المقالات
11 أغسطس 2018
الشفيعة المؤتمنة
"طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما... بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه" (لو 27:11،28).
"طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 45:1).
طوبى لمريم العظيمة التي "كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها" (لو 19:2).
طوبى لمن تكلمت بالروح القدس معلنة "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو 48:1).
نطوبك يا ذات كل التطويب لأنك بالحقيقة ارتفعت على كل السمائيين، وصرت سماء ثانية تحمل القدوس كالشاروبيم وأبهى.
يا للعجب.. الأم الأعجوبة.. الأم والعذراء.. الأم والأَمَة.. الملكة والعبدة.. كيف لعقلي الصغير أن يستوعب هذه الأعجوبة.
فتاة صغيرة تحمل في حضنها (يهوه).. أخبريني يا أمي كيف استوعبت الخبر.. وكيف احتملتِ الخبرة.. من تخافه الملائكة وترتعب أمامه القوات.. من يقف الكهنة أمامه بكل احتشام ويتطهرون عندما يكتبون اسمه.. كيف حملتيه أنت في بطنك وحضنك وكيف رضع من لبن ثدييك.
خبريني يا عروس المسيح الباهرة كيف كان (يحبو) يسوع.. ومتى تكلم.. وكيف نطق الحروف الأولى.. أخبريني عن أسرار الملك، إذ أنه (شابهنا في كل شيء، ما خلا الخطية وحدها).. كان مثلنا "يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو 52:2) ولكنه كان "ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه" (لو 40:2).
اِحكي يا أم النور عن النور والبهاء الذي كان يحيط بطفلك العجيب.. وخبرينا عن المجد والوقار والرزانة والنعمة المنبعثة من شخصه القدوس.. طوباك يا مريم لأنك عاينت ما لم تره عين.. وخبرت ما لم يختبره إنسان وصدَّقتِ ما يفوق العقل.. وعقِلتِ ما يصيب بالذهول.
إنني أقف من بعيد يحجبني الزمان السحيق والمكان البعيد... أقف مذهولاً من الأمر نفسه الذي استوعبتِهِ أنت وعشتِهِ.
قلبي ولساني وعقلي وحواسي يتيهون.. وقلمي يعجز عن خط الكلمات.. مشاعري مختلطة ولا أستطيع الكلام أو أن أرتب العبارات.. لأنني مأخوذ ومشدود بسبب بهائك الكامل يا أم كل طهر وأصل البتولية.
قالعذراء عروس الله..
"هاأنت جميلة يا حبيبتي. ها أنت جميلة عيناك حمامتان" (نش 15:1)، "كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة" (نش 7:4)، "قد سبيت قلبي يا أختي العروس.. قد سبيت قلبي.. ما أحسن حبك يا أختي العروس.. شفتاك يا عروس تقطران شهداً، تحت لسانك عسل ولبن ورائحة ثيابك كرائحة لبنان، أختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش 9:4-12).
لم تكن العذراء فقط أم الله "طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما" (لو 27:11)، بل هي أيضاً عروس الله وصديقته التي كانت "تحفظ كلامه في قلبها" (لو 51:2)، لذلك فقد نالت الطوبيين "إن القديسة مريم استحقت التطويب من أجل إيمانها بالمسيح أكثر من كونها حبلت به، إن صلة أمومتها بالمسيح لم تعطها أي ميزة.. الميزة الحقيقية التي للقديسة مريم، هي في كونها حملت المسيح في قلبها كما في بطنها" أغسطينوس.
لقد خضعت العذراء في حب وفرح "هاأنذا أمة الرب ليكن لي كقولك" (لو 38:1). واحتملت سيوفاً كثيرة "وأنت يجوز في نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرين" (لو 35:2).
ولكنها في هذه كلها كانت أنموذجاً رائعاً للاحتمال والهدوء والوداعة.. ثم صاغت خبرتها هذه في عبارة نصيحة لكل الأجيال "مهما قال لكم فافعلوه" (يو 5:2).
نعم يا أمي الطاهرة سأطيع أبنك وأخضع لتدبيره.. هوذا أنا عبد للرب ليكن لي كقولك وكتدبيرك لحياتي وكخطتك لي قبل أن أولد وليتمجد اسمك القدوس فيَّ وفى كنيستك.
وأنت يا أمي المحبوبة..
أتوسل إليك يا حبيبتي العروس.. اسنديني بعطفك لكي أتمم مشيئة ابنك فيَّ.. ولكي أخضع لصوته الإلهي، دون تردد أو تذمر أو إحجام.
وأتمم عمله فيَّ دون عائق أو مانع.. مجداً وإكراماً للثالوث القدوس وسلاماً وبنياناً لكنيسة الله.
العذراء صديقة الإنسان.
لقد فشلت حواء أن تكون "أم كل حي" (تك 20:3) لأنها جلبت علينا حكم موت فصار كل مولود منها ومن نسلها ابناً للموت ووقوداً للهلاك، ولكن مريم العذراء صارت وسيلة وسلَّماً ينزل عليه
الله الحي.. لكي يحيي جنس البشر.. يحيينا عندما نتحد به.. في المعمودية والإفخارستيا، فنصير أيضاً أعضاء فيه.. ونصير أيضاً أبناء لمريم بسببه.. وهكذا تصير العذراء مريم (أم جميع الأحياء) وتصير بالحق (حواء الثانية).. رفعت من شأن جنسنا (أنت بالحقيقة فخر جنسنا) وصارت لنا شفيعة ترفع احتياجاتنا لابنها الحبيب، "ليس لهم خمر" (يو 3:2) وتتوسط لديه لغفران خطايانا ولكي يسندنا في جهادنا وتوبتنا وفى خدمتنا ونمونا.
إن العذراء عندما رفعت احتياج الناس لابنها (ليس لهم خمر) لم تكن تلفت نظره إلى حدث فاته ولم تكن تحاول الحصول على موافقة صعبة ولكن وساطتها تكون بسبب اتحاد قلبها الرقيق برحمة ابنها وشفقته، وموقفها النبيل يعبر عن محبة ابنها وحنانه غير المحدودين.. إنها وهى الأم التي تعرف قلب الابن وما به من ينابيع الحب تجاه البشر تشفع فينا لتستجلب مراحم الله الصادقة، ولكنها أيضاً فيما تشفع فينا توجهنا أن نطيعه "مهما قال فافعلوه" (يو 2:5). فرسالة العذراء لنا أن نطيع ونخضع وننفذ مشيئة الله فينا ونحن دائماً الرابحين لأن إرادة الله لحياتنا هي دائماً للخير والبنيان.
"ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" (رو28:8).
فطوبى للنفس التي تخضع للمسيح، ستستفيد بشفاعة العذراء. وطوبى للقلب الذي يعشق المسيح، ستكون العذراء سنده. وطوبى لمن جعل المسيح منتهى أمله، ستحضر العذراء إليه عند انفصال روحه من جسده.
لقد صارت العذراء أماً لكل البشرية عندما قرر المسيح على الصليب مخاطباً إياها بخصوص يوحنا الحبيب "يا امرأة هوذا ابنك" (يو 26:19) وليوحنا "هوذا أمك" (يو 27:19).. لم يكن يوحنا هنا إلا نموذجاً للبشرية المخلصة المحبوبة والتي ترافق السيد حتى في آلامه.. إن كل نفس تشارك المسيح صليبه وترافقه في آلامه تصير ابنة للعذراء.. إن مكان لقاء العذراء مع يوحنا وارتباطهما برباط الأمومة والبنوة كان أمام الصليب.. يا سيدي هبني صليباً يجعلني ابناً لأمك.. إن كل آلام الصليب تهون واستخف بها.. في مقابل أن أكون ابناً لأمك البتول آخذها إلى خاصتي (يو 27:19) وتصير معي في مسكني تشاطرني الأكل والصلاة... النوم والسهر الخدمة والخلوة... كأم معينة ومنقذة في الشدائد.
العذراء مثال للكنيسة :
"هؤلاء كلهم (الكنيسة) كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة، مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته" (أع 14:1).. إن العذراء مريم هي عضو أساسي ومشارك مع الكنيسة حتى
اليوم في الصلاة والطلبة وإقتبال الروح القدس ولكن عضوية أم النور عضوية متميزة، فهي نموذج ومثال رائع لما ينبغي أن تكون عليه النفس البشرية التي هي اللبنة الصغيرة في بناء الكنيسة الكبير.
كما أن العذراء بقيت عذراء بعد الولادة، كذلك الكنيسة تحفظ عذراوية كيانها المقدس بالرغم من وجودها في العالم بكل إغراءاته، فالكنيسة للعالم هي نور وملح ولكنه نور لا ينبغي أن ينطفئ وملح لا يجب أن يفسد.
العذراء وقد صارت أماً لله نظرت إلى نفسها كأمة متواضعة، وكذلك الكنيسة تسلك بروح الوداعة والاتضاع والمسكنة بالروح مع كثرة المواهب والأسرار التي تمتلكها بقوة وفعل الروح القدس.
العذراء في هدوء "آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (يو 45:1)، وسلمت أمرها للرب "ليكن لي كقولك" (لو 38:1).. كذلك الكنيسة تمسكت بالإيمان السليم وحافظت عليه في قلبها وطقسها وحياتها، مسلِّمة كل المشيئة لله الذي يقود ويدبر كل أمور الكنيسة بحكمته وعين رعايته الساهرة.
العذراء مريم جاز في نفسها سيف الألم عندما شك يوسف فيها.. وبالأكثر عندما رأت ابنها الحبيب الحنون معلقاً على الصليب.. "العالم يفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب عندما أنظر إلى صلبوتك، الذي أنت صابر عليه من أجل الكل يا ابني وإلهي" (الأجبية).. وكذلك الكنيسة عاشت وتعيش مضطهدة ومتألمة ومرفوضة من العالم، كحملان وسط ذئاب (لو 3:10)، ولكما ازداد الألم والضغط على الكنيسة كلما نمت وتمجدت لأن الآلام دائماً معبرنا للمجد، ولأن رئيس خلاصنا ورأسنا هو المسيح المصلوب.
العذراء خدمت البشرية واجتذبتها للخلاص بهدوئها وصمتها، "لأنك قدمت لله ابنك شعباً كثيراً من قبل طهارتك" (التسبحة اليومية).. وكذلك الكنيسة تعمل في البشرية كمثل الخميرة التي يسرى مفعولها في هدوء لتخمر العجين كله. فليست الخدمة الفعالة هي ذات الرنين العالي والشهوة الواسعة والدعاية الجوفاء.. ولكن الخدمة الفعالة هي خدمة العمق والهدوء والرزانة تلك التي خدم بها آباؤها القديسون منذ القدم، فربحوا نفوساً كثيرة للملكوت وكان النموذج الرائع لهذه الخدمة الأم العذراء بطهارتها وعمقها وزانتها المؤثرة.
إن مجرد ذكر اسم العذراء يحث النفس على الخشوع والصلاة، ويملأ القلب بهجة ووقاراً، كما يشيع في الجسد القداسة والنقاء.. إنها كأم تجمعنا حولها.. وتقدمنا لابنها.. فلنهتف إذاً مع أليصابات "مباركة أنت في النساء" (لو 42:1).
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
10 أغسطس 2018
صلوا بلا انقطاع
النهارده هنتأمل في اللؤلؤة رقم 9(صلوا بلا انقطاع)وهي متطابقة لحياة الصلاة الغير منقطعة لامنا العذراء… ومش هاتفرح بدون صلاة وشكر …و الصلاة نعمة منحها الله للانسان وحديث الله مع الانسان ليس مرتبط بظروف واوقات او مكان فالصلاة نعمة ولقاء مفتوح مع الله علي الدوام
اولا : كيف نصلي؟
1-الصلاة بالجسد
صلاة يشترك فيهاالجسد دون العقل حيث تشتيت العقل
2-الصلاة بانتباه داخلي
حيث الذهن المنتبه بكلمات الصلاة بوعي تام
3- صلاة القلب
وهي اتحاد صلاة الذهن مع مشاعر القلب وقتها يشعر الانسان بتواجده في الحضرة الالهية
ثانيا : الصلاة الدائمة
الصلاة الدائمة عبارة عن جملة تتكون من كلمات معدودة وهذه الكلمات مثل السهم ونجد في الكنيسة تسابيح وصلوات بها فيض من الصلوات و الاباء ابتكروا الصلاة السهمية “الصلوات القصيرة”وامتدت للرهبنة الروسية وبعض الدول الاخري
وفكر الصلاة القصيرة اسمها فضيلة ترك القلب عند الله حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ومن هنا اتت صلاة ياربي يسوع المسيح ابن الله ارحمني انا الخاطي وهذه صلاة تلقائية ممكن تستحدمها في اي وقت وتضمن ان يدالك مشغولتان بالعمل ولكن في نفس الوقت عقلك وقلبك مشغول بالله ولا يقطع صلاتك الا خطاياك واعرف ان عدو الخير لا يمل من محاربة الانسان وهو يحاربنا في هذه الصلاة السهمية لكن كلمة ارحمني انا الخاطئ وقيامة المسيح ترفعك دائما وهذة الصلاة الدائمة تحتاج منك تدريب
ثالثا : فوائد الصلاة الدائمة
وبتكرار هذه الصلاة تجد داخلك فرح ومن فوائدها
1- الامتلاء بالفرح : ستجد نفسك تمتلئ فرح
2- الانحلال من الكل : من رباطات العالم
3- التمتع بممارسة وسائط النعمة : والاكثار منها
صلوا كل حين وهذه الفضيلة فضيلة ترك القلب عند الله اتركه عند الله واوكد في هذه اللالي ان الصلاة و الشكر و الفرح مرتبطين ببعض ابدأ بواحدة وستجد الباقي عندك.لالهنا المجد الدائم امين
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
09 أغسطس 2018
نقد غير مدروس، مع هرطقات متعددة
أولا: لأن جزء من هذه الكتب تم اكتشافه وظهر وبصفة خاصة في أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، كما تم اكتشاف مكتبة غنوسية كاملة في نجع حمادي سنة 1947 م. تضم معظم هذه الأناجيل المفقودة وغيرها من الكتب الغنوسية الأخرى، وهي موجودة بالمتاحف وجزء منها في مصر!! وترجمت إلى عدة لغات، وهي موجودة في متناول من يريد قراءتها أو بحثها سواء بلغاتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغات الحية كالإنجليزية مثلا!! وقد قمنا بترجمتها، جميعا إلى اللغة العربية، كما بينّا أعلاه.
ثانيا: لأن الكنيسة لم تترك هذه الفرصة لدراسة وتحليل هذه الكتب وطبقت عليها أساليب النقد الأعلى والنقد النصي وكل ما له صلة بمثل هذه الدراسات لمعرفة محتواها ومن هم الذين كتبوها وزمن كتابتها والخلفيات التي كتبت على أساسها، فهي التي سبق أن درست محتوى هذه الكتب ومضمونها ورفضتها، وقت ظهورها، في القرون الأولى لأنها لم تخرج من دائرة تلاميذ المسيح ورسله ولا كتبت في زمانهم أو زمن خلفائهم بل كتبت، جميعها فيما بين سنة 150 م. و450 م.، بل وبعضها كُتب بعد ذلك بكثير، وأن الذين كتبوها هم الهراطقة، خاصة الماركيونيين والغنوسيين والدوسيتيين الذين خلطوا بين المسيحية والفلسفة الأفلاطونية والديانات المصرية والكلدانية والفارسية، وقالوا أن المسيح، كإله، ظهر على الأرض كشبح وخيال!! لذا أسموهم بالخياليين وكانت الكنيسة تعرفهم بالاسم:
قال القديس إيريناؤس (175 م.): "أن الهراطقة الماركونيين أصدروا عددا لا يحصى من الكتابات الأبوكريفية المزورة والتي زيفوها بأنفسهم ليذهلوا عقول الحمقى" (9).
وقال يوسابيوس القيصري (264-240 م.): "أنها معروفه عند معظم الكتاب الكنسيين، وانه في مقدورنا أن نميز بين هذه الكتب القانونية وتلك التي يصدرها الهراطقة بأسماء الرسل مثل إنجيل بطرس وانجيل متى (المنحول) وغيرها، أو مثل أعمال أندراوس، ويوحنا، وغيرهما من الرسل، فلم يحسب أي واحد من كتاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم. وفى الحقيقة أن أسلوبها يختلف اختلافا بينا عن أسلوب الرسل، كما أن أفكارها ومفاهيمها بعيدة جدا عن الأفكار القويمة الصحيحة، وهذا دليل على أنها من صنع خيال الهراطقة، ومن ثم وجب ألا تحسب بين الكتابات المزيفة فحسب، بل يجب أن ترفض كلية باعتبارها سخيفة ونجسة" (10).
وقال فوتيوس بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من ق 9(11) "أن لغتها خالية تماما من النعمة التي تتميز بها الأناجيل وكتابات الرسل، وغاصة بالحماقات والمتناقضات". ثم يختم بقوله أنها تحوي "عشرات الآلاف من الأشياء الصبيانية التي لا تصدق، السقيمة الخيال، الكاذبة، الحمقاء، المتضاربة، الخالية من التقوى والورع، ولا يجافى الحقيقة من ينعتها بأنها نبع وأم الهرطقات" (12).
كما أن العلماء، علماء هذا العصر، الذين قال عنهم هذا الكاتب أنه سيكون لهم "من الحكم عليها والاستنباط منها بطرق العلم الحديثة المصونة بسياج الحرية والاستقلال في الإرادة مالا يأتي مثله من رجال الكنيسة الذين اختاروا تلك الأناجيل الأربعة ورفضوا ما سواها لم يتركوا هذه الفرصة، بل درسوا هذه الكتب وحللوها وأثبتوا فسادها وأن الكنيسة كانت علي حق عندما رفضتها"، قد قاموا بدراستها بالأسلوب العلمي، الذي قال عنه، وتأكدوا من فسادها وزيفها وأنها تحتوى على قليل من الفكر المسيحي والكثير من الفكر الوثني والإيمان بآلهة عديدة لا حصر لها وأن كانت تؤكد على عدة حقائق في صلب وجوهر الإيمان المسيح صدمت هذا الكاتب وأمثاله وأحبطت أمالهم في أن تأتي هذه الكتب بما يضاد ألوهية المسيح وصلبه وفداءه للبشرية أو كما تخيلوا أنها يمكن أن تتكلم على نبي سيأتي بعد المسيح!!
قال د. سويت، في تعليقه علي إنجيل بطرس (لندن 1893) "انه حتى التفاصيل التي تبدو جديدة تماما أو التي تتعارض مع الأناجيل القانونية، يمكن أن تكون مأخوذة عنها. وختم بقوله "أنه بالرغم من الجديد فيها فليس هناك ما يضطرنا لاستخدام مصادر خارجية عن الأناجيل القانونية" (20).
وقال بروفيسور أور عن إنجيل بطرس، أيضًا، أن الأصل الغنوسي لهذا الإنجيل يبدو واضحا في قصة القيامة والمعالم الدوسيتية فيها(21).
وقال ر. هو فمان R. Hofmann عن كيفية كتابة هذه الكتب الأبوكريفية "أن الطريقة المستخدمة هي نفسها دائما، سواء كان قصد الكاتب أن يجمع ويرتب ما كان طافيا في التقليد العام، أو كان قصده أن يوجد أثرا عقيديا محدد، لقد أنهمك في عمله حقيقة، وبصفة عامة فقد صور ما ألمحت إليه الأناجيل القانونية، أو حول كلمات يسوع إلى أعمال، أو صور إتمام توقعات اليهود الحرفية عن المسيا، أو كرر عجائب العهد القديم في شكل آخر..الخ. لقد أتم العمل وحرص على أن يخفي اسمه ويدمغ كتابه باسم أحد الرسل أو التلاميذ ليعطيه سندًا رسوليًا" (22).
أخيرا يقول أ. روبرتس و. ج. دونالدسن أحد محرري موسوعة "ما قبل نيقية" أنه بينما تقدم لنا الأناجيل الأبوكريفية لمحات غريبة عن حالة الضمير المسيحي وأساليب التفكير في القرون الأولى من العصر المسيحي، فان الانطباع الدائم الذي تتركه في أذهاننا، هو شعور عميق للسمو الذي لا يقاس والبساطة التي لا يمكن بلوغها والعظمة التي للكتابات القانونية" (23).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
08 أغسطس 2018
حياة الاحتمال من فضائل القديسة مريم
تيتمت من والديها الإثنين، وهي في الثامنة من عمرها، وتحملت حياة اليتم. وعاشت في الهيكل وهي طفلة، واحتملت حياة الوحدة فيها. وخرجت من الهيكل لتحيا في كنف نجار واحتملت حياة الفقرولما ولدت ابنها الوحيد، لم يكن لها موضع في البيت، فأضجعته في مزود (لو1: 7). واحتملت ذلك أيضًا.. واحتملت المسئولية وهي صغيرة السن. واحتملت المجد العظيم الذي أحاط بها، دون أن تتعبها أفكار العظمة لم يكن ممكنًا أن تصرح بأنها ولدت وهي عذراء، فصمتت واحتملت ذلك احتملت السفر الشاق إلى مصر ذهابًا وإيابًا. واحتملت طردهم لها هناك من مدينة إلى أخرى، بسبب سقوط الأصنام أمام المسيح (أش19: 1). احتملت الغربة والفقر. احتملت أن "يجوز في نفسها سيف" (لو2: 35) بسبب ما لقاه ابنها من اضطهادات وإهانات، وأخيرًا آلام وعار الصلب لم تكتف العذراء -سلبيًا بالاحتمال- بل عاشت في الفرح بالرب كما قالت في تسبحتها "تبتهج روحي بالله مخلصي" (لو1: 47).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
من كتاب السيدة العذراء
المزيد
07 أغسطس 2018
مَرْيَمُ العَذْرَاءُ أُمُّ العَبْدِ المُتَأَلِّمِ
منذ ولادتها وُلدت لأبوين عاقرين هما يواقيم البار وحنة، وكانا قد نذرا مولودهما للهيكل قبل الولادة؛ وربما كانا يتمنيان ولدًا ذكرًا ليحمل اسم الأب كعادة أهل الشرق؛ لكنها قدمت أنثى؛ ولكونهما نذراها، فقد سكنت الهيكل ليكون بيتها الأول والوحيد مع النذيرين، وعندما كبُرت وبلغت التغيرات الفسيولوجية تبدو عليها، وقعت القرعة على يوسف الشيخ البار ليأخذها إلى بيته، خاصة بعد انتقال والديها المتقدمين في السن عند بلوغها التاسعة من عمرها.
ومنذ ذلك الحين وإلى أن أتتها البشارة بالحبل الإلهي وعلاماتها، التي تلازمت مع الشك والريبة بآلامها النفسية والجسدية، حيث راحت مريم الفقيرة النذيرة تتحمل آلام أمومتها الإلهية منذ البشارة؛ وما صاحبَ ذلك من شك عند يوسف البار الذي أراد تخليتها سرًا،
ورحلة ولادتها لابنها في بيت الناصرة؛ لا كسائر الأمهات اللائي يستعدن لولادة أولادهن، لكنها تكبدت مشاق السفر المضني من الناصرة إلى بيت لحم لتكتب المولود في اكتتاب الإحصاء العام، ولكي يظهر المسيح في مكان مجد يهوه، وفي بيت أبيه ونسبه لذرية داود الملك؛ حيث أتتها آلام المخاض؛ ولم يكن لها موضع سوى مزود المغارة، التي تحولت إلى سماء ونجوم وتسبيح وسجود وهدايا وملائكة وهتافات علوية بمجد الأعالي وسلام الأرض ومسرة الناس، حيث عظمة العلى.
قد حولت الأرض سماءً؛ وجعلت المغارة لا تقترب، لأن النور أشرق ومحا الظلام؛ والغنىَ حلَّ عوض الفقر والقحط، وفي الموضع وُلد راعي الحُملان الناطقة الذي أتى ليحول بهيميتها إلى إنسانية الخليقة الجديدة.
ثم سُمع صراخ الرامة ومخاوف مجزرة أطفال بيت لحم؛ وعويل وصوت الأنين، على هؤلاء الذين فدوا بشهادة دمهم الطفل المولود؛ وما تبع ذلك من هروب وآلام نفي وتشريد ومشاقات تكبَّدتها مريم العذراء، وحتى رجوعها في عودتها وسط الأتعاب، التي استمرت عند بحثها عن الصبي في الهيكل وحنق الكتبة والفريسيين عليه، إلى يوم القبض والمحاكمة والصلب والتكفين والدفن ثم استضافتها في بيت يوحنا الحبيب، وسط رحلة آلام ودموع؛ بقدر ما سال من دم جراحاته الشافية المشفية.
قبلت الآلام وخضعت للناموس وصعدت إلى الهيكل لتقدمه إلى بيت أبيه وهي عالمة أنه ابن العلي وأنه هو رب الهيكل وبانيه، وأنه هو كلمة الله ذبيحة العالم كله، قدمته بأمومتها المسيانية كصعيدة الصعائد؛ وكمحرر للعالم من أسر إبليس المنجوس، لكنها ومع ذلك خضعت للشريعة وفي فقرها قدمت فرخي الحمام، بيقين أنّ ابنها هو مكمل الناموس، وهو العلامة الوحيدة الحية للخلاص الفصحي علي الصليب.
قدمته مما له على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال، وهو وحده مِلؤها وتقدمتها الممكنة والمقبولة أبديًا، غفرانًا للخطايا؛ ونور مجد الأمم؛ وعزاء خلاص الشعوب، لكنه في الوقت عينه هو العبد المتألم الذي تمجد بالآلام، وبذل ظهره لسياط الضاربين وخده للناتفين وترك وجهه للبصاق والتعيير، حتى أن صورته لم تكن لتُنظر ولم يكن له بهاء منظر، مزدرىً ومرزول وهو رجل أوجاع ومختنر حزن (إش).
لذلك وبذلك جاز السيف الطويل المخيف romphaia عبر حياتها كلها، في فقر وشكّ ومخاض وآلام ومطاردة ووجع وعُري وجلد وهُزء وشوك ومسامير وصلب ودموع، حتى المعصرة والجلجثة.. وها الكنيسة على مثال العذراء مريم تتألم حتى اليوم، وتسجل كل يوم رحلة صليب العبد المتألم والقائم من الأموات، في شركة الطريق؛ لأنها لا تعرف شيئًا إلا يسوع المسيح وإياه مصلوبًا، وتتمم في جسدها (أعضائها)؛ ما نقص كمطابقة المثيل لمثيله.
فيا عذراء يا أم العبد المتالم اشفعي في المشردين والمنفيين والمنحورين في عالمنا، لأن شفاعتك قوية ومقبولة؛ وقد غيرتِ الأزمنة في قانا الجليل فغيري الأزمنة؛ يا قوية في الحروب ومعدن الجود والبركات.
القمص أثناسيوس چورچ
كاهن كنيسة مارمينا قلمنج الاسكندرية
المزيد
06 أغسطس 2018
فضائل فى حياة العذراء مريم
بنت السيدة العذراء حياتها على فضائل أساسية وبدونها صعب أن يخلص الإنسان، أو أن يكون له حياة أبدية، أو يقتنى المسيح فى أحشائه كما اقتنته السيدة العذراء فى أحشائها، وهذه الفضائل الأربعة هى:
1- فضيلة النعمة.
2- فضيلة الحوار.
3- فضيلة الاتضاع.
4- فضيلة التسليم.
1- فضيلة النعمة :
قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس).. أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس".. فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة.
ما معنى يملأه نعمة؟
أى يفعل فيه فعلاً إلهياً مقدساً ومكرساً ومدشناً هذا الإنسان، فيصبح هذا الإنسان مكان وهيكل لسكنى الروح القدس.
"أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هى عمل الروح القدس.. فالعذراء وهى طفلة فى الهيكل.. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان طبيعياً أن يحل فيها الروح القدس.
وهنا أريد أن أسألكم أحبائى الشباب ما مدى شبعى بوسائط النعمة؟
فالسيدة العذراء: فى الهيكل إما أن تصلى أو تقرأ.. أو تخدم الذبيحة بطريقة ما، هذه الثلاث وسائط التى تملأنا نعمة. نصلى كثير.. نقرأ الإنجيل كثير.. نتحد بذبيحة الأفخارستيا، هذه هى النعمة وسكنى الروح القدس والمصاحبة الربانية للإنسان.
ألا يقال أنه: "يوجد صديق ألزق من الأخ" المسيح يحب أن يكون صديق لنا وساكن بداخلنا، والمسيح لا يسكن بداخلنا إلا بعد أن يملأنا بالنعمة أولاً.. ألم يسكن داخل العذراء بعد أن ملأها نعمة.
وهكذا فأنت عندما تصلى تتغذى، لأن الصلاة تماماً كالحبل السرى للجنين فى بطن أمه، لولا هذا الحبل السرى يموت الجنين.. وأيضاً يوجد بيننا وبين الله حبل سرى.
فالله يسكب دمه الإلهى ويسكب نعمته فى أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة الحياة التى هى الصلاة، فالصلاة هى الأكسجين أو الغذاء.
يقول الكتاب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله".
إذن الذى لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسى لحياته، كذلك الكتاب المقدس أساسى لشبع النفس.
فى الصلاة نشبع بالسمائيات، وفى الكتاب المقدس نشبع بكلمة الله "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك كالشهد فى فمى".
ونتغذى أيضاً من خلال الأسرار المقدسة "لأن من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه" الصلاة خبز والكتاب خبز والتناول خبز.
والإنسان يشبع من خلال هذه الثلاثة أنواع من الخبز الروحانى.
2- فضيلة الحوار :
لم يكن هناك تعامل مع الله على أنه ساكن بالسموات، ونحن هنا على الأرض وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت تقيم حواراً معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد أبناً كانت تستطيع أن تصمت على الأقل خوفاً ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لى هذا؟" وكان رد الملاك لها محاولاً أن يوضح لها ويفسر ذلك... "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفسارى فى حوار بنوى، وليس حوار فيه روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية.
نحن لا نريد أن نتكلم والله يسمع فقط، ولكن الله أيضاً يتكلم وأنت تسمع "تكلم يارب فإن عبدك سامع" بيننا وبين ربنا حوار.. مناجاة.. محادثة.
ولنتأمل يا أحبائى فى قصة السامرية.. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هى، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد... فالله لا يسكن فى الأعالى ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائماً وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إنى أسمع ما يتكلم به الرب الإله.
3- فضيلة التواضع :
عندما أعلن لها الملاك أنها ستكون أم لله كان ردها "هوذا أنا آمة الرب" آمة.. عبدة.. خادمة.. تواضع لا مثيل له من السيدة العذراء، تواضع حقيقى.. نعم فأنت تضع فى يا رب وتعطينى من محبتك، ولكن ما أنا إلا خادمة.. هل عندنا هذا التواضع الذى يحول الأم إلى آمة؟ كلما أنكسر الإنسان أمام الله كلما أنتصر على التجارب، فالانكسار أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتواضعين".
وكانت السيدة العذراء كلها وداعة، وكلها تواضع، فهى سمة ظاهرة جداً فى حياة السيدة العذراء.
4- فضيلة التسليم :
كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لى كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف.
ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يارب، وها هم المجوس فى زيارة المولود، يقدم المجوس ذهباً ولباناً ومراً.. إذن لماذا الألم يارب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يارب، ويأتى سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين فى إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يارب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب..
كان التسليم عجيباً "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائى فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك، الذى أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهى".
هل سألته لمن تتركنى؟ من ينساها... إنه تسليم فى كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك.
هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لى كقولى" تأملوا فى هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد".
يا أحبائى .... أمام السيدة العذراء نذوب حباً وخجلاً من أنفسنا، ونشعر بالنورانية الحلوة التى تشع من وجهها، وننظر إلى سيرتها العطرة فنتمثل بإيمانها. السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة.. تحاور الله فى دالة متواضعة، تسلم حياتها لله كل الأيام.
نيافة الحبر الجليل انبا موسى أسقف الشباب
المزيد
05 أغسطس 2018
حياة البتولية
نجِد أنّ الله يمدحها جِدّاً وَلَمْ يشاء أنْ يتجسّد إِلاّ مِنْ عذراء ، العذراء أُم البتوليين وُلِد مِنها مِنْ ناحية الجسد ، نجِد أنّ العذراء قبلت الخُطوبة لأنّها علمت أنّها سواء تزّوجِت أمْ لَمْ تتزّوج فهى لله ، قبِل أنْ يأتِى مِنْ بتول وَيُعين البتوليّة ، وَيُؤمِن يُوحنا البتُول على العذراء لأنّهُ يعرِف أنّها بتوليّة نَفْسَ ، فرّغت نَفْسَها بالكامِل لله 0
[ إِنِّى أعطيهُمْ فِي بيتِي وَفِي أسوارِي نُصُباً وَإِسماً أفضل مِنَ البنين وَالبنات 0 أُعطِيهُمْ إِسماً أبديّاً لاَ ينقطِعُ ] ( أش 56 : 5 ) ، ليس معنى أنّهُ بتُول أنّهُ لاَ يُنجِب أوْ ينقرِض ، لاَ00بل سيكُون لهُ إِسم أفضل مِنْ البنين وَالبنات ، لهُم إِسم أبدِى المائة وَالأربعة وَالأربعين ألفاً البتوليين غير الدنسين مُتميِّزين بِحُبٍ فائِق ينطِق فيهُم بِتسبيح لاَ يعرِفهُ أحد ، الحُب الّذى فيهُم يُعطيهُم معرِفة التسبيح نجِد أنّ النَفْوس التّى أعطت لله كُلَّ حياتها تُقدِّم لله كُلّ كيانها وَقلبها وَعواطِفها وَميراثها ، هؤلاء يحفظُون صورة الله فِي سمو رُوح وَإِرتفاع نَفْسَ ، هؤلاء يحافظُوا على نُور الرّبِّ فِي قلُوبهُم بِطريقة لاَ تنطفِىء وَ لاَ تهدأ وَ لاَ تسكُت يوجد تشبيه فِي العهد القديم فِى سِفر الخرُوج إِصحاح 30 يتكلّم عَنْ مذبح البُخُور فِى القُدس ، هذا المذبح لاَ تُقدّم عليه ذبائِح وَيوجد قُدّام تابُوت العهد الّذى هُوَ الحُضور الإِلهِى ،[ وَتصنع مذبحاً لإِيقادِ البُخورِ0مِنْ خشبِ السَّنطِ تصنعهُ000وَتُغشّيهِ بِذهبٍ نقىٍّ سطحهُ وَحِيطانهُ حواليهِ وَقُرُونهُ0وَتصنعُ لهُ إِكلِيلاً مِنْ ذهبٍ حواليهِ000وَتجعلهُ قُدَّام الحِجاب الّذى أمام تابوت الشَّهادة0قُدَّام الغِطاء الّذى على الشَّهادة حيثُ أجتمِعُ بِكَ0فيُوقدُ عليهِ هرُونُ بخُوراً عطِراً كُلَّ صباحٍ0حين يُصلِحُ السّرُج يُوقِدُهُ 000] ( خر 30 : 1 – 8 ) كُلَّ يوم يوقد عليهِ بُخور عطِره ، لِذلِك يُسمّى مذبح غير دموِى ، وَالقديسين يقُولُون أنّهُ البتوليّة ، هى ذبيحة غير دمويّة تُقدّم ذبيحة عطِره كُلَّ يوم ، وَتوجد قُدّامه وَكأنّ مذبح البُخُور مُتقدِّم على مذبح المُحرِقة وَهذا هُوَ المذبح الذهب وَالذهب لهُ صِفتان ، أولاً هُوَ نقِى ، وَثانياً غالِى وَلهُ بريق جميل ، الكاهِن وَهُوَ يقُول سِر البولس يُقدِّم بُخور وَيقُول لله أنّهُ يجعلها قُدّامه صعائِد بركة وَبُخور رُوحانِى يدخُل لِموضع قُدس أقداسه ، صعائِد بركة وَبُخور رُوحانِى ذبائِح ناطِقة غير دمويّة ، لِذلِك النَفْسَ التّى تُقدِّم حياتها لله كذبيحة هُوَ يشتّمها كرائِحة بُخور تُعطِى لهُ سرور وَرِضا عَنْ نَفْسَها وَعَنْ الشّعب ، لِذلِك طلب الله مِنْ هارُون أنْ يكُون على المذبح بُخور لاَ ينقطِع هكذا جِهاد النَفْسَ جِهاد لاَ ينقطِع ، الذهب غالِى لاَ يفسد بالأيَّام وَيشِع إِشعاع الشّمس بِبريقه وَلمعانه ، هكذا النَفْسَ التّى تحيا لله لاَ تشيخ ، مُهابة مِنْ الكُلّ ، محبُوبة مِنْ الكُلّ ، النَفْسَ التّى تُقدِّم نَفْسَها على مذبح المحبّة بِدون عيب وَ لاَ دنس وَالله يرضى عنها وَيشتّم صلواتها كبخور ، يقُول فِى سِفر الرؤيا أنّ الكهنة معهُم مجامِر ذهب بِها بُخور هُو صلوات القديسين ، هذِهِ المجامِر هى نِفْوس مَنَ قدّموا حياتهُم لله [ وَلمّا أخذ السِّفروَلهُم كُلِّ واحِدٍ قِيثاراتٌ وَجاماتٌ مِنْ ذهبٍ مملُوَّةٌ بخُوراً هى صلواتُ القِدِّيسينَ ] ( رؤ 5 : 8 ) فِى عصر الإِستشهاد إِشتهى الكُلّ الإِستشهاد ، وَبعد إِنتهاء هذا العصر جاء الملِك قُسطنطين وَفتح الكنائِس وَكرّم القديسين ، وَلكِن ظلّ النّاس بِهُم شُعلة حُب لله ، وَلِكى يُعبِّروا عنها لله بدل الإِستشهاد عاشُوا البتوليّة ، لِذلِك عصر ما بعد الإِستشهاد هُوَ أزهى عصُور الرهبنة ، لِماذا ؟ لأنّهُم هُمْ الّذين عاصروا الإِستشهاد وَإِشتهوه ، وَلمّا لَمْ يُحقِّق الله لهُم شهوتهُم قدّموا ذواتهُم فِي الرهبنة كظِل للإِستشهاد ، لِذلِك يُسّمون الرُهبان الشُهداء البيض ، لأنّهُمْ يُقدِّموا لله ذبيحة مِنْ أجسادهُم وَعقُولهُم وَأفكارهُم ، يتمسّكُون بالحُب لِيحفظُوا أنَفْسهُمْ ذبيحة حُب دائِمة لله ، وَإِنْ فتر يعيش مُعذّب لأنّهُ أصبح فِي حالة لاَ يهواها ، لأنّ مذبح البُخور ليس لهُ سِوى ذبيحة البُخور فِي أحد المرّات ذهب الملِك قُسطنطين إِلَى الأنبا بيشُوى وَروى لهُ رؤيا قَدْ رآها أزعجتهُ ، وَهى أنّهُ رأى السّماء وَرأى أماكِن الأبرار ، وَتوّقع أنّ لهُ مكان بين هؤلاء لأنّهُ عمل للكنيسة ما لَمْ يفعلهُ آخر ، فهُوَ كرّم أجساد الشُهداء ، وَفتح الكنائِس ، وَإِكتشف الصليب ، وَأطلق المسجونين المسيحيين وَرأى مكانه فِي الرؤيا وَلكِن ليس كما توّقع ، وَسأل الأنبا بيشُوى تُرى مَنَ هؤلاء الأبرار أصحاب هذِهِ الأماكِن الجميلة ؟؟ ، فقال لهُ إِنّهُم البتوليين الّذين حرموا أنَفْسهُمْ مِنْ نصيب الأرض ،لِذا قال عنهُم فِى أشعياء أنّ لهُمْ نصيب فِى بيتِهِ وَفِي أسوارِهِ أفضل مِنْ البنين وَالبنات[ إِنِّى أُعطيهُمْ فِي بيتِى وَفِي أسوارِى نُصُباً وَإِسماً أفضل مِنَ البنين وَالبنات 0أُعطِيهُمْ إِسماً أبديّاً لاَ ينقطِعُ ] ( أش 56 : 5 ) ، عِندئِذٍ قال الملِك قُسطنطين أنّهُ أول مرّة يشعُر بِندم أنّهُ أصبح ملِك وَلَمْ يُصبِح راهِب أكبر خِدعة فِى إِيماننا أنّنا نعيش فِي المرأيّات وَننسى السّماويّات ، هؤلاء الّذين فكّروا فِي المجد السّماوِى أفضل مِنْ مجد الأرض ، هؤلاء قدّموا أنَفْسهُمْ ذبيحة بخُور لاَ تنقطِع كُلّ يوم ، يُضيفوا جِهاد على جِهادهُم حتّى يكُونُوا سبب بركة للعالم كُلّه مِنْ الأشياء التّى نتعجّب لها فِى قِصّة إِقامِة لِعازر فِي يوحنا 11 فِى وصف القرية قال[ وَكان إِنسان مريضاً وَهُوَ لِعازر مِنْ بيت عنيا مِنْ قريِة مريم وَمرثا أُختها0 وَكانت مريم التّى كان لِعازر أخوها مريضاً 000] ( يو 11 : 1 – 2 ) نَفْسَ مريم تُمثِل البتوليّة التّى جلست تحت أقدام المسيح فكانت مُكرّمة عِندهُ ، فدعى القرية بإِسمها كأنّهُ إِرتاح فِي هذِهِ القرية كُلّها فِي مريم حتّى أنّهُ نسب لها لِعازر ، وَليست هى لِلعازر لأنّهُ كان يشعُر أنّهُ أقرب لِمريم يُريد أنْ يقُول أنّ مريم جذبت قلبِى لها فشعرت إِتجاهها بِمحبّة فصارت القرية كُلّها محبوبة لِى بِسبب مريم ، إِنّها سبب فرحِى لِكى أذهب للقرية ، وَعِندما جلست عِند أقدامِى مدحتها وَجعلتنِى أتكلّم مَعَْ أُختها مرثا وَأقُول لها أنّ الحاجة إِلَى واحِد ، أىّ تمثّلِى بأُختِك النَفْسَ المُتّبتِلة أعطت لله كُلّ ما عِندها ، البتوليّة غلبة للجسد وَهى مازالت حيّة ، هى تقترِب إِلَى حالِة عديم الأجساد ، وَكأنّ الإِنسان غلب سُلطان الجسد ، يقُول أحد الآباء القديسين [ مَنْ غلب جسدهُ فقد غلب طبيعتهُ وَمَنْ غلب طبيعتهُ فقد صار فوقها وَمَنْ صار فوقها صار كالملائِكة ] لِذلِك للبتوليّة جعالة على الأرض ، إِنّهُ يشعُر أنّهُ يُشبِه الملائِكة وَهُوَ مازال على الأرض ، وَيشعُر أنّ جسدهُ ليس جسد بل مذبح ، وَلابُد أنْ يكُون لنا نَفْسَ الشُعور ، وَأنْ نُقدِّم على مذبح الجسد بخُور عطِره يتجدّد كُلّ يوم ، هذِهِ هى النَفْسَ وَشعورها نحو الله البتوليّة مُكرّمة وَمُهابة جِدّاً ، حتّى غير المؤمنين يحتقِروُن البتوليّة ، وَالهراطِقة أيضاً يحتقِروُها وَيتعجّبوا مِنها وَيُهاجِمُوها وَيعتبِرونها لُون مِنْ ألوان الضعف ، وَلكِنّها مُكرّمة للإِنسان الّذى فِكره يقترِب مِنْ السّماء لِذلِك البتوليّة هى التّى جعلتنا نرِث شجرِة الحياة ، وَهى التّى أتكأت على صدر المُخلِّص فِي شخص يُوحنا ، وَأهِلِت للمسيّا عَنْ طريق يُوحنا المعمدان ، وَهى أمطرت السّماء مُتمثِّله فِي إِيليَّا النبِى البتوليّة قريبة لِكُلّ شخص ، وَهُوَ فِكر عذراوِى لابُد أنْ يُقدّم مِنْ كُلّ شخص ، إِنّهُ قُدس لله وَكُلّ ما فِيهِ مِلك لله ، البتوليّة إِعلان مُلك الله على النَفْسَ ، إِذاً هى تفتح السّماء وَتُغلِقها وَتعرِف أسرار السّماء ( عَنْ طريق يُوحنا الحبيب ) هى حالة ممدوحة جِدّاً ، هى حالِة نَفْسَ وضعت قُدراتها وَنَفْسَها وَنصيبها فِي الله وَتقُول داخِلها نصيبِى هُوَ الرّبّ ، لِذلِك أسرار السّماء تُعطى للبتُول ، عظمِة السّماء وَالأكاليل المُعدّة للبتوليين كانت شاغِل للعذارى مُعلّمِنا بولس الرسُول أراد أنْ يكُون الإِنسان بِلاَ هم ، وَأنْ يحفظ عذراءه ، وَأنْ يُقيم نَفْسَه راسِخاً أمام الله لِكى يُقدِّم نَفْسَه مذبح بُخور لله ، عذارى لله ، يُريد مِنْ الكنيسة أنْ تعيش كُلّها نَفْسَ الطريق ، ثُمّ قال إِنّهُ ليس أمر بل رأى كُلّما نقترِب مِنْ سِر محبِّة الله كُلّما نقترِب مِنْ الحقيقة كيف نُقدِّم أنفُسنا لله ، وَكيف نكُون مذبح لله ، وَكيف تكُون ذهب حتّى لو إِرتبطنا وَأنجبنا بنين كيف نُقدِّم البنين لله ، وَيكُونُوا هُم أدوات مجد لله ، وَيكُونُوا موضِع إِفتخارنا أمام الله كوزنات رابِحة ، هذِهِ هى النَفْسَ التّى تقترِب لله رأينا سيِّده تتّوسل للعذراء كى تُعطيها طِفل لِتُقدّمهُ للإِستشهاد وَيكُون بالفعل القديس البابا بُطرُس خاتِم الشُهداء ، وَكان يوم فرحها يوم إِستشهاد إِبنها ، هل هذِهِ السيِّدة مُتزّوِجة ؟ نعم وَلكِنّها مُرتفِعة عَنْ الزواج ، هذِهِ نَفْسَ تفُوق المُتزّوجين وَالمُتبتّلين قيل عَنْ عذراء فِى أحد الأديُرة أنّها فِى أحد المرّات ضعُفت وَسقطت فِى خطيّة الزِنا وَحكمت على نَفْسَها أن تخرُج مِنْ الدير ، وَلكِن مُدّبِرة الدير لَمْ تسمح لها وَأعطتها قانُون توبة شديد ، فظلّت سنين فِى نُسك وَتوبة وَحُزن شديد ، وَلكِن الأُم الرئيسة كانت مُتحيِّرة فِي أمرِها هل تُعامِلها كراهِبة أمْ كساقِطة ؟ أهى فِي المجمع أم خارِج المجمع ؟ هل ستثبُت فِى الطريق أم تخرُج ؟ وَفِي أحد المرّات كانت الأُم الرئيسة تُصلِّى مِنْ أجل هذا الأمر جاءها صُوت يقُول " أنّها أكرمتنِى بِتوبتِها أكثر ممّا أكرمتُمونِى جميعكُم بِبتوليتكُمْ " ، هذا يُثبِت أنّها ليست حالِة جسد بل حالِة نَفْسَ إِتحدت بالله القديس مُوسى الأسود كان فِي البِداية غير مُتبتِّل ، أيضاً القديس أُوغسطينوس ، لكِن أعمال التوبة أعطتهُمْ بتوليّة ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين0
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الأسكندرية
المزيد
04 أغسطس 2018
العذراء في القداس
أنتِ أرفع من السمائين وأجل من الشاروبيم، وأفضل من السيرافيم، وأعظم من طغمات الملائكة الروحانيين.أنت فخر جنسنا، بك تكرم الطهارة والعفة الحقيقة، اذ تفضلت على الخلائق التى ترى عظمة وكرامة الرب المسجود له الذى اصطفاك وولد منك(من أجل هذا كرامتك جليلة وشفاعتك زائدة فى القوة والإجابة كثيراً)(من ميمر للأبنا بولس البوشى)
تقدم كنيستنا القبطية للعذراء مريم تطوبيا وافراً وتمجيداً لائقاً بكرامتها السامية. وإذ نتتبع صلوات التسبحة اليومية ومزامير السواعى والقداس الإلهى نجد تراثاً غنياً من التعبيرات والجمل التى تشرح طوباويتها وتذكر جميع الأوصاف التى خلعتها عليها الكنيسة، وهى مأخوذة عن أصالة لاهوتية، وكلها من وضع آباء قديسين ولاهوتيين، استوحوها من الله، ومن رموز ونبوات العهد القديم، التى تحققت فى شخصية العذراء
فى الابصلمودية المقدسة السنوية-:
وهو الكتاب الذى يحوى التسبحة اليومية نجد فى الأيام العادية تمجيداً لاسم السيدة العذراء فى بدء صلاة نصف الليل فى القطعة الخاصة بالقيامة نخاطبها قائلين: "كل الأفراح تليق بك يا والدة الإله، لأنه من قِبَلك أرجع آدم إلى الفردوس ونالت الزينة حواء عوض حزنها" ونطلب شفاعتها فى آخر لبشين (أي تفسيرين) للهوس الأول والثانى، وكذا فى أول صلاة المجمع وهناك ثلاثة ذكصولوجيات (أى تماجيد) خاصة بالعذراء تقال فى صلاة عشية ونصف الليل وباكر، تحوى كثيرا من العبادات التى تمجد طوباويتها مثل: "زينة مريم فى السماويات العلوية عن يمين حبيبها تطلب منه عنا" وفى نهاية كل ذوكصولوجية نكمل: "السلام لك أيتها العذراء الملكة الحقيقة الحقانية السلام لفخر جنسنا لأنك ولدت لنا عمانوئيل، نسألك اذكرينا أيتها العفيفة الأمينة لدى ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا".وحسب النظام الأساسى للتسبحة اليومية تصلى المقدمة والهوسات الثلاثة الأولى ومديح الثلاثة فتية، المجمع، والذكصولوجيات، فالهوس الرابع ثم ابصالية اليوم وتذاكية اليوم (التذاكية هى تمجيد لوالدة الإله العذراء).
فى رفع بخور عشية وباكر-:
ترتل أرباع الناقوس بعد صلاة الشكر، وفيها تختلف الجمل، نرسل بها السلام للعذراء فى الأيام الواطس أو الآدام ثم نكمل: "السلام لك يا مريم سلام مقدس. السلام لك يا مريم أم القدوس" وتصلى القطع التى تسبق قانون الإيمان وأولها: "السلام لك أيتها القديسة" وبعض الذكصولوجيات وقانون الإيمانترتل أرباع الناقوس بعد صلاة الشكر، وفيها تختلف الجمل، نرسل بها السلام للعذراء فى الأيام الواطس أو الآدام ثم نكمل: "السلام لك يا مريم سلام مقدس. السلام لك يا مريم أم القدوس" وتصلى القطع التى تسبق قانون الإيمان وأولها: "السلام لك أيتها القديسة" وبعض الذكصولوجيات وقانون الإيمان
فى مزامير السواعي-:
رتبت الكنيسة فى صلاة الأجبية قطعا مختارة بعد إنجيل كل ساعة فى نظام دقيق، تختص القطعة الثالثة دائماً بطلب شفاعات العذراء. وفى بعض هذه القطع تلقب العذراء بأنها الكرمة الحقانية الحاملة عنقود الحياة، والممتلئة نعمة، سور خلاصنا الحصن المنيع غير المنثلم، باب الحياة العقلى.
فى القداس الإلهى:-
هنا يجرى ذكرى تطويب العذراء فى حوالى عشرة أجزاء مثل:
فى لحن البركة:
وقبل رفع الحمل يقال النشيد الكنسى للعذراء ومطلعه: "السلام لمريم الملكة الكرمة غير الشائخة...".
بعد صلاة الشكر:
ترتل فى الصوم المقدس أعداد من (مزمور 87) الذى يشير إلى العذراء باعتبارها مدينة الله المقدسة وهى: "أساساته فى الجبال المقدسة..".
عند رفع بخور البولس:
يقال فى الأعياد وأيام الفطر لحن: "هذه المجمرة الذهب...".
قبل وبعد قراءة الابركسيس:
ويتغير المرد الخاص بالعذراء فى خمس مناسبات من السنة القبطية.
مردات الإنجيل:
وهذه تختلف فى الأحدين الأولين من شهر كيهك عنها فى الأحدين الآخرين، فضلاً عن طلب شفاعتها فى أيام السنة العادية بعد تطويب قديس كل يوم.
فى قانون الإيمان:
أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الإله فى التقليد الكنسى، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة بدعة نسطور؛ وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: "نعظمك يا أم النور الحقيقى...".
اسبسمسات أدام وواطس:
هى تقال بعد صلاة الصلح وقبل قداس المؤمنين وأشهرها "اِفرحي يا مريم العبدة والأم...".
فى مجمع القديسين وبعده:
طبقاً لمركز العذراء فى الطقس الكنسى يطلب الكاهن شفاعتها على رأس قائمة أعضاء الكنيسة المنتصرة فى صلاة المجمع، وكذا فى صلاة البركة والطلبة الختامية، ثم تردد قطعة: "بصلوات وشفاعات ذات كل قداسة الممجدة الطاهرة المباركة...".
ما يقال فى التوزيع:
يردد لحن "خبز الحياة الذى نزل من السماء واهب الحياة للعالم، وأنت أيضا يا مريم حملت فى بطنك المن العقلى الذى أتى من الآب...".
من بعد هذا العرض السريع للترتيب الكنسى الخاص بالسيدة العذراء، نلاحظ مقدار الغنى والوفرة
فى الصلوات والتسابيح المخصصة لتطويب وتمجيد العذراء مريم، كما تقضى الكنيسة يوميا عدة ساعات فى تكريم العذراء بالتسابيح الرائعة والألحان الدقيقة والمردات التشفعية المنسكبة.
ليتنا نقارن ذلك بكمية علاقتنا الشخصية بالعذراء مريم فى واقعنا اليومى، لتنطلق قلوبنا وألسنتنا على الدوام، لنمجد هذه التى قالت عن نفسها: "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى".
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
03 أغسطس 2018
السماء الثانية
نخاطب أمنا العذراء مريم بألقاب كثيرة خلال الصلوات والتسابيح والمدائح العديدة والترانيم، وفي مناسبات كثيرة خلال السنة الكنسية، كما في فترة الصوم الذي نسمّيه "صوم العذراء"، وفي شهر كيهك حيث الاستعداد لميلاد السيد المسيح. ومن هذه الألقاب أننا نقول عنها إنها "فخر جنسنا"، وأنها "حواؤنا الجديدة"، وأيضًا نصفها أنها "السماء الثانية". ودائمًا نلاحظ في أيقونات القديسة مريم العذراء أنها ترتدي ملابس زرقاء اللون (لون السماء)، منقوشة بالنجوم، وفيها نجمتان كبيرتان تعبيرًا على أنها السماء الثانية التي حملت ابن الله المخلص. عاشت أمنا العذراء مريم – السماء الثانية – هنا على الأرض قرابة الستين عامًا ومنذ نياحتها وهي تظهر بين الحين والآخر لأفراد ولجموع في مناطق وبلاد كثيرة، مثلما كان ظهورها الأشهر على قباب كنيستها في ضاحية الزيتون بالقاهرة منذ حوالي نصف قرن. وهذا يدفعنا للتأمل في الآيات الكتابية التي نسميها "الآيات الأرضية السماوية"، وهي التي عندما نقرأها نجد نصفها الأول يتحدث عن الأرض، بينما نصفها الثاني يتحدث عن السماء. وهذه ملاحظة جميلة يمكن أن تفيد الدارسين لكلمة الله وفي مواضع كثيرة من الأسفار المقدسة، وإليكم بعض الأمثلة التي تشرح ذلك: مثال (1): «كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ (على الأرض) فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ (في السماء)» (رؤ2: 10). مثال (2): «طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ (على الأرض)، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ (في السماء)» (متى5: 3). مثال (3): «لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ (على الأرض)، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ (في السماء)» (لو12: 32). مثال (4): «كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ (على الأرض) فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ.(في السماء)» (مت25: 21). وهذه الآيات، وغيرها كثير، تربط بين الأرض والسماء بأسلوب محكم واضح، ونعرف أن حياتنا الأرضية مهما امتدت هي تمهيد قصير لحياتنا السماوية في الأبدية. وبناءً على هذا المفهوم نستطيع أن نحدد عدة ملامح سماوية في حياتنا الأرضية من خلال أمور ملموسة ومادية مثل: (1) الكنيسة: هي سفارة السماء على الأرض، هي قطعة من السماء، أو كما نقول في الصلاة الربانية "..كما في السماء، كذلك على الأرض.."، وكما يعبّر القديس يوحنا ذهبي الفم بقوله: "عندما ترى الأب الكاهن يفتح ستر الهيكل فإنه يفتح باب السماء..". (2) الكتاب المقدس: هو دليل السماء "Index"، فالإنسان عندما يذهب إلى أيّة بلد في العالم، يطلب أولًا خريطة المكان الذي يذهب إليه، ونحن نستعين بأجهزة GPS في حياتنا عندما نذهب إلى أي مكان. السماء تحتاج دليل للذهاب إليها هو الأسفار المقدسة. (3) الكهنوت: هو الأبوة Fatherhood في كنيستنا وهو رفيق الإنسان إلى السماء.. فما أشهى أن يرافقني "أب" يمسك بيدي ويقودني بأبوته نحو السماء. وهذا المفهوم الروحي العميق لعمل الكهنوت في الكنيسة يتضح بصورة جلية في أب الاعتراف الذي يختاره المسيحي في رحلة غربته على الأرض. (4) الرهبنة: هي صورة ملائكية للحياة على الأرض. لقد تخلّوا عن كل شيء برضى واختيار، وذهبوا إلى الأديرة بحثًا عن القداسة، وحبًا في الحياة السماوية. ولذا اشتهرت الأديرة في المسيحية شرقًا وغربًا، وصارت بالحقيقة واحات سماوية يذهب إليها البشر بحثًا عن الحياة السماوية الخالية من ضعفات الحياة الأرضية. (5) القداس الإلهي: هو رحلة إلى السماء، حيث صلوات القداس بدءًا من رفع بخور عشية ثم التسبحة في نصف الليل ورفع بخور باكر والصلوات والقراءات والألحان، وأخيرًا التقدم للتناول من الأسرار المقدسة. كل هذه تشكّل رحلة سماوية حيث نصلي أثناء توزيع الأسرار "سبّحوا الله في جميع قديسيه" لأننا صرنا في السماء، عالمين أن لغة السماء هي التسبيح. (6) التوبة: الشيطان يحاربنا ويريد أن يحرمنا من السماء ولذا تكون التوبة هي خطوة نحو السماء. لأن الوصية تقول «كونوا قديسين»، فكأن التوبة هي استعادة حياة القداسة فينا. ومن أجل ذلك جُعِل سر التوبة والاعتراف كأحد الوسائط الروحية القوية في مسيرة حياتنا الأرضية نحو السماء. (7) الخدمة: هي التعبير الظاهر عن المحبة الحقيقية، وكأن كل خدمة تقدمها بأيّة صورة من الصور هي دعوة للسماء. فالمحتاج والمريض والمعوق واليتيم والأرملة والبعيد والمغترب والمهموم وغيرهم، عندما تخدمهم الخدمات المناسبة وتقدم لهم المحبة الحقيقية، كأنك تكشف لهم محبة السماء ودعوتها لهم بصورة ملموسة حقيقية. هذه مجرد صور لكي تعيش السماء على الأرض، وكل إنسان يعيش المسيحية في عمقها مسئول أن يحوّل الأرض إلى سماء، و بمعنى آخر أن ما يشعر به في السماء يجعله على الأرض، وكما نقول دائمًا "كما في السماء كذلك على الأرض". المسيحية هي الوحيدة القادرة أن تحوّل الأرض إلى سماء، ليس لسبب أو آخر إلّا لأنها تعرف أن «الله محبة»..
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد