المقالات

06 يونيو 2023

أبعاد حياة الشركة ( ٣ ) شركتنا مع القديسيـن

تحدثنا في العدد الماضي عن البعد الأول والأساسي في حياة الشركة وهو: شركتنا مع الله ، وضرورة الثبات والاتحاد بالسيد المسيح من خلال الصلاة والكلمة والأسرار والخدمة . واليوم ننتقل إلى البعد الثاني في حياة الشركة وهو شركتنا مع القديسين . كورة الأحياء : ١- إن التعليم الكتابي الأكيد في هذا الموضوع أن إلهنا « إله أحياء وليس إله أموات » ( لو ۲۰ : ۳۸). والأحياء الذين عاشوا على الأرض في حالة صلاة دائمة، يستحيل أن يكفوا عن النسيم الإلهي وهم في الفردوس في معية الرب « اليوم تكون معى في الفردوس » ( لو٢٣ : ٤٣). لذلك فالحقيقة الأولى هي ان القديسين أحياء، ولا يكفون عن الصلاة والتسبيح ، كما يتضح من سفر الرؤيا أيضاً . ۲ ـ وهم أيضاً يحسون بنا ، بدليل إحساس الغنى ( رغم أنه شرير) باخوته على الأرض ... أنظر مثل الغنى ولعازر ( لوقا ١٦ : ۱۹ - ۳۱ ) بل إن مشاعر هذا الغنى الشرير رقت لدرجة أنه اهتم بأن لا يأتى أخوته إلى هذا العذاب ، عذاب الجحيم، الذي فيه ينتظر الأشرار يوم الدينونة الأبدية الرهيبة . ٣- والقديسون ـ حسب نص الإنجيل - هم «سحابة شهود محيطة بنا » (عب ۱۲: ۱)، والسحابة مرتفعة ولكنها قريبة ، كذلك القديسون في عالم الفردوس ولكنهم قريبون منا كذلك فالسحابة بيضاء رمز نقاء القديسين ، وفيها المطر والرخاء رمز عطاء القديسين وحبهم لنا . ٤- والرب نفسه طلب منا أن ننظر إلى « نهاية سيرتهم فنتمثل بإيمانهم » ( عب ١٣ : ٧ ) وهذه وصية إنجيلية هامة أن نتأمل حياة القديسين بعد أن تنتهى سيرتهم على الأرض ، وتبدأ حياتهم الأبدية في الفردوس . شركتنا معهم : مما سبق يتضح أننا نكون مع القديسين السمائيين، جسداً واحداً ، كنيسة واحدة ، يحس بعضها بالبعض الآخر، ويصلي بعضها عن البعض الآخر... لهذا نرى في كنيستنا بعض التعبيرات التي تدل على هذه الشركة مثل : ١ـ التشفع بهم إذ يختار كل منا شفيعاً أو أكثر ، يكون سنداً له ونبراساً لحياته . ٢ - الاقتداء إذ ندرس سيرهم وأقوالهم ، حسب تعبير القديس أنطونيوس : « كتبي هي شكل الذين كانوا قبلى » ، أي أنه كان لا يكف عن دراسة سير من سبقوه في الطريق المقدسة . ٣- الإحساس بحضورهم من خلال الأيقونات في الكنيسة، والتي لا تعتبرها مجرد صور تذكارية بل نرى أنها تحمل لنا حضور القديس شخصياً ، بدليل أننا ندشنها بالميرون ، ونقدم البخور أمامها ، أي أننا نطلب من صاحب الأيقونة أن يشترك معنا في الصلاة، حيث البخور رمز الصلاة المرتفعة أمام الله . كذلك فنحن نقبل الأيقونة باكرام على أساس هذا الإحساس ، أننا نقبل صاحب الأيقونة الحاضر معنا . ٤- نصلي لأجلهم تماماً كما أنهم يصلون من أجلنا من هنا كان مجمع القديسين في القداس الإلهى، والتسبحة اليومية ، والقداسات التي نرفعها باسم النفوس التي سبقتنا إلى الفردوس ، حيث نطلب لها الراحة والنياح كما طلب بولس الرسول من أجل أنيسيفورس ( ۲تی ۱ : ١٦). فهل لك ـ أيها القارىء الحبيب - شفيع محدد ؟ وهل أختبرت مساندته لك في حياتك ؟ إن كانت الملائكة أرواحاً خادمة لنا فكم بالحرى من عاشوا مثلنا في الجسد؟! اقرأ واشبع بسير القديسين لتتقدس حياتك مثلهم والرب معك . نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف الشباب
المزيد
05 يونيو 2023

الخادم والتأثير

لا تقاس الخدمـة بروعـة الكلمـات ولا بكثرة الأعـداد ولا بفخامة الأماكـن... ولكنهـا تُقاس بثمارهـا الداخلية في القلوب ومقـدار التأثير والتغيير المصحوب بها وخصوصاً على مدى فترة من الزمان لايوجـد نموذج في التأثير أكثر من شخص ربنا يسوع المسيح الذي حل بيننا وعاش حياتنا وتكلم وسمع وتجول وحزن وفرح وشاركنا همومنا وأفراحنـا... ولكنه ترك تأثيرا قوياً في كل مـن تعامل معه.. ووجدنا بعد صلبـه وموته وقيامته وصعوده أتباعه يتزايـدون ليس مجرد زيادة العدد بل زيادة النماذج ولازال تأثيره على العالم كله والإنسانية بشكل أشمل إذ ترك لنا مثالا لكي نتبع خطواته وقد نتساءل كيف يكون الخادم مؤثراً ؟ وهنا نتحدث في ثلاث نقاط : ١- المصداقية. ٢ - نقاوة السيرة. ۳ - التواصل الفعال. ١- المصداقية : لابد أن يلمس المخدومين الصـدق الداخلي الشديد لكل ما يقول أو يعلم بـه الخادم وإلا يصبح الكلام عديم الفائدة كما ذكر القديس بولس الرسول " كلامـي وكرازتي لم يكونـا بـكلام الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة» (اکو٤:٢) فكيـف نقدر أن نقنع المخدومين بفضيلة نحن نتشكك فيها أو عقيدة لم نؤمن بها لابد أن يتكلـم الخادم بمـا يؤمن ويصـدق ويشعر بل ويفـرح وهذا الصدق ممزوج بالفعل والسيرة ويأتى بالتأثير المطلوب كـن دائماً مصدقاً ومتفاعلا مع كل مـا تقول لأن كل مـا يخرج من القلب يصل بسهولة إلى القلب ٢ - نقاوة السيرة معروف أن الكلام يستمد مصداقيته من قائلـه فيمكن أن تسمع عبارات رنانة من شخص رديء السمعة فتجدك رافضاً لماتسمع أو تقرأ وبالطبع لا يؤثر في الفكر أو القلب ولا يغير شيئا ويمكن أن تسمع أبسط الكلمـات من شخص مشهود له بالتقوى تجد الكلمات لها مفاعيل عميقة وتأثيرات قويـة فنقـاوة السيرة هـي الداعمة لفعل الكلمـات لكي ما تسندها بقوة الفعل هذا ما أكده القديس بولس لتلميذه تيموثاوس: "وأمـا أنـت فـقـد تبعـت تعليمي، وسيرتي، وقصدي، وإيماني، وأناتي، ومحبتي، وصبري" (۲تی ۱۰:۳) وكذلك ذكر القديس لوقا في بداية سفر الأعمال : «عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلم به» (أع ١:١) إذاً لابـد للـخـادم أن تكـون تعاليمـه مصحوبة بسيرة تشهـد لأقواله لتضمن التأثير المطلوب لأن الحياة في المسيح يسوع هي ليست مجرد نظرية أو مجموعة أفكار بـل هـي روح وحيـاة فلابد أن تنقل الشخص من حيـاة إلى حياة ومن حالـة إلى حالة وهذا يتطلب حركة داخلية مسنودة بدليل ملموس يرد على شكوك العدو وخداع الإنسان العتيق. ٣- التواصل الفعال. لنضمن التأثير لابد مـن تواصل وتفاعل ولقاء وجدنا شخص رب المجـد يسوع دائم التواجد بين الناس في البيوت ويجاملهم في مناسباتهم وتجـده في الحقول والمجمع والهيكل والأعياد والبحـار والجبال ووسط الزروع وكان يعلـم كـيـف يخاطب كل فئة التاجر والصياد والمزارع والراعي وربة البيت يعلـم الأفراد والجمـوع يتكلم مع كل فرد بالأسلوب الذي يناسبه ويضمن به وصول الكلمة والرسالة. كذلـك الخادم ليضمن التأثير عليه أن يتواصل ويتفاعل مع المخدمين في كافـة مجـالات إهتماماتهم ويتواصـل معهم من خلالهـا والله هو الساهر على كلمته ليجريها. القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك عن كتاب الخادم ولكن ... الجزء الاول
المزيد
04 يونيو 2023

العطيه العظمى عيد حلول الروح القدس

تسميه اباء الكنيسه عيد ميلاد الكنيسه.. عيد البركات. عيد الحصاد عيد الخيرات يمثل في العهد القديم عيد الحصاد وهو كان باكورات الحصاد بتاعه الناس وعشور الحصاد يقدموا الى الهيكل ما حدش كان بيدخل الهيكل فاضى كل الناس كان معها خير كثير لدرجه انة مخازن الهيكل كانت مليئه جدا الكنيسه رابطت بين عيد الحصاد وبين عيد حلول الروح القدس لان هو كان عيد الخير عيد الخيرات والحصاد و عشان كده قال العطيه العظمه والسمينه عطيه كبيره جدا غنى كبير جدا بركه لا توصف تضاف الينا احنا الوحشين الخطاه الضعفاء والفقراء الغلابه واحد يقول لك خذ الثروه دي كلها اكتبها لك باسمك بس بشرط لو سمحت حافظ عليها انت اللي طول عمرك داخل في تجارات خاسرة ما بتعرفش حاجه وبتدخل بتخسر معروف انك انت شخص مبدد معروف ان انت شخص ما بتعرفش اي حاجه جالك شخص غنى قال لك انا هتبناك انت صعبان عليا انت ليه كده على طول متعصب انا هديلك الثروه بتاعتي و هنسبهالك انت بس خلي بالك عليها لو سمحت دي حاجه مهمه و غاليه علي حافظ عليها صدقوني احبائي ده اللي حصل معنا دلوقت زي احيانا كده لما بيكون في الدواء يبقى في شركه تعبانه كده ولا حاجه تاخذ توكيل اجنبي التوكيل الاجنبي ده يعني المنتج الاجنبي هيطلع من الشركه دي بس طبعا باسم التوكيل الاجنبي يعنى نفس اسم الشركة ونفسى اسم الدواء لازم الشركه التعبانه دي تحافظ على اسم الشركه الكبيره اهو احنا كدة احنا اخذنا حاجه مش بتاعتنا بتاعته بس لازم نحافظ عليها عشان كده مرات قال (( لا تحزن الروح لا تطفئ الروح اسلكوا بالروح عشان كده لازم تكون العطيه دي انا امينه عليها الروح القدس هو اللي يخلي واحد زي الانبا انطونيوس انه يبيع كل ما لهم الخطوه مش سهله ابدا صعب ان واحد يعمل كده لما تيجي نفكر بالعقل تلاقي دى مجازفه واحد زي الانبا صموئيل المعترف عينه تعثرة يروح خالعها دي حاجه مش سهله ابدا ده كلام ما يتوصفش كلام فوق العقل بيقول لك كل حاجه في حياتي القديسين بتفوق قدراتك وتفوق خبرتك وتصورك و تحس ان هي فوق المنطق تعرف ان دي بتاعه الروح القدس لو عندك فضيله نفسك تقتنيها اطلب الروح القدس لو عندك شخص ما بتحبوش وتعبك في حياتك وعامل عثره في حياتك ومش عارف تتقدم ابدا من روح الكراهيه الموجوده تجاة الشخص دة اطلب من الروح القدس يشيل الكلام ده يكنس اي حاجه ما تقدرش عليها اطلب الروح القدس ده شغله دي القوه المضافة الخفيه فى حياتنا هو ده الروح القدس الروح القدس اللي بيعمل فينا الاعمال بتاعته اللة مش بتاعتنا احنا متصدقش ان في بشر يعملوها هو ده عمل الروح القدس الروح لما في العهد القديم التكوين يقول لك كده وكان روح الله يا لف على وجه المياه لما كانوا يمسحه كهنة و ملوك وانبياء كانوا بيمسحوا وهم بالروح القدس بس كان فى العهد القديم كان مجرد حلول من بره في العهد الجديد اخذنا كسكنة يعني مثلا الروح القدس يبقى على واحد علي داود مثلا شاول بس يقول لك مسحت كهنه وملوك وانبياء بس الروح القدس كان يحل كمان مش يسكن في العهد الجديد قال لك لا لا لا انا مش عايزه اكرر نفسي طبيعه العديمة بتاعت الجنس البشري بتاعه العهد القديم انا جاي اجددها جاى بخليقه جديده جايبها بروحي عشان كده قال لك انتم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم في العهد القديم قال لك ان لما يشوع بعث الناس اللي تتجسس ارض الميعاد لما موسى بعت يتجسسوا ارض الميعاد قالوا ان الخيمه كبيره الارض اللي احنا خارجين عشان ناخدها دي ارض صعبه جدا لا احنا تايهين 40 سنه عشان نروح الارض دي!!!دى أرض تاكل سكانها ارض غداره راينا هناك بني علاق كنا في اعينهم كالجراد احنا شفنا هناك ناس عمالقة هو دة اللى تعبنا عشانة 40سنه ويا خسارة هى دى الوعود هو دة اللى قولتنا علية يا موسى !!! ورجعوا بقى يقول في سفر العدد اشاعوا مزلة الارض الشعب كله جاء له حاله حزن ويأس احباط وثورة على موسى وبعدين بقى قال لك واما يشوع وكالوا فكان معهم روح اخرى ايه يا روحي الاخرى هي الروح القدس اسكت الشعب قالوا انها ارض جيده في سفر العدد٣ مكتوب كده ارض جيده جدا جدا جدا ان سر لنا الرب يعطيها لنا خلي الناس كده سكتت الروح القدس يخلي لك المستحيل سهل لا شئ مستحيل امام الروح القدس ان سر بنا الرب يعطيها لنا سر السماء فى الروح القدس سر الفضيلة فى الروح القدس سر الجهاد في الروح القدس عشان كده النهارده يوم فوق الايام مش من الايام العاديه يوم ما ينفعش ان احنا نسيبه نمسك فى بركتة افضل خزن خزن خد خزين لانة هو يعطيك ما لا تتخيلة!! من فرط عطاياة صرنا لا نصدق واحد يعطيك ملايين يكتبها باسمك اية دة دى حقيقة ولا مزورة!!!دة حقيقة عشان كدة احنا بالروح والحق نسلك اتفرج ع المحبة اللى عند المسيح الحقيقة اتفرج ع السلام اللى عند المسيح الحقيقى غلاطية ٥ محبه فرح سلام تقول انان لطف صلاح وداعة ايه ده دى ثمار الينبوع بتاعها هو الروح القدس الناس كلها عندها مشاكل في المحبه اما المليان من الروح القدس ما يعرفش الكلام ده ما يعرفش الكراهيه دي كلها بكل اللي فيها ما تزعجهوش تلاقية مليان فرح طب على اية!! ازاى الناس عايشة فى كأبة وضيق وغلا وازاى الناس عايشة فرحانة!!! كدة !!!اصل هما عارفين ان لسنا لنا هنا مدينة باقية اصل هو من جواة مش هى دى الحاجات اللي تنكد علية تبص تلاقي ايه مليان سلام ليست لنا هنا مدينه باقية يقول احد الاباء الرهبان اكثر شيء ينكد على ان مصليش دي اكثر حاجه لما تلاقيني ما بصليش تلاقيني عصبي اصل هو عارف القوه بتاعته بتيجي منين عارف المصدر هو الروح القدس يعلمك كل شيء ويفرحك ويسندك النهارده احبائي يوم خير كبير قوي على الكنيسه كل واحد فينا ما يمشيش غير وهو واخذ نصيب قولة كدة هلما تفضل وحل في وطهرنى من كل دنس هذا لا تنزعة منا ايها الصالح نسالك ان تجددة في احشاءنا ربنا يكمل نقائصنا و يسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا كل المجد أبدياً أمين0 القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك
المزيد
03 يونيو 2023

انجيل عشيه يوم الاحد السابع عيد الخمسين

تتضمن الحث على الايمان والأعمال . مرتبة علـى قوله تعالى بفصل الإنجيل : " من أمن بى كـمـا قـال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى ( یو ۷ : ٣٧- ٤٤ ). لما كان السيد له المجد في عبر البحر قرب كفر ناحوم قال للآتين اليـه " اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحيوة الأبدية الذي يعطيكم ابن الانسان فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله . فأجاب وقال لهم : "هذا هـو عمـل الله . أن تؤمنوا بالذي أرسله " وقال ايضاً : " كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حيـوة أبدية وأنا اقيمه في اليوم الأخير " فما أعظم قوة الايمان وما أعجب نتيجته إذ ما يجنيــه الانسـان منـه لا يوصف . ولكن هل يكفي أن يؤمن الانسان فيخلص ؟ كلا . بـل يـجـب أن يقـترن الايمان بالأعمال الصالحة . إن الايمان قسمان : نظري وعملي . والمطلوب أن يكون إيماننـا عمليـاً لا نظرياً . فإن قلت ما هو الإيمان العملي وما هـو النظـرى ؟ أجبتـك : أن الايمـان النظري هو ما تجرد من الأعمال الصالحة . والعلمي هو ما اقترن بها .فالايمان إذن بدون اعمال لا يخلص الانسان . كما يقول الرسول يعقوب : " ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيماناً ولكن ليس له أعمال . هل يقدر الايمـان أن يخلصه" . أو " هل تريد أن تعلم ايها الانسان الباطل أن الايمــان بـدون أعمال ميت . ألم يتبرر ابراهيم أبونا بالأعمال إذ قدم اسحق ابنه على المذبح . فـتـرى أن الايمان عمل أعماله وبالأعمال أكمل الايمان . وتم الكتاب القائل فآمن ابراهيـم بالله فحسب له برأ ودعى خليل الله ". ترون أذن أنه بالأعمــال يـتـبرر الإنسـان لا كذلك راحاب الزانية أيضاً أما تبررت بالأعمـال إذ قبلـت الرسـل وأخرجتهم في طريق آخر ؟ لأنه كما أن الجسد بدون روح ميت هكذا الايمان أيضـاً بدون أعمال ميت بالأيمان وحده . وهو ما يدعوه الرسول بولس : " الايمان العامل بالمحبة " وفي موضع آخر يمدح القديسين ويثني على عظم أعمالهم بقوله : " أخـرون عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل . وأخرون تجربوا في هزء وجلد ثـم في قيود أيضاً وحبس . رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلا بالسيف طافوا في جلود غنـم وجلود معزی معتازين مكروبين مذلين . وهم لم يكن العالم مستحقاً لهم . تائهين براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض من هذا قد اتضح جلياً أن الايمان الخلاصي إنما هـو المقـترن بالأعمـال الصالحة لأن الايمان يساعد الاعمال والأعمال تكمل الايمان فقولوا لي من منا أعماله تطابق تعاليم دينه ؟ إن الديـن يأمرنـا أن نحـب عدونا . ونحن لم نكتف بأن نبطن له الحقد بل نبغض ونحقد على أخينا أيضاً . الدين يقضى بأن نكون نشطين حارين في عبادة الخالق . ونحن كمـا نحـن نصرف زمان العبادة في محال الملاهي والمسكرات . ونقضى زمان الصلوات فـارتكاب المعاصي والمنكرات . وبعضنا يفضل حشد الأموال على خير الاعمال . الدين يقضى بإغاثة الفقير . ونحن نشتمه ونعيره بالبطالة والكسل . والبعـض منا يستبدل الاعتراف بالاصرار علـى الخطـا . ومناولـة الاسـرار بالاستخفاف والازدراء . فأين إيماننا من إيمان إبراهيم أبي الأباء ؟ واين اعمالنا من أعماله ؟ فهو قـدم ابنه أسحق ضحية الله . ونحن لا نقدم أبناءنا إلى الكنيسة ليتمموا واجبات دينهم . وأيـن احتمالنا من أحتمال الشهداء الذين صبروا على أشـد الضيقـات . واحتملـوا امـر العذابات ولم يحيدوا عن الدين يمنه ولا يسره . ونحن نرى البعض منا . لأدنى ربـح . أو لأخف بلية . يترك الدين . ويسب الله ورجاله الامناء المخلصين . فإيمان امثال مـن ذكرناهم باطل وميت لا يفيدهم شيئا . فسبيلنا ايها الأحباء نحن الذين آمنا بالله من دون أن نراه . أن نقرن إيماننـا بعمل الفضائل المرضية لعظمته تعالى . حتى نصير بذلــك مسـتأهلين لان نسـمع صوته القائل : " طوبي للذين آمنوا ولم يروا " " . له المجد إلى ابد الآبدين أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
02 يونيو 2023

مائة درس وعظة ( ١٦ )

كيف أرضى الله « طرقك يارب عـرفني . سـبلك علمنی . دربـني في حقك وعلمنى ، لأنك أنت إله خلاصی » ( مـز ٢٥: ٤ - ه ) . نتأمل في عـبـارة من تحليل صـلاة الساعة السادسة : « أعطنا يا الله وقتاً بهيا ، وسيـرة بلا عيب ، وحـيـاة هادئة لنرضى اسمك القدوس » . نطلب من الله ثلاثة أشياء في منتصف اليوم وسط مسئولياتنا : أولاً : وقتاً بهيا :- ۰۱ هو وقت مفيد لله . ٢- هو وقت تملأه بأفكار أو أعـمـال أو أقوال تمجد اسم الله . ۳- هو وقت تملأه بالروحيات من خلال الكتاب المقـدس ، حـفظ لحن ، صـلاة اعتراف ، قراءة كتاب روحي ، خلوة ، إرشاد روحی. ٤- هو وقت تملأه بمشاعر التوبة . ٥ - هو وقت تقضيه في الافتقاد . ٦- هو وقت تقضيه في قراءة روحية أو ثقافية لبنائك . هو وقت تقـضـيـه في حل المشاكل بروح الرجاء اسـأل نفسك كل يوم مـاذا صنعت في وقتك المنير ؟ الله يمنحك كل صباح أربعة وعشرين ساعة . ثانياً : سيرة بلا عيب :- السيرة هي أحداث حياتك :- ١- سيرة طاهرة نقية : أي سيرة تكون فيها قدوة ونموذجاً . وهي السيرة التي تنتشر بالقداسة وتمـجـد صـاحـبـهـا بعـد انتقاله من هذا العالم . ٢- العـيب : هو السلوك الظاهري من :حلفان وروح الغضب و ... إلخ . ثالثاً : حياة هادئة : - ۱- نجـد الـهـدوء في ثلاثة أمـاكن ( الريف- البرية- البحر ) . ۲- بعض الناس يصنعون سلاماً ولكن هناك البعض الآخر يصنعون مشاكل . ۳- طوبى للبـيـت الـهـادئ والخـدمـة الهادئة والكنيسة الهادئة والمدينة الهادئة . ٤- هدوء الفكر وهدوء حل المشكلات وهدوء الحوارات . نرضى اسمك القدوس بهذه الثلاثة : الوقت البهي ، والسيرة التي بلا عيب ، والحـيـاة الهـادئة . ونصليها في سـاعـة الصليب ، لأنه هو الوحيد الذي يعطينا الوقت البـهى والسـيرة التي بلا عيب والحياة الهادئة . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
01 يونيو 2023

بمناسبة عيد دخول المسيح أرض مصر

تعليقات للقدّيس كيرلّس الكبير على الأصحاح 19 من سفر إشعياء يسعدني في هذا المقال تقديم مقتطفات من شرح القديس كيرلّس الإسكندري عمود الدين للأصحاح التاسع عشر من سفر إشعياء النبي. وقد اخترت فقط بعضًا من شرحه للآية رقم 1، والآية رقم 19. ثم رأيتُ تقديم بعض الملاحظات السريعة على التفسير في نهاية المقال. إش19: 1: "هوذا الربّ يجلس على غيمة خفيفة، وسيأتي إلى مصر، فتتزلزل أوثان مصر من وجهه، ويصغر قلبهم فيهم". يريد النبيّ أن يُعلِّم بأيّ طريقة خلُصَتْ مصر، وأُمسِكَت بشَبَكة التقوى بإيمانها بالمسيح، بالرغم من معاناتها من الأخطاء الإجراميّة لتعدُّد الآلهة. فقد كانت في ظلامٍ شديد.. قد وضعوا في معابدهم أوثانًا كثيرة، متعدّدة الأشكال، حتّى أنّهم أبدعوا أشكالاً للحيوانات غير العاقلة، وأقاموا المذابح حتّى يقدّموا الذبائح عليها. إذن فقد كان يجب أن تزداد النعمة جدًّا لأنّ خطيّتهم قد كثرت جدًّا (رو5: 22)، وأنْ يَظهر الطبيب لِمَن أُصيبوا بالمرض الشديد، وأن يلمع النور الإلهي السماوي، لمن اظلمّت قلوبهم. ماذا يريد أن يبيِّن بقوله إنّه يرى الربّ يجلس على غيمة خفيفة؟ هيّا بنا نفحص الأمر على قدر استطاعتنا. بعض المفسِّرين قالوا بالتأكيد أنّ "الغيمة (السحابة) الخفيفة" هي جسد الربّ المقدّس، بمعنى الهيكل الذي اتّخذه من العذراء القدّيسة، والذي شبّهوه بالغيمة، لأنّه كان خاليًا من الشهوات والأهواء الأرضيّة، وارتفع عنها عاليًا. لأنّ الجسد المقدّس لمخلّصنا المسيح هو بالحقيقة كليّ القداسة، وخالٍ من كلّ دنسٍ أرضيّ. والبعض قالوا أنّ الغيمة الخفيفة هي العذراء القدّيسة.غير أنّي أعتقد أنّه بقوله "جالسًا على غيمة خفيفة" يريد أن يُعَبِّر عن معانٍ أخرى كثيرة.السحابة تمثِّل لنا نوعًا من البرودة، أو المطر الروحي، أو المعموديّة المخلِّصة. وبالفِعل يقول الطوباوي بولس أنّ "آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة... وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر" (1كو10: 1-2). وعندما كانوا يَعبرون الصحراء الشاسعة، كانت السحابة تظلّلهم في النهار، وفي المساء كان يتقدّمهم عمود نار. ولقد وُصِفَ المسيح بهذين الأمرين (النار والسحابة)، أي بالسرّ الخاصّ به. أي أنّنا سنحصل على البرّ والقداسة بالإيمان وبالمعموديّة المقدّسة.وهكذا يليق بالربّ، وهو ذاهبٌ بهدف تنقية وإصلاح المصريّين، بطريقة روحيّة تليق بألوهيّته، أن يَظهَر وهو جالس على غيمة خفيفة، لأنّه لم يكُن هناك طريق آخر لزوال قذارة النفس التي خُدِعَت إلاّ عن طريق المعموديّة المقدّسة، والتي نقول أنّ الغيمة الخفيفة هي رمزٌ لها.هي خفيفة لأنّنا نعتمد كي نخلع عنّا الخطيّة، مُلقين من فوقنا عدم التقوى، وكأنّها حِمل ثقيل الحَمْل، فنصير مرفوعين كما لو أنّ لنا أجنحة، نتعلّم كيف نتأمّل في السماويّات، متّجهين بقلوبنا نحو العُلا. أعتقد أنّ جلوس الربّ على السحابة.. يُلَمِّح إلى الراحة أو السُّلطة (المُلك)، وهكذا فإنّ المسيح يستريح ليس حسب عبادات الناموس قديمًا، لكن بالحريّ مِمّا يأتي لنا عن طريق المعموديّة المقدّسة، (أمّا السُلطة) فبطريقة مُلكِهِ على مَن هُم على الأرض.يقول النبيّ أنّ عند ظهوره "سترتجف أوثان مصر، كما من زلزال". فطالما ظهرت المعموديّة المقدّسة، وأضاء المسيح على الأرض، كان من الضروري أن يختفي دَجَل الضلالات القديمة، وتظهر أنّ فخاخ الشيطان قد تحطّمَت، لأنّه كان قد أوقع في شباكه للهلاك والضياع كلّ أمّةٍ.. وبالأكثر من الجميع، أوقع المصريّين؛ لأنّ هؤلاء كانوا يؤمنون بالخُرافات أكثر من غيرهم.النبيّ يقول أنّ قلوب المصريّين ستُهزَم وستُفسِح الطريق.. وستخضَع أمام تعاليم الإنجيل.. ولن تكون فيما بعد قلوبًا جامدة أو قاسية أو غير قابلة للنُّصح، بل ستَقبل رسالة الخلاص. إش19:19: "في ذلك اليوم، يكون مذبح للربّ في كورة المصريّين، وعمودٌ للربّ عند تُخمها. فيكون علامةً للربّ إلى الأبد في كورة مصر".لقد كانت أرض مصر مليئة كلّها بالمعابد ومكتظّة بالمذابح.. انتبِه إذن، من أين إلى أين تغيَّرَت أحوال المصريّين؟ فهؤلاء الذين كانوا متمسّكين بالخرافات أكثر من أي شعوبٍ أخرى، بل وكانوا أسرى بالتمام للضلالات، يقول (النبيّ) أنّه "في ذلك اليوم"، أي في ذلك الزمان الذي فيه ستضيء فيهم بشارة الخلاص، سيقبلون عبادة مَن هو بطبيعته الله الحقيقي. لأنّه سيُقام مذبح للربّ في أرض مصر. والكلام هنا واضح جدًّا.يقصد بكلمة "عمود"، على ما أعتقد، إمّا هيكلاً مقدّسًا للربّ، أي كنيسة، وقد بُنِيَت على حدود مصر، قبل كنائس أخرى. أو أنّها (كلمة عمود) تُعني علامة الصليب المقدّس، الذي اعتاد المؤمنون أن يحموا أنفسهم به كدرع. لأنّنا نستخدم دائمًا علامة الصليب كي نتجنّب كلّ هجوم الشياطين، ونصدّ كلّ اعتداءاتهم. لأنّ الصليب هو في الواقع سورنا الحصين، وهناك أسباب لنفخر بخلاصنا عن طريقه، لأنّه مكتوبٌ: "وأمّا من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلاّ بصليب ربّنا يسوع المسيح" (غل6: 14). إذن عجيبٌ هو ما قد سبق فأنبأت به النبوّات حينذاك، وقد تحقّق الآن. [المرجع: تفسير سفر إشعياء للقدّيس كيرلّس السكندري (الجزء الثالث - الأصحاحات: من 19 إلى 30) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة بالقاهرة - ترجمة عن اليونانيّة مع مقدّمة وتعليقات للدكتور جوزيف موريس فلتس - الطبعة الأولى 2021م] بعض الملاحظات السريعة: 1- القديس كيرلّس يستخدم في تفسيره النصّ السبعيني اليوناني، وهو النصّ المعتمد في الكنيسة منذ القديم، وليس النصّ العِبري. 2- لايَذكُر ق. كيرلّس أيّ شيء نهائيًّا عن خط سير العائلة المقدّسة في زيارتها لمصر، مِثلَهُ مثل كلّ آباء الكنيسة. فلم يكن الآباء ينشغلون بهذا، بل بالأمور الخلاصيّة والمعاني الروحيّة فقط.. والجدير بالذِّكر أنّ الحلم المنسوب للبابا ثيؤفيلس (خال القديس كيرلّس بالجسد، والبابا السابق له)، عن خطّ سير العائلة المقدّسة في مصر، ليس له وجود في سيرة حياة البابا ثيؤفيلوس، بل هو منسوب له في كتاب تمّ تأليفه في القرن الثامن..! 3- لا يُفسِّر ق. كيرلّس سقوط أوثان مصر بشكل حرفي، مثلما يَذكر الفولكلور الشعبي الذي ظهر وانتشر في العصور الوسطى، وامتدّت آثاره حتّى الآن.. بل يتحدّث عن انهيار مملكة الشيطان والعبادات الوثنيّة في مصر، أمام نور الإيمان بالمسيح الذي أشرق فيها. 4- أيضًا لا يتحدّث ق. كيرلّس عن مذبح مُعيّن للربّ في أرض مصر، كما يَشيع الآن، أنّ المقصود به مكانًا محدّدًا في أحد أديرة الصعيد، حسب بعض التقاليد المحلّيّة.. بل يؤكِّد أنّ المذبح يشير إلى العبادة المسيحيّة في مصر بوجه عام. 5- يشرح أيضًا ق. كيرلّس أنّ العمود، ليس هو شخصًا بعينه، بل هو الصليب العالي الذي هو محلّ افتخارنا بعد قراءتي لهذا الشرح العميق الذي كتبه ق. كيرلّس الكبير في القرن الخامس، أدركت كم نحن الآن في احتياجٍ شديد لمراجعة ما نردّده ونُعَلِّم به، في ضوء كتابات الآباء، لكي يكون متوافِقًا مع الفكر الآبائي الروحي الأصيل.كلّ عام وكنيستنا متمتّعة بنور المسيح، وأفراح حضوره في وسطها،، القمص يوحنا نصيف القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
31 مايو 2023

اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس

سؤال قال الملاك للمريمات بعد قيامة السيد المسيح "أذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبكم إلي الجليل هناك ترونه" (مر 16: 7) فهل يعني ذكر بطرس بالاسم أنه مميز عن باقي التلاميذ؟ جواب لقد قصد الرب فعلًا أن يهتم ببطرس اهتمامًا خاصًا، لأنه كان في حالة قلق علي نفسه ومصيره بعد إنكاره وتجديفه وشتائمه وقول إنه "لا يعرف الرجل" فإن طبق الرب عليه قول "من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضًا " يكون بطرس قد هلك فذكر بطرس بالاسم، كنوع من التعزية له بسبب إنكاره وخطيئته، لأنه ربما كان في خجل من الرب لا يستطيع أن يقابله إلا بدعوة خاصة منه ألا تري معي أن آدم بعد خطيئته اختبأ من وجه الله وخاف أن يقابله، ولما دعاه الله أجاب "سمعت صوتك في الجنة فخشيت" كان بطرس في نفس الوضع، وكان يحتاج إلي دعوة خاصة بالاسم الأمر إذن ليس موضوع رئاسة أو تفضيل، وإنما عزاء لمسكين. حول أحداث القيامة ومدي اتفاقها سؤال هل يوجد تناقض بين أحداث القيامة كما يرويها الإنجيليون الأربعة؟ لأن إنجيلًا يتحدث عن ملاك وآخر عن ملاكين، كذلك الأشخاص الذين زاروا القبر تختلف قصص الأناجيل عنهم. جواب لا يوجد تناقض، إنما كل إنجيل ذكر زيارة معينة في موعد يختلف عن الزيارة التي ذكرها الآخر، وبأشخاص مختلفين أول زيارة ذكرها إنجيل متى، فيها القبر الفارغ وبشارة الملاك، لمريم المجدلية ومريم الأخرى ثم ظهور السيد لتلميذي عمواس، وزيارة النسوة (لو 24). أما زيارة مريم المجدلية، ورؤيتها للمسيح في هيئة بستاني، فقد كانت بعد ذلك (يو 20) زيارات متعددة، بمواعيد متفاوتة لو كان حدث واحد، لتظهر تناقض ولكنها أحداث وظهورات وزيارات. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
30 مايو 2023

بمناسبة عيد حلول الروح القدس

مجاري الأنهار تُفرِّح مدينة الله نرتّل هذه الآية كلّ يوم ضمن مزامير الساعة الثالثة.. وهي تشير بوضوح لعمل الروح القدس الذي يجري في الكنيسة مدينة الله كما تفيض الأنهار في قوّة وسلاسة، فتروي وتُغني وتُحيي الأرض.. فمن خلال الأسرار المقدّسة والصلاة والتسابيح والكلمة الإلهيّة يعمل الروح ويُغني أولاد الله، ويقدِّسهم أيضًا.. هذا هو الروح الذي أودعه السيّد المسيح في الكنيسة، تحقيقًا لوعده: "لا أترككم يتامي" (يو14: 18).. "مَن آمن بي.. تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو7: 38).. "إن عطش أحد فليُقبِل إليّ ويشرب" (يو7: 37).. "مَن يعطش فليأتِ، ومَن يُرِد فليأخُذ ماء حياة مجّانًا" (رؤ22: 17).. هذه هي مجاري الأنهار التي تفرّح الكنيسة مدينة الله وتقدّسها وتُغنيها..! مدينة الله أيضًا هي النفس البشريّة التي قيل عنها: "أعمال مجيدة قيلت عنكِ يا مدينة الله" (مز86: 3 الأجبية)، وعن سُكنى الروح القدس فيها قال السيّد المسيح: "ها ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21).يصِف القدّيس مكاريوس الكبير في عظته الأولى النفس البشريّة بأنّها مثل المركبة الشاروبيميّة الحاملة للعرش الإلهي (حز1)، وحيثما يقودها الروح تسير (حز1: 20) فيقول "النفس التي حُسِبَت أهلاً لشركة روح نور الربّ واستُنيرَت ببهاء مجده غير الموصوف، والتي أعدّها هو لتصير له عرشًا ومنزلاً، تلك النفس تُصبِح كلّها نورًا... يقودها ويجلس عليها البهاء الفائق الوصف الذي لمجد نور المسيح."ويقول أيضًا في عظته الثانية والأربعين "النفوس التي قد ازدانت بالمعرفة والفهم والذِّهن الشديد الحِدَّة هي أشبه بمُدُن عظيمة، إنّما يلزم أن تحترس لكي تكون مُحصّنة بقوّة الروح القدس، لئلاّ يتسلّل إليها الأعداء ويخرّبوها."هكذا نفهم أنّ سرّ غنّى النفس وقوّتها هو سكنى الروح القدس فيها بالنعمة وتغذيته لها، كيف يحدث هذا؟! يجيبنا القديس مكاريوس الكبير في عظته التاسعة عشرة قائلاً "الذي يريد أن يأتي إلى الربّ ويؤهَّل للحياة الأبديّة ويصير مسكِنًا للمسيح ويمتلئ من الروح القدس، حتّى يمكنه أن يصنع ثمر الروح ووصايا المسيح بنقاوة وبلا لوم، يلزمه أن يبدأ هكذا: أوّلاً يؤمن بالرب بثبات، ويكرِّس نفسه بالتمام لكلمات وصاياه.. وينبغي له أن يواظب على الصلاة كلّ حين، منتظرًا الرب في إيمان، ومتوقِّعًا على الدوام افتقاده ومعونته، وموجِّهًا نظرَ ذهنِه أبدًا صوبَ هذا الغرض. ثمّ يتوجَّب عليه.. أن يغصِب نفسه إلى كلّ صلاح وإلى كلّ وصايا الرب: فمثلاً ليغصِب نفسه إلى التواضع أمام كلّ إنسان، وليحسب نفسه أدنى وأشرّ الكلّ، غيرَ طالبٍ من أحد كرامةً أو مديحًا أو مجدَ الناس كما هو مكتوبٌ في الإنجيل، بل جاعلاً الرب وحدَه ووصاياه أمام ناظرَيه على الدوام، مُبتغيًا إرضاءه هو فقط في وداعة قلب.. بالمِثل فليُعَوِّد نفسه بكلّ قوّته أن يكون رحيمًا، لطيفًا، شفوقًا، صالحًا.. وفوق الكلّ فليتذكّر بلا نسيان تواضع الرب وسيرته ودِعتَه.. وليواظب على الصلوات، متوسِّلاً على الدوام بإيمان، لكي يأتي الرب ويسكن فيه ويكمّله ويمَكِّنه مِن جميع وصاياه، ولكي يصير الرب ذاته مَسكِنًا للنفس."هكذا يرسم لنا القديس مكاريوس الطريق للامتلاء من روح الله؛ بالمواظبة على الصلاة، والتغصُّب في تنفيذ وصايا الإنجيل مع الاتضاع.. وبهذا تجري فينا أنهار المياه الحيّة وتفرِّح قلوبنا على الدوام..! القمص يوحنا نصيف القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
29 مايو 2023

القيامة هي النور الذي أشرق

القيامة هي الجانب الملموس لمجد الصليب. ففي الصليب قوة المحبة الباذلة التي يبدو كأن بذلها يحتّم الغياب الحزين. أمَّا في القيامة فتظهر وهي حاضرة في جراح المصلوب القائم لكي تمنح لقابليها الفرصة للتعبير عن فرحهم وتقديرهم وامتنانهم.إن المحبة مثل الشمس إذا غابت فإنها تشرق في الجانب الآخر من المسكونة، وتعود لتشرق من جديد في صباح جديد حاملة معها كل الخير، وتعانقها أغصان الأشجار، وتتألّق بها قطرات ندى الليل، وينسى الطير غيابها لأنها لم تغب إلاَّ لتشرق؛ لا يعوقها عن موعدها لا الجبال ولا الآكام لأنها ترتفع متسامية فوق الجميع.لقد غاب حضور السيد المسيح عن أرض الأحياء حينما غاب بحسب الجسد عن تلاميذه القديسين. ولكنه مُماتًا في الجسد ومحييًا في الروح ذهب فكرز للأرواح التي في السجن. بشَّرهم وأشرق عليهم في العالم الآخر بنوره العجيب الذي فزعت منه الأرواح الشريرة وخفافيش الظلام. وفرح به آدم وبنوه الذين رقدوا على رجاء الخلاص.. وهكذا نقلهم من السجن إلى الفردوس، وطيّب قلوبهم بعد طول انتظار لآلاف السنين.أمَّا الكنيسة في أورشليم الأرضية فقد أشرقت عليها أنوار القيامة في اليوم الثالث، إذ قام الرب من الأموات وصار باكورة الراقدين. ورافقت قيامته مظاهرة تهتف للحياة من القديسين الراقدين، جاءت من العالم الآخر لتعلن أن شمس البر قد أشرق عليهم بنور خلاصه العجيب. ولم يكن لقيام أجساد القديسين الراقدين ودخولهم المدينة المقدسة أي معنى لولا أن شمس البر نفسه قد قام مُظهرًا أنه هو الحياة للجميع.من الآن سوف نفهم أن الهوان هو الجانب المنظور للمجد غير المنظور، والتخلّي هو الجانب المنظور للغنيمة غير المنظورة، والغياب هو الجانب المنظور للحضور غير المنظور، وفقدان الذات هو الجانب المنظور لوجودها غير المنظور.. وهكذا.. ولكن الجانب غير المنظور هو غير منظور بالنسبة للعالم الطبيعي فقط، أمَّا بالنسبة للروحيين أو لمَن يحيون بالإيمان فإنهم سوف ينظرون ما لا يستطيع العالم أن يراه.. لأن المجد لا يراه من باعوا المجد، والوجود الحقيقي لا يراه من باعوا وجودهم للباطل الزائل، والرب القائم لا يراه من رفضوا قيام الحق في حياتهم وأحكامهم.إن الرب سيبقى دائمًا هو الغائب الحاضر، المختفي الظاهر، لأنه هو الحق: والحق يتكلم حتى ولو صمت، ويتكلم حتى ولو بدا أنه قد ضاع، لأن الحق لا يمكن أن يضيع..في صباح أحد القيامة المجيد فلنهرع لنعانق النور الذي أشرق ولن يغيب إلى الأبد.في الخليقة القديمة كان الرب يقول: وكان صباح وكان مساء يومًا واحدًا. أمّا في الخليقة الجديدة فقد أشرق فجر أحد القيامة أي في اليوم الثامن الذي لن يغيب إلى أبد الدهور.إن من يحتفل بالقيامة فإنما يحتفل بالحياة الجديدة التي لا يغلبها الموت عابرًا كل عوامل الموت الزمني لأنه قد اتحد بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهِرت لنا (1يو1: 2). نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل