المقالات
20 يوليو 2018
البعد الرعوي في التعليم الكنسي
يقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تلميده تيموثاوس "لا يستهن أحد بحداثتك، بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام، في التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الكهارة. إلى أن أجئ أعكف على القراءة والوعظ والتعليم. لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة.
اهتم بهذا. كن فيه، لكي يكون تقدمك ظاهراً في كل شيء. لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك، لأنك اذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضاً"
التعليم هو أحد ملامح الرعاية الأصلية، فلا توجد رعاية بدون تعليم، فالتعليم هو الحجر الأساسي في الرعاية، وهو من أوائل الألقاب التي حملها ربنا يسوع (المعلم الصالح).
التعليم هو مفتاح التغيير (الفرد - الشعب - الأجيال - ...) وكنيستنا المسترشدة بالروح القدس موضوع التعليم وأساسياته فيها من خلال البرنامج الرسمية للتعليم في الكنيسة. ونعني بها (توزيعات قراءات الكتاب المقدس في الكنيسة ومنها نشتق كل مجالات التعليم في الكنيسة). أولا: الأسس الآبائية للتعليم الكنسي
1- الواقعية: قدمت الكنيسة التعليم عبر أجيالها في واقع عملي ليس فيه خيال أو تأملات فقط. وفي نفس الوقت لا ينحدر التعليم إلى الجانب الجهادي (الناموسي) فقط، فعلى سبيل المثال:
كان القديس يوحنا ذهبي الفم يعشق الرهبنة، ولكنه يحب الخدمة.. يتكلم عن الزواج بأبدع ما يكون، وأيضاً في نفس الوقت يمتدح البتولية بصورة رائعة.
2- التوبة: تُقدم في كل الظروف، وفي كل المناسبات.
القديس يوحنا ذهبي الفم وهو يقف أمام شعبه (ليس شئ ولا العالم كله يساوي نفساً واحدة منكم.. كل واحد فيكم في عيني يساوي المدينة كلها).
التوبة أحد محاور الفكر المسيحي سواء كان حديثنا عن سيرة قديس .. إنجيل القداس أو حادثة إنجيلية.
يوجد فرق بين العظة والمحاضرة، فالعظة تُقدم المسيح وتحفز من أجل التوبة.. أما المحاضرة فهي مجرد كلام جميل في أي مجال.
التوبة هي مفتاح الملكوت.
3- الأصالة: التعليم الكنسي يتميز بالأصالة وليس بالسطحية.. بالعمق، ليس كالقشرة الذهب التي تلمع..
الأب الكاهن كراعي لازم يبني الشعب من الداخل، وليس كما نتعامل مثلاً مع إخوة الرب نعطي له حاجة فقط.. في اجتماع نقول كلمة فقط.
والبعد عن السطحية والمظهرية والحياة الشكلية.. ومن أمثلة آباء الكنيسة نجد أبونا بيشوي كامل الذي تنطبق عليه الحقيقة التي تقول (الخادم الجيد بموته تزداد الخدمة وتنمو.. الخادم الفاشل بموته تموت الخدمة، فالأصالة هي التي تجعل الخدمة حية).
ثانياً: هدف الرعاية بالتعليم
التعليم باليونانية (كريجما)
1- اعرف مسيحك الحبيب (معرفة شخصية - معرفة إيمانية - معرفة ارتباطية - اتحادية).
بولس الرسول يقول "لأعرفة (بصفة شخصية) وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات".
توما الرسول يقول "ربي وإلهي" (معرفة إيمانية).
كل تعليم أقدمه للناس أن لكم علاقة تزداد ارتباطاً وإيماناً بالمسيح ولا أقدمه إلا إذا كان لي هذا الارتباط الشخصي بالمسيح ويزداد.
2- تمتع بخلاص المسيح على الصليب (وسائط الخلاص)..
تمتع وليس فرض، ولا واجب ولا ضرورة. والكاهن الناجح يصل مع شعبه إلأى التمتع بالوسائط الروحية (عشية، الأجبية، تسبحة، قداس، ..) ونقول في كل الوسائط العبارة الإيمانية "وليس بأحد غيره الخلاص".
نلاحظ أن زماننا يحاول أن يذوب فكرة الأديان، فمثلاً يقولون الأديان كالألوان، وظهرت فلسفات كثيرة.. لكن الارتباط بالمسيح يجعلني أتمتع وأمتع من أخدمه بكل وسيلة من وسائط النعمة.
3- أشبع بأفراح المسيح كل يوم (عطاياه، وجوده).
هدف كل ممارسة روحية هو السعادة.. في صلاة الساعة السادسة ساعة الصليب نصلي: نشكرك لأنك ملأت الكل فرحاً أيها المخلص لما أتيت لتعين العالم يارب المجد لك.
أمنا العذراء في صلاة الساعة التاسعة تقول:
أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب..
وخزين الفرح هو المفترض في كل يوم من أيام خدمتنا تملأ قلوب شعبك بالفرح (فرح بخلاصه - فرح بوجوده- فرح معرفة شخص المسيح..).
وصية الفرح معادلة لوصية الصلاة "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا".
وذلك مؤشر لنجاحك.. العظة التي قدمتها فرحت شعبي ولا مجرد كلام فقط، ويفسر مدى ارتباطك وأعماقك بشخص المسيح بمقدار ما تقدمه للآخرين.
ثالثاً: محاول المنهج الكنسي الأرثوذكسي من خلال كتاب القطمارس
القطمارس هو الكتاب الذي يحوي البرنامج الإنجيلي (الكتابي) عبر السنة، وهم:
1- قطمارس الآحاد (52 قراءة).
2- قطمارس الأيام (70 قراءة أصلية) نصوم 186 يوم، وأيام الفطار 169 يوم.
3- قطمارس الصوم (47 + 3 أيام صوم يونان).
4- قطمارس الآلام (أسبوع).
5- قطمارس الخماسين (50 يوماً).
هدف كل القراءات أن تكون إنسان الله.. خدمتنا تكوينية .. الكاهن دوه كبير في تكوين إنسان الله (إنسان الملكوت).. مسئولية خطيرة يرتعب أمامها كل واحد.. فأنت مسئول عن تشكيل شعبك ليكون كل واحد منهم إنسان الله.. عمل يرتبط بالسماء، فكن أداة جيدة.
1- قطمارس الآحاد
يتحدث عن الثالوث القدوس، وشهور السنة مقسمة حسب العبارة الختامية التي يقولها الأب الكاهن (محبة الله الآب ونعمة الابن الوحيد، وشركة وموهبة الروح القدس).
محبة الله الآب (شهر توت) الله يحبك .. لازم أعبر عليها .. أروع أساس لبداية السنة. وتدخل من خلال محبة الله الآب.
نعمة الابن الوحيد (8 شهور) بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس..
النعم التي جاءتنا بتجسد ربنا يسوع وتصادفنا خلالها أيام الصوم، والآلام والقيامة والصعود، وهي نعم كثيرة لا تنتهي.
شركة وموهبة وعطية الروح القدس لا(4 شهور) بما فيهم النسيء.
2- قطمارس أيام السنة (من الاثنين حتى السبت*
تتحدث قراءات الأيام عن الكنيسة عروس المسيح. ومن خلال السنكسار تقدم لنا:
أ- الجذور "فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح".
كل ما نرى شجرة نتذكر دائماً بالصورة التي لابد أن يكون عليها.
ب- أبطال (نساك - أنبياء - أبطال الإيمان - الأسر - الأطفال - المعلمين - المجامع...).
"انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم".
ج- الأعياد: كل يوم في الكنيسة هو عيد (فرح) (نعيد في هذا اليوم..).
3- قطمارس الصوم: وهي فترة الجهاد الروحي
"فالآن يا أيها الملوك تعقلوا تأدبوا يا قضاة الأرض اعبدوا الرب بخوف واهتفوا برعدة". وهو مزمور إنجيل أحد الرفاع.
أ- العبادة (ممارسة الأسرار - الصلوات - ...) بمخافة الرب.. (وجود المسيح على المذبح،...).
ب- التهليل (الفرح) بمنتهى الوقار (الصوت الملائكي، صرخات القلب، ...) "من الأعماق صرخت إليك يارب".
ج- المعرفة الكتابية يفهم (يتكلم عن العين - القلب والأذن، وهي أعضاء الجهاز الروحي في الإنسان)، وفي ليلة أبو غالمسيس "من له أذنان للسمع فليسمع.
د- التوبة بوعي (توبة حقيقية) وهي أحد ملامح العظة الناجحة.. من الأمور الهامة اختم العظة بصلاة فتساعد شعبك على تعلم الصلاة وأن يحول ما يسمعه إلى صلوات.
4- قطمارس فترة الآلام (ضعفات أو ضيقات أو أمراض الطريق).
أ- الرياء (السطحية)
نرى شجرة التين في اثنين البصخة، فالسطحية أكبر خطر يصيب حياتنا وحياة أولادنا.. يربطوا بين انتشار القنوات الإعلامية والمظهرية التي أصابت حياة الإنسان لذلك في بداية الصوم "ادخل بابك واغلق بابك".. ادخل إلى قلبك واغلق فمك.. علمني بحياتك قبل كلامك لي (علمني بتصرفاتك - بطريقتك - بأسلوبك).
ب- التهاون (الكسل - التأجيل وهو ما نسميه لص الزمان).
احذر الفوضى في حياتك كل يوم له قيمته .. كل ساعة .. كل دقيقة غالية لها ثمن ولا ترجع.
واضح في مثل العذارى ومثل الوزنات (قراءات ثلاثاء البصحة).
ج- خياته الأحباء وآلام الترك
لا تحزن ولا تهتز (خيانة، إنكار، ترك...) أمامك هدف واضح أمامك شخص المسيح، وأمامك نصيبك في السماء.
د- آلام الصليب (الخلاص) المحيية
آلام من اجل خلاصك .. في الصليب العارضة الأفقية تمثل الموت، والعارضة الرأسية تمثل القيامة.
5- قطمارس الخماسين
(7 أيام في سبعة أسابيع - 50 يوم أحد وهو أطول عيد يمتد على الأرض)، ونتمتع خلاله بأفراح الطريق، وهي:
أ- تجديد الإيمان (أحد توما) الأحد الجديد، وأكثر ما ينعش الإيمان هو سير القديسين واختبارات عمل الله في حياة القديسين.
ب- شبع وارتواء (الأحدين الثاني والثالث) "طوبي للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون".
ج- الاستنارة (النور) والمعرفة (الأحدين الرابع والخامس)
د- الفرح والبهجة (الأحد السادس) يليهم الأحد السابع وهو أحد العنصرة.
الكنيسة هي:
عيد (أوجد في كل نفس إنه يوم عيد).
سماء (لأنها تشكل إنسان الله).
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 يوليو 2018
هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟
وكما تخيلوا وتوهموا، خطأ وبغير معرفة، وجود أناجيل ضائعة أو مفقودة توهموا أيضًا أن هناك رسائل، خاصة للقديس بولس، ذكرها العهد الجديد ولكنها غير موجودة الآن!! وعلى سبيل المثال يقول أحدهم تحت عنوان: "الكتاب المقدس يستشهد بأسفار غير موجودة"، بعد أن راح يبكي ويلطم على ميت لم يخلق من الأساس ولم يكن له وجود في يوم من الأيام إلا في خياله!! مثله مثل المخصي الذي جلس يبكي على أبنه المتوفى وهو لم يتزوج مطلقا بل ولا يصلح من الأساس للعلاقات للزوجية، لأنه مخصي منذ طفولته!!
"إن من أشد العجب ولا أدري حقيقة كم من العجب والدهشة تصيب من يقرأ هذا الكتاب حتى أنه من المفروض أن من يقرأ هذه الكتاب يصاب بحالة مرضية عجيبة يلتصق فيها حاجباه بمنبت شعره وتظل عيناه مفتوحتان على الدوام وفمه مفتوح وتصيبه حالة مزمنة من الدهشة والعجب على ما يجده في هذا الكتاب، إنها كارثة بمعنى كلمة كارثة، ما نراه في ذلك الكتاب انه يستشهد بكتب وأسفار ويحكي عن كتب غير موجودة ويبدو أن هذه الأسفار والكتب كانت موجودة بالفعل في الكتاب المقدس وكانت مقروءة بين أيدي الناس ولهذا يستشهد كاتب الكتاب المقدس بها على أنها موثوقة ومن الممكن مراجعتها لأي إنسان إن أراد أن يراجع ما يرويه الكاتب في الكتاب فكاتب الكتاب يستشهد بها ليدل على رأي معين أو يثبت صحة قوله في أمر آخر وهو يحث الناس ويأمرهم على مراجعة ما يقوله لهم في هذه الكتب أو الأسفار التي يحكي عنها ويستشهد بها، وبعض هذه الأسفار كانت من الثقة بحيث أن كل الناس يعلمون عنها وتحكي أمور مهمة يعلمها الجميع كما ستقرأ أدناه في النصوص".
ثم يضيف: "وإني أتساءل.. لماذا يستشهد الله في كتابه بأسفار وكتب غير موجودة في الحقيقة؟؟ وأين تلك الكتب التي استشهد بها الله في كتابه؟؟ أين ذهبت تلك الكتب ولماذا أخفاها النصارى أو فقدوها؟؟؟ ولو أنها ليست وحيا إلهيا فهل يستشهد الله بكتب يعلم أن البشر سيفقدونها ولن تكون موجودة بعد ذلك؟؟ ألم يكن الله بقادر على حماية تلك الكتب من الاندثار أو الإزالة؟ ماذا كان مكتوبًا في هذه الأسفار والكتب؟؟ ومن الذي كتبها؟؟ هل كان فيها نبؤات معينة؟؟ هل كان فيها شرائع وأحكام؟؟ متى وأين ولماذا ومئات الأسئلة التي تطرح في هذا الأمر ولا نجد لها إجابة.. وعلى العموم فقد اقتبست بعض (وأقول أيضا هنا بعض وليس كل) الفقرات التي تحكي عن هذه الكتب وتذكر لنا أسماءها كما سترى". وبعد ذكره لأسماء هذه الكتب يقول متسائلًا: "أين ذهبت تلك الكتب؟؟ أليست من كلام الله؟ ولماذا تركها النصارى وأين أخفوها؟؟؟".
وراح يذكر بعض ما تصور أنه أسفار مفقودة في العهد الجديد فذكر قوله: "بل بالعكس إذ رأوا أني اؤتمنت على انجيل الغرلة كما بطرس على انجيل الختان" (غل2:7). وقال أن هناك "رسائل مفقودة: من رسالة كولوسي (كو4: 16): "ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرأ أيضا في كنيسة اللاودكيين والتي من لاودكية تقرأونها انتم أيضا". أين الرسالة التي من اللاودكيه؟ و"كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة"، أين هذه الرسالة؟" (1كو5:9)، فكتابات بولس المرسلة هنا وهناك الموجودة في العهد الجديد كلها رسائل فأين إذن الرسالة المشار إليها في النص؟ الإجابة بكل وضوح إنها مفقودة!!
والسؤال هنا هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟ وما معنى قول القديس بولس بالروح: "كتبت إليكم في الرسالة"؟ وما هي الرسالة إلى "لاودكية"؟
أولًا بالنسبة لقوله "كتبت إليكم في الرسالة أن لا تخالطوا الزناة":
نؤكد أن الكلمة اليونانية المستخدمة هنا "كتب إليكم"، هي "εγραψα" من "γράφω"، ويمكن أن تعني "كتبت - I wrote" و"أكتب - I am writing". وفي هذا الفصل (الإصحاح) يتكلم القديس بولس عن الزنى والزناة لذا يقول لهم، كتبت إليكم ما أكتبه أو ما كتبته الآن، أو أكتب إليكم ما أقوله الآن، في هذه الرسالة، وهو: "يسمع مطلقا أن بينكم زنى وزنى هكذا لا يسمى بين الأمم حتى أن تكون للإنسان امرأة أبيه. أفأنتم منتفخون وبالحري لم تنوحوا حتى يرفع من وسطكم الذي فعل هذا الفعل.. كتبت إليكم في الرسالة (أو أكتب إليكم في هذه الرسالة) أن لا تخالطوا الزناة. وليس مطلقا زناة هذا العالم أو الطماعين أو الخاطفين أو عبدة لأوثان وألا فيلزمكم أن تخرجوا من العالم. وأما الآن فكتبت إليكم (أي كتبت إليكم الآن في هذه الرسالة) أن كان احد مدعو أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن آو شتاما أو سكيرا أو خاطفا أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا. لأنه ماذا لي أن أدين الذين من خارج.ألستم انتم تدينون الذين من داخل. أما الذين من خارج فالله يدينهم. فاعزلوا الخبيث من بينكم" (1كو5:1-13).
وباختصار هو يقول لهم كتبت إليكم أو أكتب إليكم في هذه الرسالة ما أقوله الآن ولا يقصد رسالة أخرى كما تصور البعض وفهم خطأ!! كما رأى البعض أن القديس بولس بعد أن كتب الرسالة عاد ووضع هذه الجملة أو الآية كتوضيح لما كتبه في نفس الرسالة ونفس الفصل.
ثانيا بالنسبة لحديثه عن رسالة باسم "لاودكية":
فالتعبير المستخدم في الكتاب هو "الرسالة التي من لاودكية – καὶ τὴν ἐκ Λαοδικείας - Teen ek Laodikeias - The epistle from Laodicaea" وليس الرسالة إلى لاودكية"، فهي ليست رسالة مرسلة إلى لاودكية بل خرجت من لاودكية، حيث يستخدم هنا تعبير "ἐκ – ek" والذي يعني بحسب قواميس اللغة اليونانية "من، بين، خارج – from, out - after, among"ولذا فهي ليست رسالة إلى لاودكية بل خارجة من لاودكية، وقد نقل الآباء، خاصة ترتليان، عن مركيون قوله أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس (6). وهذه ما صدق عليه أيضًا العلامة هيبوليتوس بتأكيده أنها هي نفسها الرسالة إلى أفسس (7).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
18 يوليو 2018
فاعلية الخدمة
إن الإثني عشر لم يبدأوا الخدمة إلا بعد أن حل الروح القدس عليهم و نالوا قوة ( أع 1:8 ) ، و لبسوا قوة من العالي ( لو 24 :49 ) . حينئذ " إلي أقاصي المسكونة بلغت أصواتهم " و في كل الأرض خرج منطقهم " ( مز 19 : 4 ) اسطفانوس الشماس ، لأنه كان مملوءاً من الروح القدس و الحكمة ، لذلك لما وقفت أمامه ثلاثة مجامع فلسفية " لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة و الروح الذي كان يتكلم به " ( أ‘ 6 ك 10 ) . و بفاعلية عمل الروح في العصر الرسولي " كانت كلمة الرب تنمو ، و عدد التلاميذ يتكاثر جداً في أورشليم " ( أ‘ 6 : 7 ) " كان الرب كل يوم يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون " ( أع 2 : 47 ) " و الكنائس في جميع اليهودية و الجليل و السامرة ، كان لها سلام ، و كانت تبني و تسير في خوف الرب . و بتعزية الروح القدس كانت تتكاثر " ( أع 9 : 31 ) أما نحن فلنا عشرات الآلاف من المدرسين ، و لكن الخدام العاملين بالروح قليلون تأملوا خادماً واحداً مثل بولس الرسول ...لاشك أن إختياره كان حادثاً خطيراً في الكنيسة . لقد تعب أكثر من جميع الرسل (1كو 15 : 10 ) . و تألم و جاهد أكثر من الكل " عدا الأهتمام بجميع الكنائس " و غيرته التي يقول فيها " من يعثر ، و أنا لا ألتهب ؟!" ( 2 كو 11 : 28 ، 29 ) . هذا الذي دعي " رسول الأمم " . ووصلت خدمته من أورشليم إلي أنطاكية إلي قبرص ، ثم إلي اَسياغ الصغري و بلاد اليونان ، و إلي رومه و كتب 14 رسالة ، و كرز و هو في السجن أننا مستعدون أن نستغني عن عشرات الآلاف من الخدام الذين معنا ، في مقابل بولس واحد و ستكون خدمته أكثر فاعلية من الآلاف ربما نجد في أحد فروع الخدمة خمسين خادماً ، و لكن بلا حرارة في خدمتهم . ثم يلتحق بالخدمة خادم جديد ، فيحول الخدمة إلي لهيب نار بقوة الروح الذي فيه إن ألسنة النار التي حلت علي التلاميذ في يوم البندكستي ، أعطتهم لساناً نارياً و كلمات نارية ، و خدمة لها لهيب و فاعلية ، و حرارة في الروح ، و حرارة في الصلاة ، و حرارة في الحركة و الأسفار إنها جمرات نار ، ظل العالم يتقاذفها ، حتي أشتعل العالم كله ناراً ، ألهبت القلوب بالإيمان أنظروا ماذا فعل أوغسطينوس مثلاً ، حينما دخل في محيط الخدمة و كيف أن تأثيره لم يقتصر فقط علي جيله ، و إنما حتي الآن مازلنا نستفيد من تأملاته .. و تادرس تلميذ باخوميوس ، لما صار راهباً ، كم كان أعمق التأثير الذي أحدثه في الحياة الرهبانية في جميع الأديرة . و كذلك يوحنا القصير الذي قيل عنه إن الأسقيط كله كان معلقاً باصبعه حقاً ، هناك أشخاص في كل جيل ، مميزون في خدمتهم . خدام من طراز خاص . كل منهم "معلم بين ربوة " ( نش 5 : 10 ) أما نحن الآن : فلنا خدام يخدمون الفصول العادية . و لكن الذين لهم قدرة علي خدمة إجتماعات الشبان و الشابات ،و الأسرات الجامعية ، و إعداد الخدام ، أو الذين يتكلمون في مؤتمرات الخدمة . فلا شك أنهم قليلون و العجيب ، أنه علي الرغم من إحتياج الخدمة ، نجد خداماً يتشاجرون و يتنافسون في مكان للخدمة ، تاركين ميادين عديدة غير مخدومة في تشاجرهم و تنافسهم ، لا يعطون مثالاً عن روحانية الخدام ، بل يكونون عثرة ن إذ يفقدون روح المحبة و التعاون و إنكار الذات . و في نفس الوقت توجد مجالات عديدة تستوعب كل طاقة مستعدة للخدمة ، و هم يتجاهلونها ، من أجل محبتهم لمكان أو وضع بالذات ، دون محبة النفس البشرية أينما كان موضعها .
مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
17 يوليو 2018
الرعاية
انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10: 11)"
من أجمل الصور التي استخدمها الله ليصف بها علاقته بشعبه، صورة الراعي والحملان، ليس فقط لأن منطقة اليهودية كانت منطقة رعي أكثر من كونها منطقة زراعة، بل لأن ما ينطبق على الراعي الصالح ينطبق على صفات السيد المسيح بخصوص عنايته بنا. فالراعي الصالح باذل ومحب وساهر على رعيته ويقدم ذاته عنها، والخراف مطيعة .. واثقة .. بسيطة مرتبطة براعيها أكثر من تعلقها بالطعام، فإذا تحرك الراعي تبعته على الفور وهو في الوقت ذاته لا يتحرك من الموضع إلاّ إذا شبعت خرافه. وفي هذا الإطار هناك مستويات أربعة للمسئول:
1- راعي صالح (يبذل نفسه عن الخراف).
2- أجير (لا يبالي بالخراف).
3- سارق (يذبح ويهلك).
4- ذئب (شيطان).
الذئب هو الشيطان الذي يوعز إلى السارق ويحركه لكي يذبح ويهلك، أما السارق فهو الذي وقع تحت تأثير الشيطان (الذئب) وأصبح وجوده خطراً على الخراف (الرعية) وأما الأجير فهو لا يهتم إلا بأجره وفي سبيل الحصول على الأجر قد يهمل الرعية و قد يُسئ إليها، أما الراعي الصالح فهو الذي يبذل نفسه عن الخراف، وقد يصل به البذل إلى حد الموت عنها، يتصدى لأعدائها ويتلقى الضربات عنها. وقديماً كان وصف "الراعي الصالح" يُطلق على الراعي الذي لم تُفقد له غنمة ولم يتعدى على أرض راعٍ آخر.
هذه الشرائح الأربع نجدها في البيوت وفي الوظائف وفي دور التعليم والخدمة ، فهناك أب مصدر خطر على أولاده أو أجير يهتم بأولاده لكي يُنسب نجاحهم إليه، أو ذاك الذي يُنجب كثيراً ليتحول أولاده إلى قوة عاملة. وفي الوظيفة قد يسرق أو يختلس أو يُضر بمصالح الجمهور فهو "سارق ولص" وقد يكون أجيراً لا يهمه أكثر من التواجد المستمر للحصول على راتبه كاملاً مقابل مجهود لا يُذكر وهو في هذه الحالة لا يعنيه في شئ أن يحصل المواطنون على احتياجاتهم أم لا. والأصعب من ذلك أن يكون ذئباً يُحيك المؤامرات ويدفع الآخرين إلى الشر والفساد. أما إن كان راع صالح فهو ُيؤثر راحة زُملاؤه على راحته ومصالح الجمهور على مصالحه هو، وأن تنجح المؤسسة وله في ذلك الفخر.
وفي الخدمة قد يتسبب خادم في عثرة الآخرين وقد يحمل البعض على ترك الكنيسة وهو بذلك ذئب وقد يكون أجيراً يأخذ من الخدمه كرامهً وتتضخم ذاته بسببها، وقد يكون سارقاً يسرق مجد الله ويبحث عن مجده هو وكرامته هو. وقد يكون راعٍ صالح يسكب ذاته سكيباً من أجل المخدومين.
نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص
المزيد
16 يوليو 2018
مفاتيح فى خدمة الشباب
هناك مفاتيح أساسية، تفتح قلوب الشباب، وتجعل خدمتهم سهلة ميسورة، بنعمة المسيح، وعمل روحه القدوس
الصلاة
فالصلاة هى ببساطة شديدة أن نشرك الله معنا فى العمل، وهكذا نضيف إلى طاقتنا المحدودة، الناقصة، والقابلة للخطأ والانحراف، طاقة إلهية غير محدودة، إيجابية وبناءة
الصلاة تفتح حياتنا الله، وتفتح حياة الله علينا، وهكذا يلتقى المحدود باللامحدود، ويالها من معجزة!!
الصلاة هى الحبل السرة الذى يتصل الخادم من خلال بالله، آخذاً منه القوة والإستنارة والقيادة، كما أنها الحبل السرى الذى يتغذى الخادم من خلاله، على قوة الروح، ونعمة الله
الصلاة تجهزك كخادم لكى تخدم، وتجهز الكلمة على شفتيك فتخرج حية ومؤثرة، وتجهز المخدومين لكى تعمل فيهم كلمة الحياة لتوبتهم وخلاصهم.
الخادم يصلى قبل أن يحضر الدرس، وأثناء إلقاء الدرس يكون متصلا بالله، طالباً القيادة والمعونة، وبعد الدرس يصلى واضعاً نفسه والكلمة والمخدومين بين يدى الله.
الخادم يصلى قبل الافتقاد ليقوده الرب إلى النفوس المحتاجة، وأثناء الزيارة ليوجه الرب الحديث نحو خلاص المخدوم والشبع الروحى، وبعد الزيارة ليستمر عمل الروح فى قلب الخادم والمخدوم معاً.
الزيارة جلسة روحية مع المخدوم عند قدمى المسيح، وليست جلسة أستاذ مع تلميذ، فكلنا تلاميذ المسيح، وفى حاجة مستمرة إلى التعلم
الحب الشخصى
من أهم مفاتيح الخدمة لمسة الحب الشخصى للمخدوم.. وذلك يشمل
معرفتى باسمه كاملاً.
معرفتى بظروفه، لكى أسانده فيها وأصلى معه
معرفتى بعنوانه فى المنزل، وزيارتى له.
وقوفى معه فى مصادمات الحياة المختلفة، كالمرض والوفاة والفشل الدراسى وكافة المشكلات العائلية أو الشخصية.
لذلك يحتاج الخادم أن يكون قلبه متسعاً بلا حدود، وذلك بالطبع فوق طاقة البشر، لذلك يتحد بالرب، لكى تنسكب محبة الله فى قلبه بالروح القدس (رو 5:5)
كما يحتاج الخادم أن يمتحن ويفحص محبته للمخدوم، هل هى محبة كلام أم محبة عمل "لا نحب بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق" (1يو 18:3)
كما أن محبة الخادم للمخدوم يجب أن ترتفع لتكون محبة روحانية (أغابى) وليست مجرد محبة إنسانية (فيليا) فالمحبة الروحانية فيها حضور الله، والكمال، والنقاوة، والثبات. أما محبة البشر فهى محدودة وناقصة ومتقلبة وغير قادرة على الاحتمال والصفح
لهذا قال الرب "لا تخف لأنى فديتك، دعوتك باسمك، أنت لى" (أش 1:43).. كما قال: "أعرف خاصتى، وخاصتى تعرفنى" (يو 14:10).. وهو "يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها" (يو 3:10)
الكلمة
أنها المفتاح الأساسى فى خلاص نفسى، فقد قال الرب على فم رسوله بولس: "الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله" (رو 17:10).. وأوضح لنا فى مسلسل الكرازة ما يلى
ضرورة أن يدعو الإنسان الله ليخلص
ضرورة أن يؤمن الإنسان ليدعو الله
ضرورة أن يسمع الإنسان الكرازة ليؤمن
ضرورة أن يكرز الخدام للناس ليسمعوا فيؤمنوا
ضرورة أن يرسل الرب الخدام ليكرزوا بالكلمة
إذن فالسلسلة هى : إرسال الخدام - الكرازة للناس - سماع الناس لأخبار الخلاص - الإيمان بها - دعوة الناس الله ليخلصهم
والخادم الأمين
يقرأ كلمة الله كل يوم
يشبع بها بكل قلبه
يحفظها فى ذهنه وقلبه لكى لا يخطئ إلى الله
ينفذها للآخرين ليخلصوا بها
كما أنه يقدم الكلمة للناس فى
أنموذجه الحى: "كن قدوة"
كلماته التلقائية فى الحياة اليومية
كلماته فى العظات والافتقاد
نبذات تحمل فكر وحب المسيح للشباب
شرائط كاسيت
شرائط فيديو
الحوار
من أهم مفاتيح خدمة الشباب أن يكون الخادم محاوراً جيداً
فوائد الحوار
الحوار مع المخدومين يجعلنا
أ- نتعرف على واقعهم ومشكلاتهم واحتياجاتهم
ب- ندرس إمكانية التعامل مع هذا الواقع فعلا
ج- تظهر المشكلات فى التطبيق، ويتم حلها
د- تراعى الفروق الفردية
هـ- نصل إلى قناعة مشتركة خالية من القهر أو بيع الفكرة
مواصفات الحوار الناجح
يتصف الحوار الناجح بسمات هامة هذه بعضها
جو روحى هادئ خال من الانفعال قدر الإمكان
مشاركة متاحة للجميع، دون استقطاب
لا يجوز إلغاء القائد للمجموعة، ولا إلغاء المجموعة للقائد
بعيد عن روح الجدل العقلانى الجاف
مساحة الوقت المتاحة مناسبة
تكون نقاط الحوار واضحة، حتى لا نتوه ونتشعب
لا يفرض أحد فكره على المجموعة حتى إذا كان القائد
الكل يتحدث مع القائد، بأذن ونظام، دون أحاديث جانبية أو شغب
أحذر جفاف الحوار، وتشتت الأفكار، وأحرص على التجمع فى النهاية مع اللمسة الروحية المناسبة
وهكذا نصل إلى حوار ناجح، فيه ينتبه الجميع إلى الموضوع المطروح، ويشاركوا فيه بالرأى والخبرة، ويستمعوا إلى آراء الغير ويصلوا إلى قناعة هادئة ومستريحة، كمقدمة أساسية لتنفيذ ما نتفق عليه، لبنيان الفرد والجماعة
المشاركة
مفتاح هام وأخير هو أن يشارك الشباب فى اجتماعهم
فى اختيار الموضوعات والمتكلمين
فى اختيار أنواع النشاط المختلفة
فى الاشتراك فى لجان متنوعة : الحفلات - الرحلات - الافتقاد - الصلاة - دعوة المتكلمين - خدمة المستشفيات والمرضى والمعوقين والملاجئ - المعارض - المسرحيات - الدراسات المختلفة (كتابية.. كنسية.. ألحان.. لغة قبطية .. ثقافية.. وطنيات.. الخ)
أن يشارك كل الشباب بمواهبهم: الفنية والأدبية والموسيقية والاجتماعية والرياضية والكشفية
أن يشاركوا فى التفكير، والتعبير، والتقرير، والتنفيذ فى كل أمور خدمتهم
أن يشاركوا فى منبر الشباب
أن يشاركوا فى مهرجانات ومؤتمرات الشباب
إن هذه المشاركة : تنمى شخصيتهم، وتصقلها، وتستثمر طاقاتهم، وتنقذهم من الانحراف، وتثبتهم فى الرب وكنيسته، وتجعل منهم خدام المستقبل
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
15 يوليو 2018
يَسُوع المُعَلِّمْ جزء 2
(1) إِسْلُوب المُقَارَنَات :-
كَانَ رَبِّنَا يَسُوع دَائِماً يُبْرِزالمَعْنَى بِإِسْلُوب المُقَارَنَات مِثْل ﴿ إِنْسَانَان صَعِدَا إِلَى الهَيْكَل لِيُصَلِّيَا ﴾( لو 18 : 10) وَتَتَخَيَّل أنْتَ الإِثْنَان ثُمَّ يَقُول أحَدُهُمَا فِرِّيسِي وَالآخَر عَشَّار ثُمَّ يُبْرِز مَوْقِفْهُمَا وَيَقُول لَك مَنْ مِنْهُمَا تُرِيدْ أنْ تَكُون مِثْلُه ؟ أحَدُهُمَا قَالَ ﴿ أشْكُرُكَ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاس ﴾( لو 18 : 11) بَيْنَمَا الآخَر قَالَ ﴿ إِرْحَمْنِي أنَا الخَاطِئ ﴾ ( لو 18 : 13) يِوَصَّل لَك إِحْسَاس الإِثْنَيْنِ بِوُضُوح .. بِذلِك يَكُون قَدْ قَارَن وَشَبِّه وَمَثِّل وَفِي النِّهَايَة يُحِبْ أنْ يَسْمَع مِنَّك الإِجَابَة ثُمَّ يَقُول لَك ﴿ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّراً دُونَ ذَاكَ ﴾ ( لو 18 : 14) وَمِنْتِظِر مِنَّك إِجَابَة رَبِّنَا يَسُوع أتَى بِالمَعْلُومَة مِنَّك إِنْتَ فَصِرْتَ لَسْتَ مُتَلَقِّي قَصَّ لَكَ المَثَل فَجَذَبَك وَقَارِنْ وَسَألَك وَأنْتَ أجَبْت بِالمَعْلُومَة إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِذلِك نَحْنُ نَعْتَمِد عَلَى المَادَّة الرَّائِعَة الَّتِي نُقَدِّمْهَا الإِنْجِيل الكِنِيسَة لكِنْ كُل هذَا مِحْتَاج إِسْلُوب تَشْوِيقٌ لِلعَرْض مَثَلاً يَتَكَلَّمْ عَنْ الغَنِي وَلِعَازَر ( لو 16 : 19 – 20 ) يَقُص القِصَّة وَيُدْخِلَك دَاخِل إِحْسَاس كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَتْرُك لَك الإِسْتِنْتَاج وَيُرِيدْ مِنَّك الإِجَابَة يَصِف لَك الغَنِي وَلِعَازَريِكَلِّمَك عَنْ العَذَارَى الحَكِيمَات وَالجَاهِلاَت ( مت 25 : 1 – 13) كُل هذِهِ مُقَارَنَات عِنْدَمَا تُرِيدْ أنْ تُثْبِت شِئ إِثْبِتُه بِعَكْسُه بِذلِك تِبْرِزُه إِبْرِز النُّور بِالظَّلاَم وَبَدَلاً مِنْ أنْ تَشْرَح كَلِمَات كَثِيرَة عَنْ النُّور إِجْعَل النَّاس يَتَذَوَقُونَ الظَّلاَم لِلَحْظَة هذَا أسْهَل مِنْ أنْ تُعَلِّمْ عَنْ شِئ إِكْشِفْ عَكْسُه حَتَّى فِي عِلْم الطِبْ الأطِبَاء عِنْدَمَا يُشَخِّصُون مَرَض يُشَخِّصُوه بِإِسْلُوب التَّشْخِيص المُقَارَن Differential diagnosis مُقَارَنَة بَيْنَ أمْرَاض مُخْتَلِفَة بِهَا نَفْس العَرَض حَتَّى يَسْتَطِيعُوا أنْ يِشَخَصُّوا المَرَض هكَذَا الله إِسْتَخْدِم المُقَارَنَات وَيِعَرَّفَك كُل أمر فِي المُقَارَنَة فِي أي حَالَة وَإِنْتَ فِي أي حَالَة ﴿ كَانَ لِدَائِن مَدِينَان عَلَى الوَاحِد خُمْسُمَائَة دِينَار وَعَلَى الآخَر خَمْسُون ﴾ ( لو 7 : 41 ) إِسْتَخْدِم التَّشْبِية وَالقِصَّة وَالمُقَارَنَة وَالسُؤال فِي وَقْتٍ وَاحِدٌ أسَالِيب التَّرْبِيَة الَّتِي يَتَكَلَّمْ عَنْهَا النَّاس يَسُوع إِسْتَخْدِمْهَا كَمُعَلِّمْ فِي ضُوء المُتَاح فِي عَصْرُه وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاج لِوَسَائِل بَلْ كَانَ يَبْتَكِر الوَسَائِل بِمَا هُوَ مُتَاح يَجِدٌ مُزَارِع فَيَرْبُط لَهُ الزَّرْع بِالكَلِمَة وَيَرْبُط ذلِك بِمَشَاكِل الإِنْسَان يِسْأل وَيَقُول هَل أنْتَ تَقِفْ فِي أرْض مُحْجِرَة أم أرْض بِهَا شُوك أم ؟ لِذلَك لَمْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي فِي تَعَالِيمُه أي إِسْلُوب تَقْرِيرِي بِهِ مَعْنَى بَلْ كَانَ يَسْأل وَيُشَبِّه وَيُقَارِن وَدَائِماً يُظْهِر إِخْتِلاَف المُقَارَنَة تُبْرِز المَعْنَى وَتُقَوِّيه لِذلِك جَيِّدٌ أنْ نَسْتَخْدِم فِي تَعَالِيمْنَا إِسْلُوب المُقَارْنَة لِنُوَضِح بِهَا المَعْنَى كَمَا كَانَ رَبِّنَا يَسُوع يُعَلِّمْ قَارِن بَيْنَ حَيَاة حَسَبْ الجَسَد وَحَيَاة حَسَبْ الرُّوح السُلُوك فِي الظُّلْمَة وَالسُلُوك فِي النُّور فِي قِصَّة الإِبْن الضَّال قَارِن بَيْنَ حَالِة الإِبْن وَهُوَ فِي بَيْت أبِيهِ وَحَالْتُه عِنْدَمَا خَرَج وَحَالْتُه بَعْد عَوْدِتُه لأِبِيهِ سَتَجِدٌ أنَّ الحَالَة الثَّالِثَة أي بَعْد رُجُوعُه لِحُضْن أبِيهِ أجْمَل حَالَة وَكَأنَّهُ يَقُول لَك إِنَّ الشَخْص التَّائِب مَرْغُوب عِنْدَ الله هُوَ لَذِّة الله وَمَوْضِع مَحَبَّتِهِ لأِنَّهُ تَرَكَ التِّسْعَة وَتِسْعُون وَبَحَث عَنْ الخَرُوف الضَّال وَالتَائِه لأِنَّ التَائِه قَدْ يَسْقُط فِي اليَأس لِذلِك فَرِحَ بِهِ لَمَّا وَجَدُه رَب المَجْد يَسُوع تَدَرَّج فِي أمْثَالُه وَمُقَارَنَاتُه مِنْ شِئ جَمَاد فِي مَثَل الدِّرْهَم المَفْقُود إِلَى حَيَوَان فِي مَثَل الخَرُوف الضَّال إِلَى الإِنْسَان فِي مَثَل الإِبْن الضَّال الدِّرْهَم شِئ غِير عَاقِل بَيْنَمَا الخَرُوف لَهُ نِسْبِة إِرَادَة وَنَسَبْ ضَيَاعُه لِلرَّاعِي أي الرَّاعِي مَوْجُودٌ لِلخَرُوف المُشَاغِب .
(2) إِسْلُوب الأسْئِلَة :-
نَجِدٌ أنَّ رَب المَجْد يَسُوع بَدَلاً مِنْ أنْ يَسْتَخْدِم الأُسْلُوب الخَبَرِي التَقْرِيرِي إِسْتَخْدِم إِسْلُوب التَسَاؤل هذَا إِسْلُوب يَجْعَلَك تَعْمَل بِعَقْلَك وَبِبَحْث وَتَشْتَاق لِلإِجَابَة الصَّحِيحَة مِثَال لِذلِك يَسْأل الأبْرَص أتُرِيدْ أنْ تَبْرَأ ؟ ( يو 5 : 6 ) هُوَ يُرِيدْ أنْ يَعْرِف مَا بِدَاخِل ذلِك الشَّخْص فَيُجِيب عَنْ سُؤال بِسُؤال أتَرَى مَنْ هُوَ الوَكِيل الأمِين الحَكِيم ؟ ( لو 12 : 42 ) مَنْ ؟ هَلْ هُوَ الرَّجُل الَّذِي أكَل وَشَرَب أم الَّذِي يَسْهَر ؟ يَجْعَلَك تِسْأل نَفْسَك هَلْ أنَا حَكِيم وَأمِين فِيمَا لَهُ فِيَّ ؟ كَلِمَة * حَالَة * لَيْسَ المَقْصُودٌ بِهَا العُمْلَة بَلْ مَا يَمْلُكَهُ دَاخِلْنَا لِذلِك كَانَتْ التَعَامُلاَت قَدِيماً أشْيَاء بِأشْيَاء مَثَلاً يُعْطِي أرْض مُقَابِل حَيَوَانَات وَهكَذَا الوَكِيل عَلَى جَمِيع أمْوَالُه أي عَلَى جَمِيع مَا يَمْتَلِكُه إِذاً كُل عَطَايَا الله هِيَ لِلوَكِيل الأمِين الحَكِيم سُؤال يُعْطِي المَعْلُومَة ثُمَّ يَسْأل سُؤال يَقُول مَثَل السَّامِرِي الصَّالِح ثُمَّ يَسْأل مَنْ هُوَ قَرِيبُه ؟تَبْحَث أنْتَ لِتَعْرِف عِنْدَمَا قَالَ لَهُمْ المَثَل كَانَ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أنْ يُجِيبُوه وَيَقُولُون أنَّ السَّامِرِي هُوَ قَرِيبُه لكِنْ لأِنَّهُمْ كَانُوا فِي عَدَاوَة مَعَ السَّامِرِيِينْ لَمْ يَقُولُوا السَّامِرِي بَلْ قَالُوا الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الصَّالِح أرَادَ رَب المَجْد يَسُوع أنْ يُذِيب الفَوَارِق يُعَلِّمْ وَيَسْأل وَأنْتَ تُجِيب سَألُوه هَلْ أنْتَ مِنْ عِنْدَ الله ؟ فَسَألَهُمْ هُوَ هَلْ مَعْمُودِيِة يُوحَنَّا مِنْ الله أم مِنْ النَّاس ؟ ( مر 11 : 30 )إِنْ قَالُوا مِنْ الله يُجِيبَهُمْ فَلِمَاذَا إِذاً لَمْ تَقْبَلُوه ؟ وَإِنْ قَالُوا مِنْ النَّاس سَيُهَيِّج عَلَيْهِمْ الشَّعْب فَقَالُوا لَهُ لاَ نَعْرِف قَالَ لَهُمْ يَسُوع وَأنَا أيْضاً لَنْ أقُول هُنَاك أسْئِلَة كَانَ يُجِيبَهَا وَأسْئِلَة لاَ يُجِيبَهَا وَذلِك بِحَسَبْ مَنْ يَسْتَحِق الإِجَابَة بِيلاَطُس سَألَهُ مَا هُوَ الحَقَّ ؟ ( يو 18 : 38 ) لَمْ يُجِيب لِمَاذَا ؟ لأِنَّ بِيلاَطُس سَقَطَ فِي الحَقَّ الأصْغَر وَهُوَ أنَّهُ يَعْلَمْ أنَّ يَسُوع لاَ يَسْتَحِق الصَلْب وَأنَّهُ أسْلَمَ دَم بَرِئ وَلَمْ يَنْصِفُه فَكَيْفَ يُعْلِنْ لَهُ الحَقَّ الأكْبَر أي أنَّهُ هُوَ الله ؟!!إِسْلُوب الأسْئِلَة إِسْتَخْدِمُه لإِبْرَاز المَعْنَى الَّذِي يُعَلِّمْ بِهِ فَنَجِدُه فِي مَوَاقِفْ كَثِيرَة لَمْ يَجْعَل التَّعْلِيمْ مُبَاشِربَلْ بِإِسْلُوب الأسْئِلَة وَالنَّاس تَبْحَث عَنْ إِجَابَة يَجْعَل الإِنْسَان يَعْتَرِف . (3) إِسْلُوب وَسَائِل الإِيضَاح :-
نَجِدٌ يَسُوع يَسْتَخْدِم الوَسَائِل مَثَلاً يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ عَنْ البَسَاطَة فَيُحْضِر وَلَد صَغِير فِي وَسَطِهِمْ وَيَقُول هَلْ تَرَى هذِهِ البَرَاءَة ؟ ﴿ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوت السَّموَات ﴾( مت 18 : 3 ) يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب لَكَ الحَقِيقَة عَنْ طَرِيقٌ وَاقِعْ مَلْمُوس شِئ مَرْئِي مَحْسُوس فِي أحَدٌ المَرَّات أحْضَر إِنْسَان يَدُه يَابِسَة وَأقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ وَسَألَهُمْ سُؤال هَلْ يَحِلُّ فِعْل الخَيْرفِي السَبْت ؟ ( مر 3 : 4 ) سُؤال وَوَسِيلَة مُجَرَّدٌ أنْ تَرَى الرَّجُل تَتَعَاطَفْ مَعَهُ وَيَسْألَك السُؤال تَخَيَّل أنَّ شَخْص أرَادَ أنْ يَعْتَرِض عَلَى الأمر هَلْ يَسْتَطِيع ؟ ثُمَّ يَسْأل مَرَّة أُخْرَى لَوْ وَقَعْ ثُورَك أوْ حِمَارَك يُوْم السَبْت هَلْ لاَ تُنْقِذُه ؟ إِجَابْتَك تُجِيب عَنْ نَفْسَك لِذلِك تَعَالِيمْ يَسُوع كَانَتْ مَفْهُومَة لَهُمْ كَمَا سَأل فِي مَثَل السَّامِرِي وَالكَاهِن وَاللاوِي الَّذِينَ عَبَرُوا لكِنْ السَّامِرِي نَزَل هذَا تَجَسَّد لأِجْل شِفَاء العَالَمْ هَلْ يَحِل فِعْل الخِير يُوْم السَبْت ؟ بِمَاذَا تُجِيب ؟ إِسْلُوب الوَسِيلَة إِسْتَخْدِمُه المَرْأة المُمْسِكَة فِي ذَات الفِعْل عَمَلْ مِنْهَا مَسْرَحِيَّة لَمْ تَكُنْ كَلِمَات لِتَبْرِير الإِنْسَان الخَاطِئ بَلْ وَقَفَ هُوَ أمَامَهَا وَهيَ خَلْفُه فَحَجَز عَنْهَا الرَّجْم وَصَارَ يِرَسَّخ فِي ذِهْن الإِنْسَان أنَّ يَسُوع هُوَ المُخَلِّص وَكَأنَّهُ يَقُول لَهُمْ إِرْجِمُونِي أنَا بَدَلاً عَنْهَا ﴿ أوْجَاعُنَا تَحَمَّلَهَا ﴾ ( أش 53 : 4 ) إِذَا حَضَرْت هذَا المَوْقِفْ لَنْ تَنْسَى مَنْظَر يَسُوع وَهُوَ يَحْمِي المَرْأة وَعِنْدَمَا تَجَّمَع النَّاس إِنْحَنَى وَبَدَأَ يَكْتُب عَلَى الأرْض وَقَالَ لَهُمْ مَنْ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّة فَلْيَرْمِهَا أوَّلاً بِحَجَر ؟ ( يو 8 : 7 ) النَّامُوس يَقُول الشَخْص المَحْكُوم عَلَيْهِ بِالرَّجْم يَكُون عَلَيْهِ عَلَى الأقَلْ شَاهِدَيْنِ وَهُمَا أوِّل مَنْ يَبْدأ بِالرَّجْم بِأوِّل حَجَرِين ثُمَّ تَبْدأ الجُمُوع فِي الرَّجْم إِذاً المُشْكِلَة كُلَّهَا فِي أوِّل حَجَرِين لأِنَّهُمَا لِلشَّاهِدَينْ الأسَاسِيَيْن شَاهِدَي الإِثْبَات بَعْدَهَا تُلْقِي الجُمُوع بِالأحْجَار لِلرَّجْم يَسُوع وَقَفْ كَرَئِيس كَهَنَة يَسْمَع لِلشُهُودٌ وَقَالَ الَّذِي يَشْهَدٌ عَلَيْهَا لاَ أُرِيدُه أنْ يَقُص مَا رَأى فِي خَطِيَّتْهَا بَلْ يُلْقِي أوِّل حَجَر وَلَمْ يَسْتَطِع أحَدٌ فِعْل ذلِك ثُمَّ وَقَفَ وَقَالَ لَهَا أنَا أخَذْت وَضْع المُذْنِب بَدَلاً عَنْكِ وَصِرْت أنَا الحَامِل أوْجَاعِك وَأخَذْت عَنْكِ الحُكْم وَأخَذْتِ أنْتِ البَرَاءَة وَهُمْ إِنْصَرَفُوا هذَا مَا فَعَلَهُ مَعَنَا حَمَلَ عَنَّا الحُكْم وَأخَذْنَا نَحْنُ البَرَاءَة وَصَارَ هُوَ المُذْنِب هذَا إِسْلُوب تَجْسِيم الحَدَث عِنْدَمَا سَألُوه لِمَنْ تُعْطِي الجِزْيَة ؟ قَالَ إِعْطُونِي عُمْلَة ( دِينَار ) ثُمَّ سَأل لِمَنْ الصُورَة ؟ قَالُوا لِقَيْصَر فَأجَابَهُمْ ﴿ أعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَر لِقَيْصَر وَمَا للهِ للهِ ﴾ ( مت 22 : 21 ) وَكَأنَّهُ يُرِيدْ أنْ يَقُول إِنْ دَفَعْت الجِزْيَة فَأنْتَ لَسْتَ مُنَافِقٌ بَلْ مُكَمِّل لِبَعْض مَا لِقَيْصَر وَمَا لله تَشْبِيهَات أيْضاً يَقُص لَك قِصَّة أوْ يَضَعْ وَسِيلِة إِيضَاح مَشْهَدٌ الصَّلِيب كَانَ أقْوَى وَسِيلِة إِيضَاح أمَام العَالَمْ كُلُّه يُحْفَر فِي القَلْب وَلَنْ يُنْسَى جَسَّد لَنَا حُبُّه وَأُحْصِيَ مَعَ أثَمَة ( مر 15 : 28 ) وَلِتَرَى المَشْهَدٌ وَالتَّجَمُع وَالصِيَاح وَمَنْظَرُه أكْبَر وَسِيلِة إِيضَاح الإِسْلُوب التَّقْرِيرِي أصْعَب فِي فِهْمُه مِنْ إِسْلُوب المَثَل وَكَانَ هُنَاك مَنْ كَانَ يَقْصِد أنْ يَشْرَح لَهُمْ وَهُنَاك مَنْ قَصَد أنْ لاَ يَشْرَح لَهُمْ لأِنَّ الإِسْتِعْدَاد يُعْطَى لِلرَّاغِب وَالصَّادِق وَالأمِين لكِنْ الَّذِي قَلْبُه غَاش وَجَاءَ لِيَدِين يَسُوع لَنْ يَنَال إِسْتِعْلاَن رَبِّنَا يَسُوع كَانَ يُقَرِّب المَعْنَى بِوَسِيلَة يِنْزِل عَلَى الأرْض وَيَكْتُب كُون إِنُّه يِنْزِل وَيَنْحَنِي وَيَكْتُب فَهُوَ بِذلِك يُرِيدْ أنْ يُقَرِّب المَعْنَى لِيُجَسِّد الحَقِيقَة مَنَاظِر تُحْفَر فِي القُلُوب وَالأذْهَان لاَ تُنْسَى كُل هذِهِ أُمور عَمَلْهَا لِيُقَرِّب تَعَالِيمُه أيْضاً مِنْ وَسَائِل الإِيضَاح الَّتِي كَانَ يَسْتَخْدِمْهَا البِيئَة يَأخُذَهُمْ وَسَطْ حُقُول وَيُعَلِّمَهُمْ وَيَأخُذ مِنْ سَنَابِل الحَقْل شَجَرِة التِّين يَلْعَنْهَا وَتَجِف لأِنَّهُمْ لاَ يَفْهَمُون أنَّ الأُمَّة اليَهُودِيَّة سَتَجِف فَيُظْهِرْهَا لَهُمْ فِي مَنْظَر شَجَرِة التِّين يُرِيدْ أنْ يَتَكَلَّمْ مَعَ المَرْأة السَّامِرِيَّة عَنْ المَاء الحَي فَيَأخُذْهَا عِنْدَ البِئْر لَمْ يُقَابِلْهَا فِي مَكَان آخَر بَلْ سَارَ لَهَا وَكَلَّمْهَا عِنْدَ البِئْر وَسَائِل إِيضَاح عَمَلِيَّة لِذلِك لَمَّا رَفَعْهَا مِنْ مُسْتَوَى البِئْر إِلَى مُسْتَوَى المَاء الحَي وَعَطَايَا الله فَهَمِتْ إِرْتِقَاء جَمِيل هِيَّ تَسْألُه وَهُوَ لاَ يُعْلِن نَفْسُه لَهَا بَلْ تَدَرَّج مَعَهَا لِتَعْرِفُه هِيَ الفَرْق بَيْنَ الإِعْلاَن وَالإِسْتِعْلاَن الإِسْتِعْلاَن بِهِ مِنْحَة شَخْصِيَّة وَهِبَة شَخْصِيَّة الإِسْتِعْلاَن بِهِ قُوِّة الإِعْلاَن عَلَى مُسْتَوَى شَخْصِي قَدْ يَكُون الله مُعْلَن لِلكُل لكِنْ لَمْ يُسْتَعْلَن لِي أنَا كَمَا قَالَ بُولِس الرَّسُول ﴿ ظَهَرَ لِي أنَا ﴾ ( 1كو 15 : 8 )جَيِّد فِي شَخْص رَبِّنَا يَسُوع أنَّ بِهِ كُل هذِهِ المَدَارِس وَنَحْنُ لَمْ نَعْرِفَهُ بَعْد .
تَعْلِيمُه عَمَلِي :-
مَثَلاً إِنْتَ غَاضِب مِنْ إِنْسَان يِقُول لَك إِذْهَب بِينَك وَبِينُه وَعَاتْبُه إِنْ لَمْ يَسْمَع مِنَّك تِسْأل مَاذَا أفْعَل ؟ يَقُول لَك قُلْ لِلكَاهِن إِنْ لَمْ يَسْمَع مَاذَا أفْعَل ؟ يُجِيب لِيَكُنْ عِنْدَك مِثْل الوَثَنِي ( مت 18 : 15 – 17)عَمَلِي وَوَاقِعِي وَلَهُ دَرَجَات أي لاَ أسْتَطِيع أنْ أطْلُب مِنْكَ مُسْتَوَى الفَضِيلَة المُطْلَق تَكَلَّمْ عَنْ الوَزْنَة وَالوَزْنَتَيْن وَالخَمَس وَزَنَات تَكَلَّمْ عَنْ إِسْلُوب عَمَلِي حَتَّى أنَّكَ لَوْ قَرَأت لِلأبَاء النُّسَاك تَجِد أنَّ تَعَالِيم الإِنْجِيل وَإِسْلُوبُه أسْهَل لأِنَّ تَعَالِيم يَسُوع عَمَلِيَّة تَتَنَاسَبْ مَعَ وَضْعَك بِمَعْرِفَة وَعَمَلِيَّة وَيِرَاعِي الظُرُوف لِذلِك يِكَلِّمَك عَنْ دَرَجَات وَارْتِقَاء وَمِنْ ظُرُوف الحَيَاة نَفْسَهَا أرْمَلَة وَقَاضِي لَمْ يَشَأ أنْ يَنْصِفْهَا لِزَمَان ( لو 18 : 1 – 5 ) تَعْلِيم سَهْل أنْ نَحْيَاه وَنَعِيشُه لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْ وَاقِعْ إِلهِي دُونَ النَّظَر لِوَاقِعْ إِنْسَانِي بَلْ تَكَلَّمْ مِنْ وَاقِعْ إِلهِي مُرَاعِياً الوَاقِعْ الإِنْسَانِي رَبِّنَا يَسُوع صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً رَقَمْ * أرْبَعِين * رَقَمْ مُهِمْ وَمُفْرِح هُوَ حَاصِل ضَرْب 4 × 10رَقَمْ * أرْبَعَة * هُوَ رَقَمْ أرْضِي يُشِير لِلجِهَات الأرْبَعَة وَرَقَمْ * عَشَرَة * رَقَمْ سَمَاوِي أي جَمَعْ مَا هُوَ أرْضِي وَسَمَاوِي لِذلِك صَامَ أرْبَعِينَ يَوْماً لِيُعْلِن لَنَا عَطَايَا السَّمَاء الَّتِي تُؤخَذْ بِجِهَاد جَسَدِي أرْضِي الأرْضِي يَتَحَوَّل إِلَى سَمَاوِي مِنْ الجِهَاد الأرْبَعِينِي السَيِّد الْمَسِيح خَدَم 40 شَهْر وَعَاش عَلَى الأرْض 400 شَهْر قَضَى 40 يُوْم بَعْد القِيَامَة لِيُثَبِّت الكِنِيسَة لِذلِك رَقَم " 40 " رَقَمْ مُصَالَحَة بَيْنَ السَّمَاء وَالأرْض لِذلِك نَحْنُ نَصُوم أرْبَعِينَ يَوْماً لِلمُصَالَحَة أنْتَ تُقَدِّم صُوْم بِالجَسَد لكِنُّه صُوْم مِنْ أجْل الرُّوح إِذاً أنْتَ تَصُوْم بِنِعْمَة إِلَهِيَّة رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
14 يوليو 2018
آباؤنا الرسل وخدمة التسبيح - الجزء الثاني
(د) تسبحة الغلبة والخلاص:
إن الأبدية السعيدة هي مكافأة الأبرار، وانتصار العدل على الأشرار وهذا أيضًا موضوع تسبيح السمائيين "فحَدَثَتْ أصواتٌ عظيمَةٌ في السماءِ قائلَةً: قد صارَتْ مَمالِكُ العالَمِ لرَبنا ومَسيحِهِ، فسَيَملِكُ إلَى أبدِ الآبِدينَ والأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا الجالِسونَ أمامَ اللهِ علَى عُروشِهِمْ، خَرّوا علَى وُجوهِهِمْ وسجَدوا للهِ قائلينَ: نَشكُرُكَ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُل شَيءٍ، الكائنُ والذي كانَ والذي يأتي، لأنَّكَ أخَذتَ قُدرَتَكَ العظيمَةَ ومَلكتَ وغَضِبَتِ الأُمَمُ، فأتَى غَضَبُكَ وزَمانُ الأمواتِ ليُدانوا، ولتُعطَى الأُجرَةُ لعَبيدِكَ الأنبياءِ والقِديسينَ والخائفينَ اسمَكَ، الصغارِ والكِبارِ، وليُهلكَ الذينَ كانوا يُهلِكونَ الأرضَ" (رؤ15:11-18) ما أجمل هذا المنظر السمائي البديع فهناك أصوات عظيمة تليق بتسبيح الإله العظيم وحده، وهناك كلمات تسبيح تُعبّر عن سيادة الله، ومملكته الأبدية التي لن تزول، وهناك أيضًا الخوارس التي (ترابع) التسبيح بطريقة الأنتيفونا (المردات أو المرابعة) والأعظم أيضًا في هذا التسبيح أن الملائكة مُتهللة لهزيمة الشيطان، وسقوطه، وسقوط مملكته، وطرحه في بحيرة النار والكبريت لذلك صارت هذه الهزيمة المنكرة موضوع تسبيحهم، وبرهان شركتهم مع البشر القديسين الذين غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم "وسَمِعتُ صوتًا عظيمًا قائلاً في السماءِ: الآنَ صارَ خَلاصُ إلهِنا وقُدرَتُهُ ومُلكُهُ وسُلطانُ مَسيحِهِ، لأنَّهُ قد طُرِحَ المُشتَكي علَى إخوَتِنا، الذي كانَ يَشتَكي علَيهِمْ أمامَ إلهِنا نهارًا وليلاً وهُمْ غَلَبوهُ بدَمِ الخَروفِ وبكلِمَةِ شَهادَتِهِمْ، ولم يُحِبّوا حَياتَهُمْ حتَّى الموتِ مِنْ أجلِ هذا، افرَحي أيَّتُها السماواتُ والسّاكِنونَ فيها ويلٌ لساكِني الأرضِ والبحرِ، لأنَّ إبليسَ نَزَلَ إلَيكُمْ وبهِ غَضَبٌ عظيمٌ! عالِمًا أنَّ لهُ زَمانًا قَليلاً" (رؤ10:12-12) وهذه التسبحة تُشبه الهوس الأول الذي فيه نُسبِّح الله على نجاة شعبه، وهلاك فرعون في البحر الأحمر ونحن أيضًا نخلُص بعبورنا في المعمودية التي فيها يهلك الشيطان إن التسبيح في السماء يُعبّر عن الصفاء والنقاوة التي سنتمتع بها مع السمائيين، بعد أن طرح الله الشيطان المشتكي علينا في بحيرة النار، وخلّص الكون من شره وفساده وسلطانه المزعوم ما أجمل الحياة بعد هزيمة الشيطان: "ثُمَّ نَظَرتُ وإذا خَروفٌ واقِفٌ علَى جَبَلِ صِهيَوْنَ، ومَعَهُ مِئَةٌ وأربَعَةٌ وأربَعونَ ألفًا، لهُمُ اسمُ أبيهِ مَكتوبًا علَى جِباهِهِمْ وسَمِعتُ صوتًا مِنَ السماءِ كصوتِ مياهٍ كثيرَةٍ وكصوتِ رَعدٍ عظيمٍ وسمِعتُ صوتًا كصوتِ ضارِبينَ بالقيثارَةِ يَضرِبونَ بقيثاراتِهِمْ، وهُمْ يترَنَّمونَ كتَرنيمَةٍ جديدَةٍ أمامَ العَرشِ وأمامَ الأربَعَةِ الحَيَواناتِ والشُّيوخِ ولم يَستَطِعْ أحَدٌ أنْ يتعَلَّمَ التَّرنيمَةَ إلا المِئَةُ والأربَعَةُ والأربَعونَ ألفًا الذينَ اشتُروا مِنَ الأرضِ هؤُلاءِ هُمُ الذينَ لم يتنَجَّسوا مع النساءِ لأنَّهُمْ أطهارٌهؤُلاءِ هُمُ الذينَ يتبَعونَ الخَروفَ حَيثُما ذَهَبَ هؤُلاءِ اشتُروا مِنْ بَينِ الناسِ باكورَةً للهِ وللخَروفِ وفي أفواهِهِمْ لم يوجَدْ غِشٌّ، لأنَّهُمْ بلا عَيبٍ قُدّامَ عَرشِ اللهِ" (رؤ1:14-5) لقد انفتح المجال للبشر (المائة والأربعة والأربعون ألفًا – وهو رقم رمزي يدل على المؤمنين المتمتعين بالحياة الأبدية) أن يشتركوا مع صفوف السمائيين في تسابيحهم، ويتعلموا ترنيمهم، ويتبعوا الخروف حيثما ذهب.
(هـ) ترنيمة موسى "عبد الله":-
إنها تسبحة خالدة، تلك التي ترَّنم بها موسى مع شعبه عند خروجهم من أرض مصر، وتسجلت في سفر الخروج (الأصحاح 15) والآن نحن نُسبِّح الله بها (في الهوس الأول) من أجل أعماله العظيمة في خلاصنا الثمين من قبضة إبليس وسوف نستمر نُسبِّحها في السماء مع كل الغالبين، لأنه بالحقيقة أنقذنا من سلطان إبليس الظالم، فعندما ذُبح المسيح من أجلنا (مثل خروف فصح) عبر بنا من ظلمة الخطية إلى النور الحقيقي، ومن عبودية إبليس إلى حرية مجد أولاد الله"ورأيتُ كبحرٍ مِنْ زُجاجٍ مُختَلِطٍ بنارٍ، والغالِبينَ علَى الوَحشِ وصورَتِهِ وعلَى سِمَتِهِ وعَدَدِ اسمِهِ، واقِفينَ علَى البحرِ الزُّجاجي، معهُمْ قيثاراتُ اللهِ، وهُمْ يُرَتلونَ ترنيمَةَ موسَى عَبدِ اللهِ، وترنيمَةَ الخَروفِ قائلينَ: عظيمَةٌ وعَجيبَةٌ هي أعمالُكَ أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُل شَيءٍ! عادِلَةٌ وحَقٌّ هي طُرُقُكَ يا مَلِكَ القِديسينَ! مَنْ لا يَخافُكَ يارَبُّ ويُمَجدُ اسمَكَ؟ لأنَّكَ وحدَكَ قُدّوسٌ، لأنَّ جميعَ الأُمَمِ سيأتونَ ويَسجُدونَ أمامَكَ، لأنَّ أحكامَكَ قد أُظهِرَتْ" (رؤ2:15-4).
(و) آمين... هللويا...
الحرية التي نتمتع بها بالحقيقة في السماء سوف تفك عقدة لساننا، فننطق بالتسبيح قائلين هللويا إنها كلمة تحمل معاني عميقة، فنحن نتهلل لإلهنا وبه، ونحمده ونفرح به من خلالها، لأنه بالحقيقة إلهنا القوي المحب، المنتقم من الأشرار، والرحوم على أبنائه الأحباء "وبَعدَ هذا سمِعتُ صوتًا عظيمًا مِنْ جَمعٍ كثيرٍ في السماءِ قائلاً: هَللويا! الخَلاصُ والمَجدُ والكَرامَةُ والقُدرَةُ للرَّب إلهِنا، لأنَّ أحكامَهُ حَقٌّ وعادِلَةٌ، إذ قد دانَ الزّانيَةَ العظيمَةَ التي أفسَدَتِ الأرضَ بزِناها، وانتَقَمَ لدَمِ عَبيدِهِ مِنْ يَدِها وقالوا ثانيَةً: هَللويا! ودُخانُها يَصعَدُ إلَى أبدِ الآبِدينَ وخَرَّ الأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا والأربَعَةُ الحَيَواناتِ وسجَدوا للهِ الجالِسِ علَى العَرشِ قائلينَ: آمينَ! هَللويا! وخرجَ مِنَ العَرشِ صوتٌ قائلاً: سبحوا لإلهِنا يا جميعَ عَبيدِهِ، الخائفيهِ، الصغارِ والكِبارِ!. وسَمِعتُ كصوتِ جَمعٍ كثيرٍ، وكصوتِ مياهٍ كثيرَةٍ، وكصوتِ رُعودٍ شَديدَةٍ قائلَةً: هَللويا! فإنَّهُ قد مَلكَ الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُل شَيءٍ لنَفرَحْ ونَتَهَلَّلْ ونُعطِهِ المَجدَ! لأنَّ عُرسَ الخَروفِ قد جاءَ، وامرأتُهُ هَيّأتْ نَفسَها وأُعطيَتْ أنْ تلبَسَ بَزًّا نَقيًّا بَهيًّا، لأنَّ البَزَّ هو تبَرُّراتُ القِديسينَ" (رؤ1:19-8).
آه.. يا سيدي الرب..
آه.. لو تطرد الشيطان من حياتي،
وتنزع الظُلم من طبعي،
وتعطيني أن أُسبِّحك باستقامة القلب،
دون أي انشغال أو تشويش.
آه.. لو يتفرغ قلبي لخدمة التسبيح فقط!!
هذه هي حياة السماء وجمال تسابيحها أما الأشرار الذين حرموا أنفسهم من تسبيح الله في حياتهم، وكانوا بدلاً من ذلك يغنون بأغاني الشيطان، ونعيم الدنيا وموسيقى الشر، فسيتم فيهم قول الكتاب:"بقَدرِ ما مَجَّدَتْ نَفسَها وتنَعَّمَتْ، بقَدرِ ذلكَ أعطوها عَذابًا وحُزنًا" (رؤ7:18)"وصوتُ الضّارِبينَ بالقيثارَةِ والمُغَنينَ والمُزَمرينَ والنّافِخينَ بالبوقِ، لن يُسمَعَ فيكِ في ما بَعدُ ونورُ سِراجٍ لن يُضيءَ فيكِ في ما بَعدُ وصوتُ عَريسٍ وعَروسٍ لن يُسمَعَ فيكِ في ما بَعدُ لأنَّ تُجّارَكِ كانوا عُظَماءَ الأرضِ إذ بسِحرِكِ ضَلَّتْ جميعُ الأُمَمِ وفيها وُجِدَ دَمُ أنبياءَ وقِديسينَ، وجميعِ مَنْ قُتِلَ علَى الأرضِ" (رؤ22:18-24) طوبى لمَنْ يمتلئ فمه بالتسبيح، ولسانه بالنغم الروحاني، وقلبه بسكنى شخص المسيح حقًا سيكون له نصيب وميراث مع خوارس السماء في هذا التسبيح الأبدي البديع.
(ز) والبشر أيضًا يُسبِّحون..
لذلك نرى في سفر الرؤيا البشر الغالبين يُشاركون أيضًا في هذا التسبيح السمائي الجميل: "بَعدَ هذا نَظَرتُ وإذا جَمعٌ كثيرٌ لم يَستَطِعْ أحَدٌ أنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُل الأُمَمِ والقَبائلِ والشُّعوبِ والألسِنَةِ، واقِفونَ أمامَ العَرشِ وأمامَ الخَروفِ، مُتَسَربِلينَ بثيابٍ بيضٍ وفي أيديهِمْ سعَفُ النَّخلِ، وهُمْ يَصرُخونَ بصوتٍ عظيمٍ قائلينَ: الخَلاصُ لإلهِنا الجالِسِ علَى العَرشِ وللخَروفِ وجميعُ المَلائكَةِ كانوا واقِفينَ حَوْلَ العَرشِ، والشُّيوخِ والحَيَواناتِ الأربَعَةِ، وخَرّوا أمامَ العَرشِ علَى وُجوهِهِمْ وسجَدوا للهِ قائلينَ: آمينَ! البَرَكَةُ والمَجدُ والحِكمَةُ والشُّكرُ والكَرامَةُ والقُدرَةُ والقوَّةُ لإلهِنا إلَى أبدِ الآبِدينَ آمينَ!" (رؤ9:7-12) هؤلاء الغالبون قيل عنهم: "هؤُلاءِ هُمُ الذينَ أتَوْا مِنَ الضيقَةِ العظيمَةِ، وقد غَسَّلوا ثيابَهُمْ وبَيَّضوا ثيابَهُمْ في دَمِ الخَروفِ مِنْ أجلِ ذلكَ هُم أمامَ عَرشِ اللهِ، ويَخدِمونَهُ نهارًا وليلاً في هيكلِهِ، والجالِسُ علَى العَرشِ يَحِلُّ فوقَهُمْ لن يَجوعوا بَعدُ، ولن يَعطَشوا بَعدُ، ولا تقَعُ علَيهِمِ الشَّمسُ ولا شَيءٌ مِنَ الحَر، لأنَّ الخَروفَ الذي في وسطِ العَرشِ يَرعاهُمْ، ويَقتادُهُمْ إلَى يَنابيعِ ماءٍ حَيَّةٍ، ويَمسَحُ اللهُ كُلَّ دَمعَةٍ مِنْ عُيونِهِمْ " (رؤ14:7-17) طوبى لهؤلاء الغالبين لأنهم يقفون أمام عرش الله ويخدمونه بالتسبيح في هيكله المقدس نهارًا وليلاً أعطني يا مخلصي القدوس أن يكون لي نصيب في هذا الخورس السمائي، ولا تحرمني من نعمة التسبيح هنا في الكنيسة وهناك في الأبدية.
لي اشتهاء..
إن قلبي الآن يقفز فرحًا واشتياقًا أن يُشارك هذا الخورس السمائي العظيم حقًا قال مُعلمنا بولس الرسول: "ليَ اشتِهاءٌ أنْ أنطَلِقَ وأكونَ مع المَسيحِ، ذاكَ أفضَلُ جِدًّا" (في23:1).
"آمينَ. تعالَ أيُّها الرَّبُّ يَسوعُ" (رؤ20:22).
تعالَ ياربي يسوع،
لنتمتع بهذه الليتورجيا السمائية الملائكية،
التي لا يشوبها شائبة،
ولا يُعطلها شيء،
ومُحاطة بكل جمال وكمال سماوي.
ليس فقط جمال التسبيح،
ولكن أيضًا جمال الشركة ورائحة البخور.
"وجاءَ مَلاكٌ آخَرُ ووَقَفَ عِندَ المَذبَحِ، ومَعَهُ مِبخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وأُعطيَ بَخورًا كثيرًا لكَيْ يُقَدمَهُ مع صَلَواتِ القِديسينَ جميعِهِمْ علَى مَذبَحِ الذَّهَبِ الذي أمامَ العَرشِ فصَعِدَ دُخانُ البَخورِ مع صَلَواتِ القِديسينَ مِنْ يَدِ المَلاكِ أمامَ اللهِ" (رؤ3:8-4).
يا سيدي القدوس..
ليت صلواتي تكون رائحة بخور قدامك،
ولتكن حياتي بك مجمرة من ذهب،
وبخور عطر يملأ البيت (الكنيسة)
من رائحة طيب حبك.
لقد تمتعنا الآن بسياحة بطول الكتاب المقدس وعرضه، لنكتشف مفردات كنز التسبيح به، تاريخًا ونصوصًا وروحانية الآن دعونا نتأمل في بعض نماذج من تسابيح القديسين في الكتاب المقدس، ولنبدأ بتسبحة القديسة العذراء مريم أم الله.
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
13 يوليو 2018
أهم دور للأسقف هو دور المربي
"17وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ. ١٨ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمْ:"أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ، ١٩ أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ. ٢٠ كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، ٢١ شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. ٢٢ وَالآنَ هَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِالرُّوحِ، لاَ أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي هُنَاكَ. ٢٣ غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ قَائِلاً: إِنَّ وُثُقًا وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُنِي. ٢٤ وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.
٢٥ وَالآنَ هَا أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي أَيْضًا، أَنْتُمْ جَمِيعًا الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَكُمْ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ. ٢٦ لِذلِكَ أُشْهِدُكُمُ الْيَوْمَ هذَا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ الْجَمِيعِ، ٢٧ لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ. ٢٨ اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. ٢٩ لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. ٣٠ وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ. ٣١ لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ. ٣٢ وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. ٣٣ فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ. ٣٤ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ. ٣٥ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ". ٣٦ وَلَمَّا قَالَ هذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى. ٣٧ وَكَانَ بُكَاءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ يُقَبِّلُونَهُ ٣٨ مُتَوَجِّعِينَ، وَلاَ سِيَّمَا مِنَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا: إِنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا وَجْهَهُ أَيْضًا. ثُمَّ شَيَّعُوهُ إِلَى السَّفِينَةِ. (أع 20 : 38 - 17)
من خلال خطاب القديس بولس الرسول الوداعي الذي ألقاه على قسوس أفسس مشيرا إلى دور المربي الذي يعد هو الدور الأهم للأب الأسقف ، وإلى ملخص الكلمة:
الأسقف يحمل ألقاب كثيرة (أب- معلم -معمر - مجامل) ولكن أحد الألقاب شديدة الأهمية التي يجب أن يحملها الأب الأسقف هي كلمة مربي ..
مدينة أفسس أكبر مدينة زارها القديس بولس ومكث فيها كثيرا (٣سنوات) وكلمة أفسس معناها محبوبة ، وصفة المربي للأب الأسقف في غاية الأهمية ، قد يكون الأسقف معمرا أو معلما....الخ إلا أن أهمية وظيفة الأسقف تعود إلي كونه مربيا وصفات المربي تأخذ سبعة أبعاد :
١- سعادة التواجد مع الرعية : كنت معكم كل الزمان .....الرعية تفرح بوجود راعيها في وسطها فلا يغيب عنها.
٢- حيوية الخدمة: كيف لم أؤخر شيئا من الفوائد وإلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهرا .... الخدمة متجددة
٣- مجال الخدمة: شاهدا لليهود و اليونانيين..... أنت شاهد في مكانك لكل الذين حولك ب ثلاث أمور
أ- التوبة : توبة النفوس
ب- الإيمان: تثبيت الايمان
ج- أتمم بفرح سعيي : كمال الفرح .. خدمة في أكمل صورها
٤- حراسة الخدمة:احترزوا إذا لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه.... أي أن الاحتراس من تواجد أصحاب الأمور الملتوية داخل الخدمة يحفظ الرعية من الذئاب الخاطفة
٥- نجاح الخدمة: اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين نهارا وليلا لم أفتر عن أنذر بدموع كل واحد
إسهروا: تقدير الوقت
بلا فتور: بدون كسل وبدون توقف
بدموع : الاعتماد الكلي علي الصلاة
٦-سلامة الخدمة: سلامة الخدمة تقوم أساسا علي
الكتاب المقدس كلمة الله : الانجيل يجب أن يكون أكثر حضورا فيستودع الانجيل في كل قلب أستودعكم لله ولكلمة نعمته القادرة أن تبنيكم
روح الزهد : أحد أساسيات حياتنا ، ان نحيا الفقر الاختياري ولا نأخذ شيئا معنا
روح النسك و الزهد أحد أساسيات تربية الرعية
روح العطاء : مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ.....اساس التربية هو روح العطاء أكثر من الأخذ
٧- عمل الخدمة : تشمل ركوع- خضوع - اتضاع - صلاة - دموع
هذا هو عمل الخدمة. السبعة جوانب يشكلون الأسقف المربي
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
12 يوليو 2018
أسفار يزعمون أنها مفقودة من الكتاب المقدس!!
يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي عشرات المواقع على النت، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا دراسة حقيقية، منطقية أو علمية، للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وخلفياته التاريخية والحضارية والبيئة التي كتب أثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار، وهل فقدت وضاعت، وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة؟
1- إنجيل واحد أم أناجيل كثيرة؟
2- هل هناك رسائل مفقودة من العهد الجديد؟
3- هل هناك أسفار مفقودة من العهد القديم؟
إنجيل واحد أم أناجيل كثيرة؟
1 – إنجيل واحد أم أناجيل كثيرة؟
وراح هؤلاء يزعمون، بغير معرفة ولا دراسة، أن العهد الجديد يذكر أناجيل كثيرة وليس إنجيل واحد، ويقولون أن هذه الأناجيل ضاعت أو فُقدت أو أُتلفت أو حُرقت ولم يعد لها أي وجود!! ويستشهدون باستخدام الكتاب لتعبير وكلمة "إنجيل" تحت أكثر من مسمى، فيقولون أن العهد الجديد يذكر: "إنجيل المسيح"، و"إنجيل يسوع المسيح"، و"إنجيل ربنا يسوع المسيح"، و"إنجيل ابنه"، و"إنجيل مجد المسيح"، و"إنجيل الله"، و"إنجيل آخر" (غل1:6)، و"إنجيل الغرلة"، و"إنجيل الختان"، و"إنجيل خلاصكم"، و"إنجيل السلام"، و"إنجيل مجد الله المبارك"، كما يكرر القديس بولس تعبير "إنجيلي"، و"الإنجيل الذي بشرت به"، "الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم" (1). أي تصوروا أن كل اسم من هذه الأسماء هو إنجيل مختلف عن الآخرين!! كما تصوروا أن الإنجيل الذي يتحدث عنه القديس بولس الرسول يعبر عن إنجيل معين يختلف عن الآخرين، هو "إنجيل بولس" أي أنه كان هناك، بحسب هذا الفهم الخاطيء حوالي أربعة عشر إنجيلا على الأقل مذكورًا في العهد الجديد غير الأناجيل الأربعة المعروفة!! وراحوا يسخرون ويتساءلون قائلين: أين هي هذه الأناجيل؟ ولماذا لا توجد الآن؟ وهل فقدت أم أُتلفت أم حُرقت؟ بل وراحوا يزايدون في قولهم أن هذه الأناجيل لو وجدت لكشفت الكثير مما يحاول، من يسمونهم بالنصارى، إخفاءه!! وهكذا يقولون كلامًا عشوائيًا مرسلًا لا دليل عليه سوى تخيلات وتهيؤات وأماني كاذبة وأحلام يقظة، بل ويخترعون القصة ثم يصدقونها!! وهذا يذكرني بأسطورة المثال اليوناني، بيجمليون، الذي صنع تمثالًا رائعًا لامرأة جميلة ومن فرط جمالها أحبها وتمنى من الآلهة أن تحولها إلى امرأة حقيقية لتكون محبوبته!! وهكذا هؤلاء أيضًا فقد صنعوا أسطورة أعجبتهم ومن شدة إعجابهم بها صدقوها وراحوا يكررونها في الكثير من المقالات والكتب!!ولكي نوضح الحقيقة نقول لهؤلاء وغيرهم أن كلمة إنجيل بمشتقاتها (إنجيل والإنجيل وبإنجيل وبالإنجيل وإنجيلنا وإنجيلي) وردت في العهد الجديد 67 مرة؟ وتكررت كلمة "إنجيل" و"بالإنجيل" وحدها 24 مرة وفي معظمها تعني "إنجيل المسيح"؛ "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (مر1:1)؟ "ملء بركة إنجيل المسيح" (رو29:15) (2)، و"إنجيل ربنا يسوع المسيح"، "لأني لست استحي بإنجيل المسيح" (رو1: 16و 19)، "بقوّة آيات وعجائب بقوة روح الله. حتى أني من أُورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح" (رو15: 19). وإنجيل ابنه، ابن الله، المسيح "فان الله الذي اعبده بروحي في إنجيل ابنه (المسيح)" (رو9:1)، ويوصف أيضا بـ"إنجيل مجد الله المبارك" (1تي11:1). و"إنجيل خلاصكم" (أف13:1). و"إنجيل السلام" (أف15:6). و"إنجيل الله" (1تس8:2؛ 1بط17:4)؟ "نكرز لكم بإنجيل الله" (1تس2:9)، "نكلمكم بإنجيل الله" (1تس2:2). فإنجيل المسيح هو إنجيل الله وقد وردت كلمة "الإنجيل" معرفة 31 مرة وكلها تعني جوهر كرازة وعمل المسيح والبشارة به أو الكرازة بعمل الخلاص الذي تم فيه؟ فالمسيح نفسه؟ شخصه وعمله وتعليمه هو جوهر الإنجيل؟ هو الإنجيل عمليًا. يقول الرب يسوع المسيح عن المرأة التي مسحته بالطيب "الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضا بما فعلته هذه تذكارا لها" (مت26:13؛مر14:9)؟ ويربط بين نفسه وبين الإنجيل "فان من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومن يهلك نفسه من اجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلّصها" (مر8:35)؟ "فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس احد ترك بيتا أو أخوة أو أخوات أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا لأجلي ولأجل الإنجيل" (مر10:29) وكلمة "إنجيل" في اللغة اليونانية هي "إيوانجليون – εύαγγελιον - euangelion" وتعنى بصورة عامة "الأخبار السارة" أو "البشارة المفرحة" (3) good News. وقد أخذت كما هي تقريبًا في اللاتينية والقبطية "إيفانجليون – evangelion" وبنفس المعنى ويرادفها في اللغة العبرية "بشارة" أو "بُشرى" وقد وردت في العهد القديم ست مرات بمعنى البشارة أو البشرى بأخبار سارة(4) أو المكافأة على أخبار سارة. ويرادفها في اللغة العربية أيضًا "بشارة" كما تنطق أيضًا "إنجيل" (5) وتعنى كلمة "إنجيل" في العهد الجديد بصفة عامة "إنجيل المسيح"، وتعني في الأناجيل الأربعة بصفة خاصة "بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت" (مت23:4)، "بشارة (إنجيل - εύαγγελιον- euangelion) ملكوت الله" (مر14:1) الذي جاء في شخص وكرازة المسيح، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالمسيح هو ملك هذا الملكوت والمبشر والكارز به أيضًا:" وكان يسوع يطوف كل الجليل ويُعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب" (مت23:4؛35:9)؟ وأعد تلاميذه للكرازة بهذا الملكوت وقال لهم "ويكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον- euangelion) الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم" (مت14:24)؟ والكلمة المترجمة "بشارة" في هذه الآيات هي "إيوانجليون - εύαγγελιον – euangelion"، أي "إنجيل الملكوت" كما ترجمت "بشارة" و"إنجيل" في آية واحدة:" جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة (بإنجيل - εύαγγελιον – euangelion) ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (εύαγγελιον – euangelion)" (مر14:1)إذا فكلمة إنجيل في حد ذاتها تعني البشارة بملكوت الله الذي هو ملكوت المسيح ذاته، ومحتواها وجوهرها هو شخص المسيح ذاته، كما يقول الإنجيل نفسه "جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه" (أع1:1و2)، المسيح في شخصه وعمله وتعليمه، هو ذاته، الرسالة والبشارة والإنجيل، محور الإنجيل وجوهره، هدفه وغايته، كما أنه هو أيضًا حاملها وباعثها ومقدمها إلى العالم.
ويلخص القديس بولس الرسول جوهر الإنجيل بقوله بالروح القدس "وأعرّفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضًا تخلصون أن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثا. فأنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا أن المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب. وانه دفن وانه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وانه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الآن ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا" (1كو15:1-8)إذا لا يوجد سوى إنجيل واحد هو إنجيل المسيح وأن كان الكتاب المقدس قد استخدم له تسميات متنوعة كلها تؤكد أنه إنجيل ملكوت الله أو إنجيل المسيح.
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد