المقالات
07 سبتمبر 2020
علامات المجيء الثاني ونهاية العالم كالآتي ج3
3- حروب وأخبار خروب
يتكلم الكتاب عن حروب كثيرة ورهيبة (مت6:24؛مر7:13) وانتشار أحاديث عن حروب وأخبار حروب (مت6:24؛مر7:13) إلى جانب وجود ثورات كثيرة وحروب مدنية كثيرة (لو9:21) وانتشار الصراعات القومية بكثرة شديدة (مت7:24؛مر8:13) وُجدت الحروب في العالم منذ فجر التاريخ ، بل منذ آدم نفسه عندما قام ابنه قايين على أخيه هابيل وقتله (تك 8:4) ، وقد تكررت كلمة حرب في الكتاب المقدس 321 مرة وكلمة حروب 44 مرة . ويذكر التاريخ الحروب المتواصلة التي كانت تحدث دائما خاصة في منطقتي الشرق الأوسط وأوربا ، ومن أشهر هذه الحروب الحروب التي قامت من أجل السيادة العالمية وتكوين إمبراطوريات عظيمة والتي بدأت بمصر ثم أشور ثم الإمبراطوريات التي أعقبت ذلك منذ سنة 607 ق م وحتى نهاية القرن التاسع عشر ، وهى الإمبراطوريات البابلية والفارسية واليونانية بقيادة الإسكندر الأكبر ثم خلفائه والإمبراطورية الرومانية التى دامت سيادتها وحروبها أكثر من 1400 سنة ثم الدولة الإسلامية والحروب الصليبية ثم حروب الدولة العثمانية ، إلى جانب حروب المغول والتتار القادمين من شمال أسيا ، وحروب الإمبراطورية الروسية القيصرية ، والحروب التى انتهت باستعمار عدد من دول أوربا للكثير من الدول الأسيوية والأفريقية .. الخ . ومع ذلك فقد كثرت الحروب في هذا القرن بشكل مخيف ، سواء بسبب التحرر من الاستعمار بأشكاله المختلفة أو بسبب السيادة العالمية على الدول الأقل ، مثل دول ما يسمى بالعالم الثالث أو الدول النامية ، وتطلع دول مثل بريطانيا وفرنسا سابقا وأمريكا وروسيا حاليا للسيادة على العالم كله !! أو لأسباب عرقية أو دينية أو للسيطرة على مصادر الطاقة مثل البترول .. الخ . فقد نشب في هذا القرن وحده عشرات الحروب الدولية والأهلية والعرقية والدينية وراح ضحيتها اكثر من100 مليون نسمة ، منهم 10 مليون في الحرب العالمية الأولى ( 1914-1917) ، وحوالي 50 مليون في الحرب العالمية الثانية سنة 1945م ، واكثر من مليون في الحرب الأهلية في نيجيريا 1966 ، ومئات الألوف في حروب العراق مع إيران ، وحرب الخليج ، والحرب الأهلية في العراق مع الأكراد والشيعة ، كما هلك الملايين في الحروب الأهلية والعرقية في البوسنة والهرسك والصومال وجنوب السودان ورواندا والفليبين وأفغانستان وكشمير وسريلانكا وليبيا وتشاد وغيرها من الدول . ويقول تقرير للأمم المتحدة صدر سنة 1994م انه يوجد الآن حوالي أربعين حرباً في أربعين مكاناً مختلفاً في العالم في وقت واحد . ويوجد الآن ، سنة 1998م ، اكثر من مائة حرب أهلية في العالم .وقد بلغ عدد الحروب التي نشبت في العالم منذ الحرب العالمية وحتى الآن أكثر من خمسة وستين حرباً مات فيها ملايين الناس مثل حرب شبه الجزيرة الكورية وحرب فيتنام وجرينادا وبنما وهايتى وحرب الخليج . . الخ . وتقول الإحصائيات أن من هلك في حروب القرن العشرين اكثر ممن هلك في حروب اكثر من عشرة قرون ، فقد هلك في حروب القرن السابع عشر ثلاثة ملايين ، وفى حروب القرن الثامن عشر خمسة ملايين ونصف ، وهلك في حروب القرن التاسع عشر 16 مليون نسمة ، أي هلك في قرن واحد يساوى ما هلك في حروب ثلاثة قرون ثماني مرات !! ومن اخطر الحروب الآن ، خاصة الحروب الأهلية ، هي الحروب العرقية مثل التي تحدث في أفريقيا خاصة رواندا ، والعرقية الدينية مثلما يحدث في البوسنة والهرسك وصربيا وإقليم كوسوفو ، في يوجوسلافيا السابقة ، إلى جانب التي يمكن أن تحدث في المستقبل بين تركيا واليونان ، مثلا ، بسبب النزاع في قبرص بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين أو إذا تدخلت إحدى الدولتين في النزاع الدائر في يوجوسلافيا لصالح طرف ستتدخل الأخرى لصالح الطرف الآخر .وتطورت الأسلحة في هذا القرن بصورة مذهلة ورهيبة ، فقد حارب نابليون في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر بأسلحة متطورة قليلاً عن الأسلحة التي حارب بها الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد تقريباً . وكانت أسلحة القرن السابع عشر هي الرماية ، وتحولت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى المدافع ، أما في حروب القرن العشرين فقد استخدمت الدبابات والطائرات والقنابل العادية ، ثم دخلت القنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية والتي أهلكت قنبلة واحدة منها 200,000نسمة في هيروشيما باليابان سنة 1945م ولم يتبق في المدينة سوى الرماد . ثم أنتجت القنبلة الهيدروجينية ، وهى أقوى مئات المرات ، بل آلاف المرات ، من القنبلة الذرية ، فإذا كانت القنبلة الذرية تعادل 10 كيلو طن من المواد المتفجرة ( أي 20 إلف طن من مادة التروتيل ) فقد صنعت قنبلة هيدروجينية تعادل اكثر من 100,000,000 ( مائة مليون ) طن من المواد المتفجرة ، فضلاً عن إشعاعها المميت . وذلك إلى جانب الصواريخ عابرة القارات وحروب الفضاء التي تمكن الإنسان من ضرب أي نقطة على الأرض من الفضاء بدقة متناهية . وكذلك أيضا الأسلحة البكتريولوجية والبيولوجية والجرثومية ، أو الجراثيمية ، والتي ما تزال تنتج وتستخدم في الحروب على الرغم من تحريمها دولياً . كما أسفرت أبحاث الفضاء عن إمكانية استخدام سلاح جديد ورهيب ، اسماه العلماء " شعاع الموت “ أو ضوء الليزر ، أي “ تكبير شدة الضوء بإثارته بالإشعاع “ الذي إذا ثُبت على محطة فضاء يتحكم فيها البشر فسيكون السلاح الرهيب الذي يستطيع أن يفنى أي جزء من العالم في غمضه عين !! بل وهناك حديث عن قنبلة يحاول العلماء إنتاجها ، يقولون أنها لو انفجرت في الأرض فستكون كفيلة بأن تخرج الأرض من مسارها حول الشمس وتذهب إلى قرار غير معلوم ، إذ أنها ستفوق حرارة الشمس ذاتها !! وبلغ السباق الجنوني ذروته في إنتاج اخطر الأسلحة وأشدها فتكاً . فقد بلغت ميزانية التسليح للعالم 200مليار دولار سنة 1970، وبلغت ما يقرب من 350مليار سنة 1980 ، ولا تزال هذه الميزانية في تصاعد كل يوم ، ولا يزال العلماء كل يوم يخترعون الجديد من اشد أنواع الأسلحة وأفظعها فتكاً ، حتى قال المؤرخ والفيلسوف المشهور أ . ج . ويلز قبل وفاته " أن العالم تردى في هوة سحيقة لا قرار لها . ولم يعد ثمة طريق للنجاة " . وعندما سئُل العالم الكبير البرت إينشتاين ؛ ما هو السلاح الذي يمكن أن يستخدم في حرب عالمية ثالثة ، قال “ في الثالثة لا اعرف ، أما في الرابعة فيستخدم القوس والنشاب “ والخلاصة هي كما يقول أحد العلماء ؛ أن هناك من الأسلحة النووية ما يكفى لقتل كل سكان الأرض 12 مرة . وذلك إلى جانب ما يسمى ب " الشتاء النووي " القادم الذي فيه لن تتمكن أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض بسبب السحب المشبعة بالدخان النووي الذي قد يسبب هبوط شديد في درجات الحرارة يصل إلى 104 درجة فهرنهيت .كما أن الحروب أيضا تتسبب في حدوث المجاعات لأنها تدمر البنية التحتية ووسائل المواصلات والمياه وإمدادات الغذاء وغيرها وتهجير عدد كبير من السكان من موطنهم الأصلي إلى جانب آلاف اللاجئين الذين يصبحون بلا مأوى ولا ملجأ أو مياه نقية للشرب ، كما تسبب العديد من الأمراض الوبائية التي تتسبب في الوفيات الجماعية ، وذلك إلى جانب القحط والجفاف ... الخ والسؤال الآن هل يتمكن العلماء ورجال السياسة من القضاء على أثار المواد الذرية والنووية ..الخ ؟ وهل يمكن تأخير الحروب النووية المحتملة أو إيقافها ؟ وهل يمكن للعالم أن يتخلص من كل الكميات الهائلة التي صنعها في المعامل النووية والذرية والبيولوجية والكيميائية وغيرها ؟
4- المجاعات
قال السيد المسيح " وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن " ( مت7:24) ، " مجاعات عظيمة في أماكن كثيرة (مت7:24؛مر8:13؛لو11:21) حدثت المجاعات منذ القدم وتحدث دائما في كل عصر وقد وردت كلمة جوع في الكتاب المقدس 184 مرة وأغلبها بمعنى مجاعة ، كما وردت كلمة مجاعة 3 مرات وكلمة مجاعات 3 مرات أيضا ، ومن اشهر هذه المجاعات ما حدث أيام إبراهيم واسحق ويعقوب والتي بسببها ذهب إبراهيم إلى مصر وذهب أسحق إلى ملك جرار وذهب يعقوب وأبناؤه إلى مصر أيضا واستقروا فيها مدة عبوديتهم ( أنظر تك 12،26،41) ، وما حدث أيضا أيام الرسل ( أنظر أع 28:11) وتحدث المجاعات لأسباب عديدة مثل الجفاف الذي يدمر المحاصيل أو يمنعها من النضج والحصاد ، والفيضانات التي تدمر المحاصيل أيضا كما حدث في ربيع وبداية خريف 1996م ومنع الزراعة في موعدها . وقد مات الآلاف في الصومال بسبب القحط خاصة في المناطق البعيدة التي لم تصل إليها المعونات الغذائية والحبوب . كما تحدث المجاعات لأسباب اقتصادية حيث يعانى الملايين في دول العالم الثالث بسبب نقص التغذية والتي تتسبب في ضعف مقاومة الأمراض ووفيات الأطفال . وهناك الآن ما يقرب من مليار شخص في العالم يعانون من سوء التغذية . ومن أخطر الأمور التي تواجه الكثير من البلاد في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين هو ما يسمى بحرب المياه وقد نقلت " The World Press Review " عن الجارديان البريطانية في نوفمبر 1995م قائلة " ستكون الحروب القادمة على المياه " حيث أنه يوجد الآن ثمانون دولة تعانى من نقص في المياه مما يهدد الصحة بها والدخل القومي لكل منها ، ويتضاعف الطلب على المياه كل أربعة وعشرين عاما بسبب زيادة السكان ويقول الخبراء أن الموقف المائي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط متقلقل وقد حدث حديثا جفاف خطير في شمال الصين وغرب وجنوب الهند وأجزاء من باكستان ، وجنوب أمريكا . وأصبحت إمدادات المياه صعبة بالنسبة لكثير من المدن الشهيرة وقد حذر البنك العالمي في عشية " مؤتمر المياه " الذي أنعقد في ستوكهولم في السويد قائلا " ستكون حروب القرن القادم بسبب المياه " فهناك أحاديث ومناقشات بخصوص مياه النيل بين مصر وكل من السودان وأثيوبيا وقلق في كل من سوريا والعراق بسبب بناء تركيا للسدود على طول منابع نهر الفرات ويتجادل كل من هنغاريا وسلوفاكيا حول بناء سد ضخم هايدروإليكتريك ( توليد الكهرباء من القوة المائية ) على نهر الدانوب الذي يقع على الحدود بينهما . وبعد أن حولت إسرائيل مياه كثيرة من مصدر نهر الأردن بدأ يقل احتياطي المياه الأردني بدرجة كبيرة جداً . كما حذروا قائلين " سيأتي الوقت الذي تعامل فيه المياه كمصدر ثمين مثل البترول ، وليس مصدر مجاني كالهواء ". وتحول نطاق القمح الأمريكي والحبوب خلال سنوات قليلة من الفيضانات الرهيبة إلى الجفاف وفى بعض الأحيان دمر المزارع والأرضي معا كما حدث أثناء أشهر الربيع سنة 1996م ، كما امسك الجفاف القاسي بنطاق القمح في بعض الأماكن لمدة ثلاث سنوات متواصلة ، ومرت مناطق غرب كنساس ونبراسكا واوكلاهوما وتكساس وكلورادو الغربية لصقيع شديد مبكر بعد زراعة محصول 1996م بوقت قصير ، ثم سببت الرياح التي وصلت سرعتها إلى خمسين ميل في الساعة تلف أكثر . وكل يوم تأتينا وسائل الأعلام المختلفة بأخبار الأعاصير والفيضانات والقحط والجفاف والمجاعات .ومن العوامل الرئيسية أيضا في حدوث المجاعات ونقص الأغذية زيادة عدد السكان مع نقص مساحة الأراضي الزراعية . وقد تزايد عدد السكان بصورة رهيبة في هذا القرن العشرين وتناقصت مساحة الأراضي الزراعية بدرجة تنذر بالخطر الشديد فقد كان عدد السكان سنة 1765م 500 مليون نسمه ، وسنة 1850م 1000 مليون نسمة ، وسنة 1930م 2000مليون نسمة ، وقفز إلى 4000 مليون نسمة سنة 1975م ، وإلى 5000 مليون نسمة في الثمانينات ، وتعدى ال6000 مليون نسمة في منتصف التسعينات ، وسيصل إلى 7000 مليون نسمة سنة 2000م !! ويقابل هذه الزيادة في السكان نقص شديد في الأراضي الزراعية بسبب التصحر أو عوامل التعرية التي تتسبب في اختفاء 6000 مليون طن سنوياً أو بسبب عمليات البناء والتعمير التي تفقد الأراضي الزراعية أو القابلة للزراعة 200 فدان كل دقيقة . ولو أستمر الحال بهذا المعدل سيفقد العالم ثلث الأراضي الزراعية بحلول سنة 2000م تقريباً . وتقول إحدى الإحصائيات أنه " فيما كان هناك نحو 1,650 مليون شخص يعانون من سوء التغذية سنة 1950م ، كان هناك 2,250 مليوناً سنة 1980م ، أي بزيادة قدرها 600 مليون أو 36% " وبسبب ذلك حدثت المجاعات في أفريقيا وغيرها ومات الملايين بسببها ويتوقع بول ايرلخ أحد خبراء البيئة حدوث مجاعة في الولايات المتحدة الأمريكية يموت فيها الملايين جوعا فهل سيستطيع العالم في السنوات القادمة من إيقاف الزيادة السكانية المتوقعة في الأيام القادمة وإنتاج الطعام الكافي لكل من يعيشون على الأرض ؟
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
وللحديث بقية
المزيد
06 سبتمبر 2020
«توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ»
اقتراب الملكوت له عدّة معانٍ في الإنجيل، فقد يعني مُلك الله على القلب «ليأتِ ملكوتك». وقد يعني انتشار المسيحية «الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ مِنَ القيامِ ههنا قَوْمًا لا يَذوقونَ الموتَ حتَّى يَرَوْا ملكوتَ اللهِ قد أتَى بقوَّةٍ» (مرقس9: 1). وقد يعني نهاية العالم والحياة الأبدية، كما ورد في مَثَل العذارى حيث يتحدث عن المجيء الثاني للمسيح: «حينَئذٍ يُشبِهُ ملكوتُ السماواتِ...» (متى25: 1)؛ والمعنى الأخير هو المقصود في الكرازة.كانت هذه العبارة: «توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ» هي مضمون كرازة الآباء الرسل، والمناداة المتكرِّرة على الشعب. بدأ بها يوحنا المعمدان: «توبوا، لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ» (متى3: 2)، وكانت كذلك أول عبارة افتتح بها السيد المسيح كرازته: «مِنْ ذلكَ الزَّمانِ ابتَدأَ يَسوعُ يَكرِزُ ويقولُ: توبوا لأنَّهُ قد اقتَرَبَ ملكوتُ السماواتِ» (متى4: 17)، ثم سلمها الرب للآباء الرسل في إرساليته لهم: «واشفوا المَرضَى الّذينَ فيها، وقولوا لهُمْ: قد اقتَرَبَ مِنكُمْ ملكوتُ اللهِ»، وإذا رفضوهم عليهم أن يؤكدوا لهم بذات المناداة قبل المغادرة «... حتَّى الغُبارَ الّذي لَصِقَ بنا مِنْ مَدينَتِكُمْ نَنفُضُهُ لكُمْ. ولكن اعلَموا هذا: إنَّهُ قد اقتَرَبَ مِنكُمْ ملكوتُ اللهِ» (لوقا10: 9-11)، وكأنّي بهم يعلنون أن لُبَّ رسالتنا وغرض مجيئنا هو أن تتوبوا "لا سيما" وقد اقترب ملكوت السموات، وهي نصيحة يمكن اعتبارها "خلاصة القول"، والهدف الرئيسي من الكرازة أن يتوب الناس؛ تذكّرني بالآية التي اختصرت الإنجيل كله: «لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ» (يوحنا3: 16).والآية «توبوا ...» لا تحمل تحذيرًا ووعيدًا قدر ما تحمل تشجيعًا وتحفيزًا، مثل الذي يبشّر بالنجاح وليس بالاختبار، يَعِد بالمكافأة لا من هَول المواجهة، مثلما كانت وصية «يومَ تأكُلُ مِنها (شجرة معرفة الخير والشر) موتًا تموتُ» (تكوين2: 17)، لم تكن تهديدًا بل كانت تنبيهًا وتوعية، ومع ذلك فلا مانع من اعتبارها سلاحًا ذي حدّين...هناك إضافة وضعها السيد المسيح في مناداته وهي "فتوبوا وآمنوا بالإنجيل": «قد كمَلَ الزَّمانُ واقتَرَبَ ملكوتُ اللهِ، فتوبوا وآمِنوا بالإنجيلِ» (مرقس1: 15). و"آمنوا بالإنجيل" تعني أن المناداة تبعث على الطمأنينة، إذًا فهي بشارة فرح ورجاء (إنجيل = إيف آنجيليون= بشارة مفرحة أو خبر سار)، وعلّة الفرح هنا تتضمنّه الكلمة "اقترب" والتي تعطي للخطاة رجاءً بأن الباب لم يوصد بعد، وللمستعدين سرورًا لأن وقت المكافأة لم يعد بعيدًا. تمامًا مثلما أشار الرب في مثل الوزنات: «أتَى سيِّدُ أولئكَ العَبيدِ وحاسَبَهُمْ» (متى25: 19)، لا شك أن خبر مجيئه سوف يُسعد أولئك الذين تاجروا وربحوا، وإن كان يصيب المتكاسلين بالارتباك.ولا شك أن تعبير قد "اقترب منكم" يختلف كثيرًا عن تعبير "أَقْبَلَ عليكم" "والذي يُعَد حُكمًا صدر: «إنْ كُنتُ أنا بروحِ اللهِ أُخرِجُ الشَّياطينَ، فقد أقبَلَ علَيكُمْ ملكوتُ اللهِ!» (متى12: 28)، وهناك إشارة مماثلة في مثل العذارى: «هوذا العريسُ قد أَقْبَلَ» (متى25: 6)، وهو تعبير يعني أن جميع الفرص قد اُستُنفِذت. والأصعب من تعبيري "اقترب" و"أقبل" هو تعبير «أُغلِقَ البابُ» (متى25: 10)، أي قُضِي الأمر...«فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ النّاسِ في كُلِّ مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ» )أعمال17: 30)
نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس الاسقف العام المنيا وأبوقرقاص
المزيد
05 سبتمبر 2020
علامات المجيء الثاني ونهاية العالم ج2
مما سبق يمكن أن نلخص علامات المجيء الثاني ونهاية العالم كالآتي :
1- ازدياد المعرفة بشكل هائل (دا4:12)
ازدادت المعرفة والعلوم في العصر الحالي ، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين ، بشكل مذهل وشبه فجائي في كل العلوم وتزداد في كل يوم ، بل في كل ساعة بدرجه مذهلة ، وعبر عن ذلك دكتور روبرت أونهيمر بالقول " أن نصف المعرفة عندنا اليوم قد وصل إليها الأسبقون على مدى عشرة آلاف سنة . وأن النصف الآخر وصلنا إليه في الخمس عشرة سنة الماضية فقط . وهذه المحصلة من المعرفة يمكن أن تتضاعف في خمس السنوات القادمة "(1) ؛ ففي علوم الفلك والفضاء التي توصل فيها الإنسان ، عن طريق أجهزة التلسكوب الدقيقة ، إلى معرفة الكثير من أسرار الكون ومجراته ونجومه ومجموعاته الشمسية وكواكبه ، كما دار الإنسان حول الأرض في سفن فضائية ونزل على سطح القمر ووصل إلى عدد من الكواكب الأخرى وصور أسطحها عن طريق السفن الفضائية ، ومازال يتقدم كل يوم في معرفة الكثير من أسرار الفضاء الخارجي للكون اللانهائي ، وذلك عن طريق المراصد الفلكية ومحطات الفضاء الأرضية التي تتحكم في سفن الفضاء والأقمار الصناعية لاسلكيا باستخدام الأجهزة الإليكترونية الدقيقة جدا كما صنع الأقمار الصناعية التي تصور كل جزء على هذه الأرض والتي استخدمها أيضا في بث القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وشبكات الإنترنت ( شبكات المعلومات ) التي تبث ملايين الملايين ، بل بلايين البلايين ، من المعلومات في كل فروع العلوم والمعرفة إلى جميع دول العالم ، في وقت واحد ، وذلك إلى جانب استخداماتها الأخرى مثل البريد الإليكتروني والتليفون الدولي المرئي والمسموع ..الخ حتى صار العالم قرية صغيرة ، ما يحدث في ركن فيها يعرفه جميع البشر في وقت واحد !! وقد بنى Intel حديثا جهاز كومبيوتر يستخدم سطح رقيق ومكونات عادية لتسجيل ترليون (1,000,000,000,000 أي = مليون مليار ) معلومة في الثانية !! ويستعد الآن علماء الكمبيوتر للتوصل إلى الوسائل التى تجعل كل فرد قادرعلى الاتصال بأي إنسان أخر في أي مكان !! بل وقد أعلن رئيس شركة ميكروسوفت ، اكبر شركة للكمبيوتر والانترنيت في العالم ، في أمريكا أنه بحلول عام 2005م سيتمكن الإنسان من طلب المعلومات من شبكة الانترنيت لا بكتابة اسم المعلومة عن طريق لوحة المفاتيح الخاصة بالكمبيوتر ، بل بمجرد التركيز الذهني في الجهاز !ويستخدم الآن في الاسكا كمبيوتر ضخم وأقوى مغناطيس كهربائي electromagnet في العالم وتُجرى عليه التجارب للتأثير على الطقس وأحداث الزلازل ..الخ !! كما يتم الآن صنع رقائق دقيقة جداً ، بالغة في الصغر ، رقاقات الكمبيوتر لذرعها في جسم الإنسان ، خاصة في دائرة أفراد القوات العسكرية وفيما بعد في الأشخاص العاديين ، وذلك بقصد الاندماج مع الاتصالات التكنولوجية !! عن طريق وضعها في بطاقات صغيرة تستوعب المعلومات الشخصية الكاملة لصاحب البطاقة إلى جانب الموقف المالي والتاريخ الطبي له وتمكن الشخص أو تمنعه من الدخول في الحسابات المصرفية في البنوك المختلفة مباشرة . وفى شمال أمريكا يستخدم المسؤلون عن الرفق بالحيوان مثل هذه الرقاقات المتناهية في الصغر ويضعونها في آذان القطط والكلاب لتتمكن من مساعدة أصحابها للتعرف عليها ومتابعة حركتها في أى مكان . كما تستخدم هذه الرقاقات في إسطبلات تربية الخيول ومزارع العجول والخراف والأسماك التابعة للسوق الأوربية . ويقول الخبر التالي الذي نشر في أهرام1 ديسمبر 1998 " ظهور الجيل الأول من " قارئ جينات البشر " شرائح إليكترونية تفك ملايين الشفرات الوراثية للإنسان وتتنبأ بما سيصيبه من أمراض خلال اقل من عشرة سنوات سيكون من الشائع أن تسمع طبيبا يطلب من المريض أن " يقرا نفسه جينيا " قبل أن يبدأ علاجه ، فقد بدأت في الظهور ألان الجيل الأول من قارئ جينات البشر ، وهي عبارة عن شرائح إلكترونية صغيرة جدا ، مساحتها لا تزيد علي مساحة ظفر الإصبع ، والمفترض أن تقوم مستقبلا بفك أسرار الشفرات الوراثية للمريض ، وجعلها مكشوفة ومتاحة أمام الأطباء ، فمن خصلة شعر أو قلامة أو نقطة دم يفك هذا القارئ شفرة الجينات الموجودة بداخلها ، ويقوم بتحليلها ، ويوضح لصاحبها ما إذا كانت جيناته ستعرضه مستقبلا لخطر الإصابة بمرض الزهايمر أو أمراض القلب وما إذا كانت بعض خلايا جسمه ستتطور إلي سرطان ، وأفضل وأنسب الأدوية التي يمكنه الاعتماد عليها في التعامل مع ما أصابه أو سيصيبه من أمراض أو عدوات بكتيرية أو فيروسية ويمكن القول أن شرائح الجنيات لن تعمل بمفردها ، بل ستكون محورا لنظام متكامل للتحاليل والعلاج الطبي معا ، سيتم بناؤه بالمشاركة بين تكنولوجيا المعلومات وصناعة الحاسبات وتكنولوجيا الليزر والخبرات الطبية وصناعة الأدوية ، وربما تدخل علوم أخرى في هذا النظام أو الجهاز من حاسب قوي وسريع جدا بمعدلات تفوق السرعات المعروفة حاليا بعشرات المرات ، ومزود بوحدة خاصة تستطيع إدارة الشريحة الجينية المقترحة بشكل يسمح بقراءة ما بها من معلومات ، ووحدة ليزر ، وعند بدء عمل هذا النظام سيكون قد تم توفير شريحة جينات مخزن عليها مئات الآلاف من الشفرات الجينية المعروفة جيدا والمأخوذة من الحامض النووي لأعداد كبيرة من البشر ، ومن خلال استخدام الحاسب وأشعة الليزر وبعض الأدوات الأخرى يتم إدخال عينة من الحامض النووي للشخص المراد فحصه جينيا إلي جهاز التحليل ، والذي سيقوم بدوره بقص الحامض النووي للشخص إلي مقاطع بمقاسات وطرق معروفة ليعزل كل المتتابعات الجينية الموجودة في العينة كل علي حدة ، ويحولها إلي مئات الآلاف من الشفرات الجينية الجاهزة للتحليل ، ثم يرسلها إلي مكان الشريحة الجينية داخل الجهاز ، ويتم تسليط ضوء الليزر علي العينة المراد اختبارها مع الشريحة الجينية للمقارنة أو المضاهاة ، بحيث يتم تمرير مئات الآلاف من الشفرات غير المعروفة التي تحتويها العينة علي مئات الآلاف من الشفرات المعروفة التي تحتويها الشريحة ، وفي كل مرة تتطابق فيها شفرة من العينة مع شفرة من الشريحة يقوم الكمبيوتر بتسجيل ذلك ، كما يسجل أيضا حالات عدم التطابق وهكذا حتى يتم مضاهاة جميع الشفرات ، وهنا يكون قد تم فك وقراءة الشفرات الجينية للشخص صاحب العينة " ويقوم العلماء الآن بعمل قطع غيار بشرية صناعية للإنسان تعمل بالكمبيوتر كما يقول الخبر التالي " قلوب صناعية تعمل بالكمبيوتر ! " يتوقع العلماء البريطانيون أن تظهر في القرن المقبل قلوب صناعية تعمل بالكمبيوتر ، وخلايا صناعية يمكن زرعها مكان الخلايا التالفة . وقال سبعة من علماء الطب البارزين ببريطانيا- في كتاب صدر أمس في لندن بعنوان " مستقبليات طبية " – إن الاهتمام بالصحة والاكتشاف المبكر للأمراض سوف يزيدان من فرصة بقاء الإنسان علي قيد الحياة وهو بصحة جيدة . وأضافت الدكتورة كاريل سيكورا ، الأستاذة في إمبريال كولدج بلندن ، أن القرن الجديد سوف يشهد تطورا هائلا في علاج السرطان بالأدوية والجينات ، وأن بدايات القرن ستكون عصرا ذهبيا في علاجه وخفض الإصابة به . وأشار العلماء إلي أن تطور المعرفة بوسائل علاج الأعصاب التالفة ، سوف يساعد علي إعادة البصر إلي المكفوفين ، والسمع للصم " كما يقوم العلماء الآن بعمل تجارب لعمل نسخ متطابقة من الحيوانات وقد نجحوا في عمل نسخة من نعجة ويحاولون عمل نسخ لأجزاء من جسم الإنسان وذلك عن طريق التدخل العلمي في تركيب العناصر الوراثية للخلية الحية !! وتصنع الآن الخلايا الإنسانية الصناعية !! ويحاول بعض العلماء عمل نسخ من الإنسان نفسه سواء الحي أو الميت الذي لا تزال بعض خلاياه حية !! وقد حذر رجال الدين وقادة الأمم من الخطورة الأخلاقية لمثل هذا العمل غير الأخلاقي . وقد نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 27 /11 /1998 تحت عنوان " أمريكا تحاصر استنساخ البشر " ، " حتى لا تخرج عمليات الاستنساخ عن نطاق السيطرة ، عقد أعضاء اللجنة المختصة بالأخلاقيات العلمية – المكونة من مستشاري الرئيس الأمريكي بيل كلينتون – اجتماعا عاجلا لبحث التجارب التي يجريها العلماء بمعهد في ولاية ماساشوستس ، للتأكد من أن التجارب لا تهدف إلي استنساخ إنسان كامل . وفي خطاب بعث به إلى الرئيس كلينتون ، قال رئيس اللجنة إن أي محاولة لاستنساخ طفل عن طريق دمج نواة خلية بشرية مع بويضة غير بشرية سوف يثير موجة من الغضب والاستياء ، ويجب منعها وكان أحد العلماء في معهد " تكنولوجيا الخلية " في ماساشوستس قد أعلن في وقت سابق أنه قام بالفعل بدمج نواة خلية بشرية مع بويضة بقر منزوعة النواة لتنمية نوع من الخلايا يسمي خلايا " الجذع " هذا النوع يمكنه النمو والتحول إلي أي نوع أخر من الخلايا ، وبالتالي يمكن أخذها واستخدامها في زراعة الأنسجة لعلاج أمراض مثل الشلل الرعاش والسكر . ويتوقع العلماء أن تتم فيما بعد تنمية أعضاء كاملة مثل القلب والكبد في المعمل " .وفى مجال علوم الكتاب المقدس توصل علماء التوراة اليهود حديثاً جداً من خلال حسابات كودية إلى أن معظم النبوات الخاصة بالسيد المسيح ، من سفر التكوين إلى سفر ملاخى ، تحوى على أسمه "يسوع yeshua " !! وبرغم هذه الزيادة المذهلة في المعرفة والاختراعات والمبتكرات التي تتزايد وتتضاعف كل يوم بنسب مهولة إلا أننا نعتاد عليها وتصبح بالنسبة لنا أمرا عاديا ، خاصة بعد ممارستها ، ولا نعرف بالضبط ما المدى الذي ستصل إليه وكيف ستكون لحظة مجيء السيد المسيح !!
2 - ظهور مسحاء كذبة
حذر السيد المسيح من ظهور المسحاء الكذبة الذين سيسبقون مجيئه الثاني (مت5:24؛مر7:13؛1يو18:2و22) ، ونتيجة لرفض اليهود لقبول السيد المسيح، يسوع الناصري ، كالمسيح المنتظر فقد ظهر كثيرون من اليهود عبر التاريخ يدعى كل واحد منهم أنه هو المسيح المنتظر ومن أشهر هؤلاء باركوبا الذي أدعى أنه هو المسيح المنتظر وقاد اليهود في حرب فاشلة مع الرومان سنة 132م انتهت بالدمار النهائي لكل ما تبقى لليهود في فلسطين بعد دمار الهيكل على يد تيطس سنة 70م وأنهت تماما على الوجود اليهودي في فلسطين . ( أنظر الفصل الخاص بضد المسيح ) .
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
وللحديث بقية
المزيد
04 سبتمبر 2020
علامات المجيء الثاني ونهاية الأزمنة
على الرغم من أن السيد لم يحدد اليوم أو الساعة التي سيأتي فيهما ولا زمن مجيئه فقد أعطى علامات محددة وواضحة تسبق مجيئه وهذه العلامات تتلخص في حدوث كوارث عظيمة في الكون ؛ في السماء ، النجوم والشمس والقمر ، وعلى الأرض مثل الزلازل والبراكين والحروب والمجاعات والأوبئة ، والارتداد سواء عن الدين أو الإيمان القويم ، وبالتالي ظهور البدع والهرطقات ، وظهور الأنبياء الكذبة والمسحاء الكذبة وأضداد المسيح وعلى رأسهم ضد المسيح الأخير أو ما يسمى بالمسيح الكذاب أو الدجال ، وأخيرا الكرازة بالإنجيل في الخليقة كلها ولكل البشرية . مع ملاحظة أن هذه العلامات تحدث دائما وباستمرار في كل زمان ومكان ، وقد كان دمار أورشليم سنة 70م صورة مصغرة لها ، ولكنها ستزداد بشدة وكثافة قبل المجيء الثاني . وفيما يلي أهم الآيات التي وردت في الكتاب عن هذه العلامات " وفيما هو ( السيد المسيح ) جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين قل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر " ؛ " فأجاب يسوع وقال لهم انظروا لا يضلكم أحد فان كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين ، وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب انظروا لا ترتاعوا لأنه لا بد ان تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد ، لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة و زلازل في أماكن ، ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع ، حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل اسمي ، وحينئذ يعثر كثيرون ويسلمون بعضهم بعضا ويبغضون بعضهم بعضا ، ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين ، ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين ، ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص ، ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهى . فمتى نظرتم رجسه الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس ، ليفهم القارئ ، فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئا والذي في الحقل فلا يرجع إلي ورائه ليأخذ ثيابه وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت ، لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون ، ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام ، حينئذ ان قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا ، لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا . ها أنا قد سبقت وأخبرتكم ، فان قالوا لكم ها هو في البرية فلا تخرجوا ها هو في المخادع فلا تصدقوا ، لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق و يظهر إلي المغارب هكذا يكون أيضا مجيء ابن الإنسان ، لأنه حيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور . وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ، فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من اقصاء السماوات إلي اقصائها ، فمن شجرة التين تعلموا المثل متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف قريب ،هكذا انتم أيضا متى رأيتم هذا كله فاعلموا انه قريب على الأبواب الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله ، السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول . وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلا أبى وحده . وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضا مجيء ابن الإنسان لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك ولم يعلموا حتى جاء الطوفان واخذ الجميع كذلك يكون أيضا مجيء ابن الإنسان ، حينئذ يكون اثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر ، اثنتان تطحنان على الرحى تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى . اسهروا إذا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ، واعلموا هذا انه لو عرف رب البيت في أي هزيع يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته ينقب ، لذلك كونوا انتم أيضا مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان " (مت3:24-44) وقال القديس بولس الرسول بالروح عن علامات هذا المجيء الثاني : " ثم نسألكم أيها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر ، لا يخدعنكم أحد على طريقة ما لأنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه اله ، أما تذكرون أني وأنا بعد عندكم كنت أقول لكم هذا والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته ، لان سر الإثم الآن يعمل فقط إلى أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن . وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة ، وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا ، ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب ، لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم " (2تس1:2-12) .ويقول أيضا في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس : " ولكن اعلم هذا انه في الأيام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة ، لان الناس يكونون محبين لأنفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين ، بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح ، خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله ، لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها فاعرض عن هؤلاء " (2تى 1:3-5) ويقول أيضا " لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم ، فيصرفون مسامعهم عن الحق وينحرفون إلى الخرافات " (2تى3:4) ويقول القديس بطرس بالروح : " عالمين هذا أولا انه سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات أنفسهم ، وقائلين أين هو موعد مجيئه لأنه من حين رقد الأباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة ، لان هذا يخفى عليهم بإرادتهم ان السماوات كانت منذ القديم و الأرض بكلمة الله قائمة من الماء وبالماء اللواتي بهن العالم الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك ، وأما السماوات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار إلي يوم الدين وهلاك الناس الفجار ، ولكن لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوما واحدا عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد ، لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة و تحترق الأرض والمصنوعات التي فيها ، فبما أن هذه كلها تنحل أي أناس يجب أن تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى ، منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر ، لذلك أيها الأحباء إذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام " ( 2بط1:3-14) ويقول الوحي في سفر دانيال النبي " وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت وفي ذلك الوقت ينجى شعبك كل من يوجد مكتوبا في السفر ، وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الأبدي ، والفاهمون يضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى ابد الدهور . أما أنت يا دانيال فأخف الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد ، كثيرون يتطهرون ويبيضون ويمحصون أما الأشرار فيفعلون شرا ولا يفهم أحد الأشرار لكن الفاهمون يفهمون " (دا1:12-4)
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
وللحديث بقية
المزيد
03 سبتمبر 2020
التناقض المزعوم بين الأسفار وبين رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ
1- بين اصحاح 3 : 10، اصحاح 7 : 7 – 9 ففى الاول يقول (وليس بار ولا واحد) ويقصد الجميع من ادم الى نهايه العالم وفى الثانى يقول (بدون الناموس الخطيه ميته) كان الذين كانوا قبل الناموس لم يرتكبوا خطيه. فنجيب : ان معنى لقول الثانى انه لولا الناموس ما شعر الانسان بانه خاطىء، مع كنه يرتكب الخطيه ولولا الناموس ما خاف من العقاب. فالخطيه كانت قبل الناموس الا انها لم تكن تظهر انها شر عظيم الا بعد ان نهى عنها الناموس ثم ان الشهوه الرديئه قويت فى الانسان بسببالناموس وتاججت نارها فيه اكثر من الاول. فالقول الثانى لم ينفى وجود الخطيه قبل الناموس ولكنه ابان انها ظهرت شنيعه وازداد ميل الناس اليها بعد الناموس.
2- بين اصحاح 3 : 38 ويع 2 : 24 ففى الاول قال الرسول بولس (ان الانسان يتبرر بالايمان بدون اعمال الناموس) وفى الثانى قال يعقوب الرسول (ترون اذن انه بالاعمال يتبرر الانسان لا بالايمان وحده). فنجيب : انه كان لكل من الرسولين قصد يختلف عن قصد الاخر فى قوله، فالرسول بولس قصد تفنيد الفريسيين الذين كانوا يقولون انهم ابرار وذلك باعمال الناموس فاظهر بقوله ان الانسان لا يحصل على شىء من الصفح والخلاص باعماله الصالحه وانما يحزرهما بالايمان بيسوع المسيح اى ان اساس التبرير نعمه الله وحدها. اما يعقوب الرسول فكان يتكلم عن الايمان الذى حكم بانه ميت لانه بلا عمل، بل مجرد احساسات فارغه اى الايمان بيسوع المسيح بدون ذلك الاتكال القلبى عليه الذى من شانه ان يخضع القلب والحياه لسلطان الرب، فبولس ذم الاعمال بدون ايمان ودعاها ميته، ويعقوب ذم الايمان بدون اعمال. فالواحد ذم الاعمال الميته والاخر رفض الايمان الميت.
3- بين اصحاح 9 : 15 و16، رؤ 22 : 12 ففى الاول ما يؤخذ منه ان الله عين بعضا للحياه الابديه، وبعضا للهلاك الابدى، وفى الثانى انه سيجازى كل واحد كما يكون عمله.
المتنيح القس منسى يوحنا
عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
02 سبتمبر 2020
تعبير ابن الإنسان
استخدام عبارة ابن الإنسان في مناسبات تدل على اللاهوت :
لاشك أن عبارة ابن الإنسان تعبر عن ناسوت المسيح ، كما أن عبارة ابن الله تدل على لاهوته . ومع ذلك فإن السيد المسيح استخدم عبارة ابن الإنسان في مواضع كثيرة نذكر منها :-
1- شرح أن ابن الإنسان موجود في السماء وعلى الأرض وذلك في قوله لنيقوديموس " ليس أحد صعد إلى السماء ، إلا الذي نزل من السماء ، ابن الإنسان الذي هو في السماء " ( يو13:3 ) فمن هو هذا ابن الإنسان الذي نزل من السماء ؟ والذي هو من السماء ويكلم نيقوديموس على الأرض ؟ أهو الطبيعة الإلهية أم الطبيعة البشرية ؟ لا يمكن أن يكون هو الكلمة المتجسد . فهذه العبارة واضحة جداً في اثبات الطبيعة الواحدة .
2- وقال " إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً " ( متى 8:12 ) فإن كان تعبير ابن الإنسان يعنى الطبيعة البشرية ، وفى نفس الوقت هو رب السبت أي الله ، إذن فقد اجتمع اللاهوت والناسوت معاً في تعبير واحد . وهذا دليل على وحدة الطبيعة .
3- قال إن ابن الإنسان له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا ( متى 6:9 ) بينما لا يغفر الخطايا إلا الله وحده . فهل الذي قال للمفلوج " مغفورة لك خطاياك " هو الناسوت أم اللاهوت ؟ أليس حسناً نقول إنه الكلمة المتجسد .
4- قال إن ابن الإنسان هو الذي سيدين العالم فهل الطبيعة البشرية هي التي ستدين العالم أم اللاهوت ؟ يقول إن ابن الإنسان سوف يأتى في مجد أبيه مع ملائكته . وحينئذ يجازى كل واحد بحسب عمله (متى 27:16). نلاحظ هنا أنه يقول ابن الإنسان وفى نفس الوقت يقول . " في مجد أبيه " أي يجمع بين كونه ابن الإنسان وابن الله في عبارة واحدة ، مما يدل على وحدة الطبيعة . ويقول ابن الإنسان مع ملائكته بينما تعبير ملائكته يدل على لاهوته وهكذا نرى هنا أن تعبير ابن الإنسان ، لايمكن أن يدل على الطبيعة الإنسانية وحدها ، ولا على الطبيعة اللاهوتية وحدها وإنما على وحدة الطبيعة أي الطبيعة الواحدة التي للكلمة المتجسد .
5- ونفس التعبير نجده في ( متى 25 :31-34) " ومتى جاء ابن الإنسان في مجده ، وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسى مجده ويقيم الخراف عن يمينه ، والجداء عن اليسار . ثم يقول الملك للذين عن يمينه . تعالوا إلى يا مباركي أبى رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم " هنا ابن الإنسان ، وأبى في عبارة واحدة أي أن المتكلم هو ابن الإنسان ، وهو ابن الله في نفس الوقت . وابن الإنسان هو الذي سيدين العالم ، بينما الدينونة هي للابن ابن الله ( يو22:5) . وهنا وحدة الطبيعة واضحة .
6- وقال لرئيس الكهنه ( في محاكمته ) " من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة ، وآتياً على سحاب السماء " ( متى 26:63-65) . وفى ذلك قال القديس اسطفانوس وقت استشهاده " ها أنا أنظر السماء مفتوحة ، وابن الإنسان قائم عن يمين الله " ( أع 56:7) فمن هذا القائم عن يمين الله ؟ والجالس عن يمين القوة والآتي على سحاب السماء ؟ هو الطبيعة البشرية أم الطبيعة اللاهوتية ؟
لا نستطيع هنا أن نفصل أو نميز ، بل نقول أنها الطبيعة الواحدة طبيعة الكلمة المتجسد .
7- وهو كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته والمختارين مختاريه إذ يقول " يبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير ، فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت ، فيجمعون مختاريه …" (متى 24: 29-31) وهنا كابن الإنسان يتصرف كإله ولا نستطيع في هذه العبارة أن نقول هنا الطبيعة البشرية وهنا الطبيعة الإلهية. فالمتكلم هو يسوع ابن مريم ، والمتكلم في نفس الوقت هو ابن الله ديان الأرض كلها ، الذي له سلطان على الملائكة يرسلهم . وله سلطان على البشر يجمع مختاريه من أقصاء السماوات إلى أقصائها . إنها طبيعة واحدة لا فصل فيها .
8- قال السيد المسيح أيضاً في حديثه مع تلاميذه " فإن رأيتم ابن الإنسان صاعداً حيث كان أولاً " (يو 62:6) المهم هنا في عبارة ( حيث كان أولاً ) . أي أنه كان أولاً في السماء . والمعروف طبعاً أن الذي كان في السماء هو اقنوم الابن . ولكن هنا لوحدة الطبيعة يقول عن ابن الإنسان ، ما يقوله عن اقنوم الكلمة ، لأنه هو الكلمة المتجسد وهذا يطابق أيضاً قوله لنيقوديموس عن ابن الإنسان ، إنه هو الذي نزل من السماء (يو13:3) ، بينما الذي نزل من السماء هو اقنوم الابن أي اللاهوت وبنفس هذا المعنى يقول بولس عن السيد إنه " الرب من السماء" ( اكو 47:15) .
شهادة نصوص كتابية:-
آيات كثيرة من الكتاب تثبت الطبيعة الواحدة :
1- شهادة من الله الآب نفسه يقول عن يسوع الذي يعمده يوحنا المعمدان " هذا هو ابني الوحيد الذي به سررت " (متى 17:3) وطبعاً لم يقل هذا هو ناس ، لأن ناسوته غير منفصل عن لاهوته لحظة واحدة ولا طرفة عين وعبارة (هذا) لا تطلق على اثنين ، بل على مفرد . وهنا تطلق على الطبيعة الواحدة التي للكلمة المتجسدة .
2- ونفس التعبير قاله القديس يوحنا المعمدان ، إذ أشار إلى المسيح وقال " هذا الذي قلت عنه إن الذي يأتى بعدى صار قدامى ، لأنه كان قبلي " ( يو1: 15،30) .فكيف يكون بعده وقبله ؟ إنه بعده في الميلاد الجسدي ، وقبله باللاهوت . ولكن المعمدان لا يفصل بين الناسوت واللاهوت ، وإنما يقول (هذا) الذي أمامي (الكلمة المتجسد) كان قبلي . واضح هنا وحدة الطبيعة . إن الذي يعمده هو نفسه الذي كان قبله .
3- يقول القديس يوحنا الإنجيلي " الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب خبر " ( يو18:1) والابن الوحيد هو الله الكلمة ، الاقنوم الثاني ، فكيف أنه أعطانا خبراً عن الآب ؟ لاشك حينما تجسد . فهل الذي خبر هنا هو الناسوت ، إنه يقول عنه " الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب " بينما خبرنا ناسوته . وهذا دليل على وحدة الطبيعة .
4- ونفس الكلام يقوله نفس الرسول في رسالته الأولى " الذي كان من البدء ، الذي سمعناه الذي رأيناه الذي شاهدناه ولمسته أيدينا " ( 1يو1:1) . وإنه يقول عن هذا الذي رأوه ولمسوه إنه الذي كان من البدء أي الله : فكيف رأوا الله ولمسوه ، إلا إن كان هو الكلمة المتجسد . لأن الكلام هنا ليس عن الناسوت وحده ولا يلمس بالأيدي .
5- وبنفس المعنى نأخذ حديث السيد المسيح مع الرجل الذي ولد أعمى ومنحه الرب البصر . إنه يسأل من هو ابن الله ، فيقول له الرب " قد رأيته . والذي يتكلم معك هو" ( يو9 :35-37) وابن الله هو الله الكلمة أي اللاهوت . والذي يتكلم معه أهو الناسوت ؟ لا يمكن أن يكون الناسوت وحده لأنه يقول له إنه هو ابن الله . إذن فهو الله المتجسد ، الذي ظهر في الجسد ( 1تى 16:3) .
6- يقول القديس بولس الرسول عن بنى إسرائيل حينما كانوا في برية سيناء " وجميعهم شربوا شراباً واحداً روحياً ، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم ، والصخره كانت المسيح " ( 1كو 4:10) والمعروف أن بنى إسرائيل هؤلاء ، كانوا في برية سيناء قبل ميلاد المسيح بأربعة عشر قرناً . فكيف يكون معهم يرتوون منه ؟إلا لو كان يتكلم عن الطبيعة اللاهوتية التي هي الله الكلمة . والله الكلمة لم يصر اسمه المسيح إلا بتجسده . ولكن نظرا للطبيعة الواحدة ، لم يستطع الرسول أن يفصل . فتكلم عن أزلية المسيح ووجوده قبل مولده ويتابع الرسول كلامه بنفس المعنى فيقول " ولا تجرب المسيح كما جرب أناس منهم فأهلكتهم الحيات " ( 1كو 9:10).
7- من الذي سجد له المجوس (متى 11:2) ؟هل سجدوا للاهوت وحده ؟ كلا ، إنهم سجدوا لطفل في مزود وقدموا له هدايا . أم تراهم سجدوا للناسوت ؟ إن الناسوت لا تقدم له العبادة إذن لا جواب سوى أنهم سجدوا للإله المتجسد ، كما المولود أعمى فيما بعد وكما سجد الذين كانوا في السفينة لما انتهر الرب الرياح ومشى على الماء لقد سجدوا له ليس مجرد احترام . وإنما " جاءوا وسجدوا له قائلين : بالحقيقة أنت ابن الله "
( مت 23:14) .
8- كذلك نسأل : من الذي مشى على الماء وانتهر الريح ؟ أهو اللاهوت أم الناسوت ؟ لا شك أنه الكلمة المتجسد وهكذا باقي المعجزات : من الذي كان يصنعها ؟ أهو اللاهوت وحده ؟إذن ما معنى عبارة " كان يضع يده على كل واحد فيشفيه" ( لو40:4) وما معنى أن نازفة الدم لمست هدب ثوبه فشفيت ( مر5غ 29 ) . وفى شفاء المولود أعمى . من الذي تفل على الأرض وضع من التفل طيناً ، وطلى بالطين عيني الأعمى ( يو6:9) ؟ لا شك أن الذي صنع هذه المعجزات كلها وشبيهاتها كثيرات هو السيد المسيح " الكلمة المتجسد " ويقول القديس يوحنا الإنجيلي " وآيات أخرى صنعها يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب " ( يو30:20) . لاحظ هنا عبارة ( يسوع ).نكتفى بهذه الأمثلة الآن ، لأننا لو تابعنا ما في الكتاب ، فلن ندخل تحت حصر ، لأن لغة الطبيعة الواحدة شاملة فيه لذلك ننتقل حالياً من الحديث عن الطبيعة الواحدة ، إلى موضوع يتصل بها وهو المشيئة الواحدة .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب طبيعه المسيح
المزيد
01 سبتمبر 2020
كما يشتاق الإيل (مزمور 42)
المزمــــــــــــور الثاني والأربعون هو أحد المزامير المعزية التي لا نكرّرها في صلوات الأجبية اليومية، لكنه مزمـــــــــور تحمل كلماته لنا الكثير من التعزيات وقت الضيق والآلام. ففي الآلام هناك من تصغر نفسه ويكتئب، وهناك من تقوده الآلام إلى شوق أكثر إلى الله!!!والإيل نوع من الغزلان تتميز بعدوها السريع، وبشوقها الدائم وبحثها الناجح عن أماكن المياه، وأيضًا يميزها نجاحها الدائم في مواجهة الأفاعي والتغلُّب عليها. فالإيل يستطيع أن يعدو بسرعة ويهاجم الأفاعي ويقتلها، وهذا يتركه في عرق وعطش، فيعدو بسرعة إلى أماكن المياه (والماء في الكتاب المقدس هو إشارة للروح القدس الذي قال عنه الرب يسوع: «من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي» (يو7: 38)). أخيرًا يميّز الإيل أنها تتحرك في جماعات مستندة على بعضها البعض، كعلامة حب واحتمال للأخوة، فكل فرد في الجماعة يهتم بسلامة إخوته لكيما يعبروا الطريق معا!والمزمور يمثل شوق الإنسان إلى الله –رغم كل الآلام- بشوق الإيل إلى جداول المياه.كما يَشتاقُ الإيَّلُ إلَى جَداوِلِ المياهِ، هكذا تشتاقُ نَفسي إلَيكَ يا اللهُ. عَطِشَتْ نَفسي إلَى اللهِ، إلَى الإلهِ الحَيِّ: فالإنسان يقابل في حياته العديد من الأفاعي وهي تمثل حروب الشياطين، وهي على أنواع شتى، بعضها شر ظاهر وبعضها ذات بريق ملفت، لكن الإنسان الروحي لا ينخدع أبدًا بنعومة ملمس الأفاعي ولا بجمال شكلها، ولا يخشى الآلام التي تسبّبها له هذه الحروب، لكنها يواجهها ويهزمها جميعًا، ولا تزيده هذه الحروب والآلام إلّا شوقًا إلـــــــــــى الـــــــــرب وفرحًا به. مَتَى أجيءُ وأتَراءَى قُدّامَ اللهِ؟: وهذا هو شوق الإنسان الروحي، إنه يشتاق إلى أيّ وقت يصلي فيه، أو يخدم الآخرين، أو يسأل عن إخوته، فهذه كلها هي عمل للوجود في محضر الله. فالآلام لا تزيد المسيحي سوى شوق إلى الله ومحبة لإخوته!!! صارَتْ لي دُموعي خُبزًا نهارًا وليلًا: والخبز مهما كان يابسًا فهو موضوع شبع لصاحبه، فالإنسان المتمتّع بتعزيات الله تتحول ضيقات النهار -مهما كانت- إلى موضوع تعزيات ليلًا، إذ يضعها بدموع أمام الله في الصلاة، فالإنسان الروحي تتحول علاقته بالرب إلى علاقة شوق واختبار، فهو لا يعتبر صلواته واجبًا ثقيلًا عليه، بل يشتاق أن يجلس إلى الله وتكون آلام النهار خبز للليل، وما يصنعه معه الرب نهارًا يكون تعزية له ليلًا.إذ قيلَ لي كُلَّ يومٍ: «أين إلهُكَ؟»: وهذا ما يحدث في كثير من الأحيان، إذ يعيّرنا البشر: هذا هو إلهكم يترككم للآلام! لكن من يتأثر بكلام الناس لا يمكنه أن يحوِّل آلام النهار إلى تعزبة.هذِهِ أذكُرُها فأسكُبُ نَفسي علَيَّ: هذا هو رد فعل الإنسان الروحي تجاه الآلام وتعييرات الآخرين. أنا أتذكر تعيير العدو (الشيطان) لي، ولا أدع آلامي تلهيني، ولا تجعلني أتذمّر على الرب، بل أتخلّى عن ذاتي، ولا تصير نفسي ثمينة عندي، ولا أترك محبتي لذاتي تجعلني أضطرب، بل أتذكر ضعفاتي وخطاياي، وأقول لنفسي إنني مستحق للآلام، وأقدم توبة عن كل ضعفاتي، فتتحول آلامي إلى سبب للقائي مـــــــع الـــــــــــــــرب والتعزية به.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
31 أغسطس 2020
العاطفة والإعجاب
الإعجاب..!
حيرة شاب...
" إني معجب بها من أول مرة رأيتها، وأشعر نحوها بعاطفة رقيقة، وأودّ لو أرتبط بها مستقبلا... وكنّي لست أدري: هل هي مرتبطة بشخص آخر؟ أود لو كانت هي أيضاً تبادلني نفس المشاعر... ولكن كيف أتأكد من ذلك؟ لماذا لا اسألها غداً بعد انتهاء المحاضرة..؟ّ "
وقلق شابة...
" إنه حقاً شخصية جذّابة، فلم يحدث من قبل أن شُغِلتُ بشاب مثلما شُغِلتُ به، ولم يسبق لي أن جذب أحد انتباهي، أو استأثر بتفكيري مثلما فعل هو... حقاً إنه يكبرني سنّاً، ولكن ما المانع من أن أتزوج أستاذي في الجامعة؟ لقد حدث ذلك مع كثيرات غيري... ولكنني –للأسف- غير متأكدة من أنه يشاركني نفس المشاعر، حقاً إنه يعرف اسمي ولكن لا أظن أن هذا يكفي..! إني في حيرة من أمري...!!"
كثيرا ما يحدث انجذاب إلى شخص من الجنس الآخر، وقد لا يكون انجذاباً من النوع الحسّي، إذ كثيراً ما ينجذب الفرد إلى شخصية الآخر، حيث يُعجَب بأسلوبه في التفكير والحديث ومعالجة الأمور، أو قد يُعجب برد فعله في موقف ما، أو قد يكون الإعجاب مزيجا من الانجذاب العقلي والعاطفي والجسدي بآن واحد.
حاول تقييم إعجابك:
ينبغي هنا أن ننظر إلى الأمر من الوجهة الإنسانية، ثم من وجهة النظر الروحية، وليجلس كل شاب وشابة مع نفسه، للإجابة على التساؤلات التالية:
التقييم الإنساني للتعلق العاطفي:
• لماذا أعجبت به (بها) بالذات ؟
• في أي مرحلة أنت من مراحل النمو النفسي والاجتماعي ؟
• ما هدف هذا الإعجاب في رأيك؟ وماذا أنت مُزمِع أن تفعل إن وجدت هذا الإعجاب مُتبادلاً ؟
• على أي مقياس بَنيتَ إعجابك؟ هل على المقياس العقلي أم على المقياس العاطفي؟
• هل تهدف إلى مزيد من توطيد العلاقة؟ وماذا سيكون في نظرك شكل العلاقة؟
• هل تفكّر في الصداقة أم في الارتباط؟ وإلى أي مدى أنت مستعد للزواج؟
• هل تعرف أبعاد علاقة الصداقة وإمكانية تطورها إلى أمور أخرى ؟
• هل ترى أن هذا الشخص يصلُح شريكا لحياتك؟ وهل تظن أن الاختيار للزواج يتم بمثل هذه السرعة؟
• ألست معي في أن الإبطاء في الاختيار يوسِّع مجال الاختيار، ويعطي فرصة أكبر لاختيار الشخص المناسب؟
• هل تعرف طباع هذا الشخص وإمكانية توافُقه معك، أم ما زلتَ منبهراً به دون الدخول إلى عمقه؟
التقييم الروحي للتعلق العاطفي:
• ما موقفك من الجنس بوجه عام؟ ، ما نوع نظرتك إلى الجنس الآخر؟
• ماذا يُرضيك في الجنس الآخر؟ وعن أي شيء تبحث وأنت تتعامل مع الجنس الآخر؟
• لماذا لا تكون علاقاتك بالجنس الآخر علاقة عادية، حتى لا تَحِدّ من انطلاق قدراتك النفسية والروحية؟ لماذا لا تستفيد من تعامُلك بتلقائية مع الجنس الآخر لتنمية شخصيتك؟
• أين أنت من الله؟ هل بدأت الطريق الروحي؟.. إن الدخول في علاقة عاطفية قبل بداية الحياة الروحية يجعل تقييم الأمر مختلفاً تماماً..
• هل حدّدت أهدافك في الحياة؟ وهل تغيّرت هذه الأهداف لتصير أهدافاً روحية؟
• هل تعتقد أن الله يدبّر كل حياتك؟ وأن اختيار الشريك المناسب يهم الله وأنه يهتم به جداً؟
• هل تؤمن بتسليم الأمر لإرادة الله لكي يختار لك شريك الحياة، حيث أن هذا الأمر روحي لا جسدي، لأنه سوف يؤثر على الحياة الروحية تأثيرا إيجابياً أو سلبياً؟؟.
• هل تضمن عدم تغيّرك أو تغيّر الطرف الآخر؟.. استمع إلى خبرات السنين من أناس بدءوا بالتعلق العاطفي بلا وعي، ثم اندفعوا نحو الزواج دون تعقّل.
الإعجاب وأحلام اليقظة:
من المفيد لنا كشباب، أن نضع حدّاً فاصلاً بين الحقيقة والخيال، كما ينبغي أن يكون تفكيرنا موضوعياً واقعياً دون أن نسترسل في أحلام اليقظة...
" أنا معجب بها، وارسم أحلاماً وخيالات حولها، وأرتّب أحداثاً على أحداث... فقد خطبتها، وخرجنا معاً في نزهة رائعة.. وقد تزوجنا وعشنا معاً في بيتنا البهيج، وقد...، وقد...، وإذا بي أجد نفسي وقد عُدتُ إلى الواقع، وإذا بأحلامي تتبخّر.. لقد رأيتها مرة واحدة في إحدى الرحلات، ولا أعرف سوى اسمها..!!".
إننا كثيراً ما نحاول أن نهرب من الحقيقة، ولا نريد أن نواجه الواقع، وبدلاً من ذلك نحاول أن نفتح مجالاً نستمتع فيه بتحقيق رغباتنا، ولو بصورة وهمية.
وكثيرا ما نجد حالات تعلّق عاطفي من طرف واحد، حيث يفسَّر الشاب مثلاً تصرفات الفتاة تفسيراً يخدم رغباته الخاصة..فإذا ابتسمت، يتّخذ من ذلك دليلاً على أنها متعلّقة به عاطفياً..! وإذا سألته عن محاضرة سابقة يعتبر أنها تريد أن تُوجد مَداخل للحديث معه..! فإذا به يتعامل معها على هذا الأساس..!.
الإعجاب بين الواقع والخيال:
إنه لأمر طبيعي أن يُعجب الفرد بآخر من غير جنسه، فالميل الجنسي الهادف إلى التكامل مِنْحة وهبها الله لطبيعتنا البشرية حتى يمكن من خلالها أن يتحقّق بين الشاب والشابة الاستحسان المتبادل، ثم الإعجاب المتبادل، فالاقتناع العقلي، ومن ثم نشوء الحب اللازم للاختيار الزوجي والذي يدعّمه مزيد من التفاهم بين الشريكين.
ولكن يمكن أن تتحرك الأحداث في غير إطارها الإنساني والروحي السليم.. فقد يبدأ الفرد بالإعجاب ثم تطغى العاطفة على العقل، فيرى الواحد فيمن يُعجَب به ملاكاً بلا أخطاء، ويراه في غاية الجمال واللطف، ومُنزّهاً عن العيب. بالطبع لا يوجد ذلك الإنسان الكامل الذي هو ( هي ) في غاية كل صفة من الصفات الإنسانية إلا في نظر شخص يُقيّم الأمور مدفوعاً بالعاطفة المتأجّجة التي تتجاهل كل الأخطاء والعيوب..!.
وحينما تشتعل العاطفة فلن يسأل الفرد عن مدى التناسب فيما بينهما، وتتصاعد الرغبة في الارتباط " بالآخر" بأي شكل من الأشكال، سواء كان مناسباً لظروفهما الاجتماعية والعائلية والاقتصادية أم غير مناسب، وقد يتغاضى الفرد عن كل الاعتراضات، ويُسهِّل كل العقبات، متطلّعاً بشغف لأن " يحصل " على " الآخر" دون أن يدرك من "الآخر" سوى القشرة الخارجية، فلا يحاول الدخول إلى أعماقه..
وماذا تكون النتيجة؟.
النتيجة علاقة عاطفية قد تؤدّي إلى زواج غير متناسب، بعده يستيقظ كلا الشريكين من نومهما العميق، حينما تتصادم الإرادتان، وتتنافر الرغبات، وتختلف الآراء، ويبدأ الصراع والتجريح..!.
أين كان العقل وأنتما هائمان بالعاطفة العمياء كلّ نحو الآخر؟.. وهل الزواج مجرد عاطفة وجسد؟ أم هو كائنان عاقلان متوافقان متناسبان متناغمان، يعزفان معاً لحناً واحداً بلا نشاز؟ وهل يتوافق بعد الزواج من لم يتأكّدا من انسجام طباعهما قبل الزواج ؟ وهل تكفي العاطفة المشتعلة وحدها لتكوين كيان زوجي ناجح؟؟.
العاطفة وحدها تخدع الفرد حتى ليظن أن من أعجب به، ربما من النظرة الأولى، يصلح شريك حياة، وربما يظن أن كلاّ منهما قد خُلق لأجل الآخر..!
إعجاب ومجازفة!
كم من شباب أضاعوا أوقاتاً مهمة من عمرهم من أجل تعلّق زائف غير واقعي من طرف واحد..
وكم من شباب اندمجوا في علاقات متبادلة مع الجنس الآخر، أضاعوا فيها سنوات كان يمكن الاستفادة بها في أداء أعمال مفيدة، ولم ينفع الندم بعد أن اكتشف كلّ منهما أن الآخر لم يكن يصلح له شريكاً، وأن علاقتهما كانت تحدياً للعقل والواقع، وإهداراً لحياتهما الروحية.
إن فترة الشباب هي أغنى أوقات العمر إذا استثمرها الفرد في التحرك نحو النضج العقلي والعاطفي والاجتماعي والروحي..
لكن – للأسف – يوجد شباب كثيرون أصابهم القلق والتوتّر العصبي، والأرق ( قلة النوم )، وفقدان شهية الطعام من شدّة الحيرة بسبب رغبات لم تتحقّق، مما يؤدي أحياناً إلى الفشل الدراسي.
لكن يوجد شباب لم يفشلوا دراسياً ولكنهم بسبب التعلّق الشديد بشخص من الجنس الآخر، تعطّل نموهم النفسي لأنهم بدلاً من أن يستفيدوا بتلك المرحلة الجوهرية من حياتهم في الانفتاح على مجالات الحياة المختلفة، والنمو العقلي بالثقافة البنّاءة، والنمو العاطفي بالتفاعل مع الآخرين بلا تخصيص ولا تركيز على شخص محدّد..
بدلاً من كل ذلك حاصروا أنفسهم بعواطف متقلّبة شاردة، وركّزوا عقولهم في البحث عن إرضاء الدوافع الأنانية، وهكذا تحوّلت العاطفة عندهم إلى ميل نحو الامتلاك، امتلاك الشخص الآخر والحصول عليه إرضاءً للكرامة الشخصية: " كيف تستعصي علىَّ هذه الفتاة؟ هذه أول مرة تهزمني فتاة..!! " ولا يخفي علينا خطورة هذا الاتجاه السلبي المنحرف على الزواج مستقبلاً، حيث تصبح النظرة إلى شريك الحياة نظرة نفعية حسّية متدنّية.
الإعجاب الإيجابي:
من خلال حياتنا اليومية سواء في الدراسة أو العمل أو الرحلات... إلخ، يمكن أن يلتقي الشاب والشابة، وهو أمر طبيعي وعادي، ويمكن أن يلفت أحدهما نظر الآخر بشخصيته المتميزة، وهذا أيضاً أمر طبيعي وعادي، ولكن ينبغي أن نضع في الاعتبار الحقائق المهمّة التالية:
1- ليس معنى الإعجاب بشخص من الجنس الآخر أن أحاول أن تكون لي علاقة خاصة معه، تمهيداً للارتباط به!.. لماذا لا يستمر الإعجاب إعجاباً دون أن يرتبط بمعانٍ عاطفية؟!.
ينبغي ألاّ ننسى أن هناك شخصيات لها جاذبية عامة، أي تتمتّع بقدرة عالية على جذب انتباه كل من يتعامل معها.. فهل يفكر كل من يلتقي بمثل هذه الشخصيات أن يرتبط بها عاطفياً..؟! أليس هذا نوعاً من تحويل الأشخاص في نظرنا إلى أشياء نمتلكها ونحتفظ بها..؟!.
2- ليس معنى إعجابي بشخص أن يُعجَب هو بي بالضرورة..!، ألا يُعتَبر هذا تفكيرا أنانياً، ليس فيه احترام لحرية " الآخر " الذي من حقه أن يُعجَب أو لا يُعجَب ؟.. إنني كثيراً ما أفترض أو أتوهّم أني نِلتُ إعجابه حتى أبرّر لنفسي الخطوة التالية، أي تكوين علاقة معه.
3- لا مانع من أن أعجب بالآخرين، فكل إنسان فيه من الصفات ما يستحق الإعجاب، ولكن المهم هو رد فعلي للإعجاب.. يوجد رد فعل إيجابي، حيث يمكن أن أستفيد من صفات الشخص الذي أعجب به.. كيف يمكن ذلك؟.. إن إعجابي بصفة معينة في شخص، معناه أن هذه الصفة تنقصني وأريد أن أكتسبها، مثل صفة اللباقة وفن الحديث إن كان ينقصني ذلك، أو الصبر وطول البال إذا كُنتُ شخصاً غضوبا، أو الاهتمام بالآخرين إذا كُنتُ شخصاً أنانياً... إلخ.
من خلال التفاعُل مع الشخص الذي أعجب به أستطيع أن أكتسب بعض صفاته، ومن الناحية الأخرى يُمكنني أن أساهم في تجلّي وازدهار صفات الآخرين الذين أعجب بهم، من خلال التعارُف بهم والتعامل معهم.
لكن يوجد رد فعل سلبي لإعجابي بشخص ما، هو أن أحاول امتلاك هذا الشخص من خلال تكوين علاقة خاصة معه..! مندفعاً وراء عاطفتي دون تعقّل..!
الإعجاب الواعي:
إن الإعجاب يُحرّك العاطفة فتتولّد منها مشاعر الحب نحو الشخص الذي نُعجَب به، وبالطبع ليس في الإعجاب شيء خاطىء ولكن يكمُن الخطأ في انحرافه من "الآخر" إلى "الذات".. فبدلاً من أن أقدّم المحبة "للآخر" بلا أغراض شخصية، أتقرّب إليه بحثاً عن فائدة، وكأني أريد امتلاكه..
من هنا تنشأ العلاقات العاطفية الخالية من الحب الحقيقي، والتي لا يُحرّكها سوى الرغبة في امتلاك "الآخر"، أي النظر إليه كجسد ( كشيء ) بدلاً من تقديره واحترام حريته كشخص له كيانه المتميز.
ليس هناك إذن، خطأ في أن أعجب بالآخرين، ولكن ينبغي ألا يُترجَم إعجابي إلى عاطفة مندفعة غير متروّية، أيضاً ليس هناك خطأ في العاطفة بحد ذاتها، ولكن ينبغي أن تُراعِي العاطفة الجوانب الأخرى من حياة الإنسان، فلا يندفع الفرد في إعجابه اندفاعاً يؤدي به إلى علاقة سابقة لأوانها، لا تهدف إلى تكوين رابطة زوجية وإنما تستهدف التسلية وإضاعة الوقت.
الإعجاب وقرار الارتباط:
أخي الشاب – أختي الشابة..
لا تجعلا العاطفة تسيطر عليكما، فالأمر يتطلّب نوعاً من التعقّل والتفكير والاستكشاف، قبل اتخاذ قرار الارتباط، فليس كل لقاء سطحي مع فرد من الجنس الآخر يمكن أن يكون بادرة لكيان زوجي ناجح، وليس كل علاقة تعارُف بين الجنسين تنبىء بارتباط زوجي متناسب، فليس الأمر بهذه البساطة.
بناء على ذلك فإن قرار الارتباط يتطلّب تَعقُّلاً، ولابد أن يستغرق وقتاً فيه يدر كلّ من الطرفين طباع الآخر من خلال التفاعُل المشترك في كافة المجالات والمواقف والتعاملات، ووسط مجتمع الأسرة والأصدقاء، حيث يكتشف كلّ منهما.. إنما للعقل دور فعّال يساند العاطفة تجاه الآخر في ظروفه الطبيعية.
ولأن الزواج المسيحي غير قابل للانفصام، فينبغي إذن، ألاّ يقرّر الفرد فيه بمثل هذه السرعة، ولا يحكُم فيه من خلال العاطفة وحدها، ويأتي إرشاد الله للمؤمن كي ينير له الطريق.
غير أنه لا يُشترط أن يأتي الزواج نتيجة قصة حب رومانسي، على طريقة أفلام السينما، إنما يُكتفَى مبدئياً بوجود الارتياح الداخلي، فليست العاطفة المُشتعِلة وحدها مقياساً دقيقاً لنجاح الحياة الزوجية.
إن الخبرة علمتنا أن التعلّق العاطفي الأهوج، أمر يدمّر الحب، و يشتّت العقل، ويفسد على الشباب حياتهم..
فلتكن إذن، علاقات الشباب متّزنة عاقلة، وينبغي ألاّ نفكّر في الارتباط إلا في الوقت المناسب، فلا نستسلم إلى الفكر القائل: " سوف تضيع مني هذه الفتاة ( الشاب) إن أنا انتظرت حتى أنتهي من دراستي الجامعية! "
إن الله لا يتخلّى عن أولاده، بل يبارك اختياراتهم، ويقود خطواتهم في الوقت المناسب.. فلنتّكل على الرب، عالمين أنه يهمه جداً أن يكون الارتباط الزيجي مقدساً ليصبح الزواج طريقاً للملكوت السمائي، وإلا صار الزواج مجرد شكل للحياة الأرضية يموت بموتنا..
إن الزواج المسيحي ليس هدفاً بحد ذاته، بل هو طريق خلاص مشترك يسلك فيه الزوجان في اتجاه الحياة الأبدية.
إن المحبة المسيحية تدفع بالمؤمن كي يقدم قلبه وعاطفته للرب يسوع، بطاعة وخضوع لإرشاد روح الله، وبذلك تتقدّس العاطفة، فتَصدُر منها مشاعر المحبة والعطاء.. محبة " لا تطلب ما لنفسها " ( 1كورنثوس 13: 5 ).. وهكذا تتقدس المشاعر، وتتنقّى النظرة، ويرتقي الإعجاب فوق مستوى النفّعية والحسّ.فلنقدّم عواطفنا للرب يسوع كي يقدّسها، ويرتقي بمشاعرنا وانفعالاتنا ورغباتنا ويستخدمها لمجد اسمه القدوس.
المزيد
30 أغسطس 2020
الخادم وزمن الكورونا 1
بلا شك أنه في هذه الفترة تواجة الخدمة صعوبات كثيرة نظرًا لظروف مواجهة العالم لفيروس كورونا، مما أنشأ احتياجات مختلفة وغير تقليدية نحتاجها حاليًا للخدمة. ونحن نؤمن أنه طالما توافرت الغيرة والأمانة والمحبة، أنشأت معها الوسائل التي تخدم الهدف، حيث تتنوع الوسائل ويبقي الهدف واحدًا وهو خلاص كل أحد ومعرفة المسيح والامتلاء بالروح القدس، ولنتبع منهج معلمنا بولس الرسول حين قال: «صرتُ للكل كل شيء لأربح على كل حال قومًا».وحين نخضع لعمل الله، سيؤهّلنا ويعلّمنا الوسائل التي تمجد اسمه القدوس، فهو الذى يرسل ويهب المواهب ويعلم اللغات ويمنح الإمكانيات ويفتح الأبواب ويسد الاحتياجات.لذلك وجب علينا كخدام أن نصلي كثيرًا ليرشدنا الله إلى وسائل تناسب الظروف الحالية، فصار علينا مسئولية مضاعفة: كيف ننقل لأولادنا المخدومين الكنيسة والإنجيل وكل ما كنا نقدمه في خدمات التربية الكنسية، بشكل تفاعلي جذّاب؟ وإلا ما سبق وزرعناه في سنين كثيرة بتعب وشقاء يسرقه العدو ونحن نيام وبالتأكيد مجرد الوجود داخل الكنيسة له تأثير خاص لمسناه وتذوقناه ولا بديل عنه، ولكننا نواجه واقعًا وتحديًا لم يقتصر على بلادنا فقط، بل بلغ حوالى ثلاثمائة دولة في العالم.وهنا نعرض بعض الأفكار البسيطة لضمان وتسهيل الخدمة في زمن الكورونا:-
1- يجب ألّا نهمل الفئة التي لا يُتاح لها استخدام الإنترنت، بضرورة التواصل الشخصي والمتابعة الدائمة وتمكين المحبة العملية لها، خصوصًا وقد تشمل هذه الفئة أعضاء ضعيفة قد تحتاج إلى مجهودات أكبر لخدمتها وجذبها.
2- نشكر الله إذ سمح في فترة صغيرة رغم عدم سبق تأهيل الخدام لهذه المرحلة، إلّا أننا وجدنا غيرة وأمانة للتواصل مع المخدومين، وبدأوا يتعلّمون بل ويتقنون برامج الكثير منها ليس لهم بها سابق معرفة، إذ كانت محبتهم تدفعهم لتخطّي المعطّلات، وبدأوا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي إقامة الاجتماعات والخدمات في مواعيدها عن طريق برامج خاصة ( zoom - google meet - skype - skype meeting - streamyard- وغيرها من برامج)، تضمن الحضور والتفاعل بالصوت والصورة، وربما واستخدام كافة الوسائل التي نستعين بها في الخدمات مثل الفيديوهات والترانيم والألحان والعروض والنصوص، وصارت تُعقَد النهضات والمؤتمرات، بل وصار من الأسهل دعوة الآباء من مختلف الأماكن فذابت المسافات واقتربت القارات.
3- الاجتهاد في إيجاد البرامج الأسهل استعمالًا والأقل استهلاكًا لباقات النت المستخدمة، حيث يمثل هذا التحدّي عائقًا كبيرًا لمشاركة كثيرين.
4- يُفضَّل عمل صفحة للكنيسة على الفيسبوك وقناة على اليوتيوب لبثّ اجتماعات الكنيسة والاحتفال بأعياد القديسين وجميع المناسبات، ويتم الإعلان من خلالها عن كل اجتماعات وأنشطة الكنيسة.
5- التشجيع على متابعة ما يقدمه المركز الإعلامي من كلمات يومية مناسبة لهذه الفترة، وأيضًا متابعة ما يقدمة قداسة البابا تواضروس من تداريب ورسائل يومية هامة ونافعة، وأيضًا التشجيع على متابعة ما تقدمة قنوات الكنيسة من بثّ مباشر لصلوات ومناسبات هامة، وخصوصًا وقد بُذِلت مجهودات مضاعفة لمساعدة الشعب على التفاعل مع الصلوات والمناسبات الكنسية المتنوعة، وذلك بتكليف مجموعة خدام تضع الروابط وتنبّه عن المواعيد وتتابع التفاعل.وللحديث بقية...
القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد