المقالات
25 أكتوبر 2025
مؤهِلات دخُول السَّماء
الله أوجدنا لِكى نكُون معهُ فِى مجده قصد خلقتِهِ لنا أنْ نكُون معهُ فِى مجدهِ مُنذُ خلقِتنا وَهُوَ ينتظِرنا فِى الأبديَّة وَمُنذُ الأزل إِذاً فنحنُ مُواطِنيِن سمائيين وَ السَّماء هى بيتنا الإِنسان دائِماً يُرِيد الرِجُوع لِبيتِهِ لِيسترِيح هكذا القديسين أحبُّوا السَّماء لأنّها الموطِن الأصلِى وَداوُد النبِى يقُول [ ويل لِى لأنّ غُربتِى قَدْ طالت علىَّ ]( مز 119 مِنْ مزاميِر الغرُوب ) وَالسيِّد المسيح قال [ أنا أمضِي لأُعِدَّ لكُمْ مكاناً حيثُ أكُونُ أنا تكُونُون أنتُم أيضاً ] ( يو 14 : 2 – 3 ) إِذاً الله لَمْ يخلِقنا لِكى نهلك لاَ بل لِنُشارِكهُ مجدهُ وَسُكناه وَما أجمل أنْ نكُون معهُ وَما أمجد أنْ نكُون معهُ وَنسكُن معهُ عِندما ندخُل الكنيسة وَنجِد المذبح مفتُوح يفرح قلبِنا إِذا كان منظر هكذا على الأرض يفرّحنا فما بال السَّماء !!
البعض يقُولُون أنّ صُورة السيِّد المسيح تُثيِر نِفُوسهُمْ وَتُفرّحهُمْ فكم تكُون الحقيقة وَالمجد السَّماوِى عِندما نراه كما هُوَ سنتمتَّع بِالله نَفْسَه إِذا كان مُوسى النبِى عِندما رأى لمحة مِنْ مجد الله مِنْ وراءه أصبح وجههُ يلمع حتَّى أنّهُ لبس بُرقُع إِذا كانت لمحة مِنْ مجد الله فعلت فِى مُوسى النبِى هكذا فما بال لمّا تكُون معهُ وَ ترى مجده بِالحقيقة إِذا كان بُطرُس وَيعقُوب وَيُوحنا على جبل التجلِّى رأوا مجد الله قالُوا [يارب جيِّد أنْ نكُونَ ههُنا ] ( مت 17 : 4 ) لمحة مِنْ مجده تجعلنا نظِل معهُ هذا هُوَ المجد الّذى سنكُونُ فِى هيئتِهِ كما يقُول مُعلّمِنا بولس الرسُول [ الَّذى سيُغيّرُ شكل جسدِ تواضُعِ لِيكُونَ على صُورةِ جسدِ مجدِهِ بِحسب عمل إِستطاعتِهِ ] ( فى 3 : 21 ) سنكُون بِجسدٍ مُمّجد [ متى أُظهِر المسيحُ تظهرُون أنتُمْ أيضاً معهُ فِى المجدِ ] ( كو 3 : 4 ) الّذى نأخُذهُ هُنا هُوَ عربُون لِكنْ فِى المجد سيظهر وَسنظهر معهُ مُعلّمِنا بولس الرسُول فِى رِسالِة كورنثُوس يقُول [ ناظِرِين إِلَى مجد الرّبّ بِوجهٍ مكشُوفٍ ] ( 2 كو 3 : 18 ) أىّ بِدُون بُرقُع أوْ رمُوز المجد السَّماوِى أمر لابُد أنْ نُفّكِر فِيهِ الله لاَ يُرِيد أنْ يهلك أحد [ الَّذى يُرِيدُ أنّ جميِع النَّاسِ يخلُصُون وَإِلَى معرِفةِ الحقِّ يُقبِلُون ]( 1 تى 2 : 4 ) [ لأنّ هذِهِ هى إِرادة الله هى قداستُكُمْ ] ( 1 تس 4 : 3 ) لكِنْ الإِنسان بِذاته هُوَ الّذى يمنع نَفْسَه أراد الله أنْ يرُد الإِنسان إِلَى رُتبتهُ الأولى ، قال لابُد أنْ أُخلّصهُ وَأرُدّه مرّة أُخرى[ لأِنَّ إِبن الإِنسانِ قَدْ جاء لِكى يطلُبَ وَيُخلِّصَ ما قَدْ هلك ] ( لو 19 : 10 ) الله يهِمّه أنْ لاَ تهلك يهِمّه خلاصك وَيحزن لِهلاكك ، كما يقُول أحد القديسين [ الّذى ليس عِنده خِسارة سِوى هلاكنا ] الله ليس عِنده خِسارة وَإِنْ جاز تعبيِر أنّ الله عِنده خِسارة ستكُون الخِسارة هى هلاكنا 0
مؤهِلات دخُول السَّماء :-
1- الإِيمان بِالمسيِح :-
لاَ أحد يدخُل السَّماء أبداً إِلاّ الّذى عِنده إِيمان بِالمسيِح الفادِى وَ المُخلّص مهما نقُول أنّ هذا الإِنسان صالِح لكِنّهُ لاَ يعرِف المسيِح فهُوَ لاَ يدخُل السَّماء لابُد أنْ يكُون لهُ إِيمان وَإِيمان عامِل بِالمسيِح وَليس إِيمان نظرِى بِدايِة القائِمة فِى الممنُوعُون مِنْ دخُول السَّماء هُمْ غير المؤمنيِن المُهِمْ الإِيمان بِالمسيِح إِبن الله الفادِى وَالمُخلِّص [ وَليس بِأحدٍ غيرِهِ الخلاصُ ] ( أع 4 : 12 ) لَنْ نخلُص بِدُونه لَنْ ندخُل السَّماء بِدُون إِيمان عامِل وَليس إِيمان نظرِى مرّة سأل تُوما السيِّد المسيِح قائِلاً كيف نخلُص وَنعرِف الطرِيق ؟ أجابهُ السيِّد المسيِح[ أنا هُوَ الطرِيق وَالحق وَالحيوة ليس أحد يأتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ] ( يو 14 : 6 ) إِذاً الباب هُوَ المسيِح لاَ أحد يدخُل السَّماء بِدُون الله [ الّذى يؤمِن بِالإِبن لهُ حيوة أبديَّة وَالّذى لاَ يؤمِنُ بِالإِبنِ لَنْ يرى حيوةً بل يمكُثُ عليهِ غضبُ اللهِ ] ( يو 3 : 36 ) ليس دخُول السَّماء بِالفضائِل فقط لاَ لأنّهُ فضيلة وَبِر بِدُون المسيِح تكُون فضيلة بشريَّة وَالبشريَّة طبيعة فاسدة وَالفاسِد لاَ يلبِس عدم فساد وَلِكى يلبِس عدم فساد لابُد أنْ يكُون غير فاسِد كيف ؟
بِالإِتحاد بِالمسيِح مادام الإِنسان خارِج المسيِح فهُوَ فاسِد وَ لاَ يستطيِع أنْ يلبِس عدم فساد إِذاً أول شرط لِدخُول السَّماء هُوَ الإِيمان العملِى بِالمسيِح لابُد أنْ يتجدّد الإِنسان فِى طبيعتهُ أىّ يُصبِح خليقة جدِيدة لو أنا طبيعتِى مُتكّبِر فِى المسيِح أُصبِح مُحِب وَحنُون وَمُتواضِع وَبِذلِك أُصبِح مُمهّد لِكى أكُون إِنسان سماوِى لابُد أنْ تتغيّر طبيعتنا [ فَمِنْ ثمَّ يقدِرُ أنْ يُخلِّص أيضاً إِلَى التمامِ إِذْ هُوَ حىّ كُلّ حِينٍ لِيشفعَ فِيهُمْ ] ( عب 7 : 25 ) مَنْ هُوَ الّذى يُخلِّص ؟ المسيح حتَّى متى ؟ إِلَى التمام فِى القُدّاس الكيرُلُسِى نقُول [ لاَ تقُل يارب إِنِّى لاَ أعرِفكُمْ ] إِنْ هُوَ حىّ كُلّ حِين يشفع فِينا معرِفة السيِّد المسيِح هى الإِيمان الحىّ الفعَّال الّذى يُثّبِتنِى فِيهِ هُوَ أهم شرط لِدخُول السَّماء كما قال [ بِدُونِى لاَ تقدِروُن أنْ تفعلُوا شيئاً ] ( يو 15 : 5 ) [ وَمهما سألتُمْ بِإِسمِى فذلِكَ أفعلُهُ ] ( يو 14 : 13 ) فِى الصلاة الرّبانيَّة نُزِيد فِى النِهاية كلِمة [ بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا ] لِماذا ؟
لأنّ طِلباتها صعبة علينا ، لكِنْ لِكى ننال هذِهِ الطِلبات ننالها بِالمسيِح يسُوعَ ربِنا أىّ الصلاة لاَ تتم إِلاّ بِقوّتك ، وَالكنيسة تقُول هذِهِ الكلِمة فِى نهايِة القُدّاس بِنغمة لأنّها أحبّت هذِهِ الكلِمة فأرادت أنْ تُبرِزها لأنّنا بِدُونه لاَ ندخُل السَّماء [ الّذى يؤمِنُ بِهِ لاَ يُدانُ وَالّذى لاَ يؤمِنُ قَدْ دِينَ ] ( يو 3 : 18 ) فِى سِفر الرؤيا يقُول لاَ يدخُلها دنس وَ لاَ رجس بل المكتُوبِين فِى سِفر حياة الخرُوف أىّ المسيِح أىّ أنّ لو سيرتِى وَحياتِى فِى سِجل المسيِح مكتُوبة لِكى أدخُل السَّماء مُنذُ الآن وَأسماءنا تُكتب فِى سِجل الخرُوف المذبُوح لأنّهُ فصحُنا مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالة رُومية 10 عِندما وجد النَّاس يؤمِنُون إِيمان شكلِى وَمُشكِلة الخِتان كان لها تأثيِر فِى تلك الفترة فقال لهُمْ [ لأنَّكَ إِنِ إِعترفت بِفمِك بِالرَّبِّ يسُوعَ وَآمنتَ بِقلبِكَ أنَّ اللهَ أقامهُ مِنَ الأمواتِ خلصْتَ ] ( رو 10 : 9 ) البرُوتوستانت إِستخدِمُوا هذِهِ الآية وَقالُوا لاَ أسرار لاَ هذِهِ الآية هى مدخل الإِيمان [ لأِنَّ القلب يُؤمِنُ بِهِ لِلبِرِّ وَالفم يُعترفُ بِهِ لِلخلاصِ ] ( رو 10 : 10 ) لأنّ الكِتاب يقُول [ كُلّ مَنَ يُؤمِنُ بِهِ لاَ يُخزى ] ( رو 9 : 33 ) وَنحنُ مغرُوسيِن فِى الإِيمان وَليس لنا فضل فِى ذلِك ، لِذلِك مسئولِيتنا أكبر [ فَكيف ننجُو نحنُ إِنْ أهملنا خلاصاً هذا مِقدارُهُ ] ( عب 2 : 3 ) لِذلِك الكنيسة دائِماً تصنع ذِكرى آلام المسيِح وَتُحِب أنْ يعترِف أولادها بِقصتِهِ وَيُعيّشهُمْ إِياها فِى القُدّاس مِنْ التجسُّد وَحتَّى الدينُونة وَالكنيسة كُلّها تصرُخ " آمين أؤمِن " الكنيسة لَمْ تضع قانُون الإِيمان فِى القُدّاس بِلاَ هدف بل وضعتهُ مدخل لِلإِيمان وَبعده السِر يُقام ينفتِح علينا وَندخُل إِلَى جُزء الصعيِده لَنْ ندخُل هذا الجُزء إِلاّ بِقانُون الإِيمان لِماذا ؟
لابُد أنْ نُرّدِدهُ مِنْ القلب لأنّهُ يُعّبِر عَنْ إِيمان قوِى فِى أعماقِى لِذلِك لابُد أنْ نُصلّيه بِحرارة لمّا نقُول " تجسّد " نتذّكر التجسُّد وَلمّا نقُول " صُلِب عنَّا " نتذّكر صلبِهِ الكنيسة أرادت بِهِ أنْ تُثبِّت إِيمانُنا السيِّد المسيِح فِى إِنجيل يُوحنا 17 [ وَهذِهِ هى الحيوةُ الأبدِيَّةُ أنْ يعرِفُوكَ أنت الإِلهَ الحقيقِيَّ وحدك وَيسُوعَ المسيِح الّذى أرسلتهُ ] ( يو 17 : 3 ) لابُد أنْ يكُون لنا عِشرة معهُ وَتداخُل معهُ وَمَعْ تجسُّدِهِ وَصلبِهِ وَقِيامتِهِ تلمسنِى وَإِيمانه عامِل فىَّ مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِيمان إِبن اللهِ الَّذى أحبَّنِي وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِي ] ( غل 2 : 20 ) كُلُّنا عِندنا إِيمان لكِنْ إِحذر أنْ يكُون إِيمان شكلِى يُحسب عليك وَليس لِحِسابك لِذلِك لابُد أنْ تعرِفهُ أولاً معرِفة عقليَّة ثُمّ تعرِفهُ بِقلبِك وَمشاعرك ثُمّ تنمو فِى المعرِفة إِلَى معرِفتِهِ معرِفة الإِختبار وَأخِيراً معرِفة إِتحاديَّة وَالثبات فِيهِ.
2- وِلادة الرُّوح :-
كيف يدخُل الإِيمان إِلَى حياتِى عملياً ؟ كيف أثبُت فِيهِ ؟ كيف آخُذ مِنهُ فِعل موتهِ وَقيامتِهِ ؟ بِالولادة بِالرُّوح إِذاً لابُد أنْ نموت وَنحيا كيف ؟ بِالرُّوح كيف ؟ بِماء المعموديَّة لاَ يوجد أحد على الأرض بِدُون وِلادة مِنْ أُم وَأب كذلِك لاَ يدخُل أحد السَّماء بِدُون وِلادة المعموديَّة إِذاً هذِهِ وِلادِة الرُّوح لِلحياة فِى السَّماء وَ إِلاّ يُصبِح الله كاذِب وَحاشا لله أنْ يكُون كاذِباً بل مواعيده صادِقة لَنْ يدخُل السَّماء إِلاّ المولُود مِنْ الرُّوح لِذلِك نحنُ نتأمل كثيراً فِى هذا السر الّذى أخذناه وَليس لأنّ الكنيسة أحبّتنا كثيراً فعمّدتنا وَنحنُ صِغار على إِيمان آبائنا أنْ نستهتر بِهذا السر لاَ بل هى أرادت أنْ تمتّعنا بِالمسيِح مُنذُ صُغرِنا حتَّى لاَ نهلك مِثل أب وجد إِبنه ذاهِب لِمكانٍ بعيِد وَخاف عليه فكتب لهُ شيِك بِقيمة كبيرة هذا ما فعلهُ السيِّد المسيِح معنا أراد أنْ يُعطِينا رُوح مُتجّدِد حتَّى لاَ نقع تحت سُلطان الزمن لأنّهُ فِعل رُوح لاَ ننسى المعموديَّة وَ لاَ نشعُر أنّنا فقدنا فِعل المِيلاد بِالرُّوح لأنّهُ فِعل مُستمر فِى حياتنا [ لأِنَّ كُلَّكُمْ الَّذينَ إِعتمدتُمْ بِالمسيِح قَدْ لبِستُمُ المسيِح ] ( غل 3 : 27 ) نحنُ لابِسيِن المسيِح أىّ نحنُ مؤهّلِين لِلسَّماء لأنّنا مولودِين مِنْ الرُّوح [ لكِنِ إِغتسلتُمْ بَلْ تقدَّستُمْ بَلْ تبرَّرتُمْ بِإِسمِ الرَّبِّ يسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهنِا ] ( 1 كو 6 : 11 ).
3- حياة الفضيِلة وَالبِر :-
بِالتأكيِد المؤمِنْ بِالمسيِح وَمولُود مِنْ الرُّوح هُوَ إِنسان رُوحانِى وَبِالتالِى حياته كُلّها حِفظ وصايا بل إِتقان حِفظ الوصايا لابُد أنْ نحيا لهُ تخيّل لو إِبن عصى أبوه كَمْ يكُون حُزن هذا الأب ؟هكذا نحنُ فِى كُلّ خطيَّة نعصى الله وَنضربهُ بِحربة جدِيدة فَكَمْ يكُون حُزنهُ لأِنَّنا وَلِدنا مِنهُ فَلاَبُد أنْ نُثمِر لهُ الحياة المسيحيَّة ليست مُقاومة سلبيَّة فقط بل لها ثِمار أىّ ليس لأِنِّى لاَ أُحِب فُلان أختصِره لاَ بل أُحاوِل أنْ أُحِبّه وَأسامحه لأنّ المسيحيَّة هى مُقاومة سلبيات وَعمل إِيجابيات لابُد أنْ أسامِح وَ أحِب مِنْ أهم المؤشِرات فِى حياتِى الرُّوحيَّة أنْ يكُون لِى ثمر بِر[ كُلُّ شجرةٍ لاَ تصنعُ ثمراً جيِّداً تُقطعُ وَتُلقى فِي النَّارِ ] ( مت 7 : 19 ) شرط أنْ ندخُل السَّماء أنْ نُثمِر لها لِذلِك تقُول الكنيسة [ يأتِى الشُهداء حامِليِن عذاباتِهِم وَيأتِى الصدّيقُون حامِليِن فضائِلهِم ] ( طِلبة مِنْ الأبصلموديَّة ) ، نحمِل ثمر بِر وَوداعة وَإِتضاع وَنسلُك بِالرُّوح [وَالقداسة التَّى بِدُونِها لَنْ يرى أحدٌ الرَّبَّ ] ( عب 12 : 14 ) حياة القداسة ليس معناها إِنِّى لاَ أُخطِىء بل أكُون كارِه لِلخطيَّة ، وَإِنْ أخطأت أتوب عَنْ خطيتِى 0
كيف أكُون قديس ؟ بِبُغض الخطيَّة وَمُقاومتها وَإِنْ سقطت أتوب عنها الله يُرِيدنا مِنْ قبل تأسيِس العالم أنْ نكُون قديسيِن وَ بِلاَ لوم قديسيِن فِى كُلّ أمور حياتنا فِى الشارِع فِى العمل فِى البيت لاَ يوجد فِى حياتنا إِنقسام نحنُ شخصيَّة واحدة فِى كُلّ مكان وَالقداسة أصبحت فِى دمِنا وَفِى صِفاتنا وَإِذا كانت شخصيتنا مُنقسِمة يكُون فِى حياتنا رِياء وَنحتاج إِلَى عِلاج بِدُون إِتحادنا بِالمسيِح القُدّوس لَنْ نرى القدُّوس وَلِكى نعرِفهُ وَنعيِش معهُ لابُد أنْ نكُون قديسيِن صعب أنْ تجعل إِنسان يذهب لِبلدٍ لاَ يعرِفها وَ لاَ يعرِف لُغتها بِالتأكيِد يتوه فِيها لِذلِك لابُد أنْ نكُون كُلّ يوم نأخُذ خطوة جدِيدة فِى القداسة ، وُكُلّ هذا مُسجل لنا فِى سِجل الخرُوف تخيّل ذلِك !!!
السَّماء تطلُب مِنك مواظبة على أُمور رُوحيَّة وَوسائِط رُوحيَّة وَ إِلاّ لَنْ تدخُلها وَالملائِكة تُسجِل لك صلواتك وَأصوامك وَجِهادك وَكَمْ عِشت وَكَمْ فعلت بِر لِذلِك لابُد أنْ نُتقِن عمل الفضيلة مادام الموسم موجُود فَلاَبُد أنْ نُتاجِر وَمادام الوقت جاهِد وَتُب وَحِب الله وَقدِّم لهُ أشواق وَأشواق لِكى يقُول لك [ تعالوا يا مُباركِي أبِي رِثُوا الملكُوتَ المُعدَّ لكُمْ مُنذُ تأسيِس العالمِ ] ( مت 25 : 34 ) ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
24 أكتوبر 2025
“شهد الحب”
”هل يدفعك الشوق والحب المقدَّس للمسيح إلى القراءة في الكتاب المقدَّس؟
إن كان ذلك فطوباك وإن لم يكن فما زلت بعيدًا عن الطريق“ (القمص بيشوي كامل)
«لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا. فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرَ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عب 4: 12 – 16) الكتاب المقدَّس شهد وزاد في الطريق الروحي لأنه:
هو كلام الله (رسالة الله وحديثه للإنسان).
هو موضع لقاء (مكان يلتقي فيه الإنسان مع الله).
هو تاريخ البشرية (حياة البشر على الأرض).
هو قانون الدينونة (دستور يوم الحساب الأخير).
لقد صار حب الله لك شهدًا في آيات الكتاب المقدَّس كما عبَّر داود النبي عنها قائلًا « أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ» (مز 19: 10) ولكي تشعر بأهمية الكتاب المقدَّس وضرورة وجوده، يلزم أن تجيب على هذه الأسئلة الثلاثة بالترتيب:
1 – هل ”تعي“ أهمية وجود الكتاب المقدَّس في الحياة البشرية؟
2 – هل لك ”اقتناع“ بضرورة قراءة الكتاب المقدَّس شخصيًّا؟
3 – هل لديك ”إيمان“ بقدرة الكتاب المقدَّس، وقوة تأثيره؟
فإذا جاءت إجابتك نعم على هذه الأسئلة الثلاثة فلِمَ لا تستفيد من هذه القوة وتستأثرها لصالحك؟!
يقول القديس إمبروسيوس [ نخاطب الله إذ نُصلِّي، ونَصْغَى إليه إذ نقرأ الكتاب المقدَّس] وهذه أمثلة:
داود النبي يقول «لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرِيعَتُكَ لَذَّتِي، لَهَلَكْتُ حِينَئِذٍ فِي مَذَلَّتِي» (مز 119: 92) الرهبان قديمًا كانوا يقرأون سفر المزامير كل يوم (الأجبية حاليًا) الكنيسة قديمًا كانت تقرأ الكتاب كله خلال أسبوع الآلام يوحنا الذهبي الفم كان يقرأ في رسائل بولس كل يوم الأنبا أبرآم صديق الفقراء كان يقرأ الكتاب كله كل 40 يومًا والسؤال الآن ما الذي يمنعني عن الاستفادة من الكتاب المقدَّس؟
سنحاول أيها القارئ الحبيب أن نحلِّل معًا بعض المشاكل والمُعوِّقات التي تعوِّق استفادتنا من الكتاب المقدَّس، وبنعمة المسيح نحاول أن نستعرض حلولًا لهذه العقبات.
1 – مشكلة الوقت:-
لعلك تقول ”مشغولياتي اليومية كثيرة ومتنوِّعة، مما يسبِّب ضيق شديد في الوقت، ولذلك لا أجد وقتًا للقراءة اليومية أو الدراسة وعادة أترك الأمر للظروف“.
أجيبك هذا مُعطِّل وهمي لكل العبادات الروحية، وهو عادة وسيلة يغطِّي بها الإنسان على كسله وتوانيه، فالذي يقول إنه ليس لديه وقت لقراءة الكتاب المقدَّس، يمكنه أن يقول بنفس المنطق أنه ليس لديه وقت يذهب فيه إلى الملكوت وإن لم تكن قراءة الإنجيل مستطاعة لديك، فأنت بذلك تجعل قلبك مسكنًا خاليًا وجاهزًا لسُكنى عدو الخير إذ لا يوجد فيه تأمل ولا قراءة ولا أفكار روحية ولا انشغال بالسماويات نصيحتي لك لا بد أن تجد وقتًا لنفسك ولكتابك المقدَّس اجمع فُتات الوقت الضائع في كل يوم وسوف تجده ليس بقليل فكِّر وحاول، وقطعًا سوف تجد وقتًا واعلم أن الله ليس مُحتاجًا إلى هذا الوقت الذي ستقرأ فيه بل أنت المحتاج إليه أولًا ودائمًا، كما نُصلِّي في القداس الإلهي (الغريغوري) [لم تكن أنتَ مُحتاجًا إلى عبوديتي، بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك] إليك ثلاث خطوات عملية للتغلُّب على مشكلة الوقت:-
1 – مشكلة الوقت:-
اختر وقتًا مناسبًا للقراءة: من أجمل فترات القراءة هي أول النهار، حيث تأخذ بركة تدوم اليوم كله البعض يختار وقت ما قبل النوم، وهذا وإن كان مناسبًا للبعض إلَّا أن وقت النوم عادة ما يكون الإنسان مرهقًا، ومن ثم تكون الاستفادة قليلة.
اختر وقتًا ثابتًا للقراءة: ابدأ على سبيل المثال بعشر دقائق تزداد تدريجيًّا ولا تربط هذا الوقت المُحدَّد بأي عادة أخرى (مثل القراءة قبل المذاكرة المسائية وعندما تبدأ الإجازات أو تنتهي فترة الدراسة لا يكون لقراءة الكتاب وقت ثابت)، بل اجعله عادة تتربَّى فيك.
اختر وقتًا كافيًا للقراءة: ضع دائمًا في قلبك أن تمتلئ روحيًّا وتشعر بمعيَّة الله من خلال قراءاتك.
2 – مشكلة الكم:-
لعلك تتساءل كم أصحاح أقرأ كل يوم؟ هل أكتفي بقراءة أصحاح واحد أن اثنين (أصحاح من كل عهد)؟ هل أُركِّز وأكتفي بجزء من أصحاح أو عدة آيات فقط؟
نصيحتي لك إن تحديد كم القراءة لا بُد أن يكون تبعًا لحالة الإنسان الروحية، وذلك تحت إرشاد أب الاعتراف ولكن للمبتدئين يُنصَح دائمًا بقراءة أصحاح من العهد القديم، وأصحاح من العهد الجديد كل يوم ويمكن قراءة الكتاب كُله في سنة بواقع أصحاحين من كل العهد القديم + أصحاح من العهد الجديد كل يوم وللمتقدِّمين على الطريق يمكنهم قراءة سفر (أو عدة أسفار صغيرة) كل شهر، وذلك من أجل التركيز ويمكن القراءة بحسب المناسبات الكنسية، مثلًا في أوقات الأصوام أقرأ من أسفار العهد القديم:
في صوم الميلاد أحد أسفار موسى الخمسة.
في الصوم الكبير أحد أسفار الأنبياء.
في صوم الرسل أحد الأسفار التاريخية.
في صوم العذراء أحد الأسفار الشعرية.
3 – مشكلة الكيف:-
لعلَّه في ذهنك ”كيف أقرأ الإنجيل؟ هل قراءته تختلف عن قراءة باقي الكتب؟ هل يستلزم ذلك وضعًا معينًا أو تهيئة معينة؟ هل أكتفي بالقراءة بالعين أم بصوت مسموع؟ هل أكتب الآيات التي تجذبني في نوتة خارجية، أم أكتفي بأن أضع تحتها خطًا في الكتاب المقدَّس؟.
نصيحتي لك أن تضع في قلبك دائمًا أن قراءة الكتاب المقدَّس هي للفهم والحياة بالقلب والفكر والإرادة والقدرة هي قراءة للفهم وليس للفحص أو المحاجاة أو الاستذكار. والمرتِّل يقول: «لِكُلِّ كَمَالٍ رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا» (مز 119: 96) فهم الكتاب المقدَّس ليس ذلك الفهم الذي يتأمل في جمال الكلمات ويشرح معانيها ولكنه الفهم النابع من الخبرة واختبار المسيح في ياتك. هذا الذي بدوره يتحوَّل إلى حياة، ويجعل للإنسان صلةً حيَّةً بالمسيح:
بالروح لأن هذا الكلام هو روح وحياة (يو 6: 36).
بخشوع اكشف عن عينيَّ أنت في حضرة الله.
باتضاع فأرى عجائب من شريعتك.
بإرشاد الروح القدس على فهمك لا تعتمد.
يُفضَّل أن تربط بين القراءة والكتابة في دراستك الكتابية مثل وضع عناوين جانبية لكل جزء تقرأه وضع خطوطًا تحت الآيات المختارة (يُفضَّل استخدام الألوان) كتابة الآيات المختارة في كراسات خاصة أو نوت صغيرة التعليق بتأملات وصلوات على هذه الآيات كتابة آية اليوم في كارت صغير يكون معك طول اليوم.
4 – مشكلة المداومة والاستمرار:-
لعلك أيضًا تتساءل أنا أقرأ الكتاب ولكن ليس كل يوم، أنا أواظب على القراءة وقت الدراسة أمَّا فترة الإجازة فتمر دون فتح الإنجيل فماذا أفعل؟
ضع في ذهنك أن نقطة الماء إذا نزلت بمداومة على صخرة، فإنها تحفر فيها مجرًى وطريقًا، وكلمة الله هي تلك القطرة التي بمداومة القراءة لا بد أن تحفر في قلبك طريقًا يُغيِّر من حياتك بجملتها، فالقراءة والفهم والمعرفة هي للعمل والسلوك قبل أن تكون للكلام والوعظ والأحاديث والتأملات فضلًا عن أن السبب الرئيسي للضعف الروحي والهزيمة المستمرة أمام الخطية يعود إلى إهمال كلمة الله، فالذي لا يداوم على قراءة كلمة الله تذبل حياته الروحية وتجف ويقع في خطايا عديدة ويُساق إلى الدينونة، كما يقول ذهبي الفم [إن علَّة جميع الشرور هي عدم معرفة الكتب المقدَّسة].
نصيحتي لك إن شعرت بصعوبة في المداومة والاستمرار على قراءة كلمة الله، أن ترتبط بمجموعة في القراءة والدراسة، فذلك يشجِّع كثيرًا على الاستمرار وعدم الإهمال، لأن فكرة درس الكتاب في مجموعات (10 – 12 فرد) تكون مشجِّعةً على الاستمرار.
5 – مشكلة الفهم والمعرفة:-
تتساءل أيضًا ”كثيرًا ما أقرأ ولا أفهم، وأحيانًا أستصعب الجزء الذي أقرأه، وهناك أجزاء من الكتاب المقدَّس لم أحاول التطرّق إليها، لأنني أسمع عن مدى صعوبتها بالإضافة إلى أني لا أفهمهما لماذا؟“.
أجيبك عزيزي القارئ إن السبب في ذل هو تقصيرنا أولًا وأخيرًا فهل تُصلي وتطلب من الرب قبل أن تقرأ؟ وإذا تعسَّر عليك أمر، هل تُصلِّي من أجله ليكشفه الرب لك؟ وهل تُعطي وقتًا كافيًا في الجزء الذي تقرأه؟ وهل تختار السفر المناسب لحالته الروحية والمناسبة الكنسية؟ وهل تستعين بقراءة التفاسير وسير الشخصيات الكتابية؟ وهل تستعين بالجداول والخرائط والأشكال التوضيحية التي تساعدك؟ وهل تسأل الآباء والإخوة فيما استعصى عليك؟
إليك بعض الكتب المساعدة لكَ في الفهم والمعرفة الكتاب المقدَّس بشواهد أو بالخلفيات التوضيحية قاموس الكتاب المقدَّس (كلمات أبجدية) أطلس الكتاب المقدَّس (آيات أبجدية) مُرشد الكتاب المقدَّس (مقدِّمات للأسفار) وتوجد تفاسير باللغة العربية كثيرة منها ما هو مرجعي ودراسي ومنها ما هو سهل ومختصر مثل الموسوعة الكنسية التي تصدرها كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة.
6 – مشكلة النمو والتقدُّم:-
أقرأ في الكتاب ولا أشعر بأي نمو في حياتي فخطاياي ما زالت كما هي أقرأ ولكنني سريعًا ما أنسى ما قرأته ماذا أفعل؟
يقول الله عن كلمته «اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ» (مت 24: 35)، وهذا معناه أن كلمة الله ذات مفعول حتمي ويوضِّح الرب قصده من كلمته فيقول: «هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِيمَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ» (إش 55: 11) على هذا الأساس فإن مجرَّد قراءة الكتاب هو قوة، وأيضًا كشف لطريق حياتي «سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي» (مز 119: 105) ولكي تشعر بنمو في حياتك الروحية:
حاول أن تحفظ بعض الأجزاء والآيات التي تفيدك في حياتك العملية خاصة وقت التجارب.
إذا جلست لمحاسبة نفسك، فافتح كتابك، واطلب من الله أن يكشف لك نفسك على ضوء كلمته.
ادرس الكتاب بحب، فهو رسالة الله لك أنت شخصيًّا قبل أن تقرأ صلِّ «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ»وامنحني نعمةً ونموًّا.
7 – مشكلة الاستخدام:-
بقي لك أن تسألني، فيم أستخدم معرفتي بالكتاب المقدَّس؟ ما هي الفائدة التي تعود عليَّ من قراءة الكتاب المقدَّس؟
إن أسوأ استخدام للكتاب المقدَّس هو أن نجعله مصدرًا لاقتباس الآيات وحسب إن الكتاب المقدَّس مرشد عملي لحياة الإنسان فهو يبني شخصية الإنسان ويُكوِّنها لأن مَنْ يقرأ عن أبطال الإيمان وسير حياتهم يصير كواحد منهم، تمامًا كمَنْ يقرأ عن الرياضيين فيصير واحدًا منهم إن هذه القراءة المقدسة تُكوِّن جزءًا كبيرًا من شخصية القارئ وتُقدِّس فيه المشاعر والمبادئ والصور هذه القراءة المقدسة تُقدِّس معارف الإنسان وتبني روحياته، وتساعده كثيرًا في الصلاة وسير حياتهم في خدمة الآخرين وتقديم الكلمة المعزية لهم في كل مناسبات الافتقاد ويجعل الإنسان في حضرة الله على الدوام يُعزِّي الإنسان في طريق الحياة في مختلف المواقف، ويجعل كلمة الله لا تفارق فمه، لأنها أحلى من الشهد.
أخيرًا أود أن أُقدِّم لك بعض التداريب الخاصة بقراءة الكتاب المقدَّس:
كتابة فصول قداسات الآحاد في كراسات خاصة مع تأملات حولها.
حفظ آيات على الحروف أو المواقف.
القراءة بهدف ”كعناية الله بالإنسان“ أو استخراج الصلوات الكتابية.
رسم الخرائط وتصميم الجداول والأشكال التوضيحية.
دراسة موضوع تحت عنوان: ”ماذا يقول الكتاب عن ؟“.
البحث الخاص أو المشترك مع بعض الإخوة والأصدقاء.
كل عمل تعمله يكون لك شاهد عليه من الكتب المقدَّسة.
سأتركك الآن عزيزي مع بعض الأقوال ”للقمص بيشوي كامل“ عن الكتاب المقدَّس:
دراسة الكتاب المقدَّس هي اشتياق للاستماع إلى الله.
دراسة الكتاب المقدَّس هي أقوى عامل للتوبة.
عليك أن تقيس قراءاتك بهذا الترمومتر لعلك تستطيع أن تُدرك هل أنت حار أم فاتر؟
إن الذي سيسهل لنا طريق الحب ويجعلنا ضمن جماعة المحبين لله هو الاستزادة المُتعطِّشة لكلمات الإنجيل.
الإنجيل هو كلمة الآب المقدَّمة لأبنائه. فكيف نستعذب قراءته إن لم نكتشف أبوَّة الله لنا؟!
كلمة الله تُليِّن القلب، وتُذيب قساوته، وتُعلِّم الاتضاع والمسكنة والتوبة والبحث عن خلاص النفس.
إهمال الكتاب المقدَّس كارثة للسائر في غُربة هذا العالم. إنه لا بُد أن يضلَّ الطريق.
وأخيرًا لا تنسَ أن السيد المسيح انتصر في التجربة على الجبل بآيات الكتاب المقدَّس وعلَّمنا أسلوب النصرة على محاربات عدو الخير «فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ» (في 1: 27).
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
23 أكتوبر 2025
بدعة يمبليخوس العيطوري
قام في النصف الثاني من القرن الثالث في خلقيس (مجدل عنجر) يمبلخوس العيطوري يدعو إلى الافلطونية الجديدة ويدافع عنها ويعطي الناحية الدينية في الافلاطونية الجديدة المقام الأول. وهو تلميذ بورفيريوس أخذ عنه في روما ودرس الرياضيات على اناتوليوس وعاد إلى وطنه الأصلي يعلم في اباميه وفي مجدل عنجر. فقال بصدور الموجودات بعضها عن بعض. ورأى أن افلوطين حين سمَّى الواحد الأوحد خيراً بالذات قيَّده بصفة فوضع فوقه واحداً غير معين ووضع بعده العالم المعقول فأصبح لديه "حدود" ثلاثة. وجعل العالم المعقول ثلاثة حدود أيضاً العقل والصانع وبينها القدرة الالهية. وجعل للعالم الاستدلالي ثلاث حدود أخرى الآب والقوة والفهم.
المزيد
22 أكتوبر 2025
الفِكْر الخاص
كثير من الناس يهوون نشر أفكارهم الخاصة، وتقديم هذه الأفكار كمبادئ روحية للناس، وكعقائد يجب الإيمان بها وكلما كانت هذه الأفكار جديدة وغير معروفة، يزيد هذا من سرورهم، ويفرحون إذا عرفوا شيئًا جديدًا يقدمونه للناس يجعلهم في نظرهم من أهل العلم والمعرفة!
وكلما كان هذا الجديد مختلفًا تمامًا عما يعرفه الناس ويعتقدونه، نرى هؤلاء المفكرين يفرحون بالأكثر، كما لو كانوا يحطمون مفاهيم عامة خاطئة، لكي يقيموا على أساسها الجيد السليم..!
وهذا الأمر إذا صلح في أي لون من ألوان المعرفة، فهو لا يصلح في العقيدة، التي لا تحطم إيمانًا قديمًا تبنى على أنقاضه إيمانًا جديدًا.
العقيدة كلما كان لها قدم، كانت أكثر رسوخًا والجديد في العقيدة قد يكون بدعة، إذا ما كان يحطم إيمانًا قديما مسلمًا لنا من الآباء لذلك فإن المعجبين بفكرهم الخاص، يحاولون بكافة الطرق أن يبحثوا له عن أصول قديمة تسنده.. وإن لم يجدوها، يختلقونها اختلاقًا!
هؤلاء لا يقرأون أقوال الآباء، لكي يفهموا فكرهم.. إنما يقرأون لكي يتصيدوا نصًا، أي نص، يسندهم يقتطعون هذا النص اقتطاعًا، فاصلين إياه عما قيل قبله، وعما قيل بعده، وعن المناسبة التي قيل فيها، وعن الفكر العام للأب الذي أخذوا عنه.. ويتخذون هذا الاقتباس وسيلة لإثبات فكرهم وقد توجد من كتابات القديس الذي نقلوا عنه، أقوال تناقض ما ينسبونه إليه إنهم لا يبحثون عن الحقيقة، إنما يبحثون عن إثبات لفكرهم، مهما كان هذا الإثبات مصطنعًا ومغلوطًا أما أنت أيها المبارك، ففي أمور العقيدة، لا تحاول أن تنشر فكرًا خاصًا، إنما أنشر عقيدة الكنيسة وكل فكر جديد يصل إلى مفاهيمك، لا تعرضه على الناس، إنما اعرضه على المسئولين في الكنيسة.. لإبداء رأيهم فيه، قبل نشره إن التعليم في الكنيسة ليس مجالًا لعرض الأفكار الشخصية، إنما هو مجال للتعليم الواحد الذي يستمد أصوله من التقليد الرسولي، بإيمان واحد للجميع.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
21 أكتوبر 2025
الرجل ذو اليد اليابسة
كان اليوم سبت والسيد المسيح قد دخل مجمع اليهود، والرجل يجلس في أحد الأركان، لم تلحظه سوى العيون المتربصة، عيون الفريسيين المترقبة، ينتظرون غلطة يعرفون أنها قادمة.. فيد الرجل اليمنى يابسة بلا حياة، والمعروف من خبرتهم في خلال ما يقرب من السنة أن السيد المسيح "يتحنن" على هؤلاء المرضى المُهملين، فبالتأكيد لن يعتبر للسبت، ولن يهتم بكسر هذه الوصية العظيمة من أجل هذا الرجل. لذا كانت عيونهم تتربص.. يتململون متعجلين فرصتهم في الايقاع به.الرجل.. لم يكن يرى فيهم سوى جماعتين مختلفتين: الفريسيون والكتبة، معروفون، خليط من الجدية والقسوة والغلاظة، أسرى الفروض والأحكام الدينية، أسرى الحروف والحدود! والجماعة الأخرى.. السيد المسيح وتلاميذه، فقراء بسطاء ولكنهم مازالوا يحملون قلوبًا إنسانية لحمية.وعندما طلب الرب يسوع من الرجل ذو اليد اليابسة أن يقف في الوسط (مرقس 3:3)، قام بهدوء ووقف، وهو يعلم أنه في مركز اختبار من نوع ما، مسابقة أو تحدٍ بين المجموعتين!وكسر الرب حالة الصمت بسؤال: «هَلْ يَحِلُّ فِي ٱلسَّبْتِ فِعْلُ ٱلْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ ٱلشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟» (مرقس٣: ٤)... ساد صمت!وكان هذا الصمت كالسكين الحاد يمزق كرامة الرجل ونفسيته، كان يتوقع أن يسارع أحدهم فيجيب: بالطبع يحل.. وهل يُجرَّم أحد إن تسبّب في شفاء وإنقاذ انسان؟... ولكن أحدًا لم يجب، بل صمتوا!وتغضّن وجهه من الحسرة، إذ لم يكن أحد من الفريسين أو الكتبة يعاني أيّة إعاقة أو عجز.. جميعهم أصحاء، فكيف سيشعرون بألمه أو يفهموا أمله الشديد منذ ناداه الرب يسوع! ولكن حتى ولو لم يختبروا العجز.. أما أمكنهم الشفقة؟!هل يحل فعل الشر في السبت إذًا؟ربما لهذا صمتوا، لأن جميعهم يفعلون الشر في السبت وغيره! فلا يوجد من لم يفعل الشر وإن كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض.. فهل يحلّلون الشر ويهلكون النفس لأنها طبيعة البشر، ويُحَرِّمون الخير وخلاص النفس لأنه كسر للوصية!وأكمل الرب يسوع بسؤال، ربما يستطاع أن يحرك تلك المياه الراكدة والعقول المتحجرة، منطقًا أو مشاعر. سألهم: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هَذَا فِي ٱلسَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟» (متى11: 12). وتعاظم الألم في قلب الرجل حينما ظل الصمت باقيًا، هل يرونه أقل من خروف؟ هل يستحق الحيوان الرأفة أكثر منه؟ أم أن للخروف ثمنًا بينما هو.. لا ثمن له!ونظر الرب حوله، ربما يجد أحدًا قد تحرك قلبه، أو تفاعل عقله مع المنطق الواضح.. لا حياة لعقول تقودها الحروف القاتلة! لا روح يحيي قلوبًا متحجرة قاسية! فنظر الرب يسوع إليهم بغضب حزينًا على غلاظة قلوبهم! وقال للرجل «مد يدك». فمدها وعادت صحيحة! (مرقس٣: ٥). لم يصدق الرجل أن الحياة تدب في اليد العاجزة، ونظر من حوله مذهولًا متوقعًا نظرات حمد أو فرحة أو.. ولم يجد سوى أنهم امتلأوا حمقًا وغيظًا.. لم يرَ أحدهم اليد تتحرك، ولكنهم رأوا فرصة النوال من الرب يسوع تتسرب من أيديهم!والسيد المسيح، وهو ابن الإنسان ورب السبت، يقول لنا كما لأولئك إن السبت قد وُضِع لأجل الإنسان، فلا يصح أن ينعكس الوضع وتصبح الوصية فرصة للدوس على رقاب المحتاجين والمتألمين.
ماريان إدوارد
المزيد
20 أكتوبر 2025
ثقل أذنية وأطمس عينيه
لما رأى إشعياء النبي الرب جالسا على كرسيه وأذياله تملأ الهيكل شعر بنجاسته، فطار واحد من السارافيم وبيده جمرة أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمه فانتزع إثمه وكفر عن خطيته. ثم
بعد ذلك سمع صوت الرب من أرسل؟
ومن يذهب من أجلنا؟»، فقال: «هأنذا أرسلني». والعجيب في إشعياء النبي أنه اندفع في غيرة الحب لقبول دعوة الرب دون أن يعرف مسبقا موضوع إرساليته وطبيعة الخدمة المطلوبة منه لكن يا للعجب !! فبعد قبوله التكليف بدأ الله يعلن له المطلوب منه في خدمته: «اذهب وقل لهذا الشعب: اسمعوا سمعا ولا تفهموا، وأبصروا إبصارا ولا تعرفوا، غلظ قلب هذا الشعب وتقل أذنيه واطمس عينيه، لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى» (إش 1: ٩-١٠). والأعجب من ذلك أن إشعياء النبي لم يناقش الرب في تلك الإرسالية العجيبة، بل سأله فقط إلى متى أيها السيد؟» (إش ١١:٦). أية إرسالية تلك التي يكلف فيها الرب خادمه الأمين أن يقوم بتغليظ قلب الشعب، وتثقيل أذنيه، وطمس عينيه؟ وكيف لهذا الخادم أن يقوم بذلك ومن المفترض فيه أن تكون رسالته رسالة خلاص؟ كيف للطبيب الذي يشفي القلوب والعينين والأذنين أن يغلظها ويطمسها ويثقلها ؟!!
في الحقيقة عمل النبي أو الرسول أو الخادم هو أن يعلن عن الحق والنور . وتختلف استجابة كل واحد بحسب ميول. قلبه فصاحب القلب الشرير يصير نور الحق الإلهي حارقا لعيني قلبه العليلة فيزداد عمى فوق عمى: من يونخ مستهزنا يكسب لنفسه هوانا، ومن ينذر شريرا يكسب عينا لا توبخ مستهزنا لئلا يبغضك. (أم ۹: ۷-۸). أما صاحب القلب المتواضع فإن عينيه تكونان مستعدتان للاستنارة بنعمة فوق نعمة: «أعط حكيما فيكون أوفر حكمة. علم صديقا فيزداد علما» (أم ٩:٩). هذا بعينه ما أعلنه السيد المسيح في قوله: وهذه هي الدينونة: أن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة، لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توسخ أعماله. وأما من يفعل الحق فيقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة» (يو ۳: ۱۹-۲۱).
يتضح من قول السيد المسيح هذا أن العلة الحقيقية في غلاظة القلب وعمى العينين وطمس الأذنين ليست فيما يعمله الله بواسطة خادمه، بل هي تكمن في عبارة لأن أعمالهم كانت شريرة». بالتالي، لا يحبطن أي خادم من خدام الله الأمناء؛ بل ليعلم أنه يوجد أناس كلما تواجهوا مع النور والحق كلما تقسي عماهم وصممهم وغلاظة قلوبهم بسبب تمسكهم بالشر ولا يكن هذا مدعاة للخادم للكلل، والملل والكف عن الشهادة للنور والحق، والكف عن محبة المقاومين بل ليكن متشبها بسيدة القائل: بسطت يدي طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره (إش (٢:٦٥).
نيافة الانبا يوسف مطران جنوب الولايات المتحدة الأمريكية
المزيد
19 أكتوبر 2025
الأحد الثاني من شهر بابه( لو ٥ :1-11 )
وإذ كان الجمع يزدحم عليه ليسمع كلمة الله كان واقفاً عند بحيرة جنيارت فرأى سفينتين واقفتين عند البحيرة والصيادون قد خرجوا منهما وغسلوا الشباك فدخل إحدى السفينتين التي كانت لسمعان وسأله أن يبعد قليلا عن البر ثم جلس وصار يعلم الجموع من السفينة ولما فرغ من الكلام قال لسمعان أبعد إلى العمق وألقوا شباككم للصيد فأجاب سمعان وقال له يا معلم قد تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً ولكن على كلمتك ألقى الشبكة ولما فعلوا ذلك أمسكوا سمكاً كثيراً جداً فصارت شبكتهم تتخرق فأشاروا إلى شركائهم الذين في السفينة الأخرى أن يأتوا ويساعدوهم فأتوا وملأوا السفينتين حتى أخذتا في الغرق فلما رأى سمعان بطرس ذلك خر عند ركبتي يسوع قائلا أخرج من سفينتى يا رب لانى رجل خاطيء إذ اعترته وجميع الذين معه دهشة على صيد السمك الذى أخذوه وكذلك أيضاً يعقوب ويوحنا إبنا زبدى اللذان كانا شريكي سمعان فقال يسوع لسمعان لا تخف من الآن تكون تصطاد الناس ولما جاءوا بالسفينتين إلى البر تركوا كل شيء وتبعوه.
معجزة صيد السمك
دخل احد السفينتين التي لسمعان
المسيح هو دائما الذى يبدأ الحركة نحونا ، وهو في غالب الأحيان يبدو كأنه محتاج إلينا مثلما رأيناه عطشان أمام السامرية وهو مزمع أن يروى عطشها ويفيض فيها ينابيع حياة وكما احتاج إلى الخمس خبزات وهو مزمع أن يشبع الخمسة آلاف رجل هكذا احتاج الرب إلى سفينة سمعان وهو مزمع أن يجعله صياداً يصطاد الناس ولكن يبدو واضحا أن سمعان بطرس كان مقدماً سفينته للرب بكل الرضى والسرور ،وإن كان لم يدرك القصد الإلهى لأول وهلة ولكن ليس مطلوب منا في مثل هذه الحالة سوى تقديم إمكانياتنا البسيطة وتسليمها في يد الرب وبعد أن علم الرب الجموع من السفينة قال لسمعان أدخل إلى العمق وألقوا شباككم للصيد هنا بعد أن ترضى النفس أن يدخل الرب يسوع إلى سفينتها يوجه الرب دعوته للنفس أن تدخل إلى العمق إذ نكون النفس قد تعبت ليلها دون أن تأخذ شيئا إنها دعوة الذين تعبوا في الصلاة وانتهوا من الصلاة دون أن يأخذوا شيئاً أدخل إلى العمق وقل" من الأعماق صرخت إليك يا رب" أدخل إلى العمق في الصلاة بالإنسحاق والدموع والتذلل والصوم انزل إلى الاعماق في كل كلمة ،وكل طلبة تعمق في مواعيد الله وفي روح الصلاة كن عميقاً في خشوعك و توبتك وكلماتك كثيراً ما بكت الرب شعبه قديماً "هذا الشعب يكرمني بشفتيه أما قلبه فيبتعد عنى" .دعوة للذين قضوا حياتهم في السطحيات ،والمظاهر الكاذبة أدخل إلى العمق لا تنظر إلى العينين ، بل إلى القلب.لا تكن سطحياً مثل الفريسيين الذين كانوا يهتمون بالشكل الخارجي وهم في أعماقهم مملوئين خبثاً وشراً نقى أولا داخل الكأس حينئذ يتطهر خارجها تعبنا الليل كله ولم تأخذ شيئا على ان خبرة سمعان هذه هي في حقيقتها تصلح أن تكون خبرة كل واحد فينا إسأل الذين اتكلوا على يقينية الغنى وسعوا وراء المال وأرادوا أن يكونوا أغنياء كيف سقطوا في تجربة وفخ وطعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة وأدركوا أن محبة المال أصل لكل الشرور وكأن لسانهم بعد السعى الطويل يقول تعبنا الليل كله ولم تأخذ شيئاً إسأل الذين جروا وراء الشهوات الجسدية وسهروا الليالى وقضوا العمر ،وسكبوا شبابهم لكى يشبعوا رغباتهم فيخبروك أنه باطل الأباطيل الكل باطل ،وقبض الريح ،ولا منفعة تحت الشمس وفى نهاية سعيهم يقولون ذات العبارة تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً . إسأل الذين ضيعوا عمرهم في طلب الكرامة ومديح الناس كيف رجعوا خائبين بعدما أكتشفوا أنه ليس من يمدحه الناس هو المزكي بل الذي مدحه من الله وبعدما سقطوا من النعمة لانهم كانوا يطلبون مجد الناس ، وأدركوا قول الرب نفسه مجداً من الناس لست أقبل ، فرجعوا يقولون تعبنا الليل كله ولم نأخذ شيئاً .وهكذا تصلح هذه لكل الذين يسعون جرياً وراء أباطيل العالم ويريدون أن يمتلكوا من فراغه .
على كلمتك القي الشبكة
فرق بين من يعمل من ذاته ،ومن يعمل على سند كلمة المسيح بوعد ورجاء وإيمان لتسكن ممارستنا لأعمالنا مسنودة بالكلمة أننا نعمل لأنه هو يبارك عملنا لأننا بدونه لا نقدر أن نعمل شيئاً وان لم يبنى الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون حينئذ إذا صادفنا نجاحاً عظيماً كصيد السمك فلا تنسب هذا لمقدرتنا ولا لجهدنا بل الله الذى يعطى ولكلمته القادرة أن تعمل في الضعف هنا نتعلم إنكار الذات وعدم الاعتــــداد بالامكانيات أو المهارات بل نمجد إلهنا في أعمالنا ونخبر بفضائل ذاك الذي تمجد في عجزنا وضعفنا .
اخرج من سفينتي يا رب فإني رجل خاطي
الأثر الأول والأعظم لعمل الله في حياتنا والمعجزات التي يصنعها معنا هو أننا نكتشف :
١ - أننا لخطاة
فالمواجهة مع الله تكشف خزينا وكسلنا و تقصيرنا وتهاوننا ،والمواجهة مع القدوس تطهر للحال نجاسات قلبنا فتصرخ و أنا ر جل خاطى بعكس ما يصنعه النجاح من غرور فإن أولاد الله يتحول نجاحهم إلى كثرة اتضاع ومسكنة وإحساس بالخطية وإعتراف أمام الله للتوبة .
٢ - عدم الاستحقاق
فلسنا نحسب أنفسنا أهلا أن نكون خدام للمسيح ولا أن يدخل سفينتنا ،ولا أن يبارك صيدنا هذا الشعور صاحب القديسين في الكنيسة في كل الاجيال " لسنا كفاه من أنفسنا " أنا أصغر جميع الرسل الخطاة الذين أولهم أنها لست مستحق أن أدعى رسولا ، " مهما فعلتم كل البر قولوا أننا عبيد بطالون" أحذر أيها الحبيب أن تفقد الشعور بعدم الإستحقاق لئلا تسقط مع الشيطان .
صياد الناس
هنا نكتشف قصد المسيح الذي بدأ بدخول سفينة سمعان ثم بصيد السمك المسيح يريد سمعان نفسه يريد أن يعمل به عملا عظيماً يا سمعان من الآن أنت رائحة المسيح الذكية لجميع الناس یا سمعان الكلمة الإلهية في فمك هي صنارة عقلية تصيد بها النفوس بقوة وتجذبهم من بحر العالم إلى حظيرة المسيح ،وتشهد لعمل نعمة الله يا سمعان بدل قوتك الجسدية التي لا تزول لتخدم لا بالجسد بل بالروح الذي يتجدد في داخلك يوماً فيوم لا يعرف التعب ولا الملل
تركه كل شيء و تبعه
الآن لم يعد سمعان يرتبك بأمور هذه الحياة لكي يرضى من جنده كانت كثرة السمك تربك سمعان جداً ،وتدخل إلى نفسه الغرور وشرور كثيرة ولكن الآن كثرة السمك لن تحول نظره عن شخص الرب يسوع لنراجع أنفسنا هل تركنا كل شيء ؟ هل نتبعه أم مازالت أموالنا وأملاكنا وربما وظائفنا أو للأسف ربما لعبنا ونزهتنا أو أقل من هذه الأمور تجذب إنتباهنا وتربك عقلنا عن تبعية يسوع في الصلاة أو حضور القداسات أو فى البذل أو حتى في مجرد الوجود معه لا تجعل شيء يعوق مسيرتك خلفه بل اختبر ما قاله القديس أغسطينوس " وضعت قدمى على قمة هذا العالم عندما أصبحت لا أخاف شيء ولا أشتهي شيء" .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
18 أكتوبر 2025
معرفة الله
أتكلّم معكُمْ اليوم فِى موضُوع أشعُر أنّنا نحتاج إِليهِ جِدّاً وَلابُد بِنعمِة ربِنا أنْ يكُون فِى حياتنا معرِفة لِهذا الأمر وَهُوَ " معرِفة الله " أُرِيد أنْ أُكلّمكُمْ عَنْ معرِفة الله ، وَلابُد كُلّ واحِد يسأل نَفْسَه وَيقُول " يارب ياترى أعرفك أم لاَ ؟! وَلِكى أعرفك فبِماذا أشعُر ؟ وَما هى الخطوات لِمعرِفتك ؟ " فيوجد ناس يقُولُون أنّ ربِنا هُوَ قوة خفيَّة تحكُم الكُون ، وَآخر يقُول ربِنا غير موجُود ، وَواحِد يقُول إِنْ كان ربِنا موجُود إِقنعنِى ، وَلِكى أنا ألمِس وجُود ربِنا فِى حياتِى كيف يكُونُ ذلِك ؟ فَمَنَ هُوَ الله بِالنسبة لِى ؟
فالكنيسة مثلاً عِندما تُحِب أنْ تتكلّم عَنْ ربِنا يسُوعَ تقُول [ ربِنا وَإِلهنا وَمُخلِّصُنا يسُوع المسيِح ] ، فالمفرُوض أنْ نعرِفهُ كفادِى وَكمُخلِّص وَكرفيِق عُمرنا ، لابُد أنْ أعرِف أنّ قصتِى مَعْ ربِنا لَمْ تبدأ فقط عِندما وُلِدت وَلكِنْ قبل أنْ أُولد وَهى لَمْ تنتهِى وَستستمِر إِلَى الأبديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ كما إِختارنا فِيهِ قبل تأسيِس العالم ] ( أف 1 : 4 ) ، فقبل أنْ أُولد هُوَ عارفنِى ، وَقَدْ إِختارنِى ، وَعِندما إِختارنِى وجدت أنّ حياتِى تمتد معهُ إِلَى الملكُوت الأبدِى ، وَلِكى نختصِر الكلام وَنرّكِز توجد أربعة مراحِل لِمعرِفة الله :-
1- المعرِفة العقليَّة :-
ياترى هل أنا عِندِى معرِفة عنك بِعقلِى ؟ هل عقلِى بِيرشدنِى إِليك ؟ أنا مُمكِن لاَ يكُون عِندِى إِيمان بِالله وَلكِنْ عقلِى بِيرشدنِى لِمعرِفة الله ، فمُجرّد الإِنسان ينظُر لِلعالم وَالمخلُوقات وَالموجُودات يُؤمِن أنّهُ يوجد إِله ، فلو نظر نظرة مُحايدة كيف يسيِر هذا الكُون فإِنّهُ يقُول بِالحقيقة يوجد إِله فاليونانيين مجموعة فلاسِفة ، مُعلّمِنا بولس الرسُول إِبتدأ يقُول لهُمْ كيف تكُونُون حُكماء وَ لاَ تعرِفُوا ربِنا !! ففِى رِسالتهُ لِرومية يقُول [ إِذْ معرِفةُ اللهِ ظاهِرةٌ فِيهُمْ لأِنَّ اللهَ أظهرها لهُمْ0لأِنَّ أُمُورهُ غير المنظُورةِ تُرَى مُنذُ خلقِ العالمِ مُدركةً بِالمصنُوعاتِ قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ وَلاَهُوتهُ حتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ ] ( رو 1 : 19 – 20 ) فأنا الآن لاَ أعرِف ربِنا وَلكِنْ أنا مُمكِن أموره غير المنظُورة أُدرِكُها بِالمصنُوعات التَّى صنعها ، فبِمُجرَّد أنْ أنظُر لِلشمسِ وَلِلكواكِب وَالنِجُوم ، مِنْ خِلالِها أُدرِك الله وَ " السَّرمَدِيَّةَ " أىَّ أزلِى أبدِى ، فقُدرة الله مُدركة بِالمصنُوعات قُدرتهُ السَّرمَدِيَّةَ حتَّى أنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ يُرِيد أنْ يقُول أنت لاَ تعرِف ربِنا فأنظُر لِلعالم ، أُنظُر لهُ كيف يسيِر ، أُنظُر لِلتكوينات المجموعات الشَّمسيَّة ، أُنظُر لِلكواكِب كيف تسيِر ، أُنظُر لِلبحرِ وَسُلطان ربِنا عليه ، المفرُوض أنْ أؤمِن بِوجوده مِنْ خِلال المصنُوعات ، وَأنْ أعرِفهُ بِعقلِى ، فعقلِى إِبتدأ يُشيِر أنّهُ يوجد إِله ضابِط الكُل ، الّذى صنع الزِرُوع وَالشَّمس ، أُنظُروا لأنواع النباتات ، أُنظُروا لأنواع الزِهُورفعقلِى هُوَ الّذى سيوصلنِى لِربِنا ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى قصد الله أنْ يخلِق للإِنسان عقل هُوَ أنْ يوصّله لِربِنا ، وَأنْ يعبُد ربِنا بِهِ ، فقصد الله مِنْ عقل الإِنسان هُوَ أنْ يعرِفه بِالعقل الإِنسان عِندما يرى الله بِالمعرِفة العقليَّة هذِهِ يظِل يُمّجِد ربِنا ، وَعِندما نرى مُكّوِنات الجو وَكَمْ أنَّها ضروريَّة لِحياة الإِنسان ، فَخَلاَيا الإِنسان لاَ تشتغل إِلاّ بِالأوكسُجين مُخ الإِنسان العامِل الأساسِى لِتنشيطه هُوَ الأوكسُجين ، وَبِذلِك فإِنّ الله أعطى لنا الأوكسُجين فِى الجو لِكى يشّغل أجهزتنا ، فكُل مُكّوِنات الجو ضروريَّة أُنظروا لِلماء فإِنّهُ ضرورِى للإِنسان ، وَمِنْ العجائِب الشديدة جِدّاً لو عرفتِى مُكّوِنات الماء فقط ، فمِنها ما هُوَ سام ، وَمِنها ما يُساعِد على الإِشتعال ، فهى مُكّوِنات عجيبة فأنا لو لَمْ أستطع أنْ أصِل لِربِنا فمُمكِن أنْ أصِل إِليه بِالمعرِفة العقليَّة فكُون أنّ ربِنا يسُوعَ فدانِى وَخلّصنِى فكُل هذا يحتاج إِلَى معرِفة عقليَّة ، ففِى مرَّة قُلت لِلشباب تعالوا نفّكر فِى بدائِل لِلتجسُّد ، فإِنّ الله قال لآدم [ 000يوم تأكُلُ مِنها موتاً تموت ] ( تك 2 : 17 ) ، وَفِعلاً آدم أكل ، فإِنْ موِّت آدم وَخلق إِنسان جدِيد وَهذا الإِنسان خالف ربِنا فإِنّهُ سيُميتهُ وَيخلِق إِنسان آخر ، وَبِذلِك سيستمِر الأمر هكذا فكان رأى آخر أنّ ربِنا يسامِح آدم وَ لاَ ينّفِذ العقُوبة ، فإِنّهُ بِذلِك لاَ يوجد عدل عِند الله ، وَكلام ربِنا يكُون غير صادِق وَكان يوجد رأى آخر هُوَ أنّ الله كان يخلِق آدم مِنْ النوع الّذى لاَ يُخطِىء وَيكُون مُصّير لِلبِر ، وَعِندما يقُول لهُ الله لاَ تأكُل فإِنّهُ لاَ يأكُل ، وَلكِنْ عِندما يُحِب أنْ يُكافِىء آدم بِمُكافئة على شيء ، فإِنّهُ لاَ يستحِق المُكافأة صدِّقُونِى سوف لاَ تجِدوا أجمل وَأروع مِمَّا فعلهُ ربِنا معنا ، وَهُوَ أنْ يُعطينِى مِنْ السقطة قِيام ، وَفِى نَفْسَ الوقت حُكم العقُوبة يُنّفذ ، وَكُلّ يوم ربّ المجد يسُوعَ بِيُذبح على المذبح ، وَكُلّ خطيَّة أعترِف بِها أمام المذبح أُنظُروا لِروعِة تدبيِر الله ، فَلاَبُد أنْ أعرِف أنّ ربِنا يسُوعَ هُوَ إِبن الله وَتجسّد ، كُلّ هذِهِ أُمور عقليَّة ، وَلِذلِك فإِنّ بِدايِة معرِفة الله هى معرِفة عقليَّة ، لابُد أنْ أعرِف أنّهُ توجد معرِفة لله بِعقلِى وَفِكرِى ، فياترى أنا عقلِى فِعلاً بِيقدِّمنِى فِى معرِفة ربِنا ، مُهِم جِدّاً أنْ يكُون عقلِى خادِم فِى معرِفة ربِنا 0
2- المعرِفة الوجدانيَّة :-
وَهى معرِفة القلب وَالمشاعِر ، معرِفة العواطِف ، أنا أُعطِى لهُ فِكرِى وَمشاعرِى وَأُعطِى لهُ إِتجاهات محّبتِى ، لأنِّى عرفت أنّهُ صنع العالم هذا كُلّهُ مِنْ أجلِى وَهُوَ عمل لِى البحر وَعمل لِى الماء ، فالمفرُوض إِنِّى أُبادِلهُ حُب بِحُب ، ألَمْ أعترِف بِفضلِةِ علىَّ وَأقُول لهُ [ يا لِعظم حُبَّك أقمت السَّماء لِى سقفاً ، وَثّبت لِى الأرض لأِمشِى عليها ، مِنْ أجلِى ألجمت البحر] ( مِنْ القُدّاس الغرِيغورِى ) تخيّلوا أنّ البحر لو لَمْ يكُنْ ربِنا قَدْ ألجمه فإِنّهُ كان بِإِستمرار سيدخُل على بلد ، وَيدخُل على النَّاس ، أليست كُلّ صنائِع الله تحتاج أنْ تأخُذ مِنِى إِهتمام ، وَأنْ أقُول لهُ [ أشكُرك ياإِلهِى ، وَتشكُرك عنِّى ملائِكتك وَخليقتك جميعاً لأِنِّى عاجِز عَنْ القيام بِحمدِك كما يستحِق حُبُك ] ( قسمة للإِبن سنوِى ) فالمعرِفة الوجدانيَّة هى التَّى تجعل الإِنسان فِكره يتقدّس ، وَيذكُر حضُور الله ، تعتقِدِى هذا الإِنسان تكُون أفكاره غير مُقدِّسة ؟! بِالتأكيِد لاَ ، فإِنْ كان الإِنسان بِمُجرّد أنّهُ ينظُر لِشجرة فإِنّهُ يُمّجِد ربِنا ، عِندما أرى حشرة أقُول لهُ ما أعظم أعمالك الإِنسان ياأحِبَّائِى الّذى عقله يُمّجِد ربِنا مِنْ المصنُوعات ، يشكُر ربِنا وَيُمّجِد وَيُسّبِح ، وَأقُول لهُ أنت عظيِم ، أنت جبَّار ، مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ الله الّذى أعبُدُهُ بِرُوحِى ] ( رو 1 : 9 ) فصليِب ربِنا يسُوعَ وَفِداؤه يجعل وجدان الإِنسان يذوب فِى محّبتِهِ ، فيوجد مُلحِديِن لَمْ يحتمِلُوا أنْ ينظُروا لِربِنا يسُوعَ المصلُوب ، فيقُولُوا مُستحيِل أنّ هذا إِنسان ، هذا إِله ، مُجرّد رؤية صليبه جعلت ناس تؤمِن بِهِ فأنا عرفتهُ بِالمعرِفة العقليَّة ، فالمفرُوض أنْ أعرِفهُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة وَأتحِد بِهِ وَأمتزِج بِهِ ، فالبِنت التَّى مشاعِرها مُقدّسة نحو ربِنا لاَ تقُول أنا قابِلت فُلان وَإِستلطفتهُ ، فهى غير مُشبَعَةَ ، فهى لو كانت مُشبعة وَكيانها تقدّس تكُون راسِخة رسُوخ الجِبال ، وَتكُون مُشبعة ، وَمحبِّة ربِنا تكُون فِى داخِل قلبِها وَقَدْ ملكت عليها ، صدِّقُونِى كلِمة " ملكت " هى كلِمة ضعيِفة ، فالإِنسان عِندما تملُك محبِّة ربِنا على قلبه يحِس أنّ حياته عِبارة عَنْ مُناجاة بينه وَبين ربِنا بِإِستمراروَالكنيسة واعية جعلت لنا تسابيِح وَتماجيِد بحيث تجعل مشاعرِى بِإِستمرار مُتحرِّكة وَمرفُوعة نحو ربِنا بِإِستمرار ، وَتجعلنِى فِى شرِكة مَعْ السَّمائيين ، إِحضرى تسبِحة فإِنَّكِ ستشعُرِى أنَّكِ خرجتِى مُقدّسة ، وَالمشاعِر العميقة لِلإِنسان تقدّست أبونا بيشُوى كامِل تعرّض لِعمليات جِراحيَّة ، وَعِندما يعمِلُوا لهُ العمليَّة كانُوا يُعطوا لهُ بِنج وَيُخرِج الّذى فِى داخِلهُ ، وَأثناء ذلِك كان يقُول القُدّاس ، ففِى مرَّة عمل تمجيِد كامِل لِلسِت العدرا بِكُلّ الألحان الخاصَّة بِالعدرا ، وَخين إِفران وَالمدِيحة ، فهُوَ الباطِن عِندهُ مُقدّس ، وَفِى مرَّة أُخرى صلّى القُدّاس بِالنغمة فأنا وُجدانِى ماذا يكُون ؟ فلو كشفنا الغطاء فماذا سيكُون فِى داخِلهُ ، فهل مشاعرِى مُتحرِّكة بِإِستمرار نحو الله ؟ على كُلّ واحِد يُرِيد أنْ يتحرّك نحو ربِنا لابُد أنْ تكُون مشاعره دافِئة نحو ربِنا ، المفرُوض أنْ تكُون مشاعره بِإِستمرار مُوّجه نحو ربِنا القديس أُوغسطينُوس جلس يُعاتِب نَفْسَه وَيلُوم نَفْسَه على غباؤه لِعدم معرِفته بِربِنا وَقال [ لقد تأخّرت كثيراً فِى حُبِكَ ] ، أنا آسِف ، أنا ضيّعت عُمرِى كثيراً أُدخُلِى مَعْ الله فِى عِلاقة وجدانيَّة ، إِعرفِى كيف تدخُلِى معهُ فِى عِلاقة وجدانيَّة يابنتِى لأِنّ كُلّ يوم لاَ تعرِفِى فِيهِ ربِنا هُوَ خِسارة مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ الّذى وَإِنْ لَمْ تروهُ تُحِبُّونهُ ] ( 1 بط 1 : 8 ) ، الإِنسان الّذى كيانه تقدّس بِربِنا بكُون فرحان بِربِنا بِبساطة وَبِتلقائيَّة وَوُجدانه تقدّس فأكثر واحِد عرف ربِنا بعد القيامة وَقال هُوَ الرّبّ وَآمن بِقيامتِهِ وَتلامس معهُ بِقُرب هُوَ يُوحنا الحبيِب ، الّذى إِتكأ على صدرهِ وَعرفةُ بِالمعرِفة الوجدانيَّة ، فَمَنَ هُوَ الّذى مُجرّد أنْ رأى آمن ؟ هُوَ يُوحنا الحبيِب المعرِفة الوجدانيَّة تُسّهِل علينا طُرُق كثيرة ، مُجرّد إِنِّى أتكِأ على صدرِهِ أعرِفةُ فعِندما أعرِف ربِنا بِعقلِى وَبِوجدانِى أعرِف أميِّزه ففِى عصر الرُسُل كان يوجد ناس تظاهروا أنّهُمْ رُسُل ، فحاولوا أنْ يُخرِجُوا شيَّاطيِن مِثل الرُسُل ، فالشيَّاطيِن سألوهُمْ مَنَ أنتُمْ ؟ فقالُوا لهُمْ نحنُ نتبع بولس ، فقال لهُمْ الشيَّاطيِن أنتُمْ لستُمْ تبعهُ ، وَقالُوا [ أمَّا يسُوعُ فأنا أعرِفهُ وَبُولُس أنا أعلمهُ وَأمَّا أنتُمْ فَمَنْ أنتُمْ ] ( أع 19 : 15 ) ، إِنْ كانت الشيَّاطيِن تعرِفهُ ، ألاَ يليِق أنّنا نحنُ نعرِفهُ !! فأنا إِبنك.
3- المعرِفة الإِختباريَّة :-
وَهى جميلة جِدّاً ، فَلاَ يكفِى أنْ أعرِف ربِنا بِعقلِى وَ لاّ بِقلبِى وَلكِنْ هى معرِفة إِختباريَّة ، لابُد أنْ أختبِر وجوده فِى حياتِى ، لابُد أنْ أشعُر بِوجوده فِى حياتِى ، وَأنّهُ حىّ فِى حياتِى ، وَأشعُر بِإِحتضانه لىّ ، وَبِأنّهُ كيان حىّ فِى حياتِى ، صعب جِدّاً أنْ تكُون معرِفتنا لله ظاهِريَّة فقط فأحد القديسين يقُول [ إِنّ الكلام عَنْ العسل شيء وَمذاقِة العسل شيء آخر ] ، فهل إِختبرتِى ربِنا أم لاَ ؟ وَهل شعرتِى بِنُوره فِى حياتِك أم لاَ ؟ لابُد أنْ تعرِفِى نُور ربِنا ، فهل دخل فِى داخِل قلبِك عِندما قرأتِ الإِنجيِل أم لاَ ؟ فهل أحياناً وبّخِك على خطيَّة أم لاَ ؟ هل كثيراً سندِك وَشجّعِكَ أم لاَ ؟ نحنُ مُحتاجيِن لِهذا الأمر كثيراً فهل أنا فِى حياتِى إِختبرتهُ ؟ وَهل عِندما تُبتِى وَإِعترفتِى شعرتِى بِكُلّ أمانة وِبِكُلّ صِدق أنّ خطيتك هذِهِ غُفِرت أم لاَ ؟ فأنا لابُد أنْ ألمِس ربِنا فِى حياتِى ، فهل سيظِل مُجرّد معلُومات ، فهل سأظل أنّهُ موجُود فِى غيرِى فقط وَأنا لاَ ؟ فَلاَبُد أنّ الّذى شعرُوا بِهِ نحنُ نشعُر بِهِ أيضاً ، معرِفة إِختباريَّة ، فهل صوت ربِنا الّذى تسمعيه بِتتجاوبِى معهُ ؟ كُلّ هذِهِ هى أُمور ضروريَّة أجمل ما فِى حياة الإِنسان هُوَ أنْ يتغيّر ، المقياس الحقيقِى لِحياتك الرُّوحيَّة هُوَ أنَّكِ تتغيّرِى ، فهل أنتِ مازِلتِ إِنسانة مُتكّبِرة وَالشهوة مسيطرة عليكِ أم لاَ ؟ وَهل بِتتذّوقِى النِعمة فِى حياتِك ؟ فهذِهِ مُهِمَّة جِدّاً إِنْ أنا أشعُر إِنِّى تغيّرت القديس أُوغسطينُوس عِندما أتت إِليهِ السِت التَّى كانت تفعل معهُ الخطيَّة قال لها[ أنتِ هُوَ أنتِ ، وَلكِنْ أنا لستُ أنا ، أُوغسطينُوس الّذى تعرِفينهُ قَدْ مات ] ، أجمل إِختبار هُوَ الّذى تعيشِنهُ فِى حياتِك وَليس الّذى تسمعيه عَنْ غيرِك ، لقد سمعتِى كِفاية مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ الّذى أحّبنِى وَأسلم نَفْسَهُ لأِجلِى ] ( غل 2 : 20 ) ، فيوجد تغيُّر لابُد أنْ يحدُث فِى حياتِى الشخصيَّة ، فيوم أنّ ربِنا مَلَكَ على قلبِى بدِّل كُلّ شيء ، ربِنا عِندما يدخُل يُقّدِس المشاعِر وَيُقّدِس القلب وَيُغيِّر ، أُسجُدِى لِربِنا بِالرُّوح وَالحق ،وَأحنِى رأسِك وَأحنِى رغباتِك ، لابُد أنْ تكُون معرِفتِى بِربِنا معرِفة إِختباريَّة ، كِفاية معرِفة نظريَّة فما هُوَ دليِل حُبَّك لِربِنا ؟ ماذا فعلتِ مِنْ أجله ؟ فلو قُلت لكِ صلِّى فهل تفضّلِى الراحة؟ وَلو قُلت لكِ إِعطِى ، فهل ستُعطِى القليِل ؟ أين هى محبِّة ربِنا ؟ محبِّة جسده وَدمه جعلتِك لاَ تستطيعِى أنْ تبعِدِى عنهُ أُنظُروا لِواحِد مِثل الأنبا أنطونيُوس ، لقد إِختبر محبِّة ربِنا ، وَكَمْ أنّهُ إِختبار وَقوّة وَسُلطان ، فأنا محتاج أنْ أذُوق ربِنا فِى حياتِى كغافِر كرافِع كصديِق كُمنقِذ مُعلّمِنا داوُد النبِى يقُول [ كُنتُ فتىً وَقَدْ شِختُ وَلَمْ أرَ صَدِّيقاً تُخُلِّى عنهُ ]( مز 37 : 25 ) ، خِبره ، الإِنسان مُحتاج أنْ يكُون لهُ مذاقة مَعْ ربِنا مُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كُنتُمْ قَدْ ذُقتُمْ أنّ الرّبَّ صالِحٌ ] ( 1 بط 2 : 3 ) فهل تعلموا أكثر شيء يعرّفنا أنّ الرّبّ صالِح أنّهُ ساكِت علىَّ ، وَأنّهُ ساتِر علىَّ ، فأنت يارب لو مِش صالِح لكُنت قَدْ أفنيتنِى ، كونِى إِنِّى دنِس وَأنت ساكِت علىَّ فهذا يدُل على أنَّك صالِح ، فأكبر دليِل أنّهُ صالِح أنّهُ غافِر لِخطاياى ، فهل إِختبرتِى صلاح الله أم لاَ ؟ ألَمْ يليِق أنّ الإِنسان يجلِس وَيُمّجِد الله على صلاحه ، وَيقُول لهُ أنت صالِح ، الكنيسة تقُول [ سبِحوه لأنّ إِلَى الأبد رحمتهُ ].
4- المعرِفة الإِتحاديَّة :-
وَأخِر نوع مِنْ المعرِفة هُوَ المعرِفة الإِتحاديَّة ، ما هُوَ غرض الله وَقصد الله مِنْ خِلقة الإِنسان؟ الإِتحاد بِهِ ، فَلَمْ يوجد عِندهُ هدف آخر غير ذلِك ، فأنا لمّا عرفته وَأحببته وَإِختبرته فَلاَ يكُون عِندِى رغبة إِلاّ محبّتِهُ ، فأقُول لهُ أنا يارب أُريِدك أنْ نكُون أنا وَ أنت شيء واحِد لاَ أُريِدك أنْ تفرّقنِى عنك ، وَ لاَ أشعُر أنّهُ يوجد شيء يجعلنِى أنفصِل عنك أبداً فإِنْ لَمْ تشعُرِى أنَّكِ أنتِ وَالله فقط فِى هذا الكُون فأنتِ بعيدة عَنْ الراحة إِتحادِى بِربِنا سيجعلنِى أشعُر إِنْ أنا وَإِلهِى فقط الموجوديِن فِى الكُون ، فَلاَ يربكنِى وجُود النَّاس ، وَلِذلِك ربّ المجد يسُوعَ فِى صلانه الوداعيَّة فِى يُوحنا 17 قال [ وَأكُونَ أنا فِيهُمْ ] ( يو 17 : 26 ) ، أولادِى هؤلاء أكُون فِى داخِلهُمْ ، [ لِيكُونُوا مُكمَّليِنَ إِلَى واحِدٍ ] ( يو 17 : 23 ) فهل تعلموا إِتحاد الآب وَالإِبن وَالرُّوح القُدس هُوَ إِتحاد لاَ ينفصِل ، تخيّلُوا إِنِّى أكُون مُتحِد بِهِ مِثل إِتحاد الثالُوث القُدُّوس ، وَهُوَ أنْ أكُون فِى داخِل ربِنا وَهُوَ فِى داخِلِى كان فِى مرَّة أحد الآباء الأساقِفة كان يُكلّمنا وَأحضر كوب ماء وَغطاء وَأدخل الغطاء فِى كوب الماء فحدث أنّ الغطاء أصبح شكله كبيِر ، وَعِندما أخرجه صار شكله صغيِر فماذا حدث لِلغطاء ؟ فقال لنا أنا فِى داخِل المسيِح أكبر وَبتحّول إِلَى شخص جدِيد فعِندما إِتحدت بِالمسيِح أخذت إِمكانيات إِلهيَّة ، فصِرت أسامِح ، المُشكِلة إِنِّى بحاوِل أنْ أنّفِذ الوصيَّة خارِج المسيِح ، وَلكِنْ أنا داخِل المسيِح قوِى وَقادِر فأنتِ لو إِتحدتِ بِالمسيِح ستكُونِى واحدة جديدة ، أضيِفِى إِليكِ المسيِح إِمكانيات إِلهيَّة ستأخُذِينها ، ستأخُذِى طهارتهُ ، ستأخُذِى محّبتهُ ، تخيّلِى إِنِّى أنا أكُون فِى داخِل ربِنا أكُون جبّار ، وَعِندما أخرُج أقُول لهُ يارب سأغرق ، فألجأ لهُ وَأحتضِنه ، هذِهِ هى المحبَّة الإِتحاديَّة مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول فِى رِسالتهُ إِلَى العبرانيين[ طرِيقاً كَرَّسَهُ لنا حَدِيثاً حَيّاً بِالحِجابِ أىْ جَسَدِهِ ] ( عب 10 : 20 ) كرَّسهُ لنا طرِيق جدِيد لِلقداسة هُوَ جسدهُ ، فعِندما إِتحدت بِهِ عرفت القداسة ، وَلِذلِك إِتحادِى بِالمسيِح هُوَ تركهُ لنا على المذبح وَلِذلِك نجِد القديس أبو مقَّار إِسمه " اللابِس الرُّوح " ، وَالقديس غرِيغوريُوس " الناطِق بِالإِلهيَّات " ، وَصار الإِنسان عِنده الإِمكانيَّة لِلإِتحاد بِالله لِدرجِة أنّ مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُوا [ وَأمَّا نحنُ فلنا فِكرُ المسيِحِ ] ( 1 كو 2 : 16 ) ، وَمُعلّمِنا بُطرُس الرسُول يقُول [ إِنْ كان يتكلَّمُ أحدٌ فكأقوالِ اللهِ ] ( 1 بط 4 : 11 ) فيكُون فِكرِى هُوَ فِكره ، وَفمِى هُوَ فمه ، وَأعمالِى مُستتِرة فِيهِ ، كُلّ هذا بِالإِتِحاد بِهِ ، وَإِنْ أنا وَحبيبِى فقط ، وَلِذلِك يُمّثِل هذا الإِتحاد بِإِتحاد الزوج بِزوجتهُ ، وَإِتحاد العرِيس بِعروستهُ ، إِتحاد لاَ ينفصِل ، صدِّقُونِى ياأحِبَّائِى النَفْسَ التَّى إِتحدت بِربِنا الكلام الّذى يقولهُ العُشَّاق تقُول أكثر مِنهُ القديس أُوغسطينُوس يقُول فِى معرِفته الإِتحاديَّة بِربِنا شعر أنّهُ هُوَ وَربِنا كُتلة واحدة ، فكان يقُول لِربِنا [ أنت تحتضِن وجُودِى بِرعايتك ، تسهر علىَّ وَكأنِّى أنا وحدِى موضُوع حُبَّك وَكأنّ لاَ يوجد غيرِى أنا الّذى تُعطينِى الحُب ] ، ثُمّ يختِم الكلام وَيقُول[ ليتنِى أُحِبُّك ياإِلهِى كما أحببتنِى أنت ] ياليت محّبتنا لِربِنا تكُون ظاهِرة فِى حياتنا فنصِل إِلَى قامِة مِلء المسيِح ، ربِنا يُعطِينا أنْ نُحِبّهُ مِنْ القلب ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
17 أكتوبر 2025
“إشراقة نور الحب”
[إن الحرية قد تجعل الإنسان حرًّا من الناس، ولكن المحبة تجعل الإنسان صديقًا لله](القديس أمبروسيوس أسقف ميلان)
«قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. لأَنَّهُ هَا هِيَ الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَالْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ» (إش ٦٠: ١ – ٣)
في بلد الحب كان حوار الحب ابتهاجًا وفرحًا بإشراقة نور الحب بتجسُّد ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح. الله محبة وبمحبته أخرج الأرض من العدم إلى الوجود ووهب الإنسان صورته ومثاله، ولكن الإنسان اختار الضعف وكسر وصية المحبة وأوجد نفسه خارج الفردوس بلا خلاص، ولكن الله لم يخلق ليَدين أو يَهْدِم، بل ليُخلِّص ويُخلِّد (يو ٣: ١٧) في قديم الأزمان أضاء نور الله على العالم الغارق في الخطية والحزن والضيق كما يقول إشعياء النبي: «الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى» (إش ٦٠: ٢) فالله عندما خلقنا عَرِفْنا أنه يُحبنا، ولكن عندما تجسَّد وتأنَّس عَرِفْنا أنه يحبنا جدًّا ومحبته لا تُحد أو توصف بل تتحدَّى أفهامنا وعقولنا وكلَّ معارِفنا إن ميلاد السيد المسيح كان البداية الجديدة لحياة جديدة ممنوحة للإنسان ليبدأ عصرًا وعهدًا جديدًا في النور بعيدًا عن كل ظلام لقد سبق ميلاد السيد المسيح بستة أشهر ولادة القديس يوحنا المعمدان الذي جاء للشهادة ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي يُنير كلَّ إنسان آتيًا إلى العالم، مقدِّمًا بُعدًا روحيًّا فائقًا لم يختبره أي إنسان من قبل، وكل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه (انظر: يو ١: ١ – ١٠) في تلك الليلة المقدَّسة أضاء النور المبارك من ذلك الطفل الصغير في المذود البعيد في تلك القرية المغمورة والتي لم تعد الصُّغرى فيما بعد ومنذ ذلك التاريخ وعبر القرون ما زال وليد المذود يشعُّ بالنور والفرح ويجلب التعزية والبركة والنعمة لكلِّ مَنْ يريد وكلِّ مَنْ يشتاق خاصة من الذين ليلُ حياتهم الشخصية في ظلام دامس بسبب صراعات الخطية وتجاربها، وتردِّي البشر في الحروب والنزاعات والسقطات الأخلاقية وجفاف المشاعر الإنسانية، واضطرابات الأرض من زلازل وبراكين وفيضانات وحرائق والاحتباس الحراري المؤثِّر على المناخ، وبُؤَر العنف على مستوى الأسر والأفراد والجماعات، مع العواطف المنحرفة وانتشار الأنانية والنزاعات الاستهلاكية وتدمير البيئة والطبيعة والمخاوف النفسية ومشاعر القلق والإحباط والاكتئاب التي زادت من انتشار جائحة كوفيد ١٩ وتحوُّرات الفيروس وصار الإنسان بحاجة إلى نور وأمل ورجاء يُعيد إليه توازنه النفسي وسعادته الداخلية في أحداث الميلاد المجيد أشرق نور الحب على نماذج من البشر ربما تكون يا صديقي واحدًا مثلهم تتمتع بما تمتعوا به وتتحقَّق فيك استنارة الميلاد وتتجدَّد فيك المعاني التي تُشكِّل معالم هذا النور الحقيقي:-
أولًا الاستجابة لنور الحب:-
وقد ظهر في طبيعة الرعاة الساهرين والذين رغم معيشتهم البسيطة جدًّا وحياتهم المحدودة إلَّا أنهم كانوا أمناء، لهم حضور واستقامة مع استعداد واستجابة لبُشرَى الملاك الذي ظهر لهم قائلًا: «لاَ تَخَافُوا فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ» (لو ٢: ١٠). وجاءوا مسرعين حيث الصبي وأُمه العذراء والقديس يوسف ووجدوا استجابتهم في الحب الحقيقي في المذود المتواضع أمام المسيح الطفل يا صديقي هل لك هذه الاستجابة السريعة للوصية وكلمةِ الله وأن تقوم من كبوة الخطية نحو النور مقدِّمًا توبةً وعهدًا ورغبةً واشتياقًا لحياة النعمة والبركة؟
ثانيًا: السعي نحو نور الحب:-
قد ظهر في طبيعة المجوس الزائرين القادمين من المشرق حيث بحثوا عن النجم الملائكي واستجابوا وحضروا عبر مسافات طويلة حاملين اشتياقًا قلبيًّا شديدًا لهذا الملِك الوليد، عالمين أنه لا سبيل لمعرفة الحقيقة إلَّا إذا ظهر رب الحقيقة وأعلنها بذاته كما كان يقول فلاسفة تلك الأزمنة لقد حضروا بالهدايا الذهب واللبان والمُر والتي تحمل المعاني الكثيرة، «فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا» (مت ٢: ١٠) وتصرَّفوا بمهارة وحكمة في انصرافِهم وعودتِهم إلى بلادهم صديقي هل لديك هذه الجدية والاجتهاد في الحضور الدائم عند قدمَي المسيح صانعًا الخير في حياتك وعلاقاتك ومقدِّمًا محبتك لكل أحد مضحِّيًا بالكرامة والامتيازات والحقوق والغِنَى بدافع المحبة للطفل يسوع؟ لا تتوانى واصنع الخير مهما كان حال العالم كما فعل أصحاب المذود الذين استضافوا مريم العذراء والقديس يوسف النجار بعد أن أُغلِقت كل الأبواب أمامهم.
ثالثًا: التمتع بنور الحب:-
وما أجمل أقدام المبشرين بالخيرات: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو ٢: ١٤) وقد كان حضور الملائكة وظهورهم مُبهجًا ومُفرحًا وسط النور والتسبيح والسرور إن إشراقة نور الحب لا تمنحنا فقط النجاة من قُوَى الخطية المُهلكة والتي فينا والتي حولنا، بل تكشف لنا مقدار الجمال الذي في الحياة والطبيعة والبشر الذين على صورة الله ومثاله لقد رسم نورُ الحب لوحة جميلة من نجم المذود وملائكة السماء وأصوات التسبيح بل وكانت شخصيات الميلاد المجيد نجومًا مضيئةً ليس في زمانهم فقط بل وفي كل الأزمنة وهو الآن يستطيع أن يرسم لوحة حياتك بالنور والحب والفرح ما دُمْتَ جعلتَ قلبك نذورًا له.
تحكي لنا قصة قديمة عن طفل كان يراقب مشهد حضور الرعاة إلى المذود ثم نشيد الملائكة في السماء ثم زيارة المجوس إلى الطفل يسوع مقدِّمين هداياهم وقد وقف الطفل من هذه المشاهد خائفًا مرتجفًا من النور والتسبيح، ونظر من بعيد وجه أمنا العذراء متهلِّلًا وتَقدَّم بخطواتٍ وهو يُفكِّر ماذا يُقدِّم لهذا الطفل الجميل فهو ليس مثل الرعاة الذين قدَّموا الذبائح ولا مثل الملائكة الذين قدَّموا التسابيح ولا مثل المجوس الذين قدَّموا الهدايا ولا مثل الحيوانات التي قدَّمت أنفاسها الدافئة ولا مثل أصحاب البيت الذين قدَّموا المذود.
وقف الطفل متحيِّرًا ماذا يُقدِّم أمام المسيح في مذوده ؟؟
وأخيرًا قال لك أُقدِّم قلبي الصغير فهذا الذي أملكه فقط ووقتها ابتسم المسيح له وأضاء بنوره عليه فَرِحًا بتقدمتِهِ التي هي أعظم ما نُقدِّمه لله وهي فقط، التي تُفرِّح قلبَه.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد