المقالات
09 مارس 2025
انجيل قداس يوم الأحد الثاني من الصوم الكبير
تتضمن الحث على التيقظ لقتال الشيطان عدو الخير مرتبة على فصل إنجيل " التجربة "(مت ٤ : ١-١١ )
إذا كان سيدنا له المجد تجسد لأجل خلاصنا وقهر الشهوات البدنية والبواعث الدنيوية والتجارب الشيطانية ليفعل مثله المؤمنون فما بالنا نترك الإهتمام بخلاصنا ومقارنة عدونا ؟ وما بالنا لا نتذكر أن المسيح ابتدأ بعد الصعود من الماء بالصيام ومحاربة الشيطان ليعلم المؤمنين أن يصنعوا بعد المعمودية هكذا فيتركون الإهتمام بأمور العالم ويشرعون في الجهاد من أوله بالصوم ومقاومة الشيطان لأن أول قتال الشيطان للبشر يكون بسبب الطعام كما فعل مع آدم وحواء أولا ثم النتائج المتولدة عنه ثانيا كالزنى والسكر وغير ذلك لأنه حيث يكون الصوم والجهاد لا يكون تنعم ولا تلذذ ولا سكر ولا طرب ولا شهوات جسدية إن الشيطان لأجل محبته هلاك البشر وضررهم يضع في طرقنا مصائد كثيرة وأشراكا مختلفة فينصب شركا للزنى وشركا للنهم والإسراف وشركا للسكر وشركا للشراهة وشركا لمحبة المال وشركا للعجب والافتخار وشركا للعتو والتصلف وشركا لطلب المناصب العالمية وغير ذلك وليس ذلك لقصده أن نكون مسرورين متنعمين بل لعلمه أن المتنعم هنا زمانا يسيرا يشقى هناك دهرا طويلا والمكثر من الدنيويات هنا يكون فقيرا في ملكوت السموات وإذ قد رأيت ياهذا كيف أن المسيح قهر الشيطان حين جربه تارة بحب الغنى وتارة بحب الرتب فهلم لكى اريك أيوب الانسان الساذج كيف تشجع فـــي محبة خالق البرايا فتدرع ثوب الصبر وتشدد بمنطقة الأمانة واستتر بترس الرجاء وضرب بسيف العزم وألقى عدوه جريحاً بتلك الأسلحة لأنه اولا قاتله بكثرة المال والذخائر والجوارى والعبيد والزراعات والحيوانات التي أتلفها فقاتله الصديق بالصوم والصلاة والتسبيح بذكر الله وتقدمة القرابين ورحمة المحتاجين ولما رأى المحارب قوة عزم أيوب وطهارة نفسه وشجاعة قلبه طلب أن يسلبه جميع مقتنياته احتيالاً على استمالته إليه بطريق الكفر والضجر
ويا للعجب من ذلك الصديق كيف ظهر في حالة الفقر أعظم شجاعة مما كان في حالة الغنى؟ وكيف قدر الشيطان أن يسلبه كل مقنياته ولم يقدر أن يسلبه محبة خالقه ؟ وإذ لم يبلغ عدوه مقصداً ولا ظفر بهذه الواسطة رجع إلى شركه القديم الذي أصطاد به الانسان الأول وهو المرأة وجعل يطغيها مذكراً إياما بغناها السابق وما صارت اليه الآن من الفقر والمذلة لكى تذكر بعلها بذلك ثم تقوده إلى التذمر أما ايوب ذلك الشجاع القاهر فإنه عند سماع الفاظها جعل قلبه كالحديد القاسي وكحجر الماس في القوة على كسر المصادمات له حتى تكلل باكليل الظفر ونال تاج الغلبة وفاز بنعيم الملكوت هكذا ينبغي لنا نحن أن نصم آذاننا عن سماع الذين يريدون صدنا عن قبول أوامر الهنا حتى ولو كانوا من أقرب الأقربين إلينا كالزوجة والأولاد والأخوة وأن تكون طاعتنا لربنا ومحبتنا واحدة في حالة الغنى والفقر وأن نجعل أصوامنا نقية من الأدناس وأفكارنا سالمة من الهواجس الرديئة وأن نبتعد من القوم المستهزئين الذين يشابهون الصبيان فى سخافة عقولهم لان بعضهم يقولون نتنعم اليوم ونرتد غداً ويقول البعض الآخر أعطنى اليوم وخذ غداً ويقول الآخرون ليس للإنسان عمران وما دام لنا عمر واحد فلنقضه بالسرور والتمتع بالملذات الجسدانية كما ينبغي فهؤلاء يشبهون البهائم التي تنظر إلى يومها فقط ولا تحتسب ما يكون في الغد واما نحن فسبيلنا أن نطهر قلوبنا ونقهر شهواتنا ونستعد لمجاهدة عدونا ولنفوز بنعيم ربنا الذي له المجد إلى الأبد آمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
08 مارس 2025
قوة التوبة
نحنُ جِهادنا سلبىِ لأنّنا لَمْ ندخُل فِى حُب الله ،فأجِد التوبة تُقيِّد راحتىِ ،هكذا النَفْسَ الّلى تتوب طالما ربِنا قبل إِنّىِ أقترب لهُ وَجعلنىِ إِبن لهُ رغم إِنّىِ لَمْ أستاهله ،وَأنقذنىِ مِنْ أعدائىِ ،هل يليق إِنّىِ أنا أهين سُمعِته ؟ خِيانة ،أعطانا العِتق مِنْ العبوديّة ،أجىِ أنا بعد كِده وَ أُهينه وَ أُدنِّس إِسمه ،لو كُلَّ نَفْسَ أدركت حُب الله ما هان عليها أنْ تخونه أوْ نترُكه أوْ أكسر وصيّة مِنْ وصاياه ،مش مُمكِن كُلَّ ما أُدرِك صلاحه وَتحنّنُه علىّ [ أُعظِّمك يارب لأنّك إِحتضنتنىِ ] ، لمّتنىِ ، إِحتوتنىِ ، أنا لَمْ أستاهِل ، كُلَّ ما النَفْسَ ما تُدرِك عمل الله معاها كُلَّ ما تنفعِل أكتر وَتُحِبّه أكتر وَأكتر فِى قصّة بِتحكىِ عَنْ أب كان دايماً بينصِح بنته عشان تمشىِ فِى الطريق مُستقيمة ،لاَ تمشىِ لوحدِك وَلاَ تتكلّمىِ مع أحد أو رِجال ، البنت مِنْ بنات اليوم وَعاوزه تعيش على راحِتها ، وَكانت وصيّة الأب تقيلة عليها ، فِى يوم البنت حبِّت تتحدّى والِدها وَنزلت مِنْ وراه بالليل مُتأخِرة ، فالأب نِزل وراها مِنْ حنانه عليها لأنّهُ كان خايف عليها وَبيحبّها خالِص ، وَأثناء سيرها قابلت شباب وَإِتعرّفِت عليهُم وَأخذوها فِى منطقة خلاء عشان يسرقوا مصاغها وَيعتدون عليها وَفِى الوقت الحاسِم ظهر أبوها فتركوها الشباب وَإِتجهوا إِلَى والِدها ورأت والِدها وَهو يموت أمامها فجرت وَتركتهُمْ ، وَأخيراً أصبحت تشعُر بِحُب أبوها بعد أنْ رأتهُ يُضّحىِ بِحياته مِنْ أجلها أبوها الأول كان قيد ، دلوقتىِ أصبح حُب وحنان ، دلوقتىِ إِكتشفت حُبّه الحقيقىِ لها ، تقعُد تتخيّل أبوها وَحُبّه وَحنانه ، تقول كمْ كُنت جاهلة ، كمْ أهنتهُ وَتعيش على كلامه ، النَفْسَ الّلى أدركت صلاح الله تحيا فِى حُب الله وَلاَ تنظُر إِلَى الوراء أبداً ، خلاص بقى لاَ تُفكّر فِى خطايا شبابِى وَ جهلِى ( جهل ) علشان كده فِى نَفْسَ كلِمة الله بالنسبة لها جامدة ، مافيهاش تفاعُل ، مافيهاش حُب ، الإِنجيل صخر وَلاَ أجِد آية ، ده فِى المرحلة الأولى ، المرحلة الّلى بعد كده كُلَّ كلِمة رائِعة ، توصل إِنّك كُلَّ كلِمة فِى الكِتاب المُقدّس عايزة تكبّرِيها وَ تضعيِها على الحائِط ، مين يقدر يفهم الكلام ده ! إيه الكلام الرائِع ده ! مُمكِن الواحِد بِكلِمة واحِدة يسجُد وَ يبكِى وَ ينفعِل ، لكِن لو أنا أدركت الحُب الّلى فدانِى بِهِ ، وَ إِحتوانِى بِهِ تُبقى كُلَّ كلِمة تُبقى حُب جديد ، وَمِنْ قِراءة الإِنجيل أكتشِف توبتِى التوبة هى صحوة ، إِتبررنا بِهِ وَبِعمله وَ فِداؤه وَ خلاصه ، فِى أشعياء يقول[ قومِى إِستنيِرى لأنّهُ قَدْ جاء نورك وَمجد الرّبّ أشرق عليكِ ] ، كفاية نوم ، كفاية غفوة ، كفاية إِنسان يعيش بعيد عَنَ نور ربِنا وَعَنَ الفضيلة ، كفاية الإِنسان يعيش عُمره بِحالُه لَمْ يذُق فيها حُب الله ، كُلَّ الّلى يعرفه خبرات شر ، وَ نحنُ لَمْ نُخلق للشر ، نحنُ نُخلق للبِر ، كُلَّ ما تفعل الخطيّة تشعُر بوخز ضمير التوبة هى باب الأفراح ، التوبة هى أُم الدموع وَ الإِنسحاق ، مش مُمكِن تيجىِ دموع بِدون التوبة ، التوبة تُحطِّم كبرياء النَفْسَ وَ غرورها ، ما فيش حاجة تخلّيِنى أنسحِق فعلاً غير التوبة ، تفتِت القلوب الصخريّة ، حتّى وَ لو كان قلبىِ صخر ، التوبة تجعل الزُناة بتوليين ، فِى قوّة كامِنة فِى التوبة ، تقدر التوبة على كده ، النعمة قادِرة أنّ تُحّول الإِنسان مِنْ رئيس جماعة لصوص إِلَى أب وَ مُدّبِر لِجماعة رُهبان ، قادِرة التوبة أنْ تُغيِّر وَ تُقدّس ، قادِرة أنْ تُغيّر الإِنسان إِلَى إِبن لِمحبّة الله ، التوبة هى أُم الغُفران ، كيف نأخُذ الغُفران بِدون توبة إِنّ الآب المملوء رحمة لاَ يُغصِبك أبداً إِنْ طلبتِ منهُ أى شىء يُعطيِكِ ، وَسلّم لكِ مفاتيح الملكوت ، لاُ يُعطِى الملكوت إِلاّ للتائبين ، علشان كده أكتر شىء يُحزِن عدو الخير مُجرّد بس نيّة التوبة ، وَ يقول إِنتِ مش ناقصة إِحباط ، إِنّى لسّة متجرّب تجارُب ، إِنتِ تقولِى أنا لازِم أرجع لِحضن أبويا ، أنا بنت أحرار وَلىّ أنْ ألبِس الحُلّة الأولى ، كُلَّ ما هو لله هُو لىّ أكتر واحِد يُحارِب التوبة هُو الشيطان بالطُرُق المشروعة وَ غير المشروعة ، لأنّ التوبة هى عذاب عظيم للشياطين ، لأنّها تعتِق المسبيين الذّين سباهُمْ فِى شرّه ، تعب السنين الّلى تعبه الشيطان مع الأنبا موسى عملِته التوبة فِى ساعة واحدة ، طبعاً مَنْ ذا الذّى لاَ يُحِبك أيّتُها التوبة ، لأنّ عَنَ طريقها الفضائِل ،التوبة هى التّى تفُكِنِى مِنْ كُلَّ القيود ،[ الذّى قطّع كُلَّ رِباطات الخطايا ] ، تجعل مِنْ الإِنسان ملاك على الأرض القديس يوحنا الدرجِى عِندما جاء لِمصر وجد دير التائبين أوْ سِجن التائبين ، شاف ناس عايشين فِى توبة وَ تذلُّل ، ناس رِموش عينيها وقعت مِنْ البُكاء ، الشخص يقِف فِى وضع المُجرِم أوْ المُذنِب ، يكتِّف إِيده وراه ووِشّه فِى الأرض وَ يقول مزامير التوبة ، ساعتين تلاتة أربعة وَ الدموع تتساقط ، وجدت ناس ساهيين عَنَ أكل خُبزهُمْ وَإِنْ أكلوا يمزِجون طعامهُمْ بِدموعهُمْ ، شاف فيهُمْ قوّة توبة جبّارة وَشِدّة جِهادهُمْ يقول القديس أوغسطينوس [ أيّهُا الطريق وَالحق وَالحياة ، يا مُبدِّد الظُلمة وَ الشرور وَ الضلال وَ الموت ، أيّهُا النور الذّى بِدونك يصير الكُلَّ فِى ليل دامِس ، أيّهُا الطريق الذّى بِدونك لاَ يوجد سوى الضلال ، أيّهُا الحق الذّى بِدونك يُخيّم الموت على الجميع] فِى رومية 13 : 11- 12 [ أَنّهَا الآْنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيقِظَ مِنَ النّوْمِ ،قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَ تَقَارَبَ النَّهَارُ ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ ] - ( التوبة ) - ، أعذب كلام يفرّح النَفْسَ عَنَ التوبة ، لأنّ مجىء المسيح للعالم وَرِسالتهُ الأولى هى [ توبوا لأنّهُ قَدْ إِقترب ملكوت السماوات ] ، [ تناهى الليل وَ تقارب النّهار ] ، خلاص بقى يعنى نسلُك كأنّنا فِى النور طبعاً نور المسيح الخطيّة هى إِهانة لله وَ إِنفصال عَنَ الله ، إِفساد للصورة ، الخطيّة حُزن وَ مرارة وَ ذُل ، - دى الخطيّة – لكِن التوبة هى رِجوع لله وَ لأحضان الله ، - الأحضان الأبويّة - ، الخطيّة هى موت أوْ نوم أوْ غفلة ، القديس بولس الرسول يقول [ قوموا ] ، واحِد يقوم يتنقِل مِنَ الموت للحياة ، مِنَ اللاوعى للوعى ، واحِد يبتدِى يتيقِّظ ، يقظِة النَفْسَ وَ الرّوح وَ الضمير وَ العقل فِى الصوم المُقدّس الأناجيل تُحرِّكنا ، إِنجيل الإِبن الضال لاَ يُقرأ إِلاّ فِى الصوم الكبير علشان يكون لهُ تأثير ، وَهكذا السامِرية وَ المخلّع ، أجمل ما فِى قِراءات الكنيسة وضعتهُ فِى الصوم علشان تحرّكنا ، يلاّ نرجع مع الإِبن الضال ، مع السامِرية ، يلاّ مع المخلّع ، التوبة إِنتقال فِى داخِل الفِكر وَ العقل مرحلة فِى داخِل النَفْسَ يجِب أنْ تحدُث فِى كُلَّ يوم ، وَيجِب أنْ يتيقِّظ الإِنسان للتوبة فِى كُلَّ لحظات العُمر ، نتحرّر مِنَ عبوديّة العدو مِنَ أجل محبّة الله الخطيّة فِعل الشر ، التوبة فِعل البِر مش بس البُعد عَنَ الشر ،[ حِد عَنَ الشر وَأفعل البِر ] ، مش بس أبطلّ الخطيّة ، لازِم التوبة تأخُذ الفِعل الإِيجابِى ، هى ترك الخطيّة مِنَ القلب بِلاَ رجعة ، عزم وَتصميم لِحياة التوبة ، وَ القيامة مِنَ السقطة وَ الذلّة بِلاَ نهاية ، الإِنسان الّلى يكره شىء لاَ يرجِع لهُ ، الإِنسان الّلى يُستعبد لِشىء لاَ يرجع لهُ ، المكان الّلى يتهان فيه لاَ يرجِع لهُ ، كويس قوى إِنْ أبويا قبلنِى ، خلاص أرجع تانِى ، لأ كويس قوى قبلنِى وَ رحمنِى وَ غفر لِى خطيّتِى ، كفاية بقى صعب قوى إِنّ الإِبن الضال يرجِع تانِى بنتكلّم عَنَ التوبة كتير وَلكِنْ جوّانا كأنّ التوبة دى مُستحيلة ،الأنبا موسى الأسود كانت الخطيّة مسيطرة عليه لِدرجة جبّارة ،[ مِنَ يضع يدهُ على المحراث لاَ يرجِع ينظُر إِلَى الوراء ] ، تخيّلوا إِن عزمه وَ إِشتياقه لِعدم الرِجوع إِنّه يُقعُد مع أبوه الروحِى فِى يوم واحِد 13 مرّة ، يعنِى وضع فِى قلبِهِ أنْ لاَ يرجِع أبداً ، وَ التوبة هى إِنسان وضع فِى قلبِهِ أنْ يموت وَلاَ يسقُط القديسة سارة الراهِبة فِى الدير قعدِت 13 سنة يُحارِبها عدو الخير حروب ، بِحروب الجسد ، وَهى ثابِتة ، الّلى تاب لاَ ينظُر إِلَى الوراء ، الأمر مش سهل ، ياما مطانيات ، وَياما سجدات وَتوّسُلات وَدِموع للقادِر أنْ يُخلّصِها ، لأنّه رحوم وَقادِر على خلاصِنا لأنّهُ تألّمْ لِكى يُنقِذنا ، وَبعد 13 سنة جاء لها بِحرب الكبرياء وَالغرور ، ده إِنتِ ناسِكة وَإِنتِ غلبتِى ، ترُد عليه إِنّى إِمرأة ضعيفة وَلاَ أغلِب إِلاّ بِسيّدى يسوع المسيح ، فإِبتعد عنها القديسة مريم المصريّة سُلطان الخطيّة عليّها سُلطان رهيب ، قعدِت 17 سنة تُقاوِم آلام ، إِحنا فِى حرب لاَ تنتهِى مع وُلاة هذا العالمْ وَالسلاطين ، الّلى ذاق محبّة ربِنا وَغُفرانه إِبتدأ يدخُل فِى دائرة حُبِّهِ ، لا لنْ أكون كما كُنت مِنَ قبل ، مش هكون زى ما كُنت الأول أبداً ، النَفْسَ مُنفعِلة وَمُصمِّمة خلاص مش هبقى زى الأول أبداً ، لابُد أنْ نوصل للأشمئزاز وَترك الخطيّة ، مش مُمكِن ، مِثل الكلب الذّى يرجِع إِلَى قيئُة ، بعدما نُنظِف الخنزير لاَ يقعُد فِى حِتة فيها نظافة ، تخيّلوا إِنّى أنا أوصل فِى الخطيّة للدرجة دى القديس أوغسطينوس عزم فِى قلبِهِ ألاّ يرجِع أبداً ، لِدرجِة كان فِى سُلطان للخطيّة جوّه جسده ، وَكان فِى سِت متعلّقة بِهِ قوى ، وَهو كان تاب وَحبِّت أنْ تتودّد إِليّهِ وَتخبّط عليه ، فكان يقول لها وَلكِن لستُ أنا ، أوغسطينوس الذّى تعرفيه قَدْ مات ، خلع أسلِحة الظُلمة وَلبس أسلِحة النور ، خلع إِنسان الخطيّة ، [ قلباً نقيّاً إِخلقهُ فىّ يا الله ] ، عايزين قلب جديد يتخلِق ، حُب الله هُو الذّى يطرُد الخطيّة بِسِهولة مِنَ القلب قال أنا طوّبت الذّين أخطأوا وَتابوا أكتر مِنَ الذّين لَمْ يُخطِئوا ، أصل التوبة تُعطِى فرحة وَإِنتصار فهى لاَ تقِف عِند الأفعال القهريّة ، وَإِنْ كان فِى حُزن هُو بِلاَ ندامة وَهُو حُزن مُضىء [ إِحزنِى يانَفْسَىِ على خطاياكِ ] ، الحُزن الّلى يعقُبه فرحة ، يعقُبه إِنتصار وَقيامة وَإِنْ أنا إِنفكيت مِنَ الأسر بِضيق ، الفرح بالغُفران لاَ يِجِى بِسِهولة ،[ مُبارك الرّبّ الذّى لَمْ يُسلّمِنا فريسة لأسنانهُم ] ، مش شويّة ، كُلَّ ما أنا إِبتدأت أنْ أُحقِق وصايا الله وَإِنّى أنا إِبتدأت الأبديّة على الأرض تُعطِى فرحة للنَفْسَ بِغير وصف ، التوبة نهايِتها الكمال وَالقداسة البِداية لابُد إِنْ إِحنا نُعلِن رغبِة التوبة ، إِنّ الإِشتياق للتوبة توبة ، رفضِى للخطيّة أول خطوة ، النعمة تسنِد ، علشان كده المسيح يسأل الأبرص [ أتُريد أنْ تبرأ ؟ أُريد ياسيّد ] ،أنا بسألك دى ، إِعلان بِرغبة أكيدة ، إِنت تقدر ، علشان كده التوبة مش بس ترك الخطيّة بالفِعل ، لازِم الأول أتركها بالقلب وَالفِكر وَكُرهها وَالإِشمئزاز منها ، وَأستمر فِى عملية التنقية وَالتطهير طول عُمره ، يقول القديس العظيم الأنبا أنطونيوس [ أُطلبوا التوبة فِى كُلَّ لحظة مدى الحياة ] رِحلة ، رِحلة ترك الخطيّة بالفِكر وَالقلب ، القديس باسيليوس يعمل مُعادلة مِنَ مراحِل جميلة :[ يقول أول مرحلة جيّد ألاّ تُخطىء وَإِنْ أخطأت جيّد ألاّ تؤخِّر التوبة ، وَإِنْ تُبت فجيّد ألاّ تعود إِلَى الخطيّة ، وَإِنْ لَمْ تعُد للخطيّة فجيّد أنْ تعرِف أنّ هذا هُو بِمعونة الله ، وَإِنْ عرِفت فجيّد أنْ تشكُره على ما أنت عليه ] علشان كده النَفْسَ الّلى داقِت فرحِة الإِنتصار بِربِنا تعرِف يعنِى إيه تسبيح[ يُرسِلون تسبحة الغلبة وَالخلاص ] ، نَفْسَ لاَ تستطيع أنْ تسكُتْ ، فرحانة بِربِنا ، وَتُحِب أنْ تعيش فِى تسبيح لإِن هى حاسّة إِنْ أى قوّة وَأى بهجة هى مِنَ الله فِى سِفر الرؤيا لِكُلَّ الكنائِس يقول [ وَتُب ] ، كلِمة مُهِمّة جِداً ، أصعب ما فِى الأمر أنْ يصِل الإِنسان إِلَى حالة مِنَ التكيُّف مع الخطيّة وَلاَ يشعُر أنّهُ يُخطىء ، فكأنّ ذلِك حاجة طبيعيّة جِداً ، أصعب ما فِى الأمر أنْ يُعطِى الإِنسان أعذار وَيشعُر أنّهُ ليس بالإِمكان إِنّهُ أفضل ممّا كان ، وَيترُك نَفْسَه لسنين وَلَمْ يُقدِّم توبة صادِقة ، وَالخطيّة تثبت وَترسخ كانِت إِنطلاقة توبة داوُد إِنطلاقة جبّارة ، وضع لنا مزامير توبة ، مزمور التوبة ، لابُد أنّ الإِنسان يفوق مِنَ خطيّتة لئلاّ يشعُر إِنّه كده كويس ، لابُد إِن إِنفعال التوبة يُترجم إِلَى صلوات ، وَضعفِى قصاد الخطيّة يُترجم إِلَى صلاة ، لَمْ تُرى توبة بِدون صلاة مش مُمكِن ، هى الّلى أفتح فيها قلبِى وَأشكِى فيها همومِى هى التوبة وَالصلاة ، إِنْ عرِفتُم تائِب فهو مُصلّىِ ، وَإِنْ عرِفتُم مُصلّىِ فهو تائِب علشان تتمسّكِى بالتوبة بِغير سقوط عليِكِى إِن إِنتِ تتمسِّكِى بالصلاة بِغير فِتور ، طلب الصفح والغُفران فِى القُدّاس " لأنّك كثير الرحمة وَبار فسامِح وَأغفِر " ، لابُد إِن الإِنسان يعرِض خطاياه أمام الله وَفِى ثِقة أنّهُ يُخلِّص ربِنا يُعطينا مع الصوم مشاعِر توبة صادِقة بِلاَ رِجوع نُقدِّم فيها إِشتياقات أمام الله وَهو رحوم وَقادِر على خلاصِنا ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
07 مارس 2025
مائة درس وعظة (٦٦)
فهم الكلمة المقدسة
امين تعال أيها الرب يسوع (رؤ ۲۰:۲۲)
اولا مستويات فهم الكلمة المقدسة
١- القراءة اكتشاف
قال أحد الآباء في كل مرة نقرأ الكتاب المقدس، فنحن نبحث عن الكلمة بين الكلمات والمقصود ب" الكلمة" هنا هو ربنا يسوع المسيح و الكلمات، هي كلمات الكتاب المقدس، وكأن من يقرأ الكتاب يبحث عن ربنا يسوع المسيح القراء اكتشاف لأنك تعرف وتبحث ويعجبني من يقرأ الإنجيل بإحساس الصياد فالصياد يجلس امام البحر الكبير، وفي يده صنارة يريد أن يصطاد بها من هذا البحر الكبير وهكذا انت تجلس امام بحر الكتاب المقدس وبهذه الصنارة التي هي الصبر والمعرفة تحاول أن تصطاد لتعرف شخص السيد السيح وتكتشف الكلمة من بين الكلمات أن آخر أيه في الكتاب المقدس تقول امين تعال أيها الرب يسوع (رؤ ۲۰:۲۲)، وكأن عندما تقرأ ای نص أو أية أية او اي سفر، فإن قلبك يقول من الداخل امين تعال أيها الرب يسوع بمعنى اريد يارب أن اراك
٢- القراءة صلاة
يقول معلمنا داود النبي ، وفي ناموسه يلهج نهارا وليلا (مزا :۲) فيتحول ما تقرأه وما تدرسه وما تعرفه وما تفهمه إلى صلاة لذلك كثيرا ما نقضى فترة مع ربنا في مخادعنا، نقرأ الكتاب قليلا ثم نقف للصلاة نصلى ثم نقرأ الكتاب، فنشعر أن هناك ارتباطا قويا بين الصلاة والقراءة فالقراءة صلاة ويتحول ما نكتشفه في الكلمة المقدسة إلى صلاة لذلك يقول داود النبي في مزموره "بالنهار يوصی الرب رحمته وبالليل تسبيحة عند صلاة لإله حياتي (مز ٨:٤٢) ففى النهار رحمة اله تستر علينا وتقود خطواتنا، وفي الليل وقفة الصلاة والتسبحة وليس المقصود هنا التسبحة المكتوبة، لكن تسبحة الحياة كلها
٣- القراءة حياة
كما يقول الكتاب "فقط عيشوا كما يحق لانجيل المسيح" (في ٢٧:١) فالقراءة حياة ولكن ليس للخدام فقط بل لجميع أولادنا في الخدمة، وبلا شك نحن نعاني من ضعف في الكلمة المقدسة عند عدد كبير منا
ثانيا تداريب لقراءة الكتاب المقدس
توجد خمسة تداريب عامة يمكن أن تساعدنا في قراءة الإنجيل وهي:
١- اقرأ بانتظام كل يوم.
٢-اقرأ بنظام بترتيب الاصحاحات
٣- اكتب في كراسة خاصة بك.
٤- استعن بكتب التفسير والشروحات
٥- اقتن الكتاب ليكن لك الكتاب المقدس الخاص بك لكي ما تستطيع ان تضع به علامات.
قداسة البابا تواضروس الثانى
عن كتاب صفحات كتابية
المزيد
06 مارس 2025
بدعة سابيليوس والرد عليها
ثالثاً: بدعة سابيليوس والرد عليها
تم الحكم على بدعة سابيليوس فى مجمع القسطنطينية المسكونى الثانى عام 381م.
اعتقد سابيليوس بأن الله هو أقنوم واحد وليس ثلاثة أقانيم، أى أقنوم واحد بثلاثة أسماء. وأن هذا الأقنوم حينما خلقنا فهو الآب، وحينما خلّصنا فهو الابن، وحينما قدسنا فهو الروح القدس. ولذلك نحن لا نميل إلى عبارة: "الآب خالقنا، والابن مخلّصنا، والروح القدس مقدّسنا" بالرغم من أنها ليست خطأ نحن لا ننكر أن الآب خالق، وأن الابن هو مخلّص، وأن الروح القدس يقدّس فى الأسرار الإلهية (أى فى أسرار الكنيسة). ولكن هذه العبارة قد تعطى انطباعاً بأن ما يقوله سابيليوس هو صحيح. أو كأن الخالق هو الآب وحده، بدون الابن والروح القدس، وأن الابن هو المخلص وحده بدون الآب والروح القدس، وأن الروح القدس هو المقدس وحده بدون الآب والابن.
العمل الواحد للأقانيم الثلاثة والدور المتمايز لكل أقنوم:
أ- الخلق
نحن نؤمن أن الثالوث القدوس هو الخالق، وأن الأقانيم الثلاثة يعملون معاً مع تمايز دور كل أقنوم فى عملهم الواحد. فالسيد المسيح يقول "مهما عمل ذاك (أى الآب) فهذا يعمله الابن كذلك" (يو5: 19). ومثلما قيل فى المزمور "بكلمة الرب صنعت السماوات وبنسمة فيه كل جنودها" (مز33: 6) وهذا معناه أن الآب قد خلق السماوات ومن فيها بكلمته وبروحه القدوس. وفى سفر التكوين كُتِب "فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه. وقال الله ليكن نور فكان نور" (تك 1: 1- 3). ويلاحظ اشتراك الروح القدس والكلمة مع الآب فى خلق السماوات والأرض فى اليوم الأول للخلق، وبالتالى باقى أيام الخليقة الستة ومعلوم طبعاً أن الله الكلمة الابن الوحيد قد كُتب عنه "كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان" (يو1: 3). وقيل عنه أيضاً: "فإنه فيه خلق الكل ما فى السماوات وما على الأرض، ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين، الكل به وله قد خلق الذى هو قبل كل شىء وفيه يقوم الكل" (كو 1: 16، 17). فقد ورد فى الأسفار المقدسة الكثير مما يثبت أن الابن هو خالق أيضاً مثل الآب. وكما نقول فى القداس الغريغورى: "المساوى والجليس والخالق الشريك مع الآب" والمقصود بعبارة "الخالق الشريك" هو اشتراك الابن مع الآب فى الخلق وورد فى سفر أيوب: "روح الله صنعنى ونسمه القدير أحيتنى" (أى33: 4). وقد جاء ذلك على لسان أليهو بن برخائيل الذى تكلم الكلام الصحيح بعد أن أخطأ أصحاب أيوب الثلاثة فى كلامهم، وأجابهم أيوب بكلام لم يرض الله عنه، كما لم يرض عن كلامهم، فصحح أليهو للجميع فى النهاية بكلام قبله الله ولم يعترض عليه. وأيضاً ورد فى نفس السفر: "ولكن فى الناس روحاً ونسمة القدير تعقّلهم" (أى32: 8). وهذه الأقوال تعنى أن الروح القدس خلق الإنسان ومنحه الحياة وخلق فيه الروح العاقل لأنه يقول "نسمة القدير تعقلهم" ونحن نقول عن الروح القدس فى قانون الايمان أنه "الرب المحيى". ونقول فى صلاة الساعة الثالثة أنه "كنز الصالحات معطى الحياة" (القطعة الرابعة). إذن نحن نؤمن أن الروح القدس هو الذى يمنح الحياة للكائنات الحية. فهو مانح الحياة ورازق الحياة ومعطى الحياة.
ب- الخلاص:
أما بالنسبة للخلاص فإن الخلاص ليس هو عمل الابن وحده، بل هو عمل الأقانيم الثلاثة، وإن كان كل أقنوم له دور متمايز عن الآخر فى عمل الخلاص. وقال معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين "المسيح الذى بروح أزلى قدَّم نفسه لله بلا عيب" (عب 9: 14). أى أن الابن قدَّم نفسه ذبيحة لله الآب بالروح القدس. وبهذا نرى أن الله الآب كان " فى المسيح مصالحاً العالم لنفسه" (2كو5: 19). وفى ألحان الكنيسة وتسابيحها وصلواتها نقول عن الابن المتجسد "هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتّمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة" (لحن (Vai etaf enf
ج- عند نهر الأردن:
وفى نهر الأردن كان الابن فى المياه يؤسس المعمودية المقدسة، والآب إذ انفتحت السموات يقول "هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت" (مت3: 17)، والروح القدس آتياً ومستقراً على الابن المتجسد بهيئة جسمية مثل حمامة.
د- التجسد:
وفى التجسد كوَّن الروح القدس ناسوتاً للابن ليتحد به اتحاداً أقنومياً (أى اتحاد لاهوت الابن بناسوته) فى نفس لحظة تكوين ناسوت الابن. كما قدّس مستودع العذراء مريم وقال الابن فى المزمور الأربعين واقتبسها أيضاً القديس بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين "ذبيحة وقرباناً لم تُرِد ولكن هيأت لى جسداً. بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر. ثم قلت هأنذا أجيئ فى درج الكتاب مكتوب عنى لأفعل مشيئتك يا الله" (عب10: 5–7). وقد اقتبس القديس بولس هذا النص من الترجمة السبعينية Septuagint الابن هنا يقول للآب إنك لم تسر بذبائح العهد القديم، وقد جئت لأصنع مشيئتك وأقدم جسدى ذبيحة مقبولة تسر أنت بها، وأنت الذى هيأت لى هذا الجسد (مقصود طبعاً الناسوت الكامل جسداً وروحاً عاقلاً). وهنا نلاحظ أن تكوين جسد يسوع منسوب إلى الآب وليس إلى الروح القدس وحده، وأيضاً قيل أن "الذى حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت1: 20). فهل الروح القدس هو الذى هيأ الجسد أم الآب؟ لا نستطيع أن نفصل. إن الروح القدس هو الذى كوّن الناسوت بما فى ذلك الجسد فى بطن العذراء، ولكنه كوّنه بقدرةٍ إلهية هى من الآب بالابن فى الروح القدس كما قال الآباء ولذلك قال القديس كيرلس الكبير إن الله الكلمة قد كون لنفسه ناسوتاً من بطن العذراء مريم بواسطة الروح القدس وهذا يتفق تماماً مع ما أوردناه، ويتفق أيضاً مع ما قاله السيد المسيح أن كل ما يعمله الآب يعمله الابن أيضاً "لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك" (يو5: 19). وقال أيضاً "أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو5: 17) شهود يهوه مثلاً يركّزون على الآية التى تقول "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل" (يو 5: 19) فنرد عليهم بقولنا إن الابن لا يعمل من ذاته لأنه لا يعمل فى استقلال عن الآب. فكل ما يعمله الآب يعمله الابن وأيضاً الروح القدس لكن مع تمايز الأدوار فى العمل الإلهى الواحد للثالوث. العمل واحد والأدوار متمايزة.
ه- الجلجثة:
مثلاً فى الجلجثة الابن كان يقدم نفسه للآب، فكان لابد أن يشتَّم الآب هذه الذبيحة رائحة سرور ورضا ويتنسم نسيم رائحة طيبة ذبيحة مقبولة (كما قال بولس الرسول لأهل فيلبى عن التقدمات التى قدموها له). لو غاب الآب عن المشهد، فمن الذى يقدم الابن نفسه له؟
لتقريب المفهوم نقول أن الآب هنا أخذ دور الديان بأنه هو الذى يأخذ للعدل الإلهى حقه، مع أن العدل الإلهى هو فى الآب والابن والروح القدس، لكن لكى ينفع العمل لابد أن يأخذ واحد دور الذبيح أو الشفيع والآخر يأخذ دور الديان الذى يتقبل الذبيحة كترضية للعدل الإلهى. هنا العمل واحد وهو الخلاص، لكن للآب دور لا يستطيع أن يغيب عنه وكذلك الابن وأيضاً الروح القدس. ومن خلال الطقس تشرح لنا الكنيسة هذه العقيدة ببساطة وبطريقة محببة وسهلة الاستيعاب، فنقول فى اللحن "هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة".
و- الحياة والعطايا:
كل شئ فى الوجود هو من الآب بالابن فى الروح القدس حتى الحياة نفسها. صحيح أن الروح القدس هو مانح الحياة لكن الحياة أصلها فى الآب، كما قال الآباء أن كل عطية وكل طاقة أصلها فى الآب وتتحقق من خلال الابن فى الروح القدس أو بواسطته. الجوهر واحد وتخرج منه طاقة وقدرة، وهى لا تخرج من الآب وحده أو الابن وحده ولا الروح القدس وحده. هى صادرة من الثالوث لكن كل أقنوم يؤدى دور معين حتى تتحقق هذه القدرة.
أقوال للآباء:
وإليك بعض أقوال الآباء فى أن كل عطية وكل طاقة أصلها فى الآب تتحقق خلال الابن فى الروح القدس.
القديس غريغوريوس أسقف نيصص: "كل عملية تأتى من الله إلى الخليقة، وتسمى بحسب فهمنا المتنوع لها. لها أصلها من الآب وتأتى إلينا من خلال الابن وتكتمل فى الروح القدس".
القديس أثناسيوس: "الآب يخلق كل الأشياء من خلال الكلمة فى الروح القدس"وأيضاً القديس أثناسيوس "الآب يفعل كل الأشياء من خلال الكلمة فى الروح القدس" وكذلك قال القديس أثناسيوس: "من الواضح أن الروح (القدس) ليس مخلوقاً، ولكنه يشترك (له دوره) فى عملية الخلق. لأن الآب يخلق كل الأشياء من خلال الكلمة فى الروح (القدس)؛ لأنه حيثما يوجد الكلمة، فهناك الروح أيضاً، والأشياء التى خلقت من خلال الكلمة تأخذ قوتها الحيوية (خارجة) من الروح من الكلمة. لذلك كُتب فى المزمور الثانى والثلاثون "بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل قواتها".
لقب المخلص:
الخلاص هو عمل ثالوثى أما التسمير على الصليب فهو دور الابن، وفى المقابل كان للآب دور مرافق أو مشارك فى نفس العمل وهو قبول الذبيحة التى قدم الابن بها نفسه. والابن قدم نفسه ذبيحة بالروح القدس. ولعل الروح القدس كانت ترمز إليه النار الإلهية التى تنزل من السماء وتلتهم الذبائح التى كانت تقدم على المذبح فى العهد القديم. فهو النار الإلهية التى تُصعد الذبيحة وقد ورد فى رسالة معلمنا بولس الرسول لتلميذه تيطس ما يؤكد أن الآب له لقب المخلص كما أن الابن له لقب المخلص فقال "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال فى بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغُسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنىً علينا بيسوع المسيح مخلصنا" (تى3: 4-6). هنا معلمنا بولس الرسول يلَّقب كل من الآب والابن بلقب "مخلصنا". فالآب سكب الروح القدس بغنى علينا باستحقاقات الخلاص التى تممها يسوع المسيح. فعبارة "مخلصنا الله" فى هذه الآية لا يمكن أن تكون إلا على الله الآب الذى سكب الروح القدس بيسوع المسيح. ولا يستقيم الكلام هنا إن إفترضنا أن عبارة "حين ظهر لطف مخلصنا الله" تعود على الابن لأنه لا يقال عن الابن أنه قد سكب الروح القدس علينا بيسوع المسيح وكأن الابن هو الفاعل والمفعول فى آنٍ واحد. كما لا يستقيم الكلام إن إفترضنا أن "مخلصنا الله" تعود على الروح القدس لأنه يكمل بقوله "الروح القدس الذى سكبه علينا".
هرطقة الأقنوم الواحد وعبارة "الله محبة":
إذن لا يمكننا أن نقبل هرطقة سابيليوس التى تقول بالأقنوم الواحد لأن الديانة المسيحية مؤسسة على أن "الله محبة. ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه" (1يو 4: 16). وقيل أيضاً "من لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة" (1يو 4: 8) إن الله محبة، فالمحبة هى صفة جوهرية فى الله، ولابد أن يمارسها ممارسة حقيقية قبل أن يخلق الخليقة. ولا يمكن أن نتصور الجوهر الإلهى بدون هذه الصفة! ونظراً لأن وجود الجوهر الإلهى لا يتوقف على وجود الخليقة وإلا كانت الخليقة هى جزءً من الله، أو هى الله، وهذا مستحيل، إذن فالحب هو فى الله قبل كل الدهور وقبل أن توجد الخليقة، ولا يمكن أن يوجد الحب دون أن توجد الأقانيم التى تتبادل هذا الحب والحب الثالوثى غير المحدود، هو كمال المحبة المطلقة. لهذا قال السيد المسيح قبل صلبه للآب "لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (يو17: 24). وقال أيضاً عن تلاميذه: "وعرَّفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم" (يو 17: 26). إذن فرسالة السيد المسيح كانت تهدف إلى مصالحة الإنسان مع الله بالفداء لكى يتمكن من التمتع بهذا الحب الذى تتبادله الأقانيم قبل كون الخليقة. ولا يمكن أن يُفهم الله فهماً حقيقياً إلا من خلال هذا المنظور فعقيدة سابيليوس تؤدى إلى انهيار الديانة المسيحية. لأن معناها أن الله إذا أحب قبل أن يخلق الخليقة فإنه سوف يحب ذاته وهذه أنانية نربأ بها عن الله. وقد صدق أحد الفلاسفة المسيحيون الفرنسيون حينما قال: "أن نحب معناها أن نوجد – وأن نوجد معناها أن نحب" أى أن الوجود بدون المحبة يفقد قيمته ومعناه.
الأقنوم كائن حقيقى له إرادة:
ومن أخطر الأمور فى هرطقة سابيليوس أنه يحوِّل الأقانيم إلى مجرد أسماء. ولكن الأقنوم هو كائن حقيقى مثلما نقول للابن فى القداس الغريغورى: "أيها الكائن الذى كان.. والمساوى والجليس مع الآب". ويقول القديس يوحنا فى إنجيله "وحيد الجنس الإله الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر" (يو1: 18). فكيف يُدعى الابن الوحيد الجنس وأنه فى حضن الآب ويكون – حسب رأى سابيليوس- هو مجرد اسم من أسماء الآب أو حتى صفة من صفاته؟!! أنه أقنوم حقيقى يتمايز بخاصية البنوة وله شخصيته الخاصة به، ولكنه واحد مع الآب فى الطبيعة والجوهر، وواحد معه فى الربوبية والملك والمجد والقدرة كل أقنوم يحب الأقنومين الآخرين بحرية مطلقة، ولكن أيضاً فى وحدانية مطلقة. ولهذا فالأقانيم لها إرادة واحدة من حيث النوع، وثلاث إرادات من حيث العدد. بمعنى أن كل أقنوم له إرادة ويحب بحرية الأقنومين الآخرين، لكن هذه الإرادة غير منفصلة فى طبيعتها عن إرادة الأقنومين الآخرين، لأن نوع الإرادة واحد ويجمعهم جوهر واحد وطبيعة إلهية واحدة. فما يقرره الآب يقرره الابن ويقرره الروح القدس بالطبيعة وبإلغاء سابيليوس لأقنومية الابن وأقنومية الروح القدس تنهار عقيدة الفداء فى المسيحية، لأن الابن قدّم نفسه ذبيحة مقبولة لأبيه السماوى، فكيف يقدم نفسه لنفسه ويتم الفداء؟!َ! وكيف يخاطب أحدهما الآخر مثلما قال السيد المسيح: "أيها الآب قد أتت الساعة. مجّد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً" (يو17: 1) كما أن الآب قد قال سابقاً رداً على قول الابن "أيها الآب مجّد إسمك" (يو12: 28) "مجّدت وأمجد أيضاً" (يو12: 28). كيف يخاطب أحداهما الآخر إن كان أقنوم الآب هو أقنوم الابن وكيف يرد عليه؟!! إن هذا التعليم السابيلى (أى تعليم سابيليوس) يتجاهل كثير من آيات وأحداث الكتب المقدسة فى العهدين القديم والجديد.
إدانة سابيليوس:
وقد حرم مجمع القسطنطينية هرطقة سابيليوس الذى عاش فى زمن سابق لتاريخ انعقاد المجمع (أما مقدونيوس فكان هو بطريرك القسطنطينية وقت انعقاد المجمع). أى أن سابيليوس حُرم بواسطة المجمع بعد وفاته، لأن تعاليمه كانت هرطوقية، وقد مات وهو يعلِّم بها، فلهذا حرمته الكنيسة هو وتعليمه. مثلما حُرم كل من ثيئودور الموبسويستى (معلم نسطور) وديودور الطرسوسى بعد وفاتهما وذلك فى مجمع القسطنطينية الثانى 553م التالى لمجمع خلقيدونية (كما حرمتهما كنيستنا أيضاً قبل ذلك التاريخ) قد اعترض البعض على حرم أحد بعد وفاته، ولكن حرم الآباء فى مجمع القسطنطينية لسابيليوس بعد وفاته دليل على صحة هذا الإجراء. إنها هرطقات وقد مات أصحابها وهم يعلّمون بها وكان أبوليناريوس قد أدين قبل المجمع المسكونى فى القسطنطينية 381م فى عدة مجامع مكانية: فى روما 377م، وفى الإسكندرية 378م، وفى أنطاكية 379م. هذه المجامع أدانت هرطقة أبوليناريوس ثم أدين فى المجمع المسكونى الثانى الذى انعقد فى القسطنطينية 381م. وكان هو أسقف لاودكية وتوفى سنة 390م (أى عاش بعد المجمع تسع سنوات) ولاودكية هى مدينة اللاذقية اليوم فى سوريا.
نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة
المزيد
05 مارس 2025
صورة الله
مَنْ هُو الإنسَان؟
لعل هذا السؤال
يُوجَّه إلى كل إنسان: منْ أنت؟ وما هو الإنسان؟
وقد يجيب البعض بأن الإنسان هو جسد وروح ونفس، حسبما قال القديس بولس الرسول«ولتُحفَظ روحكم وجسدكم ونفسكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح »(1 تس 23:5 ) أو يجيب البعض بلون من الاتضاع الإنسان هو تراب ورماد، حسبما قال أبو الآباء والأنبياء إبراهيم «شرعتُ أن أكلم المولى، وأنا تراب ورماد » ( تك 27:18 ) أو يجيب البعض بأن الإنسان مخلوق حيّ عاقل ناطق حرّ مريد على أن أحسن إجابة تحمل المعنى الروحي والمعنى اللاهوتي هي أن الإنسان صورة الله، شبهه ومثاله فهكذا قال الرب الإله في
قصة خلق الإنسان «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه » ( تك 26:1 -27) تواضع كبير من الله، أنه خلق الإنسان على صورته لقد خلقه على صورته، وأراد له أن يحتفظ بهذه الصورة الإلهية إن كنت صورة الله، فأنت إنسان بالحقيقة وإن لم تكن كذلك، فلا تكون إنسانًا حسب قصد الله وحكمته في خلقه ولعل الإنسان بصورته الإلهية، هو ما كان يبحث عنه ديوجين الفيلسوف أو هو الصورة المثالية للإنسان في ما يقصده المفكرون بعبارة سوبرمان Super Man على أن الإنسان عندما خلقه الله كان أرقى بكثير مما يجول بذهن المفكرين والفلاسفة وطبعًا ليس المقصود بالصورة الإلهية للإنسان، أنه يشابه الله في صفاته الإلهية الذاتية مثل الأزلية، والوجود في كل مكان، والقدرة على
كل شيء، ومعرفة الغيب، وما إلى ذلك مما يخص الله وحده وسنبحث هذا الموضوع في النقاط التالية:
كيف كان الإنسان على صورة الله حينما خُلق، قبل سقوطه طبعًا.
كيف فَقَد الصورة الإلهية؟
محاولات للرجوع إلى الصورة الإلهية جزئيًا.
في الأبدية يكون الاتساع على صورة الله بطريقة أفضل فما هي الصفات التي كان فيها الإنسان على صورة الله؟
وعندما نتحدث عن هذا الأمر، فبلا شك نقصد روح الإنسان.
1- لقد خُلق على صورة الله في الطهارة والبر والقداسة فقبل السقوط كان الإنسان في منتهى البراءة وفي منتهى الطهارة والشفافية آدم وحواء كانا عريانين، وهما لا يشعران بهذا في حالة من الطهارة القصوى، كالأطفال كذلك فإن الحية (أي الشيطان) خدعت أمنا حواء وكذبت عليها بينما أمنا حواء ما كانت تعرف ما هو الكذب ولا الخديعة، ولا تعرف الشك فيما يقوله الغير مثل هذه الأمور ما كانت تُعرَف أن أحدًا يمكن أن يكذب أو يخدع، إذ كانت بسيطة جدًا وطاهرة.
2- كان الإنسان أيضًا على صورة الله في الكمال ونقصد طبعًا الكمال النسبي فالله هو الوحيد الذي له الكمال المطلق ولكن الإنسان يمكن أن يكون كاملاً بالنسبة إلى مستواه ومقدرته، وحسب مقدار النعمة المُعطاة له، وعمل الروح القدس فيه،ومدى تجاوبه مع عمل الروح القدس وهكذا كان الإنسان بلا لوم وإن كان قد كُتِب في سفر التكوين أن الله نظر إلى كل ما خلقه فإذا هو حسن جدًا ( تك 31:1) فبلا شك أن هذا كان ينطبق أيضًا على آدم وحواء وحتى بعد سقطة الإنسان، نقرأ في الكتاب المقدس عن بعض أشخاص أنهم كانوا كاملين،كما قيل عن أبينا نوح الذي بنى الفلك أنه كان كاملاً ( تك 9:6 ). كذلك قيل عن أيوب أنه كان رجلاً كاملاً ( أي 1:1 ).
3- الإنسان خُلِق أيضًا على صورة الله في السلطة لقد قال له الله «أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحروطير السماء وعلى كل كائن حى يدب على الأرض » ( تك 1: 2 ) ونفس هذه البركة والسُلطة أعُطِيت لأبينا نوح بعد رسو الفلك، وكما كُتِب في سفر التكوين، الأصحاح التاسع.
4- الإنسان أيضًا خُلِق على صورة الله كسيد وملك على كل الخليقة وعندما فقد صورته الإلهية بدأت الخليقة
تتمرد عليه الحية تسحق رأسه ( تك 15:3 ) وبعض الحيوانات أصبحت وحوشًا يمكن أن تقتله والأرض نفسها ما عادت تعطيه قوتها( تك 12:4 ) وهكذا فقد سلطته.
5- هو أيضًا كان على صورة الله في القوة فالإنسان الروحي يكون دائمًا قويًا ولا أقصد قوة الجسد، كما كان شمشون وإنما يكون قويًا في شخصيته، وفي تفكيره وإرادته واحتماله، وفي نصرته على حروب الشيطان إلخ والنفس القوية لا تهتز ولا تخاف ولا تتردد ولا تيأس والذي على صورة الله حتى الآن لا يخاف على الإطلاق وكمثال لذلك داود النبي والملك الذي قال في ( مز3:27 )«إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي وإن قام علىّ قتال، ففي هذا أنا مطمئن » ولذلك فإن الخائفين لا يدخلون ملكوت الله ( رؤ 8:21 ) إن الأنبياء والقديسين قدموا صورة عميقة لعدم الخوف، كما كان القديس أنطونيوس في البرية، أو القديس أثناسيوس الذي قيل له: «العالم كله ضدك » فأجاب: «وأنا ضد العالم »، لذلك دُعِي «أثناسيوس الذي هو ضد العالم » Athanasius Contra Mondum وأيضًا الشهداء إذ كانوا في صورة الله، ما كانوا يخافون دانيال النبي ما كان يخاف جب الأسود )دا 16:6 (والثلاثة فتية ما كانوا يخافون أتون النار ( دا 17:3 ).
6- أيضًا الذين في صورة الله، يكونون دائمًا ناجحين كما نقرأ في المزمور الأول لداود أن الأشخاص الأبرار يكونون كشجرة مغروسة على مجاري المياه تعطي ثمرها كاملاً في حينه، وورقها لا ينتثر، وكل ما يعملونه ينجحون فيه ( مز 3:1 ) كذلك قيل عن يوسف الصديق إنه كان رجلاً ناجحًا ( تك 2:39 ) لذلك فإن الإنسان الفاشل لا يكون في صورة الله.
7- الإنسان أيضًا خُلق على صورة الله في التواضع حقًا إن الله هو المتواضع الوحيد لأنه وهو العالي جدًا، ينزل إلى مستوانا ويتعامل معنا يتكلم معنا، ويستمع إلى صلواتنا ولكن الإنسان يمكن حسب مستواه أن يكون متواضعًا على الأقل إذ يعرف أنه تراب ورماد، لا يميل إلى أفكار الكبرياء والمجد الباطل، ظانًا في نفسه أنه أعلى ما ينبغي ولذلك فالشخص المتكبر لا يكون في صورة الله.
8- الإنسان على صورة الله في أمور كثيرة، كالمحبة مثلاً كما قال القديس يوحنا الإنجيلي «الله محبة من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه »( 1يو 16:4 ).
9- الإنسان أيضًا على صورة الله في الجمال الله جميل، وكذلك الملائكة وعندما خُلق الإنسان الأول على صورة الله، كان جميلاً كان آدم جميلاً جدًا، وكانت حواء جميلة جدًا، وأيضًا قيل نفس الأمر عن بعض أشخاص كما قيل عن موسى النبي ( خر 2:2 ) وعن داود النبي، كل منهما كان جميلاً جدًا ( 1صم 42:17 ) ولكن الخطية تغير ملامح الإنسان، فيفقد جمال وجهه وجمال جسده وجمال روحه.
10- الإنسان أيضًا هو صورة الله من جهة النور الله هو نور العالم كما ذُكر في ( يو 21:8 ) هو أيضًا النور الحقيقي ( يو 9:1 ) والإنسان كصورة الله، قيل عنه «أنتم نور العالم » ( مت 14:5) بهذا الوضع، فإن رسالة أولاد الله أن ينقلوا صورة الله إلى العالم إن الله يريدنا أن نكون مثله حتى في العمل أن نسلك في طرقه، وتكون لنا نفس مشيئته على الأرض كما في السماء وأن نتحدث كما لو كان الله ينطق من أفواهنا فننطق بكلامه، كما قيل «لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم » ( مت 20:10 ) أيضًا كصورة الله، نقوم بعمله في حياتنا،حتى أن كل من يرانا، يقول: «حقًا هؤلاء هم أولاد الله إنهم مثل أبيهم السماوي لأن لهم نفس صورته » كل من يرى أولاد الله في محبتهم وهدوئهم ورقتهم، وفي مثالهم الحي في قداستهم،فإنه يمجد أباهم الذي في السموات إن ربنا يسوع المسيح قد صعد إلى السماء، ولكنه ترك صورته في تلاميذه لينقلوها من جيل إلى جيل ولكن لعل البعض يقول: «كيف يمكن أن يكون الإنسان صورة الله بينما الله غير محدود؟!
فهل الإنسان غير محدود؟! » طبعًا لا فالإنسان بلاشك محدود، ولا يمكن أن يكون مثل الله الذي هو غير محدود على أيّة الحالات، الله خلقه على صورته،ووضع فيه الاشتياق إلى غير المحدود وكنتيجة لذلك فإن الإنسان في طبعه الطموح وعدم الاكتفاء، والجهاد لأجل النمو وكمثال لذلك بولس الرسول الذي تعب أكثر من جميع الرسل ( 1كو 10:15 ) واُختُطِف إلى الفردوس( 2كو 1:12 ) إلى السماء الثالثة على الرغم من كل ذلك فإنه يقول «لست أحسب نفسي أني أدركت بل أنسى ما هو وراء، وامتد إلى قدام » (في 13:3 ).
مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث
المزيد
04 مارس 2025
يوم الثلاثاء من الأسبوع الثاني (مر ۱۰: ۱۷-۲۷)
[ وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ، رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَنَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلَّا وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لَا تَزْنِ. لَا تَقْتُلُ. لَا تَسْرِق. لَا تَشْهَدْ بِالرُّورِ. لَا تَسْلُبْ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، هذه كُلُّهَا حَفَظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: يُعْورُكَ شَيْءٍ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلِّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَيْرٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتَّبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِينَاً، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ. فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الْأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! فَتَحَيَّرَ التَّلَامِيذُ مِنْ كَلامِهِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضاً وَقَالَ لَهُمْ: «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الْأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُص؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، لأَنَّ كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ ].
الشاب الغني وتبعية المسيح
نحن هنا أمام إنسان كامل من جميع ما يُطلب من الإنسان اليهودي، فهو مؤدب ويحترم المعلمين، وهو كما سنرى حفظ الناموس كله منذ حداثته، أما كونه ذا أموال كثيرة ففي اليهودية هذا يُعتبر نجاحاً ليهوديته وتوفيقاً من الله ومجالاً كبيراً لعمل الخير والصلاح. كذلك واضح أن هذا الغني الذي حفظ الناموس يعرف جيداً أن هناك حياة أبدية يرثها الذين أكملوا الناموس، فهو يسأل عما يعمله أكثر من حفظ الناموس ليرث الحياة الأبدية. إلى هنا لا نجد غباراً على هذه الشخصية اليهودية التي تسعى نحو الحياة الأبدية. وهو حينما جثا أمام المعلم أعلن جهاراً الطاعة الكاملة والخضوع لكل ما يشير به المعلم، ودعاه صالحاً توقيراً منه المعلمه منتظراً المشورة لما يعمله بعد أن أكمل الناموس، وكان أمله أن يدله على عمل يكمل الناموس باستخدام ثروته، ولا مانع إذا كان يأخذ منها المعلم شيئاً نظير مشورته. فابتدره المسيح بأن رفض لنفسه لقب الصلاح كمعلم، فالصلاح الله وحده وليس للمعلمين «فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ، وَقَالَ لَهُ: يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اِذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْرٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتَّبَعْنِي حَامِلاً الصليب» هذه أول مرة في الأناجيل يُصرح أن المسيح أحب إنساناً، وحينما يقول الإنجيل إنه أحبه فيعني أنه أحبه شاب غني يحفظ الناموس باهتمام منذ صباه ويذهب وراء المعلمين يسأل باهتمام ماذا أعمل بعد حفظي الناموس حتى أرث الحياة، هذا نموذج فريد لا يمكن أن نجد في كلامه أو سلوكه أي خطأ ولكن للأسف لقد أخفق الفتى فيما أخفقت فيه إسرائيل كلها، لقد سحرها مالها وغناها ونسيت إلهها وعبدت كل ما عداه، ولكن إسرائيل جاءها المسيح يطلب ودها فرفضته، وذبحته، وهذا الغني جاء يطلب ود الله ولكن كان قد اقتنى مالاً كثيراً فحجزه عمن أحبه.
"اذهب بع كل ما لك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء"
عملية تحويل بديعة وناجحة ومربحة بالدرجة الأولى، تحويل مدخراتك من بنك الأرض إلى بنك الأرصدة المرصودة لحساب الحياة الأبدية ومقره السماء، حيث لا ينقب سارق ولا يفسد سوس بأرباح مركبة المسيح هنا يقدم المشورة الناجحة للغني الساعي الميراث ملكوت الله، والمسيح لا يقدمها من فراغ بل يقول وهو الضامن لما يقول، وأمر يسوع يخرج مدعماً بقوة على التنفيذ، فمهما كان الأمر صعباً وشبه مستحيل ففي أمر المسيح ضمان التنفيذ والنجاح، لأنه لم يعد قولاً عادياً، بل أمراً يتحمل المسيح شخصياً لا نجاحه فقط بل ويتحمل أيضاً كل مسئولية تنشأ أثناء التنفيذ وبعد التنفيذ، لأنه لم يصبح أمراً عادياً بل رهاناً على مصداقية المسيح فكل من سمع وآمن وأطاع ونفذ يتحقق من مصداقية المسيح، ويرى ويعاين مجده «إن آمنت ترين محد الله».
«وتعال اتبعني حاملاً الصليب»
إن هو حقا باع وألقى بنفسه على رجاء أمر المسيح؛ يحمله المسيحويضعه على الطريق وإذ يكون قد تحرر من حمله الثقيل يستطيع أن يسير ويتبع المسيح. والذي باع كل ما له لم يعد له ما يستحق أن ينظر وراءه، ففي الحال يرى السماء مفتوحة، ويأتي إليه من يضع علامة العبور على كتفه.
«فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ» .
لقد سحر المال ذلك الغني فقيمه بأكثر من الحياة الأبدية التي جاء يطلبها ودله عليها المسيح لأنه لما وازن بين المال والملكوت زين له العدو عظمة الغنى في هذا الدهر، فانطفأت جذوة الحياة الأبدية من قلبه فاغتم ومضى حزيناً على أشواق ذهبت ولن تعود وهذا هو الغم الذي اشتراه بأمواله، وهذا هو الحزن الذي ورثه له غناه!
«فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الْأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! فَتَحَيَّرَ التَّلَامِيذُ مِنْ كَلَامِهِ».
هنا القديس مرقس ينقل عن شاهد عيان دقيق الملاحظة يستطيع أن يقرأ الحركات والسكنات ويحولها إلى لغة وأوصاف. فالمسيح هنا ينظر حوله ليستطلع مدى تأثر التلاميذ بالدرس العملي الذي ألقاه عليهم على مستوى وسيلة الإيضاح فالشاب الغني كاد يبكي على حال غناه إذ جعله المسيحيقف موقفاً حاسماً من نفسه: المال أم الملكوت؟ فاختار المال ومضى مغموماً حزيناً!! وكأن المسيح يقول لهم بنظراته أسمعتم ورأيتم كيف وقف المال عثرة كؤود في طريق الملكوت؟ وبعدها قال حكمه الإلهي: «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله».
«فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُص؟»
كلام المسيح لا يخضع لمنطق العالم، والخلاص أيضاً لا يخضع لمنطق أبناء هذا الدهر، ولكن باستطاعة الله أن يخلص الغني ويخلص كل إنسان، إن هو سمع صوت دعوة الله. وكل إنسان يتعذر خلاصه إن هو أراد أن يخلص نفسه، ولكن إن سلم حياته للمسيح خلص: «آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك».
وأخيراً نقول : الخلاص ليس في يد إنسان بل في يد الله، فلا نستطيع نحن أن تدبر الخلاص لأنفسنا. فالخلاص هو باستطاعة الله وحده، لذلك من الخطأ بل والخطية أن نسأل مَنْ يستطيع أن يخلص؟ لأنه لا يستطيع الإنسان أن يُخلّص نفسه، هذا باستطاعة الله وحده خلوا من غنى أو فقر. شيء واحد تعلمناه من درس هذا الغني أنه إن لم يبع الإنسان كل ماله ويعطي الفقراء ويتبع المسيح حاملاً صليبه، فعسير عليه أن يخلص!
المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
03 مارس 2025
في الصوم: "لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً"
ونحن على أبواب الصوم الكبير، لابد أن نستعد للعمل الروحي الجاد وبداية هذا الاستعداد أن نتمنطق بمنطقة روحية لقد كان إيليا النبيّ متمنطقًا بمنطقة (2مل1: 8) وكان يوحنا المعمدان يلبس «مِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقَوَيْهِ» (مر1: 6). وقد أوصي السيد المسيح الرسل قائلًا «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً» (لو12: 35) كما كانت المنطقة أحد أجزء ملابس الكاهن في العهد القديم (خر28: 4) ومن ملابس الأب الأسقف في العهد الجديد "الحياصة"، وهى حزام عريض من الكتان أو الحرير يتمنطق بها رئيس الكهنة فوق صدره وتُسمى باليونانية ζωναρίο ، ويُضم طرفاها بواسطة قفل من الأمام ترمز المنطقة إلى:
1- حياة الجهاد والاستعداد: يلبس العبد منطقة تساعده على سرعة الحركة في خدمته لسيده وضيوفه (لو17: 8) كما كان الجندي الرومانيّ يشد وسطه بمنطقة جلدية على حقويه، مُثبتًا عليها صفائح فولاذية أو حديدية هذه المنطقة يشدها الجندي كأول استعداد له للدخول في المعركة، فهي من جهة تعطي شيئًا من الصلابة لظهره، كما تساعده على سرعة الحركة فلا تعوقه ملابسه، وأيضًا تحمي بعض أجزاء جسمه وهنا إشارة لاستعدادنا للجهاد الروحي «إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللَّهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ» (2كو10: 4) لقد أوصى الرب بني إسرائيل عند أكل خروف الفصح «هَكَذَا تَأْكُلُونَهُ: أحْقَاؤُكُمْ مَشْدُودَةٌ» (خر12: 11)، أي يكونوا مستعدِّين للمسيرة الَّتي تقودهم إلى أرض الميعاد؛ كذلك نحن أيضًا نأكل الفصح الَّذي هو المسيح متمنطقين روحيًا، حتَّى نكون على استعداد دائم.
2 - القوة: «اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ لَبِسَ الْجَلاَلَ لَبِسَ الرَّبُّ الْقُدْرَةَ اتَّزَرَ بِهَا» (مز93: 1)، قد لبس رب المجد منطقة: ملكًا روحيًا يتمنطق بالبر والأمانة علامة غناه وجماله، وجاء كخادم يتمنطق لكي يغسل أقدام البشر فقد «خَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا» (يو13: 4)؛ حتى يُطهّر كل من يقبل إليه كما أن المنطقة غير المشدودة علامة الضعف والهوان «يُلْقِي هَوَانًا عَلَى الشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ» (أي12: 21)، أي يُضعف الأقوياء المتكلين على ذواتهم والصوم فرصة لتقوية الروح والإرادة.
3 - ضبط الشهوة: يتمنطق الراهب بمنطقة عبارة عن حزام جلدي مضفور بالصلبان، على الأحقاء، يشير إلى ضبط الشهوة أو إلى العفة وصناعة المنطقة من جلد ميت يشير إلى أن الإنسان يمارس إماتة هذه الأعضاء التي تضم بذار الشهوة، مطبِّقًا بذلك وصية بولس الرسول: «فأميتوا أعضاءكم التي علي الأرض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الرديَّة» (كو3: 5).
4 - المنطقة تشير لالتصاقنا بالمسيح: يقول معلمنا بولس الرسول: «مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ». السيد المسيح هو الحق (يو14: 6)، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "إن حصنّا أنفسنا بذلك، إن منطقنا أحقاءنا بالحق، لا يقدر أحد أن يغلبنا من يطلب تعليم الحق لن يسقط على الأرض" (عظة 92 على إنجيل لوقا) والإنسان المتحد بالمسيح متمنطق بالبر والحق «وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقَوَيْهِ» (إش11: 5) في الصوم دعوة للالتصاق بالرب كما تلتصق المنطقة بحقوي الإنسان، لأنه لو لم تلتصق المنطقة بقوة على الحقويين لا فائدة منها «لأَنَّهُ كَمَا تَلْتَصِقُ الْمِنْطَقَةُ بِحَقَوَيِ الإِنْسَانِ هَكَذَا أَلْصَقْتُ بِنَفْسِي كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ بَيْتِ يَهُوذَا» (إر13: 11). أحبائي كوصية الرب: «اذْهَبْ وَاشْتَرِ لِنَفْسِكَ مِنْطَقَةً مِنْ كَتَّانٍ وَضَعْهَا عَلَى حَقَوَيْكَ» (إر13: 1)، تنمنطق بقوة الروح، بالبر، بالحق محاربين ضد شهوات الجسد.
القمص بنيامين المحرقي
المزيد
02 مارس 2025
انجيل قداس يوم الأحد الأول من الصوم الكبير
تتضمن الحث على إخفاء الفضائل وسترها مرتبة على قوله تعالى بفصل الانجيل " لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما تلبسون "( مت ٦ : ١٩-٣٣ ) إذا كنا قد علمنا أن ربنا هو الخالق لذواتنا. والمهتم بقوام حياتنا، فما بالنا لا نرفع حاجاتنا اليه ونتكل عليه في تحصيل ضرورياتنا ونجتهد في اقتناء الفضائل واجتناب الرذائل ؟
وإذا كان الله تعالى يهتم بالمخلوقات لأجلنا هكذا،ويضرب لنا الامثال بفراخ الغربان وزهر النبات وأمثال ذلك من المخلوقات الحقيرة، فكيف يكون اهتمامه بنا ويا للعجب من كونه يحثنا دائما على تحصيل سعادة الأبد ويعد لنا ذخائر الملكوت ويوضح لنا المطالب السامية ويظهر لنا الكنوز الدائمة ونحن هكذا لا نزال متكاسلين متهاونين واذا كان الذين يقصدون استخراج الذهب من المعادن إذا ظهر لهم عرق دقيق من التبر أو من الفضة يحفرون عليه بإجتهاد ويطلبونه حيثما كان غائصا وأينما ذهب ويبحثون عنه حتى الأعماق ليحصلوا على الثروة بواسطته ويتنعموا بذلك ويترفهوا والنعم التي لا نهاية لها أن نبحث عن كنوزنا ونسارع إلى طلب خلاصنا ونجتهد في الوصول إلى جواهر الفضيلة ؟
وإذا كان الذين غناهم زمنى زائل وأحيانا كثيرة يجلب عليهم الأخطار والإضرار كخطف اللصوص وقطع الطرق وهم مع ذلك يجتهدون في طلبه هكذا فكيف لا تتشبهون بهم فى تحصيل الفضيلة بل وتزيدون عليهم ؟
ويا للعجب من كون أولئك إذا ظفروا بمطلوباتهم وحصلوا كنوزهم يجتهدون في حفظها ويبالغون فى صيانتها ولاسيما إذا شعروا بالذين يريدون انتزاعها ويحاولون خطفها منهم فإنهم يبادرون إلى حفظها وضبطها وإخفائها عن أعين السارقين فبعضهم يضعها في الخزائن الحريزة. وبعضهم يجعلها في مخابئ الأرض ويحتالون على حراستها وسترها على نظر اللصوص بوسائل مختلفة فما بالنا نحن لا نعتنى كذلك بكنوزنا ولا نحذر أغتيال أعدائنا فإذا جمعنا ثروة الفضيلة يجب أن لا ندعها ظاهرة لأعين الناظرين بل نودعها في خزائن الفكر ونغلق عليها أبواب الضمير ونوكل العقل بحراستها ونتيقظ لحفظها ساهرين عليها وكما أن التجار الذين في البلاد الغريبة إذا عزموا على العودة لبلادهم يجتهدون في تحصيل زاد السفر والهدايا الحسنة إلى اهلهم ويشحون على أنفسهم في النفقات لتوفير أموالهم لكى يقبلوا إلى أهلهم بالأموال والهدايا وبعد ذلك يستريحون ويستقرون في منازلهم كذلك يجب علينا أن نصنع في غربتنا في هذه الدنيا فنجتهد في حفظ ذخائرنا ونتجهز بزاد السفر ومهماته. لكى نصل إلى وطننا الحقيقي سالمين رابحين ونفرح بنوال ملكوت ربنا الذى له المجد إلى الأبد آمين
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
01 مارس 2025
التعفف
بِنِعمِة رَبِّنَا أحِب أنْ أتكَلَّم معكُمْ اليوم عَنْ ثمرة مِنْ أهم ثِمار الرُّوح القُدُس لَنَا وَبِخَاصة الشَباب ألاَ وَهيَ التَّعفُّف كيف يعِيش الإِنسان فِي عِفَّة ؟ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول يُجِيب فِي رِسالته لأِهل تَسَالُونِيكِي بِـ [ أنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أنْ يقتنِي إِنَاءَهُ بِقَدَاسَةٍ وَكَرَامَةٍ ] ( 1تس 4 : 4 ) " إِنَاءه أي جَسَده " العِفَّة تجعل الإِنسان وَهُوَ يحيا فِي الجسد وَنِير الجسد يِغلِب الجسد يَقُول الآباء القِدِيسِين[ مَنْ غَلَبَ جَسَده غَلَبَ طبعه ، وَمَنْ غَلَبَ طبعه صَارَ كَالمَلاَئِكة ][ العِفَّة تجعل الإِنسان يقترِب إِلَى الخلائِق الغِير جَسَدِيَّة ] العِفَّة صِفة مَلاَئِكِيَّة عَطِيَّة سَمَاوِيَّة نِعمة مِنْ الله مذاقة لِحَياة الإِنتِصار سمو لِلرُّوح غلبة عَلَى الجسد وَمِنْ هُنَا نستطِيع أنْ نقُول أنَّهُ لَيْسَ هُناك مَا يُوَازِيها أحببت أنْ أُحَدِّثكُمْ عَنْ العِفَّة لأِنَّها مُحَصِّلة لِفَضَائِل كَثِيرة جِدّاً جِدّاً بَلْ هِيَ تاج لِهذِهِ الفضائِل لِدَرَجِة أنَّ القِدِيس غِرِيغُوريُوس أُسقُف نِيصُص يَقُول [ أنَّ العِفَّة تسمو عَلَى جَمِيع الفضائِل ] فهي ليست أمراً يخُص شيئاً وَاحِداً بَلْ هِيَ مُحَصِّلة لِلعَدِيد مِنْ الأُمور مِثْل المجموع الأخِير لِدَرَجات المواد الدِراسِيَّة الَّذِي يشمل درجات الرِيَاضِيات وَالعلُوم وَكُلَّ المواد لِذلِك فَالطَالِب الَّذِي يرسب فِي المجموع الأخِير بِفَارِق أربع أوْ خمس دَرَجات وَيَقُول لَكِنِّي لَمْ أرسب فِي أي مادة مِنْ المواد !! نقُول لَهُ أنتَ مُقَصِّر فِي جَمِيع المواد فَعِندما تنجح بِالكاد فِي كُلَّ مادة وَلاَ تحصُل حَتَّى عَلَى نِصف دَرَجاتها سَتَجِد نَفْسك فِي النِهاية قَدْ رسبت فِي شِئ وَاحِد ألاَ وَهُوَ المجموع النِهائِي هكَذَا العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة جِدّاً تشمل فِكر الإِنسان وَحَوَاسه وَعينيهِ تشمل الذَّات وَحُب الذَّات وَتَعَلُّق الإِنسان بِالأرضِيات وَنظرِته لِلآخر وَمدى تقدِيسه لِلغَرِيزة وَنظرِته لَجَسَده وَنظرِته لِلجِنس الآخر تشمل إِرَادته وَمدى سُلطانها وَمدى مَحَبِّته لِلقَدَاسة وَمَحَبِّته لِلصَلاَة وَمدى تَمَسُّكه بِإِنتِظامه فِي قانُونه الرُّوحِي لِذلِك لَمَنْ يشكو مِنْ حرُوب الجسد وَحرُوب الشَّهوة أوْ أنَّ لَهُ خَطَايا شَبَابِيَّة أوْ أنَّهُ يشعُر بِالإِنهِيار الكَامِل أمام الشَّهوة أوْ أنَّهُ يفقِد طَهَارته وَأنَّ هذِهِ الخَطِيَّة الوَحِيدة الَّتِي تُقلِقه وَيَتَمَنىَ أنْ يكُف عَنْهَا هِيَّ بِالذَّات نَقُول أنَّهَا ليست خَطِيَّة وَاحِدة إِنَّهَا مُحَصِلة لأِشياء كَثِيرة جِدّاً أكِيد عيناك غِير مُقَدَسة وَلاَ تُحَافِظ عَلَى أفكارك وَإِرادتك إِرادة غِير مُقَدَسة وَأصحابك لَيْسُوا عَلَى قدر مِنْ الخُلُق وَأكِيد مُهمِل فِي صَلَوَاتك وَلاَ تقرأ فِي الكِتاب المُقدَّس وَلَيْست لَكَ قِرَاءات رُوحِيَّة وَأكِيد وَأكِيد أشياء كَثِيرة جِدّاً لَكِنَّهَا فِي النِهاية تبدو كَأنَّهَا خَطِيَّة وَاحِدة فَاحذر أنْ تَتَعامل مَعْ موضُوع العِفَّة – الَّذِي قَدْ يَكُون مُتعِباً لَكَ بَلْ أكثر خَطِيَّة تِتعِبك فِي حياتك بِاستخفاف وَلاَ تنظُر إِليهِ نظرة سطحِيَّة تحتاج إِلَى تقدِيس الكيان كُلَّه كُلَّ فِكرة بِدَاخِلك يجِب أنْ تَتَقَدَّس كُلَّ نظرة كُلَّ كَلِمة لأِنَّكَ إِنْ إِستهترت فِي وَاحِدة ستجلِب معها بَاقِي الإِستهتار وَسَاعِتها يُقال [ وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً ] ( مت 7 : 27 ) فَالعِفَّة هِيَ الإِمساك عَنْ كُلَّ شهوة هِيَ عدم تَبَعِيَّة لِلشَّهوات فَالإِنسان العَفِيف تَجِده عَفِيفاً فِي أشياء كَثِيرة جِدّاً عَفِيفاً فِي أكلُه عَفِيفاً فِي المُقتنيات حَتَّى يُقال عَنْهُ ( لاَ لاَ لاَ ده نِفْسه عَفِيفة جِدّاً ) كَذلِك عَفِيفاً فِي أفكاره نظراته كَلاَمه مشاعره مُعَاملاته مَعْ الآخرِين مُلاَمَسَاته يبتِعِد عَنْ كُلَّ شِئ لاَ يلِيق لِذلِك حافِظ الكِتاب المُقَدَّس بِشِدَّة عَلَى هَذَا الأمر لِدَرَجِة أنَّ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول تحدَّث فِي رِسالته لأِهل كُورنثُوس عَنْ إِنسان فَعَلَ الخَطِيَّة قَائِلاً [ وَزِنًى هَكَذَا لاَ يُسَمَّى بَيْنَ الأُمَمِ ]( 1كو 5 : 1 ) " لاَ يُسَمَّى ( مَا يِتسمَّاش ) أي لاَ نذكُر سِيرته " كَأنْ نقُول ( لَوْ سمحت مَا تجِبش / لاَ تذكُر سِيرة هَذَا الموضُوع هِنَا ) شِئ غرِيب عَنَّا وَعَنْ كِنِيسِتنا وَعَنْ طَبِيعة أجسادنا إِسم ثقِيل عَلَى القلب وَالفِكر خصُوصاً لِلإِنسان المُحِب لِطَرِيق رَبِّنَا وَالقداسة لاَ يُحِب حَتَّى أنْ ينطقها وَقَدْ أوضح مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول كيفَ أنَّ هذِهِ الخَطِيَّة مُهِينة لِرَبِّنَا إِذْ أنَّ [ كُلُّ خَطِيَّةٍ يفعلُهَا الإِنسانُ هِيَ خَارِجَة عَنِ الجَسَدِ ] ( 1كو 6 : 18 )لَكِنْ هذِهِ الخَطِيَّة بِالذَّات لها وضع خاص لأِنَّها تُدَنِس هيكل الرَّبَّ لِذلِك عِندما تبدأ تفسد عِفِتك تجِد كُلَّ شِئ يفسد ذلِك لأِنَّكَ لاَ تستطِيع أنْ تقِف مَعَ رَبِّنَا لاَ تستطِيع أنْ ترفع عينيكَ وَيديكَ لاَ تستطِيع أنْ تُصَلِّي خجلان مكسُوف وَماذا أيضاً ؟!! قلبك بِرِد بدأت حَسَاسِيِتك لِلشَّر تزِيد وَبدأت حَسَاسِيِتك لِلبِّر تِقِل وَبدأت تضعُف رؤيِتك لِلأُمور المُقَدَسة وَحَسَاسِية أُذُنك لِصوت رَبِّنَا فِي الإِنجِيل فَأُذُنك قَدْ أصبحت مُستحِكة ( أي غِير مُقَدَسة ) فَأصبحت المُستقبِلات الَّتِي بِهَا بَطِيئة فَتأتِي تقُول أقرأ الإِنجِيل وَلاَ أفهم أحضر القُدَّاس وَأسرح أصَلِّي الأجبِية وَلَكِنْ دُونَ أنْ أفهم أي كَلِمة !!!!
أقُول لَكَ أنَّ الأُمور كُلَّها قَدْ دخلَ إِليها موجات رَدِيئة تَسَلَّطت وَأمسكت بِالإِنسان لِذلِك يقُول القِدِيس يُوحَنَّا ذهبِي الفم عِبَارة جَمِيلة جِدّاً [ العُبُودِيَّة لِلخَطِيَّة أشرس مِنْ العُبُودِيَّة لِسَيِّدٍ قَاسٍ ] صَحِيح صَحِيح بِمعنى أنَّ حال عبد لِسَيِّد قاسٍ أهون مِنْ حال الإِنسان الَّذِي يَكُون عبداً لِلخَطِيَّة وَلأِنَّ العِفَّة تشمل أموراً عَدِيدة فَسوفَ أتكَلِّم معكُمْ فِي أربعة مجالات لِلعِفَّة :-
1- عِفَّة الفِكر ( فِكرِي ) :-
مُهِمْ جِدّاً أنْ يَكُون فِكر الشَّاب فِكراً نَقِياً مُقَدَّساً لاَ يقبل أي فِكر رَدِىء لاَ يَتَفَاوض أوْ يَتَنَاقش مَعْهُ وَالفِكر باب خَطِير جِدّاً فَأي أمر يبدأ بِفِكرة كَذلِك أي خَطِيَّة بِدَايِتها فِكرة فَسقُوط أبِينا آدم وَأُمِنَا حواء نشأ أساساً بِالفِكر وَهَكَذَا الإِنسان قبل أنْ يسقُط فِعلِياً يسقُط أوَّلاً بِالفِكر لِذلِك يُمكِنْ أنْ نِعَرَّف الخَطِيَّة – كَمَا يُعَلِّمنا قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثَّالِث – فِي ثلاث كَلِمات :-
إِتِصال تَتَصِل بِالخَطِيَّة أوَّلاً بِفِكرك إِنَّها المرحلة الأولى وَمَازَالَ الأمر سهلاً .
إِنفِعال بَدأت تأخُذ وَتُعطِي مَعَ الفِكر وَأخذ الفِكر يِكبر وَيِكبر وَيِكبر إِنفعلت بِالفِكر بعد ذلِك أصبح الأمر فِي غاية الصعُوبة.
إِشتِعال فَاحترِس وَنُشكر الرَّبَّ أنَّهُ لَمْ يسمح أنْ نسقُط فِي أي خَطِيَّة فِي حياتنا بِدُون إِرادِتنا وَلَمْ يسمح أنْ توجد خَطِيَّة إِلاَّ وَيَكُون لَهَا مَرَاحِل فِي الإِنسان لِذلِك لَوْ سقط إِنسان فِي خَطِيَّة سَيَكُون هُوَ المُدان لَنْ يُمكِنه أنْ يقُول " ده غصب عَنِّي "لاَ يوجد شِئ غصب عَنَّك إِنَّ الأمر قَدْ بدأ معك بِفِكرة وَتفاوضت معها وَقبلتها لِذلِك كُنْ عَفِيفاً فِي فِكرك وَاعلم أنَّ الحرب لاَ تبدأ فِي ساعة الإِتِصال بِالخَطِيَّة فقط إِنَّمَا تبدأ مِنْ قبل ذلِك بِكَثِير فماذا كانت أفكارك قبل ذلِك ؟ بِمعنى لَوْ أنَّكَ فَتحت الراديو وَضبطه عَلَى رقم مُعَيَّن عَلَى موجِة ألـ FM وَسمعت عِظة أوْ قُدَّاس إِنَّ باقِي الموجات موجودة لَكِنْ الموجة الَّتِي ضبطت عليها جِهازك هِيَّ فقط الَّتِي إِستقبلتها كذلِك أنتَ جِهازك مُستقبِلاَتك الَّتِي بِدَاخِل فِكرك أي مِنْ الموجات تستقبِل ؟ كُلَّ الموجات موجودة حولك لَكِنْ الَّذِي تُرِيد أنْ تستقبِله سَتُقَوِيه وَهَكَذَا عَلَى حسب الموجة الَّتِي تضبُط عليها فِكرك ستستقبِل تَرَّدُد مَعَ تَرَّدُد سيُحدِث رَنِين موجة حِلوة مَعَ أفكار حِلوة سيحدُث رَنِين لِذلِك تجِد القِدِيسِين يُمكِنْ لأِي شر يرونهُ أنْ يَكُون بِالنِسبة لَهُمْ شيئاً مُقَدَساً فِي حِين أنَّ نَفْس الشِئ يُمكِنْ أنْ يراه شخص آخر وَتَكُون أفكاره سيِئة فيذهب بِفِكره إِلَى بعِيد وَمِثْل هذَا إِنْ قُلت لَهُ أي كِلمة فِي أي موضُوع تجِده يُقَوِّلها تقوِيلاً سيِئاً إِنَّ فِكرك يُشبِه الخلاَّط الَّذِي تضعه فِيهِ ستشربه إِنْ وضعت بُرتُقالاً ستشرب عصِير بُرتُقال إِنْ وضعت موزاً ستشرب عصِير موز إِنْ وضعت جوافة ستشرب عصِير جوافة وَهَكَذَا وَلَكِنْ إِنْ وضعت فِيهِ شيئاً مُرَّاً بِالتالِي ستشربه هَكَذَا العِين هِيَّ مِثْل فتحِة الخلاَّط كُلَّ الَّلِي حَا تحُطَّه هِنَا هَا تِشربه مِنْ هِنَا وَهَا تِشربه مِنْ الأفعال لِذلِك جَمِيل جِدّاً مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول عِندما يتحدَّث فِي رِسالته إِلَى أهل فِيلِبِّي قَائِلاً [ أخِيراً أيُّهَا الإِخوة كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ كُلُّ مَا هُوَ جَلِيل كُلُّ مَا هُوَ عَادِل كُلُّ مَا هُوَ طَاهِر كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كانت فَضِيلة وَإِنْ كَانَ مدح فَفِي هذِهِ افتَكِرُوا ] ( في 4 : 8 ) لِذلِك يجِب أنْ تضع فِي فِكرك كُلَّ مَا هُوَ حقٌّ كُلَّ مَا هُوَ جلِيل كُلَّ مَا هُوَ طَاهِر وَتفتكِر فِيهِ يَجِب أنْ يُحاوِل فِكرك أنْ يحافِظ عَلَى نقاوته بِاستمرار إِجعل بِاستمرار آية تِشغِل فِكرك سِيرة قِدِيس أوْ قِدِيسة إِجعل أموراً مُقَدَسة هِيَ الَّتِي تِشغِل فِكرك فيبدأ يعمل جَيِّداً وَبِالتالِي يبدأ يجعل الإِتِصال سَلِيماً وَهَكَذَا الإِنفِعال سَلِيماً وَالإِشتِعال سَلِيماً وَهذَا هُوَ سِر الإِشتِعال فِي الصَلاَة وَالعِبادة سِر حرارِة الرُّوح ناس فِكرها ينمو بِاستمرار فِي أمور مُقَدَسة لِذلِك مِنْ أجمل الطُرق وَأسهل الطُرق وَأقصر الطُرق لاقتِناء العِفَّة هُوَ تقدِيس الفِكر فَمتى قدَّست فِكرك تقدَّست معهُ مشاعرك وَتقدَّست إِرادتك ستكُون عَفِيفاً فِي أفعالك بَلْ بِالأكثر فِي أحلامك حَتَّى خيالاتك أثناء اللِيل الَّتِي هِيَّ مُحَصِّلة مَا تُفَكِر فِيهِ أثناء النَّهار الفِكر يحتاج عِفَّة يجِب أنْ يكُون فِكرك عَفِيفاً لاَ يَمِس فِكرة رَدِيئة – لاَ يَمِس – تشعُر أنَّ الفِكر الرَدِئ شِئ غرِيب عنكَ تماماً مِثْل شعُورك إِنْ فرَّغ أحد كِيس قِمامة فِي وسط " حُجرِة الصَالُون " فِي بِيتك !!لَكِنْ الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة لَنْ تجِد عِنده أي تحفُّظ يَتَقَبل بِاستمرار الأفكار الرَدِيئة وَيُضِيف كُلَّ يوم إِلَى الدنس دَنَساً تماماً مِثلما أنَّهُ لاَ يوجد أي إِعتراض عَلَى وضع كِيس قِمامة فِي صندُوق قِمامة وَهَكَذَا سيأخُذ مِثْل هذَا فِي النِهاية دَنَساً فَالأمر كُلَّه قَدْ أصبح هَكَذَا فَالأفكار الخَاطِئة تُوَّلِد مشاعِر خَاطِئة متى حافظت عَلَى فِكرك نَقِياً ستضمن أنْ يَكُون فِكرك باباً مُنضَبِطاً عليهِ حُرَّاس تضمن ألاَّ يدخُل مدِينتك غِير المسمُوح لَهُمْ بِالدُخُول وَعليهِمْ رِقابة وَضَوَابِط فَتَكُون قَدْ ضبطت السيطرة عَلَى كُلَّ الأمور مِنْ المدخل الَّذِي هُوَ الفِكر .
2- عِفَّة الحواس :-
الحواس هِيَّ أبواب الإِتِصال بِالحياة العِين وَالأُذُن وَالأنف وَحاسة التَذُّوق وَحاسة اللمس مَا أجمل الإِنسان النقِي الَّذِي يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً نَقِياً أمَّا الإِنسان الَّذِي أفكاره مُلَوَثة دَنِسة يَكُون إِتِصاله بِالحياة إِتِصالاً مُلَوَثاً دَنِساً وَسَأرَكِز فِي الحواس عَلَى العِين .
أ- عِفَّة العِين :-
[ سِرَاجُ الجَسَدِ هُوَ العِينُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظلِماً ] ( مت 6 : 22 – 23 ) وَلأِنَّ العِين بالِغة الخطورة فقد أمَّنها الرَّبَّ بِإِمكانات كَثِيرة جِدّاً طَبِيعِيَّة وَضَعَ لَهَا صِمام أمان فَيُمكِنك إِنْ رأيت منظراً سَيئِاً أنْ تُحَوِّل نظرك إِلَى الجِهة الأُخرى .. وجهك مَازَالَ كَمَا هُوَ لَمْ تُدِر رأسك وَلاَ أي شِئ فقط حرَّكت عينيكَ فِي الإِتِجاه المُضاد إِذاً فقد أعطاك الرَّبَّ الإِمكانِية فِي عينيك أنْ تَتَحَكَّم فِي إِتِجاه الرؤية كذلِك أعطاك إِمكانِية أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك كُلِيةً كَمَا يُمكِنك أنْ تُغمِضها وَهَكَذَا تُغلِقها بِحركة سهلة جِدّاً كَمَا أعطاك إِمكانِية رَابِعة أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل كُلَّ هذِهِ الإِمكانات قَدْ لاَ تجِدهَا فِي الحواس الأُخرى كَالسمع مَثَلاً فهل تستطِيع أنْ تِغَيَّر إِتِجاه وجهك لِلدَرَجة الَّتِي تجعلك لاَ تسمع ؟!! مُستحِيل فَأنتَ مُجبر وَلَيْسَ لَكَ خِيار لأِنَّ الصوت ينتشِر كذلِك هل تستطِيع أنْ تُغلِق أُذُنيك ؟!! يحتاج مِنْكَ ذلِك أنْ تضع يدك عليها أوْ تضع شيئاً بِدَاخِلها لَكِنَّك بِسِهولة شدِيدة تُغلِق عينيكَ لِذلِك عِندما تقُول " المنظر هُوَ الَّذِي كَانَ أمامِي " أقُول لك كَانَ يُمكِنك أنْ تبتعِد كَانَ يُمكنك أنْ تُغمِض عينيكَ كَانَ يُمكِنك أنْ تنظُر وَلاَ تَتَأمل وَكَانَ يُمكِن أنْ يَكُون لَكَ نظرة عَلَى إِستِحياء كَمَا كَانَ لآِبائنا القِدِيسِين كَانَ يُمكِن وَكَانَ يُمكِنْ عِفَّة العِين يَجِب أنْ تَكُون لَكَ عِين بِهَا عِفَّة عِين مصلُوبة عِين مختومة مُقَدَسة نَقِيَّة الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي ستكُون عِينه عيناً نَقِيَّة يرى كُلَّ الأُمور بِعِين فِيهَا نَقَاوة لاَ أنسى فِي مرَّة كُنت رَاكِباً ميكرُوباص مَعَ إِنسان حِلو مُبارك وَفِي الزحام هُناك عادة عِندَ بعض الشُّبان أنْ يُشِيرُوا لِلمِيكرُوباص إِشارة تعنِي ( أي حاجة ) أي لَنْ أجلِس عَلَى كُرسِي فقط خذُونِي حركة عادِية جِدّاً تتكرر أمام الجمِيع بِاستمرار وَلَكِنْ هذَا الإِنسان لأِنَّ فِكره نقِي عِندما أشارَ وَاحِد بِهذِهِ الإِشارة قَالَ " يارِيت إِحنا كمان نرُوح السَّما يارِيت الوَاحِد يِركب بس وَيِوصل السَّما حَتَّى لَوْ ركب أي حاجة مِش مُهِمْ بس نُدخُل " كَقُول الآباء القِدِيسِين [ إِنشا الله حَتَّى الباب يِتقِفل عَلَى طرف الجَلاَبِيَّة ] يعنِي حَتَّى لَوْ كُنت آخِر وَاحِد وَلَوْ إِنحشرت وَبعد ذلِك يُغلق الباب فليكُنْ المُهِمْ أدخُل هَكَذَا الإِنسان الَّذِي فِكره نقِي تَكُون حواسه حواساً نَقِيَّة لِتَكُنْ لَكَ عِين نَقِيَّة وَانتبِه لأِنَّ أوِل حلقة لِلسُقُوط كانت عِندما [ رَأت المرأةُ أنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَة لِلأكلِ وَأنَّهَا بَهِجة لِلعُيُونِ وَأنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ ] ( تك 3 : 6 ) العِين خَدَعِت خَدَّاعة العِين مُعَلِّمنا دَاوُد النَّبِي عِندما صعد إِلَى سطح بِيته وَرفع عينيهِ رأى منظراً أرجو أنْ تقرأ فِي الكِتاب المُقَدَّس عَنْ عاقِبة هذِهِ النظرة فِي سِفر صَمُوئِيل الثَّانِي .. لقد وصل الأمر لِلدَرَجة الَّتِي وَبَخهُ فِيها الرَّبَّ قَائِلاً [ إِنَّكَ احتقرتنِي ] ( 2صم 12 : 10 )[ وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بيتَكَ إِلَى الأبَدِ هَأنَذَا أُقِيمُ عليكَ الشَّرَّ مِنْ بيتِكَ وَآخُذُ نِسَاءَكَ أمَامَ عينيكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبكَ فَيَضْطَجِعُ مَعْ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هذِهِ الشَّمْسِ ] ( 2صم 12 : 10 – 11 ) وَقَدْ كَانَ إِبنه أبشالُوم يزنِي مَعَ سَرَارِي أبِيهِ اللاَتِي بِمَثَابِة أُمهاته وَأولاده أمنُون وَثَامار يزنِيان معاً إِنَّهَا الخَطِيَّة كُلَّ ذلِك كَانَ مِنْ نظرة لِذلِك إِحترِس حَافِظ عَلَى عينيك بِمُنتهى الحذر ( خلِّي بالك عَلَى عِينك كِوَيِس جِدّاً ) وَلتكُنْ لَكَ عِين مُنكَسِرة إِحذر أنْ تظُن أنَّكَ أقوى مِنْ الخَطِيَّة أوْ أنَّكَ تقدِر أنْ تَتَحَكَّم فِي نَفْسك لاَ تقُل يُمكِنَنِي أنْ أدخُل عَلَى ألـ INTER NET أوْ كَذَا وَأنَا أعرِف كيفَ أتَحَكَّم أقُول لَكَ إِحترِس القِدِيسُون يُحَذِرُونَنَا [ أنتَ لَسْتَ أبر مِنْ دَاوُد وَلاَ أحكم مِنْ سُليمان ] أسَتَكُون أنتَ أشطر مِنْهُمَا إِذا كَانَ دَاوُد قَدْ سقط وَكَذلِك سُليمان فهل أنتَ أبر مِنْ دَاوُد أوْ أكثر حِكمة مِنْ سُليمان !! ماذا أنتَ ؟!!!
إِحذر لأِنَّ العِين كَامِيرا حسَّاسة جِدّاً لاَ تُمَاثِلها أي كَامِيرا فِي العالم بَلْ وَلَهَا إِتِصال قوِي جِدّاً جِدّاً بِمَرَاكِز المُخ ألـ COMPUTER وَمَرَاكِز الذَاكِرة فَتَجِد أنَّ المنظر الَّذِي يخدِم الغرِيزة يَتِم إِلتِقاطه بِإِحكام وَهَكَذَا يُصبِح لَهُ NEGATIVE يُمكِنْ أنْ يُصنع مِنْ خِلاَله مِئات بَلْ وَآلاف النُسخ فَحِينما يُعطِي المُخ أمراً ORDER لِلطِباعة الرَّبَانِيَّة المُتَعَلِقة بِهِ ألـ PRINTER يَتِم طبع هذِهِ الصور الرَدِيئة وَاحِدة فَوَاحِدة فِي حِينِهَا فِي أوقات تَكُون أنتَ فِيهَا ضعِيف فتسقُط لِذلِك جَاهِد أنْ تَكُون لَكَ عِفَّة فِي عينيكَ لاَ تستهتر إِحذر أنْ تقُول فِي نَفْسك أرى هذَا الفِيلم مِنْ باب العِلم بِالشِئ أوْ إِنَّهَا مسألة ستأخُذ وقتها لاَ يُمكِنْ لِلخَطِيَّة أنْ تأخُذ مِنْكَ جِهاد سِنِين تَذَكَّر دَائِماً أنَّ عاقِبتها مُرَّة تَذَكَّر دَاوُد النَّبِي تَحَفَّظ يَا حَبِيبِي دَقَّق جَيِداً فِيمَا تختار وَفِيمَا تُشَاهِد لأِنَّ هذِهِ الحرب فتَّاكة لاَ تنظُر أبداً لِلَحظة تخسَّرك العُمر كُلَّه بَلْ جَاهِد كُلَّ لحظة فِي حياتك كي تكسب عُمرك كُلَّه بِالأبَدِيَّة الإِنسان إِبن رَبِّنَا الَّذِي فِكره مُقَدَّس وَقلبه مُقَدَّس تجِد لَهُ نظرة عَلَى استحياء فَيُروى عَنْ القِدِيسِين أنَّ الوَاحِد مِنْهُمْ كَانَ لَهُ مِنْ الحياء وَالخجل مَا يجعل وجههُ يِحمرَّ عِندما يرى وَاحِداً أوْ منظراً مَا وَيضع وجههُ فِي الأرض إِنَّهُ خجل مُقَدَّس فَالرَّبّ قَدْ خلقَ لِكُلَّ شِئ فِينَا هدفاً فَوَضَعَ فِينَا الخجل كي نخجل مِنْ الشَّر [ الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى ] ( أم 22 : 3 ) تَجِد وَاحِداً مِنْ القِدِيسِين يُدعىَ القِدِيس آمون عِندما أرَادَ أنْ يعبُر نهراً كَانَ يلزم عليهِ أنْ يخلع مَلاَبِسه لَكِنَّهُ إِستحىَ أنْ يخلعها وَقَالَ فِي نَفْسه كيفَ أنظُر إِلَى جِسمِي وَكيفَ يُبصِرَهُ مَنْ حولِي ؟!!! وَفَضَّل أنْ يعبُر النَّهر بِمَلاَبِسه حَتَّى وَإِنْ كانت ستبتل فليكُنْ فليُجَفِفهَا الهواء فِيما بعد .. إِنَّهَا العِفَّة .. عِفَّة حواس وَجسد وَمُلاَمَسَات جَمِيلة جِدّاً قِصَّة القِدِيس يحنِس القَصِير عِندما إِستدعاه البابا البطريرك لِمُقابلته فَنَزَلَ إِلَى المدِينة وَسَارَ فِيهَا إِلَى الكَنِيسة حيثُ تقابل مَعَ البطريرك ثُمَّ رجع ثانِيةً فِي طرِيقه وَعِندما عَادَ سألهُ الرُهبان عَنْ رأيه فِي المدِينة وَسُكَّان المدِينة وَأحوال المدِينة سألوه " ماذا رأيت فِي المدِينة ؟ " فَأجَابَ " لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " هذَا فقط هُوَ مَا رأيتهُ ؟!!! لقد نزل إِلَى المدِينة لَكِنَّهُ كَانَ وَاضِعاً وجههُ فِي الأرض يتعامل مَعَ الأُمور بِتَحَفُّظ وَخجل يَجِب أنْ تَكُون عِينك عَفِيفة بِهَا خجل وَتَحَفُّظ إِحذر أنْ تَكُون لَكَ العِين السَائِبة الَّتِي تجعلك تلهو بِمَنَاظِر عَبِيده جَمِيلة جِدّاً عِبارِة أيُوب الصِّدِّيق [ عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء ] ( أي 31 : 1 ) مَا رأيك أنْ تأخُذ هذَا العهد مَعَ أيُوب ؟ ألَيْسَ جَمِيلاً !! ألنْ يفِيدك فِي حياتك ؟!! أُكتُب هذِهِ الآية عِندك فِي حُجرِتك أُكتُبها عَلَى فِكرك وَعِش بِهَا وَأنتَ نَازِل مِنْ بِيتك قُل " عهداً قطعتُ لِعَيْنَيَّ فَكَيْفَ أتَطَلَّعُ فِي عذراء "هل سأظِل هَكَذَا أنظُر لِلرَايِح وَالجاي وَنَظَرَاتِي تَتَحَوَّل إِلَى شهوات ؟!!! فِي حِين أنَّ الوَصِيَّة تقُول [ إِنَّ كُلَّ مَنْ ينظُرُ إِلَى امرأةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ ]( مت 5 : 28 ) الَّذِي حَوَّل النظرة إِلَى فِكرة وَتَفَاوض معها يُعتبر قَدْ زَنَى تَذَكَّر قِدِيساً مِثْل القِدِيس سمعان الخرَّاز الَّذِي عِندما خانته عِينه نوعاً مَا وجدناه بِمُنتهى الجُرأة يِفَضَّل أنْ يَكُون أعمى وَيِطَبَّق الوَصِيَّة بِمُنتهى الجبرُوت وَيقلع عينه بِالمخراز ذلِك لأِنَّها أعثرته كَثِيراً مَا تُعثرنِي عينِي ماذا أفعل ؟ أقلعها ؟!! أقُول لَكَ لاَ أنَا وَأنتَ ضُعاف لاَ نقدِر عَلَى عمل سمعان الخرَّاز فَماذا أفعل إِذاً ؟ إِقطع الشَّر مِنْ دَاخِلها أحضِر مخراز النِّعمة وَأقُول لَهُ ياربَّ أنتَ بِنِعمِتك إِقلع الشَّر مِنْهَا وَاعطِنِي عيناً نَقِيَّة جَدِيدة بدلاً مِنْ عينيَّ الَّتِي كُلَّهَا دنس وَتَذَكَّر دَائِماً قول القِدِيس يحنِس القصِير" لَمْ أرى إِلاَّ وجه أبِي البطريرك " .
ب- عِفَّة السمع :-
أقُول لَكَ حَتَّى الَّذِي تسمعه يَجِب أنْ تَكُون عَفِيفاً فِيهِ يَجِب أنْ تَكُون أُذُنك نَقِيَّة وَلأِنَّ الأُذُن لَيْسَ لَهَا إِمكانات تحمِيها بِقدر تِلكَ الَّتِي لِلعِين وَلأِنَّ كَثِيراً مَا ينتشِر الصوت فَتَكُون مُجبراً عَلَى السمع لِذلِك إِختر أصحابك وَإِنْ لَمْ تعرِف إِبتعِد حَاوِل أنْ تِحَافِظ عَلَى عِفَّة أُذُنيك لاَ تستمِع لِكَلاَم الإِدانة وَالمذَمَّة لاَ تستمِع لِلخَطَايا إِبتعِد عَنْ الكَلاَم المُعثِر وَالأحَادِيث البطَّالة إِبتعِد عَنْ مجالِس المُستهزِئِين إِبعِد عَنْ سمع أي أمر رَدِئ لأِنَّهُ مؤذِي جِدّاً جِدّاً لِلعِفَّة المفرُوض أنْ تُدخِل أُذُنيك أموراً نَقِيَّة هُناك مَنْ لاَ يعرِف أنْ يَتَكَلَّم فِي أي شِئ فِي حياته إِلاَّ كَلاَماً مُعثِراً إِبعِد عَنَّه يقُول مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول عَنْ هؤلاء عِبارة غرِيبة جِدّاً أنَّهُمْ [ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ ] ( 2تي 4 : 3 ) مَا أروع مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول – إِنَّهُ بِحقٌّ فيلسُوف ، بَلْ لَوْ قُيِّمَ أُسلُوبه بِإِنصاف لَعُدَّ مِنْ أروع الأُدَباء فِي العالم – " فَمُستَحِكَّة " جاءت مِنْ " حَكَّ يَحُك " أي أُناس آذانهُمْ مُلَوَثة فَلَّمَا تَلَوثت إِلتَهَبِت وَعِندما إِلتَهَبِت أصبحُوا يَحكُونها ( يهرشونها ) أي أُناس قبلُوا أنْ تنفُذ إِلَى آذانِهِمْ أمور رَدِيئة فَلَوَثت آذَانِهِمْ لِلدَرَجة الَّتِي إِلتهبت بِهَا وَأصبحت مُستحِكة .. فَاحترِس لِئَلاَّ تَكُون أُذُنك مُستحِكَّة وَكَمَا قُلت لَكَ قِصَّة عَنْ القِدِيس يحنِس القَصِير عَنْ عِفِتَّه فِي النظر أقُول لَكَ قِصَّة أُخرى عَنْ عِفَتَّه فِي السمع يُروى عَنْه أنَّهُ فِي إِحدى المرَّات كَانَ نازِلاً إِلَى المدِينة لِيَبِيع عمل يديهِ مِنْ القُفف وَتَصَادف نزُول جماعة مِنْ البدو غِير مَسِيحِيين – وَالَّذِينَ كَانُوا يُقَدِّسُون الرُهبان جِدّاً وَيخافُونَهُمْ كَرِجال الله وَلِسُلطانِهِمْ فِي إِخراج الشياطِين وَشِفاء الأمراض فَكَانُوا يُفَضِلُون تَجَنُّب الرُهبان أوْ الإِبتِعاد عَنْهُمْ وَإِنْ إِحتاجُوا مِنْهُمْ أية خِدمة يُقَدِمونها لَهُمْ – فَعِندما رأى هؤلاء القِدِيس يحنِس القَصِير مَاشِياً حَامِلاً القُفف دعوه لِلرُكُوب معهُمْ فَهُمْ أيضاً ذَاهِبُون لِلمَدِينة لِيَبِيعُوا مَا لديهِمْ فركب معهُمْ القِدِيس يحنِس وَوَضَعَ القُفف عَلَى الجمل وَلَكِنْ أحادِيثهُمْ أثناء الطرِيق كانت أحادِيثاً مُعثِرة فَقَفَزَ القِدِيس مِنْ عَلَى ظهر الجمل وَرَجَعَ جَارِياً فَلَمَّا رأه الرُهبان قَدْ عَادَ هَكَذَا بِسُرعة سألوه مَا هذَا يَا أبَانَا ؟ هل إِستطعت أنْ تبِيع القُفف بِهَذِهِ السُرعة ؟!! فَتَذَكَّر القِدِيس أنَّهُ قَدْ نسيها !! الحدِيث الردِئ جعلهُ ينسى القُفف وَيترُكها عَلَى ظهر الجمل وَيجرِي إِلَى دِيره لَمْ يشأ أنْ تَتَدَنَّس أُذُنه لَمْ يشأ أنْ تَكُون " مُستحِكَّة " جَمِيل جِدّاً قول رَبَّنَا يَسُوع المَسِيح [ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَليسمعْ ] ( مت 13 : 9 )[ يسمعُ الوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ ] ( مز 34 : 2 )إِسمع السمع جَمِيل جِدّاً إِنَّهَا حاسة رَائِعة يُمكِنك بِهَا أنْ تَتَذَوَّق أصواتاً مِنْ الطَبِيعة الَّتِي جبلها الرَّبَّ بِهَا تَتَذَوَّق سماع الألحان وَأصوات العِبادة تَتَذَوَّق جمال العِشرة مَعَ رَبِّنَا فَتَجِد سمعك قَدْ أصبح سمعاً مُقَدَّساً وَهُنَا نَجِد سؤالاً ماذا لَوْ تَدَنَّست حواسِي وَعقلِي فَكُلَّمَا أحَاوِل أنْ أهرب مِنْ الخَطِيَّة تحاصِرنِي الأفكار وَمخزُون مَا رأيت لاَ أستطِيع أنْ أنسى ؟
أتَعرِف مَا الَّذِي يُنسِي ؟!! الصلوات الكَثِيرة إِنْ رَبِّنَا يمحِي مِنْ ذِهنك يِغسِل يِغسِل الدنس الَّذِي نفذ إِلَى دَاخِل فِكرك صلوات كَثِيرة جِدّاً جِدّاً أنَا لاَ أنسى فِي مرَّة أحد الشُّبان كَانَ قَدْ عرَّفه أصحابة بِإِنسانة شِرِّيرة وَأصبح معهُ رقم تِلِيفُونهَا وَهَكَذَا أصبحت الخَطِيَّة سهلة وَمُتاحة فَقُلت لَهُ يَا ابنِي أوِل شِئ تِفعله إِمسح هذَا الرقم مِنْ أجِندِتك أوْ مِنْ عَلَى ألـ MOBILE قَالَ لِي " يَا أبُونَا أنَا حافظه " فَما العمل مِنْ أينَ سَنمسحه الآن ؟!! قُلت لَهُ نِخَصَّص صَلاَة مِنْ أجل أنْ تنسى هذَا الأمر وَمَثَلاً اليوم الخمِيس سَنَتَقَابل الخمِيس القادِم صَلِّي صَلِّي وَضع طِلبة إِنْ رَبِّنَا يُنسِيك هذَا الأمر صدَّقنِي يَا حبِيبِي لَمْ يمضِي لِلخَمِيس بَلْ جاءنِي يوم الأحد قَالَ لِي " يَا أبُونَا صدَّقنِي جرَّبت أنْ أتَذَكَّر الرقم لاَ لاَ أتَذَكَّره وَلَكِنْ فقط لأِتأكد إِذا مَا كُنت نسيتهُ وجدت نَفْسِي قَدْ نسيتهُ قُلت لَهُ نُشكُر رَبِّنَا يَا حبِيبِي " لِذلِك أُرِيد أنْ أقُول لَكَ عِندما تَكُون عندِي رغبة وَأُقَدِم أمام رَبِّنَا طِلبة ثِق إِنْ رَبِّنَا قَادِر مِثلما قَالَ أحد الآباء القِدِيسِين [ التوبة تجعل الزُناة بتولِيين ] رَبِّنَا قادِر عمل نِعمِة رَبِّنَا لَيْسَ قلِيلاً لَكِنْ نَحْنُ الَّذِينَ لاَ نُعطِي رَبِّنَا فُرصة كي يعمل وَذلِك لأِنِّي إِنجذبت بِإِرَادتِي خَدَعتنِي أنَا سَايِب نَفْسِي وَبِالتالِي أنَا جلبت عَلَى نَفْسِي حُكم الموت إِذاً فَالأمر يأتِي مِنِّي أنَا فَالمناظِر السَيِئة يُمكِنك أنْ تستدعِيها أنتَ بِنَفْسك بَلْ يُمكِنك أنْ تعمل لَهَا ZOOM تكبِير وَتصغِير أنتَ بِنَفْسك يُمكِنك أنْ تنسى وَيُمكِنك أنْ تُثَبِّت فَإِنْ أردت أنْ تنسى خَصِّص صلوات .
3- عِفَّة الجسد :-
الجسد نَفْسه يَجِب أنْ يَكُون عَفِيفاً الجسد تُحَرِّكه غَرَائِز وَشهوات وَطِلبات فَيَجِب التعامُل معهُ بِضبط وَيُمكِنْ أنْ أقُول لَكَ أنَّ عِفَّة الجسد هِيَ أوِل درجة مِنْ درجات العِفَّة فَيُمكِنْ أنْ يكُون هُناكَ أفكاراً تُحارِبك وَلَكِنْ جسدك عفِيف أنتَ ضابِط الجسد أمَّا العِفَّة الكامِلة هِيَ عِفَّة الفِكر الكَامِلة عِفَّة العِين الكَامِلة عِفَّة السمع الكَامِلة وَعِفَّة الجسد الكَامِلة وَتَجِد القِدِيسِين يربُطُون بينَ العِفَّة وَبينَ أشياء كَثِيرة قَدْ تظُن أنَّهُ لَيْسَ لَهَا أي إِرتِباط بِالأمر فهل تشعُر أنَّهُ يوجد إِرتِباط وَثِيق جِدّاً بينَ الأكل وَالشَّهوة أم تعتقِد أنَّهُ لَيْسَ لِهذِهِ الدرجة ؟هل عِندك ثِقة أنَّهُ يوجد إِرتِباط بينَ الإِهتمام الزائِد بِالمظهر وَالزِينة وَاستخدام العطُور وَالشَّهوة ؟ مُعاملتك لِجسدك وَضبطك لِجسدك بِالطبع أنَّ هُناك عِلاَقة بينَ كُلَّ هذِهِ الأُمور وَالشَّهوة تَمَلِّي هُناكَ عِلاَقة بينَ الإِستهتار وَالمِزاح وَالكَلام السخِيف وَإِثارِة الشَّهوة كَذلِك دَائِماً الإِنسان الأكول شهوانِي وَتَمَلِّي الإِنسان العنِيف القاسِي الغضُوب غِير طاهِر وَتَمَلِّي الإِنسان الودِيع عَفِيف مِنْ المعرُوف عَنْ الرُومان أنَّهُمْ كَانُوا شهوانِيين جِدّاً وَفِي نَفْس الوقت إِشتهروا بِأنَّهُمْ كَانُوا يتفنَنُون فِي الأكل وَالشُرب .. فَكَانَ الرُومانِي يأكُل إِلَى أنْ تمتلِئ معدِته تماماً بِالطعام فَلاَ يقدِر عَلَى الإِستمرار فِي الأكل فَلِكي يستطِيع أنْ يأكُل المزِيد كَانَ يستعمِل مشروباً يُسَبِّب التقيوء وَبِالتالِي يِفرَّغ معدِته وَيُمكِنه الإِستمرار فِي الأكل كَذلِك بنو إِسْرَائِيل أرادوا الرُجُوع إِلَى مِصْر [ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ ] ( خر 16 : 3 ) ناس هَمُهُمْ الأكل وَالشُرب هَكَذَا يُمكِنْ لإِنسان مِثْل عِيسُو أنْ يبِيع البكورِيَّة بِأكله إِنَّهُ الطعام [ فَقَالَ عِيسُو لِيعقُوب أطعِمنِي مِنْ هذَا الأحمر فَقَالَ يعقُوب بِعنِي اليومَ بكورِيَّتَكَ فَقَالَ عِيسُو هَا أنَا مَاضٍ إِلَى الموتِ ] ( تك 25 : 30 – 32 ) خُذ البكُورِيَّة مَا المُشكِلة ؟!!!
لِذلِك لاَ تَتَعَجب عِندما تجِد الآباء القِدِيسِين إِهتمامهُمْ بِمظهرهُمْ قلِيل جِدّاً وَبَسِيط جِدّاً وَإِهتمامهُمْ بِالأكل بَسِيط جِدّاً بِالكاد يأكُل مَا يقُوته فَتَجِد مِنْهُمْ مَنْ يأكُل قَلِيلاً مَنْ البقُول وَمَنْ لاَ يأكُل طعاماً مطهِياً وَمَنْ يأكُل مرَّة كُلَّ يومِين هَكَذَا أنتَ أيضاً يَجِب أنْ تَتَعَامل مَعَ الأكل بِتَعَفُّف لاَ يَكُون عِندك شراهة وَلاَ يَكُون الأكل بِالنِسبة لَكَ لذَّة أوْ غاية أوْ هدفاً أنتَ تأكُل لِكي تعِيش وَلستَ تعِيش كي تأكُل تقُول حسناً لَكِنِّي شاب وَأعِيش وسط بِيت أقُول لَكَ كُل وَلَكِنْ كُل بِتَعَقُّل كُل بِعِفَّة حَاوِل أنْ يَكُون لَكَ تدرِيب أنْ تأخُذ فترات إِنقِطاع أوْ أنْ تُقَلِّل مِنْ كِميات أكلك ، أوْ أنْ يَكُون عَشاؤك بَسِيطاً لاَ يحتوِي عَلَى الكَثِير مِنْ الأطعِمة أوْ المُشتهيات أحد الآباء القِدِيسِين يَقُول[ عَوِّد نَفْسك أنْ تأكُل مَا تحتاجه وَلَيْسَ مَا تشتهِيه ] جرَّب أنْ ترتفِع عَنْ الأكل سَتَجِد جسدك بدأ يهدأ وَبدأ ينضَبِط مَعَ ضبط عِين وَضبط أُذُن سَتَجِد نَفْسك قَدْ بدأت تكتسِب طَبِيعة لِجسدك طَبِيعة مَلاَئِكِيَّة لأِنَّكَ عِندما تضبُط جسدك فِي الأكل ستعرِف أنْ تضبُط جِسمك فِي الشَّهوة لِذلِك عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون جسدك وَاهتِمامك بِهِ لَيْسَ زِيادة وَلاَ أقل مِنْ المفرُوض لِيكُنْ إِهتِماماً عَادِياً عَوِّد نَفْسك أنْ يَكُون ملبسك وَمظهرك وَشكلك وقُوراً وَمُحترماً زِينة النَّفْس الدَاخِلِيَّة يَجِب أنْ يَكُون لَكَ إِعتِدال وَعِفَّة فِي كُلَّ أمورك وَاعلم أنَّ إِنساناً مِثْلَ دَانِيال النَّبِي أخذ مراحِم مِنْ رَبِّنَا لأِنَّهُ كَانَ عَفِيفاً فِي أكله وَإِنْ كَانَ فِي قصر مَلِك .
4- حُب المُقتنيات :-
هل ترى أنَّهُ كُلَّمَا كَانَ الإِنسان مُحِباً لِلمُقتنيات ذاتِياً أنَانِياً كُلَّمَا كَانَ لِذلِك إِرتِباط بِالشَّهوة أم أنَّهُمَا شيئان مُنفَصِلان ؟
إِنسان مِثْل يهُوذا مَا الَّذِي جعلهُ يُسَلِّم المَسِيح ؟ الثَلاَثُون مِنْ الفِضَّة حُب المُقتنيات جعلهُ يبِيع المَسِيح ؟!! ياه لِماذا ؟ ذلِك لأِنَّهُ حاول أنْ يَكُون أفضل الإِنسان الَّذِي يُرِيد النَصِيب الأكبر الَّذِي يُرِيد لِنَفْسه أنْ تشتهِي الدُنيا وَتشتهِي أنْ تملُك ذلِك الشخص الَّذِي يُحِب نَفْسه تَجِده لاَ يستطِيع أنْ يضبُط نَفْسه فِي الشَّهوة تَجِده يَتَعَامل مَعَ الأُمور الَّتِي حوله كُلَّهَا بِحُب إِقتِناء وَحُب تَمَلُّك وَحُب ذات كُلَّ شِئ يَتَمَنىَ أنْ يقتنِيه أي شِئ يراه يُرِيده أي شِئ يراه يُرِيده حَتَّى لَوْ كَانَ هذَا الشِئ مكاناً أوْ كانت بِنتاً أوْ سَيِّدة ؟!!! فَهُوَ يعتبِر أنَّ هذَا جُزء مِنْ حُبَّه لِلتَمَلُّك وَحُبَّه لأمور العالم إِنَّهُ يُغَذِّي ذاته يُغَذِّي حُبَّه لِلعالم لِذلِك هُناكَ إِرتِباط وثِيق بينَ " شهوِة الجسد وَشهوِة العيُون وَتَعَظُّم المَعِيشة " ( 1يو 2 : 16 ) يوجد إِرتِباط وثِيق جِدّاً بينَ الإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أبداً أبداً أنْ يضبُط شهوِة نَفْسه فِي المُقتنيات وَبينَ الشَّهوة لَكِنْ الإِنسان المُتَعَفِّف الإِنسان العَفِيف فِي المِلكِيَّة الإِنسان الَّذِي يُعطِي الَّذِي يبِيع مِنْ أجل المَسِيح هذَا يَكُون عِنده ضبط لِغَرِيزته لأِنَّهُ دَاسَ عَلَى أمور كَانَ مِنْ المُمكِنْ أنْ تَكُون لديهِ الرغبة فِي إِقتنائِهَا لِذلِك كُلَّمَا كَانَ عِندك قناعة وَتَقُول مَعَ مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول [ قَدْ تَعَلَّمْتُ أنْ أكُونَ مُكْتَفِياً بِمَا أنَا فِيهِ ] ( في 4 : 11 ) تَجِد أنَّ العِفَّة بِالنِسبة لَكَ قَدْ أصبحت أسهل تقُول " يعنِي أبُونَا عايِز يِزَنَّق عَلِينا مِنْ كُلَّ حاجة يعنِي لاَ فِكر وَلاَ نظر وَلاَ سمع وَلاَ قِنية !!! " أقُول لَكَ الحياة مَعَ رَبِّنَا باب ضَيَّق أنَا لاَ أكَلِّمك عَنْ باب وَاسِع إِنَّهُ باب ضَيَّق [ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ ] ( مت 7 : 14 ) لَكِنْ [ لاَ تخف أيُّهَا القَطِيعُ الصَّغِيرُ لأِنَّ أبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أنْ يُعطِيكُمُ المَلَكُوتَ ] ( لو 12 : 32 ) لِذلِك مهما بدت الخَطِيَّة لَذِيذة أوْ جَمِيلة تَذَكَّر دَائِماً أنَّهُ لَيْسَ موضُوع لحظة إِنَّ عَاقِبتها مُرَّة [ قَدَمَاهَا تنحَدِران إِلَى الموتِ خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالهَاوِيَةِ ] ( أم 5 : 5 )[ أبْعِدْ طَرِيقكَ عَنْهَا ]( أم 5 : 8 )إِنَّ عدو الخِير هُوَ الَّذِي يُحَاوِل دَائِماً أنْ يزرع فِينَا أنَّ الخَطِيَّة شِئ طبِيعِي وَلَذِيذ وَمحبُوب قُل لَهُ لاَ إِنِّي أجتهِد أنْ أضبُط نَفْسِي وَجسدِي وَأضبُط نظراتي وَانفِعَالاَتِي الخَطِيَّة مُرَّة الخَطِيَّة مَذلَّة مُهِينة وَقَبِيحة تقرأ فِي بُستان الرُهبان عَنْ رَاهِب كَانَ مُحارباً بِخَطِيَّة الشَّهوة وَالزِنا فَسألَ مُعَلِّمه ماذا أفعل خَلاص لَمْ أعُد أقدِر أُرِيد أنْ أذهب لِلعالم ؟ فَقَالَ لَهُ مُعَلِّمه " خُذ قَلِيلاً مِنْ الخُبز وَقَلِيلاً مِنْ الماء وَامضي إِلَى البَرِّيَّة لِمُدة أربعِين يوماً "فَأطَاعَ مُعَلِّمه وَبعد عشرِين يوماً مِنْ الجِهاد رَبِّنَا سمح أنْ يُرِيه منظر إِمرأة رَدِيئة جِدّاً شكلها مُخِيف سَيئ جِدّاً رَائِحتها كَرِيهة جِدّاً جِدّاً جِدّاً فَقَالَ لَهَا مَنْ أنتِ ؟ فَقَالت لَهُ أنَا شيطان الزِنا الَّذِي يُغوِي النَّاس وَأتَزَيَّن بِشكل حلو وَرَائِحة حلوة أتَزَيَّن بِمَا لَيْسَ فِيَّ لَكِنْ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي أمرنِي أنْ أظهر لَكَ عَلَى حَقِيقتِي لِذلِك حَاوِل أنْ تجتهِد أنْ تعرِف أنَّ عَاقِبتها مُرَّة وَكُنَّا قَدْ تحدَّثنا فِي مرَّة سَابِقة عَنْ تقدِيس الغرِيزة وَكيفَ أنَّ الله أعطانا إِيَّاهَا لاستخدام مُقَدَّس لاَ لِلَذة بَلْ لِلإِحتِياج فَالله قَدْ وَضَعَ هدفاً لِكُلَّ غرِيزة فِينَا فَمِثلما أعطاك غرِيزة الأكل لاَ لِتَظِل تأكُل وَتشرب بَلْ لأِنَّكَ تحتاج الأكل كي تحيا وَتعمل " يِمَشِّيك " هَكَذَا أعطاك الغرِيزة كي تَكُون لديكَ وَسِيلة لِحِفظ النُوع وَالتناسُل كي يُبقِي عَلَى الإِنسان مِنْ صَلاَح رَبِّنَا لِذلِك يَجِب أنْ تُدرِك أنَّ الزواج مُقَدَّس وَأنَّ العِفَّة ليست لِلشُّبان فقط بَلْ هِيَ أيضاً لِلمُتَزَوِجِين لأِنَّ حَتَّى المُتَزَوِج يَجِب أنْ يحيا فِي عِفَّة عِفَّة فِي حياته الدَاخِلِيَّة لاَ تظُنْ أبداً أنَّهُ عليكَ أنْ تكبِت فِي رُوحك وَنَفْسك إِلَى أنْ تَتَزَوج !! أقُول لَكَ لاَ الزواج لَيْسَ حِلاً أوْ رُخصة لِمُمارسة الشَّهوة أبداً الزواج مُقَدَّس وَالإِنسان الَّذِي لاَ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي شبابه لَنْ يعرِف أنْ يضبِط نَفْسه فِي زواجه وَهذَا هُوَ السبب فِي أنَّكَ قَدْ تَجِد إِنساناً مُتَزَوِجاً لَكِنْ عِينه غِير مُنضَبِطه وَأنتَ كَشاب تقُول فِي نَفْسك " إِنْ كَانَ هذَا الرجُل مُتَزَوِج فَلِماذا يفعل هذَا ؟ !! " ذلِك لأِنَّهُ أساساً مُستهتِر غِير عَفِيف فِكره سَائِب عِينه سَائِبه أُذُنه مُستحِكة لِذلِك لاَ يستطِيع أنْ يضبِط نَفْسه أبداً لأِنَّ الأمر مُتَعَلِّق بفِكره وَعِينه وَمظهره وَجسده لِذلِك تَعَوَّد أنْ تَتَعَامل مَعَ الكُلَّ بِمَحَبَّة وَبَساطة وَإِنِّي أفَضَّل أنْ يَكُون صَدِيقك المُقترِب إِليكَ الَّذِي تقِف معهُ كَثِيراً وَتَتَكَلَّم معهُ وَتحكِي معهُ فتى مثلك لأِنَّ الصداقة مَعَ الجِنس الآخر تحتاج إِلَى نُضج وَوَعي رُوحِي وَهُوَ شِئ نفتقِده نوعاً وَكَذلِك هُناكَ فرق بينَ الصَدَاقة وَالعِلاَقة الغِير مضبُوطة لأِنَّ كَثِيراً مَا تَجِد شاباً يقُول " يَا أبُونَا أنَا كُلَّ أصحابِي الوِلاد مَا برتاح لهُمش لَكِنْ فِيه واحدة أنَا برتاح لَهَا !! " – معقُول – كُلَّ الأولاد لاَ ترتاح لَهُمْ وَالَّتِي ترتاح لَهَا هِيَّ بِنت فقط !!!! ألاَّ يُعطِيكَ هذَا مؤشِراً أنَّ بِدَاخِلك شِئ غِير صَحِيح فَانتَبِه لأِنَّ هذَا الشُعُور لَيْسَ سَلِيماً لاَ تترُك نَفْسك لِهذَا الأمر أُضبُط نَفْسك صَحِيح الولد فِيه مِيل لِلبِنت لاَ نِنكِره لَكِنْ هذَا المِيل يَجِب أنْ يَكُون مِيلاً مُنضَبِطاً مُقَدَّساً العِفَّة مُحَصِّلة لأمور كَثِيرة جِدّاً جِدّاً كُلَّما تِجَاهِد فِيها كُلَّما تذُوق عربُونها لأِنَّها عربُون الحياة الأبَدِيَّة الحياة السَّمَاوِيَّة المَلاَئِكِيَّة الإِنسان الَّذِي يجتهِد أنْ يُقَدِّس فِكره وَسمعه وَمُقتنياته الَّذِي يبتَعِد عَنْ العثرات الَّذِي لَهُ نظرة عَلَى استحياء تَجِد لَهُ عُمقاً فِي حياته كُلَّمَا سنبدأ نذُوق جُزءاً مِنْ عمل نِعمة رَبِّنَا فِي العِفَّة كُلَّمَا سَنُحِبَّهَا أكثر كُلَّمَا تفتح لَنَا كنُوزها أكثر كُلَّمَا نفرح بِهَا لأِنَّهَا تُعطِي الإِنسان عذوبة وَتجعل الإِنسان يرفُض الدنس أكثر وَيعرِف كيفَ يقتنِي إِناءه بِقَدَاسة وَكَرَامة كَقُول مُعَلِّمنا القِدِيس بُولِس الرَّسُول ( 1تس 4 : 4 ) هذَا هُوَ جمال العِفَّة رَبِّنَا يُعطِينا عِفَّة تشمل كُلَّ أمور حياتنا حَتَّى نحصُل فِي النِهاية عَلَى العِفَّة الَّتِي بدأنَا بِالحدِيث عَنْهَا كَأسمى جَمِيع الفضائِل رَبِّنَا يُعطِينَا نِعمة وَيِكَمِّل نقائِصنا وَيِسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته وَلإِلهنَا المجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد