكب هي ملائكة الكنائس (رؤ1:2) (رؤ20:1) والرؤيا تشرح كيف أن الله في وسط الكنيسة "الماشي في وسط السبع المنائر الذهبية. أليس هو الذي قال "حيثما أجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم" (مت20:18). أو ليست هذه هي صورة خيمة الاجتماعفي وسط الشعب كله.. والله يكون في وسط الكنائس عاملًا ومدبرًا ومقويًا، ومعطيًا كلمة للمتكلمين أنه النور الحقيقي. وبنوره تنير هذه المنائر السبع إنه الزيت المقدس الذي تتشبع به الفتيلة، فتضئ في المسرجة. وهو عصارة الحياة التي تسري في الكرمة، فتنتعش وتنمو وتثمروهو الذي يمسك الخدام في يمينه، ويحركهم حيث يشاء يمينه هي التي تتحرك بهم، فَيُخَيَّل إلى الناس أن الخدام هم الذي يتحركون.. وفيما هم في يمينه، يغني كل خام بمزمور داودقائلًا: "يمين الرب صنعت قوة. يمين الرب رفعتني" (مز117). وإن كان الخادم في يمين الله فلا يمكن أن يشرد أو ينحرف أو يضل. لأنه لا يتحرك من ذاته، بل يمين الله هي التي تحركه. عليك إذن أن تتأكد من وضعك إن لم تكن في يمين الله، فلا يمكنك إذن أن تخدم إذن إعداد الخدام في جوهره هو وضعهم في يمين الله، فيعمل بهم، ويتحرك بهم من موضع إلى موضع، كمجرد أدوات طيعة في يديه. كل منهمطينة ناعمة لينة، طيعة في يدي الفخاري العظيم، يصنع بها آنية للكرامة (رو21:9). إنها الخدمة الفعالة الناجحة والخادم يحاول باستمرار أن يستمد قوة من الله تتجدد فيه كل يوم إنه يصلي باستمرار ويقول إن العالم صعب كما ترى، يزخر بفنون متعددة من الفساد. ومن أنا حتى أقاوم المنجذبين إليها؟ أنت يا رب الذي تستطيع أن تمنح القوة لي، ولهؤلاء السامعين، فأعطني كلمة من عندك، وأعطني حكمة أسلك بها، واحفظني حتى لا أكون عثرة لأحد. أنت ترشدني وترشدهم. تعلمني وتعلمهم، ترعاني وترعاهم، وتقودني وإياهم إلى المراعي الخضراء وينابيعالمياه الحية وكما قال القديس أوغسطينوس "إنني أبدو معلمًا لهم، ولكنني تلميذ معهم في فصلك. وقد أبدو راعيًا لهم، ولكنني واحد منهم في قطيعك". بهذا تدخل الله معك إلى الخدمة، ويكون الدرس الذي تلقيه، هو درس من الله لك ولهم. درس في محبة الله والالتصاق به وهكذا يكون الله هو الدرس وهو أيضًا المدرس وبهذه تكون الخدمة عبارة عن نعمة من الله تعمل في إنسان من أجل إنسان آخر، لتربط كليهما بالله. أو تكون الخدمة هي شركة الروح القدس حيث يشترك الروح مع الخادم من أجل المخدومين، وإن كانت الخدمة هكذا، فماذا يكون التكريس إذن؟! التكريس هو نمو في الحب، حتى يصبح القلب كله لله، والوقت كله لله، في مناجاته أو خدمته ولكن ماذا عن الذين ينهمكون في الخدمة، حتى تنسيهم الله؟ هؤلاء لم يفهموا الخدمة بمفهومها السليم، وظنوها مجرد دروس ومعلومات!! أو مجرد أنشطة وحركة! أو هم قد انشغلوا بالوسيلة عن الهدف! أو جعلوا ذاتهم هي محور الخدمة، وبعدوا بالخدمة عن الله نفسه الخدمة ليست مجرد معرفة. فالمعرفة كانت أول حرب للإنسان لذلك حينما اشتهى شجرة المعرفة (تك3) وأكل منها، فصار جاهلًا. لأنه اشتهى "معرفة الخير والشر" وليس معرفة الله، الذي نقول له في القداس الإلهي "أعطني فضل معرفتك" هذه المعرفة التي قال عنها ربنا يسوع المسيح لله الآب" هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك.." (يو3:17). والاقتصار على المعرفة يخرج علماء وليس متدينين ما أكثر الذي يعرفون. ويعلمون ويشرحون، وحياتهم خالية من الله! وإن جادلتهم في شيء يضجون ويثورون، ولا تبدو في ملامحهم صورة الله! ما أكثر العلماء، ما أقل القديسين.. ومع ذلك نحن نحب المعرفة. ولكن أية معرفة؟ معرفة الله ومعرفة طرقه، كما قال داود النبي الرب "علمني طرقك، فهمني سبلك". وأيضًا المعرفة المتواضعة التي لا تنتفخ (1كو1:8). والمعرفة التي هي مجرد وسيلة تقود إلى الله. لأن كثيرين ملأوا عقولهم وعقول الناس بمعلومات ينطبق عليها قول الكتاب "الذي يزداد علمًا يزداد غمًا" (جا18:1). فابحث معلوماتك من أي نوع هي؟ البعض ظنوا الخدمة مجرد أخلاقيات لا روحيات والأخلاقيات موجودة في الفلسفة أيضًا، وخارج نطاق الدين، كما في الفلسفة الرواقية مثلًا. وتجدها في بعض الديانات البدائية، كما في الهندوسية والبوذية. ولكن هناك فرقًا بين الأخلاقيات والروحيات. فالواحدة منها قد تكون مجرد سلوك، بينما الأخرى فيما روح الإنسان تتعلق بروح الله. وما أكثر ما نجد إنسانًا مهذبًا، ولكن لا علاقة روحية بينه وبين الله. إذن في الخدمة هناك مستويات تتطور من مجرد المعلومات، إلى الأخلاقيات إلى الروحيات والإلهيات. فمن أية الأنواع أنت وخدمتك؟ وهل تحرص في خدمتك أن تربط مخدوميك بالفكر، أم بالمجتمع، أم بك أنت؟ أم تربطهم بالله. هل تعلمهم مجرد الخلق الكريم، أم تدربهم على القداسة التي بدونها لا يعاين أحد الرب، وعلى نقاوة القلب التي يصبحون بها صورة الله، ويؤهلون لسكنى الله فيهم، بالإيمان..؟ الفضائل لازمة، ولكنها ليست منفصلة عن الله، وكذلك المعلومات. وما أقوله في ذلك عن الخادم في الكنيسة، أقوله أيضًا عن الأب والأم في البيت. فهل التربية المنزلية هدفها إيجاد أبناء مؤدبين هادئين، أم إيجاد أبناء الله، تربطهم بالله علاقة حب، وعلاقة طاعة وانتماء، ليكونوا مقدسين له فكرًا وجسدًا وروحًا. ولهم سلوك طيب نابع من محبتهم بالله وملكوته. ويعدون أنفسهم باستمرار لسكنى الله فيهم هذا المنهج هو الذي يدخل في التدريس فيعطيه وروحًا. 7- أمثلة في التعليم من الكتاب المقدس 1. في الكتاب المقدس هل تقدم فيه معلومات، أم قصة الله مع الناس في محبته ورعايته واحتماله؟ أتحكي قصص الكتاب كما تحكى روايات من التاريخ المدني؟ أم تركز على الله ومعاملاته. الله الذي أحب البشر قبل أن يوجدوا، ومن أجل هذا خلقهم. وفي محبته رعى وهدى وفدي. إنه عمانوئيل الذي تفسيره "الله معنا"(متى23:1). وما الحديث عن الخلق، سوى حديث عن محبة الله الخالقة، وعن قدرة الله الفائقة، وعن حكمة الله المدبرة، التي رتبت للإنسان كل شيء قبل أن يخلقه الله.. 2. وإن تحدثنا عن الخطية والتوبة، أيكون حديثًا عن الله؟ فالخطية ليست مجرد فساد وضلال، إنما هي بالأكثر انفصال عن الله، وتمرد على الله. والتوبةليست مجرد إصلاح السيرة، إنما هي بصورتها السليمة تصالح مع الله ورجوع إلى الله، وتغيير المسيرة من محبة العالم إلى محبة الله وهكذا تكون الدعوة إلىالتوبة: لماذا تحيا بعيدًا عن الله، محرومًا منه؟! اقترب إذن إليه وتمتع به وبعشرته، كما يقول المرتل "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب". 3. وعلى هذا النحو فكيف يكون تدريس سير القديسين؟ هل هو مجرد سرد لتاريخ حياتهم وأعمالهم؟ أم كيف أعد الله هذه النفوس، حتى وصلت إلى ذلك المستوى العالي؟ وكيف قواها وحفظها؟ وكيف أحبوه هم من كل القلب وظهرت هذه المحبة في حياتهم. هل قصة القديس هي قصة حياتهن أم هي حكاية الله داخل هذا الإنسان؟ أو هي قصة عمل الله فيه، ومحبة الله له، ومحبته هو لله. وكما لخص بولس الرسول تاريخ حياته بقوله "لأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل20:2). أنستطيع إذن أن نحكي سيرة القديسين بدون حياة الله فيهم؟! بدون المواهب التي من الله، وقيادة الله لهم في موكب نصرته (2كو14:2). وقصة الحب الإلهي الذي أغناهم عن محبة الأقرباء والأصدقاء والمعارف. وكما قال الشيخ الروحاني "محبة الله غربتني عن البشر والبشريات". 4. والنعيم الأبدي: هل نصفه بعيدًا عن البشرية؟! هل هو مجرد سماء، ومجرد نعم وملكوت، وأورشليم السمائية؟ وهل هو جنة؟ أم النعيم السمائي هو التمتع بالله نفسه، هو العشرة الدائمة مع الله ومع القديسين الذين أحبوه هو تحقيق لقوله الإلهي "حيث أكون أنا، تكونون انتم أيضًا" (يو3:14) إنه "سكنى الله مع الناس" (رؤ3:21). 5. وبنفس الأسلوب يكون تدريس اللاهوت والعقائد والطقوس فلا تكون مجرد معلومات عقلية جافة، إنما تكون حديثًا ممتعًا عن الله، يشعر فيه سامعوك أنك "ناطق بالإلهيات" بأسلوب شيق ممتع يعمق محبتهم لله. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
14 يوليو 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟

سمات الحكمة الإلهية يحدد لنا معلمنا يعقوب سمات الحكمة الإلهية فيقول "أما الحكمة التي من فوق فهي أولًا طاهرة، ثم مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة، عديمة الريب والرياء " (يع3: 17). إذن، فالحكمة الإلهية تتسم بما يلي:- 1- طاهرة: أي نقية من كل خطية، بعكس الحكمة البشرية الملوثة بالضعف البشرى والطمع والأغراض الشخصية... 2- مسالمة: أي فيها روح الوداعة والهدوء والسلام، بينما الاتكال على الفكر البشرى المجرد، يعنى العجرفة والكبرياء، ويقود إلى الغضب والانفعال، ثم إلى المخاصمات والمهاترات... 3- مترفقة: أي أنها طويلة الأناة، طويلة البال، تجعلك تحاور في هدوء وصبر حتى تريح الآخرين وتريح نفسك، دون تسرع أو تطير أو تعسف أو ثورة. 4- مذعنة: أي تجعلك قابلا لتصحيح موقفك، فاتحا صدرك للرأي الآخر مهما بدًا مضايقًا أو مناقضًا لك، فهي تعلمك أن تذعن للحق، والحق هو الله، وكتلميذ للرب تتفاهم في هدوء عارضًا رأيك في وداعة، منتظرًا آراء الآخرين ونقدهم، مستعدا للتنازل عنه حين يبدو لك ضعف الرأي أو خطأه. 5- مملوء رحمة: أي أنها حانية رقيقة غير متكبرة على الآخرين، بل تحس بأحاسيسهم، وتحترم مشاعرهم، وتحنو عليهم حتى في أخطائهم أو ضعفاتهم كي تقودهم إلى فكر المسيح. 6- وأثمارًا صالحة: وما هي أثمار الحكمة الإلهية إلا ثمر الروح من محبة وفرح وسلام وطول أناة ولطف وصلاح وإيمان ووداعة وتعفف (غلا5: 22، 23)؟ 7- عديمة الريب والرياء: أي خالية من التشكك والوسوسة، إذ يكون الإنسان واثقا من فكر الله، وقادرا على تمييز مشيئته "كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته، مستنيرة عيون أذهانهم" (اف1: 17، 18) " من اجل ذلك لا تكونوا أغبياء، بل فاهمين ما هي مشيئة الرب" (اف5: 17). "وهذا أصليه: أن تزداد محبتكم أيضًا، أكثر فأكثر، في المعرفة، وفي كل فهم، حتى تميزوا الأمور المتخالفة، لكي تكونوا مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح" (في1: 9، 10). وهي أيضًا حكمة عديمة الرياء، ليس فيها غش ن ولا كذب ولا التواء، ولا يظهر الإنسان فيها ما لا يبطن، بل بالحري يكون واضحا ومستقيما ونقيا، أمام الله والناس، في السر والعلانية. هذه هي سمات الحكمة الإلهية، وهي عكس الحكمة البشرية، التي لوثتها الخطية فصارت سبب غيرة مرة، وتخرب وتشويش، وكل أمر رديء... ذلك لأنها أرضية (أي نابعة من العقل الترابي المهتم بالترابيات)، نفسانية (أي نابعة من الانفعالات والغرائز والعواطف والعادات والاتجاهات الخاطئة التي تموج بها النفس)، وشيطانية (أي مقودة بروح إبليس، العامل في أبناء المعصية)... (اقرأ يعقوب 3: 13-18). خطورة الحكمة البشرية:- من هنا كان لابد للإنسان من أن يتخذ قراراته في الحياة اليومية حسب مشيئة الله وفكر المسيح، ومن خلال قنوات محدودة نستعرضها في الفصول التالية. وهذا أمر في غاية الأهمية، فلا شك أن استسلام الإنسان لفكره أو شهواته أو حكمته المحدودة، أمر خطير يورد الإنسان موارد التهلكة، لأنه " توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت " (ام16: 25)، فلا تكن إذن " حكيما في عيني نفسك " (ام3: 7)، وذلك:- 1- لأنك محدود في إمكانياتك الفكرية... 2- ومحدود في قدراتك التنفيذية، فقد تقتنع بشيء ما، ولكنك لا تستطيع الوصول إليه. 3- ومحدود في معرفة ما هو لصالحك، فالحياة مليئة بالمنعطفات والمتاهات. 4- ومحدود في معرفة المستقبل والغيب، فقد تختار ما هو صالحًا الآن، ثم يثبت انه غير صالح في المستقبل، مثالا لذلك قد تختار شريكة حياة معينة وتتشبث بها، ولا تعرف ماذا قد يصيبها في المستقبل... 5- لهذا فالأفضل أن تعترف بضعفك ومحدوديتك، وتتفاهم مع الله طالِبًا منه أن يقود سفينة حياتك فهو: 1) الآب الحنون الذي يحبك، صانع الخيرات... 2) وهو القادر على كل شيء، ضابط الكل... 3) وهو العالم بمسار حياتك، وحياة غيرك، حتى النفس الأخير، بل حتى الأبدية. ومن هذا المنطلق الثلاثي: الحنان، والاقتدار، والعلم، يسلم الإنسان نفسه في ثقة ورضى واقتناع، ليختبر كل يوم عجبًا من فيض حنان الرب! يمكنك يا أخي الشاب أن تعاند مشيئة الله وتتمسك بفكرك الخاص، لكن ثق أن هذا الطريق مهلك، وفاشل. ويمكنك أن تستطلع مشيئة الله في كل أمر، فتسير في نور المسيح، ومساندة النعمة، وحراسة الإله، فتثمر وتنجح وتعود فرحا. لقد أراد الرسول بولس أن يبشر في آسيا، فمنعه الروح. قصد أن يذهب إلى بيثينية، فرفض الروح أيضًا. فنام في هدوء في ترواس منتظرا إعلانات الله، ولما رأى الرجل المكدوني يناديه قائلًا "اعبر إلى مكدونية وأعنا" (اع16: 9) ذهب إلى اليونان، ونجح هناك مؤسسا خمسة كنائس مباركة. "العناد كالوثن" (1صم15: 23)، لأنه عبادة للذات، أما "الانقياد بالروح" (رو8: 14) فهو كفيل بان يجعلنا أولاد الله، وما أعظمه من مركز! نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
13 يوليو 2020

بين فكر الله وفكر الإنسان

أبدأ بالآية «لأن مَنْ عرف فكر الرب؟ أو مَنْ صار له مشيرًا؟» (رو11: 34)، وهنا يكشف الكتاب عن الفارق الكبير بين معرفة الله ومعرفة الإنسان، وبين صلاح الله وصلاح الإنسان، وبين قداسة الله وقداسة الإنسان، ورؤية الله ورؤية الإنسان... وهكذا نرى بوضوح شديد تميُّز الله في صفاته المطلقة، وصفات الإنسان المحدودة والقاصرة..لذلك يحتاج الإنسان إلى التقرُّب إلى الله لكي يقوده فكريًا، وبالتالي يستفيد من فكر الله.. من هنا جاءت فكرة «لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله» (رو8: 14)، بمعنى انتماء الإنسان لله وارتباطه به واحتياجه لقيادة روح الله له، حتى يتغير فكر الإنسان ليأخذ فكر الله ويعيش به. وممكن أن نشبّه الفرق بين فكر الله والإنسان، بالفرق بين الطبيب ومريضه، وبين فكر المعلم وتلميذه، وبين فكر الأب وابنه الطفل الصغير، وبين فكر القائد المدبّر حسنًا ومَنْ ينقاد به.. وهكذا يشعر الإنسان باحتياجه لفكر الله، يطلبه في الصلاة، ويتعرف عليه من الكتاب المقدس.ولكن كيف يستفيد الإنسان من فكر الله؟ وكيف ينال هذا الفكر؟ وما هي وعود الله في ذلك؟ وأبدأ بوعود الله: 1- «وأعطيهم قلبًا واحدًا، واجعل في داخلكم روحًا جديدًا، وأنزع قلب الحجر من لحمهم، وأعطيهم قلب لحم» (حز11: 19)، والمقصود هنا التغيير الذي يحدث في القلب من الداخل، الذي منه جميع مخارج الحياة. وهذه إمكانية لا يملك إعطاءها إلّا الله فقط. وهذا القلب الجديد والروح الجديد يمنح الإنسان إمكانية الفكر الجديد، بل الطبيعة الجديدة في المعمودية، والفكر المتجدد الذي يدوم.2- وعد آخر «لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوبأ الخطر، بخوافيه يظلّلك وتحت أجنحته تحتمي» (مز91: 3-4)، ومكتوب أيضًا «لأنه بجناحيه يظلّلك، وتحت جناحيه تحتمي» ( مز91).. أي أن الطائر بخوافيه (وهي منطقة البطن بما فيها من ريش ناعم) يخفي صغاره ويعطيهم الدفء والحنان والاطمئنان، فيحميهم من الحشرات الصغيرة ومن المخاطر المحيطة. والله يشبّه نفسه بهذا الطائر ويقدم هذا المثال الحقيقي والطبيعي لكي نشعر كأبناء لله بمدى حرصه على حمايتنا وحفظنا، فلا تستطيع أي قوى شريرة أن تضرّنا أو تؤذينا. هذه الثقة في الله تقودنا في كل الظروف المحيطة بنا والمتغيرة والمتلاحقة، منها الطبيعي كالوبأ، ومنها بسبب خطايانا. ومن صلواتنا في القداس الإغريغوري: "ربطتني بكل الأدوية المؤدية إلى الحياة" ويقصد أدوية روحية كالتوبة وطاعة كلمة الله، وما قدمته الكنيسة لنا من أسرار مقدسة تُحيينا. وهكذا نختبر إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رو12: 2)؛ والإرادة هي تلاقي الفكر مع المشاعر، فتكون الإرادة والمشيئة المقدسة كثمرة حقيقية للسلوك الروحي المقدس والمفرح.مما سبق نرى فكر الله من حيث وعوده المملوءة محبة للإنسان، والتي بها يعبّر الله عن محبته للإنسان، ومدى رغبته أن يقود المؤمن فكريًا وروحيًا وإراديًا، في كل وقت وفي كل مراحل حياة الإنسان، منذ ميلاده وفي صباه وشبابه وحتى شيخوخته، ويبقى لخلاصه مدى طاعته وخضوعه لإرادة الله وفكر الله، وكل هذا لينعم بمحبة الله وحراسته له وحفظه من شرور العالم وحروب الشيطان وباقي ضغوط العالم والمجتمع عليه، وسيبقى فكر الله مضيئًا من خلال الأب الروحي الذي يرشد ويقود ويوجه دائمًا. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل