المقالات

10 مايو 2020

الأحد الثالث من الخماسين فى مقابلته للمرأة السامرية

“أجاب يسوع وقال لها لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لك أعطينى لأشرب لطلبـت أنت منه فأعطاك ماء حيـا” (يو 10:4)وعن الماء الحى مكتوب أيضـا: ” وفى اليوم الأخير وقف يسوع ينادي قائلاً إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب. من آمن بى كما قال الكتاب تجرى من بطنه أنهار ماء حى. قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى بعد لأن يسوع لم يكن قد مجد بعد ” (يو 37:7-39)سوف ندرس ما قاله الآباء عن الروح القدس. الروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس،فنحن نؤمن بالله الواحد المثلث الأقانيم: الله الآب. الله الإبن. الله الروح القدس 1- أقوال القديس اثناسيوس الرسولى عن الروح القدس عن لاهوت الروح القدس: “ا لروح القدس واحد مع الإبن فى الجوهر والإبن واحد مـع الآب فى الجوهرإذن الروح القدس واحد مع الآب فى الجوهر “إننا نؤمن بالثالوث القدوس الله الآب، الله الإبـن، الله الـروح القدس. وهو اله واحد متماثل غير قـابل للتجزئـة بطبيعتـه، ونشاطه واحد الآب يعمل كل شئ بالإبن فى الروح القدس وهكذا ينادى بإله واحد فـى الكنيسة.. الذى على الكل ( كلى الأصل )، وبالكل ( كلى السبب )، وفى الكل ( كلى التنفيذ ) الكل المطلق، أى الله فى ذاته الكلية المطلقة: 1- كآب : بداية، ينبوع. 2- بالكل : بالإبن. 3- فى الكل : فى الروح القدس. عن وحدة عمل الثالوث وعدم إمكان تجزئته.. قال فى بشارة رئيس الملائكة جبرائيل للعذراء: ” عندما افتقد الكلمة العذراء القديسة مريم،جاء إليها الكلمة ومعه الروح القدس، وصاغ الكلمة جسده وشـكله لذاته.. لذا أراد أن يوحد فيه كل البشرية إتحادا بالله ويحضرها إليـه بواسطة نفسه ” (من رسالة إلى القديس سرابيون 1: 31) وفى موضوع قدرة الروح القدس لإعطاء الحياة.. قال: ” إنه يدعـى الروح المحيى، وروح الحياة فى المسيح يسـوع، لأن منـه تنـال المخلوقات الحياة.. علما بأن الإبن هو نفسه الحيـاة ويدعـى فـى الإنجيل رئيس الحياة، فكيف يحسب الروح القدس ضمن المخلوقـات وهو الذى فيه تنال المخلوقات الحياة بواسطة الكلمة “. 2 - أقوال القديس باسيليوس الكبير عن الروح القدس: الإعتقاد السليم هو أن الروح القدس لا يمكن فصله عـن الآب والإبـن فهو حاضر معهما فى: أولا: الخليقة العاقلة فالقوات السمائية وجدت بـإرادة الآب، ونـالت كيانـها بـالإبن، أما تقديسها واستمرارها فى التقديس فهو بواسـطة حضـور الـروح القدس فيها. ثانياً: تدبير مجىء ربنا فى الجسد فلقد صارت البشارة بالروح وصار الحمل بـالروح (لـو 1: 25)، وصارت المسحة بالروح (يو1 :33)، وكـان معه فى التجربة (مـت 4: 1)، وبه تمم كل أعماله (مت 28:12)، وبه قام من الأموات (رو 8: 11). ثالثا: وفى الدينونة فالذين ختموا بالروح القدس ليوم الفـداء وحفظـوا حياتـهم نقيـة بلا عيب هم الذين سيسمعون الصوت القائل ” نعماً أيها العبد الصالح والأمين ” (مت 25: 21) وأما الذين أحزنو الروح فسوف يشطرون، أى سوف ينفصل عنهم تماما الروح القدس (مت 24: 51) وعن ألقاب الروح القدس: هو يسمى الروح لأن الله روح، ويدعى أيضـا قـدوس لأن الآب قدوس والإبن قدوس، ويدعى أيضا الصالح لأن الآب صالح وما ينبثق من الآب صالح، ويدعى المستقيم لأن الله صـالح ومسـتقيم.. وروح الحق وروح البر وروح الحكمة، ويدعى أيضا الباراقليط. وعن أعماله: أن أعماله عظيمة وفائقة ولا يمكن أن نحصيها، إذ كيف نسـتطيع أن ندرك ما كان يعمله الروح قبل أن تنشأ الخليقة العاقلة، ومـا هـى النعم العظيمة التى أعطاها ويعطيها للخليقة، وما هـى قدرتـه التـى سوف يظهرها فى الحياة الآتية. 3 – أقوال القديس كيرلس الإسكندرى عن الروح القدس: أ- فى تفسيره لإنجيل يوحنا قال فى الآيـة ” أنا فى الآب والآب فى ” (يو 14: 11). ( كما أن الإبن صدر من الآب بطريقة تعلو علـى الفهم ومع ذلك فالإبن باق فيه، هكذا أيضـا الروح القـدس فهو ينبثق بالحقيقة من الله كما هو بالطبيعة ومع ذلـك فـهو لا ينفصل عن جوهره بل بالحرى ينبثق منه ويظل باقياً أبديـاً فيه، ويعطى للقديسين بالمسيح، لأن كل الأشياء تأتى بـالإبن بواسطة الروح القدس). ب- وفى تفسيره قول السيد المسيح: ” وأما متى جاء المعزى الروح القدس الذى يرسله الآب بإسمى فهو يعلمكم كل شـئ” (يو 26:14).. قال : ” الإعلان الكامل للسر الإلهى هو بالروح القدس المرسل من الآب باسم الإبن. لأنه كما أن روحه هو المسيح فينا لذلك يقول يعلمكم كل شئ كما قلته لكم.. فحيث أنه روح المسيح وفكره كما هو مكتوب ” (1كو 16:2)، لذلك فهو ليس شـيئا آخر سواه هو نفسه من جـهة وحدة الطبيعة، وهو يعرف كـل ما هو فيه لأن ” أمور الله لايعرفها أحد إلا روح الله ” (1كو 2: 11) فالروح لأنه يعرف ما هى مشورة الإبن الوحيد يخبرنا بكل شـئ.. وهو لا يأخذ هذه المعرفة بالتعليم، لكى لا يبدو أنه يشغل رتبة الخـادم الذى ينقل كلمات آخر، بل هو روحـه. وإذ يعـرف- دون تعلـم- كل ما يخص ذلك الذى هو منه، وهو كائن فيه، فإنه يعلـن الأسـرار الإلهية للقديسين. ج- وعن موضوع الكرمة والأغصان يقول القديـس كـيرلس: إن الروح القدس يجعلنا نثبت فى الكرمة- أى المسـيح- فـهى( الكرمة ) كالأم المغذية لأغصانها، لأننا نولد منه وفيه بـالروح لنثمر ثمار الحياة. فكلمة الله الوحيد الجنس يمنح القديسين ميـلاً إلى طبيعته الخاصة وطبيعة الله الآب بإعطائهم الروح، وذلـك بإتحادهم به بالإيمان والقداسة الكاملة، وهو يغذيـهم بـالتقوى ويعمل فيهم لمعرفة كل فضيلة وكل الأعمال الصالحة. فـالآب يغذينا فى التقوى بالإبن فـى الروح. د- ويفرق القديس كيرلس بين إرسال الروح وانبثاقه، فيقـول: إن الإرسالية فعل زمنى بينما الإنبثاق فعل أزلى. فـالله الآب هـو مصدر إنبثاق الروح وأما إرسالية الروح القدس فهى مـن الله الإبن، كما قال القديس يوحنا فى إنجيله ” ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معى من الإبتداء ” (يو15 :27،26). هـ – وقال أيضا نعرف ثلاثة أقانيم ونؤمن بها ، الآب الـذى لا إبتـداء لـه، والإبن الوحيد، والروح القدس المنبثق من الآب وحده إن الروح القدس هو منبثق من الآب حسب قول المخلـص، لكنه ليس بغريب عن الإبن من حيث وحدة الجوهر نؤمن بالروح القدس كما نؤمن بالآب والإبن، لأنـه مسـاو لهما فى الجوهر وهو مندفق أى منبثق من ينبوع الله الآب كما أن الإبن من الآب من جـهة الولادة، هكذا الـروح مـن الآب من جـهة الإنبثاق، وحاشا من القول بخلاف ذلك. 4-العلامة ديديموس مثله فى ذلك مثل كل آباء الكنيسه الجامعه، يكرز ويعلم عن الثالوث وعن وحدة جوهرالأقانيم الثلاثة.. قال : (كل من يتصل بالروح القـدس ففـى نفـس اللحظة هو يتقابل مع الآب والإبن، وكل من يشترك فى مجـد الآب فإن هذا المجد هو فى الواقع ممنـوح لـه مـن الإبـن والروح القدس) (عن الروح القدس 17) وعن إنبثاق الروح قال: ” الروح القدس ينبثق من للآب ويستقر إلهيا فـى الإبن” (فى الروح القدس 3:1) ويقول أيضاً: فى جوهر الروح يمكن فهم كمال العطايـا، فمـن المستحيل لأى واحد أن يطلب نعمة الله إن لـم يكـن عنـده الـروح القدس الذى فيه يتضح أن كل العطايا متضمنة منـه. لذلـك واضـح أن الروح القدس هو نبع كل العطايا وليست عطية تُمنح بدونـه، لأن كل الفوائد التى ننالها من وراء غنى مواهب الله إنما هى مـن هـذا الينبوع الرئيسى وعن عمل الروح القدس فى الإنسان، قال: هو المقدس والمحيى، نور السماء المنتشـر، الحـافظ الكـل، الساهر على ثبات قوامه، المجدد والمحرر.. كمثل الرب وإبـن الله الذى صنعنا، فهو روح التبنىيطير بنا إلى أبواب السماء، ويقتادنا فـى مداخـل الخلاص، هو النعمة المالئة كل الأشياء الخاويـة والضعيفـة والعـابرة، ينبوع المواهب الذى لا يفرغ ومنطلق كل فكر صالح، يكشـف حقا المزمعات، ختم الخلاص والموهبـة الإلهيـة، عربـون الخيرات الأبدية منه كل خليقة، ما يرى وما لايرى، عاقلة وغـير عاقلـة هـو يقيمها، الذى منه يصير لنا التجديد الإلهى ومغفرة الأثام وسـتر الخطايا والنزوع نحو الله إكليل الأبرار وحافظ الأخيـار. المسـكن السـماوى، الحيـاة التى لا تنتهى وميراث ملكوت الله الأبـدى الـذى كـل مـن يشترك فيه، بتجديد الشركة، يبلغ التذكارات الصالحة وشـركة الطبيعة الإلهية. 5- تعاليم القديس كيرلس الأورشليمى عن الروح القدس: الإبن والروح القدس وحدهما يقدران أن يريا الآب كما ينبغـى أن يرى، إذ هما يشتركان فى لاهوت الآب ويتكلم القديس كيرلس الأورشليمى عن الروح القدس وينظر إليـه بنفس الطريقة التى ينظر بها إلى الآب والإبن من حيـث أن هـؤلاء الثلاثة يشتركون فى نفس مجد اللاهوت الواحد الروح القدس (شريك الأزلية) مع الآب والإبن وعمله من أجـل خلاصنا مشترك مع الاقنومين الآخرين. الإبن يعلم الآب مـع الروح ومن خلال الروح.والروح القدس هو روح الوحى والإسـتنارة، إنـه المقـدس، الفريد، والصالح، والمغيث، معلم الكنيسة، روح النعمـة الـذى يضع علامته على النفس بما يفيد أنها ملكه وهو الذى يعطـى التقديس للكل الروح واحد وهو لا ينقسم بتعدد مواهبه. إنـه ليـس كـأن الآب يهب موهبة والإبن يهب موهبة أخرى والروح موهبـة ثالثة، لكن الخلاص والقوة والإيمان هى مشتركة للكل وكرامة الأقانيم واحدة وغير منقسمة نحن نعلن إلهاً واحداً مع الروح القـدس مـن خـلال الإبـن، بلا اختلاط ولا انقسام. الآب يعطـى للإبـن والإبـن يعطـى للروح القدس ومن أجل خلاصنا يكفى أن نعرف أنـه يوجـد الآب والإبـن والروح القدس، ولم يكتب شئ آخر عن أى شئ آخر، وليـس لائقاً بنا أن نفحص ما هو وراء ما نجده فى الكتاب المقدس عن الجوهر والأقانيم.
المزيد
28 فبراير 2020

كيف تصلي؟

كل فصل من أناجيل الصوم الكبير يحمل سؤالًا، وكأن أيام الصوم هي بمثابة أسئلة يطرحها الله علينا لتكشف لنا مقدار معرفة الإنسان الروحية وطبيعته وتعمقه وعمقه في هذة الحياة الروحية. كلمة الله أجابت عن أسئلة كثيرة في السنوات الماضية وهذا العام (2017) سوف نأخذ القراءة الإنجيلية في كل يوم جمعة طوال أيام الصوم في السبعة أسابيع.إنجيـــــــل الجمعـــــــــــة الأولـــــــــــى مـــــــــــن الصـــــــــوم (لوقا11 : 1-10) يبـــــــــدأ بســـــــــؤال واضـــــــح جــــــدًا، فقـــــــد طلب التلاميذ من السيد المسيـــــح قائلين: «يا رَبُّ، عَلِّمنا أنْ نُصَلّيَ...»، ولذلك السؤال يكــــــون كيف تصلي؟ كثيرون ينظرون إلى الصــــلاة على أنها فعل روحي، وبعضهم يعتبرها فنًّا، ولكننا نرى الصلاة حياة. حياة الصلاة هي ليست حياة لوقت معين ولا في مناسبة معينة ولا في مكان معين، الصلاة حياة يعيشها الإنسان طول حياته، والوصية التي قالها السيد المسيح أن صلوا كل حين ولا تملوا، فكأن الصلاة مرتبطة بالتنفس في كل حين. والصلاة هنا تعني العلاقة التي تربط بينك وبين الله، وهذه العلاقة علاقة داخلية في القلب وليست مظهرية أو خارجية، فصمتك قد يكون صلاة، وترنيمك صلاة ووقفتك صلاة، حتى أننا نقرأ في سفر النشيد عن عروس النشيد «أنا نائمَةٌ وقَلبي مُستَيقِظٌ (بالصـــــــلاة)» (نش2:5)، وكأن نبضات القلب هي تعبير عن نبضات الحب، حب الإنسان لله وحب التواجد في حضرته على الدوام. والصلاة لا تأخذ شكــــــلًا واحـــــــدًا، مشاعرك تكون صلاة، ودموعك تكون صلــــــوات، وسجودك صلوات، وصمتك يُحسب صـــــــلاة. وداود النبي يقول هذا التعبير الجميل: «مِنَ الأعماقِ صَرَختُ إلَيكَ يا رَبُّ» (مز1:130)، لا أحـــــــد يسمـــــــع هذة الصرخة غير الله، أعمــــــاق القلب وأعمــــــــاق النفس البشرية هي التي تصلي وتخاطب الله، والله يسمع ويستجيب. لذلك في كل قداس نصليه في الكنيسة نسمع نداءً من الأب الكاهـن في صورة سؤال: «أين هي قلوبكم؟»، فيـــــرد المصلـــــون ويقولون: «هي عند الرب»، ليست قلوبنا على الأرض وإنما في السماء. تقدم التلاميذ للسيد المسيح وطلبوا السؤال الذي نطلبـــه: «علمنـــــــا يــــا رب أن نصلـــــي»، هل تحتاج الصـــــــلاة أن نتعلمهــــــا؟ هل نحتاج إرشادًا لنصلي؟ هل لابد من الحكمـــــة؟ نعم! لذلك أعطاهم السيد المسيح النموذج المثالي للصلاة، وهي التي نسميها الصـــــلاة الربانيـــــة وأحيانًا نسميها صلاة الصلوات. وسلمنا الرب هذه الصـــــــلاة في عبارات موجزة قليلة ولكنها واسعـــــة المعانـــــــي، وصــــــارت هذة الصلاة هي الصلاة الرسمية في المسيحية، ونصليها شرقًا وغربًا، ويمكن أن نعتبرها بمثابة البذرة التي نشأت منها كل صلواتنا.وهذه الصلاة قصيرة ولكن عميقـــــة المعنى، وأريد أن أتأمل معكم في هذه الصـــــــلاة في عشرة معانٍ متكاملة...المعنــى الأول: أن فيها روح البنـــــوة، فحين تصلي وتقول: أبانا في بدء الصــلاة، معناها إني أنا ابن لك يا رب. شعور البنوة حلو يريح الإنسان.المعنــــى الثانـــــي: ننادي الله «أبانا» بصيغة الجمع وليس أبي، وكأن كل الموجودين إخوتي، أي روح الأخوة التي تجمعنا، فلنا أب واحد هو الله الآب. ولذلك قيمة الصلاة أنها تجمعنا معًا. أيضًا حين نخاطب الكاهن ندعوه «أبونا» وأيضًا بصيغة الجمع، والكنيسة الإثيوبية تنادي الأب البطرك والأب الأسقف والأب الكاهن بكلمه «أبونا» حتى اليوم.المعنـــى الثالــــث: وهو روح المهابـــة، فأنت تقف أمام أبينا الذي في السماء، وتحمل نسمة حياة من السماء. لست مخلوقًا أرضيًا بل مخلوق من السماء. وحين تقف أمام الحضرة السماوية فيجب أن يكون ذلك بمهابة وخشوع.المعنى الرابـــع: «ليتقدس اسمك» رغم أنهما كلمتان والعبارة قصيرة، ولكن ليتقدس اسمك يا رب في حياتي، وهذه روح القداسة. أحيانًا في مسيره حياه الإنسان ينسى اسم الله وينسى تقديس اسم الله، ولذلك نعتبر القسم خطية لأن الإنسان يستخدم اسم الله بلا مصداقية. في إنجيل يوحنا تجد هذه الآية الجميلة «لأجلِهِمْ أُقَدِّسُ أنا ذاتي» (يو19:17)، الأب في بيته يقدس نفسه أي يجعل نفسه أمينًا على أسرته، الخادم في الكنيسة وكل مسئول في المجتمع يقدسون أنفسهم من خلال الأمانة في المسئولية. ليتقدس اسمك يا رب في كلامي فلا يكون غامضًا أو ملتويًا بل بالحق.المعنــى الخامــــس: «ليأتِ ملكوتك» وهنا روح الاستعداد. فالإنسان المؤن ينتظر ملكوت الله أو ينتظر أن يكون له نصيب في السماء. ليأتِ ملكوتك أي الإحساس اليومي بأنك مدعو لهذا الملكوت، مدعو أن يكون لك حياة في السماء، الحياة الأبدية التي بلا نهاية. مثل العذارى الحكيمات والجاهلات يشرح لنا كيف أن العذارى الحكيمات انتظرن العريس مستعدات بالزيت، أمّا الغير مستعدات فيسميهم الكتاب المقدس الجاهلات، فلم يكن لهن نصيب وأُغلِق الباب دونهن.المعنــــى الســــادس: «لتكن مشيئتك» وهذه المشيئة تعني روح التسليم. الإنسان الذي يعيش في مشيئة الله، الذي يرى كل شيء يصنعه الله أنه خير، يعيش في حياة الرضا والقبول، هو في يدي الله يقود حياته من يوم ليوم ومن سنة لسنة ومن مسئولية لمسؤلية. المعنـــــى السابــــع: «كما في السماء كذلك على الأرض»، عبــــــاره مفصليــــة: قبلهـــــا ثلاث عبارات تخـــــص الله. نريـــــد يــــا رب أن الأرض التي خلقتها لنا تكون مثل السماء، أريد كنسيتي مثل السماء، وكذلك وطني، بل والبشرية كلها تكون كما السماء. السماء كلها سعادة وفرح وصفاء، ونريد أن تكون الأرض هكذا. السماء قلبها واسع وكلها سلام، ونريد سلامًا على الأرض... وهذه نسميها روح الاتكال أو سماوية الطابع.المعنـــــــى الثامـــــن: «خبزنا كفافنــــــا أعطنـــــا اليوم»، ونسميها روح القناعـــــة. والقناعة صورة من صور الرضـــــا أو الشبع الداخلــــي، ولن يأتي الرضا أو الشبــــع الداخلـــي مــــــــن أمـــــــــور ماديــــــه أبدًا، ولكن بقدر ارتباطك ووجودك في الحضرة الإلهية بقدر ما يكون شبعـــــك، لأن القلب لا يشبـــــع بطعام ولا بماديات ولا بالتراب بل بالله فقط. المعنى التاسع: «اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا». الله صاحب المغفرة، ولكنه أعطى للإنسان قوة المسامحة، والمعادلة أكثر من رائعة! فعلى قدر ما تسامح الآخر على قدر ما تحصل على غفران الله، ورغم بساطتها إلّا أن الإنسان أحيانًا ما ينساها! وهذه نسميها روح المغفرة. أتعجب حين يحدث خلاف بين اثنين ويستمر لأيام بل وسنين، وأتساءل: ألا تصلون أبانا الذي...؟! المعنــى العاشــــر: «لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير». هي روح الحرص، نحن نعيش في عالم فيه الخير والشر، وفيه ضعفات كثيرة وخطايا متنوعة، فكيف يحترس الإنسان لنفسه، ونحن نعلم أن الخطيه يسبقها غفلة أو نسيان للوصية، لذا نقف أمام ربنا ونقول: لا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير. طالما تحصنت بروح الصلاة الدائمة فلا يقدر العدو أن يؤذيك ما لم تؤذِ أنت نفسك. الصلاة الربانية تقــــدم لك نموذجًا للصلاة، سواء روح البنوة أو الأخوة أو المهابة أو القداسة أو روح الاستعداد أو الاتكال على الله أو القناعة أو المغفرة أو االحرص والانتباه. كل هذه مفاهيم تدخل في الصلاة. مشكلة الإنســـــــان المعاصــــــر أنه يحيــــــــا في عصر السرعة، لكن الحياة الروحية ليست بهذه السرعة. فحين تزرع لبد أن تنتظر ثلاثة أو أربعة شهور حتى تثمر، وهناك نباتات تحتاج لسنين، فلكل شيء وقت. في هذا مثل صديق نصف الليل (لو11) يعلمنا اللجاجة أي استمرار الطلبة أمام الله، وكأنك تقول لله إنه ليس لي غيرك ولا أستطيع أن أذهب لأحد آخر. وقد سمعتم عن القديسة مونيكا التي ظلت تصلي 20 سنة وبدموع من أجل ابنها أغسطينوس، حتى تغير وصار قديسًا. لم تصلِّ يومًا ولا اثنين بل 20 سنة! قيسوا على هذا كثيرًا. ولذلك اللجاجة أحد عناصر نجاح الصلاة. والله عندما يعطيك أو لا يستجيب إنما يفعل هذا لخيرك. ولذلك في آخر هذا الفصل يقول لنا «اسألوا تُعطَوْا، اُطلُبوا تجِدوا، اِقرَعوا يُفتَحْ لكُمْ»، إياك من اليأس أو الشك إن كان الله يسمع صلواتك، بل هو يسمع كل كلمة، يسمع مشاعرك من الداخل وأنين قلبك. اسألوا باللسان، اطلبوا بمشاعر القلب، اقرعوا باللسان والمشاعر والإرادة. لقد أعطانا الله نعمة الصلاة، ونعمة التواجد في الحضرة الإلهية، ونعمة الاستجابة، كل إنسان ومهما كان ضعفه ومهما كانت كلماته يستطيع أن يصلي، والله يسمع ويستجيب الصلاة. يعطينا مسيحنا أن تكون حياتنا كلها صلاة، كما يقول داود النبي: «أمّا أنا فصلاة»... قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
15 فبراير 2020

الإِهتمام بِالزِينة الدَّاخِلِيَّة

نرى إِشعياء النَّبِى يتحدَّث عَنْ الجمال الجَسَدِى فِى قوله [ كُلُّ جَسَدٍ عُشبٌ وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهرِ الحقلِ0يَبِسَ العُشْبُ ذَبُلَ الزَّهرُ لأِنَّ نفخةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ ] ( اش 40 : 6 – 7 )00وَيتفِق سُليمان الحكِيم مَعْ إِشعياء النَّبِى وَيقُول [ الحُسنُ غِشٌّ وَالجمالُ باطِل ] ( أم 31 : 30 ) حقاً جمال الجسد كزهر الحقل ييبس وَيذبُل كُنت دائِماً أذهب إِلَى سيِّدة عجوز بِمنزِلها لِتتناول مِنْ الأسرار المُقدَّسة وَكُنت دائِماً أرى صورة لِشابة جمِيلة فِى صورة مُلَّونة بِألوان زاهِية فَإِعتقدت مِنْ شكل الصورة وَجاذِبِيتها أنَّها صورة لإِحدى المُمثِلات المشهُورات أوْ غُلاف إِحدى المجلات الأجنبِيَّة وَمَعْ مرُور الوقت عرَّفتنِى هذِهِ السيِّدة العجوز أنَّ هذِهِ هِىَ صورتها فِى شبابها إِلتقطها لها إِبنها بِكامِيرا أحضرها مِنْ أمرِيكا فِى بِدايات إِستخدام التصوِير بِالألوان فَتَعجبتُ جِدّاً يا إِلهِى أهذِهِ السيِّدة العجوز المُنحنِية كثِيرة التجاعِيد الَّتِى لاَ تستطِيع الحركة كانت كذلِك فقُلت حقاً صَدَقَ الحكِيم حِينَ قَالَ أنَّ " الحُسنُ غِشٌّ وَالجمالُ باطِل "وَبدأت أصطحِب معِى فتيات إِلَى منزِلها لِيتعرَّفوا عَلَى هذِهِ السيِّدة بَلْ عَلَى نظرة جدِيدة لِلجمال وَيُدرِكوا زوال الجمال الخارِجِى وَأنَّ الَّذِى سيبقىَ هُوَ الجمال الدَّاخِلِى فِى هذِهِ الحياة كَخطوة مبدئِيَّة إِلَى حِين التمتُّع بِجمال الأبدِيَّة الَّذِى لاَ يزول وَمِنْ هُنا نرى أنَّ هُناكَ جمالاً آخر دائِم يجِب الإِعتناء بِهِ كَنَصِيحة مُعَلِّمنا بُطرُس الرَّسُول[ وَلاَ تَكُنْ زِينتُكُنَّ الزِّينة الخارِجِيَّة مِنْ ضَفرِ الشَّعرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهبِ وَلُبسِ الثِّيابِ بَلْ إِنسانَ القلبِ الخَفِيَّ فِي العدِيمةِ الفسادِ زِينةَ الرُّوحِ الودِيعِ الهادِئ الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ0فَإِنَّهُ هكذا كانت قدِيماً النِّساءُ القِدِّيساتُ أيضاً المُتوكِّلاَتُ عَلَى الله يُزَيِّنَّ أنْفُسَهُنَّ خَاضِعاتٍ لِرِجَالِهِنَّ ] ( 1بط 3 : 3 – 5 ) مِنْ هُنا نرى أنَّ الحِشمة لها ينبُوع داخِلِى وَالزِينة الخارِجِيَّة مُرتَبِطة بِالدَّاخِل00فَكُلَّما كانت الفضائِل ساكِنة وَمُستقِرة داخِلِياً تكُون مُثمِرة خارِجِياً وَكُلَّما إِزدادَ الإِهتمام بِالدَّاخِل يقِل الإِهتمام بِالخارِج وَمِنْ هُنا نرى ضرورة الحدِيث عَنْ خطورة الإِهتمام بِالزِينة الخارِجِيَّة وَكيف يستمِد الجسد جماله مِنْ جمال النَّفْسَ وَالرُّوح قَالَ شاب فِى مدى إِعجابه بِالشَّابَّة الَّتِى ترتدِى ثِياب حِشمة إِنَّ ملابِس الحِشمة تلفِت نظرِى إِلَى وداعتِها لاَ إِلَى تبجُحِها إِلَى إِتضاعها لاَ إِلَى تشامُخِها إِلَى إِكتفائها لاَ إِلَى طمعها إِلَى إِرضائها لِلرَّبِّ لاَ إِرضائها لِلنَّاس إِلَى إِهتمامها بِجمال رُوحها لاَ بِجمال جَسَدها إِلَى أنَّها سماوِيَّة لاَ أرضِيَّة بِنت لله وَليسَ لِلشيطان غالِبة لِلعالم وَتياراته لاَ سائِره معهُ فِى طرِيق الملكُوت وَليسَ الجحِيم هذا بعض مَا تلفِت الحِشمة نظرِى إِليه وَهذا مَا أُرِيده فِى الشخصِيَّة الَّتِى أرغب أنْ أحيا معها بقِية أيام حياتِى وَتُرَبِّى أولادِى وَتُساعِدنِى عَلَى خَلاَص نَفْسِى وَنربح الملكُوت معاً0 الإِهتمام بِالزِينة الدَّاخِلِيَّة:- هُنا نَتَسَاءل وَنُوَضِح ماذا يعنِى الإِهتمام بِالزِينة الدَّاخِلِيَّة ؟ الزِينة الدَّاخِلِيَّة علامة على الإمتلاء الداخلى:- الهيكل إِذا كَانَ فارِغاً مِنْ الدَّاخِل فَهُوَ يلجأ إِلَى الزِينة الخارِجِيَّة كَطِلاء خارِجِى يسعىَ نحو تغطِية الفساد الدَّاخِلِى فَيَكُون هذا الهيكل شبِيه بِالقبُور المُبَيَضة مِنْ الخارِج وَمِنْ داخِل عِظام نَتِنة أوْ كَصنم مطلِى بِالذَّهب وَالفِضَّة وَلاَ رُوح البتَّة فِى داخِله ( حبقوق 2 : 19 ) إِنَّ داوُد النَّبِى الَّذِى كَانَ بارِع الجمال إِذْ كَانَ أشقر مَعْ حلاوة العينين ( 1صم 16 : 12 ) حِينما تكلَّم عَنْ الجمال وَالزِينة الحقِيقِيَّة قَالَ إِنَّ كُلَّ مجد إِبنة المَلِك مِنْ داخِل مُشتمِلة بِأطراف موشاة بِالذَّهب مُتَزيِنة بِأشكال كثِيرة ( مز 45 ) وَالكِتاب المُقدَّس يُحَفِزنا فِى كُلَّ موضِع إِلَى الإِهتمام بِالزِينة الدَّاخِلِيّة حيث يلبِس مُختارو الله القِدِيسُون المحبُوبُون أحشاء رأفات وَلُطفاً وَتواضُعاً وَوَداعة وَطول أناة إِنَّهُمْ يلبِسُون الرَّبَّ يَسُوع وَلاَ يصنعُونَ تدبِيراً لِلجسد لأِجل الشهوات ( رو 13 : 14 ) فلننظُر إِلَى ثِياب الرَّاهِبات وَالعذارى وَالأتقياء نَجِد بساطة مُتناهية لأِنَّهُمْ لاَ يلتمِسُونَ جمالاً مِنْ الخارِج وَلاَ يُفَكِّرُونَ أوْ ينشغِلُونَ بِهِ كثِيراً يكفِى مَا يستُر الجسد وَيحفظ وقاره وَكرامته لِنعلم أنَّ إِرتداء الثِياب الغالية وَالمُزَيَّنة لاَ تُضِيف إِلَى مَنْ يلبِسها شيئاً وَلاَ تجعله مُمجداً فِى أعيُن النَّاس وَلَكِن مَا يصنع الإِنسان هُوَ مَا فِى داخِل قلبه وَعقله وَجمال نَفْسه الدَّاخِلِى وَزِينتها هِىَ الكَثِيرة الثمن هل ذهبت إِلَى مزار المُتنيِح القِدِيس الأنبا أبرآم أُسقف الفيُوم هل رأيت ثِيابه البسِيطة المُمزقة هل رأيت ثوب أبونا عبد المسِيح المناهرِى كم هُوَ بالٍ وَرخِيص وَلَكِنِّنا نتبارك بِهِ لأِنَّهُ تلامس مَعْ جسد رجُل تقِى قدِيس فَجَعَلَ الثوب الرخِيص موضِع إِلتفاف الجمِيع إِنَّها درُوس رائِعة مِنْ رِجال أتقياء قِدِيسِين0 الزِينة الدَّاخِلِيَّة تعطى إتضاع ووداعة:- وَهُنا لابُد أنْ نتوقف لِنقرأ مَا قالهُ إِشعياء النَّبِى وَليتنا نتمهل فِى القِراءة حِينَ كَانَ ينتقِد بِرُوح النُبُّوة جمِيع البنات اللواتِى يتشامخن بِجمالِهِنَّ الجسدِى فَيقُول مِنْ أجل بنات صِهيونَ يتشامخنَ وَيمشِينَ ممدُوداتِ الأعناقِ وَغامِزاتٍ بِعُيُونِهِنَّ وَخَاطِراتٍ فِي مشيِهِنَّ وَيُخَشخِشنَ بِأرجُلِهِنَّ يُصلِعُ السَّيِّدُ هامة بنات صِهيونَ ( اش 3 : 16 – 17 ) وَكُلُّنا يعلم أنَّ الصلع بِالنِسبة لِلشَّابَّة علامة للقُبح الشدِيد فَقد وَهَبَ الله الشعر تاج مجد لها وَلَكِنْ إِنْ خرجت عَنْ الناموس الطبِيعِى بِرُوح اللهو وَالكِبرياء تفقِد حَتَّى جمالها الطبِيعِى وَكرامتها فَتصِير كمن أُصِيب بِصلع فِى رأسِها تعبِيراً عَنْ كشف فساد طبِيعتها أوْ إِشارة إِلَى عُريها فليسَ من يبسِط ذيله عليها وَيستُر حياتها وَيهِبها إِسمه لِتحتمِى فِيهِ وَترتبِط بِهِ وَينزع مِنْها كُلَّ مظاهِر الغِنى وَالزِينة هذا مَا حذَّرَ مِنْهُ إِشعياء النَّبِى لِكى تجِد بنات صِهيون( اللواتِى يرمُزنَ إِلَى بنات كنِيسة العهد الجدِيد ) فِى المُخلِّص وَالعرِيس الحقِيقِى سِر جمالها وَزِينِتها فَتنجو مِنْ الغضب وَالتأدِيب حقاً إِنَّ الإِهتمام بِالزِينة يُعَبِّر عَنْ غرُور وَتفاخُروَهُوَ كشف لِرُوح كِبرياء خَفِيَّة فِى أعماق الإِنسان لِذلِك رُبما تستطِيع أنْ تتعرَّف عَلَى الشخصِيَّة مِنْ ملابِسها إِذْ أنَّها تكشِف مَا فِى الدَّاخِل وَبِحسب نصِيحة أرميا النَّبِى لِلذِينَ يتفاخرُون بِمظهَرِهِم لاَ بِما فِى قُلُوبِهِم لِمُجرَّد إِرضاء النَّاس إِذا لَبِستِ قِرمِزاً ( وَهُوَ ثِياباً فاخِرة يرتدِيها الملُوك )00إِذا تزيَّنتِ بِزِينةٍ مِنْ ذهبٍ إِذا كحَّلتِ بِالأُثمِدُ عينيكِ فَبَاطِلاً تُحسِّنِينَ ذاتَكِ ( ار 4 : 30 ) وَهُنا لابُد أنْ نستمِع إِلَى نصِيحة غالية قِى بُستان الرُهبان حيث ينصح بِمُحاربة الزِينة إِذْ يقُول إِنْ كُنتَ مُحِباً لِلتواضُع فَلاَ تكُنْ مُحِباً لِلزِينة لأِنَّ الإِنسان الَّذِى يُحِب الزِينة لاَ يقدِر أنْ يحتمِل الإِهانة وَأعمال الإِتضاع وَلاَ يُسرِع إِلَى مُمارسة الأعمال البسِيطة وَيصعُب عليه جِدّاً أنْ يخضع لِمن هُوَ دونه وَيخجل مِنْ ذلِك أمَّا المُتَعَبِد لله فَإِنَّهُ لاَ يُزَيِن جَسَدَهُ وَاعلم أنَّ كُلَّ مَنْ يُحِب زِينة الجسد فَهُوَ ضعِيف بِفِكرَتِهِ وَلاَ ترى لَهُ حَسَنات وَالَّذِى يُحِب الزِينة يُحِب الكرامة فَلاَ تسأله عَنْ حقِيقة الإِتضاع وَالعِفة وَمِنْ المعرُوف أنَّ الشَّاب يلحظ الشَّابَّة المُعجبة بِجَمالها فيعرِف كيف يتملقها وَيُكثِر مِنْ عِبارات الإِعجاب وَلَكِنَّهُ يُرِيد أنْ يصطادها مِنْ نُقطة ضعفها مِمَّا يتسبَّب لها فِى الكثِير مِنْ الأتعاب وَالضِيقات0 الزِينة الدَّاخِلِيَّة علامة فهم الجمال الحقيقى:- إِنَّ المفهُوم الحقِيقِى لِلجمال هُوَ جمال الرُّوح لأِنَّهُ متى تزيَّنت النَّفْسَ بِالرُّوح القُدس وَفَهَمت المفاتِن الساطِعة المُنبعِثة مِنْ البِر وَالحِكمة وَالإِحتمال وَالإِتزان وَحُب الخِير وَالإِحتشام متى تزيَّنت بِهذِهِ وجدت أنَّ هذِهِ المفاتِن تفوق بِكَثِير كُلَّ جمال تعالوا نتذكر مَا حَدَثَ مَعْ صَمُوئِيل النَّبِى وَهُوَ يمسح داوُد النَّبِى مَلِكاً ذهبَ صَمُوئِيل بِأمر مِنْ الله لِيمسح أحد أولاد يَسَّى مَلِكاً وَوَجَدَ إِبنه الأكبر طوِيلاً حَسِن المنظر سُرَّ بِهِ وَبادر بِإِخراج قنِينة الدُهن لِيمسَحَهُ مَلِكاً وَلَكِنْ الله قَالَ لَهُ لاَ تنظُر إِلَى منظرِهِ وَطول قامته لأِنِّى قَدْ رفضتهُ لأِنَّهُ ليسَ كما ينظُر الإِنسان لأِنَّ الإِنسان ينظُر إِلَى العينين وَأمَّا الرَّبَّ فَإِنَّهُ ينظُرُ إِلَى القلبِ ( 1صم 16 : 7 ) وَالنَّفْسَ الَّتِى تنشغِل بِالزِينة الخارِجِيَّة غير مُقتنِعة بِجمالها الدَّاخِلِى وَتُرِيد أنْ تنشغِل عَنْ القُبح الدَّاخِلِى بِمُجرَّد مظاهِر مُتغيِّره خادِعة وَتُحاوِل أنْ تحيا فِى جمال مُصطنع تُضَيِّع فِى سبِيله قوى الإِنسان وَمواهِبه وَأمواله لأِنَّنا يجِب أنْ نسلُك بِالإِيمان لاَ بِالعيان طوبى لِمن عرفوا الجمال الحقِيقِى وَتلامسوا مَعْ من هُوَ أبرع جمالاً مِنْ بنِى البشر الَّذِى إِنسكبت النِعمة مِنْ شفتيهِ وَأدركوا أنَّ يَسُوع قَدْ خطبهُمْ لِنَفْسه عروساً بِلاَ عِيب فَسَعُوا وراء البِر وَالتقوى وَالتعفُّف وَيُزَيِّنُونَ الدَّاخِل عالِمِينَ أنَّ النُّور الدَّاخِلِى سوف يُستعلن يوماً عِندما يُظهِر الرَّبَّ مجد كنِيسته وَجمالها الحقِيقِى فيراها كُلَّ أحد جمِيلة كالقمر طاهِرة كالشمس مُرهبة كجيش بِألوِية حقاً إِنَّ الحِشمة وَالوداعة لِلشَّابَّة المسِيحِيَّة مِنْ أهم سِماتها وَقادِره بِمظهرها أنْ تشهد لِمَسِيحها وَتكرِز بِهِ وَتربح نِفُوساً لِلمسِيح وَهُنا نتذكر قِصة توبة شاب كَانَ سببها شابَّة مَسِيحِيَّة مُحتشِمة يقُول كُنتُ أحيا غارِقاً فِى خطايا كثِيرة وَلَكِنَّنِى كُنتُ مُعجباً جِدّاً بِشابَّة ترتدِى ثِياب مُحتشِمة وَتسِير فِى الشَّارِع بِكُلَّ وقار وَرغم كُلَّ شرورِى كُنتُ أفتخِر بِها لأِنَّ كثِيراً مِنْ الشَّابَّات المَسِيحِيات الغِير مُلتَزِمات فِى ملابِسَهُنَّ كُنَّ يُسَبِبنَ لِى حرجاً شدِيداً وسط أصدقائِى غير المَسِيحِيين أمَّا هذِهِ الشَّابَّة فَكُنتُ أُفَكِّر فِيها كَثِيراً وَأُحِب رؤيتها وَمِنْ شِدَّة إِعجابِى بِها سِرتُ وراءها حَتَّى دَخَلَت إِلَى الكنِيسة وَترددت فِى الدُخُول لأِنِّى غارِق فِى خطايا كَثِيرة وَغير مُستحِق لِدِخُول الكنِيسة وَلَكِنْ بِسبب تعلُّقِى بِهذِهِ الشَّابَّة قُلت أدخُل وراءها وَأُراقِبها وَأسمع مَا تسمعه وَأرى الأمور الَّتِى تتبعها هذِهِ الشَّابَّة وَإِذْ بِى أسمع مَا جَذَبَ قلبِى وَرأيتُ سماءً عَلَى الأرض فَتَحرَّك إِشتياقِى لِمعرِفة الله وَالتوبة وَصَارَ إِنساناً آخروَكَانَ السبب ملابِس هذِهِ الشَّابَّة0 أيَّتُها الشَّابَّة المَسِيحِيَّة إِبنة المَلِك السَّمائِى هل تهتمِين بِزِينة الرُّوح الودِيع الهادِئ فليكُنْ النُطق بِإِسمِهِ القُدُّوس هُوَ بهجة شفتيكِ وَالنظر إِلَى وجه يَسُوع هُوَ جمال عينيكِ وَسَمع تسابِيحه هُوَ زِينة أُذُنيكِ وَلِيكُنْ صلِيبه هُوَ زِينة عُنُقِك وَرائِحة سيِّدِك يَسُوع وَصفُوف قِدِيسيه اللذِينَ أرضوهُ مُنذُ البدء هُوَ أجمل مَا تستنشِقِينَ وَليكُنْ هُوَ رائِحتِك الَّتِى يستنشِقها الآخرِين لِيكُنْ كُلَّ من يراكِ يرى صورة مجد أولاد الله وَسَتَظل الحِشمة محكاً مِنْ أهم المحكات الَّتِى بِها يُختبِر أولاد الله لِيُظهِرُوا النُّور الَّذِى فِيهُمْ وَيشهدوا لِلحقٌّ الَّذِى عَرَفوه أحِبَّائِى إِنْ لَمْ نستطِع أنْ نُنادِى أمام الجمِيع بِتَعالِيم المسِيح فلنُظهِر رائِحته وَنُعلِن سِيرَتهُ إِنْ مُجرَّد مظهر الشَّابَّة المَسِيحِيَّة فِى مُجتمعنا الَّذِى نحياهُ الآن رائِعة لإِظهار رائِحة المسِيح الذكِيَّة فَأصبح مُجرَّد مظهر الشَّابَّة المَسِيحِيَّة أعظم مجال لِلكِرازة بِتَعالِيم المسِيح المملؤة عِفة وَقداسة0 صَلاَة هذِهِ صَلاَة لِلمُتَنَيِّح الأنبا بِيمن أُسقف ملَّوِى وُرِدت فِى كِتاب " العفاف المسِيحِى " يَا إِلهِى يَا من إِشتريتنا مِنْ كُلَّ شعُوب الأرض لِنَكُون لَكَ خاصة وَأبناء نُعلِن إِسمك وَمجدك وَنُظهِر رائِحتك أشكو إِليكَ بعض بناتك لأنهُنَّ شابهن العالم فِى شكلهُنَّ وَلَمْ يستحسِنَّ وصاياك وَسِرنَ مُتشامِخات ممدُودات الأعناق فلتوبِخَهُنَّ بِروحك القُدُّوس الساكِن فِيهُمْ لِيلبِسنَ القداسة وَالبِريَا من تعرِّيت مِنْ أجلِنا لِتكسونا بِثوب بِرَّكَ إِبسِط ذِيلك علينا وَاستُر خِزى عُرينا فَلاَ تسمح يَا إِلهِى أنْ تكُون واحِدة مِنْ بناتك سبب عثرة لأحد كيلاَ تُعلِّق فِى عُنُقها حجر وَتُلقى فِى البحر0 القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد
02 يونيو 2020

عيد حلول الروح القدس

عيد حلول الروح القدس هو احتفال بتذكار ميلاد كنيسة العهد الجديد. وهو أحد الأعياد السيدية الكبرى التي فيها حقّق الرب وعده لشعبه «لأنَّ هذا هو العَهدُ الّذي أعهَدُهُ مع بَيتِ إسرائيلَ بَعدَ تِلكَ الأيّامِ، يقولُ الرَّبُّ: أجعَلُ نَواميسي في أذهانِهِمْ، وأكتُبُها علَى قُلوبهِمْ، وأنا أكونُ لهُمْ إلهًا، وهُم يكونونَ لي شَعبًا» (عب8: 10).وفي احتفالنا بعيد العنصرة نحن نحتفل بتذكار نوالنا لموعد الآب الذي هو روحه القدوس. ومن جهة إيماننا بعمل الروح القدس في الكنيسة فإننا نؤمن بـ...1- إن حلول الروح يوم الخمسين أو عند نوال سر المعمودية هو حلول مواهب وليس حلولًا أقنوميًا كالحلول الذي حدث بعد بشارة الملاك لأمنا العذراء مريم، لكي ما يولد منها الله الكلمة بصورة فريدة لم تتكرر مرة أخرى.2- كما نؤمن بالحلول المتكرِّر للروح القدس على الخدام لكيما يعينهم ويرشدهم، فنحن نؤمن أنه من خلال الأسرار يمكننا أن ننال مواهب الروح القدس.3- وأخيرًا نؤمن أن عمل الروح القدس لا يستطيع إنسان أن يوقفه، فالروح لا يوقفه إلّا خطايانا، ومن خلال التوبة والاعتراف يمكننا أن نجدد عمل الروح داخلنا. أمّا عن يوم الخمسين..1- فقد كان الجميع معا بنفس واحدة: فوحدانية القلب هي سر انسكاب الروح القدس وسر قوة الكنيسة، وأكثر ما يتعب الكنيسة هو التفرُّق والتشيُّع والنقد والهجوم، لذلك يجب أن تحرص الكنيسة دائمًا ليكون أولادها واحدًا في الفكر وفي الهدف وفي السلوك وفي المنهج. لذلك فأول طلبات الكنيسة في صلوات القداس الإلهي بعد حلول الروح القدس هي من أجل وحدانية القلب "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا"، كما نصلي في القداس الباسيلي قائلين: "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك، طهارة لأنفسنا وأرواحنا وأجسادنا، لكي نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا، ونجد نصيبًا وميراثًا مع كافة قديسيك".2- في يوم الخمسين كان الجميع مجتمعين في مكان واحد: وهو العلية الخاصة ببيت القديس مرقس كاروز كنيستنا الفبطية، والاجتماع في مكان واحد من أجل الصلاة والعبادة هو أمر أشار إليه الكتاب لكي ينبهنا أننا ككنيسة لا يجب أن نتشيع ولا يجب أن ينتهج كل منا منهجًا خاصًا، بل يجب أن يكون لنا جميعًا كأبناء للكنيسة منهج واحد وتعليم واحد وإيمان واحد.3- وفي يوم الخمسين كانت هناك ألسنة نارية: والألسنة إشارة إلى قوة الكلمة، وهي نارية إشارة إلى عمل الروح القدس في التطهير. وكانت هذه الألسنة هي إتمام نبوة يوحنا المعمدان «أنا أُعَمِّدُكُمْ بماءٍ للتَّوْبَةِ، ولكن الّذي يأتي بَعدي هو أقوَى مِنّي، الّذي لَستُ أهلًا أنْ أحمِلَ حِذاءَهُ. هو سيُعَمِّدُكُمْ بالرّوحِ القُدُسِ ونارٍ» (مت3: 11)، ولكنها كانت المرة الوحيدة لمعمودية الروح والنار لأن خدمة الكهنوت لم تكن قد انتظمت بعد، ومن بعد هذا اليوم التزمت الكنيسة بمعمودية الماء والروح التي أعطاها الرب لخدام سر الكهنوت كما ذكر يوحنا «أجابَ يَسوعُ: الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكَ: إنْ كانَ أحَدٌ لا يولَدُ مِنَ الماءِ والرّوحِ لا يَقدِرُ أنْ يَدخُلَ ملكوتَ اللهِ» (يو3: 5). نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
29 ديسمبر 2019

فِي الطَّرِيق

الطَّرِيق مُتَسِعْ حَوَالِي 32 ذِرَاعاً وَفِي حَالَة جَيِّدَة وَاللاَفِتَات وَاضِحَة وَالكَهَنَة مَا إِنْقَطَعُواعَنْ الإِرْشَاد لِلطَّرِيق .. وَالمَدِينَة مُهَيَّأة وَالمَكَان يَنْتَظِر إِذاً الهَّارِب بِلاَ عُذْر . الشَّيْطَان هُوَ وَلِيِّ الدَّم : إِنَّ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يُطَالِبْ بِنَفْس القَاتِل هُوَ الشَّيْطَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ قَتَّالاً لِلنَّاسٌ مِنَ البَدْءِ ( يو 8 : 44 ) .. الَّذِي يَظُنْ أنَّ نِفُوس الخُطَاة صَارَت مِلْكاً لَهُ فَهُوَ يَتَمَسَّك بِأنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت .. فَيَطْلُبْ نَفْس الخَاطِئ كَحَقٍّ لَهُ .. وَيَسْعَى أنْ يُوقِعْ بِالنَّفْس قَبْل أنْ تُدْرِك مَدِينِة المَلْجَأ .. وَيُرِيدْ أنْ يَطْمِس مَلاَمِحْهَا .. وَيَلْغِي عَلاَمَاتِهَا .. وَيَضَعْ رُوح يَأس وَفَشَلْ فِي نَفْس القَاتِل وَيُقْنِعُه أنَّ الوُصُول إِلَيْهَا مُسْتَحِيلْ .. وَلكِنْ مُبَارَك الرَّبَّ الإِله الَّذِي جَعَلَ لَنَا سِتَّة مُدُنٍ قَرِيبَة وَفَسِيحَة وَمَهَّدْ الطَّرِيق إِلَيْهَا وَجَعَلَ لَهَا عَلاَمَات وَاضِحَة لِكَيْ لاَ يُوقِعْ وَلِيِّ الدَّم بِالنَّفْس المُتَمَسِكَة بِالرَّجَاء وَلكِنْ عَلَيْهِ أنْ يَرْكُض ( يَجْرِي ) .. يِتْعَبْ وَلاَ يَطْلُبْ رَاحَة لأِنَّ الوَقْت مُقَصِّر .. وَوَلِيِّ الدَّم لَمْ يَهْدأ وَلاَزَالَ يَطْلُبْ .. وَهُنَا نَجِدْ أنَّ القَاتِل يُعَبِّر عَنْ هذِهِ المَرْحَلَة الصَّعْبَة فَنَدْخُلْ فِي أعْمَاقُه لِنَسْمَعْ مَا يَجُول بِخَاطِرِهِ . أشْعُر أنَّ وَلِيِّ الدَّم عَلَى وَشَك أنْ يَقْبِض عَلَيَّ بِيَدَيْهِ الحَدِيدِيَّة .. فَأحْكُمْ عَلَى نَفْسِي بِأنِّي هَالِك لاَ مَحَالَة .. وَحِينَ تَضْعُف نَفْسِي أجِدٌ مَرَاحِمْ الله تُدْرِكَنِي .. وَعَلاَمَتِهِ تَسْنِدَنِي وَكَهَنَتِهِ تُرْشِدَنِي فَأشْكُر الله الَّذِي بِكَثْرِة رَحْمَتِهِ جَعَلَ الطُرُق مُمَهَّدَة وَسَهْلَة .. وَبِالرَّغْم مِنْ خُطُورِة المَوْقِفْ وَهَجَمَات الخُوْف وَالشَّك كُنْتُ أشْعُر بِالأَمَان .. وَلكِنِّي لاَ أعْرِف بِالضَبْط المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا فَوَقَفْت عِنْدَ كَاهِن أسْأل .. أخْبِرْنِي المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا ؟ فَأجَابَنِي هِيَ قَرِيبَة جِدّاً إِنْ أسْرَعْت وَمَا أبْعَدَهَا إِنْ تَوَانَيْت .. فَأخَذْت أجْرِي وَأجْرِي وَكُلَّ تَفْكِيرِي وَقُوَّتِي فِي إِنْحِصَار كَيْفَ أنْجُو مِنْ وَلِيِّ الدَّم .. وَفِي الطَّرِيق وَجَدْت بَسَاتِين وَأشْجَار وَأزْهَار .. وَلكِنِّي كَيْفَ أقِفْ وَأنَا هَارِبْ لأِجْمَع بَعْض الزُّهُور أوْ أنْظُر بَيْتاً أوْ حَقْلاً فَمَا لِي وَكُلُّ هذَا ؟!!! فَحَيَاتِي فِي خَطَرٍ وَوَلِيِّ الدَّم يَتَعَقَّبَنِي . وَكُلَّمَا أجِدٌ عَلاَمَة أطْمَئِنْ وَأهْدأ .. وَلكِنِّي وَجَدْت فِي الطَّرِيق مَنْ يَجْلِس وَمَنْ يَمْشِي وَمَنْ يَلْهُو .. فَسَألْت الكَّاهِنْ هَلْ هؤُلاَء مِثْلِي يَلْجَأون إِلَى المَدِينَة ؟ فَقَالَ لِي لاَ تَسْأل .. عَلَيْكَ أنْ تُسْرِع .. وَوَجَدْت زَحَام مِنْ النَّاس يَكَادْ يُغْلِق الطَّرِيق فَخُفْت وَلكِنِّي عَزَمْت أنْ أجْتَاز مِنْ وَسَطِهِمْ .. وَعَرَفْت شَيْئاً أفْزَعَنِي .. أنَّ هذَا الزَّحَام هُوَ نَتِيجِة أنَّ وَلِيِّ دَم أمْسَكَ بِفَرِيسَتِهِ .. وَلكِنْ بِمِقْدَار فَزَعِي بِمِقْدَار مَا إِكْتَسَبْت سُرْعَة أكْثَر .. وَوَضَعْت فِي قَلْبِي ألاَّ أنْظُر إِلَى الوَرَاء وَألاَّ أُكَلِّمْ أحَداً .. وَلاَ أُرِيدْ إِلاَّ مَدِينِة المَلْجَأ .. فَهذَا المَشْهَدْ جَعَلَنِي أكْثَر جِدِّيَّة وَلاَ شَيْء عِنْدِي لَهُ قِيمَة غَيْر المَدِينَة .. وَعَاوَدَنِي إِحْسَاس الخُوْف .. وَلاَزَالَتْ المَدِينَة تَبْدُو بَعِيدَة .. وَتَصَارَعَتْ أفْكَارِي .. هَلْ مِنْ نَجَاة ؟ وَأرَدْت أنْ أسْأل ..كَمْ قَاتِل مِثْلِي نَجَى ؟ وَكَمْ أُلْقِيَ القَبْضُ عَلَيْهِ .. وَلِمَاذَا ؟ وَإِنْ كَانَ الله أرَادَ أنْ يُخَلِّص فَلِمَاذَا يَسْمَح أنْ يَمُر وَلِيِّ الدَّم بِالطَّرِيق ؟ وَرَأيْتُ كَاهِناً وَجَدَنِي حَزِيناً بَاكِياً .. فَوَقَفْت لأِسْأل .. فَلَمْ يَدَعْنِي أتَكَلَّمْ وَأشَارَ إِلَيَّ وَوَجْهَهُ مُبْتَسِماً .. أنَّ هَا هِيَ المَدِينَة .. فَرَأيْتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لاَزَالَتْ بَعِيدَة .. وَلكِنِّي فَرِحْت جِدّاً وَصَارَت أمَام عَيْنِيَّ .. لاَ أجِدْهَا تَقْتَرِبْ وَلكِنَّهَا تَبْدُو تَتَضِحٌ .. فَلاَ أُرِيْد أنْ أرَى غَيْرَهَا .. وَظَلَلْت أجْرِي وَأجْرِي حَتَّى خَارَت قُوَاي .. وَلكِنِّي أقْسَرْتُ نَفْسِي حَتَّى وَصَلْت .. يَا لَهَا مِنْ صُورَة بَدِيعَة لِمَرْحَلِة جِهَادْ الإِنْسَان عَلَى الأرْض الَّذِي جَعَلَ فِي قَلْبِهِ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة وَالتَّمَتُّع بِعَمَلْ خَلاَص الْمَسِيح فَلاَ يُبَالِي بِأفْرَاح العَالَمْ وَلاَ تَعُود تَجْذِبُه أُمُور إِسْتَعْبِدِتُه قَدِيماً . أحِبَّائِي هُوذَا وَقْت مَقْبُول .. وَيَوْم خَلاَص لاَ نَنْظُر إِلَى الوَرَاء .. نَرْكُض لِكَيْ نَنَال هُوذَا وَلِيِّ الدَّم وَرَاءَك .. وَالمَدِينَة مِنْتَظَرَاك القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
12 يونيو 2020

كان الجميعُ معاً بنفس واحدة

الروح القدس هو روح الوحدة، وحيثما يوجد التآلف والانسجام بين المؤمنين، ارتضى روحُ الله أن يحلَّ ويسكن فيهم: «وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (أع 2: 1-4) لكن إن تفشَّى بين جماعة المؤمنين روحُ الانقسام والتحزب غاب روحُ الله عن هذه الجماعة، إذ يصيرون جسديين وليسوا روحيين: «فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟ لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: أَنَا لِبُولُسَ، وَآخَرُ: أَنَا لأَبُلُّوسَ، أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟» (1كو 3: 3-4) وكما يحلُّ الروح القدس في الجماعة المتحدة، فإنه يعمل أيضاً على وحدتنا بعضنا ببعض، ويقودنا للحياة الأبدية: [هذا هو الروح الذي قال (القديس) لوقا عنه: إنه بعد صعود الرب، نزل على التلاميذ في يوم الخمسين، وله سلطان على جميع الأمم ليُدخلهم الحياة ويفتح لهم العهد الجديد. ولذلك صاروا يسبِّحون الله بتوافق في جميع اللغات، وكان الروح يجمع في الوحدة القبائل المتخالفة، ويقدِّم للآب باكورة من جميع الأمم] القديس إيرينيئوس وكما يعمل الروح القدس على تآلف المؤمنين معاً، فإنه أيضاً يوحِّدنا مع الله: [حينما يقول المخلِّص لأجلنا: كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا (يو 17: 21)، هو لا يقصد بذلك أننا سنكون مساويين له، ولكنها طلبة مرفوعة إلى الآب، كما كتب يوحنا، لكي يُعطى الروح بواسطته للمؤمنين، ذلك الروح الذي بسببه نُعتبر كائنين في الله، بل ومتَّحدين معاً في الله] القديس أثناسيوس لقد أراد سكان الأرض قديماً، عندما طلبوا أن يبنوا لأنفسهم بُرجاً رأسه بالسماء، أن يتكتَّلوا معاً لئلا يتبدَّدوا على الأرض، ولم يكن هدفهم الوحدة في الله، بل التَّجمع بمعزلٍ عن الله، فشتتهم الله وفرَّق ألسنتهم (تك 11: 1-9). [لكن عندما اجتمع التلاميذ في بيت واحد في يوم الخمسين، امتلأ الجميع من الروح القدس، وبدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا. فبماذا كانوا يتكلمون؟ بمؤازرة الروح كانوا يتكلمون عن الانطلاق إلى فوق، وعن الصعود إلى السموات في المسيح بواسطة الإيمان، وعن اجتماع كل ما في المسكونة من ألسنة، أي من شعوب وأمم، إلى الوحدانية في الروح… إذن فقد كان تعدُّد الألسنة في حادثة البرج آية للتشتت والتفرُّق إلى جميع الأمم، وأما في المسيح فقد صار آيةً للانجماع في الوحدانية بواسطة الروح] القديس كيرلس الكبير. نيافة الحبر الجليل الانبا إبيفانيوس الأسقف الشهيد رئيس دير القديس أبو مقار
المزيد
18 نوفمبر 2019

عمل الله

عمل الله ينبغي أن نفهم أنه يفوق توقع البشر. لذلك قال إشعياء النبي «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟» (إش53: 1). وتكلم بعد ذلك مباشرة عن تقديم السيد المسيح نفسه كذبيحة عن خلاص العالم وقال «كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ» (إش53: 7). وقال «إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ» (إش53: 10). وقال أيضاً إنه «حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ» (إش53: 12). إنها أنشودة الخلاص تغنّى بها إشعياء النبي وهو يقول عن المسيح الفادي المخلص «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا» (إش53: 5).لذلك بدأ كلامه بقوله «مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟». وفى نفس الاتجاه كتب معلمنا بولس الرسول إلى أهل أفسس عن عمل الله «الْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا» (أف3: 20).ما أجمل هذه الكلمات أن الله يعمل «أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ». فنحن نطلب ونصلي ونتصور أن يعمل الله ويستجيب. ولكن الحقيقة أنه يستجيب بما يفوق ما نطلبه، وبما يفوق ما نفتكر فيه بمراحل.لذلك بدأ بولس الرسول كلامه هذا بقوله «بِسَبَبِ هَذَا أَحْنِي رُكْبَتَيَّ لَدَى أَبِي رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ. لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ بِحَسَبِ غِنَى مَجْدِهِ أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ، لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ» (أف3: 14-19).عمل الله أيضاً قال عنه موسى النبي لشعب إسرائيل عندما تعقبهم فرعون بجيشه ومركباته «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ... الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ» (خر14: 13 و14).وقال الرب لموسى «ارْفَعْ أَنْتَ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ وَشُقَّهُ فَيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ. وَهَا أَنَا أُشَدِّدُ قُلُوبَ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى يَدْخُلُوا وَرَاءَهُمْ فَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَكُلِّ جَيْشِهِ بِمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ» (خر14: 16 و 17).من يتصور أن شعبًا أعزل في البرية يهزم جيشًا مُسلَّحًا بمركباته وفرسانه. ومن يتصور أن يعبروا البحر الأحمر إلى برية سيناء بدون أيّة وسيلة للعبور. وحدث ذلك إذ «مَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ» (خر14: 21، 23).إن هذا يذكرنا بالشعر الذى كتبه مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن الكنيسة القبطية إذ خاطبها قائلاً:اسألي عهد المعز فهو بالخبرةِ يعلمْاسأليه كيف بالإيمان حرّكتِ المقطمْ جبلٌ قد هُزَّ منكِ وإذا شئتِ تحطمْ نيافة الحبر الجليل المتنيح الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير السيدة العفيفة دميانة بلقاس
المزيد
02 أغسطس 2019

حياة مريم أحاطت بها المعجزات

تبدأ المعجزات في حياة العذراء قبل ولادتها، وتستمر بعد وفاتها، ومنها: • حبل بها بمعجزة، من والدين عاقرين، ببشرى من الملاك. • معجزة خطوبتها، بطريقة إلهية حددت الذي يأخذها ويرعاها. • معجزة في حبلها بالمسيح وهي عذراء مع استمرار بتوليتها بعد الولادة. • معجزة في زيارتها لأليصابات، التي لما سمعت صوت سلامها، ارتكض الجنين بابتهاج في بطنها وامتلأت بالروح القدس. • معجزات لا تدخل تحت حصر أثناء زياراتها لأرض مصر، منها سقوط الأصنام (أش19: 1). • أول معجزة أجراها الرب في قانا الجليل كانت بطلبها. • معجزة حل الحديد وإنقاذ متياس الرسول، كانت بواسطتها. • معجزة استلام المسيح لروحها، ساعة وفاتها. • معجزة ضرب الرب لليهود لما أرادوا الاعتداء على جثمانها بعد وفاتها. • معجزة صعود جسدها إلى السماء • المعجزات التي تمت على يديها في كل مكان، وضعت فيها كتب. • ظهورها في أماكن متعددة وبخاصة ظهورها العجيب في كنيستنا بالزيتون، وفي بابادبلو. ومازالت المعجزات مستمرة في كل مكان، وستستمر شهادة لكرامة هذه القديسة. مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من كتاب السيدة العذراء مريم
المزيد
18 فبراير 2020

إحتياجات الصوم الكبير

1- التوبة القلبية:- إن الصوم الكبير هو موسم التوبة وتجديد العهود هو موسم العودة إلى أحضان المسيح نرتمي فيه ونبكي علي الزمان الردئ الذى مضي (1 بط 3:4).وتظل الكنيسة طول الصوم تبرز لنا نماذج رائعة للتوبة: الابن الضال، السامرية، المخلّع، المولود أعمى...إلخ وتوضح أيضاً كيف أن لمسة الرب يسوع شافية للنفس والجسد والروح ومجددة للحواس وباعثة للحياة. 2- الهدوء والصمت:- إن ايقاع الحياة الصاخب وعنف متطلبات المعيشة وكثرة الانشغال والهموم جعلوا الانسان يفقد معناه وانسانيته، وحوّلوه لمجرّد ترس في ماكينة ضخمة يتحرك بتحركها ويقف بوقوفها والانسان اليوم يعيش في تشتت مرعب يبدد قوي الجسم والعقل والنفس فكم بالحري قوي الروح، فنحن في أكثر الاحتياج إلي الهدوء والصمت حتى نغوص ونبحث فى أعماق نفوسنا بعيداً عن تأثير المشتتات الخارجية ونعتبرها رحلة لضبط الاتجاهات ونختزل كل شئ غير ضروري في برنامجنا اليومي مثل: الأحاديث الباطلة، الثرثرة، والمكالمات التليفونية الطويلة. وغيرها، وبذلك نجد وقت للتمتع بالهدوء والصمت وخشوع العبادة والتأمل ومعرفة ضعفاتنا وإيجاد نفوسنا مع الله. 3- العطاء:- " لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يُسرّ الله " (عب 16:13). إن الرحمة وروح العطاء إنما هما دليل علي القلب الزاهد المحب لله إنه القلب الذى يسعد بالعطاء يفرح لفرح الآخرين. والعطاء هو وسيلة لتقديسنا وكذلك الصدقة هي طريق الكمال، فالصوم هنا فرصة للتعبير العملي عن إيماننا الحقيقي. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل