المقالات

24 ديسمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر كيهك

تتضمن تبكيت الذين يتنازعون في الرئاسات والقـراءات مرتبة على قول البشير " فشفي كثيرين من المرضى ... واخراج شياطين كثيرة ( مر 1 : ٢٩-٣٤ ) رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبــادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـ أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديـق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك ( والفجور والتنازع وحب الغلبـة وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سبأ وشتماً ويـهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالسياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــامع الشهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب . فلما سـمع موسى سقط على وجهه . ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو له ومن المقدس حتى يقؤبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المســن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت وهم وهرون غدا . وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته ، مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون  وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً ، افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا مـن حوالي مسكن قورح وداثان وابیرام ، فقام موسى وذهب إلى داثان وابـــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلاً اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مســكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما ، نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فنزلوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قــــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبني اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـي ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " . ( ۱ ) فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل بأقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
23 ديسمبر 2022

الكرازة بالفرح في الرب

لم يختر السيد المسيح القديسة مريم من بين الاثني عشر تلميذا ولا من بين السبعين رسولاً ، غير أنها كانت نموذجا رائعا وفعالاً في ممارستها الكرازة العملية . 1- بصمتها لم تخبر خطيبها القديس يوسف عن بشارة الملاك جبرائيل ، ولا أعلنت له عن تجسد الكلمة في أحشائها ؛ غير أنها بصمتها المقدس ، ظهر ليوسف ملاك في حلم قائلاً : " يا یوسف بن داود ، لا تخف أن تأخذ امرأتك ، مریم لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس ، فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع ، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت ۱ : ۲۰-۲۱ ) . ما قدم ليوسف في حياته أفضل من الحوارات البشرية . 2- بحوارها المقدس مع الملاك جبرائيل أيضا كرزت ، فقدمت للبشرية عبر الأجيال فهما لسر التجسد ، ودور الثالوث القدوس فيه ( لو 1 : ٣٤ ) . 3- كما كرزت بالصمت المقدس والحوار المقدس ، كرزت أيضا بعمل المحبة الباذلة المقدس ، إذ قيل : " فقامت مريم في تلك الأيام ، وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ... فلما سمعت اليصابات سلام مریم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت اليصابات من الروح القدس " ( لو 1 : 39-41 ) . بعمل المحبة تحول بيت زكريا الكاهن إلى شبه سماء متهللة ؛ الجنين ارتكض مبتهجا ، واليصابات امتلأت من الروح القدس ، وصار البيت كله مسبحا الله بفرح وتهليل . يا لعظم كرازة مريم ، التي لم تخبرهم شيئا ، إنما جاءت حاملة السيد المسيح جنينا في أحشائها ! لا يحتاج العالم إلى عظات وكتب بقدر ما هو متعطش إلى دخول السيد المسيح إلى القلوب وفي البيوت ، وأينما وجد الإنسان ! الحياة المتهللة المقدسة والكرازة صالح أن تهتم الكنيسة بالكرازة والتبشير ، فتعد مناهج للتبشير يتعلمها المؤمن بروح الإيمان والثقة في عمل روح الله القدوس فيه وفي المخدومين . وصالح أن يخدم المؤمن غير المؤمنين في كل جوانب الحياة ، فيشعر بالمحبة العملية الصادرة عن الكارز بالله محب البشرية . إنما كل هذا يفسده التعصب الأعمى أو الحرفية القاتلة أو التشامخ والكبرياء ، فإن نعمة الله القدوس تعمل فيمن يحيا مقدسا بروح التواضع والحب ! لم يذكر الكتاب المقدس أن القديسة مريم أخذت معها هدايا للجنين ووالديه ، ولا فكرت كيف تخدم نسيبتها الحبلى وهي بلا خبرة في مثل هذه الحالة ، وربما لم يكن لديها إمكانيات مادية تقدمها لهم . لقد شعرت بالغنى الحقيقي ، إذ تحمل في أحشائها مخلص العالم ، واهب الفرح السماوي والتهليل القلبي . قدمت القديسة مريم للكاهن وزوجته وجنينها رب المجد نفسه الساكن فيها ، .فصار البيت أشبه بسماء لا يعوزها شيء . هب لي يا ربّ روح الكرازة الصادقة انطلق مع القديسة مريم حاملاً إياك في قلبي هب لي الصمت المقدس ، فتتكلم أنت في وبي هب لي يا رب الحوار المقدس معك فأطلب لأجل خلاص البشرية هب لي القلب المتسع بالحب ، والعقل المملوء حكمة هب لي أن أثبت فيك ، وتثبت في فأصير بك مصدرا للفرح لكل من ألتقي به القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
22 ديسمبر 2022

شخصيات الكتاب المقدس رحوم صاحب القضاء

رحوم صاحب القضاء (عزرا 4: 8 ) اسم عبري معناه "شفوق" أو "محبوب" صاحب القضاء الذي كتب رسالة إلى ارتحشستا الملك ليوقف إعادة بناء أسوار أورشليم وهيكلها (عز 4: 8 و9 و17 و23). تعالوا نتعرف أكتر على رحوم صاحب القضاء ونشوف هنتعلم ايه؟ 1- رحوم العائد لغرض ذكر لنا في سفر عزرا 2:2 ان رحوم عاد مع زربابل في أول فوج لكن ما هو غرض رحوم من الرجوع هو طلب الرئاسة والسلطة 2- رحوم المتلون كان رحوم صاحب القضاء يعني رئيس المراسيم يعني برتبة والي للبلاد يعني مش محتاج أي شيء لكن تملقه للملك جعله إنسان متلون أمام اليهود بشكل وفي الخفاء يصنع المكائد 3- رحوم الخائن لما سمع إن عزرا أخذ أمر ببناء بيت الله ورجوع الناس كتب رسائل للملك حرض فيها الملك لوقف القرار حتى في عزرا 4: 23 لما أرسل الملك الرد بعدم استكمال العمل يقول الكتاب حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَهُودِ، وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ والسؤال ايه مشكلة يهودي في بناء هيكل الله ده لأنه خائن ومحب للسلطة تعالوا نطبق اللي اتعلمناه 1- إن كان غرضك من الخدمة الوصول للمناصب والمسميات المختلفة فاعرف ان خدمتك فارغة تصبح مثل نحاسا يطن أو صنجا يرن 2- لا تتلون لكي ترضي الناس حتى لا تصبح مثل المهرج 3- احذر من الخيانة لأن الخائن عاره لا ينسى من الناس وتظل في نظر الناس خائن حتى لو رجعت
المزيد
21 ديسمبر 2022

لماذا حل الرب بيننا؟

ونحن نحتفل بميلاد المسيح من العذراء، لعلنا نتساءل فيما بيننا: ما هي الأسباب التي دعت رب المجد أن يتخذ جسداً ويحل بيننا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويولد من امرأة كبني البشر؟ لاشك أن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد. جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين. هذا هو السبب الرئيسي الذي لو اكتفى المسيح به ولم يعمل غيره، لكان كافياً لتبرير تجسده وجاء المسيح ليوفي العدل الإلهي، وليصالح السماء والأرض.ويمكننا أن نقول أيضاً - إلى جوار عمل الفداء والمصالحة- إن السيد المسيح قد جاء لينوب عن البشرية. وكما ناب عنها في الموت، ينوب عنها أيضاً في كل ما هو مطلوب منها أن تعمله. إن الإنسان قد قصّر في كل علاقاته مع الله فجاء، «ابن الإنسان" لينوب عن الإنسان كله في إرضاء الله.وفي فترة تجسده أمكن للرب أن يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان كصورة لله ومثاله، قدم القدوة العملية. حتى أن القديس أثناسيوس الرسولي قال إنه لما فسدت الصورة التي خُلق بها الإنسان، نزل الله ليقدم لهم الصورة الإلهية الأصلية.وأيضاً لما أخطأ القادة في تفسير الشريعة الإلهية وقدموها للناس حسب مفهومهم الخاطئ، ومزجوا بها تعاليمهم الخاصة وتقاليدهم، جاء الرب ليقدم للبشرية الشريعة الإلهية كما أرادها الله، نقية من الأخطاء البشرية في الفهم والتفسير.. الفداء هو السبب الأساسي للتجسد: لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصى الله وخالف وصيته، وهو أيضاً أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفاً الخير والشر (تك3: 5). وفى غمرة هذا الإغراء نرى أن الإنسان لم يصدق الله الذي قال له عن شجرة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قالت: «لن تموتا». وبعد الأكل من الشجرة نرى أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ، يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمّل الله جزءاً من مسئولية خطيته فيقول له: «المرأة التى جعلتها معي هي أعطتني» (تك3: 12).إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله فى وعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله أخطاء الإنسان ضد الله، والله غير المحدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة، والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قُدِّمت عنها كفارة، ينبغى أن تكون كفارة غير محدودة. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغى أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة. هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز. لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). فكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدى الوصية، إذ قال له: «وأما شجرة معرفة الخير فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت.كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلاً، ولا يكون الله صادقاً في إنذاره السابق. هذه النظرية يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابة "تجسد الكلمة". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكراً!! وكانت موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خُلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله قد خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!! وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق، من أن يُخلق ليلقى هذا المصير!! وأخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً!! (للمقال بقية قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
20 ديسمبر 2022

لماذا التجسد ؟

1 - حتى يستعيد الإنسان الصورة التي خلق عليها:- خلق الله الإنسان على صورته ( تكوين 1 : ٢٦ ، ٢٧ ) . يقول القديس أثناسيوس الرسولي : « الله صالح بل هو بالأحرى مصدر الصلاح . والصالح لا يمكن أن يبخل بأي شيء وهو لا يحسد أحدا حتى على الوجود ، ولذلك خلق كل الأشياء من العدم بكلمته يسوع المسيح ربنا ، وبنوع خاص تحنن على جنس البشر . ولأنه رأى عدم قدرة الإنسان أن يبقى دائما على الحالة التي خلق فيها ، أعطاه نعمة إضافية ، فلم يكتف بخلق البشر مثل باقي الكائنات غير العاقلة على الأرض ، بل خلقهم على صورته وأعطاهم شركة في قوة كلمته » ( تجسد الكلمة 3 : 3 ) . ويفسر القديس كيرلس عمود الدین معنی خلقتنا على صورة الله ، فيقول : « رغم أننا خلقنا على صورته ومثاله إلا أن الفارق بين الله والإنسان فارق شاسع .. فالله بسيط في طبيعته وغير مركب بينما نحن نملك طبيعة مركبة ، إذ أن طبيعتنا البشرية مكونة من أجزاء متعددة . ونحن من التراب فيما يخص الجسد وهذا يعني أننا معرضون للفساد والزوال مثل الأعشاب ، بينما الله فوق كل ذلك . والنفس الإنسانية عرضة لتقلبات كثيرة من الصالح إلى الطالح ومن الطالح إلى الصالح ، ولكن الله هو هو دائما ، صالح إلى الأبد ولا يتحول ولا يتغير من حال إلى حال . وعدم تغير الله ليس صفة عرضية بل يرجع إلى جوهره . وهكذا أصبح من الواضح أن البشر الذين أتوا إلى الوجود من العدم لا يتشابهون مع الله حسب الطبيعة ، بل يمكن أن يتشابهوا معه في نوعية الحياة الجديدة والسلوك المستقيم » ( حوار حول الثالوث ، الحوار الأول ) . بحسب خلقتنا على صورة الله كان يمكننا أن نقاوم الفناء الطبيعي مادمنا محافظين على الصورة التي خلقنا عليها . ولكن بسوء استخدامنا للحرية الممنوحة لنا سقطنا من الحياة الأبدية ، وأصبح « الإنسان العاقل المخلوق على صورة الله أخذا في التلاشي ، وكانت خليقة الله أخذه في الانحلال » ( تجسد الكلمة 6 : 1 ) . ما الفائدة من خلق الإنسان على صورة الله ، إذا كان سيعيش بعيدا عن الله في الخطيئة ؟ كان من غير اللائق أن تهلك الخليقة وترجع إلى العدم بالفساد ، تلك الخليفة المخلوقة على صورة الله . فيذكر القديس أثناسيوس أنه لذلك وجب أن يتجسد الكلمة ، الصورة الحقيقية لله الآب يقول القديس أثناسيوس : « ما هو الذي كان ممكنا أن يفعله الله ؟ وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليفة التي وجدت على صورة الله ، مرة أخرى ، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرة أخرى ؟ ولكن كيف كان ممكنا لهذا الأمر أن يحدث إلا بحضور نفس صورة الله مخلصنا يسوع المسيح ؟ كان ذلك الأمر مستحيلا أن يتم بواسطة البشر لأنهم هم أيضا خلقوا على مثال تلك الصورة ( وليس هم الصورة نفسها ) ولا أيضا بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صورا ( لله ) ولهذا أتى كلمة الله بذاته لكي يستطيع – وهو صورة الآب - أن يجدد خلقة الإنسان ، على مثال صورة الله « ( تجسد الكلمة 13 : 7 ) . لذلك تجسد الابن الوحيد صورة الآب يرد الإنسان إلى رتبته الأولى ، كما يقول القديس غريغوريوس « أخذت الصورة ولم أحفظها .فأخذ جسدى لكى يخلص الصورة ويهب الخلود للجسد »عظة على الثيؤفانيا. القمص بنيامين المحرقى
المزيد
19 ديسمبر 2022

أحاد شهر كيهك

شهر كيهك له طعم خاص في كنيستنا ، وله تميز وانفراد . والكنيسة من إبداعات ارتباطها بالإنجيل والكتاب المقدس تأخذ الأصحاح الأول من إنجيل معلمنا لوقا وتقسمه أربعة أقسام ، وتقراه في قداسات الأربعة أحاد التي لشهر كيهك . إنجيل معلمنا لوقا له طابع أدبي وطابع تعليمي وطابع إنساني وطابع مسكوني ، فالقديس لوقا اليوناني الأصل ، كتبه بصورة أدبية باللغة اليونانية ، وكتبه أيضا بطريقة تعليمية ، لكن الأهم أنه كتبه بروح إنسانية . مثلا : كانت المرأة في العهد القديم لا تذكر لها قيمة ، وكانوا يعتبرونها كأنها بلا صوت وبلا حضور في المجتمعات ، وكلكم تذكرون معجزة إشباع الجموع حيث قيل : « خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد » ، أما لوقا الرسول وهو يذكر مشاهد من احداث حياة وخدمة السيد المسيح على الأرض ، فقد قدم المرأة ، بل جعلها في مكانة رفيعة . وحين تكلم عن المرأة في زمان ميلاد السيد المسيح ، ذكر ثلاثة جوانب من حياة المرأة . ففي قصة الميلاد يذكر مريم العذراء مريم البتولة ، ويذكر اليصابات المرأة المتزوجة ، ثم يذكر حنة بنت فنوئيل وهي المرأه الأرملة ، وهكذا ذكر الثلاثة جوانب التي من الممكن أن تكونها المرأة في قصة الميلاد ، ورفع من شأنها . كما أن إنجيل لوقا له بعد مسكوني ؛ فالقديس متي الرسول يذكر نسب السيد المسيح حتى إبراهيم أبي الآباء ، لكن القديس لوقا يذكر هذا النسب حتى أدم أب البشرية كلها ، وبالتالي رؤيته رؤية مسكونية . أما بالنسبة لشهر كيهك ، فهو شهر متميز بصورة مدهشة ، اختارت فيه الكنيسة الأصحاح الأول من إنجيل لوقا ، ويمكن أن نختصره في كلمتين : وعد ، وتحقيق الوعد ... وهذه هي قصة البشرية كلها . قصة البشرية تختصر في كلمتين : أن الإنسان نال وعدا من الله ، وفي ملء الزمان تحقق الوعد . الكنيسة أخذت هذه القصة ، قصة الله والإنسان ، ووضعتها في قالب صغير جدا خلال أربع أحاد شهر كيهك ، لتحكي لنا حكاية الوعد وتحقيق الوعد كيف كانت . البداية في الأحد الأول زكريا واليصابات ، أسرة مباركة ، سالكين في بر وتقوى ، لكن توجد نقطة ضعف وهي أنه ليس لهما نسل ، فقد كانت اليصابات عاقرا ، وهذه الكلمة في العهد القديم كانت كلمة قاسية جدا ... ثم جاء الملاك وبشر زكريا الذي لم يصدق وصمت ، ولكنه نال وعدا : فقال له الملاك : « لا تخف يا زكريا ، لأن طلبتك قد سمعت ، وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنا وتسميه يوحنا . ويكون لك فرح وابتهاج ، وكثيرون سيفرحون بولادته » ( لوقا ١: ١٣ ، ١٤ ) . لسان حال زكريا أن : لنا زمانا نصلي ، والسماء لا تستجيب ، وزوجتي اليصابات تصلي والسماء صامتة ، والعمر يجري وتتقدم هي في السن وهو يتقدم في السن ويكاد يكون الرجاء قد انعدم ، أمازلت تذكر يا رب ؟ بالطبع يذكر ! هذا كان الوعد . الله يعطينا وعودا كثيرة ، وما أجمل أن تتلامس مع وعود الله ، وإن أعطاك الله وعدا فثق أنه سيحقق هذا الوعد ؛ متى ؟ أو كيف ؟ هذا شأن الله . وفي الأحد الثاني قصة بشارة الملاك للعذراء مريم ، بنت صغيرة تتربى في الهيكل ، مجتمعها محدود ، حياتها صلوات وقراءات ، تعيش في براءة ونقاوة وتقوى ، ولكنها تعيش أيضا الرضا . وتأتي البشارة للعذراء مريم في نفس الأصحاح ، والعذراء مريم تقول : « كيف يكون لي هذا ؟ » ، فيشرح لها الملاك على خطوات : « الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظلك ، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله » ( آية ٣٥ ) ، وتجيب العذراء : « هوذا أنا أمة الرب . ليكن لي كقولك » ( أية ٣٨ ) . وتعطي لنا أمنا العذراء درسا أنك عندما تتلقى وعدا لا يصدقه عقلك ، فإن إيمانك يقبله واتضاعك سيحققه . ما أبهج هذا الإنسان الذي يقبل الوعد دون جدل . في زماننا هذا جميع الناس يجادلون بعضهم البعض ، ولا أحد يعجبه شيئا البتة ، ولكن أمنا العذراء تعلمنا كيف تكون حياة الإنسان بسيطة ، كيف أن النعم العظيمة يعطيها الله للأنقياء والاتقياء . هنا بدايات القصة الكبيرة ، الوعد الذي أخدناه في سفر التكوين سيبدأ أن يتحقق . في الأحد الثالث العذراء مريم تقابل اليصابات . اليصابات سيدة متقدمة في الأيام ، والسيدة العذراء مريم شابة صغيرة في السن ، والمقابلة التي تمت بينهما ليست مقابلة بين امرأتين بل هي مقابلة بين عهدين : العهد القديم ممثل في القديسة اليصابات ، والعهد الجديد ممثل في أمنا العذراء مريم . العهد القديم قارب على الانتهاء ليظهر نور العهد الجديد ويبدأ خلاص المسيح . هذه القصة الصغيرة هي رمز للقصة الكبيرة ؛ قصة الإنسان . ثم يأتي الأحد الرابع ومازلنا في الأصحاح الأول من إنجيل معلمنا لوقا . في الأحد الرابع يأتي تحقيق الوعد وهو ولادة يوحنا المعمدان . لاحظوا أن القصة الصغيرة ترمز للقصة الكبيرة . القصة الصغيرة الوعد بميلاد يوحنا المعمدان ، وتحقيق الوعد بولادته ؛ القصة الكبيرة آدم يخطئ ثم يبعد هو وحواء ، ويعطيه الله وعدا بالخلاص ، ويتحقق الوعد في مجيء السيد المسيح . في تسبحة زكريا يقول : « ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت » ( آية ٧٩ ) ، لذلك نسهر في شهر كيهك ليلاً وقت الظلمة التي تمثل العهد القديم ، وتنهي السهرة بقداس ونتناول فيه ونخرج إلى بداية النهار الجديد تعبيرا عن العهد الجديد . لاحظوا أن الكنيسة التي تقرأ أصحاحا كاملا على مدار شهر كيهك هي نفسها تقرأ سفرا كاملا في ليلة واحدة ، وهو سفر الرؤيا ليلة أبوغلمسيس ! لاحظوا حيوية الكنيسة وإبداعها وارتباطها بالكلمة المقدسة . إذا أردت تدريبا فاقرأ الأصحاح الأول من إنجيل لوقا كل يوم واستخرج مند معايير ومبادى لحياتك وخدمتك ، وتعلم من أشخاصه ، وضع لك ثلاثة أو أربعة مبادئ لتتعلمها وتبدأ بها العام الجديد ، وتستقبل بها ميلاد ربنا يسوع المسيح . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
18 ديسمبر 2022

يذكر عهده المقدس

أنَاجِيل آحَاد شَهْر كِيَهْك المُبَارَك : هذِهِ الأنَاجِيل تَتَكَلَّمْ عَنْ قِصِّة التَّجَسُد الإِلهِي فَهيَ مِنْ الإِصْحَاح الأوَّل مِنْ إِنْجِيل بِشَارِة مُعَلِّمْنَا لُوقَا البَشِيروَهيَ مُقَسَّمَة عَلَى الأرْبَع آحَاد تَتَكَلَّمْ بِدَايَةً مِنْ قِصِّة زَكَرِيّا الكَاهِن وَهُوَ يُكَهِّن فِي خِدْمِة الْمَسِيح وَبِشَارِة المَلاَك بِمِيلاَد يُوحَنَّا وَتَحْكِي مِيلاَد يُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي بِشَارِة المَلاَك لِلسَيِّدَة العَذْرَاء وَتَحْكِي مِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح ثُمَّ تَحْكِي تَسْبِحِة زَكَرِيَّا الكَاهِن بِمِيلاَد رَب المَجْد يَسُوع الْمَسِيح وَيُوحَنَّا ثُمَّ تَحْكِي أيْضاً زِيَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء إِلَى ألِيصَابَات وَتَسْبِحِة السَيِّدَة العَذْرَاء يَبْدُو أنَّ القِدِيس لُوقَا كَانَ قَرِيب جِدّاً إِلَى السَيِّدَة العَذْرَاء وَهيَ بِنَفْسَهَا الَّتِي شَرَحَتْ لَهُ كُل هذِهِ التَّفَاصِيل لِذلِك كَتَبْ فِي بِدَايِة إِنْجِيلُه أنَّ هذِهِ الأُمور هِيَ أُمور ﴿ سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلكَلِمَة ﴾( لو 1 : 2 ) أي أنَّ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ هذَا هُمْ كَانُوا مُعَايِنِين إِلَى هذِهِ الأُمور . فِي الأحَد الثَّانِي مِنْ شَهْر كِيَهْك يُقْرأ عَلَيْنَا الجُزْء الخَاص بِبِشَارِة السَيِّدَة العَذْرَاء لِمِيلاَد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُوْجَد تَسَلْسُل فِي قِصِّة الكِرَازَة بِمَجِئ رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُمْكِنْ تَلْخِيصْهَا فِي" 3 " أسْمَاء هُمْ :- 1/ زَكَرِيّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَذَكَّر 2/ يُوحَنَّا .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يَتَحَنَّنْ 3/ يَسُوع .. كَلِمَة مَعْنَاهَا يَهْوَى يُخَلِّص . فَإِنَّ أي حَرْف "ي" فِي إِسْم أحَد مِنْ العَهْد القَدِيم سَوَاء كَانَ " يَا " أوْ " ي مَمْدُود مَعَهَا الإِسْم " هُمَا إِخْتِصَار لِلَفْظ " الله يَهْوَى " مِثْل يُونَان نَحَمْيَا يَشُوع يَهُوشَافَاط يَهُوذَا حَرْف اليَاء بِهُمْ هِيَ رَمْز إِلَى * يَهْوَى الله * زَكَرِيّا يُوحَنَّا يَسُوع هُمْ " 3 " كَلِمَات يَتَلَخَص فِيهُمْ فِكْرِة التَّجَسُد الإِلهِي :- زَكَرِيّا هِيَ الله يَتَذَكَّر أوْ تَذَكَّر لِمَاذَا كَيْفَ ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب كُنْت نَاسَيْتَنَا لِمُدِّة 5500 سَنَة ؟ هَلْ أنْتَ يَارَب عِنْدَمَا أخْطَأ الإِنْسَان تَرَكْتَهُ وَأهْمَلْتَهُ إِلَى هذِهِ الدَّرَجَة دَرَجِة أنْ نَسِيتُه 5500 سَنَة لِتِفْتِكْرُه ؟ فَإِنَّ الكِنِيسَة وَضَعَتْ لَنَا أوِّل مَزْمُور لِنَقْرَأُه فِي أوِّل عَشِيَّة مِنْ عَشِيَات شَهْر كِيَهْك هُوَ مَزْمُور مُعَلِّمْنَا دَاوُد النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ ﴿ إِلَى مَتَى يَارَبُّ تَنْسَانِي ﴾ ( مز 13 : 1) وَأيْضاً الكَنِيسَة تَقُول ﴿ فَلَمْ تَتْرُكْنَا عَنْكَ أيْضاً إِلَى الإِنْقِضَاء ﴾ لكِنْ مَا هِيَ قِصَّة النِسْيَان ؟ فِي الحَقِيقَة أنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنْ هُوَ يُرِيدْ أنْ يُعْطِينَا إِحْسَاس وَالكِنِيسَة تَنْقِل إِلَيْنَا هذَا الإِحْسَاس وَهُوَ أنَّهُ قَدْ أتَى مِلْءُ الزَّمَان قَدْ أتَى زَمَنْ الإِفْتِقَاد لكِنْ لِمَاذَا كَانَتْ كُل هذِهِ الفِتْرَة الَّتِي مَضَتْ ؟ إِنَّ هذَا التَّأخِير كَانَ لَيْسَ مِنْ عِنْد رَبِّنَا وَلكِنْ الأمر كَانَ فِي حَاجَة إِلَى تَمْهِيد وَتَدْبِير كِبِير جِدّاً مِنْ رَبِّنَا لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي وَالمُجْتَمَع وَالنَّاس لاسْتِيعَاب فِكْرَة يَصْعُب فِهْمَهَا جِدّاً وَهيَ كَيْفَ أنَّ الله سَيَفْدِي وَكَيْفَ أنَّ الله سَيَحِل فِي وَسَطْ البَشَر ؟ فَإِذَا كَانَ مَعَ كُل هذَا التَّمْهِيد وَلاَزَالَ كَثِيرُونَ لاَ يُؤمِنُون بِالتَّجَسُد لِمَاذَا ؟ لأِنَّهَا فِكْرَة صَعْبَة جِدّاً لِكَيْ يَسْتَوْعِب الإِنْسَان أنَّ الله ظَهَرَ فِي الجَسَد وَأنَّ الله أسْلَم نَفْسُه لِلمُوْت وَأنَّهُ ذُبِح وَمَات لأِجْلِنَا لِهذَا أمْضَى رَبِّنَا قِصَّة طَوِيلَة مَعَ الإِنْسَان وَبَدَأَ يُعْلِن حُلُولُه فِي وَسَطْ الشَّعْب إِبْتَدأ يَقُول لَهُمْ إِعْمِلُوا لِي خِيمَة لأِسْكُنْ فِيهَا بِشَرْط أنْ تَكُون هذِهِ الخيمَة فِي وَسَطْ مَسَاكِنْكُمْ فَمَهَدْنَا بِآيَة﴿ وَالكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا﴾( يو 1 : 14) نُلاَحِظْ أنَّ تَرْجَمِة كَلِمَة " حَلَّ " هِيَ نَفْسَهَا كَلِمَة " المَحَلَّة "الَّتِي نَزَل فِيهَا رَبِّنَا وَكَأنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُمَهِّد الأذْهَان أنَّهُ سَيَتَذَكَرْنَا وَلكِنَّهُ يُعِدَّنَا إِلَى إِسْتِقْبَالِه فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُعِد نِفُوسْنَا لِتَسْتَقْبِل هذِهِ الحَقِيقَة فَلِكَي نَسْتَوْعِب الفِدَاء وَالخَلاَص مَهَّد لَنَا بِطُرُق وَأنْوَاع شَتَّى مِنْ يُوم مَا أخْطَأ أبُونَا آدَم وَمِنْ زَمَنْ الآبَاء الأوَلِين عِنْدَمَا أمَرَهُمْ بِبُنَاء مَذَابِح لِتَقْدِيم ذَبَائِح – ذَبَائِح دَمَوِيَّة – لِكَيْ يُهَيِّئ النَّفْس البَشَرِيَّة لاسْتِيعَاب فِكْرِة أنَّهُ بِدُون سَفْك دَم لاَ تَحْدُث المَغْفِرَة وَأنَّ نَفْس يُمْكِنْ أنْ تُؤخَذ عِوَضاً عَنْ نَفْس وَيُهَيِّئ أذْهَانَنَا لِفِكْرَة صَعْبَة جِدّاً وَهيَ فِكْرِة إِنْتِقَال الخَطِيَّة مِنْ مُذْنِب إِلَى بَرِئ رَبِّنَا يِمَهِد وَيُرْسِل لَنَا أنْبِيَاء يِقُولُوا تَفَاصِيل فِي مُنْتَهِى الدِّقَة فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَح صِفَات التَّجَسُد كَأشْعِيَاء النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد زَمَنْ التَّجَسُد كَدَانِيَال النَّبِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّد مَكَان التَّجَسُد كَيْفَ ؟!! فَإِنَّ الأمر مِحْتَاج إِلَى تَمْهِيد إِلَى النَّفْس البَشَرِيَّة وَالعَقْل البَشَرِي لِيَسْتَوْعِب مَتَى رَبِّنَا سَيَتَذَكَرْهَا وَمَتَى سَيَفْتَقِدْهَا وَمَتَى سَيَحِل مِلْء الزَّمَان وَعِنْدَمَا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَان أرْسَل الله إِبْنَهُ مَوْلُوداً مِنْ إِمْرَأة ( غل 4 : 4 ) إِذاً الأمر لَيْسَ نِسْيَاناً مِنْ رَبِّنَا فَهُوَ يَقُول ﴿ هَلْ تَنْسَى المَرْأةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا حَتَّى هؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأنَا لاَ أنْسَاكِ ﴾ ( أش 49 : 15) فَإِلَى مَاذَا يَارَب تُمَهِد ؟إِنَّ رَبِّنَا يُرِيدْ أنْ يُقِظْ مَشَاعِر شَعْبُه لِكَيْ يَسْتَوْعِبُوا مَجِيئُه وَمِنْ هُنَا كَانَتْ كَلِمَة " الله يَتَذَكَر زَكَرِيّا " لِدَرَجِة أنَّ زَكَرِيّا الكَاهِن نَفْسُه عِنْدَمَا مَسَك إِبْنُه يُوحَنَّا نَطَق بِتَسْبِحَة قَالَ ﴿ القَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أبِينَا أنْ يُعْطِينَا ﴾ ( لو 1 : 73 ) بَدَأَ يَتَحَقَّق وَبَدَأَ يَقُول يَذْكُر عَهْدُه المُقَدَّس ( لو 1 : 72 ) فَعِنْدَمَا نَقْرأ سِفْر التَّكْوِين نَجِد أنَّ رَبِّنَا صَنَع عَهْد بَيْنُه وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِين وَأقْسَم بِذَاتُه وَقَالَ لَهُ﴿ أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ ﴾ ( تك 22 : 17) وَصَنَعَ عَهْد الخِتَان بَيْنَهُ وَبَيْنَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَعَلاَمَة أنَّهُ قَدْ أخَذَ لَهُ شَعْباً مُخْتَاراً مِنْ بَيْنَ وَسَطْ شُعُوب العَالَمْ هَلْ الخَطِيَّة نَقَضَتْ هذَا العَهْد ؟ هَلْ هذَا العَهْد مَازَالَ قَائِم ؟ أحْيَاناً تُعَاقِب الإِنْسَان يَارَب وَأحْيَاناً نَعْتَقِد أنَّكَ تَخَلَيْت عَنْهُ وَأحْيَاناً نَجِد أنَّكَ تُسَلِّمْ شُعُوبَك إِلَى الحُرُوب لِمَاذَا يَارَب نَاسِي عَهْدَك وَمَتَى سَتَتَذَكَرُه ؟ وَمِنْ هُنَا جَاءَت " الله يَتَذَكَّر " فَإِنَّ الله لاَ يَنْقُض العَهْد كَمَا يَفْعَل الإِنْسَان فَإِنَّ قَبْل العَهْد الَّذِي صَنَعَهُ الله مَعَ أبُونَا إِبْرَاهِيم كَانَ يُوْجَد عَهْد قَبْلَهُ مَعَ نُوح البَّار عِنْدَمَا أعْطَاه الله عَلاَمِة قُوس قَزَح وَقَالَ لَهُ أنَّهُ عَهْد بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّفْس البَشَرِيَّة أنَّهُ لاَ يَغْضَب عَلَيْهِ ثَانِياً ( تك 9 : 13) وَجَدَّد العَهْد أيَّام مُوسَى النَّبِي عِنْدَمَا قَالَ لَهُ أنْ يَبْنِي الخِيمَة وَيَأتِي بِدَم الذَّبَائِح وَيَرُش نِصْف الدَّم عَلَى أدَوَات الخِيمَة وَالنِّصْف الثَّانِي عَلَى الشَّعْب وَهذَا كَانَ دَم العَهْد بَيْنَ رَبِّنَا وَبَيْنَنَا كَثِيراً مَا يَدْخُل رَبِّنَا مَعَ الإِنْسَان فِي عُهُود وَمَعَ ذلِك الإِنْسَان هُوَ الَّذِي يَنْقُضْهَا وَلَيْسَ رَبِّنَا لكِنْ رَبِّنَا فِي التَّجَسُد يَذْكُر عَهْدُه نَحْنُ فِي تَسَابِيح الكِنِيسَة نَقُول ﴿ لاَ تَنْسَ العَهْد الَّذِي قَطَعْتَهُ مَعَ أبَائِنَا ﴾ وَلِذلِك نُسَمِّي الكِنِيسَة بِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد الكِنِيسَة الَّتِي إِفْتَقَدِتْهَا النِّعْمَة حَيْثُ تَمَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْد أبَدِي لاَ يَنْقَطِع أبَداً لِذلِك يَقُول أنَّ الله تَذَكَّر فَقَالَ ﴿ قَدْ ذَكَرْتُ لَكِ غَيْرَةُ صِبَاكِ مَحَبَّة خَطَبْتِك ذِهَابِك وَرَائِي فِي البَرِّيَّةِ فِي أرْضٍ غَيْرِ مَزْرُوعَةٍ ﴾ ( أر 2 : 2 ) رَبِّنَا يَتَذَكَّر أنَّ بَنِي إِسْرَائِيل خَرَجُوا وَرَائَهُ فِي البَرِّيَّة فَيَقُول لَنَا أنَّهُ فَاكِر وَلكِنْ إِنْ كَانَ يُوْجَد تَأخِير فَهُوَ بِسَبَبْ عَدَم إِسْتِيعَابْنَا لإِنَّنَا فِكْرِنَا بَشَرِي وَهُوَ فِكْرُه إِلَهِي هُوَ يُعِدِّنَا لاسْتِيعَاب الأُمور الإِلَهِيَّة لِنُصَدِّق وَنُؤمِنْ أنَّ الله مُمْكِنْ أنْ يَحِل فِي وَسَطْ شَعْبُه وَأنْ يَأتِي وَيَحِل بَيْنَنَا وَأنْ يَأخُذ جَسَدْنَا فَهُوَ يُمَهِد الأذْهَان وَيُعْطِينَا عَلاَمَات وَنُبُوَات وَنَمَاذِج لِنَاس صَالِحِين فِي وَسَطْ مُجْتَمَعَات غِير بَارَّة رَبِّنَا يُمَهِد إِلَى صُورَة تُمَجِدُه وَلِعَمَل رَبِّنَا الفَائِق وَلِذَبِيحِة نَفْسُه يُمَهِد لِكِنِيسِة العَهْد الجَدِيد وَلِعَطَايَا الرُّوح القُدُس وَإِلَى كَيْفَ يَتَحَوَل الإِنْسَان إِلَى إِنْسَان بَار وَهُوَ فِي وَسَطْ جِيل فَاسِق وَشِرِّير كُل هذَا هُوَ لِكَلِمَة " تَذَكَّر أوْ زَكَرِيّا " الله تَذَكَّر وَحِينَمَا تَذَكَّر أعْلَن عَنْ تَذَكُّرُه بِحَنَانُه فَتَحَنَّنْ فَجَعَلَ زَكَرِيّا يُنْجِب يُوحَنَّا مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي تُعْلِن عَنْ حَنَان الله عَلَى الإِنْسَان هُوَ التَّجَسُد مِنْ أكْثَر الأُمور الَّتِي تَجْعَلْنَا نَتَلاَمَس مَعَ حَنَان الله أنَّهُ قَبَلْ أنْ يَأخُذ جَسَدْنَا وَيَفْتَقِدْنَا فِي خَطَايَانَا إِنُّه يَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا لِذلِك نَقُول لَهُ ﴿ تَحَنَّنْ عَلَى جُبْلِتَك الَّتِي صَنَعَتْهَا يَدَاك ﴾ وَنَقُول لَهُ فِي صَلَوَات القِسْمَة فِي القُدَّاس ﴿ تَحَنُّنَك غَلَبَك وَتَجَسَدْت﴾ الله غَلَبُه تَحَنُّنُه وَهُوَ مِثْل الأب الَّذِي يَحْرِم إِبْنُه مِنْ شِئ وَلكِنْ يَتَحَنَّنْ عَلِيه عِنْدَمَا يَرَى إِبْنُه يِبْكِي فَيَأتِي لَهُ بِهَا فَنَحْنُ صُنْعِه أيْدِي رَبِّنَا فَكَيْفَ يَتْرُكْنَا نَهْلَك ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ أنْ يَتْرُكْنَا رَبِّنَا فِي عِصْيَانَنَا ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يَتْرُك الإِنْسَان فِي شَرُّه الَّذِي يَزْدَاد يُوْم بَعْد يُوْم ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك عَدُو الخِير لِيَنْتَصِر إِلَى النِّهَايَة ؟ هَلْ كَانْ مُمْكِنْ إِنْ رَبِّنَا يُتْرُك الخَطِيَّة تَكْثُر فِي العَالَمْ بِدُون مَغْفِرَة وَبِدُون حَلْ ؟ الخَطِيَّة قَدْ تَأصَّلَتْ فِي الطَبْع البَشَرِي لِدَرَجِة إِنْ الأنْبِيَاء نَفْسُهُمْ وَالأبْرَار يُخْطِئُوا هَلْ كَانَ عَلَى الرَّبَّ أنْ يَفْنِي الكُل ؟ لكِنْ رَبِّنَا رَفَض أنْ يُهْلِكْنَا لكِنُّه قَالَ أنَّهُ سَيُجَدِّد الكُل وَيَجْعَل لِلخَطِيَّة حَل حَتَّى وَإِنْ الإِنْسَان أخْطَأ لِكَيْ لاَ يَقَعْ أحَد أبَداً فِي هُوِّة يَأس أوْ فِي قَبْضِة العَدُّو حَتَّى وَإِنْ أخْطَأ رَبِّنَا جَدِّد طَبِيعِة الإِنْسَان حَنَانُه جَعَلُه يَصْنَع تَدْبِير الفِدَاء حَيْثُ أنَّ جَسَد الخَطِيَّة ( جَسَدْنَا ) هُوَ حَمَلُه فَهُوَ حَمَل خَطَايَانَا وَيَدْفَع الثَّمَنْ عَنْهَا وَبَدَلاً مِنْ أنَّ خَطِيَّة وَاحِدَة تَسْتَوْجِب حُكْم المُوْت صَارَ الإِنْسَان وَهُوَ كَثِير التَّعَدِّي يُمْكِنْ أنْ يَتَبَرَّر عِنْدَمَا يُقَدِّم التُوبَة وَعِنْدَمَا يَتَمَسَّك بِذَبِيحَتُه فَالله أعْطَانَا خَلاَص كُلُّه حَنَان فَالله يَعْرِف جَيِّداً ضَعْف طَبِيعِة الإِنْسَان الَّتِي هِيَ قَابِلَة لِلسُقُوط الدَّائِم فَهُوَ رَفَض أنْ يُعْطِينَا حَلْ مُؤقَتْ أي أنْ نَلْتَمِس الخَلاَص خَارِج عَنَّا لكِنُّه سَيَجْعَلْنَا نَلْتَمِس الخَلاَص مِنْ دَاخِلْنَا فَهُوَ حَلَّ فِينَا وَقَدَّس طَبِيعِتْنَا فَعِنْدَمَا أخَذَ رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَسَدْنَا تَقَدَّس جَسَدْنَا وَلَمْ يَعُد جَسَد الخَطَايَا وَأصْبَحِتْ الخَطِيَّة خَارِجَة عَنْ طَبْعِنَا بِالرَّغْم مِنْ إِنْ نَحْنُ الَّذِينَ نَفْعَل الخَطِيَّة فَرَبِّنَا أعْطَانَا الإِمْكَانِيَة لِنَتَغَلَّبْ عَلَيْهَا لأِنَّهُ بَارَك طَبِيعِتْنَا فِيهِ بِالتَّجَسُد وَذلِك لِكَيْ يَضَعْ حَلْ نِهَائِي لِخَطَايَانَا لِذلِك نَقُول ﴿ نَحْنُ الَّذِينَ أخْطَأنَا وَهُوَ الَّذِي تَألَّمْ نَحْنُ الَّذِينَ صِرْنَا مَدْيُونِينَ لِلعَدْل الإِلهِي بِذُنُوبَنَا وَهُوَ الَّذِي دَفَعَ الدُيُون عَنَّا ﴾( قِسْمِة " أيُّهَا الإِبْن الوَحِيد " ) فَرَغْم تَأخُرْنَا فِي الإِسْتِيعَاب إِلاَّ أنَّهُ تَحَنَّنْ وَلِذلِك قَالَ فِي إِنْجِيلُه ﴿ لُحَيْظَةً تَرَكْتُكِ وَبِمَرَاحِمَ عَظِيمَةٍ سَأجْمَعُكِ ﴾ ( أش 54 : 7 ) فَعِنْدَمَا فَسَّر الآبَاء كَلِمَة " لُحَيْظَة " قَالُوا أنَّ " لُحَيْظَة " هِيَ تَصْغِير كَلِمَة " لَحْظَة " فِي اللُغَة العَرَبِيَّة كَمَا أنَّ كَلِمَة " جِنِينَة " هِيَ تَصْغِير لِكَلِمَة " جَنَّة " لِذلِك قَالُوا أنَّ أي شِئ يُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة يَكُون صِفْر فَمُدِّة الزَّمَنْ الَّتِي رَبِّنَا مَهَّد لَنَا فِيهَا لِخَلاَص البَشَرِيَّة هِيَ مُدَّة عِنْدَمَا تُقَاس بِمَا لاَ نِهَايَة تُقَدَّر بِلاَ شِئ لِذلِك قَالَ " لُحَيْظَة " وَلَيْسَ " لَحْظَة " فَإِنَّ الله لَنْ يَنْسَانَا لكِنُّه كَانَ يُعِدِّنَا هُوَ كَانَ مُشْتَاق إِلَى أنْ يَكُون فِي وَسَطْنَا وَلكِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ تَأخَّرْنَا فِي إِسْتِيعَاب الأمر بِالرَّغْم مِنْ أنَّ بَعْد كُل المَوَاعِيد وَالعُهُود وَالنُّبُوَات الَّتِي أعْطَاهَا لَنَا الله وَبَعْد كُل هذَا التَّأخِير إِلاَّ أنَّهُ عِنْدَمَا تَمَّ الخَلاَص وَجَدْنَا مُؤامَرَات قَتْل وَتَعَجُّب وَأقْرَب المُقَرَّبِين لَمْ يُصَدِّقُوا وَعِنْدَ إِتْمَام الفِدَاء وَجَدْنَا التَّلاَمِيذ هَرَبُوا فَمَا بَالَك إِذَا لَمْ يُمَهِّد لَنَا الله بِكُل هذِهِ النُّبُوَات ؟ فَهُوَ يَعْرِف ضَعْف البَشَر وَجَهْل طَبِيعَة الإِنْسَان إِذاً مَاذَا سَتَفْعَل يَارَب مَعَ هذَا الإِنْسَان الجَاهِل الَّذِي عِنْدَمَا كُنْت مَوْجُود فِي وَسَطُه لَمْ يَسْتَوْعِبَك ؟ فَمَاذَا يَفْعَل عِنْدَمَا تَتْرُكُه ؟ فَإِنَّ الله أرْسَل لَنَا الرُّوح القُدُس الَّذِي يُعَلِّمْنَا وَيُذَكِّرْنَا مِنْ جَدِيد بِكُل مَا لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه فَالَّذِي لَمْ نَقْدِر أنْ نَسْتَوْعِبُه وَهُوَ مَوْجُود سَنَسْتَوْعِبُه وَهُوَ غِير مَوْجُود فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يُثْبِت الخَلاَص إِلَى النِّهَايَة وَمِنْ هُنَا تَحَنُّنَه أتَى بِالخَلاَص وَهذِهِ هِي ألـ 3 مَرَاحِل الله يَتَذَكَّر الله يَتَحَنَّنْ الله يُخَلِّص فَإِنَّ الله جَاءَ وَصَنَعَ الخَلاَص عَلاَنِيَةً هُوَ حَمَلَ عَنْ الإِنْسَان عُقُوبِة المُوْت وَخَلَّصُه وَأصْبَح المُجْرِم بَرِئ وَالبَرِئ أصْبَح مُجْرِم وَيُوْجَد قِصَّة رَمْزِيَّة وَهيَ يُوْجَد أخَوَان وَاحِد تَقِي وَبَار وَالثَّانِي شِرِّير وَفَاسِق الشِّرِّير كَانَ يُعَايِر أخُوه بِاسْتِمْرَار وَالأخ التَّقِي كَانَ يُحَاوِل أنْ يُهْدِي أخُوه الشِّرِّير إِلَى مَعْرِفَة وَمَحَبِّة الله وَفِي يُوم مِنْ الأيَّام جَاء الأخ الشِّرِّير يَجْرِي إِلَى البِيت وَهُوَ فِي حَالِة ذُعْر وَثِيَابُه مُلَوَثَة بِالدِّمَاء يَسْتَنْجِد بِأخُوه مِنْ الشُرْطَة فَعَرَض الأخ البَّار التَّقِي عَلَى أخُوه الشِّرِّير أنْ يَخْلَع مَلاَبِسُه المُلَوَثَة بِالدَّم وَيُعْطِيع مَلاَبِسُه النَّظَيِفَة وَقَالَ لَهُ "إِنْتَ مُش مُسْتَعِد لِلمُوْت أنَا مُسْتَعِد لِلمُوْت " ثُمَّ أخَذَ الثِّيَاب المُلَوَثَة وَالجَرِيمَة وَالحُكْم لكِنُّه نَصَحُه وَقَالَ لَهُ " أنَا سَأمُوت بَدَلاً مِنْكَ وَبِذَنْبَك وَلكِنْ أنْتَ أيْضاً لاَبُدْ أنْ تَأخُذ حَيَاتِي كَمَا هِيَ وَأنْ تَعِيش كَمَا كُنْت أعِيش " تَقْرِيباً هذِهِ القِصَّة تُعَبِّر عَنْ الخَلاَص الَّذِي قَدَّمَهُ لَنَا رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح وَتُلَخِص الكَنِيسَة أصْعَب الأُمور اللاَهُوتِيَّة فِي أسْهَل الألْفَاظ وَأجْمَلْهَا ﴿ هُوَ أخَذَ الَّذِي لَنَا وَأعْطَانَا الَّذِي لَهُ﴾ ( ثاوطُوكِيِة الجُمْعَة ) فَهُوَ أخَذَ الحُكْم وَالضَّعْف وَالخَطِيَّة وَأعْطَانَا البَرَاءَة وَالبِّر وَالقَدَاسَة وَالحَيَاة الأبَدِيَّة – فَهُوَ يُخَلِّصْنَا – لِذلِك تَقُول الكَنِيسَة " أنَّ الله نَظَرَ مِنْ السَّمَاء وَتَطَّلَعْ إِلَى الأرْض لِيَسْمَع تَنَهُد المَغْلُوبِين " وَيَقُول فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَنْزِلُ مِثْلَ المَطَرِ عَلَى الجِزَازِ وَمِثْلَ الغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأرْضِ يُشْرِقُ فِي أيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أنْ يَضْمَحِلَّ القَمَرُ ﴾ ( مز 72 : 6 – 7 ) وَيَقُول أيْضاً فِي مَزْمُور عَشِيَّة ﴿ يَارَبُّ طَأطِئ سَموَاتِكَ وَانْزِل الْمِس الجِبَالَ فَتُدَخِّنَ أبْرِق بُرُوقاً وَبَدِّدَهُمْ أرْسِل سِهَامَكَ وَأزْعِجْهُمْ أرْسِل يَدَكَ مِنَ العَلاَءِ أنْقِذْنِي وَنَجِّنِي ﴾ ( مز 144 : 5 – 7 ) البَشَرِيَّة تَتَنَهَد وَتُنَاجِي رَبِّنَا وَتَطْلُب مِنْهُ أنْ يُطَأطِئ السَّموَات وَيَأتِي وَيُخَلِّصْنَا أشْعِيَاء النَّبِي يَقُول ﴿ لَيْتَكَ تَشُّقُّ السَّموَاتِ وَتَنْزِلُ ﴾ ( أش 64 : 1) وَيَقُول أيُّوب البَّار ﴿ لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِح يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا ﴾( أي 9 : 33 ) لِيُنْهِي مَشَاكِل العَدَاوَة وَالخُصُومَة وَالخَطِيَّة الله تَذَكَّر وَعِنْدَمَا تَذَكَّر تَحَنَّنْ وَعِنْدَمَا تَحَنَّنْ خَلَّص كَمْ نَحْنُ مَدْيُونِين لِعَمَل رَبِّنَا نَحْنُ اليُوْم إِنْ كُنَّا خُطَاة إِلاَّ أنَّنَا جَمِيعاً أبْرَار فَإِنْ كُنَّا خُطَاة فَهُوَ تَرَك لَنَا جَسَدُه وَدَمُه لِكَيْ يَكُون فِعْل خَلاَصُه هُوَ خَلاَص مُتَجَدِّد أبَدِي فَهُوَ أعْطَانَا العِلاَج فَإِذَا وُجِدَت الخَطِيَّة يُوْجَد حَل لِلخَطِيَّة الله أعْطَانَا العِلاَج عَلَى المَذْبَح فِي كُل يُوم نَتَنَاوَل فِيهِ وَكُل يُوم نَسْمَع فِيهِ القُدَّاس كُل يُوم نُقِيم فِيهِ القُدَّاس هُوَ جُلْجُثَة جَدِيدَة وَصَلْب جَدِيد وَأخُذ نَفْس فِعْل الصَّلِيب وَيُعْطِي نَفْس المَغْفِرَة فَيَقُول ﴿ خُذُوا كُلُوا مِنْهُ كُلُّكُمْ ﴾﴿ يُعْطَى عَنَّا خَلاَصاً وَغُفْرَاناً لِلخَطَايَا وَحَيَاة أبَدِيَّة لِمَنْ يَتَنَاوَل مِنْهُ ﴾ الله يَعْلَمْ أنَّ طَبْعِنَا مُحَاط بِالضَّعْف فَأحَاطَنَا بِالنِّعْمَة لِكَيْ يَضْمَن لَنَا المَيرَاث الأبَدِي لِذلِك قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول ﴿ كَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أهْمَلْنَا خَلاَصاً هذَا مِقْدَارُهُ ﴾ ( عب 2 : 3 ) فَمِنْ المَفْرُوض أنْ لاَ نَقِفْ أمَام رَبِّنَا وَنَقُول لَهُ أنَا خَاطِئ لأِنَّكَ أعْطَيْتَنِي جَسَد ضَعِيف وَوَضَعْتَنِي فِي مُجْتَمَع لَيْسَ جَيِّد وَمَادِّي فَهُوَ سَيَسْألْنَا عَنْ مَاذَا فَعَلْنَا بِالخَلاَص الَّذِي أعْطَاهُ لَنَا ؟!! عَجِيب أشْعِيَاء النَّبِي لَمَّا يَنْظُر بِالرُّوح وَيَحْكِي لَنَا عَنْ إِنْسَان صَنَعَ كَرْم وَاشْتَرَى حَقْل وَفِي أجْمَل مَكَان وَصَنَعَ لَهُ الكَرْمَة وَحَوَّط الكَرْمَة بِثِيَاب وَعَمَل فِي وَسَطْهَا مَعْصَرَة وَرَعَى هذِهِ الكَرْمَة وَعِنْدَمَا جَاءَ لِيَطْلُب مِنْ الكَرْمَة ثَمَر فَوَجَد لاَ شِئ فَيَحْكِي لِلنَّاس وَيَقُول لُهُمْ ﴿ مَاذَا يُصْنَعُ أيْضاً لِكَرْمِي وَأنَا لَمْ أصْنَعْهُ لَهُ ﴾ ( أش 5 : 4 ) فَرَبِّنَا اليُوم يَقُول لِلكِنِيسَة مَاذَا كَانَ مُمْكِنْ أنْ أعْمِلُه وَلَمْ أعْمِلُه ؟!!فَإِذَا كَانَ الإِنْسَان يِشْكِي مِنْ الخَطِيَّة فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ الضَّعْف فَأعْطَيْتُه الحَل وَإِذَا كَانَ يِشْكِي مِنْ النِسْيَان فَأعْطَيْتُه الحَل فَقَالَ لَنَا ﴿ أجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ ﴾ ( حز 36 : 27 )فَهُوَ أعْطَانَا قَلْب جَدِيد وَأعْطَانَا أنْ نَكُون هَيَاكِل لَهُ وَأنْ يَكُون لَنَا إِمْكَانِيَّة إِلَهِيَّة كَمَا قَالَ بُطْرُس الرَّسُول جَعَلَنَا ﴿ شُرَكَاء الطَّبِيعَة الإِلهِيَّة ﴾( 2بط 1 : 4 ) لِذلِك نَحْنُ لَنَا وَعْد وَالله تَذَكَّر وَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَخَلَّصَنَا وَلكِنْ مُعَلِّمْنَا بُولِس قَالَ ﴿ فَلْنَخَف أنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ يُرَى أحَد مِنْكُمْ أنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ ﴾ ( عب 4 : 1) أصْعَب شِئ أنْ يَكُون مَعَ كُل مَوَاعِيد رَبِّنَا لَنَا وَخَلاَصُه الثَّمِين نَحْنُ نَخِيب مِنْ الوَعْد نَحْنُ كَنِيسَة البَرَكَات وَعَهْد النِّعْمَة نَحْنُ نَتَحِد بِالجَسَد وَالدَّم فِي سِفْر صَمُوئِيل أنَّهُ عِنْدَمَا كَانُوا يَحْمِلُوا التَّابُوت المُقَدَّس فَلَتْ مِنْ نَاحِيَة فَأرَادَ رَجُل مِنْهُمْ أنْ يَسْنِدُه لِكَيْ لاَ يَقَعْ عَلَى الأرْض فَمَاتَ الرَّجُل فِي الحَال لِمُجَرَّد أنْ لَمَسَهُ ( 1أخ 13 : 7 – 10) اليُوْم نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد وَالدَّم التَّابُوت كَانَ يَرْمُز لِلتَّجَسُد أمَّا الآنْ نَحْنُ نَأخُذ الجَسَد الحَقِيقِي بِنَفْسُه المُتَحِد بِاللاَهُوت الَّذِي نَصْرُخ وَنَقُول ﴿ جَعَلَهُ وَاحِداً مَعَ لاَهُوتُه بِغَيْر إِخْتِلاَطٍ وَلا امْتِزَاجٍ وَلاَ تَغْيِير بِالحَقِيقَةِ أُؤمِنْ أنَّ لاَهُوتُه لَمْ يُفَارِق نَاسُوتُه لَحْظَة وَاحِدَة وَلاَ طَرْفَة عَيْن ﴾ نَأخُذ جَسَدُه دَاخِلْنَا وَيَتَحِد بِنَا وَلاَ يِمَوِتْنَا وَلكِنْ يُمِيت الخَطَايَا الَّتِي بِدَاخِلْنَا رَبِّنَا يُعْطِينَا وَيُثَبِّت عَطَايَاه فِينَا فَكُل يُوم بَدَلاً مِنْ أنْ نَقُول لَهُ أنْ يَتَذَكَّر هُوَ الَّذِي أوْصَى كِنِيسْتُه أنْ تَقُول﴿ وَتَذْكُرُونِي إِلَى أنْ أجِئ ﴾ رَبِّنَا يُعْطِينَا لاسْتِيعَاب بَرَكْتُه فِي دَاخِلْنَا وَأنْ نَكُون عَامِلِين بِكُل عَطَايَاه رَبِّنَا يِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
17 ديسمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر كيهك

تتضمن الحث على الاعـراض عـن حـب المـال والافتخار بالعالميات مرتبـة علـى فصـل انجيـل المرأة الخاطئة ( لو ٣٦:٧-٥٠). إذا كانت هذه المرأة الرقيقة الطباع . المشغوفة بحب اللذات . حينما سـمعت بذكر مخلص الخطاة . وحققت قيامة الأموات . وخلود الأثمة مع الشياطين . وعظـم سعادة الفائزين . سارعت إلى طرح الأموال والحلى وسائر اللذات البدنية والافتخار بالزائلات . ونزعت عنها أطمار الآثام . ولبست ثياب الفضيلة . وأحرقت بحـرارة التوبة آلات العيوب . وغسلت أوساخ المعصية بمياه الدموع . حتـى اسـتحقت أن تمسك قدمى سيدنا . وتأخذ عربون الخلود في النعيم وإذا كان هذا مراد ربنا ان تكون من المسكونة غريبـاً . ومـن التنعم بالفانيات بعيداً . وعن الافتخار بالحاضرات معرضـاً . فمـا بـالك الآن تتبـاهي بالأموال والمساكن وشرف الانساب وإذا كانت الحاضرات كلها لا تعد شيئاً بالنسبة إلى ملكوت ربنا فما الذي ينتفع به لآن من التفاخر بالأمور الفانية والرمم الباقيـة ؟ فإن قلت وكيف لا أفتخر بالانتساب إلى النصرانية . قلت وكيف تفتخر بما تنتسـب اليه بالاقوال وتبتعد عنه بالافعال ؟ الا تسمع قول يوحنـا المعمـدان للأتيـن إلـى معموديته ؟ حيث يقول " لا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا ابراهيم أباً . لأني أقـول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لابراهيم " مت ٩:٣ ويقول بولس الرسـول لليهود : " لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر فـى اللحم ختانة " رو٢٨:٢ لقد ظهر جليا أن الابن ينتسب إلى الآب إذا شابهه في الفضيلة . وإلا فمـا الذي أضر بتيموثاوس لما كان أبوه في غلاطية وثنياً ؟ وما الذي انتفع به ابن نـوح من فضيلة أبيه ؟ إذ صار بعد الطهارة عبداً للخطية . ارايت أن الافتخـار بالنسب خلواً من التشبه به في الفضيلة لا يجدي نفعاً ؟ . ومالي أقول هذا وسيدنا له المجـد يقول صريحاً " ليس كل من يقول لي يارب يدخل ملكوت السموات " مت٢١:٧ فأوضح بـهذا أن الذين يؤمنون به ولا يعملون بوصاياه لا ينتفعون بمجرد الايمان . فلا تفتخر إذن ياهذا بكثرة مالك . ولا بشـرف جنسـك . ولا بخدمـك وحشـمك . ولا بسـمعة موائدك . ولا بكثرة زراعاتك وحقولك ورفعة أهلـك وعشيرتك . وأشـبـاه هـذه الزائلات . لكن سبيلك أن تستعمل التهاون بمن هذه سجاياه . وإذا اندفعت إلى حالـة الفقر من هذه الاشياء فلا تظهر غماً ولا اسفاً على فقدان الفاسدات بطبائعها . لكـن سبيلك أن تسر بفقد البائد . وتجتهد في تحصيل ما لا يفنى . وإذا اردت أن تعلم بـأن الفقر من العالميات هو غنى عند الله . وأن الغنى بها فقير . فانظر إلى قصة الغنـى ولعازر التي ذكرها سيدنا له المجد في الإنجيل حيث قال : إن الغنـى صـار إلـى الجحيم . ولعازر المسكين صار إلى حضن ابراهيم لو ١٩:١٦-٢٠ ألا ترى كيف زلت أيامهما بسرعة وانتقلا إلى هناك عاجلا ؟ فصار المتنعم زمنا يسيرا إلى العذاب الذي لا ينتهي . والفقير في الوقت اليسير إلى النعيم الـذي لا يزول . وإذا كانت الأموال والاكثار منها لا تدخلنا إلى ملكوت السـموات . فلمـاذا نتهافت على إدخارها ؟ وإذا كان يعسر علينـا الدخـول إلـى ملكـوت السموات بواسطتها . فما بالنا نجتهد في طلبها وتحصيلها . ولو أن ملكاً من الملـوك أصـدر منشوراً على كبار دولته بأن من كان غنياً بالمال لا يدخل وليمتة . ولا ينــال مـن عطاياه شيئا . ولا يحظى بالقبول منه . أما كان الكبراء من الناس والامـراء مـن أهل دولته يستهينون حالا بأموالهم ويميلون إلى رضاه ويتيقنون أن الـذي يصـير اليهم من الملك بسبب طاعته أكثر من الذي يرفضونه من أموالهم . وإذا كنا نثق هكذا بأقوال ملك أرضى من شأنه الزوال والـهلاك ويحركنـا شوقنا إلى مال وجاه من شأنها الفساد والاضمحلال إلى طاعـة كـهذه . فلمـاذا لا نسمع قول ربنا وندخر الباقيات بطبعها ؟ ألا نسمع قوله تعالى هاتفاً نحونـا : " ما أعسر دخول ذوى الاموال إلى ملكوت الله دخول جمل من ثقب أبرة أيسر مـن أن يدخل غنى إلى ملكوت الله مر٢٣:١٠-٢٥ ثم قوله أيضاً : " ويل لكم أيها الأغنياء لانكم قـد نلتم عزاءكم . ويل لكم أيها الشباعي لانكم ستجوعون" لو٢٤:٦-٢٥ فكيف لا يجب علينا أن نـهمل هـذه الزائـلات لنحظ بالدخول إلـى ملكوت ربنا بدالة كما دخل اليها أولئـك . وأى عقـاب نسـتحقه إذا تمسكنا بمـا يمنعنا من الدخول إلى هناك وحفظنا الاموال الباطلـة فـي الخزائـن والصنـاديق وتحت يد الحافظين ، بل نودعـه إلـى تـراب الارض ولا نكـنزه فـى ملكـوت السموات في حراسة ربنا . لقد نوجد في ذلك قريبي الشبه من فلاح أخذ من صاحب الحقـل الحنطـة ليبذرها في الارض فأعجبه حسنها ونقاوتها ورزانة حبها فاحتقر جباً فـى الارض وخزنها هناك . ولما جاء زمان الحصاد حضر صاحب الحقل ليجمع غلات أرضـه . ولما علم بخلوهها من الزراعة أحضر ذلك الفلاح وحاسبه فذكر أنـه استحسـنها وأشفق عليها لذلك أخفاها فأرسل صاحب الأرض الغلمان إلى حيث هي فأخرجوهـا وقد أكلتها الأكلة وافسدها سباخ الارض فأخذ الفلاح وقيده وسجنه وطالبه بـالامرين معاًفلو نظرت في ذلك نظرا محكماً واختبرت أحوال الأموال اختبارا عقليـا لرأيتها سبباً لكل أفة ومصدراً لكل مفسدة . فإنك تجد فـى طـرقـات ذوى الإكثـار أهوال ركوب البحار والدخول تحت الأخطار ومكابدة رد اللصـوص والأشـرار والخاطفين والعابرين ومقاساة الجوع والعطش . واحتمال حر الصيف وبرد الشـتاء وأموراً أخرى كثيرة شبيهة بهذه من مخاصمات ومحاكمات وإيمان كاذبــة وغـيرذلك. هذه هي أيها الاعزاء أتعاب المكثرين . اما المقلون والمحتاجون إليها . الطالبون تحصيلها من غير وجهها المبـاح شرعاً . فأنك ترى منهم هناك المقتولين والمخنوقين والذين قطعت أيديـــهم والذيـن خلدوا في السجون والذين يكلفون العمل في الحصون والاسوار وسـائر الاشـغال الشاقة . حاله هذا ولو سألت ذلك الفائز بالاموال الجمة عن وسبب استحصاله عليـها أخبرك بأن ما كان له من الربح والفوائد لا يقوم ماكابدة مـن العـذاب والمشـقات وغيرها : أما ذلك النعيم الأخر الذي وعد به سيدنا له المجد في ملكوته الدائـم فـلا يحتاج طالبه إلى شئ من هذه الاتعاب كلها . لكنه بالعكس يقـدر علـى تحصيلـه العاجز والمقل . فان قلت :كيف ذلك ؟ قلت لك بكأس ماء أو بزيارة محبـوس أو بالدعاء للذين هم في الشدائد : وبالصوم والصلاة حسب الطاقة والاستطاعة : وبـأن لا يسرق ولا يكذب ولا يزني ولا يشهد بالزور . وباتمام باقي الوصايا فإن أتعـاب هذه وشدائدها . وإن تعددت وتنوعت ، فهي لا تقوم مقابل واحدة مما ينالـه أولئـك الأولون . فسبيلنا إذن ، ننهض أفكارنا . ونرجع ذواتنا . ونجتهد فيما يقربنا إلى ربنـا لنفوز بالنعيم الذي لا يزول . له تعالى المجد والاكرام والسجود إلى الابد آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
16 ديسمبر 2022

الحوار المقدس وطفل المذود

في الأحد الأول من شهر كيهك تمتعت القديسة مريم منذ طفولتها بالصمت المقدس ، وسمح الرب بصمت الكاهن زكريا للتفرغ في دراسة الكتاب المقدس والنبوات عن المسيا المخلص ، كما سبح الجنين يوحنا في بطن اليصابات بابتهاج ولم ؛ يسمع أحد تسبحته سوى الرب نفسه . هذا الصمت المقدس لا يتعارض مع الحوار المقدس ، بل يقدس أعماق النفس والعواطف واللسان ، فيتأهل المؤمن للحوار المقدس المتناغم مع المقدس . هذا ما نراه في شخصية القديسة مريم والدة المسيا الكلمة . الصمت بين حوار حواء الأولى وحوار حواء الجديدة 1- احتفالنا بعيد ميلاد السيد المسيح بكونه كلمة الله المتجسد ، يقوم على تمتعنا العملي بقول الرسول : " كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه " ( عب : ٢ ) . نزل إلينا وحل بيننا ، لنسمع صوته في قلوبنا ، ونتلامس مع خلاصه بالصليب ، وندخل معه في شركة سرية مقدسة لا تنقطع . تتقدس أعماقنا ، ويقام ملكوته فينا ( لو ۱۷ : ۲۱ ) ، فيصير صمتنا كما حوارنا مقدسين بالرب القدوس . 2- يتصور القديس مار يعقوب السروجي في القديسة مريم أنها مع صمتها ، إذ كانت تفكر في كل أحداث السيد المسيح منذ البشارة بالحبل به إلى يوم رحيلها إلى الفردوس ، أنها قامت بحوارات وأحاديث مع كثيرين : مع الرعاة والمجوس والسمائيين القادمين للبشارة والسمائيين الذين لم يتحركوا عند محاكماته وعذاباته وصلبه . وفي هذا كله لم تحل صمتها المقدس . نذكر في إيجاز بعضا من حواراتها . 3- يرى القديس إيرينيؤس ( القرن الثاني ) أن حواء بحوارها مع الحية ربطت عقدة ، قامت حواء الثانية بحلها بحوارها مع الملاك جبرائيل . 4- يرى القديس مار يعقوب السروجي أن حواء الأولى بدأت بحوار فاسد وأعقبته بصمت فاسد ، بينما بدأت حواء الجديدة بحوار مقدس وبناء وأعقبته بصمت مقدس وبناء لحياتها وحياة أبنائها المؤمنين عبر الأجيال . 5- تسللت الحية إلى حواء ، وفتحت معها الحوار دون أن تنطق بتحية أو سلام ، لأن الحوار مع الشيطان أو الخطية لا يهب سلاما . وكما يقول إشعياء النبي : " لا سلام للأشرار قال إلهي " ( إش ٥٧ : ٢١ ) . أما الملاك فافتتح الحوار بقوله : " سلام لك أيتها المملوءة نعمة ؛ الرب معك " ( لو ١: ۲۸ ) . وكأن الحوار تحقق بالنعمة الإلهية ، وفي الحضور الإلهي . من يمارس الصمت المقدس الذي به يتذوق عذوبة الحضرة الإلهية أينما وجد ، يصير حديثه مملحا بملح الروح القدس ، وفيه عذوبة ولطفا . فلا نعجب من تركيز يشوع بن سيراخ على اللسان كأداة لنمو الحكيم ومجده ، وتحطيم الجاهل وهلاكه . في الكلام المجد والهوان ، وسقوط الإنسان سببه لسانه ( سي ٥ : ٢٣ ) . الحديث العذب يكثر أصدقاؤه ، واللسان اللطيف يكثر الوقورين تحيات عديدة متباينة ( سي ٦: ٥) . الزلة على الرصيف أفضل من الزلة من اللسان ، هكذا يكون سقوط الشرير سريعا ( سي ٢٠ : ۱۸ ) . من الذي يقيم حارسًا لفمي ، وخاتم التعقل على شفتي ، فلا أسقط بسببهما ، ولا يهلكني لساني ( سي ٢٢ : ٢٧ ) . ضربة السوط تسبب جرحا ، وضربة اللسان تكسر العظام ( سي ٢٨ : ۱٧ ) . 6- مالت حواء بأذنيها لتسمع من الحية الكلام الكاذب والتشكيك في الإيمان : " أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة ؟ " وانتهى الحوار بالصمت أمام تكذيب العدو لوعد الله : " لن تموتا ... وتكونان كالله عارفين الخير والشر " ( تك ٣ : ٤-٥ ) صدقت الكذب وصمتت ، فجاء صمتها الفاسد يتبع حوارها الفاسد . أما حواء الجديدة فدخلت في حوار بناء غايته ليس حب الاستطلاع ، بل التمتع بالنمو في المعرفة لأسرار الله ومعاملاته . بدون هذا الحوار من كان يتمتع بمعرفة دور الثالوث القدوس في التجسد الإلهي : " الروح القدس يحل عليك ، وقوة العلي تظللك ، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله " ( لو١ : ٣٥) . هذا الحوار انطلق بها إلى الصمت المقدس بروح الإيمان : " هوذا أنا أمة الرب ، ليكن لي كقولك " ( لو ١ : ٣٨ ) . ربما يتساءل أحد : بماذا نبدأ ، بالصمت المقدس أم بالحوار المقدس ؟ جاءت الإجابة العملية في حياة حواء الجديدة ، وهي من يلتصق بالرب يتمتع بالصمت المقدس كما بالحوار المقدس . ومن يعتزل الله لينفرد مع عدو الخير كحواء الأولى ، كلامه فاسد ومفسد ، وصمته أيضا فاسد ومهلك . القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل