المقالات

01 نوفمبر 2025

صرامة الله

نقرأ في سفر الرؤيا الإصحاح الأول ﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ووجهه كالشمس وهي تضئ في قوتها فلما رأيته سقطت عند رجليه كميتٍ فوضع يده اليمنى عليَّ قائلاً لي لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت ﴾ ( رؤ 1 : 13 – 18 ) . يتكون لدينا إنطباع جميل عن شخص يسوع المسيح أنه لطيف جداً ومحب وغافر ولكن عدو الخير يرغب أن تثبت هذه الفكرة وهذا الإنطباع في أذهاننا حتى نزداد في الشرور والخطايا ويؤجل كلٍ منا توبته ويزداد الإستهتار على أساس أن الله موجود في كل وقت وأنه غافر ولطيف إن الإنسان يحتاج إلى الإتزان في معرفة رب المجد يسوع بين لطفه وصرامته يجب أن أعرف هذه الصورة عن رب المجد﴿ متسربلاً بثوبٍ إلى الرجلين ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقةٍ من ذهبٍ وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج وعيناه كلهيب نارٍ ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون وصوته كصوت مياهٍ كثيرةٍ ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه ﴾ حتى لا أُفاجأ بها في الأبدية الذي نعرفه نحن أن الله لطيف ووديع ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ولكنه كما هو لطيف هو صارم جداً إنه يعاملنا بكل رأفة وشفقة ولكن إستغلال الرأفة والشفقة إذا دعت الإنسان للإستهتار تصبح ضد الإنسان وليست معه إذا تصورنا هناك طفل يلهو في بيته وعن قصد كُسرت زهرية البيت وعندما بدأ في البكاء والإعتذار سامحه أبوه على أن لا يفعل ذلك مرة أخرى وبين طفل آخر قام بكسر الزهرية عن عمد ( عن قصد ) وعند مجئ أبوه ضحك ولا يعترف بالخطأ وكان رده مستهتر فماذا نقول له ؟ لو ظل رب المجد معنا لطيف رغم إصرارنا على الشرور والخطايا فهو يعلن عدم محبته لنا دليل محبته لنا إنه يوجهنا دليل محبته لنا أنه يقسو علينا حتى يقومنا يقول معلمنا داود النبي ﴿ خيراً صنعت مع عبدك يارب بحسب قولك صلاحاً وأدباً ومعرفة علمني ﴾ ( مز 119 : 65 ) إذا تركنا الله في شرورنا وآثامنا دون تأديب فإننا في هذه الحالة لا نعنيه يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين ﴿ إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فأنتم نغول لا بنون ﴾( عب 12 : 8 ) أي غير شرعيين علامة حب الله لك هي أنه يهتم بتأديبك نحن نرغب في التعامل مع رب المجد يسوع باللطف والوداعة والمحبة فقط فهل محبة ربنا تظهر في حياتنا وسلوكنا وطاعتنا لربنا أم أن محبة ربنا جعلتنا نزداد في العناد ولا نخاف منه رغم أخطاءنا هذا خطأ كبير على حياتنا الروحية جميل أن نعرف لطف الله وصرامته عند التعدي أيضاً جميل أيضاً أن أتذكر الدينونة مهمة الله هو أن يُصلح الناس لهذا يحدثنا كثيراً عن المخافة ﴿ أُريكم ممن تخافون خافوا من الذي بعد ما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم ﴾( لو 12 : 5 ) معلمنا بطرس ينصحنا نصيحة غالية جداً ﴿ سيروا زمان غربتكم بخوفٍ ﴾ ( 1بط 1 : 17) وبولس الرسول في رسالته إلى فيلبي ﴿ تمموا خلاصكم بخوفٍ ورعدةٍ ﴾ ( في 2 : 12) ورسالة يهوذا ﴿ خلصوا البعض بالخوف ﴾ ( يه 1 : 23 ) ويقول العهد القديم عن الكنيسة قديماً عن قصة حنانيا وسفيرة أنهم كذبوا وماتوا لماذا يارب تسمح بهذا ؟ حتى يكون في الكنيسة خوف لا إستهتار جميل أن يُقال على الإنسان أنه خائف الله أن الله الديان العادل إله مخوف يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى رومية ﴿ لا تستكبر بل خف ﴾ ( رو 11 : 20 ) ويقول معلمنا أرسانيوس معلم أولاد الملوك الذي كان دائماً يبكي ولما سؤل رد قائلاً ﴿ أتذكر الدينونة وخطاياي فإن رعب هذه اللحظة لا يفارقني لحظة واحدة ﴾ فإن أي خطية السبب فيها أن الإنسان لا يضع الدينونة وحضرة الله في قلبه حسب قول المزمور ﴿ لم يجعلوا الله أمامهم ﴾ ( مز 54 : 3 ) . هناك أشياء تؤمِّن الإنسان :- الإحساس بالديان العادل والدينونة . أن أجعل الله أمامي ومحبته تثبت في لحمي وتستقر فيه . نذكر قصة الراهب التي أرادت إمرأة أن تغويه فطلب منها أن يتقابلا في سوق المدينة وقال لها إفعلي الآن ما تريدين فقالت له هنا في هذا المكان ؟! ينبغي أن نتقابل في مكان منفرد فقال لها الراهب أنتِ تخافين من عيون الناس ولا تخافي من عيون العالي الذي يراقب كل الناس ؟! إن الإنسان لو جعل الله أمامه كل حين لا يُخطئ وكما يقول الآباء القديسين ﴿ من يخاف الله لا يُخطئ ومن أخطأ فإنه لا يخاف الله ﴾ ما سر نجاة يوسف الصديق من الخطية ؟ أنه يشعر أن ربنا أمامه في كل وقت فإنه إعتبر أن الخطية موجهة لله وليست موجهة لزوجة فوطيفار يستبيح الإنسان كثيراً أن يفعل الأمور في الخفاء لأنه لا يتذكر الدينونة دائماً يقول القديس سلوانس ﴿ دائماً أشعر إني أقف أمام الله في وقت الدينونة ﴾ هذا الإحساس هو سر تقدمه في حياته الروحية يقول لتلاميذه ﴿ عِش بفكرك في الجحيم وكأنك مستوجب الدينونة ولكن لا تيأس أبداً ﴾ يقول القديس مارإسحق وهو ينصح تلاميذه ﴿ عند الصلاة صلي كأنك مجرم ومُدان وليس هناك حق لك قف وضع يدك للوراء ووجهك في الأرض وأنت مستوجب الحكم ﴾ علمتنا صلاة الأجبية أن نقول ﴿ من يطفئ لهيب النار عني من يضئ ظلمتي إن لم ترحمني أنت ﴾( قطعة " 2 " من صلاة الستار ) جميل أن تقف أمام الله في إنكسار فهو الله اللطيف جداً وهو الذي يحابي عن الخطاة كما حدثنا الكتاب المقدس عن الخطاة الذين وقف أمامهم وحماهم من بطش الفريسيين والكتبة مثل المرأة التي أُمسكت في زنا وقفت وراءه والناس أمسكت بالحجارة لرجمها لأن قديماً كانت مثلها تقف على حافة حفرة وتُرجم من يبدأ بالرجم الشهود الإثنان أما يسوع قال لهم من منكم بلا خطية فليرمها أولاً ( يو 8 : 7 ) حكم يسوع على المرأة بالبراءة قال لها إذهبي ولا تُخطئِ ( يو 8 : 11) المشكلة ليس في الخطية لكن المشكلة في الإصرار على الخطية فإن عدو الخير لا يعنيه أن نسقط ما يعنيه أن نستمر في السقوط ونزداد في تحدي الله ومشاعرنا تتبلد مشكلة عدو الخير مع آدم قديماً ليست مجرد أنه غواه أن يأكل من الشجرة المهم عنده أن ينفصل آدم عن الله إنه يريد إبعادنا عن الله وفصلنا حتى نزداد في التحدي معه ممكن جداً أن يكون الإنسان غير قادر على التوبة ولكن لا يريد التوبة ؟! هذه هي المشكلة يريدك الله أن تقول له أريد أن أتوب يريدنا أن نتقابل مع إرادته قديماً كان هناك في الشريعة ما يُسمى بمدن الملجأ عندما يقتل فرد أحد دون قصد مثل الرجل الذي يقع فأسه وهو في الحقل على رجل آخر فيموت هذا الرجل فكان عليه أن يلجأ إلى هذه المدينة ويختبئ حتى لا يأتي ولي الدم ويقتله ولكن إن كان القتل عمد أو عن قصد ولجأ القاتل إلى هذه المدينة فعلى حُراسها تسليمه إلى ولي الدم لقتله ﴿ عين بعين وسن بسن ﴾ ( مت 5 : 38 ) نريد أن نقول إذا كانت الخطية عن جهل هذا جائز ولكن إن كانت بقصد وبدون توبة فهذا غير جائز لو نظرت إلى الله الذي أبقانا أحياء حتى الآن لكي يترجى توبتنا ليضمن أبديتنا تعرف في هذا الوقت أنك تعيش من أجل التوبة في العهد القديم تمهل الله على شعبه كثيراً جعل نوح يبني السفينة في 120 سنة حتى تكون هناك فرصة أكبر للتوبة نتذكر الطفل الذي وُلد وعاش 969 سنة الذي يُدعى متوشالح أي عندما أموت سأرسله حدث الطوفان وكان نوح إبن 600 سنة وقتها مات متوشالح نذكر أن هذا الرجل ولد لامك وهو إبن 187 سنة ولامك ولد نوح وهو إبن 182 سنة وأخذ نوح يبني الفلك وعندما أمطرت السماء وأراد نوح أن يغلق باب السفينة رفض الله لأنه أراد أن يظل الباب مفتوح حتى النهاية فربما يرجع أحد ويتوب كل هذا ينتظر الرب ثم أغلق الباب وكان الطوفان يوجد لطف وتوجد صرامة تصور أنت جحود الإنسان بعد الطوفان وحتى لا يحدث هذا ثانياً وينجو من الطوفان يقوم بعمل برج بابل حتى إذا جاء الطوفان لا يضرهم شئ فكان رد الله أنه سوف يبلبل ألسنتهم فإنه مالك الأرض ولا يستطيع أحد أن يتحداه فهو قاضي المسكونة ينتظرنا الله منذ أن خلقنا في الأبدية فأعطانا أنبياء قديسين روح قدس الكنيسة الأسرار خيرات ونِعَم كل هذا حتى يضمن خلاصنا أجمل شئ تجلت فيه محبة الله مع صرامته على الصليب وهو مُعلق لأجل خطايانا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
31 أكتوبر 2025

“زمن الحب”

”الصوم هو الوسيلة لضبط الأهواء والشهوات، حتى تنسجم حياة المسيحي مع روح الله الذي يقوده في طاعة وخضوع“ (القمص بيشوي كامل) «أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ. أَلَيْسَ أَنْ تَكْسِرَ لِلْجَائِعِ خُبْزَكَ، وَأَنْ تُدْخِلَ الْمَسَاكِينَ التَّائِهِينَ إِلَى بَيْتِكَ؟ إِذَا رَأَيْتَ عُرْيَانًا أَنْ تَكْسُوهُ وَأَنْ لاَ تَتَغَاضَى عَنْ لَحْمِكَ. حِينَئِذٍ يَنْفَجِرُ مِثْلَ الصُّبْحِ نُورُكَ، وَتَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا، وَيَسِيرُ بِرُّكَ أَمَامَكَ، وَمَجْدُ الرَّبِّ يَجْمَعُ سَاقَتَكَ. حِينَئِذٍ تَدْعُو فَيُجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ: هَأَنَذَا. إِنْ نَزَعْتَ مِنْ وَسْطِكَ النِّيرَ وَالإِيمَاءَ بِالأُصْبُعِ وَكَلاَمَ الإِثْمِ، وَأَنْفَقْتَ نَفْسَكَ لِلْجَائِعِ، وَأَشْبَعْتَ النَّفْسَ الذَّلِيلَةَ، يُشْرِقُ فِي الظُّلْمَةِ نُورُكَ، وَيَكُونُ ظَلاَمُكَ الدَّامِسُ مِثْلَ الظُّهْرِ. وَيَقُودُكَ الرَّبُّ عَلَى الدَّوَامِ، وَيُشْبِعُ فِي الْجَدُوبِ نَفْسَكَ، وَيُنَشِّطُ عِظَامَكَ فَتَصِيرُ كَجَنَّةٍ رَيًّا وَكَنَبْعِ مِيَاهٍ لاَ تَنْقَطِعُ مِيَاهُهُ» (إش 58: 6 – 11). من خلال قراءتنا السابقة يوضِّح لنا إشعياء النبي مبادئ روحية هامة: كيف يُمثِّل الصوم ركنًا أساسيًّا من أركان الحياة الروحية؟ فالصوم هو ممارسة تعبُّدية، ولكن يجب أن تخلو من الرياء وفي هذا الأصحاح يشرح لنا كيف يمكن أن تتسلَّل هذه الخطية (الرياء) إلى حياة الإنسان دون أن يدري. تأمَّل معي في العدد الثاني من هذا الأصحاح إذ يقول: «وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْمًا فَيَوْمًا »، يصلُّون ولكنها صلاة ظاهرة من الشفتين أو من اللسان، ولا تتعدَّى ذلك، ويبقى قلب الإنسان كما هو لا يتغيَّر، لذلك عندما ينتهي من الصلاة تجده يتصرَّف تصرفات غير مقبولة وغير لائقة ولا تتماشى مع صلاته مطلقًا. ربما تسألني الآن، كيف للخطية أن تتسلَّل لحياة الإنسان دون أن يدري؟ أجيبك: إن لخطية الرياء مظاهرَ عدَّة دعنا نسردها سويًّا: مظهر من مظاهر الرياء هو ادعاء المعرفة العقلانية: تشعر وأنت جالس مع الشخص أنه موسوعة، ولكنها ليست موسوعة اتضاع، ولكن موسوعة كبرياء، يفتخر بذاته وبما حصَّله من معارف، وكانت طائفة الفريسيين هم من قمة طوائف اليهود، فكلمة ”فريسي“ معناها ”مُفرَز“، بينما كان الكتبة أشخاصًا متميِّزين جدًّا (الكتبة هم الناسخون) وبالرغم من كل ذلك كانوا بعيدين عن الطريق الروحي كثيرًا، وقد وبَّخهم السيد المسيح مرات عديدة، وفي السنوات الأخيرة ظهرت هذه الخطية في أصحاب بعض مواقع التواصل الاجتماعي وهم يتفاخرون بمعرفتهم عن كبرياء يصل إلى تشويه الآخر ونشر أكاذيب أو التفاخر بأنهم أصحاب الحقيقة أو أصحاب الصواب فقط. مظهر آخر وهو إظهار الغيرة ونسميه أحيانًا ”ناموسي“: ناموسي بمعنى ”حرفي“ أي يحيا بالحرف، والحياة المسيحية عندما تتعمَّق فيها تجدها تعتمد على القلب والروح، ولا تعتمد على الحرف، ومن يحيا بالحرف لا يمكنه أن يدرك المسيح لذلك قال ربنا يسوع المسيح «مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ» (مت 5: 17)، فالمقصود هو أن يكمِّل القديم، فتقرأ العهد القديم بروح العهد الجديد، وتتحوَّل الوصية في حياتك إلى شهادة عملية عن علاقتك بالله، وهؤلاء هم أصحاب السبت يتمسَّكون بالحرف فقط دون إعمال للعقل والقلب والإحساس والرحمة. صورة ثالثة أن الإنسان يتظاهر أنه قريب من الله: ”يُسر بالتقرُّب إلى الله“ (إش 58: 2) من خلال طقوس وممارسات مُعيَّنة يتظاهر أنه قريب من الله وحقيقته من الداخل غير ذلك، تصوَّر معي إنسانًا يقضي يومه صائمًا ويمارس ممارسات روحية، ثم بعد فترة الصوم يغضب بشدَّة ويسقط في خطايا عديدة فماذا استفاد إذن من صومه؟ فترة الصوم هي فترة تساعد الإنسان في نموه الروحي، وليست مجرد الامتناع عن الطعام. والآن دعني أسألك: لماذا الصوم الذي تحدَّث عنه إشعياء النبي في هذا الأصحاح كان مرفوضًا؟ هناك ثلاثة أسباب واضحة في الأعداد (3، 4، 5): 1 – أن هذا الصوم كان غير مُنضبط: هو صوم يُسِرُّ صاحبَه ولا يُسِرُّ الله، فهو صوم لا يسير بنظام بل يستعرض فيه الإنسان إمكانياته وقدراته. 2 – أن هذا الصوم كان بلا صمت: الصوم ليس عن الطعام فقط، بل أيضًا عن الكلام، فهذا الصوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغيرة، وفيه إدانة للآخرين وكثرة كلام. 3 – أيضًا هذا الصوم مرفوض لأنه بلا تذلُّل: هو شكل بلا جوهر فهو مجرد منظر خارجي، لذا تحرص الكنيسة أن ترتب لنا في الأصوام قداسات لأوقات متأخرة لتُساعد الإنسان في ممارساته الروحية. والآن يا عزيزي، حان لنا أن نُفكَّر سويًّا كيف نصوم، وكيف ننال بركات الصوم الذي هو زمن للحب بينك وبين الله في فترة الصوم المقدَّس، احرص أن تُقدِّم لنفسك ثلاثة أنواع من الأغذية: غذاء روحي غذاء ذهني وغذاء نُسكي 1- الغذاء الروحي:- وهو ما تُقدِّمه لنا الكنيسة في كل أشكال العبادة، وممارسة الأسرار جيد أن تتقابل مع أب اعترافك قبل الصوم، وتضع خطة للصوم، ولا تتكاسل في تنفيذها، فترات الانقطاع والقداسات المتأخرة مع الميطانيات وفترات السكون كلها وسائل روحية مفيدة. 2- الغذاء الذهني:- الذي يعتمد أساسًا على القراءات الإنجيلية، والكنسية تُعلِّمنا في فترة الصوم المقدَّس أن نقرأ النبوات ويمكنك أن تأخذ سفرًا واحدًا مثل إشعياء، إرميا، أو تأخذ مجموعة أسفار مثل: أسفار الأنبياء الصغار، لكن يجب أن تقرأ يوميًّا، وليست قراءة فقط، بل ادرس وافهم وعش وقراءة النبوات مفيدة جدًّا إذ تكشف مقاصد الله في حياتك، كما يمكنك أن تأخذ صاحب السفر كشفيع لك في أيام الصوم مع أوقات القراءة. 3- الغذاء النسكي:- نُسكياتك هامة جدًّا في الصوم، الانقطاع شيء مهم لتقوية الإرادة أيضًا الطعام النباتي هو طعام هادئ الطاقة وهو طعام صحي ومفيد للإنسان أيضًا الميطانيات (سجدات التوبة) من القلب وليس بالجسد فقط، وهي مُرتبطة بالصلوات، فيها الصلاة القصيرة: ”يا ربي يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ“ احرص أثناء سجودك في الميطانيات أن ترشم ذاتك بعلامة الصليب. يمكنك أن تبدأ بـ 12 ميطانية في أول يوم، وتزداد تدريجيًّا كل يوم مع الصوم وتقدمها بروح الصلاة هذه الميطانيات هي وسيلة مُساعدة لتركيز الذهن، فيها تعب وبذل، وهذا التعب يُذكرك بأتعاب المسيح من أجلك أيضًا فترات الاعتكاف هي جزء هام من نُسكياتك خلال الصوم، ويُستفاد منها كفترات تأمل وقراءة وصلاة أو ترنيم وتسبيح فترة الصوم يا إخوتي تحكمها الآية التي تقول: «كُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ» (1كو 9: 25)، وأيضًا ينطبق عليها الآية: «الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ» (مز 126: 5)، الذين يزرعون بدموع التوبة في فترة الصوم يحصدون بالابتهاج في القيامة المجيدة. وللصوم بركات كثيرة: استجابة الصلوات: لأنك عندما تحيا حياة الصوم، تشعر بالانسحاق والخشوع وتخرج صلواتك من داخلك عميقة وتدخل فيها روح الإيمان، صلوات مرفوعة من قلب نقي. بركات أخرى هي: أن يصير الرب لذَّةً للإنسان، فأنت تصوم عن الطعام لكي تتحوَّل لذَّة الطاعة في داخلك إلى لذَّة للرب، ويكون المسيح هو لذَّتك، وكما يقول معلِّمنا داود النبي: «تَلَذَّذْ بِالرَّبِّ فَيُعْطِيَكَ سُؤْلَ قَلْبِكَ» (مز 37: 4). بركة ثالثة: أن الإنسان يشعر بارتفاعه، وكما يقول داود النبي: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!» (مز 55: 6). يرتفع فوق الماديات، وحتى فوق احتياجات الجسد، ويشعر أن رباطات الأرض تصير ضعيفة، ويشعر أنه يقترب من السماء ويحيا بهذه الروح. بركة رابعة: إن الإنسان ينال الصحة الجسدية: الطعام النباتي يمنح الإنسان شكلًا من الطاقة الهادئة، فلا يكون الطعام مثيرًا في جسده أو في حياته فيعطيه صحة جسدية، ويقول إشعياء النبي في هذا الأصحاح: «تَنْبُتُ صِحَّتُكَ سَرِيعًا» (إش 58: 8). أيضًا في الصوم ينال الإنسان استنارة: ولا أقصد للعين الجسدية، ولكن العين القلبية، عندما يقرأ الإنسان الإنجيل يفهم أكثر، وعندما يشارك في التسبيح يعيش أكثر، وعندما يمارس ميطانيات يتمتع أكثر. عمل الرحمة بكل أشكالها يُعتبر وسيلةً فعَّالةً في الصوم للإحساس بالآخر وطوبى للرحماء على المساكين لأنه ليس رحمة في الدينونة لمَنْ لم يعمل رحمة. أيام الصوم أيام ثمينة وغالية فاهتم بها واستفد منها لأنها بالحقيقة كنز روحي يدوم معك السنة كلها. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
30 أكتوبر 2025

بدعة يهوذا

ملخص البدعة بدعة بسبب بحث خاطئ عن السبعين أسبوعاً المذكورة فى دانيال هذه البدعة ظهرت فى عصر البابا ديمتريوس الأول البطريرك رقم 12 وقد ذكرها المؤرخ يوسابيوس القيصرى بإختصار فقال " يهوذا الكاتب: فى ذلك الوقت ظهر كالتب آخر أسمه يهوذا، وكتب بحثاً عن السبعين أسبوعاً المذكورة فى سفر دانيال، ووصل بتاريخه إلى السنة العاشرة من حكم ساويرس (الأمبراطور الرومانى) وقد ظن أنه وقت مجئ ضد المسيح، الذى كثر الحديث عنه قد أقترب، وذلك لأن الثورة الفكرية التى أحدثها الإضطهاد على شعبنا أدت إلى أنحراف تفكير الكثيرين " وقال أيضاً الأنبا ساويرس فى تاريخ البطاركة عن هذه البدعة: " ثم أن أنساناً يهودياً كاتباً أسمه يهوذا، كان يقرأ فى كتاب رؤيا دانيال النبى وذلك فى العاشرة من ملك ساويرس (ألمبراطور الرومانى) وكان يسوف (يزيف) السنين والتواريخ إلى زمان الدجال (المسيح الدجال) بقصد ويقول أن الوقت قد أقترب من أجل أفعال ساويرس الأمبراطور العدو (يعتقد أنه جعل ساويرس هو المسيح الدجال
المزيد
29 أكتوبر 2025

الوسيلة الطيبة

لا يكفى أن يكون العمل الذي نعمله خيرًا في أهدافه وإنما يجب أن تكون الوسيلة التي نعمله بها، وسيلة خيرة وطيبة العنف مثلًا، والشدة الزائدة، والقسوة، ليست كلها وسائل طيبة للتربية، والحصول على النظام والطاعة إنما كثيرًا ما تكون وسائل منفرة، ولا تصلح لكل أحد. ويمكن أن يصل الإنسان إلى غرضه بغير عنف وبغير قسوة، وبوسائل طيبة والشتيمة أيضًا ليست وسيلة روحية للرد على من يخالفك في الإيمان، ويخالفك في الرأي إنك بهذا الوضع تخسر من تناقشه. وإن كنت كاتبًا ومؤلفًا، تخسر قارئيك أيضًا. والوضع السليم أن يكون الإنسان موضوعيًا في مناقشة الأمور الإيمانية والعقيدة، بدون شتائم وإهانات، لأنه "لا شتامون يدخلون ملكوت السموات" (1كو 6: 10) والهدم، والانتقاد المر، ومحاولة تحطيم الآخرين، ليست وسائل طيبة للتعبير عن الغيرة المقدسة فالغيرة يمكن التعبير عنها بوسيلة إيجابية بناءة، تعالج الأمور في روية، وفي موضوعية، وفي دراسة هادئة، وتقديم حلول مقبولة، وفي نفس الوقت في محبة. لأن الكتاب يقول "لتصر كل أموركم في محبة" (1كو 16: 14) والانقسام ليس وسيلة طيبة للعمل الكنسي، ولا حتى للعمل الاجتماعي والوطني الانقسام يسبب ضعفًا في الصفوف، وهو دليل على عدم التعاون، وعدم القدرة على معاملة الرأي الآخر، وهو برهان على الفشل في إقناع الطرف الآخر وفي كسبه والكتاب يقول "رابح النفوس حكيم" (أم 11: 30) إن الحكيم يختار وسيلة طيبة لعمله الطيب لأن الوسيلة الخاطئة فيها تناقض مع العمل الطيب والعمل الطيب، إذا كانت وسيلته غير طيبة، يكون شركة من النور والظلمة، وخليطًا من البر والخطيئة، ولا يدل على أنه عمل روحي. فلتكن وسائلنا طيبة وهادئة وروحية، أو على الأقل فلتكن غير معثرة ولا خاطئة. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
28 أكتوبر 2025

في المسيح

لقد كانت مشيئة الله الآب ومسرته التي قصدها منذ البدء، وحققها الابن الكلمة بتجسده، وتمّمها الروح القدس في الكنيسة. هي أن يجمع كل شيء ممّا في السموات وما على الأرض "في المسيح" «إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ... لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ» (أف1: 9، 10). في المسيح، هو التعبير الذي صبغ الكنيسة منذ انطلاقها يوم الخمسين، لتعلن أن المسيح هو أساس وجودها، وسر حياتها، وينبوع بركاتها، وجوهر كرازتها. فصار عنوانًا ولقبًا يُعرف به أتباعه وتلاميذه "مسيحيون". في المسيح، هو ذلك التعبير الذي حفظ للمسيحية جوهرها وفرادتها وتميّزها في وجه "الابيونية" (اليهود)، "الغنوسية" (الأمم). الابيونية التي أرادت الارتداد لليهودية ولكن في ثياب مسيحية، إذ رفضت التخلي عن ناموس موسي، وحاولت أن تصبغ المسيحية بالعوائد والعادات اليهودية، لتجعل منها إحدى أشكال أو طرق الديانة اليهودية، دون أن تنكر تاريخية مسيحها. فجاء تعبير في المسيح، ليعلن أنه لا ناموس يصلُح، ولا عوائد تُفيد، ولا حتى وصايا تُغني. في المسيح وحده نفهم الناموس كمؤدِّب يقودنا اليه، ونُدرك الذبائح كرموز تشير إلى صليبه، ونعي مغزى الأعياد كظلال تجد معناها في أحداث حياته، والنبوات كإشارات وعلامات ترشدنا إلى عمله. في المسيح وحده يحقّق الناموس هدفه، وتأخذ الوصية قوتها، والطقوس فعلها وتأثيرها. بينما الغنوسية، أرادت الارتداد للفلسفة وخاصة الأفلاطونية، التي ترى أن العقل قبل الإيمان، والمعرفة أهم من الإعلان، والخلاص في أن تعرف لا أن تؤمن. فأرادت أن تجنح بالمسيحية عن عريسها، سر إيمانها، ينبوع خلاصها. المسيح المُذخَر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة. أأقنوم الحكمة، جوهر كتابات الفلاسفة، وغايه رسالتهم. أقنوم الإعلان، الذي ألهم الفلاسفه، وحرّك أقلامهم، ليكتبوا عن ذلك المبدأ الأول، الكائن المُطلَق، واللا نهائي. وإن كانوا قد عجزوا عن إدراكه. فجاء المسيح متجسدًا «والكلمة صار جسدًا»، كاشفا عن أزليته وأبديته ووحدانيته مع الله الآب، فهو الألف والياء، البداية والنهاية. هو الذي كان من البدء والدائم الى الأبد. هو اللوغوس الحقيقي، عقل الله الناطق، أو نُطق الله العاقل. في المسيح، نعرف الله، إذ أن المسيح هو كمال الإعلانات وهدفها. فالله كلّمنا بأنواع وطرق متعدّده وكثيره (الطبيعة، الضمير، الناموس)، ولكن جميعها لم تكن كافيه. فأراد الله أخيرًا أن يكشف عن نفسه، فجاء الابن الوحيد، الذي يعرف الآب معرفة حقيقية، إذ له نفس الجوهر الذي لله الآب. فكل من رآه فقد رأى الآب، إذ هو والآب واحد. لذلك هو وحده الطريق والحق، الوسيلة والغاية. في المسيح نجد هويتنا الحقيقية، كأبناء وأحباء وليس عبيدًا أو أجراء، بل وبالأحرى شركاء للميراث الأبدي. إذ فيه تصير لنا الدالة والامتياز أن نخاطب الله وندعوه "أبانا.."، وبالتالي يحق لنا الميراث السماوي، كنعمة وعطية مجانية، يمنحها لنا الآب السماوي، لإنه إن كنا أبناء فنحن ورثة، وراثون مع المسيح. في المسيح تجد الكنيسة صخرتها القوية التي بُنيت عليها، ومنه تستمد قوتها ونصرتها. وتُبنى جذورها الثابتة التي تستند إليها، ومنه ترتوي وتفرح وتنمو. وتتحقق رسالتها، إذ المسيح رأسها الذي يهب حياته مسكوبة ومبذولة بالروح القدس العامل فيها. لنكون في المسيح، يجب أن نعرفه على المستوى الفكري (من يقول الناس إني أنا؟)، ثم نحبه على المستوى القلبي (العبادة والتسبيح والصلوات)، ثم نتحد به على المستوى السرائري في الكنيسة (الأسرار الكنسية)، ثم على المستوى الحياتي، نصير بالحقيقة مسيحيين شاهدين لنعمته وحياته فينا. القس إبراهيم القمص عازر
المزيد
27 أكتوبر 2025

عمل الخير

علينا أن نعمل الخير في محبة وتواضع وأنكار للذات ولا نكل أو نمل أو نتضجر بل نقتدى بمخلصنا الصالح الذى كان يجول يصنع خير وكما يوصينا الكتاب { لا نفشل في عمل الخير لاننا سنحصد في وقته ان كنا لا نكل} (غل 6 : 9). وثقوا أن عمل الخير لا يضيع أجره ابدا لا على الأرض ولا في السماء. بل حتى كأس الماء الذى نقدمه لنروي عطشان له أجر صالح {ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره}(مت 10 : 42) روى دوستويفسكى قصة إمرأة ماتت وذهبت إلى الجحيم . وفى تسأول طلبت من الله إن يعطيها سببا لماذا هى هناك ؟ وإذ سمع بطرس صرخات تظلمها تكلم إليها قائلا لها : إعطنى سببا واحدا لماذا ينبغى أن تكونى فى السماء . توقفت, راجعت, فكرت مليا, ثم قالت : يوما ما أعطيت جزرة لمتسول تحقق بطرس من السجل ورأى أنها فعلت ذلك حقا, كانت جزرة قديمة, لكن مع ذلك فهى جادت بها. فأخبرها بطرس أن تنتظر ريثما يساعدها لتصعد, ثم أخذ سلكا طويل وربط إلى طرفه جزرة ودالها لها إلى الجحيم لتتمسك بها, فتعلقت بها وبدأ هو يسحبها .ورآها اخرون تختفى تدريجيا من وسطهم, فتمسكوا بكاحليها عساهم ينتقلون أيضا, وإذ استمر المزيد منهم بالتعلق, بدأ السلك بالهبوط فصرخت: " اتركونى, هذه جزرتى وليست جزرتكم" وحالما قالت ذلك انكسرت الجزرة . يا احبائى كلنا نحتاج لعمل الخير فى محبة لله والغير وبدون انانية مادام فى أمكاننا أن نعمله ونجذب الأخرين معنا لنجد داله امام الله ونجد نصيب مع القديسين. {فاذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لاهل الايمان} (غل 6 : 10). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
26 أكتوبر 2025

الأحد الثالث من شهر بابة مت ۱۲ : ۲۲ - 37

حينئذ أحضر إليه بجنون أعمى وأخرس فشفاه حتى أن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر فبهت كل الجموع وقالوا ألعل هذا هو إبن داود أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين فعلم يسوع أفكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت فإن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته وإن كنت أنا بيعلزبول أخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون لذلك هم يكونون قضاتكم و لكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوى وينهب أمتعته إن لم يربط القوى أولا وحينئذ ينهب بيته . من ليس معى فهو على ومن لا يجمع معى فهو يفرق لذلك أقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس و من قال كلمة علي إبن الإنسان يغفر له . وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتى اجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيداً أو أجعلوا الشجرة ردية وثمرها ردياً . لان من الثمر تعرف الشجرة يا أولاد الافاعي كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم الإنسان الصالح من الكنز الصالح ( في القلب) يخرج الصالحات والإنسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور ولكن أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين لانك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان . شفاء الأعمى والأخرس قدموا إليه مجنون أعمى وأخرس فشفاه حتى أن الأعمى الاخرس تكلم وأبصر فبهت الحاضرون أما الفريسيون فقالوا انه برئيس الشياطين فعلم يسوع أفكارهم وقال لهم « كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته يخرب فإن كان الشيطان يخرج الشيطان فكيف تثبت مملكته ؟ وإن كنت ببعلز بول أخرج الشياطين فأبناؤكم بمن يخرجون ؟ ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله لذلك كل خطية وتجديف يغفر للناس وأما التجديف على الروح فلن يغفر للناس بروح الله اخرج الشياطين كما تهرب الظلمة وتتبدد أمام النور هكذا مع الشيطان والروح النجس أمام روح الله القدوس الروح النجس الذى سكن في الإنسان فإنه يفسده ويهلكه قيل عن الرجل الذي كان به شياطين كثيرة أنه كان يصيح ويقطع نفسه بالحجارة، وربط بسلاسل وقيود ولكنه كان يقطع السلاسل ويسكن القبور عندما يسكن الروح النجس فى الإنسان فإنه يعمل فيه لفساده وهلاكه لأنه منذ البدء كان قتالا ،وهو المشتكى على جنسنا و عدوه وهو عندما سكن داخل هذا الرجل تركه مجنوناً أعمى وأخرس وهذا معناه أن الروح النجس تسلط على فكره وبصره ولسانه . مجنون الشيطان عندما يتسلط على الفكر يفسده عن طرق الله المستقيمة وعن التعقل والحكمة النازلة من فوق يصير الإنسان مجنوناً قد يقتحمه الشيطان بفكر العظمة فيصاب الإنسان بالجنون ليفتكر فى نفسه أنه شيء ، وينسى أنه تراب ورماد ، وينسى أنه بائس وفقير ومسكين، وأنه لا شيء و مزدری و غیر موجود أصيب نبوخذ نصر بهذا الشيطان شيطان العظمة فقال وهو فى جنون العظمة : أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها بقوتى وإقتدارى ونسى أن الله هو المتسلط في ممالك الأرض كلها فسمع ذلك الصوت " يطردونك من بين الناس ، ويبتل شعرك بندى السماء" أصيب هيرودس الملك بجنون العظمة و لبس الحلة الملكية في يوم عيده ،وصار يتكلم فصاح الشعب : و هذا صوت الله لا إنسان فضربه ملاك الرب فدود ومات كثيرون يصابون بجنون العظمة والكبرياء والإعتداد بالذات ويتكلون على الكذب ، ويفتكرون أنهم عقلاء . والحق أن من أراد أن يكون حكيماً فليصر جاهلا آخرون يصابون بجنون الشهوات وجنون محبة العالم آخرون يصابون بجنون العلم والعقلانية والفلسفات والإلحاد آخرون في جنون ينكرون السيد الوحيد القادر الذي له وحده عدم الموت أعمى هذا الرجل يختلف تماماً عن المولود أعمى لان هذه الولادات والأمراض الطبيعية والعيوب الخلقية تحدث بقصد الله و تدبيره ولا دخل الإرادة الإنسان فيها فكلها تؤول لمجد الله كما قال الرب : " لا هذا أخطأ ولا أبواه ، لكن لتظهر أعمال الله فيه ". أما هذا الإنسان فإن العمى هو نتيجة سكنى روح الظلمة فيه لذلك عندما طرد الرب يسوع الشيطان منه بقوة الروح القدس ،إستنارت عينيه مرة أخرى و لأن النور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه إن عيوننا التي إستنارت بالمعمودية والبصيرة التي أعطاها لنا إبن الله هي أغلى ما نملك فلتخف يا إخوة لئلا يدخل روح الظلمة إلينا ويطمس بصيرتنا قال الرب للفريسيين : "لو كنتم عميان لما كان لكم خطية ولكنكم لانكم مبصرين فخطيتكم باقية" الذى يرى الحق أمامه ويغمض عينيه ، أليس هذا شيء من العمى الروحي ؟ الذي يرى الطريق للحياة مع الله ويغمض عينيه عنها أليس هذا خطر كبير ؟ الذي ينظر أخاه محتاجاً ويغلق أحشاؤه عنه ، أليس هذا أعمى ومسكين ؟ الذى لا يرى خطورة الخطية ونجاساتها ويهرب منها كما من أفعى سامة وخطر الموت أليس هذا أعمى ومسكين ؟ الذى لا يرى خطاياه ونجاسات قلبه ويريح ضميره مثل الفريسي ، وينظر إلى خطايا الآخرين ويحكم عليهم أليس هذا أعمى قصير النظر قد نسى تطهير خطاياه ؟ نحن غير ناظرين للأشياء التي ترى بل إلى التى لا ترى لان التي ترى وقتية أما التي لا ترى فأبدية هذه هي البصيرة التي يحددها فينا الروح القدس كل يوم في التوبة وفى الكنيسة وفى الأسرار فتدرك الأشياء الموهوبة لنا من الله بحسب نعمته وقوته . أخرس الروح القدس يجدد خلقتنا ويحرر لساننا يجعله ينطق من جديد كلمات جديدة وترنيمة جديدة لقد حل الروح القدس على التلاميذ مثل السنة نار تنطق بشهادة يسوع المسيح بلا مانع وتتكلم بالحب لجميع الناس وهذه الألسنة النارية استقرت في الكنيسة في كل أجيالها الروح القدس نطق بفم بطرس الرسول كلمات فيها قوة خلاص وشهادة لقيامة المسيح من الأموات الروح القدس تكلم فى الرسولين بطرس ويوحنا وهما إنسانان عديما العلم وعاميان ، بكلمات مملوءة نعمة لم يستطع رؤساء الكهنة أن يسكتاهما الروح القدس تكلم بفم إسطفانوس بحكمة لم يستطع جميع المعاندين أن يقاوموها أو يناقضوها الروح القدس أعطى القديس بولس الرسول كلمة كرازة عند إفتتاح الفم فنطق بأسرار الروح وسر الكنيسة وسر المسيح .بدون الروح القدس سيظل الإنسان أخرس واللسان عاجز عن النطق حتى لو قال ملايين الكلمات. التجديف على الروح القدس جماعة الفريسيين رفضوا مشورة الله من قبل أنفسهم . رفضوا عمل روح الله ولم يقبلوه فصار هذا تجديفا إنتهى بهم إلى الهلاك ، ونحن اليوم يريد الروح أن يعمل فينا . يريد أن يحرر فكرنا وينير بصيرتنا ويطلق ألسنتنا فهل تذعن لمشورته ؟ وهل نسلم نفوسنا طوع إرادته ليعمل فينا مسرته ؟! الروح القدس يريد كل يوم أن يطرد عنا كل ظلمة ،وكل فكر قلة الإيمان . ويريد أن يستخدم فكرنا و لساننا وعيننا يريدنا آلات بر وآلات بركة ألا يكفينا زمانا طويلا دقننا فيه وزناتنا وصرنا مثل أخرس وأعمى ومجنون بلا قوة وبلا قدرة وبلا فاعلية من جهة الإيمان والحياة مع الله اليوم فرصتنا أن نسلم أنفسنا ونقدم أحباءنا بالصلاة والتوسل عند قدمى الرب يسوع ليطرد عنا بقوة روحه القدوس كل أرواح العدو المقاوم ويستخدم ضعفنا لمجده . المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
25 أكتوبر 2025

مؤهِلات دخُول السَّماء

الله أوجدنا لِكى نكُون معهُ فِى مجده قصد خلقتِهِ لنا أنْ نكُون معهُ فِى مجدهِ مُنذُ خلقِتنا وَهُوَ ينتظِرنا فِى الأبديَّة وَمُنذُ الأزل إِذاً فنحنُ مُواطِنيِن سمائيين وَ السَّماء هى بيتنا الإِنسان دائِماً يُرِيد الرِجُوع لِبيتِهِ لِيسترِيح هكذا القديسين أحبُّوا السَّماء لأنّها الموطِن الأصلِى وَداوُد النبِى يقُول [ ويل لِى لأنّ غُربتِى قَدْ طالت علىَّ ]( مز 119 مِنْ مزاميِر الغرُوب ) وَالسيِّد المسيح قال [ أنا أمضِي لأُعِدَّ لكُمْ مكاناً حيثُ أكُونُ أنا تكُونُون أنتُم أيضاً ] ( يو 14 : 2 – 3 ) إِذاً الله لَمْ يخلِقنا لِكى نهلك لاَ بل لِنُشارِكهُ مجدهُ وَسُكناه وَما أجمل أنْ نكُون معهُ وَما أمجد أنْ نكُون معهُ وَنسكُن معهُ عِندما ندخُل الكنيسة وَنجِد المذبح مفتُوح يفرح قلبِنا إِذا كان منظر هكذا على الأرض يفرّحنا فما بال السَّماء !! البعض يقُولُون أنّ صُورة السيِّد المسيح تُثيِر نِفُوسهُمْ وَتُفرّحهُمْ فكم تكُون الحقيقة وَالمجد السَّماوِى عِندما نراه كما هُوَ سنتمتَّع بِالله نَفْسَه إِذا كان مُوسى النبِى عِندما رأى لمحة مِنْ مجد الله مِنْ وراءه أصبح وجههُ يلمع حتَّى أنّهُ لبس بُرقُع إِذا كانت لمحة مِنْ مجد الله فعلت فِى مُوسى النبِى هكذا فما بال لمّا تكُون معهُ وَ ترى مجده بِالحقيقة إِذا كان بُطرُس وَيعقُوب وَيُوحنا على جبل التجلِّى رأوا مجد الله قالُوا [يارب جيِّد أنْ نكُونَ ههُنا ] ( مت 17 : 4 ) لمحة مِنْ مجده تجعلنا نظِل معهُ هذا هُوَ المجد الّذى سنكُونُ فِى هيئتِهِ كما يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ الَّذى سيُغيّرُ شكل جسدِ تواضُعِ لِيكُونَ على صُورةِ جسدِ مجدِهِ بِحسب عمل إِستطاعتِهِ ] ( فى 3 : 21 ) سنكُون بِجسدٍ مُمّجد [ متى أُظهِر المسيحُ تظهرُون أنتُمْ أيضاً معهُ فِى المجدِ ] ( كو 3 : 4 ) الّذى نأخُذهُ هُنا هُوَ عربُون لِكنْ فِى المجد سيظهر وَسنظهر معهُ مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالِة كورنثُوس يقُول [ ناظِرِين إِلَى مجد الرّبّ بِوجهٍ مكشُوفٍ ] ( 2 كو 3 : 18 ) أىّ بِدُون بُرقُع أوْ رمُوز المجد السَّماوِى أمر لابُد أنْ نُفّكِر فِيهِ الله لاَ يُرِيد أنْ يهلك أحد [ الَّذى يُرِيدُ أنّ جميِع النَّاسِ يخلُصُون وَإِلَى معرِفةِ الحقِّ يُقبِلُون ]( 1 تى 2 : 4 ) [ لأنّ هذِهِ هى إِرادة الله هى قداستُكُمْ ] ( 1 تس 4 : 3 ) لكِنْ الإِنسان بِذاته هُوَ الّذى يمنع نَفْسَه أراد الله أنْ يرُد الإِنسان إِلَى رُتبتهُ الأولى ، قال لابُد أنْ أُخلّصهُ وَأرُدّه مرّة أُخرى[ لأِنَّ إِبن الإِنسانِ قَدْ جاء لِكى يطلُبَ وَيُخلِّصَ ما قَدْ هلك ] ( لو 19 : 10 ) الله يهِمّه أنْ لاَ تهلك يهِمّه خلاصك وَيحزن لِهلاكك ، كما يقُول أحد القديسين [ الّذى ليس عِنده خِسارة سِوى هلاكنا ] الله ليس عِنده خِسارة وَإِنْ جاز تعبيِر أنّ الله عِنده خِسارة ستكُون الخِسارة هى هلاكنا 0 مؤهِلات دخُول السَّماء :- 1- الإِيمان بِالمسيِح :- لاَ أحد يدخُل السَّماء أبداً إِلاّ الّذى عِنده إِيمان بِالمسيِح الفادِى وَ المُخلّص مهما نقُول أنّ هذا الإِنسان صالِح لكِنّهُ لاَ يعرِف المسيِح فهُوَ لاَ يدخُل السَّماء لابُد أنْ يكُون لهُ إِيمان وَإِيمان عامِل بِالمسيِح وَليس إِيمان نظرِى بِدايِة القائِمة فِى الممنُوعُون مِنْ دخُول السَّماء هُمْ غير المؤمنيِن المُهِمْ الإِيمان بِالمسيِح إِبن الله الفادِى وَالمُخلِّص [ وَليس بِأحدٍ غيرِهِ الخلاصُ ] ( أع 4 : 12 ) لَنْ نخلُص بِدُونه لَنْ ندخُل السَّماء بِدُون إِيمان عامِل وَليس إِيمان نظرِى مرّة سأل تُوما السيِّد المسيِح قائِلاً كيف نخلُص وَنعرِف الطرِيق ؟ أجابهُ السيِّد المسيِح[ أنا هُوَ الطرِيق وَالحق وَالحيوة ليس أحد يأتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ] ( يو 14 : 6 ) إِذاً الباب هُوَ المسيِح لاَ أحد يدخُل السَّماء بِدُون الله [ الّذى يؤمِن بِالإِبن لهُ حيوة أبديَّة وَالّذى لاَ يؤمِنُ بِالإِبنِ لَنْ يرى حيوةً بل يمكُثُ عليهِ غضبُ اللهِ ] ( يو 3 : 36 ) ليس دخُول السَّماء بِالفضائِل فقط لاَ لأنّهُ فضيلة وَبِر بِدُون المسيِح تكُون فضيلة بشريَّة وَالبشريَّة طبيعة فاسدة وَالفاسِد لاَ يلبِس عدم فساد وَلِكى يلبِس عدم فساد لابُد أنْ يكُون غير فاسِد كيف ؟ بِالإِتحاد بِالمسيِح مادام الإِنسان خارِج المسيِح فهُوَ فاسِد وَ لاَ يستطيِع أنْ يلبِس عدم فساد إِذاً أول شرط لِدخُول السَّماء هُوَ الإِيمان العملِى بِالمسيِح لابُد أنْ يتجدّد الإِنسان فِى طبيعتهُ أىّ يُصبِح خليقة جدِيدة لو أنا طبيعتِى مُتكّبِر فِى المسيِح أُصبِح مُحِب وَحنُون وَمُتواضِع وَبِذلِك أُصبِح مُمهّد لِكى أكُون إِنسان سماوِى لابُد أنْ تتغيّر طبيعتنا [ فَمِنْ ثمَّ يقدِرُ أنْ يُخلِّص أيضاً إِلَى التمامِ إِذْ هُوَ حىّ كُلّ حِينٍ لِيشفعَ فِيهُمْ ] ( عب 7 : 25 ) مَنْ هُوَ الّذى يُخلِّص ؟ المسيح حتَّى متى ؟ إِلَى التمام فِى القُدّاس الكيرُلُسِى نقُول [ لاَ تقُل يارب إِنِّى لاَ أعرِفكُمْ ] إِنْ هُوَ حىّ كُلّ حِين يشفع فِينا معرِفة السيِّد المسيِح هى الإِيمان الحىّ الفعَّال الّذى يُثّبِتنِى فِيهِ هُوَ أهم شرط لِدخُول السَّماء كما قال [ بِدُونِى لاَ تقدِروُن أنْ تفعلُوا شيئاً ] ( يو 15 : 5 ) [ وَمهما سألتُمْ بِإِسمِى فذلِكَ أفعلُهُ ] ( يو 14 : 13 ) فِى الصلاة الرّبانيَّة نُزِيد فِى النِهاية كلِمة [ بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ] لِماذا ؟ لأنّ طِلباتها صعبة علينا ، لكِنْ لِكى ننال هذِهِ الطِلبات ننالها بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا أىّ الصلاة لاَ تتم إِلاّ بِقوّتك ، وَالكنيسة تقُول هذِهِ الكلِمة فِى نهايِة القُدّاس بِنغمة لأنّها أحبّت هذِهِ الكلِمة فأرادت أنْ تُبرِزها لأنّنا بِدُونه لاَ ندخُل السَّماء [ الّذى يؤمِنُ بِهِ لاَ يُدانُ وَالّذى لاَ يؤمِنُ قَدْ دِينَ ] ( يو 3 : 18 ) فِى سِفر الرؤيا يقُول لاَ يدخُلها دنس وَ لاَ رجس بل المكتُوبِين فِى سِفر حياة الخرُوف أىّ المسيِح أىّ أنّ لو سيرتِى وَحياتِى فِى سِجل المسيِح مكتُوبة لِكى أدخُل السَّماء مُنذُ الآن وَأسماءنا تُكتب فِى سِجل الخرُوف المذبُوح لأنّهُ فصحُنا مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالة رُومية 10 عِندما وجد النَّاس يؤمِنُون إِيمان شكلِى وَمُشكِلة الخِتان كان لها تأثيِر فِى تلك الفترة فقال لهُمْ [ لأنَّكَ إِنِ إِعترفت بِفمِك بِالرَّبِّ يسُوعَ وَآمنتَ بِقلبِكَ أنَّ اللهَ أقامهُ مِنَ الأمواتِ خلصْتَ ] ( رو 10 : 9 ) البرُوتوستانت إِستخدِمُوا هذِهِ الآية وَقالُوا لاَ أسرار لاَ هذِهِ الآية هى مدخل الإِيمان [ لأِنَّ القلب يُؤمِنُ بِهِ لِلبِرِّ وَالفم يُعترفُ بِهِ لِلخلاصِ ] ( رو 10 : 10 ) لأنّ الكِتاب يقُول [ كُلّ مَنَ يُؤمِنُ بِهِ لاَ يُخزى ] ( رو 9 : 33 ) وَنحنُ مغرُوسيِن فِى الإِيمان وَليس لنا فضل فِى ذلِك ، لِذلِك مسئولِيتنا أكبر [ فَكيف ننجُو نحنُ إِنْ أهملنا خلاصاً هذا مِقدارُهُ ] ( عب 2 : 3 ) لِذلِك الكنيسة دائِماً تصنع ذِكرى آلام المسيِح وَتُحِب أنْ يعترِف أولادها بِقصتِهِ وَيُعيّشهُمْ إِياها فِى القُدّاس مِنْ التجسُّد وَحتَّى الدينُونة وَالكنيسة كُلّها تصرُخ " آمين أؤمِن " الكنيسة لَمْ تضع قانُون الإِيمان فِى القُدّاس بِلاَ هدف بل وضعتهُ مدخل لِلإِيمان وَبعده السِر يُقام ينفتِح علينا وَندخُل إِلَى جُزء الصعيِده لَنْ ندخُل هذا الجُزء إِلاّ بِقانُون الإِيمان لِماذا ؟ لابُد أنْ نُرّدِدهُ مِنْ القلب لأنّهُ يُعّبِر عَنْ إِيمان قوِى فِى أعماقِى لِذلِك لابُد أنْ نُصلّيه بِحرارة لمّا نقُول " تجسّد " نتذّكر التجسُّد وَلمّا نقُول " صُلِب عنَّا " نتذّكر صلبِهِ الكنيسة أرادت بِهِ أنْ تُثبِّت إِيمانُنا السيِّد المسيِح فِى إِنجيل يُوحنا 17 [ وَهذِهِ هى الحيوةُ الأبدِيَّةُ أنْ يعرِفُوكَ أنت الإِلهَ الحقيقِيَّ وحدك وَيسُوعَ المسيِح الّذى أرسلتهُ ] ( يو 17 : 3 ) لابُد أنْ يكُون لنا عِشرة معهُ وَتداخُل معهُ وَمَعْ تجسُّدِهِ وَصلبِهِ وَقِيامتِهِ تلمسنِى وَإِيمانه عامِل فىَّ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِيمان إِبن اللهِ الَّذى أحبَّنِي وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِي ] ( غل 2 : 20 ) كُلُّنا عِندنا إِيمان لكِنْ إِحذر أنْ يكُون إِيمان شكلِى يُحسب عليك وَليس لِحِسابك لِذلِك لابُد أنْ تعرِفهُ أولاً معرِفة عقليَّة ثُمّ تعرِفهُ بِقلبِك وَمشاعرك ثُمّ تنمو فِى المعرِفة إِلَى معرِفتِهِ معرِفة الإِختبار وَأخِيراً معرِفة إِتحاديَّة وَالثبات فِيهِ. 2- وِلادة الرُّوح :- كيف يدخُل الإِيمان إِلَى حياتِى عملياً ؟ كيف أثبُت فِيهِ ؟ كيف آخُذ مِنهُ فِعل موتهِ وَقيامتِهِ ؟ بِالولادة بِالرُّوح إِذاً لابُد أنْ نموت وَنحيا كيف ؟ بِالرُّوح كيف ؟ بِماء المعموديَّة لاَ يوجد أحد على الأرض بِدُون وِلادة مِنْ أُم وَأب كذلِك لاَ يدخُل أحد السَّماء بِدُون وِلادة المعموديَّة إِذاً هذِهِ وِلادِة الرُّوح لِلحياة فِى السَّماء وَ إِلاّ يُصبِح الله كاذِب وَحاشا لله أنْ يكُون كاذِباً بل مواعيده صادِقة لَنْ يدخُل السَّماء إِلاّ المولُود مِنْ الرُّوح لِذلِك نحنُ نتأمل كثيراً فِى هذا السر الّذى أخذناه وَليس لأنّ الكنيسة أحبّتنا كثيراً فعمّدتنا وَنحنُ صِغار على إِيمان آبائنا أنْ نستهتر بِهذا السر لاَ بل هى أرادت أنْ تمتّعنا بِالمسيِح مُنذُ صُغرِنا حتَّى لاَ نهلك مِثل أب وجد إِبنه ذاهِب لِمكانٍ بعيِد وَخاف عليه فكتب لهُ شيِك بِقيمة كبيرة هذا ما فعلهُ السيِّد المسيِح معنا أراد أنْ يُعطِينا رُوح مُتجّدِد حتَّى لاَ نقع تحت سُلطان الزمن لأنّهُ فِعل رُوح لاَ ننسى المعموديَّة وَ لاَ نشعُر أنّنا فقدنا فِعل المِيلاد بِالرُّوح لأنّهُ فِعل مُستمر فِى حياتنا [ لأِنَّ كُلَّكُمْ الَّذينَ إِعتمدتُمْ بِالمسيِح قَدْ لبِستُمُ المسيِح ] ( غل 3 : 27 ) نحنُ لابِسيِن المسيِح أىّ نحنُ مؤهّلِين لِلسَّماء لأنّنا مولودِين مِنْ الرُّوح [ لكِنِ إِغتسلتُمْ بَلْ تقدَّستُمْ بَلْ تبرَّرتُمْ بِإِسمِ الرَّبِّ يسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهنِا ] ( 1 كو 6 : 11 ). 3- حياة الفضيِلة وَالبِر :- بِالتأكيِد المؤمِنْ بِالمسيِح وَمولُود مِنْ الرُّوح هُوَ إِنسان رُوحانِى وَبِالتالِى حياته كُلّها حِفظ وصايا بل إِتقان حِفظ الوصايا لابُد أنْ نحيا لهُ تخيّل لو إِبن عصى أبوه كَمْ يكُون حُزن هذا الأب ؟هكذا نحنُ فِى كُلّ خطيَّة نعصى الله وَنضربهُ بِحربة جدِيدة فَكَمْ يكُون حُزنهُ لأِنَّنا وَلِدنا مِنهُ فَلاَبُد أنْ نُثمِر لهُ الحياة المسيحيَّة ليست مُقاومة سلبيَّة فقط بل لها ثِمار أىّ ليس لأِنِّى لاَ أُحِب فُلان أختصِره لاَ بل أُحاوِل أنْ أُحِبّه وَأسامحه لأنّ المسيحيَّة هى مُقاومة سلبيات وَعمل إِيجابيات لابُد أنْ أسامِح وَ أحِب مِنْ أهم المؤشِرات فِى حياتِى الرُّوحيَّة أنْ يكُون لِى ثمر بِر[ كُلُّ شجرةٍ لاَ تصنعُ ثمراً جيِّداً تُقطعُ وَتُلقى فِي النَّارِ ] ( مت 7 : 19 ) شرط أنْ ندخُل السَّماء أنْ نُثمِر لها لِذلِك تقُول الكنيسة [ يأتِى الشُهداء حامِليِن عذاباتِهِم وَيأتِى الصدّيقُون حامِليِن فضائِلهِم ] ( طِلبة مِنْ الأبصلموديَّة ) ، نحمِل ثمر بِر وَوداعة وَإِتضاع وَنسلُك بِالرُّوح [وَالقداسة التَّى بِدُونِها لَنْ يرى أحدٌ الرَّبَّ ] ( عب 12 : 14 ) حياة القداسة ليس معناها إِنِّى لاَ أُخطِىء بل أكُون كارِه لِلخطيَّة ، وَإِنْ أخطأت أتوب عَنْ خطيتِى 0 كيف أكُون قديس ؟ بِبُغض الخطيَّة وَمُقاومتها وَإِنْ سقطت أتوب عنها الله يُرِيدنا مِنْ قبل تأسيِس العالم أنْ نكُون قديسيِن وَ بِلاَ لوم قديسيِن فِى كُلّ أمور حياتنا فِى الشارِع فِى العمل فِى البيت لاَ يوجد فِى حياتنا إِنقسام نحنُ شخصيَّة واحدة فِى كُلّ مكان وَالقداسة أصبحت فِى دمِنا وَفِى صِفاتنا وَإِذا كانت شخصيتنا مُنقسِمة يكُون فِى حياتنا رِياء وَنحتاج إِلَى عِلاج بِدُون إِتحادنا بِالمسيِح القُدّوس لَنْ نرى القدُّوس وَلِكى نعرِفهُ وَنعيِش معهُ لابُد أنْ نكُون قديسيِن صعب أنْ تجعل إِنسان يذهب لِبلدٍ لاَ يعرِفها وَ لاَ يعرِف لُغتها بِالتأكيِد يتوه فِيها لِذلِك لابُد أنْ نكُون كُلّ يوم نأخُذ خطوة جدِيدة فِى القداسة ، وُكُلّ هذا مُسجل لنا فِى سِجل الخرُوف تخيّل ذلِك !!! السَّماء تطلُب مِنك مواظبة على أُمور رُوحيَّة وَوسائِط رُوحيَّة وَ إِلاّ لَنْ تدخُلها وَالملائِكة تُسجِل لك صلواتك وَأصوامك وَجِهادك وَكَمْ عِشت وَكَمْ فعلت بِر لِذلِك لابُد أنْ نُتقِن عمل الفضيلة مادام الموسم موجُود فَلاَبُد أنْ نُتاجِر وَمادام الوقت جاهِد وَتُب وَحِب الله وَقدِّم لهُ أشواق وَأشواق لِكى يقُول لك [ تعالوا يا مُباركِي أبِي رِثُوا الملكُوتَ المُعدَّ لكُمْ مُنذُ تأسيِس العالمِ ] ( مت 25 : 34 ) ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
24 أكتوبر 2025

“شهد الحب”

”هل يدفعك الشوق والحب المقدَّس للمسيح إلى القراءة في الكتاب المقدَّس؟ إن كان ذلك فطوباك وإن لم يكن فما زلت بعيدًا عن الطريق“ (القمص بيشوي كامل) «لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا. فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرَ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عب 4: 12 – 16) الكتاب المقدَّس شهد وزاد في الطريق الروحي لأنه: هو كلام الله (رسالة الله وحديثه للإنسان). هو موضع لقاء (مكان يلتقي فيه الإنسان مع الله). هو تاريخ البشرية (حياة البشر على الأرض). هو قانون الدينونة (دستور يوم الحساب الأخير). لقد صار حب الله لك شهدًا في آيات الكتاب المقدَّس كما عبَّر داود النبي عنها قائلًا « أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ» (مز 19: 10) ولكي تشعر بأهمية الكتاب المقدَّس وضرورة وجوده، يلزم أن تجيب على هذه الأسئلة الثلاثة بالترتيب: 1 – هل ”تعي“ أهمية وجود الكتاب المقدَّس في الحياة البشرية؟ 2 – هل لك ”اقتناع“ بضرورة قراءة الكتاب المقدَّس شخصيًّا؟ 3 – هل لديك ”إيمان“ بقدرة الكتاب المقدَّس، وقوة تأثيره؟ فإذا جاءت إجابتك نعم على هذه الأسئلة الثلاثة فلِمَ لا تستفيد من هذه القوة وتستأثرها لصالحك؟! يقول القديس إمبروسيوس [ نخاطب الله إذ نُصلِّي، ونَصْغَى إليه إذ نقرأ الكتاب المقدَّس] وهذه أمثلة: داود النبي يقول «لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي» (مز 119: 92) الرهبان قديمًا كانوا يقرأون سفر المزامير كل يوم (الأجبية حاليًا) الكنيسة قديمًا كانت تقرأ الكتاب كله خلال أسبوع الآلام يوحنا الذهبي الفم كان يقرأ في رسائل بولس كل يوم الأنبا أبرآم صديق الفقراء كان يقرأ الكتاب كله كل 40 يومًا والسؤال الآن ما الذي يمنعني عن الاستفادة من الكتاب المقدَّس؟ سنحاول أيها القارئ الحبيب أن نحلِّل معًا بعض المشاكل والمُعوِّقات التي تعوِّق استفادتنا من الكتاب المقدَّس، وبنعمة المسيح نحاول أن نستعرض حلولًا لهذه العقبات. 1 – مشكلة الوقت:- لعلك تقول ”مشغولياتي اليومية كثيرة ومتنوِّعة، مما يسبِّب ضيق شديد في الوقت، ولذلك لا أجد وقتًا للقراءة اليومية أو الدراسة وعادة أترك الأمر للظروف“. أجيبك هذا مُعطِّل وهمي لكل العبادات الروحية، وهو عادة وسيلة يغطِّي بها الإنسان على كسله وتوانيه، فالذي يقول إنه ليس لديه وقت لقراءة الكتاب المقدَّس، يمكنه أن يقول بنفس المنطق أنه ليس لديه وقت يذهب فيه إلى الملكوت وإن لم تكن قراءة الإنجيل مستطاعة لديك، فأنت بذلك تجعل قلبك مسكنًا خاليًا وجاهزًا لسُكنى عدو الخير إذ لا يوجد فيه تأمل ولا قراءة ولا أفكار روحية ولا انشغال بالسماويات نصيحتي لك لا بد أن تجد وقتًا لنفسك ولكتابك المقدَّس اجمع فُتات الوقت الضائع في كل يوم وسوف تجده ليس بقليل فكِّر وحاول، وقطعًا سوف تجد وقتًا واعلم أن الله ليس مُحتاجًا إلى هذا الوقت الذي ستقرأ فيه بل أنت المحتاج إليه أولًا ودائمًا، كما نُصلِّي في القداس الإلهي (الغريغوري) [لم تكن أنتَ مُحتاجًا إلى عبوديتي، بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك] إليك ثلاث خطوات عملية للتغلُّب على مشكلة الوقت:- 1 – مشكلة الوقت:- اختر وقتًا مناسبًا للقراءة: من أجمل فترات القراءة هي أول النهار، حيث تأخذ بركة تدوم اليوم كله البعض يختار وقت ما قبل النوم، وهذا وإن كان مناسبًا للبعض إلَّا أن وقت النوم عادة ما يكون الإنسان مرهقًا، ومن ثم تكون الاستفادة قليلة. اختر وقتًا ثابتًا للقراءة: ابدأ على سبيل المثال بعشر دقائق تزداد تدريجيًّا ولا تربط هذا الوقت المُحدَّد بأي عادة أخرى (مثل القراءة قبل المذاكرة المسائية وعندما تبدأ الإجازات أو تنتهي فترة الدراسة لا يكون لقراءة الكتاب وقت ثابت)، بل اجعله عادة تتربَّى فيك. اختر وقتًا كافيًا للقراءة: ضع دائمًا في قلبك أن تمتلئ روحيًّا وتشعر بمعيَّة الله من خلال قراءاتك. 2 – مشكلة الكم:- لعلك تتساءل كم أصحاح أقرأ كل يوم؟ هل أكتفي بقراءة أصحاح واحد أن اثنين (أصحاح من كل عهد)؟ هل أُركِّز وأكتفي بجزء من أصحاح أو عدة آيات فقط؟ نصيحتي لك إن تحديد كم القراءة لا بُد أن يكون تبعًا لحالة الإنسان الروحية، وذلك تحت إرشاد أب الاعتراف ولكن للمبتدئين يُنصَح دائمًا بقراءة أصحاح من العهد القديم، وأصحاح من العهد الجديد كل يوم ويمكن قراءة الكتاب كُله في سنة بواقع أصحاحين من كل العهد القديم + أصحاح من العهد الجديد كل يوم وللمتقدِّمين على الطريق يمكنهم قراءة سفر (أو عدة أسفار صغيرة) كل شهر، وذلك من أجل التركيز ويمكن القراءة بحسب المناسبات الكنسية، مثلًا في أوقات الأصوام أقرأ من أسفار العهد القديم: في صوم الميلاد أحد أسفار موسى الخمسة. في الصوم الكبير أحد أسفار الأنبياء. في صوم الرسل أحد الأسفار التاريخية. في صوم العذراء أحد الأسفار الشعرية. 3 – مشكلة الكيف:- لعلَّه في ذهنك ”كيف أقرأ الإنجيل؟ هل قراءته تختلف عن قراءة باقي الكتب؟ هل يستلزم ذلك وضعًا معينًا أو تهيئة معينة؟ هل أكتفي بالقراءة بالعين أم بصوت مسموع؟ هل أكتب الآيات التي تجذبني في نوتة خارجية، أم أكتفي بأن أضع تحتها خطًا في الكتاب المقدَّس؟. نصيحتي لك أن تضع في قلبك دائمًا أن قراءة الكتاب المقدَّس هي للفهم والحياة بالقلب والفكر والإرادة والقدرة هي قراءة للفهم وليس للفحص أو المحاجاة أو الاستذكار. والمرتِّل يقول: «لِكُلِّ كَمَالٍ رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا» (مز 119: 96) فهم الكتاب المقدَّس ليس ذلك الفهم الذي يتأمل في جمال الكلمات ويشرح معانيها ولكنه الفهم النابع من الخبرة واختبار المسيح في ياتك. هذا الذي بدوره يتحوَّل إلى حياة، ويجعل للإنسان صلةً حيَّةً بالمسيح: بالروح لأن هذا الكلام هو روح وحياة (يو 6: 36). بخشوع اكشف عن عينيَّ أنت في حضرة الله. باتضاع فأرى عجائب من شريعتك. بإرشاد الروح القدس على فهمك لا تعتمد. يُفضَّل أن تربط بين القراءة والكتابة في دراستك الكتابية مثل وضع عناوين جانبية لكل جزء تقرأه وضع خطوطًا تحت الآيات المختارة (يُفضَّل استخدام الألوان) كتابة الآيات المختارة في كراسات خاصة أو نوت صغيرة التعليق بتأملات وصلوات على هذه الآيات كتابة آية اليوم في كارت صغير يكون معك طول اليوم. 4 – مشكلة المداومة والاستمرار:- لعلك أيضًا تتساءل أنا أقرأ الكتاب ولكن ليس كل يوم، أنا أواظب على القراءة وقت الدراسة أمَّا فترة الإجازة فتمر دون فتح الإنجيل فماذا أفعل؟ ضع في ذهنك أن نقطة الماء إذا نزلت بمداومة على صخرة، فإنها تحفر فيها مجرًى وطريقًا، وكلمة الله هي تلك القطرة التي بمداومة القراءة لا بد أن تحفر في قلبك طريقًا يُغيِّر من حياتك بجملتها، فالقراءة والفهم والمعرفة هي للعمل والسلوك قبل أن تكون للكلام والوعظ والأحاديث والتأملات فضلًا عن أن السبب الرئيسي للضعف الروحي والهزيمة المستمرة أمام الخطية يعود إلى إهمال كلمة الله، فالذي لا يداوم على قراءة كلمة الله تذبل حياته الروحية وتجف ويقع في خطايا عديدة ويُساق إلى الدينونة، كما يقول ذهبي الفم [إن علَّة جميع الشرور هي عدم معرفة الكتب المقدَّسة]. نصيحتي لك إن شعرت بصعوبة في المداومة والاستمرار على قراءة كلمة الله، أن ترتبط بمجموعة في القراءة والدراسة، فذلك يشجِّع كثيرًا على الاستمرار وعدم الإهمال، لأن فكرة درس الكتاب في مجموعات (10 – 12 فرد) تكون مشجِّعةً على الاستمرار. 5 – مشكلة الفهم والمعرفة:- تتساءل أيضًا ”كثيرًا ما أقرأ ولا أفهم، وأحيانًا أستصعب الجزء الذي أقرأه، وهناك أجزاء من الكتاب المقدَّس لم أحاول التطرّق إليها، لأنني أسمع عن مدى صعوبتها بالإضافة إلى أني لا أفهمهما لماذا؟“. أجيبك عزيزي القارئ إن السبب في ذل هو تقصيرنا أولًا وأخيرًا فهل تُصلي وتطلب من الرب قبل أن تقرأ؟ وإذا تعسَّر عليك أمر، هل تُصلِّي من أجله ليكشفه الرب لك؟ وهل تُعطي وقتًا كافيًا في الجزء الذي تقرأه؟ وهل تختار السفر المناسب لحالته الروحية والمناسبة الكنسية؟ وهل تستعين بقراءة التفاسير وسير الشخصيات الكتابية؟ وهل تستعين بالجداول والخرائط والأشكال التوضيحية التي تساعدك؟ وهل تسأل الآباء والإخوة فيما استعصى عليك؟ إليك بعض الكتب المساعدة لكَ في الفهم والمعرفة الكتاب المقدَّس بشواهد أو بالخلفيات التوضيحية قاموس الكتاب المقدَّس (كلمات أبجدية) أطلس الكتاب المقدَّس (آيات أبجدية) مُرشد الكتاب المقدَّس (مقدِّمات للأسفار) وتوجد تفاسير باللغة العربية كثيرة منها ما هو مرجعي ودراسي ومنها ما هو سهل ومختصر مثل الموسوعة الكنسية التي تصدرها كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة. 6 – مشكلة النمو والتقدُّم:- أقرأ في الكتاب ولا أشعر بأي نمو في حياتي فخطاياي ما زالت كما هي أقرأ ولكنني سريعًا ما أنسى ما قرأته ماذا أفعل؟ يقول الله عن كلمته «اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ» (مت 24: 35)، وهذا معناه أن كلمة الله ذات مفعول حتمي ويوضِّح الرب قصده من كلمته فيقول: «هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِيمَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ» (إش 55: 11) على هذا الأساس فإن مجرَّد قراءة الكتاب هو قوة، وأيضًا كشف لطريق حياتي «سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي» (مز 119: 105) ولكي تشعر بنمو في حياتك الروحية: حاول أن تحفظ بعض الأجزاء والآيات التي تفيدك في حياتك العملية خاصة وقت التجارب. إذا جلست لمحاسبة نفسك، فافتح كتابك، واطلب من الله أن يكشف لك نفسك على ضوء كلمته. ادرس الكتاب بحب، فهو رسالة الله لك أنت شخصيًّا قبل أن تقرأ صلِّ «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»وامنحني نعمةً ونموًّا. 7 – مشكلة الاستخدام:- بقي لك أن تسألني، فيم أستخدم معرفتي بالكتاب المقدَّس؟ ما هي الفائدة التي تعود عليَّ من قراءة الكتاب المقدَّس؟ إن أسوأ استخدام للكتاب المقدَّس هو أن نجعله مصدرًا لاقتباس الآيات وحسب إن الكتاب المقدَّس مرشد عملي لحياة الإنسان فهو يبني شخصية الإنسان ويُكوِّنها لأن مَنْ يقرأ عن أبطال الإيمان وسير حياتهم يصير كواحد منهم، تمامًا كمَنْ يقرأ عن الرياضيين فيصير واحدًا منهم إن هذه القراءة المقدسة تُكوِّن جزءًا كبيرًا من شخصية القارئ وتُقدِّس فيه المشاعر والمبادئ والصور هذه القراءة المقدسة تُقدِّس معارف الإنسان وتبني روحياته، وتساعده كثيرًا في الصلاة وسير حياتهم في خدمة الآخرين وتقديم الكلمة المعزية لهم في كل مناسبات الافتقاد ويجعل الإنسان في حضرة الله على الدوام يُعزِّي الإنسان في طريق الحياة في مختلف المواقف، ويجعل كلمة الله لا تفارق فمه، لأنها أحلى من الشهد. أخيرًا أود أن أُقدِّم لك بعض التداريب الخاصة بقراءة الكتاب المقدَّس: كتابة فصول قداسات الآحاد في كراسات خاصة مع تأملات حولها. حفظ آيات على الحروف أو المواقف. القراءة بهدف ”كعناية الله بالإنسان“ أو استخراج الصلوات الكتابية. رسم الخرائط وتصميم الجداول والأشكال التوضيحية. دراسة موضوع تحت عنوان: ”ماذا يقول الكتاب عن ؟“. البحث الخاص أو المشترك مع بعض الإخوة والأصدقاء. كل عمل تعمله يكون لك شاهد عليه من الكتب المقدَّسة. سأتركك الآن عزيزي مع بعض الأقوال ”للقمص بيشوي كامل“ عن الكتاب المقدَّس: دراسة الكتاب المقدَّس هي اشتياق للاستماع إلى الله. دراسة الكتاب المقدَّس هي أقوى عامل للتوبة. عليك أن تقيس قراءاتك بهذا الترمومتر لعلك تستطيع أن تُدرك هل أنت حار أم فاتر؟ إن الذي سيسهل لنا طريق الحب ويجعلنا ضمن جماعة المحبين لله هو الاستزادة المُتعطِّشة لكلمات الإنجيل. الإنجيل هو كلمة الآب المقدَّمة لأبنائه. فكيف نستعذب قراءته إن لم نكتشف أبوَّة الله لنا؟! كلمة الله تُليِّن القلب، وتُذيب قساوته، وتُعلِّم الاتضاع والمسكنة والتوبة والبحث عن خلاص النفس. إهمال الكتاب المقدَّس كارثة للسائر في غُربة هذا العالم. إنه لا بُد أن يضلَّ الطريق. وأخيرًا لا تنسَ أن السيد المسيح انتصر في التجربة على الجبل بآيات الكتاب المقدَّس وعلَّمنا أسلوب النصرة على محاربات عدو الخير «فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ» (في 1: 27). قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل