المقالات
28 أغسطس 2020
أمومة الكنيسة
الكنيسة على مدار الأجيال هي "أم" ترعى مصالح أبناءها، ويهمها حياتهم الجسدية والروحية والنفسية، وأسرارها السبعة أساس إيمانها وتقواها عبر الزمن، وتاريخها شاهد على ذلك.وعدو الخير الذي يقوم من وقت لآخر لكي يشكّك في هذا الإيمان المستقيم بشائعات وهرطقات وأكاذيب وضلالات، ودائمًا الكنيسننة من خلال آبائها وشعبها تقف حائط صدّ ضد أي انحراف إيماني أو عقيدي، لأنها لا تعرف الإيمان فقط، بل تعيشه وتحياه كل يوم.والكنيسة المسترشدة بالروح القدس عليها مواجهة الظروف التي تتغير من زمن إلى زمن، وفي حدود ما قاله الآباء: "المسيحيون يقيمون سر الإفخارستيا، وسر الإفخارستيا يقيم المسيحين". المهم تقديم السر سواء في البيوت، في المغائر، في المقابر، في المزارع، في الكنائس... المهم السر.جسد ودم المسيح الأقدسان، أي حضور المسيح حقيقة لا مجازًا، وهما لا ينقلا أي عدوى لأنهما سر حياة، وحاشا لمن يقول غير ذلك.أمّا إجراءات تقديم السر فقد تغيّرت أشكالها عبر الزمان، وبقي الهدف هو إتاحة سر التناول كما هو، رغم اختلاف الوسائل والأساليب المستعملة لذلك.لقد كانت دعوة المسيح «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم» (متى 11: 28)، وأيضًا قال: «إني أريد رحمة لا ذبيحة» (متى 12: 7). ليس جميع المؤمنين المسيحيين أقوياء إيمانيًا، ولكن واجب الكنيسة أن ترعاهم وتساعدهم وتخدمهم. الكنيسة لا تخدم الأقوياء في الإيمان فقط، ولكن أيضًا ضعاف الإيمان وقليلي الإيمان ومحدودي الإيمان والخطاة من كل نوع، لأن المسيح لم يأتِ ليدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة، وقال: «لا يحتاج الأصحاء (الأقوياء) إلى طبيب بل المرضى» (مرقس 2: 17).الكنيسة تستمع إلى صرخة الإنسان الذي ينادي: "أعن ضعف إيماني"، ويجب أن تستجيب في ظل هذه الظروف الحاضرة.وقد استقرّ في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية طريقتان لممارسة سر التناول وهما:الطريقة الأولى: الطريقة التقليدية والمعتادة والمعروفة في كل كنائسنا، حيث ممارسة صلوات وطقوس القداس الإلهي بأواني المذبح المُدشّنة.الطريقة الثانية: الطريقة البديلة وهي التي تُستخدم في مناولة المرضى في المنازل أو المستشفيات، وأيضًا مناولة المساجين في السجون. وقد تُستخدم هذه الطريقة الاستثنائية في الكنيسة عندما توجد أعداد كبيرة من المتناولين مع وجود كاهن واحد فقط. ولهذه الطريقة نصوص في الخولاجي المقدس وليست بدعًا ولا خروجًا ولا انتقاصًا لقدسية السر.وعلى نفس القياس نحن نستخدم في ممارسة السر المذبح الحجري المُدشَّن بالميرون المقدس، كما يمكن أن نستخدم أيّة مائدة خشبية أو غير خشبية ونضع عليها لوحًا مُدشَنًا بالميرون المقدس كوضع استثنائي لحين وجود مذبح ثابت ومُدشَّن، وهذا لا ينتقص من قدسية سر التناول على الإطلاق.في زمن تأسيس السر لم يكن هناك وباء عالمي يقضي على مئات الألوف من البشر ويصيب الملايين في معظم أقطار العالم. هذا زمن مرض. هذا زمن عدوى. هذا زمن إصابات. هذا زمن يحتاج وقاية وحرص بالغ.وفي تجربة السيد المسيح قال له الشيطان: «... إن كنت ابن الله فأاطرح نفسك من هنا إلى أسفل...»، وبينما السيد المسيح يقدر أن يفعل ذلك، إلّا أنه أجاب وقال له: «لا تجرّب الرب إلهك» (لو4: 12).الله ليس جاحدًا.. ولا قاسيًا.. ولا متبلِّدًا.. حاشا.الله رحيم بالإنسان ومتعطّف عليه ويرثي لحاله ولضعفه، ومكتوب: «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم» (لوقا 6: 36).+ هذا زمن توبة وليس زمن كلام ومقالات... «وإن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون» (لوقا 13: 5).+ هذا زمن ندم واستعداد وليس زمن عناد وقساوة... «قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة» (لوقا 22: 46).+ هذا زمن دموع وليس زمن استعراض ومناقشات... «يا رب نجّني» (متى 14: 30).لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها؟ (لوقا 9: 25). ماذا يستفيد كل من يكتب وينشر على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي ويهاجم الكنيسة وآباءها وتدبيرها ويثير سجسًا وتعبًا بين الناس. غالبًا التوبة لم تعرف طريقها إليك. لك أقول: احترس! الموت على الأبواب، قد تُؤخذ نفسك في هذه الليلة. أبديتك أهم من أي شيء (لوقا 12: 20).في تاريخ الكتاب المقدس نرى القديس بولس الرسول يصير ضعيفًا ليربح نُفوس الضعفاء، وبالتالي فالكنيسة كأُم تطبّق قواعد المحبة خلال هذا الزمن الطارئ من انتشار الوباء بصورة عالمية، وتستخدم الطريقة الاستثنائية (طريقة مناولة المرضى)، وهي طريقة طقسية مذكورة في الخولاجي للقمص عبد المسيح المسعودي البراموسي (1902) بدلاً من الطريقة المعتادة والتي نرجع إليها بمجرد عودة الأحوال الطبيعية. هذا تجميد أو تأجيل للطريقة المعتادة وليس إلغاءً أو حذفًا. وهذا هو صوت الحكمة خاصة وإننا لا نعيش بمفردنا في هذا المجتمع، ويجب ألّا نكون سببًا في بلبلة أحد أو عثرة النفوس التي نحبها.إن الدعوة لاتخاذ إجراءات وقائية نتيجة الظروف الحالية ليس خروجًا عن الإيمان إطلاقًا، وها نحن نشهد بوفيات بالمئات وإصابات بالآلاف وانتشار شديد للعدوى، والوباء تعدى إمكانيات المستشفيات والأطباء والأجهزة...لم يعد لنا سوى طلب الرحمة من الله لكي يترأف علينا جميعًا وعلى بلادنا وكنيستنا وأبنائنا...
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
27 أغسطس 2020
كلمات رثاء عن قدس أبونا المتنيح القمص لوقا سيدراوس
ابي ومعلمي
حين كنت أسمع عظاتك أجد تركيزي ذهب إلي أبعد من الكلمات فأسبح في نبرات صوتك وملامح وجهك لم يرحل من ترك لنا رائحة المسيح الذكية اذكر الكنيسة وأنت تعلم كل شئ أذكر كنيسة الإسكندرية وأنت تحمل في قلبك لها كل إخلاص مهما فارقتها اذكر ضعفي وليس لي إلا أن اردد ما طلبته في رحيل ابونا بيشوي كامل أن يهبك الله روحين من روحه
مع المسيح ياابي ومعلمي المسيح قام
القس أنطونيوس فهمى
يعجز لساني عن التعبير عن مشاعري، في انتقال أبي المحبوب القمص لوقا سيداروس إلى مواضع الراحة والفرح والمجد الأبدي.. وإلى أن أتمالك نفسي وأكتب، سأنشر مقتطفات من كلمات عميقة لبعض محبيه وأصدقائه القدامى الذين عايشوه لسنوات طويلة، وتذوقوا معه محبة المسيح الفائقة.
القمص يوحنا نصيف
أبونا لوقا يامركبة اسرائيل وفرسانها
لن نعود نراك في الجسد بعد اليوم، فقد طارت روحك العزيزة جدا الي مواضع النياح، وطلعت من البرية معطرة بالمر واللبان، ومحملة بكل أذرة التاجر. وها هي في لقاء العريس السمائي الذي كرست له حياتك، وخدمت مقادسه بالوقار كما يليق. وايضا تتعانق مع أبينا بيشوي كامل، بعد ان تحررتما من ثقل الجسد. وبعد أن قدمتما أبهي أيقونة للكهنوت السكندري، وأقدس وأنقي سيرة ومسيرة لخدام المسيح في الكهنوت القبطي. الذي تفتخر بكما ثيابه. أننا سنجتمع بالروح لنشارك مع أسرتك ومع كل شعوب المشارق والمغارب في وداعك في كنيسة ابوسيفين والانبا ابرام - Torrance, California يوم الخميس ٣ سبتمبر. وستبقي سيرتكما العطرة تتكلم بعد، لانها مصدر للتعليم والتسليم والاقتداء بالقول والعمل. حتي يوم مجيء الرب العظيم.
القمص اثناسيوس فهمي جورج - الإسكندريّة
أي وقت تدخل عنده تجد أنجيله مفتوح
واول كلمه بعد السلام عليه
هي آيه او تعليم من الكتاب المقدس
ويسترسل في الكلام
فتخرج من عنده بوجبة دسمه من كلمات الحياه
مع شحنه غير عاديه من النعمة
لتذهب لبيتك بفرح عاقدا العزم علي التمتع بتأملات كلمات الحياه الأبدية
القمص جرجس سامي - نيويورك
ربنا ينيح نفس أبينا الحبيب أبونا لوقا. بنا يعزينا جميعا. نعتبر أنفسنا من الذين أخذوا بركات عظيمة برؤية مثل هذه الأمثلة التي كنا نظن إنها المعتاد، ولكن مع الزمن اكتشفنا إن هؤلاء كانوا سفراء أخصاء للمسيح الذين أرونا صورته في حياتهم وجعلوا القداسة قريبة منا. ربنا ينيح نفس أبينا لوقا وأبينا وبيشوي ويطيل حياة أبينا تادرس من هذا الجيل الفريد.
القس مرقس داود – شيكاجو
ابونا لوقا القديس
+ الفكر الروحي العميق المشبع بروح الانجيل و التقليد الكنسي
+ الشخصيه الصريحه القويه في الحق مثل يوحنا المعمدان حيث لا مجاملات ضد الحق
+ المحبه الفياضه و الابوه العميقه
+ الشخصيه الجباره في مواجهة المرض و الموت بايمان راسخ و قوه مثل سيده في الامه
+ الاب الذي ترك لاولاده الكنز الروحي في تعاليمه و عظاته و سيرته
+ اذكرنا امام عرش النعمه و اطلب من الرب ان يعطينا من روحك بروحه القدوس.
القس يوسف شحاتة - نيويورك
قام عمود روحى جبار فى فردوس الابرار فى هذا اليوم ، ابونا الذى تعلقت ارواحنا به منذ الصغر ، من الصعب بل من المستحيل ان تصف روحاً ، هل استطيع ان اتكلم ؟ عن ماذا ؟ عن حياة بحالها ؟ عن فضائل مثلا ؟ كيف ابدا؟ عن عفتك؟ عن طهارة روحك الشفافة ، عن إحساسك بأولادك ؟عن البشاشة ام عن المخافة والرهبة الالهية الحالة فى وجهك وعينك العميقة الثاقبة تماما هى ملامح الرب يسوع الظاهرة ، عن انفعالك بالالحان وشرحك لروحها ؟ عن شخصيتك وذكائك وضحكك وتشبيهاتك و تعليمك الروحي الذى عشناه فيك وانت تتكلم عنه ، تربينا على عظاتك التى لم اسمع حتى هذه اللحظة مثلها عمقاً وتعليماً.
منذ الصغر كنت اجرى على أمى فى المنزل راجعا من الكنيسة بعد القداس فرحا اقول لها ابونا النهاردة كلمنا فى العظة عن " لايتسلط على شىء" كلام كله رجاء وفرح ..كنت احكى العظة كل مرة لوالدىَّ من سن اعدادى لبساطتها وتأثيرها. وكنا ننتظر كل قداس " ابونا هيقول ايه "
كم كنا محظوظين بك يا ابانا بوجود قدسك وقدس ابونا تادرس فى كنيسة السيدة العذراء بكليوباترا بعد الافراج عنكم بعد التحفظ والسجن . نارا مشتعلة غيرة ومحبة لربنا وخدمة وبذل لكل شخص للبعيد والقريب. عشت معنا اياما مرة وحلوة مثالا وقدوة وجرأة فى الحق ووضوح للهدف ... المسيح حب حب حب ... قوة خدمة لم نرى مثلها
كنا ننتظر مجيئك من امريكا شهر فى السنة ، الكنيسة كلها تسمع كلمات ذهبية فى دقائق بمنتهى الشغف ..
كان واضحا جدا انك كنت تصلى كثيرا قبل ان تفتح فاك ، لان كل كلمة كانت تؤثر وناخذها ونعيش بها، مع انك كنت قليل الكلام فى العموم.
كم كنت راسخا فى ايام مرضك الاخير وكانت الكلمة الوحيدة التى تخرج من فمك نشكر الله نشكر الله ، استطعت بنعمة المسيح ان يخرج الله فيك من الآكل اكلا ومن الجافى حلاوة وابتدأت خدمة ابونا بيشوى كامل لمرضى السرطان وانت فى عز مرضك وتابعت تكوينها وكنت لازلت ترشد وتنصح كيف نبدأ وماهى روح هذه الخدمة وهدفها.
صورتك وكلامك وتعليمك محفور فى ضمائرنا ايها الاب التقى المرهوب
نياحا لروحك وفرحا للقديسين فى فردوس النعيم فى مساكن النور وبركة شفاعات وطلبات لا تنقطع لروحك الوثابة بالصلاة والتسبيح. هنيئاً لك ميراث الملكوت ، مبروك السما يا حبيبنا
اكسيوس اكسيوس اكسيوس
المسيح قام يا ابانا ومعلمنا البار
اقبل اياديك ورجليك الطاهرة.
القس بيشوي فخري – الإمارات
ربنا يعزينا
كان اب بمعنى الكلمة
زي ما كان هو نفسه بيقول
"كان مليان خير"
ونشكر ربنا ربنا انه متعنا بانسان مليان خير وابوة.. كان يكفي النظر الى وجهه وعينيه..
القس جوزيف أنور - نيويورك
"ولكن الآن قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين." (1كو 15: 20)
اليوم باكراً جداً والظلام باق، قام مع الرب القائم حبيبنا الأب القمص لوقا سيداروس. لقد فارق الكنيسة المجاهدة لينعم بالخدمة في الكنيسة المنتصرة، فارق أرض الأموات ليسكن كورة الأحياء إلى الأبد. كم كانت محبتنا، صداقتنا، شركتنا تفوح برائحة المسيح الزكية. عشرة ترجع إلى عام 1965 ما قبل الرسامة، واستمرت إلى يوم دخوله إلى فرح سيده، تتلمذنا تحت أقدام حبيب المسيح أبونا بيشوي كامل، تعلمنا الكثير عند أقدام أحد عمالقة علماء الكنيسة الأب الحبيب القمص تادرس يعقوب – حفظ الرب حياته. تزاملنا أيضاً في زنزانة واحدة، كنا نتطلع إلى يوم الإفراج، أما الآن فقد نال إفراج من سجن الجسد، ليحيا في حرية مجد أبناء الله في المدينة التي لها الاساسات.
كم يعز علينا فراقك إذ لن نراك بأعين الجسد، إلى أن نتقابل عند أقدام رب المجد، الآن لا تحتاج إلى مجمرة لترفع البخور، فصلاتك أمام المذبح الناطق السمائي تفوح بعطر ليس له مثيل، ولا يمكن التعبير عنه. لقد تكملت، وتجملت بالألآم في حمل صليب الخدمة، وتتوجت بحمل صليب مرض عجز أمامه العالم بكل تقدماته العلمية، أما حيث أنت الآن فلا مرض، لا آلام، لا أحزان بل فرح لا ينطق به ومجيد.
لم تفرح بتدشين الكنيسة الجميلة التي بنيتها كعروس مزينة بكل أذرة التاجر، لكن ماذا يكون هذا الفرح بجوار أفراح الخدمة مع صفوف السمائيين والقديسين.
نطلب تعزيات الروح القدس لتاسوني نادية، الشماس الغيور أرساني، خادمة القديسين ميرا، ولكل أفراد الأسرة الجسدية، والأسرة الروحية التي تسكن معظم بقاع العالم.
اذكرنا أمام عرش النعمة إلى أن نلتقي في المجد.
القمص صموئيل ثابت
كنيسة مارمرقس شيكاجو
المزيد
26 أغسطس 2020
أهمية الوحدة للكفارة والفداء
إن الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد ، هو أمر لازم وجوهري وأساسي للفداء . فالفداء يتطلب كفارة غير محدودة ، تكفى لمغفرة خطايا غير محدودة ، لجميع الناس في جميع العصورولم يكن هناك سوى تجسد الله الكلمة ليجعل بلاهوته الكفارة غير محدودة فلو أننا تكلمنا عن طبيعتين منفصلتين . وقامت الطبيعة البشرية بعملية الفداء وحدها لما كان ممكناً على الاطلاق أن تقدم كفارة غير محدودة لخلاص البشرومن هنا كانت خطورة المناداة بطبيعتين منفصلتين ، تقوم كل منهما بما يخصها ففي هذه الحالة ، موت الطبيعة البشرية وحدها لا يكفى للفداء ولذلك نرى القديس بولس الرسول يقول " لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1كو8:2) ولم يقل لما صلبوا الإنسان يسوع المسيح . إن تعبير رب المجد هنا يدل دلالة أكيدة على وحدة الطبيعة ولزومها للفداء والكفارة والخلاص . لأن الذي صلب هو رب المجد طبعاً صلب بالجسد ولكن الجسد كان متحداً باللاهوت في طبيعة واحدة . وهنا الأمر الأساسي اللازم للخلاص ويقول القديس بطرس الرسول لليهود " أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل . ورئيس الحياة قتلتموه " (أع3 :14،15) وهنا أشار إلى أن المصلوب كان رئيس الحياة ، وهذا تعبير ألهي ، فلم يفصل الطبيعتين مطلقاً في موضوع الصلب لأهمية وحدتهما من أجل عمل الفداء ويقول القديس بولس الرسول أيضاً في رسالته إلى العبرانيين " لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل ، وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد ، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام " (عب10:2) وهنا في مجال آلامه ، لم ينس مطلقاً لاهوته ، إذ أنه من أجله الكل ، وبه الكل . هذا الذي قال عنه في موضع آخر " الكل به وله قد خلق " (كو16:1) والسيد المسيح نفسة حينما ظهر ليوحنا الرائي قال له " أنا هو الأول وآلا خر والحى وكنت ميتاً" " وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين . ولى مفاتيح الهاوية والموت" (رؤ1 : 17،18) . فهذا الذي كان ميتاً هو الأول والآخر ، وبيده مفاتيح الهاوية والموت .
وهكذا لم يفصل لاهوته عن ناسوته هنا وهو يتحدث عن موته إذن فالذي مات هو رب المجد ، ورئيس الحياة ، ورئيس الخلاص ، هو أيضاً الأول والآخرإنها خطورة كبيرة على خلاصنا أن نفصل ما بين الطبيعتين أثناء الحديث عن موضوع الخلاص . ولعل البعض يقول : ومن هذا الذي فصل ؟! أليس مجمع خلقيدونية يقول بطبيعتين متحدتين ؟! نعم يقول هذا . ويقول معه طومس لاون أيضاً : إن المسيح اثنان إله وإنسان ، الواحد يبهر العجائب ، والثاني ملقى للإهانات والآلام فإن كان هذا الإنسان وحده هو الملقى للآلام، فأي خلاص إذن نكون قد أخذناه ؟! هنا ونفحص موضوع :
الطبيعة الواحدة والالأم:-
حقا إن اللاهوت غير قابل للآلام . ولكن الناسوت حينما وقع عليه الألم ، كان متحداً باللاهوت فنسب الألم إلى هذه الطبيعة الواحدة غير المحدودة . ولذلك نرى أن قانون الإيمان الذي حدده مجمع نيقية المقدس يقول إن ابن الله الوحيد ، نزل من السماء ، وتجسد وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس وتألم وقبر وقام … فرق كبير بين أن نقول إن الناسوت وحده منفصلاً عن اللاهوت قد تألم ، وبين أن نقول إن نقول إن الابن الوحيد تجسد وصلب وتألم وقبر وقام . هنا فائدة الإيمان بالطبيعة الواحدة التي تعطى الفداء فاعلية غير المحدودة فهل تألم اللاهوت إذن ؟نقول إنه بجوهره غير قابل للألم … ولكن المسيح تألم بالجسد ، وصلب بالجسد . ونقول فى قطع الساعة التاسعة " يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة …" مات بالجسد ، الجسد المتحد باللاهوت . فصار موته يعطى عدم محدودية للكفارة وقد قدم لنا الآباء مثالاً جميلاً لهذا الموضوع وهو الحديد المحمى بالنار مثال اللاهوت المتحد بالنا سوت : فقالوا إن المطرقة وهى تطرق الحديد إنما تضرب الحديد المحمى بالنار فتقع على الاثنين . ولكن الحديد يتثنى ( يتألم ) بينما النار لا يضرها الطرق بشيء ومع ذلك فهي متحدة بالحديد أثناء طرقه .وفى صلب المسيح يقدم لنا الكتاب آية جميلة جداً في حديث القديس بولس الرسول مع أساقفة أفسس حيث قال " لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه " (أع28:20) .ونسب الدم هنا إلى الله ، بينما الله روح ، والدم هو دم ناسوته . ولكن هذا التعبير يدل دلالة عجيبة جداً على الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد ، حتى أن ما يتعلق بالنا سوت يمكن أن ينسب في نفس الوقت للاهوت ، بلا تفريق إذ لا يوجد انفصال بين الطبيعتين إن انفصال الطبيعتين الذي ناد به نسطور لم يستطع أن يقدم حلاً لموضوع الكفارة والفداء . وقد حرصت الكنيسة على تعبير الطبيعة الواحدة من أجل أهمية هذا الموضوع ، كما لباقي النتائج أيضاً المترتبة على وحدة الطبيعة ونحن في التعبيرات العادية نقول فلان مات ، ولا نقول أن جسده فقط قد مات ، إن كانت روحه على صورة الله وهبها الله نعمة الخلود … والروح لا تموت وإن كان الهدف الأول من التجسد هو الفداء . والفداء لا يمكن أن يتم عن طريق الطبيعة البشرية وحدها ، إذن الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد أمر جوهري لا يستطيع أحد أن ينكره . ولا يمكن أن يتم الفداء إن قلنا أن الناسوت وحده هو الذي له الآلام والصليب والدم والموت . انظر إلى الكتاب كيف يقول عن الله الآب " الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين " ( رو 32:8 ) وقوله أيضاً " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد ، لكي لا يهلك كل من يؤمن به "( يو16:3 ) . ويقول أيضاً " هو أحبنا أرسل ابنه كفارة لخطايانا " (1يو 10:4) إذن فالذي بذله الآب هو الابن ، والابن الوحيد ، أي الاقنوم الثاني ، الكلمة … ولم يقل بذل ناسوته أو أي شيء من هذا القبيل ، مع أنه مات على الصليب بالجسد ولكن هذا دليل كبير على وحدة طبيعة الله الكلمة ، وأيضاً أهمية هذه الوحدة من أجل عمل الفداء ويقول أيضاً في هذا المجال عن الله الآب ، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته ، الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا ، الذي هو صورة الله غير المنظور(كوا:13-15) حينما يتحدث عن مغفرة الخطايا بدم المسيح ، ينسب هذا إلى الابن الذي هو صورة الله غير المنظور الذي له الملكوت . وهذا دليل آخر على وحدة الطبيعة واهتمام الكتاب بها في موضع الفداء ومثال آخر مشابه ، ظهر في حديث المسيح عن الكرامين الأردياء . يقول إن صاحب الكرم أرسل أخيراً ابنه لهؤلاء الكرامين فلما رأوا الابن … أخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه " (متى 21 : 37-39) وهنا ينسب الموت إلى الابن ، ولم يقل إلى ناسوته . فما أعمق هذا الكلام عن الطبيعة الواحدة . ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن باقي الأمثلة . نكتفى بهذا الآن في كل هذه الأمثلة نرى أن الكتاب – وعلى لسان السيد المسيح نفسه – لا يفصل مطلقاً بين طبيعة المسيح ناسوتياً أو لاهوتياً ، إنما يتكلم عنها كطبيعة واحدة ما يقوله عن ابن الله ، هو ما يقوله عن ابن الإنسان .
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب طبيعه المسيح
المزيد
25 أغسطس 2020
قدسية العهد القديم
لاشك أن الموقف المسيحى والكنسى الأرثوذكسى من العهد القدم، هو أن كاتبه هو الروح القدس، وأن كتابه سجلوا هذه الأسفار مسوقين من الروح القدس، لا بمشيئتهم الشخصية فقط. فقد قال معلمنا بولس الرسول:“كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3). وقال معلمنا بطرس الرسول: “لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 21:1).وقد أكد السيد المسيح نفسه، وأسفار العهد الجديد هذه القدسية،وهذه بعض الأدلة كأمثلة على ذلك:
أولاً: من أقوال السيد المسيح
1- “لاَ تَظُنُّوا أَنِّى جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّى الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ” (مت 17:5-18).
(والتكميل هنا معناه تكميل الهدف من الناموس وهو معرفة السيد المسيح، وتكميل الإنسان حتى يصنع الناموس، وذلك من خلال تجديد الطبيعة البشرية بالروح
القدس. كذلك فهو تكميل الوصية حتى لا تقف عند حدود الفعل كالزنا والقتل، بل تصل إلى الدوافع الكامنة وراء ذلك كالشهوة والحقد).
2- “فَتِّشُوا الْكُتُبَ (كتب العهد القيم طبعًا فى ذلك الوقت) لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِىَ الَّتِى تَشْهَدُ لِى”
(يو 39:5).. “تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ” (مت 29:22).
3- “إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ” (مت 8:19)، وهذا مأخوذ عن سفر التثنية (تث 1:24-4).
4- “لاَبُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّى فِى نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِى أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِى الْيَوْمِ الثَّالِثِ” (لو 44:24-47).
5- قال له الكتبة والفريسيون: “يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً. فَقَالَ لَهُمْ: جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِىِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِى قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ. رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِى الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا” (مت 38:12-41).وهنا يتحدث الرب ليس فقط عن سفر يونان، الذى حاول البعض أن يعتبروه أسطورة خيالية، بل عن شخص يونان، وحوت يونان، ومناداة يونان، وأهل نينوى، وتوبتهم والرمز الواضحين يونان والسيد المسيح.
6- كذلك يتحدث الرب عن ملكة التيمن. التى أتت من أقاصى الأرض لتسمع حكمة سليمان، وقال: “هُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!” (مت 42:12).وهنا يتحدث الرب عن زيارة ملكة التيمن لسليمان، وعن حكمة سليمان.. وهذا كله فى العهد القديم.
7- حديث الرب عن الزواج من امرأة واحدة، وعن عدم الطلاق إلا لعلة الزنا، وكيف أعاد الرب الأمور إلى أصولها حينما قال: “مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا” (يقصد سهولة التطليق، وكيف أن التطليق سمح به موسى، من أجل قساوة قلوبهم). وكذلك حينما تحدث عن شريعة الزوجة الواحدة بقوله: “أَمَا قَرَأْتُمْ (فى العهد القديم طبعًا) أَنَّ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَراً وَأُنْثَى؟ وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا” (مت 1:19-9). وواضح أن هذه
كلها اقتباسات من أسفار العهد القديم، ودعوة إلى قراءة أسفاره:
“أَمَا قَرَأْتُمْ”؟!
8- وفى امتداح السيد المسيح ليوحنا المعمدان، آخر أنبياء العهد القديم، تأكيد على قدسيته، وذلك حين قال: “مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِى بُيُوتِ الْمُلُوكِ. لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِىٍّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِى كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِى الَّذِى يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ” (مت 7:11-11).
وواضح أن الرب يقتبس من نبوات العهد القديم ما جاء عن تجسده الإلهى، وعن المعمدان كسابق له.وواضح أيضًا أن “الأصغر” هنا قد يكون السيد المسيح نفسه (لأنه أصغر سنًا من المعمدان بستة أشهر)، أو هو مؤمن العهد الجديد الذى لن يمر بالجحيم بل يدخل إلى الفردوس مباشرة، بعد أن فتح الرب الفردوس بصيبه، الأمر الذى لم يحدث مع المعمدان، إذ عبرت نفسه بالجحيم فى انتظار الفداء والفادى.
9- قال الرب لبطرس: “أَتَظُنُّ أَنِّى لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِى فَيُقَدِّمَ لِى أَكْثَرَ مِنِ اثْنَىْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ؟” (مت 53:6-54).
هذه مجرد أمثلة بسيطة عن مدى تقديس رب المجدللعهد القديم: أسفارة وأنبيائه، ففى النهاية هو مسيح العهدين، والعهد القديم كان مرحلة فى طريق العهد الجديد،
والروح القدس هو كاتب جميع الأسفار، عاصمًا كاتبيها من الزلل.
ثانيًا: آيات من الأناجيل المقدسة
هذا بحر مستفيض، فالأناجيل المقدسة اقتبست كمية ضخمة من آيات العهد القديم، لتؤكد لنا الارتباط العضوى والصميمى بين العهدين. فالعهد القديم كان التمهيد والأنين والنبوات، أما العهد الجديد فكان الفرح بالخلاص والمخلص، الذى فيه تحققت كل النبوات.وكمجرد إحصاء عن هذه الحقيقة:
أ- إنجيل معلمنا متى : أورد 53 إقتباسًا من العهد القديم.
ب- إنجيل معلمنا مرقس : أورد 36 إقتباسًا من العهد القديم.
ج- إنجيل معلمنا لوقا : أورد 25 إقتباسًا من العهد القديم.
د- إنجيل معلمنا يوحنا : أورد 20 إقتباسًا من العهد القديم.
واترك للقارئ الحبيب، أن يقرأ هذه الأناجيل المقدسة ويسجل فى دراسة خاصة له هذه الاقتباسات، وهى واضحة وضوح الشمس..وهذه مجرد عينة بسيطة من إنجيل واحد هو إنجيل معلمنا متى:
(1:1-17) (22:1-23) (5:2-6) (15:2) (17:2-18) (23:2) (4:4،7،10) (14:4-16) (17:5) (21:5) (27:5) (31:5) (33:5) (38:5) (43:5) (29:6) (4:8) (17:8) (40:10) (9:11-10) (14:11) (3:12-6) (17:12-21) (38:12-41) (42:12) (17:13) (8:15) (3:16-4) (11:17-13) (16:18) (3:19-9) (17:19) (4:21-5) (13:21) (16:21) (25:21) (42:21) (29:22-32) (32:22-40) (21:22-46) (31:26) (53:26-54) (56:26) (6:27-10) (35:27) (42:27) (46:27)
ثالثًا: من رسائل الآباء الرسل
حفلت رسائل البولس والكاثوليكون باقتباسات كثيرة من العهد القديم، مؤكدة الترابط العضوى بين العهدين، وهذه مجرد أمثلة، من رسالة واحدة هى الرسالة إلى رومية:
1- “لإِنْجِيلِ اللهِ. الَّذِى سَبَقَ فَوَعَدَ بِهِ بِأَنْبِيَائِهِ فِى الْكُتُبِ الْمُقَدَّسَةِ” (رو 1:1-2).
2- “لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ” (رو 13:2).
3- “اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ” (رو 24:2).
4- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: لِكَىْ تَتَبَرَّرَ فِى كَلاَمِكَ وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ” (رو 4:3).
5- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ” (رو 10:3).
6- “فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ..” (رو 1:4).
7- “كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ..” (رو 12:5).
8- “الْمَرْأَةَ الَّتِى تَحْتَ رَجُلٍ هِىَ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ بِالرَّجُلِ الْحَىِّ..” (رو 2:7).
9- “الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّى وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ. وَلَهُمُ الآبَاءُ وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ” (رو 4:9-5).
10- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ” (رو 13:9).
11- يقول الكتاب لفرعون: “إِنِّى لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَىْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِى..” (رو 17:9).
12- كما فى هوشع أيضًا: “سَأَدْعُو الَّذِى لَيْسَ شَعْبِى شَعْبِى وَالَّتِى لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً” (رو 25:9).
13- وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل: “وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ” (رو 27:9).
14- وكما سبق إشعياء فقال: “لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلاً لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ” (رو 29:9).
15- كما هو مكتوب: “هَا أَنَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 33:9).
16- “لأَنَّ مُوسَى يَكْتُبُ فِى الْبِرِّ الَّذِى بِالنَّامُوسِ: إِنَّ الإِنْسَانَ الَّذِى يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا” (رو 5:10).
17- الكتاب يقول: “كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى” (رو 11:10).
18- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ” (رو 15:10).
19- لأن إشعياء يقول: “يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا” (رو 16:10).
20- “إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ وَإِلَى أَقَاصِى الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ” (رو 18:10).
21- موسى يقول: “أَنَا أُغِيرُكُمْ بِمَا لَيْسَ أُمَّةً. بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُكُمْ” (رو 19:10).
22- إشعياء يتجاسر ويقول: “وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِى
وَصِرْتُ ظَاهِرًا للَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنِّى. أَمَّا مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ فَيَقُولُ: طُولَ النَّهَارِ بَسَطْتُ يَدَىَّ إِلَى شَعْبٍ مُعَانِدٍ وَمُقَاوِمٍ” (رو 20:10-21).
23- ماذا يقول الكتاب عن إيليا، كيف توسل إلى الله ضد إسرائيل قائلاً: يارب قتلوا أنبياءك، وهدموا مذابحك، وبقيت أنا وحدى، وهم يطلبون نفسى، لكن ماذا يقول الوحى؟ “أَبْقَيْتُ لِنَفْسِى سَبْعَةَ آلاَفِ رَجُلٍ لَمْ يُحْنُوا رُكْبَةً لِبَعْلٍ” (رو 2:11-4).
24- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَعْطَاهُمُ اللهُ رُوحَ سُبَاتٍ وَعُيُونًا حَتَّى لاَ يُبْصِرُوا وَآذَانًا حَتَّى لاَ يَسْمَعُوا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” (رو 8:11).
25- وداود يقول: “لِتَصِرْ مَائِدَتُهُـمْ فَخًّـا وَقَنَصًا وَعَثْرَةً وَمُجَازَاةً لَهُمْ. لِتُظْلِمْ أَعْيُنُهُمْ كَىْ لاَ يُبْصِرُوا وَلْتَحْنِ ظُهُورَهُمْ فِى كُلِّ حِينٍ” (رو 9:11-10).
26- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ” (رو 26:11).
27- “مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟” (رو 34:11).
28- “أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِىَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِى يَقُولُ الرَّبُّ” (رو 19:12).
29- “لأَنَّ لاَ تَزْنِ لاَ تَقْتُلْ لاَ تَسْرِقْ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ لاَ تَشْتَهِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى هِىَ مَجْمُوعَةٌ فِى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (رو 9:13).
30- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَا حَىٌّ يَقُولُ الرَّبُّ إِنَّهُ لِى سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ” (رو 11:14).
31- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَىَّ” (رو 3:15).
32- “لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِى الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ” (رو 4:15).
33- “إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ” (رو 8:15).
34- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِى الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاِسْمِكَ (ثم اقتباسات أخرى متتالية)” (رو 9:15).
35- “كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: الَّذِينَ لَمْ يُخْبَرُوا بِهِ سَيُبْصِرُونَ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا سَيَفْهَمُونَ” (رو 21:15).
36- “السِّرِّ الَّذِى كَانَ مَكْتُومًا فِى الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ. وَلَكِنْ ظَهَرَ الآنَ وَأُعْلِمَ بِهِ جَمِيعُ الأُمَمِ بِالْكُتُبِ النَّبَوِيَّةِ حَسَبَ أَمْرِ الإِلَهِ الأَزَلِىِّ لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ” (رو 25:16-26).تصور أيها القارئ الحبيب، كل هذه الاقتباسات من العهد القديم فى رسالة واحدة، فماذا نقول عن باقى الرسائل؟ إنها دراسة شيقة يمكنك أن تقوم بها، خصوصًا فى رسالتى غلاطية والعبرانيين.. لتدرك قدسية العهد القديم، والترابط العضوى بين العهدين.لهذا كان طبيعيًا أن يقول الرسول للقديس تيموثاوس: “وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ إنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِى فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِى فِى الْبِرِّ، لِكَىْ يَكُونَ إنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ” (2تى 15:3-17). تيموثاوس قارئها إلى الإيمان بالمسيح والخلاص به.
– ولاحظ قول للقديس تيموثاوس الرسول: أن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ” (2تى 16:3)، عجبى إذن على أناس ينتقصون من قدسية العهد القديم!!
ألم يقل معلمنا بطرس: “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِىَ أَثْبَتُ، الَّتِى تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِى مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِى قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُك بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 19:1-21).
ولاحظ أيها الحبيب فى هذا النص:
1- أن كلمات الأنبياء هى أثبت، أى أنها ثابتة وأثبت من كلام البشر.
2- أنه يوصينا أن ندرسها إذ أننا نفعل حسنًا إذا انتبهنا إليها.
3- أنها كسراج منير فى موضع مظلم.
4- أنها مرحلة تمهيدية تقودنا إلى المسيح كوكب الصبح.
5- أن كل نبوات الكتاب هى من الله وليس بعضها.
6- أن مشيئة الإنسان ليست هى الدافع للكتابة بل روح الله.
7- أنهم قديسون، كانوا مسوقين بالروح القدس.
هل بعد ذلك نتساءل عن قدسية العهد القديم؟!
رابعًا: من رسائل الكاثوليكون
1- فى رسالتى معلمنا بطرس الرسول وقد إقتبس معلمنا بطرس الرسول الكثير من آيات وأحداث العهد القديم مثل:
1- “الْخَلاَصَ الَّذِى فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِى لأَجْلِكُمْ” (1بط 10:1).
2- “رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِى فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِى لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِى بَعْدَهَا” (1بط 11:1).
3- “لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّى أَنَا قُدُّوسٌ” (1بط 16:1) مأخوذة من (لا 44:11).
4- “لِذَلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِى الْكِتَابِ: هَأنَذَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، والَّذِى يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى” (1بط 6:2) إشارة إلى (إش 16:28).
5- “الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ” (1بط 10:2) إشارة إلى (هو).
6- “فَإِنَّهُ هَكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ سَيِّدَهَا..” (1بط 5:3-6).
7- “ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِى فِى السِّجْنِ.. أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى..” (1بط 19:3-20).
8- “لَمْ يُشْفِقْ عَلَى مَلاَئِكَةٍ قَدْ أَخْطَأُوا، بَلْ فِى سَلاَسِلِ الظَّلاَمِ طَرَحَهُمْ” (2بط 4:2).
9- “حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ” (2بط 5:2).
10- “رَمَّدَ مَدِينَتَىْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ” (2بط 6:2).
11- “وَأَنْقَذَ لُوطًا الْبَارَّ” (2بط 7:2).
12- “فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ” (2بط 15:2).
13- “لِتَذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِى قَالَهَا سَابِقًا الأَنْبِيَاءُ الْقِدِّيسُونَ، وَوَصِيَّتَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ، وَصِيَّةَ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ” (2بط 2:3).
2- وفى رسالة معلمنا يوحنا “لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ..” (1يو 12:3). ومعروف أن معلمنا يوحنا كتب رسائل دفاعًا عن ناسوت السيد المسيح، أنه ناسوت حقيقى ولكن بلا خطية، كما كتب إنجيله دفاعًا عن لاهوت السيد المسيح.. وقد كتب ذلك فى أواخر القرن الأول بعد أن سادت وإنتشرت الأناجيل الثلاثة الأولى، ورسائل البولس، والكاثوليكون، بما فيها من إقتباسات كثيرة من العهد القديم. ولقد لاحظنا إقتباساته الكثيرة فى سفر الرؤيا. لذلك فلا صحة لمن يحاولون تصوير منهج الرسولين بولس ويوحنا أنه مختلف عن بطرس ويعقوب. فالكل إقتبس من العهد القديم، ولكن الموضوعات تتنوع وتحتاج إلى أسلوب حديث مختلف، لكنه متكامل مع غيره، بدليل قول معلمنا بطرس عن رسائل معلمنا بولس: “كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِى الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ” (2بط 15:3-16).. وهذا يؤكد وحدة المنهج الرسولى، وخطأ من يحاولون التفريق بين الرسل.
3- وفى رسالة معلمنا يهوذا تتحدث عن أمور كثيرة من العهد القديم مثل:
1- خلاص الشعب من أرض مصر (يه 5)
2- والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم (يه 6).
3- وهلاك سدوم وعمورة (يه 7).
4- ومحاربة ميخائيل والشيطان (يه 9).
5- وطريق قايين، وضلالة بلعام، ومشاجرة قورح (يه 9).
6- ونبوة أخنوخ (يه 14).
خامسًا: من سفر الرؤيا
نجد فى سفر الرؤيا اقتباسات وإشارات كثيرة إلى العهد القديم مثل:
1- “وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ” (رؤ 6:1).
2- “وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، والَّذِينَ طَعَنُوهُ” (رؤ 7:1).
3- “عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِى كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِىَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِى إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا” (رؤ 14:2).
4- “هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ” (رؤ 5:5).
5- الأسباط المذكورة فى (رؤ 7).
6- “يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ” (رؤ 7:10).
7- الزيتونتان والمنارتان، هما شخصيتان من العهد القديم (رؤ 11).
8- المرأة المذكورة فى رؤيا (رؤ 12) هى الأمة اليهودية وهى أيضًا رمز العذراء الطاهرة.
9- الخروف الواقف على جبل صهيون، رمز انتصار الكنيسة على الشيطان (رؤ 14)، وكذلك سقوط بابل (الشعب الذى سبى بنى إسرائيل) رمز حروب الخطية وانتصار أولاد الله عليها.
10- “تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفَ” (رؤ 3:15).
11- سقوط بابل (الجديدة) رمز بابل القديمة التى سبت شعب الله (رؤ 10:18).
12- أورشليم الجديدة (رؤ 21). 13- شجرة الحياة (رؤ 22).
وبعد.. فماذا نقول؟ أن مئات بل آلاف الاقتباسات من العهد القديم، وردت فى العهد الجديد، فهل يجوز أن نكابر ونفصل العهدين؟أو ننتقص من قدسية العهد القديم، وها آياته وأحداثه تملأ إصحاحات العهد الجديد؟!
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
24 أغسطس 2020
أمومة القديسة مريم والتجسد
لخص الأب يوحنا الدمشقي عقيدتنا في الثيؤتوكوس بقوله " هذا الاسم يحوي كل سر التجسد..."
كما أعلن القديس غورغوريوس النزينزي ضرورة إعطاء القديسة مريم حقها في الأمومة كنتيجة لعقيدتنا في التجسد الإلهي، قائلا: "من لا يقبل القديسة مريم بكونها " الثيؤتوكوس" يقطع من اللاهوت.
من يقول بأن السيد المسيح عبر في العذراء كما في قناة، ولم يتشكل بطريقة تحمل لاهوتيته كما ناسوتيته أيضا، فهذا يحسب شريرا.من يقول بأن السيد قد تشكل فيما بعد بسكنى الله فيه، فهذا يدان.من يتحدث عن ابن الله الآب بكونه آخر غير ابن مريم، وليس هو شخص واحد، فهو محروم من شركه التبني".حقا لم تعطى القديسة مريم ابنها شخصيته اللاهوتية أو طبعه الإلهي أثناء التجسد ومع ذلك فكما يقول القديس كيرلس هذا لا يقلل من حقها في التمتع بلقب "والدة الإله". فإن الأمهات الأخريات أيضا لا يهبن أولادهن نفوسهم ولا شخصياتهم ومع ذلك فهن أمهات حقا، ولسن أمهات للتجسد وحده، بل للشخص نفسه المخلوق بواسطة الله الحي في هذا التجسد. هكذا القديسة مريم هي أم يسوع الذي هو نفسه الله.لقد تسائل البعض لماذا اختار كلمة الله أن يولد من امرأة (غلا 4: 4)؟ ولم ينزل من السماء بغير جسد بشري أو على الأقل كان قد حمل جسدا سماويا من صنع يدي الله مباشرة (دون ولادته من امرأة)؟.
1- إذ أخذ جسدا في أحشاء العذراء مريم صار كلمة الله ليس فقط أنسانا وأنما عضوا في الجنس البشري من نسل آدم، من ذرية إبراهيم، من سبط داود الملوكي. خلال بنوته الحقيقية للقديسة مريم ربط نفسه بحقيقة وجودنا المتواضع.
بمعنى أخر، خلال أمومة القديسة مريم سرى دمنا في عروقه حتى يسفكه غفرانا لخطايانا.
2- خلال أمومة العذراء لله أتحد الجانبان معا ليتصالحا: الله والإنسان. فقد أراد أن يخلصنا كرئيس كهنة كامل ووسيط بدخوله إلينا، كأخ لنا، وليس كغريب عنا.
3- يقرر القديس أوغسطينوس بأنه لو أن ابن الإنسان رفض التجسد في أحشاء العذراء، ليأست النسوة ظانات أنهن خليقة فاسدة. فخلال بنوته للقديسة مريم أعاد لهذا الجنس كرامته وأعلن صلاح كل الخليقة.
أمومتها وكلمة الله:-
يقول القديس أغسطينوس: "حبلت به مريم في ذهنها قبل أن تحبل به في جسدها".
حقا مطوبة هي القديسة مريم لأنها قد اختيرت أما كلمة الله، لكنه قبل أن تحبل به جسديا حملته روحيا بالإيمان. فقد كانت مثالية في سماعها " الكلمة"، والإنصات لها وأطاعتها، وحفظها متفكرة بها في قلبها. لهذا يقول القديس أوغسطينوس: "أمومة مريم ما كانت بذي فائدة لها لو لم تحمل السيد المسيح في قلبها بفرح".
أمومة النفس للسيد المسيح:-
القديسة مريم كوالدة الإله تمثل الكنيسة التي يحمل أعضاؤها الله روحيا في قلوبهم. هكذا يتطلع أباء الكنيسة القديسون إلى الحياة الروحية للمسيحي بعد عماده كحالة نمو للمسيح نفسه في داخل قلوبهم التي تتسم بالأمومة.
+ كما يتشكل الطفل في الرحم، هكذا يبدو لي أن كلمة الله يتشكل في قلب النفس التي تقبل نعمة المعمودية لتدرك في داخلها كلمة الإيمان الأكثر مجدا والأكثر وضوحا.
+ يبدو أنه من الخطأ أن نتحدث عن تجسد ابن الله من القديسة العذراء ولا نشير إلى تجسده أيضا في الكنيسة... إذ يليق بكل واحد منا أن يعرف مجيء ابن الله في الجسد بواسطة العذراء الطاهرة، وفي نفس الوقت أن يدرك مجيئه بالروح في كل واحد منا.
العلامة أوريجانوس
+ ما حدث لمريم التي بلا عيب حين أشرق فيها كمال اللاهوت الذي في المسيح يتحقق في كل نفس تمارس البتولية كمنهج لها.حقا لا يعود يأتي السيد ليحل حلولا جسديا "فإننا لسنا نعرفه بعد حسب الجسد" "2 كو 5: 6"إنما يسكن فينا روحيا ويحضر معه أباه كما أخبرنا في الإنجيل في موضع آخر.
+ جاء هذا الميلاد من الله، وهو يتحقق في كل وقت فيه يحبل بخلود الروح في قلب الإنسان الحي، فليعطى ميلادا للحكمة والعدل والقداسة والنقاوة الكاملة.
بهذا يستطيع كل مسيحي أن يصير أما لذلك الذي هو جوهريا في كل شيء، إذ يقول ربنا نفسه " من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات فهذا هو أمي" (مر 3: 25، متى 12: 5).
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
+ (كل مسيحي) يحبل بالله في قلبه.
القديس أوغسطينوس
+ تستطيع أن تكون أما للرب على مثال الطوباوية مريم التي استحقت بطهارة كهذه أن تكون أما لله.
القديس جيروم
+ ينادى على النفس التي تبدأ في الاتجاه نحو السيد المسيح هكذا:
" يا مريم "، أي تتقبل اسم المرأة التي حملت به في أحشائها، إذ تلده النفس بمفهوم روحي.
+ أحرص أن تتمم مشيئة الآب لكي تكون أما للمسيح " مر 3: 35"
القديس أمبروسيوس
+ من يبشر بالحق يحسب فوق كل شيء أما للمسيح، إذ يلد ربنا الذي يحضره في قلوب سامعيه. يصير أما للمسيح إذ يوحي بحب ربنا في روح قريبة خلال كلماته له.
البابا غريغوريوس
+ اسمعوا هذا يا رعاة الكنائس يا رعاة الله، ففي هذا الوقت يأتيكم الملاك مبشرا أياكم: أنه ولد لكم اليوم وفي كل يوم المسيح الرب!.
العلامة أوريجين
+ الكنيسة في حالة تمخض إلى أن يتشكل المسيح ويولد داخلنا، فكل قديس يتمتع بشركة مع المسيح كأنما يولد المسيح فيه من جديد!.
ميثودوسيوس
حواؤنا الجديدة
السلام للقديسة مريم، أم جميع الأحياء. نطلب إليك أن تشفعي فينا!
ثيؤتوكية الثلاثاء
اعتادت الكنيسة أن تلقب القديسة مريم "أم جميع الأحياء" و"أم الحياة الجديدة" و"حواء الثانية". فإن كانت حواء فقدت المعنى اللائق باسمها كأم كل حي (تك 3: 20)، إذ خلال عصيانها جلبت على أولادها الموت عوض الحياة وصارت "أم كل ميت"، فإن ابنتها القديسة مريم قد احتلت مركزها من خلال أيمانها وطاعتها وأتضاعها، وهكذا صارت بالروح القدس أم "الحياة"، تقدم لأبناء آدم "شجرة الحياة" ليأكلوا ويحيوا إلى الأبد. هذا وقد صارت القديسة مريم خلال التجسد أما لا للرأس فقط بل ولأعضاء جسده السري كقول القديس أغسطينوس، وهكذا تقبلت أمومة جامعة"للكنيسة".
خلال هذا المفهوم يتطلع الآباء القديسون إلى أحشاء البتول كحجال العرس، فيه التقى العريس السماوي بعروسه أي الكنيسة الجامعة، متحدا بها. ففي هذه الأحشاء قبلنا السيد المسيح ابنها عريسا لنا وأخا بكرا، فقبلناها أما له ولنا.فيما يلي مقتطفات من أقوال الآباء عن اتحادنا بالعريس ابنها داخل أحشائها، فصارت أما لنا:
+ ارتبط الكلمة بالجسد،
تزوج الكلمة بالجسد،وصارت أحشائك حجال هذه الزيجة السامية.إنني أكرر أن أحشائك هي حجال هذه الزيجة العلوية التي للكلمة مع الجسد، حيث" يخرج العريس من خدره"...
القديس أغسطينوس
+ أعد الله الآب لله الابن عرسا،فحين كان في أحشاء البتول اتحد مع الناسوت،حيث أراد الله الكائن قبل كل الدهور أن يصير في أواخر الدهور إنسانا...هكذا ضم الكنيسة المقدسة إلى نفسه خلال سر التجسد... والآن فإن أحشاء العذراء الأم صارت خدر هذا العريس، إذ يقول المرتل: "جعل من الشمس مظلته، مثل العريس الخارج من خدره" (مز 68: 6) فقد كان بالحقيقة خارجا من خدره كالعريس من خدره موحدا الكنيسة إلى نفسه، خرج الإله المتجسد من رحم العذراء دائم البتولية.
البابا إغريغوريوس
هذه العلاقة التي قامت بين حواء الجديد وكل المؤمنين خلال التجسد قد أعلنت رسميا بواسطة آدم الثاني وهو على الصليب، إذ قال لحواء خلال الجديدة " يا امرأة هوذا ابنك"، وقال لمؤمنيه "يا يوحنا هوذا أمك". خلال الصليب تقبلنا حواؤنا الجديدة من أيدي الله! في هذا يقول العلامة ترتليان: " الله يعلم أنه ليس حسن للرجل أن يكون وحده، هو يعلم أنه جيد للرجل أن يكون له امرأة، ألا وهي مريم وبعد ذلك الكنيسة". لقد تقبلنا القديسة مريم حواؤنا فنقول لإلهنا مع آدم: "المرأة التي أعطيتني معينة لي، حوا الجديدة، أعطتني، لأكل من شجرة الحياة، أي من صليب أبنها".هذا ويرى العلامة أوريجانوس أن كل إنسان كامل يقدر أن يتسلم مع القديس يوحنا من الابن المصلوب القديسة مريم أما له، شارحا الكلمات: " هوذا ابنك" هكذا "الإنسان الكامل لا يعيش فيما لنفسه وحده بل يحيا المسيح أيضا فيه، ومادام المسيح فيه، لهذا يقال عنه لمريم: هوذا، ابنك المسيح!".
المقارنة بين حواء والقديسة مريم:-
ربما يعود أصل المقارنة بين حواء والقديسة مريم إلى بابياس أسقف هليوبوليس بآسيا الصغرى في أواخر القرن الأول الميلادي. ويعتبر القديس يوستين في القرن الثاني الميلادي هو الذي جذب الأنظار إلى هذه المقارنة في محادثاته مع ترفو Trypho، إذ يقول: ["صار (ابن الله) إنسانا بواسطة العذراء، حتى يمكنه أن يمحو المعصية التي كانت بإيحاء الحية، وذلك بنفس الطريقة التي نبعت منها هذه المخالفة... فحواء التي كانت عذراء وغير دنسة إذ حملت كلمة الحية داخلها أنجبت عصيانًا وموتًا، أما مريم العذراء إذ امتلأت بالإيمان والفرح ما أعلنه الملاك جبرائيل لها في البشارة بأن الروح القدس يحل عليها وقوة العلي تظللها والقدوس المولود منها يدعى ابن الله، وأجابت: ليكن لي كقولك (لو 1: 35)...] واضح في هذه المقارنة أن القديس يوستين ركز لا على القديسة مريم بل على المولود منها.
وقام القديس ايريناؤس (حوالي عام 172) بتطوير هذه المقارنة، إذ صبها في قالب لاهوتي قائلاً: [مع أن حواء كان لها زوج هو آدم كانت لا تزال عذراء، بعصيانها صارت سبب الموت لنفسها ولكل الجنس البشري، هكذا مريم أيضا وهي لها رجل مخطوبة وكانت عذراء عندما قدمت الطاعة صارت سبب الخلاص لنفسها ولكل الجنس البشري... هكذا انحلت العقدة التي سببتها عدم طاعة حواء بطاعة مريم. ما قد ربطته العذراء حواء شديدًا بعدم إيمانها، حلته العذراء مريم بالإيمان...] هكذا يبرز القديس ايريناؤس ما للقديسة مريم من دورٍ في خطة الله لخلاصنا، إذ قدمت الخضوع الكامل لله بكامل حريتها، قدمت الطاعة النابعة من الإيمان.هكذا وقد دعاها القديس " شفيعة حواء" أو "المحامية عنها" إذ يقول: [بينما خالفت حواء الله، أطاعت مريم الله، لتصير العذراء مريم محامية أو شفيعة للبتول حواء.]
وبنفس المنهج كتب ترتليان في كتابه "جسد المسيح": [زحفت كلمة الشيطان إلى العذراء حواء لكي تقيم شرخا للموت، ودخل كلمة الله إلى العذراء ليقيم بناء الحياة. ما فقدناه بواسطة الجنس، أعيد إلينا بواسطة ذات الجنس وأنقذ الموقف. حواء صدقت الحية، ومريم صدقت جبرائيل. ما أفسدته الواحدة بعدم الإيمان استردته الأخرى بالإيمان... لهذا أرسل الله إلى أحشاء العذراء كلمته الذي هو أخانا البكر حتى يٌمحي تذكار الشر...]ويشير العلامة أوريجينوس إلى القديسة مريم بكونها قد أعادت الكرامة لجنس المرأة، هذه التي فقدتها خلال خطية حواء. في هذا وجدت المرأة خلاصها بولادة البنين (تي 2: 15). كما يقول أيضًا: ["الفرح الذي بوق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء.] [كما بدأت الخطية بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل، هكذا بدأت البشارة بالنسوة (مريم واليصابات).]
وقام القديس ايريناؤس (حوالي عام 172) بتطوير هذه المقارنة، إذ صبها في قالب لاهوتي قائلاً: [مع أن حواء كان لها زوج هو آدم كانت لا تزال عذراء، بعصيانها صارت سبب الموت لنفسها ولكل الجنس البشري، هكذا مريم أيضا وهي لها رجل مخطوبة وكانت عذراء عندما قدمت الطاعة صارت سبب الخلاص لنفسها ولكل الجنس البشري... هكذا انحلت العقدة التي سببتها عدم طاعة حواء بطاعة مريم. ما قد ربطته العذراء حواء شديدًا بعدم إيمانها، حلته العذراء مريم بالإيمان...] هكذا يبرز القديس ايريناؤس ما للقديسة مريم من دورٍ في خطة الله لخلاصنا، إذ قدمت الخضوع الكامل لله بكامل حريتها، قدمت الطاعة النابعة من الإيمان.
هكذا وقد دعاها القديس " شفيعة حواء" أو "المحامية عنها" إذ يقول: [بينما خالفت حواء الله، أطاعت مريم الله، لتصير العذراء مريم محامية أو شفيعة للبتول حواء.]
وبنفس المنهج كتب ترتليان في كتابه "جسد المسيح": [زحفت كلمة الشيطان إلى العذراء حواء لكي تقيم شرخا للموت، ودخل كلمة الله إلى العذراء ليقيم بناء الحياة. ما فقدناه بواسطة الجنس، أعيد إلينا بواسطة ذات الجنس وأنقذ الموقف. حواء صدقت الحية، ومريم صدقت جبرائيل. ما أفسدته الواحدة بعدم الإيمان استردته الأخرى بالإيمان... لهذا أرسل الله إلى أحشاء العذراء كلمته الذي هو أخانا البكر حتى يٌمحي تذكار الشر...]وفي القرن الرابع يشير زينون أسقف فيرونا إلى هذه المقارنة بعرض جديد: [جرح الشيطان حواء وأفسدها، زاحفا بخداعه إليها خلال أذنها، هكذا بدخول السيد المسيح إلى أذن مريم تخلصت من كل رذائل القلب. لقد شفي جرح المرأة عندما ولد من العذراء.]
أما القديس مار أفرام السرياني الذي قال [أن قيثارة الروح القدس هذه لن تبعث لحنًا أعذب مما تصدره حين تتغنى بمديح مريم.] فقد أعطي لهذه المقارنة بين حواء والقديسة مريم تطورًا جديدٍا، إذ يقول: [استترت حواء في بتوليتها بأوراق العار. أما أمك (القديسة مريم) فلبست في بتوليتها ثوب المجد الذي يكفي الجميع. قدمت قطعة من الملابس (الجسد) لذاك الذي يكسو الجميع.] [بالعين رأت حواء جمال الشجرة، فتشكلت مشورة القاتل (الشيطان) في ذهنها... أما مريم فبالأذن أدركت غير المنظور الذي جاءها خلال الموت. لقد حملت في أحشائها القوة التي جاءت إلى جسدها.]
كما يقول أيضا:
"لتصغ حواء أمنا الأولى، ولتقترب إلى.لترفع رأسها التي انحنت بالعار الذي لحق بها وهي في الجنة.
لتكشف عن وجهها وتشكرك، لأنك نزعت عنها ارتباكها!لتحمل صوت السلام الكامل فإن ابنتها دفعت الدين عنها""الحية وحواء حفرا قبرا وألقيا بآدم المخطئ في الجحيم، أما جبرائيل فجاء وتكلم مع مريم،.
هكذا فتح السر الذي به يقوم الأموات من جديد".
"مريم هي جنة عدن التي من الله،ففيها لا توجد حية تضر...ولا حواء التي تقتل...إنما نبع فيها شجرة الحياة التي أعادت المنفيين إلى عدن".
أخيرا فقد تكررت نظرة هؤلاء الآباء في كتابات القديسين أمبروسيوس وجيروم وأوغسطينوس وأبيفانيوس أسقف سلاميس وغيرهم، نقتبس منها العبارات التالية:
+ دعيت حواء أم الجنس البشري أما مريم فهي أم الخلاص.
القديس أمبروسيوس
+ بعد أن حملت العذراء وولدته لنا... انحلت اللعنة.
جاء الموت خلال حواء والحياة خلال مريم.
القديس جيروم
+ مريم اشتملت في حواء، لكننا عرفنا حقيقة حواء فقط، عندما جاءت مريم
القديس أوغسطينوس
+ تطلعت مريم إلى حواء وإلى أسمها ذاته "أم كل حي، كشارة سرية عن المستقبل، لان "الحياة" نفسه ولد من مريم، وهكذا صارت "أم كل حي"
لا نستطيع أن نطبق العبارة "أضع عداوة بينك وبين المرأة" تك3: 15 على حواء وحدها، أنما بالحقيقة تحققت عندما ولد القدوس الفريد من مريم بغير زرع بشر".
القديس ابيغانيوس أسقف سلاميس
+ وجدت المرأة شفيعتها في المرأة.
القديس أغريغوريوس النيصي
الممتلئة نعمة
سر الفرح:
في البشارة حيا الملاك جبرائيل القديسة مريم بهذه الكلمات:
" السلام (شيريه) لك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء".
لم تكن هذه بالتحية العادية كقول "يوم سعيد"، ولا حملت معنى "سلام" أو "شالوم"، إنما حملت كمال معنى الفرح. فإن الكلمة اليونانية لسلام هنا "شيريه". وقد ورد الفعل (شيرو) في الترجمة السبعينية للعهد القديم حوالي ثمانين مرة، ترجم نصفها "يفرح"، والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم.
استخدم بعض أنبياء العهد القديم ذات التحية موجهة إلى "ابنة صهيون" يسألونها أن تفرح جدا بل وتصرخ علانية، معلنين لها الخلاص الذي يتحقق بواسطة المسيا.
"ترنمي يا ابنة صهيون، اهتفي...
افرحي (شيري) وابتهجي من كل قلبك يا ابنة أورشليم.
الرب إلهك في وسطك جبار، يخلص..."
صفنيا 3: 14، 17
"ابتهجي (شيريه) جدا من كل القلب والنفس يا ابنة صهيون
هوذا ملكك يأتيك... ويسكن في وسطك" زكريا 9: 9
هوذا الملاك يحيى ابنة صهيون الحقيقية، القديسة مريم، ويدعوها إلى فرح قلبي داخلي،سره سكني المسيا، مخلصها وإلهها، في داخلها، فقد تمتعت بالأمومة لابن الله. يتجلى سر فرح القديسة مريم الذي نالته في لحظات التجسد بكل وضوح في الليتورجيات القبطية وتسابيحها وفنونها، الأمر الذي تعود إليه في الفصل الأخير.
قداستها:
ارتبطت فكرة قداسة القديسة مريم في ذهننا بأمومتها لله كما ارتبطت بدوام بتوليتها وصداقتها للمؤمنين وموقفها كرمز للكنيسة المقدسة.
رأينا أن أمومة مريم لله إنما جاءت ثمرة تزاوج نعمة الله المجانية مع خضوع (مريم) المؤمنة وطاعتها لله. فقد تدخل الله بطريقة معجزيه لتحقيق التجسد الإلهي كعطية مجانية يهبها الله للناس (لو 1: 28-35) بهذه النعمة الإلهية المجانية اقتنت القديسة مريم كمالا (قداسة) للروح والجسد يهيئها لاستقبال السيد في أحشائها. قدستها نعمة الله وصيرتها قدس أقداس حقيقي يسكنه الله، سماء ثانية، أما للحياة والنور والواحد القدوس.
هكذا خضعت العذراء – باسم البشرية- لرسالة الله وعمله (لو 1: 38)
أما في لحظات التجسد فتقبلت القديسة مريم كمالا فريدا تحقق بحلول ابن الله واهب النعمة.
+ انفردت بدعوتها" الممتلئة نعمة"، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد غيرها، إذ امتلأت بواهب النعمة.
القديس أمبروسيوس
+ افرحي أيتها الممتلئة نعمة!
يتنعم البشر، كل بنصيب من النعمة، أما مريم فنالت النعمة بكل فيضها
الأب بطرس خريسولوجيس
+ حملت مريم (النار) في يديها،
واحتضنت اللهيب بين ذراعيها.
أعطت اللهيب صدرها كي يرضع،
وقدمت لذاك الذي يقوت الجميع لينها.
من يستطيع أن يخبر عنها؟!
القديس أفرام السرياني
+ التحفت بالنعمة الإلهية كثوب،
وامتلأت نفسها بالحكمة الإلهية،
في القلب تنعمت بالزيجة مع الله،
وتسلمت الله في أحشائها.!
الأب ثيؤدوسيوس أسقف أنقرة
تتأكد هذه الفكرة أي الارتباط بين قداسة مريم وأمومتها بشكل واضح في الألحان القبطية تعطيها أسماء كثيرة توضح قداسة الثيؤتوكوس
+ السلام (الفرح) للسماء الجديدة، التي أشرق منها شمس البر، رب كل البشرية!
+ السلام (الفرح) لمريم،
الحمامة الحسنة،
التي ولدت لنا الله الكلمة!
أسبوع الآلآم
+ صرت أعلى من السماء،
ومكرمة أكثر من الأرض وكل الخليقة التي عليها،
إذ صرت أما للخالق.
+ ليس من يشبه والدة الإله، فإنك وأنت تسكنين الأرض أما للخالق.
(بارالكس) لحن البركة
2- ارتبطت قداسة العذراء بدوام بتوليتها، كما ظهر ذلك بوضوح في مقالات آباء الإسكندرية عن البتولية.
أما القديس أمبروسيوس فيقول: كانت بتولا لا بالجسد فحسب بل بالروح أيضا، فإن نقاوة ذهنها لم يمسها أي خداع!
3- يشعر المؤمن الأرثوذكسي بقداسة مريم لا بوحي تعاليم تسليمها من الكتب بل ثمرة طبيعية لصداقة شخصية ارتبط بها مع القديسة خلال حياته اليومية، فالقبطي المؤمن يشعر بالقديسة أما له، الملكة القديسة التي في السماء تسأل عن خلاصه. هي الأم القديسة التي تتوق إلى قداسة أبنائها.
4- أخيرا تحسب مريم كقديسة بكونها "ابنة صهيون" الممتلئة نعمة، ترمز للكنيسة المقدسة. هي مثال لعرس المسيح، جسده السري والكيان الروحي الذي أسسه الرب وملاه بالروح القدس.
القمص تادرس يعقوب ملطى
القديسة مريم فى المفهوم الأرثوذكسى
المزيد
23 أغسطس 2020
مهرجان الكرازة المرقسية 2020 (2)
تتسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعلامات ومواصفات هامة، تنفرد بها عن أي كيان آخر، وهذه السمات نسمعها على فم الشماس -في القداس الإلهي- حينما ينادينا قائلًا: "صلوا من أجل سلامة الواحدة، الوحيدة، المقدسة، الجامعة، الرسولية، كنيسة الله، الأرثوذكسية" وهي:1- الواحدة: فليس هناك سوى كنيسة واحدة، سواء، منذ الأزل في فكر الله، أو خلال المسار البشري كله، أو حتى في الخلود.. فجسد المسيح واحد.. وعروس المسيح واحدة.2- الوحيدة: بمعنى "الفريدة في نوعها"، فليس هناك كيان آخر مشابه لها، فهي الكيان المقدس، الذي فيه يجتمع الرب مع الناس، والزمن مع الأبدية، والأرض مع السماء، والشعب مع الشعوب.3- المقدسة: إذ أن روح الله القدوس هو سر قداسة أعضائها، فهو الذي يدشن كل عضو في هذا الجسد، ويسكن فيه، جاعلًا منه هيكلًا مقدسًا ومُخصَّصًا للرب، لهذا تتسم الكنيسة بقداسة الكيان والفكر والوجدان والسلوك.. وتصير ضميرًا حيًا للعالم في كل مكان وزمان.4- الجامعة: فإن كان العهد القديم قد ركز على شعب واحد هو بني إسرائيل، إلا أن العهد الجديد اتسع ليشمل العالم كله، من كل الأمم، والشعوب، والقبائل، والألسنة «لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ...» (يو3: 16)، وهو «يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ» (1تي2: 4).5- الرسولية: فالكنيسة مبنية «عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ» (أف2: 20). فالكنيسة امتداد للرسل، سواء من جهة حياتهم الشخصية، أو إيمانهم أو تعاليمهم أو كرازتهم..6- كنيسة الله: فالكنيسة ليست مِلكًا لأحد، ولا حتى لنفسها، بل هي مِلك خالص لله، الذي أحبها، وافتداها بدمه، واقتناها عروسًا مطهرة لشخصه.. «خَطَبْتُكُمْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (2كو11: 2)، لهذا تهتف العروس في النشيد قائلة: «أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي» (نش6: 3).7- الأرثوذكسية: فالكنيسة مستقيمة الرأي والمعتقد والفكر (أرثو = مستقيم)، كما أن حياتها تمجيد لله في الزمن والأبدية، بفكر مستقيم، وحياة أمينة. فلا انفصام بين العقيدة والحياة، ولا بين العقل والقلب والسلوك اليومي.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
22 أغسطس 2020
التسبحة
أولاً: طبيعة التسبحة
أرقى أنواع الصلاة لأنها تعكس إحساس الإنسان بعمل الله (ويشعر الإنسان انه قريب من الله) ويقترب الإنسان من الصورة الملائكية في التسبيح ولذلك يقال عن التسبحة أنها طعام الملائكة أو ما يسمى بعمل السمائيين – شغلتهم أنهم يسبحون الله وليس لهم عمل آخر غير ذلك.أنها تعبير عن الشكر بالإحساس بالخلاص – بصفة خاصة: يعني التسبيح مرتبط بالإحساس بالخلاص مثل شعب إسرائيل بعد نجاته من فرعون سبح الله، وداود بعد انتصاره على جليات سبح الله وكل الشعب معه والثلاثة فتية القديسين سبحوا الله في آتون النار.التسبحة أيضاً هي تراث آبائي أختبرها الآباء وقدموا لنا صلوات مختبرة بمعنى أنها مفعمة بخبرات الآباء وهناك تأملات كثيرة للآباء في التسبيح.والتسبحة أيضاً تعبر عن مكنونات النفس في علاقتها بالله: تعبر عما بداخل النفس من مشاعر مثل الانسحاق والخشوع والفرح والألم والنصرة في المزامير أيضاً توضيح أن الهدف من حياة الإنسان هو التسبيح فيقول في مز 146 : 2 – 10 " أسبح الرب في حياتي وأرنم لإلهي ما دمت موجوداً" في المزامير أيضاً تتكلم عن الحالة النفسية التي يمر بها الإنسان فمثلاً في حالة الترك والتخلي يقول " إلى متى يا رب تنساني.. إلى الانقضاء" (مزمور 12 بالأجبية).
وظيفة الكنيسة:-
الكنيسة هي مؤسسة إلهية تترجم عمل الله على الأرض بمعنى أنها تشيد بعمل الله، التسبيح جزء من طبيعة الكنيسة وقبل القداس لازم نصلي التسبحة.
اللاهوتيات في التسبحة:-
لاهوتيات : يعني تعبير عن لاهوت السيد المسيح. نجد في التسبحة في ثيؤطوكية الأحد، ثيؤطوكية الخميس، ثيؤطوكية الجمعة. واضح في الثلاث أيام هذه أحاديث كثيرة في التسبيح بتتكلم عن لاهوت السيد المسيح ولذلك التسبيح له معاني فوق اللفظ فمثلاً لما نقول السلام للعذراء المعمل الإلهي الذي اتحد فيه اللاهوت مع الناسوت. هذا كلام له معنى أكبر من مجرد الألفاظ، فصور اللغة أحياناً تجعلنا نحيط الكلام بمشاعر وتأملات لكي نصل إلى المعاني الحقيقية للكلمات.
ثانياً: حكمة ترتيب التسبحة:
طريق التسبيح:-
1- طريقة المرابعة: المجاوبة الصوتية مجموعة تقول ومجموعة ترد عليها.
خورسان : في مجموعتان يسبحان بالتتابع الربع البحري، والربع القبلي 0أي شمال وجنوب والكل ناظر إلى الشرق)
2- طريقة التسبيح المنفردة: مثال لذلك الكاهن وهو يصلي صلوات منفرداً في صلوات القداس والشعب يردعليه.
3. طريقة المردات: المرنم يقول – وباقي الخورس يرد بالمرد الخاص مثل : جيف بيف ناي شوب شا إينيه.
4. الطريقة الجماعية: الكل يقول كل شيء – الجميع يشتركون- مثل ختام الصلوات وختام التسبحة
والتنوع هو نوع من أنواع الإثراء ويجعل التسبيح بدون ملل وبدون ارتباط بطريقة واحدة.
الحان التسبحة:-
لها 24 لحن وفيها حاجة اسمها لبش واللبش هو تفسير باللحن (أي تفسير ملحق) وألحان التسبحة تتفاوت بين الطول والقصر وبين القلة والكثرة حسب الجزء الذي يلحن لكن لازم كل هوس يبقى له لبش وهو كنفسير يقال بلحن معين.
ترتيب فقرات التسبحة:-
صلاة نصف الليل:-
المزامير نلاحظ أن البداية دائماً بمزامير نصف الليل يوجد 3 خدمات (تسمى أيضاً 3 هجعات وهجعة بمعنى سجدة) وهي التسمية المسيحية التقليدية الرهبانية.
خدمة يعني خدمة الصلاة وتعني أيضاً تقدمة.
هجعة يعني حركة الجسد المعبر عن العبادة وهي حركة مجاوبة.
سجدة معناها تلاقي الركبة والرأس في السجود على الأرض.
فالخدمة الأولى تتكلم عن السهر يقول فيها المزمور الكبير 119 فيه تلتقي النفس مع كلمة الله.
والخدمة الثانية تتكلم عن التوبة – مزامير المصاعد – الإنجيل.
والخدمة الثالثة تتكلم عن الإعداد للملكوت وانتظار الملكوت وتقال فيها مزامير النوم، النوم يشير إلى الموت ثم القيامة.ثم تختتم الخدمة الثالثة بانجيل (اطلق عبدك بسلام) وهنا تعبر الكنيسة عن حالة تجلي نعيشها وكأنها اختطفت إلى الملكوت وصارت في الحفوة الإلهية وتختم بكيرياليسون 41 مرة ثم قدوس قدوس قدوس رب الجنود.ثم تبدأ تسبحة نصف الليل بالترتيب الآتي:
(1) قطعة تين ثينو: ومعناها: قوموا يا بني النور وهي الدعوة العامة للتسبيح.
(2) مديح القيامة: تين ناف (كلمة قبطي) وهذا بعد الخماسين يقال في الأحاد فقط حتى الأحد الأخير لشهر هاتور (ولا يقال من أول كيهم حتى عيد القيامة) ةالكنيسة تعطينا الإحساس بالمناسبة قبلها (أي قبل المناسبة) فمثلاً قبل التجسد تعطينا إحساس بالتجسد وهكذا في القيامة وما بعدها. وكذلك حتى بداية الصوم الكبير.
(3) الهوس الأول: (كلمة قبطي) وكلمة هوس معناها تسبحة أو يسبح (مارن هوس – فلنسبح) في الهوس الأول تذكر قصة نجاة الشعب من يد فرعون. نجدها في (خر 15 ، رؤ 15) والارتباط بينهما وفي خر 15 عبور البحر الأحمر فخلصوا من نير فرعون. وفي رؤ 15 أيضاً المفديين يقولون تسبحة موسى والخروف.
- (لبش 0مديح) الهوس الأول: وهو على نفس معنى الهوس الأول أي خلاص إسرائيل من يد فرعون – وعبورهم البحر الأحمر بقيادة موسى النبي – ثم يطلب المرتل صلوات موسى رئيس الأنبياء وشفاعة والدة الإله.في أيام الأسبوع العادية (فيما عدا الأحد) يصلي بعد الهوس الأول ولبشه تقال القطع (السابعة ، والثامنة والتاسعة ) من ثيؤطوكية الأحد. بعد تلاوة فصل الإنجيل "الآن يا سيد تطلق عبدك بسلام"
لماذا القطع الثلاثة هذه من ثيؤطوكية الأحد؟لأنها تطبق بين الرمز والمرموز إليه وهذه الثلاث قطع تتحدث عن التجسد بصورة كاملة لأن نجاة الشعب من يد فرعون كانت رمز لنجاة البشرية من يد الشيطان عن طريق تجسد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
(4) الهوس الثاني: عبارة عن مزمور 135 وهو شكر على الخلاص ولذلك يجيء هذا الهوس بعد المرموز إليه – يبقى عملنا الرمز، المرموز إليه وبعدين الشكر على الخلاص هذا الهوس 28 ربع وكل ربع يتكرر فيه عبارة "لأن على الأبد رحمته" واحنا بنتكلم عن رحمة ربنا نجد 14 جيل إلى داود و 14 جيل إلى المسيح جملتهم 28 وداود يرمز إلى السيد المسيح كل جيل له ربع >إلى الأبد رحمته" دليل على أن رحمة الله تشمل كل جيل.
لبش الهوس الثاني: مارين أو أونه فلنشكر المسيح إلهنا مع المرتل داود النبي وهذا اللبش على نفس الهوس الثاني نعبر فيه عن ابتهاجنا وشكرنا للرب الذي أنعم علينا بالخلاص.
(5) الهوس الثالث: تسبحة الثلاث فتية سفي الآتون وهي تمثل تجار بالحياة- لأن أي إنسان ممكن أن يلقى في الآتون بيد بشرية شريرة تلقيه في آتون التجاربز الثلاث فتية سجلوا انتصارات كمثال أولاد الله الذين ينتصرون على العالم. العجيب أننا نجد في الهوس الثالث نظرة الخليقة من خلال عمل الله. فيها دعوة للخليقة لكي تسبح الله في عمله فالشمس تسبح ربنا لعملها بالفلك الذي تدور فيه لذلك يقول المرنم السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه.هذا يدل على انتصار أولاد الله في كل الظروف المحيطة الخارجية – المتعبة علاوة على الانتصار الداخلي على أي مشاعر غير روحية في النفس الهوس الثالث عبارة عن 40 ربع نجد أن ال 6 أرباع الأولى: خاطب فيها الفتية الثلاثة السيد المسيح 6 مرات قائلين مبارك أنت وهي إشارة إلى أو ترمز إلى (600 سنة) بين ملك نبوخذ نصر وميلاد السيد المسيح – أي بمعدل كل 100 سنة ربع كذلك ال 34 ربع بعد هذه الأرباع الستة هي رمز على سني حياة السيد المسيح التي عاشها على الأرض 33 سنة و ثلث تقريباً أي بمعدل كل سنة بريع. وهذا يوضح قيمة السيد المسيح على الأرض في ال 6 أرباع الأولى يسبح الفتية الثلاثة القديسون الله على مجد صفاته الذاتية وفي الأربع والثلاثون التالية وحتى آخر الهوس على مجده المستعلن في الخليقة وبالخليقة.
(6) لحن اريبصالين: وهي ابصالية واطس للثلاث فتية وهي أرباع مرتبة من الألفا (كلمة قبطي) إلى الأوميجا (كلمة قبطي) على الحروف الهجائية اليونانية أي الربع الأول يبدأ ب ألفا والثاني ب فيتا والثالث بجاما وهكذا على الربع الأخير الذي يبدأ ب أوميجا.وهي قطعة يونانية وقبطية تسير على منهج الهوس الثالث ونمطه.وطريقة هذه الإبصالية ثابتة لا تتغير بتغير المناسبات كما في باقي الابصاليات.
(7) لحن تيه أويه انسوك (كلمة قبطي)وهو مقدمة المجمع أي نتبعك بكل قلوبنا وهو عبارة عن مديح واطس للثلاث فتية القديسين وهو لبش الهوش الثالث.من الملاحظ في ليلة أبو غالمسيس يعمل زفة 3 مرات في هذه الليلة.
المرة الأولى: بعد المزمور 151 ومعنا سفر المزامير ملفوف في ستر أبيض.
المرة الثانية: بعد مديح تين أويه إنسوك أو نقول فيها تيه أويه أنسوك.
الملاحظ هنا ولأننا نقول " نتبعك بكل قلوبنا" غننا نجد أكبر رتبة ليس في الآخر كما في الزفات الآخرى بل نجدها في الأول وراء الصليب مباشرة تمثل المسيح والكل يسير وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.ومن هنا نرى روعة الطقس في كنيستنا القبطية لأن هذا معناه أن السيد المسيح حاضر من خلال هذه الرتبة سواء البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أكبر رتبة موجودة في الكنيسة في هذه الليلة تسير خلف الصليب والكل وراءه يقولون نتبعك بكل قلوبنا.وهذا اللحن يعبر عن أن مجمع القديسين يقولون للسيد المسيح بكل قلوبنا وكأنه درس نتعلمه من خلال طقس الكنيسة الحالية نتعلمه من الذين سبقونا إذ ساروا وراء السيد المسيح بكل قلوبهم.
(8) مجمع القديسين في التسبحة:
- نجد فيه 20 (عشرون) اسم من آباء وأنبياء العهد القديم ويوحنا المعمدان السابق، لأنه سبق المسيح ب 6 أشهر الصابغ لأنه عمد الشعب.نجد ال 144 ألف البتوليين غير الدنسين عبارة عن 12 × 12 × 1000رقم 12 يشير إلى ملكوت الله 3 × 4× 12 يشير إلى الأبدية الشيء الثابت الدائم× 1000 يعنى السماء.نجد 12 تلميذ ، 70 رسول.+ نجد أكثر من 100 شهيد ، 100 قديس.بالنسبة لرقم 12 وملكوت ربنا نجد في سر التثبيت (سر الميرون)فرشم الإنسان 36 رشمة 12 × 3ال 12 عبارة عن 3 × 4 رمز لملكوت اللهفال 36 رشم عبارة عن ال 12 اللي هي ملكوت الله في ال 3 اللي هو التثبيت.لكن 12 × 12 يشير إلى الملكوت الأبدي. × 12 يشير إلى الملكوت الكنسي، كيف أن الله يملك على الإنسان من خلال الكنيسة.
(9) الذكصولوجيات: وهي تماجيد القديسين والقديسات وهي كلمة مكونة من كلمتين (كلمة قبطية) بمعنى، والكلمة الثانية (كلمة قبطية) بمعنى بركة.ولذلك كلمة دكصولوجيا تعني أننا نأخذ بركة المجد الذي وصل إليه القديسون، وهناك ذكصولوجيات للسيدة العذراء، والملائكة، والسمائيين... الخ، وكذلك المناسبات إشارة للبركة التي أخذناها في هذه المناسبات ومنها الأعياد السيدية الكبرى ، الصغرى ، عيد الصليب المجيد، شهر كيهك، الصوم الكبير. وتقال الذكصولوجيات بنفس الطريقة التي يقال بها المجمع والباش الأيام الواطس (جمع لبش) في التسبحة.
(10) الهوس الرابع: وهو عبارة عن الثلاثة المزامير الأخيرة 148 ، 149 ، 150 ويعتبر الهوس الرابع امتداد للهوس الثالث في تسبيح الخليقة كلها أما المزمور 151 فيقال ليلة أبو غالمسيس.
(11) ابصالية اليوم: ابصالية من كلمة ابصالي اليونانية بمعنى ترتلة، أو تتمجيد للسيد المسيح، فيه ابصالية آدام (أيام الأحد والاثنين والثلاثاء) ولها نغمة قصيرة.
ابصالية واطس أيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت، ولها نغمة مطولة نوعاً.
أي أن كل يوم ابصالية كذلك هناك ابصاليات المناسبات، والابصالية تحمل نوع من الصلاة القلبية مثل ابصالية أعطى فرحاً لنفوسنا التي تقال يوم السبت.
(12) مقدمة الثيؤطوكية والثيؤطوكية: كل يوم من أيام الأسبوع له ثيؤطوكية وهي عبارة عن تمجيد للسيدة العذراء التي تم عن طريقها سر التجسد الإلهي.
(13) اللبش الخاص بالثيؤطوكية: وهو تفسير الثيؤطوكية ويقال بلحن مختلف عنها، بالنسبة ليوم الأحد ليس له لبش.
أما لبش الإثنين والثلاثاء فيقالا بطريقة الهوس الأول والثاني.
أما الألباش الواطس فتقال بطريقة حسب الطقس فتقال إما سنوي أو فرايحي أو كيهكي أو صيامي أو شعانيني.
(14) الطرح: في بعض الأيام أو المناسبات لها طرح أي تفسير وكلمة طرخ أي شيء مطروح على آذان الناس.
(15) الدفنار: وهو سيرة مختصرة لقديس اليوم ويقال بطريقة الترتيل.
(16) ختام الثيؤطوكيات: فأيام الواطس لها ختام "ربنا يسوع المسيح" وأيام الآدام لها ختام "مراحمك يا إلهي"
(17) ختام التسبحة:
- قانون الإيمان
- كيرياليسون باللحن المعروف
- قدوس...
- ابانا الذي في السموات ثم يقرأ الكاهن تحليل نصف الليل الخاص بالكهنة.
المزيد
21 أغسطس 2020
العَذْرَاء مَريَمُ كليَّة الطهْرُ
رؤية آُبائية
الكنيسة الأرثوذكسية لا تجعل من علم المريميات Μαριολόγυ موضوعًا عقائديًا مستقلاً
بذاتو بل يظل متكاملاً مع لرموع التعليم الدسيحي القائم على أساس ال ) Χριστολόγυ )
متأثرًيا كثنًًا بالتعليم عن الريوح القدس ) πνευματολογία ( من خلال التدبنً مريتبطًا بشدة
بحقيقة التعليم عن الكنيسة ) Εκκλησιολόγυ .)
لذلك نظريتنا إلى العذراء القديسة في كل شيء لا تتخذ كامل معناىا إلا من خلال سري الخلاص
والتجسد الإلذي، فتقليدنا الكنسي لا يعتبرىا أبدًا موضوعًا مستقلاً وقائمًا بحدّ ذاتو، بل يرياىا
دائمًا من خلال دورىا في تدبنً الخلاص.
وإن كان تقليدنا برُيمّتو يتضمن مدائح وتكرييم وثيؤطوكيات لكنو في الوقت نفسو لم يحسبها
موضوع بحث نظريي خاص يُدرّس بحد ذاتو، أو مسألة عقائدية مستقلة. فالآباء الأولون تكلموا
عنها في سياق الدناسبات والتفاسنً والكتابات والليتورچيات من أجل ارتباطها بالخطة الإلذية
للخلاص، بعد أن خدمت خلاص البشري وتم بواسطتها قصد الله القديم، وأجابت بإرادتها الحرية
)ىوذا أنا امَة الريب، ليكن لي كقولك( في تذكار البشارة الدسمىَ في الليتو رجية )رأس خلاصنا(.
قبلت غنً المحوي في بطنها، ومن قِبَل تذريتها أدرك الخلاص جنسنا، وأشريق لنا منها شمس البِر،
قدمتو لنا لزمولاً على ذراعيها، ولدتو بإتحاد بغنً افتراق، ولدتو كالنبوة بغنً زرع ولا فساد،
وبقيت عذراء بعد الولادة وبتوليتها مصونة بأمري عجيب، فهي ق بُّة وقدس أقداس، وتابوت
مصفح بالذىب من كل ناحية، صارت أمًا لله، عمانوئيل ابن العلي، وقد ثبَّت لرمع أفسس
) مٖٔٗ( مسكونيًا لقب "والدة الإلو الثيؤطوكوس" ىذه التسمية ذات الواقع اللامتناىي.
فالكنيسة الأرثوذكسية نادرًا ما تريسمها وحدىا بل جالسة عن منٌ الدلك حاملة دومًا ابنها الإلذي
بنٌ ساعديها ومتوَّجة كملكة، ىي أعلى من الشاروبيم وأجَلّ من السنًافيم؛ لأن الآب تطلع
من السماء ولم يجد من يشبهها، فأرسل وحيده أتى وتجسد منها، غنً الدنسة العفيفة قبلت
بإرادتها الحرية وىي نذيرية الذيكل أن يَفِد إليها الابن الوحيد، فصارت الشريط البشريي الدباشري
والدوضوعي للتجسد، والدكان الحي حيث سكن العلي في بطنها، ودُعيت سماء ثانية جسدانية،
وصارت أيقونتها ىي أيقونة التجسد، واسمها ولقبها صار يحوي سري التدبنً الإلذي للخلاص،
بإسهام إمانها وطاعتها وطهارتها وفقريىا ونذرىا وتكرييسها وإرادتها، وبواسطتها أصلحنا الله مرية
أخريى من قِبَل صلاحو، فأخذ الدسيح وجو إنسان، وارتبطت ىي بو ارتباطًا عضويًا، ارتباطًا
فرييدًا مع شخص كلمة الله الذي اتخذ جسدًا من جسدىا، وأراد أن يكون ابنها بالدعنى الكامل
للكلمة.
إنها العَجنة والسماء والأرض، والنسل الجديد، حواء الثانية أم كل حي، حَجْلة الريب الدتسريبلة
بالشمس، مدينة الله التي قيل عنها أعمال لريدة، لأنها أرفع وألرد بغنً قياس من كل الطغمات،
وىي وحدىا البرئية التي استحقت أن تكون الأم والعبدة، الأم الدائمة البتولية، الأم والعذراء،
عظمت الريب فأزىريت وأوسقت تذرًيا، وابتهجت بالله لسلصها ففاح عنبرىا بوحدانية لا يُنطق بها،
ونضح الحبور عليها في الريوح القدس فنادت في أرضنا وأينعت لنا تذرية الريوح، حبلت بالفريح
وولدت بالفريح، وىي يُنبوع الحياة الفائض الذي نبعت لنا منو نعمة اللاىوت، فصارت عنبرًا
لستارًا ومامة عقلية وسبب فريح وخلاص وعتق ونجاة وفخري وشفاء وكريازة وكريامة وثبات ورفعة
وقوة كل من يتشفع بها.
ففي رقادىا أيضًا ما أهملت العالم وما تريكتو لأنها الشفيعة الدؤتدنة التي تستر العالم بجناحيها
وتحريسو بزنارىا، وىي قوية في الحريوب، ناظرية إلينا من الدواضع العلوية، تريفع ألحاظها وتوصينا
تريعًا )مهما قال لكم ابني تفعلوا( ونحن نقول لذا )الفريح لكِ يا والدة الإلو مرييم أم يسوع
المسيح.
القمص أثناسيوس چورچ
المزيد
20 أغسطس 2020
ليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية ج2
العذراء مريم في طقس كنيسة المشرق
ثانيا- مكانة العذراء مريم في رتب اسرار الكنيسة:-
ان ذكر العذراء مريم بارز في رتب اسرار البيعة، الا انه يحتل مساحة أضغر من المساحة التي يشغلها في ساعات الصلاة الفرضية. نحاول اكتشاف هذه المكانة السامية في رتب العماد، والقداس، والرسامات الاكليريكية، والزيجة، ورتب تشييع الموتى المؤمنين.
1-رتبة العماد
يتشفع المصلون بالعذراء مريم مراراً في رتبة العماد، نشير الى اهم الاماكن التي يرد ذكرها فيها:
أ- تُخصّصُ المناداة التي تقال بعد تلاوة الانجيل الطاهر”طلبة” بمريم العذراء، مطلعها”لاجل تذكار
الطوباوية مريم البتول القديسة…”، ورد ذكرها آنفاً، لان هذه المناداة تكرر يومياً خلال صلاة المساء.
ب- تَكوّن “قانون الايمان” ضمن اطار مراسيم المعمودية، اذ كان على طالبي العماد ان يتعلموا بنود الايمان المسيحي خلال فترة الموعوظية، ويعلنوا اعتناقهم عقيدة الجماعة المسيحية التي يطلبون الانتماء اليها. يرد ذكر العذراء مريم في فقرة من فقرات “قانون الايمان” الذي يُتلى قبل رتبة تقديس الماء والزيت، حينما يؤكد بان”…ابن الله الوحيد… صار انساناً، وجبل به وولد من مريم العذراء…”.
جـ -يرتل الشماس مدراشاً بعد منح سر العماد مباشرة. والمدراش لحن تعليمي، يتحدث هنا عن عماد يسوع وعن مفاهيم المعمودية المسيحية. يرد ذكر العذراء مريم في المقطع الاخير على النحو التالي:
– “تصف السماء مجد الرجل ذي البهاء السني
– (ظهر) في الغمام كصبي
– فُتحت الاسفار امامه
– انحدر ونزل بهاؤه الخفي
– مالت مريم وقبلته
– مادت مياه المعمودية
– وانحدر الروح ورفرف عليه”(63).
د- يتلو الكاهن في نهاية رتبة العماد صلوات ختامية، يلتجئ في احداها الى شفاعة العذراء مريم: “ايها الرب،
لتكن صلاة البتول القديسة حمى لنا…”(64).
2- رتبة القداس الالهي
يرد ذكر العذراء مريم في عناصر القداس المتغيرة، وفي الصلوات التالية:
أ- العناصر المتغيرة: يطلب المصلون شفاعة امهم العذراء عبر التراتيل التي تتغير وفق المواسم الطقسية المختلفة وهي:
1- “ترتيلة قدس الاقداس” ، التي ينشدونها في مستهل القداس، داخل قدس الأقداس، اذ يكون ستار قدس الاقداس مسدلاً.
2- “ترتيلة الانجيل”، التي يؤديها الجوق في فناء الكنيسة خلال موسم الحر، أي خلال الفترة الممتدة ما بين عيد الصعود والاحد الاول من تقديس الكنيسة.
3- “ترتيلة الاسرار”، التي ترنم اثناء نقل التقادم، أي الخبز والخمر، من “بيت الكنز” الى المذبح(65).
4- “ترتيلة البيم”، التي يرتلها الجوق الجالس في البيم اثناء التناول. نقدم نموذجاً من هذه التراتيل، وهي “ترتيلة قدس الاقداس” التي يؤدونها في عيد تهنئة العذراء:
“يا رب الكل، تشكرك القديسات اللواتي أحببن اسمك، لانك اخترت مريم من جنسهن، واحللت فيها سرك الخفي، اذ ظهر منها المسيح مخلص العالم بقوة الروح القدس. لذا تحتفل الكنيسة المقدسة بيوم عيد البتول”(66).
ب- يتناوب جوقا المذبح والبيم في ترتيل اربعة ابيات شعرية، بعد “ترتيلة الاسرار” وقبل “قانون الايمان”، وذلك احياءً لذكر العذراء، والرسل، وشفيع الكنيسة والموتى المؤمنين. فيما يلي ترجمة البيت الاول المخصص بمريم العذراء “المجد للآب وللابن والروح القدس: لنذكر على المذبح المقدس العذراء مريم ام المسيح”(67).
جـ- اضاف الكاثوليك ذكراً للعذراء مريم في النَّصَّين التاليين الواردين في انافورا الرسل للقديسين أدي وماري:
1-يشكر الكاهن المولى القدير من أجل النعم التي أغدقها على القديسين، وفي مقدمتهم العذراء مريم، على النحو التالي:”ايها الرب الاله القدير، اقبل هذا القربان الذي نقربه لك عن جميع النعم التي افضتها على الطوباوية مريم الدائمة البتولية، وعلى جميع الابرار الذين ارضوك…”(68).
2-يستمطر الكاهن بركات الله على المؤمنين بشفاعة العذراء عبر الصلاة الختامية التالية:“ليفض عليكم خيراته، وليمطر في بيوتكم وابل بركاته ومواهبه، وليُنجكم ربنا والهنا من الشرير وقواته بصلاة السيدة الطوباوية وجميع القديسين، وليصنكم من كل أذية خفية وظاهرة، الآن وكل أوان والى الأبد”(69).
3-كتاب الحبريات
يحتوي كتاب “الحبريات” الكلداني، الذي طُبع بهمة مجمع الكنائس الشرقية في روما عام 1957 على الطقوس التالية:
أ-رتبة تقديس المذبح، وتستخدم لتكريس الكنائس الجديدة، أعده البطريرك ايشوعياب الثالث الحديابي(649-659م).
ب-رتبة تكريس الزيوت المقدسة، من أعداد البطريرك عبد يشوع الخامس خياط(1894-1899م).
جـ- رتب رسامة الشمامسة والكهنة والأساقفة والبطاركة.
نجد في كل من هذه الرتب صلوات وتراتيل عديدة مخصصة بمريم العذراء، نذكر بعضاً منها:
أ-رتبة تقديس المذبح والكنائس الجديدة:
“مدينة الملك العظيم(مزمور 48/2): أيتها البتول القديسة الطاهرة مريم، يا هيكل الروح القدس، تضرعي الى المسيح، لينجز الوعد الذي قطعه للكنيسة من خلال بطرس بكر إيماننا”(70).
ب- رتبة تكريس الزيوت:
“ايتها البتول القديسة مريم، ام يسوع مخلصنا، تضرعي واستمطري الرحمة على الخطأة الملتجئين إلى
صلواتك، لئلا يهلكوا. لتكن صلاتك حمى لنا في هذا العالم وفي الدهر الآتي”(71).
جـ-رتب الرسامات:
1-تدعو تراتيل الرسامات العذراء مريم، ام يسوع الكاهن والحبر الأعظم، لتسهر على الكنيسة وخَدَمِتها، ليتمكنوا من أداء مهامهم ومواصلة رسالة المسيح الخلاصية(72).
2-اقتبست رتب الرسامات العديد من التراتيل من كتاب الفرض، وخاصة من مجموعة “تراتيل طلب العون الإلهي” (73). نقدم فيما يلي ترجمة إحدى هذه التراتيل “لان ينبوع الحياة عندك(مز 36/9): أضحت مريم معين الخيرات ومصدر المعونات لجنس البشريين. فلتحرسنا صلواتها من الشرور، لنصبح معها من ورثة الملكوت”(74).
4-مراسيم الزواج
يرد ذكر مريم العذراء مراراً في مراسيم رتبة الزواج، الا ان معظم هذه التراتيل المريمية مستقاة من كتاب الفرض الإلهي، سبق وان ذكرنا العديد منها، لذا نكتفي بالإشارة اليها وذكر مطلعها.تتكون رتبة الزيجة من المراسيم التالية:
أ- مراسيم العقد
انه عقد أولي لمراسيم الزواج، يطلب الكاهن في احدى الصلوات من الله ان ينزل غيث بركاته على المتعاقدين وان يضع الأُلفة والمحبة بينهما “بشفاعة العذراء البتول، والدة المسيح، مستودع النعم والبركات…(75).
ت- رتبة البركة على ثياب العروسين
ترتل الجوقة ترنيمة، ترجو فيها حماية العذراء مريم وشفاعتها لأبناء آدم كافة، مطلعها: “يا مريم يا من ولدت
دواء الحياة لأبناء آدم…”(76).
جـ- رتبة الخطوبة
تستنجد تراتيل هذا القسم بالبتول القديسة مراراً في المقاطع التالية:
1″- ترتيلة مطلعها:”لتكن صلاة مريم ام يسوع مخلصنا سوراً لنا ليلاً ونهاراً…”(77).
2″-ترتيلة مطلعها أخرى تبدأ بالمجدلة ، مطلعها:”افرحي وابتهجي، أيتها المملؤة نعمة، مريم البتول الطاهرة، والدة المسيح…”(78).
3″- تبدأ ترتيلة أخرى بعبارة” يقول الشعب آمين: ايها الرب بارك النساء كما باركت السيدة مريم الطوباوية…”(79).
4″- ترجو الكنيسة العون الإلهي في ردة القانون أي (مز 37/23-28) “الرب يقدم خطوات الرجل…” على النحو التالي:”اللهم لتكن صلاة العذراء مريم وصلاة القديسين والشهداء حمى لساجديك…”(80).
5″-فيما يلي ترجمة لمقطع من مقاطع التسبيحة “لتكن صلاة البتول مريم سوراً لنا ليلاً ونهاراً ازاء الشرير وقواته…”(81).
د- رتبة الاكليل
نجد في رتبة الإكليل الترتيلة التالية المقتبسة من “الحان طلب المعونة”:“أرسل الله نعمته وحقه(مز57/4):أُرسل جبرائيل من بين صفوف الملائكة، فانحدر وزف لابنة المائتين بشرى أبهجت العالم كله، وسلم لها مرسوم الامان والسلام، وبشرها بحبل ملؤه العجب. القى عليها السلام، فقبلت حبلاً مدهشاً. قال لها “السلام عليك وطوباك، لأنك تلدين بلا زواج، اذ منك يشرق المسيح الملك، وبه يتجدد العالم العلوي والعالم السفلي، وكل ما فيهما، المجد له”(82).
هـ- رتبة بركة الخدر
نجد في الرتبة التراتيل المريمية التالية:
1″- “يقول الشعب آمين: ليسد السلام المسكونة بصلاة(العذراء) المباركة”(83).
2″-“التسبيحة: لتكن صلاة البتول سوراً لنا (يحمينا) من الشرير وقواته ليلاً ونهاراً(84).
3″- الصلاة الختامية: اللهم رب الكل، يا من قبلت قربان الآباء الصديقين القدامى…ليرض عنكم كما رضي بالقديسين. ليستجب صلواتكم… ليغنكم بالثروات الروحية والنعم المادية… بصلاة تابوت الخلاص، السيدة مريم الكلية الطهارة، ام المسيح ملكنا ومحيينا…”(85).
5- تشييع الموتى المؤمنين
يحتوي كتاب “تشييع الموتى” على الطقوس والمراسيم التي تقام من أجل الموتى المؤمنين بكل فئاتهم: رجالاًونساءً، أطفالا وكباراً، اكليروساً وعلمانيين، وذلك خلال الايام الثلاثة التي تلي الوفاة، أي يوم التشييع واليوم الثاني والثالث.يتردد ذكر العذراء مريم في التراتيل التي تُرنم أثناء جلسات الصلاة في بيت الفقيد، وأثناء تشييعه الى المقبرة، وأثناء الصلاة المقامة عن روحه في الكنيسة خلال اليومين: الثاني والثالث للوفاة، وكلها مقتبسة من كتاب صلاة الفرض الإلهي، وخاصة من مجموع “تراتيل طلب العون”(86).
أ-“ملأت الأرض منها(مز80/9): يا مريم، يا من ولدت دواء الحياة لأبناء آدم، اجعلينا نجد بصلاتك المراحم يوم الانبعاث…”(87).
ب-“انه سيدك، فله اسجدي(مز 45/12): يا مريم، أيتها البتول القديسة، ام يسوع مخلصنا، لتكن صلاتك حمى لجمهور المؤمنين، ولتستجب صلواتنا بشفاعتك. ساعدي ضعفنا لنرى معك المسيح يوم ظهوره”(88)
ج-أثناء الصلاة المقامة في الكنيسة بمناسبة اليوم الثاني لحدوث وفاة إحدى النسوة، يصعد احد الشمامسة الإنجيليين الى البيما الكائن وسط الهيكل، ويجلس بقية الحاضرين في أماكنهم. يقف الشماس متوجهاً صوب المشرق، ويتلو تعليماً مقتبساً من الكتب المقدسة، ليُلهِمَ ذوي الفقيدة الصبر والسلوان، مؤكداً بأنه لا مفر من الموت، لأن كل الأبرار والصديقين ذاقوا طعمه كسائر البشر، وذلك بدءاً بآدم وحواء، هابيل، ملكيصادق، إبراهيم، اسحق، يعقوب، داود، سليمان، ابن سيراخ، صموئيل وغيرهم، ويختم الشماس قائلاً:“… ان ربنا، الذي تشبه بنا واتخذ جسداً من بشريتنا، قد ذاق الموت كذلك، والسيدة مريم العذراء الطاهرة التي ولدته، وبها اكتملت كل المواعيد، ذاقت بدورها طعم الموت… فلا نتضايقن في العالم بسبب فراق اختنا… لان المسيح الملك يلبسها حلة المجد في العالم الجديد…”(89).
الخاتمة
لا تقتصر مظاهر التقوى والتكريم التي يبيديها أبناء كنيسة المشرق على الأدعية التي يرفعونها لمقامها السامي أثناء الرتب الطقسية الآنفة الذكر، بل تتجلى في أمور عديدة(90)، نذكر بعضاً منها:
أ-الكنائس والمزارات
أقيم العديد من الكنائس والمعابد على اسم العذراء مريم. يذكر الأب جان موريس فييه في كتابه”آشور المسيحية” ثلاثاً وعشرين كنيسة شيدت على اسم العذراء منتشرة في شمال العراق(91)، يرتقي بعضها إلى العهود القديمة. مثال ذلك كنيسة مريم العذراء “سيدة الانوار” في قرية حوردبني(92)، التي تذكرها مخطوطات قديمة منها مخطوطة الرهبنة الكلدانية 195، التي جددها وأصلحها الشماس هومو ابن القس دانيال ابن القس إيليا الالقوشي لأجل كنيسة السيدة في حوردبني(93). وكنيسة السيدة مريم في قرية خردس المذكورة في مخطوطة الرهبنة الكلدانية 224 التي كتبها القس كوركيس ابن القس إسرائيل الالقوشي الساكن انذاك في تلكيف، وفرغ من كتابتها في 4 حزيران سنة 2026 يونانية (=1715م)(94).نجد حالياً في بغداد وحدها نحو عشرين كنيسة او معبداً على اسم البتول الطاهرة موزعة على مختلف الطوائف المسيحية، وفي مقدمتها الكاتدرائية الكلدانية، التي تحمل اسم “كاتدرائية ام الأحزان”. وتحمل كاتدرائية البصرة الكلدانية اسم العذراء، وأشهر كنيسة في مدينة الموصل تدعى “كنيسة الطاهرة مريم” للكلدان، التي كانت كنيسة الدير الأعلى، الذي يرتقي عهد تأسيسه الى القرن الميلادي السابع.
ت- الاحتفالات الشعبية
يقيم المؤمنون احتفالات بمناسبة اعياد العذراء في الكنائس المقامة على اسمها. يبدأ الاحتفال بإقامة الذبيحة الإلهية،حيث يقترب المؤمنون من سري التوبة والقربان المقدس، ثم يقيمون ما يسمى بـ”شيرا” وهو نوع من المائدة الأخوية المشتركة. اذ يجلب المؤمنون أصنافاً من الأطعمة الى فناء الكنيسة، حيث يضعونها على الموائد او على الأرض. وبعدما يتلو الأسقف او الكاهن البركة على هذه الأطعمة، يتناول منها الحاضرون سويةً، ليعبروا عن اخوَّتهم، كأبناء ام واحدة هي العذراء.
جـ-العبادات التقوية
هذا بالإضافة الى مختلف العبادات التقوية المريمية المعروفة، التي استقاها الكلدان من أبناء الكنائس الأخرى كالمراسيم المقامة خلال الشهر المريمي وصلاة الوردية والتساعيات وغيرها
المزيد