المقالات
08 مايو 2024
شتان بين يومين جمعة الموت و أحد القيامة
إنهما يومان كانا من جهة المشاعر البشرية علي طرفي نقيض يوم الجمعة ١٤ نيسان، ويوم الأحد ١٦ نيسان سنة ٣٤م كان يوم الجمعة كتيبا بالنسبة إلى كل تلاميذ وأتباع المسيح بل كان مفاجأة مذهلة ما كانوا يتوقعونها إطلاقا لمعلمهم العظيم المؤامرة التي تمت، وسبكت بسرعة عجيبة والشعب الذي يهتف بغير وعي اصلبه اصلبه» والتلميذ الذي خان من أجل ثلاثيف من الفضة، والإهانات المتلاحقة التي يتعرض لها السيد، من سب واستهزاء وتهكم ولطم وبصاق، مع الام الشوك والجلد ، ثم تسميره على الصليب !!
أحقا بهذه السرعة قد انتهى كل شيء؟! وصاحب المعجزات العظيم، المعلم الذي بهر الكل بتعليمه، أصبح في نظر الرسميين مضلا ، يصلبونه بين لصيف !!
والذين انتفعوا بحبه وإشفاقه ومعجزاته لم يعد لهم وجود على ساحة الواقع . وحتى تلاميذه تفرقوا وهربوا وتركوه وحده وانطبق عليهم قول الكتاب اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية (متى ٢٦: ٣١). وإذا ببطرس المتحمس أكثر من الكل ينكره أمام جارية، ويسب ويلعن ويحلف قائلا: إنه لا يعرف الرجل (متى ٧٤:٢٧) أما أعداء المسيح فقد ملكوا الموقف من كل ناحية استطاعوا أن يعقدوا مجمع السنهدريم ويأخذوا قرارًا ضده. واستطاعوا أن يهيجوا الشعب ويجعلوه يردد نفس كلامهم كما أمكنهم أيضًا أن يؤثروا على الوالي، فيصدر حكمه على المسيح، مع أنه لا يجد علة في ذلك البار (يوحنا ١٤:٢٣).وهكذا بد الشر منتصرا وضاغطا بكل قسوة وتحقق قول المسيح لهؤلاء القادة: «هذه ساعتكم وسلطان الظلام» (لوقا (٥٤:٢٢) وكل ما أراد الشر أن يفعله، قد فعله وأمكنه أن يحقق كل ما يريد وأن يتخلص من المسيح الذي كان محبوبا من الناس، تتبعه الآلاف، وتنبهر من تعليمه، ويضع يده على كل أحد فيشفيه (لوقا ٤: ٤٠) المسيح الذي أقام الموتى، ومنح البصر للعميان وأخرج الشياطين وحتى بعد أن قتلوه، استصدروا أمرًا من الوالي بختم القبر، ووضع حجر كبير على بابه، وضبطه بالحراس واطمأنوا تماما إلى أن المسيح قد انتهى! وانتهي بنهاية سيئة «وأحصي مع أئمة» (إشعياء ٥٣: ۱۲) وكل الذين تبعوه قد تشتتوا ..!
هكذا كان يوم الجمعة مؤلماً ، ساده الظلم، وانتشرت فيه الخيانة والقسوة وانتصر فيه الحسد والشر ووجد تلاميذ المسيح أنفسهم حياري ضائعين، بل بدا الانتساب إلى اسم المسيح شرا، وها هو المسيح في القبر ولا تزال القوة مسيطرة على الموقف كله. ويبدو أنه لا عودة إلى الأيام الحلوة مع المعلم الطيب أما الخلاص الذي تم علي الصليب فلم يشعر به أحد، وكل ما رآه الناس، هو أن المصلوب يبدو ضعيفًا عاجزا عن إنقاذ نفسه! لدرجة أنهم كانوا يتحدونه قائلين إن كنت ابن الله، فانزل عن الصليب، وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا قالوا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ: «خلص آخرين، وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها ! فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به متي ۲۷ ٤۰-٤٢) حتى أن أحد اللصين المعلقين معه، قال له: «إن كنت أنت هو المسيح فخلص نفسك وإيانا» (لوقا۳۹:۲۳) هكذا كان يوم الجمعة شماتة وظلمًا وتشتيتا، ولكن حدث أمر غير الدقة إلى العكس تماما إنه القيامة التي هزت الكيان اليهودي كله، قيادة وشعبا حدثت القيامة في فجر الأحد، على الرغم من وجود الحراس، والحجر الكبير والأختام، والحرص الكبير على ضبط القبر ووقف القبر الفارغ شاهدًا ماديا على القيامة. وكذلك وجود الأكفاف مرتبة فيه مع المنديل وحاول رؤساء اليهود بكافة الطرق أن يطمسوا حقيقة القيامة فلم يستطيعوا كان الواقع الملموس ذا تأثير أعمق من كل ادعاءاتهم وظهر المسيح حيا لتلاميذه ومنحهم هذا الظهور قوة غير عادية للشهادة لقيامته بكل مجاهرة وبلا خوف ظهر المسيح بعد قيامته المريم المجدلية (مرقس (١٦ : ٩)، ولسمعان بطرس (كورنثوس الأولى ۱۵: ٥) ، ولتلميذي عمواس (لوقا ١٢:٢٤ - ۳۱)، وللتلاميذ العشرة في غياب توما (لوقا ٢٤ : ٣٣-٤٣)، وظهر لهم مع توما وأراهم جروحه (يوحنا (٢٦:٢٠-٢٩)، كما أنه ظهر السبعة من تلاميذه عند بحر طبرية (يوحنا۲۱ :۱۷) ، وظهر ليعقوب ولأكثر من خمسمائة أخ (كورنثوس الأولى ٦:١٥ ، ٧) «أراهم نفسه حيا ببراهين كثيرة وهو يظهر لهم أربعين يوما ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله» (أعمال ١: ٣) وكان معهم وقت صعوده إلى السماء حينما ارتفع وهم ينظرون وأخذته سحابة عن أعينهم» (أعمال ٩:١) كما ظهر أيضًا لشاول الطرسوسي في طريق دمشق، وتحدث إليه، و اختاره رسولا يحمل اسمه إلى الأمم (أعمال ٣:٩-١٥) كل هذا منح التلاميذ قوة عجيبة، وفي ذلك يقول الكتاب: «بقوة عجيبة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم» (أعمال ٣٣:٤).
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
07 مايو 2024
القيامة وصدق المحبة
عيد القيامة عيد الفرح الذي كلّل أحزان أسبوع الآلام بكل ترتيباته التي تدفع الإنسان إلى التوبة الحقيقية، لذلك طوبي للحزاني لأنهم يتعزون والقيامة مليئة بالتأملات فهي رجاء خلاصنا وموضوع فخرنا بإيماننا حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح» وكان الصليب هو مقدمة القيامة وهنا نتذكر كثيرين كانوا يتبعون يسوع ويقولون نتبعك أينما تمضي ولو أنكرك الجميع أنا لا أنكرك وتعددت أقوال المحبة، ولكن عند القبر اختبار صدق المحبة وجدية التبعية التي عندها يظهر صدق المحبة وجدية التكريس اشتركت البشائر الأربعة في أن المريمات فمن والظلام باق وذهبن إلى القبر حيث أعدو له الحنوط فمن والظلام باق في شوق إلى المحبوب لأنهن أدركن أن الذين يبكرون إليه يجدونه لم ينتظرن حتى تطلع الشمس ولكن والظلام باق يمشين حتى عندما يصلن إلى الباب يكون الظلام انقشع حتى تفتح الأبواب حيث عادة اليهود في ذلك الزمن، وبذلك يفتدين الوقت كانت المحبة فيها شوق حقيقي ، فلم ينتظرن الضوء ليشع ، فكان أيضًا تسليم وعدم الخوف من أحداث الظلام. وكانت أيضًا شجاعة وهن يعلنون تبعيتهن للمرفوض كثيرون رفضوا يسوع وكل من يتبعوه، والذي يظهر هذه التبعية يتعرض للمخاطر، ولكنهن خرجن في إيمان كامل بعناية الرب وتسليم كامل لإرادته. ذهبن وهن مستعدات بالأطياب منذ عشية اليوم، فهو استعداد كامل في وقت مبكر مفتدين الوقت لأنهن يعلمن أن الأيام شريرة في شوق حقيقي وتسليم كامل وشجاعة قوية وإيمان كامل واستعداد حقيقي مفتدين الوقت لاشك أنها جماعة تكريس مختارة من الرب يشجعن بعضهن البعض يعشن للرب في صدق تكريسها ومحبتها للإله المحبوب ، ومحبتهن بعضهن
للبعض محبة ليست بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق . لذلك كان لهن بركة اللقاء بالرب يسوع ، وكذلك الكرازة بقيامته المجيدة وصارت مريم المجدلية بعد أن كانت رمزا للخطية صارت رمزا للتوبة والكرازة بالإنجيل حقا لقد صارت ومن معها من النسوة رموزًا للمحبة الحقيقية للرب ، وصدق التكريس الذي نحن نحتاجه الآن في سلوك عملي وليس مجرد كلمات وشعارات وهتافات. لكن اختبار عمل القيامة وقوتها في حياتنا وكنائسنا وخدامنا ، التي تعطينا الفرح الحقيقي واختبار سر القيامة وقوتها الذي هو حياة النصرة الحقيقية على الموت وكل قواته وبهذا يمكننا أن نثمر تائبين وكارزين للرب.
نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة و مطروح وشمال افريقيا
المزيد
06 مايو 2024
فانفتحت أعينهما
في عشية قيامة ربنا يسوع من بين الأموات، انطلق اثنان من تلاميذه عائدين إلى بلدتهما عمواس ، ولأنهما كانا منشغلين طوال الطريق بالحديث حول صلب الرب يسوع وخبر قيامته، لذلك صارا مهيئين لظهور الرب لهما والسير معهما (لوقا ٢٤ : ١٣-٣٥) وفي الطريق تواصل الحوار حول رجاء إسرائيل، المسيا (أعمال ٢٦: ٦-٧) الذي طالما انتظرته الأجيال التقية (لوقا (۲: ۳۸)، ليخلص الشعب الذي اختاره الرب، من تحت وطأة عبودية جسدية وروحية. وعندما وصلا إلى مشارف قريتهم، ألزما الرب بأن يقضي الليل عندهما، لأن النهار أوشك على الانتهاء، فلما اتكاً معهما، أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما ، فانفتحت أعينهما وعرفاه» (لوقا ٢٤ : ٣٠-٣١) لحظة كسر الخبز والتناول من جسد الرب ودمه الأقدسين هي أقدس لحظة في حياتنا على الأرض، إن كانت تُحسب هذه اللحظة من أيامنا الأرضية؛ لأنها لحظة الثبوت المتبادل بين رب المجد يسوع وبيننا : «من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه» (يوحنا ١: ٥٦) ؛ كما أنها اللحظة التي فيها نحيا بحياة الله: «فمن يأكلني فهو يحيا بي» (يوحنا ٦: ٥٧). الأن الخبز الذي نأكله ليس خبزاً ساذجا، بل إفخارستيا مكونة من شقيف: الواحد أرضي والآخر سماوي، كما يقول القديس إيرينيئوس، أو بحسب تعليم القديس يوحنا ذهبي الفم : الشيء الذي ترتعد الملائكة من مجرد رؤياه، ولا تجسر أن تنظر إليه بدون رعدة، بسبب شدة البريق المنبعث منه، هذا بعينه هو الذي نأكله لذلك يصرخ الكاهن في القداس الإلهي قائلاً: «القدسات للقديسين»؛ لنا نحن المؤمنين، الذين نشعر بعدم استحقاقنا للاقتراب من المذبح المقدس؛ معترفين بفم الكاهن: «أن لاهوته لم يفارق ناسوته، لحظة واحدة ولا طرفة عين، يُعطى عنا خلاصاً، وغفراناً للخطايا، وحياة أبدية لمن يتناول منه إن أفضل وسيلة نعبر بها عن إيماننا بربنا يسوع المسيح هي التناول من جسده ودمه الأقدسين ، لأنه كلما أكلتم من هذا الخبز، وشربتم من هذه الكأس، تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء» (كورنثوس الأولى ١١: ٢٦)؛ أو حسب منطوق القداس الإلهي: «تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني إلى أن أجيء». لأن أي طعام مادي نأكله يتحول فينا إلى عناصر طبيعتنا البشرية، أما خبز الحياة فإنه هو الذي يحولنا إلى طبيعته الخاصة، حسب قول القديس غريغوريوس النيسي؛ لأن «من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد» (يوحنا ٦: ٥٨) .
نيافة المتنيح الانبا أبيفانيوس اسقف دير ابو مقار ببرية شهيت
المزيد
05 مايو 2024
المسيح قام بالحقيقة قد قام
اهنئكم جميعا بعيد القيامة المجيد نحتفل بالقيامة المجيدة بعد هذا الصوم الطويل، الصوم المقدس والذى امتد الى 55 يوما نحتفل بالقيامة كما فى كل عام وكما تعلمون أن احتفال القيامة هو احتفال بأساس إيماننا وهذا الاحتفال بالقيامة هو احتفال بالمسيحية، والاحتفال بالإيمان بالمسيح ولذلك نحتفل بالقيامة فى كل يوم فى صلاة باكر بالاجبية، ونحتفل بها فى كل أسبوع فى يوم الأحد لأنه يوم القيامة ويوم النور، ونحتفل بها أيضا فى كل شهر فى تاريخ 29 من الشهر القبطى، وهو تذكارات للبشارة وللميلاد وللقيامة وتحتفل بها كل عام فى عيد القيامة المجيد ويمتد احتفالنا إلى 50 يوما تسميها الخماسين المقدسة والحقيقة إن عطايا القيامة عطايا كثيرة جدا فى حياة الإنسان وأود أن أتحدث معكم عن عطية من العطايا الغنية التى فى قيامة رب المجد هذه العطية هى عطية العين الإيجابية للحياة، الإنسان خلق له الله العين كعضو للنظر، خلق له عينان فى وجهه لكى ينظر الى الحاضر وينظر الى المستقبل ولم يخلق له عينا فى الخلف حتى لا ينظر إلى الماضى جعله ينظر إلى الأمام دائما وهذه العين على الرغم أننا نشترك جميعا فى تركيبها، التركيب الفسيولوجى والتركيب التشريحى، ولكن نظرة العين تختلف من واحد إلى آخر لنفس الشىء، لذلك العين الإيجابية للحياة تتميز بثلاث ميزات، الميزة الأولى أنها عين واقعية تنظر للأمر فى واقعيته وفى حدوده وفى شكله وليس فى الخيال وتنظر للأمر فى واقعيته أنه أمر واضح أمام الإنسان ولا يحتمل أى تأويل الجانب الآخر للنظرة الإيجابية للحياة، أنها نظرة إنسانية يعنى يجب أن تشتمل نظرة الإنسان للأمور على عمل الرحمة لأن عكس الرحمة توجد القساوة والقساوة امتلأت بها قلوب كثيرة فى العالم، ولذلك نظرتها ليست نظرة إنسانية الجانب الآخر للعين يجب أن تكون النظرة متكاملة وليست نظرة متناقصة كما تدرون جميعا أننا نقول الكوب الذى فيه جزء من الماء، هذا الكوب ممتلئ أم ناقص؟ البعض يراء كوبا ممثلا من الماء، هذه نظرة إيجابية ونظرة متكاملة والبعض يراه كوبا ناقصا، وبالتالى هذه نظرة سلبية هذه الأمور، النظرة الواقعية والنظرة الإنسانية والنظرة المتكاملة تشكل جميعها العين الإيجابية للحياة، وسأعطيكم بعض الأمثلة من أحداث الصليب والقيامة كانا يوحنا الحبيب، ويهوذا الاسخريوطى، تلميذين من الاثنى عشر، اختار هما السيد المسيح، ورأيا تعاليم السيد المسيح ومعجزاته وكانا معه، وبالتأكيد كان هناك حوارات بينهما وبين السيد المسيح يوحنا الحبيب كان له النظرة والعين الإيجابية للحياة نراه يرتبط بالسيد المسيح، يصل معه حتى الى الصليب والى المحاكمات ونراه يجد المتعة الكبيرة فى أنه يتكى برأسه على صدر السيد المسيح وهو أطلق على نفسه التلميذ "الذى كان المسيح يحبه" "يوحنا 26:19" فى المقابل، يهوذا الاسخريوطى كانت نظرته مادية، وكانت نظرته سلبية، ولم ير فى المسيح أنه المخلص الفادى الذى جاء لأجل خلاص العالم، ولأنه لم يجد فيه تحقيق الطماعة المادية أو الأرضية ولذلك باع سيده بثلاثين من القضة وفى النهاية ذهب وشنق نفسه ومات وخسر نصيبه الأبدى الاثنان لهما نفس الموقف واحد له العين الإيجابية والآخر له العين السلبية مثال آخر نراه فى أحداث الصليب عندما تنظر إلى اللصين وهما اللص الذى كان عن شمال المسيح والآخر عن يمين المسيح، صلبوا الصين مع السيد المسيح إمعانا أنه اللص الشمال كان له حديث كبير إذا كنت أنت المسيح، "فخلص نفسك وايانا" "لوقا 23: 39"، وارفع عنا الألم الذى نحن فيه ألم الصليب اللص اليمين كان له نظرة فى نفس الموقف وفى نفس التوقيت ونفس الشواهد اللص اليمين ينظر نظرة إيجابية، ويقطن إلى رؤية مغايرة اما نحن فبعدل "لأننا ننال استحقاق ما فعلنا" "لوقا 23 "41" ونظر إلى المسيح وقال: "اذكرنى يا رب متى جنت فى ملكوتك" "لوقا 23 "42" كانت هذه العبارة، عبارة صلاة عبارة توبة، عبارة نداء عبارة رجاء وقبلها السيد المسيح فى آخر ساعات حياة اللص اليمين وقال له: "الحق أقول لك: أنك اليوم تكون معى فى الفردوس" "لوقا 23: 43 هذه الصورة تنطبق فى نماذج كثيرة جدا للعين الإيجابية للحياة، ولذلك أيها الأحياء، تمسك أن تكون لك عين إيجابية تنظر للأمور فى إيجابيتها لكل أحداث حياتك اليومية، أحداث العمل والخدمة والأسرة كل هذه الأحداث يجب أن تكون لك فيها النظرة الإيجابية هذا هو فعل القيامة المجيدة فى حياة الإنسان واجعل قلبك دائما مرفوعا وتقول: يا رب أعطنى العين الإيجابية التى ترى الأمور فى حقيقتها وفى جمالها وفى إيجابيتها، ابعدنى عن النظرة السلبية أو النظرة الضيقة أو النظرة التى لا ترى إلا ما هو سيىء الحياة فيها جمال ممتد فى كل عمل صالح أنا سعيد أن أرسل لكم هذه الرسالة أقدم التهنئة القلبية باسم الكنيسة القبطية وباسم المجمع المقدس، وأقدمها من هنا من مصر إلى كل الإيبارشيات وإلى كل الكنائس والأديرة فى ربوع العالم كله أهنئ أخوتى الأحباء الأباء المطارنة والآباء الأساقفة والآباء الكهنة والآباء الرهبان والأمهات الراهبات ومجالس الكنائس وكل الشباب وكل الخدام وكل الشمامسة وكل الشعب وأيضا إلى كل الأطفال أهنتكم جميعا أينما كنتم فى أوربا، إفريقيا آسيا أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية، أو فى قارة أستراليا أهنئكم جميعا، وهذه التهنئة أحملها إليكم إلى كل فرد طالبا من ربنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات أن يفرحكم على الدوام وأن يعطيكم العين الإيجابية لكل عمل ولكل حدث فى حياة الإنسان لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد، آمين.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
04 مايو 2024
في انتظار القيامة
في ليلة سبت الفرح تصعد الكنيسة بنا الى السماء بكل ما فيها من جمال وكأننا في حلم جميل، فهذه الليلة هي العبور من الموت إلى الحياة الألحان تنتقل من النغمة الحزايني إلى الفرايحي، فيقال اللحن نصفه بالنغمة الحزايني والنصف الآخر بالفرايحي كذلك نجد القراءات عبر هذه الليلة تنتقل من الموت إلى الحياة : تسبحة موسي - صلاة حبقوق النبي - صلاة يونان في بطن الحوت صلاة حزقيا الملك - تسبحة الثلاثة فتية في أتون النار - قصة سوسنة العفيفة. وتنتقل بنا الكنيسة إلى فرح القيامة حينما تختم الليلة في فجر السبت مع «أبو غالمسيس» وهي كلمة يونانية أصلها أبو كاليسيس أي رؤيا، وفيها نقرأ سفر الرؤيا بأكلمه وبذلك نقضي فجر السبت مع هذا السفر العميق لتنفتح أعيننا، ليس على أسرار القيامة فحسب، بل على أسرار ما بعد القيامة أيضا والكلام عن هذه الليلة يطول جدا ، ولكن أجملها هو الحديث عن القيامة:
ما هي القيامة؟
القيامة كلمة جديدة ظهرت في العهد الجديد عندما قال السيد المسيح لمريم ومرثا أمام قبر لعازر : «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا» (يوحنا ٢٥:١١) إذا القيامة قوة، ومعجزة المعجزات، فالسيد المسيح ذهب للصليب بإرادته وقام بسلطان لاهوته.
أنواع القيامة:
القيامة نوعان:
قيامة أولى، أي ترك الخطية وحمل الصليب والجهاد ضد الشيطان، حتى توضع الأكاليل في القيامة الثانية تأتي ساعة فيها يسمع الذين في القبور (قبور الخطية) صوته والسامعون يحيون، وتأتي ساعة (في المجيء الثاني) يسمع الذين في القبور صوته فيخرج الذين صنعوا الصالحات إلي قيامة الحياة قيامة السيد المسيح فتحت أمام البشرية باب الحياة بالإيمان بدمه لغفران الخطايا، وبالجهاد حتى النفس الأخير لكي نحيا معه كل حين . فالقيامة أعطت البشرية بابا مفتوحا لحياة السماء بلا موت بالموت داس الموت والذين في القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية (تسبحه القيامة) فالموت لا يكون فيما بعد بل من أمن بالرب يسوع ولو مات فسيحيا سعيد ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى، إن هؤلاء لا يكون للموت الثاني سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح (رؤيا٢٠: ٦).
القيامة مع المسيح
إن الإنسان لا يستفيد من القيامة إلا إذا استيقظ من نومه وقام من رقاده، أي يقوم من بين الأموات، وكل أنظارنا متجهه نحو ملكوت السموات: « فإن كنتم قَدْ قَمْتُمْ مَعَ المسيح فَاطَّلَبُوا مَا فَوْقَ ، حَيْثُ المَسِيحُ جَالس»(كولوسي ۳ : ۱) فما أجمل أن تكون سمائيين بالفكر والمشاعر والاتجاهات لا تكن مثل هيرودس وحنانيا وقيافا الذين لم يستفيدوا من قيامة المسيح بل أنكروها، ولا تكن مثل الحراس الذين شاهدوا القيامة وأنكروها نظير رشوة مال، بل كن مثل التلاميذ الذين بشروا مجاهدين بقيامة المسيح واحتملوا في سبيل ذلك الآلام والعذاب ، كل ذلك من أجل محبتهم في المسيح وإيمانهم القوي بالقيامة، لأنهم أيقنوا أنه لا قيامة بدون صليب ولا صليب بدون قيامة عش هذه الأيام بالرجاء والفرح فكل صليب بعده قيامة وكل مشكلة بعدها حل،وكما علمنا قداسة البابا شنوده الثالث «ربنا موجود، كله للخير، مسيرها تنتهي.وكل عام وأنتم بخير .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
03 مايو 2024
باكر يوم الجمعة الكبيرة
مت ١:٢٧ - ١٤ + مر ١٥ : ١- ٥ + لو ٢٢ : ٦٦ - ٢٣: ١٢ + يو ١٨ : ٢٨ - ٤٠
ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قيافا إلى دار الولايَةِ، وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلايَةِ لِكَيْ لَا يَتَنَجَّسُوا ، فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. فَخَرَجَ بيلاطس إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «أَيَّة شِكَايَةٍ تُقدِّمُونَ عَلى هذا الإِنْسَان؟» أَجَابُوا وقالوا له: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرِّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ !» فَقَالَ لَهُمْ بيلاطس: «خُدُوهُ أَنْتُمْ وَاحْكُمُوا عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِكُمْ». فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ: لا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَدًا». لِيَتِمَّ قَوْلُ يَسُوعَ الَّذِي قَالَهُ مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِينَةٍ كَانَ مُرْمِعًا أَنْ يَمُوتَ . ٣٣ ثُمَّ دَخلَ بيلاطس أَيْضًا إِلَى دَارِ الوِلايَةِ وَدَعَا يَسُوعَ، وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هذا، أمْ آخَرُونَ قالُوا لكَ عَنِّي؟» أَجَابَهُ بيلاطس: «الْعَلِّي أَنَا يَهُودِيُّ؟ أمتُكَ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ أَسْلَمُوكَ إِلَيَّ مَاذَا فَعَلْتَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذا العالم. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذا العالم، لكَانَ خدامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أَسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلَكِن الآن لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هنا». فقال له بيلاطس : «أَفَأَنْتَ إِذا مَلِكٌ ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ: إنِّي مَلِكٌ. لهذا قد وُلِدْتُ أنا، ولهذا قد أتَيْتُ إلى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي». ٣٨ قالَ لَهُ بيلاطس: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟». ولما قال هذا خَرَجَ أَيْضًا إلى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أنا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَة وَاحِدَةً . وَلَكُمْ عَادَةُ أَنْ أُطلِقَ لَكُمْ وَاحِدًا فِي الْفِصْح. أفتُرِيدُونَ أنْ أطلق لَكُمْ مَلِكَ الْيَهُودِ؟». فَصَرَحُوا أَيْضًا جَمِيعُهُمْ قَائِلِينَ: «لَيْسَ هَذا بَلْ بَارَا بَاسِ !». وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصًا.
مملكتي ليست من هذا العالم
الذين قبلوا المسيح رباً وإلهاً، أصبحوا ليسوا من العالم، بل ويبغضهم العالم. لماذا؟ واضح جداً أن العالم وضع في يد الشرير، فالذي يحب العالم يحبه العالم، ويصبح لعبة في يد الشيطان، لأنه يطيعه في كل مشوراته. فالعالم لا يحتمل اسم المسيح لأنه يكته. فمن أجل اسم المسيح يضطهد العالم الذين للمسيح. وقد اضطهد العالم ورئيسه المسيح، اضطهاداً قادهم إلى صلبه، وأصبح الشيطان يعرف كيف يكيل للمسيح الضربات فيمن قبلوا المسيح وآمنوا به. وهكذا اتسم العالم بعداوة المسيحيين واضطهادهم من أجل الاسم. والمسيح هنا يسبق ويوعي الذين له، أن يكونوا عارفين بما يكنه العالم لهم،حتى لا ينساقوا وراء الذين يعيشون في العالم وهم مأسورين تحت جذبه.لهذا كان أول نصيحة يتقبلها الإنسان المسيحي، أن ينتبه وهو في بداية حياته الإيمانية، أن لا ينجرف وراء جذب العالم، ومعاشرة الأشرار الذين يعبدون العالم. هذا هو الجزء السلبي من الإيمان بالمسيح، القادر أن يبتلع الناشئين. ولكن بمجرد أن يبدأ الإنسان المسيحي طريقه الصحيح، ويصلّي ويتعرَّف على محبة المسيح، يبتعد عنه عملاء الشر. وبمجرد أن يحس بانحياز العالم ضده، يرتمي في حضن المسيح ويمسك بالإيمان.وبمجرد أن يمسك الإنسان بالمسيح، يحتضنه المسيح. لأن وعده قائم كل الدهور أن "من يقبل إلي لا أخرجه خارجاً". هكذا جعل المسيح الإيمان به رهن إشارة الإنسان الذي نوى أن يدخل حظيرة المسيح.وإزاء بغضة العالم لمن يقبل المسيح، يفتح المسيح أحضانه لكل من التجأ إليه. والمسيح الذي أحبنا وأسلم ذاته من أجلنا، قد اشترانا من قبضة الشيطان بدمه ولن يستطيع الشيطان ولا العالم أن يخطفنا من يد المسيح ويد الآب، التي هي قوتنا وملاذنا الأبدي. فمهما بغض العالم وكشر العدو بأسنانه، فنحن في حمى من خلق السماوات والأرض، وقد خلقنا جديداً بالروح لنفسه، فنحن أولاد الله وأعضاء
بيت الله. وحظنا ونصيبنا محفوظ لنا في السموات، نراه بالإيمان ونحيا له بالعيان. ونسعد به في أحلك ساعات الظلام، لأن أعيننا مثبتة فوق من حيث يأتي عوننا، تحرسنا يمين الرب حتى نعبر إليه ونتهلل لأن نصيبنا قد قرب.وهكذا أصبح اضطهاد العالم لنا جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتعودنا عليها كما تعودنا على الصداع والإنفلونزا. أمور لا يصح أن نقف عندها لأنها تحصد الكل،
وليس أحد أعز من الآخر أمامها، بل هي التي تختار من تستضيفه عن رضى وصمت.وحينما يرفع الإنسان بصره يرى المسيح قد جاز كل أنواع الاضطهادات ولم يشتك قط. فإن كانوا قد فعلوا ما فعلوا في رب المجد أفكثير عليهم إن جعلوه طعامنا وشرابنا ؟ فنحن نأكل الاضطهاد أكل الخبز ونشربه كالماء، ولكن بالرغم من ذلك فنحن بمسيحيتنا أكثر من منتصرين. ونقول ونسبق الحوادث كلها الآتية علينا من العالم، أننا غلبنا العالم وأعظم من المنتصرين. وعلى قدر ما يذيقنا العالم من مرار، فسوف نذوق حلاوة الرب، وسوف نرى كم هو طيب جداً، ومذاقه مذاق العسل المعقود.واعلموا أن مرار العالم زمني، وكل ما هو زمني هو حتماً زائل، أما الرب فثابت للأبد. لذلك ألا يتحتم علينا أن نستبدل المرار بالعسل، والألم والوجع بالراحة الأبدية؟!
فاشربوا يا إخوة من المرار الزمني ولا تتمنعوا، فكل أطايب الملكوت محجوزة لكم، وكما صنعوا بالمسيح ليس بأقل مما يصنعون بنا، فنحن شركاء آلامه حقاً، ومجدنا هو صليبه ومساميره، وقد خار المسيح تحت ثقل الصليب، فإن خار أحدنا تحت الاضطهاد فلا ينسى صليب المسيح الذي وضع علينا أن نحمله رضينا أو لم نرض.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
02 مايو 2024
باكر يوم الخميس لو ٧:٢٢ - ١٣
وَجَاءَ يَوْمُ القَطِيرِ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْبَحَ فِيهِ الْفِصْحُ فَأَرْسَلَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا قَائِلاً: «اذْهَبَا وَأعِدًا لنا الفِصْحَ لِنَاكُل». فقالاً لَهُ: «أَيْنَ تريد أن نُعِدَّ؟». فقالَ لَهُمَا: «إذا دَخَلْتُمَا المَدِينَة يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ جَرَّة مَاءِ اتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ، وَقُولا لِرَبِّ الْبَيْتِ: يَقُولُ لَكَ المُعَلِّمُ: أَيْنَ المَنْزِلُ حَيْثُ ُأكُلُ الفِصْحَ مَعَ تَلاَمِيذِي ؟ " فذاكَ يُرِيكُمَا عِليَّة كَبِيرَةً مَفْرُوشَة. هُنَاكَ أَعِدًا». فانطلقا وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا، فَأَعَدًا الفصح.
الافخارستيا ترياق عدم الموت
سر الإفخارستيا هو خلاصة الإيمان المسيحي وهو محور الإيمان بالمسيح، والمنطلق العملي للحياة مع المسيح أو بالمسيح لنكون شعباً مبرراً وأمة مقدسة.والرب لم يؤسس هذا السر في بداية خدمته، لا بعد المعمودية مباشرة مثلاً، ولا بعد صوم الأربعيني، ولا كنهاية تعاليمه، ولكنه أخره متعمداً حتى ميعاده المضبوط تماماً في الليلة التي أسلم فيها». فحينما انتهى من كل تعاليمه، وحينما أكمل حبه، وحينما سلم لتلاميذه كل أسرار علاقته بالآب، ثم دخل بالفعل في ساعة الصفر وتقرر البدء في تنفيذ الصلب ودفع للخائن الثمن وتعين زمان ومكان التسليم وأحس المسيح بدنو ساعة الموت حينئذ أخذ خبزاً وباشر تأسيس أعظم أسرار الوجود الإنساني على الأرض؛ بل وأعظم أسرار الحياة قاطبة، هذا الذي صار للإنسان المائت ترياق عدم الموت، وقوة القيامة ومفتاحاً للخلود.في الليلة التي أسلم فيها في هذه المناسبة التاريخية القائمة بين تأسيس السر وليلة التسليم للموت، أصبحت بعد تحول الخبز والخمر مناسبة كرازية فائقة للزمان تستغرق كل الزمان ثم تتخطاه إلى الأبدية اللانهائية: «فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز و شربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء».فهناك سر يجمع بين المسيح الجالس مع تلاميذه والمتحد معهم بسر الحب ساعة ان شاء يوم الخميس، وبيننا نحن في كل الأجيال وعلى مدى كل الزمان والموت يداهمنا يوماً بعد يوم. هنا سر الإفخارستيا هو هو سر المسيا الكائن الذي كان والذي يأتي المتحد بأولاده بجسده السري عبر الزمان كله يحييهم بسر موته الحيي.ونحن نأكل الآن وكل يوم جسد الرب ونشرب دمه كتحقيق على مستوى الكرازة العملية أن المسيح مات وقام وإنه آت حيث يُستعلن يومئذ اتحادنا معه الذي أكملناه في سر الإفخارستيا، وينكشف علانية كيف عشنا وسنعيش إلى الأبد بموته.بشارتنا الآن بموت الرب كلما أكلنا من الخبز وشربنا من الكأس في واقع حال السر الإلهي، فهي لازمة وحتمية إلى أقصى حد لأن اعترافنا بموت الرب الذي نأكله ونشربه يلغي موتنا كل يوم الذي نموته بالخطية، يلغي فرقتنا، يلغي عداوتنا، يلغي كبرياءنا ... حياتنا الأبدية تنبع لنا من حيث نشهد بموت الرب الذي نأكله ونشربه في هذا السر. لذلك كان الجسد المكسور والدم المهرق في الإفخارستيا نبع حياة أبدية لنا منذ عشاء يوم الخميس حتى اليوم وإلى نهاية الدهور كلها.
سر عشاء الخميس نواة الكنيسة كلها : تكريم الكنيسة لتأسيس سر الإفخارستيا يوم خميس العهد سنوياً ليس مجرد تذكار تاريخي المسيح وجماعة الرسل المجتمعين في ذلك المساء حاضرون معنا الآن بجملتهم في الكنيسة هنا عندما يُقام هذا السر، وليسوا هم وحدهم، بل وأيضاً كل الذين ضمتهم الكنيسة إلى جسد المسيح. السر في جوهره يضم باستمرار كل الذين يخلصون.فإذا تصورنا سحابة هائلة تمتد حتى عنان السماء ثم فحصنا كل نقطة ونقطة فيها من ذرات الماء الكثيف، واكتشفنا أن كل نقطة عبارة عن وجه قديس أو روح بار مكمل بالمجد، فهذه ربما تعطي صورة تقريبية للكنيسة. ولكن إذا دققنا وجدنا أن قوة تجمع وانجذاب كافة النقط معا بهذه الصورة تنبعث من الوسط، حيث توجد مائدة صغيرة في وسطها الرب وحولها التلاميذ، فتكون هذه هي الصورة التقريبية لسر عشاء الخميس.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
01 مايو 2024
باكر يوم الأربعاء يو١١ : ٤٦- الخ
وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَمَضَوْا إلى الفريسيِّينَ وَقَالُوا لَهُمْ عَمَّا فَعَلَ يَسُوعُ.فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقالُوا: «مَادًا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةَ . إنْ تَرَكْنَاهُ هكَذَا يُؤْمِنُ الْجَمِيعُ بِهِ، فَيَأْتِي الرُّومَانِيُّونَ وَيَأْخُدُونَ مَوْضِعَنَا وَأَمَّتَنَا». فقالَ لَهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ قيافا، كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ: «أنتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَ شَيْئًا، وَلَا
تُفَكِّرُونَ أَنَّهُ خَيْرٌ لنا أنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلَا تَهْلِكَ الْأُمَّة كُلَّهَا ». وَلَمْ يَقُلْ هذا مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ إِذْ كَانَ رَئِيسًا لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السنة، تَنَبَّا أَنَّ يَسُوعَ مُرْمِعٌ أَنْ يَمُوتَ عَنِ الأُمَّةِ، وَلَيْسَ عَنِ الْأُمَّةِ فقط، بَلْ لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللهِ المُتَفَرِّقِينَ إلى وَاحِدٍ. فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا ليَقْتُلُوهُ. فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضًا يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ عَلَانِيَةٌ، بَلْ مَضَى مِنْ
هُنَاكَ إِلَى الكُورَةِ القريبَةِ مِنَ البَرِّيَّةِ، إلى مَدِينَةٍ يُقالُ لَهَا أَقْرَايمُ، وَمَكَتْ هُنَاكَ مَعَ تَلَامِيذِهِ. وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قريبًا. فَصَعِدَ كَثِيرُونَ مِنَ الْكُورِ إلى أورُشَلِيمَ قَبْلَ الْفِصْحِ لِيُطَهِّرُوا أَنْفُسَهُمْ. فَكَانُوا يَطْلُبُونَ يَسُوعَ وَيَقُولُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهُمْ وَاقِفُونَ فِي الْهَيْكَل: «مَاذَا تَظُنُّونَ؟ هَلْ هُوَ لَا يَأْتِي إِلَى الْعِيدِ؟» وَكَانَ أَيْضًا رُؤَسَاءُ الكَهَنَةِ وَالْقَرِّيسِيُّونَ قَدْ أَصْدَرُوا أَمْرًا أَنَّهُ إِنْ عَرَفَ أَحَدٌ أَيْنَ هُوَ فَلْيَدَلَّ عَلَيْهِ، لِكَيْ يُمْسِكُوهُ.
ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد
الاتحاد أو الوحدة التي يطلبها لنا المسيح فيما بيننا، ثم فيما بيننا وبين الآب هي وحدة تتناسب قبل كل شيء مع تفردنا واختلاف أجناسنا وتباين طبائعنا . فنحن لسنا متساويين في كياننا الداخلي في أي شيء البتة، إلا في الخطية والعجز والقصور الروحيين !!
لذلك فالوحدة التي يطلبها لنا المسيح لا تقوم البتة على ماهية أشخاصنا أو ما هو لنا؛ بل على أساس أن نتساوى فيه والآب، وليس تساوينا في ذواتنا. فبقدر ما تنسكب فينا قوة وحدة المسيح في الآب، سواء من جهة الحب بينهما أو من جهة الحق والقداسة بقدر ما نبتدئ نحن نتساوى ونتقارب ونتحد بهذه القوة الخارجة عنا والآتية إلينا من لدن الله. فمحبة الله تحصرنا، فتلغي عداواتنا وتنهي على انقساماتنا؛ وحق المسيح والآب يصهر أفكارنا وقلوبنا فيبدد جهالاتنا ويوقف حماقاتنا ويقدس أرواحنا وأجسادنا.ولاحظ أن وحدة المسيح مع الآب هي طبيعة جوهرية، تقوم على التساوي كلياً وفي كل شيء؛ أما وحدتنا التي لنا في المسيح والآب فهي نعمة ورحمة، هي تفضل وهبة، هي مجرد إشعاع فعال لوحدة المسيح مع الآب.وقد صور المسيح في سفر الرؤيا هذه الوحدة التي يسعى إليها من نحونا بدخوله بابنا ليتعشى معنا. فهو يتعشى من صحن هموم الإنسان وأوجاعه وأنينه، يتعشى متقاسماً معه لقمة الشقاء والتغرب والإنسان يتعشى معه بالنعمة - من صحن أفراحه وبهجة خلاصه، ويتناول من يده خبز حبه وختم استيطانه.هذه هي دعوة وطلبة المسيح التي يطلبها المسيح لنا جميعاً، لكل إنسان، لكل كنيسة، ولكل من يريد أن يكون في مرمى دعاء المسيح هذا، أو تحت طاعة دعوته،أو بالحري مستجيباً لوصيته العظمى هذه.إنها وحدة سرية للغاية، لا يستطيع العقل البشري أن يستنفد كل شروطها، أو يضع بنودها، أو يتصور حدودها.. لذلك علينا أن نتأكد جميعنا جيداً أن أي محاولة من هذا القبيل كفيلة أن تُفوّت علينا سر المسيح، بل سر المسيحية. لأنها على مستوى قيام المسيح في الآب وقيام الآب في المسيح؛ ليس من جهة الكلمة الأزلية وحسب بل من جهة الإنسان يسوع المسيح. هذه الوحدة التي جعلت الله يرتضي بدم المسيح المسفوك على الصليب ثمناً لها .المسيح يضع أبعاد قوة اتحاده بالآب واتحاد الآب به نموذجاً وهوية لوحدة يطلبها لنا فيه ولبعضنا بعض. وهو إذ يراها تفوق قدراتنا وتصوراتنا عاد ويطلبها ويلح في طلبها من الآب نفسه ولا يزال متوسلاً بدمه !!
إذن، فاتحادنا ككنائس ليس هو اتحاداً ذا أبعاد زمنية أو جغرافية أو يمكن أن يُبنى على أي أساس بشري أو فكري مهما كان لأنه مطلوب أن يكون اتحاداً بالآب عبر المسيح أولاً، ثم تظهر أفعاله وقوته فينا على مستوى الزمن والعالم بعد ذلك.لن تكتمل وتتم هذه الوحدة دون موت ذات كل كنيسة لتحيا ذات المسيح وحدها،وحينئذ: «يؤمن العالم أنك أرسلتني».
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
30 أبريل 2024
باكر يوم الثلاثاء ( يو ٢١:٨-٢٩)
"قال لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «أنا أمْضِي وَسَتَطلبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لا تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأتُوا» فَقَالَ الْيَهُودُ: «الْعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أنا لا تَقْدِرُونَ أَنتُمْ أَن تَأتُوا ؟». فقالَ لَهُمْ: «أنتُمْ مِنْ أسفل، أما أنا فمن فوق. أنْتُمْ مِنْ هَذا العَالَمِ، أَمَّا أنا فلست من هذا العالم ، فقلتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أنّي أنا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». فقالوا لَهُ: «مَنْ انت؟» فقالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أَكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةَ أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوكُمْ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فهذا أقولهُ لِلْعَالم». " وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَن الآب. فقالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أنَا هُوَ، وَلَسْتُ أفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ".
أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم
المسيح هنا يشرح السبب في عدم قدرتهم على أن يتبعوه. ويوضحه على أساس اختلاف الطبيعة واختلاف الوجود بين ما هو أرضي وما هو سماوي.أنتم من أسفل، أي من الطبيعة الترابية من الأرض، من المحدود الزمني المنتهي إلى الموت من تحت الباطل والزيف والأقنعة الزائلة.أما أنا فمن فوق أي من الطبيعة الخالقة من السماء من اللامحدود الأزلي من الخالد الأبدي من الحق القائم بذاته والدائم بكيانه.أنتم من هذا العالم المتغير والزائل والمحكوم بالقوى الطبيعية، والذي أخضع للباطل، ويسوده الشر، ويغطيه الظل ويعبث به الدوران.!
أما أنا فلست من هذا العالم، أتيت إليه مرسلاً، وأتركه وأذهب من حيث أتيت.دخلته لأخلصه وأفديه وأحييه وأنيره، ثم أنطلق مفتتحاً الطريق المؤدي إلى السماء لمن
استطاعوا أن يغلبوه، كما غلبته أنا.ولاحظ أن طبيعة المسيح هي من فوق ولم تنزل أبداً «إلى أسفل». فتزوله إلينا كان فقط من أجلنا، وأما هو من حيث طبيعته فهو لم يزل من فوق»، وهو لم يَزَلْ موجوداً فوق في السماء حتى أثناء وجوده معنا على الأرض (يو۳: ۱۳)، فتزوله كان
فقط من أجل أن يجذبنا معه إلى فوق ويرفعنا معه إلى الآب، كما قال هو عن نفسه:وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلي الجميع»، حيث هذا الجذب السري يعتمد أساساً على كون طبيعته إلهية من فوق وإلى فوق، فإن تم الاتحاد بينه وبيننا نحن الذين من أسفل فلابد أن يجذبنا معه إلى فوق.هنا تظهر أهمية الاتحاد بالمسيح، لأن الخطايا التي عملت هي في الواقع شهوات ورغبات أرضية ارتبطت بها النفس وصارت تشكّل ثقلاً أرضياً شديداً جداً، يستحيل معه أن نرتفع إلى السماء، إن لم تتغلب عليها جاذبية المسيح. فالارتفاع إلى فوق مع المسيح مذخر للذين أحبوا المسيح وعاشوا معه وصادقوه واتحدوا به. فإن لم نكن عائشين معه في شركة حقيقية، وليس مجرد شركة فكرية أو عقائدية؛ يستحيل أن نرتفع معه إلى فوق، لأن طبيعتنا توقعنا من جديد إلى الأرض.
وأما هو فطبيعته سماوية من فوق»، ولها القدرة أن ترفعنا لفوق؛ فهي قدرة مطلقة، في حين أن ثقلنا وخطايانا هي محدودة وغير مطلقة.من أجل هذا، فالاتحاد بالمسيح في غاية الأهمية لأنه الوسيلة الوحيدة التي بها ترتفع معه إلى فوق بكل هدوء وسلام، لأنه هو الذي يجذبنا ويرفعنا ولسنا نحن من ذواتنا.الأماكن الفوقانية التي لها الارتفاع المهول تحتاج إلى خفة كبيرة للوصول إليها، ولن نبلغها إلا بعد أن يرفع الرب عنا أثقالنا، ويعلمنا كيف نصعد معه إلى فوق ثم إلى فوق وإلى أبد الآبدين.هذه هي في الحقيقة شهوة المسيح الأزلية التي من أجلها احتمل كل شيء، والتي طلبها من أجلنا بالحاح من الآب: أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني، يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني، لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم».
هذا هو نصيبنا المفتخر فوق، ولكنه يصنع هنا في الزمان الحاضر. فإن متنا قبل أن نحصل على هذا الاتحاد وقبل أن تحقق هذه الصلات الحية بالمسيح، فكما قال لليهود: ستطلبونني وتموتون في خطاياكم»، حيث الخطية هي رفض التجاوب مع المسيح.فإن نحن تغاضينا عن الدعوة، فإننا نصير كاليهود الذين رفضوه.
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد