المقالات

18 مارس 2024

يوم الاثنين من الأسبوع الثاني (لو ۱۸: ۱-۸)

وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلِّ حِينٍ وَلَا يُمَلِّ قَائِلاً كَانَ فِي مَدِينَةِ قَاضٍ لَا يَخَافُ اللَّهُ وَلَا يَهَابُ إِنْسَاناً وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةٌ: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي وَكَانَ لَا يَشَاءُ إِلَى زَمَانِ وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كُنْتُ لَا أَخَافُ اللَّهُ وَلَا أَهَابُ إِنْسَانَا،فَإِنِّي لَأَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْمَلَةَ تزعجني، أُنْصِفُهَا ، لَئَلَّا تَأْتِيَ دَائِماً فَتَقْمَعَنِي وَقَالَ الرَّبُّ اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ أَفَلَا يُنْصِفُ اللَّهُ مُختَارِيهِ الصَّارِخينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعا وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الْإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الْأَرْضِ؟] الأرملة وقاضي الظلم إنجيل هذا الصباح هو عن قصة ذات توجيه قوي تحث الإنسان على اللجاجة في الصلاة، وموضعها هنا في غاية المناسبة، لأن الحديث عن مجيء ابن الإنسان وصعوبة تلك الأيام، ومباغتة الله للبشرية وهي لاهية عن خلاصها ـ أمر مرعب ولا توجد أية وصية من المسيح يعطيها لتلاميذه ومحبيه قبل أن يغادرهم لغيبة طويلة جداً مثل وصية اللجاجة في الصلاة وهنا يوجه المسيح بشدة إلى المداومة والإصرار وعدم الملل من الصلاة، بالإضافة إلى الرجاء الذي يؤازر الإنسان في حياته إلى أن يجيء والقضية يقدمها المسيح في شكلها الرسمي قاض ظالم، والمعنى هنا مرتش، وامرأة أرملة فقيرة لها مال عند جارها الغني الذي يعرف كيف يغير الذمم، وهي تريد مالها وهو لا يريد إعطاءها مالها ذهبت تشتكي لدى القاضي فقفل لها الأذن اليمنى ثم اليسرى،ولكنها كانت لحوحة، و المرأة اللحوحة لا يغلبها غالب، فاستمرت تشتكي واستمر القاضي يؤجل القضية وفي النهاية ضرب بالرشوة عرض الحائط وأنصفها من خصمها والرب لا يشير في هذه القصة إلا إلى لجاجة المرأة كيف غلبت خصمها وقاضي الظلم معاً ثم يضع المقارنة البديعة بين قاضي الظلم وقاضي العدل فإن نجحت اللجاجة لدى قاضي الظلم؛ فكم تعمل مع قاضي العدل بل الرحمة بل الحب والحنان والرأفة؟ في هذه القصة نجد لمحة عابرة عن إمكانية بحيئه سريعاً أو ذهابنا إليه أيضاً، إذ تتضمن القصة أنه بالرغم من أن الله يتمهل على مختاريه إلا أنه يستجيب "سريعاً" فسريعاً هنا تعني فجأة وعلى غير توقع."وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلِّ حِينٍ وَلَا يُمَلُّ".هنا المسيح يقصد أن نستمر في الصلاة، بمعنى أن لا نبطل الصلاة من حياتنا، لأن كل حين لا تعطي معنى الصلاة المحددة في زمن معين بل في كل أزمنة حياتنا، لا كصلاة طويلة واحدة؛ بل صلوات تملأ كل الأوقات. فتصير الآية: ينبغي أن يُصلّى كل حين وليس كل اليوم فالصلاة تملأ حيّزها كل يوم دون أن يمل الإنسان ويقطع الصلاة.ولقد أخذها آباؤنا بمعنى الصلاة الدائمة فأتقنوها فعلاً وصاروا جبابرة الصلاة ولكن هنا يلزم التخصص أي أن يتفرغ الإنسان للصلاة وهم فعلاً تفرغوا للصلاة وامتلأت حياتهم بالله وعاشوا وكأنهم في السماء وليس على الأرض، واختبروا اختبارات روحية عالية. ولكن هذا النوع من الصلاة ليس على مستوى الجميع بل للذين قد أعطي لهم والقصد الأساسي من هذه الوصية أن لا يشعر الإنسان بغياب المسيح ولا أن يقلق ويشتهي أن يراه آتياً على السحاب، لأن الصلاة الدائمة تجعل الإنسان يحيا حياة العشرة مع الرب ولا يشعر إطلاقاً بالحاجة إلى رؤية المسيح قادماً، بل يكتفي بالإحساس بوجوده الدائم معه. وهكذا يبتدئ الإنسان أن يراجع نفسه في إلحاحه باستعجال مجيء المسيح، بأن يشعر أنه ليس محروماً منه بل يتمتع بوجوده على الدوام لذلك القول بأن المسيح قد تأخر عن مجيئه كثيراً هو إحساس ناتج من ضعف الصلاة وعدم الاستمتاع به في حياتنا بالالتصاق القلبي به، أو لهفة لرؤياه !! لذلك فإنه بأمرين نملأ الوقت الذي يفصلنا الآن عن يوم مجيء المسيح: ١- الرجاء الذي لا ينقطع على أساس صدق المسيح أنه آت آت، ٢- والصلاة للاتصال بالمسيح نفسه. وَقَالَ الرَّبُّ " اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظَّلْمِ. أَفَلَا يُنْصِفُ اللَّهُ مُخْتَارِيهِ،الصَّارِحِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً، وَهُوَ مُتَمَهِّلْ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سريعاً ! وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الْإِيْمَانَ عَلَى الْأَرْضِ؟"المسيح بعد أن وصف قاضي الظلم بالظلم وعدم المبالاة والمماطلة في الحكم وعدم مخافة الله؛ بل وعدم هيبة إنسان، إلا أنه بالرغم من كل هذا حكم بالحق للأرملة المظلومة، ثم عاد ووضعه في الموازنة مع الله ومع مختاريه الصارخين إليه بالصلاة والدموع، نهاراً وليلاً، طالبين الروح القدس أو إخراجهم من دائرة العدو الذي يلطم فيهم يميناً ويساراً. هل ينصفهم؟ نعم ينصفهم سريعاً !! وهنا يزكي المسيح صراخ الصلاة نهاراً وليلاً، وهو يطلبها طلباً وهو عالم تكلفتها، ولكنه عالم أيضاً بمفعولها في السماء والمسيح يضعها معادلة: الصراخ طويلاً إزاء السماع سريعاً ولكن لثلاً نفقد سياق الكلام، فالمسيح أعطى هذه القصة وعلق هو عليها أنه سامع الصلاة، ذلك في مضمون غيابه بعد الانطلاق إلى فوق وطول السنين التي سيتأني علينا ببقائه فوق حتى تحوّل ضيقنا في العالم إلى صلاة، ونعزي أنفسنا عن غيابه يجعل الصلاة ليل نهار، بمعنى أن نملأ سنين غيابه صلاة لأنها هي التي تجعلنا مستعدين لقدومه المسيح في ختام هذا المثل يسأل باسمه كابن الإنسان هل حينما يأتي يجد الإيمان على الأرض؟ جملة حزينة تحمل توقع الرب بحدوث ارتداد "لأنه لا يأتي إن لم يأت الارتداد أولاً". لذلك هو جعل وسيلة الصمود الوحيدة هي الصلاة كل حين أعطاها لنا كقارب النجاة في طوفان الارتداد. المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
19 فبراير 2024

كيف يتحقق هذا النمو المتكامل ؟

ولا يمكن أن يتحقق هذا النمو المتكامل المسيحي لا يعى رسالته ولا يدرك مسئوليته ، إذ يلزم بادىء ذي بدء أن يثق المسيحي أنه ليس ترساً في آلة ، وليس نقطة في محيط واسع ، وإنما هو كاهن الخليقة وتاجها ، وقد حمله الرب مسئولية تنفيذ مقاصده الإلهية في دائرة حياته الخاصة مهما كانت بسيطة وصغيرة وتافهة في نظر الناس ولا يمكن أن يتحقق هذا النمر المتكامل إلا من خلال الارشاد والتوجيه النير السليم والطاعة الحقيقية للروح فى كافة المجالات فكما أن الآباء الجسديين يهتمون بنمو أولادهم في الجسد وفي العلم والمعرفة ، فإن الآباء الروحيين الحقيقين يهتمون بالتدبير السليم المتكامل الواعى الذى يحرص على تقدم كل جانب من جوانب الشخصية وكلما كان المسيحى مطيعاً للحق الذي في كتابه المقدس والذي في مرشده الروحى وأبيه فى الاعتراف ، كلما كان مستعداً لتقبل النضج في كافة مجالاته ، والأمانة في حفظ الوصية ، والاختبار السليم المحبة المسيح ؛ والانفتاح الصادق للمسات الحب الإلهى هذه كلها تجعل الشخصية خصبة نامية ، لها القدرة على العمق كما تغوص الجذور في التربة ، ولها القدرة على العلو كما يعلو النخيل في الهواء ، ولها القدرة على الاتساع كما تتسع الأغصان الحمل مئات العناقيد والأثمار إن الشخصية كفاح مستمر وجهاد دائم وانتصار مستمر على استعباد الذات وليس فى إستطاعة الانسان أن يحقق امكانياته إلا بالجهاد واحتمال المعاناة والسيطرة على الأهواء والشهوات ويرى الفيلسوف برديايف أن العلامة الحقيقية لنمو الشخصية هي تخلصها من الإنفرادية وقدرتها على البذل والتلاحم مع الآخرين إسمعه يقول إن أشر أنواع العبودية هي إستعباد الإنسان لنفسه ، تقوقعه في الأنا المغلقة ودورانه حول ذاته الميتة يفرق برديايف بين الشخصية والفردية، فالرجل الفردى يعنى بالتعبير عن رغبانه وشهواته ويستشعر دائماً أنه في عزلة عن سائر الناس ،ولكن صاحب الشخصية يرى أن له رسالة ،وأن عليه أن يقوم بنصيبه في خدمة الانسانية والشخصية تنمو فى كنف الحب والعطف والعمل الخلاق الموجه إلى الخير العام الشامل إن الوجود الحق عند هذا الفيلسوف هو وجود الشخصية الحرة، والحرية هنا هي ما قصده الرب يسوع الحرية الباطنية التي تقفز بالإنسان خارج سجن ذاته ، وتعطيه القدرة على الانفتاح الآخرين ومحبة الغير و خدمته وقد شرح الرسول بولس هذا الاتجاه في إلهام عجيب عندما بين أن أعضاء الجسد الواحد تستمد كيانها من خلال عضويتها الحية ، وأن المواهب الشخصية ليست الأنانية وإنما لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح ، كما أوضح أن الهدف النهائي من جهادنا سوياً ونمونا سوياً أن تنتهى جميعنا إلى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس قامة ملء المسيح ، (أفسس ١٣:٤). نيافة المتنيح الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب المسيحية وبناء الشخصية
المزيد
31 يناير 2024

بمناسبة عيد الأنبا انطونيوس

عظيم هو هذا القدوس سطح نجم هذا القدويس العظيم حتى أصبح أبا الجميع الرهبان ، ليس فى مصر فقط بل في العالم كله وتطلق الكنيسة القبطية عليه لقب العظيم ، ونود أن نشير إلى بعض ملامح العظمة في سيرته * عظيم في دعوته : من كان يصدق أن فلاحا أميا من قرية فمن العروس من أعماق الواسطى ، يصير ناسكا ذا شهرة مسكونية ذاتية ؟! + كان عظيما في دعوته . لان عوائق كثيرة كانت أمامه ، تخطاها بقوة إيمانه + كان عينا ، انتصر على محبة المال .. حقا ما أعسر دخول الأغنياء إلى ملكوت السموات ولكن عظمة الانبا انطونيوس جعلته يبيع كل ماله ويودعه على الفقراء بل ويعيش حياة الكفاف والنسك والزهد كان أميا ، إستنار بالمعرفة الألهية : إستطاع أن يمتلىء من روح الحكمة وتتدفق كلمات النعمة من شفته ، ونتصر على فلاسفة عصره مظهراً كيف أن الله إختاروا جهالة العالم لتجزى بهم الحكماء + كان مسئولا عن أخته ورعايتها . فأودعها بيتا العذارى المكرسات وخرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب وما الذي يعمله ، إذ ليس من دير أو مرشد أو منهج سابق وهذه هى قوة الايمان التي تجاوز أبعاد الزمان والمكان والكيان . عظيم في نسكه وجهادة كان يأكل مرة واحدة فى اليوم بعد الغروب وفي كثير من الاحيان مرة كل يومين ، وفى بعض الأحيان مرة كل أربعة أيام ، أما طعامه فكان الخبز والملح ، وكان يكفيه أن ينام على حصير خشنة ولكن نسكه هذا لم يكن سلبياً كنوع من الحرمان والتعذيب ، وإنما كن ثمرة إيجابية للحب الإلهى فى القلب، وإشتعال داخلى يلهب الروح القدس ولم يكن هذا القديس متطرفاً فى نسكه ، بل كان يتميز بالإعتدال والإفراز ؛ فبعد عشرين عاماً في محبسته ، خرج ، لا هزيلاً من شدة النسك ولا مترهلا قلة التدريب والجهاد ، كما كانت نفسه أيضاً لا منقبضة عابسة ، ولا مطلقة العنان منسابة كان جهاده عنيفاً الأرواح الشريرة ، كثيراً ما الحب ظهره بالضرب المبرح حتى القته فاقد النطق ، ولكنه كان صامداً قوياً تارة يحرقهم بإشارة الصليب، وتارة يتضع أمامهم فيهربون ، وكثيراً كان إذا قابل شخصا عليه روح شرير يفرع هذا الروح من المقابلة ويخرج للتو وفى بدء حياته النسكية حاول الشيطان أن يغريه بالذهب ويلقى . أمامه أكواماً من الذهب ، فما كان يعيرها التفاتاً. ذلك لأن النفس التي ماتت حقاً عن العالم لا يحركها إغراء . ويتميز جهاد انطونيوس بالحرارة والتجدد والشبوبية الدائمة فكان يقول لأولاده . « يا أولادى فى كل صباح جددوا عهد رهبانيتكم كأنكم قد ترهبنتم جديداً هذا اليوم » عظيم في قيادته وخدمته : لقد ملأه الروح ، فجعله إناء مختاراً لقيادة آلاف الرهبان . فكان يعظهم ويرويهم بالتعاليم الإنجيلية المستنيرة ، وكان إرشاداته تتسم بالإستنارة والحكمة والأبوة الجانية. فلم يكن مستبداً متسلطاً ، ولم یکن رخواً متساهلاً ، لهذا كانت جماعته تنموا أينما ذهب ولم يكتف بخدمته فى البرية ، بل كان إيجابياً في خدمة الكنيسة في العالم فأثناء الإضطهاد نزل إلى ساحة الإستشهاد ، وأخذ يشدد المعترفين ، فكان وجوده فى الإسكندرية بركة وعزاء وقوة وإلهاماً ، وعندما إدعى الأريوسيون أن آراء أنطونيوس تتفق مع آرائهم ، نزل من الجبل إلى الأسكندرية وشجب بدعتهم ، وعلم بأن الابن الكلمة مساء للآب في الجوهر . ففرح شهب الاسكندرية. وعاد إلى الإيمان كثيرون من المخدوعين بالآراء الأريوسية ، كما أنه أفحم أصحاب الفلسفات الوثنية دون علمه باللغة اليوناينة وثقافتها . وقدم لهم إجابات رزينة مع روح وديعة رقيقة ... طوباك أيها القديس العظميم . كنت في حياتك كشجرة مخصبة على مجارى المياه . تتلمذ على يديك الألوف « وملأت البرية بالملائكة الأرضيين وبالبشر السمائيين » نيافة مثلث الرحمات الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
المزيد
25 نوفمبر 2023

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر هاتور (مت ۱۱ : ٢٥ - ٣٠ )

" في ذلك الوقت أجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السماءِ والأرض، لأنَّكَ أخفيت هذِهِ عـــن الحُكَماءِ والفُهَماءِ وأعلَنتَها للأطفال نَعَمْ أَيُّها الآب لأن هكذا صارَتِ المَسَرَّةُ أمامَكَ.كُلُّ شَيْءٍ قد دُفِعَ إِلَيَّ من أبي، وليس أحَدٌ يَعرِفُ الابن إلا الآبُ، ولا أحَدٌ يَعرِفُ الآبَ إِلا الابنُ ومَنْ أرادَ الابْنُ أَنْ يُعَلِنَ لَهُ. تعالَوْا إِلَيَّ يا جميعَ المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُمْ. احملوا نيري علَيكُمْ َوتعَلَّموا مني، لأني وديع ومُتَواضِعُ القَلبِ، فتجدوا راحةً لنُفوسِكُمْ لأن نيري هَيِّنٌ وحِملي خفيف "."أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء وأعلنتها للأطفال الصغار". جاء هذا بعد أن تكلم الرب عن جماعة الكتبة والفريسيين الذين رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم وأغمضوا عيونهم وسدوا آذانهم من نحو قبول المسيح وصادروه على كل كلمة يقولها وتكلموا عليه بالردئ. ثم تكلم الرب على المدن التي صنع فيها أكثر قواته ولم تتب أو ترجع إليه وقال : أنه سيكون لسدوم في يوم الدين راحة أكثر مما لتلك المدن. وعلى العكس من ذلك نظر يسوع إلى رسله الأطهار القديسين الذين تبعوه وآمنوا بـه والتصقوا به وتركوا كل شيء إذ وجدوا يسوع وألقوا رجاء هم بالتمام عليه، وقالوا : إلى من نذهب" وكلام الحياة الأبدية هو عندك". نظر إليهم في إيمانهم البسيط فوجد قلوبهم كأطفال أطهار إذ صاروا أنقياء بسبب الكلام الذي كلمهم به. حينذاك رفع عينيه نحو أبيه القدوس الذي في السموات وقال: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء... الحكماء في أعين أنفسهم، أغلقوا على أنفسهم خارج ملكوت المسيح. رئيس هذا العالم طمس عيونهم وسد آذانهم صارت كرازة الصليب جهالة عند الحكماء، ولكنها قوة الله، وجهل الله أحكم من الناس. قال الرب لأورشليم في يوم دخوله إليها كملك وديع راكبًا على أتان وجحش ابن أتان "لو كنت تعلمين مـا هـو لخلاصك... ولكنه قد أخفى عن عينيك". فلاسفة وحكماء كثيرون عثروا في المسيح بينما البسطاء سبقوهم إلى الملكوت . موسى بعد أن تهذب بكل حكمة المصريين لم يعرف الله بالحكمة بل في عليقة صغيرة في وسط البرية مشتعلة بالنار . الحكماء عند أنفسهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله، وأحبوا أن يعظمهم الناس وينالوا أجرًا من الناس، ومديح الناس واستحسان الناس، فقال لهم الرب: "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض". لقد كان في وسطهم يأكل ويشرب، فعثروا فيه، وحين علّم سدوا مسامعهم لأنهم هم معلمو الناموس فماذا عساه أن يزيد على معرفتهم؟ وإذ صنع آيات قالوا إنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين وحين فتح عيني الأعمى قالوا:"نحن نعلم أن هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت".أما البسطاء المعتبرون أنهم أطفال صغار بحسب الروح فقال للآب: "لقد أعلنتها للأطفال الصغار" فأسرار الملكوت وأعماقها وأبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام الأطفال. لذلك قال الرب: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد لن تدخلوا ملكوت الله، ومن لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله". فلما سأل الرب الرسل من يقول الناس في ابن البشر من هو ؟ أجاب القديس بطرس بإيمان طفل بالحق ونطـق بالإيمان جهارًا قائلاً: أنت هو المسيح ابن الله الحي" فأجاب الرب وقال : طوباك يا سمعان بن يونا إن دما ولحما لم يعلنا لك هذا ولكن أبي الذي في السموات". هذه هي شهادة الآب عن ابنه يسوع المسيح وهي ذات الشهادة التي يعلن بها الآب لكل من حاز قلب طفل في صدق وبراءة ونقاوة وعدم شك. فليس من يعرف الابن إلا الآب، ولا من يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له". معرفة الله إذن ليست عقلانيات، ولا نظريات تدرس ولا علوم جافة وجدل عقيم، هي أولاً وآخِرًا إعلان الله، وإظهار الله لذاته، هي معرفة مفاضة من الله للذين أُعطي لهم أن يكونوا كأطفال صغار بلغ بهم التصديق إلى مداه والثقة في كل ما يسمعونه من الله. أمور الله غير المدركة أعلنها لنا الله بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.على أن إعلان الله ذاته لأولاده (الأطفال الصغار) إذصار لهم نعمة البنوة، هذا الأمر عينه هو مسرة الآب"هكذا صارت المسرة أمامك لأن اقتبال الآب لأبنائه بعد زمان الغربة والقطيعة هو فرح الآب "ينبغي لنا أن نفرح ونسرّ لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش" الآب يفرح بخاطئ واحد يتوب، يكون فرح في السماء برجوعنا إلى الآب السماوي، وهو يجزل لنا العطاء بسخاء،حتى قيل إن الآب نفسه يحبكم.كل شيء قد دُفع إلي من أبي"كل ما للآب هو لي، أنا والآب واحد". هكذا قال المسيح له المجد، وكل ما أعطاه الآب وهو حامل طبيعتنا صار لنا في المسيح. وقمة عطاء المسيح لنا هو ما نلناه في شخصه من نعمة البنوة حين أخذ ما لنا وأعطانا الذي له، وقمة ما أخذناه هو نعمة البنوة والتمتع بحضن الآب الذي هو كائن فيه كل حين.هنا وبعد هذا الاستعلان الفائق نادى المسيح بصوته الحنون: "تعالَوْا إِلَيَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحُكُمْ". تعالوا إلى حضن الآب، فالأب يحبكم لأنكم آمنتم إني خرجت من عنده. تعالوا بأحمالكم فأنا حمل الله أحملها عنكم تعالوا بحمل خطاياكم لأني مستعد أن أموت حاملاً خطاياكم.كل من يجيء للمسيح يطرح خطاياه وأثقاله على المسيح، ثم يأمره المسيح أن يحمل نيره (صليبه) . المسيح يكسر عنا نير خطايانا، ويخلصنا من حمل العالم ونيره الثقيل المخيف، ثم يحملنا نيره الخاص أي صليب حبه.نير المسيح هين وحمله خفيف. وصايا المسيح ليست ثقيلة كما قال يوحنا الحبيب. هيا بنا نحمل صليب الذي أحبنا. هيا بنا نفرح بهذا النير الهين ونشكره لأنه أخذ عنا ثقل حملنا وأراح التعابي على صدره. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
17 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر أمشير ( يو ٤ : ٤٦ - ٥٣ )

فجاءَ يَسوعُ أيضًا إلى قانا الجليل، حيث صَنَعَ الماء خمرًا. وكان خادمٌ للمَلِكِ ابْنُهُ مَريض في كفرناحوم.هذا إذ سمِعَ أَنَّ يَسوعَ قد جاءَ مِنَ اليَهوديَّةِ إِلَى الجليل انطلَقَ إِليهِ وسألهُ أَنْ يَنزِلَ ويَشفِي ابْنَهُ لأَنَّهُ كَانَ مُشْرِفًا عَلَى الموت. فقالَ لَهُ يَسوعُ: لا تؤمِنونَ إِنْ لم تروا آيات وعجائب. قالَ لَهُ خادِمُ المَلِكِ: يا سيد، انزل قَبلَ أنْ يَموت ابني. قالَ لَهُ يَسوعُ: اذْهَبْ ابْنُكَ حَيُّ. فَآمَنَ الرَّجُلُ بالكَلِمَةِ التي قالها لهُ يَسوعُ، وذَهَبَ. وفيما هو نازِلُ اسْتَقبَلهُ عَبيدُهُ وأخبروه قائلين: إِنَّ ابْنَكَ حَي.فاستَخبَرَهُمْ عن السّاعَةِ التي فيهـا أخـذ يتعافى، فقالوا له: أمس في السَّاعَةِ السَّابِعَةِ تركتهُ الحُمَّى. فَفَهِمَ الأَبُ أنَّهُ فِي تِلكَ السَّاعَةِ التي قالَ لَهُ فيها يَسوعُ: إِنَّ ابْنَكَ حَيُّ. فَآمَنَ هو وبَيتُهُ كُلُّهُ . "لا تؤمِنونَ إِنْ لم ترَوْا آيَاتٍ وعَجائب": الإيمان بحسب ما عرَّفه الروح القدس في رسالة العبرانيين هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى.. فكيف إن كان الإيمان يعتمد على رؤية الآيات والعجائب؟ لما طلب خادم الملك من المسيح. وقد كان هذا من كفرناحوم حيث صنع المسيح أكثر آياته ولكن إيمانهم كان ضعيفًا متعثرًا حتى بكتها الرب وقال: "وأنتِ يا كفرناحوم أترتفعين إلى السماء إنك تنحطين إلى أسفل الجحيم" وذلك بسبب عدم الإيمان وبسبب الكبرياء والاعتداد. نقول لما طلب خادم الملك شفاء ابنه في الواقع كان هذا الرجل صاحب إيمان بالرب وثقة كبيرة في كلمة المسيح لأنه لما قال له الرب اذهب ابنك حي، آمن الرجل بالكلمة وشفي ابنه في اللحظة عينها بحسب ما تحقق من عبيده بعد ذلك. ورغم كون الرجل من كفرناحوم إلا أن إيمانه بالمسيح لم يتأثر بالضعف العام في الإيمان الذي أصاب البلدة كلها حتى وقعت تحت تبكيت الرب وإنذاره، وهذا يجعل هذا الرجل مستحقًا للنعمة التي نالها من المسيح، مثل لوط الذي عاش في سدوم واحتفظ بكماله ومثل الأبرار في كل جيل وفي كل مكان يبقى إيمانهم شاهدًا للمسيح.ولكن الكلمة التي وجهها الرب: "لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب"، في الواقع وجهها للجميع وغالبًا ما كان الكثيرون منهم من كفر ناحوم لقد ربط الرب عندهم الإيمان بالمعجزات المرئية. فإن لم يروا آيات لا يؤمنون، وإن كان الإيمان يرتبط بالحس والرؤيا فبئس الإيمان يصير !. وهذا الإيمان يزول بزوال تأثير الآية أو المعجزة، فإيمان المعجزات إيمان الانبهار من الأشياء فائقة الطبيعة، وهو إيمان عن عجز حيث يرى الإنسان نفسه عاجزا عن فهم أو إدراك ما يرى، ويرى نفسه مضطرا للتصديق ولا يملك سواه. هنا تكون إرادة الإنسان ملغاة تماما . بل إن الإنسان لا يملك إرادته ولا يملك قدرته على الاختيار بحرية، إذ تكون المعجزة قد شلت حركة الإرادة. فلما يذهب عنه هذا التأثير المؤقت ويعود الإنسان مالكًا إرادته ويعود إليه وعيه الطبيعي وينسى ما رأى وما لمس لأن العادة في الإنسان أن ينسى. حينئ يعود الإنســـــان إلى ما كان عليه من عدم الإيمان وقساوة القلب ويسير في طريقه الذي اعتاد عليه ويمارس حياته كأن شيئًا لم يحدث. ومرة بعد الأخرى لا يعبأ الإنسان بما يرى إذ تكون شدة الانبهار عنده قد .ضعفت فلا يتحرك القلب نحو الإيمان بل على العكس يصير إلى البلادة وعدم التصديق بالأكثر .فالآية عند المسيح ليست عنصرًا ضاغطا على إرادة الإنسان للإيمان... ولكنها إعلان حبه ورحمته وحنانه نحو خليقته وهى شهادة للمسيح الذي جاء يطلب ما قد هلك.وليس كل الذين رأوا الآيات آمنو ولو أنهم آمنوا إلـى حين !! أين الذين رأوا المرضى يشفون والعميان يبصرون والخرس يتكلمون والشياطين يخرجون؟ بل أين الذين رأوا الموتى يقومون؟. وأين الذين رأوه يكسر خمس خبزات الشعير للخمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأولاد؟. لم تكن المعجزات بحال من الأحوال هي العامل الرئيسي للإيمان، ولكن من كان له إيمان فبإيمانه نال مواعيد الله ورضاه ،ونعمته وحتى الذين نالوا على مستوى الجسد شفاءً أو إحسانًا من المسيح كان إيمانهم في شخصه هو المحرك الذي اقتادهم إلى المسيح وبحسب إيمانهم كان لهم كقول الرب.نحتاج إلى كلمة الرب يسوع في هذه الأزمنة، لأن الناس صاروا يطلبون الآيات والمعجزات بشغف شديد، ويجرون وراء ها باندفاع بلا وعي ويزيدون الأمر حكايات وإشاعات ودعاية من كل نوع ويسمون هذا تقوية للإيمان الضعيف وتمجيدًا الله ولكـن إلى أين؟ وقد حذر الرب كثيرًا من هذا الأمر لأنه في الأيام الأخيرة ستكون آيات وعجائب كثيرة ويضل كثيرون ولو أمكن المختارون أيضًا !! حذار من الجري وراء هذا وحذار من أن نعلّق إيماننا على ما نرى أو ما نسمع. سألني البابا كيرلس السادس نيّح الله نفسه يومًا وكنت قد صليت قداسًا في كنيسة السيدة العذراء بالزيتون سألني صليت فين؟ قلت له في كنيسة السيدة العذراء في الزيتون فدعى لي قلت له هل ذهبت يا سيدنا إلى هناك؟ قال لي: : لماذا ؟. قلت له: لكي ترى العذراء القديسة مريم قال لي: يا ابني العذراء معانا كل يوم. فبالرغم من الظهور الحقيقي للعذراء القديسة مريم في تلك الأيام وبالرغم من أنه كلف لجنة من الآباء الأساقفة فعاينت وشاهدت وأصدرت البطريركية بيانا وافيا عن الظهور وبرغم كل ذلك لم يذهب البابا ولم يرغب في رؤيا بالعين بحسب الناس، فقد كانت رؤى الإيمان وعينا قلبه شاخصتين إلى السماء كل حين كان ذلك عنده أكثر بكثير من رؤية العين ولمس اليد وسماع الأذن. يا ليت إيماننا بالمسيح يظل راسخًا مؤسسا على صخر الدهور لا تحركه العوامل الخارجية، لا تزيده رؤيا حسية. ذُكر في البستان عن أحد الآباء أن الشيطان جاءه بشكل ملاك قائلاً : أنا الملاك جبرائيل أرسلت لأبشرك فقال له الراهب مشيحًا بوجهه عنه لعلك أرسلت إلى غيري وآخَر قال: لا أريد أن أرى الملاك على الأرض. لقد عزفت نفوسهم عن الرؤيا المادية إذ كانت أبصارهم قد تعلقت بالروحيات. الإيمان تصديق القلب وليس رؤيا العين. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
28 مارس 2024

بدعة سيمون الساحر

بدعة السيمونيه: نسبة إلى سيمون الساحر هذا الذى كان يستعمل السحر ودُهش به شعب السامره ثم لما آتى الرسولان بطرس ويوحنا إلى السامره ليمنحا الروح القدس للمعمدين قال لهم " اعطيانى أنا أيضاً هذا السلطان هتة أى من وضعت عليه يدى يقبل الروح القدس " (أع19: 8) فأنتهره بطرس قائلاً: لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتنى موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب ولا قرعه فى هذا الأمر لأن قلبك ليس مستقيماتً أمام الله "(أع 8: 21،20) وقد عرفت الكنيسه شناعة هذه الخطيه فأطلقت أسم السمونيه على كل من يتاجر فى الوظائف الكنسيه أو الحصول على درجات الكهنوت مقابل المال واتباع سيمون يدعون السيمونيون لأنهم عبدوا سيمون كالإله الأول وربط به امرأه تدعى هيلانه التى أدعى سيمون أن فكره الأول تجسد منها وكانت هيلانه امراه عاهره تتجول معه ظهرت البدع في المسيحية منذ عصر الرسل أنفسهم إذ يروي لنا سفر أعمال الرسل عن أول بدعة في المسيحية في إصحاحه الثامن عندما يؤرخ لنا القديس لوقا أن عندما اعتنق سيمون الساحر السامري المسيحية واعتمد أراد أن يشتري موهبة الروح القدس بالمال فزجره الرسول بطرس وطرده: " فَانْحَدَرَ فِيلُبُّسُ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ وَكَانَ يَكْرِزُ لَهُمْ بِالْمَسِيحِ وَكَانَ الْجُمُوعُ يُصْغُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا يَقُولُهُ فِيلُبُّسُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ وَنَظَرِهِمُ الآيَاتِ الَّتِي صَنَعَهَا لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الَّذِينَ بِهِمْ أَرْوَاحٌ نَجِسَةٌ كَانَتْ تَخْرُجُ صَارِخَةً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَكَثِيرُونَ مِنَ الْمَفْلُوجِينَ وَالْعُرْجِ شُفُوا فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَكَانَ قَبْلاً فِي الْمَدِينَةِ رَجُلٌ اسْمُهُ سِيمُونُ يَسْتَعْمِلُ السِّحْرَ وَيُدْهِشُ شَعْبَ السَّامِرَةِ قَائِلاً: «إِنَّهُ شَيْءٌ عَظِيمٌ!» وَكَانَ الْجَمِيعُ يَتْبَعُونَهُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ قَائِلِينَ: «هَذَا هُوَ قُوَّةُ اللهِ الْعَظِيمَةُ» وَكَانُوا يَتْبَعُونَهُ لِكَوْنِهِمْ قَدِ انْدَهَشُوا زَمَاناً طَوِيلاً بِسِحْرِهِ وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً وَسِيمُونُ أَيْضاً نَفْسُهُ آمَنَ. وَلَمَّا اعْتَمَدَ كَانَ يُلاَزِمُ فِيلُبُّسَ وَإِذْ رَأَى آيَاتٍ وَقُوَّاتٍ عَظِيمَةً تُجْرَى انْدَهَشَ وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ حِينَئِذٍ وَضَعَا الأَيَادِيَ عَلَيْهِمْ فَقَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ قَائِلاً: «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضاً هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ» فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «لِتَكُنْ فِضَّتُكَ مَعَكَ لِلْهَلاَكِ لأَنَّكَ ظَنَنْتَ أَنْ تَقْتَنِيَ مَوْهِبَةَ اللهِ بِدَرَاهِمَ لَيْسَ لَكَ نَصِيبٌ وَلاَ قُرْعَةٌ فِي هَذَا الأَمْرِ لأَنَّ قَلْبَكَ لَيْسَ مُسْتَقِيماً أَمَامَ اللهِ فَتُبْ مِنْ شَرِّكَ هَذَا وَاطْلُبْ إِلَى اللهِ عَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَكَ فِكْرُ قَلْبِكَ لأَنِّي أَرَاكَ فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ» فَأَجَابَ سِيمُونُ: «اطْلُبَا أَنْتُمَا إِلَى الرَّبِّ مِنْ أَجْلِي لِكَيْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْتُمَا». وجاء في بعض الكتب الأبوكريفية أن سيمون سافر إلى روما فعظم شأنه يقول القديس يوستينوس الذي إلى السامرة أن أتباع سيمون كانوا كُثراً وانهم اعتبروه الإله الأعلى وأشركوا معه أنوية Ennoia الفكر الذي انبثق عنه فتجسد في امرأة اسمها هيلانة. وجاء في الدفاع ضد هذه الهرطقة للقديس ايريناوس أن سيمون قال بإله ذكر أعلى Sublimissima Virtus وبفكر Ennoia منبثق عن هذا الإله الأعلى انثى موازية له وأن أنوية هذه خلقت الملائكة الذين خلقوا العالم وأن هؤلاء الملائكة حبسوا أنوية في جسم امرأة وأوقعوا بها أنواعاً من الإهانات وأن أنوية هذه هي هيلانة امرأة مينيلاوس الزانية في صور ومما قاله سيمون بموجب رواية القديس ايريناوس أن الإله الأعلى أظهر نفسه بصفة الابن بيسوع بين اليهود وبصفة الآب بين السامريين في شخص سيمون وفي بلاد أخرى بصفة الروح القدس ومما نقله أفسابيوس المؤرخ عن هيغيسبوس أن مينانذروس الكبَّاراتي وذوسيثفس وكليوبيوس جميعهم ادعوا الإلوهية في القرن الأول وعلّموا مثل ما علّم سيمون الساحر. ويرى البعض أن مينانذروس تتلمذ على يد سيمون وعلّم في السامرة وأنطاكية. بدعة السيمونية من اخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سِيمون شراء موهبة الرب بدراهم من أخطر البدع التى واجهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتغلغلت فيها وعصفت بها فى بعض الأزمنة أثناء الإضطهاد الإسلامى الشديد حيث كانوا يلزم الولاة بطاركة القبط بمبالغ ضخمة من المال فكانوا يضطرون إلى الجولان على بيوت الأقباط فى الوجه البحرى ثم القبلى لجمع هذه الأموال وقد يضطرون إلى بيع مراكز الأساقفة بدراهم وهذا لتسديد ما طلب منهم للوالى أو الخليفة وقد أنشأ هذه البدعه سيمون الساحر وقد أنضم إلى الكنيسة الأولى أملاً فى الحصول على القوة الإلهية عارضاً مالاً على الرسل ظاناً منه أن قوة الرسل الإعجازية إنما هى قوة سحرية يتعلمها ويمارسها مع الناس للحصول على المال كما كان يفعل قبل إيمانه، وقد أطلق أسم السيمونية فيما بعد على بيع مراكز الأسقفيات كما سبق واوضحنا من قبل ومن الآباء البطاركة الذين أشتهروا بالسيمونية - كيرلس الثالث [75] كان يدعى داود بن لقلق - حاول بكل السبل [بالرشاوى والوسائط والحيل أن يرسم بطريركا ] - وبسببه ظل الكرسي خاليا 20 سنة، ونجح أخيرا في الوصول لغايته إذ دفع 3 آلاف دينار للحكومة - رسم باسم كيرلس الثالث - أعاد السيمونية. - استولى على أموال الأديرة. - وأخيراً أجبره الأساقفة على عقد مجمع قدموا فيه طلباتهم لتحديد إختصاصاته . من هو سيمون؟ سيمون هو ساحر أدهش شعب السامرة بسحره، فكانوا يقولون أن سحره شيء عظيم، وكان يرضى شهوة نفسه من العظمة وترديد الناس لإسمه كما كان يجنى أرباحاً طائلة من سحرة فقداعتقدأهل السامرة أن قوة إلهية عظيمة حلت فيه! وذهب فيلبس الرسول والشماس يكرز بالإنجيل في السامرة ورأى سيمون المعجزات التي تجري على يد فيلبس، فأيقن أنها تجري بقوة أعظم من سحره، فآمن واعتمد ولازم فيلبس مندهشاً من المعجزات التي يجريها ويبدو أن إيمانه لم ينشأ عن إقتناعه بقوة إلهية حقيقية إنما كان عن خداع فقد ظن أن في المسيحية قوة سحرية أقوى من قوة سحره. وقد ردت قصة سيمون في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال (9-24) وسمعان هو اسم عبراني معناه ((السامع)) وسمع بطرس ويوحنا عن عمل الله في السامرة، فنزلا إليها. وأجرى الرب بهما معجزات أخرى شبيهة بتلك التي حدثت يوم الخمسين (أعمال 2) فأندهش سيمون أكثر، وأسرع طالباً معرفة تلك القوة السحرية العظيمة مقدماً المال ثمناً لذلك، فوبخه بطرس بشدة وطلب منه أن يتوب وقد عرفت الكنيسة الأولى شناعة هذه الخطيئة فأطلقت اسم السيمونية على كل من يتاجر في الوظائف الكنسيةوقد واجه الكارزون الأولون بالمسيحية مقاومة من السحرة، مثلما جرى مع عليم الساحر الذي قاوم بولس الرسول (أعمال 13: 6 و 7). ولكن قوة معجزات التلاميذ هزمت السحرة كما هومت قوة الرب التى حلت فى موسى سحرة فرعون . هل السيمونية فئة من البدعة الغنوسية؟ وقد كان لسيمون أتباع أعجبوا بقوة سحرة أطلق عليهم اسم السيمونيون اعتبروا سيمون نبياً لهم . وهم شيعة صغيرة من شيع الغنوسيين يقول اوريجانوس عنهم أنهم ليسوا مسيحيين لأنهم يعتبرون سيمون مظهر قوة إلهية ويقول ايريناوس أن سيمون هذا هو أبو الغنوسيين،ولكن لم يتأكد ألعلاقة بين السيمونية والهرطقة الغنوسية فهى علاقة غير معروفه تماماً. وذلك لسبب بسيط هو أن السيمونية تعتمد على السحر فى الإنتشار أما الغنوسية فتعتمد على الفلسفة ولعل الصواب جانب الآباء المسيحيين الأولين الذين ربطوا بين سيمون الساحر (أعمال 8) مع فكرة الغنوسية. إيمان سيمون الساحر "وكان قبلاً في المدينة رجل اسمه سيمون، يستعمل السحر، ويُدهش شعب السامرة، قائلاً أنه شيء عظيم" كان استخدام السحر أمرًا شائعًا في العالم القديم. في البداية كان السحرة يدرسون الفلسفة وعلم التنجيم والأفلاك والطب الخ. لكن صار اسم "السحرة" يشير إلى الذين يستخدمون معرفة الفنون بغرض التعرف على المستقبل، بدعوى أن ذلك يتحقق خلال تحركات الكواكب، ويشفون المرضى بالتعاويذ السحرية (إش 2: 6؛ دا 1: 20؛ 2: 2). وقد حرّمت الشريعة ذلك (لا 19: 31؛ 20: 6) "وكان الجميع يتبعونه، من الصغير إلى الكبير، قائلين: هذا هو قوة اللَّه العظيمة" يرى بعض الدارسين أن سيمون هذا هو الذي أشار إليه المؤرخ يوسيفوس، الذي وُلد في قبرص، وكان ساحرًا. استخدمه فيلكس الوالي لكي يغوي دروسللا Drusilla أن تترك زوجها عزيزوس Azizus وتتزوجه لكن رفض بعض الدارسين ذلك، لأن سيمون هنا غالبًا ما كان يهوديًا أو سامريًا، كرَّس حياته لدراسة فنون السحر درس الفلسفة في الإسكندرية، وعاش بعد ذلك في السامرة ادعي أنه المسيح، ورفض ناموس موسى، وكان عدوًا للمسيحية، وإن كان قد اقتبس بعض تعاليمها لكي يجتذب بها البعض "وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانًا طويلاً بسحره" إذ رأى عدو الخير كلمة الله يتجسد، وربما أدرك أن مملكته تنهار، بذل كل الجهد لإقامة العقبات في كل موضع، فحث سيمون على عمل السحر زمانًا طويلاً، وخدع الجميع من الصغير إلى الكبير كان سيمون الساحر (ماجوس) شخصية خطيرة، لها سمعتها في الأوساط التاريخية والعلمية، استخدم وسائل شيطانية كثيرة، وحسبه الجميع قوة الله العظيمة. وبحسب القديس إيريناوس كان يجول بامرأة تدعى هيلانة، تُدعي أنها من تجسد سابق من إله العقل، أو من فكر الإدراك الإلهي الذي خرجت منه كل القوة الملائكية والمادية. ويقدم القديس هيبوليتس تقريرًا شاملاً لمنهجه القائم على أساس غنوسي، دعاه "الكشف الأعظم"ويروي الشهيد يوستين كيف استطاع هذا الساحر أن يجتذب أشخاصًا يكرسون حياتهم لنظامه بواسطة قوة السحر، ليس فقط في السامرة، بل وفي إنطاكية أيضًا وروما. وقد عُمل له تمثال في روما نُقش عليه: "تذكار لسمعان الإله المقدس" وقد أثار الحكام في روما ضد المسيحيين ويُقال أنه دخل في صراعٍ مريرٍ مع القديس بطرس انتهي بدحره وبتقرير العلامة أوريجينوس بقت جماعة السيمونيين تخرب في الكنيسة حتى منتصف القرن الثالث "قوة الله العظيمة"، وتعني: "الله القوي" أو "يهوه الجبار" جاء في كتاب اليوبيل (أبوكريفا يهودي) أن الشعب في مصر كان يخرج وراء يوسف ويصيحون El- El wa abir El، ومعناه "الله والقوة الذي من الله" ويرى البعض أن الترجمة الدقيقة لعبارة "قوة الله العظيمة" هي: "هذا هو قوة الله، الإله الذي يُدعى العظيم" تسبب سيمون في عزل بيلاطس بنطس، فقد أعلن أنه سيذهب إلى جبل جرزيم، ويستخرج من تحت أنقاض هيكل جرزيم الآنية التي كان يستخدمها موسى نفسه. فانطلقت وراءه الجماهير، مما اضطر بيلاطس أن يرسل حملة من الجنود فحدثت مذابح رهيبة اشتكى السامريون للحاكم الروماني في سوريا، فأبلغ روما التي استدعت بيلاطس بلا عودة يروي هيبوليتس أنه في استعراض له بروما طلب أن يدفنوه حيًا، مدعيًا أنه سيقوم في اليوم الثالث، فدُفن ولم يقم "ولكن لمّا صدقوا فيلبس، وهو يبشّر بالأمور المختصّة بملكوت اللَّه، وباسم يسوع المسيح، اعتمدوا رجالاً ونساء"يقول لوقا البشير: "ولكن لما صدقوا فيلبس"،وكأنهم قارنوا بين الحق الذي شهد له فيلبس الرسول، والسحر والأعمال المبهرة التي مارسها سيمون، فأعطى الروح القدس قوة لكرازة فيلبس حطمت أباطيل إبليس وجنوده يقرن القديس فيلبس ملكوت السماوات بالعماد باسم يسوع المسيح في عرضٍ رائعٍ، يقدم لنا الشهيد كبريانوس خبرته بخصوص معموديته، قائلاً: [إنني مثلك، ظننت مرة إنني كنت حرًا، مع إنني كنت أسيرًا، مقيدًا في ظلمةٍ روحيةٍ. نعم كنت حرًا، أحيا كيفما أشاء. ولكنني كنت في فراغٍ إلي زمنٍ طويلٍ. كنت أبحث على الدوام عن شيءٍ أؤمن به مع تظاهري بأنني واثق من نفسي، كنت كموجةٍ تلطمها الريح. كنت أيضًا أنجذب إلي كل أمور هذه الحياة معتزًا بالممتلكات والسلطة بينما كنت أعرف في قلبي أن كل هذه الأمور ليست إلا كفقاعةٍ علي البحر، تظهر الآن ثم تتفجر لتزول إلي الأبد مع تظاهري باليقين الخارجي، كنت أعرف أنني مجرد تائه في الحياة، ليس لي خطة أسلكها، ولا مسكن تستقر فيه نفسي يمكنك أن ترى إنني لم أعرف شيئًا عن الحياة الحقيقية، الحياة الجديدة المقدمة لنا من فوق لأنني كنت أبحث عن الحق خلال خبراتي الذاتية، معتمدًا علي طرق منطقي الذاتي، لذا بقي الحق مراوغًا وإذ اعتمدت علي فهمي الخاص، كان نور الحضرة الحقيقية لله مجرد إشراقة بعيدة سمعت أن رجالاً ونساءً يمكنهم أن يُولدوا من جديد، وأن الله نفسه أعلن طريق تحقيق هذا الميلاد الجديد بالنسبة لنا، وذلك لمحبته للخليقة التائهة مثلي في البداية ظننت أن هذا مستحيل كيف يمكن لشخص مثلي عالمي وعنيف أن يتغير ويصير خليقة جديدة؟ كيف يمكن لمن هو مثلي أن يعبر من تحت المياه ويعلن أنه قد وُلد من جديد؟ هذا بالنسبة لي أمر غير معقول، أن أبقى كما أنا جسمانيًا، بينما يتغير صُلب كياني ذاته، وأصير كأنني إنسان جديد لم أرد أن أترك عدم إيماني، ومقاومتي لهذه الفكرة بأنني أولد من فوق. لقد اعترضت: "نحن من لحمٍ ودمٍ، مسالكنا طبيعية، غريزية، مغروسة بحق في أجسامنا إننا بالطبيعة نقدم أنفسنا على الغير، ونسيطر ونتحكم ونصارع لكي نغلب الآخرين مهما كانت التكلفة توجد بعد ذلك عادات اقتنيناها حتى وإن كانت تضرنا، صارت هذه العادات جزًء منا، كأنها أجسامنا وعظامنا كيف يُمكن لشخصٍ أحب الشرب والولائم أن يصير ضابطًا لنفسه ومعتدلاً؟ كيف يمكنك أن تستيقظ صباحًا ما وبمسرةٍ ترتدي ثوبًا بسيطًا وقد اعتدت علي الملابس الفاخرة وما تجلبه من الأنظار والتعليقات؟ كيف يمكنك أن تحيا ككائنٍ متواضعٍ بينما قد نلت كرامة في أعين الجماعة؟هكذا كان تفكيري الطبيعي، إذ كنت في عبودية لأخطاء لا حصر لها تسكن في جسدي. بالحقيقة يئست من إمكانية التغيير فقد تكون تلك العادات ضارة لي، لكنها كانت جزءً مني. لذلك كان التغير مستحيلاً، فلماذا أصارع؟ فإنني كنت أشبع رغباتي بتدليلٍ ولكن في يومٍ أخذت خطوة وحيدة بسيطة وضرورية متجهًا نحو الله تواضعت أمامه وكطفل قلت: "أؤمن" نزلت تحت المياه المباركة فغسلت مياه الروح الداخلية وسخ الماضي، وكأن بقعة قذرة قد أُزيلت من كتانٍ فاخرٍ، بل وحدث ما هو أكثر أشرق نور عليَّ كما من فوق اغتسلت في سلامٍ لطيفٍ تطهرت في الحال قلبي المظلم يتشبع بحضرته، وعرفت عرفت أن الحاجز الروحي القائم بيني وبين الله قد زال تصالح قلبي وقلبه أدركت الروح، نسمة الآب، قد حلّ فيّ من هو فوق هذا العالم وفي تلك اللحظة صرت إنسانًا جديدًا منذ ذلك الحين وأنا أنمو في معرفة كيف أحيا بطريقٍ ينعش حياتي الجديدة المعطاة لي ويعينها ما كنت أتشكك فيه صار لازمًا أن أتعامل معه بكونه الحق واليقين ما كنت أخفيه يلزم أن يخرج إلي النور بهذا ما كنت أسيء فهمه بخصوص الله والعالم الروحي بدأ يصير واضحًا وأما عن عاداتي الخاصة بإنساني القديم، فقد تعلمت حسنًا كيف تتغير حيث تُعاد خلقة هذا الجسد الأرضي بواسطة الله في كل يوم أنمو علي الدوام، صرت أكثر قوة، وحيوية في روح القداسة الآن أخبرك ببساطة الخطوة الأولي في طريق الروح: قف أمام الله كل يومٍ بوقارٍ مقدسٍ، كطفلٍ بريءٍ ثق فيه. هذا الاتجاه يحمي نفسك يحفظك من أن تصير مثل الذين ظنوا أنهم متأكدون أنهم يخلصون، فصاروا مهملين. بهذا فإن عدونا القديم، الذي يتربص دومًا، أسرهم من جديد لتبدأ اليوم أن تسير في طريق البراءة، الذي هو طريق الحياة المستقيمة أمام الله والإنسان. لتسر بخطوة ثابتة أقصد بهذا أنك تعتمد علي الله بكل قلبك وقوتك ألا تشعر به، الآب، إذ هو موجود حولك؟ إنه يود أن يفيض عليك فقط اذهب إليه وأنت متعطش للحياة الجديدة افتح الآن نفسك واختبر نعمته، التي هي الحرية والحب والقوة، تنسكب عليك من أعلى، تملأك وتفيض افتح نفسك أمامه الآن، هذا الذي هو أبوك وخالقك كن مستعدًا أن تنال الحياة الجديدة وتمتلئ بها هذه التي هي الله نفسه "وسيمون أيضًا نفسه آمن، ولمّا اعتمد كان يلازم فيلبس، وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تُجرى اندهش" استطاع سيمون في البداية أن يميز بين الحق والباطل، وما هو من الله وما هو من الشيطان، فآمن وصار مرافقًا لفيلبس الرسول. لقد أبهرته الآيات والقوات العظيمة، وللأسف اندهش فاشتهاها، وصمم أن يشتريها بالمال القديس أغسطينوس يقول: " عندما نسمع: "من آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16)، فبالطبع لا نفهم ذلك على من يؤمن بأيّة طريقة، فالشيّاطين يؤمنون ويقشعرّون (يع 2: 19). كما لا نفهم ذلك على من يتقبّلون المعموديّة بأيّة طريقة كسيمون الساحر الذي بالرغم من نواله العماد إلا أنه لم يكن له أن يخلص. إذن عندما قال: "من آمن واعتمد خلص" لم يقصد جميع الذين يؤمنون ويعتمدون بل بعضًا فقط، هؤلاء الذين يشهد لهم أنهم راسخون في ذلك الإيمان الذي يوضّحه الرسول: "العامل بالمحبّة" (غل 5: 6). "القديس كيرلس الأورشليمي: " حتى سيمون الساحر جاء يومًا إلى الجرن (أع 13: 8) واعتمد دون أن يستنير، فمع أنه غطس بجسمه في الماء، لكن قلبه لم يستنر بالروح. لقد نزل بجسمه وصعد، أما نفسه فلم تُدفن مع المسيح ولا قامت معه (رو 4: 6، كو 12: 2) ها أنا أقدم لكم مثالاً لساقطٍ حتى لا تسقطوا أنتم. فإن ما حدث كان عبرة لأجل تعليم المتقرّبين لهذا اليوم (يوم العماد) إذن ليته لا يكون بينكم من يجرب نعمة اللَّه، لئلا ينبع فيه أصل مرارة ويصنع انزعاجًا (عب 15: 12)! ليته لا يدخل أحدكم وهو يقول: لأنظر ماذا يعمل المؤمنون! لأدخل وأرى حتى أعرف ماذا يحدث؟! (أي يدخل لمجرد حب الاستطلاع) أتظن أنك ترى الآخرين وأنت (في نيتك أن) لا ترى؟! أما تعلم إنك وأنت تفحص ما يحدث معهم، يفحص اللَّه قلبك؟! " وللحديث بقية
المزيد
12 مارس 2024

الصوم الكبير لاهوتيا كنسيا روحياً

الكنيسة والصوم الكبير يعتبر الصوم الكبير ربيع الحياة الروحية فى الكنيسة كلها فيه تنمو الاشتياقات الروحية وتزدهر ، وتمتلئ البيعة بموجة نسكية ويسود جو العابدين مسحة من التقشف والاعتكاف والصلوات الممتدة والصمت والتأمل العميق والصوم الكبير يمتد تاريخه إلى العصر الرسولى ، فالمؤمنون يصومون فيه على مثال صوم الرب ، ويختمونه بأسبوع البصخة وعيد الفصح ، وقد جاء في تعاليم الرسل بخصوص الأربعين المقدسة ما نصه " فليكن عندكم جليلا صوم الأربعين تذكارا للفضائل والحسنات التى للرب ، وليكمل هذا الصوم قبل الفصح ويكون بدؤه من يوم الاثنين الثانى من السبوت وكماله يوم الأحد الذي قبل الفصح ، وبعد هذا اهتموا أن تكملوا أسبوع الفصح المقدس وتصوموا كلكم بخوف ورعدة " (دسقولية ١٨ ف ۱۰ ) والكنيسة توصى أبنائها بالصوم الأربعيني لأنها تسير فى إثر خطوات الرب نفسه وتهتدى بهديه وتختط نفس الدرب الذي سار عليه عندما كان في الجليل والناصرة ، إن الكنيسة هي امتداد التجسد ، لهذا تحرص على أن تكون حياة الرب المتجسد نموذجاً يتبعه كل عضو في الجسد ، فقد جاء تاركاً لنا مثالاً لكي نتبع خطواته ، والصوم هو أحد أركان الحياة التي عاشها الرب على الأرض إذ صام أربعين يوماً وأربعين ليلة بسر لا ينطق به ، ، وهكذا رسم للكنيسة أن تصوم معه لكى تتم من خلال هذه الحياة النسكية مقاصده الإلهية وتدابيره المقدسة في هذا العالم فطاعة الكنيسة لمنهج الرب أمر يفسر لماذا حرصت الكنيسة طيلة عصورها علـى عدم التنازل عن حياة الصوم والتقشف، وبالأخص هذا الصوم الذي قدمه الرب نموذجا يحذى وليس الصوم هدفاً فى حد ذاته ، وإنما هو مجال لممارسة الفضائل الروحية من صلاة وخلوة واعتكاف وصمت وهدوء وتأمل ونسك وبذل ورحمة واحتقار لأباطيل العالم ، هذه هى الترجمة العملية لمنهج الرب الذى عاش مصلوبا منذ تجسده حتى موته بالجسد فالصوم هو أحد قسمات الصليب الذى حمله الرب وأوصى الكنيسة أن تحمله معه " إن أراد أحد أن يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني ( مت ١٦ : ٢٤ ) ، وفى هذا يقول الرسول بولس " إني حامل في جسدى سمات الرب يسوع " (غلا ٦ : ١٧).وإذا كان الرب قد أخلى نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب فليس العبد أفضل من سيده ولا التلميذ أفضل من معلمه فالمؤمن مطالب أن يجحد ترف الحياة وأباطيلها الفارغة ومباهجها الزائفة ليحيا مع المسيح في منهجه النسكى ليغلب كما غلب هو ، والرب وعد أن يعمل في الكنيسة بروحه القدوس طالما الكنيسة أمينة في شهادتها مصلوبة لأجل عريسها وتهدف الكنيسة من الصوم الأربعينى - فضلاً عن بركات الصوم الروحية - أن تعد المؤمنين لاستقبال أسبوع البصخة المقدسة بعد ضمه إلى نهاية الصوم ، فهذا الأسبوع هو قمة الحياة الروحية وعمق حياة الشركة المقدسة ومنتهى السمو للنفس المكرسة الخاضعة الهادفة أن تتحد مع المسيح فى آلامه وموته وقيامته ، فيكف إذا لشعب لاه أن يستقبل أسبوع الآلام ؟ وكيف يمكن لجماعة متخمة بالأطعمة والموائد وخمار هذا العالم أن تتبع المسيح فى أحزانه وآلامه المقدسة، وكيف يمكن لشعب منهزم لخطايا وشهوات عدة أن يعيد عيد النصرة والغلبة والقيامة المجيدة ؟ الصوم الأربعيني هو المجال الذى تتدرب فيه النفس الروحانية على الانطلاق والتحليق في السماويات وتقديم عهود التوبة والانسحاق وعربون النية الحقيقية للموت مع ذاك الذي مات لأجلنا وقام . نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب الصوم الكبير لاهوتيا و كنسيا وروحيا
المزيد
05 مارس 2024

جوهر الصوم

"ما ألذُّ وأطيب خبز الصوم لأنه معتوق من خمير الشهوات "القديس نيلُس كلمة صوم هي كلمة عبرية الأصل؛ צום (تس وم)، والصوم في معناه اللُّغوي هو الانقطاع عن الطعام، إلاّ أن المعنى الروحي للصوم يترجّى الحواس والقلب والذهن، هو صوم الكيان الإنساني بجملته بحثًا عن الله بعيدًا عن مجاذبات المادة التي تحيط بنا حتى في صميم أجسادنا الترابيّة. وقد يعتقد البعض أن الصوم ينحصر في التوقف عن الطعام أو في تغيير نوع الطعام!! إلا أنه، في جوهره، يبدأ بتوقف حركة الطعام، ليتهيّأ الجسد للدخول في عباءة الروح السابحة نحو الله؛ فالروح لا تنطلق بمعيّة الجسد الممتلِئ والمنغمس في طلب غذاءه، ولكنها تنطلق حينما يُخضِع الروح، الجسد، في رحلة الأبدية ولقد صام المسيح على الجبل قبل البدء في خدمة الخلاص والفداء العلنيّة، وهذا لكيما يرشدنا إلى نقطة البداءة في أي عمل يتطلّع للأبدية ويسعَى للملكوت، فالمسيح لم يكن في حاجة جسديّة للصوم، وذلك لنقاوة روحه الإلهيّة التي لم تنفصل عن الجوهر الإلهي، وبالتالي لم تتدنّس بالميل للتراب والتلوث بالشهوة ولكن كان صوم المسيح، بجانب حمله للبشريّة في جسده الصائم، كما تحدث الكثير من الآباء، هو بمثابة درس تعليمي لمن يريد أن يخطو أولى الخطوات بالروح، ولمن يريد أن يضع يده على المحراث في تلك الرحلة التي تمتد بمدى الحياة في الجسد ولقد أدركت الكنيسة ذلك الدرس الأولي والبدائي، في الحياة بالروح، وقنّنت الصوم وجعلته موسميًّا، لكي تستحث المسيحيّين لتذوق دسم الصوم بعيدًا عن دسم الغذاء، وأيضًا لكي تحيي حياة الشركة بين أعضاء الكنيسة، حينما يقولون بفمٍ واحد “لا للمادة” و“نعم للروح”، هنا تصبح الشركة في الكنيسة ليست مفهومًا نظريًّا ولكن واقعًا يظهر في التوقُّف الجماعي عن الطعام، واستبداله بالصلاة، غذاء الروح إنَّ الصوم هو صرخة يطلقها الجسد المتألّم بالخطيئة، حتى تتدخّل الروح، برفع أيديها العقليّة إلى السماء، لينزل سكيب الطهارة والنقاوة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- ليغمر الجسد والروح معًا.. فالإنسان ليس كيانًا مجزَّئًا، يمكنه أن يتطهّر في الروح بينما يبقَى الجسد متدنسًا خاطئًا مائتًا!! كما لا يمكن للجسد أن يتطهّر بمعزل عن الروح، فالإنسان كيانًا متكاملاً يسعَى بجملته للأبديّة، بالجسد وبالروح والصوم يمنحنا القدرة على التفطُّن والتيقُّظ لتلك الحرب التي تدور أحداثها على أرض قلوبنا الداخليّة، ذلك الصراع القائم بين روح الله وروح العالم، بين صورة الله وصورة إبليس، بين منطق الزمن ومنطق الأبديّة هنا ويبقَى الصوم هو الوقت المثالي الذي نستطيع فيه أن نرتحل داخل ذواتنا حاملين مصباح الروح بحثًا عن الزوان الذي بذره الشيطان على أرضيّة قلوبنا ونحن سكارى بالطعام والشراب واللّذة ندخل حاملين كلمة الله، لكيما تُنَقِّي ذلك الحقل الداخلي، ونحن في صلاة، تترجّى التطهُّر من رائحة الدنس، التي تفوح من جذور الخطيئة المتعفّنة في تربة قلوبنا وحينما نصوم فإننا نُفقِد نبتة الشر والخطيئة، الضاربة قلوبنا، قوَّتها، فيسهل على الروح انتزاعها من جذورها، باذرًا عوضًا عنها، بذار السلام السمائي الذي هو عربون ملكوت السموات الصوم هو رياضة روحيّة لترويض الغرائز قبل أن يكون عمل جسدي يستهدف البطن!! فهو بمثابة السكين الباتر لأجنحة الغرائز والتي تريد أن تتحكّم في مسيرة الإنسان وتصيّره عبدًا لمتطلباتها؛ فالجسد يريد أن يأكل ويشرب ويمرح دون حدود وضوابط، يتعدّى احتياجه الطبيعي في محاولة مستمرّة لاستدامة اللّذة بإعطائها ما تنشده على الدوام وهذا يؤول في النهاية إلى ضمور في قوى الإنسان الروحيّة التي تنمو فقط من خلال ضبط الجسد وتقنين حاجته حسب الطبيعة وليس حسب اللّذة في النهاية يجب أن تدرك أنّ الصوم ليس عملاً بطوليًّا، بل هو نعمة إلهيّة، نقرع باب مراحم الله حتى نتأهّل لها، من أجل كسب جولة هامة وأساسيّة في معاركنا الروحيّة؛ ألا وهي ضبط الجسد كمدخل لضبط الذهن والقلب. ولكن الصوم إن تحوّل إلى جهد ذاتي صرف، فإنه يقود الشخص للكبرياء والشعور بالتفوّق والتميُّز عن الآخرين، وهو شعور يبتعد بالإنسان بعيدًا عن مساكن الروح، ويجعله يحيا خدعة العبادة من خلال الصوم، وهو في واقع الأمر يتعبّد لذاته لذا فإنّ الصوم والصلاة يجب ألا يفترقا؛ فالصوم مدخل لضبط الحواس والقلب والذهن، والصلاة مدخل لرفع الصوم كذبيحة مقبولة أمام الله، لأنها نابتة من بين وديان التواضع والوادعة والشعور بالاحتياج والمعونة دنس قلوبنا، فلنطهره بالمحبة بواسطة الصلاة والصوم والأعمال اللائقة عن إبصالية واطس (للأربعين المقدسة) أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد
14 فبراير 2024

الاعتراف والتوبة

سر الاعتراف في الكنيسة هو سر التوبة، ومن غير توبة لا يكون الاعتراف اعترافًا والتوبة هي اقتناع قلبي كامل بأنك قد أخطأت التوبة هي أن تدين نفسك وتحكم عليها وما الاعتراف سوى إعلان لإدانتك لنفسك ليس الأمر إذن مجرد كلمة (أخطأت) وسَرْد الخطايا، إنما الاعتراف الحقيقي يبدأ داخل القلب بثورة من الإنسان ضد نفسه، واحتقار ذاتي لمسلكه والذي يدين نفسه يقبل أي عقوبة تحل عليه من الله ومن الناس، ويشعر انه يستحقها أما التذمر على العقوبة، فهو دليل على عدم التوبة والتوبة تشمل أيضًا معالجة نتائج الخطية بقدر الإمكان مع رد الظلم الذي يكون قد وقع على الآخرين لذلك قال زكا العشار في توبته "وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ، أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ" (إنجيل لوقا 19: 8)، فعلى الأقل بالنسبة إليك ترد نفس الشيء والتوبة بدون رد لا تكفى والتوبة تحتاج إلى اتضاع قلب والذي يصر على الاحتفاظ بكبريائه وكرامته، لا يستطيع أن يتوب والذي يدافع باستمرار عن نفسه، ويبرر تصرفاته وأقواله، هو إنسان غير تائب، تمنعه الكبرياء من التوبة والأب الكاهن من المفروض أن يقول للمعترف (الله يحاللك) حينما يرى أنه تائب لأن التحليل لا يجوز أن يقال لغير التائبين وان سمع الشخص عبارة (الله يحاللك) فإنما المقصود بها الخطايا التي تاب عنها هذا الشخص إن المعترف الموقن تمامًا أنه خاطئ، وضميره يبكته بشدة على خطيته، هذا يمكنه أن يغير مسلكه ويتوب أما الذي يبرر نفسه، فما أسهل أن يستمر في خطاياه، لأنه لا يشعر بثقلها ولا تتعبه من الداخل كيف يتوب إنسان عن شيء هو غير مقتنع أنه خطأ!! الخطوة الأولى إذن أن يقتنع الإنسان بخطيئته إذن فالاعتراف هو خطوة تالية، وليس نقطة البدء وشتان بين اعتراف حقيقي، وآخر عن غير اقتناع. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل