المقالات

28 نوفمبر 2018

شيطان التخدير وشيطان التأجيل

حينما يكون الإنسان متيقظًا ومتنبهًا لنقاوة قلبه، صاحيًا عقلًا وروحًا، فإنه من الصعب أن يسقط... ولذلك قال أحد الحكماء: "إن الخطيئة تسبقها إما الشهوة أو الغفلة أو النسيان" فحالة الغفلة والنسيان هي تخدير من الشيطان للإنسان... فينساق إلى الخطيئة وكأنه ليس في وعيه!! ولذلك في حالة التوبة يقال عنه إنه رجع إلى نفسه. أي أنه لم يكن في وعيه، أو على الأقل لم يكن في كامل وعيه طوال فترة سقوطه. ** إن الشيطان يخدّر الإنسان، بحيث ينسى كل شيء، ماعدا محبته للخطية. فتكون كل حواسه وأفكاره ومشاعره مركزة في الخطية وحدها. أما ما عداها فلا يخطر له على بال، وكأنه قد نسيه تمامًا تمامًا... ينسى وصايا الله، وينسى مركزه الروحي والاجتماعي، وينسى عبادته واحتراسه، وينسى وعوده لله وتعهداته ونذوره، وينسى ما يمكن أن تسببه الخطيئة من نتائج وأضرار وعار، وينسى عقوبات الله وإنذاراته. ويكون كأنه مخدر تمامًا، لا يعي شيئًا سوى شهوته... ** ولا يصحو لنفسه إلا بعد السقوط، حينما يكون كل شيء قد انتهى! وقد يفيق الشخص بعد الخطية مباشرة. وربما بعدها بمدة طويلة.. وهناك من يفيق من تخديره فيتوب، والبعض قد ييأس إن كان قد أفاق بعد فوات الفرصة! ** وأنصحك يا أخي إن خدّرك الشيطان، أن تفيق بسرعة. واحذر أن تستمر مخدرًا بالخطيئة إلى أن تصبح عادة، أو يصير من الصعب عليك أن تتخلص منها، أو تكون قد وصلت إلى نتائج سيئة جدًا... والنصيحة الثانية أن تستفيد درسًا مما مرّ بك، فلا تتساهل مع الخطيئة، بل عليك أن تتوب توبة حقيقية وسريعة، وتغلق أمامك كل الأبواب التي أوصلتك إلى السقوط. ** على أن شيطان التخدير إذا وجد أن فريسته قد أفاق من تخديره، وعزم على التوبة، يسلّمه بدوره إلى شيطان التأجيل، الذي يقول له: ولماذا هذا الإسراع؟! وأمامك فرص كثيرة للتمتع بالحياة، ليس من الحكمة أن ترفضها فتندم عليها! والأمر في يدك، يمكنك أن تتوب في أي وقت، ولو قبل الموت. ولاشك أن الله الكلى الرحمة يقبل التوبة في أي وقت كانت مهما تقدم بك العمر..! إذن لا داعي إلى الإسراع. ربما التريث يعطينا فرصة لفحص الأمر أكثر، أو لاختيار أسهل السبل للتخلص مما نحن فيه... ** والشيطان يلجأ إلى حيلة التأجيل، ليس فقط في مواجهة نية التوبة عند الإنسان، إنما في كل عمل خير ينوى أن يعمله. والمقصود بالتأجيل هو إضاعة الحماس للعمل، أو إضاعة الفرصة، أو ترك الموضوع فترة فربما يُنسى أو يحدث ما يغطى عليه، أو تأتى مشغولية كبيرة تستحوذ على كل الاهتمامات والوقت، أو يحدث حادث يتسبب في التعطيل، أو يتعرض الإنسان لخطية تفتر بها حرارته الروحية فلا ينفذ ما قد أجّله... ** لذلك لا تؤجل التوبة. فكثيرون من الذين أجلوّها، لم يتوبوا على الإطلاق، وزال تأثرهم الروحي وضاعت الفرصة منهم... واعلم أن توالى تأجيل التوبة، قد يعنى رفض التوبة. وقد يعنى قساوة القلب، وإسكات الضمير المتحرك داخلك، وأيضًا الهروب من الله الذي يدعوك إليه. ** إن الفرصة حاليًا في يدك، والحماس في قلبك. فلا تؤجل التوبة، ولا تؤجل الصلاة، ولا تؤجل أي عمل خير يتاح لك أن تقوم به من نحو غيرك. فهوذا سليمان الحكيم يقول "لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله" لا تقل لصاحبك "اذهب الآن وتعال غدًا لأعطيك، وموجود عندك"... واعلم أن "خير البر عاجله" كما يقول المثل... والإسراع في عمل البر فضيلة، والتباطؤ فيه قد يسبب الندم. ** كثير من الطلبة الذين أجّلوا مذاكرة دروسهم يومًا بعد يوم، تكاثرت عليهم، ووقعوا في اليأس، وبكوا في ساعة الامتحان... كذلك فإن المزارعين الذين أدركتهم الحسرة في موسم الحصاد، كانوا قد أجّلوا إلقاء البذار في وقت الغرس والزرع. وأيضًا الذين أجّلوا علاج مرض معين، قاسوا كثيرًا حينما استفحل المرض وانتشر. وبعض الذين أجّلوا المصالحة مع الأصدقاء أو الأزواج، كان من نتائج ذلك أن تعقدت الأمور وصار الصلح مستحيلًا.. ** قد يكون التأني في اتخاذ بعض القرارات حكمة، ولكنه في أحيان أخرى يكون خطأً وأحيانًا يكون خطرًا، ويكون مجرد حيلة في يد شيطان التأجيل ليفسد كل شيء... قال شاعر قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجلِ الزللُ. فأجابهم شاعر آخر بقوله: وكم أخذّ ببعض الناس بطؤهمو وكان خيرًا لهم لو أنهم عجلوا ** لذلك احترس من شيطان التأجيل، لئلًا يقودك شيئًا فشيئًا إلى الإهمال، ومنه إلى الضياع... فإن ناداك الضمير، أسرع إلى الاستجابة. وإن حثك على عمل الخير، فلا تتوان ساعة ولا لحظة. وإن زحفت إلى طبعك عادة خاطئة، فلا تتباطأ في التخلص منها. وإن شاهدت شعلة تحرق، فلا تؤجل إطفاءها، لئلا تتحول إلى حريق مدمر. وباستمرار احذر واحترس من شيطان التأجيل. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
27 نوفمبر 2018

الضمانات الأكيدة للطهارة

1) عمل النعمة ليس من شك إن مجهوداتنا البشرية مهما عظمت، لا تقدر إن ترفعنا فوق قامتنا ولو إلى ذراع واحد. هذه خبرة حياتنا اليومية، وليس من شك إن قوى البشر أعلى من إن نواجهها ببشريتنا الهزيلة. لذلك جاء تدبير النعمة ليحل المشكلة ويلغى التناقص المروع، الكائن بين إله قدوس وبشر خطاة، النعمة عمل إلهي باطني، به يصير الإنسان شريكا للطبيعة الإلهية، وهى قوة غير محدودة في أحشاء الإنسان فتنبط الغريزة، وتهدأ النفس، ويستنير الفكر، ويخشع الكيان، النعمة طبيب إلهي يشفى النفس من انحرافاتها وأوجاعها. لذلك فالشباب الذي يستودع نفسه لعمل النعمة، يحس بتغير صادق في نفسه وحواسه وأفكاره ومشاعره ونزعاته، وهذه معجزة لابد من اختبارها. النعمة.. طاقة جبارة ترفع النفس فوق معاكسات الجسد وإغراءات العالم ، وإيحاءات العدو أنها ببساطة الله ساكنا في إنسان. أما وسيلة الحصول على هذه النعمة فهي: الطاعة والقبول الصادق للرب يسوع رئيسا للحياة، والشركة المستمرة معه، للتعبير عن هذا الاختبار عمليا، بالصلاة والشبع بالانجيل والاتحاد المستمر بجسده ودمه الاقدسين. إذا كانت لدينا نية صادقة للحياة حسب المسيح، فلنترجم هذا عمليا بالشركة الحية والطاعة العملية لتعليمات الرب، وهنا يأتي دور الجهاد الذي به نحصل على النعمة اللازمة لخلاصنا. هيا يا أخي الشاب أقترب من السيد، وانسكب تحت قدميه، وسلمه حياتك المسكينة المائتة، لتخرج كل مرة من مخدع الصلاة وفى يديك زوفا جديدة تغسل بها خطاياك، وذخيرة جديدة تحارب بها في اليوم الشرير. 2) روح الرجاء إياك والاستسلام لخدعة العدو: "لا فائدة!" وليكن ردك باستمرار: (لا فائدة فيَّ ولكن كل الفائدة في السيد الرب "الذي يفتدى نفسي من الموت وحياتي من الحفرة" ). تشدد بالحب المذهل الذي في قلب المسيح من نحوك، وثق في الحنان الذي بلا حدود المنسكب من أحشائه تجاهك أنت الضعيف المستعبد: "ثِق قم، هوذا يناديك" فلا تتأخر ولا تستسلم لماضيك ولا لضعفك ولا لخداعات العدو إنه دوما في انتظارك، يفرح بعودة التائب مهما كان ماضيه. 3) الحياة المليئة من أخطر الأمور على طهارتك يا أخي الشاب "فراغ الحياة" لا اقصد فراغ الوقت فحسب، بل الحياة التافهة، التي بلا رسالة ولا مسئولية ولا تطلعات. خذ من يد الرب رسالتك كخادم للمسيح. ينبغي إن تستجيب لمحبته الخالدة، وتبحث عن أولاده البعيدين.. مسئوليتك كطالب، هي أن تشهد للرب بأمانتك وتطلعاتك المقدسة، حتى تمتلئ حياتك بالأهداف المباركة والآمال النقية، التي تهدف إلى خدمة الرب وأولاده. ضع أمامك أهدافًا مقدسة مثل: التدريب على الصلاة الدائمة، واستيعاب الإنجيل المقدس، واستيعاب روح الكنيسة في آبائها وتاريخها وعقائدها وصلواتها، واستيعاب روح العصر وفكره وثقافته، حتى تسخر هذا كله لخدمة المسيح والبحث عن النفوس البعيدة واجتذابها إلى الحظيرة.. وهكذا. كذلك اهتم بدراستك ومهنتك، فأدرس بحب وشغف ولا تدرس للامتحان فقط، بل أهدف إلى النمو في حب عملك لتؤديه بفاعلية وسعادة. إن انشغال قلبك بأهداف طاهرة يسكب الطهارة في أحشائك، أما تفاهة الحياة وفراغ القلب فلا منفعة فيهما!! 4) الصفاء النفسي لعلك تلاحظ أن الإنسان لا يلجأ إلى الخمر والمخدرات والتدخين إلا بسبب القلق، كنوع من البحث الخاطئ وراء السعادة المفقودة، كذلك أيضًا في موضوع الطهارة، نجد آن الشقاء النفسي الناتج عن الفشل الدراسي أو الاجتماعي، أو المتاعب المادية، يجعل النفس تلجأ إلى الغريزة كوسيلة متيسرة للتعويض، لذلك يلزمنا كشباب أن نقتني -بنعمة المسيح- النفسية الصافية التي تتعامل بإيجابية، مع مصادمات الحياة اليومية ومشاكلها، فتأخذ منها عيرا ودروسا للمستقبل، وتتجاوزها لتحول الفشل إلى نجاح، والمشكلة المادية إلى وسيلة لاختبار يد المسيح الأمينة من نحو أولاده، وفقد الوالدين أو الإخوة إلى نافذة مفتوحة على السماء، من خلالها نتعرف على الله، وعلى الأبدية، وعلى زيف هذا الدهر. وهكذا إذ تهدأ نفسيتنا بين يدي الله لا تبقى لدينا حاجة إلى التعويض باللذة الضارة. 5) الحياة الأمينة يجب إن تكون أمينًا في حياتك من كافة زواياها: الدراسية والاجتماعية والروحية.. الخ. ويجب إن تكون دوافعك في السير وراء المسيح نقية، تهدف إليه في ذاته لا إلى عطاياه.. وان تكون مدققا في مشاعرك وعواطفك، فترفض إن تدخل في علاقة تظنها مقدسة، ثم تنتظر لنفسك حياة الطهارة، لذلك دقق في حواسك وأفكارك واتجاهاتك، حتى لا تتحول إلى منافذ للعدو، منها يتسلل إلى قلبك. وثق إن الرب الذي يرى جهادك من السماء سوف لن يتخلى عنك، بل سيسندك بقوته الفائقة. انشغل به أساسًا فتنحل الخطية من أعضائك بسهولة، إن صراعنا ليس ضد الخطية لنصرعها، بقدر ما هو مع المسيح لنقتنيه، وإذا اقتنينا المسيح أخذنا كل شيء. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
26 نوفمبر 2018

جسد المسيح

عندما نتكلَّم عن القربانة كنموذج لشرح تكوين الكنيسة وطبيعتها وارتباطها بالمسيح في وحدة الحب، وذلك قبل أن تتحول القربانة نفسها بفِعل الصلاة والتقديس وحلول الروح القدس إلى جسد حقيقي للرب يسوع.. لا يجب أن يختلط المعنى في ذهننا بين جسد المسيح الخاص المولود من العذراء مريم بلا خطية والذي نأكله على المذبح، وبين جسد المسيح الذي هو الكنيسة، المكونة منَّا كأعضاء في هذا الجسد.. "وأمّا أنتُمْ فجَسَدُ المَسيحِ، وأعضاؤُهُ أفرادًا" (1كو12: 27). التمايز بين جسد المسيح الخاص والكنيسة جسد المسيح + فالكنيسة ليست مولودة من العذراء مريم، بل المسيح وحده الذي هو رأس الكنيسة .. "وإيّاهُ جَعَلَ رأسًا فوقَ كُل شَيءٍ للكَنيسَةِ" (أف1: 22). + والكنيسة لم تُصلب مع المسيح، بل هو مات وحده عنَّا.. "قد دُستُ المِعصَرَةَ وحدي، ومِنَ الشُّعوبِ لم يَكُنْ معي أحَدٌ" (إش63: 3). ولذلك قال السيد المسيح للكنيسة (جماعة الرسل): "هوذا تأتي ساعَةٌ، وقد أتتِ الآنَ، تتفَرَّقونَ فيها كُلُّ واحِدٍ إلَى خاصَّتِهِ، وتترُكونَني وحدي. وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ مَعي" (يو16: 32). + والسيد المسيح هو فادينا، لأنه صُلب وحده عنَّا، فلو صُلبت الكنيسة معه أي صُلبنا نحن معه على الجلجثة فكيف يكون فاديًا لنا؟ إنه فادي لأنه مات بدلاً ونائبًا عنَّا، ولم نمت نحن معه في الجلجثة في الصليب لأننا لم نكن موجودين آنئذٍ. لقد نلنا نصيبنا في صليبه عندما اعتمدنا باسمه القدوس .. + "فدُفِنّا معهُ بالمَعموديَّةِ للموتِ، حتَّى كما أُقيمَ المَسيحُ مِنَ الأمواتِ، بمَجدِ الآبِ، هكذا نَسلُكُ نَحنُ أيضًا في جِدَّةِ الحياةِ؟ لأنَّهُ إنْ كُنّا قد صِرنا مُتَّحِدينَ معهُ بشِبهِ موتِهِ، نَصيرُ أيضًا بقيامَتِهِ" (رو6: 4-5). + "مَدفونينَ معهُ في المَعموديَّةِ، التي فيها أُقِمتُمْ أيضًا معهُ بإيمانِ عَمَلِ اللهِ، الذي أقامَهُ مِنَ الأمواتِ. وإذ كنتُم أمواتًا في الخطايا وغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أحياكُمْ معهُ، مُسامِحًا لكُمْ بجميعِ الخطايا" (كو2: 12-13). لذلك يحق لنا بعد المعمودية فقط أن نقول: + "مع المَسيحِ صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المَسيحُ يَحيا فيَّ. فما أحياهُ الآنَ في الجَسَدِ، فإنَّما أحياهُ في الإيمانِ، إيمانِ ابنِ اللهِ، الذي أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20). + "عالِمينَ هذا: أنَّ إنسانَنا العتيقَ قد صُلِبَ معهُ ليُبطَلَ جَسَدُ الخَطيَّةِ، كيْ لا نَعودَ نُستَعبَدُ أيضًا للخَطيَّةِ" (رو6: 6). + أما من جهة الصليب نفسه، فقد صُلب السيد المسيح وحده لأنه "أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20). + فلو كانت الكنيسة هي جسد المسيح المصلوب لما احتاج أعضاؤها أن يعتمدوا، ولكننا يحدث لنا العكس .. إننا نحتاج المعمودية لكي نُصلب فيها ونُدفن مع المسيح ونقوم .. "وأقامَنا معهُ، وأجلَسَنا معهُ في السماويّاتِ في المَسيحِ يَسوعَ" (أف2: 6). + والكنيسة أيضًا تشترك في آلام الصليب باحتمال كل أنواع الآلام من أجل المسيح .. "ومَنْ لا يأخُذُ صَليبَهُ ويتبَعُني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 38). إنه صليب آلام الاضطهاد وآلام الخدمة وأتعابها وآلام النُسك ومشقاته، والآلام الطبيعية. "عالِمينَ أنَّ نَفسَ هذِهِ الآلامِ تُجرَى علَى إخوَتِكُمُ الذينَ في العالَمِ" (1بط5: 9) .. ولكننا نحتملها بشكر فتصير شركة في صليب المسيح.. "صادِقَةٌ هي الكلِمَةُ: أنَّهُ إنْ كُنّا قد مُتنا معهُ فسَنَحيا أيضًا معهُ. إنْ كُنّا نَصبِرُ فسَنَملِكُ أيضًا معهُ. إنْ كُنّا نُنكِرُهُ فهو أيضًا سيُنكِرُنا" (2تي2: 11-12). "إنْ كُنّا نَتألَّمُ معهُ لكَيْ نتمَجَّدَ أيضًا معهُ" (رو8: 17) .. أما صليب الجلجثة فلم يكن هناك غير يسوع المسيح وحده بجسده الخاص المبذول عن حياة العالم. + جسد المسيح المصلوب عنَّا هو جسد بلا عيب ولا لوم ولا خطية .. + "الذي بروحٍ أزَلي قَدَّمَ نَفسَهُ للهِ بلا عَيبٍ" (عب9: 14). + "بدَمٍ كريمٍ، كما مِنْ حَمَلٍ بلا عَيبٍ ولا دَنَسٍ، دَمِ المَسيحِ" (1بط1: 19). + أما نحن أعضاء الكنيسة .. "إنْ قُلنا: إنَّهُ ليس لنا خَطيَّةٌ نُضِلُّ أنفُسَنا وليس الحَقُّ فينا .... إنْ قُلنا: إنَّنا لم نُخطِئْ نَجعَلهُ كاذِبًا، وكلِمَتُهُ ليستْ فينا" (1يو1: 8، 10). + أما السيد المسيح فقد "حَمَلَ خَطيَّةَ كثيرينَ وشَفَعَ في المُذنِبينَ" (إش53: 12). ولذلك قيل عنه: "لأنَّهُ جَعَلَ الذي لم يَعرِفْ خَطيَّةً، خَطيَّةً لأجلِنا، لنَصيرَ نَحنُ برَّ اللهِ فيهِ" (2كو5: 21). هو حَمَل خطايا الكنيسة على جسده الخاص، لنصير نحن بر الله فيه. + جسد السيد المسيح المولود من العذراء والخاص به، اتحد اتحادًا كاملاً أقنوميًا باللاهوت، كمثل اتحاد النفس بالجسد في الإنسان .. أما المسيح فقد اتحد بكنيسته كاتحاد الرجل بامرأته، فصارت الكنيسة جسده كما أن المرأة هي جسد الرجل والرجل رأسها، ولكن يظل الرجل رجلاً والامرأة امرأة .. كذلك يظل المسيح هو الله والكنيسة هي البشر المتحد بالله اتحاد الحب والإرادة والقداسة. "لأنَّ الرَّجُلَ هو رأسُ المَرأةِ كما أنَّ المَسيحَ أيضًا رأسُ الكَنيسَةِ، وهو مُخَلِّصُ الجَسَدِ" (أف5: 23). + في سر الزيجة "يكونُ الاِثنانِ جَسَدًا واحِدًا" (مت19: 5)، ومع ذلك مازال للرجل جسده الخاص وكذلك للمرأة .. والرجل يصير رأسًا للمرأة والمرأة جسد للرجل. على هذا المثال تكون الكنيسة جسدًا للمسيح والمسيح بجسده الخاص رأسًا للكنيسة. + جسد المسيح المتحد بلاهوته هو جسد مُحي نسجد له ونُمجده، ويعمل المعجزات، ويعطينا حياة أبدية حينما نأكله .. "مَنْ يأكُلُ جَسَدي ويَشرَبُ دَمي فلهُ حياةٌ أبديَّةٌ، وأنا أُقيمُهُ في اليومِ الأخير ِ ... مَنْ يأكُلني فهو يَحيا بي" (يو6: 54، 57) .. أما الكنيسة جسد المسيح .. فليست فيها الألوهة، ولا تعطي حياة، ولا يمكن أن نأكلها. + إننا نسجد فقط لرأس الكنيسة "وهو رأسُ الجَسَدِ: الكَنيسَةِ. الذي هو البَداءَةُ، بكرٌ مِنَ الأمواتِ، لكَيْ يكونَ هو مُتَقَدمًا في كُل شَيءٍ" (كو1: 18). ولكننا لا نسجد للكنيسة ولا نعبدها، لأنها هي نحن (أعضاء الجسد)، فكيف نسجد لأنفسنا أو نعبد أنفسنا؟ + إننا فعلاً "أعضاءُ جِسمِهِ، مِنْ لَحمِهِ ومِنْ عِظامِهِ" (أف5: 30).. ولكننا لسنا لاهوته وأقنومه، مثل المرأة التي هي جسد الرجل "عَظمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي" (تك2: 23)، ولكنها ليست ذات الرجل أو شخصه. "هكذا نَحنُ الكَثيرينَ: جَسَدٌ واحِدٌ في المَسيحِ، وأعضاءٌ بَعضًا لبَعضٍ، كُلُّ واحِدٍ للآخَرِ" (رو12: 5). وبهذا المعنى تكون أجسادنا أعضاء المسيح .. + "ألستُمْ تعلَمونَ أنَّ أجسادَكُمْ هي أعضاءُ المَسيحِ؟ أفآخُذُ أعضاءَ المَسيحِ وأجعَلُها أعضاءَ زانيَةٍ؟ حاشا!" (1كو6: 15). + "لأنَّهُ كما أنَّ الجَسَدَ هو واحِدٌ ولهُ أعضاءٌ كثيرَةٌ، وكُلُّ أعضاءِ الجَسَدِ الواحِدِ إذا كانَتْ كثيرَةً هي جَسَدٌ واحِدٌ، كذلكَ المَسيحُ أيضًا" (1كو12: 12). + والمسيح هو الرأس "صادِقينَ في المَحَبَّةِ، نَنمو في كُل شَيءٍ إلَى ذاكَ الذي هو الرّأسُ: المَسيحُ" (أف4: 15). خلاصة القول .. إن الجسد المُقدَّس على المذبح هو جسد السيد المسيح المولود من العذراء مريم، وهو جسد بلا خطية وبلا عيب، يضمنا إليه، ونتحد به عندما نعتمد باسمه وعندما نأكله .. + "نَحنُ الكَثيرينَ خُبزٌ واحِدٌ، جَسَدٌ واحِدٌ، لأنَّنا جميعَنا نَشتَرِكُ في الخُبزِ الواحِدِ" (1كو10: 17). + "اجعلنا كلنا مستحقين يا سيدنا أن نتناول من قُدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، لكي نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء" (القداس الباسيلي). وهذا الانضمام إلى جسد المسيح يكون الآن كعربون وفي الأبدية بالحقيقة .. وهذا كله بالنعمة الإلهية الممنوحة للبشروهذا الانضمام إلى جسد المسيح لا يُكسبنا صفات المسيح الإلهية، كمثل جهاز كهربائي لا يعمل إلاَّ باتحاده بالكهرباء، ولكنه عند اتحاده بها لا يصير هو نفسه (كهرباء)، ولكنه يظل (كهربائي)، ويعمل بقوة الكهرباء فيه كذلك نحن لا نحيا إلاَّ بالمسيح، ولكننا لا نصير (مسيحًا)،بل (مسيحيين) ونحيا بقوة حياة المسيح فينا. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
25 نوفمبر 2018

كيف أعد الله العالم للتجسد؟

يُفهم الكتاب المقدس كله بكلمتين هما محبة الله وخلاص الله ما هو موضوع الكتاب المقدس ؟ هو إعلان حب الله للإنسان وخلاص الله للإنسان لذلك أن أرى في دراستي للكتاب المقدس حب الله لي أنا وخلاص الله لي أنا فيصير بذلك بشارة خلاص لي أنا قمة محبة الله ظهرت في خلقتهِ للإنسان الله أبدع للإنسان خِلقة تفرَّحه أخر كل شئ خلق الإنسان لأنه محبوبه غالي عليه كما قال ﴿ لذاتي مع بني آدم ﴾ ( أم 8 : 31 ) الله في الخِلقة كان يقول كلمة فتُخلق الأشياء لكنه عندما خلق الإنسان خلقهُ بيديهِ ورأى كل شئ في الخليقة أنه حَسَنْ أما في خلقتهِ للإنسان فرأى أنه حَسَنْ جداً الله عبَّر عن حُبُّه للإنسان بخلقتهِ إياه وخِلقِة الكون له فكان الله يبتهج بالإنسان وكان الإنسان يبتهج بالله لكن عدو الخير حسد علاقة الله بالإنسان وهذه المحبة الجميلة وأفسد هذه العلاقة وأغوى الإنسان وسقط محبوب الله وصورته وبهاء مجده وعظمة الله كل هذا أفسده الشيطان لذلك غير المسيحيون يقولون أننا عظَّمنا أمر سقوط آدم جداً كان يمكن لله أن يُميت آدم عندما سقط وينتهي الأمر لكن لا الأمر ليس في آدم وحده لأنه سقط لكن لأن آدم يُمثِّل البشرية كلها إذاً عندما دخلت الخطية لآدم دخلت للبشرية كلها فكان لابد من خلاص كان لابد من مُحرر وفادي ومُخلِّص لأن الإنسان عندما أخطأ مات وانفصل عن الله وكما أعلن الله حُبُّه للإنسان في خِلقته إياه أعلن له أيضاً حُبُّه له في خلاصه له عدو الخير قال لله إن كان آدم قد أخطأ فليمُت وينتهي أمره لكن الله قال لن أُمِيته بل سأُعالِجه لو مريض مَرَضُه مُميت ويحيا بالأجهزة هل نستمر في عِلاجه حتى يسمح الله بانتقاله أم نتركه ونقول أنه سيموت فلماذا نعالجه ؟ بالطبع نستمر في علاجه حتى يسمح الله هكذا قال الله سأُعالج الإنسان وآخُذ موته وأُعطِيه حياة آخُذ خطيته وأُعطيه بِرِّي إذاً الله دفع ثمن الموت يقول القديس أثناسيوس أنه إهانة عظيمة لله أن يخلق الإنسان ويُميته كان الأفضل ألاَّ يخلِقه من أن يخلِِقه ويُميته لذلك لما دخلت الخطية كان لابد من علاج وطبيب كان لابد من غفران وبِر فتم الخلاص لو كان الله قد اختار الحل أن يُميت الإنسان كان ذلك سيتعارض مع قوة الله وقُدرته وحِكمته نقول كان يمكنه أن يسامح آدم ولا يتكلف الخلاص والفداء أيضاً لا لأن التسامح لن يحل الأمر لأن الإنسان قد فسد ولابد من علاج والعلاج هو الخلاص لكي يُعِد الله العالم للخلاص ظلَّ خمسة آلاف وخمسمائة سنة يُعِد للخلاص كل أحداث الكتاب تُعلن حُب الله وخَلاَصه للإنسان . كيف أعدَّ الله العالم للتجسد ؟ 1. بالوعود :- منذ البداية عندما أخطأ الإنسان نال أول وعد ﴿ نسل المرأة يسحق رأس الحية ﴾ ( تك 3 : 15) قال الله سأجعل المرأة كما أغوتها الحية فأكلت وسقطت سأجعل نسلها يسحق رأس الحية وكانت هناك معركتين المعركة الأولى بين امرأة والحية وانتصرت الحية والمعركة الثانية بين امرأة والحية وانتصرت المرأة المعركة الأولى بين آدم وحواء والحية والمعركة الثانية بين ربنا يسوع والعذراء مريم وعدو الخير تخيل آدم وحواء أخذا الوعد فقال آدم لحواء هيا لنا بولد لينفذ ولم يتم الوعد بالابن الأول وجاء الابن الثاني ولم يتم الوعد وعندما شاخت حواء اشتاقت أن تأتي ابنتها بابن يُتمم الوعد وينتقم لها وهكذا استمر هذا الإشتياق في نسل حواء حتى جاء المسيح له المجد وتحقق فيه الوعد لذلك الكتاب مملوء وعود بالخلاص قال الله لإبراهيم أبو الآباء ﴿ تتبارك في نسلك جميع أمم الأرض ﴾ ( تك 26 : 4 )هل يليق أن أقول هذه الكلمة لأي شخص منكم ؟ أمر صعب قد نقول الله يُعطيك نسل يكون بركة لمن حوله أو بركة لمدينة لكن يتبارك به جميع قبائل الأرض كلمة عظيمة وكبيرة أي عبارة في الكتاب تُقال لشخص نشعر أنها مُبالغ فيها نعرف أنها عبارة مِسيانية أي تخص المسيح وعد بالخلاص قيلَ لأبينا إبراهيم ويقول أبونا إبراهيم لأُمنا سارة هيا لنا بابن ويأتي إسحق نعم كان بركة لكن لم تتبارك به جميع قبائل الأرض وَوَلَدْ إسحق يعقوب وكان يعقوب بركة لكن لم تتبارك به جميع قبائل الأرض وَوَلَدْ يعقوب يوسف و لكن تم الوعد بمجئ المسيح من أولاد يعقوب يهوذا الذي أتى من سِبطه المسيح عندما بارك يعقوب أولاده قال في مباركته ليهوذا ﴿ لا يزول قضيب من يهوذا ومُشترِع من بين رجليهِ حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوبٍ ﴾ ( تك 49 : 10) لا يزول قضيب من يهوذا أي قضيب المُلك وكلمة " شيلون " معناها " صانع سلام " إذاً لو تم تنفيذ الوعد حرفياً أن نسل يهوذا كله يكون ملوك حتى يأتي شيلون هل كان يهوذا ملك ؟ لا لكن المعنى الحرفي أنه يظل هو ونسله ملوك لا هذا الوعد تحقق في المسيح شيلون صانع السلام قال الله ليهوذا أن ابنه يبني بيت لاسمه وكان ذلك في سليمان الحكيم وقال له سأُثبِّت مملكتك للأبدهل هذا كلام معقول ؟ بالطبع كلام مُبالغ فيه لكن هذه المملكة ظلت للأبد أي مملكة الله مملكة يهوذا وأتى المسيح . 2. بالنبوات :- الكتاب مملوء نبوات عن المسيح له المجد عن كل ما يخص حياته وفدائهُ وصلبه و أ- في سفر العدد توجد شخصية بلعام الذي قال ﴿ أراه ولكن ليس الآن أُبصِره ولكن ليس قريباً يبرُز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من إسرائيل ﴾ ( عد 24 : 17) بلعام كان قبل مجئ المسيح بـ 1500 سنة قال " أبصره ولكن ليس قريب " ويقصِد بذلك المُخلِّص لكن كيف يراه وليس الآن يُبصِره وليس قريب ؟ ومن هو ؟ كوكب من يعقوب لأن اسم ربنا يسوع كوكب الصُبح . ب- إشعياء النبي قبل ميلاد ربنا يسوع بـ 770 سنة قال ﴿ يُولد لنا ولد ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفيهِ ويُدعى اسمه عجيباً مُشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام ﴾ ( إش 9 : 6 ) وكان يقصِد ربنا يسوع كيف عرفهُ قبل تجسده بـ 770 سنة ؟ الكتاب المقدس يُعلن أنه كتاب إلهي لأن به نبوات تحققت أيضاً يقول إشعياء النبي ﴿ ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل ﴾ ( إش 7 : 14)هل عاش إشعياء النبي عصر العذراء مريم ورآها ؟ لا لكنه رآها بالنبوة . ج- يقول موسى النبي ﴿ يُقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي له تسمعون ﴾( تث 18 : 15) ويقصِد أيضاً ربنا يسوع . ح- في سفر حجي قبل ميلاد يسوع بـ 500 سنة قال ﴿ وأُزلزل كل الأمم ويأتي مُشتهى كل الأمم ﴾( حج 2 : 7 )مُشتهى كل الأمم أي من يتطلع إليه العالم كله هو المسيح . د- في سفر ملاخي يقول ﴿ ولكم أيها المُتقون اسمي تُشرِق شمس البر والشفاء في أجنحتها ﴾( ملا 4 : 2 ) أيضاً من هو شمس البر إلاَّ ربنا يسوع . ذ- في سفر دانيال حدَّد زمن تجسد ربنا يسوع قبل ميلاده بـ 450 سنة تخيل أن النبوات تُعلن اسمه وكيف يُولد وأين يُولد وتفاصيل ميلاده و كما يقول إشعياء النبي ﴿ ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل ﴾ . ر- في سفر ميخا قبل ميلاد ربنا يسوع بـ 750 سنة يُعلن مكان ميلاده ﴿ أما أنتِ يا بيت لحم أفراتة وأنتِ صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنكِ يخرج لي الذي يكون مُتسلطاً على إسرائيل ومخارجهُ منذ القديم منذ أيام الأزل ﴾ ( مي 5 : 2 ) ومن هو الذي مخارجه منذ أيام الأزل ؟ أي من هو الموجود منذ الأزل ؟ أقصى عُمر للإنسان مائة سنة ؟ من هو الذي له أجداد منذ الأزل ؟ إذاً هو يقصِد المسيح له المجد . ز- في سفر هوشع نبوة عن هروبه لأرض مصر ﴿ من مصر دعوت ابني ﴾ ( هو 11 : 1) . س- في سفر إشعياء ﴿ روح السيد الرب عليَّ لأن الرب مسحني لأُبشِر المساكين أرسلني لأعصِب مُنكسري القلب لأُنادي للمسبيين بالعِتق وللمأسورين بالإطلاق ﴾ ( إش 61 : 1) نبوة عن كرازة ربنا يسوع . ش- في سفر ملاخي نبوة عن يوحنا المعمدان ﴿ هأنذا أُرسِل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي ﴾ ( ملا 3 : 1 ) أي يوحنا المعمدان الذي هيأ الطريق أمام يسوع . ص- في سفر إشعياء نبوة عن معجزات ربنا يسوع ﴿ حينئذٍ تتفقح عيون العُمي وآذان الصم تتفتح حينئذٍ يقفز الأعرج كالأيل ويترنم لسان الأخرس ﴾ ( إش 35 : 5 ) توجد معجزات كثيرة وعديدة في العهد القديم إلاَّ معجزات تفتيح أعين العميان لأنها كانت أمر مِسياني لذلك قال إشعياء النبي عندما ترون أعين العميان تتفتح اعرفوا أنه المسيا ولذلك أيضاً معجزة المولود أعمى هزَّت كيان الأُمة اليهودية لأنه مادام أعين العُمي تتفتح إذاً هو المسيا في سفر إشعياء أحداث القيامة والصلب و حتى أنه قيل عن إشعياء النبي أنه وكأنه جالِس تحت الصليب يصف أدق تفاصيل الصلب ﴿ مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا ﴾( إش 53 : 5 ) . ض- في سفر المزاميرمزمور " 22 " يقول ﴿ يقسمون ثيابي بينهم وعلى لِبَاسي يقترعون ﴾( مز 22 : 18) ﴿ أُحصيَ مع أثمةٍ ﴾ ( إش 53 : 12 )﴿ في عطشي يسقونني خلاً ﴾( مز 69 : 21 ) ﴿ أحاطت بي كلاب ﴾ ( مز 22 : 16 ) داود النبي يتكلم عن أحداث الصلب قبل ميلاد ربنا يسوع بألف سنة الكتاب المقدس يحكي حب الله للإنسان وخلاص الله للإنسان 3. بالرموز :- أظهر الله الخلاص في رموز منذ سقوط الإنسان ويكلمنا بالرموز منذ سقوط الإنسان يكلمنا عن " شجرة الحياة " التي من يأكل منها يحيا للأبد أي المسيح فُلك نوح الذي به كان الخلاص للعالم كله وكان به باب جانبي هو ربنا يسوع والباب هو طعنِة جنبه بالحربة التي منها ندخل ونخرج للمسيح ذبيحة إسحق يقول الله لأبينا إبراهيم ﴿ خُذ ابنك وحيدك الذي تُحبُّه إسحق ﴾( تك 22 : 2 ) أي المسيح عندما أعطى الله إبراهيم إسحق فرح به إبراهيم لكن بعد قليل قال له هات ابنك إسحق .. لماذا يا الله ؟ ويأخذ إبراهيم إسحق ليُقدِّمهُ ذبيحة لله ويرفع عليه السكين لكن الله يُقدم له كبش بدلاً من إسحق ويعود إسحق حي رموز شعب بني إسرائيل أمامه البحر الأحمر وخلفه جيش فرعون ويضرب موسى البحر بخشبة .. هذا هو الصليب وهذه هي المعمودية يُخطئ شعب بني إسرائيل ويُرسل الله الحيات تلدغه موسى النبي يصرخ لله فيقول له الله اصنع حية نُحاسية وارفعها على عصا وكل من نظر لها يُشفَى موسى النبي لا يفهم ما يقوله الله لكنه يعمل ما أمرهُ به هل يُعقل أن شخص يسري في دمه سُم الحيات وينظر لحية نُحاسية فيُشفَى ؟ ليتكَ يا الله تُعطينا دواء مضاد لسُم الحية أو مصل أو لكن لا الله يقول آمِنْ بقوة عمل الصليب الذي يشفيك من الخطية خروف الفصح إذبحه ورُش دمه على القائمتين والعتبة العُليا وعندما يمر الملاك المُهلِك ويرى الدم فيعبُر ولا يهلك بِكر هذا البيت لكن لم يرى الملاك المُهلِك الدم يُهلِك بِكْر البيت الخروف هو المسيح الذي فدانا بدمه من الموت الخلاص هو محور الكتاب وظلَّ الله يُمهدنا حتى نفهم أنه سيأتي ويُخلِّصنا مثل خروف الفصح والحية النُحاسية وخمسة آلاف وخمسمائة سنة يُهيئنا ويُعدِّنا وكل جيل وكل عصر يُرسل لنا إما شخص أو رمز أو نبوة لكي ينشغل به الكل مُشتهى كل الأمم وعيون الكل تترجاه رُؤى وأحلام كان يعطي بعض الناس رُؤى وأحلام ليعرفوه أنه سيأتي نبوخذ نصر رأى في حُلم تمثال ضخم رأسه من ذهب وصدره وذراعيه من فضة والبطن والفخذين من نحاس والساقين والقدمين من حديد ثم رأى جبل ضخم قُطِع منه قطعة حجر بدون يد وهذا الحجر سقط ثم كَبَر جداً وضرب التمثال فسقط التمثال وتحطم هذا التمثال يرمُز إلى بعض الأمم القوية التي كانت في هذا العصر :0 الرأس الذهب  يرمُز لمملكة بابل أشهر الممالك . الصدر والذراعين الفضة  تُشير لمملكة فارس . البطن والفخذين النحاس  تُشير لمملكة اليونان . الساقين والقدمين الحديد  تُشير لمملكة الرومان . أما الحجر المقطوع بغير يد هو ربنا يسوع الذي أتى من السماء بدون زرع بشر وقضى على كل هذه الممالك باُسلوب روحي . 4. بالأشخاص والأحداث :- أ- نوح البار كان بار كامل في جيله ويرمُز للمسيح . ب- إبراهيم أبو الآباء كان الله يكلِّمه كمن يُكلِّم صاحبه حتى أنه قال ﴿ هل أُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعلهُ ﴾ ( تك 18 : 17) أمر أكبر من إبراهيم لكن لأن إبراهيم في الحقيقة كان رمز للمسيح نفسه . ج- داود النبي قيل عنه أن قلبه كان بحسب قلب الله ثم بعد قليل يُخطِئ كيف ؟ يُجيب لأني كنت أقصِد بهذه العبارة المسيح نفسه عندما يُقال عن داود أنه كان أشقر مع حلاوة العينين( 1صم 16 : 12) ماذا يهمنا في جمال داود ؟ لأنه رمز للمسيح الأبرع جمالاً من بني البشر( مز 45 : 2 ) د- موسى النبي يشفع عن الشعب وعندما يرفع يديهِ ينتصر الشعب وعندما يتعب ويُخفِض يديه ينهزم الشعب فأتوا باثنين يحملان له يديهِ هذا هو الصليب الله حرَّك الأحداث والأشخاص لصالح الخلاص ولا يوجد جيل إلاَّ وفيه حدث أو شخص يُحقق الخلاص واقترب الخلاص وأتى يسوع وتحققت فيه كل الوعود والنبوات والرموز والممارسات والأعياد اليهودية فالذبائح بكل أنواعها تُشير للمسيح الشرائع الطقسية هي المسيح حتى أتى مُشتهى كل الأمم تخيل أننا نحن رأينا كل هذه الأمور وتحققت فينا ومعنا كل هذه المعاني أباؤنا القُدماء سمعوا ولم يروا أما نحن فرأينا وسمعنا لذلك يقول الكتاب ﴿ طوبى لعيونكم لأنها تُبصِر ولآذانكم لأنها تسمع ﴾( مت 13 : 16) الله يُعطينا أن نتهيأ لقدومه ونفرح بخلاصه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين. كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
24 نوفمبر 2018

لاهُوتُ الوَقْتِ للوَقْتِ عَلاَمَةٌ

في أي امتحان يكون للوقت علامة، بحيث تكون الإجابة الصحيحة بعد انقضاء الموعد المحدد بلا معنى، لأنها أتت في الوقت الضائع، وبالتالي يكون للوقت الحاسم في تحديد العلامة المؤشر الدقيق للمستوى الذي يؤهل الممتحن للوصول إلى أعلى مستوى. لذلك بكل الجهد نفتدي الوقت، كما نصلي قائلين: (تُوبي يا نفسي ما دُمتِ في الأرض ساكنة) لأن هذا العمر ليس ثابتًا وهذا العالم ليس مؤبدًا. علامة وقتنا هي أعمال الملكوت؛ من دون التعريج بين محبة الله ومحبة العالم؛ إذ لا يمكن أن تنظر إلى السماء بعين وتكون العين الأخري ناظرة إلى الأرض في نفس الوقت؛ حتى تبلغ الشرارة مكان زيت النعمة، وتخرج قوة عظيمة من أيادينا، ولا نسلم إناءنا ليد عدونا الشرير، الذي يزأَر ليُلهينا حتى يختطف إناءنا، التي هي أشواقنا الصالحة التي يجب أن تخدم الله نهارًا وليلاً وكل الأوقات. فعلامة وقتنا هو امتحاننا وسلوكنا على طريق الملك، محروسين بعناية الملائكة القديسين ليلاً ونهارًا، مع كل السالكين بالنهار وبالليل، الذين يجتهدون من أجل حفظ نفوسهم من عثرة المهالك، فيكون تعب جهادنا حلوًا وشهيًا بلا ملل ... لأن الطوبىَ لمن يبقى في تعبه فرح القلب؛ ويدوم فيه بلا تكلف حتى باب الفردوس المفتوح. وكل واحد عمله محسوب له، إن كانت خدمة أو صلاة أو ميطانيات أو عمل خير أو ليتورجيا، فحتى الكلمة الواحدة التي يقولها الإنسان بالمحبة المسيحية في شأن الله للتعزية ... هذا كله محسوب؛ لأن مخلصنا لا يظلمنا بشيء، وكل شيء سوف يُستعلن لنا وقت خروج النفس من الجسد . الإنسان مدعو في حياته الأرضية أن يجعل من الزمن الحاضر وسيلة لتذوق الأبديات، على مسار تصاعد الزمن، لملاحظة علامة الوقت بحرص والالتفات لتحويل بصره في انتباه نحو الوقت المقبول، لأن اليوم يوم خلاص، ويوم غرس وزرع وجمع للحصاد وتخزين، فيكون خلاصنا دائمًا موضع سعي وإكمال، ولا سطوة للزمن علينا، بل يكون الزمن خاضعًا لنا، نقر ونختار مصيرنا، متحررين من المفهوم الدائري للزمن، متجهين إلى أبديتنا في اليوم الثامن الجديد. نملأ آنيتنا زيتًا دون أن نهمل فيها ثقبًا، حتى نصل إلى نهاية سعينا التي هي (علامة للوقت)؛ لئلا يصير الإناء فارغًا مما فيه، بل نحيا أمناء للوصية؛ لأن الله مخفي فى وصاياه، حتى يقبل تعبنا منا ولا يضيع ... حريصين على حالنا مميزين أعمالنا، ولا يلحقنا تفريط. عالمين أن التوبة قائمة الآن ومستعدة، وكل الفضائل تلحقها مثل السلسلة لكل من يجاهد فيها. وشأن التوبة جليل وعظيم، وهي حسنة العاقبة إلى الأبد، كسُلّم خيرات الحياة الدائمة. فنحيا ونجتاز وقتنا دون غفلة ولا استرخاء ولا دفن للوزنات ولا انعدام للنعمة بترك العلل والمطامع في نفوسنا، حتى نمضي إلى الرب بدالة، ووجوهنا مكشوفة وأعمالنا نيّرة؛ كي نستحق الدخول إلى أورشليم السمائية . لكننا لن نقوي على اجتياز الوقت، إلا بقوة ونعمة الله المقدسة، لا نميل يمنة ولا يسرة؛ بل نسلك في الطريق المستقيم كأولاد للنور، بذبيحة الروح المنسحق الخاضع لترتيب الروح القدس، والارتماء على الله والثقة به؛ لأن عنده طعام الفرح وخبز الخلود؛ ومَصل عدم الموت ونبع الخلاص وماء الحياة وحلاوة كل الحلاوة . إيماننا هو منبع التقوي، لذلك منذ الآن ينبغي أن يكون كل واحد منا كنيسة لله، لكي نرسل إلى فوق المجد والإكرام للثالوث الاقدس، باعترافنا بالإيمان الأرثوذكسي. مهتمين بكرمنا في أوان الإثمار؛ حتى لا ندع الثعالب المفسدة تُتلفه، وبشجرة حياتنا لئلا يبدد طرحها طيور السماء، وبكنزنا حتى لا ينقبه السارقون، وبمركبنا التي وسقت الخيرات الملكية لئلا يفسد العدو خطتها ... متمنطقين كجنود بأس في ميدان الركض، حتى يأتي وقتنا لنقول عند علامة النهاية يا ربي يسوع المسيح في يديك أستودع روحي .. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
23 نوفمبر 2018

لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ

من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي الأصحاح الخامس: ” ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ”. وقد سرد قداسة البابا اللأليء والفضائل السابقة وهي: 1. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا 2. أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرتيب 3 .شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. 4.أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. 5. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. 6.انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِين 7.ٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ 8. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. 9.صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. 10.اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. 11.لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. 12.لاَتَحْتَقِرُواالنُّبُوَّاتِ 13.امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. 14.تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. 15.امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ. ولؤلؤة اليوم “لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ.” والنبوات معني بها الوصايا. نؤمن بالروح القدس الناطق بالنبوات فتوجد خطية تنتشر بين الناس وهى خطية إهمال كلمة الله. وهذا الاهمال يأخذ صور متعددة ولكن أشدها احتقار والاستهانة بكلمة الله ، فالبعض يستهين بالكلمة وهي أغلى شيء يقدمها الله للإنسان على الأرض. ‏وفى “آية (أم 13: 13): “مَنِ ازْدَرَى بِالْكَلِمَةِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَمَنْ خَشِيَ الْوَصِيَّةَ يُكَافَأُ”. ومن العبارات المشهورة يقولوا أن الكتاب المقدس هو تاج الكتب والعظة على الجبل هى درة هذا التاج. والقول ده منسوب لغاندي ورغم أن غاندي كان هندوسي إلا إنه كان يحب المسيحية ويحترمها جدًا. الوصية السؤال النهاردة إيه موقفك أمام الوصية ؟!!. علشان كده السيد المسيح قال: “مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ” (مت : 17). وهى بمثابة الجسر مابين العهدين وجاء ليكمل المعنى الروحى للوصية ولهذا الكتاب المقدس في مسيحيتنا يضم العهد القديم والجديد ولهذا السبب أيضًا نجد سفرين بيعتبروا ملخص لكل عهد يعنى سفر إشعياء مفتاح للعهد الجديد ورسالة العبرانيين فى العهد الجديد تعتبر سفر خاص يشرح العهد القديم وكأن كل منهما يشرح ويكمل الآخر. مثال: العهد القديم اتكتب الوصية لا تقتل وهذه الوصية ترتبط بالفعل الظاهر ولكن فى العهد الجديد يقول لا تغضب والغضب بداخلنا يأتي الفعل وكسر الوصية. أي أن القتل يأتى بدايته بالغضب الداخلي ويكون الدافع. ومن الأشياء الهامة فى الوصية أن ربنا يسوع المسيح تكلم كثيرًا مع تلاميذه وقال اعطيكم عطية جديدة وكلمة جديدة، تعنى أن هذه الوصية يجب أن تكون جديدة في كل يوم، وهى وصية المحبة. ولذلك هذه الوصية لا تقدم أبدًا فهي وصية مستمرة وجديدة “آية (يو 13: 34): وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. “. وكلمة تلميذ كان مقصود بها أي شخص منا وهذه العلامة علامة المحبة زى لما بنشوف شخص يرتدي لبس عسكري، فهو من الجيش ولما نشوف شخص يقدم المحبة فهو دليل على تلمذته للسيد المسيح. هذه هى الوصية الجديدة المقدمة للجميع “لاتحتقروا النبوات”. الوصية بحسب تعاليم الآباء تحمل قوتها في داخلها. – وصف الوصية: هى مثل النار التي تدفئ وهى مثل المياة استخدماتها كتير المرآة أيضًا التي نرى بها نمونا الروحي. والوصية مثل المطرقة التي تحطم كل شيء ومثل أن تكون كاللبن مغذى وبه جميع العناصر الغذائية بلا استثناء وممكن نقول الوصية هى نور ووصف سابع للكتاب المقدس أن الوصية مثل السيف عندما وقف عدو الخير الشيطان أمام المسيح فى التجربة على الجبل فكان بيستخدم هذا السيف ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله وهذه أوصاف رئيسية وربما يكون أهم ما فيها هو المرآة، فتصير كلمة الله هى المرآة لحياة الإنسان. أهمية الوصية 1. لوصية مصباح والشريعة نور مثل سيامة كاهن والناس أثناءها ينشرون أكاذيب وإشاعات حول الشخص. ومن يصنع الأكاذيب لا تسكنه كلمة الله. وفي سيامات الآباء نقول: “من حق الرعية أن تختار راعيها. ولذلك عملنا نظام في تعريف الشعب.الذى يختار راعيه والوصية مصباح لذلك قبل أن تشترك وتقدم رأيك في اختيار راعيك يجب أن تكون الوصية في داخلك حتى يكون كلامك مضيء: “خبأت كلامك فى قلبى لكى لا أخطئ إليك.”. الوصية مصباح ونور لحياة الإنسان. ففى العهد القديم عندما قال آخاب لايليا اأنت هو مكدر اسرائيل “ فرد إيليا لم اكدر اسرائيل بل انت وبيت ابيك بترككم وصايا الرب. وايليا النارى رد على اخاب الشرير بان تركهم للوصية هو من يكدر ويعكر البيت. 2. الوصية تلجم الإنسان عن الشهوات فسليمان النبى الذي ارتبط قلبه بالنساء ولا يسمع وصية أبيه داود عندما قال له احفظ شعائر الرب الهك وسير فى طرقة واحفظ وصاياة وأحكامه لكى تفلح فيما تفعل وحيثما توجهت سليمان الحكيم اللى عاش أربعين سنه حاكم على بنى اسرائيل وانحرف فى هذه الزيجات المتعددة. كتب سفر الجامعة 11 أصحاح فى آخر حياته. ” فلنسمع ختام الأمر كله و”اتقى الله واحفظ وصاياه لأن هذا هو الإنسان كله “ 3. الوصية تقود للحياة الابدية فهى تربط بين الحياة الارضية والابدية مثل ماتقدم الشاب للمسيح وسألة ماذا اعمل لأرث الحياة الابدية فقال له احفظ الوصايا” ورد الشاب حفظتها منذ حداثتى ولكن لانه كان متعلق بماله فلم يجنى شيء لأنه لم يسمع الوصية التى تقول محبة المال أصل كل الشرور. علشان كده المسيح قال: “انتم الآن أنقياء بسب الكلام الذى كلمتكم به. “مرة واحد مبشر كان بيبشر فى بلد وترجم لهم الإنجيل بلغتهم ومكنش معاه فلوس يطبع الترجمة فرجع لبلده وجمع فلوس لطباعة الترجمة وقبل ما يصل للرجل اللى هيطبعله الإنجيل عرف أن البلد فيها مجاعة فالفلوس اللى جمعها وزعها عليهم ومطبعش الانجيل ورجع مرة تانى لبلدة يجمع فلوس علشان يطبع الانجيل ولما رجع لقى عندهم وباء وصحتهم تعبانة فصرف الفلوس على معالجتهم. وفى المرة التالتة راح المطبعة وطبع الترجمة وفوجيء أن صاحب المطبعة كاتب على الانجيل الطبعة الثالثة . يعنى الأولى أطعم الناس والثانية دواهم. ثانيا : تدريبات لتطبيق الوصية وأخيرًا نقدم 3 تدريبات حتى لا نحتقر النبوات 1- طاعة الوصية بركة فى حياتك وممكن تكون بركة وغنى وتعزية وسلام ومن أكبر الأمثلة في كتاب، ما نقراه عن ابراهيم ابو الآباء وحياته كلها كانت طاعة إلى الاختبار الشديد الذى دعا فيه الله لتقديم ابنه ذبيحه ومشى جميع خطواتة بفكر واقدام ثابتة وفى اللحظات الأخيرة انقذ الله الابن. 2- التمسك بالوصية فى مزمور 37 “لا تغر من الاشرار ولا تحسد عمال الاثم فأنهم مثل الحشيش سريعا يقطعون ومثل العشب الاخضر يذبلون فاتكل على الرب وافعل الخير واسكن الارض وارعى الامانه تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك سلم للرب طريقك واتكل علية وهو يجري”. 3- تخزين الوصية وحفظ الآيات اجعل كلمة الله فى قلبك ويوحنا ذهبى الفم قال عدم معرفة الكتب المقدسة هو علة كل الشرور. وختم قداسته العظة مرددا طيع الوصية امسك فى الوصية احفظ الوصية وخبأها في قلبك. وهذه بعض التأملات فى لؤلؤة لا تحتقروا النبوات خذ كل يوم الوصية التى تناسيك وعيش وتمتع بها واختبر قوتها ووجودها فى حياتك وكيف يستخدمها الله فى حياتك لإلهنا كل المجد وكرامة ومن الآن إلى الأبد أمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
22 نوفمبر 2018

من الكتب المنحولة الخمسة أعمال الأولى للرسل

أولًا: الخمسة أعمال الأولى: أعمال يوحنا أعمال بطرس أعمال بولس أعمال أندراوس أعمال توما أعمال يوحنا: والتي أشار أكليمندس الإسكندري إلى أحد أفكارها في القرن الثاني، بقوله: "أنه عندما لمس يوحنا جسد يسوع الخارجي ووضع يديه بقوة فيه لم تقاومه صلابة الجسد بل جعلت مساحة ليد التلميذ" (48). وكانت أول إشارة حقيقة لهذه الأعمال الأبوكريفية هي ليوسابيوس القيصري والذي قال عنها: "أننا نرى أنفسنا مضطرين لتقديم هذه القائمة لنتمكن من معرفة كل من هذه الأسفار وتلك التي يتحدث عنها الهراطقة تحت اسم الرسل، التي تشمل أناجيل بطرس وتوما ومتياس وخلافهم وأعمال أندراوس ويوحنا وسائر الرسل، هذه التي لم يحسب أي واحد من كتُّاب الكنيسة أنها تستحق الإشارة إليها في كتاباتهم" (49). وهي عبارة عن مجموعة من الروايات والتقاليد المسيحية والهرطوقية والتي تشكل مكتبة أدبية وكانت تنسب تقليديًا لليسيوس كارينوس Leucius Charinus الذي يقول أبيفانيوس (50) أنه كان رفيقًا للقديس يوحنا والذي نسبت إليه الكثير من هذه الأعمال الأبوكريفية في القرن الثاني والتي خلطت بين أعمال الرسل القانونية وما جاء في أعمال بولس الأبوكريفية. ويرى العلماء أنها كتبت فيما بين سنة 150 - 180م في أسيا الصغرى. وتوجد لها مخطوطات عديدة بلغات متعددة أخرها برديات البهنسا. وقد جاء في قائمة نيسيفوروس (Stichometry of Nicephorus)، أنها كانت في صورتها الكاملة تتكون من 2500 سطر وتشكل كتابًا في حجم الإنجيل للقديس متى. وبداية هذا الكتاب مفقودة لذا يبدأ بالفصل الثامن عشر الذي يصف زيارة القديس يوحنا الأولى لأفسس وكرازته فيها وما قام به من معجزات. وتروي الكثير من المعجزات الأسطورية التي يعلل الكاتب الأبوكريفي من خلالها سبب إيمان البعض بالمسيح مثل قوله بسقوط معبد أرطاميس بصلاة القديس يوحنا، وهذا جعل الكثيرين يؤمنون بالمسيح! كما تروي قصة كاهن أرطاميس الذي قتل عند سقوط المعبد، ولما قام من الموت أصبح مسيحيًا! بل وتروي قصة لطرد البق من أحد البيوت!! وتروي الفصول من 87-105 حديثًا ليوحنا عن حياة وموت وصعود المسيح، بفكر غنوسي يصور المسيح في شكل خيالي، كشبح وخيال، ويظهر بأشكال كثيرة لأنه لم يتخذ الجسد بل ظهر في شبه جسد!! كما تقول أن المسيح رنم ترنيمة غريبة في العلية بعد العشاء الرباني (مت 26: 30)، والتلاميذ يرقصون حوله في حلقة ويردون قائلين آمين. ويزعمون أنها هي الترنيمة المزعومة، التي استخدمها أتباع بريسليان الهرطوقي. وتزعم هذه الأعمال أن المسيح لم يكن في حاجة للطعام أو للنوم، فيقول الكاتب "فلم أر عينية مغمضتين قط ولكنهما على الدوام مفتوحتان"، وإنه عندما كان يمشي لم تترك أقدامه أثرًا على الأرض، وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس فمرة يكون جامدًا، وتارة لينًا، وأخرى خياليًا تمامًا. وتصور لنا عملية صلب المسيح بصورة دوسيتية صوفية غامضة جدًا، حيث تقول أن يوحنا رآه وهو معلق على الصليب والجماهير تنظر إليه في أُورشليم ولما صعد إلى الجبل رآه معلقًا على صليب من نور!! بل وتقول أن صلبه كان مجرد مظهر وهمي، خيالي، شبه، وأن صعوده حدث بعد الصلب الظاهري الشبهي مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت إلا شكلًا وبحسب الظاهر فقط.!! وتصف تجليه علي الجبل هكذا: "أخذني أنا ويعقوب وبطرس إلى الجبل حيث اعتاد أن يصلي ورأينا "عليه" نورًا لا يستطيع إنسان أن يصفه بكلام عادي ماذا كان يشبه.. ثم رأيت رجليه وكانت أبيض من الثلج حتى أنها أضاءت الأرض هناك، وامتدت رأسه إلى السماء، ولذا كنت خائفا وصرخت" (51). كما تزعم كبقية الكتب الغنوسية أن المسيح سلم الرسل تعليمًا سريًا، كما أن الأحداث التاريخية لآلام المسيح تحولت تمامًا إلى نوع من الصوفية فهي مجرد رمز لآلام البشرية، والهدف من مجيء المسيح هو أن يمكن الناس من فهم المعنى الحقيقي للآلام وهكذا يتخلص منها، وآلام المسيح الحقيقية هي ما نتج عن حزنه على خطايا أتباعه، كما أنه شريك في آلام شعبه الأمين، وفي الحقيقة هو حاضر معهم ليسندهم في وقت التجربة. وكان لأعمال يوحنا تأثير واسع على الأعمال الأبوكريفية الأخرى، فهي أقدمها وقد تأثرت معظمها بها وهذا واضح من الشبه الشديد بينها وبين أعمال بطرس وأعمال أندراوس حتى قال البعض إنها كلها من قلم واحد (52). أعمال بطرس: وترجع إلى ما قبل سنة 190 م.، والتي بنيت في الأساس على تقاليد حقيقية فقد ذكر أكليمندس الإسكندري في نصين موقفين نجد لهما صدى في هذا الكتاب الأبوكريفي؛ فقد أشار إلى أن بطرس وفيليب أنجبا أطفالًا (53)، وأن بطرس شجع زوجته للمضي في طريق الاستشهاد (54). وكلا النصين موجودان في التقليد الشفوي المسلم للكنيسة. كما ذكر هيبوليتوس رواية استلمها من التقليد الشفوي تصف وصول سيمون الساحر إلى روما تقول: "أن سيمون هذا الذي أفسد الكثيرين في السامرة بفنونه السحرية أنه قد حُرم ومُنع عن طريق الرسل كما هو مسجل في سفر الأعمال (أع9:8-24)، ولكنه بعد ذلك في يأس أستأنف نفس الأعمال، وبمجيئه إلى روما عاد إلى الصراع من جديد مع الرسل، وكما أفسد الكثيرين بفنونه السحرية كان بطرس يقاومه باستمرار، وعند نهاية [حياته] أعتاد أن يجلس تحت شجرة مائية ويعلم. والآن، ونظرًا لأن الثقة فيه بدأت تضعف، ولكي يكسب الوقت ثانية قال أنه إذا دفن حيًا فأنه سيقوم ثانية في اليوم الثالث. وأمر تلاميذه أن يحفروا له قبرًا، وطلب منهم أن يدفنوه، ففعلوا ذلك، ولكنه ظل (مدفونا) لأنه ليس المسيح" (55). وبنفس الطريقة أخذ يوسابيوس من التقليد قصة استشهاد بطرس فقال: "وإذ أتى أخيرا إلى روما صلب منكس الرأس، لأنه طلب أن يتألم بهذه الطريقة" (56). أما أعمال بطرس فقد أشار إليها يوسابيوس بقوله: "أما ما يسمى بأعمال بطرس والإنجيل الذي يحمل اسمه والكرازة والرؤيا، كما سميت، فأننا نعلم أنها لم تقبل من الجميع لأنه لم يقتبس منها أي كاتب قديم أو حديث" (56). والجزء الرئيسي الذي وصل إلينا منها، يوجد في مخطوطة واحدة لاتينية، هي المخطوطة الفرسيلية (Vercelli manuscript)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وتحتوي على قصة استشهاده على الصليب منكس الرأس حتى لا يكون كسيده. وهذا الجزء الخاص باستشهاده والذي شهدت له التقاليد القديمة موجود، بشكل مستقل، في ثلاث مخطوطات يونانية وفي قصاصة قبطية وفي ترجمات سريانية وإثيوبية وعربية وأرمينية وسلافونية، مما يدل على مدى انتشاره. وهناك قصاصة قبطية تروى قصة ابنة بطرس، كما يشير القديس أغسطينوس إلى وجود فصل معترض – يسمى كتاب تيطس المزيف - هو جزء من أعمال بطرس، وأن الأعمال الأبوكريفية المتأخرة قد اقتبست من ذلك الكتاب. وتروي القصاصة القبطية قصة أبنة بطرس والتي تقول أن أحدهم سأل بطرس لماذا لا يستطيع أن يشفي ابنته من الفالج بينما هو يشفي آخرين، فأضطر بطرس أن يشفيها، حتى لا يشك أحد، ثم يعيدها إلى ما كانت عليه من مرض مرة أخرى، ويوضح لهم السبب والذي يتلخص في محاولة اغتصابها وأنها أصبحت كذلك بسبب هذه المحاولة وأنه من الأفضل لها أن تظل كذلك لكي لا تهلك روحها بسبب جسدها!! ويؤكد لهم إن الآلام الخارجية هي عطية من الله إذا كانت تؤول إلى حفظ البتولية. ونفس الفكرة نجدها في تيطس المزيف، حيث يرى بطرس أن موت ابنة أحد الفلاحين أفضل من حياتها وعندما تموت يطلب الأب بإلحاح من بطرس أن يقيمها من الموت وبعد ذلك تقع فريسة للإغواء والاغتصاب وتهرب مع شخص ولا تظهر مرة أخرى. ويتناول الجزء الأكبر من المخطوطة الفرسيلية قصة الصراع بين بطرس وسيمون الساحر الذي يذهل الجميع بما فيهم الإمبراطور الروماني بسحره وادعائه أنه إله وابن الله!! ومن ثم يضلل سيمون الكنيسة، فيوفد بطرس لمعالجة الموقف، ويتغلب بطرس على سيمون وسحره الشيطاني في القول والفعل ويتبارى الاثنان في صنع المعجزات، سيمون يعمل معجزات مظهرية بعمل الشيطان وبطرس يعمل معجزات حقيقية بقوة الله بها الكثير من المبالغات مثل جعله كلبًا يتكلم، وسمكة ميتة تعود إلى الحياة!! وتنتهي القصة بحوار بينهما في الساحة العامة يتباهى فيه سيمون بقدرته الشيطانية على الطيران في الهواء ويصعد على برج عالٍ صنعه له الإمبراطور لهذا الغرض ثم يسقط من عليه ميتا بصلوات بطرس!! ومحور التركيز في القصة، ليس على زيف أضاليل سيمون، بل على براعته كساحر، وغلبة بطرس عليه. كما تقول هذه الأعمال أن بطرس جعل بكرازته بعض النسوة يمتنعن عن العلاقات الزوجية مع أزواجهن أو خلانهن مما أثار ضده العداء وأدى ذلك إلى استشهاده!! كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟ وللحديث بقية
المزيد
21 نوفمبر 2018

المال الحرام والسرقة

المال الحرام هو كل مال تحصل عليه، وهو ليس من حقك: كأن يكون ثمنًا للخطية، أو قد وصل إليك بطريقة غير شرعية. والسرقة هي أحد بنود المال الحرام، ولكن معناه أوسع من السرقة. بكثير، ويشمل عناصر متعددة سنذكرها فيما بعد... * والسرقة هي خسة في نفس السارق وعدم أمانة... إنها تحطم شخصيته في نظر الناس، وتدعوهم إلى الاحتراس منه والى احتقاره وعدم الخلطة به... بل قد تجعل السارق ذاته حقيرًا في عيني نفسه. ** والسرقة قد تكون في الخفاء أو في العلن بإرادة المسروق أو بغير إرادته. ومن أمثلة حدوثها في الخفاء بدون علم المسروق ما يفعله المختلسون أو كسرقة مال شخصي في غيبته أو أثناء نومه. أما في العلن فمن أمثلتها ما تتم عن طريق الاحتيال أو الخداع أو التزوير. وفي هذه الحالة تكون برضى المسروق ولكن بغير علمه بحيلة السارق. وقد تحدث السرقة أيضًا علنًا أمام بصر المسروق وتحت سمعه، ولكن بغير رضاه، كالاستيلاء على ماله بالقوة، بالقهر أو بالاغتصاب أو بالتهديد. وهذا ما يسمونه (السرقة بالإكراه) مثلما يفعل الخاطفون وقاطعو الطريق وقراصنة البحار. وهؤلاء تمتزج سرقتهم بالإيذاء. ** والسرقة قد تكون أحيانًا نوعًا من المرض النفسي، يحتاج إلى علاج لا إلى عقاب. وفي حالة هذا المرض، يلاحظ أن السارق قد يأخذ أشياء لا يحتاج إليها مطلقًا، أو لا يعرف كيف ينتفع بها. إنما يجد لذة في الاحتفاظ بها وفي أخذها من غيره. وربما يكون مدفوعًا إلى هذه السرقة المرضية بعوامل داخلية فوق إرادته، وهو يفعل هذا ولا يستطيع أن يقاوم نفسه.. ** عمومًا فالمال الحرام الذي يحصل عليه السارق كفيل بأن يضيّع المال الحلال الذي كان موجودًا معه من قبل. وعلى رأى المثل "المال الحرام يأخذ الحلال معه ويضيّعه". فالسرقة هي نار للسارق نفسه، تتلف ما معه. مثل إنسان تناول طعامًا تالفًا أو غير مقبول الطعم أو عفنًا. فما أن ينزل هذا الطعام إلى جوفه، حتى يتقيأ كل ما في داخله من جيد ورديء... فما أجمل أن يعيش الناس معًا في جو من الأمانة من الثقة المتبادلة والاطمئنان، حيث يترك الإنسان أي شيء له في أي مكان، فيجده حيث هو. ويترك بيته مفتوحًا، فلا يأخذ أحد منه شيئًا... وإن نسى خطاباته أو أسراره في موضع، يكون مطمئنًا أنه لن يسمح أحد لنفسه أن يطّلع على شيء منها...! ** إن السرقة خطيئة تخجل من ذاتها، لذلك فإن تُقترف في الظلام، وصاحبها يشمئز منها ويتبرأ ويحاول أن ينفيها عن نفسه. ولهذا نقول "إن سار شيطان السرقة في طريق، يقول له شيطان الكذب (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات): خذني معك". فمن الصعب أن تجد سارقًا لا يكذب. فهو يكذب لكي يغطى سرقته وينكرها. وهو يكذب قبل السرقة وأثناءها. يكذب قبلها لكي يتمكن من إتمامها، كما يفعل الخادعون، ويكذب أثناءها لكي تستمر أو لكي يخدع من يراقبه ومن يشك فيه. ويكذب بعدها لينجو من الخجل أو من العقوبة... ** وتزداد خطية السرقة ثقلًا بعاملين: أحدهما مقدار الضرر الذي يحيق بالمسروق، وثانيهما شخصية المسروق ذاتها. فهناك من يسرق من الأفراد، ومن يسرق من الهيئات أو البنوك، ومن يسرق مال الدولة، ومن يسرق من بيت الله أو من حقوق الله المالية عليه. والسرقة من الفقير والمحتاج لها بشاعتها، كمن ينهب مال اليتيم أو الأرملة، أو ما قاله شاعر عن بعض من جمعوا المال حرامًا، أنهم: خطفوه من فم الجوعان بل من رضيع لم يوفّوه فطام. ** وهنا لا تقاس ثقل السرقة بمقدار قيمة الشيء المسروق، وإنما بمقدار أهميته للشخص الذي سرق منه... وقد لا تكون للشيء المسروق قيمة في ذاته، لكنه يمثل لصاحبه ذكرى عزيزة أو أهمية خاصة، بحيث أن فقده يحدث في قلبه ألمًا عميقًا لأن من الصعب تعويضه!. * والسرقة من إنسان محتاج تدل على انعدام الشفقة في قلب السارق. مثال ذلك من يأخذ ربا أو رهنًا من شخص لا يجد قوته الضروري. فكأنه يسلبه طعامه وطعام أولاده. وهذا الفقير لولا عوزه، ما كان يلجأ إلى القرض أو الرهن. فهل يليق بدلًا من مساعدته، أن يقرضه الدائن بالربا؟! وهذا المال الزائد الذي يأخذه المرابي من الفقير غير الربا الذي تدفعه البنوك والمصارف التي تتاجر بمال المودعين عن طريق مشروعات اقتصادية تربح منها، ثم تشركهم في ربحها باعتبارهم شركاء في رأس المال. * على أن العكس قد يحدث بأن يسرق بعض المودعين من البنوك، بأن يأخذ قرضًا بالملايين ثم يهرب. وهناك أيضًا نوع آخر يسمى (بالقروض المعدومة)، له اسم القرض مع العجز التام عن الوفاء به، وهو كذلك سلب لمال الغير. وأصعب منه (إعلان الإفلاس) حيث يضيّع حقوق كثيرين، سواء كان إفلاسًا حقيقيًا أو حيلة مدبرّة... ** أما السرقة من مال الدولة فتأتى بوسائل متعددة منها ما يقوم به البعض من حيل للإفلات من الضرائب أو من الجمارك، أو المطالبة بالإعفاء من رسوم معينة بدون وجه حق، أو استخدام عربات الدولة في تنقلات خاصة لا علاقة لها بالعمل، أو استخدام النفوذ في شراء أراضٍ أو أملاك للدولة بأبخس الأثمان، أو الحصول على رشوة للمساعدة في سلب بعض حقوق الدولة المالية. وتكون الرشوة هي من بنود المال الحرام... ** هناك أنواع أخرى من السرقات ثم سرقة الأفكار والسرقات الأدبية، والتسخير، والسرقة في مجالات التجارة، وفي الفن، وفي القمار، مما سوف نعرض له في المقال المقبل، إن أحبت نعمة الرب وعشنا. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
20 نوفمبر 2018

الأدفنتست السبتيون

طائفة الأدفنتست (السبتيون) ليست مسيحية رغم أنهم يدعون غير ذلك، وهى امتداد لهرطقة قديمة حاربها الآباء الرسل بضراوة، وكانت تدعى "هرطقة التهود"، ويظهر ذلك جليًا في كتابات معلمنا بولس الرسول: "لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب، أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور العتيدة" (كو2: 16، 17)، فالسبت كان ظلًا للأحد، وذبائح العهد القديم كانت ظلًا لذبيحة السيد المسيح على الصليب، ولقد كتب معلمنا بولس رسالة كاملة إلى العبرانيين (اليهود المتنصرين)، ليوضح لهم أن مجد المسيحية أكبر كثيرًا من المجد اليهودي، سواء من جهة: الذبيحة أو الهيكل أو العهد أو الكهنوت.. إلخ. ويكفى أن السبتيين يعتقدون أن السيد المسيح شابهنا في كل شيء حتى في الخطية الجدية، وفي إمكانية الخطأ والخطيئة!! وهكذا نسفوا عقيدة الفداء نهائيًا، الأمر الذي يهدد كل من يعتقد في هذه الهرطقة بالهلاك الأبدي. لذلك أشكر نيافة الأنبا بيشوي من أجل هذا الكتيب المختصر، الذي يناسب القارئ العادي، والذي كشف لنا فيه الأساسات الواهية لهذه البدعة الخطيرة، والأخطاء القاتلة التي تحتويها. وكان قداسة البابا قد حذرنا منها في مقالات وعظات سابقة، وهو بصدد إصدار كتاب خاص يدحض هذه الهرطقة. إننا ندعو قادة هذه البدعة، وكل تابعيها، أن يسرعوا إلى التوبة، قبل فوات الأوان، حتى لا تنطبق عليهم الآية: "وإن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم، فليكن أناثيما (محرومًا)" (غل1: 8). وقد لعبت السيدة إيلين هوايت (أو هيلين وايت) دورًا كبيرًا في تاريخ جماعة السبتيين. ولدت إيلين جولد هارمون Ellen Gould Harmon في 26 نوفمبر سنة 1827م من أسرة تنتمي إلى جماعة المثوديست. وكانت أسرتها قد انضمت إلى حركة المجيئيين نتيجة للتعليم الذي نادى به وليم ميللر في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أصيبت إيلين برمية حجر أثناء وجودها في المدرسة في الجانب الأيسر من جبهتها كاد يودى بحياتها، وأصاب مخها بتدمير سيئ حتى أنها لم تتمكن من استكمال دراستها الرسمية بالمدرسة. وقد إدعت إيلين هوايت Ellen White التي تزوجت بجيمز هوايت James White أنها قد رأت حلمًا يؤكد حتمية حفظ السبت اليهودي بالنسبة للمسيحيين. وفي هذا الحلم ادعت أنها رأت الوصية الرابعة وهى تضئ بنور باهر بين الوصايا العشر على لوحيّ الحجر ونص هذه الوصية "اذكر يوم السبت لتقدسه" (خر20: 8). اعتبرت جماعة وليم ميللر أن إيلين هوايت هي رسولة من الله ونبية ورائية وأن كل ما رأته هو رسائل إلهية لهذه الجماعة. وتوفيت السيدة إيلين هوايت سنة 1915م عن عمر 87 عام ولكنها لم تحضر أبدًا المجيء الثاني للسيد المسيح. ومع ذلك فهي مكرمة بطريقة عالية جدًا في جماعة السبتين. وكانت إيلين هوايت قد استبدلت الأحلام بإدعاء زيارات في الثالثة صباحًا لملائكة كانوا يخبرونها بما ينبغي أن تكتبه. تعليق شهود العيان على رؤى إيلين هوايت: في كتاب "نبية الأيام الأخيرة" الذي أخرجه الأدفنتست، يصفون حالتها أثناء الرؤى، فتقول السيدة مرثا أمادون التي حضرت عدة مرات تلك الرؤى : "أنا ممن راقبوها كثيرًا وهى في الرؤية وأعرف المجموعة التي تحضر معها في العادة وجميعهم ذو قوة ملاحظة وإيمان بما تقوم به. وكنت أتساءل كثيرًا لماذا لم يعط وصف أكثر حيوية للمناظر التي حدثت. كانت عيناها مفتوحتين في الرؤية. لم يكن هناك نفس لكن حركات كتفيها وذراعيها ويديها كانت رشيقة تعبر عما كانت تراه. كان مستحيلًا على أى شخص آخر أن يحرك يديها أو ذراعيها وكثيرًا ما كانت تنطق بالكلمات فرادى وأحيانًا بجمل تعبر لمن حولها عن طبيعة المنظر الذي تراه سواء سماوي أو أرضى". George Ide Butler (جورج بطلر، باطلر، باتلر) من أتباع هذه الطائفة وقد شاهدها في مناسبات عديدة في سنة 1874م فيقول : "أعطيت إيلين هوايت هذه الرؤى طيلة 30 سنة تقريبًا، وكانت تكثر تارة وتقل تارة أخرى، وشاهدها الكثيرون. وفي الغالب كان الحاضرون من المؤمنين بها وغير المؤمنين على السواء. وهى تحدث عامة ولكن ليس دائمًا، في مواسم الاهتمام الديني الجادة حيث يكون روح الله حاضرًا بشكل خاص". وقال أيضًا في وصفه: "يتراوح الوقت الذي تقضيه السيدة هوايت على هذا الحال بين خمسة عشر دقيقة إلى مائة وثمانين (ثلاث ساعات). وأثناء هذا الوقت يستمر القلب والنبض، وتكون العينان مفتوحتين عن آخرهما، ويبدوان محملقتين في شيء على مسافة بعيدة، ولا تلتفتان إلى شخص أو شيء بعينه في الحجرة، بل يكون اتجاهها دائمًا إلى أعلى.. وقد تُقرَّب أشد أضواء إلى عينيها أو يتظاهر (أحد) بدفع شيء فيهما، ومع ذلك لا ترمش أو تغير وجهها... يتوقف تنفسها تمامًا وهى في الرؤية، ولا يفلت من منخارها أو شفتيها أي نفس وهى على هذه الحال". وقال أيضًا: "كثيرًا ما تفقد قوتها مؤقتًا فتتكئ أو تجلس ولكن في ماعدا ذلك تكون واقفة. إنها تحرك ذراعيها برشاقة". وزوجها جيمز هوايت يعلق على رؤاها قائلًا : "عند خروجها من الرؤية سواء بالنهار أو الليل في غرفة جيدة الإنارة، يكون كل شيء حالك الظلمة بالنسبة لها، ثم تعود قدرتها على تميز حتى ألمع الأشياء بالتدريج مهما كان قريبًا من عينيها. ويقدر عدد الرؤى التي تلقتها أثناء ثلاث وعشرون عامًا خلت بما يتراوح بين مائة ومائتي رؤية وقد أعطيت هذه الرؤى في مختلف الظروف تقريبًا ومع ذلك تحتفظ بتماثل عجيب". أراد دكتور بوردو أيضًا أن يتأكد من الأمر بنفسه فذهب لرؤية إيلين هوايت وهى تدَّعى أنها في حالة رؤية وكانت هذه الحادثة في بكس بريدج Buck’s Bridge في نيويورك سنة 1857م فيقول : "في يوم 28 يونيو 1857م رأيت الأخت إيلين هوايت في رؤية لأول مرة وكنت آنذاك غير مؤمن بالرؤى، ولكن موقفًا من المواقف الكثيرة التي يمكن أن أذكرها أقنعني بأن رؤاها من الله. فلكي أرضى عقلي بشأن عدم تنفسها وهى في الرؤية أولًا وضعت يدي على صدرها مدة كافية، فتأكدت من عدم تنهد رئتيها تمامًا، كما لو كانت جثة هامدة، ثم أخذت يدي ووضعتها على فمها، وضغطت منخاريها بين إبهامي وسببابتي بحيث يستحيل عليها الشهيق أو الزفير، حتى ولو أرادت هي ذلك، فأمسكت بها هكذا بيدي قرابة العشر دقائق، وهذا يكفى لخنقها لو كانت في حالتها الطبيعية لكنها لم تتأثر بهذا على الإطلاق. ومنذ مشاهدتي هذه الظاهرة العجيبة لم أجنح ولو مرة واحدة بعد ذلك إلى الشك في مصدر رؤاها الإلهي". - الروح تموت مع الجسد يعتقدون أن الروح تموت مع موت الجسد وأن الروح الإنسانية ليست خالدة بل هي مثل روح البهيمة أو الحيوان. مع أن السيد المسيح قال "أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 32). قال هذا في رده على الصدوقيون بخصوص المرأة التي كانت زوجة لسبعة إخوة فسألوه "فئ القيامة لمن من السبعة تكون زوجة فإنها كانت للجميع. فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس الله اله أموات بل إله أحياء" (مت 22: 23-33). وهم يسيئون استخدام الآية التي وردت في سفر الجامعة "لأن ما يحدث لبنى البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم موت هذا كموت ذاك ونسمة واحدة للكل فليس للإنسان مزية على البهيمة لأن كليهما باطل" (جا 3: 19). طبعًا كاتب سفر الجامعة لم يقصد إطلاقًا أن روح الإنسان مثل روح البهيمة لأنه في الآيات السابقة لهذه الآية يقول "قلت في قلبي من جهة أمور بني البشر أن الله يمتحنهم ليريهم أنه كما البهيمة هكذا هم" (جا 3 : 18). فالرب يمتحن الإنسان بحادثة الموت التي تحدث للإنسان والبهيمة على السواء ليرى إن كان الإنسان سوف يؤمن بالحياة الأبدية أم لا. كما أنه يقول عن موت الإنسان "فيرجع التراب إلى الأرض كما كان وترجع الروح إلى الله الذي أعطاها" (جا 12: 7). أما في الإصحاح الثالث فيقول "من يعلم روح بني البشر هل هي تصعد إلى فوق وروح البهيمة هل هي تنزل إلى أسفل إلى الأرض" (جا 3 : 21) ففي قوله "من يعلم؟" هو يمتحنهم.. وقد أورد الكتاب المقدس العديد من الآيات التي تدل على أن روح الإنسان لها مكانة عند الله، ومن أمثلة ذلك قول الكتاب عن الرب "جابل روح الإنسان في داخله" (زك 12: 1) ، وأيضًا "لكن في الناس روحًا ونسمة القدير تعقلهم" (أى 32: 8)، و"روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني" (أى33: 4). وفي سفر أشعياء يقول "هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطى الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحًا" (أش 42: 5). كما أنهم يعتقدون أنه لا توجد دينونة أبدية للأشرار ولا قيامة لأجسادهم ولا عودة لأرواحهم بل يقيم الله الأبرار فقط ويعيد الحياة إلى أجسادهم وأرواحهم بنعمة خاصة. على الرغم من أن السيد المسيح تكلّم كثيرًا جدًا عن خروج الأبرار أو الصالحين للقيامة لحياة أبدية (أنظر مت25 )، وذهاب الأشرار إلى جهنم الأبدية المعدة لإبليس وملائكته "ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار اذهبوا عنى يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). ويعتبرون أن نفس هذه القاعدة تنطبق على الرب يسوع المسيح من ناحية إنسانيته، أي أن روحه وجسده أعيدوا إلى الحياة مرة أخرى أيضًا بنعمة خاصة إلهية. وفي هذه الحالة يصطدمون بالآية التي قالها القديس بطرس الرسول "مماتًا في الجسد ولكن محيىً في الروح الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 18-19). فهم يقللون من شأن القيامة وتبدو مفاهيمهم مهتزة في عمل السيد المسيح الفدائي وقيامته من الأموات. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل