المقالات

28 يونيو 2020

ملاحظات حول خدمة الفقراء

نال الفقراء اهتماماً كبيراً فى الكتاب المقدس بعهديه، وُحسبوا ضمن أربع شرائع يجب الاهتمام بها سواء من جهة الأفراد أوالمؤسسات الخيرية أو الدينية (الهيكل ثم الكنيسة) هذه الشرائح هى "اليتيم والأرملة والغريب والضيف" فاليتيم فقد عائله النفسي وربما المادي، والأرملة فقدت سندها ربما فى الاتجاهين المذكورين أيضاً، أما الغريب فلأنه يحتاج إلى مساعدة فى مكان لا عون له فيه، أما الضيف فلأن صورة زيارة الله مع ملاكيه شاخصة أمام أعين الكل لعله يأتى فى أى زائر.. لذا اعتبر كل هؤلاء كأن المسيح مختفياً خلفهم. لا سيما وقد صرح السيد المسيح بذلك بفمه الطاهر " كل ما فعلتموه بأحد اخوتى هؤلاء الأصاغر فبى قد فعلتم ". وإلى هذه الشرائح أشار القديس بولس الرسول (فى رومية 12: 13 ) حين قال "مشتركين فى احتياجات القديسين" معتبراً إياهم قديسين لأنهم يحتملون الفقر بشكر ودون تذمر، وربما كانوا يعانون الفقر بسبب جشع البعض أو بعض الأنظمة الظالمة أو قسوة قلوب البعض الآخر. ونتذكر هنا أن لعازر المسكين كانت فضيلته الكبرى أنه لم يتذمر ولم يدن الغنى الجالس عند باب قصره. والحقيقة أن مسألة الغنى والفقر هذه شغلت جميع الرعاة والمفكرين والفلاسفة منذ زمن بعيد، إذ يرون أن الغني قد يخطىء بسبب غناه والفقير قد يخطىء بسبب فقره، ويتساءلون كيف سيدين الله هؤلاء وأولئك.. ولكن ليس كل غنى سيهلك وليس كل فقير سيخلص، فالغنى المتضع الخيّر سيخلص، والفقير المتذمر الكسول سيعاقب .. وعندما قال السيد المسيح أن "دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنى ملكوت الله" (لوقا 18: 25) تحيّر السامعون إذ كانت ماثلة فى أذهانهم صوراً لأغنياء أبرار .. لم يجمعوا أموالهم بطرق غير مشروعة، كما أنهم خيرين رحماء، لذلك أضاف السيد المسيح قائلاً "ما أعسر دخول المتكلين على أموالهم إلى ملكوت الله" (مرقس 10: 23). إذاً المشكلة ليست فى المال ولكن فى استخدام المال، والذى يمكن أن يعين صاحبه من جهة مستقبله الأبدى من خلال عمل الرحمة والذى ُيعد تحويل من القيمة الفانية هنا إلى الباقية هناك، وهو ما يمكن أن ُيفهم من تعبير السيد المسيح: "اصنعوا لكم أصدقاء من مال الظلم حتى إذا فنيتم يقبلونكم فى المظال الأبدية " (لو16: 9) حيث ُينظر إلى مال الظلم على أنه كافة الامكانيات المتاحة، والتى يمكن استثمارها فى اكتساب الفضائل مثل عمل الرحمة وغيرها .. وهكذا يمكن أن يكون المال معيناً ونعمة لا سيداً ونقمة. لذلك يقول القديس اكليمندس السكندرى "ليكن المال عبداً خاضعاً لا سيداً حاكماً" عندما نعطى الفقراء فنحن نشعر بسعادة ثلاثية، فالعطاء هنا تعبير عن الشكر لله الذى أهلنا لأن نعطي آخرين بدلاً من أن نتلقى الصدقة .. كما أنه تعامل مع السيد المسيح نفسه والذى نصنع الصدقة باسمه وهو الذى يتلقاها مباشرة، وثالثاً لأن فى سعادة الفقير سعادة لنا إذ استطعنا أن ندخل البهجة لقلب انسان .. وقد يتحيّر البعض ويتساءل: هل ُيعطون الكلّ .. حتى أولئك الذين يشعرون أنهم مبتزّين ومتطفّلين! ويرون الكثيرين منهم على أبواب دور العبادة وفى الأسواق وفى إشارات المرور وعند المستشفيات ؟ ويقع الشخص فى حيرة فإذا أعطى فقد لا ُتحسب صدقة بالمعنى الكامل وقد يساعد بذلك شخصاً على الكسل والاستجداء، وإذا لم يعطِ فقد يكون بذلك قد قصّر فى وصية العطاء: " كل من سألك فأعطه " (لو 6: 30). هنا ونقول أن هناك فرق بين صدقة بسيطة عابرة ورمزية، والتقدمات الكبيرة التى نأتمن الكنيسة على توزيعها على الفقراء بمعرفتها، أو التى نقدمها نحن لهم بشكل مباشر ولكن بعد بحث ودراسة، وجدير بالذكر هنا أن الله يعطينا ليس على أساس استحقاقنا ولكن على أساس خيريته هو، فإن الله "يمطر على الأبرار والأشرار ويشرق شمسه على الصالحين والطالحين" كما أن ما نأخذه من الله لا ننفقه بالضرورة فى الإتجاه السليم في كل مرة. أقول ذلك لأن فكرك قد يراودك بأن الفقير لا ينفق ما يناله منك فى الإتجاه الصحيح، ولنسأل أنفسنا: هل نوافق أن يعطينا الله بنفس التقييم الذى نعطى الفقراء على أساسه ؟ لا شك أن الله يعطينا على أساس تحننه لا على أساس استحقاقنا .. لقد ورد عن المعلم ابراهيم الجوهرى وهو الرجل الذى اشتهر بمحبته للفقراء، أن شخصاً مرّ من أمامه ثمانية عشر مرة يأخذ صدقة، وفى كل مرة كان يعطيه، كان الرجل فى كل مرة يأخذ ثم يدور ليعود من جديد مستغلاً فى ذلك الزحام الشديد، العجيب أن المعلم ابراهيم كان منتبهاً إلى ذلك ولكنه لم يبكته ولا امتنع على العطاء له .. وُيعدّ القديس يوحنا ذهبى الفم أكثر من كتب عن الإهتمام بالفقراء، وينقل عنه قوله إن الله يورد ذاته الشريفة بين الغنى والفقير ليصير ضامناً للفقير الذى اقترض، أفما تريد أن تكون دائناً للرب! لذلك يقول سليمان الحكيم " من يرحم الفقير يقرض الرب" (أمثال 19: 17) ولكن الله لا يقبل أن يكون مديوناً .. بل يرد أضعافاً مضاعفة، ونقرأ فى قصة الشاب الغنى أنه بعد أن مضى حزيناً رافضاً أن يبيع كل ممتلكاته ويهبها للفقراء ليتبع المسيح، تقدم القديس بطرس سائلاً السيد المسيح عن المكافأة التى سيهبها لهم بعد أن تركوا كل شىء وتبعوه هو وبقية التلاميذ، وهنا يصرح السيد بإلتزام إلهى وأبدى " من ترك أباً أو أماً أو اخوة أو أخوات أو حقول لأجلي ولأجل الإنجيل يأخذ مائة ضعف فى هذا الدهر والحياة الأبدية فى الدهر الآتى.." لذلك فإن من يعطى الفقراء يستثمر نقوده هنا .. وهناك .. هكذا يصلى الكاهن فى أوشية القرابين عن الذين أتوا بتقدماتهم أن يهبهم الله الباقيات عوض الفانيات والسمائيات عوض الأرضيات والأبديات عوض الزمانيات .. ثم يردف قائلاً بيوتهم ومخازنهم املائها من كل الخيرات (أى هبهم المكافأة هنا وهناك). هذا على مستوى الأفراد، أما على مستوى المؤسسات أو لجان البر فى الكنائس فالأمر يحتاج إلى إيجاد آلية " روحية.. إدارية.. تربوية " لتفعيل هذه الخدمة الجبارة، لا شك أن هناك الكثير من الأغنياء الخيرين المستعدين لبذل الكثير من أموالهم شريطة أن تصل هذه الأموال إلى مستحقيها، كما أنه يوجد فى المقابل آباء وخدام أمناء كثيرين يبحثون عن ممولين لخدمتهم هذه .. والعجيب أن الفقير الحقيقى من النادر أن يأتى ليعرض مشكلته، فإمّا أنه خجول لا يود الظهور بمظهر المستعطي، وإمّا أنه قنوع أكثر من اللازم ويرى فى نفسه أن هناك من هو أكثر استحقاقاً منه .. وإما أن له تجربة سابقة مع الكنيسة أو الجمعيات الخيرية باءت بالفشل فارتد على أعقابه مغلقاً على جرحه، مثل هذا نلام عليه لأننا قصرنا فى حقه، الأخطر من ذلك أن يتجه شخص آخر إلى الطرق غير المشروعة للحصول على ما يسد أعوازه فيؤدى به الفقر إلى الجريمة، ناهيك عن الأمراض والجهل الناتجين عن الفقر، فالفقر هو المتسبب فى كل من (الجريمة - الجهل - المرض) لذلك يقول أحد الفلاسفة ساخراً " لو كان الفقر رجلاً لقتلته " !!. + وفى الإطار الكنسى يمكن أن تقوم لجنة مخصصة بعمل أبحاث ميدانية لتقييم احتياج الأسرة من الواقع والشهود، لقد حدد خط الفقر من جهة المنظمات العالمية مثل اليونيسكو وحقوق الإنسان بـ 276 دولاراً فى الشهر (أى ما يعادل 1500 جنيه مصرى) فى حين تقدر بعض الجمعيات الخيرية خط الفقر بـ 50 جنيه للفرد الواحد فى الشهر.. ولكن ثمة ملاحظة وهى أن هناك فرق بين الفقير والمحتاج، ونحن نصلى من أجل الفقراء والمحتاجين، فالفقير هو المحتاج على طول الخط، وأما المحتاج فهو الشخص العادى والذى قد يتعرض لأى طاريء يحوجه إلى مساعدة حتى يجتاز الظروف الطارئة .. والكنيسة تساعد كل من هذا وذالك قدر استطاعتها، ناهيك عن أن الفقر والغنى مسألة نسبية فالراتب الشهرى الذى يضمن الكفاف لأسرة ما هو نفسه لا يفي بالكفاف لأسرة أخرى وهكذا. ولذلك يقال "ليس هناك ما ُيسمى بالفقر ولكن هناك ما ُيسمّى بالشعور بالاحتياج". ومن المقترحات المطروحة فى هذا الشأن أن تختص كل كنيسة بالفقراء الموجودين فى دائرتها بحيث يمكن التركيز عليهم مع احالة الفقراء الوافدين من مناطق أخرى إلى كنائسهم، وأما الكنائس التى لا تسمح لها امكانياتها بأن تعول أولئك الفقراء فيمكنها الحصول على دعم من الكنيسة الأم (البطريركية أو المطرانية) ولكن يؤخذ جداً فى الإعتبار ألا تكون الكنيسة نشطة فى الإتجاه المعمارى على حساب الفقراء والأرامل والأيتام .. فإن ذلك يعثر البسطاء ويحجب عطايا المقتدرين فى آن. كذلك يجب الإنتباه إلى ضرورة ألا يتم التوزيع تبعاً لتقييم شخص واحد .. وألا تدخل مسألة " الاستلطاف " أو " المواقف الشخصية " فى التقدير، بل ليكن هناك قواعداً تحكم ذلك. فليس من اللائق أن ينعم الخادم أو يحرم حسبما يرى، طبقاً لأسلوب السائل، أو توصية من صديق أو كبير على محتاج آخر وهكذا .. فهناك من يكسب صداقات شخصية من خلال العطايا وهناك من يمارس أنواعاً من العقاب على آخرين لأسباب شخصية، وأحياناً تكون هناك فروق فى العطايا التى ينالها شخص عن شخص آخر طبقاً لسبب فى نفس المسئول .. إن الأمر يحتاج إلى حرص وإلى شفافية فإن موضوع جمع العطايا للمحتاجين لا يمكن ضبطه عملياً إلا من خلال ضمير المسئول نفسه، والذى يجب أن يدرك أنه سيدان عن كل جنيه واحد وجّهه فى غير محله، فالعطايا التى نهبها لغير المستحقين (وأقصد المبالغ الضخمة لا الصدقة العابرة) تعتبر تقصيراً فى حق المحتاج الحقيقى !! ولكى نضمن أن الرب سيكافئنا جهراً فى ملكوته، علينا أن نعمل فى الخفاء، يجب ألا نسعى إلى الدعاية فنعلن أننا أنفقنا كذا ووزعنا كذا .. والأسوأ من ذلك أن يتم التوزيع فى وجود الآخرين من غير الفقراء، أو أن يتم تصويرهم وهم يتسلمون العطايا، ففى ذلك إهانة شديدة لإخوة المسيح وأخواته، فالسيد المسيح الذى أوصانا بألا نبوق متى صنعنا صدقة، كان أمامه ثلاثة عشر صندوقاً للعطايا كل منهم على شكل بوق أو قمع، فكان الأغنياء يضعون عطاياهم فى " البوق " بطريقة ظاهرة، ومثلها الآن من ينادون فى مكبر الصوت على الفقراء بأسمائهم لتسلم الصدقة، وكأننا نسجل عليهم عجزهم وضعفهم أمام الناس.. ومن هنا السؤال يطرح نفسه عن امكانية توصيل الهبات إلى مستحقيها فى أماكنهم لنكفيهم مشقة المجىء وعناء الخجل ؟ ولكن لماذا نخدم الفقراء والمحتاجين ؟ أولاً: عملاً بوصية الرب " كنت مريضا فزرتموني عريانا فكسوتموني غريبا فآويتموني الخ .." ثانياً: لأن من حق كل انسان أن يحيا حياة كريمة، وإن لم يكن ذلك ممكناً فليحصل على احتياجاته الأساسية. ثالثاً: لأن أموال هذا العالم كلها هى عطية من الله، وليس لأحد الحق فى الإستحواذ عليها جميعاً تاركاً الآخرين يتضورون جوعاً.. رابعا: لأن هناك أشخاصاً أقعدهم المرض عن العمل والحصول على المال اللازم وهناك أشخاصاً فقدوا عائلهم وما زالوا فى سن لا يسمح لهم بالعمل لتعويض ذلك. خامساً: لأن هناك من يمرون بمتاعب طارئة لم يتحسبوا لها .. وتقصر امكانياتهم عن التعامل معها .. مثل الحوادث والأمراض وتعرض عائل الأسرة للسجن .. إلخ سادساً: تفادياً لتردّي أوضاع الأسرة مما يتسبب فى الانحرافات الخلقية (للبنات) أو الجريمة (الأولاد) أو الإبتزاز من الآخرين (الارتداد) بسبب الاحتياج. سابعاً: تشجيع من نساعدهم على أن يساعدوا آخرين فيما بعد، وبذلك نخلق جيلاً سوياً قادراً على القيام بنفس الدور. ثامناً: تمجيد اسم الله من خلال من نساعدهم إذ يشعرون بعناية الله بهم واهتمامه باحتياجاتهم. تاسعاً: التعبير عن محبتنا لله من خلال محبتنا لأولاده الفقراء والمتألمين .. عاشراً: انطلاقاً من الشعور بأننا جسد واحد بأعضاء كثيرة يشعر بعضها بالبعض الآخر. هكذا سعداء هم الذين يخدمون مثل هذه الشرائح من المتألمين، عالمين أن لهم مكافأة أبدية من الله والذي أطلق على نفسه تشبيه: "إله المساكين" وللخيرين نقول أنه حسنا تعتقدون بأنكم لستم تعطون عشر ما تحصلون عليه، بل أن الله هو الذي يهبكم العشرة كلها، فتحتفظون بالتسعة وتقدمون :الُعشر" لكي يبارك لكم الله في البقية. نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
27 يونيو 2020

المقالة الثالثة فى هدم الكبرياء

كل نسك؛ كل حمية ؛ كل طاعة ؛ كل هجر قنية ؛ كل غزارة التعليم؛ باطلة إذا كانت عادمة تواضع الرأي، كما أن ابتداء الصالحات وكمالها هو التواضع ؛ هكذا ابتداء الشرور ومنتهاها هو شموخ الرأي. وهذا الروح النجس هو كثير الأنواع وكثير الصور، فلهذا يجتهد أن يتسلط على الكل، وأية صناعة تصرف فيها كل أحد ينصب له فيها فخه فالحكيم يتكبر بحكمته، والقوى بالقوة، والغنى بثروته، والحسن الوجه بجماله، والدرب المنطق بالكلام الطيب، والنغمة بحسن صوته، الحاذق الصنعة بحذاقة صنعته، الجميل التصرف بحسن تصرفه وكذلك لا يفتر من تجربة الروحانيين، فالطائع يمتحنه بالطاعة أى يتعظم بطاعته، والماسك بالمسك، والصامت بالصمت، والعادم القنية بِهجر القنية، والجزيل العلم بسرعة تعلمه، والمتورع بحسن الورع، والعَالم بالعلم فالمعرفة الحقيقية إنما هى مقترنة بالتواضع، ولهذا يحرص أن يزرع فى الكل الزوان الذى له فلذلك لما عرف الرب هذا الألم أنه أينما تأصل يطوح ذلك الإنسان مع العمل الذى له أعطانا ضده التواضع سلاحاً قائلاً: ” إذا عملتم سائر الأوامر التى أُمرتم بِها فقولوا أننا عبيد بطالون “ فَلِمَ نجذب إلى أنفسنا الخفة ومضرة العقل والرسول يقول: ” إن ظن أحد أنه شيئاً فإنما يخدع عقله ؛ وكل أحد فليختبر عمله ؛ وحينئذ فليكن افتخاره فى ذاته لا على أحد آخر “ فلما نخادع ذواتنا ويترفع بعضنا على بعض ؛ فإن كنا شرفاء فى العالم ونستحقر الأدنياء فأننا نجد الرب يعلم: ” أن الحظوظ السامية عند الناس مرفوضة عند اللـه “ وإن كنا ممسكين فنتعالى على الضعفاء لكن الرسول يوبخنا قائلاً: “ليس من يثبت أمر نفسه ذلك هو المدرب المهذب بل الذى ثبت أمره الرب “وإن كنا نتعب فى الخدمة أكثر فنستعظم برأينا على الصامتين فأننا نجد الرب يمدح مريم أكثر لأنَها اختارت الحظ الصالـح وإن كنا صامتين فنترفع على المتغلبين بالخدمة فأننا نصادف الرب يُعلم قائلاً: ” ما جئت لأُخدَم بل لأَخدُم وابذل نفسى فدية عن كثيرين “ كى فى كل أمر ينبغى أن نقصى استعلان الرأى، وأن كنا جلوساً فى مكان هادئ ومبيض مسقول نتشامخ، لكن ماذا ينفعنا عمل المكان إن لم نعمل بتواضع إذ الرسول يقول: ” لا نراقب الأشياء الأرضية المرئية بل التى لا ترى لأن الأمور التى ترى وقتية والتى لا ترى أبدية “وإن كنا نسكن فى جب أو فى مغارة ننتفخ فهذه سمات الوفاة. وعدم الهم بالأمور العالمية فالأمر الذى اخترته لذاتك لتقويم الفضيلة لا يصيرنَّ لك سقطة الكبرياء فتضاهى طنجير لا فهم له؛ ولا يعرف العمل الذى له وعوض قطعة حديد تروم أن تحمى عوداً فتحتاج أن تتخذ التواضع بقوة وإن كنت موسراً وحاوياً حدود العدل فأنك لم تبلغ إلى حدود إبراهيم الذى جعل ذاته تراباً ورماداً وإن كان فوض إليك الاهتمام بالشعب فموسى قد تقلد الاهتمام لا برئاسته شعب عدده ألف فقط لكن كثرة شعوب لأنه بعد أن ضرب اللـه مصر بيد موسى وهرون ونشف أرض البحر الأحمر، وسير إسرائيل بلا بلل وعبرهم تلك البرية المرهبة اقبلوا إلى تخوم أهل موآب فابصر أهل موآب كثرة الشعب كما كتب أن موآب قال لمشيخة مدين أن هذا الجمع يلتحس كافة الأشياء التى حولنا كما يلتحس العجل النبات الأخضر من البقعة لأنه كان أحصى الشعب سوى النساء والصبيان وقبيلة اللاويين من ابن عشرون سنة وما فوقها كل من ينتصب فى مصاف الحرب من إسرائيل فكان عددهم ستمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة وخمسين رجلاً وكل هؤلاء كان هو رئيساً عليهم ؛ وصار مناجياً للـه ومعايناً مجد الرب ؛ فلم يترفع قلبه ولا توانى فى التواضع فقد شهد عنه الكتاب المقدس قائلاً: ” والإنسان موسى كان وديعاً جداً أكثر من كافة الناس الموجودين على الأرض “وإن كنت بَهى الوجه وقوى البأس وعليك التاج موضوعاً فإنك لم تبلغ إلى حدود داود الملك الذى واضع ذاته قائلاً: أنا دودة ولست إنساناً وإن كانت لك معرفة وحكمة ومسك فإنك لم تبلغ إلى حدود الثلاثة فتية ودانيال النبى الذين أحدهم قال: يارب أنت هو العدل ونحن فلنا خجل وجهنا إلى هذا اليوم ؛ وأما الثلاثة فتية فابتهلوا بنفسٍ مسحوقة وروح متواضع فإن كان الصديقون أوضحوا مثل هذا التواضع فكم يجب أن نكون نحن الخطاة أكثر تواضعاً لأن من يترفع ويعظم رأيه فذاك هو عقل البشركما يقول الرسول: ” إن كنتم تعيشون للجسد فستموتون وإن كنتم تميتون بالروح أفعال الجسد فستعيشون “وغير ممكن أن يمسك الآلام من لم يقوم الفضيلة أولاً، أو ما قد سمعتم كم من مصاعب احتملها الرسول بولس عن الأمانة البهية لأنه كتب إلى أهل كورنثوس يقول” فى الأتعاب أزيد جداً فى العقوبات أكثر كثيراً جُلدت من اليهود خمسة مرات أربعين جلدة إلا واحدة ضربتُ بالعصا ثلاثة دفعات، رجمت دفعة، غرقت ثلاثة دفعات، أقمت فى العمق يوم بليلة، وفى الأسفار مراراً كثيرة، احتملت معاطب الأنْهار ومخاوف اللصوص، معاطب من جنسى، مصاعب من الأمم، معاطب فى المدن، ومخاوف فى البرية، معاطب فى البحر، مصاعب من الإخوة الكذبة ؛ بالتعب وبالحرص فى الأسهار مراراً كثيرة، بالبرد والجوع والعطش، وبالأصوام دفعات كثيرة، بالبرد والعري وما يتبع ذلك “ أترانا نستطيع نفتح فمنا ؛ وابصر فضله بعد مثل عظم هذه المعاطب وبعد مثل جسامة هذه التقويمات، كيف واضع ذاته وقال: ” أيها الإخوة أنا ما احتسب ذاتى أننى قد أخذت شيئاً “. فقال هذه الألفاظ لينفى التشامخ عالماً أى رجز يحل بمن يعشقه من يتشامخ يشبه من يعير اللـه بتقويماته كما فى الأمور البشرية، من أعطى قريبه عطية وتشامخ عليه فقد سلب صلاته ونقض صداقة قريبه، ولهذا من هو هكذا فهو مرذول فلأجل هذا أراد الرب المهتم بحياتنا أن يجعلنا غرباء عن هذا الألم المفسد فعلمَ قائلاً: ” إذا صنعتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطالون “فإن لم نصنع ذلك لا نكون أكفاء ولا نسمى عبيد بطالين لأن ربنا عظيم ومواهبه عظيمة جسيمة وقوية ولنعلم أن الرب ما علمنا أن نتواضع قولاً فقط بل أدبنا أن نتواضع برأينا بالفعل: ” ائتزر بمئزر وغسل أرجل رسله “فذلك قال: ” تعلموا منى فإنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لأنفسكم “فإذا وافتك المحزنات بخلاف نيتك وصبرت عليها كان ورودها كأنه فى نيتك فتعرف حينئذ ذاتك أنك قد بلغت إلى حدود إنسان ذى فضيلة ومتواضع وتنذهل إذا عرفت كيف احتملت الفكر الخادع الذى أخطر لك الرؤيات الظالمة وكان يقول لك أنك عتيد أن تؤخذ بِها بل الأولى بك كما نزعت رؤيتك من مثل هذا الأمر أن تقول لذاتك: أنت من أنت إلى أى حدود قد وصلت ؛ هل أنت إيليا ؟ أتراك صنعت عجائب مثل ذاك ؟فإنه بصلاته أغلق السماء فلم تمطر ثلاثة سنين وستة أشهر، ثم بصلاته أيضاً أعطت السماء مطراً، وبصلاته أيضاً أحضر من السماء ثلاثة مرات ناراً وان كنت اقتنيت الأمانة كلها فأعطينا خبره بذلك ؛ أرنا عجائب وآيات، أقم بصلاتك موتى، أفتح أعين العميان، أطرد جناً، نقى برصاً، أقم مشلولاً، أمشى على البحر كمشيك على الأرض الياببسة، حول الماء خمراً، أشبع بصلواتك من الخمسة خبزات والسمكتين جموعاً كثيرة لأنه صادق هو القائل: ” الحق أقول لكم إن من يؤمن بى يعمل الأعمال التى صنعتها أنا وأعظم منها يعمل” لكن لعل أحد يعير فيقول: فإن لم يعمل أحد تلك الأعمال والأمور اللائقة باللـه لا رجاء خلاص له. بل لنا رجاء خلاص إن اعترفنا بضعفنا وقلة إيماننا وإن لم تُعمَل هذه بنا لأن الضعيف إنما يلتمس رحمة لا تعظماً فإن كنا محتاجين إلى الرحمة وإياها نطلب فنحتاج إلى التواضع لنجذب بالتواضع الرأفات إلينا من اللـه لأنه قد كتب: ” أنه بتواضعنا ذكرنا الرب وأنقذنا من أعدائنا “. وأيضاً: ” تواضعت فخلصنى “وإن كنا نستند على الرياح ونعظم رأينا فلسنا صانعين شيئاً آخر إلا أن نكردس ذاتنا ونزجها فى اللجة فلا تقبلن مرض الكبرياء لئلا يسرق العدو رؤيتك بغتة إذاً فق من فكر الاعتداد بالذات لا تلف شبكته على رجليك، أغسل بالتواضع ذهنك ونظفه من هذا السم القاتل ليؤدبك منظر الذى يكنس بيته كيف ينحنى إلى الأرض وينظفه فكم يحتاج بالأكثر أن تنحنى باهتمام كبير وتتضع من أجل تنظيف النفس ولا تترك فيها الأشياء التى يمقتها اللـه لأنه فى النفس المتواضعة يسكن الآب والابن والروح القدس فإنه مكتوب أية شركة للبر مع الإثم أو أية مساهمة للنور مع الظلمة، وأى اتفاق للمسيح مع المارق، وأى حظ للمؤمن مع الكافر، وأى موافقة لهيكل اللـه مع هيكل الأوثان. نحن هيكل اللـه كما قال اللـه ” أننى سأسكن فيهم وأمشى بينهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لى شعباً لهذا أخرجوا من بينهم وتميزوا منهم قال الرب ولا تمسوا دنساً وأنا أقبلكم وأكون لكم أباً وتكنون أنتم لى بنيناً وبنات يقول اللـه الممسك الكل “فإذ لنا مثل هذه المواعيد يا أحبائى فلنطهر أنفسنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة بخشية اللـه فإذا اجتهدت إذاً أن تخرج من الأمور العالمية وتنتقل من مصاعب العالم الشرير جاهد جهاداً متكاثراً حذراً حينئذ من أن تشارك روح الكبرياء النجس ليقبلك الرب لأن نجس بالحقيقة عند اللـه كل متعالى القلب أما تخطر ببالك النار التى مزمع أن تعبر فيها. إذا عبرنا فى تلك النار وكنا أنقياء بلا عيب حينئذ نعرف ذاتنا من نحن لأن ذلك اليوم يوضح عمل كل أحد كما كتب أنه بالنار يختبر فلنتضرع للرب بتواضع كثير أن ينقذنا من الخوف المنتظر ويؤهلنا لذلك الاختطاف حين يختطف الصديقين فى السحب إلى الهواء لاستقبال ملك المجد وأن يورثنا مع الودعاء المتواضعين ملكوت السموات لأنه كما قال ” مغبوطون المساكين بالروح فإن لهم ملكوت السموات” وكذلك ” ويل للمستكبرين والمستعلين برأيهم فإن لهم أتون النار “لأنه فى الكبرياء يسكن القائل ” اصنع بقوتى وبحكمة فمى أنتزع تخوم الأمم وأرتقى قوتِهم وأزلزل مدناً مسكونة وأتناول المسكونة كلها بيدى مثل عش وأحملها كبيض مهمل ولا يفلت أحد منى أو يقاوم قولى لكن الرب الإله رب الأجناد يرسل إلى كرامتك هواناً وإلى شرفك نار متوقدة تحرق وأيضاً أنت قلت فى ذهنك لأصعدن إلى السماء ولأضعن كرسى فوق نجوم السماء ولأجلس فى الجبل الشامخ على الجبال الشاهقة نحو الشرق وأرتقى فوق الغيوم، أكون نظير العلى. فالآن إلى الهاوية تنزل وإلى أساس الأرض فلنهرب منذ الآن من الكبرياء التى يبغضها الرب ولنحب تواضع العقل الذى به أرضى الرب جميع الصديقين، لأن تواضع العقل قربان جسيم قدره وشرف عظيم ونجاح نفيس وكرامة جزيلة للذين قد اقتنوه لأن فيه سعى لا يمسك وحكمة كاملة لأنه باستعلاء الرأى ذل قدر ذلك الفريسي، وبتواضع العقل أرتفع شأن العشار الذى معه يؤهلنا الرب للحظ الذى لا يبلى مع كافة الصديقين فإن به يليق المجدإلى الأبد آمين مار إفرآم السريانى
المزيد
26 يونيو 2020

سُفَرَاءٌ فِي سَلاسِل

بعد أن صالح الله الخليقة لنفسه، وبعد أن كلَّف تلاميذه بخدمة المصالحة، وأرسلهم كسفراء يتكلمون باسمه؛ لم تكن خدمة هؤلاء الرسل، ومن بعدهم خلفاؤهم في الرعاية والكرازة، سهلةً ميسَّرةً، بل كما قال القديس بولس الرسول: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ» (رو 8: 36) فالإرسالية للكرازة والقيام بعمل السفير عن الرب يسوع ليست خدمة رفاهية وتنعيم الجسد، وليست كخدمة السفارة العالمية التي تحكمها المواثيق والمعادهات الدولية التي تؤمِّن حياة السفير وتحفظ له كرامته، فقد أرسلهم الرب يسوع: «مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ» (لو 10: 3)؛ بل وأرسلهم بدون أي مَدد أرضي يسهل لهم طريق الخدمة: «لاَ تَحْمِلُوا كِيساً وَلاَ مِزْوَداً وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ» (لو 10: 4). لذلك انتهت الحياة الأرضية لأكثر الرسل والأساقفة في الكنيسة الأولى بإكليل الاستشهاد. وكانت مسيرة حياتهم: في «هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ» (عب 11: 36)، أو كما يقول بولس الرسول: «الَّذِي لأَجْلِهِ أَنَا سَفِيرٌ فِي سَلاَسِلَ، لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ» (أف 6: 20). ولم تكن هذه السلاسل أو القيود قادرةً أن تقيِّد كلمة الله، بل كانت أحياناً سبباً لانتشار كلمة الإنجيل، كما نسمع عن القديس برثلماوس الرسول الذي باع نفسه عبداً لأجل الكرازة في أسيا الصغرى لقد قيَّد الآباءُ أنفسَهم بسلاسل إرادية، لتأمين مسيرة الكرازة والخدمة. يقول بولس الرسول: «أَعْرِفُ أَنْ أَتَّضِعَ وَأَعْرِفُ أَيْضاً أَنْ أَسْتَفْضِلَ. فِي كُلِّ شَيْءٍ وَفِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ» (في 4: 12). ويقول أيضاً: «وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ. بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ، فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ…» (2كو 6: 3-4) هذا نوع من السلاسل الاختيارية – وما أكثرها – التي وضعها الرسل على أنفسهم من أجل نجاح الكرازة والخدمة، وحسبما عاش الرسل، هكذا تعلم الرهبان من بعدهم، وصار مبدأ القيود الإرادية قاعدة في الحياة الرهبانية، وهي نفسها الوصية التي دعاها الرب يسوع بالباب الضيق، والتي عاش بها الرسل وسلموها لمن بعدهم، إذ نقرأ في كتاب بستان الرهبان (قول 995): [سُئل أحدُ (الرهبان) الشيوخِ: «ما هو البابُ الضيق»؟ قال: «أن يضيِّق الإنسانُ على نفسِه، ويزيلَ إرادتَه كلَّها لأجل حبِّ اللهِ وطاعتِه، بحسبِ ما قيل (عن الرسل): ها نحن قد تركنا كلَّ شيءٍ وتبعناك. لأنه لم يكن لهم غنىً وتركوه، بل تركوا مشيئتَهم»]. نيافة الحبر الجليل الانبا إبيفانيوس الأسقف الشهيد رئيس دير القديس أبو مقار
المزيد
25 يونيو 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ مَلاَخِي

بين اصحاح 4 : 5 وبين مت 11 : 14 وبين يو 1 : 21 ففى الاول ان ايليا سيرسل من قبل الرب ليرد قلب الاباء على الابناء وقلب الابناء على ابائهم قبل مجىء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف وفى الثانى ان السيد المسيح فسر نبوه ملاخى بانه يشير الى يوحنا المعمدان وفى الثالث ان يوحنا المعمدان نفسه انكر كونه ايليا. فنجيب : ان التوفيق سهل مما ورد فى (لو 1 : 17) حيث قيل عن يوحنا المعمدان (ويتقدم امامه (اى امام المسيح) بروح ايليا وقوته ليرد قلوب الاباء الى الابناء والعصاه الى فكر الابرار لكى يهيىء للرب شعبا مستعدا) فالمراد فى نبوه ملاخى بايليا رجل يشبه وهو يوحنا المعمدان ووجه الشبه بين ايليا ويوحنا الغيره والشجاعه وتوبيخ الخطاه والشرفاء والادنياء وهدايه الضالين الى سبيل الحق. كذا فسر السيد المسيح فقال عن يوحنا انه ايليا وذلك نظرا الى روحه وقوته ووظيفته. اما يوحنا فانكر انه ايليا حقيقه ولم يقل انه ايليا بالروح والقوه، اتضاعا واحتشاما. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
24 يونيو 2020

ما هي الخدمة روحيًا 3

5- الخدمة هي جسر بين الله والناس:- ليتك تكون جسرًا صالحًا في خدمتك, توصل ما يقوله الروح الخدمة هي جسر يوصل الناس بالله, أو جسر تنتقل عليه عطايا الله إلى الناس فالخادم الوحي هو الذي يأخذ من الله ليعطى تلاميذه لا يعطى من ذاته. لأن الرب أمر أن لا تقدم على المذبح نار غريبة, بل النار المقدسة التي نزلت من عند الله الخدمة تُشَبّه بسلم يعقوب الواصل بين السماء والأرض هذا الذي قيل عنه إن ملائكة الله صاعدة ونازلة عليه (تك 28: 12) صاعدة بطلبات الناس, ونازلة بالاستجابة من عند الله ألم يقل الرب: "اسألوا تعطوا" (مت 7: 7) هنا الخدّام في خدمتهم كملائكة الله في السماء يرفعون صلواتهم إلى السماء, لكي يعطيهم الله كلمة عند افتتاح أفواههم" (أف 6: 19) ومن سلم يعقوب تنزل إليهم الكلمة التي يقولونها لأولادهم وتلاميذهم وهم في ذلك يتشبهون بالملائكة. 6- فالخدمة هي عمل الملائكة والرسل:- هكذا قال القديس بولس الرسول عن الملائكة "أليسوا جميعًا أرواحًا خادمة, مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 1: 14) وقال عن نفسه وعن سائر الرسل إن الرب "أعطانا خدمة المصالحة إذن نسعى كسفراء للمسيح, كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" (2كو 5: 18, 20). 7- الخدمة هي دين علينا:- الخدمة هي جزء من الدين الكبير الذي علينا من نحو الكنيسة التي ربتنا وعلمتنا, وأرشدتنا إلى طريق الله, وأعطتنا روح الخدمة. وعلينا أن نخدمها كما خدمتنا بل أن الخدمة دين علينا نحو الله نفسه, الذي أحبنا كل الحب, ومنحنا أن نعرفه, وعلمنا طرقه وعلينا أن نحبه بالمثل, ونظهر هذا الحب من نحو أولاده الذين تركهم وديعة في أيدينا ولذلك نخرج بنتيجة هامة وهى أن الخدمة واجب. 8- الخدمة واجب:- إنها واجب روحي على كل إنسان كل إنسان يحب الله ويحب الناس, لابد أن يخدم إنه لا يستطيع أن يرى أناسًا يهلكون أمامه, بينما يقف صامتًا مكتوف اليدين كذلك الذي اختبر محبة الله له, يجد دافعًا داخليًا يدفعه إلى الحديث عن محبة الله المرأة السامرية لما عرفت المسيح, ذهبت مباشرة لتخبر الناس وتحدثهم عنه قائلة "تعالوا وانظروا" (يو 4: 29) فتحولت ليس فقط من خاطئة إلى تائبة, بل بالأكثر إلى إنسانة كارزة, تحبالمسيح, وتُحَدِث الناس عنه وحدث مثل هذا الأمر مع كثيرين من الذين شفاهم المسيح, فجالوا في كل مكان يتحدثون عنه كل إنسان إذن يمكنه أن يخدم, ولكن حسب تنوع المواهب هناك من يخدم في مجال الفقراء وعمل الرحمة, وآخر يخدم المرضى, وثالث يخدم في حل مشاكل الناس, ورابع يخدم في مجال التعليم, إن أذنت له الكنيسة بذلك وخامس يخدم عن طريق القدوة الصالحة أما الذي لا يخدم, فهو إنسان مقصر في واجب مفروض عليه في حدود إمكانياته هو مقصر في حق إخوته فإن قصرت في الخدمة أو امتنعت عنها, ينبغي أن تعترف بذلك أمام أبيك الروحي. لأن تقصيرك في الخدمة, يدل على أن محبتك غير كاملة نحو الآخرين ونحو الله وملكوته وأولاده. 9- الخدمة أمانة ووزنة ومسئولية:- إن الأولاد الذين تركهم الله أمانة في أعناقنا، فسوف يسألنا عنهم واحدًا فواحدًا ماذا فعلنا في بنيانهم الروحي الخدمة إذن مسئولية أمام الله والكنيسة ومسئولية خطيرة وفي خطورتها أقول الآتي اعلموا أنا الخادم منكم، ربما يكون المصدر الوحيد لتعليم الدين في هذه الفترة من حياة تلاميذه ربما لا يجدون في البيت ولا في المدرسة ولا في المجتمع مصدرًا آخر يغذيهم روحيًا وكذلك الكنيسةتركت هذه المسئولية إليكم، لتقوموا بها، واعتمدت عليكم في ذلك فإن لم يجد الأولاد الغذاء الروحي في الكنيسة على أيدي خدامها، فقد تضيع حياتهم بسبب إهمال الخدام!! إذن مصير الحياة لهذا النشء لهذا الجيل الصاعد تتوقف على مدى أمانة الخدام هل سيشعلون قلوبهم بمحبة الله، ويملأون عقولهم بالمعرفة الدينية السليمة، أم سيخرجونهم فارغين، تقف أرواحهم إلى الله من الفراغ الذي عاشوه، لأن مدرسيهم في التربية الكنسية لم يهتموا بهم ترى هل سيقول الله للخادم "نفس تؤخذ عوضًا عن نفس" وذلك حين يحاسب الخادم قائلًا له "أعطني حساب وكالتك" (لو 16: 2) قفوا إذن بخوف أمام الله. وتذكروا باستمرار أن الخدمة ليست مجرد نشاط، إنما هي مسئولية هي وزنة لابد أن نقدمها لله بربحها (مت 25). 10-الخدمة أمانة ووزنة ومسئولية:- إن الأولاد الذين تركهم الله أمانة في أعناقنا، فسوف يسألنا عنهم واحدًا فواحدًا ماذا فعلنا في بنيانهم الروحي الخدمة إذن مسئولية أمام الله والكنيسة ومسئولية خطيرة وفي خطورتها أقول الآتي اعلموا أنا الخادم منكم، ربما يكون المصدر الوحيد لتعليم الدين في هذه الفترة من حياة تلاميذه ربما لا يجدون في البيت ولا في المدرسة ولا في المجتمع مصدرًا آخر يغذيهم روحيًا وكذلك الكنيسةتركت هذه المسئولية إليكم، لتقوموا بها، واعتمدت عليكم في ذلك فإن لم يجد الأولاد الغذاء الروحي في الكنيسة على أيدي خدامها، فقد تضيع حياتهم بسبب إهمال الخدام!! إذن مصير الحياة لهذا النشء لهذا الجيل الصاعد تتوقف على مدى أمانة الخدام هل سيشعلون قلوبهم بمحبة الله، ويملأون عقولهم بالمعرفة الدينية السليمة، أم سيخرجونهم فارغين، تقف أرواحهم إلى الله من الفراغ الذي عاشوه، لأن مدرسيهم في التربية الكنسية لم يهتموا بهم.ترى هل سيقول الله للخادم "نفس تؤخذ عوضًا عن نفس" وذلك حين يحاسب الخادم قائلًا له "أعطني حساب وكالتك" (لو 16: 2) قفوا إذن بخوف أمام الله وتذكروا باستمرار أن الخدمة ليست مجرد نشاط، إنما هي مسئولية هي وزنة لابد أن نقدمها لله بربحها (مت 25). 11- الخدمة هي قدوة وتسليم:- الخدمة هي تسليم، أكثر من التعليم هي تسليم الحياة لآخرين، تسليم الصورة الإلهية لهم، تسليم النموذج الحي فالخادم هنا، هو وسيلة إيضاح للحياة الروحية السليمة بكل فضائلها الخدمة إذن هي المدرس، قبل أن تكون الدرس هي حياة تنتقل من شخص إلى آخر، أو إلى آخرين هي حالة إنسان ذاق حلاوة الرب، ويذيقه لآخرين قائلًا "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8) أنها حياة تسري من روح كبيرة إلى أرواح أخرى أو هي حياة إنسان امتلاءبالروح القدس، ففاض من امتلائه على غيره ليس الأولاد محتاجين كثيرًا إلى مدرس يملأ عقولهم كلامًا ويحشوها أفكارًا، بل يحتاجون إلى قلب نقي ملتصق بالله، يوصلهم إلى الله ويشفع فيهم عنده هم محتاجون إلى قدوة يحاكونها، ويرون فيها المسيحية الحقة المُنقذة عمليًا وربما يكون هناك مدرس في مدارس الأحد، ليس فصيحًا كما يجب، ومعلوماته ليست كثيرة، ولكنه يؤثر كثيرًا في الأولاد مجرد منظره يغرس فيهم محبة الله، طريقة كلامه، طريقة معاملاته، أسلوبه الروحي، ملامحه الوديعة الهادئة البشوشة، كل ذلك يعلمهم عن الدين أكثر من الدروس هم يرون صورة الله فيه فيحبون الله الذي يعمل في حياته ويحبون أن يصيروا مثله، وأن تكون حياتهم كحياته إن الأولاد يحبون التقليد، فكونوا نماذج صالحة أمامهم وأعلموا أن روحياتهم أكبر من روحياتكم، وقلوبهم أكثر صفاء، ومبادئهم أسمى هم صفحات بيضاء في فترة طفولتهم، لم يكتب فيها العالم بعد شيئًا رديئًا يحتاجون إلى مستوى عالٍ لكي ينفعهم والسيد المسيح حينما قال "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال، فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت 18: 3) لم يقصد إن لم تصغروا وتصيروا مثل الأطفال، وإنما إن لم تكبروا (في براءتكم) وتصيروا مثل الأطفال فإن لم تكونوا قدوة لهم، فعلى الأقل لا تكونوا عثرة هم -ببساطتهم- يقبلون كل ما يصدر منكم، ويصدقون ما تقولونه لهم فليكن كلامكم هو الحق والبر الذي ينتظرون معرفته ويتوقعون أنكم تنقذونه أما عن العثرة -في التعليم أو الحياة- فقد قال عنها الرب "من أعثر أحد هؤلاء الصغارفخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى، ويلقى في البحر" (مت 18:6) وبسبب القدوة الصالحة، يوجد ما يسمى بالخدمة الصامتة التي يقدم فيها الإنسان تعليمًا حتى دون أن يتكلم يتعلم الناس من حياته دون أن يعظ بل هو نفسه العظة أما الذي لا يقدم عظة بحياته، فكلامه عن الخدمة باطل، فكلامه عن الخدمة باطل، ولا يأتي بثمر إنه مجرد صنج يرن. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي
المزيد
23 يونيو 2020

الشبــاب والرســل

ربما يتصور الشباب أن الآباء الرسل عمالقة روحيين، وهم بالفعل كذلك، ولكنهم مجرد بشر امتلأوا بالروح القدس. إن أمتلاءهم بالروح القدس، وعمل روح الله فيهم من البداية وحتى الأستشهاد أو الموت، هو سر نجاحهم الروحي، والكرازي، والتعليمي... 1- النجاج الروحي: الروح القدس هو الذى عمل في قلوب آبائنا الرسل الأطهار، فاستطاع أن يغيرهم بطريقة جذرية حتى النخاع... فلما امتلأ بطرس من الروح القدس، كسب للمسيح 3000 نفس في عظة واحدة. ولما امتلأوا جميعًا من روح الله، بدأوا يتكلمون بألسنة، جعلتهم يكرزون لـ15 جنسية اجتمعت يوم الخمسين: فرتيون-ماديون-عيلاميون-ساكنون ما بين النهرين (أي عراقيون)-اليهودية-كبدوكية-كريتيون-وعرب... فلما وصلت الرسالة إلى السامعين قبلوا البشارة، وآمنوا بالمسيح والإنجيل، واعتمدوا... ثلاثة آلاف في يوم واحد. ولاشك أن قبول البشارة معناه رفض المعتقدات والسلوكيات القديمة، والحياة في المسيح بقداسة ونقاوة. كانت الخطيئة تُمارَس كعبادة للأصنام، ولكنهم بالمسيحية بدأوا حياة الروح والعفة. لهذا نحتاج كشباب إلى عمل روح الله في حياتنا، فهو الذي: - يبكتنا على الخطية ويحثنا على التوبة. - ثم يطهرنا من آثامنا، ويخلصنا منها. - وبعدها يقدسنا. - ثم يرسلنا لنكرز باسمه: بالقدوة، والكلمة، وأعمال المحبة.. 2- النجاح الكرازي: الروح القدس حدّد للرسل مناطق خدمتهم وأعطاهم ألسنة جديدة، ورافقهم في خدمتهم كما رافق مارمرقس الذى جاء إلى الأسكندرية وحيدًا لا يعرف أحدًا، ولما تمزّق حذاؤه تعرّف على حنانيا الإسكافى، وإذ شكّه المخراز في أصبعه صاح قائلاً: إيّو ثيؤ (أي يا لله الواحد).. فشفى له مارمرقس أصبعه، وبدأ من هذه الكلمة، وبشره بالمسيح، ثم اختاره مع آخرين لنشر المسيحية في مصر، وانتشرت فعلاً بقوة عجيبة، وبسرعة خارقة، لأنها كانت مؤيَّدة بعمل الروح وفعل المعجزات. واستطاعت المسيحية- الديانة الناشئة - أن تهزم وتلغي عبادة الأصنام، التي كانت ترسخت في العالم، فى ذلك الزمان. 3- النجاح التعليمي: هكذا وعدهم الرب: «تكونون لي شهودًا في...» (أعمال8:1)، وبالفعل انتشر التعليم المسيحي، وكتب الآباء الرسل أناجيلهم ورسائلهم وسفر الرؤيا... «وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات» (أعمال42:2)، وهي الركائز الأربعة التي نحياها حاليًا: 1- تعليم الرسل: حيث تُقرَأ علينا فصول من الأناجيل والرسائل والأعمال في كل قداس، وبترتيب كنسي مذهل، يشرح لنا – بفصول مختارة – مفردات الإيمان المسيحي على مدار السنة الكنسية. 2- الشركة: ويقصد بها "الكينونيا" أي جلسات الأغابي بعد العشية وبعد القداس، وقد شرحها الرسول بالتفصيل في كورنثوس الأولى (17:11-30)، متحدثًا عن: الأغابي والإفخارستيا وارتباطهما معًا. 3- كسر الخبز: أي سر الإفخارستيا، إذ كان الرسل «يكسرون الخبز في البيوت (التناول)، وكانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب (الأغابي)» (أعمال46:2).. مسبحين الله! 4- الصلوات: فقد كان الرسل يهزّون أعتاب السماء بصلواتهم، مكتوب: «لما صلوا تزعزع المكان» (أعمال31:4)، «كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع» (أعمال14:1). فليعطنا الرب من روح آبائنا الرسل، لنكون تلاميذ مخلصين للسيد المسيح. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
22 يونيو 2020

القيم الأخلاقية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (3) الحكمة

السيد المسيح اقنوم الحكمة الإلهية .. + ان شخص ربّنا يسوع المسيح، هو أقنوم الحكمة الإلهية الذى تجسد من اجل خلاص جنس البشر وهو {المُذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} كو3:2 وهو حكمة الله وقوته 1كو30:1 الذى تنازل من اجل التدبيرالاله وصار بشرا {في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1،14.وهو الذى يقدر ان يعطينا حكمة ومعرفة كما قال لتلاميذه { لانى اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها } لو15:21 .لهذا قال السيد المسيح لسامعيه مرة { ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا.رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا} لو 31:11-32.والسيد المسيح جاء ليهبنا حكمة وعلما لنعرفه ونحبه ونخلص نفوسنا وهو القادر وحده أن يضمنا إليه، فننعم بالشركة معه للحياة الإبدية . + اعمال السيد المسيح كانت كلها حكمة {ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملانة الارض من غناك} (مز 104 : 24) كما ان تعاليمة واقواله هي تعبير عن هذه الحكمة ودعوة اليها . المسيح هو الكلمة الإلهي جاء يعلن لنا مشورة الله الآب وإرادته،وكلامه حكمة وقوة وله فاعلية فى حياة المؤمنين . لهذا السبب تسهم كلمة الكلمة في شفاء الإنسان{ أنتم الان أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به }(يو3:15) ان كلمة الله تطهّر وتنير وتقدّس الإنسان { بكلمة الرب صنعت السماوات } (مزمور 6:33).لذلك قال السيد المسيح أن مَن يحفظ وصاياه يحبه الآب { الذي عنده وصاياي و يحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) يقول احد القديسين أن كلمة الله هى الله نفسه حاضر سرياً في كل وصية يعطيها. ومعروف أن كلمة الله لا ينفصل عن الآب والروح القدس. لهذا مَن يحفظ كلمة المسيح يحصل على محبة ونعمة الثالوث في داخله . + تعاليم المسيح هي حياة ابدية { فاجابه سمعان بطرس يا رب الى من نذهب كلام الحياة الابدية عندك } (يو 6 : 68). الكلمة المتجسد أعطى بروحه القدوس النبوة لأنبياء العهد القديم ولهذا نجدهم يقولوا { هكذا قال السيد الرب } (حز 3 : 27) . من ناحية ثانية، لا يتكلّم المسيح بهذه الطريقة بل يقول { اما انا فاقول لكم } (مت 5 : 22)وعندما تجد كلمة الله تربة ملائمة تثمر. المسيح كشف لنا بالتجسد إرادة الآب. وكما أن للبذرة إمكانية وقدرة عظيمتين لأن ينبت منها شجرة ضخمة متى وجدت التربة الصالحة والظروف المناسبة ، كذلك لكلمة الله إمكانية وقدرة عظيمة. يخبرنا القديس مكاريوس أن كلمة الله ليست كسولة بل لديها عمل حين تصبح في التربة لهذا مَن يسمع كلام الله يستنير ويثمر {لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا} (عبر 12:4-13.السؤال هو لماذا لا تعمل كلمة الله في كل الناس بالطريقة ذاتها. هذا يرتبط بأن النعمة الإلهية تعمل في الناس بشكل مختلف بحسب الحالة الروحية لكل منهم.كما ان الماء واحد ويعمل فى النباتات لتأتى بثمار مختلفه لكل شجرة ونبتة ثمرتها الخاصة، حلاوتها، مرارتها، حموضتها، مع أنها جميعاً تلقت الماء نفسه. هذا يتوقّف على تركيبة كل نبات. وهكذا تعمل الكلمة الإلهية وتظهر بما يتناسب مع نوعية فضيلة كل شخص ومعرفته عملياً ومعرفياً. إذا كان المرء دنساً، تطهره كلمة الله، إذا كان ناميا فى النعمة تجعله يثمر ، وان كان يسعى للكمال والحكمة والتقديس فكهذا يكون مفعولها هكذا كان السيد المسيح وسيبقى بحكمة يعمل وتختلف الثمار حسب استعداد نفوسنا لقبول كلمته . + لقد كان اليهود يطلبون ايات ومعجزات واليونانيين يسعون الى الحكمة ورغم ما صنعه السيد المسيح من ايات وما علمه من حكمه فقد عثر البعض فيه وآمن الذين سمعوا وراوا واطاعوا الإيمان { لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة. لان اليهود يسالون اية و اليونانيين يطلبون حكمة. و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. واما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله} 1كو 21:1-24. لا نستطيع أن نفهم "الله محبة" الا بالصليب الذي به فدانا مخلصنا يسوع المسيح وخلصنا من لعنة الخطيئة. بينما عند الهالكين هو ذلٌّ وعار . عندنا نحن المسيحيين الصليب هو رمز المصالحة مع الآب وهو رمز لتجسّد محبة الله لنا لكي يدرك الأنسان محبة الله له، الصليب هو الجسر الذي يوصلنا الى السماء، بينما الذين لايقبلون الصليب كرمز للخلاص ،فهم يشبهون شخص يغرق ولا يقبل اليد الممدودة له لأنقاذه . هناك من يحاولون بلا جدوى ألأعتماد على قوّتهم وعقولهم وفلسفتهم لأنقاذ انفسهم من الموت ولكن مثلهم هو مثل العطشان في صحراء قاحلة يجري وراء السراب. قوة الصليب تظهر جليا في القيامة والأنتصار على الموت والخطيئة والدخول للحياة الإبدية لكل من يؤمن به . + يقدم لنا ايضا السيد المسيح فى الامثال حكمة علي مستويات وحاله المستمعين وهى دعوة للتفكير والحكمة والفم واعمال العقل . عندما أورد المسيح مثل البذار، لم يفهم اليهود معنى المثل ومحتواه العميق. وعندما اقترب التلاميذ ليسألوه معنى هذا المثل قال لهم: {لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ}(لوقا 9:8-10). يبدو واضحاً أن الصور في الأمثال استُعملَت لتخفي معاني الأمثال التي كانت تُشرَح للتلاميذ المهيئين لها.أن التلاميذ كانوا مستحقين لمعرفة أسرار ملكوت السماوات، بينما الآخرون على مقدار فهمهم. لكن المسيح فعل هذا ليس من باب الانتقائية، بل من باب المحبة والعناية. فلأنه كان يعرف أنهم سوف يزدرون باسرار الملكوت أن عرفوها، فقد أخفاها حتى لا تزيد دينونتهم. إذاً نرى من مثل البذار أن البعض، مثل الجموع، يسمعون كلمة الله في الأمثال، وآخرون، مثل التلاميذ، يعرفون أسرار ملكوت الله، وغيرهم، مثل التلاميذ الثلاثة الذين صعدوا على جبل طابور، يرون المسيح المتجلّي. يتوقّف الأمر على حالة المستمعين الروحية . دعوة السيد المسيح لنا لنكون حكماء + لقد دعانا السيد المسيح ان نكون حكماء ونراه يمدح وكيل الظلم (لو18:16) لانه بحكمة صنع وقال لنا{ كونوا بسطاء كالحمام ، وحكماء كالحيات } مت 16:10. وهو بالحكمة يبنى كنيسته ويعضدها بالاسرار المقدسة { الحكمة بنت بيتها ، نحتت أعمدتها السبعة } أم 1:9.والروح القدس العامل فى الكنيسة واعضائها هو روح الحكمة { روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب (اش 11 : 2).والذى يريد ان يسكن فيه روح الله لابد ان يتوب ويستجيب لعمل النعمة { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4). ونحن نصلى لكي ما ننقاد بروح الله { بسبب هذا احني ركبتي لدى ابي ربنا يسوع المسيح.الذي منه تسمى كل عشيرة في السماوات و على الارض.لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتايدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن. ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم.وانتم متاصلون ومتاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو. وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله.والقادر ان يفعل فوق كل شيء اكثر جدا مما نطلب او نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا} أف 14:3-20. والتلاميذ والرسل الذين اختارهم وهبهم حكمة ومعرفة روحيه بروحه القدوس بل حتى الشمامسه كان شرط اختيارهم ان يكونونوا مملوين من الروح القدس والحكمة { فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة }(اع 6 : 3). وعندما سُئل الانبا انطونيوس عن ما هي أعظم الفضائل ؟ اجاب : انه الافراز والحكمة ، بالافراز والحكمة الروحية يميز الانسان بين الخير والشر والحق والباطل ويسلك فى الفضيلة بحكمة فالحكيم عيناه فى راسه اما الجاهل فيسلك فى الظلام (جا 14:2). + الحكمة الروحية تنبع من معرفتنا لحقيقة انفسنا ومعرفتنا لله ومشيئته فى حياتنا وهكذا تجعلنا نفكر ونتصرف حسنا في سلوك يتسم بمخافة الله ومحبته والعمل علي رضاه {من هو حكيم وعالم بينكم ، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة }يع 13:3. الحكيم يقيم توازن بين حياته على الارض كسفير للسماء فى غربة موقته وبين حياته الابدية فى السماء وان كانت تعوزه حكمة فيطلب من الله { ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} (يع 1 : 5). أنّ الحكمة تختلف عن المعرفة فهناك ناس عندهم معرفة ومعلومات كثيرة ولكنهم قد يفتقرون الى استخدام هذه المعرفة والمعلومات بصورة صحيحة لآنّهم يفتقدون الى الحكمة التي يهبها الروح القدس من فوق،وهناك ناس اذكياء ولكن قد ينقصهم الحكمة للفهم والتدبير والرؤية الصحيحة للأحداث،بينما الشخص الحكيم يطلب التمييز وأختيار الصواب والمشورة والتدبير وهذه كلها يطلبها من ربنا يسوع المسيح ، وهو الذي بيّن لنا أن الآب السماوي يكشف الحكمة للاتقياء المتواضعين والبسطاء ،بينما يخفي هذا السر عن غير المؤمنين الذين يعتبرون انفسهم حكماء وفهماء { و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك }(لو 10 : 21). + ان الحكمة التى من الله كهبة من الروح القدس ليس هى الكياسة او الدبلوماسية او الدهاء والمكر الذي يظنه البعض حكمة وليس هي الذكاء بل هى معرفة حقيقة الاشياء كما هى فى فكر الله والفطنة والافراز والتمييز الروحى الذى يهبنا ان نتصرف بالبساطة الحكيمة الطاهرة الرحيمة والوديعة كما يليق بابناء الله القديسين فى تكامل وتوازن واتزان والتزام روحى وكما جاء فى الإنجيل { من هو حكيم و عالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة.ولكن ان كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لانه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل امر رديء.واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام} يع 13:3-18. كيف نقتنى الحكمة الإلهية + بمداومة الصلاة لله بنقاوة قلب .. لقد صلى سليمان الحكيم وطلب من حكمة من الله { فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم.والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر.فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم. هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك.وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى و كرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك} 1مل 6:3-13.ونحن يجب ان نداوم على الصلاة والطلبة لنعرف ارادة الله وحكمته ونتعلم منه ونلتصق به مصدراً للحكمة {عنده الحكمة و القدرة له المشورة و الفطنة} (اي 12 : 13) ليكون كل منا كاملاً فى المسيح يسوع { الذي ننادي به منذرين كل انسان و معلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع} (كو 1 : 28). + الانقياد لروح الله .. ان روح الله هو روح الحكمة والقداسة والمعرفة والتمييز { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب} (اش 11 : 2) .ان الروح القدس هو نبع لا ينضب ابدا فى انساننا الداخلى { و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب.من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو37:7-39 .{ لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته.مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين.وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} اف 16:1-19. اننا اذ نولد من الماء والروح وناخذ بالميرون المقدس سكنى وعمل الروح القدس فينا يجب علينا ان لا نحزن روح الله بخطايانا وننقاد له فى افكارنا وسلوكنا ونطلب ارشاده فى كل ذلك وهو يعلمنا كل شئ{ و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26).ويهبنا قوة وحكمة { فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس }(مر 13 : 11). ويهبنا قوة لنشهد لله { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8).الروح القدس يهبنا ثمار ومواهب الروح القدس ويلهب قلوبنا بمحبة الله حتى المنتهى { لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 : 5). + الكتاب المقدس والحكمة والاستنارة .. ان الكتاب المقدس مصدر لا ينضب من الحكمة فقد كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح القدس ومن خلاله يتحدث الله الينا { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) وبه نعرف ارادة الله الصالحة والكاملة نحونا ، ان عقولنا وقلوبنا وارواحنا نستنير بكلام الله { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105) .وكلام الله يهبنا قداسة ومعرفة { قدسهم في حقك كلامك هو حق }(يو 17 : 17). وكما ان الجهل بكلام الله هلاك{ قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا} (هو 4 : 6). فان معرفة الكتاب حياة ابدية { وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3).ولهذا دعى السيد المسيح اليهود قديما ان يفتشوا فى الكتب لانها تشهد له { فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية و هي التي تشهد لي{ (يو 5 : 39) وهكذا كلام الله لابد ان ياتى ثماره متى حفظناه وعملنا به وشهدنا له وعلمناه . + التعلم من القديسين الحكماء ... نحن نحتاج الى التلمذة والتعلم من أناس الله القديسين الذين تعبوا وجاهدوا فى اقتناء الفضيلة والحكمة . من اجل هذا يدعونا الانجيل لنتمثل بايمانهم وفضائلهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). لقد برع ابائنا القديسين فى اقتناء الافراز والحكمة والتمييز والتدقيق فى السلوك . كان يأتى اليهم الذين يريدون التعلم ليقولوا لهم كلمات قليلة ليخلصوا او يروا أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها . ونحن نحتاج لحكمة هؤلاء القديسين والتلمذه عليها فى افراز وحكمة .والسلوك فى الفضيلة بافراز دون تطرف او مغالاة فنعرف متى نتكلم ومتى نصمت وماذا نتكلم ونعرف ان نفرق بين التواضع وصغر النفس وبين الكبرياء واحترام الذات وبين الادانة والنصح واداء المسؤلية وبين الوداعة واللين وبين الحزم والقسوة وبين الطاعة للحق والشهادة لله والدفاع عنه . نعرف متى نتصرف فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وبالاسلوب اللائق فى بعد عن السطحية او التعقيد وفي اتزان والتزام لاسيما فى الامور المصيرية .نحن نتعلم الحكمة ايضا من خلال الخبرات الحياتية والتفكير والتأمل فى الاحداث ونكون انفسنا كما يريديها الله {العقلاء في الكلام يتممون اعمالهم بالحكمة و يفيضون الامثال السديدة} (سيراخ 18 : 29). من عندك الحكمة والمشورة .. + ايها الرب الاله يامن عنده الافراز والمشورة وفيك مخبأة لنا كل كنوز الحكمة والعلم نأتى اليك قارعين باب تعطفك فهبنا يا غني بالمراحم حكمة ومعرفة ومشورة صالحة لنعبدك بالحق والروح ونخافك ونتبعك بمحبة من كل قلوبنا جميع ايام حياتنا .ان الذين يحبون الحكمة ينالون نعمة والذين يبغضونها يحبون الموت . تتمشى الحكمةفي طريق العدل ، وتتحرك في سبيل الحق،لتهب الذين يعرفونها غنى،وتملأ قلوبهم سلاما وسعادة . الحكمة تحب الذين يحبونها وتدخل القلوب النقية الرحيمة وها نحن نطلبها بكل قلوبنا فلتسكن فينا لتقودنا فى طريق الفضيلة والبر . + انت يارب غايتنا وحكمتنا وخلاصنا ، ونحن نريد ان ندخل بانفسنا ومن معنا الى أحضانك الإلهية لننهل من حكمتك ونكتشف محبتك وابوتك ونعرفك ليس من أجل مكسب مادى ولا من اجل مجد زمنى ولكن من اجل ان نكون لك ابناء وتكون انت لنا ربا والها وحكمة وقداسة وبك نحيا مذاقة الملكوت على الارض وبك نتحصن ضد قوى الشر الروحية فلا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك . + يا اله الحكمة ووواهب الفهم يامن اعطى قديما ليوسف الصديق من روحه القدوس حكمة ولدانيال النبى معرفة بها شهد لك وتنبأ بخلاصك ، يامن قاد الكنيسة عبر العصور بحكمة من لدنه انت قادر يارب ان تعطي رعاتنا حكمة ومشورة ورعيتنا فهم ومعرفة روحية ، انت ضابط الكل وسيد التاريخ نسالك ان تقود البشرية قادة وشعوب وأمم نحو معرفتك وعمل اراداتك لتصل سفينة عالمنا المعذبه فى أمواج الصراعات الى بر الأمان والإيمان ، أمين . القمص أفرايم الانبا بيشوى
المزيد
21 يونيو 2020

كيف يخدم الخادم نفسه

فأنت إذا الذي تعلم غيرك ألست تعلم نفسك (رومية 2 : 21) نتكلم كثيراً عن المخدوم وكيف نخدمه ونبنيه لاهوتياً وروحياً ونفتقده ونتعامل مع مشكلاته، وقليلاً ما نتكلم عن الخادم نفسه واحتياجاته حتى أنه مع الوقت قد تصير قداسة الخادم وعصمته أمراً بديهياً مفروغاً منه لكونه خادم ! لا سيما الخدام أصحاب الأسماء والحيثيات والتاريخ (وربما يكون قد أصبح خاوياً) وننسى أن الخادم هو أيضاً مخدوم هو أيضاً له احتياجات عندما قال القديس ايرينيئوس أن "الأسقف هو تائب يقود تائبين" كان يقصد بالطبع أننا جميعاً فى سفينة واحدة نجدف معاً لنصل معاً وليس كأنّ الخادم قد وصل إلى البر وهو الآن يحاول انقاذ المخدومين ! لذلك انتبهوا أن الله لا يوقف خلاص أنفس المخدومين على القامة الروحية للخادم (إذا ضل أو شرد أو تزوج فانشغل أو ترك الخدمة لأي سبب ما ذنب الأولاد أو انحرف فى التعليم حقيقي أنهم يتأثرون ولكننا نقول هذا على سبيل تحذير الخادم من العثرة نتكلم ويصدقنا الناس ويصادقوا على ما نقول, يطيعون ويسمعون لنا, ولنا تلاميذ كثيرين، عدد كبير منا له اسم قارئ فاهم دارس, بل هناك ما يسمّى بحسن الكلام شخص مهنته الكلام لبق خطيب مفوّه رنان العبارات له حضور و"كاريزما" جاهز أوراقه وحقيبته وسيارته هو تحول إلى "كاسيت" جاهز للكلام .. الخ. إذن هو على مستوى أن يرشد ويعطي الآخرين جاهز ولكن أين هو أو كما يقول قداسة البابا "بضاعته للتصدير وليس للاستهلاك المحلي !". ولكن أين نصيبك ما هى المصادر التى تحصل منها على احتياجك الشخصى إنه لا يحق لشخص ما أن يكون معلماً ما لم تكن له روح التلمذة وفى التدبير الروحي لا يعطى لشخص تدبير ما لم يعشه هو، فلا نحمل الناس الاحمال العثرة دون أن نمسها بأحد أصابعنا (متى 23) هناك علاقة بين المتكلم والسامع، إذا كان مؤمنا بما يقول سوف يؤمن الذين يسمعون وإذا كان متضعاً فسوف يتعلمون أن يتضعوا..الخ. بل كثيرا ما يصبح التلميذ افضل من معلمه والأخطر من ذلك أن يكون التلميذ قد تعلم من معلمه الفضائل في البداية ، ثم تراجع المعلم وتقدم التلميذ وفي بعض الأوقات قال الآباء أن التلميذ صار بطاعته أفضل من معلمه لعل يوم الدينونة سيكون يوم مفاجآت قمم ورموز ومشاهير تتساقط وُيحضر الله المرزولين والمهمّشين والمحتقرين والذين فى الظل ويرفعهم، بينما يتهاوى أولئك في ذلك يحذر أحد الآباء قائلاً احذر من التواني لئلاّ تخزى في قيامة الصديقين، هناك ُيبصرك أقاربك ومعارفوك فيقولون لك ظنناك حملاً فوجدناك ذئباً !! إن الأمر يحتاج إلى وقفة بين آن وآخر تخيل أنك شخص آخر واخرج خارج نفسك وابحث عن نقطة ارتكاز خارج دائرتك ولتكن لك محطات إجبارية أليس من الأفضل أن يخدم الخادم ستة أيام بدلاً من سبعة من أجل تفعيل خدمته ؟ حقاً إن الشمس الساطعة تدفيء والُمروى هو أيضاً يروى ولا شك أن الذى يؤثر فى الآخرين هو شخصية الخادم وليس كلامه وبالتالي يمكن للخادم أن يصبغ كنيسته كلها بصبغة نسكية أو عقلانية أو لاهوتية إن هناك خطورة شديدة على الخادم الذي ليس له مخدع وليس له وجبات يشبع بها هو، وليس للتحضير فقط واختيار ما يصلح للمخدومين، وهذا هو الفرق بين شخص يقرأ ليستنير ويرتوي وآخر يقرأ لينقل للآخرين ما حصّله، ولقد كان الآباء يمدحون البعض قائلين "الآب العامل العالم" وهو ما قاله السيد المسيح "وأما من عمل وعلم فهذا يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات (متى 5 : 19). كما أن الحجم الطبيعى للخادم يظهر داخل المخدع وليس أمام الآخرين ممن يمتدحونه ويثنون عليه كثيرا أخشى ما أخشاه أن يتحصن الخادم مع الوقت ضد الإنجيل والتوبة فل يقبل النصح ولا الانتقاد حتى لو كان فيه خلاص نفسه يقول القديس بولس محذراً "حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا (1كو 9 : 27). نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
20 يونيو 2020

المقالة الثانية توبيخ لذاته واعتراف

يا إخوتي تأملوا معى وليكن لكم تحنن ورأفات، فإنه ما قال الكتاب الإلهي باطلاً: ” أن الأخ الذي يعينه أخوه يكون كمدينة حصينة شاهقة لأنه يقدر كاقتدار المملكة المتوطدة “ ويقول أيضاً: ” ليعترف بعضكم لبعض بالخطايا، وليصلى بعضكم لبعض لتشفوا “اقبلوا أيها المختارون من اللـه وسيلة ممن عاهد أن يرضى اللـه فكذب على خالقه، لكى ما بطلبتكم أنجوا من الخطايا المطيفة بى فأصير معافى وأنْهض من سرير الخطية المفسدة فإنى منذ طفولتى صرت إناءً طالحاً ومرفوضاً والآن إذ أسمع بالدينونة أتَهاون بما أن لى خطايا وجرائم تفوق العظم وأعظ آخرين أن يبتعدوا من الأشياء التى لا تنفع وتلك الأشياء تكمل منى مضاعفة ويلى فى أى يأس قد وقعت، ويلى فى أى خزى قد حصلت، ويلى لأن باطنى ليس كظاهرى فلهذا إن لم تشرق علىَّ رأفات اللـه سريعاً فليس لى من أعمالى ولا رجاء واحد للخلاص لأننى أتكلم على الطهارة وأتفكر فى الفجور، أنشئ أقوالاً على عدم التألم وفىَّ موجود الهذيذ فى الآلام النجسة ليلاً ونَهاراً فأى اعتذار لى ويلى أى فحص قد أستعد لى بالحقيقة أن زي الديانة الحسنة موضوع علىَّ وليس فىَّ قوتِها بأى وجه أتقدم إلى الرب الإله العارف مكتومات قلبى وأنا مديون بمثل هذه المساوئ ؛ وأجزع أن أقوم فى الصلاة لئلا تنحدر علىَّ من السماء نار فتبيدنى، لأنه إن كان الذين قَدموا فى البرية ناراً غريبة خرجت من الرب ناراً فأحرقتهم فماذا انتظر أنا، ومثل مقدار هذه الذنوب موضوع علىَّ ؟فماذا هل أقطع رجائى من خلاصى ؟ حاشا. لأن هذا هو الذى يحرص عليه المضاد انه إذا أنحضر أحد إلى اليأس حينئذ يقبض عليه هو، فأنا لا أيأس من نفسى لأننى أثق برأفات اللـه وبتوسلاتكم، فلا تفتروا إذا من التضرع إلى المتعطف لكى يعتق قلبى من عبودية الآلام المحتقرة فقد عمىَّ قلبى واستحال فكرى المتدين حسناً وأظلم ذهنى فرجعت وصرت مثل الكلب العائد إلى قيئه فليس ذهنى نقياً، ولا دموع لى فى صلاتى، إن تنهدت نشف ماء وجهى، من الخزي أقرع صدرى فهو خزانة الآلام لك المجد أيها المحتمل، لك المجد أيها المتمهل، لك المجد أيها المتأنى على البشر، لك المجد أيها المتعطف على الناس، لك المجد أيها الصالح، لك السبح أيها الحكيم وحدك، لك المجد أيها المحسن على النفوس والأبدان لك المجد أيها المشرق شمسه على الأشرار والأبرار، والممطر على الصديقين والظُلام، لك المجد أيها المغذى كافة الأمم وكل الطبيعة البشرية مثل إنسان، لك المجد أيها المغذى طيور السماء والوحوش والدواب والبرايا المائية مثل عصفورٍ حقيرلأن كافة البرايا تنتظر لتعطيها قوتَها فى أوانه لأن عظيمة قدرتك ورأفاتك مسبوغة على سائر أعمالك فلهذا يارب أطلب ألا تطرحنى مع القائلين يارب يارب ولا يعملون مشيئتك، بشفاعة كافة الذين أرضوك لأنك أنت تعرف الآلام المكتومة فىَّ وأنت خبير عالم بجراحات نفسى أشفينى يارب فأبرأ جاهدوا يا إخوة معى بالصلوات طالبين رأفات خيرية اللـه ؛ ونفسى التى تمررت من الخطايا حلوها من الكرمة المحقة التى غصونِها هى لكم، اعطوا العطشان من ينبوع الحياة الذى قد أُهلتم لخدمته أنيروا قلبى يا من صرتم أبناء النور ؛ أرشدونى أنا الضال إلى طريق الحياة يا من ثبتم فيها، أدخلونى فى الباب الملكى كما يُدخل السيد عبده، يا من قد صرتم للملك وارثين فإن قلبى قد أنسكب فلتدركنى بتوسلاتكم رأفات اللـه قبل أن أُجتذب مع عاملى الإثم فهناك تنكشف سائر الأفعال فى الظلمة وفى الجهر فأى شيء يدركني إذا رآنى مديوناً، أين الذين يقولون الآن أننى بلا عيب قد خليت الصناعة الروحانية وخضعت للآلام لا أريد أن أتعلم وأشاء أن أُعلم، لا أريد أن أُطِيع وأشاء أن أُطَاع، لا أختار أن أتعب وأريد أن أُتعِب، لا أشاء أن اعمل وأشاء أن أشجع على العمل، لا أشاء أن أُكرِم وأشاء أن أُكرَم لستُ أشاء أن أُعيَّر وأشاء أن أعيِّر، لا أريد أن أُحتقَر وأشاء أن أحتَقِر، لا أريد أن يتكبر علىَّ أحد وأشاء أن أتكبر، لا أختار أن أُوَبَخ وأشاء أن أُوَبِخ، لا أريد أن أَرحَم وأشاء أن أُرحَم، لا أشاء أن أُنتَهر وأريد أن أَنتَهِر، لا أريـد أن أُظلَم وأشاء أن أَظلِم لا أختار أن أُضَر وأشاء أن أُضِر، لا أريد أن أُغتاب وأشاء أن أَغتاب، لا أشاء أن أَسمع وأريد أن أُسمع، لا أشاء أن أُمَجِّد وأريد أن أُمَجَد، لا أشاء أن أُمسَك وأريد أن أمسِّك، حكيماً فى الوعظ لكنى لستُ فى العمل حكيماً، أقول ما يجب أن يُعمل وأعمل ما لا ينبغى أن يقال من ذا لا يبكى علىَّ، أبكوا علىَّ أيها الأبرار والصديقون أنا المضبوط بالآلام، أبكوا أيها المحبون النور والباغضون الظلمة على المحب لأعمال الظلمة لا لأفعال النور، أيها المختبرون أبكوا على المنفى غير المختبِرأيها الرحومون أبكوا على المرحوم والمفرط، أيها الصائرون فوق كل مذمة أبكوا على الغريق فى الآثام، أيها المحبون الخير والمبغضون للشر أبكوا على المحب للأفعال الخبيثة والمبغض للأعمال الصالحة، أيها المتمسكون بالسيرة ذات الفضيلة أبكوا على الذى ترك العالم بالذي فقط أيها المرضون للـه أبكوا على المرضي للناس، أيها المقتنون المحبة التامة أبكوا على أنا الذى أحب قريبى بالأقوال وابغضه بالأفعال أيها المهتمون بأنفسكم أبكوا على المهتم بالأشياء الغريبة، أيها المقتنون للصبر والمثمرون للـه أبكوا على الغير صبور والعادم الثمرأيها المشتاقون إلى الأدب والتعليم أبكوا على الفاقد الأدب والمرفوض، أيها المتقدمون إلى اللـه بلا خجل أبكوا علىَّ أنا الغير مستحق أن أتفرس وابصر علو السماء، أيها المقتنون وداعة موسى أبكوا علىَّ أنا الذى أضعتها باختيارى، أيها المقتنون عفة يوسف أبكوا علىَّ أنا الذى دفعتها وطرحتها، أيها المحبون مسك دانيال أبكوا علىَّ أنا الذى عدمتها باختيارى يا من اقتنوا صبر أيوب أبكوا علىَّ أنا الذى صار غريباً منه،يا من اقتنيتم مثل الرسل فى عدم اقتنائهم عدم القنية أبكوا علىَّ أنا المبتعد منها بعيداً أيها المؤمنون والراسخ قلبهم فى الرب أبكوا على الضعيف النفس والجبان، أيها المحبون للنوح والرافضون للضحك أبكوا على المحب للضحك والمبغض للنوح، يا من حفظتم هيكل اللـه بلا دنس أبكوا علىَّ أنا الذى قد دنسته ووخسته يا من يتذكرون الفراق والطريق التى لا عفو منها أبكوا على الغير ذاكر ولا مستعد لهذا السفر، يا من تصورت فى عقولهم الدينونة التى بعد الموت أبكوا على المعترف بذكرها والفاعل ضدها، يا وارثى ملكوت السموات أبكوا على وارث جهنم النار ويلى أنا الذى لم تترك فىَّ الخطية عضواً صحيحاً أو حاسة لم تفسدها وأنا لا هم لى والموت على الأبواب قد وقف وأنا لا هم لى يا إخوتى هاأنذا قد كشفت لكم كلوم نفسى فلا تتوانوا فىَّ أنا المتألم لكن اطلبوا من الطبيب فى أمر السقيم، إلى الراعى من أجل الخروف، إلى الملك من أجل الأسير إلى الحياة من أجل المائت لأنال الخلاص الذى بيسوع المسيح ربنا من الخطايا المطيفة بى ويرسل نعمته ويؤيد نفسى التى تزلق بسرعة، فإنى مستعد لمقاومة الآلام وحين ملاحمتى إياها تحل رداءة حيلة الثعبان باللذة نفسى وتقيدنى مأسوراً وانشط أن أجذب المحترق فتطرأ علىَّ حرارة النار فتجذبنى إلى وسط لهيبها، اطفر إلى استخلاص الغريق ومن عدم التدريب أغرق معه اشتهى أن أصير طبيباً للآلام وأنا نفسى مضبوط بِها وعوض المداواة أجرح من المريض، أنا لم أزل أعمى وأروم أن أرشد العميان فلذلك أنا محتاج إلى صلوات كثيرة حتى اعرف قدري ولكى تظللنى نعمة المسيح وتضئ قلبى المظلم وتسكن فىَّ عوض الجهالة معرفة إلهية ؛ لأنه لا يصعب على اللـه كل كلمة، هو منح شعبه فى البحر الذى لا يُسلك مسلكاً، هو أمطر لهم المن ومن البحر أرسل لهم سلوى كرمل البحر.هو منح العطاش ماء من صخرة صلبة، وهو وحده خلص بصلاحه الواقع بين اللصوص؛ وبتحنن صلاحه يخلصنى أنا الواقع فى الخطايا المغلوب مثل مكبل بسوء الرأى ؛ فليست لى دالة لدى فاحص القلوب والكلى ولا يستطيع أحد أن يشفى وجع نفسى إلا هو العالم أعماق القلب كم من مرة وضعت فى ذاتى حدوداً وابتنيت حيطاناً بينى وبين الخطية المخالفة للشريعة ؛ وبين المعاندين الذين يخطرون من النتائج المضادة الخواطر للحرب فعبر ذهنى التخوم وهدم الحيطان لأن التخوم لم تكن لها قوة صائنة بخشية ممن هو أفضل من الكل والحيطان لم تأسس على التوبة الخالصة فلذلك اقرع الآن ليفتح لى؛ وألبس طالباً لأنال المطلوب كمن لا خجل له اطلب أن اُرحم يارب ؛ أنت أيها المخلص قد وهبت لى خيريتك وأنا كافأتَها بالمساوئ ؛ تمهل على أنا الجافى فلست أسأل عفواً عن كلمات باطلة بل إنما اطلب من خيريتك صفحاً عن أعمالى التى لا بر فيها يارب جددنى من كل فعل خبيث قبل أن يدركنى الموت حتى أجد فى ساعة الوفاة نعمة أمامك لأن ليس فى الهاوية من يشكرك يارب خلص نفسى من المخافة المنتظرة وبيض حلتى المتسخة من أجل رأفاتك وصلاحك لكى إذا سربلتنى بالبياض أنا الغير مستحق أؤهل لملكوت سماواتك وإذا حصلت فى السرور الذى لا ينقرض أقول: المجد لمن أستخلص نفساً مغمومة من فم السبع وجعلها فى جنة النعيم لأن لك المجد أيها الإله الكلى القداسة. آمين مار إفرآم السريانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل