المقالات
10 يوليو 2018
بولس الرسول الخادم
عندما وقف ليحاكم أمام فيلكس الوالي رفع يده محتجاً: "إلى قيصر أنا رافع دعواي" (اعمال 25 : 11) وهنا لم يجد الوالي مفراً من إرساله إلى روما ليحاكم هناك أمام القيصر، إذ كان من حق أي مواطن روماني أن يطلب محاكمته أمام القيصر ذاته والذي كان يسره ذلك بالطبع إذ يشعره بثقة الشعب فيه وعدله، غير أن القيصر لم يكن مستعداً دائما للجلوس لينظر قضايا الشعب ومن ثمّ تتراكم القضايا ليصبح العدد ضخما ينظره على فترات متباعدة. ولذلك فقد سمح للقديس بولس أن يستأجر له بيتاً يعيش فيه ريثما يأتي الوقت الذي يجلس فيه القيصر للقضاء وينظر فيه مظلمته. غير أن بقائه في بيت استأجره (فيما يشبه الآن السجون المفتوحة) كان يستلزم وجود حارس روماني يلازمه عن طريق قيد يربط بين اليد اليمين للأسير واليد الشمال للجندي في ورديات تتغير كل ثماني ساعات كان الجندي بطبيعة الحال ملتصقا بالقديس بولس فيسمع صلاته وتسبيحه وقراءاته في الكتب المقدسة، ويسمع كذلك العظات التي يلقيها على ضيوفه وردوده على أسئلتهم، ويسمع كذلك ما يمليه القديس من رسائل يرسلها إلى الكنائس، فتكون النتيجة أن يتعلّق الجندي بلمسيح ويصبح مسيحياً أفما يكفيه من القديس بولس ثماني ساعات كاملة لصيقاً به معايشاً له مقدماً له قدوة في القول والفعل ؟!. إذا لقد كان القديس يقدم للكنيسة ثلاثمسيحيين في اليوم الواحد (هم جنود الورديات الثلاث) فإذا كان قد مكث في ذلك السجن سنتين فقد قدم ألفي مسيحي وهو مسجون !!. أمّا أولئك الجنود فقد كانوا من الحرس الإمبراطوري، وهو الكتيبة التي تحتل ثكنة عسكرية بجوار القصر الإمبراطوري، والمنوطة بحراسة القصر ومدينة روما. وكان كل جندي بطبيعة الحال يتحدث مع من حوله عن خبرته الجديدة مما أسهم في نشر المسيحية في روما. وهناك إشارات إلى مثل ذلك في بعض رسائل القديس بولس "يسلم عليكم جميع القديسين ولا سيما الذين من بيت قيصر (فيلبي4 : 22).
نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص
المزيد
09 يوليو 2018
قيمة الخدمة
إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة.. لكى يكون برا الله فينا" (2كو 17:5).
قيمة الخدمة التى نؤديها تتحدد من خلال 5 أسئلة وهى :
1- ما مدى صدق الدافع (ما وراء خدمتى)؟
2- ما مدى صدق الغاية (ليه)؟
3- ما مدى وضوح الهدف.. هل هناك زعل أو أهداف أخرى؟
4- ما مدى سلامة الوسيلة؟ وسيلتى صح ولا خطأ؟
5- ما مدى سلامة العائد؟ هل النمو علاقات اجتماعية أم الناس أحزت أيه من خدمتك... ما هو مردود خدمتك؟
1- صدق الدافع :
هناك من يخدم بدافع ذاتى.. دافع مادى.. دافع عاطفى (مجموعة يتحب بعض لذلك يستخدم مع بعض فإذا ما تفتت المجموعة نلاقى الخادم امتنع عن الخدمة). الدافع الحقيقى يتلخص فيما يلى: آمنت ثم فأخذت ثم فأجبت ثم فتكلمت ثم فخدمت.
آمنت :
" آمنت لذلك تكلمت".. "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" اختبرت المسيح اختبار شخصى لولا أن الرجل الأعمى مؤمن لم يصرخ قائلاً: "يا ابن داود ارحمنى".
أخذت :
هذا الإيمان صار اختبار بدأت بشركة مع المسيح فاختبرت فى الضيقة فى السقوط فى العبودية فى المخاوف فى الاضطهادات... ما عندك من مواهب أخذته من عند ربنا لا تفتخر إنها حاجتك إيمان = ثقة الأخذ = اختبار.
حب الناس :
أول ما الإنسان يأخذ يمتلأ قلبه بالحب تجاه الناس فيبدأ يفكر فى خدمتهم بحب.
تكلمت :
ومن هذه المحبة يتكلم الخادم.. "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب".. "قد وجدنا يسوع".. "تعالوا وأنظروا إنسان قال لى كل ما فعلت العل هو المسيح".
خدمت :
لخدمة أعمال محبة وليست كلام.. عطية وبذل حتى الدم فتكون دعوتك وخدمتك مؤيدة بفعل صادق. السامرية ذهبت تكرز للسامريين فنها اكتشفت المسيح اللى أعلن لها عن كل خطاياها التى لا يعلمها أحد.. قيمة الخدمة تصدر عن صدق الدافع... آمنت.. أخذت.. أحببت.. تكلمت.. خدمت.
2- صدق الغاية :
بتخدم ليه؟.. هل علشان نستخدم مواهبنا.. نتقبل مديح الناس نشبع غرورنا.. نمجد أنفسنا؟.. نعلم الناس..؟
ثلاثة أمور هى :المسيح.. الإنسان.. الملكوت.
المضمون هو أيها البشر.. يسوع يحبكم.. فتح لكم الملكوت هذا المنهج سلكه يوحنا المعمدان ثم المسيح ثم التلاميذ.وهذا المنهج يشهد له كثيراً معلمنا مرقس ومعلمنا متى فى إنجيليهما.. "توبوا قد أقترب منكم ملكوت الله" توبوا خاصة بالبشر أقترب منكم المقصود بها تجسد السيد المسيح.
ملكوت الله اللى ها نقتنيه فى القلب.. فيكون فى الكنيسة فيؤهلنا إلى ملكوت الأبدية بقوله: "لاتخف ايها القطيع الصغير. لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" لو ضاع هذا المثلث تصير الخدمة بلا ثمر.. الإنسان المسيح خلصك لتحيا الملكوت... إذن صدق الغاية يعطى قيمة للخدمة "غايتى فى المسيح" نائلين غاية إيمانكم هى خلاص نفوسكم.
3- وضوح الهدف :
هل هدفى من الخدمة خلاصى.. وخلاص أخوتى أحياناً أركز على خلاص نفسى ,اهمل خلاص المخدومين والعكس "جعلونى ناطورة الكروم وأما كرمتى فلم أنظره".. الخادم الناجح يسلك بمعادلة بحيث إن فعلت ذلك.. تخلص نفسك وآخرين الخادم الأمين لا يفيض فقط إنما قناة سالكة تمتلأ تقدم .. قناة سالكة بين خزانات المياه الإلهية وبين احتياجات الخدمة وهنا الهدف واضح: خلاص النفس وليس إظهار الذات "أقمع جسدى واستعبده" المقصود بالجسد جسد النفس والذات وهو ما يسمى بالروحانية الجسدانية (انشقاق وتحزب) أى أقمع خطاياه وأستعبد كيانى ا
داخلى لئلا بعد ما كرزت للآخرين أصير أنا مرفوضاً.
إذن الهدف الواضح هو :
أخدم لكى أخلص ولكى يستخدمنى الرب لخلاص الآخرين.. ممكن بعد ما يثمر الخادم ربنا يأمر باستقالته يأتى خادم جديد يدخل على تعب الخادم الأول ويكون كل شئ على مايرام نجد الخادم الثانى يصور لنفسه أنه أنجز وأثمر رغم أن التعب كان تعب الأول.
4- سلامة الوسيلة :
لوسيلة لابد أن تكون سماتها :شرعية - روحانية - مستقيمة.
شرعية : أى بإرسالية من الكنيسة.. فبولس الرسول كان مع التلاميذ وقال عنه: افرزوا لى برنابا وشاول كان باستطاعته أن يرفض وضع يد بطرس عليه بعد هذا النداء بالإفراز ونجد بمثابة دعوة لخلاصه ليس لأنه أفضل من البقية إنما لكى تحفظه عندما يأتى بطرس ويوحنا لوضع ايديهما عليه يشعر أنه غير مستحق ولكن يقبل لأجل الدعوة..
روحانية : فلتكن الخدمة مكتبة - معرض - حضانة .. الخ ليست الخدمة خدمة كلام فقط.. ممكن تكون ابتسامة "بكلامك تتبرر وبكلامك تدان"... قيمة الخدمة ليست بنوعيتها من حيث معوقين - مكتبة - معرض إنما بالدسم الروحى الذى بداخلها.. فلتكن خدمة نظافة ولكن نؤديها باتضاع.. عمل مشغل.. الهدف منه جمع النفوس من الشارع.. يرتلوا.. إنجيل مفتوح.. كلمة صغيرة (مسحة روحية).
مستقيمة : من خلال الخدمة لا تكسر المبادئ.. خدمة خالية من التلوث.. التحزب.. الشقاق.. البدع.. الخ.
5- سلامة العائد :
وهو يظهر فى المخدومين.. وذلك بأن يرتبط المخدوم بخمسة وهى :
1- يرتبط بربنا :
أحسن لاهوتى هو المصلى.
أحسن لا هوتى هو الشهيد إذن أحسن لاهوتى هو ما يعيش مع ربنا..
2- بوليكاربوس لما أرادوا أن يحرقوه سخر منهم قائلاً.. أن هذه وسيلة سريعة توصله لربنا. يرتبط بالكنيسة يصبح المخدوم عضو فى الكنيسة فى جسد المسيح يشعر بشركة القديسين يعيش الأسرار داخل الكنيسة سيدة بسيطة تسكن بجوار كنيسة لما سألوها عن ربنا ماذا تعرف عنه وضعت يدها على حائط الكنيسة وقالت هنا..
3- يرتبط بالخدمة يصبح له دور فى الخدمة والكنيسة.
4- الشهادة : الناس الذين من الخارج يروا الأعمال مثلما يقول الكتاب: "ليرى الناس أعمالكم فيمجدوا أبوكم الذى فى السموات"..
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
08 يوليو 2018
يَسُوع المُعَلِّمْ جزء1
مِنْ إِنْجِيل مُعَلِّمْنَا مَارِ مَتَّى البَشِير إِصْحَاح 13﴿ وَبِدُون مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ ﴾( مت 13 : 34 ) رَبَّنَا يَسُوع لَهُ المَجْد عِنْدَمَا كَانَ يُعَلِّم بِأمْثَال لِيَضْمَن أنَّ أفْكَارُه قَدْ إِسْتَوْعَبُوهَا رَبِّنَا يَسُوع كَانَ لَهُ سِمَات كَمُعَلِّم .
سِمَات يَسُوع كَمُعَلِّمْ :-
(1) التَّشْبِيهَات دَائِماً كَانَ يُبَسِّط الأُمور جِدّاً وَأصْعَب الأُمور وَأعْمَقْهَا كَانَ يَأتِي بِهَا فِي صُورِة مَثَل .
(2) القِصَص قَصَّاص بَدِيع وَمِنْ أرْوَع فُصُول الكِتَاب أدَبِياً قِصَّة الإِبْن الضَّال مِنْ نَاحِيَة الأُسْلُوب الأدَبِي .
(3) المُقَارَنَات كَيْ يِفَهِّمْنَا يُقِيم مُقَارَنَات وَالمُقَارَنَات دَائِماً تَزِن المَعْنَى وَتُقَوِّيه عَذَارَى حَكِيمَات وَعَذَارَى جَاهِلاَت .
(4) وَسَائِل إِيضَاح كَانَ يُعْطِي شِئ مَوْجُودٌ يَتَكَلَّم عَنْهُ .
(5) أُسْلُوب الحِوَار وَالسُؤال .
(1) التَّشْبِيهَات :-
لاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّ الفِئَات الَّتِي تَعَامَل مَعَهَا يَسُوع عَدِيدَة وَعَصْرُه كَانَ عَصْر فَلْسَفَة عَالِيَة أوْ جَهْل صَيَّادٌ مُزَارِع وَلاَ تُوْجَدٌ وَسَطِيَّة لِذلِك إِمَّا تَجِدٌ فَلاَسِفَة أوْ تَجِدٌ بُسَطَاء وَهكَذَا كَانَ هُوَ فِي تَعَالِيمُه فَكَانَ مِنْ أكْثَر الأشْيَاء الَّتِي إِسْتَخْدِمْهَا التَّشْبِيهَات يِكَلِّمَك عَنْ المَلَكُوت وَيَقُول مَثَل بِذْرَة تَخْتَفِي ثُمَّ تَظْهَر هكَذَا المَلَكُوت بِذْرَة تَدْخُل دَاخِلَك وَتَتَفَاعَل فَتَظْهَر عَلِيك عَلاَمَات النِّعْمَة بِذْرَة تُوضَعْ فِي الأرْض فَتَطْرَح شَجَرَة كِبِيرَة إِتَّبَعْ رَبِّنَا يَسُوع أُسْلُوب التَّشْبِيهَات فِي تَعَالِيمُه بِطَرِيقَة بَسِيطَة جِدّاً وَعَمِيقَة جِدّاً كَانَ يَسُوع يَتَعَامَل مَعَ كُل فِئَات المُجْتَمَع مَعَ المُزَارِع وَرَاعِي الغَنَمْ لأِنَّهُ فِي مَنْطِقَة سَاحِلِيَّة جَلِيل الأُمُمْ كَقَوْل أشْعِيَاء النَّبِي ( أش 9 : 1) وَتَجِدٌ الصَّيَادٌ وَالكَتَبَة وَالفِرِّيِسِيُّون وَالصَيَارِفَة وَالعَشَّارِين إِذاً فِئَات مُخْتَلِفَة يَتَكَلَّمْ مَعَهَا فَيَقُول أمْثَال يَفْهَمْهَا الصَّيَادٌ وَالمُزَارِع وَالرَّاعِي وَالفِرِّيسِي وَ يُكَلِّمَهُمْ بِثَقَافِتْهُمْ كَمُعَلِّم مَاهِر يَخْتَار الأُسْلُوب المُنَاسِب وَأفْضَل التَّشْبِيهَات عِنْدَمَا تَعْرِض الأمر بِأُسْلُوب بَسِيط تُؤخَذْ فِكْرَة أنَّ الأمر بَسِيط لكِنْ عِنْدَمَا تَعْرِض الأمر بِأُسْلُوب مُعَقَدٌ تُؤخَذْ فِكْرَة أنَّ الأمر مُعَقَدٌ يَسُوع قَدَّم المَلَكُوت وَالخَلاَص بِأُسْلُوب سَهْل لِيَعْرِفُوا أنَّ الأمر سَهْل يِكَلِّمْ رَاعِي الغَنَمْ عَنْ خَرُوف ضَلْ لِيَعْرِف أنَّهُ الخَاطِي الَّذِي ضَلْ وَسَهْل إِنُّه يِعُودٌ وَقَدْ يَقُول الرَّاعِي بِالفِعْل هذَا الأمر عِشْتُه حَتَّى رَبَّات البُيُوت يَقُول لَهُنَّ أنَّ المَلَكُوت يُشْبِه خَمِير يَخْتَبِئ فِي ثَلاَثَة أكْيَال دَقِيق فَيَنْتَشِر فِيهِ هكِذَا المَلَكُوت شِئ بَسِيط لكِنْ بِهِ قُوِّة حَيَاة وَيُؤثِّر فِي كُل مَنْ حَوْلُه يَنْتَشِر دُونَ أنْ يَسْألُه أحَدٌ فَتَجِدَهُنَّ يَقُولْنَ نَعَمْ سَنَأخُذ المَلَكُوت دَاخِلْنَا وَنُخَبِّئُه يُكَلِّمْ الصَّيَادٌ وَيَقُول شَبَكَة مَطْرُوحَة فِي البَحْر وَبَعْد أنْ يَجْمَعُوا السَّمَك يَفْرِزُون الجِيَاد وَيُوضَعْ فِي أوْعِيَة أمَّا السَّمَك الرَّدِئ يُلْقَى فِي البَحَر مَرَّة أُخْرَى ثُمَّ يَقُول سَتَأتِي المَلاَئِكَة وَتَفْرِز كَمَا يَفْرِز الصَّيَادٌ السَّمَك فَيَقُول الصَّيَادٌ أنَا رَكِّزْت فِي المَثَل وَلَنْ أنْسَاه وَكُلَّمَا ذَهَبْت لِلصِيد أقُول لِنَفْسِي هَلْ أنَا مِنْ الجِيَاد الَّتِي تُؤخَذْ فِي أوْعِيَة أم أنَا مِمَّنْ يُطْرَح فِي البَحْر ؟سِفْر الأمْثَال تَنَبَّأ عَنْ أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع فِي الأمْثَال وَقَالَ ﴿ سَأفْتَحُ بِأمْثَالٍ فَمِي ﴾ ( مت 13 : 35 ) نُبُوَّة عَنْ يَسُوع الَّذِي يَتَكَلَّمْ بِأمْثَال مِنْ قَبْلُه بِألْف سَنَة هذَا غِير النُبُوَّات عَنْ مِيلاَدُه وَحَيَاتُه وَصَلْبُه وَ لِذلِك أُسْلُوب التَّشْبِية أُسْلُوب رَائِع حَقَائِقٌ اللاَهُوت صَعْبَة وَالكِنِيسَة تُبَسِّط لَنَا الأمر وَتَقُول مِثْل إِتِحَادٌ الفَحْم وَالنَّار لِنَفْهَمْ المَعَانِي الصَعْبَة وَنَقُول أنَّ النَّار إِتَحَدِت بِالفَحْم وَلَمْ تَصِر النَّار كَمَا هِيَ وَلاَ الفَحْم كَمَا هُوَ بَلْ صَارَت جَمْرَة لَهَا صِفَات النَّار وَصِفَات الفَحْم وَلاَ تَسْتَطِيعْ أنْ تَفْصِل بَيْنَهُمَا وَلاَ تَقْطَعْ جُزْء وَتَقُول هذَا هُوَ النَّار فَقَطْ أوْ الفَحْم فَقَطْ قِدِّيسِي الكِنِيسَة لَجَأُوا إِلَى تَبْسِيط المَعَانِي عَنْ طَرِيقٌ التَّشْبِيهَات كُلِّنَا نَتَكَلَّمْ عَنْ الثَّالُوث وَنُشَبِّهَهُ بِالشَّمْس وَالشُّعَاع وَالحَرَارَة الأمر الَّذِي يَصْعُب عَلَيْكَ شَرْحُه إِسْتَخْدِم لَهُ تَشْبِيهَات شَرَح الأنْبَا رُوفَائِيل التَّجَسُد الَّذِي عِنْدَمَا جَاءَ قُلْنَا هَلْ يُعْقَل أنْ يَأتِي الله فِي الجَسَد ؟ رَغْم أنَّنَا نَعْلَم كُل النُبُوَّات فَقَالَ الأنْبَا رُوفَائِيل أنَّهُ مِثْل إِمْرَأة أحْضَرَت وَرَقَة لِسَيِّدْنَا البَابَا شِنُودَة تَقُول لَهُ فِيهَا صَلِّي لإِبْنِي لأِنَّهُ مَرِيض فَيَقُول لَهَا سَيِّدْنَا إِكْتِبِي بَيَانَاتُه فِي وَرَقَة وَبِنِعْمِة الله رَبِّنَا يِشْفِيه وَسَآتِي لِزِيَارَتِكُمْ وَعِنْدَمَا يَطْرِق سَيِّدْنَا البَابَا بَاب هذِهِ السَيِّدَة لِزِيَارَتِهَا تَقُول لَهُ مَنْ ؟ يُجِيبَهَا أنَا البَابَا شِنُودَة فَتُجِيبُه قُلْ كَلاَم آخَر وَعِنْدَمَا يَدْخُل بَيْتِهَا تَقُول لَهُ لِمَاذَا تَعَبْت وَأتَيْت بِنَفْسَك كَانَ يُمْكِنَك أنْ تُرْسِل مَنْدُوب مِنْ عِنْدَك هكَذَا نَحْنُ أمَام التَّجَسُد عِنْدَمَا تَجَسَّد رَب المَجْد يَسُوع قُلْنَا كَانَ يُمْكِنُه أنْ يُرْسِل غَيْرُه وَقَدْ نَقُول كَانَ يُمْكِنُه أنْ يِسَامِح وَيَصْفَح عَنْ آدَم عِنْدَمَا أكَلْ مِنْ الشَّجَرَة وَيَقُول لِنُعْطِي تَشْبِية طِفْل حَذَّرُه أبُوه مِنْ زُجَاجِة صَبْغِة يُود وَيَقُول لَهُ لاَ تَشْرَب مِنْهَا ثُمَّ يَنْظُر لَهَا الطِّفْل وَيَقُول أنَّ بِهَا عَصِير وَأبِي لاَ يُرِيدَنِي أنْ أشْرَبْهَا لِيَشْرَب هُوَ فَيَشْرَب الزُّجَاجَة وَتَظْهَر عَلِيه أعْرَاض التَسَمُّمْ وَعِنْدَمَا تَخَاف عَلِيه أُمُّه وَتُبَلِّغ أبُوه مَا فَعَلَهُ الطِّفْل كَانَ يُمْكِنْهَا أنْ تَقُول لَهُ سَامْحُه كَيْفَ ؟ لاَبُدْ أنْ يِعَالْجُه هكَذَا سُقُوط آدَم أفْسَد المَلاَمِح وَقَطَّعْ الصِلَة لِذلِك لاَ تَكْفِي المُصَالَحَة وَالصَفْح لأِنَّ الصُورَة تَشَوَهَتْ لِذلِك القِدِيس أثَنَاسْيُوس وَالقِدِيس كِيرِلُس مِنْ أكْثَر القِدِّيسِينْ الَّذِينَ إِسْتَخْدِمُوا التَّشْبِيهَات لأِصْعَب الحَقَائِق الله قَالَ لِلأُمَّة اليَهُودِيَّة أنَّهُ سَيَأتِي وَتُوْجَدٌ سِتَّة وَسِتُون نُبُوَّة تَحْكِي تَفَاصِيل حَيَاة يَسُوع مَلِك وَكَاهِن وَأنَّهُ سَيُصْلَب وَأُمُّه عَذْرَاء وَلاَ بِدَايَة لَهُ وَلاَ نِهَايَة .. هُوَ قَاضِي وَسَيَأتِي قَبْلُه مَنْ يُمَهِّدٌ لَهُ كُل شِئ عَنْهُ وَبِالفِعْل تَحَقَّقَتْ فِيهِ كُل النُبُوَّات فِي العَهْد الجَدِيد كُل هذَا الأُمَّة اليَهُودِيَّة تَعْرِفُه لكِنْ عِنْدَمَا تَجَسَّد قَالُوا أنْتَ لَسْتَ المَسِيَّا مِثَال لِذلِك قَدْ يَقُول لَك شَخْص أنَّ أبُونَا يُوحَنَّا نَصِيف كَاهِن كِنِيسِة المُرْقُسِيَّة سَيَأتِي الإِجْتِمَاع الأُسْبُوع القَادِم ثُمَّ يُحَدِّدٌ لَك الوَقْت الَّذِي سَيَأتِي فِيهِ وَالمَوْضُوع الَّذِي يَتَكَلَّمْ فِيهِ وَعِنْدَمَا يَأتِي أبُونَا يُوحَنَّا إِلَى الكِنِيسَة نَسْألُه مَنْ أنْتَ ؟ فَيَقُول أنَا أبُونَا يُوحَنَّا تُجِيبُه لاَ لَسْتَ أنْتَ كَيْفَ ؟ أنْتَ تَعْرِف كُل شِئ عَنْهُ قَبْل أنْ يَأتِي فَكَيْفَ تَقُول لَهُ لَسْتَ أنْتَ ؟ هكَذَا فَعَلْ اليَهُود الَّذِينَ كَانَ كُل مَا يَشْغِلْهُمْ هُوَ المَسِيَّا وَالَّذِي لَمْ يَسْعِفُه بِرُّه أنْ يَعْرِفُه مِنْ مِيلاَدُه كَانَ يُمْكِنُه أنْ يَعْرِفُه مِنْ يُوحَنَّا المَعْمَدَان السَّابِقٌ كَانَ يُمْكِنُه أنْ يَعْرِفُه مِنْ مُعْجِزَاتُه العُمْي يُبْصِرُون وَتَفْتِيح أعْيُن العُمْيَان هِيَ مُعْجِزَة مِسْيَانِيَّة وَالبُرَّص يُطَهَّرُون وَالعُرْج يَمْشُون وَكَأنَّهُ يُؤكِّد أنَّهُ المَسِيَّا وَرَغْم ذلِك لَمْ يَعْرِفُوه ﴿ وَبِدُون مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ ﴾ يَقُول لِلرَّاعِي أنَّ الرَّاعِي يَفْصِل الجِدَاء عَنْ الخِرَاف وَيَقُول لِلمُزَارِع الطَّرِيقٌ وَالشُوك وَالبِذْرَة وَالأرْض الجَيِّدَة أيْضاً كَانَ يِرَاعِي اليَهُود وَالرُّومَان فَتَجِدُه يَتَكَلَّمْ مَرَّة عَنْ عُمْلِة الإِسْتَار وَمَرَّة عَنْ الدِّرْهَم وَمَرَّة عَنْ الفِضَّة وَمَرَّة عَنْ الوَزْنَة عُمْلاَت خَاصَّة بِاليَهُود وَعُمْلاَت خَاصَّة بِالرُّومَان أشْهَر عُمْلَة رُومَانِيَّة هِيَ الدِّينَار وَأشْهَر عُمْلَة يَهُودِيَّة هِيَ الفِضَّة وَغَالِباً تُعَادِل الدِّينَار أيْضاً الدِّرْهَم عُمْلَة رُومَانِيَّة وَيُسَاوِي دِينَار لكِنُّه مُخْتَلِف فِي الشَّكْل أي الدِّرْهَم فَضَّة وَالدِّينَار وَرَق وَالإِثْنَان مُتَسَاوِيَان وَيُسَاوِي عُمْلِة الفَضَّة عِنْدَ اليَهُود الإِسْتَار عُمْلَة رُومَانِيَّة تُسَاوِي أرْبَعَة دِينَار لِذلِك قَالَ لِبُطْرُس إِدْفَع مِنْهُ الضَّرِيبَة الوَزْنَة عُمْلَة رُومَانِيَّة وَتُسَاوِي مَائَة دِينَار مَثَل الوَزَنَات يَفْهَمُه الرُّومَان المَنَا عُمْلَة يَهُودِيَّة وَتُسَاوِي سِتُّونَ وَزْنَة وَالوَزْنَة تُسَاوِي مَائَة دِينَار إِذاً المَنَا تُسَاوِي سِتَّة آلاَف دِينَار الفِلْس عُمْلَة يَهُودِيَّة الفِضَّة تُسَاوِي مَائَة فِلْس إِذاً عِنْدَمَا كَانَ يَتَكَلَّمْ كَانَ يِرَاعِي الثَّقَافَة وَالفِئَة وَإِنْ كَانْ الغَالِبِيَّة يَهُود يَقُول * المَنَا * وَعِنْدَمَا يَكُون الغَالِبِيَّة رُومَان يَقُول * الوَزْنَة * عِنْدَمَا أرَادَ أنْ يَقُول أهَمْ شِئ هُوَ الدَّاخِل قَالَ نَقِّي دَاخِل الكَأس ( مت 23 : 26 )وَعِنْدَمَا كَانَ يُكَلِّمَهُمْ عَنْ المَظْهَرِيَّة وَالشَكْلِيَّة قَالَ القُبُور المُبَيَّضَة ( مت 23 : 27 ) لأِنَّ الَّذِي يَأتِي لِلفِصْح كَانَ يَكْتُب لَهُ لاَفِتَات عِنْدَ القُبُور وَيُعْطُوهَا لُون مُمَيِّز حَتَّى لاَ يَمِسَّهَا أحَدٌ وَيَتَنَجَّس هكَذَا قَالَ لِليَهُود القُبُور المُبَيَضَة لكِنْ دَاخِلْهَا عِظَام نَجَاسَة الرُّومَان لاَ يَفْهَمُونَ ذلِِك .
(2) القِصَص :-
يَقُص قِصَّة يُرِيدْ أنْ يُكَلِّمْ اليَهُود وَيَقُول لَهُمْ هُنَاك كَرْم أرْسَل صَاحِبُه عَبِيد إِلَى الكَرَّامِين فَضَرَبُوهُمْ وَأهَانُوهُمْ فَأرْسَل إِبْنُه فَقَتَلُوه فَقَالَ صَاحِب الكَرْم يَأخُذ الكَرْم وَيُسَلِّمُه لِكَرَّامِين آخَرِينْ( مت 21 : 33 – 41 ) اليَهُود فَهَمُوا كَلاَمُه أنَّهُ عَنْهُمْ فَيَقُول لَهُمْ أرْسَلْت أنْبِيَاء فَقَتَلْتُوا مِنْهُمْ وَأهَنْتُوا بَعْضُهُمْ وَأرْسَلْت إِبْنِي فَقَتَلْتُمُوه لِذلِك سَأجْعَل كِنِيسِة العَهْد الجِدِيد بَدَلاً عَنْكُمْ مَنْ لَهُ أُذُن لِلسَمَع فَلْيَسْمَع عِنْدَمَا أحَدِّثَك حَدِيث مَقَالِي تِشْرِدٌ لكِنْ عِنْدَمَا أقُص لَك قِصَّة تَنْتَبِه لأِنَّ المَعْلُومَة تِرَكِّز فِيهَا بِذِهْنَك لكِنْ القِصَّة تِرَكِّز فِيهَا بِذِهْنَك وَخَيَالَك وَإِنْفِعَالَك وَتَعَاطُفَك تَتَعَاطَف مَعَ القِصَّة مَعَ فِئَة دُونَ فِئَة لِذلِك كَلَّمَهُمْ عَنْ القَاضِي الظَّالِم وَقَالَ لَهُمْ قِصَص بِهَا عَنَاصِر مُسْتَفِذَّة لأِنَّ القِصَّة تُنْشِئ تَعَاطُف وَتُنْشِئ تَرَقُّبْ إِنْتِظَار وَتَشْوِيقٌ وَهذِهِ هِيَ فِكْرِة الدِرَامَا يُقَدِّم لَك قِصَّة فِي ثَلاَثِين سَاعَة بَيْنَمَا يُمْكِنْ سَرْدَهَا فِي سَاعَة وَاحِدَة فَقَطْ لكِنُّه يِعْمِل بِهَا أُسْلُوب تَرَقُّب وَتَشْوِيقٌ يَجْعَلْهَا تَسْتَغْرِقٌ ثَلاَثِينَ سَاعَة يَسُوع إِسْتَغَلَّ فُضُول الإِنْسَان فِي أُسْلُوبُه وَيَقُول إِنْسَان نَازِل مِنْ بَلَدُه فَضَرَبَهُ اللُصُوص وَتَرَكُوه قَرِيب مِنْ المُوْت وَمَاذَا بَعْد ذلِك ؟ يَقُول مَرَّ عَلَيْهِ كَاهِن مَاذَا فَعَل ؟ يَقُول تَرَكَهُ وَمَضَى ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ لاَوِي( لو 10 : 30 – 37 ) قِصَّة بِهَا تَشْوِيقٌ وَتُثِير الفُضُول لِمَعْرِفَة نِهَايَتِهَا أيْضاً كَانَ أحْيَاناً يَقُول قِصَّة ثُمَّ يُفَسِّرْهَا كَانَ لِدَائِن مَدِينَان عَلَى الوَاحِدٌ خُمْسُمَائَة دِينَار وَعَلَى الآخَر خَمْسُون وَ( لو 7 : 41 ) قِصَّة شَيِّقَة تَحْتَاج تَفْسِير وَلِنَرَى قِصَّة الإِبْن الضَّال وَالسَّامِرِي الصَّالِح وَالكَرَّام وَالكَرَّامِينْ وَ لَيْتَكَ تَرَى الأُسْلُوب القِصَصِي مِنْ أيْنَ أخَذَهُ يَسُوع ؟ أرْمَلَة بَسِيطَة مِنْ أجْل لَجَاجَتِهَا يَنْصِفْهَا القَاضِي كَانَ مَعْرُوف أنَّهُ عِنْدَ الغُرُوب لاَ تُوْجَدٌ حَرَكِة بِيع وَشِرَاء لِذلِك جَاءَ شَخْص لِرَجُل مَعْرُوف أنَّهُ يَخْبِز خُبْز وَطَلَبْ مِنْهُ أرْغِفَة وَلأِجْل لَجَاجَتِهِ أعْطَاه إِذاً لِح فِي طَلَبْ يَسُوع لِذلِك عِنْدَمَا كَانَ يَسُوع يَتَوَاجَد فِي مَكَان تَجِدٌ حَوْلُه جُمُوع لأِنَّ حَدِيثُه جَذَّاب جَمِيل تَتَشَوَّقٌ لِسَمَاعُه هُنَاكَ فِئَة لَهَا جُذُور فِي العَهْد القَدِيم مِنْ قَبْل مَجِئ يَسُوع فِئَة تَمِيل لِلعَقْلاَنِيَّة البَحْتَة الَّذِينَ تَحَوَّلُوا فِيمَا بَعْد إِلَى الغُنُوسِيُون أرَادَ يَسُوع أنْ يُهَاجِم الغُنُوسِيَّة فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مُبَاشَرَةً لكِنُّه أعْطَى تَعَالِيم ضِد الغُنُوسِيَّة وَالغُنُوسِيَّة أتْعَبِت الكِنِيسَة كَثِيراً لأِنَّهَا تَمِيل لِمَعْرِفَة الله العَقْلاَنِيَّة وَكَانَ مِنْهَا أرْيُوس لِذلِك قَالَ لَهُ القِدِيس أثَنَاسْيُوس إِنْ كَانَ يَسُوع لَيْسَ إِله إِذاً لاَ يُوْجَدٌ فِدَاء وَبِالتَّالِي أنَا مَازِلْت تَحْت الحُكْم كَيْفَ ؟ أرْيُوس عَقْلاَنِي وَأثَنَاسْيُوس رُوحَانِي لَمْ يُعَارِض أرْيُوس كَشَخْص بَلْ كَفِكْر وَكَانَ كُل الإِخْتِلاَف عَلَى حَرْف وَاحِدٌ بَيْنَ * هُومُو إِثْيُوس & هُومِي إِثْيُوس ** هُومُو إِثْيُوس * تَعْنِي * طَبِيعَة وَاحِدَة * بَيْنَمَا * هُومِي إِثْيُوس * تَعْنِي * طَبِيعَتَان * لِذلِك أتَى رَبِّنَا يَسُوع بِتَعَالِيمْ بَسِيطَة كَيْ يُعَلِّمْ كُل النَّاس وَتَعَالِيمُه تَمِس الحَيَاة العَمَلِيَّة فَيَقُول إِنْ أخْطَأ أخَاك سَامْحُه بِينَك وَبِينُه وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ عَاتْبُه وَإِنْ لَمْ يِسْمَع إِدْخِل الكِنِيسَة فِي الأمر تَكَلَّمْ عَنْ المَلَكُوت حَيْثُ لاَ يُفْسِد سُوسٌ ( مت 6 : 20 ) يَقُول إِنْسَان صَنَعَ وَلِيمَة وَلَمْ يَجِدٌ إِسْتِجَابَة مِنْ المَدْعُويِنْ فَقَالَ دَعُوا الَّذِينَ فِي الطُرُقَات ( مت 22 : 1 – 14) كَانُوا خَائِفِين مِنْ الوَلِيمَة لأِنَّ الوَلِيمَة كَانِتْ تُكَلِّف أمْوَال لِذلِك لَمْ تَكُنْ مَجَّانِيَّة بَلْ إِمَّا سَيَدْفَعْ كَيْ يَدْخُلْهَا وَإِمَّا سَيَخْسَر فِيهَا تَشْبِيهَات وَقِصَص بَسِيطَة تُعْطِي المَعَانِي عِنْدَمَا تَرَى فِكْرَة صَعْبَة إِبْحَث عَنْ قِصَّة وَتَشْبِية سَتَجِدٌ أنَّ القِصَّة تَثْبُت أكْثَر مِنْ الفِكْرَة عِنْدَ المَخْدُومِينْ لِذلِك أُرْبُط أفْكَارَك بِقِصَص كَلِّمْهُمْ عَنْ الإِتِضَاع وَقَالَ عِنْدَمَا تُدْعَى لِوَلِيمَة لاَ تَفْتَخِربَلْ إِجْلِس فِي المَقَاعِد الخَلْفِيَّة وَإِنْ أرَادَ صَاحِب الوَلِيمَة أنْ يُقَدِّمَك سَيُقَدِّمَك هكَذَا أنْتَ فِي حَيَاتَك كُنْ مُتَضِع كَيْ يُقَدِّمَك فِي الوَلِيمَة السَّمَاوِيَّة أصْعَب المَعَانِي الرُّوحِيَّة تَكَلَّمْ عَنْ حَقِيقَة مُوتُه وَصَلْبُه وَقَالَ إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّة الحِنْطَة وَتَمُت( يو 12 : 24 ) كَلِّمْهُمْ عَنْ أدَق المَعَانِي الَّتِي تَمِس الخَلاَص بِأبْسَط الأسَالِيب كَيْ يَسْتَوْعِبُوا أُسْلُوب رَبِّنَا يَسُوع فِي التَّعْلِيم أُسْلُوب مُمْتِعْ نَحْنُ مُحْتَاجِين أنْ نَقْتَدِي بِهِ رَبِّنَا يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه لَهُ المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين
القس أنطونيوس فهمى
كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس – محرم بك - الاسكندرية
المزيد
07 يوليو 2018
آباؤنا الرسل وخدمة التسبيح
بعد قيامة رب المجد يسوع استمر الآباء الرسل في الذهاب إلى الهيكل للصلاة ويذكر سفر الأعمال مواظبة الآباء الرسل على صلوات السواعي بالهيكل ومع أن الذبائح الدموية (انتهت فاعليتها) لأنها كانت مجرد رمز للفداء وبطلت بالصليب لكنهم كانوا يجتمعون في الهيكل وخاصة في رواق سليمان:"تراكَضَ إليهِمْ جميعُ الشَّعبِ إلَى الرواقِ الذي يُقالُ لهُ "رِواقُ سُلَيمانَ" وهُم مُندَهِشونَ" (أع11:3) "وكانَ الجميعُ بنَفسٍ واحِدَةٍ في رِوَاقِ سُلَيمَانَ" (أع12:5) وهو نفس المكان الذي كان يتواجد فيه الرب يسوع "وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمشَّى في الهَيكَل في رِوَاقِ سُلَيمَانَ" (يو23:10) ماذا كانوا يفعلون في رِوَاقِ سُلَيمَانَ؟ بكل تأكيد كانوا يواظبون على الصلاة والتسبيح والمزامير"وكانوا كُلَّ حينٍ في الهيكلِ يُسَبحونَ ويُبارِكونَ اللهَ" (لو53:24)، وكان حضورهم أيضًا مرتبطًا بمواعيد الصلاة في الهيكل فمثلاً قيل: "وصَعِدَ بُطرُسُ ويوحَنا مَعًا إلَى الهيكلِ في ساعَةِ الصَّلاةِ التّاسِعَةِ" (أع1:3)، وقد ورد أيضًا ذكر الساعة الثالثة في (أع15:2)، والساعة السادسة "صَعِدَ بُطرُسُ علَى السَّطحِ ليُصَليَ نَحوَ السّاعَةِ السّادِسَةِ" (أع9:10)، والساعة التاسعة في (أع3:10) وقد قيل عن كل جماعة المؤمنين: "وكانوا كُلَّ يومٍ يواظِبونَ في الهيكلِ بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع46:2)،"وكانوا لا يَزالونَ كُلَّ يومٍ في الهيكلِ وفي البُيوتِ مُعَلمينَ ومُبَشرينَ بيَسوعَ المَسيحِ" (أع42:5)، وكان هذا كله متوافقًا مع المزمور القائل: "مساءً وصباحًا وظُهرًا أشكو وأنوحُ، فيَسمَعُ صوتي" (مز17:55) ما أجمل هذه الروح النُسكية العميقة التي كان يعيش بها آباؤنا الرسل مع الجيل الأول المسيحي "هؤُلاءِ كُلُّهُمْ كانوا يواظِبونَ بنَفسٍ واحِدَةٍ علَى الصَّلاةِ والطلبَةِ، مع النساءِ، ومَريَمَ أُم يَسوعَ، ومع إخوَتِهِ" (أع14:1)، "ولَمّا حَضَرَ يومُ الخَمسينَ كانَ الجميعُ مَعًا بنَفسٍ واحِدَةٍ" (أع1:2)، "وكانوا يواظِبونَ علَى تعليمِ الرُّسُلِ، والشَّرِكَةِ، وكسرِ الخُبزِ، والصَّلَواتِ" (أع42:2)، "مُسَبحينَ اللهَ، ولهُمْ نِعمَةٌ لَدَى جميعِ الشَّعبِ" (أع47:2) كانت حياتهم كلها تسبيح وصلاة وشكر حتى في أقسى الظروف، وكانت تسابيحهم إقتباسات من المزامير "فلَمّا سمِعوا، رَفَعوا بنَفسٍ واحِدَةٍ صوتًا إلَى اللهِ وقالوا: أيُّها السَّيدُ، أنتَ هو الإلهُ الصّانِعُ السماءَ والأرضَ والبحرَ وكُلَّ ما فيها" (أع24:4)، "ولَمّا صَلَّوْا تزَعزَعَ المَكانُ الذي كانوا مُجتَمِعينَ فيهِ، وامتَلأَ الجميعُ مِنَ الرّوحِ القُدُسِ، وكانوا يتكلَّمونَ بكلامِ اللهِ بمُجاهَرَةٍ" (أع31:4)، وعندما كان بطرس في السجن صلّت الكنيسة بلجاجة من أجله (أع5:12)، وكذلك كان بولس وسيلا في السجن "ونَحوَ نِصفِ اللَّيلِ كانَ بولُسُ وسيلا يُصَليانِ ويُسَبحانِ اللهَ، والمَسجونونَ يَسمَعونَهُما" (أع25:16) كانت معظم هذه التسابيح تُقام في هيكل أورشليم، ثم يُقيمون الإفخارستيا في البيوت، بدلاً – طبعًا – من الإشتراك في الذبائح الدموية بالهيكل، حيث حَلْ هنا المرموز إليه بدلاً من الرمز "وفي أوَّلِ الأُسبوعِ إذ كانَ التلاميذُ مُجتَمِعينَ ليَكسِروا خُبزًا، خاطَبَهُمْ بولُسُ وهو مُزمِعٌ أنْ يَمضيَ في الغَدِ، وأطالَ الكلامَ إلَى نِصفِ اللَّيلِ" (أع7:20)ومع انتشار الآباء الرسل في العالم ليكرزوا بإنجيل المسيح، حملوا معهم هذا الكنز العظيم الذي للتسبيح حتى تتعلّم كل الشعوب تسبيح الله وتمجيده.
(1) استمرار التسبيح في الكنيسة المسيحية:-
التسبيح في الكنيسة هو أعظم كنز ورثته المسيحية عن العبادة بهيكل أورشليم، حتى أنه كانت هناك وصية أساسية يُقدمها الرسل لأبنائهم المؤمنين أن يُسبحوا بالمزامير والتسابيح والأغاني الروحية "مُكلمينَ بَعضُكُمْ بَعضًا بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، مُتَرَنمينَ ومُرَتلينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب شاكِرينَ كُلَّ حينٍ علَى كُل شَيءٍ في اسمِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، للهِ والآبِ" (أف19:5-20) "لتَسكُنْ فيكُم كلِمَةُ المَسيحِ بغِنًى، وأنتُمْ بكُل حِكمَةٍ مُعَلمونَ ومنذِرونَ بَعضُكُمْ بَعضًا، بمَزاميرَ وتسابيحَ وأغانيَّ روحيَّةٍ، بنِعمَةٍ، مُتَرَنمينَ في قُلوبِكُمْ للرَّب" (كو16:3) كانت المزامير هي المادة الأساسية للصلاة في كل الاجتماعات الليتورجية في الكنيسة الأولى "فما هو إذًا أيُّها الإخوَةُ؟ مَتَى اجتَمَعتُمْ فكُلُّ واحِدٍ مِنكُمْ لهُ مَزمورٌ" (1كو26:14)، وكانت أيضًا المزامير هي وسيلة العزاء في الضيقات، وأيضًا وسيلة التعبير عن الفرح في أوقات الفرج " أعلَى أحَدٍ بَينَكُمْ مَشَقّاتٌ؟ فليُصَل أمَسرورٌ أحَدٌ؟ فليُرَتلْ" (يع13:5).
+ تسبحة جديدة..
ومع أن التسبيح في الكنيسة المسيحية هو استمرار للتسبيح بالمزامير في العهد القديم إلا أن هذا التسبيح كان قد اكتسب روحًا جديدة بسبب التجسد والخلاص وهذا ما تنبأت عنه المزامير نفسها:"غَنّوا لهُ أُغنيَةً جديدَةً أحسِنوا العَزفَ بهُتافٍ" (مز3:33) "رَنموا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً رَنمي للرَّب يا كُلَّ الأرضِ" (مز1:96) إنها دعوة لكل الأرض، وليس لليهود فقط الأمر الذي تحقق بدخول الأمم إلى الإيمان، فصار لهم نصيب في تسبيح الرب"غَنّوا للرَّب أُغنيَةً جديدَةً، تسبيحَهُ مِنْ أقصَى الأرضِ أيُّها المُنحَدِرونَ في البحرِ ومِلؤُهُ والجَزائرُ وسُكّانُها" (إش10:42) "رَنموا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً، لأنَّهُ صَنَعَ عَجائب خَلَّصَتهُ يَمينُهُ وذِراعُ قُدسِهِ" (مز1:98)إن الخلاص هو الباعث الأول للتسبيح تسبحة جديدة في الكنيسة "وجَعَلَ في فمي ترنيمَةً جديدَةً، تسبيحَةً لإلهِنا كثيرونَ يَرَوْنَ ويَخافونَ ويتوَكَّلونَ علَى الرَّب" (مز3:40) "يا اللهُ، أُرَنمُ لكَ ترنيمَةً جديدَةً برَبابٍ ذاتِ عشَرَةِ أوتارٍ أُرَنمُ لكَ" (مز9:144) "هَللويا غَنّوا للرَّب ترنيمَةً جديدَةً، تسبيحَتَهُ في جَماعَةِ الأتقياءِ" (مز1:149) طوبى لنا نحن الشعب المسيحي لأننا تذوقنا خلاص الله، وصار لنا فرح وابتهاج بخلاصه، وأُعطينا الحق أن نُسبِّح الله من أجل خلاصه العجيب، وتحققت فينا نبؤة المزمور: "وأنتَ القُدّوسُ الجالِسُ بَينَ تسبيحاتِ إسرائيلَ" (مز3:22) ولا يقتصر التسبيح على فترة وجودنا هنا على الأرض، ولكن الدارس لسفر الرؤيا سيكتشف لسعادته وجود تسبيح دائم لا ينقطع بالسماء بل يمكننا أن نعتبر أن تسبيحنا هنا على الأرض ما هو إلا تدريب على حياة التسبيح الدائم والحقيقي في السماء.
(2) التسبيح في السماء (كما ورد في سفر الرؤيا):-
إن ما يُميز حياة السماء هو التسبيح الدائم، والفرح غير المنقطع، وهذا ما يُعلنه سفر الرؤيا حيث يصف ليتورجيا السماء وصفًا دقيقًا يشمل صفوف وأنواع السمائيين، وملابسهم، وطريقة سجودهم، أو جلوسهم، والتسابيح التي يتلونها، والبخور المتصاعد من مجامرهم.
(أ) مجد السماء:-
تعالَ معي – صديقي القارئ – لنرى مجد السماء، وجمال التسبيح السماوي كما رآه يوحنا اللاهوتي الحبيب:"وللوقتِ صِرتُ في الرّوحِ، وإذا عَرشٌ مَوْضوعٌ في السماءِ، وعلَى العَرشِ جالِسٌ وحَوْلَ العَرشِ أربَعَةٌ وعِشرونَ عَرشًا ورأيتُ علَى العُروشِ أربَعَةً وعِشرينَ شَيخًا جالِسينَ مُتَسَربِلينَ بثيابٍ بيضٍ، وعلَى رؤوسِهِمْ أكاليلُ مِنْ ذَهَبٍ وفي وسطِ العَرشِ وحَوْلَ العَرشِ أربَعَةُ حَيَواناتٍ مَملوَّةٌ عُيونًا مِنْ قُدّامٍ ومِنْ وراءٍ لكُل واحِدٍ مِنها سِتَّةُ أجنِحَةٍ حَوْلها، ومِنْ داخِلٍ مَملوَّةٌ عُيونًا، ولا تزالُ نهارًا وليلاً قائلَةً: "قُدّوسٌ، قُدّوسٌ، قُدّوسٌ، الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُل شَيءٍ، الذي كانَ والكائنُ والذي يأتي" وحينَما تُعطي الحَيَواناتُ مَجدًا وكرامَةً وشُكرًا للجالِسِ علَى العَرشِ، الحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ، يَخِرُّ الأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا قُدّامَ الجالِسِ علَى العَرشِ، ويَسجُدونَ للحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ، ويَطرَحونَ أكاليلهُمْ أمامَ العَرشِ قائلينَ: أنتَ مُستَحِقٌّ أيُّها الرَّبُّ أنْ تأخُذَ المَجدَ والكَرامَةَ والقُدرَةَ، لأنَّكَ أنتَ خَلَقتَ كُلَّ الأشياءِ، وهي بإرادَتِكَ كائنَةٌ وخُلِقَتْ" (رؤ2:4-11) ما أجمل هذا المنظر السمائي البهي الذي يشترك فيه الأربعة والعشرون شيخًا مع الأربعة الحيوانات غير المتجسدة في تسبيح الجالس على العرش بالثلاثة تقديسات.
(ب) العريس السمائي:-
إن أبهى ما في السماء هو الجالس على العرش في الوسط إنه ربنا يسوع المسيح الذي يجب له التسبيح إن مجرد وجوده وظهوره وحضوره هو تسبيح وفرح لا ينقطع، ومجد وكرامة لا يُعبَّر عنها، وهذا ما جعل هذه الطغمات السمائية تلهج بالتسبيح بهذه الطريقة السمائية البديعة إن النفس التي تنفتح على رؤية المسيح لابد أن ينطق لسانها وقلبها بالتسبيح ولأن المسيح حاضر دائمًا في كنيسته، ومُستعلن بكل بهائه (عمانوئيل إلهنا في وسطنا الآن بمجد أبيه والروح القدس) لذلك تحيا الكنيسة على الأرض في حياة التسبيح الدائم "أُخَبرُ باسمِكَ إخوَتي، وفي وسطِ الكَنيسَةِ أُسَبحُكَ" (عب12:2)، "فلنُقَدمْ بهِ في كُل حينٍ للهِ ذَبيحَةَ التَّسبيحِ، أيْ ثَمَرَ شِفاهٍ مُعتَرِفَةٍ باسمِهِ" (عب15:13).
(ج) ترنيمة جديدة:-
تعالَ معي ننتقل إلى منظر آخر سمائي يصف جمال التسبيح:" ورأيتُ فإذا في وسطِ العَرشِ والحَيَواناتِ الأربَعَةِ وفي وسطِ الشُّيوخِ خَروفٌ قائمٌ كأنَّهُ مَذبوحٌ ولَمّا أخَذَ السفرَ خَرَّتِ الأربَعَةُ الحَيَواناتُ والأربَعَةُ والعِشرونَ شَيخًا أمامَ الخَروفِ، ولهُمْ كُل واحِدٍ قيثاراتٌ وجاماتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَملوَّةٌ بَخورًا هي صَلَواتُ القِديسينَ وهُمْ يترَنَّمونَ ترنيمَةً جديدَةً قائلينَ: "مُستَحِقٌّ أنتَ أنْ تأخُذَ السفرَ وتفتَحَ خُتومَهُ، لأنَّكَ ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا للهِ بدَمِكَ مِنْ كُل قَبيلَةٍ ولسانٍ وشَعبٍ وأُمَّةٍ، وجَعَلتَنا لإلهِنا مُلوكًا وكهنةً، فسَنَملِكُ علَى الأرضِ" ونَظَرتُ وسمِعتُ صوتَ مَلائكَةٍ كثيرينَ حَوْلَ العَرشِ والحَيَواناتِ والشُّيوخِ، وكانَ عَدَدُهُمْ رَبَواتِ رَبَواتٍ وأُلوفَ أُلوفٍ، قائلينَ بصوتٍ عظيمٍ: "مُستَحِقٌّ هو الخَروُفُ المَذبوحُ أنْ يأخُذَ القُدرَةَ والغِنَى والحِكمَةَ والقوَّةَ والكَرامَةَ والمَجدَ والبَرَكَةَ!" وكُلُّ خَليقَةٍ مِمّا في السماءِ وعلَى الأرضِ وتحتَ الأرضِ، وما علَى البحرِ، كُلُّ ما فيها، سمِعتُها قائلَةً: "للجالِسِ علَى العَرشِ وللخَروفِ البَرَكَةُ والكَرامَةُ والمَجدُ والسُّلطانُ إلَى أبدِ الآبِدينَ" وكانَتِ الحَيَواناتُ الأربَعَةُ تقولُ: "آمينَ" والشُّيوخُ الأربَعَةُ والعِشرونَ خَرّوا وسجَدوا للحَي إلَى أبدِ الآبِدينَ" (رؤ6:5-14) ما أجمل هذا المنظر السمائي البديع إنه سجود وقيثارات وبخور وترنيم، ثم خوارس تتبادل التسبيح، ومخلوقات سمائية تردد "آمين"والعجيب هنا أن الطغمات الملائكية يقولون للابن الوحيد: "لأنَّكَ ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا للهِ بدَمِكَ" (رؤ9:5) ومعروف طبعًا أن الابن اشترانا – نحن البشر – بدمه ولم يشترِ الملائكة فلماذا إذًا يقولون له هذا التعبير؟إنهم حقًا "يُسبِّحون تسبحة الغلبة والخلاص الذي لنا" بحسب تعبير القديس "غريغوريوس اللاهوتي" في القداس الإلهي. فكما نشاركهم في تسبيحهم قائلين: "قُدّوسٌ قُدّوسٌ قُدّوسٌ" يُشاركونا هم أيضًا في تسبيحنا قائلين: "ذُبِحتَ واشتَرَيتَنا" ما أجمل شركة التسبيح!! إنها تُدخلنا في علاقة حب واتحاد مع السمائيين
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
06 يوليو 2018
خدمة الكاهن الرعوية وعلاقتها بالسماء
عملك له طابع فريد فوظيفتك سماوية الطابع فأنت مسؤول عن زرع الفكر والروح السماوية في داخلك ثم زرع السماء في نفوس الرعية وذلك عن طريق زرع المخافة في القلب وزرع الاشتياق في الفكر وزرع الرؤية (رؤية السماء) في العين والكتاب المقدس يعلمنا هذا المعنى:-
كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ (مت 25 : 21)
لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ (لو 12 : 32)
كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ (رؤ 2 : 10)
ولذلك فنحن من خلال اشتياقنا للسماء نعتبر:-
1- الكنيسة هي سفارة السماء على الأرض وكما قال القديس يوحنا ذهبي الفم عن الكنيسة: الكنيسة أكثر ارتفاعاً من الأرض وأكثر اتساعاً من السماء.
2- الانجيل هو بوابة السفر للسماءهو مثل الخريطة أو الدليل الذي يشرح لنا السماء، ولابد أن يكون فكرنا ومفاهيمنا في التعليم هو فكر الكتاب الذي يقول عنه القديس يوحنا ذهبي الفم إن الكتاب المقدس هو كنز معرفة ومنجم لآليء.
3- الكهنوت رفيق كل إنسان في طريقه للسماء فالكاهن أب اعتراف ومرشد روحي ومربي فهو الذي يقود الآخرين للسماء ولذلك يجب أن يتحلى الكاهن بروح الأبوة الحقيقية والحرص من العثرات.
4- القداس الذي هو رحلة إلى السماء ويجب أن يكون هناك تناغم بين اللحن والكلمة والوعظ والمخافة وكل هذا يؤدي للسماء.
5- التسبيح لغة السماء فيجب أن يشجع الكاهن أولاده وشعبه على التسبيح وتعلمه والاشتراك فيه.
6- التوبة خطوة نحو السماء فالابن الضال بخروجه من بيت الآب بعد عنه وعندما قدم توبة عاد له فالعالم يلوث البشر والتوبة تنظف.
7- الخدمة دعوة للسماء فكل عمل رعوي من افتقاد ورحلات وعظات لها هدف ولمسة روحية توصلهم للسماء.
وهناك أمور معاصرة تبعد الإنسان عن السماء:-
1- الانشغال الشديد والزائد بالأخبار سواء العالمية أو الكنسية مما يفقد الإنسان سلامه.
2- الإهتمام الزائد بشبكة الإنترنت والذي يستهلك الفكر والوقت فبدلاً من التركيز في الصلاة والكتب المقدسة يذهب الكثير من الوقت في الإهتمام بالضعفات والفضائح بدلاً من الستر.
3- فكر التشكيك وزرع السلبيات فإن سمعت عن ضعفات لأحد الأخوة ارفع قلبك بصلاة بدلاً من نقل روح التشكيك والاحباط.
4- التعميم فلو أخطأ شخص يجب طبعاً معالجة الأمر، ولكن ما أصعب تعميم الخطأ
قصة: راهب بلغ تدبيره اليومي أنه صار يأكل خبزة واحدة فقط وفي أحد الأيام يوم جاءه ضيف فأكل ثلاث خبزات فعاتبه الراهب وفي اليوم التالي وجد أن الخبزة الواحدة لم تعد تشبعه فصرخ إلى الله الذي قال له لأنك وبخت أخاك وأدنته فارقتك النعمة.
5- فقدان الثقة في العمل الروحي والخدمة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
05 يوليو 2018
مقدمة هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
يزعم البعض من الكتاب غير المسيحيين في كتب كثيرة وفي الجرائد والمجلات وفي عشرات المواقع على النت وغرف البالتوك Paltalk، بل وفي كثير من المحطات الفضائية وغيرها، وجميعها تنقل بعضها عن بعض دون فحص أو دراسة!! فمثلًا يكتب أحدهم مقال أو فصل من كتاب ويضعه على النت أو ينشره في كتاب ثم نراه بعد ذلك مستخدم في جميع هذه الوسائل!! دون أن يحاول من يستعينوا به فحص ما جاء فيه من معلومات والتأكد من حقيقتها وصحتها، بل ويستخدمون وكأنه وحي نزل من السماء!! ويزعم هؤلاء أن هناك العشرات من الأسفار أو الكتب المقدسة التي يذكرها الكتاب المقدس بأسمائها سواء في العهد القديم أو العهد الجديد دون أن يكون لها أي وجود الآن!! وراحوا يدّعون بغير علم ولا معرفة أو دراسة حقيقية وعلمية للكتاب المقدس أو مفاهيمه ومصطلحاته وبيئته وخلفياته التاريخية والحضارية والثقافية والدينية التي كتب إثناءها وبمفاهيمها ومصطلحاتها، أن هذه الكتب أو الأسفار هي كتب وأسفار مقدسة وموحى بها! ثم راحوا يتساءلون؛ أين هي هذه الأسفار؟ وهل فقدت وضاعت؟ وكيف ولماذا؟ أم تم حذفها ولماذا؟ وراح البعض يسألوننا؛ كيف تؤمنون بكتاب مقدس ضاع منه الكثير من الأسفار المقدسة؟والغريب أنهم يذكرون أسماء كتب لا يعرفون عنها شيئًا بل ولا يعرفون حتى أن ينطقوا بأسمائها!! فقط نقلوها عن بعض الكتب التي كتبها نقاد المسيحية في أوربا وبصفة خاصة التي أصدرتها مدارس النقد الإلحادية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، بسبب عدم إيمانها بوجود إله للكون وعدم وجود حياة بعد الموت ولا بعالم ما وراء الطبيعة، وكذلك التي أصدرتها الجماعات اللادينية وجماعة سيمينار يسوع (Jesus Seminar) التي لا تؤمن إلا بما تلمسه بالحواس، حيث لا تؤمن بالمعجزات مثل قيامة الأموات لأنها لم تر ميت يقوم من الموت ولا بميلاد المسيح من العذراء، الميلاد العذراوي، لأنها لم تر إنسان يولد من أم دون أب!! وتجاهل، هؤلاء الكتاب الذين يشككون في المسيحية، الكتب المسيحية العلمية والوثائقية التي ردت عليها، بل وتجاهلوا ما برهنت عليه الاكتشافات الأثرية الحديثة والتي أكدت صحة كل أحداث الكتاب المقدس ودقة كتابه في تسجيلهم للأحداث، بل وفي نقل الأسماء الأجنبية، وما كشفت عنه كهوف قمران بالبحر الميت سنة 1945م من مخطوطات برهنت على صحة ودقة نقل آيات الكتاب المقدس ونصوصه عبر مئات بل آلاف السنين!! والتي كشفت أيضًا عن الكثير من مخطوطات العهد القديم ومخطوطات الكتب التي تشرح العهد القديم وكتب علماء اليهود التي كتبوها في الفترة ما بين العهدين والتي أوضحت لنا الفكر اليهودي قبل المسيح وكذلك اكتشاف مخطوطات نجع حمادي سنة 1947م والتي كشفت عن معظم الكتب التي كتبها الهراطقة الغنوسيون الذين كتبوا عشرات الكتب وبرهنت لنا على سلامة موقف الكنيسة في رفض هذه الكتب الأسطورية والخرافية والهرطوقية وقد وضعنا هذا الكتاب وما فيه من أبحاث وثائقية وعلمية ومنطقية للرد على أمثال هؤلاء الكتاب الذين لا هم لهم سوى التشكيك في المسيحية وتشويه صورتها، ليس من خلال البحث العلمي والدراسات المنهجية العلمية المنطقية المبنية على الدليل والوثيقة والبرهان، بل على مجرد التشكيك باستخدام وسائل غير علمية وغير منطقية، ما أنزل الله بها من سلطان!! فقط لتشويه صورة المسيحية بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة!!
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد
من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
04 يوليو 2018
الخدمة أهميتها – مجالاتها - فاعليتها
الخدمة :-
تحدث القديس بولس الرسول عن المواهب المتنوعة " كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان " " بحسب النعمة المعطاة لنا " ، فقال " أنبوة فبالنسبة إلي الإيمان . أم خدمة . أم المعلم ففي التعليم . أم الواعظ ففي الوعظ . المعطي فبسخاء المدبر فباجتهاد " ( رو 12 ك3-8 ) و هكذا جعل الخدمة في مقدمة هذه المواهب المتنوعة ، لكي يرينا بهذا أهميتها ربنا يسوع المسيح نفسه ، قال عن ذاته " إن إبن الإنسان لم يأت ليخدم ، و يبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( مر 10 : 45 ) . فإن كان السيد المسيح قد جاء ليخدم ، فماذا نقول نحن ، و أية كرامة تكون للخدمة إذن ؟ إن كان السيد المسيح أخذ شكل العبدليخدم البشرية ، فماذا يفعل البشر ؟
و كما جاء المسيح ليخدم ، هكذا رسله ايضاً كانوا خداماً سواء من جهة الخدمة الروحية ، أو الخدمة الإجتماعية من الناحية الروحية ، قالوا عن أنفسهم لما أقاموا الشمامسة السبعة . "و أما نحن فنعكف علي الصلاة و خدمة الكلمة " ( أع 6 : 4 ) . و يقول القديس بولس الرسول عن هذه الخدمة الروحية و أعطانا خدمة المصالحة نسعي كسفراء عن المسيح ، كأن الله يعظ بنا . نطلب عن المسيح ن تصالحوا مع الله " ( 2 كو 5 : 18 ،20 ) . و يقول لتلميذه تيموثاوس " أعمل عمل البشر ، تمم خدمتك " ( 2 تي 4 : 5 ) . و في هذه الخدمة ، قال عن القديس مرقس إنه " نافع لي للخدمة " ( 2 ت 4 : 11 ) . أما من جهة الخدمة الأخري ، فيقول القديس بولس أيضاً : " إن حاجاتي و حاجات الذين معي ، خدمتها هاتان اليدان " ( أع 20 : 34 ) و يمدح العبرانيين فيقول " لأن الله ليس بظالم ، حتي ينسي عملكم و تعب المحبة إذ قد خدمتم القديسن و تخدمونهم " ( عب 6 : 10 ) إن الآباء لم تكن لهم روح السيطرة ، بل روح الخدمة كانوا يخدمون الناس ، و يبذلوا أنفسهم عنهم . و في الكهنوت . كان كل من يرسم علي كنيسة ، يعتبر نفسه خادماً لهذه الكنيسة . يخدم السرائر المقدسة ، و يخدم الله ، و الشعب إن القديس أوغسطينوس أسقف هبو ، لما صلي لأجل شعبه ، قال " أطلب إليك يا رب ، من أجل سادتي ، عبيدك " . فاعتبر أن أفراد هذا الشعب ، الذي يخدمه كأسقف ، هم سادته و لم تكن كلمة (خادم ) مجرد لقب ، و إنما حقيقة واقعة و كان الاباء يتعبون في هذه الخدمة ، إلي اَخر نسمة " في أسفار مراراً كثيرة في جوع و عطش في برد و عري ، في تعب و كد في أسهار ، في أصوام " ( 2 كو 11 : 26 ، 27 ) يسهرون لأجل النفوس ، كأنهم سوف يعطون حساباً " ( عب 13 : 17 ) . كانوا مثل الشموع ، التي تذوب ، لكي تعطي نوراً للآخرين . و ما أجمل قول الشيخ الروحاني في الخدمة " في كل موضع مضيت إليه ، كن صغير أخوتك و خديمهم " إن نزعة العظمة ، ليست دليلاً علي القوة ، بل هي حرب أما القوي ، فهو الذي يدرب نفسه ، علي أن يكون خادماً القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة ، كان و هو اسقف ، يحمل الطعام إلي بيوت الفقراء ، في الليل في الخفاء ، و يقرع أبوابهم ، و يترك ما يحمله أمام الباب و يمضي ، و هو سعيد بخدمته. و الأنبا موسي الأسود ، كان يحمل الماء إلي قلالي الرهبان . و القديس بينوفيوس ، كان يدرب ذاته علي أن يقوم في الدير بالخدمات الحقيرة التي لا يقبل عليها الكثيرون ، مثل تنظيف دورات المياه و كنس الدير ، و حمل القاذورات خارجاً ، و سائر عمليات التنظيف و الآباء كانوا يقومون بهذه الخدمات في فرح ، بلا تذمر بل كانوا يتطوعون لهذه الخدمة ، دون أن يطلبها منهم أحد و كانوا يقومون بها بكل تواضع قلب ، سعداء بخدمة اخوتهم . قديس يري رجلاً مجذوماً ، فيحمله إلي قلايته ، و يخدمه و ينفق عليه مدة ثلاث اشهر ، لكي ينال بركة خدمته . و ما أكثر الآباء ، الذين بصبر كثير ، فرغوا أنفسهم فترات طويلة لخدمة المرضي ، و خدمة الشيوخ ، كما فعل يوحنا القصير ، مع ابيه الشيخ الأنبا بموا ، في إحتمال عجيب ، حتي تنيح بسلام ، و نال بركته . و قال عنه الأنبا بموا " هذا ملاك لا إنسان " .و كان الآباء ، إن رأوا أحداً مرهقاً في عمل ، يمدون أيديهم في محبة ليحملوا العبْ عنه ، كما قال الرب " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الأحمال و أنا أريحكم " ( مت 11 : 28 )
مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحى
المزيد
03 يوليو 2018
الخادم انجيل مُعاش
" فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح " (فيليبي 27:1)
المسيحية تلمذة، والسيد المسيح لم يسلم تلاميذه كتاباً، ولكنهم تتلمذوا عليه وتلامسوا معه " الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة" (1يو 1:1) وبعد أن تلمذهم أرسلهم ليتلمذوا الآخرين بدورهم "فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " (متى 19:28). كان سلوك السيد المسيح بينهم هو أقوى شرح للتعليم عن الفضيلة، ولذلك فإن سلوك الخادم سيكون له التأثير الأول على من يخدمهم، اكثر من الكلام وحلاوة التعبير والذى يمكن أن يتحول عند شخص ما إلى ما يقرب من المهنة .. أو الصناعة (حسن الكلام أو مهنة الكلام). الخادم يجب أن يكون إنجيلي من جهة القلب والقالب، فهو مطلع بشكل جيد على الكتاب المقدس، ويحفظ منه الكثير ويعضّد تعليمه وإرشاده بالآيات، وُيحسن استخدام الآيات فى تقنين الأفكار والمبادئ التى يسلمها لمخدوميه, وفى الوقت ذاته يتحول فيه الإنجيل إلى حياة، فتأتى حياته وسلوكه كثمرة تفاعل شخصه مع الوصية، أو هو كما يقول قداسة البابا شنودة أنه على الخادم أن يكون وسيلة إيضاح للفضائل، وكذلك إنجيلا مشروحاً للمخدومين إن الخادم ليس شخصاً عارضاً لبضاعة أو "ريكوردار" وليس خزانة معلومات وليس "بياع كلام" ولكنه شخص تحول بالوصية من الخبر إلى الخبرة ومن التعليم إلى التسليم. وفى الأدب الرهبانى نقرأ عن شخص زار أب كبير لسمع منه كلمة منفعة، ولكن الأب أمسك عن الحديث معه .. فلما سأله البعض، قال: " يعلم الله إنى لم ُأمسك نفسى عنه إلاّ لكونه بياع كلام ُيؤثر أن يتمجد بأقوال الآخرين !!" وفى انشودة المحبة التى كتبها القديس بولس يقول أن المحبة تتأنى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ .. الخ .. (1كو 13: 4) ولعله كان من المنطقى أن يقول أن المُحبّ يتأنى ويرفق .. الخ ولكنه تكلم عن المحب باعتباره محبة !!.. أليس حسنا أن يدعى الله نفسه محبة " ونحن قد عرفنا و صدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه" (1يو16:4 ) محبة تجسدت فى تجسده وفداءه. هكذا الخادم إذا تكلم عن الاتضاع فهو متضع .. وإذا تكلم عن المحبة فهو مُحبّ ..إنه ليس واعظاً بقدر ماهو عظة .. وليس صاحب رسالة بقدر ماهو رسالة مقرؤة من الآخرين، وهو أيضا إنجيل معاش وبشارة مفرحة. هناك شخصيات في حياتنا ُتمثل لنا المسيحية المفرحة والعبادة المبهجة، والمسيح المعزيّ، ويكفى أن ترى شخصاً من هذا النوع. ويكفى أن يقول أى شئ .. يكفى أن فلان الذى قاله .. فكم وكم إذا كان شخصاً كتابياً، وإذا تكلم فلن يقول أى شئ بل "قاعدة الكلام كتابية والكلمة مشروحة فيه هو". لذلك فإن من عمل وعلم فهذا يدعى عظيماً (متى 19:5)، وقديماً كانوا يكتبون فى تقريظ الكتب ُمقدمين الكاتب بقولهم " الأب العامل العالم ". وهذا هو الفرق بين الفلاسفة والسيد المسيح .. فكثير منهم رغم ماقدموه من نظريات وأفكار عاشوا تعساء وأنهى بعضهم حياته بطريقة مأساوية إن الخادم هو شخص كاشف ومعلم صادق لكلمة الله وقوتها وفاعليتها من خلال حياته بكلمة الله .. كلام الله يؤيد كلامه، وكلامه وسلوكه يؤكدان أن الوصية حق وحيّة ويمكن الحياة بها فى كل الظروف إن الخادم هو انجيل مسموع .. وإنجيل مقروء وانجيل معاش. " فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح " ( فى 27:1).
المزيد
02 يوليو 2018
الرسل والسلطان الرسولي الممنوح لهم
فى إرساليته الأولى للتلاميذ قال لهم "أشفوا مرضى. طهروا برصًا. أقيموا موتى. اخرجوا شياطين. مجانًا أخذتم مجانًا أعطوا "، وعندما عين سبعين آخرين وأرسلهم أمام وجهه أعطاهم نفس السلطان ولما رجعوا من مهمتهم "قالوا يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء ". وبعد قيامته وقبل صعوده إلى السماء قال لهم:"وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات وإن شربوا شيئًا مميتًا لن يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون ". وبناء على ذلك كان الرسل في كل مكان حيث يذهبون يصنع الرب على أيديهم آيات وعجائب وقوات لا حصر لها حتى أنه، كما يقول الكتاب "كانوا (الناس) يحملون المرضى خارجًا في الشوارع ويضعونهم على فرش وأسرة حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على واحد منهم.. وكانوا يبرأون جميعهم "، "وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة. حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة "وكانوا يصنعون هذه الآيات والمعجزات باسم "يسوع المسيح" ويعملوها بقوته هو كما سبق أن قال لهم "الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير. لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا". ومن ثم فعندما وجد بطرس الرسول مفلوجًا قال له "يا إينياس يشفيك يسوع المسيح. قم وأفرش لنفسك. فقام للوقت "، وقال للمقعد أمام باب الهيكل "باسم يسوع الناصري قم وأمش" ولما وجد الناس تنظر إليه هو والقديس يوحنا مندهشين ومذهولين قال لهم "لماذا تشخصون إلينا كأنه بقوتنا أو تقوانا جعلنا هذا يمشى.. إله آبائنا مجد فتاه يسوع.. وبالإيمان باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والإيمان الذي بواسطته أعطاه هذه الصحة أمام جميعكم "وأعطاهم أيضا سلطان الحل والربط وغفران الخطايا "الحق أقول لكم إن كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء "، "فقال لهم يسوع أيضا سلام لكم كما أرسلني الآب أرسلكم أنا. ولما قال هذا نفخ وقال لهم أقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت ". هذا السلطان يذكر الكتاب استخدام بطرس له عندما عاقب حنانيا وسفيرة لكذبهما على الروح القدس، وحرم سيمون الساحر من شركة القديسين لأنه أراد أن ينال مواهب الروح القدس بالمال "فقال له بطرس.. ليس لك نصيب. ولا قرعة في هذا الأمر. لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام الله ". كما استخدم هذا السلطان أيضا بولس الرسول عندما عاقب عليم الساحر الذي قاوم كرازة بولس وبرنابا وأصابه بالعمى "هوذا يد الرب عليك فتكون أعمى ولا تبصر الشمس إلى حين "وكانت للرسل المكانة الأولى في الكنيسة باعتبارهم ممثلو المسيح وشهوده "الذي يقبلكم يقبلني "، "الذي يسمع منكم يسمع منى. والذي يرذلكم يرذلني ". وكان لهم سلطان على أعضاء الكنيسة وتعاملوا مع كل الأمور والقضايا التي واجهت الكنيسة في مهدها وعقدوا أول مجمع للكنيسة في أورشليم لمناقشة وبحث موضوع قبول المؤمنين الراجعين إلى الله من الأمم. وأصدروا التوصيات والقرارات اللازمة لذلك. ومن ثم كان تصنيفهم الأول في الكنيسة قبل الأنبياء والمعلمين :"فوضع الله أناسًا في الكنيسة، أولًا رسلًا، ثانيًا أنبياء، ثالثًا معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب الشفاء.. "،"مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية "،"وأعطى (المسيح) البعض أن يكونوا رسلًا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين ".وكانت الوصية العظمى التي حفظوها كاللؤلؤة الكثيرة الثمن هي "لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم جميعًا إخوة ".
الإنجيل الشفوي والتسليم الرسولي
سلم السيد المسيح تلاميذه ورسله الإنجيل شفاهة ولم يذكر الكتاب أنه كتب سوى مرة واحدة وكان يكتب بإصبعه على الأرض" ، وذلك في حادثة المرأة التي أمسكت في الزنى، وكلمة إنجيل ذاتها كما بينّا في الفصل الأول، تعنى بالدرجة الأولى، الأخبار السارة والبشارة المفرحة، بشارة الخلاص الأبدي، أي الكرازة بـ"جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به إلى اليوم الذي أرتفع فيه". وكانت كرازة الرسل بالأخبار السارة، هي ذاتها الإنجيل، الإنجيل الشفوي "ويكرز ببشارة الملكوت هذه كل المسكونة". وتوضح الآيات التالية عمل الله في الرسل في نشر الإنجيل شفاهة بالتسليم:"الخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله" ، "وأعرفكم أيها الأخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به وقبلتموه وفيه تقومون" "أن إنجيلنا لم يصر إليكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضًا وبالروح القدس" ، "أشكر إلهي.. لسبب مشاركتكم في الإنجيل من أول يوم إلى الآن" "هاتين اللتين جاهدتا معي في الإنجيل مع أكليمندس أيضًا وباقي العاملين معي" ، "تيموثاوس أخانا العامل معنا في إنجيل المسيح" ، "ثم أريد أن تعلموا أيها الأخوة أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" ، "ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل ".ولذلك فعندما يقول الرسول "يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي " و"للقادر أن يثبتك حسب إنجيلي "، يقصد كرازتي، عملي في حمل البشارة، وعندما يقول "أنى أوتمنت على إنجيل الغرلة كما بطرس على إنجيل الختان "، يقصد كرازته بين الأمم وكرازة بطرس بين اليهود "فإن الذي عمل في بطرس لرسالة الختان عمل فيَّ أيضا للأمم ".انتشر الإنجيل شفاهة في كل البلاد التي كرز فيها الرسل ولم تكتب الأناجيل المدونة سوى بعد أكثر من خمسة وعشرين سنة من صعود السيد المسيح.
المزيد