المقالات

29 يونيو 2019

السيد المسيح نموذج ومثال للخادم

المحبة والبذل فى الخدمة .. جاء السيد المسيح الينا ليعلن لنا محبة الله الآب ويقدم ذاته طوعاً حباً فى خلاص وفداء البشرية { اما يسوع قبل عيد الفصح وهو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى.فحين كان العشاء وقد القى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الاسخريوطي ان يسلمه. يسوع وهو عالم ان الاب قد دفع كل شيء الى يديه وانه من عند الله خرج والى الله يمضي. قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتزر بها.ثم صب ماء في مغسل وابتدا يغسل ارجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها} يو1:13-5. لقد فعل هذا ليعلم تلاميذه ويعلمنا { فلما كان قد غسل ارجلهم واخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك. فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض. لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه} يو 12:13-17. هنا يطلب المسيح من تلاميذه أن يبذلوا ذواتهم في سبيل إخوتهم، كما صنع هو نفسه بنا ومعنا وهو معلّمنا وربّنا وسيّدنا، إذ أتى ليخدم لا ليُخدم.لقد نقض كلّ الاعتبارات والمقاييس البشريّة عندما وضع شروطاً ومعايير للنجاح تخالف كلّ ما يعتقده الناس أنّه الطريق نحو النجاح. مقياس المسيح للنجاح هو الخدمة والبذل والعطاء والتضحية، أمّا مقاييس الناس للنجاح فهي المال والسلطة والمناصب، السيد المسيح يهتم بخلاص البشرية كلها وفى نفس الوقت يهتم بالنفس الواحدة ، يهتم بخلاص كل إنسان وكل الانسان جسدا وروحا ونفساً . يسعى لاعلان محبته للأطفال كما فى مباركة لهم وجعلهم مثال لنا فى التواضع والبساطة والبراءة ويهتم بالشباب وخلاصهم واقامتهم أقوياء فى الروح، كما يهتم بالشيوخ وتعليمهم ليلاً ونهاراً، يهتم باليهود كما يهتم بالامم من سامريين ويونان ورومان ومدح ايمان المراة الكنعانية وقائد المئة الاممى. وجاء الى مصر وبارك ارضها وعاش فى فلسطين وتخضبت ارضها بدمه الطاهر . وكما قال له المجد { انا قد جئت نورا الى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة (يو 12 : 46). وهكذا ذهب الرسل يكرزون للأمم بنور الإيمان قائلين { لان هكذا اوصانا الرب قد اقمتك نورا للامم لتكون انت خلاصا الى اقصى الارض }(اع 13 : 47) المسيح الخادم .. المسيح الكلمة تجسد وأخذ شكل العبد وأطاع حتى الموت، موت الصليب وتم فيه نبؤة اشعياء النبى { هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته. هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا. انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك واحفظك واجعلك عهدا للشعب ونورا للامم. لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة} أش 1:42-7. هو القدوة الذى يطلب الإنجيل منا ان نتتلمذ عليه ونقتدى به. فالسيّد المسيح يرينا أنّ مَن يريد أن يكون تلميذاً للمسيح عليه أن يكون كسيّده. لذلك ينبغي له أن يخدم اخوته فى الإيمان والأنسانية ويغسل أرجلهم، لا أن يستعبدهم من أجل منافعه الخاصّة وتضخّم ثروته وجاهه. عليه أن يقبل بأن يُصلب من أجلهم لا أن يصلبهم على صليب كبريائه. ينبغي له ان يقول كما القدّيس يوحنّا المعمدان، { ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} (يو 3 : 30) . وكما علم السيد تلاميذه ان المحبة والتواضع ضرورة للخدمة ونجاحها { وكانت بينهم ايضا مشاجرة من منهم يظن انه يكون اكبر. فقال لهم ملوك الامم يسودونهم والمتسلطون عليهم يدعون محسنين. واما انتم فليس هكذا بل الكبير فيكم ليكن كالاصغر والمتقدم كالخادم.لان من هو اكبر الذي يتكئ ام الذي يخدم اليس الذي يتكئ ولكني انا بينكم كالذي يخدم} لو 24:22-27. كانت الكبرياء سبباً فى سقوط رتبة من الملائكة ليصيروا شياطين كما قادت ابوينا آدم وحواء للسقوط من الفردوس ، فجاء السيد المسيح بالتواضع ليردنا الى الفردوس دفعة أخرى، ومَن أراد أن يتبع المسيح خادم خلاصنا يجب عليه أن يسلك هذه الطريق عينها، إذ ليس هناك من طريق أخرى، وهكذا يصل إلى الحياة الأبديّة فيكون مع المسيح باستمرار{إنْ كان أحد يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا فهناك يكون خادمي. إنْ كان أحد يخدمني يكرمه أبي} (يو12: 26). لقد كان لبس الصندل كحذاء ، في بلاد الشرق، يجعل من الضروري غسل الأرجل باستمرار. وكانت الكياسة تقتضي عادةً أن يخصص المضيّف عبدًا لغسل أرجل زائريه. أمّا هنا، فالمضيّف الإلهي هو الذي أخذ مكان العبد للقيام بهذه خدمة غسل الارجل ، حتى غسل قدمى يهوذا الاسخريوطى الخائن. ما أعمق ما قام به المخلص، أن المسيح قد غسل أرجل التلاميذ جميعهم ولقد أراد أن يعطي فرصة أخيرة ليهوذا لكي يراجع نفسه ويتوب عن فعلته ويرجع إليه فيغفر له . ولقد شرح للتلاميذ ولنا الدرس الروحى مما فعل يجب على الخادم ان يغسل بمحبة أقذار المخدومين ويبذل ذاته من اجل إيمانهم وخلاصهم وتوبتهم . وهذا ما تعلمه القديس بولس وعلمه لنا {أيها الأخوة إن انسبق إنسان فأخذ في زلة ما فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظراً إلى نفسك لئلا تجرّب أنت أيضاً} (غل 6: 1). ولنحذر أن ننظر إلى أخوتنا بروح فريسية محاولين اصطياد الأخطاء أو يكون لنا روح عدم المبالاة لأن هذا لا يتوافق مع المحبة التي تستر كثرة من الخطايا . بل لنحض بعضنا بعضاً على المحبة والعمال الصالحة وحمل الصليب فى الطريق الضيق الى المنتهى { فاذ لنا ايها الاخوة ثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع. طريقا كرسه لنا حديثا حيا بالحجاب اي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الايمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة اجسادنا بماء نقي. لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين. ولنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة.غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا وبالاكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب} عب 19:10-25. السيد المسيح ومدرسة أعداد الخدام .. عندما بدء المخلص خدمته رايناه مدرسة فى الخدمة والقيادة ، يجمع بين الصلاة والخلوة مع الآب والخدمة فى المدن والقرى ، وبين البشارة فى الهيكل والمجامع وفى البيوت، فى الطرقات والمزارع، وعلى الجبال والسهول، ولقد اعد للقيادة أجيال من القادة والمؤمنين اينما ذهب { وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله. ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم ايضا رسلا} لو 12:6-13. هؤلاء هم الرعيل الاول فى الخدمة. ولم يستثنى السيد المرأة بل أفرد لها نصيباً فى الخدمة { وعلى اثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الاثنا عشر.وبعض النساء كن قد شفين من ارواح شريرة وامراض مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين. ويونا امراة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة واخر كثيرات كن يخدمنه من اموالهن} لو 1:8-3. ثم عين وتلمذَ الجيل الثانى { وبعد ذلك عين الرب سبعين اخرين ايضا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي. فقال لهم ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده. اذهبوا ها انا ارسلكم مثل حملان بين ذئاب} لو 1:10-3. وفى تلمذته لهم كان يعلمهم وهم يتبعونه ويقتدون به ثم يساعدونه فى الخدمة ثم ارسلهم امام وجهه موجها اياهم الى المدن والقرى التى كان مزمع ان يمضى اليها وكان يتابع خدمتهم وعملهم ويصحح مفاهيمهم فى الخدمة { الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي ارسلني. فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك.فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} (لو 16:10-20). ثم بعد صعوده للسماء ارسل لهم الروح القدس فحل عليهم وانطلقوا للخدمة كما اوصاهم { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن و الروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. ولقد قام التلاميذ والرسل القديسين بنشر الإيمان وتلمذة الكثيرين ليقوموا بتسليم الإيمان من جيل الى جيل { وما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا} (2تي2 :2). القمص أفرايم الأنبا بيشوي
المزيد
28 يونيو 2019

متابعة السيد المسيح الخدمة

قام السيد المسيح بمتابعته للخدمة بعد صعوده إلى السماء وإرسال الروح القدس ليعتني بالكنيسة ويقودها ويرشدها ويذكّرها بكل ما قاله للتلاميذ، وليمنحها بركات الفداء الذي صنعه السيد المسيح لأجلها. فبالرغم من الدور الواضح الفعال للروح القدس في حياة الكنيسة حسب وعد السيد المسيح للتلاميذ: "أنا أطلب من الآب فيعطيكممعزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد" (يو14: 16)، إلا أنه هو نفسه أيضًا قد وعدهم قائلًا:"ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت28: 20). ومعنى ذلك أنه بلاهوته الحاضر في كل مكان وزمان لا يتخلى عن الكنيسة، بالرغم من صعوده جسديًا إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب. هذا إلى جوار أنه يكون حاضرًا بجسده ودمه على المذبح في سر الافخارستيا ليمنح المؤمنين حياة وثباتًا فيه بالتناول من أسراره الإلهية ولكن إلى جوار هذا كله، وإلى جوار قيامه بدور الشفيع أمام الآب من أجل غفران خطايانا وذلك باستحقاقات دمه المسفوك لأجلنا، كقول معلمنا يوحنا الرسول: "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا" (1يو2: 1، 2) إلا أن السيد المسيح أيضًا كان يتابع الخدمة من السماءلأن الآب والابن والروح القدس يعملون معًا بالرغم من تمايز دور كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة. وقد سبق أن قال السيد المسيحأثناء خدمته على الأرض: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو5: 17). ظهور السيد المسيح لاستفانوس في بداية العصر الرسولي بعدما ارتفع السيد المسيح إلى السماء وبعد حلول الروح القدس على تلاميذه في يوم الخمسين صار اسطفانوس رئيسًا للشمامسة وكان يحاور اليهود حول شخص يسوع الناصري مبرهنًا أنه هو المسيح. وإذ أعطاه الرب حكمة لم يقدر اليهود أن يقاوموها، فكّروا في التخلّص منه وقاموا بمحاكمته، وألقى هو خطابًا جامعًا في جلسة المحاكمة موبخًا رؤساء اليهود على قساوة قلوبهم؛ وكان وجهه يضئ كوجه ملاك.. وتألّق اسطفانوس جدًا ممتلئًا من الروح القدس وهو يشهد للسيد المسيح فقال: "ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله" (أع7: 56) وهنا تألّقت حقيقة هامة، وهي أن السيد المسيح بالرغم من صعوده إلى السماء جسديًا إلا أن صلته بالكنيسة لم تنقطع.. بل باعتباره هو رأس الكنيسة فإنه يلهم الأعضاء ويقودهم ويؤازرهم في وقت الشدة كان اسطفانوس يضع قدميه على أول درجات سلم الاستشهاد وظهر له السيد المسيح في مجده السمائي مشجعًا إياه على الاستمرار مانحًا قوة الشهادة الكاملة فوق تأثير الزمان والمكان، ليكون القديس استفانوس غير عابئ بسخط اليهود واندفاعهم نحوه ليجروه نحو ساحة الاستشهاد راجمين إياه بحجارة الغضب المستطير،أما هو فظل منبهرًا بالمشهد السمائي منشغلًا بالأمجاد الروحية.. فصلى بصراخ عظيم من أجل راجميه "يا رب لا تُقِم لهم هذه الخطية" (أع7: 60) أي طلب من الرب ألا تكون خطية رجمهم إياه عائقًا في سبيل خلاصهم إن آمنوا بالمسيحوقبل ذلك عندما قاربت روحه على مفارقة الجسد تحت وطأة الرجم الشديد بالحجارة ازداد إحساسه بقربه منالسيد المسيح وازداد تألقه الروحي فكان ينادى قائلًا: "أيها الرب يسوع اقبل روحي" (أع 7: 59) لقد قدّم نفسه ذبيحة حب وذبيحة إيمان وأخيرًا انطلق ليكون في عشرة دائمة مع المسيح لأن ذلك أفضل جدًا. ظهور السيد المسيح لبولس الرسول كان شاول الطرسوسي هو من أبرز المشتركين في رجم اسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء حيث كان يحرس ثياب الراجمين "وكان شاول راضيًا بقتله" (أع 8: 1). فقد كان يهوديًا متعصبًا يتصرف بجهل ويضطهد المؤمنين بالمسيح بعنف شديد ولكن الرب رأى فيه غيرة دينية من الممكن أن تفيد الكنيسة لو عرف صاحبها طريق الحق.. وإذ رأى فيه استعدادًا لذلك ظهر له في الطريق إلى دمشق بمجد عظيم في السماء وقال له عبارته المشهورة: "شاول شاول لماذا تضطهدنى.. صعب عليك أن ترفس مناخس" (أع9: 4، 5). يبدو أن الروح القدس كان قد بدأ يوبخه على قسوته في معاملة المؤمنين بالمسيح خاصة ما حدث مع اسطفانوس الذي صلى من أجله في أشد ساعات المحنة والعذاب وقال شاول متسائلًا: "من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس. فقال وهو مرتعد ومتحير: يا رب، ماذا تريد أن أفعل" (أع9: 5، 6) لقد تحوّل شاول الطرسوسي مضطهد الكنيسة إلى إنسان يؤمن بالمسيح وينتظر الخلاص والاستنارة بالمعمودية. وصار فيما بعد هو بولس الرسول الكارز العظيم بالمسيحية. ظهور السيد المسيح لحنانيا ظهر السيد المسيح لأسقف دمشق في رؤيا وقال له: "يا حنانيا. فقال هأنذا يا رب، فقال له الرب قم واذهب إلى الزقاق الذي يُقال له المستقيم، واطلب في بيت يهوذا رجلًا طرسوسيًا اسمه شاول. لأنه هوذا يصلى، وقد رأى في رؤيا رجلًا اسمه حنانيا داخلًا وواضعًا يده عليه لكي يبصر. فأجاب حنانيا: يا رب، قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل، كم من الشرور فعل بقديسيك في أورشليم وههنا له سلطان من قبل رؤساء الكهنة أن يوثق جميع الذين يدعون باسمك. فقال له الرب اذهب لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل. لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي" (أع9: 10-16) وبالفعل مضى حنانيا وقام بعماد شاول الطرسوسى وشفيت عيناه وامتلأ من الروح القدس "وكان شاول مع التلاميذ الذين في دمشق أيامًا" (أع9: 19) لقد كان للسيد المسيح دور مباشر في حياة القديس بولس الرسول.. فبالرغم من وجود الاثني عشر رسولًا، إلا أن السيد المسيح بعد صعوده إلى السماء قد اختار بولس ودعاه وأعده للخدمة وأرسله، وظهر له أكثر من مرة، وقام بتوجيه خدمته، بل وسلّمه أشياء تخص صميم عمله الكهنوتي في الكنيسة. وبهذا أضاف الرب إلى الكنيسة قوة هائلة في الخدمة. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
27 يونيو 2019

مفهوم الخدمة وأهميتها للمؤمن

الخدمة هى تعبير عملى عن محبتنا لله ولأخوتنا فى الإنسانية .. انها محبة لله تملأ قلب المؤمن ويريد ان يشترك الاخرين معه فى هذه المحبة { اجذبني وراءك فنجري.. بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). إنها محبه وبذل وعطاء مقدم من الخادم لله فى خلوته وحياته الخاصة وصلواته ويعبر بها فى خدمة للناس من حوله بَدْءًا من خاصته وانطلاقا الى كل الارض. ويصير اختبار المسيحي للإيمان والتمتُّع بالخلاص وثماره والتتلمذ على كلمة الله شرطاً مسبقاً للتقدُّم للخدمة وعملياً فإن مَن لم يختبر حياة الإيمان ومحبة المخلِّص لن يهتم بالآخر أو يُبادر لخدمتهم. ان الخدمة هى تنفيذ عملى لأعظم الوصايا { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك.هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40. الخدمة هى شبع وعطاء .. شبع بالمسيح المخلص وفيض من العطاء لكل احد فى كل مناسبة وفى كل مكان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولاسيما للذين اؤتمن الخادم على خدمتهم انها تتلمذ وتعلم من المسيح الخادم الذى كان وسيظل يجول يصنع خيراً { فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم طعامهم في حينه. طوبى لذلك العبد الذي اذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. بالحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله.ولكن ان قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري وياكل و يشرب ويسكر. ياتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين} لو 42:12-45. + الخادم سفير للسماء يسعى لمصالحة الناس مع الله .. الخادم يعمل مع الله لخلاص النفوس وهو سفير للسماء { ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة. اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة. اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.( 2كو18:20). والخدمة شركة فى عمل الملائكة { اليس جميعهم ارواحا خادمة مرسلة للخدمة لاجل العتيدين ان يرثوا الخلاص} (عب 1 :14). ليس مهمة الخادم تعليم الناس كلاما عن الله بل توصيلهم اليه وجعلهم يحبونه ويلتصقون به ، انه يدلهم على الطريق الى الله ويسير معهم فيه ليسروا معا فى الطريق بقلوب ملتهبة بالمحبة حتى يتصور المسيح بالإيمان فيهم . الخادم هو اناء مختار ليحمل اسم المسيح ويبشر بخلاصه لكل أحد كما قال الرب لحنانيا عن شاول الذى صار بولس الرسول { فقال له الرب اذهب لان هذا لي اناء مختار ليحمل اسمي امام امم وملوك وبني اسرائيل }(اع 9 : 15). والقديس بولس قال بعد هذا عن خدمته { فاذ نحن عاملون معه نطلب ان لا تقبلوا نعمة الله باطلا. لانه يقول في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص اعنتك هوذا الان وقت مقبول هوذا الان يوم خلاص. ولسنا نجعل عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة. بل في كل شيء نظهر انفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات. في ضربات في سجون في اضطرابات في اتعاب في اسهار في اصوام. في طهارة في علم في اناة في لطف في الروح القدس في محبة بلا رياء. في كلام الحق في قوة الله بسلاح البر لليمين ولليسار}.(2كو 1:6-7). + الخادم والقدوة .. للخادم تأثير فى مخدوميه فيجب ان يكون قدوة ومثال، لهذا يجب ان يكون الخادم، قائد يتميز بالتواضع والحس الروحى وله شركة قوية مع الله ولديه رؤية ومعرفة بماضى وحاضر الجماعة وتصور لمستقبلها بعيون الإيمان ولا يكون عثرة للمخدومين لا فى خطايا اللسان او السلوك {لا يستهن احد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة. الى ان اجيء اعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع ايدي المشيخة. اهتم بهذا كن فيه لكي يكون تقدمك ظاهرا في كل شيء.لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك ايضا}(2تيم12:4-16). يتعيَّن على الخدام لاسيما الذين يقومون بخدمة التعليم والوعظ والتبشير أن يُداوموا على حفظ كلمة الله والعمل بها والتأمل فيها ملاحظين باستمرار انفسهم والتعليم السليم. وأن يلتزموا أولاً بكل ما يُعلِّمونه كي تثمر خدمتهم وتقود المخدومين في طريق الخلاص. والذين يقتحمون مجال التعليم دون إعداد جيد أو معرفة حقيقية لأعماق محبة الله يُسيئون إلى أنفسهم وإلى الكنيسة ويُعطِّلون دعوة الخلاص. + تنوع الخدمة .. وكما ان اعضاء الجسد كثيرة وتقوم بعملها فى تنوع وتناغم وانسجام لخدمة الجسد الواحد والمحافظة عليه ونموه وتقويته هكذا المؤمنين فى جسد المسيح الواحد اى الكنيسة على المستوى المحلى او الاقليمى او المسكونى ، ان مواهب وخدمات كل عضو فيها تكون مصدر تغذية وشبع وتقوية للجميع كما ان تعثر عضو فيها يؤثر على سلامة الجسد { فانه كما في جسد واحد لنا اعضاء كثيرة ولكن ليس جميع الاعضاء لها عمل واحد.هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح واعضاء بعضا لبعض كل واحد للاخر. ولكن لنا مواهب مختلفة بحسب النعمة المعطاة لنا انبوة فبالنسبة الى الايمان. ام خدمة ففي الخدمة ام المعلم ففي التعليم. ام الواعظ ففي الوعظ ، المعطي فبسخاء، المدبر فباجتهاد الراحم فبسرور. المحبة فلتكن بلا رياء ، كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير. وادين بعضكم بعضا بالمحبة الاخوية ، مقدمين بعضكم بعضا في الكرامة.غير متكاسلين في الاجتهاد، حارين في الروح، عابدين الرب. فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة. مشتركين في احتياجات القديسين، عاكفين على اضافة الغرباء. باركوا على الذين يضطهدونكم، باركوا ولا تلعنوا. فرحا مع الفرحين وبكاء مع الباكين. مهتمين بعضكم لبعض اهتماما واحدا، غير مهتمين بالامور العالية بل منقادين الى المتضعين، لا تكونوا حكماء عند انفسكم. لا تجازوا احدا عن شر بشر معتنين بامور حسنة قدام جميع الناس} (رو 4:12-17). ان الروح القدس هو روح الله القدوس، روح الحكمة وينبوع النعم الإلهية يعطى، الكنيسة أحتياجها ويريد منا ان نكون اوانى مقدسة ومهيئة للخدمة ويحتاج منا الامر الى صلاة بتواضع قلب { فاذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فانني اسمع من السماء واغفر خطيتهم وابرئ ارضهم }(2اخ7 : 14) . {فانواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وانواع خدم موجودة ولكن الرب واحد. وانواع اعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل.ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة. فانه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة ولاخر كلام علم بحسب الروح الواحد.ولاخر ايمان بالروح الواحد ولاخر مواهب شفاء بالروح الواحد.ولاخر عمل قوات ولاخر نبوة ولاخر تمييز الارواح ولاخر انواع السنة ولاخر ترجمة السنة.ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء} 1كو 4:12-11 + شمولية مجالات الخدمة .. الخادم الامين تشمل خدمته الجميع دون تمييز حتى غير المؤمنين والأعداء {إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فاسقه}(لو 12: 20). لذلك ضرب لنا السيد المسيح مثل السامري الصالح (لو 10: 30-37). الخادم محب للجميع. ومن يضعه الله في طريقه هو موضوع خدمته. وهكذا فالمؤمن الحقيقي لا يعرف في خدمته التعصُّب أو الطائفية ، وأحشاؤه تفيض بالرحمة على الكل خاصة مَن يحتاجون الخدمة. خدمته متجرِّدة تتجاوز الذات، تتميز بعفة اللسان واليد والقلب والسلوك ، خدمته لا تنتظر المقابل . عملاً بالوصية { وكما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا.وان احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يحبون الذين يحبونهم. واذا احسنتم الى الذين يحسنون اليكم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يفعلون هكذا. وان اقرضتم الذين ترجون ان تستردوا منهم فاي فضل لكم فان الخطاة ايضا يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل. بل احبوا اعداءكم واحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئا فيكون اجركم عظيما وتكونوا بني العلي فانه منعم على غير الشاكرين والاشرار. فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم}. (لو 6: 31-36). والخادم يجب ان يخدم أهله وذويه ومعلِّمنا بولس الرسول يُشدِّد على خدمة المسيحي لبيته {وإن كان أحد لا يعتني بخاصته، ولا سيما أهل بيته، فقد أنكر الإيمان، وهو شرٌّ من غير المؤمن }(1تي 5 : 8) ، لأن نجاح الخادم في خدمة بيته يُساند خدمته خارج البيت. ولكن لا ينحصرابدا في أهله بل ينطلق من النجاح الداخلى الى مجالات الخدمة الكنيسة سواء خدمة الكلمة بالوعظ والتعليم والافتقاد والاهتمام بالحالات الخاصة والمحتاجين للطعام والشراب والملبس والغرباء والمرضى والسجناء وذويهم والذين يعانون الاضطهاد وضعف الأيمان وزيارة المرضى وبيوت المسنين . اننا فى كل هذا نحتاج للكثير من الخدام والخادمات حقاً قال السيد الرب ان الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فاصلوا واطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة لحصاده وشاركوا في الخدمة على قدر طاقة كل واحد وواحدة منكم {ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره }(مت 10 : 42). تمتد الخدمة لتشمل التعامل فى الدراسة والعمل والمجتمع انها مجالات مفتوحة لخدمة الآخرين والتأثير فيهم مسيحياً بالمعاملة الطيبة ،ومساعدة الغير ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، ومحبة الجيران وخدمتهم والوقوف إلى جانبهم في الشدائد، وإظهار المودة والتعاون مع زملاء الدراسة، والعمل سواء مسيحيين او غير مسيحيين، من كل هذه الفئات فهذه كرازة بالقدوة والمثال والايمان الحي العامل بالمحبة أن المسيح خدم الخلاص من خلال التعليم والشفاء والعمل الاجتماعي ثم قدِّم نفسه ذبيحة عن حياة العالم كله . الخدمة والمسؤلية ... الله يريد ان الكل يخصلون والى معرفة الحق يقبلون . ان كل نفس هى غالية وثمينة لدى الله وقد فداها بدمه على عود الصليب والخادم مسئول أمام الله والكنيسة عن مخدوميه وقيادتهم للخلاص {هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} (مت 18 : 14). هكذا راينا القديس بولس الرسول قرب نهاية خدمة فى يستدعى الرعاة ويقدم لهم تقرير خدمته { من ميليتس ارسل الى افسس واستدعى قسوس الكنيسة. فلما جاءوا اليه قال لهم انتم تعلمون من اول يوم دخلت اسيا كيف كنت معكم كل الزمان. اخدم الرب بكل تواضع و دموع كثيرة وبتجارب اصابتني بمكايد اليهود. كيف لم اؤخر شيئا من الفوائد الا واخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت. شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح. والان ها انا اذهب الى اورشليم مقيدا بالروح لا اعلم ماذا يصادفني هناك. غير ان الروح القدس يشهد في كل مدينة قائلا ان وثقا وشدائد تنتظرني. ولكنني لست احتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى اتمم بفرح سعيي والخدمة التي اخذتها من الرب يسوع لاشهد ببشارة نعمة الله} أع 17:20-24.الخادم يسعى لكى ينمو كل أحد لكى يكون انساناً كاملاً فى المسيح { الذي ننادي به منذرين كل انسان ومعلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع }(كو1 : 28). انه يصلى من أجل خلاص الجميع { اما انا فصلاة} (مز 109 : 4). وينادى { ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه } (مز 34 : 8). انه يسعى ليريح التعابى وثقيلى الأحمال ويقودهم لعشرة صادقة ومحبة حقيقية لله لاسيما فى الظروف الصعبة التى يعانى ويئن تحت ثقلها الكثيرين{ تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. القمص أفرايم الأنبا بيشوي
المزيد
26 يونيو 2019

أنواع من الخدمة

والخدمة على أنواع: منها الاجتماعية، ومنها الروحية، وخدمات أخرى كثيرة ومن أجمل ما قيل في الخدمة الروحية، قول الكتاب "مَنْ رد خاطئًا عن ضلال طريقه، يخلص نفسًا من الموت ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). وأيضًا "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تى 4: 16). إذن هي خدمة تتعلق بخلاص النفس. ما أمجدها!! والكتاب يقول "نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس" (1بط 1: 9) أما الخدمة الاجتماعية، فمن سموها أيضًا جعلها الرب ميزانًا للدينونة في اليوم الأخيرإذ يقول للذين عن يمينه "كنت جوعانًا فأطعمتموني، عطشت فسقيتموني. كنت غريبًا فآويتموني، عريانًا فكسوتموني، مريضًا فزرتموني. محبوسًا فأتيتم إليَّ" (مت 25: 35-40) ويشرح ذلك بقوله "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم". معتبرًا كل هؤلاء المحتاجين كشخصه تمامًا ويقول الكتاب أيضًا "اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِلاَ دَنَسٍ مِنَ الْعَالَمِ" (رسالة يعقوب 1: 27) وقد رأينا أنواعًا من الخدمة تشمل المجتمع كله. وتتعداه إلى مستوى عالمي.فالهيئات العالمية مثل الصليب الأحمر وجمعيات الإسعاف، والهيئات الدولية للإغاثة، وأمثالها، هذه التي تقدم معونة لكل محتاج أينما كان، سواء في البلاد التي حدثت فيها كوارث طبيعية كالفيضانات مثلًا، أو كوارث حربية، أو مجاعات، تجد المعونات تصلها من بلاد بعيدة ربما ما كانت تعرفها من قبل، ولا كانت بينها وبينها صلة. ولكنه الشعور الإنساني والمحبة نحو الكل، التي تهب من تلقاء ذاتها لإغاثة المحتاج فإن كانت الهيئات العلمانية التي لا صلة لها بالكنيسة تفعل هكذا، فكم بالأولى نحن؟!أنت مطالب أن تفعل شيئًا من أجل أخيك الإنسان. وقد أعطانا الرب مثال السامري الصالح (لوقا 10: 30-37) الذي أغاث وهو سائر في الطريق إنسانًا، على الرغم من وجود عداوة بين شعبه وشعبه. ولكنها المحبة التي لا تعرف تفريقًا.ولا يقل أحد في نفسه "لست مدعوًا للخدمة"!! كلا، فأنت مدعو أن تحب الكل، وتعبر عن محبتك بالخدمة. أما الخدمة التعليمية فتحتاج إلى أن ترسلك الكنيسة (رو 10: 15) لأنه ليس كل إنسان صالحًا للكرازة والتعليم إذن هي أنواع عديدة من الخدمة. وكل إنسان يخدم حسب النعمة المعطاة من الله ولا يستطيع إنسان مطلقًا أن يقول إن الله لم يهبه أية إمكانات للخدمة. لابد أنه يستطيع أن يفعل شيئًا والإنسان الخدوم، أقصد الذي فيه روح الخدمة، تجده يخدم في كل مجال: في البيت، في مكان العمل أو الدراسة، في الكنيسة، في الطريق، في النادي.. مع كل أحد. إنه إنسان معطاء. كل من يقابله، لابد أن ينال من عطائه. أسأل نفسك إذن: ما نصيب الآخرين في حياتي؟ إن التكريس يحتاج إلى دعوة. أما الخدمة العامة فلا تحتاج إلا إلى الحب، والدافع القلبي نحو خدمة الآخرين. وهذه في حد ذاتها دعوة قلبية أتذكر في إحدى المرات سألني طبيب جراح عما يستطيع أن يعمله لأجل الآخرين. فقلت له: على الأقل عشر العمليات الجراحية التي تقوم بإجرائها، لتكن للفقراء بالتنازل عن أجرك من مهنتك. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب الوسائط الروحية
المزيد
25 يونيو 2019

منهج الخادم

1- الخادم هو:- خ: خالى من العيوب باقترابه من الرب يسوع أ: أب حنون والبشاشة على وجهه د: دارس فى علوم الكتاب المقدس وعامل بما يدرسه م: مملوء من النعمة والروح القدس 2- الاحتراس من: أ- (3) صور للخادم: الموظف ، البوسطجى ، recorder ب- (3) صور للخدمة:قضاء وقت فراغ ، تسلسل طبيعى فى الكنيسة ، أجد نفسى فى الخدمة 3- الخادم لابد ان يكون متواضع: م: محب للكل ت: تحت أقدام الكل و: واحد فى الكل أ: أصغر الكل ض: ضد الخطية والشر ع: عينه على السماء 4- أعراض تلف الخدمة: 1- الاهتمام الزائد بنتائج الخدمة : الفرح بالنجاح واليأس من الفشل 2- الاهتمام بالخدمة ونظامها والتدقيق فى ترتيبها أكثر من النفوس المخدومة الذى ينتج عنه أخيرا التضحية بالنفوس فى سبيل الاحتفاظ برصانة النظام 3- عدم نمو المخدومين فى المحبة وتعلقهم بشخص الخادم 5- ملحوظات للخادم: أ- ان كانت الحرارة الالهية تفارقكم بعد أن قبلتموها فاطلبوها من جديد وهى تاتى اليكم لان الحرارة التى هى بحسب الـله هى هكذا مثل النار فهى تحول البرودة الى قوتها الخاصة فاذا ما رايتم قلوبكم فى ساعة ما قد ثقلت. اقيموا نفوسكم أمامكم وحاكموها فى ذهنكم بحسب أفكار التقوى وهكذا لابد أن تسخن من جديد وتشتعل فى الـله ب- جوهر الخدمة و مظهرها : جوهر الخدمة شىء ومظهرها شىء أخر فمظهر الخدمة يتعلق بالنظام والترتيب وأنواع العظات وكيفية الصلوات والخدمات المتعلقة بحاجات الضعفاء وتقسيم هذه المهام على المسئولين وتوجيه المسئولين لاستيفاء معرفتهم من خبرات السابقين ومن الكتب وتزويدهم بالحاجات الضرورية بالخدمة . أما جوهر الخدمة فهو توصيل الحياة الابدية للمخدومين الذين وضعهم الـله فى مسئوليتنا وتوصيل الحياة الابدية هو ان يقبل الانسان عمل المسيح الذى عمله من اجله ج- الاصول التربوية مطلوبة وضرورية عند استخدام القصة أو الترنيمة ولكن مدى تاثيرها فى المخدومين مرتبط اساسا بالروح التى يلقيها الخادم ومدى انفعاله بالاحداث عن صدق وايمان بالهدف الذى تهدف اليه
المزيد
24 يونيو 2019

لماذا اختار رسلًا

أراد السيد المسيح أن يكرّم عروسه المحبوبة -كنيسته المقدسة- بأن يشركها معه في العمل، فقال لرسله القديسين "كما أرسلني الآب؛ أرسلكم أنا" (يو20: 21). بحيث يحمل الآباء الرسل نفس رسالة الحب والمصالحة التي حملها السيد المسيح نفسه، صانعًا الفداء بدم صليبه يا له من شرف عظيم أن تشترك الكنيسة، بقوة الروح القدس العامل فيها، مع عريسها السمائي في توصيل بشرى الخلاص إلى كل البشرية، مؤيَّدة بخدمة الملائكة السمائيين الذين قال عنهم الكتاب: "أليس جميعهم أرواحًا خادمة، مُرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب1: 14) وقد اختار السيد المسيح اثني عشر تلميذًا ليكونوا معه وأرسلهم، ثم اختار سبعين آخرين لتكميل عمل الخدمة وأرسلهم كان شعب إسرائيل أثناء خروجهم في برية سيناء قد جاءوا إلى واحة اسمها إيليم وهناك اثنتا عشر عين ماء وسبعون نخلة. وشربوا من مياه الينابيع الاثني عشر وأكلوا من ثمار النخيل وانطلقوا بعد ذلك في رحلتهم في البرية (انظر خر15: 27). كانت الينابيع الاثني عشر إشارة إلى تلاميذ السيد المسيح الاثني عشر، والسبعين نخلة إشارة إلى السبعين الآخرين الذين أرسلهم بالفعل صار الاثنا عشر ينابيع لمواهب الروح القدس وهم الذين صاروا يمنحون عطية الروح القدس بوضع الأيدي في سر المسحة المقدسة وأيضًا في سر الكهنوت،كما قدّم السبعون رسولًا غذاءً حلوًا للشعوب التي حملوا إليها بشرى إنجيل الخلاص. رقم الاثني عشر قاله السيد المسيح لرسله الاثني عشر مثلما قال: "متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" (مت19: 28) فمن الواضح أن السيد المسيح قد اختار تلاميذه بنفس عدد أسباط إسرائيل أو أبناء يعقوب الاثني عشر فمن الاثني عشر سبطًا تكونت كنيسة العهد القديم في إطار محدود. وبالا ثنى عشر رسولًا تكونت كنيسة العهد الجديد في المسكونة كلها. ولكن لماذا رقم الاثني عشر بالذات؟ أولًا: من الملاحظ أن السنة تتكون من اثني عشر شهرًا، أي أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض باثني عشر شهرًا. مثل قول الرب لإبراهيم حينما ظهر له عند بلوطات ممرا:"إني أرجع إليك نحو زمان الحياة، ويكون لسارة امرأتك ابن" (تك18: 10). والمقصود هنا إنها سوف يكون لها ابن في نفس الموعد في العام التالي في العام الواحد أي في اثني عشر شهرًا تكمل الأرض دورة كاملة حول الشمس. وتكمل كل فصول السنة بكل ما فيها من متغيرات وكمال العام باثني عشر شهرًا، يرمز إلى كمال الزمان. مثلما قال السيد المسيح: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر1: 15) حقًا لقد أشرق شمس البر ربنا يسوع المسيح في ملء الزمان، حسب وعد الرب "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها" (ملا4: 2) لا توجد شمس لها أجنحة سوى ربنا يسوع المسيح، الذي بسط يديه -على خشبة الصليب- الممدودتين لاحتضان كل التائبين. ثانياً: نلاحظ أيضًا أن اليوم يتكون من اثنتي عشرة ساعة، كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتي عشرة. إن كان أحد يمشى في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم. ولكن إن كان أحد يمشى في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو11: 9، 10) إن السيد المسيح هو نور العالم.. والبشارة بالإنجيل هي نور العالم. ولهذا فقد حمل الاثنا عشر هذا النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها كانوا اثني عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الاثني عشر. وكل منهم كانت ترمز إليه ساعة من ساعات النهار. كقول الرب عن يوحنا المعمدان "كان هو السراج الموقد المنير وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو5: 35). ثالثًا: رقم اثني عشر هو رقم ثلاثة (مضروبًا) في رقم أربعة (3 × 4 = 12). ورقم (3) هو إشارة إلى الثالوث القدوس وعمله في خلاص البشرية. أما رقم (4) فيشير إلى أربع اتجاهات المسكونة. أو يشير إلى الأناجيل أي البشائر الأربعة. وبهذا يكون رقم 12 هو إشارة إلى عمل الثالوث القدوس في خلاص البشرية في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر16: 15) "وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت28: 19، 20)،وبالفعل قيل عن الآباء الرسل "في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم" (مز18: 4) من الأمور الجميلة أن الكنيسة تحتفل بعيد الآباء الرسل يوم 12 من الشهر السابع من السنة الميلادية كما أن رقم 12 يستخدم في حساب كثير من الأمور التي يتم إحصاؤها "بالدَسْتة"في حديث السيد المسيح عن جيوش الملائكة قال لبطرس الرسول: "أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة" (مت26: 53) وفي سفر الرؤيا رأى القديس يوحنا حول العرش في السماء أربعة وعشرين قسيسًا في أيديهم مجامر وقيثارات، ويرفعون بخورًا أمام الله هو صلوات القديسين (انظر رؤ5: 8). والملاحظ هنا أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض، اثنتا عشرة ساعة، أما في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز إليه رقم 24 (انظر رؤ21: 25) أما المئة وأربعة وأربعون ألفًا البتوليون غير الدنسين (انظر رؤ14: 3، 4)، الذين ظهروا في المشهد السماوي يتبعون الحمل (المسيح) أينما ذهب، فهؤلاء هم 12×12=144 مضاعفًا ألف مرة. فهؤلاء عاشوا حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة)، وما فيها من نور هو بحسب الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف) ولعل هذا يذكرنا بتوبة أهل نينوى الذين قال عنهم الله: إنهم اثنتا عشرة ربوة من الناس، أي مائة وعشرون ألفًا. وهو رقم 12×1000×10 ويرمزون إلى الذين يحيون حياة النور بالتوبة، في أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف). وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي هل دبّر الله أن يكون النهار اثنتي عشرة ساعة، والسنة اثني عشر شهرًا، لكي يختار اثني عشر تلميذًا؟ أم اختار اثني عشر تلميذًا لأن النهار اثنتا عشرة ساعة، والسنة اثني عشر شهرًا؟ وللإجابة على ذلك نقول: إن المعنى الأساسي للرقم 12 هو الإشارة إلى الثالوث القدوس، في عمله من أجل خلاص البشرية في المسكونة كلها. وعلى هذا الأساس يأتي ترتيب باقي الأمورحقًا يا رب ما أعجب تدابيرك كلها بحكمة صنعت! وما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الاستقصاء..! إننا فقط نقف لنتأمل ونتفهم ونتعجب ويبقى أمامنا الكثير لنعرفه عنك يا إلهنا القدوس. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد
23 يونيو 2019

الخادم والإزدواجية

الخادم يمثل المسيح أمام المخدومين ويحمل فكره ويتكلم بكلامه وينشر رسالته وتعاليمه وهكذا يرى المخدمين الخادم أنه فى درجه من الكمال وقد لا يستوعبون انه شخص تحت الآلام مثلهم وكثيراً ما نجد الخادم قد يسر بهذه الصورة ويرسخها فى أذهان المخدومين بينما الحقيقة مختلفه تماما فتجد الخارج غير الداخل والكلام غير الافعال والمظهر غير الجوهر مما يجعل الخادم يحيا فى إزدواجية تجعله غريباً عن نفسه وأخطر ما فى الأمر هو تباعد المسافة بين ما يقول وما يفعل إلى أن يصل إلى درجة الإزدواجية المريضة وهنا نجد أنفسنا أمام موقف من الكتاب المقدس يوضح لنا كيف يحيا الإنسان مزدوجاً حين تقدم ابونا يعقوب إلى أبيه إسحق لنوال البركة عوض عيسو البكر قال اسحق ليعقوب تقدم لأجسك يا إبني أأنت هو إبني عيسو أم لا؟؟ فتقدم يعقوب إلى اسحق ابيه فجسه و قال الصوت صوت يعقوب و لكن اليدين يدا عيسو و لم يعرفه لأن يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو أخيه فباركه و قال هل انت هو ابني عيسو فقال انا هوتك 22:27كثيراً ما يوجد داخلنا هذا التناقض ...الصوت صوت يعقوب واليدين ( التى تشير إلى الأعمال) يدين عيسو وتجتهد النفس فى تزييف حقيقتها لتأخذ ما ليس لها .. وتدقق وتجتهد لتلبس الثياب وتأخذ الشكل بل والرائحة وتمتد إلى ما أهو أكثر وأعقد من ذلك وهو تغطية الجلد حتى يحصل على ضمان إقتناء الشخصية المرغوبة ويتحمل المخاطر ويستمر فى الخداع حتى وإن ظهر الشك فى أمره ولكنه يؤكد أنا هو ما أخطر خداع النفس وما أسوأ النتائج حيث يتوقع المخدوم من الخادم كمالات لا يجدها بل والأكثر حين تظهر أمور عكس ما يظهر أو يعلم لقد مدح السيد المسيح من عمل وعلم أنه يدعى عظيماً قى ملكوت السماوات (مت 19:5) بل وقد وجدنا فى شخصه القدوس المبارك تحقيقاً وتطبيقاً واضحاً لكل ما علم به فلم نجده يتكلم عن المتكىء الأخير بينما يتنافس على المتكآت الأولى ولم نجده يحدثنا أن بيعوا أمتعتكم واعطوا صدقة بينما يسكن هو فى القصور الفارهه ولم نجده يتكلم عن ضرورة حمل الصليب بينما يهرب هو من حمله بل على العكس نجده فعل أكثر مما تكلم به لدرجة عجز الكلمات عن التعبير أعظم عمل للخادم هو التأثيروالعين أكثر تفاعلاً من الأذن فنحن لا نحتاج إلى كلمات بقدر ما نحتاج إلى أفعال ولا نحتاج إلى خدام بل إلى نماذج ومن المعروف أن أى تعليم يستمد قوته من قائله فالذى جعل القديس تيموثاؤس الرسول يتبع معلمنا بولس الرسول ليس فقط تعليمه بل سيرته وقصده وإيمانه وأناته ومحبته وصبره ( 2تى 10:3) التى رآها وتلامس معها بشكل عملى ليت نفوسنا تتوحد فى خوف الله ونقدم صورة للمسيح الذى يحيا فى داخلنا ولا ننجذب لغيره ولا نتبع غيره فنقدم صورته وكلامه وحياته لأولاده فيجذبهم فيجروا ورائه. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك الإسكندرية
المزيد
22 يونيو 2019

الخادم والموضوعات اللاهوتية والعقائدية

من الملاحظ في جيل خدامنا الحالي الهروب من الموضوعات اللاهوتية والعقائدية إما عن خوف أو عن جهل أو عن تجاهل ..ومن المؤسف أصبح غالبية موضوعاتنا ومؤتمراتنا يختارها منظميها وخدامها بحبكة إعلامية أكثر منها ما يفيد أو ما يبنى فى تجاهل تام للأمور التى تمس المعرفة اللاهوتية أو العقائدية وفى هذا خطر شديد أي خدمة روحية وأي مؤتمروأى كرازة بدون معرفة لاهوتية وتأصيل عقيدي هي لا تعد أكثر من نشاط أخلاقي أو إجتماعي وفي إهمال الموضوعات اللاهوتية والعقائدية إحتقاراً لفحواها وقيمتها ... الأمر الذي سيؤل تباعاً إلي نسيانها وتجاهلها وتغييب دورها ... ويكون نتيجة لذلك أننا نجعل التعاليم البشرية والأرضية معياراً للأمور الإلهية والأبدية ... بدلاً من أن تكون المعرفة اللاهوتية والأبدية هى التى تقيس وتدين الأمور البشرية والزمنية .... وإذا قصرنا في التعليم اللاهوتي والعقيدي نكون قد أجرمنا في حق اللاهوت والعقيدة والمخدومين ... ونكون بذلك جهلنهاهم عن لاهوتهم وعلقناه ... ربما عن جهل أو عن كسل ... وأصبحنا نميل إلي التعليم الفضائلي ... ربما لأنه يسهل تحضيره أو لأنه الأكثر طلباً من المخدومين فصرنا نساير ابنائنا ونجاريهم في ميولهم لما يسمعون ... وهذا خنوع وضياع وإنعدام رؤيا ... كيف يستقيم الإيمان بدون تعليم ومعرفة لاهوتية وعقائدية سليمة ... أري في هذا تنكر للاهوت وخدمة للشر ... لأننا حين نتجاهل اللاهوت ونعلقة نحن نصرح بشكل غير مباشر أنه لا ينفع ولايجدي .. وهنا نعلم أولادنا بدلاً من أن يمتزجوا بالمعرفة اللاهوتية أن يسايروا التعاليم الزمنية .. هذه حقيقة لابد مواجهتها والسكوت عليها أو إغفالها يعد إنكاراً للإيمان بشكل خفي ... علينا أن نستيقظ ونراجع أنفسنا كيف نخدم وماذا نرجو من خدمتنا .... ربما تقديم اللاهوت والعقيدة بشكل تلقين المعلومات وذكر بعض الإصطلاحات بشكل جامد مثل الأقنوم والإنبثاق والجوهر ... صنع حاجزاً في أذهان المخدومين ... إذ كان يجب أن يلمس اللاهوت أعماق إحتياجاتهم .... أكثر مما يخاطب عقولهم .. علينا أن نعمق التعليم اللاهوتى والعقيدى ونطور أساليبه بما يتناسب مع إحتاجات المخدومين ... علينا أن نشجع علي القراءة والتنوير والمعرفة والتنقيب في كنوز كتابات الآباء ... ولا نعتبر أن التعليم اللاهوتي يقتصر علي الراغبين والدارسين ... فكنيستنا القبطية استطاعت أن تجعل من بسطاء شعبها معلمين للاهوت من خلال نصوصها الليتورجية فى تسابيحها وصلواتها وحفظتهم من الهرطقات وقدمتهم شهداء علي مذبح الحب والإيمان فكيف ننحو نحن إن إهملنا تراثاً وتايخاً هذا مقداره ... علينا أن نعرف ونعلم ولا نسكت ولا ندعه يسكت ... القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك الإسكندرية
المزيد
21 يونيو 2019

المسيح الراعي

قال السيد المسيح عن نفسه: "أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو10: 11) واعتبر السيد المسيح أن الخراف هي رعيته؛ أي خرافه الخاصة التي يعرفها بأسمائها ويدعوها باذلًا نفسه من أجلها وهكذا قال الرب أيضًا بفم حزقيال النبي: "هأنذا أسأل عن غنمي وأفتقدها. كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة هكذا أفتقد غنمي وأخلصها" (حز34: 11، 12) وقال أيضًا: "أنا أرعى غنمي وأربضها يقول السيد الرب. وأطلب الضال وأسترد المطرود وأجبر الكسير وأعصب الجريح وأبيد السمين والقوى وأرعاها بعدل" (حز34: 15، 16) الله هو الراعي والمخلّص والفادي وقد افتقد غنمه وحل في وسطها لأن الله "الكلمة صار جسدًا وحل بيننا" (يو1: 14) "كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه" (حز34: 12). وصار السيد المسيح هو الحمل والراعي في آنٍ واحد. دعوة الخراف قال السيد المسيح: "الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف. لهذا يفتح البواب، والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 2، 3) وقال أيضًا: "أما أنا فإني الراعي الصالح، وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني، كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب" (يو10: 14، 15). الدعوة والمعرفة مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.. أي أن الرب يعرف خرافه بسابق معرفته الإلهية ولهذا فلابد أن يدعوها.. سواء أكانت من شعبه القديم أو شعبه الجديد. لذلك قال:"ولى خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد" (يو10: 16). فبهذا المفهوم تنبأ إشعياء النبي عن شعب مصر بعد مجيء السيد المسيح "مبارك شعبي مصر" (إش 19: 25) نقول أن الدعوة وسبق المعرفة عند الله مرتبطان ببعضهما بالنسبة لخراف السيد المسيح لذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده. لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكرًا بين إخوة كثيرين. والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضًا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضًا. والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضًا" (رو8: 28-30)إن سِبق معرفة الله لا تلغى حرية إرادة الإنسان ولكن الله بسابق معرفته يعلم من هم الذين يقبلون الحق بصفة عامة.. أو من لديهم استعداد لقبول الحق، كقول السيد المسيح لبيلاطس: "كل من هو من الحق يسمع صوتي" (يو18: 37). مثل هؤلاء الذين يتلمس فيهم الرب الاستعداد لقبول الحق لابد أن يدعوهم. وهذا هو معنى كلام بولس الرسول: "الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم.. والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضًا" (رو8: 29، 30)ونادى إشعياء النبي قائلًا: "ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تُخلّص ولم تثقل أذنه عن أن تسمع" (إش59: 1) إن الدعوة لابد أن تصل إلى كل إنسان مستعد لقبولها لأن وسائل الرب وإمكانياته ليس لها حدود. لهذا قال السيد المسيحعن نفسه وعن خرافه: "والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 3).وقد فهم معلمنا بولس الرسول هذه الحقيقة في عمله الكرازي بالإنجيل فقال لتلميذه تيموثاوس: "اذكر يسوع المسيح المُقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي الذي فيه احتمل المشقات حتى القيود كمذنب. لكن كلمة الله لا تقيّد. لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين لكي يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح يسوع مع مجد أبدي" (2تى2: 8-10) إنه يكافح ويحتمل المشقات لكي تصل كلمة الإنجيل إلى المختارين لكي يحصلوا هم أيضًا على الخلاص الذي في المسيح. هو يعتبر نفسه موضوع لأجل الإنجيل وينال شرف أن يكون هو الأداة أو الوسيلة التي يستخدمها الله لهذا الغرض، ولكن حتى وهو في السجن والقيود فإن كلمة الله لا تقيَّد أي لا تحبس كما قال لأنه كان يفهم قول إشعياء النبي:"ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تُخلّص" (إش59: 1) وفي حديث بولس الرسول عن المختارين نلاحظ أيضًا إنه يبنى الاختيار على سبق معرفة الله لمن سوف يقبلون الحق الذي في المسيح. لهذا شرح هذا الاختيار في رسالته إلى أهل أفسس فقال "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة. إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته. لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب" (أف1: 3-6) الرسول بولس يقول "اختارنا فيه (أي في المسيح) قبل تأسيس العالم.. إذ سبق فعيننا للتبني" وهو يربط بوضوح بين الاختيار وسبق المعرفة والتعيين مثلما ربط سابقًا في رسالته إلى أهل رومية بين الدعوة وسبق المعرفة والتعيين كما ذكرنا سابقًا (انظر رو8: 29، 30) والخلاصة إن سبق المعرفة والتعيين والاختيار والدعوة كلها مرتبطة ببعضها وعلى هذا الأساس قال السيد المسيح: "أعرف خاصتي وخاصتي تعرفني" (يو10: 14) كما قال إنه "يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو10: 3). ولكن كل ذلك بشرط أن يظل المدعو أمينًا إلى النهاية حسب قول الرب: "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته" (رؤ3: 5). الرعاية والمحبة هذه العبارة قالها السيد المسيح لسمعان بطرس الرسول في عتابه له بعد قيامة الرب من الأموات، مبينًا أن رعاية الغنم، أي خراف السيد المسيح الناطقة، ترتبط ارتباطًا كبيرًا بمحبته وفي حديثه عن عمله كراعٍ للخراف قال الرب "أنا أضع نفسي عن الخراف" (يو10: 15). أي أنه وضع لنا مثلًا أعلى للرعاية الحقة ينبع من منطلق الحب. وقال "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15: 13). الله محبة إن مفتاح المسيحية يكمن في أن "الله محبة" (1يو4: 8، 16) ففي علاقة الآب والابن والروح القدس يوجد مثال المحبة الكائنة قبل كل الدهور بين الأقانيم الثلاث. وحينما وجدت الخليقة العاقلة، غمرها الله الآب بمحبته بحسب مسرة مشيئته التي قصدها في نفسه. وتمتعت الخليقة بمحبة الثالوث القدوس. وحينما سقطت البشرية كان الله قد دبر لها الخلاص بابنه الوحيد بالفداء على الصليب وبعمل الروح القدس في أسرار الكنيسة. حسب قول معلمنا بولس الرسول: "حين ظهر لطف مخلّصنا الله وإحسانه، لا بأعمال في بر عملناها نحن. بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تى3: 4-6)عن حب الله الآب للبشرية قال السيد المسيح: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد الجنس لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 16). إذن المسألة تتلخص في أمرين:- أولهما: إن المحبة كائنة وتمارس في الله قبل كل الدهور. وثانيهما: إن المحبة الإلهية تغمر الخليقة منذ أن وجدت. وتتألق كلما أتيحت الفرصة لذلك مثلما تألقت على الصليب لهذا فإن عمل الرعاية يرتكز أساسًا على الحب: الحب نحو الله ونحو الخليقة. وقد لخص السيد المسيح كل الوصايا الإلهية في وصيتين: الأولى: محبة الله. والثانية: محبة القريب. وقال إن الثانية هي على مثال الأولى "الثانية مثلها" من هذا المنظور قال السيد المسيح لبطرس الرسول: "يا سمعان بن يونا أتحبني؟ ارع غنمي" (يو21: 16) لذلك فكل من يتقدم إلى عمل الرعاية ينبغي أن يمتلئ أولًا من محبة الله ثم ينطلق نحو محبته للرعية بنقاوة وطهارة على مثال المحبة الإلهية. المحبة ترجو كل شيء هذه العبارة قالها معلمنا بولس الرسول (انظر 1كو13: 7). وإذا طبقناها على عمل الرعاية فمعناها أن الراعي ينظر بعين الرجاء إلى مخدوميه فلا يراهم في ضعفهم وسقوطهم وخطاياهم، بل يراهم في توبتهم وقيامتهم من الخطية وتمتعهم بحياة النصرة. مدركًا أنه "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت9: 12، مر2: 17، لو5: 31) وأن الرب لم يرسله ليدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة. بهذا المفهوم قال معلمنا بولس الرسول: "قوّموا الأيادي المسترخية والركب المخلعة واصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة لكي لا يعتسف الأعرج، بل بالحري يشفى" (عب12: 12، 13) الرعاية تحتاج إلى صبر واحتمال وطول أناة.. تحتاج إلى حب يحتمل كل شيء، ويصبر على كل شيء، ويرجو كل شيء.. تحتاج إلى حب لا يسقط أبدًا. وقد يحتاج الراعي أن يستخدم التأديب حرصًا على إصلاح شأن من يستهين بطول الأناة. وحرصًا على خلاصه، أو حرصًا على حماية باقي القطيع من أذيته. فبسلاح البر ذات اليمين وذات اليسار يستمر الراعي في خدمته للرعية بطول الأناة والرفق أحيانًا وبالتوبيخ والتأديب في أحيان أخرى، ولكن الهدف باستمرار هو أن تنتصر المحبة ضد كل قوى الظلمة الروحية. الله لا ينسى تعب المحبة كل خادم سيأخذ أجرته بحسب تعبه. والله ليس بظالم حتى ينسى تعب المحبة. ولابد أن الخادم الأمين يفرح بثمار تعبه وخدمته ورعايته. فالمحبة كنز لا يفنى ولا يضيع بل هو أبقى من الدهور ويعبر إلى ما وراء الزمان إن الوجود يفقد معناه بدون المحبة أو كما قال أحد الكتاب المسيحيين [أن توجد معناها أن تحب، وأن تحب معناها أن توجد]. والوجود المقصود هنا هو الوجود في المسيح والذي بدونه يصير الوجود بلا قيمة ليت الرب يثبتنا في المحبة لكي نثبت فيه ويثبت هو فينا. وليته يشعرنا بمحبته الفائقة الوصف لكي ننطلق بكل قوة في خدمتنا وفي محبتنا. نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المسيح مشتهي الأجيال منظور أرثوذكسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل