المقالات

12 يونيو 2024

تأملات فى عيد الصعود

تحتفل الكنيسة بعيد الصعود يوم الخميس في اليوم الأربعين لقيامة الرب، ونود أن نتأمل معاً ما في هذا العيد من معان روحية حتى نحتفل به في عمق، وفى فهم لما يحويه من أيحاءات قضى المسيح مع تلاميذه أربعين يوماً بعد القيامة، وفي يوم الأربعين ودعهم، ووعدهم بأنهم سينالون قوة متى حل الروح القدس عليهم (أع١: ٨) ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم، وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق - وقف بهم ملاكان وقالا لهم "ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه (أع١: ٩- ١١) فما هو تأملنا في هذا الصعود ؟ عيد الصعود عيد سيدى معجزته خاصة بالسيد المسيح وحده أى أنه يشمل معجزة لم تحدث مع أحد من البشر، وإنما كانت للسيد الرب وحده مثل الميلاد العذراوى، ومثل قيامته بقوة لاهوته وخروجه من القبر المغلق، ومثل التجلى على جبل طابور كذلك صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الأب لقد صعد بذاته، وليس مثل ايليا النبى الذى أخذته مركبة نارية فصعد فيها (۲مل ۲ :۱۰ ،۱۱) ولا مثل أخنوخ الذي لم يوجد لأن الله أخذه" (تك ٥: ٢٤) أما السيد المسيح فصعد بقوته، دون أية قوة خارجية فكما قام بقوته وحده ، دون أن يقيمه أحد، هكذا صعد بقوته كانت فيه قوة الصعود ، كما كانت فيه قوة القيامة وفي كلتيهما ظهر مجده . كيف كان الصعود لقد كان صعوداً بالجسد ، بالناسوت : فاللاهوت لا يصعد ولا ينزل. إنه مالئ الكل موجود في السماء وفي الأرض، وفى ما بينهما فكيف يصعد إلى السماء وهو فيها؟! وكيف يترك الأرض إلى السماء، وهو باق في الأرض أثناء صعوده؟! إذن لابد أن نقول إن السيد المسيح قد صعد بالجسد المتحد باللاهوت) وهذا ما نقوله له في صلاة القداس الغريغورى وعند صعودك إلى السماء جسديا.." . كان صعود الرب في السحاب : ارتفع وهم ينظرون، واخذته سحابة عن أعينهم (أع١ : ۹) صعد على سحابة في مجد، كما سيأتي ايضاً في مجيئه الثاني على السحاب في مجد وهكذا قال لرؤساء الكهنة أثناء محاكمته قبل الصلب من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء (مت ٢٦: ٦٤) وهذه العبارة تضيف أنه كان من أمجاد الصعود الجلوس عن يمين الآب والسحاب في الكتاب المقدس كان يرمز إلى مجد الرب وحلوله. ففي قصة مباركة السبعين شيخاً كمساعدين لموسى النبي، يقول الرب عن "موسى" فنزل الرب في سحابة وتكلم معه وفي الإنتهاء من إقامة خيمة الاجتماع، قال الوحي الإلهى ثم غطت السحابة خيمة الإجتماع، وملأ بهاء الرب المسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الاجتماع، لأن السحابة حلت عليها، وبهاء الرب ملا المسكن (خر ٤٠: ٣٤ ، ٣٥) وفي العهد الجديد قيل بعد معجزة التجلى وإذا سحابة قد ظللتهم، وصار صوت من السحابة : هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا (لو ۹: ٣٥) (مر ۹ :۷) . قداسة مثلث الرحمات المتنيح ‏البابا شنودة‏ ‏الثالث عن كتاب تأملات فى عيد الصعود
المزيد
11 يونيو 2024

عيد الصعود المجيد

السبب الأول: تمجيد المسيح تمجيد المسيح في صعوده كان لابد أن يسبق تمجيد الكنيسة بحلول الروح القدس اختفاء السيد المسيح سابق للحلول لكي يتحول الرب من كائن معنا إلى كائن فينا، كائن معنا محدودة لكن كائن فينا غير محدودة نتيجة عمل الروح القدس. "ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم "ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم" بفعل الروح القدس طبعًا. السبب الثاني: كرازة التلاميذ: قبل أن يصعد أوصاهم أن يكرزوا وقال لهم "دُفع إلى كل سلطان ما في السماء وما على الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر". التلاميذ لم يعيشوا كل الأيام لكن كان مقصود الكنيسة. كرازة التلاميذ على مر الأيام، أي مع الكنيسة فالأشخاص تنتهي لكن الكنيسة تدوم إلى الأبد(أع 1: 4-9) "أوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى لأن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولذلك يوم الصعود يوم الخميس بينما الأعياد الُكبرى تتم يوم الأحد مثل القيامة والعنصرة وقبلهما الشعانين. لذلك فدورة الصعود تتم يوم الأحد لربط الصعود بالأحد. السبب الثالث: إعلان مجيئه: إنه سيأتي كما صعد، لذلك انتظار مجيء المسيح عقيدة "وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى آمين" نعلن انتظارنا لمجيئه الثاني. طقس العيد: تُصلى صلاة الثالثة والسادسة ثم يُقدم الحمل، وهناك مرد خاص بالإبركسيس يُقال حتى عيد العنصرة لارتباط الصعود بحلول الروح القدس القراءات كلها تهدف في ذلك اليوم أنها تبرز حقيقة التبني، "صاعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم" لذلك القراءات تتكلم عن المجد الذي نناله والتبني الذي يصير لنا. نيافة الحبر الجليل الانبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها عن كتاب الأعياد السيدية في الكنيسة القبطية
المزيد
10 يونيو 2024

بعض نبوات العهد القديم عن عيد الصعود المجيد

عيد الصعود هو أحد الأعياد السيدية الكبرى الخاصة بالسيد المسيح: البشارة - الميلاد - الغطاس - دخول أورشليم - القيامة - الصعود - العنصرة، ويأتي بعد ٤٠ يوما من عيد القيامة.جاءت عنه نبوات كثيرة في العهد القديم منها: ١- قال الرب لإبراهيم: "اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضِ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ، وَفِي الْجِيلِ الرَّابِعِ يَرْجِعُونَ إِلَى هُنَا" (تك ١٥: ١٣-١٦).السيد المسيح له المجد الذي هو من نسل إبراهيم حسب الجسد، أخلى ذاته وأخذ صورة عبد وعاش غريبًا فقيرًا مُضطهدًا مطاردًا مذلولاً على الأرض ٣٣ سنة وثلث ( ٤٠٠ شهرًا). خدم الكرازة والتبشير 3 سنين وثلث (٤٠شهرا) ، وصام على الجبل في البرية ٤٠ يوما، كما عاش بنو إبراهيم في برية سيناء ٤٠ سنة عند خروجهم من مصر، وصعد إلى السماوات أرض الموعد بعد ٤٠ يوما من قيامته. وهذه الأربعينات مضاعفات ١٠٤ ، رقم ٤ يرمز للأرض بجهاتها الأربعة، ورقم ١٠ ومضاعفاته هو عدد كامل يرمز للسماء بكمالها. فالأربعينات عدد أرضي سماوي عدد كمال ومقدس. ٢- تكلم الله مع إبراهيم ووعده أنه بسارة سيكون لك نسل: "فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلَامِ مَعَهُ صَعِدَ اللهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ" (تك ۱۷ : ۲۲). وهنا صعد الله من على جبل الزيتون، وكان الله كثيرًا ما يظهر لرجال العهد القديم ثم يصعد إلى سمائه. ٣- يقول المرنم في المزمور: "الْجَاعِلُ السَّحَابَ مَرْكَبَتَهُ، الْمَاشِي عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيح" (مز ۱۰٤ :۳)، وفي الصعود نقول: "أَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ" (أع ١ :٩). ٤- يقول المرنم: رَكِبَ عَلَى الشَّارُوبِيمِ وَطَارَ، طَارَ عَلَى أَجْنِحَةٍ الرياح" (مز (۱۸ : ۱۰)، الشاروبيم قد يكونوا مجموعة الملائكة التي صاحبته إلى السماء، وطار في صعوده على أجنحة الرياح، هكذا يجب علينا أن نتحدى شهوات العالم ومغرياته مهما كانت قوية وجذابة ونسمو ونصعد بأفكارنا واشتياقاتنا إلى فوق حسب نصيحة الرسول بولس: "إن كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ اهْتَمُوا بِمَا فَوْقُ لَا بِمَا عَلَى الأَرْضِ" (كو ۳ : ۱). ٥- يقول المرنم: ارْفَعُوا أَيُّهَا الْمِلُوكَ ( الملائكة) أَبْوَابِكُم، وَارْتَفِعِي أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّةُ، لِيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. مَنْ هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْعَزِيزُ الْقَوِي الْجَبَّارُ الْقَاهِرُ فِي الْحُرُوبِ هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ" (مز ٢٤: ٧- ۱۰). حدث هذا الحوار عند صعود الرب بين الملائكة المصاحبين له وملائكة السماء، وبسرعة سجدوا وفتحوا الأبواب ودخل الملك إلى مجده. ٦- يقول المرنم صَعِدَ اللهُ بِهتَافٍ صَعِدَ اللَّهُ بِصَوْتِ الْبُوقِ اللَّهُ جَلَسَ عَلَى عَرشِ مَجْدُه" (مز ١٤: ٥-٩). ٧- يقول المرنم أيضا: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ" (مز ۱۱۰ :۱). وهذا ما حدث بالضبط عند صعود الرب إلى السماء. ٨- قال دانيال النبي : كُنْتُ أَرَى فِي رُؤى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأَعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِي لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ لا يَنْقَرِضُ" (دا ٧: ١٣-١٤). وتصديقا لهذه النبوة قال معلمنا بولس الرسول: "لِذلِكَ رَفَعَهُ اللهُ،وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْم لِكَيْ تَجْتُوَ بِاسْم يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبِّ لِمَجْدِ اللهِ الآب" (في ۲: ۹-۱۱).بركة عيد صعود مخلصنا الصالح فلتكن معنا. آمين. نيافة الحبر الجليل الأنبا متاؤس أسقف دير السريان العامر
المزيد
09 يونيو 2024

في بيت ابي منازل كثيرة

إِنجيل هذا الصباح المُبارك ياأحبائىِ هو إِنجيل الأحد الّذى يسبِق عيد الصعود ويقول" أَنَا أَمْضِى لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَاناً " ، ويقول " وإِن مضيت وأعددت لكُمْ مكاناً آتىِ وآخُذكُمْ إِلىّ حتى حيثُ أكون أنا تكونون أنتُم أيضاً " ، يقول أنا سأأخُذكُمْ للمكان الّذى أكون فيه ففِى إِحتفال عيد الصعود ربنا يسوع بيجلِس عن يمين الآب ويقول أنا عِندما أصعِد لن أصعِد وحدىِ ولكِنْ حيثُ أكون أنا تكونون أنتُمْ أيضاً ، ولِذلك اليوم الكنيسة بِتُهيّأنا ياأحبائىِ لِفِكر الصعود المُقدّس ،وتُريد أن تُفرّحنا بأنّ مكاننا هو فِى حِضن الآب فِى السماء بِنعمة ربنا أحِب أن أتكلّم معكُم فِى نُقطتين :- 1- حيثُ أكون أنا تكونون أنتُم أيضاً:- ربنا يسوع المسيح ياأحبائىِ وهو على الأرض قد أكمل كُلّ شىء ، وهو على الصليب قال " قد أُكمِل " ، وفِى القُدّاس نقول " أكمِلت التدبير بالجسِد " ، وأجتاز حُكِم العقوبة الّذى كان على الإِنسان ، ما مِن تعدّى وما مِن معصية فعلها الإِنسان إِلاّ وربنا يسوع قد دفع ثمنها للآب " قتلت الموت بِموتك وأظهرت القيامة بِقيامتك " ، وهذا ما نقوله فِى الصلاة بالأجبية وهو على الأرض إِبتدأ يدفِع الديون التّى على الإِنسان ، فكُلّ جِراحات الصليب ياأحبائىِ وكُلّ ألم إِجتازه ربنا يسوع وهو على الأرض كان إِيفاء للعدل الإِلهىِ حقّهُ ، فهو فِى السماء تراءى للآب ويديهِ ورِجليهِ فيها جِراحات ، فهو دفع ثمن خطايانا ، فهذا كان التدبير الإِلهىِ " أنّ الله سُرّ أن يسحقهُ والله وُضِع عليهِ إِثم جميعُنا " حمل كُلّ خطايانا فِى جسم بشريتهِ ، أُريدك أن تتخيّل وهو عِندما أكمل التدبير بالجسد وذاق الموت وهو أمام الآب وقد دفع ثمن كُلّ خطايانا ، بالرغم مِن أنّهُ بِلا خطيّة وبِلا شر ، وهو " صار خطيّة لإِجلِنا " تخيّلوا وهو صاعِد للآب بِهذهِ الجِراحات فإِنّهُ سيدخُل للآب وهو ظافِراً وفِى يديهِ ورجليهِ علامات طاعة لله وللبشر ، هو دفع ثمن هلاك الخليقة كُلّها ، فهو دخل للآب بِكرامة عظيمة ، وكُلّ الآلامات التّى إِجتازها أخذ أجرها ، فما هو أجرها ؟ أخذ الكرامة والمجد والسُلطان الّذى كان لهُ قبل التجسُدّ ، ويقول للآب أنا آتىِ ومعىِ كُلّ الّذين إِشتركوا فِى الجِراحات المُقدّسة ، أنا آتىِ ومعىِ وليمة ، ومعىِ عُرس ، ومعىِ مدعوّين كثيرين ، آتىِ ومعىِ الكنيسة كُلّها ، هذا هو الصعود ياأحبائىِ ، كما نقول فِى القُدّاس " رفع قديسيه للعلاء معهُ وأعطاهُم قرباناً لأبيه " رفع الكنيسة كُلّها معهُ ، وقال للآب هاهُم الّذين كانوا هالِكين ، والفساد كان مالِك عليّهُم ، والخطيّة كانت مُسيّطِرة عليّهُم ، وردّ لهُم المُلك مرّة أُخرى ، فكُلّ إِنسان يعيش حياة سماويّة يعيش إِستحقاقات الإِبن بالضبط ، ويدخُل فِى مجدِهِ ، ويقول عن كرامتهُ : ليس فِى هذا الدهر فقط بل وفِى الآتىِ ، فلا توجِد كرامة تعلو كرامِة الآب والإِبن ، فنحنُ سندخُل لِهذهِ الكرامة ، سندخُل مُحتميين فيهِ ، نحنُ سندخُل لدى الآب مُحتميين فِى الإِبن ، فكرامتنا هى مِن كرامة الإِبن ، الإِبن دفع ثمن الخطيّة فصرنا لهُ ، نحنُ ميراث ربنا يسوع المسيح ، نحنُ غنم رعيّتهُ ، نحنُ عمله ، نحنُ الّذين إِشترانا بدمهِ ولِذلك تُسمّى الكنيسة بإِسم " البيعة " لأنّها هى التّى إِبتاعها بدمهِ ، ولِذلك الإِبن لهُ كرامة عظيمة عِند الآب ، وهو يقول لنا " حيثُ أكون أنا تكونون أنتُم أيضاً " ، نحنُ غير مُحتاجين ياأحبائىِ أن نعرِف أن نعرِف المجد الّذى ينتظِرنا ، ولابُد أن نكون واثقين مِن هذا الوعد ، ومِن أنّ عشاء عُرس الخروف والوليمة السماويّة بِتنتظِرنا ، وهذا هو مكان مجد الإِبن ، وهو لا ينفصِل عنّا أبداً " فإِن كُنّا أبناء فنحنُ ورثة ورثة بالمسيح يسوع " ، لِذلك نحنُ لنا إِستحقاق التواجُد الدائم لدى الآب فالإِبن موجود فِى حِضن الآب ونحنُ فِى الإِبن ، ولِذلك نحنُ فِى حِضن الآب ، أُنظُر لِعظِم تدبير ربنا يسوع وكيف يكون وضعِنا عِندهُ ، فهو بيّهيّأنا لِكرامة عظيمة ومجد عظيم فعيد الصعود بيعيِد لنا كُلّ بهجة وكُلّ خلاص ، بيعيِد لنا كُلّ كرامة مفقودة ، ولِذلك يقول فِى سِفر الرؤيا " ويتبعون الخروف أينما يذهب " ، ويكون بِلا عيب أمام عرش الله ، فنحنُ خُطاه ولكِن متحميين فِى دمهِ ، وهو إِشترانا بدمهِ فصرنا مُتبرّرين بدمهِ ، فتدبير ربنا يسوع المسيح أنّنا نصير هو بالضبط ، وعِندما نذهب للسماء يكون مكاننا بِجانبهِ فبولس الرسول يقول " لىِ إِشتهاء أن أنطلِق وأكون مع المسيح فذاك أفضل جِداً " ، لِماذا يا بولس الرسول ؟!! لأنّهُ عارِف ماذا أعدّ لهُ الله ، عارِف أنّ مكانه سيكون فِى حِضن الله وعارِف إِلى أين سيذهِب فنحنُ نقول لهُ : نحنُ يارب لا نستحِق ذلك ، ولكِن هو يقول لنا لا فأنتُم أولادىِ وأُريدكُم أن تكونوا معىِ ، الله ينتظِرنا فِى الأبدية مُنذُ الأزل ، منتظِرنا فِى الملكوت لِكى نتمتّع بهِ ، بولس الرسول يقول : أنتُم لستُم غُرباء ولا نُزلاء بل رعيّة أهل بيت الله ، فإِن كان البيت هو بيته فأنت لست غريب ، أنت جُزء منهُ ، أنت شريك لِصاحِب البيت فلو الإِنسان عرِف هذا المجد فكيف تكون نظرتهُ للأبدِية ؟ فإِنّنا سنجِد أنّ الأرض ستصغر فِى عينيهِ ، وتبدأ إِشتياقات السماء عِندهُ تكبر ، فنقول لهُ : متى يارب نكون فِى هذا المكان الرائع فنحنُ كُلّما إِقتنعنا بالسماء وأحببنا السماء تهون علينا كُلّ الأرض وكُلّ ما فيها ، ونعرِف أنّ كُلّ ما فيها هى أمور زائِلة ، فنتمسّك بالسماء ، والإِنسان عِندما يعرِف المجد الّذى ينتظِرهُ يبدأ يجهّز نفسه ، فيالِغِنى رحمِتك التّى تُجهّزها للبشريّة ، الإِنسان الّذى كان لا يستحِق أن يكون على الأرض ، اليوم نتكلّم عنهُ أنّ مكانه فِى حِضن الآب ، فهذهِ هى الكرامة التّى أخذها بالصعود فربنا يسوع يقول لنا أنا ذاهِب ومِنتظِركُم ومكانكُم جاهِز ، فهو بيقول هذا الكلام لِكى يُعزّينا عن فُراقة ، يقول لنا أنا مِجهّز لكُم مكان تفرحوا بهِ ، فهو يُريد أن يُخفّف عليّهُم آلام الفُراق ، وبِيجعِل النِفَس تعيش فِى إِنتظار أفراح الأبديّة ولِذلك ياأحبائىِ لا نتعجِب مِن القديسين الذاهبين بِفرح للإستشهاد ، فالكِتاب يقول لنا " لأنّ خفّة ضيقتنا الوقتيّة تُنشأ لنا أكثر فأكثر ثِقل مجد أبدىِ " ، فالإِنسان يشعُر فِى كُلّ يوم أنّهُ فِى إِشتياق زائِد ، لأنّهُ عرِف ما الّذى جهّزهُ الله لهُ ، تخيّل أنّ الإِنسان موطنهُ هو فِى السماء ، فإِنّهُ يستعِد لِهذا الموطِن ، فنحنُ نعيش على الأرض لأنّ لنا رِسالة ، نحنُ ذاهبين للسماء وشهوة قلوبنا هى حِضن الآب ، مكاننا سيكون فِى حِضنهِ الأبوىّ كُلّ حين ، ويتسِع لِيحتضِن كُلّ البشريّة ، الإِنسان الّذى لهُ علامة الله سوف يرِث هذا المُلك ، والّذى يعيش بِهذا الفِكر كُلّ يوم فإِنّهُ يُرضىِ الله كُلّ يوم ، ويزداد حُب وإِشتياق لهُ ، فكُلّ يوم نفحص أنفُسنا ، وكُلّ يوم أراجِع نِفَسىِ ، هل أنا فِى الطريق أم لا ؟! ولِذلك توما الرسول قال لربنا يسوع :" أين الطريق ؟ " فقال لهُ ربّ المجد يسوع" أنا هو الطريق " ، إِمشىِ ورائىِ ، ولِذلك يقول الكِتاب " شُكراً لله الّذى يقودنا فِى موكِب نُصرتهِ " ، هو سائر أمامنا وآخِذ الكنيسة كُلّها يُعرّفها طريق حِضن الآب بعد أن كُنّا سائرين فِى طريق الظُلمة ، فلمْ تعُد الظُلمة مكاننا أبداً ، لأنّ الإِبن نفسهُ تقدّمنا وحمل ضعفِنا وصار لنا شفيع يدّخلنا قديماً كان رئيس الكهنة يدخُل خيمة الإِجتماع مرّة واحِدة فِى السنة لِكى يرُشّ دم الذبيحة على التيس وذلك فِى يوم الكفّارة ، وكان هذا إِشارة لصعود ربنا يسوع المسيح ، لأنّهُ دخل إِلى الآب بدم نفسهِ ، فإِن كان دم التيس يُقدّم كفّارة ويغفِر الخطايا ، فكم يكون دم إِبن الله ، فهو دم كريم حمِل بِلا عيب ، فهو عِندما قدّم نفسهُ صار مسكننا قُدس الأقداس ، وكُلُّنا نراهُ وكُلُّنا نأكُل مِن جسدهِ ودمهِ ، ونتحِدّ بهِ ، كرامة عظيمة صارت لنا ، صرنا نتمتّع بِخُبز الحياة ، ونتحِدّ بهِ ونأكُلهُ ، وهو يتحِدّ بأجسادنا ، لأنّ المسيح دفع الدين ، وردّ آدم وبنيهِ إِلى الفردوس مرّة أُخرى ، وعِندما نكتشِف مجدِنا عِند ربنا فإِنّهُ لا يليق بِنا أن نعيش فِى عبوديّة إِبليس ولا نعيش فِى الخطيّة فعندما أتلذّذ بالخطيّة وأفرح بالأرض وأرتبِط بِها فأنا بِذلك لا أعرِف ماذا فعل المسيح مِن أجلىِ ، وما الّذى يُجهّزهُ لىِ ، وهذا هو الإِنسان الّذى يستبِدل ما ينفع بِما لا ينفع القديس يوحنا فم الذهب يقول " إِنّىِ أتعجّب مِن إِبن الأكابِر الّذى يجلِس على رأس الشارِع لِيأخُذ لُقمة " ، الإِنسان الّذى يعيش فِى كرامة عِند ربنا يكون عارِف ما هو مجدهُ عِند ربنا 0 2- فِى بيت أبىِ منازِل كثيرة:- فالسماء بالنسبة لنا ستكون موضِع وستكون مسكن ، كرامة عظيمة ومجد عظيم لِكُلّ إِنسان إِستنار وعاش فِى نور الوصيّة ، وسيأخُذ مجد فِى السماء ، ولكِن فِى السماء يوجد مجد يختلِف عن مجد ، ولكِن المُهِم أننّا كُلّنا سنرى الوليمة السماويّة ، ولكِن الإِنسان عِندما يعرِف ذلك فإِنّهُ يُحِب أن يُحسِنّ موضِعهُ ، فالسِت العدرا يقول عنها الكِتاب " جلست الملِكة عن يمين الملِك " ، توجد كرامات عظيمة ومُختلِفة كُلّ إِنسان عاش فِى بِر المسيح وكُلّ إِنسان تألّمْ مِن أجل المسيح وعاش فِى نور وصيّة ربنا يسوع نجِد أنّ نوره فِى السماء بِقدر البِر الّذى عاشهُ على الأرض ، فالأبرار يُضيئون كالكواكِب فِى ملكوت أبيهُم ، فالإِنسان البار هذا النور منتِظره فِى السماء ، والّذى يُميّز القديسين هو النور الّذى فيهُم ، وكُلّما أستضىء بِمصدر النور وأعاشره كُلّما يفيض علىّ النور فِى السماء مواضِع كُلّها مجد وكُلّها كرامة ، والإِنسان كُلّما أدركها إِزداد إِشتياق ، وعِندما يعرِف الإِنسان الموضِع الّذى ينتظِرهُ يزداد إِجتِهاد فالأنبا يوأنّس المُتنيّح كتب فِى مُذكِّراته موقِف حدث معهُ ولمْ يُنشِر ذلك إِلاّ بعد نياحتهُ فيقول : أنّ السٍت العدرا جاءت لهُ فِى يوم مِن الأيام وأخذتهُ للسماء وكان عِنوان الرؤيا " ورأيت هُناك " ، يقول أنّهُ رأى الكرامات العظيمة للقديسين فِى السماء ، وأرتهُ مكان مُنير وكُرسىِ بهىّ جميل فِى مكان مُرتفِع ، فسأل السِت العدرا : لِمَنْ هذا الكُرسىِ ؟ فقالت لهُ : هو كُرسيك أنت ، وعِندما إِستيقظ إِبتدأت غيرتهُ تزداد ، وإِبتدأ يعيش فِى كرامة وبِلا خطيّة كُلّ واحِد فينا مدعو لأن يرى مكانه ويمسِك بهِ ، ولِذلك يقول لنا الكِتاب " إِمسٍك بالحياة الأبديّة " ، ربنا خلقنا لِكى نكون معهُ " حيثُ أكون أنا تكونون أنتُم أيضاً " ، فعِندما يعرِف الإِنسان المكان الّذى ينتظِرهُ فإِنّ حياتهُ كُلّها تكون إِرضاء لِربنا ، فربنا أخذنا وأعطانا كرامة ، فبولس الرسول يقول نحنُ " شُركاء الطبيعة الإِلهيّة " ، فلا نتعجِب مِن ذلك ، لأنّ هذا هو فيض محِبّة ربنا ، ربنا أحب أن نكون معهُ فِى مجده ، فكُلّ واحِد لابُد أن يهتِم بِمكانهُ ، ولابُد أن نُجاهِد ونمسِك بِهذهِ الدعوة ، فلا يوجِد أحد يُضيّع السماء منهُ إِلاّ الّذى سيُضيّعها بِكامِل إِرادتهِ كُلّ واحِد فينا لهُ دعوة للوليمة ولكِن المُشكِلة هى فِى الّذى يُضيّع الدعوة منهُ ، فنحنُ أخذنا الدعوة ، وكُلّ واحِد فينا ماسِك بالدعوة ، وكُلّ واحِد مكانهُ مُسجِلّ فِى السماء ، ويقول لنا الكِتاب " فلنخِف مع بقاء وعد بالدخول إِلى راحتهِ يُرى أنّ أحد منّا قد خاب عنهُ " ربنا يسوع يقول لنا " رِثوا المُلك المُعِدّ لكُمْ مِن قبل إِنشاء العالمْ " ، فهو يقول لنا تعالوا ، هو ضامِن لنا المكان ، وهو مُشتاق أن يكون لىّ مكان ، فما الّذى يجعِل الإِنسان يخيب ؟! هو الإِنسان نفسهُ ، لأنّهُ لا يجِد الدعوة ويقول ضاعت منّىِ ، فهذا هو المثل المُنطبِق على الإِنسان الّذى لا يرتدىِ ثياب العُرس ، والثياب هو التناوُل المُستمِر ، وهو كلِمة ربنا ، وهو أعمال التقّوى والرحمة ربنا يسوع مِن فيض محبّتهِ أعطانا هذهِ الدعوة ، وأعطانا إِستحقاقات عظيمة ، ليس لأعمال بِر عملناها بل بِمُقتضى رحمتهِ وعِندما نعرِف هذا المجد الّذى ينتظِرنا فإِننا لا نعيش فِى كسل ولا فتور بل نُجاهِد بِحُب كامِل وبإِشتياق كامِل وبإِجتِهاد كامِل ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهِ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
08 يونيو 2024

إنجيل عشية الأحد الخامس من الخمسين( يو ١٤ : ٢١ - ٢٥ )

" الذي عِندَهُ وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحِبُّني، والذي يُحِبُّني يُحِبُّهُ أبي، وأنا أحِبُّهُ، وأَظْهِرُ لَهُ ذاتي قال له يهوذا ليس الإسخريوطي يا سيد، ماذا حدث حتى إِنَّكَ مُرْمِعٌ أَنْ تُظهِرَ ذاتك لنا وليس للعالم؟ أجابَ يَسوعُ وقَالَ لَهُ إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحفَظُ كلامي، ويُحِبُّهُ أبي، وإليه نأتي ، وعِندَهُ نَصْنَعُ مَنزِلاً الذي لا يُحِبُّني لا يحفظ كلامي والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني " بهذا كلَّمتُكُمْ وأنا عندكُمْ ". حفظ الوصية : هذا هو الأحد السابق لصعود السيد المسيح له المجد إلى السماء وكأن الرؤيا تزداد وضوحًا وذهن التلاميذ الأطهار يزداد انفتاحًا، والحديث عن الآب لم يعد ألغازا، ولكن بحسب عطية المسيح وبسبب قيامته إذ قد صالحنا مع الآب، أصبح الحديث عن الآب علانية لقد جازت طبيعتنا أتون التغيير واقترب روح التطهير وروح الإحراق لتقبله البشرية المقامة في المسيح، وينسكب عليها روح الآب حاملاً كل المراحم الأبوية وكل التعطفات الإلهية ليحتوي البشرية الممجدة في المسيح ويدخلها إلى حضن الأب الحنون كان المسيح مزمعًا أن يصعد إلى السماء، ويجلسنا به وفيه عن يمين أبيه الصالح. فماذا عساه أن يخبر التلاميذ عن الآب الذي يحبهم؟ المدخل للحب هو الطاعة !! الذي عنده وصاياي ويحفظها هو الذي يحبني"المسيح اقتنى لنا حب الآب بطاعته المطلقة لما أخذ صورة العبد ووضع نفسه وأطاع. هذا هو النموذج الكامل لاجتذاب رضى الآب السماوي ومسرته، هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" مكتوب في درج الكتاب عن المسيح "هأنذا آتي لأصنع مسرتك". فهو أحضر أبناء الله الكثيرين والذين كانوا متفرقين، أحضرهم فيه وقدمهم للآب "هأنذا والأولاد اللذين أعطانيهم الرب" فإن سألت عن الطريق فهو المسيح وإن سألت عن المدخل فهو حفظ الوصية هذا هو برهان حبنا للمسيح أن نحفظ كلامه فالذي يحني عنقه لنير المسيح ويُخضع إرادته له يبرهن على أنه فعلاً يحب المسيح كسر وصايا المسيح هو ضعف في المحبة أو قل هو انحراف المحبة، فإن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب قلب الإنسان إذن هو الركيزة التي ترتكز عليها كل الحياة، فإن انشغل القلب بحب ذاك الذي أحبنا فإن برهان حبنا له هو حفظ وصاياه وتنفيذ كلامه كل ما عمله المسيح في تجسده كان يمجد الآب به هذا هو واجب البنوة الحقيقية وقد تفاضلت مسرة الآب غير المحدودة وشهادته لكمال ابنه بآيات وأعمال ومجد مساو مجدت وأمجد أيضًا فإن كنا اتحدنا بالمسيح بشبه موته وأقامنا معه وأنعم علينا بنعمة البنوة، فإنه علينا تقع مسئولية وواجب نحو الآب أن نحيا لمجده "أنا مجدت اسمك على الأرض"، "أنا أظهرت اسمك للناس"، هذه هي شهادة البنين حب الآب المنسكب علينا في المسيح شيء مهول لا حدود له ولا إدراك لكماله ومن يقدر أن يطيق، إنه نار ملتهبة تشعل القلب فيسعى الإنسان لتمجيد الآب حتى البذل وحتى الموت بل وما بعد الموت لقد اشتهى الشهداء أن يمجدوه بسفك دمهم كعلامة حب للذي أحبهم واشتهى النساك أن يمجدوه بتكريس الحياة وتقديس كل لحظة لمجده وأحرقوا أجسادهم في مجامر الحب الإلهي فامتلأ العالم من رائحة بخور حياتهم واشتهى الأبرار في كل جيل أن يمجدوه بأعمالهم ليرى الناس أعمالهم الحسنة فيمجدوا أباهم الذي في السموات فتناهوا في كل مجالات الفضيلة من بذل وعطاء وحب واتضاع وإنكار للذات وتقديس النفس والجسد، وإكرام الآخرين وحب العطاء رسالتنا إذن تنحصر في تمجيد الآب الذي أحبنا وأرسل ابنه كفارة لأجلنا، وقبل ذبيحته عن الخطاة وأرسل لنا روحه ليدخلنا إلى نعمة البنوة لنحيا في هذه الحظوة إلى أبد الآبد الصعود عمل إعجاز فائق على طبيعتنا البشرية ولكن المسيح بصعوده بجسدنا أدخل هذا الفعل الجديد إلى طبيعتنا فأصعدنا معه وفيه، بل نستطيع أن نقول إن كان يستحيل على إنساننا العتيق الطبيعي أن يرتفع أو يصعد إلى فوق إذ هو مرتبط بالجذب الأرضي الترابي، فإن إنساننا الجديد - الخليقة الجديدة في المسيح - مقام من الموت وصاعد إلى السماء في صميم خلقته فنحن مخلوقون في المسيح يسوع والمسيح قائم صاعد إلى السماء فالقيامة هي صميم طبيعتنا الجديدة والصعود منهج الحياة الجديدة والجلوس عن يمين الأب هو مركز طبيعتنا الجديدة ومجدها فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس وبرهان ذلك هو انشغال الإنسان بما فوق، وهذيذه في السمويات وشهوة قلبه وكنزه هناك اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" لقد نقل المسيح بصعوده مركز ثقل الإنسان من الأرض إلى السماء لما كنا في الجسد كان اهتمام الجسد هو المركز الذي ندور حوله كل الأيام ولا نستطيع أن نفلت من انجذابنا إلى كل ما هو ترابي مادي زائل ولما أصعدنا المسيح إلى السموات نقل سيرتنا إلى السماء لأن سيرتنا نحن في السماوات"وصرنا بحسب الطبيعة الجديدة ندور في فلك السماوات حول مركزنا العالي في الروح، هناك رجاؤنا وفرحنا وشهوة قلبنا ونعيمنا الدائم وهذا ما يعبر عنه بالحياة الأبدية في المسيح. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
07 يونيو 2024

معونة للمساكين

اﻟﻤساكين ثلاثة أنواع: ۱- مساكین بالروح: "طُوبَى لِلْمَسَاكِینِ بِالرُّوحِ،لأَنَّ لَھُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (مت ٥: 3) المسكین بالروح ھو الإنسان الذي یعیش في اتضاع ووداعة ونقاوة. یعیش على الأرض لكن یخاف على نصیبه في السماء، لذلك حیاته على الأرض تكون مستقیمة وصحیحة. وإن سقط أو ارتكب أیة خطیة یتوب سریعًا لیكمل مشواره بطریقة صحیحة.والمساكین بالروح یعیشون في مخافة الله على الدوام. مثال لھم أمنا العذراء مریم التي قالت: "لأَنَّه نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِه" (لو ۱: ٤۸ )، وھي التي اختارھا الله لنقاوتھا الفائقة لیتجسد منھا ویولد، وصارت ھي فخر جنسنا. ۲- مساكین الاحتیاج: الكل لھم احتیاجات متعددة، وأحیانًا من لا یجد احتیاجه یقع في الخطأ یقول السید المسیح: "تَعَالَوْا یَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِیسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَیْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِیبًا فَآوَیْتُمُونِي. عُرْیَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِیضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَیْتُمْ إِلَيَّ" (مت ۲٥ :34 -36)،ھنا ذكر ٦ احتیاجات. وفي الصوم الكبیر نردد مدیحة "طوبى للرحماء على المساكین"، فأنت في كل مرة تخدم إنسانًا صاحب احتیاج أنت تخدم المسیح مباشرةً. ۳- مساكین لا یعرفون الله: ھؤلاء حملوا الجھل في قلوبھم ولم یعرفوا طریق الرب. وأي إنسان لا یعرف الله ھو إنسان جاھل ومسكین ویستحق الشفقة لأنه لا یعرف الله صاحب الخیرات والنعم. طلب الله منا أن نهتم باﻟﻤساكين:- "طُوبَى لِلَّذِي یَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِینِ. فِي یَوْمِ الشَّرِّ یُنَجِّیه الرَّبُّ. الرَّبُّ یَحْفَظُهٌ وَیُحْیِیه. یَغْتَبِطُ فِي الأرَضِ، وَلا یُسَلمِّهٌ إلِىَ مَرَامِ أعَدَائِه الرَّبُّ یَعْضُدُه وَھُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ" (مز ٤۱: 1-3) "مَنْ یَحْتَقرِ قرَیبَهُ یخُطِئُ، وَمَنْ یَرْحَم المْسَاكِینَ فَطُوبَى لَهُ" (أم ۱٤: 21) "مَنْ یَسُدُّ أذُنَیْه عَنْ صُرَاخِ المْسْكِینِ، فھَوُ أیَضًا یَصْرُخُ وَلاَ یُسْتَجَابُ" (أم ۲۱: 13) مساكين ذكروا ﻓﻲ الكتاب المقدس: داود النبي قبل أن یكون ملكًا في بعض الأوقات كان مسكینًا لا یجد طعامًا له ولا لمن حوله ویرسل یطلب من نابال. وإرمیاء النبي أیضًا كان مسكینًا وحمل في جسده وقلبه آلام شعبه. وأیوب بعد أن ضُرب كان مسكینًا. بل بولس الرسول یقول عن السید المسیح نفسه: "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا یَسُوعَ المْسِیحِ، أنَّهُ مِنْ أجَلكِم افْتَقرَ وَھُوَ غَنيِّ، لكِيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ" ( ۲كو8 :9) الفقراء الفقیر ھو الفقیر فعلاً الذي تضیق به الحیاة ویقول القدیس یوحنا ذھبي الفم عنھم: "الفقراء حراس الملكوت". هناك نوﻋﺎن من اﻟﻨاس: ۱- غیر محتاج یأخذ من مسكین: مثل آخاب الملك الذي اشتھى قطعة الأرض الصغیرة التي لنابوت الیزرعیلي، واغتصبه. وھذا شر. ۲- مسكین یعطي من احتیاجه: مثل الأرملة التي قدمت الفلسین فأشار إلیھا السید المسیح وقال: "الْحَق أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ھذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِیرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِیعِ الَّذِینَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ، لأَنَّ الْجَمِیعَ مِنْ فَضْلتَھِمْ ألَقَوْا. وَأمَّا ھذِهِ فَمِنْ إعِوَازِھَا ألَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَھَا، كُلَّ مَعِیشَتِھَا" (مر ۱۲: 43-44) ھذا ھو قمة العطاء، وھو یدل على عظم الإیمان. طريقة خدمة اﻟﻤساكين من قصة أعرج باب الهيكل الجميل ( أع 3 :2-10) ۱- التقدیر: "فَتَفَرَّسَ فِیه بُطْرُسُ مَعَ یُوحَنَّا" أي بدءا ینظرا إلیه باھتمام واحترام ویتحدثا معه. من المھم أن نتعامل مع المساكین عمومًا بتقدیر لشخصھم. ولنعلم أن أي منا كان من الممكن أن یكون في نفس ظروف ھذا المسكین (مشرّد، بلا مأوى، إلخ). ۲- استعداد العطاء: "لَیْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَھَبٌ،وَلكِنِ الَّذِي لِي فَإِیَّاهُ أُعْطِیكَ". أي تكون مستعدًا دائمًا للعطاء والتقدیم. إیاك أن تقول "لا یوجد"لأنك إن قلتھا فلن تجد بالفعل، أما إن قدَّمت بحسب قدرتك فسوف یبارك لله ویعطي أكثر وأكثر،والقصص في ھذا المجال كثیرة جدًا. ھناك من یغلق یده، ویقسي قلبه، ولا یعرف أن یعمل عمل رحمة، لكن ھناك من ھو متكل على الله ویقدِّم وھو یعلم أن الله ھو الذي یغطِّي الاحتیاجات. بالنسبة لمن یخدم الفقراء في الكنیسة، فلیعلم أن ما في یده لیس له فضل فیه، وإن الله ھو الذي یحرك القلوب، وأما وظیفته ھو، فھي أن یكون أمینًا.ومن المھم أن نعلم الأطفال العطاء من الصغر، وأن نحرص على تقدیم عشور دخلنا ﻟﻠﮫ لبركةالبیت كله. ۳- القیام بعمل: "بِاسْمِ یَسُوعَ الْمَسِیحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ. وَأَمْسَكَهٌ بِیَدِهِ الْیُمْنَى وَأَقَامَهٌ، فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْباهُ، فَوَثبَ وَوَقَفَ وَصَارَیَمْشِي". تكلم الرسولان مع الأعرج بابتسامة وحنیة وإیمان قوي، فنال الرجل شفاءً كاملاً. نوعيات اﻟمعونة للمساكين: في العھد القدیم ذكر حجر المعونة stone of help"فَأَخَذَ صَمُوئِیلُ حَجَرًا وَنَصَبَه ٌبَیْنَ الْمِصْفَاةِ وَالسِّنِّ، وَدَعَا اسْمَهٌ" حجر المعونة" وَقَالَ: إِلَى ھُنَا أَعَانَنَا الرب" ( ۱صم ۷: ۱۲ ).وكلمة "حجر" تعني أن یستند الإنسان على أساس. ۱- معونة نفسیة: ھناك من یحتاج إلى تشجیع وتقدیر واھتمام وحب. البعض عندھم شعور أن لا أحد یحبھم. وفي نظریات التربیة یقولون إن الوالدین بین الحین والآخر لابد أن یسألوا الأبناء إن كانوا یشعرون بمحبتھم لھم أم لا، لیتأكدوا أن أولادھم یشعرون بمحبتھم. الشخص الفقیر دائمًا مجروح وخجل، فكیف تستطیع أن تقدم له المعونة النفسیة وتساعده؟ ۲- معونة روحیة: كیف یندمج الشخص في وسط الكنیسة ویكون له دور وخدمة، كیف تكون له أجبیة خاصة وإنجیل خاص.. نقدم لكل شخص بحسب ظروفه. ۳- معونة مادیة: ھناك مجالات واسعة جدًا للعطاء مثل: السكن، التعلیم، العلاج، زواج البنات إلخ.نحن نحاول أن نعمل مشروعات صغیرة، من خلالھا یكبر الشخص ویعیش حیاة طیبة بعمله. فلم نعد نسمیھا "خدمة أخوة الرب" بل نسمیھا "مكتب التنمیة". نرید في كل بیت عمل وتعب وتنمیة.ھناك بلاد كبیرة قامت على المشروعات الصغیرة.وھذه المشروعات الصغیرة تتجمع وتعمل مشروعًا كبیرًا. ٤- معونة اجتماعیة: أن یشعر الشخص بحضوره في المجتمع، وأنه محبوب لذاته، وله تقدیر ومكانة في المجتمع. والحقیقة من أعظم الإنجازات التي تمت في مصر في السنوات القلیلة الماضیة أن الدولة أزالت المناطق العشوائیة وعملت مساكن جدیدة محترمة یسكن بھا الناس ویعیشوا حیاة وقورة. كذلك مشروع "حیاة كریمة"ھذا المشروع یرتقي بالحیاة.. فحاول أن تكون لك مساھمة حتى ولو قلیلة جدًا، وتذكر الولد الذي كان معه خمسة أرغفة وسمكتین، وأنھا لما وضعت في ید المسیح شبع منھا خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأطفال وفضل عنھم ۱۲ قفة. إن المعونة الاجتماعیة ھي أن تحب كل إنسان وتقدم حتى ولو فلسین معونة للمساكین. ختام: یجب أن نشعر أننا كلنا مساكین أمام الله، كل إنسان مھما كبر به نقطة ضعف (صحیة، نفسیة،روحیة، اجتماعیة)، لذلك نقول في المزمور: "أَمِلْ یَا رَبُّ أُذُنَكَ. اسْتَجِبْ لِي، لأَنِّي مَسْكِینٌ وَبَائسِ أنَا"(مز ۸٦ : 1) والمعونة التي تقدمھا لتكن بمحبة، لیس كفرض أو واجب أو مظھریة. وما تقدمه بمحبة سیأتي بنتائج ویكون له أثرًا كبیرًا.نصلي ونقول: "معونة للمساكین"، فتذكَّر حجر المعونة، أي أن یكون كل مسكین واقفًا على أرض صلبة فلا یشعر بالضیاع وسط أي مجتمع. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
06 يونيو 2024

بدعة فالنتينوس

فالنتينوس الهرطوقى 1- أتى فالنتينوس إلى روما فى عهد هيجينوس، وإزداد قوة (أى أنتشر فكره) فى عهد بيوس، وظل حتى أنيسيتوس ودخل الكنيسة ايضاً كردون سلف مركيون، فى عهد هيجينوس تاسع اسقف، وأعترف، وأستمر هكذا، يعلم فى السرحينا، وكان يعترف جهراً حيناً، وفى بعض الأحيان كان يوشى به بسبب تعاليمه الفاسدة فينسحب من إجتماعات الأخوة، هذا ما هو مكتوب فى الكتاب الثالث من المؤلف " ضد الهرطقات " بدعة كردون وبدعة مركيون البنطى 2 - وفى الكتاب الأول ذكر الاتى عن كردون: " أما كردون الذى استمد شيعته من أتباع سيمون، واتى إلى روما فى عهد هيجينوس، تاسع أسقف منذ عهد الرسل، فقد نادى بأن الرب افله الذى أعلنه الناموس والأنبياء ليس أبا ربنا يسوع المسيح، لأن الأول معروف، والأخير غير معروف، الأول عادل، والأخير صالح ، أما مركيون البنطى فقد خلف كرودون فوسع تعاليمه ونطق بتجاديف مزرية " 3 - ويكشف إيريناوس فى دقة عن هاوية ضلالة فالنتينوف فيما يتعلق بالمادة ويعلن خبثه وخداعه السرى والخفى كالحية الكامنة فى وكرها . فلاسفة الغنوسية - الفليسوف فالنتينوس فالنتينوس والمدرسة الفالنتينية صرف المعلِّم والفيلسوف المسيحي العظيم فالنتينوس (حوالى 100-175 م) سنوات تأهيله في الإسكندرية، حيث اتصل أغلب الظن بباسيليدس. وقد غادر بعد ذلك إلى روما، حيث باشر سيرتَه في التعليم العام، الذي كان من النجاح بحيث أُتيحَتْ له فرصةٌ جدية لانتخابه أسقفًا لروما. على أنه خسر الانتخابات، وخسرت الغنوصيةُ بذلك فرصةً أن تصير مرادفة للمسيحية، وبالتالي دينًا عالميًّا. لكن هذا لا يعني أن فالنتينوس فشل في التأثير على تطور اللاهوت المسيحي – إذ إنه أثَّر قطعًا، كما سنرى أدناه. فعِبْرَ فالنتينوس، ربما أكثر من أيِّ مفكر مسيحيٍّ آخر معاصرٍ له، صار للفلسفة الأفلاطونية، والأناقة البلاغية، ولمعرفة تأويلية عميقة بالكتاب المقدس، أن تتسلل معًا إلى عالَم اللاهوت المسيحي. وقد بقي إنجاز فالنتينوس بلا نظير مدة حوالى قرن، حتى ظهور أوريجينس الذي لا يضاهى على الساحة. ومع ذلك، قد لا يجانب الصوابَ قولُنا بأن أوريجينس ما كان ل"يحدث" لولا المثال الذي ضربه فالنتينوس لم تبدأ كوسمولوجيا فالنتينوس بوحدة، بل بثنوية أولية – زوجين – عبارة عن كيانين يُدعيان "اللاموصوف" و"الصمت". ومن هذين الكائنين الأصليين ولد زوجان ثانيان: "الوالد" و"الحقيقة". وعن هذه الكينونات تتولد أخيرًا رباعيةٌ هي "الكلمة" logos و"الحياة" z?? و"الإنسان" anthropos و"الكنيسة" ekkl?sia. ويشير فالنتينوس إلى هذا الفريق الإلهي ب"الثُمانية الأولى" (إيريناوس، 1.11.1)؛ وهذه الثُمانية تمخَّضت عن كائنات أخرى عديدة، منها واحد تمرَّد أو "عصى"، كما يخبرنا إيريناوس، وبذلك أطلق الدراما الإلهي الذي أنتج الكوسموس في المآل. وبحسب إيريناوس، الذي كَتَبَ بعد موت فالنتينوس بخمس سنوات فقط، والذي في رسالته ضد الزندقات حفظ الخطوطَ العريضة لكوسمولوجيا فالنتينوس، فإن الكيان المسؤول عن مباشرة الدراما يُشار إليه بوصفه "الأم"، التي ربما المقصود منها هي صوفيا (الحكمة)؛ ومن هذه "الأم" نشأ كلٌّ من الهيولى المادية hul? والمخلِّص، "المسيح". وقد وُصِفَ عالمُ المادة ك"ظل"، مولود من "الأم"، باعَد المسيحُ بين نفسه وبينه و"سارع صاعدًا إلى الملأ" (إيريناوس، 1.11.1؛ قارن: بويماندرس، 5). وعند هذه النقطة قامت "الأم" بولادة "طفل" آخر، "الباري" d?miourgos المسؤول عن خلق الكوسموس. وفي الرواية التي حفظها إيريناوس، لا يَرِدُ شيءٌ عن أيِّ دراما كوني تقع وفقه "الشراراتُ الإلهية" في شراك أجسام من لحم من خلال خطط الديميورغوس. إلا أنه يُفترَض أن فالنتينوس شَرَحَ أنثروبولوجيا شبيهة بأنثروبولوجيا أسطورة صوفيا الكلاسيكية (كما وردتْ، مثلاً، في كتاب يوحنا المنحول؛ راجع أيضًا: أقانيم الرؤساء ورؤيا آدم)، ولاسيما أن مدرسته، كما مثَّل لها تمثيلاً بالغ الأهمية تلميذُه اللامع بطليموس (انظر أدناه)، آلت إلى بَسْطِ أسطورة أنثروبولوجية غاية في التعقيد، لا بدَّ أنها تفرَّعتْ عن النموذج الأبسط الذي قدَّمه فالنتينوس نفسه. وتنتهي الرواية التي حفظها إيريناوس بوصفٍ لعقيدة مشوشة نوعًا ما عن مسيح سماويٍّ وأرضي، وبمقطع وجيز عن دور الروح القدس (إيريناوس، 1.11.1)، منه يخرج المرءُ بفكرة أن فالنتينوس كان يراود عقيدة بدائية للثالوث. وبالفعل، فبحسب لاهوتيِّ القرن الرابع ماركيلوس الأنقري، كان فالنتينوس "أول مَن استنبط مفهوم ثلاثة كيانات (أقانيم) في كتابه في الطبائع الثلاث" (فالنتينوس، مقطع ب، ليتون). كان فالنتينوس قطعًا هو المسيحي الأصرح بين الفلاسفة الغنوصيين في زمانه لقد رأينا كيف تخلَّل فكرَ باسيليدس ميلٌ رواقي، وكيف شعر مرقيون بالحاجة إلى تجاوُز الكتاب المقدس ليطرح إلهًا فاديًا "غريبًا". أما فالنتينوس، من ناحية أخرى، فيبدو أنه اطَّلع، كما يتبيَّن من آرائه، على الكتب والتفاسير اليهودية والمسيحية بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية على الفلسفة "الوثنية"، وبخاصة الأفلاطونية. ويظهر هذا كأشد ما يكون في روايته الخاصة للمفهوم الثيولوجي المألوف عن "الاصطفاء" أو "التقدير المسبَّق"، الذي يَرِدُ فيه (على غرار بولس في الرسالة إلى الرومانيين 8: 29) أن الله اصطفى أفرادًا معينين، قبل بدء الأزمنة، للخلاص. وقد كَتَبَ فالنتينوس في نصٍّ يبدو وكأنه بقية من موعظة (فالنتينوس، مقطع و): منذ البدء، وأنتم ["المصطفَوْن" أو المسيحيون الغنوصيون] خالدون، وأنتم أبناء الحياة الأبدية. تنشدون رَصْدَ الموت لأنفسكم بحيث يمكن لكم أن تنفقوه وتستنفدوه، وبحيث يموت الموتُ فيكم ومن خلالكم. إذ عندما تُعدِمون العالم من غير أن تفنوا أنتم، فأنتم السادة على الخلق وعلى كلِّ فساد هذا يبدو وكأنه ردُّ فالنتينوس على معضلة ديمومة الخلاص: بما أن صوفيا أو "الأم" الإلهية – وهي فَرْدٌ من الملأ الأعلى – قد سقطت في الضلال، كيف يمكن لنا التأكد من أننا لن نقترف الغلط نفسه أو غلطًا مماثلاً بعد أن نبلغ الامتلاء؟ فبإعلانه أن دورَ "المصطفى" (أو المسيحي الغنوصي) ومهمَّتَه هي استنفاد الموت و"إعدام" العالم، يوضح فالنتينوس موقفه الذي مفاده أن تلك النفوس المختارة نفوس مشارِكة في خلاص العالم، إلى جانب المسيح، الذي كان أول مَن حمل الخطيئة والفساد المتأصِّلين في العالم المادي (راجع: إيريناوس، 1.11.1؛ وليتون، ص 240). لذا، بما أن "أجرة الخطيئة هي الموت" (الرسالة إلى الرومانيين 6: 23)، فإن أيَّ كائن قادرٍ على تحطيم الموت لا بدَّ أن يكون معصومًا من الخطيئة. ففي نظر فالنتينوس، إذن، أن الفرد المقدَّر له أن يخلص مقدَّر له أيضًا نوعٌ من الخلافة الإلهية تتضمن دورًا فاعلاً في التاريخ، وليس مجرد راحة مع الله، أو حتى حياة غبطة من الخلق المحب، كما ذهب باسيليدس. طالب فالنتينوس مستمعيه – على غرار بولس – بالاعتراف بمخلوقيَّتهم؛ إلا أنهم – خلافًا لبولس – اعترفوا بخالقهم بوصفه "الوالد اللاموصوف"، وليس كإله الكتب المقدسة اليهودية. وبعد فالنتينوس، أضحت مهمةُ التأويل المسيحي إثباتَ الاستمرارية بين العهدين القديم والجديد. وفي هذا الصدد، كما وفي الروحانية العامة لتعاليمه – ناهيك عن عقيدته البدائية في التثليث – كان لفالنتينوس وَقْعٌ لا يُجارى على تطور المسيحية. د. منظومة بطليموس وصف إيريناوس بطليموس Ptolemaeus (حوالى 140 م) ب"بزهرة مدرسة فالنتينوس" (ليتون، ص 276). لكننا لا نعرف شيئًا يُذكَر عن حياة بطليموس ما عدا الكتابين اللذين وصلانا: الأسطورة الفالنتينية الفلسفية المفصَّلة التي حفظها إيريناوس، والرسالة إلى فلورا، من وضع فالنتينوس، التي حفظها القديس أبيفانيوس حرفيًّا. نقع في الكتاب الأول على منظومة فالنتينوس، مفصَّلة تفصيلاً كبيرًا على يد بطليموس، التي تحتوي على أسطورة أنثروبولوجية مركَّبة تتمركز حول آلام صوفيا. كما نقع أيضًا، في كلٍّ من الأسطورة والرسالة، على محاولة بطليموس للتوفيق بين الكتب اليهودية وبين تعاليم الغنوصية والتأويل المجازي للعهد الجديد، في صورة غير مسبوقة بين الغنوصيين قبلئذٍ في النظام البطليموسي يَرِدُ في صراحة أن سبب سقوط صوفيا هو رغبتها في معرفة الآب الفائق الوصف. وبما أن سبب توليد الآب للأيونات (الذين صوفيا آخرهم) كان "رفعهم جميعًا إلى مرتبة الفكر" (إيريناوس، 1.2.1)، لم يكن مسموحًا لأيٍّ من الأيونات أن يبلغ معرفة تامة بالآب. لقد كانت الغاية من الملأ الأعلى أن يوجد كتعبير حيٍّ، جمعيٍّ، عن السعة العقلية للآب؛ فإذا قُيِّضَ لأيِّ كائن مفرد ضمن الملأ الأعلى أن يصل إلى الآب لتوقفت الحياة برمَّتها. تقوم هذه الفكرة على موقف إيجابي بالدرجة الأولى تجاه الكون، بمعنى أن الوجود، مفهومًا ككفاح، ليس من أجل نهاية مستكينة، بل من أجل مستوى متزايد أبدًا من البصيرة الخلاقة أو "التكوينية". والهدف، من هذه الوجهة، هو الإبداع من خلال الحكمة، وليس مجرد الوصول إليها كغرض أو كغاية في حدِّ ذاتها. ومثل هذا الوجود لا يتَّسم بالرغبة في غرض ما، بل بالحري في القدرة على الإمعان في الانخراط الخلاق والتكويني مع "الظرف" (= الوضعية المعيَّنة أو الميدان الفردي) الخاص بالمرء. عندما رغبتْ صوفيا في معرفة الآب، فإن ما كانت ترغب فيه إذ ذاك، في المقام الأول، هو تلاشيها لصالح فنائها الخاص فيما جعل وجودها ممكنًا في الأصل. وهذا يعادل رفض هبة الآب، بمعنى هبة الوجود والحياة الفرديين. لهذا السبب لم يُسمَح لصوفيا بمعرفة الآب، بل رُدَّتْ إلى "الحد" horos الفاصل بين الملأ الأعلى وبين "السعة اللاموصوفة" للآب (إيريناوس، 1.2.1) أما ما تبقَّى من رواية بطليموس فيتعلق بإنتاج الكوسموس المادي اعتبارًا من "آلام" صوفيا المُأقْنَمَة وفاعلية المخلِّص (يسوع المسيح) في ترتيب هذه الآلام الشواشية أصلاً في تراتبية منتظمة من الموجودات (إيريناوس، 5.4.1 وما بعدها، وقارن: الرسالة إلى القولوسيين 1: 16). إن ثلاثة صفوف من الكائنات البشرية تنوجد من خلال هذا الترتيب: "المادي" hulikos و"النفساني" psukhikos و"الروحاني" pneumatikos. البشر "الماديون" هم أولئك الذين لم يبلغوا الحياة العقلية، وبالتالي لا يعقدون آمالهم إلا على ما هو هالك – ولا أمل في الخلاص لهؤلاء. "النفسانيون" هم أولئك الذين ليس لديهم إلا تصور نصف متشكِّل عن الإله الحقيقي، وعليهم، بالتالي، أن يحيوا حياة منذورةً للأعمال المقدسة والثبات على الإيمان؛ وبحسب بطليموس، هؤلاء هم المسيحيون "العاديون". وأخيرًا، هناك البشر "الروحانيون"، الغنوصيون، الذين لا يحتاجون إلى الإيمان لأنهم على معرفة فعلية (غنوص) بالحقيقة العقلية، وبذلك هم ناجون بالطبيعة (إيريناوس، 2.6.1، 4.6.1) يقوم المفهوم الفالنتيني البطليموسي للخلاص على فكرة أن الكوسموس هو التجلِّي العياني أو الأقْنَمَة لرغبة صوفيا في معرفة الآب و"الآلام" التي نجمتْ عن فشلها. إن تاريخ الخلاص للكائنات البشرية له، إذن، صفة التجلِّي الخارجي للسيرورة المثلَّثة لافتداء صوفيا نفسها: الاعتراف بآلامها؛ "رجوعها" epistroph? تاليًا؛ وأخيرًا، فعل توليدها الروحي، الذي انبثقتْ منه الإنسانيةُ الغنوصية (راجع: إيريناوس، 1.5.1). الخلاص، إذن، في شكله النهائي، يجب أن يتضمن نوعًا من الخلق الروحي من قِبَل الغنوصيين الذين يبلغون الملأ الأعلى. غير أن على البشر "النفسانيين"، المكوَّنين جزئيًّا من مادة قابلة للفساد وجزئيًّا من ماهية روحية، أن يظلوا مكتفين بوجود بسيط مريح مع "صانع" الكوسموس، بما أنه لا يمكن لعنصر ماديٍّ أن يدخل الملأ الأعلى (إيريناوس، 1.7.1) في رسالته إلى فلورا (في أبيفانيوس، 1.3.33-10.7.33)، التي هي محاولة لهداية امرأة مسيحية "عادية" إلى مذهبه المسيحي الفالنتيني، صاغ بطليموس صياغة واضحة مذهبَه في العلاقة بين إله الكتب المقدسة العبرية، الذي هو "عَدْل" وحسب، وبين الآب اللاموصوف، الذي هو الخير الأسمى. وعوضًا عن مجرَّد إعلان أن هذين الإلهين غير متَّصلين، كما فعل مرقيون، بَسَطَ بطليموس قراءة مركَّبة، مجازية، للكتب المقدسة اليهودية فيما يتصل بالعهد الجديد بغية ترسيخ سلالة تربط الملأ الأعلى، صوفيا و"آلامها"، الديميورغوس، والنشاط الخلاصي ليسوع المسيح بعضها ببعض. إن مدى عمل بطليموس ودقَّته، والأثر الذي خلَّفه على المسيحية الأرثوذكسية الناشئة، يؤهِّله لكي يكون واحدًا من أهم اللاهوتيين المسيحيين الأوائل، الأرثوذكسيين الروَّاد منهم و"الزنادقة".
المزيد
05 يونيو 2024

كيف تعدنا الكنيسة لنحيا القيامة

١- الطقس الكنسي بدءا من عيد القيامة وطول فترة الخماسين تقدم لنا الكنيسة طقسا مميزا بداية من ليلة عيد القيامة المجيد. حيث تطفئ أنوار الكنيسة بعد الانتهاء من قراءة فصل الإبركسيس الخاص بالقداس ويقوم رئيس الكهنة أو الكهنة بقفل الستر، وكأن الكنيسة تصحبنا في رحلة إلى القبر و" والظلام بأق "(يو١:٢٠) لنشهدعلى القبر الفارغ مع بطرس ويوحنا(يو٧:٢٠). الكنيسة تقدم لنا هذا الطقس لنعيش معها الحدث وكأنه الآن كي ما نحيا ونؤمن ونشهد بقيامة رب المجد من بين الأموات .يدور حوار بين الأسقف أو الكاهن وهم داخل الهيكل مع الشمامسة في خارجه اعلانا للقيامة ثم يفتح ستر الهيكل مرة أخرى وتضاء الأنوار وكل هذا ما هو إلا تجسيدا وتمثيلاً ما حدث في قيامة السيد المسيح الذي قام والظلام باق ثم نزل الملاك ودحرج الحجر وأعلن قيامة المسيح "واذا زلزلة عظيمة حدثت لأن ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر عن الباب وجلس عليه مبشرا النسوة قائلاً ليس هو ههنا، لأنه قام كما قال هلما انظرأ الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه "(مت ۲:۲۸). بعد ذلك تقوم الكنيسة بعمل زفة لأيقونة القيامة في الكنيسة كلها بداية من قداس العيد وحتى نهاية الخماسين المقدسة كلها في صحن الكنيسة وفي داخل الهيكل (ما بين الصعود والعنصرة)، وهي تنشد الحان القيامة بالنغمة الفرايحي الجميلة التي تصلى بها خلال الايام المباركة كي ما تساعدنا أن نحيا هذه المناسبة. 2- الكنيسة تجعلنا نحيا مع المسيح القائم من خلال المعمودية ففى سر المعمودية نموت وندفن مع المسيح ونقوم أيضا معه فحين تقوم الكنيسة بعماد طفل فإنها تقوم بتغطيسه داخل الماء ثم ترفعه وكانه مات ودفن مع المسيح وقام أيضا معة وهكذا في سر المعمودية فالكنيسة تجعلنا مشاركين السيد المسيح في موته وقيامته وهو ما وضحه بولس الرسول في رسالته قائلاً: مدفونين معه في المعمودية، التي فيها أقمتم أيضا معه بایمان عمل الله الذي أقامة من الأموات"( كو ١٢:٢) "فدفنا معه بالمعمودية للموت، حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الأب، هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة" (رو٤:٦) ٣- الكنيسة تجعلنا نحيا مع المسيح القائم من خلال سر التوبة والاعتراف حيث التوبة هي قيامة أيضا من موت الخطية وهو ما عبر عنه الأب في مثل الابن الضال حين قال عنه "لأن ابني هذا كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد"( (لو ٢٤:١٥) ٤- الكنيسة تجعلنا نحيا مع المسيح القائم من خلال سر التناول "من ياكل جسدي ويشرب دمی يثبت في وأنا فيه (يو ٥٦:٦) و "من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمة في اليوم الأخير"(يو٥٤:٦) ٥- الكنيسة تجعلنا نحيا مع المسيح القائم من خلال الكتاب المقدس فمن خلال الكتاب المقدس وقراءاته تنير الكنيسة أذهاننا وتعطينا القيامة من الجهل، ومن البعد عن الله إلى الإيمان به والثبات فيه "فتشوا الكتب لانكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهدلی "يوه :۳۹) وأيضا من خلال الكتاب المقدس نعيش ونتمتع بوعود الله لنا " من يقبل إلى لا أخرجه خارجا"(يو٣٧:٦) نيافة الحبر الجليل الأنبا تكلا مطران دشنا وتوابعها
المزيد
04 يونيو 2024

القيامة والمجد يزرع في هوان ويقام في مجد ( ١كوه١: ٤٣)

أفاض القديس بولس الرسول في إصحاح القيامة هذا، حينما تحدث عن المجد الذي سنناله بالقيامة.فتحدث عن زوايا كثيرة تشرح لنا أبعاد هذا المجد العتيد. وهذه بعض الزوايا التي تحدث عنها في هذا الإصحاح الخالد ١- مجد السماويات حينما قال لكن مجد السماويات شيء ومجد الأرضيات اخر ( ١ كو ٤٠:١٥). ٢- مجد الجسد الروحاني حينما قال يزرع في هوان ويقام في مجد. يزرع في ضعف ويقام في قوة يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانيا ( ١ كو٤٣:١٥). ٣- مجد الخلود الأبدى حينما قال: ابتلع الموت إلى غلبة أين شوكتك يا موت؟ این غلبتك يا هاوية (١ كو ٥٤:١٥-٥٥). ٤- مجد القداسة الأبدية حينما أوضح أننا سننتصر بالقيامة على شوكة الموت فهى الخطية ( ١ كو٥٦:١٥) ا - مجد السماويات لاشك أنه يختلف اختلافا جوهريا عن مجد الأرضيات وهذه بعض نقاط الاختلاف ١- من حيث المكان فالأرض مكان مادی محسوس ومحدود أما السموات فعالم روحاني فوق المادة والحواس والمقاييس المكانية. والإنسان حينما ينتقل إلى السماء. يدخل إلى عالم الروح، لأن "لحما ودما لا يقدر أن أن يرثا ملكوت الله" (اكره ٥٠:١) وهو ملكوت روحي والله غير المحدود هو رب هذا الملكوت ٢- من حيث الزمان فالأرض لها بداية ونهاية، وسوف تحترق بكل ما عليها "تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها (٢بط ۱۰:۳) والسموات التي يتحدث عنها معلمنا بطرس الرسول هي سماء الطيور أي الجلد وسماء الأفلاك (أي النجوم والكواكب) وليس المقصود بالطبع السماء الثالثة (أي الفردوس) وسماء السموات (حيث عرش الله). ٣- من حيث الطبيعة فطبيعة الأرضيات حس وتراب يفنى بعد أن يتدنس أما طبيعة السموات فهي روحانية مقدسة خالدة بخلود الله. ٤- من حيث البهاء فبهاء الأرضيات رونق زائف، يمكن أن تدمره الأيام والأحداث والتجارب والكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والسيول الجارفة أما بهاء السماويات فهو بهاء إلهى جعله الله عليها، لأنها مسكنه وعرشه وهذا ما جعل معلمنا بطرس يتحدث عن ميراث لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل، محفوظ في السماوات لأجلكم (ابط ٤:١) طوبي لمن كان شعاره اليومي "إن كان إنساننا الخارج يفني، فالداخل يتجدد يوما فيوما لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا. ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية" (٢ كو٤ : ١٦-١٨). طوبى لمن فتح قلبه للعالم السماوي وفتح أذنه لتتسمع ترانيم الفردوس، وتذوق بعضا من امجاده. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل