المقالات

14 ديسمبر 2024

ترقُّب المسيح

نبوة عن ملاخي النبي يقول عن يسوع أنه مُشتهى الأمم أي أن عيون الكل كانت تترقبه كل نبوات الكتاب المقدس وكل حديث في الكتاب المقدس تدور حول شخص يسوع المسيح من بداية سقوط آدم رأينا أن الله بيصنع ذبيحة لنفسه يريد أن يقول إن ذبيحته هي التي تستر وتُكفِّر عن خطايانا وأصبح لا يوجد أي علاج بشري يستر حتى أقمصة التين لم تسترهم لأنها تذبُل بمجرد حلول الشمس فيرجعوا إلى عُريهم ثانيةً أراد الرب الإله أن يقول لهم إن حلولهم كلها فاشلة وعاجزة عن سترهم والحل في ذبيحته سيعمل ذبيحة لأنها هي الحل الوحيد إنها ذبيحة آتية ستستر الجميع بعد ذلك تكلم عن نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية وبدأ الكتاب المقدس كله يحدثنا عن نبوات للسيد المسيح ومجيئه لذلك فإن أكثر الأشياء التي شغلت الأنبياء أن يتكلموا عن المسيا والروح تسوقهم حتى لو كانوا لا يُدركون ما يكتبون مثال على ذلك موسى النبي وهو يكتب الآية التي تقول أن نسل المرأة يسحق رأس الحية بالطبع لم يعرف معنى هذه الآية وعندما تحدث عن الذبيحة التي تغفر الخطايا فإنه لم يعرف معنى هذه الآية وما هي الذبيحة وأيضاً وهو يُدوِّن قصة فُلك نوح كان لا يعلم أنها ترمُز إلى شخص المخلص الذي سيُنجي العالم كله من طوفان الخطية لكنه كتب وهو لم يُدرك تتوالى النبوات عن مشتهى الأمم وكلما زاد العالم في شره زاد الترقب لقدوم المخلص ونرى الكتاب المقدس متدرج في روح النبوة ويكشف لنا عن من هو المسيا الذي سيأتي ما من صفة في شخص رب المجد يسوع إلا وتجد لها أكثر من نبوة والعجيب أن اليهود رغم إنهم أتقنوا أسرار الكتاب المقدس إلا إنهم لم يستطيعوا ربط هذا بالمسيا في حين أن كل الصفات مكتوبة كل صفات السيد المسيح وردت في نبوات الكتاب المقدس سيُولد من عذراء إسمه في أي مكان سيُولد ميعاد ميلاده صفاته ( نبي ، قاضي ، ملك ، مُخلص ) أدق تفاصيله لا بداية له ولا نهاية سيُعلِّم بأمثال يصنع معجزات إن تلميذه سيخونه سيُصلب يصير محتقر ومرذول سيُعرى يُسقى خل في عطشه إنه سيقوم من الأموات الصعود إنه سيأتي ثانيةً لهذه الدرجة أرادوا الأنبياء أن يُشيروا إلى ربنا يسوع المسيح ؟! كل هذا ولم يعرفه اليهود كل هذا إلا أنه عذرهم وفتح لهم الباب ثانياً وأراهم نفسه حياً ببراهين كثيرة يوحنا المعمدان عندما أرسل للسيد المسيح تلاميذه ليسألوه هل أنت أم ننتظر آخر ؟ ( مت 11 : 3 ) رغم معرفة ويقين يوحنا المعمدان أنه هو لكنه أراد أن يسمع تلاميذه بآذانهم الكلام فقال الرب يسوع لهم قولوا له العُمي يُبصرون ( مت 11 : 5 ) بدأ كلامه عن العُمي لأن أشعياء النبي تنبأ عنه وقال أنه سيجعل العُمي يُبصرون فمن يُولد من عذراء ووُلِد في بيت لحم وإلخ وأيضاً يجعل العُمي يُبصرون فإنه يكون هو المسيا يأتي الرب يسوع ولكي يؤكد لم يفتح أعين أعمى واحد بل إحدى عشر شخص في أماكن مختلفة مشتهى الأمم الذي عيون الكل تترجاه عندما جاء لم يعرفه أحد رغم محاولته للتأكيد على هذا أشعياء النبي يقول له { ليتكَ تشق السموات وتنزل } ( أش 64 : 1) وأيوب يقول له { ليس بيننا مُصالح يضع يدهُ على كلينا } ( أي 9 : 33 ) الكل يترقب حقق كل النبوات حتى النهاية حتى يقول كل هذه القصة من أجلك إنت حذاري أن تقع في هذا الخطأ لأنه سيُضاعف عشرة مرات إن كان الناس في العهد القديم لم يُصدقوا ما حدث ربما لهم عذر لكن نحن إذا وقعنا في الخطأ أو لم نستفد مما حدث إذاً لمن هو أتى ؟ ماذا فعل ؟ ما دوره ؟ وما دورك ؟ إنه أتى وبارك طبيعتي فيه أتى وأكمل النبوات لم يستريح على الصليب إلا عندما قال " قد أُكمِل " ( يو 19 : 30 ) أي كمُلت كل النبوات أحد الأباء المُفسرين يقول { أن يسوع ظل ينتظر وينتظر حتى تكتمل النبوة ويسقوه خل }{ في عطشي يسقونني خلاً }( مز 69 : 21 ) { نكس رأسه وأسلم الروح } ( يو 19 : 30 ) تعطي دلالة على أنه له سلطان على الموت لذلك نكس رأسه أولاً أي استعد ثم أسلم الروح أي أكمل التدبير للنهاية مشتهى الأمم عليه أن يدخل حياتي نحن الذين قيل عنا " نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور "( 1كو 10 : 11 ) حصلنا على كل هذه البركات دون مشقة حتى الأنبياء الذين كتبوا كل هذا لم يعوا ولم يفهموا ما كتبوه لهذا نقول في الصلاة { أن أنبياء وأبرار كثيرين إشتهوا أن يروا ما أنتم ترون ولم يروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا أما أنتم فطوبى لأعينكم لأنها تُبصر ولآذانكم لأنها تسمع } موسى النبي يرى عُليقة مُشتعلة بالنار ولكن لا يستوعب ولا يعرف أبونا يعقوب يرى سُلم طالع إلى السماء وملائكة صاعدة ونازلة إلا أن هذا المنظر بالنسبة له منظر مُفرح مُعزي ليس أكثر لكن الحقيقة هي أن بالتجسد إنفتحت السماء على الأرض والسُلم هو بطن الست العذراء الذي أعطانا كل البركات أما العُليقة المُشتعلة هي اتحاد اللاهوت بالناسوت فهل فهم ذلك موسى ؟ تخيل أنه قيل عن موسى النبي أنه " أمين في كل بيتي " ( عد 12 : 7 ) أيضاً " فماً إلى فمٍ وعياناً أتكلم معه " ( عد 12 : 8 ) كان يُكلم الله كما يُكلم صاحبه إلا أننا الأن فهمنا أكثر منه الشعب اليهودي وهو يذبح خروف الفصح كانوا يعلمون أنه هو المسيح ؟ بالطبع لم يعرفوا أن المسيح دخل أورشليم وهم يُدخلون الخرفان أيضاً لهذا يقول بولس الرسول { فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا } ( 1كو 5 : 7 ) هذا هو الفصح الحقيقي الذي أعطى كفارة هو الذي أعطى الفداء من هنا نقول أن هذه هي البركات التي آلت إلينا النِعم التي حصلنا عليها بالتجسد الإلهي الذي جعلنا نرى كل الأسرار كحقائق وجعلنا نتمتع بكل النبوات ليست مجرد نبوة بل بركة من هنا نحن نسعد ونحن نقرأ الكتاب المقدس بكل نبواته التي عرفناها بل عشناها ربنا يعطينا في هذه الأيام المقدسة أن نحيا حياة التجسد الإلهي ونشعر بقيمة العطية ويفتح لنا كنوز أسرار الكتاب لكي نتمتع بوجوده في حياتنا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
13 ديسمبر 2024

مائة درس وعظة (٥٨)

الأنبا أنطونيوس والبرية" أيقونة البرية" "انت خرجت من هذا العالم بغير إرادتك أما أنا فسأخرج من هذا العالم بإرادتي" ( ق الانبا انطونيوس) .القديس الأنبا انطونيوس هو أحد القديسين الذين تفتخر بهم وبسيرتهم العطرة أعطاء الله العمر الطويل الذي تعدى ١٠٥ سنوات ولم تقع اسنانه، ومع تلك الشيخوخة تجده ينزل الإسكندرية ليساند البابا اثناسيوس الرسولي بالرغم من أن عمره كان أكثر من مائة عام . يطلق على الانبا انطونيوس "أيقونة البرية" ترى ما الذي جعل الأنبا انطونيوس يتجه إلى البرية إلى هذه الحياة البعيدة عن العمران وكيف تحمل تحديات الحياة في البرية؟ أولا الإنجيل ١- كلمة مغروسة محبة الانجيل كانت مغروسة في قلب ودم الأنبا أنطونيوس، وهذا واضح في إجابته عندما سئل وهو قديس ناسك و كبير "كيف يستطيع الإنسان التحكم في الأفكار السيئة التي تاتي في خاطره " فاجاب "اقرأ العتيقة ثم الجديدة، وانته من الجديدة ثم ارجع إلى العتيقة" كنيستنا بكل ما فيها مبنية على الإنجيل فالتسبحة التي تصليها مأخوذة من الانجيل وكذلك الأجبية مأخودة من الإنجيل، وذلك لكي تغرس الكلمة في نفوس شعبها. ٢- كلمة معزية حينما يشعر الإنسان أن طريق ربنا صعب أو لا يوجد به تعزية أو يشعر بالملل لا يجد أمامه حلا إلا محبته للكتاب المقدس وأن يلهج في ناموسة نهارا وليلا ٣- كلمة مشبعة اساس حياتنا الروحية في كل يوم هو علاقتنا بالكتاب المقدس "لكل كمال رايت حدا، أما وصيتك فواسعة جدا" ( مز٩٦:١١٩) في العالم توجد معاهد متخصصة لأجل الكلمة المقدسة، وتدرس في الإنجيل كل شيء. ٤- كلمة حياة وانت لكي تعرف وتعيش وتتعلم مسيحك فلا يكون هذا إلا من خلال الكلمة المقدسة. ثانيا: الكنيسة ١- محطة اللقاء: الأنبا أنطونيوس هو ثمرة نبتت من الكنيسة ومازالت هذه النبتة حية إلى هذا اليوم كان يعتبر أن الكنيسة محطة للقاء المسيح ومحطة الفرح اليومي له وصارت الكنيسة في كيانه ٢- هيكل الله محبة الانبا انطونيوس للكنيسة ليست محبة الجدران، وإنما أيضاً للكنيسة ككيان نكبر فيه حتى إن الكتاب يقول لنا" أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم (اكو ١٦:٣) ٣- حياة تسليم محبة الأنيا انطونيوس للكنيسة هي محبته للتراث القديم وإيمانها المستقيم وطقسها الجميل والممارسات الروحية، فنحن نحيا هذه الحياة ونسميها "حياة التسليم" مثل الألحان التي تسلمناها. ثالثا: الآباء ١- سير النساك في أيام الانبا انطونيوس كانت تلك السير تصل إلى الأسماع خارج نطاق مصر مثل المتوحدين الذين كانوا في منطقة البحر الميت في فلسطين وبعض مناطق أخرى أيضاً. ٢- قديسو الكتاب قديسو الكتاب المقدس وأشهرهم القديس يوحنا المعمدان والقديس ايليا النبي فمحبة الأباء وقراءة سيرهم أوجدت في قلبه محبة الاتجاه إلى البرية من السمات المميزة عندنا نحن كاقباط في وسط شعوب العالم كله الله عندما نريد أن نأخذ بركة أو نتنزه نقول تعالوا نذهب إلى الدير فالدير وسيلة لسمو وترقية الحياة الروحية في نفوس المؤمنين فعندما تنظر إلى خريطة مصر نجد ديرا هنا واخر هناك فوظيفة هذه الأديرة الكثيرة رفع الحياة الروحية للمؤمنين. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
12 ديسمبر 2024

بدعة برديصان

اشتهر في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث غنوسي آخر وهو برديصان الرهاوي. وبرديصان Bardesenes مشتقة من "بار" السريانية ومعناها ابن ومن ديصان وهو نهر فوق الرها. ولد برديصان على هذا النهر فسمي به. ثم نشأ في الرها في قصر أبجر التاسع واهتدى إلى المسيحية فانبرى ينتصر لها. ثم زاغ عندما تقبل الغنوسية على مذهب فالنتينوس، وانتمى إلى فرع هذه البدعة الشرقي فزامل أكسيونيكوس واشتغل بالتنجيم وأجاد السريانية ونظم الأناشيد وأحسن التلحين فافتتن بأناشيده شبان الرها وفتياتها ونقلوا أضاليله بها. وجاء في تاريخ افسابيوس أن برديصان كتب مقالات كثيرة في الفلك والقدر وغير ذلك، وأن بعضها نقل إلى اليونانية. وليس لدينا اليوم من مصنفاته هذه سوى كتابه في شرائع البلدان الذي أملاه على تلميذه فيليبوس. ويرجح العلامة الأستاذ بيفان أن برديصان هو صاحب "أنشودة النفس" ولكن أحداً من زملائه لا يشاركه هذا الرأي وحكى مار أفرام الملفان أنه قال بسبعة كائنات. ونقل ما ميخائيل الكبير وابن العبري أنه قال بثلاث طبائه كبار وأربعة كائنات صارت 366 عالماً وكائناً وأن الله لم يكلم موسى والأنبياء وإنما هو رئيس الملائكة وأن "السيدة مريم العذراء" لم تلد جسداً قابلاً للموت لكن نفساً نيرة اتخذت شكلاً جسدياً. وكذّب بالقيامة وخلط في أمر تكوين العالم.
المزيد
11 ديسمبر 2024

أَخْلَى ذَاته ج2

أخلى ذاته حتى في صنع المعجزات! أخلي الرب ذاته فلم يستخدم قوته على صنع المعجزات إلا في الضرورة القصوى لم يستخدم قوته من أجل ذاته، ولا من أجل منفعة خاصة لم يستخدم لاهوته ليمنع عن نفسه الجوع أو العطش أو التعب أو الألم رفض أن يحول الحجارة إلى خبز لسد جوعه الشخصي، بينما بارك الخمس خبزات من أجل إشفاقه على الناس لم يستخدم قوته ليهبر الناس بالمعجزات، ولا من أجل الإيمان وعندما كانوا يطلبون منه معجزة لأجل (الفرجة) لم يكن يقبل بل كان يبكتهم قائلًا "جيل فاسق وشرير يطلب آية ولا تعطي له" (مت12: 39) لم يبهر الناس بالمعجزات مثلما فعل سيمون الساحر، ومثلما فعلت عرافة فيلبي، ومثلما سيحدث في الأزمنة الأخيرة من المسيح الدجال والوحش والتنين رفض أن يلقي نفسه من على جناح الهيكل، لتحمله الملائكة ويري الناس المنظر فينذهلون ويؤمنون معجبين بعظمته ! رفض ذلك، لأنه أخلي ذاته من إعجاب الناس إن معلمنا الصالح لم يحط نفسه بالمجد، لأنه أراد أن يلتف الناس حول التواضع وليس حول المجد ومعجزة كحادثة التجلي التي كان يمكن أن تبهر الجماهير، لم يشأ أن يراها كل الشعب، ولا حتى كل تلاميذه الاثني عشر، بل رآها ثلاثة فقط، وأوصاهم ألا يظهروها كان زاهدًا في كل هذه الأمور التي يبحث عنها من يريدون أن يظهروا ذواتهم بل أكثر من هذا أنه بعد كل معجزة تبهر البصر كان يخفي تلك المعجزة بعمل من أعمال الضعف البشري أو بكلام عن آلامه أو يطلب ممن حدثت معه أن يخفيها وحتى من أجل الإيمان لم يشأ أن يبهر الناس بالمعجزات أراد أن يكون إيمانهم بدافع من الحب والاقتناع وليس بسبب المعجزات وما الدليل على هذا؟ دليلنا أنه كان يطلب الإيمان قبل المعجزة، وليس كنتيجة لها وكثيرًا ما كان يسأل الذي يجري معه المعجزة "أتؤمن؟"، أو يقول له "ليكن لك حسب إيمانك"وإن كان يؤمن قبلًا تحدث معه المعجزة ولذلك قيل عنه إنه في وطنه "لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم إيمانهم" (مت13: 58) كان الإيمان يسبق المعجزة وكانت المعجزة نتيجة للإيمان وليست سببًا وكثير من معجزات السيد الرب كانت أعمال رحمة وحب وكانت لها أهداف روحية تتبعوا عنصر الحب والحنان في معجزات الرب يظهر لكم واضحًا وجليًا وهكذا نري في معجزة لإقامة ألعازر أنه بكي قبل أن يقيمه إن الحب الذي كان يعتصر قلبه، ظهر أولًا في عينيه الدامعتين، قبل أن تظهر قوته في عبارة "هلم خارجًا" وكثير من معجزات الشفاء كانت تسبقها عبارة "فتحنن يسوع" أو "أشفق" أو ما شابه ذلك ولم يستخدم معجزاته في الدفاع عن نفسه، أو في الانتقام من مضطهديه وشاتميه أهانوه بكل أنواع الإهانة، وأشبعوه شتمًا وتعييرًا وكان يستطيع أن يجعل الأرض تفتح فاها وتبتلعهم، أو تنزل نار من السماء وتفنيهم ولكنه لم يفعل كان قد أخلي ذاته من استخدام هذه القوة التي فيه. عاش المسيح بغير لقب وبغير وظيفة:- عاش السيد المسيح بغير لقب، وبغير وظيفة رسمية في المجتمع، وبغير اختصاصات في نظر الناس ماذا كانت وظيفة المسيح في نظر المجتمع اليهودي، أو في نظر الدولة؟! لا شيء كان أمامهم مجرد رجل يجول من مكان إلى آخر، يعمل ويعلم، دون أن يستند إلى وضع رسمي لم يكن من أصحاب الرتب الكهنوتية في نظر الناس، لأنه لم يكن من سبط لاوي ولا من أبناء هارون فقد كانت أمه ويوسف النجار من سبط يهوذا ووصل إخلاؤه لذاته في هذه الناحية، أنه عندما شفي الرجل الأبرص، قال له: "اذهب أر نفسك للكاهن، وقدم القربان الذي أمر به موسى" (مت 8: 4). يا لها من عبارة مؤثرة للغاية!! تصوروا رئيس الكهنة الأعظم، منشئ الكهنوت ومؤسسه، ومنع كل سلطة كهنوتية، يقول للأبرص: "اذهب أر نفسك للكاهن"!! وماذا عنك أنت يا رب؟ أنت الكاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق؟ لماذا ترسلني إلى كاهن، وأنت راعي الرعاة وكاهن الكهنة؟! ما أعجبك في إخلائك لذاتك! تتصرف كمن لا سلطة له، وأنت مصدر كل سلطة!! وعاش السيد المسيح بدون أي مركز اجتماعي، ولم تكن له أية صفة رسمية على الإطلاق حتى في وضعه كمعلم لم يكن من طوائف الكتبة والفريسيين المؤتمنين على التعليم في ذلك الحين، ولا من جماعة الكهنة الذين من أفواههم تطلب الشريعة (أر18: 18)، ولا من الشيوخ ولا من البارزين في المجتمع وعلى الرغم من كل ذلك، ملأ الدنيا تعليمًا، وكانوا يلقبونه بالمعلم، والمعلم الصالح، ودعي معلمًا حتى من أصحاب المكانة العلمية كالكتبة والفريسيين وهكذا أرانا كيف يمكن أن يعيش الشخص بلا لقب، ومع ذلك يعمل أكثر من أصحاب الألقاب..! وفي حياته كمعلم، عاش وقد أخلى ذاته من كل شيء. لم يكن للمسيح مكانًا يُعَلِّم فيه:- أحيانًا كان يعلم وهو جالس على الجبل، وأحيانًا يكلم الناس وهو واقف في سفينة وهم جلوس على الشاطئ وأحيانًا كان يعلم وهو في وسط الزروع والبساتين، يتأمل مع تلاميذه زنابق الحقل وطيور السماء وأحيانًا كان يعلم في الخلاء، في موضع قفر، في البرية وأحيانًا في الطريق وعلى العموم لم يكن له مكان خاص للتعليم، لا مركز ثابت ولا مكان ثابت بل لم يكن له أين يسند رأسه (لو9: 58) وإذ أخلى ذاته من الارتباط بمكان معين، أصبح له كل مكان عجيب أن الله الذي ملأ السموات والأرض، لم يكن له أين يسند رأسه عندما ولد يقول الكتاب "لم يكن له موضع في البيت" (لو2: 7) وطول فترة تجسده على الأرض لم يكن له مسكن معين يذهب أحيانًا إلى بيت مريم ومرثا، وأحيانا إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس، وأحيانا إلى إلى بيت سِمعان، وأحيانًا إلى بستان جثماني ما أعجب قول الكتاب "ومضي كل واحد إلى بيته، أما يسوع فمضي إلى جبل الزيتون" (يو8: 1) والذين كانوا يتبعونه، كانوا يسيرون وراء المجهول لا يعرفون لهم موضعًا ولا مركزًا، ولا مالية معينة، ولا عملًا محددًا عندما قال السيد لمتي اللاوى "اتبعني"، تبعه متى ولو سألته "إلى أين؟" لما عرف كيف يجيب ولو سألته ماذا ستعمل؟ لوقف أمام علامة استفهام لا جواب لها لقد أراد الرب لتلاميذه أن يخلوا ذواتهم أيضًا هم مجرد تلاميذ، لا يعرفون لهم عملًا سوي أن يتبعوا المسيح، الذي لا يعرفون له وظيفة ولا عملًا رسميًا ولا مكانًا ثابتًا. كان المسيح يحيط به جماعة من المساكين:- وكما أخلي المسيح ذاته، أحبه الذين أخلوا ذواتهم، أو الذين لا ذوات لهم فأحاطت به مجموعة من الفقراء والمساكين والمزدري وغير الموجود جماعة من جُهَّال العالم وضعفاء العالم وأدنياء العالم (1كو1: 27، 28) وهكذا اختار تلاميذه جماعة من الصيادين الجهلة، كما اختار واحدًا من العشارين المرذولين والذين أحاطوا به كانوا من عامة الشعب الأطفال الذين لا يعتد بهم أحد والخطاة والعشارين الذين يحتقرهم الناس، والنساء أيضًا اللائي لم تكن لهن مكانه في المتجمع اليهودي وهكذا كانت نسوة كثيرات يتبعنه (لو23: 27) وحول صليبه وقفت النسوة لا شيوخ الشعب وبكت عليه بنات أورشليم (لو22: 28) ولم يبك عليه أعضاء مجلس السنهدريم! عاش إنسانًا بسيطًا بلا مركز وبلا لقب، يحيط به أشخاص مجهولون بلا مركز وبلا لقب أيضًا وحتى لقبه الطبيعي "ابن الله"، لم يستخدمه كثيرًا وكان يستبدله في غالب الأحيان بلقب "إبن الإنسان"! عاش وسط الشعب، لا وسط الرؤساء، وكان قريبًا من الصغار، بعيدًا عن الكبار والمعتبرين، يحبه الشعب ويضطهده الرؤساء وحسنًا تنبأ عنه داود قائلًا: "الأعزاء قاموا على" (مز54: 3) "الرؤساء اضطهدوني بلا سبب" (مز119: 161) حتى الذين استضافوه كانوا من البسطاء أو من المحتقرين فدخل بيت متي، ولم يدخل بيت بيلاطس ولا بيت هيرودس ودخل بيت زَكَّا، ولم يدخل بيت حنان ولا بيت قَيافا. عاش المسيح فقيرًا ومرفوضًا:- أخلي ذاته من المال والجاه، فعاش فقيرًا لا يملك شيئًا وهو مغني الكل حتى أنهم لما طلبوا منه الجزية لم يجد ما يعطيه لهم، فطلب من بطرس أن يلقي الشبكة ويصطاد ويدفع لهم (مت17: 27) وعاش مرفوضًا إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله (يو1: 11) كنور أشرق في الظلمة، والظلمة لم تدركه (يو1: 5)،بل أحب الناس الظلمة أكثر من النور (يو3: 19) وأصبح الاتصال به تهمة، والتلمذة له عارًا حتى أن نيقوديموس عندما أراد مقابلته، قابله في الخفاء، سرًا وليلًا (يو3: 2) وحتى أن اليهود في إهانتهم للمولود أعمي إذ آمن بالمسيح بعد شفائه، شتموه قائلين له أنت تلميذ ذاك (يو9: 28) وهكذا أصبحت التلمذة لذاك الناصري من أنواع السب ووصمة عار وجاء الوقت الذي أصبح فيه تلاميذه مغلقين على أنفسهم في العلية لا يستطيعون الخروج منها، خوفًا من مسبة انتسابهم لذاك الناصري وهكذا وجدنا عملاقًا عظيمًا كبطرس تبرأ من المسيح ومن الانتساب إليه، وأخذ يلعن ويحلف قائلًا إنه لا يعرف الرجل (مز14: 71). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
10 ديسمبر 2024

أباء الكنيسة وتعبير "صار جسدا"

منذ فجر المسيحية والكنيسة تؤكد عدم التحول أو التغير في ذات الله وأن الرب يسوع المسيح هو الإله المتجسد، الله الظاهر في الجسد، عمانوئيل، الإله القدير، الأزلي الأبدي، المولود من نسل إبراهيم وأسحق ويعقوب وداود بحسب الجسد مع أنه الكائن على الكل الله المبارك إلى الأبد (رو5: 9)، وأنه ظهر في الجسد باتخاذه جسداً من لحم ودم وعظام وروح ونفس في أحشاء القديسة مريم العذراء. وهذا ما سجله كل من القديس لوقا والقديس متى بالتفصيل بالروح القدس في الإنجيل (مت1،2؛لو1،2)، وما أكده، أيضا، كل من القديس مرقس والقديس يوحنا بإعلانهما بالروح القدس أمومة العذراء القديسة مريم له، سواء في تعاملها معه وتعامله معها (يو2؛ مر31: 3؛3: 6)، أو عند الصليب (يو25: 1927)، وهذا أيضا ما سجله بقية الرسل في رسائلهم بالروح القدس ؛ فالقديس يوحنا يقول بالروح القدس " والكلمة صار جسدا " (يو14: 1)، ويقول أيضا أنه " جاء في الجسد " (1يو2: 4) و" آتيا في الجسد " (2يو7). والقديس بولس الرسول أكد مرات عديدة حقيقة تجسد الرب باتخاذه جسدا كقوله " ومنهم المسيح حسب الجسد " (رو5: 9) و" الله ظهر في الجسد " (1تي16: 3) وكذلك القديس بطرس بقوله بالروح: " فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد " (1بط1: 4) و " سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيمانا ثمينا مساويا لنا ببر إلهنا والمخلص يسوع المسيح " (2بط1: 1)، فهو، هنا، يعلن أنه إلهنا ومخلصنا " وعند الحديث عن آلامه يبين أنه " تألم بالجسد " كما قال أيضا " مماتا في الجسد " (1بط18: 3) وقد تعلم أباء الكنيسة، من تلاميذ رسل الرب يسوع المسيح وخلفائهم، الذين تعلموا علي أيدي الرسل، بما استلموه من الرسل أنفسهم، سواء المدون في العهد الجديد مع شهادة العهد القديم أو ما تسلموه شفاهه ونادوا به في كل مكان. وهذه شهادتهم وتعليمهم في القرون الأولى للمسيحية: قال القديس أعناطيوس الإنطاكي تلميذ القديس بطرس الرسول: " المسيح يسوع الذي من نسل داود (بالجسد) (رو3: 1) والمولود من مريم: الذي ولد حقا وأكل حقا... " (ترالس: 9) ثم يقول أنه " يوجد طبيب واحد، هو في الوقت نفسه روح وجسد (إي إله وإنسان)، مولود وغير مولود. الله صار جسدا، حياة حقيقية في الموت (أي التجسد) من مريم ومن الله، كان قابلاً للألم وهو الآن غير قابل للألم. يسوع المسيح ربنا " (أفسس2: 7) وأيضا " إيمان واحد بيسوع المسيح الذي من نسل داود بحسب الجسد ؛ ابن الإنسان وابن الله " (أفسس 2: 20) ثم قال بأكثر وضوح: " نؤمن هكذا أنه اخذ إنسانا كاملا من مريم العذراء والده الإله ومن الروح القدس " ودعاه جسده " الجسد الذي بناه الله من جسم ودم العذراء " (لاهوت) " المسيح الذي هو حقيقة من نسل داود بالجسد (رو3: 1) وابن بمشيئة وقوة الله، وولد حقا من مريم العذراء وأعتمد من يوحنا المعمدان لتتم به كل عدالة. وقال القديس بوليكاريوس تلميذ القديس يوحنا الرسول " كل من لا يعترف بأن يسوع المسيح قد جاء في الجسد هو ضد المسيح " وهو هنا يستخدم نفس تعبير القديس (1يو2: 4) يوحنا لأنه تلميذه وقال ارستيدس الاثيني (حوالي 140م) " يرجع إيمان المسيحيين إلى الرب يسوع المسيح الذي نزل من السماء بالروح القدس لخلاص البشرية وهو ابن الله العلي وقد وولد من عذراء قديسة بدون زرع بشر وأتخذ جسدا بغير فساد " وقال ميليتو أسقف ساردس (حوالي 171م) " تبرهن أعمال المسيح بعد معموديته أن روحه وجسده، طبيعته الإنسانية، كانا مثل طبيعتنا ... وتوضح أعماله بعد معموديته، خاصة معجزاته، للعالم بكل تأكيد اللاهوت المحتجب في جسده، ولكونه الله ولكونه أيضا إنساناً تاماً (كامل في ناسوته) فقد قدم إيضاحاً إيجابياً لطبيعته (حرفيا طبيعتيه ؛ اللاهوت والناسوت): أوضح لاهوته عن طريق معجزاته التي صنعها في السنوات الثلاث التالية لمعموديته، التي أتممها لكونه في الجسد، فقد حجب لاهوته بالرغم من أنه الإله الحقيقي الموجود قبل كل الدهور " وقال ايريناؤس أسقف ليون وخليفة تلاميذ الرسل " لكي يجدد الإنسان في نفسه، صار غير المرئي مرئياً وغير المدرك صار مدركاً والغير المتألم صار خاضعاً للألم. الكلمة صار إنساناً ليجدد كل شيء في ذاته " " وعندما جاء المسيح إلى عالمنا لخلاصنا أخذ جسدا حقيقيا كأجسادنا لأن الرسول يقول الكلمة صار جسدا ". وقال اطيفوس تلميذ الرسل وبطريرك القسطنطينية علي الميلاد " كلمة الله أتضع وهو غير المتضع في جوهره، أتضع بإرادته ولبس صورة العبد، الذي بلا جسد لبس جسدا من أجلك أيها الإنسان. الكلمة الذي تجسد، غير الملموس بجوهر لاهوته لُمس من أجلك أيها الإنسان الذي ليس له ابتداء بلاهوته لبس جسدا. الغير متغير تجسد بالجسد المتغير " (اعتراف الآباء). وقال ترتليان (حوالي 155م) " نزل بهاء مجد الله (عب1: 3)، كما سبق أن تنبأ الأنبياء في القديم، إلى عذراء وكون جسدا في رحمها، وولد متحداً كإله وإنسان، تشكل الجسد بالروح القدس، تغذى ونما إلى الرجولة، تحدث وعلم وعمل، هذا هو المسيح " " دعي الكلمة ابنه (ابن الله) وظهر في أوقات مختلفة للبطاركة باسم الله، وكان الأنبياء يسمعونه دائما، وأخيرا نزل من الروح القدس وبقوة الله الآب إلى مريم العذراء وصار جسدا في أحشائها، وولد منها ". قال اكليمندس الإسكندري (150 215م) " بعملية التجسد اصبح الابن منظورا ومدركا في حيز الأشياء التي نراها وندركها بحواسنا ". قال يوستينوس الشهيد (ولد حوالي 100م) " الكلمة (logos λόγος)، هو نفسه أتخذ شكلا وصار إنسانا ودعي يسوع المسيح " " أنه كان موجودا سابقا كابن خالق كل شيء، لكونه الله، وأنه وُلد كإنسان بواسطة العذراء ... كان موجودا سابقا وخضع لمشيئة الآب ليولد كإنسان مثلنا " " لقد صار المسيح إنسانا بواسطة العذراء ليزهق العصيان الذي أنبثق عن الحية بالطريقة نفسها ". قال اوريجانوس (185 253م) " يسوع المسيح نفسه الذي جاء (إلى العالم) ... جرد نفسه (من مجده) وصار إنسانا وتجسد برغم من أنه الله وبينما صار إنسانا بقي كما هو إله، لقد اتخذ جسدا مثل أجسادنا ... ولد من العذراء ومن الروح القدس " وقال العلامة هيبوليتوس (استشهد عام 235م) في تفسير أمثال 9: 1 " الحكمة بنت بيتها " " أنه يقصد أن المسيح حكمه الله الأب وقوته (1كو24: 1) بني بيته أي طبيعته الجسدية التي اتخذها من العذراء كما قال (يوحنا) من قبل " والكلمة صار جسدا وحل بيننا " ثم قال في تفسير " مزجت خمرها " " أن المخلص وحد لاهوته، مثل الخمر النقي، مع الجسد في العذراء وولد منها إله وإنسان في أن واحد " وقال القديس اثناسيوس الرسولي (296 373م) " لكنه اخذ جسدا من جنسنا، وليس ذلك فحسب، بل من عذراء طاهرة بلا لوم ... لأنه وهو القادر علي كل شئ وبارئ كل شئ أعد الجسد في العذراء كهيكل له، وجعله جسده بالذات، واتخذه أداة له وفيه أعلن ذاته، وفيه حل "" صار" تخص الجسد، وفعلا " صار" الجسد خاصا بالكلمة وليس خاصا بإنسان، فالله تأنس، ولذلك قيل أنه " صار جسدا " حتى لا يخطئ أحد في فهم حقيقة التجسد، ويغفل اسم الجسد " ... هذا الاتحاد الطبيعي بين الكلمة والجسد الذي صار جسدا خاصا به وفيه حل " وقال أيضاً: " التعبير: " صار جسدا "، يبدو كأنه متوازي مع ما قيل عنه " جُعل خطية، ولعنة " (2كو21: 15)، ليس لأن الرب تحول إلى ذلك لأنه كيف هذا؟ بل لأنه قبل هذا عندما اخذ إثمنا وتحمل ضعفنا (اش4: 53) " وقال القديس كيرلس الإسكندري متسائلا " كيف تفسر " الكلمة صار جسدا؟ " ثم أجاب قائلا: " يبشرنا بولس الحكيم جدا ووكيل أسراره وكاهن الإنجيل " فليكن فيكم الفكر الذي كان في المسيح يسوع أيضا الذي إذ كان في صورة الله صار في شبه الناس، وإذ وجد في الهيئة كإنسان تواضع وأطاع حتى الموت موت الصليب " (في5: 27) " فالكلمة الابن الوحيد الإله الذي ولد من الله الأب الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره (عب3: 1) هو الذي صار جسدا، دون أن يتحول إلى جسد، أي بلا امتزاج أو اختلاط أو أي شئ آخر من هذا القبيل بل " أخلي ذاته " وجاء إلى فقرنا، ومن اجل الفرح الموضوع أمامه، استهان بالعار (عب2: 12) دون أن يحتقر فقر الطبيعة الإنسانية لأنه أراد كإله أن يخلص الإنسان الخاضع للموت والخطية وأن يعيده إلى ما كان عليه في البدء، فجعل جسد البشر جسده ونفس إنسانية عاقلة ... فولد كإنسان بطريقة إعجازية من امرأة، لأنه لم يكن ممكنا بأمره أن نري الله علي الأرض في شكله غير المنظور لأن الله لا يري فهو غير مرئي، وطبيعته غير محسوسة، لكن حسن في عينيه أن يتجسد وأن يظهر في ذاته كيف يمكن أن تتمجد طبيعتنا بكل أمجاد اللاهوت، لأنه هو نفسه إله، وإنسان " في شبه الناس " ولأنه أصلا إله قيل عنه أنه " صار في شبه الناس ". فالله الذي ظهر في شكلنا وصار في صورة العبد، هو الرب وهذا ما نعنيه بأنه صار جسدا ولذلك نؤكد أن العذراء القديسة هي والدة الله " وقال في تفسيره ليوحنا 1: " والكلمة صار جسدا ": " الآن يعلن الإنجيلي التجسد بشكل علني، فهو يؤكد أن الابن الوحيد جاء، ودعي ابن الإنسان. ولهذا السبب بالذات وليس لأجل أي شيء آخر يقول " الكلمة صار جسدا " ومعنى هذه الكلمات لا يزيد عن قوله " الكلمة صار إنسانا "، وتعبير الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " ليس غريبا ولا بعيدا عن استعمال الأسفار الإلهية لأنها غالبا ما تسمي الإنسان كله " جسد " كما جاء في النبي يوئيل " سأسكب من روحي على كل جسد " (يوئيل28: 2) ... ولم يقل الإنجيلي أن الكلمة جاء إلى الجسد مثلما فعل في القديم عندما جاء إلى الأنبياء والقديسين، واشتركوا فيه وإنما ما يعنيه الإنجيلي، أنه صار جسدا، أي صار إنسانا ولكنه هو الله بالطبيعة وهو في الجسد، وجعله جسده دون أن يفقد لاهوته. فهذا هو اعتقادنا لأننا نعبده وهو في الجسد ...وحتى لا يتصور أحد بجهل أنه تخلى عن طبيعته، وتحول إلى جسد، وتألم، وبذلك صار قابلا لتغير (مع أن اللاهوت بعيد تماما عن التغيير أو التبديل)، أضاف الإنجيلي الإلهي على الفور " وسكن فينا "، لكي ندرك أنه يتكلم عن شيئين أولا الساكن، ثم المسكن، لكي لا يفترض أحد بعد ذلك أنه تحول إلى جسد، وإنما سكن في الجسد، واستخدم جسده، الهيكل الذي اتخذه من العذراء القديسة، أو كما يقول بولس " لأن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (كو9: 2) ثم يضيف " ورأينا مجده، مجد الابن الوحيد للآب، مملوء نعمة وحقا ": بعد أن قال أن الكلمة صار جسدا، أي صار إنسانا، وبعد أن جعله معنا في الأخوة الخاصة مع الخلائق والعبيد، يعود ويؤكد كرامته الإلهية التي لم تتغير، ويعلنه لنا إلها كاملا، له كل صفات وطبيعة الآب. فالطبيعة الإلهية لها ثباتها الخاص بها، ولا تقبل التغيير إلى ما ليس منها، بل تظل بلا تبديل محتفظة بما لها من صفات. ولأجل ذلك بعد أن قال الإنجيلي " الكلمة صار جسدا " عاد وأكد أنه لم يخضع لضعفات الجسد، ولم يفقد قوته ومجده الإلهي، عندما لبس جسد الضعف الذي بلا مجد. فقال " ورأينا مجده "، الذي يفوق كل مجد، والذي يجعل كل من يراه يعترف أنه مجد الآب الوحيد، ابن الله الآب، المملوء نعمة وحقا ". يقول اميروسيوس أسقف ميلان في عمله بخصوص الإيمان " لقد كتب أن الكلمة صار جسدا، ولا أنكر أن هذا كتب، ولكن أنظر إلى النصوص المستخدمة، إذ يتبع هذا قوله، وحل بيننا، وهذا يعني أنه سكن في جسد بشري ... أنه يتكلم عن اتخاذه جسدا ". ونختم هذه الأقوال بقول القديس اثناسيوس الرسولي إلى أبيكتيتوس " من أين خرجت هذه الأمور. وأي عالم سفلي تقيأ القول بأن الجسد الذي من مريم هو من نفس جوهر لاهوت الكلمة؟ أو بأن الكلمة تحول إلي لحم وعظام وشعر وكل الجسد وتغير عن طبيعته الخاصة؟ أو من كفر إلى مثل هذه الدرجة حتى يقول وهو في نفس الوقت يعتقد أيضا بأن اللاهوت ذاته الذي من نفس جوهر الأب، قد صار ناقصا خارجا من كامل، والذي سمر علي الخشبة لم يكن هو الجسد بل هو جوهر الحكمة الخالق ذاته؟ أو من سمع بأن الكلمة حول نفسه جسدا قابلا للتألم، ليس من مريم بل من جوهره الذاتي فهل يمكن أن يدعي مسيحيا من يقول هذا؟ " لقد صار الكلمة جسدا، صورة الله اتخذ صورة العبد وصار في الهيئة كإنسان، اتخذ كل مالنا، شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية " لأنه جاء في شبه جسد الخطية " (رو3: 8)، " مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب15: 4)، " ظهر في الجسد " الذي اتخذه من مريم العذراء وحل فيه وبه وصار جسده، جسد الله الكلمة، الكلمة المتجسد، الإله المتجسد. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن كتاب إذا كان المسيح إلهاً فكيف ُحبل به وولد؟
المزيد
09 ديسمبر 2024

بمناسبة شهر كيهك فتاة متنفِّسة بالله

تسابيح كيهك هي تسابيح غنيّة مملوءة بالعبارات الجميلة ذات المعاني العميقة بخصوص التجسُّد الإلهي، وبخصوص أمّ النور والدة الإله التي تمّ التجسّد بواسطتها لقدّ أحبّ آباؤنا القدّيسون أمنا العذراء جدًّا، ليس فقط لأنّها أتت للعالم بالمخلّص التي وهبنا الحياة والخلود، بل أيضًا لأنّها كانت نموذجًا إنسانيًّا رائعًا للاتحاد بالله، وللعِشرة الحلوة معه فقد كانت مُنسجِمة إلى أقصى درجة مع عمل روح الله فيها، في طاعة وتسليم واستعداد كامل لتقديم كلّ الحياة والإمكانيّات لتمجيد اسمه وتنفيذ مشيئته بلا أي هَوَى جسدي أو رغبة أرضيّة..! لذلك نجد أنّ كنيستنا المقدّسة قد حفظت لنا الكثير من التطويبات والمدائح التي كتبها الآباء وتغنّوا بها، تكريمًا لوالدة الإله القديسة مريم من أجل أن نتغنّى معهم من خلال هذه المدائح بفضائل العذراء، ونتأمّل معهم في شخصيّتها الفريدة، فتكون قُدوة لنا نحن الضعفاء الخُطاة ولعلّ شهر كيهك بوجه عام هو أكثر فترات السنة التي نقضيها في تمجيد والدة الإله، والتأمُّل في حياتها المزيَّنة بالفضائل، والتشفُّع بها لكي تساعدنا في جهادنا الروحي والكنيسة في شهر كيهك تعطي اهتمامًا خاصًّا لتسبحة عشيّة يوم السبت، ولتسبحة نصف الليل ليوم الأحد، وبالذّات لثيؤطوكيّة السبت وثيؤطوكيّة الأحد فنحن نعرف أنّ هناك سبع ثيؤطوكيّات بعدد أيّام الأسبوع، وكلّ ثيؤطوكيّة تتكوّن من مجموعة من القِطَع التي تحوي شروحات عن التجسُّد الإلهي، والعديد من النبوّات والإشارات المتعلّقة به، كما تحوي تمجيدًا لوالدة الإله "الثيؤطوكوس" وتأملات كثيرة في حياتها وفضائلها.. ثيؤطوكيّة السبت تتكوّن من تسع قطع وثيؤطوكيّة الأحد تتكوّن من خمس عشرة قطعة مزدوجة، وهي أطول الثيؤطوكيّات وأغناها بالمعاني والألحان وفي شهر كيهك جمعَتْ لنا الكنيسة العديد من المدائح باللغة القبطيّة والعربيّة مع قليل من المدائح الروميّة (اليونانيّة)، على كلّ قطعة من قِطَع ثيؤطوكيّتيّ السبت والأحد من أجمل العبارات التي اخترقت قلبي، ما جاء في تسبحة عشيّة يوم السبت لشهر كيهك، وبالتحديد في التفسير الرومي على القطعة الثالثة لثيؤطوكيّة السبت التي يقول فيها المُرنِّم "أنتِ هي مَرْكَبَةُ الله يا مريم، وميلادك لا يُفَسَّر، يا جوهرة عفيفة، وفتاة متنفِّسة بالله" فهو هنا يصفّ العذراء بأنّها هي المركبة الشاروبيميّة المَهيبة الحاملة لله، التي رآها حزقيال النبي في بداية نبوّته (حز1) وأنّ ولادتها المعجزيّة للمسيح وهي عذراء هو أمرٌ غير قابل لتفسير بشري ثم يصفها بالجوهرة التي لم تتلوّث بالعالم، بل تعفّفَت عن كلّ شهواته، فاتّحدت بالله وصارت كإنسانة متنفِّسة بالله..! يا لها من كلمة..! "فتاة متنفّسة بالله"..!! عندما يتنفّس الإنسان، فهذا يعني أنّه يأخُذ كميّة من الهواء المملوء بالأُكسِجين، وهو المادّة اللازمة لحياة خلايا الجسم وإذا توقّف الإنسان عن التنفُّس، وغاب الأُكسِجين، تختنق الخلايا وتموت، وبالتالي يموت الإنسان هذا على المستوى الجسدي أمّا على المستوى الروحي، فالمسيح هو حياتنا (كو3: 4) فكما أنّ الجسد يتنفّس الأُكسِجين باستمرار لكي يحيا ولا يموت، هكذا الروح ينبغي أن تتنفّس المسيح باستمرار لكي تحيا ولا تموت لقد وُهِب لنا نحن المسيحيّين أن نتنفّس المسيح بالروح القدس عن طريق ثلاثة أعمال رئيسيّة؛ هي الصلاة وقراءة الكلمة الإلهيّة والتناول. 1- الصلاة بأشكالها المتنوِّعة فيها ننطق باسم يسوع المخلّص ويتحرّك الروح فينا فنتزوّد بالقوّة الإلهيّة.. 2- قراءة الكلمة الإلهيّة هي استنشاق لنسمات الروح، فالكتب المقدّسة بحسب وصف الكنيسة هي "أنفاس الله" كما جاء في [إبصالية الأربعاء]، أو هي كما قال السيّد له المجد "الكلام الذي أكلّمكم به هو روح وحياة" (يو6: 63) لذلك فإن التغذِّي بكلام الإنجيل يُحيي النفس، كما يقول المرتِّل "فتحت فمي واجتذبت لي روحًا، لأني لوصاياك اشتقتُ" (مز119: 131).. 3- أمّا التناول فهو أعلى درجات التنفُّس بالمسيح والحياة به، وهو الذي قال عنه الرب يسوع: "إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم" (يو6: 53) الكثيرون مِنَّا يتنفّسون أخبارًا سياسية واقتصاديّة واجتماعيّة، وربّما رياضيّة وكلّ هذا الهواء يفتقر للأُكسِجين الروحي، بل كثيرًا ما يمتلئ بالغازات الخانقة السامّة.. أمّا المسيحي الحقيقي فهو يتنفّس الله في كلّ لحظة، فتنتعش حياته، وتُشرق فيه على الدوام صورة خالقه. الذي يلهج بالمزامير، هو إنسان مُتنفِّس بالله الذي يردِّد اسم يسوع باستمرار، هو إنسان متنفِّس بالله الذي يستغرق في التأمّل في كلام الإنجيل، هو إنسان متنفِّس بالله الذي يبشِّر بحبّ المسيح وخلاصه، هو إنسان متنفِّس بالله الذي يملأ فمه من تسبيح الله طوال اليوم، هو إنسان متنفِّس بالله لقد كان القدّيس البابا كيرلّس السادس إنسانًا متنفّسًا بالله، ولا يكفّ عن الصلاة والتسبيح، لدرجة أنّه عندما أجرى عمليّة استئصال الزائدة الدوديّة (في منتصف الخمسينيّات)، وأثناء الإفاقة من التخدير، صلّى القدّاس كلّه وعشرات المزامير، بينما كان في غير وعيه ونفس الوضع تمامًا تكرّر مع القدّيس القمّص بيشوي كامل، بعد العمليّة التي أجراها في لندن، قبل نياحته بحوالي سنتين..! لعلّنا مع التسابيح الغنيّة في هذا الشهر، نُدَرِّب أنفسنا كيف نكون متنفّسين بالله، كما عاش الآباء القدّيسون، وأمّنا العذراء الجميلة، الفتاة المُتنفِّسة بالله..؟! القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
08 ديسمبر 2024

تذكار الاعياد الثلاثة البشارة والميلاد والقيامة

يحتفل في كل يوم 29 من كل شهر قبطي ماعدا شهري طوبه وأمشير بتذكار الأعياد السيدية الثلاثة الكبرى، بالطقس الفرايحي الذي يمتاز بالنغم المطرب الذي يليق بالأعياد والأفراح الروحية ولا يكون فيه صوم انقطاعي ولا ميطانيات metanoia. وهى كالآتي: عيد البشارة الذي يقع في 29 برمهات. عيد الميلاد الذي يقع في 29 كيهك. عيد القيامة الذي كان في سنة صلب السيد المسيح وقيامته في 29 برمهات أيضًا. الطقس: تسبحة عشية: تصلى تسبحة عشية كالمعتاد مع إضافة إبصالية واطس أو آدام الخاصة بالعيد، كما تقال الإبصالية باللحن الفرايحي ثم يقال الطرح الخاص بالبشارة قبل ختام التذاكيات. في رفع بخور عشية وباكر: تقال أرباع الناقوس الخاصة بالبشارة والميلاد والقيامة كذلك الذكصولوجيات ومرد الإنجيل والختام. تسبحة نصف الليل: تصلي التسبحة كالمعتاد على أن تقال “تين أويه إنثوك”، كما يقال المجمع بطقس الأعياد السيدية وتقال الذكصولوجيات والإبصاليات والدفنار ثم ختام التذاكيات فختام التسبحة. في القداس: تصلى مزامير الساعة الثالثة والسادسة فقط قبل تقديم الحمل وتقال الليلويا فاي بيه بي ولحن طاي شورى وتقال الهيتنيات علي النحو التالي: الأولي للقديسة العذراء مريم والثانية للقيامة والثالثة للملاك غبريال (البشارة) والرابعة للسبعة رؤساء الملائكة والخامسة للميلاد والسادسة ليوسف ونيقوديموس والقديسة مريم المجدلية والسابعة للرسل القديسين والثامنة لمار مرقس الرسول والتاسعة لمار جرجس ثم تكمل كالمعتاد ومرد الأبركسيس``Pra[ic  الخاص بالبشارة والميلاد والقيامة كذلك مرد الإنجيل والأسبسمس الآدام أو الواطس ويكون التوزيع جامعًا للأعياد الثلاثة بحيث يقال ربع لكل عيد بعد كل ربع من مزمور التوزيع والختام أيضًا يكون جامعًا للأعياد الثلاثة. لا يحتفل بيوم 29 تذكار الأعياد السيدية الثلاثة في شهري طوبه وأمشير لأنهما يقعان خارج فترة حمل القديسة العذراء بالسيد المسيح، كما أنهما يرمزان لنبوات الناموس والأنبياء التي سبقت مجيء السيد المسيح. تذكار الأعياد السيدية الكبرى الثلاثة (البشارة والميلاد والقيامة) تتم الصلاة بالطقس الفرايحي وتظل قراءات اليوم كما هي إلا إذا وقع يوم أحد فتقرأ فصول 29 برمهات بدل فصول الأحد الخامس لأنها متكررة. إذا وقع عيد البشارة (29 برمهات) في المدة من جمعة ختام الصوم إلي اثنين شم النسيم swm `nnicim لا يحتفل به لأن هذه المدة تحمل أحداثًا سيدية هامة غير متكررة.إذا وقع عيد سيدي كبير أو صغير يوم أحد تقرأ فصول العيد بدل فصول الأحد لا تقال الألحان الحزايني وإذا كان هناك ترحيم على الأموات فيكون دمجا وليس باللحن الحزايني. وكذلك في أيام الآحاد والأعياد السيدية.
المزيد
07 ديسمبر 2024

الله المعتنى ينا

هذَا الموضُوع مُهِمْ جِدّاً لِحياتنا نظراً لِشِدَّة الضُغُوط فِي الحياة الَّتِي نَعِيشها يزِيد القلق وَيزِيد عدم الشُعُور بِوجُود رَبِّنا وَعدم رِعاية رَبِّنا لِينَا فَالمُوضُوع هُوَ الله المُعتنِي لِكُلَّ أحد مِنْ سِفر التَثْنِيَة أصْحَاح 32 : 6 – 14 :- "أَليْسَ هُوَ أَبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ هُوَ عَمِلكَ وَأَنْشَأَكَ؟ اُذْكُرْ أَيَّامَ القِدَمِ وَتَأَمَّلُوا سِنِي دَوْرٍ فَدَوْرٍ اسْأَل أَبَاكَ فَيُخْبِرَكَ وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لكَ حِينَ قَسَمَ العَلِيُّ لِلأُمَمِ حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُوماً لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيل إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ قَفْرٍ وَفِي خَلاءٍ مُسْتَوْحِشٍ خَرِبٍ أَحَاطَ بِهِ وَلاحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ كَمَا يُحَرِّكُ النَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلى فِرَاخِهِ يَرِفُّ وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ وَيَأْخُذُهَا وَيَحْمِلُهَا عَلى مَنَاكِبِهِ هَكَذَا الرَّبُّ وَحْدَهُ اقْتَادَهُ وَليْسَ مَعَهُ إِلهٌ أَجْنَبِيٌّ أَرْكَبَهُ عَلى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ فَأَكَل ثِمَارَ الصَّحْرَاءِ وَأَرْضَعَهُ عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ وَزَيْتاً مِنْ صَوَّانِ الصَّخْر وَزُبْدَةَ بَقَرٍ وَلبَنَ غَنَمٍ مَعَ شَحْمِ خِرَافٍ وَكِبَاشٍ أَوْلادِ بَاشَانَ وَتُيُوسٍ مَعَ دَسَمِ لُبِّ الحِنْطَةِ وَدَمَ العِنَبِ شَرِبْتَهُ خَمْراً " مجداً لِلثَّالُوث الأقدس الإِنسان أحياناً يِسَلِّم نَفْسه لأفكاره البشرِيَّة وَيترُك نَفْسه لِضغُوط العالم فَيَجِد حياته فِي دَائِرة مِنْ القلق وَالصِرَاعات كَثِيراً نَقُول رَبِّنا مِش حاسِس بِينَا إِحنا بِنمُر بِظرُوف صعبة عايزِين نِأمِن المُستقبل وَمُستقبل الأولاد وَكَأنَّ رِعاية رَبِّنَا لِينَا مِنْ ضِمن الأُمور النَظَرِيَّة وَلَيْسَ الفِعلِيَّة وَكَأنَّ رَبِّنَا المُدَبِر وَالرَّازِق وَالخالِق لَمْ نتلاَمس مَعْهُ فِي أمور حياتنا وَرُبما تَكُون أمور مِش لِينَا . رَبِّنَا بِيصِف لِينَا مدى عِنايته بِالإِنسان هِيَّ عِناية فَائِقة مدى إِهتمام رَبِّنَا بِالإِنسان يَفُوق الوصف وَأد إِيه رَبِّنَا مِعتنِي بِكُلَّ أحد وَيرعى رَبِّنَا كُلَّ أحد رَبِّنا بِيهتم بِأمور تفوق عقُولنا بِكَثِير جِدّاً أمور إِحنا لاَ نقدِر عَلَى التفكِير فِيها وَيصعُب مُجرَّد التفكِير فِيها [ أحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ ] ( تث 32 : 10 ) لِدَرَجِة يَقُول [ وَأرْضَعَهُ عَسَلاً مِنْ حَجَرٍ وَزَيْتاً مِنْ صَوَّانِ الصَّخْرِ ] ( تث 32 : 13 ) معنى ذلِك أنَّ رَبِّنَا خرَّج الإِنسان مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّة أعطاهُ العسل مِنْ الحجر الصوَّان { الصَوَّان هُوَ حجر جِيرِي صخرِي } هل يُعقل أنَّ الحجر الصخرِي هذَا يُخرِج زيت ؟ وَهل يُعقل أنَّهُ يُخرِج لبن ؟ نعم هذِهِ هِيَّ عِناية رَبِّنَا بِالإِنسان تجعله يُخرِج مِنْ الحجر لبن وَمِنْ الصَوَّان زيتاً إِهتمام رَبِّنَا بِينَا إِهتمام فَائِق وَقَالَ رَبِّنَا إِنْ نَسِيت الأُم رَضِيعها أنَا لاَ أنساك ده حَتَّى هؤلاء ينسون رُبما الأُم تنسى رَضِيعها لَكِنْ رَبِّنَا لاَ يُمكِنْ ينسى أبداً جَمِيل جِدّاً كَلِمات القُدَاس الغِرِيغُورِي الَّتِي تُنَادِي رَبِّنَا عَلَى عظمته وَأفضاله وَهيَ [ ثَبَّتَ لِيَّ الأرض لأِمشِي عليها مِنْ أجلِي ألجمت البحر ، مِنْ أجلِي أظهرت طَبِيعة الحيوان أعطيتنِي عِلمَ معرِفتك ] البَشَرِيَّة تُنادِي رَبَّها وَخالِقها وَمُدَبِرها عِبارات تُنادِي رَبِّنَا عَلَى عظمته وَأفضاله تُنادِي بِكُلَّ عِبارات المَحَبَّة الفَائِقة الَّتِي تُعَبِّر عَنْ عِرفان الجَمِيل الَّذِي أنَا أعرِفه جَمِيل جِدّاً إِنْ رَبِّنَا يُشعر فِي الإِنسان إِنَّه حَاسِس بِفضل رَبِّنَا عليه تَخَيَّل لَمَّا رَبِّنَا يَنَزِّل المن وَالسلوى مِنْ لاَ شئ فِي أرض صحراء يَقُول [ لأِنَّكَ أنتَ هُوَ الرَّازِق وَالمُعطِي جَمِيع الخيرات ] مَنْ الَّذِي يجعل مِنْ الأرض نبات زرع ؟ وَالزرع غِذاء وَالغِذاء هذَا طاقة لِلإِنسان ؟ مَنْ الَّذِي يُجرِي هذِهِ الدورة ؟ حِكمة فَائِقة كُلَّ ده عشانِي أنَا ؟!!! أُنظُر لِلأُم عِندما تِعرف إِنَّها حَامِل وَإِنْ رَبِّنَا هَيِبعِت لها مولُود وَالمولُود لِسَّه فِي بطنها تِبدأ تِفكر فِيه وَفِي أمور حياته رَبِّنَا مِنْ قبل مَا يِوجِدنَا أوجد لِينَا كُلَّ شئ إِذا كانت الأُم بِتهتم بِالجَنِين فِي بطنها وَهُوَ لِسَّه لَمْ يظهر إِذا كانت الأُم مِتعلِّمه الحنان فَهيَ مِتعلِّماه مِنْ رَبِّنَا رَبِّنَا هُوَ مصدر الحنان وَالرِزق وَالعطف وَالأُبَّوة وَالمَحَبَّة يِبعت لَهُمْ المن وَالسلوى وَعمُود السَحاب وَالنَّار وَيِحامِي عنهُمْ ضِد الأعداء وَيِحارِب عنهُمْ ضِد فرعُون وَجنُوده هُوَ المُدَبِر مُعتنِي بِكُلَّ أحد يعتنِي بِأُمور رُبَما تَكُون غِير موجودة بِالنِسبة لِينَا وَلَيْسَ موضِع إِهتمام بِالنِسبة لِينَا وَيستخدِم طُرُق عَدِيدة مِنْها :- مرَّة مِنْ المرَّات يِخرِج ماء مِنْ صخرة رُبَما فِي مرَّة مِنْ المرَّات يستخدِم عصا يشُق بِها البحر رُبَما يستخدِم فِي مرَّة مِنْ المرَّات غُراب يُطعِمْ بِهِ إِنسان هُناك طُرُق عَدِيدة طُرُق تفوق العقل وَالإِدراك تُثبِت أنَّهُ هُوَ قادِر وَتُثبِت أنَّ هُوَ مُعتنِي بِكُلَّ أحد وَتُثبِت إِنْ هُوَ لاَ ينسى أحد أبداً أد إِيه الإِنسان لَوْ شعر بِإِعتناء رَبِّنَا لِيه لاَ يُمكِنْ تِخاف وَلاَ لحظة وَلَوْ شعر أد إِيه رَبِّنَا مُهتم بِيه يَقُول [ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شيئاً فِي الأرْضِ ] ( مز 73 : 25 ) لَوْ شعر أد إِيه رَبِّنَا مُحَوَّط الإِنسان بِأمن وَحنان لاَ يُوصف لاَ يُمكِنْ لِلإِنسان أنْ يقلق لِذلِك قَالَ [ هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ ]( أش 49 : 16 ) أد إِيه رَبِّنَا مُهتم بِينَا جِدّاً أد إِيه الإِنسان لاَزِم يِعرف إِنَّه محبُوب الله وَموضِع رِعاية الله وَإِهتمام الله لِذلِك مِنْ المفرُوض فِي كُلَّ أعمالنا نرى عِناية الله بِينَا وَإِهتمامه بِينَا . تركِيبه أجسادنا :- لَوْ ينظُر الإِنسان لِمُجرَّد نظره عَابِره عَلَى تركِيبه أجسامنا نِعرف أد إِيه عِناية رَبِّنَا لِينَا هِيَّ عِناية فَائِقة . مُخ الإِنسان :- إِنَّ مُخ الإِنسان هذَا شِئ حسَّاس جِدّاً جِدّاً هُوَ سِر التَحَكُّم فِي الجِسم كُلَّه مليان بِشُعيرات دَمَوِيَّة وَإِشارات معنى هذَا أنَّ المُخ مَرِن جِدّاً جِدّاً تَخَيَّل المُخ هذَا بِدُون إِحاطة بِالجُمجُمة أي إِحتكاك بِها أوْ بِشِئ آخر أوْ بِمُجرَّد أي ضغط عليه وَلَوْ حَتَّى بِاليد فَإِنَّها بِدُون الجُمجُمة تُصبِح كَالبِيض المسكُوب لَكِنْ رَبِّنَا نظر إِلَى أهمِية هذَا المُخ المَرِن بِالنِسبة لَنَا وَقَالَ لاَزِم أأمِنه وَأحَوَّطه بِشئ صلب أي الجُمجُمة تَخَيَّل شِئ صلب جِدّاً كَالجُمجُمة وَدَاخِلها شِئ مَرِن جِدّاً وَحَسَّاس وَهِيَّ المُخ . عِين الإِنسان :- أُنظُر إِلَى عِين الإِنسان فَهيَ حاجة حسَّاسة جِدّاً وَمَرِنة جِدّاً وَقادِره عَلَى الحركة وَكُلَّها حياة وَدَاخِلها شَرَايين لِيُؤمِنها لَنَا أحَاطَ بِها بِالعظم مِنْ كُلَّ إِتِجاه وَالعِين مِنْ الدَّاخِل كُلَّ شِئ فِي أجسامنا تشهد لَنَا بِعَظَمِة الله وَقُدرته هذَا الكَلاَم مِش بَعِيد عَنِّنَا دِيَّه حاجة جوانا الأماكِن الَّتِي تحتاج لِعضلات غِير الأماكِنْ الَّتِي تحتاج لِحركة غِير الأماكِنْ السَاكِنة . عضو الكِلية :- كِفاية عضو صَغِير جِدّاً مِثْلَ الكِلية رغم صِغره إِلاَّ إِنَّه أعمالها حَسَّاسة جِدّاً وَلاَ أي معمل يِقدر يِقُوم بِعمل الكِلية جوَّانا . منطِقِة البطن :- أُنظُر إِلَى منطِقة البطن جعلها منطِقة مَرِنة تَخَيَّلُوا لَوْ مكانها عظم ماذا يحدُث ؟ وَلاَ تِقدر تِتحرَّك وَلَمَّا تِمشِي تكون مِثْلَ الآلات المُتَحَرِّكة لِذلِك لاَبُد أنْ تَكُون مَرِنة عشان الإِنسان عِندما يأكُل لاَزِم الأكل يَكُون فِي منطِقة مَرِنة وَالنَّاس الَّتِي تأكُل كَثِيراً تَكُون لها قُدرة عَلَى الإِتِساع وَأيضاً عشان السيِّدات الحوامِل كيفَ يَكُون وضع الجَنِين لَوْ البطن صلبة . الجنِين دَاخِل بطن أُمه :- عندما تِفكر الأُم أنَّهُ كيفَ يعِيش الجَنِين دَاخِل بطنها تِسعة شهُور ؟ وَالأُم لاَ توجد عندها أي مسئولِية تتعجب الأُم وَتقُول أنَا مِنْ ساعِة الوضع لاَ يوجد أي عمل لِيهُمْ هِيَّ وَلاَّ الأب وَلاَّ الأقارِب إِلاَّ ماذا يأكُل الطِفل وَيِشرب إِيه ؟ وَأد إِيه كُلَّ الأشياء دِيَّه كان رَبِّنَا يقوم بِها بِكُلَّ بساطة يِجَهِّز له جو مُناسِب بِدَرجِة حرارة مُناسبة بِكِميات دم مُناسبة وَكِميات سُكر مُناسبة وَلاَ يوجد جنِين وَهُوَ فِي دَاخِل البطن يرفُض الأكل لَكِنْ أوِل مَا يُخرُج يبدأ شِئ يِعجِبه وَشِئ لاَ يِعجِبه أُنظُرُوا عِناية رَبِّنَا يحتاج الإِنسان التفكِير فِي كُلَّ هذِهِ الأُمور السَابِقة لأِنَّ أوِل مَا عدو الخِير يأتِي بِمناظِر سوداء أفَكَّر بِعِين الإِيمان وَأقُول كيفَ رَبِّنَا ينسانِي ؟ يعنِي خلاص هيسِبنِي وَيِقُول إِنِّي لاَ أعرِفك ؟ لاَ ده هُوَ رَبِّنَا الَّذِي يفهم أكثر مِنِّي وَأحسن مِنِّي وَيُدَبِّر أفضل مِنِّي ده أنَا مهما دبرت لاَ أعرِف أعمِل شِئ مِنْ الَّذِي يعمِله الله . وجُود الشمس :- العُلماء تحيَّرُوا فِي وجُود الشمس فِي الأرض وجدُوها أد إِيه مُهِمة وَتُنَظِّم أشياء بِطرِيقة عجِيبة معنى ذلِك أنَّ رَبِّنَا يِوَجِه لَنَا شِئ مِنْ بعِيد لِيُنَظِّم شِئ بِدَاخِلنا لَوْ الشمس بِعدِت عَنِّنَا شوية نموت مِنْ البرد لَوْ قرَّبِت شوية مِنِّنَا نموت مِنْ الحر وَتِحرق الدُنيا كُلَّها إِلَى هذِهِ الدرجة ؟!! نعم أنتَ ياربَّ ضَابِط الكُون وَضَابِط الكُلَّ ده إِحنا بِمُجرَّد إِنِّنَا نِفكر فِي أمور أظُن إِنْ رَبِّنَا لاَ يقوم بِها أوْ يهتم بِها بِنُبقى بنهِين رَبِّنَا لأِنْ معنى ذلِك إِحنا كِده بِنِدَخل فِي إِختِصاصات رَبِّنَا وَغِير واثِق فِيهِ ده هُوَ مِعتنِي بِكُلَّ أحد ده رَبِّنَا يَقُول [ ألَيْسَ هُوَ أبَاكَ وَمُقْتَنِيَكَ ] يعنِي إِنتَ بِتاعه وَمِلكه [ هُوَ عَمِلَكَ وَأنْشَأكَ ] ( تث 32 : 6 ) أنَا كيفَ أفكر فِي نَفْسِي وَأنَا لاَ أملُك فِي نَفْسِي شِئ [ اُذْكُرْ أيَّامَ القِدَمِ وَتَأمَّلُوا سِنِي دورٍ فَدَوْرٍ . اِسأل أبَاكَ فَيُخبِرَكَ وَشُيُوخَكَ فَيَقُولُوا لَكَ ]( تث 32 : 7 ) ده رَبِّنَا قسَّم الأرض كُلَّها عَلَى الأسباط وَبِالتالِي الأرض كُلَّها خِلصِت عَلَى الشَّعْب كُلَّه يَقُول رَبِّنَا [ إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شعبُهُ ] ( تث 32 : 9 ) إِذا كَانَ كُلَّ وَاحِد أخذَ نَصِيبه أينَ نَصِيبك يَاربَّ ؟ قَالَ هُوَ أنتُمْ إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شعبُهُ يعنِي إِحنا فِي ملكِيَّة رَبِّنَا هُوَ المسئُول عَنِّنَا وَهُوَ الَّذِي يُدَبِّر [ يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ وَجَدَهُ فِي أرضِ قفرٍ وَفِي خَلاَءٍ مُستوحِشٍ خَرِبٍ أحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ ] ( تث 32 : 9 – 10 ) رَبِّنَا مِعتنِي بِكُلَّ البشر لِدَرَجِة إِنَّه يِوصِف الإِهتمام بِينَا كَحَدَقِة العِين إِلَى هذِهِ الدرجة ياربَّ ؟!!! نعم إِلَى هذِهِ الدرجة مِعتنِي بِينَا مِعتنِي بِكُلَّ الخلِيقة وَمِعتنِي بِكُلَّ أحد . الغُراب وَالأنبا بُولاَ :- تشاء عِناية رَبِّنَا أنْ يجعل وَاحِد كَمِثْل الأنبا بُولاَ الَّذِي يِطعِمه غُراب عَلَى الرغم مِنْ أنَّ الغِربان يُقال عنها إِنَّها أنانِية جِدّاً وَتَتَصِف بِالغدر لِدَرَجِة إِنْ الغُراب لاَ يُطعِم حَتَّى أولاده وَإِنَّه بعد مَا يُنجِب أولاده يترُكَهُمْ الغُراب الَّذِي لاَ يُطعِم أولاده كيفَ يذهب لِيُطعِم الأنبا بُولاَ ؟!!! هذِهِ هِيَّ عِناية رَبِّنَا لِينَا وَلأولاده وَكيفَ تعِيش الغِربان الرُّضع ؟ هل رَبِّنَا يترُكَهُمْ ؟ لاَ طبعاً رَبِّنَا يجعلهُمْ بِالفِطره يِفتحوا فمهُمْ وَيِبعت لَهُمْ حشرات فِي الجو تُدخُل فِي فمهُمْ وَتُعطِي لَهُمْ الفائِدة الَّتِي يحتاجها جِسمهُمْ عَظِيمة هِيَّ عِناية رَبِّنَا الفائِقة لَوْ ينظُر الإِنسان إِلَى الكون كُلَّه وَيتأمل كيفَ تتغذَّى الكائِنات الصغِيرة مِثْلَ الدودة الَّتِي تعِيش فِي وسط الحجر مَنْ الَّذِي يُغَذِّيها ؟ الَّذِي يِتعِب الإِنسان هُوَ عقله رَبِّنَا أعطاك العقل هذَا عشان تِمَجِّده بِيه وَتُدرِك بِيه عَظَمَته فَيقُول رَبِّنَا لِينَا " تركت مجدِي وَتركت عَظَمتِي وَتُفَكِّر فِي نَفْسك " إِبتدى عقلك بدل مَا تِمَجِّدنِي بِيه يِقلِقك وَيِتعِبك إِلَى هذِهِ الدرجة ؟!!! نعم عشان كِده رَبِّنَا يُرِيد أنْ يُعَلِّمنا أنْ نترُك أنْفُسنا لَهُ وَهُوَ يقودنا حَتَّى فِي تجارُب رَبِّنَا لِينَا كُلَّها عِناية لِينَا إِزاي ؟ نعم رَاعيتنِي بِكُلَّ الأدوية المؤدِية إِلَى الحياة ( مِنْ القُدَاس الغرِيغُورِي ) فِي تجارُبك عِناية فِي تأدِيباتك لُطف فِي كُلَّ شِدَّة وَفِي كُلَّ مِحنة نَثِق إِنْ إِنتَ إِيدك فوق الكُلَّ وَرِعايتك فوق الكُلَّ. فِي تجارُب رَبِّنَا لِينَا كُلَّها عِناية لِينَا :- عِندما نتأمل فِي المخاطِر الَّتِي إِتعرَّضت لها الكَنِيسة وَالإِضطِهادات الشدِيدة هَنجِد أنَّهُ كَانَ عِناية فائِقة مِنْ رَبِّنَا فِي كُلَّ المخاطِر هذِهِ فِي السِنكسار هَنجِد إِنْ رَبِّنَا :- أرسل مطر وَأطفئت نار . أرسل ملائِكة نَّجت مِنْ اُسُود . رَبِّنَا يأمُر حيوان بحرِي أنْ يُخرِج بِجسد شهِيد إِلَى البَّر . رَبِّنَا يِجعل مركِب تَسِير فِي إِتِجاه ثانِي غِير إِتِجاهَهُمْ . أُمور عَجِيبة وَعدِيدة رَبِّنَا يَقُول لَنَا " إِنتُمْ مِش فِي يد المُضطهِدِين بَلْ فِي يَدِي أنَا عِنايتِي هِيَّ الَّتِي تُحَرِّك المُضطهِدِين " لاَبُد الإِنسان يُؤمِن بِذلِك وَيُؤمِن أنَّ حَتَّى فِي الضِيقات وَالألم وَالتجارُب فِيها عِناية مِنْ رَبِّنَا رَبِّنَا لاَ ينسانِي أبداً يُضبُط لِكُلَّ إِنسان الدواء المُناسِب لِلوقت المُناسِب وَالظرف المُناسِب لِلأمر المُناسِب لاَ يُمكِنْ نتَهِمْ رَبِّنَا بِالجهل وَالتخلِّي أبداً رِعايِة رَبِّنَا فِي تدبِير كُلَّ شئُون الإِنسان لِكُلَّ أوامره إِنسان يذُوق يَد رَبِّنَا يرعى الإِنسان فِي الأمراض وَالمخاطِر وَفِي الجوع وَالعُري كَثِيراً جِدّاً أمور تجعلنا نشعُر بِالخجل مِنْ أنَفُسنا عِندما نشُك إِنْ رَبِّنَا يعتنِي بِينَا أم لاَ . قِصَّة عَجِيبة جِدّاً :- كَانِت فِي كَنِيسة بِإِسم القِدِيس أبسخيرُون القِلِّينِي فِي كفر الشِيخ فِي قِلِّين كانت هذِهِ المنطِقة يوجد فِيها إِضطِهادات وَكانُوا غِير المؤمِنِين مدبرِين مَكِيدة لِلمَسِيحِيين كَانَ المَسِيحِيين هُناك تِعمِل أفراحها مَعْ بعض لأِنَّهُمْ كانِت الأُسر مُتداخلة جِدّاً وَكانِت النَّاس كُلَّها مُتزوِجِين مِنْ بعضهُمْ فَكَانُوا يِعمِلُوا الأفراح كُلَّها فِي يوم وَاحِد مَعْ بعض وَبِالتالِي كانت الأُسر المَسِيحِيَّة بِتكُون فِي الفرح ده وَيشاء رَبِّنَا أنْ تَكُون فِي مؤامرة ضِد المَسِيحِيين وَبعد حضُور الإِكلِيل وَبعد نِهايته تخرُج النَّاس تجِد أنفُسها فِي مكان غرِيب وَغِير مُدرِكِين ماذا جرى حَوَالِيهُمْ وَيِكتِشفُوا إِنَّهُمْ فِي بلد غِير بلدهُمْ شِئ عجِيب يَا أحِبَّائِي إِنْ الشهِيد العظِيم أبسخيرُون القِلِّينِي يِنقِل الكَنِيسة بِالنَّاس بِكُلَّ مَا فِيها حَتَّى بِجُدرانها نقلهُمْ فِي سمالُوط عِندما تذهبُوا فِي سمالُوط تِشاهدوا جُدران الكَنِيسة وَعمود الرُخام بِتاع الكَنِيسة وَحِجاب الكَنِيسة العجِيب مِنْ ذلِك إِنْ عِندما خرجِت النَّاس وَقِلقِت النَّاس الَّذِينَ كَانُوا مدبرِين المَكِيده خافُوا جِدّاً وَقِلقُوا ظهر القِدِيس أبسخيرُون القِلِّينِي لِشعب الكَنِيسة وَقَالَ لَهُمْ لاَ تخافُوا فَقَالُوا لِلقِدِيس إِحنا عايزِين نِرجع فَقَالَ لَهُمْ إِرجعُوا وَلاَ تخافُوا وَاتفقُوا مَعْ مركِب فِي النِيل مِنْ سمالُوط حَتَّى كفر الشِيخ فِي قِلِّين قال لَهُمْ صَاحِب المركِب إِنَّ هذِهِ الرِحلة تأخُذ حوالِي ثَلاَثة أيَّام تقرِيباً حسب ظرُوف الجو وَدفع الأتعاب إِمَّا إِنْ تَكُون المصارِيف بِاليوم ( أي عِند إِنتِهاء كُلَّ يوم يُعطوا لَهُ الأُجره إِلَى أنْ يَصِلُوا إِلَى كفر الشِيخ ) وَإِمَّا أنْ يدفعُوا مصارِيف الرِحلة مرَّة واحدة ( أي مِقوله ) فَإِتفقُوا معهُ أنْ يعطوه بِاليوم بدأَ الرِحلة وَفِي نِهاية اليوم الأول أعطوهُ الأُجره ثُمَّ إِكتشفُوا إِنَّهُمْ وصلوا تعجبُوا جِدّاً مِمَّا حدث وَخاصة صَاحِب المركِب وَأخذَ يقُول رِحلة تأخُذ أقل شِئ ثَلاَثة أيَّام نَصِل فِي يوم وَاحِد !!!!! إِيه الَّذِي جرى ؟ عِندما تذهبُوا لِزِيارِة الكَنِيسة تِشاهدُوا السارِي الخاص بِهذِهِ المركِب لأِنَّ بعد ذلِك عِندما عرفَ صَاحِب المركِب مَا جرى آمن بِعَظَمِة رَبِّنَا عَجِيب هُوَ الله فِي قِدِيسِيه وَعجِيبة هِيَّ عظمته عِندما نسأل رَبِّنَا وَنقُول تِقدر ؟ أصبحت أنَا أُعلِن جهلِي وَغِير مُدرِك أنَا بتكلِّم مَعْ مِين أنَا بِهذَا بَشَكِك فِي قُدراته لِذلِك لاَ أستحِق عطاياه طبعاً أمور لاَزِم نتجنبها بِنِعمة رَبِّنَا فِي حياتنا لاَبُد أنْ نُبارِك عَظَمِة الله لاَبُد أنْ نُؤمِنْ بِها وَنَثِق فِيها إِذا جاءَ عدو الخِير وَضغط علِينا وَشكِّكنا أوْ يُشعِرنا إِنِّنَا واقفِين فِي الدُنيا دِيَّه لِوحدِينا وَيِجعلك تِسأل فِين رَبِّنَا وَهُوَ غايِب عَنِّي وَرَبِّنَا بعِيد أقولَّك لاَ ده رَبِّنا قُرَيِب جِدّاً جِدّاً مِنَّك يشعُر بِك جِدّاً وَهُوَ أبوك هُوَ عملك وَأنشأك وَيعتنِي بِكُلَّ إِنسان هُناكَ مقوله جَمِيلة جِدّاً لمثلث الرحمات البابا شنُوده الثَّالِث هِيَّ[ رَبِّنَا موجُود ] الإِنسان يحتاج إِنَّه يِقَوِّي نَفْسه بِعِبارات ساعِة ضعف وَساعِة هياج عدو الخِير علِينا وَساعِة تشكِيك عدو الخِير فَأقُول لِنَفْسِي " رَبِّنَا موجُود " فَنَفْسِي الضَعِيفة تتقوَّى وَتتشدَّد عِندما أقُول لِنَفْسِي " رَبِّنَا موجُود " رَبِّنَا يدَّبر وَيرَّتِب وَيعُول وَيهتم تُعَلِّمنا الكَنِيسة قبل مَا نأكُل كُلَّ مرَّة نُصَلِّي وَنَقُول [ تباركت ياربَّ يَا مَنْ تعولنا مُنذُ حداثتنا وَتهِبنا خيراتك تفتح يدك فَتُشبِع كُلَّ حيٌّ رِضى ] ( جُزء مِنْ صَلاَة قبل الأكل ) الإِنسان يحتاج أنْ يتلامس مَعْ عِناية رَبِّنَا يحتاج جِدّاً الإِنسان أنْ يشعُر بِيد الله القوية فِي حياته الَّتِي تُعَلِّمه وَتُدَرِّبه وَتنصحه وَتُرشِده بِقدر مَا نُعلِن مسئولية رَبِّنَا عَنْ أنَفُسنا بِقدر مَا هُوَ يتولاَنَا وَالعكس بِقدر مَا نُعلِن مسئوليتنا عَنْ أنَفُسنا رَبِّنَا يقُول دبَّرُوا أموركُمْ بِأنفُسَكُمْ رَبِّنَا مُعتنِي بِكُلَّ أحد إِعتنى مِنْ قبل بِدَانِيال وَنُوح وَمُوسى وَأبُونا إِبراهِيم وَالقِدِيسِين وَالسُّواح وَالنُسَّاك وَالمُتوحدِين وَسَاكِنِي البرارِي وَسَاكِنِي المغايِر وَسَاكِنِي شقوق الأرض وَسَاكِنِي الجِبال وَسَاكِنِي أعماق الأرض رَبِّنَا مِعتنِي بِهُمْ وَيِمكِنْ هُمَّ الَّذِينَ يروا رَبِّنَا بِطرِيقة أوضح مِنْ كِده لأِنَّهُمْ يُعلِنُوا مسئوليته الكامِلة عَنْ أنَفُسَهُمْ كَثِيراً رَبِّنَا يُرسِل عوناً فِي حينه كَثِيراً رَبِّنَا يِحِب يختفِي شوية لِمُجرَّد إِمتِحان يقُول رَبِّنَا لِفِيلِبُّس إِصرِف الجمُوع الوقت إِتأخر وَالنَّاس جعانه فيقُول الرَّبَّ أعطُوهُمْ أنتُمْ لِيأكُلُوا [ قَالَ هذَل لِيمتحِنهُ لأِنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزمِع أنْ يفعل ] ( يو 6 : 6 ) سَكَتَ فِيلِبُّس فَقَالَ ده وَلاَ 300 دِينار عشان يأكُل كُلَّ هذَا الشَّعْب الرهِيب يعنِي حوالِي 30000 بِالتقدِير الآن تقرِيباً يعنِي ياربَّ إِنتَ بِتحِب تِعمِل معانا مواقِف علشان تشوف إِيه الموجُود جوَّانا هَتَجِدنا فِي الموازِين إِلَى فوق ( مز 62 : 9 ) إِحنا ياربَّ عقولنا بشرِيَّة ضعِيفة محدودة إِحنا ياربَّ بِالمُقارنة معك هنكُون إِيه !! إِحنا كُلَّ ماده بِنختِبِر إِيدك وَعملك كَثِيراً رَبِّنَا يِحِب أنْ يضعنا فِي إِختبارات كَثِيراً يحتاج الإِنسان أنْ يلمس عِناية الله لِيه مِنْ ضِمن الأمور الجمِيلة إِنْ الإِنسان لاَزِم يِفكر فِيها كَثِيراً إِنَّه أد إِيه رَبِّنَا رعاه وَاعتنى بِيه أد إِيه رَبِّنَا مِعتنِي بِيَّ فِي جسدِي وَفِي إِحتياجاتِي أد إِيه رَبِّنَا فِي التارِيخ الماضِي لِيَّ رَبِّنَا كَانَ مُعتنِي بِيَّ وَمُعتنِي بِالخلِيقة كُلَّها كُلَّ مَا الواحِد يِفكر فِي هذِهِ الأمور يرتفِع رصِيد إِيمانه وَيتشدَّد وَيتقوَّى بِالله بدل مَا نَفْسه تضعُف وَيخُور وَيحزن وَيكتئِب وَطبعاً ده كُلَّه مِنْ أعمال عدو الخِير إِذا كَانَ رَبِّنَا فِعلاً بِيهتم بِيك خَلاَص إِرمِي نَفْسك مِنْ فوق وَهُوَ يِرفعك ده كَلاَم الشيطان – حرب التشكِيك – يقُول الشيطان لك هل رَبِّنا هيعولك ؟ هل رَبِّنَا يِطعِمك ؟ هل رَبِّنَا يُعطِيك ؟ الإِنسان محدُود جِدّاً فِي فِكره وَمحدُود جِدّاً فِي إِمكانياته أقل شِئ يِتعِبه وَيِربِكه لَكِنْ الإِتِكال عَلَى الرَّبَّ خير مِنْ الإِتِكال عَلَى البشر ، الرَّجاء بِالرَّبَّ خير مِنْ الرَّجاء بِالرؤساء( مز 117 – مِنْ مَزَامِير الغرُوب ) لِذلِك رَبِّنَا يِحِب يِعَلِّمنا يقُول لك خلِّي بالك أُنظُر إِلَى طِير صغِير جِدّاً مِثْلَ العصفورة لاَ تجمع إِلَى مخازِن ( مت 6 : 26 ) لَوْ جبل مِنْ حبُوب تِكُون تِحِبه العصفُورة مَا الَّذِي تفعله العصفُورة ؟ تُنقُر نقرتِين تأخُذ كام حباية تأكُلَهُمْ وَتطِيرفقط حبيتِين وَلِماذا لاَ تأخُذ كمية لِلغد ؟ مَا الَّذِي يضمن لها إِنَّها تأتِي وَتِلاَقِي مِنَّه تانِي ؟ العصفُورة لاَ تجمع إِلَى مخازِن وِمِش طمَّاعه لِماذا ؟ لأِنَّها تثِق فِي رَبِّنَا لَكِنْ الإِنسان يِحِب أنْ يجمع فِي مخازِن رَبِّنَا يُرِيد يِدَوَّقنا إِختِبارات جَمِيلة هُوَ الَّذِي يِرَّتِب وَيعُول إِختِبارات جَمِيلة جِدّاً لِذلِك يجعلنا كُلَّ يوم نقُول أعطِنَا اليوم ( مت 6 : 11 ) رَبِّنَا يِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دَائِماً أبدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
06 ديسمبر 2024

مائة درس وعظة (٥٧)

الأنبا أنطونيوس والإيجابية " أيقونة الرهبنة" إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني (مت ۲۱:۱۹) الأنبا أنطونيوس قديس مصرى أسس الرهبنة القبطية ومنها انتشرت الحياة الرهبانية في كل بقاع الأرض، فصارت الرهبنة هي فخر الكنيسة ومجدها في كل زمان وإلى مجيء ربنا يسوع المسيح من الفضائل التي نتعلمها من هذا القديس فضيلة الإيجابية ونستعرض بعض مشاهد من حياة هذا القديس في الإيجابية المشهد الأول: التعلم من المواقف شاب صغير ينتقل والده من هذا العالم وكان عمره حوالي عشرين عاماً وله أخت وثروة كبيرة وقف أمام أبيه الذي انتقل وقال له: أنت خرجت من هذا العالم بغير إرادتك، أما أنا فسأخرج من هذا العالم بإرادتي، لم يستغرق في الحزن والألم، بل أمن أن حياته مرتبة من خلال الله. المشهد الثاني: سماع صوت الله عندما دخل الكنيسة منصتاً للقراءات الكنسية وسمع عبارة" إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني"( مت ۲۱:۱۹) اعتبرها رسالة موجهة له شخصياً ما أجمل أن يأخذ الإنسان كلمات الكتاب المقدس كرسالة شخصية له: "إن أردت أن تكون كاملاً" وهنا يستخدم الإرادة. "فاذهب وبع أملاكك" وكان ذا أملاك كثيرة. "وأعط الفقراء" هذا يعنى ضغطاً على ذاته. "فيكون لك كنز في السماء"درجة من درجات الإيمان. "وتعال اتبعني" النصيب الذي تركه أبوه له ولأخته وزعه وترك جزءاً لأجل أخته التي تكرست في أحد بيوت العذاري. المشهد الثالث: التعامل بموضوعية دخل البرية القريبة وكان هناك بعض النساك لكن لا تضمهم حياة ديرية، فجاءت امرأة لكى ما تستحم في النهر، قال لها : هذه المنطقة منطقة نساك. فأجابت من أراد أن يعيش النسك فليدخل البرية الجوانية، وأخذ إجابتها على أنها رسالة من الله، وانطلق في أعماق الصحراء كان من الممكن أن يأخذ الحديث شكلاً آخر( يوبخها أو يطردها)، ولكنه اختار أن يكون إيجابياً وينتفع بكلام المرأة. المشهد الرابع: عمل النعمة عندما زاره مجموعة من الرهبان وجلسوا معه يسألونه أسئلة كثيرة ولكن واحداً من هؤلاء الرهبان جلس صامتاً لا يتكلم، فسأله القديس الأنبا أنطونيوس: لماذا لا تسأل؟ فأجاب:يكفيني النظر إلى وجهك يا أبانا وهذا يكشف مقدار النعمة التي كانت على وجهه. المشهد الخامس: حياة التلمذة ذات يوم جاءته رسالة من الإمبراطور، وكان الرهبان الموجودون شغوفين لمعرفة ما بداخل هذه الرسالة، أما القديس فطرح الرسالة جانباً ليعطيهم تعليماً ويستغل هذا الموقف بإيجابية ويقول لهم: أنتم تفرحون برسالة أرسلها الإمبراطور لكن هل تفرحون نفس الفرح بالرسالة اليومية التي يرسلها إلينا الله من خلال الكتاب المقدس؟ المشهد السادس: الشعور بالمسئولية كان راهبا في البرية وليس له علاقة بالعالم، لكنة سمع أن المؤمنين يتعرضون للاستشهاد فنزل من البرية لمواضع الاستشهاد لكي يشجعهم ويثبتهم على الإيمان،وقال لابد أن أكون إيجابيا. المشهد السابع الحفاظ على الإيمان حينما انتشرت مرطقة أريوس نزل الانبا انطونيوس من البرية إلى الإسكندرية ليدافع مع القديس اثناسيوس عن الإيمان المستقيم. وكتب التاريخ تقول لولا اثناسيوس لصار العالم كله أريوسيا، وحفظ الانبا انطونيوس سلامة الكنيسة وأريوس تمت محاكمته في مجمع نيقية (مقاومة الهرطقة مشهد إيجابي) مع أن القديس انطونيوس رجل صلاة ورجل برية. المشهد الثامن الاعتدال والوسطية كان يعلم أن الطريق الوسطى خلصت كثيرين فهو صاحب مدرسة "الاعتدالية" واعتدالية الإنسان تساعده في حياته الروحية. المشهد التاسع الإفراز والتمييز اجتمع القديس الانبا انطونيوس مع اباء البرية لكي ما يسألوه: ما هي الفضيلة الأولى في حياة الإنسان فقال إن الإفراز والتمييز هما الفضيلة الأولى في حياة الإنسان التي يعرف بها أن يميز بين الخير والشرا بين اللائق وغير اللائق، بين المناسب وغير المناسب. المشهد العاشر: الشهادة للمسيح سيرة الانبا انطونيوس وسيلة جيدة ساعدت في توبة كثيرين، وعندما نفى البابا اثناسيوس (٥ مرات)، استغل فترة خلوته ونفيه وسجل حياة الأنبا أنطونيوس، وانتشرت حياة هذا الناسك المصري في أوروبا، وكانت سبباً في توبة كثيرين مثل القدير أغسطينوس ابن الدموع كن إيجابيا في حياتك، أسهل شيء آن تشكر وتنتقد، أما الأفضل أن تكون إيجابياً في المواقف سيرة الانبا انطونيوس فخر لنا كمصريين، ونفتخر أن على أرضنا دير الأنبا انطونيوس اقدم الأديرة حيث يرجع تاريخه إلى أيام الأنبا انطونيوس. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل