المقالات
25 سبتمبر 2025
بدعة نيبوس
بدعة الألف سنة
ذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى تحت عنوان " نيبوس وبدعته "
1 - وعلاوة على كل هذه فإنه هو الذى كتب أيضاً الكتابين عن المواعيد، أما سبب كتابتهما فهو أن نيبوس أحد أساقفة مصر نادى يأن المواعيد التى أعطيت للأتقياء فى الأسفار الإلهية يجب أن تفهم بروح يهودية، وأنه سوف يكون هنالك ألف سنة تقضى فى تمتع جسدى على هذه الأرض.
2 - وإذ توهم بأنه يستطيع أن يدعم رأيه الشخصى من رؤيا يوحنا كتب كتاباً عن هذا الموضوع عنوانه " تفنيد الرأى القائل بتفسير الكتاب مجازياً "
3 - ويقاوم ديونيسيوس هذا الكتاب فى كتابيه عن "المواعيد" ففى الأول يبين رأيه عن العقيدة، وفى الثانى يتحدث عن رؤيا يوحنا، وإذ يذكر أسم نيبوس فى البداية يكتب عنه ما يلى:
4 - ولأنهم يقدمون مؤلفاً ل نيبوس، يعتمدون عليه كلية، كأنه قد أثبت أثباتاً قاطعاً أن هنالك سيكون ملك المسيح على الأرض، فإننى أعترف بتقديرى ومحبتى ل نيبوس من نوا أخرى كثيرة، لأجل أيمانه ونشاطه وأجتهاده فى الأسفار المقدسة، ولأجل تسابيحه العظيمة التى لا يزال الكثيرون من الأخوة يتلذذون بها، ويزداد أحترامى له لأنه سبقنا إلى راحته على أن ألحق يجب أن يحب ويكرم قبل كل شئ، ومع أننا يجب أن نمتدح ونصادق على كل ما يقال صوابا، دون أى تحيز، فإننا يجب أن نمتحن كل ما يبدو أنه لم يكتب صواباً و ونصححه.
5 - لقد كان يكفى أن يكون موجوداً لشرح رأيه شفوياً وأقناع مقاوميه دون حاجه إلى تدوين مناقشاته كتابة، ولكن نظراً لأن البعض يظنون أن مؤلفة لا غبار عليه، ونظراً لأن بعض المعلمين يعتبرون أنه لا أهمية للناموس والأنبياء، ولا يتبعون الأناجيل، ويستخفون بالرسائل الرسولية، وينتظرون إلى المواعيد - وفق تعليم هذا الكتاب - كأنها أسرار خفية، ولا يسمحون لأخوتنا البسطاء بتكوين آراء سامية رفيعة عن ظهور ربنا المجيد الإلهى، وقيامتنا من ألأموات، وأجتماعنا إليه، وتغييرنا على صورته، بل بالعكس يدفعونهم إلى أن يرجوا أمور تافهة زمنية فى ملكوت الرب، أموراً كالموجودة الآن - نظراً لأن هذا هو الموقف، فمن الضرورى أن نناقش أخانا نيبوس كأنه موجود." وبعد ذلك يقول:
6 - ولما كنت فى أقليم أرسينوى حيث سادت هذه التعاليم زمناً طويلاً كما تعلم، الأمر الذى نشأ عنه أنشقاق بل أرتداد كنائس برمتها دعوت قسوس ومعلمى الأخوة فى القرى والأخوة الذين أرادوا أيضاً الحضور ونصحتهم بفحص هذا الأمر علانية.
7 - وإذ قدموا إلى هذا الكتاب، كأنه سلاح ماض وحصن لا يغلب، وجلست معهم من الصباح إلى المساء ثلاثة أيام متوالية، جاهدت لتصحيح ما كتب.
8 - وأغتبطت بمثابرة وإخلاص الأخوة ودماثة خلقهم إذ كنا نبحث بالترتيب وبهدوء المسائل والصعوبات التى تحت البحث، والنقط التى أتفقنا عليها، وقد تحاشينا كلية، من دون نزاع، الدفاع عن أى رأى كنا نعتقده سابقاً، إلا إذا أتضحت صحته، كما أننا لم نتجنب أى أعتراض، وأجتهدنا على قدر أستطاعتنا أن نثبت ونؤيد الأمور المعروضة علينا وإن أقنعتنا بالبراهين المقدمة لم نخجل من تغيير آرائنا وموافقة الآخرين، بالعكس أننا بكل أخلاص ونزاهة، وبقلوب مكشوفة أمام الرب، قبلنا كل ما أيدته بالبراهين تعاليم الأسفار الإلهية.
9 - وأخيراً أعترف منشئ وباعث هذا التعليم - ويدعى كوراسيون - على مسمع كل الأخوة الحاضرين، وشهد لنا بأنه لن يتمسك بعد يهذا الرأى أو يناقشة، أو يذكره أو يعلم به، إذ أقتنع أقتناعاً كلياً بفساده،،ابدى بعض الخوة الآخرين سرورهم بالمؤتمر، وبروح الصفاء والوفاق التى أظهرها الجميع.
من كتاب المؤرخ القس منسى عن هرطقة نيبوس:
من هو نيبوس؟
كان نيبوس أسقفاً لأيبروشية أرسينو عاصمة محافظة الفيوم، وقد كانت له صفات وأخلاق جيدة فكان شعبه يحترمه احتراماً زائداً، وفى اثناء تعليمه لشعبه أكد إقتراب الوقت الذى يملك فيه المسيح ألف سنة على الأرض كأحد ملوك العالم مفسراً ما قيل فى سفر الرؤيا عن المجئ الثانى تفسيراً حرفياً، وكتب كتاباً أسماه " مضادة المتغزلين " وأزدرى بمن يقاومون فكره عن الأف سنة، وأعترض فيه على من يعتقدون أن ما جاء فى سفر الرؤيا يدخل تحت باب المجاز، فوجدت هرطقته أرضاً خصبة لأنه أجهد نفسه فى أقناع رعيته بتلك البدعة فقبلوها بدون فحص.
أصل هذه البدعة
ولم يكن أعتقاد نيبوس فكراً جديداً فقد أنتشر فى عهد العلامة أوريجانوس فقاومة وأستطاع إفناؤه حيث انه فسر الايات التى تصرح بملك المسيح ألف سنة أنها تشير إلى الفراح السمائية الروحية المناسبة لطبيعة الأرواح التى تقوم كاملة وهذا لا يكون فى هذا العالم بل العالم الآتى وقصد نيبوس إحياء هذه العقيدة مرة أخرى بعد إضمحلالها، ثم بعد موت نيبوس أخذ رجل أسمه كراسيوس على عاتقه إحياء هذه البدعة وكان رجلاً غنياً من الأشراف وخبيراً وذو سطوة وحدث أن البابا ديونيسيوس كان يتفقد رعيته فى الأقاليم سنة 255 م وذهب إلى أرسينوى عاصمة الفيوم فى ذلك الوقت، فعرض تابعوا هذه الهرطقة عليه أن يحكم فيها فإستعمل الحكمة المتناهية وجذبهم إليه باللطف والرقة، فعقد مجمعاً لمدة ثلاثة ايام متوالية، ذكر أتباع هذه الهرطقة حججهم التى رددها على مسامعهم نيبوس وبعدها كتب البابا رسالة بها نبذة فى " المواعيد الإلهية " فند فيها آراء نيبوس ودحض فيها تلك الأفكار ولم يكتف البابا ديونيسيوس بذلك بل وضع شرحاً لسفر لارؤيا قاعدته أنه لا يجب أن يفسر عبارات هذا السفر تفسيراً حرفياً، لأنه عبارة عن رموز وتنبؤات بعضها تم وبعضها سيتم فى وقته ويقول بعض المؤرخون أن هذا البابا كان يرى أن يوحنا الرسول ليس هو الذى كتب سفر الرؤيا بل وضعه يوحنا آخر غير أنه أعترف بأنه سفر موحى من الرب الإله يجب قرائته مع الحذر الكلى.
المزيد
24 سبتمبر 2025
الرب ملك على خشبة (مز ٩٥ )
إن أصلح صورة للمسیح كملك، ھي صورته وھو مصلوب ذلك لأنه على الصلیب اشترانا بدمه (رؤ ٥: 9) فصرنا ملكًا له، وھكذا ملك الرب على العالم الذي اشتراه، وھكذا بدأت مملكة روحیة للرب ونحن
ننظر إلى ھذا الملك الذي اشترانا، ونغني له في یوم الجمعة الكبیرة لحن "بیك إثرونوس" أي "عرشك یَا الَلهُ إِلَى دَھْرِ الدُّھُورِ قَضِیبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِیبُ مُلْكِكَ" نقول له " تَقَلَّدْ سَیْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَیُّھَا الْجَبَّارُ، واستله
وانجح واملك" (مز ٤٤).
كیف ملك الرب على خشبة؟ وما قصة ھذا المُلك؟
الرب یملكنا منذ البدء، لأنه خلقنا وأوجدنا من العدم، ولكننا بالخطیة انفصلنا عن ملكوت الله، وبالخطیة ملك الموت علینا (رو ٥: 17 , 14) إذ صرنا تحت حكمه والسید المسیح على الصلیب، بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، ووھبنا الحیاة، فصرنا له بمُلك الخطیة والموت، كان الشیطان أیضًا یملك، ولذلك تلقب في الإنجیل أكثر من مرة بأنه "رَئِیسُ ھذَا الْعَالَمِ" (یو ۱۲: 31) ، أي العالم الذي تحت الخطیة والموت وبالصلیب، استطاع المسیح أن یقضي على مملكة الشیطان،ویدوس الموت، ویدفع ثمن الخطیة وإذا بالرب یقول عن الشیطان "رَئِیسَ ھذَا الْعَالَمِ قَدْ دِینَ" (یو ۱٦: 11) ویقول أیضًا "رَأَیْتُ الشَّیْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ" (لو ۱۰: 18) إن السید المسیح قد ھزم الشیطان في كل تجاربه وكل حروبه، ولكنه بالصلیب تمم الفداء الذي قضى على ملكه كل ما اقتناه الشیطان خلال آلاف السنین، أفقده المسیح إیاه على الصلیب لما افتدى الناس من خطایاھم، لذلك فإن الشیطان یخاف الصلیب الذي یُذكِّره بھزیمته ولھذا كان لعلامة الصلیب سلطان على الشیطان ھذا الفادي ھو ابن الله الذي یقدم كفارة غیر محدودة، تكفي لغفران جمیع الخطایا لجمیع الناس في جمیع العصور، لذلك صرخ الشیطان على أفواه تابعیه بعبارته المشھورة "إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِیبِ" (مت ۲۷: 40 ؛ مر ۱٥ : 30) وسكت المسیح لأنھا عبارة لا تستحق الرد فھو، لأنه ابن الله، صعد على الصلیب، وملك اللص على الصلیب اعترف بملكوت المسیح فقال "اذْكُرْنِي یَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ" (لو ۲۳: 42) ولعله كان یقصد الملكوت الآتي،ولكن السید المسیح نبه اللص إلى موضوع ھام، وھو أن ھناك مملكة قد تأسست على الصلیب ، وبدلاً من عبارة "متى جئت" قال له "الیوم تكون معي" أبشر، فالیوم قد بدأت مملكة المسیح، وقد تقلد سیفه على فخذه،وقید الشیطان ألف سنة، وسقط الشیطان مثل برق من السماء كان المسیح على الصلیب أكثر جمالاً وجلالاً من كل أصحاب التیجان حینما نقول له "قَضِیبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِیبُ مُلْكِكَ" نقصد أنه ملك بكل استقامة، بكل عدل، بدفع ثمن الخطیة ووفاء العدل الإلھي تمامًا مبارك الرب في ملكه.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
23 سبتمبر 2025
فكرة لليوم وكل يوم { اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ}
لما كان الصليب هو علامة محبة الله وفدائه وبذله وخلاصه المقدم للبشرية، فقد جعله المسيحيين شعار لهم يضعونه أعلى كنائسهم ومؤسساتهم ويفتخرون به ويعلقونه على صدرهم ويحملونه كرمز لإيمانهم فالصليب حياة وقيم روحية وروح وعقيدة {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17) كما أن حمل الصليب وتبعية المصلوب فى طريق البذل والعطاء والمحبة والتواضع والصبر من وأجبات التلمذة للمسيح ودعوته الخلاصية { تَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ} (مر21:10) وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو سبب خلاصنا ونجاتنا من طوفان العالم الشرير{ فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18) الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي لأن تأثيره الفعال يمتد في الحاضر والمستقبل لأن الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا وقداسة وبرًا وفداء بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو 9 : 23) أنكار الذات يعنى أن نتمم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا { لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22) المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2) لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجله وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5) ونحن في الصلاة الربانية نصلي {لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6) فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟
حمل الصليب بشكر سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب 12 : 2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب فننفذ من خلال الصليب إلى أحشاء رأفات الله، وتحتضن أحشاؤه الحانية نفوسنا الخائرة لتحميها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن في الواقع نجد الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18) من أجل السرور الموضوع أمامنا والأبدية السعيدة التى نجاهد من أجلها فاننا نحمل الصليب بشكر وفرح وننال منه البركة والحكمة والقوة على رجاء المجد العتيد أن يستعلن فينا.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
22 سبتمبر 2025
الصليب والجمال الحقّ
لا نخاطب الأطفال بما قد يخيفهم وذلك في سنيهم الأولى لأنّ ما قد نزرعه رهبة يرسب في الوجدان ويشكل الوعي والحياة فيما بعد إلاّ أنّه في الحياة الروحيّة تبدأ قامة الطفولة بإعلان الصليب شعارًا للحياة ولكنّه الصليب المتفجِّر بضياء القيامة لا تكرز المسيحيّة بصليب مجرّد، بصليب نهائي، بصليب ختامي للرواية الإلهيّة المدوّنة بأحبار الزمن البشري الصليب في المسيحيّة في حالة تجلٍّ، لأنّ منه تقطر قطرات دمٍ هي هي واهبة للحياة ليس موتًا صارمًا يختم العقيدة الفكريّة التي نعتنقها بأختام الألم ولكنّه حياة تجدّد معنى الموت برسمه بأقلام النور والفجر والضياء السرمدي حينما نعانق الصليب ونُقبِّله، لا نُقبِّل موتنا بل حياتنا، وإن كنّا نَقْبَل مسيرة الموت إلى الحياة حينما نرشم جباهنا وأجسادنا به لا نعلن خضوعنا للألم بل خضوعنا لله وإن كان عبر الألم نحن لا نرى الصليب وحده، بقدر ما نتلمّس ببصائرنا الجديدة، المصلوب، كربّ الحياة وسيد الخليقة ومالك مفاتيح البرّ ودافع حركة الوجود إلى البهاء الدهري في مُلْكٍ مزركش بزينة الروح لقد دعا المسيح الكنيسة لتتبعه حاملة صليبها يرى البعض أن ملمح الألم ونغمة الحزن هي السائدة على هذا النمط من التبعيّة، ولكن دعنا نتساءل، إلى أين سيقودنا؟؟ أليس إلى المجد إلى القيامة لذا فالتبعيّة ليسوع حاملين صليبه تعني أن نسير وراءه نحو المجد المُعدّ لقابلي خلاصه بالروح والحقّ وهنا يظهر الوجه الآخر لعملة التبعيّة؛ فهي ليست آلام السائرين على الطريق ولكنّها ضمان الوصول إلى المجد طالما نتحرّك على آثار يسوعنا المحبوب تلك الصورة نحو المجد وإن كان من خلال بعض أنّات الطريق تفسّر أنغام التهلُّل الصادر من الجمع المتحرّك نحو الأبديّة البَهِجَة من أين يأتي التهلُّل لمن يرزحون تحت وطأة الصليب؟؟؟؟ إنه يأتي من التبعيّة للراعي الحقّ للقطعان الملكيّة لذا فإن وجدت أن نغمات الحزن تغلف عالمك اعلم أنك لا تدرك وراء من تسير وإلى وجهة تتّجه انحسارك في قسوة الصليب وطول الطريق يحرمك من تجدُّد قواك كنسرٍ محلِّق بحريّة الروح الداخليّة، في شباب وفتيّة دائمة الصليب لنا ليس جهالة ولكنّه يقين الواقع الجديد ووعي بآليات تحقُّه فينا الصليب لنا شريعة خطّها الربّ يسوع بقبوله المُجدِّد لقبحه وللعنته؛ فخشبّة الصليب تحوّلت بارتفاع المصلوب عليها إلى عرش ملكي، هذا ما نراه؛ السيد مرتفعًا على عرشٍ من خشب يجدّد عليه واقع الإنسان المنهزم بجمالات الحياة زائفة من هنا ننطلق في تكوين وعي جمالي مسيحي خاص؛ فالجمال في المسيحيّة ليس ذهبٍ وفضة وثياب ملكيّة وبهرجة إمبراطوريّة إلخ ولكن التجلِّي الحادث بسكنى الله وإن كان المسكن قبيح بدرجة الصليب ما قبل ارتفاع السيّد الصليب بيسوع صار جمالاً لقد استقطب ذاك الأبرع جمالاً من كلّ البشر أفئدة الخليقة لتترنّم للجمال المجروح من أجل حياة العالم.
أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد
21 سبتمبر 2025
إنجيل قداس الأحد الثانى من شهر توت لو 10 : 21 - 28
"و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك و التفت الى تلاميذه و قال كل شيء قد دفع الي من ابي و ليس احد يعرف من هو الابن الا الاب و لا من هو الاب الا الابن و من اراد الابن ان يعلن له و التفت الى تلاميذه على انفراد و قال طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه لاني اقول لكم ان انبياء كثيرين و ملوكا ارادوا ان ينظروا ما انتم تنظرون و لم ينظروا و ان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا و اذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا فاجاب و قال تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك و قريبك مثل نفسك فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا".
يعوزك شيء واحد
وفيما هو خارج إلى الطريق ركض واحد وجثا وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لارث الحياة الأبدية ؟ فقال له يسوع أنت تعرف الوصايا لا تزن لا تقتل الخ فاجاب وقال يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثي فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد أذهب وبع كل مالك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعنى حاملا الصليب فاغتم على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة ثم قال الرب للتلاميذ ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله .
سؤال للغنى :
ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟
ان هذا الشاب على ما يبدو مهتم بحياته الابدية وميراث الملكوت فتراه يركض ويجثوا أمام الرب يسوع ويسأل كيف يرث الحياة الأبدية ؟ ولكن يسوع يمتحن قلب الذين يطلبون الملكوت وكثيراً ما يجيب على سؤالهم بسؤال ولكن سؤال يسوع ليس لعدم معرفته بأحوالنا ، ولكنه يدخلنا مباشرة إلى النور والطريق المؤدى إلى الحياة ويشجعنا لكي تدخل فيه فالرب يسوع يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون وهو لا يشاء موت الخاطى ولا يسر بهلاكه . بل ان الفتيلة المدخنة والقصبة المرضوضة لها رجاء عنده .
سؤال يسوع :
أنت تعرف الوصايا : لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تسلب وأكرم أباك وأمك العجيب جداً أن الرب يسوع لم يذكر له الوصايا من أولها و تحب الرب إلهك من كل قلبك الخ إن الرب في حنانه يساله أولا عن الوصايا التي يعرفها والوصايا التى يحفظها وعندما أجاب الشاب بالايجاب نظر إليه الرب نظرة مملوءة حب ، نظرة تشجيع قائلا : يعوزك شيء واحد أذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء ، فيكون لك كنز في السماء وتعال أتبعنى حاملا الصليب وهنا يكشف الرب أمراً في غاية الأهمية والخطورة :ماذا تنفع الوصايا بدون محبة الله من كل القلب ؟
قد يقول واحد "اللهم انى أشكرك انى لست مثل سائر الناس الخاطفين والظالمين والزنا أصوم مرتين كل أسبوع وأعطى عشراً من كل أموالى ؟
و لكن يا عزيزي هل تحب الله من كل القلب ؟ ما هي علاقتك الشخصية بالله هكذا قال الرب لهذا الشاب يعوزك محبتى من كل القلب أذهب أفعل هذا فمضى حزيناً لأنه كان يحب آخر؟ يحب العالم ، يحب المال من أراد أن يكون محباً للعالم فقد صار عدواً لله اني أؤثر يا ربى أن أكون فقيراً من أجل حبك على أن أكون غنياً بدونك أختار التغرب معك على الأرض أفضل من امتلاك السماء بدونك .
هناك نوع من المعرفة الكاذبة للوصايا الإلهية
معرفة عقلانية
مثل إنسان يحفظ وصايا المسيح عن ظهر قلب . ويناقش في الأمور الروحية ، ويتخيل في نفسه أنه يعرف الإنجيل بينما هو مرتبط بمحبة المال ، محبة العالم ، محبة الشهوات لمثل هذا الإنسان يقول الرب يسوع يعوزك شيء واحد أذهب وبع وتعال أتبعنى حاملا الصليب ان هذا الشاب لا يزنى ولا يقتل ولا يسرق ويكرم أباه وأمه فماذا يطلب منه الرب أكثر من هذا ؟
ألا يستحق مثل هذا الشاب التقى في عيني نفسه وفي عيني المجتمع أن يدخل الملكوت ؟ لو وجد مثل هذا الشاب في مجتمعنا الآن لمدحه الجميع من أجل أخلاقياته ومن أجل استقامته و لكن الملكوت لا يوهب من أجل الأخلاق ، ولكنه يعطى للمحبين لله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة . هذا الأساس يجعل الفريسى الذى يصلى إلى الله ويصوم مرتين في الاسبوع ، مستحقاً للسكوت ولكن الرب يسوع يطالبنا بالوصية الأولى والعظمى ، تحب الرب إلهك من كل القلب ومن كل الفكر ومن كل القدرة وبدون هذه الوصية يصير كل شيء باطلا هناك أمثلة كثيرة طلب الرب إليهم أن يعملوا أموراً خارقة و فائقة للطبيعة فعملوها بفرح ووصلوا إلى ملكوت الله موسى أبى أن يدعى ابن ابنة فرعون مفضلا بالأحرى أن يذل مع شعب الله ، حاسباً عار المسيح عنده غنى أفضل من كل خزائن مصر ابراهيم قال له الله سر أمامى وكن كاملا فسمع الصوت الإلهى وأطاع و لما قال له الله اترك أهلك وعشيرتك ، خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي و لما قال له الله خذ ابنك وحيدك الذي تحبه و قدمه لى محرقة على الجبل الذي أعلمك به قام باكراً وقدم ابنه ولم يمسك ابنه الوحيد ولاوى قال له الله اتبعنى فقام من مكان الجباية وترك كل شيء وتبع الرب وهكذا بقية التلاميذ وتركنا كل شيء وتبعناك ،أما هذا الشاب فعندما قال أذهب وبع أملاكك واعط للفقراء فاغتم على الفور ومضى حزيناً . أين ما كان يبدو من اهتمام من أجل الملكوت ؟ لقد كان يركض ويجثو على ركبتيه أمام المخلص ويسأل بلهفة . و لكن عندما طلب منه أن يبذل شئ من أجل الملكوت اغتم هو يريد أن يحصل على الملكوت ولا يريد أن يبذل من أجل الملكوت .يريد أن يأخذ ولا يريد أن يعطى .مع أن ملكوت المسيح هو "الغبطة في العطاء أكثر من الأخذ " القديس العظيم الأنبا أنطونيوس سمع هذا الفصل من الإنجيل فى القرن الرابع ، فمضى على الفور وباع كل ما كان له ( ٣٠٠ فدان من أجود الأرض ) . ومع أن الشاب الذي سمعها لم تنفعه الكلمة . ولكن القديس أنطونيوس قبلها بفرح وخبأها في قلبه وخضع لناموسها ونفذها بشجاعة فرفعته الكلمة الإلهية إلى فوق وصار من أكبر القديسين الذين أرضوا الرب .
اتبعني حاملا الصليب.
هذا هو ملكوت المسيح الحقيقي ، وطريق الخلاص الذي يرفضه كثيرون ، لأن البعض يرسم صورة خيالية للملكوت ويطلبون راحتهم ومتعتهم ويتصورون الملكوت فرصة للذات البشرية وللتمتع ولكن ملكوت المسيح يبدأ بإنكار الذات و صلب الذات فنحن في المسيح نموت لنحيا حياة أبدية ونصلب معه لنقوم فيه ونسلك فى الحياة الجديدة الذين لا يقبلون صلب المسيح لا يكون لهم نصيب في مجده و قيامته، ومن الأمور اليقينية أن غنى هذا الشاب صار صخرة عثرة أمام خلاصه لقد صار غناه ترف ورفاهية وتلذذ وشهوات وما أبعد هذا الطريق عن الصليب ما أحوجنا إلى الصليب الذي يضع حداً لطغيان الأمور العادية في حياتنا ويسمر إنساننا العتيق ويصلبه فنتحرر من كل رباطات وعبودية هذا العالم ونختبر حرية مجد أولاد الله .
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات روحية فى قراءات أناجيل آحاد السنة القبطية
المزيد
20 سبتمبر 2025
مشيئة الله
من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية بركاته على جميعنا آمين ” لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة “ ( رو 12 : 2 ) كيف أعرف مشيئة الله ؟
أولاً سمات مشيئة الله :-
1- مشيئة الله صالحة :-
كلمة " صلاح " في الكتاب المقدس وردت بأكثر من معنى إما إنها شئ حسن وباليونانية تُدعى" كيلوس " أي الخير النسبي وهناك معنى آخر بإنه شئ حسن جداً لطف أو وداعة وصاحبه لا يأذي ولكنه لا يُقدم عمل إيجابي وهناك معنى ثالث وهو " أغاثوس " أي الصلاح المُطلق أو الخير الإيجابي العطاء الذي بلا حدود ولا يتوقف على الآخر وهذا النوع من الصلاح هو المقصود بالنسبة لحديثنا عن الله فإنه صالح رغم تعدياتنا تُضئ بشمسك على الأبرار والأشرار وتُضئ على كل المسكونة وعندما تُعاقب فإنك تُعاقب من أجل النجاة والخلاص إن الله إرادته صالحة دائماً ولا تتوقف على شرك أو خطيتك يريد الله أن يقودنا إلى ينابيع الفرح إنه يريد أن يسدد كل احتياجاتنا .
2- مرضية :-
الرضا هو كمال القبول أي تعطينا قدر من الفرح والكفاية والسرور ولا تجعلنا نحتاج إلى شئ آخر إن مشيئة الإنسان عاجزة جداً أن تُرضي الإنسان فتجد الإنسان غير راضي عن حياته لكن مشيئة ربنا تعمل للإنسان إرضاء كامل حتى ولو كانت مؤلمة وإن وُجِد إنسان غير راضي ذلك لأنه لا يوقن أنه خاضع لإرادة الله وهذه سمة من سمات المجتمع وعليك أن تعرف أن الرضا من سمات الفردوس يجب أن يكون هناك إيمان كامل بأن الله جعلني في هذا الوقت في هذه الظروف كجزء من خطة خلاصي .
3- كاملة :-
الله يهتم بالكل أيضاً يهتم بالروحيات كما يهتم بالجزئيات إن مشيئته كاملة وتعطي اعتبار لكل الأمور ولا تجعل في الإنسان أي عجز أو احتياج .
4- مباركة :
مشيئة الله تعطي بركة للإنسان في حياته وتُزيد على النمو الروحي ومن انسكاب نعمة الله وتُزود من تودُّده من الروح القدس عدم الرضا يأتي بتمرد ثم عصيان ثم الفراق عن الله ولكن الإقتراب إلى الله يأتي بفرح وسلام وشبع وسرور وبركة بركة الله تُنمي في الروح وتُزود علاقتك بالله يجب أن تعرف أن كل ظروف حياتك بسماح من الله لجلب البركة جميل أن تقول له " يارب أقدم لك إرادة حياتي من أجل أن تقودني أنت " .
ثانياً قنوات مشيئة الله :-
1- الإنجيل ( كلمة الله ) :-
عن طريق كلمة آية موقف ستجد الإنجيل يسندك ويؤيدك القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” إن الجهل بالكتاب المقدس هو علة جميع الشرور “ فكلمة ربنا هي التي تُحكِّمك للخلاص ويقول ” سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي “ ( مز 119 : 105) فالإنجيل هو من أهم قنوات الإرشاد الإلهي في القراءة اليومية ستجد كلمة توقفك أو تُعزيك أو تسندك جميل أن تقول لربنا ” برأيك تهديني “ ( مز 73 : 24 ) وفي رسالة تيموثاوس الثانية يقول ” تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تُحكِّمك للخلاص “ ( 2تي 3 : 15) ينبغي التركيز أيضاً في قراءات الكنيسة للحصول على المشورة فالإنجيل يُخاطبكم بما تستريحوا إليه فالإنجيل هو رسالة الله لنا وعلينا أن نستوعبها .
2- روح الصلاة :-
لا تفعل شئ في حياتك بدون الصلاة أُطلب في الصلاة أن الله يُحقق إرادته في حياتك قل له” تكلم يارب لأن عبدك سامع “ ( 1صم 3 : 9 ) إحذر من المشورات الخاصة ولا تخضع لفكرك بل لإرادة الله إن صوت الرب صوت وديع وهادي ما أجمل ما قيل في سفر أرميا النبي عندما أخذ وعد على نفسه أن لا يُنادي باسم الرب بسبب رفض الناس لكلامه ولكن الله لم يتركه فوجدناه يقول ” قد أقنعتني يارب فاقتنعت وألححت عليَّ فغلبت “ ( أر 20 : 7 ) جاء هذا من روح الصلاة روح الصلاة تعطينا فهم ووعي عند الخضوع لكلمة الله يعطينا الله هذا الوعي مثل ما حدث مع إيليا النبي فقط هيئ أُذنك للسمع أُطلب من الله أن يعطيك تأييد لإرادته وسماع صوته .
3- الشهادة الداخلية :-
أي تشعر بسلام ورضاء وفرح شديد جداً داخل قلبك تجاه عملٍ ما فهي علاقة داخلية أن ضميرك وقلبك الذي يسكنه روح الله راضي وسعيد وشاكر حتى أن في سفر يهوديت يقول ” يؤيد كل مشورة قلبك “ ( يهوديت 10 : 8 ) ولكن يكون القلب قد صلى وخضع لمشورة الله ” ليس لك مُشير أنصح منه “ ( سيراخ 37 : 17) من يقود الله حياته يشعر برضى كامل وفرح كامل في سفر العدد يقول ” فماً إلى فمٍ وعياناً أتكلم معه لا بالألغاز وشِبه الرب يُعاين “ ( عد 12 : 8 ) الله يتحدث إلى موسى مباشرةً الله الذي سكن داخلنا سيُحدثنا داخلنا شهادة داخلية القلب فرحان والعقل مقتنع نحن في عهد النعمة والله سكن فينا وهذا هو امتياز المؤمنين أن يحدثنا الله بطريقة مباشرة .
4- الإرشاد الروحي :-
كل النقاط السابقة ينبغي أن تُعرض على المرشد الروحي أب الإعتراف في سفر الأمثال يقول” المقاصد تُثبَّت بالمشورة “ ( أم 20 : 18) الله إستودع كلمته وفكره في الإنجيل وعندما أُخضِع فكري في الإنجيل بهذا بخضع فكري لفكر الله الله آمِّن الكنيسة على فكره ولذلك ينبغي أن أراجع فكري على الكنيسة والكنيسة تعلمنا أن نطيع مُرشدينا من عاش بلا مدبر لا تكون له سلامة ويقول الكتاب ” حيث لا تدبير يسقط الشعب أما الخلاص فبكثرة المُشيرين “ ( أم 11 : 14) راجع فكرك مع أب الإعتراف بطاعة وإخلاص أُطلب صوت الله بروح تضرع نرى بولس عندما ذهب لاستشارة باقي الرسل بكل وداعة لمراجعة الإنجيل يقول ” لما سرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمتهِ أن يُعلن ابنه فيَّ لأُبشِّر به بين الأمم للوقت لم أستشر لحماً ودماً “ ( غل 1 : 15 – 16) .
ثالثاً تحذيرات :-
1- التشاؤم :-
هناك آية صريحة في الإنجيل تقول ” لا تتفاءلوا ولا تعيفوا “ ( لا 19 : 26 ) .
2- القرعة :-
أُسلوب لا يتفق مع العهد الجديد في مشورة الله قصة القرعة كبيرة جداً في الكتاب المقدس ولكن في العهد القديم .
3- مشورة الأشرار :-
السحرة والدجالين وخلافه .
ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
19 سبتمبر 2025
تجويد التعليم الكنسي
تشمل منظومة الخدمة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ثلاث ركائز أساسية هي: “التعليم – التكريس – الرعاية”، وهذه الثلاثة مترابطة وغير منفصلة عن بعضها في العمل الكنسي لتكميل وتجميل الخدمة الكنسية. إن “المعلم والمكرس والراعي” يجب أن يكونوا في المتقدم إلى العمل الكنسي ولكن بنسب متفاوتة، فمثلاً خادم مدارس الأحد يكون معلمًا بمقدار ومكرسًا ساعات من وقته بمقدار وراعيًا لمن يخدمهم بمقدار.. وهكذا خادم الشباب والأب الكاهن والأب الأسقف والراهب الكاهن، ويأتي نجاح هذه المنظومة عندما تتم في إطار إداري مؤسسي منضبط وفعال.
أود في هذا المقال الحديث عن الركيزة الأولى “التعليم”: وخاصة تجويد التعليم الكنسي على كل مستوياته في فصول مدارس الأحد واجتماعات الشباب وعظات العشيات والقداسات والنهضات ومحاضرات المؤتمرات والخلوات وفصول إعداد الخدام امتدادًا إلى التعليم الرسمي في الكليات الإكليريكية والمعاهد الكنسية على تنوعها الدراسي لاهوتيًا واجتماعيًا. ويضاف إلى ذلك المناهج التي تُقدم وتُدرس وكيف يتم تجويدها باستمرار وفقًا لاحتياجات كل قطاع خاصة ونحن نعيش في زمن متسارع بصورة غير مسبوقة في النواحي التكنولوجية والرقمية والذكاء الاصطناعي وكل ما هو جديد في العالم يظهر كل يوم وكل ساعة لقد كانت مدرسة الإسكندرية التي أسسها مارمرقس الرسول في كرازته في الإسكندرية وقبل استشهاده هي اللبنة الأولى في التعليم الكنسي، ويقول العلامة إكليمنضس السكندري: “لقد صاغ الآباء التعليم باستنارة الروح القدس مع الاستفادة الناتجة من دراستهم الفلسفية والأدبية والعلمية التي كانت سائدة في عصرهم واكتسبوها وتعلموها لكي يتواصلوا مع العالم المحيط بهم”. وهكذا امتد التعليم عبر آباء الكنيسة في كل أقوالهم وكتاباتهم وشروحاتهم، وقبل كل ذلك في حياتهم وسيرهم. وصارت مهمة التعليم الكنسي تولد في الكنيسة أي من خلال الليتورجيا ونظام الصلاة الجماعي والشخصي، وتمتد من جيل إلى جيل ليس على مستوى التاريخ بل على مستوى الحياة لأنه كما يقول سفر الأمثال: “بِلاَ رُؤْيَا يَجْمَحُ الشَّعْبُ” (أم 29: 18) وإذا قمنا برسم خريطة للمعاهد والكليات الكنسية المنتشرة بين ربوع كنائسنا في مصر وفي الخارج سنجد الصورة كما يلي:
الكلية الأم بالأنبا رويس القاهرة منذ 150 سنة، وأعيد تأسيسها عام 1893م في حبرية البابا كيرلس الخامس ولها قسم مسائي تأسس عام 1946م.
وهذه هي الفروع:
الإسكندرية (1972م) وأيضًا مركز تيرانس (2015م) طنطا (1976م) المنوفية (1977م) شبرا الخيمة (2000م) دمنهور (2002م) بورسعيد (2003م) المحلة (2005م)
كما يوجد عدد من الفروع في الوجه القبلي:
الدير المحرق (1973م) المنيا (1976م) البلينا (1976م) الأقصر (2004م)
وكذلك توجد عدد من الكليات خارج مصر:
جيرسي سيتي (1989م) لوس أنجيلوس (1989م) (حاليًا ACTS) سیدني (1982م) ملبورن (2001م) (حاليًا كلية القديس أثناسيوس) إنجلترا (1997م) أكاديمية Teach (2020م) ألمانيا ( 2006م) ويمكن أن نضيف إلى هذه القائمة مراكز كنسية أخرى تابعة للكنائس والإيبارشيات وأيضًا بعض المراكز بجهود شخصية مثل مركز دراسات الآباء، مدرسة الإسكندرية-… إلخ.كما يوجد معهد الدراسات القبطية ومعهد الرعاية والتربية ومعهد المشورة-.. إلخ ومعنى ذلك أننا أمام خريطة واسعة في التعليم الكنسي تحتاج أن تعمل بمعايير الجودة والإتقان والفعالية، وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا من الجميع، أساتذة ومختصين ومحاضرين جامعيين في الإدارة والتعليم ومراقبة الجودة تحت إشراف الآباء الأساقفة والكهنة ويوجد لنا في المجمع المقدس لجنة الإيمان والتعليم كإحدى اللجان المجمعية وأعضاؤها كلهم من المطارنة والأساقفة وتشرف على سلامة التعليم والاعتراف الكنسي بالكليات والمعاهد الجديدة. كما أصدر المجمع المقدس في عام 2014م لائحة الأكاديمية اللاهوتية لتكون إطارًا محكمًا لعمل الكليات والمعاهد الكنسية بأسلوب علمي وأكاديمي. ونشرت هذه اللائحة حتى تقوم كل كلية أو معهد كنسي بتوفيق الأوضاع حتى تصير عضوًا في الأكاديمية ولا ننسى أنه في عام 1962م قام القديس البابا كيرلس السادس بسيامة أسقف عام للتعليم في خطوة تاريخية في مسار التعليم الكنسي، وقد صار فيما بعد البابا شنوده الثالث. وكانت هذه السيامة بمثابة عملاً تنظيميًا في التعليم الكنسي في التربية الكنسية وفي الكلية الإكليريكية. وبعدها بخمس سنوات قام القديس البابا كيرلس السادس بسيامة الأنبا غريغوريوس أسقفًا عامًا للدراسات العليا والبحث العلمي والثقافة القبطية مما أثرى العملية التعليمية بصورة أوسع كذلك عقدت الكنيسة عدة مؤتمرات دراسية حول التعليم كان من أشهرها ما عقد في يونيو 2013م وشارك فيه ممثلو معظم الكليات والمعاهد الكنسية القبطية تحت عنوان: بين الواقع والمأمول في المعاهد اللاهوتية أما الآن فنحن نشعر بالاحتياج الشديد إلى ضبط التعليم الكنسي بمعايير الجودة الجامعية والأكاديمية لتصل إلى درجة الاعتماد الأكاديمي، خاصة وأن بعض الكليات في الخارج نالت هذا الاعتماد مثل کلية Acts (لوس أنجيلوس) – أكاديمية تيتش (لندن) – كلية القديس أثناسيوس (ملبورن أستراليا). ولدينا عدة أفكار في هذا الصدد نستعرضها للمناقشة وإبداء الرأي بأوراق بحثية بهدف التجويد والتطوير بالصورة التي نأملها لكل كلياتنا ومعاهدنا:
إنشاء مجلس التعليم الكنسي ويتكون من 24 عضوًا حاملي درجة الدكتوراه في تخصصات عديدة ويكون نصف الأعضاء من الإكليروس (أساقفة/ كهنة/ رهبان) والنصف الآخر من العلمانيين (أساتذة رجال ونساء)، ويقوم هذا المجلس بعمل بحثي لترقية التعليم الكنسي بكل مستوياته بطريقة علمية خالصة.
مجلس الأكاديمية اللاهوتية يضم ممثلين من كافة الكليات الإكليريكية والمعاهد الكنسية المعترف بها وذلك لتوحيد الجهود ومستويات التعليم وتنشيط الأساليب التدريسية بكافة نواحيها… والإتاحة العلمية لهيئات التدريس.
إنشاء كيان كنسي يضم صفوة الأساتذة يقومون بمناقشة الرسائل العلمية الكنسية ويساعدون الشباب والآباء في إعدادهم هذه الرسائل على أسس علمية راقية، كما يقوم هذا الكيان بنشر الرسائل وتبادلها مع الكليات والمعاهد بهدف إثراء العملية التعليمية الكنسية.
إرسال واستقبال البعثات الدراسية وتبادلها مع المؤسسات التعليمية بهدف إعداد كوادر معاصرة تتناسب مع تجديد العمل الدراسي والتعليمي في الكليات والمعاهد الكنسية.
النشر العلمي الرصين والاستعانة بالمكتبة البابوية المركزية ومركز المخطوطات القبطية الورقية والرقمية والبحث في كنوز الآباء العديدة.
الاهتمام والمتابعة الدورية لمعايير الجودة والحوكمة والرقمنة لكل مراحل التعليم الكنسي وعلى كل المستويات حقًا المشوار طويل ولكن يجب أن نسرع فيه بكل قوة حتى يكون لكنيستنا المكانة اللائقة بين كنائس العالم، ونحن نستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينا (فيلبي 13:4).
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
18 سبتمبر 2025
بدعة نوفاتوس
ذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى تحت عنوان " نوفاتوس، طريقة حياتة، وهرطقته "
1 - بعد هذا أنتفخ نوفاتوس، وهو قس فى كنيسة روما، فى عجرفته على هؤلاء الأشخاص كأنه لم يعد لهم أى رجاء فى الخلاص، حتى ولو عملوا كل ما يتصل بالتحديد الحقيقى التقى، ثم تزعم شيعة أولئك الذين فى كبرياء أوهامهم دعوا أنفسهم "كثارى" وهى كلمة يونانية معناها " تقى"
2 - وعلى أثر ذلك أنعقد مجمع كبير جداً فى روما من ستين أسقفاً، وعدد وافر من القسوس والشمامسة، وفى الوقت نفسه تناقش رعاة الأقاليم الأخرى على حدة فى أماكنهم فيما يجب أن يعمل، فصدر قرار بالإجماع بأن نوفاتوس، ومن أشتركوا معه، ومن شايعوه فى رأيه عديم الإنسانية المبغض للأخ، يجب أن تعتبرهم الكنيسة خارجين عنها،، وأنهم يجب أن يشفوا أمثال هؤلاء الأخوة الذين سقطوا فى التجربة، ويقدموا لهم أدوية التوبة.
3 - وصلت إلينا رسائل كرنيليوس أسقف روما إلى فابيوس أسقف كنيسة أنطاكية، تبين ما تم فى مجمع روما، وما رؤى مناسباً فى أعين جميع الذين فى إيطاليا وأفريقيا والأقطار المجاورة، وصلت أيضاً رسائل أخرى كتبت باللغة اللاتينية، منسوبة إلى سيبريان ومن معه فى أفريقيا، وهى تبين أنهم أتفقوا على ضرورة مساعدة من سقطوا فى التجرية، كما أتفقوا على أنه يقطع من الكنيسة الجامعة مبتدع الهرطقة وكل من أشتركوا معه.
4 - وأرفق بهذه رسالة أخرى لكرنيليوس عن قرارات المجمع، وهناك رسائل أخرى عن أخلاق عن أخلاق نوفاتوس، خليق بنا أن نقتبس منها بعض الفقرات لكى يعرف شيئاً عنه كل من يطلع عليها.
5 - وفى الكلمات التالية نرى كرنيليوس يحدث فابيوس عن نوفاتوس (المبتدع): " وأريد أن أحدثك لكى تعرف لكى تعرف كيف أن هذا الرجل أشتهى الأسقفية منذ زمن طويل، ولكنه اخفى هذه الرغبة الجامحة وأيقاها لنفسه فقط، مستخدماً أولئك المعترفين الذين ألتصقوا به منذ البداية كستار لتمرده.
6 - " وأن مكسيموس، أحد قسوسنا، وأربانوس، الذى حصل مرتين على أعظم شرف بإعترافه، وسيدونيوس وكيليرينوس، وهو رجل تحمل كل أنواع العذاب بشهامة نادرة وبفضل نعمة الرب، وتغلب على ضعف الجسد بقوة إيمانه، وقهر الخصم بإقتدار - هؤلاء فضحوه وكشفوا حيله ونفاقة وأضاليله وأكاذيبه وصداقته الزائفة، فرجعوا إلى الكنيسة المقدسة، وصرحوا بحضور الكثيرين من الأساقفة والقسوس وعدد وفير من العلمانيين بكل حيلة وخبثه وشرورة التى أخفاها زمناً طويلاً، وقد فعلوا هذا ببكاء وأسف شديد، لأنهم كانوا قد تركوا الكنيسة وقتاً ما بسبب إغراءات ذلك الوحش الماكر الخبيث "... وبعد ذلك بقليل يقول.
7 - " وكان غريباً جداً أيها الأخ الحبيب، ذلك التغيير الذى رأيناه يحدث فيه فى وقت قصير، لأن هذا الشخص الغريب جداً، الذى أقسم بأغلظ الإيمان أن لا يسعى للأسقفية، ظهر بغتة كأسقف كأن ماكينة قد قذفت به بيننا.
8 - " لأن هذا المتصلف، المدعى الدفاع عن عقيدة الكنيسة، إذ حاول الحصول على الأسقفية التى لم تعط له من فوق، أختار أثنين من رفاقه تنازلا عن خلاصهما، وأرسلهما إلى ركن صغير مهمل فى إيطاليا، لعله ببعض الحجج المزورة يستطيع أن يخدع ثلاثة أساقفة سذج وفى غاية البساطة، فأكدوا وشددوا بأنه من الضرورى أن يذهبوا سريعاً إلى روما مع أساقفة آخرين حتى يمكن حسم كل نزاع قام هناك بوساطتهم ووساطة أساقفة آخرين.
9 - " وعندما وصلوا أغلق عليهم مع بعض اشخاص آخرين مثله، لأنهم كما قلنا كانوا فى غاية البساطة، وفى الساعة العاشرة، إذ سكروا وأعتلت صحتهم، أجبرهم بالقوة أن يرسموا أسقفاً بوضع الأيدى بطريقة مزيفة باطلة، ولأن الأسقفية لم تأت إليه أنتقم لنفسه وأختلسها بالحيلة والخيانة.
10 - وبعد ذلك بوقت قصير عاد إلى الكنيسة أحد هؤلاء الأساقفة باكياً ومعترفاً بتعديه، ونحن تحدثنا معه كما إلى أحد العلمانيين، وتشفع من أجله كل الشعب الحاضرين، ثم رسمنا خلفين للأسقفين الآخرين، وأرسلناهما إلى حيث كانا.
11 - ولم يدر هذا المنتقم من الأنجيل أنه يجب أن يكون هناك أسقف واحد فى كنيسة جامعة ، ومع ذلك فإنه لم يجهل (فكيف كان ممكناً أن يجهل) أنه كان فيها 46 قسيساً، وسبعة شمامسة مساعدين ، وأثنان وأربعون قندلف وأثنان وخمسون طاردى الأرواح النجسة وقارئون وبوابون، وأكثر من ألف وخمسمائة أرملة وشخص فى ضيقة ينعمون كلهم بنعمة ورحمة السيد.
12 - على أن كل هذا الجمع الغفير، اللازمين فى الكنيسة، وكل الذين كانوا بنعمة الرب أغنياء وممتلئين، وكل الشعب الذى لا يحصى، هؤلاء كلهم لم يستطيعوا أن يرجعوه عن غطرسته ووقاحته أو يردوه إلى الكنيسة.
13 - بعد قليل يضيف أيضاً هذه الكلمات: " وأسمع لى أن اقول اكثر: بسبب أى أعمال أو تصرفات كانت له الجرأة لكى يناضل من أجل السقفية؟ هل لأنه نشأ فى الكنيسة منذ البداية، وتحمل آلاماً كثيرة فى سبيل النضال عنها، وجاز وسط أخطار كثيرة من أجل المسيحية؟ يقيناً أن هذا لم يحصل.
14 - ولكن الشيطان الذى دخله وسكن فيه طويلاً كان هو علة أعتقادة، وإذ أسلمه طاردوا الأرواح حل به مرض شديد، ولما بدأ كأنه أوشك على الموت قبل المعمودية بالرش على السريسر الذى كان مضجعاً عليه، إن جاز لنا القول أن شخصاً كهذا قبل المعمودية.
15 - وعندما شفى من مرضه لم يقبل الأشياء الأخرى التى يفرضها قانون الكنيسة، حتى ولا ختم الأسقف، وإن كان لم يقبل هذا فكيف يمكن أن يكون قد قبل الروح القدس؟
16 - بعد ذلك بقليل يقول ايضاً: " وفى وقت الأضطهاد أنكر انه قس، وذلك بسبب الجبن والخوف على حياته، لأنه لما توسل إليه الشمامسة ورجوه أن يخرج من الغرفة التى حبس نفسه فيها، ويقدم المساعدة اللازمة كما كان يحتمه الواجب على القس أن يساعد الأخوة الذين فى الخطر والمحتاجين للمساعدة، لم يأبه لتوسلات الشمامسة، بل أنصرف فى غضب، وقال أنه لا يرغب فى أن يكون قساً بعد، إذ كان معجباً بفلسفة أخرى.
17 - وعلاوة على أشياء أخرى قليلة أضاف الكلمات التالية: " لأن هذا الشخص العجيب ترك كنيسة الرب التى إذ آمن حسب فيها أهلاً للقسيسية بفضل الأسقف الذى رسمه قسيساً، وقد أعترض على هذا كل الأكليروس، وكثيرون من الشعب، لأنه كان لا يحل أن يقبل أيه رتبة كهنوتية، شخص رش على فراشة بسبب مرضه كما تم له، ولكن ألسقف طلب أن يسمح له برسامة هذا الشخص فقط.
18 - ثم يضيف إلى ذلك جريمة أخرى هى أسوأ جرائم هذا الشخص كما يلى: " وعندما قدم القرابين، ووزعها على كل واحد، ألزم ذلك الرجل الشقى وهو يناوله أن يحلف بدل البركة، وإذ أمسك يديه بكلتا يديه لم يرد أن يطلقه إلا بعد أن حلف بهذه الكيفية (وقد أردت أن أثبت كلماته): أحلف لى بجسد ودم ربنا يسوع المسيح أن لا تتركنى ولا ترجع إلى كرنيليوس.
19 - " ولم يشأ الشقى أن يذوق قبل أن يربط نفسه بهذا الرباط، وبدلاً من أن يقول آمين وهو يتناول الخبز قال لن أعود إلى كرنيليوس "
20 - وبعد ذلك يقول أيضاً: " ولكن اعلم أنه قد أصبح الآن مجرداً ومهجوراً، لأن الأخوة يتركونه كل يوم ويرجعون إلى الكنيبسة، وموسى أيضاً، الشهيد المبارك، الذى أستشهد بيننا أستشهاداً مجيداً عجيباً، إذ شهد جرأته وحماقته وهو لا يزال حياً، ورفض الأختلاط به أو بالقسوس الخمسة الذين فصلوا أنفسهم معه عن الكنيسة "
21 - وفى ختام رسالته يقدم قائمة عن الأساقفة الذين اتوا إلى روما، وحكموا على سخافة نوفاتوس، مع ذكر أسمائهم فى الإيبوشيات التى كانوا يرأسونها.
22 - ويذكر أيضاً من لم يحضروا إلى روما، ولكنهم عبروا بالرسائل عن موافقتهم على آراء هؤلاء الفلاسفة، ويذكر أسمائهم والمدن التى أرسلوا منها رسائلهم، وقد كتب كرنيليوس هذه المور إلى فابيوس أسقف أنطاكية.
ذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى تحت عنوان " هرطقة نوفاتوس ": " ونحن بحق نشعر بالكراهية نحو نوفاتوس الذى قسم الكنيسة ودفع ببعض الأخوة إلى الكفر والتجديف، وادخل تعاليم كفرية عن الرب (الذات) واخرى على ربنا يسوع المسيح الكلى الرأفة، مدعياً بأنه غير رحيم، وعلاوة على كل هذا فإنه يرفض المعمودية المقدسة، ويقلب الإيمان والأعتراف اللذين يسبقانها, ويمنع عنهم كلية الروح القدس، أن كل هنالك رجاء أن يبقى معهم أو يعود إليهم وفيما يلى ما كتبه الأنبا ساويرس فى تاريخ البطاركة عن هرطقة وبدعة نوفاتوس.. فى موضوع قبول الذين أنكروا ألإيمان بالمسيح فى الرسالة إلى فابيوس أسقف أنطاكية قال: " وممن كان أنكروا فى الشدة جماعة عادوا غلينا فقبلناهم بفرح لمعرفتنا بفرح من يريد توبة الخاطئ ولا يريد موته حتى يرجع فيحيا." فبعد أن ذكر هذا الموضوع ذكر هرطقة وبدعة نوفاتوس فقال عنها: " وكان قس (نوفاتوس) من أهل روما قد أفتخر وقال: " ليس يجوز أن نقبل أحداً ممن أنكر المسيح فى زمان الشدة والإضطهاد ورجع إلى الرب لأجل أنهم سقطوا ولم يصبروا بل يصيروا من ضمن المخالفين (للأيمان) وكان يسمى الذين تثبتوا " الأنقياء " وكان هذا القس رئيساً على جماعتهم فإجتمع بروما مجمع (محلى) حضره ستون أسقفاً وقساً وشمامسة بسبب هذا القس وغيره وكتبوا غلى كل مكان بما جرى منه وكان أنسان يسمى نواتوس مساعداً لهذا القس كان يساعده على إخراج كل من يريد الرجوع إلى البيعة (الكنيسة) فمضى يمنعهم أن يقدموا للناس الدواء وهو التوبة والندامة والصوم والسهر والبكاء والتضرع إلى الرب فى المغفرة فكتب كهنة روما إلى كهنة أنطاكية بما جرى فجاوبوهم وأتفقوا جميعاً أن يقبلوا العائدين إلى البيعة (الكنيسة) ويغفروا لهم ويعاونوهم على التوبة لأن الرب هو الذى يقبلهم، ثم أخرجوا القس المفتخر والمتعاظم على هؤلاء العائدين وأحضروا لهم كتب نواس نواتوس بمساعدتهم وعرفوا ما كتبه نواتوس لأجلهم، ثم حدث أن نواتوس أغتصب الأسقفية بغير أستحقاق وأقام ثلاث سنين، ورسم كهنة قوما جهالاً لا يعرفون شيئاً، ثم وهمهم أنه رئيس أساقفة، فكانوا يكرمونه لأجل ذلك حتى وصلت أخباره إلى روما فصار بينهم أختلاف وفرقة كبيرة، ثم اجتمع بعد ذلك جماعة من الأساقفة، وأبطلوا جميع ما كان نواتوس فعله بكذبه، وأعلموا كا الذين قبلوه أنهم قوم ساذجون لا معرفة لهم، وأن كل من أوسمه وعمله لا صحة له، وحينئذ تقدم واحد ممن أوسمه نواتوس وأعترف بخطيته وبكى فقبلوه وسامحوه، وكاتبوا رسائل عن نواتوس الكراسى وحذروهم من قبول نواتوس ولا شئ من تعليمه، وكان عدد من أشتهر أمره ووسمهم 47 قساً وسبعة شمامسة وسبعة أبودياقنين وسبعة أغنسطس وبوابين، وعمل أعمال أشياء أخرى لا حاجة إلى ذكرها وكتب البابا ديوينيسيوس إلى جميع المواضع (البلاد) كتباً (رسائل) يأمر بقبول من يرجع عن إنكاره وجعل هذا قانوناً يبقى لكل من يعود عن غلطة ويكتشف أنه مخطئ، وكتب أيضاً إلى قونون أسقف الأشمونيين كتاباً له شخصياً دوناً عن ألاخرين بهذا المعنى
كتب المؤرخ القس منسى فى كتابه تاريخ الكنيسة القبطية:" وفى ذلك الحين مات فابيانوس أسقف روما وأقيم كرنيليوس خلفاً له فإستولى روح الحسد على نوفاسيوس أحد كهنة روما وأسكر أسقفين وجعلهما يوسمانه أسقفاً على كرسى روما، وما أن بلغ أمنيته حتى نشر بدعة جديدة مؤداها رفض توبة الذين يجحدون الإيمان أو يقعون فى أثم كبير وبوجوب إعادة العماد الذى يتم على أيدى الهراطقة، وكذلك عماد الأرثوذكسيين الذين يتساهلون فى قبول الهراطقة التائبين، ولما علم نوفاسيانوس أن كرنيليوس أحتج عليه لدى ألأساقفة أرسل للبابا ديونيسيوس البطريرك الأسكندرى رسالة يقول له: " إن الشعب أرغمنى على قبول الأسقفية، فأرسل إليه البابا ديونيسيوس رسالة يقول فيها.
ديونيسيوس يهدى سلامه إلى أخيه نوفاسيوس: وبعد.. فإذا صح ما قلته وصدق أعتذارك فى أنك قبلت الوظيفة بطريقة غير قانونية ضد رغبتك فعليك أن تبرهن ذلك بأن تترك هذه الوظيفة برغبتك وتعتز لها بإرادتك لأن الواجب علينا أن نحتمل كل شئ ونذوق كل هوان وعذاب لا أن نسئ إساءة تؤثر فى كنيسة المسيح التى أفتداها بدمة وأعلم هداك الرب أن المجد الأسمى والشرف الأعظم يكونان لنا كاملين إذا نحن متنا شهداء لأجل الكنيسة من أن نسهل لأبنائنا تقديم الذبائح للأوثان وإنكار الإيمان... ومن رأيى أن الذى يموت شهيداً لأجل الكنيسة فهو يفيد الكنيسة ونفسه ايضاً، والنتيجة أنك أقنعت أخوانك وحملتهم على اتمام مبادئ الأتفاق والوئام فتكون حسناتك قد زادت عن سيئاتك، وإلا إن لم تستطع التأثير عليهم وخالفوا وساطتك فأعمل على الأقل لخلاص نفسك زأهرب بها، وفى الختام أهديك تحيتى وسلامى على امل أنك راغب فى السلام عامل على توطيد دعائمه بإسم ربنا يسوع المسيح " أ. ه
وكتب هذا البابا إلى جميع الكراسى المسيحية لكى يقطعوا الشركة مع نوفاسيانوس، وظر على أكليروس كنيسة رومية معاملته وأوصاهم بالتمسك بكرنيليوس أسقفهم الشرعى حتى كانت نتيجة سعيأن أعتزل نوفاسيانوس الكرسى الرومانى وتركه ل كرنيليوس الذى عقد مجمعاً حرم فيه خصمه والبدعة التى جاهر بها.
المزيد
17 سبتمبر 2025
الكنيسة
يقول قانون الإيمان "[نؤمن] بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية" فما هي الكنيسة التي يعنيها قانون الإيمان؟
كلمه (كنيسة) تدل على ثلاثة أمور وهي:
أ- مبني الكنيسة.
ب- جماعة المؤمنين.
ج- الرئاسة الكنسيّة أو رجال الكهنوت.
مبنى الكنيسة
من جهة دلالتها على مبنى الكنيسة قول الرسول عن أكيلا بريسكلا "الكنيسة التي في بيتهما" (رو 16: 5) وقوله حين تجتمعون في الكنيسة، أسمع أن بينكم شقاقات" (1كو 11: 18) وقوله أيضًا "أعلم في كل مكان في كل كنيسة" (1كو 4: 17). وواضح في قانون الإيمان أنه لا يعني مبني الكنيسة. وإلا ما كان يقول "كنيسة واحدة". إنما يقصد الكنيسة العامة، كل جماعة المؤمنين.
الكنيسة جماعة المؤمنين
كما يقول سفر أعمال الرسل عن نشأة الكنيسة الأولى "وكان الرب في كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" ( أع 2: 47) أي يضم إلى جماعة المؤمنين يقول نفس السفر أيضًا "وحدث في ذلك اليوم اضطهاد عظيم على الكنيسة التي في أورشليم" أي حدث اضطهاد على جماعة المؤمنين الذين في أورشليم (أع 8: 1) وأيضًا كتب "فكان بطرس محروسًا في السجن وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله" (أع 12: 5) أي أن جماعة المؤمنين كانوا يصلون وكتب أيضًا أن المسيح أحب الكنيسة وسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها، مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة (أف 5: 25، 26) والمقصود بالكنيسة هنا جماعه المؤمنين الذين صلب المسيح لأجلهم، لكي يقدسهم، ويطهرهم بالمعمودية عن طريق الكلمة أي الكرازة والتعليم.
الكنيسة بمعنى الرئاسة الكنسية أي الكهنوت
قيل في الخصومات والمصالحات "وأن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وأن لم يسمع للكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار" (مت 18: 17) فالمقصود أنه يحتكم إلى الرئاسة الكنسية، وليس إلى كل جماعة المؤمنين!
لذلك قال بعدها مباشرة "الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض، يكون مربوطًا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض، يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 18) وطبعًا المقصود بكلمة (الكنيسة) في قانون الإيمان، هو جماعة المؤمنين برئاستهم الدينية ثم يشرح صفات هذه الكنيسة فيقول: كنيسة واحدة.
كنيسة واحدة
أي أنها كنيسة واحدة في الإيمان، في العقيدة. واحدة في الفكر والتعليم وواحدة في الروحانية وقد قيل في الرسالة إلى أفسس "جسد واحد، وروح واحد كما دعيتم في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة" (أف 4: 4-5) الكنيسة واحدة في الإيمان والعقيدة، واحدة في الفهم والفكر اللاهوتي. لذلك كل من كان يخرج عن هذا الإيمان الواحد، كانت الكنيسة تفصله عن عضويتها وتبقي هي واحدة في إيمانها. وهكذا فعلت مع كل المبتدعين والهراطقة في زمن المجامع المقدسة قال الرب في حديثة الطويل مع الآب "لست اسأل من أجل هؤلاء فقط بل من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم ليكون الجميع واحدًا. كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا ليكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد" (يو 17: 20-22) وعن وحدة الكنيسة، قال السيد المسيح "ولي خراف أخر ليست في هذه الحظيرة، ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة لراع واحد" (يو 10: 16) وهذا الراعي الواحد هو السيد المسيح، الذي قال في نفس الإصحاح "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11، 14) الكنيسة واحدة، لأنها جسد واحد ورأس هذا الجسد هو المسيح وقد كتب في الرسالة إلى أفسس أن المسيح هو رأس الكنيسة" (أف 5: 23) كذلك ورد في الرسالة إلى كولوسي أن السيد المسيح هو رأس الجسد، الكنيسة" (كو 1: 18) وقيل "جسده الذي هو الكنيسة" (كو 1: 24) لذلك طبيعي أن تكون الكنيسة واحدة لأن السيد المسيح له جسد واحد ونحن جميعًا أعضاء في هذا الجسد، كما قال الرسول "لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف 5: 30) والكنيسة واحدة لأنها عروس المسيح الواحدة وهكذا قال القديس يوحنا المعمدان "لست أنا المسيح، بل أني مرسل أمامه من له العروس فهو العريس وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه، فيفرح فرحًا " (يو 3: 28-29) وقد ورد هذا المعنى أيضًا في الرسالة إلى أفسس (أف 5: 31-32، 25) وواضح أن السيد المسيح له عروس واحدة هي الكنيسة، كما قال الرسول "خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2) وطبيعي أن تكون عروس المسيح واحدة، كما رمز إليها في سفر النشيد بقوله "واحدة هي حمامتي كاملتي" (نش 6: 9) مادامت الكنيسة واحدة، فماذا تعني كلمة (كنائس) حينما ترد في الكتاب المقدس؟
كلمه كنائس المقصود بها الأمكنة، تمييزًا لكل واحدة بمكانها كما قيل "وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة، فكان لها سلام، وكانت تبني وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أع 9: 31) كذلك نسمع في سفر الرؤيا عن السبع الكنائس التي في آسيا التي في أفسس، سميرنا، برغامس، ثياتيرا، ساردس، فيلادلفيا، لاوديكية" (رؤ 1: 11) ولكن كل هذه الكنائس عبارة عن أعضاء في الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية إنها كنيسة واحدة: هنا على الأرض وأيضًا في السماء يجتمع الكل معًا في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس يكونون له شعبًا (شعبًا واحدًا) وهو يكون إلهًا (رؤ 21: 2-3) وهذا الشعب الواحد، أو الكنيسة الواحدة، أو كل جماعة المؤمنين الذين يرثون الملكوت، هم الذين قال عنهم القديس يوحنا الرائي: "بعد هذا نظرت، وإذا جمع كثير، لم يستطيع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الحمل، متسربلين بثياب بيض هؤلاء الذين أتوا من الضيقة العظمي. وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الحمل "(رؤ 7: 9-14) وهذه الكنيسة الواحدة التي في السماء تشمل الملائكة أيضًا فهي تضم الملائكة القديسين وأرواح القديسين الذين انتقلوا من البشر، والذين سينتقلون من الآن إلى آخر هذا الدهر كلهم -ملائكة وبشرًا- هم شعب الله، وأبناء الله، وأهل بيت الله، ورعيته (أف 2: 19).
كنيسة مقدسة
عن قداسة الكنيسة قال بطرس الرسول "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية، بيتًا روحيًا، كهنوتًا مقدسًا لتقديم ذبائح روحية، مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط 2: 5) وقال أيضًا "وأما أنتم فجنس مختار، وكهنوت ملوكي أمه مقدسة، شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى النور العجيب" (1بط 2: 9) إنها كنيسة مقدسة بدم المسيح كما قيل في سفر الرؤيا "الذي أحبنا، وغسَّلنا من خطايانا بدمه" (رؤ 1: 5) وأيضًا في رسالة يوحنا الأولى ( عن الآب) "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو 1: 7) وقيل في المزمور الخمسين "انضح عليَّ بزوفاك فأطهر" (مز 51: 7) والزوفا هي التي كانوا يغمسونها في دم الذبيحة في العهد القديم، وينضحون بها للتطهير وللتفكير والكنيسة مقدسة في المعمودية حيث يموت الإنسان العتيق، ويقوم إنسان جديد مقدس على صورة المسيح كما قيل "لأن جميعكم الذين اعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3: 27) أي لبستم البر والقداسة والطهارة التي للمسيح وهكذا قال الرسول "كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أيضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 27) والكنيسة مقدسة في سر المسحة المقدس، حيث تدهن بزيت الميرون المقدس، فتتقدس بالروح القدس الذي يحل في المعمدين ويصبحون هياكل مقدسة لله، كما يقول الرسول "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله" (1كو 6: 19) وطبيعي أن هيكل الله مقدس، الذي هو أنتم (1 كو 3: 17) وهكذا يقول الرسول أيضًا "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح" (1كو 6: 15) وهذا أيضًا برهان على قداستها الكنيسة هي جماعة المؤمنين. والمؤمنون كانوا يدعون قديسين في الكنيسة أيام الرسل كما يقول القديس بولس الرسول "سلموا على كل قديس في المسيح يسوع" (في 4: 21) وكما أرسل إلى القديسين الذين في أفسس"(أف 1:1) قائلًا لهم "الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم " ( أف 1: 3-4) وقال في رسالته إلى العبرانيين "أيها الأخوة القديسون شركاء الدعوة السماوية" (عب 3: 1) وهكذا ينشد الغالبون لله القائلين "عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء يا ملك القديسين" (رؤ 15: 3) وفي مجيئه الثاني سيأتي الرب "في ربوات قديسيه" (يه 14) ولذلك يقول الرسول "لكي تثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة أمام الله أبينا في مجيء ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه" (1 تس 3: 13) والكنيسة مقدسة، لأنها على صورة الله في القداسة كما قال "كونوا قديسين، لأني أنا قدوس" (1 بط 1: 16) (لا 11: 44) "مكملين القداسة في خوف" (2كو 7: 1) "لأن هذه هي إرادة الله قداستكم" (1 تس 4: 3) ولما كانت الكنيسة مقدسة، لذلك لا تسمح بوجود خطاة داخلها وهكذا قال القديس بولس الرسول "اعزلوا الخبيث من بينكم" (1 كو 5: 13) وفي تفصيل ذلك قال "إن كان أحد مدعوًا أخا، زانيًا أو طماعًا أو عابد وثن أو شتامًا أو سكيرًا أو خاطفًا، أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا" (1كو 5: 11) وبالمثل من كان منحرفًا من جهة العقيدة، يقول القديس يوحنا الرسول "إن كان أحد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 1: 11) ولهذا كانت الكنيسة تعزل الهراطقة والمبتدعين من عضويتها فيصدر ضدهم حكم excommunication فيطردون من جماعة المؤمنين لأنهم فقدوا قداسة التعليم، وما أسهل أن ينشروا انحرافاتهم العقيدية بين أعضاء الكنيسة إن بقوا داخلها وكما يشترط القداسة في الكنيسة على الأرض، كذلك في السماء كما قيل عن مدينة الله أورشليم السمائية "ولن يدخلها شيء دنس ولا ما يصنع رجسًا وكذبًا.." (رؤ 21: 27) وأيضًا لأنه لا شركة للنور مع الظلمة، ولا خلطة للبر مع الإثم (2 كو 6: 14) سواء في الكنيسة على الأرض أو في السماء أن الكنيسة مقدسة في حياتها وروحياتها، ومقدسة في تعاليمها وفي أسرارها، ومقدسة في قيادتها وشعبها في كل شيء.
كنيسة جامعة
جامعة، أي تجمع كل المؤمنين، في وحدة الإيمان الكنيسة الجامعة هي التي جمعت اليهود والأمم وجمعت كل الجنسيات والشعوب واللغات، في إيمان واحد هي التي جمعت كل الكنائس المحلية معًا، في كنيسة واحدة تضم الكل، في عقيدة واحدة، بقوانين كنيسة واحدة. فليست الكنائس المحلية مثل جزر في المحيط، لا ترتبط الواحدة بالأخرى بل كلها تكون معًا في الكنيسة واحدة جامعة الكنيسة الجامعة هي التي تضم الكل في حياة الشركة، وكما يشتركون في الأيمان الواحد، يشتركون أيضًا معًا في الأسرار المقدسة، وفي التناول من مذبح واحد وعبارة جامعة تترجم بكلمة Catholic، من جهة المعنى اللغوي للكلمة، وليس من جهة العقيدة (أي المذهب الكاثوليكي) وللحرص لئلا يختلط المعنى، فأن البعض يترجم عبارة جامعة بكلمة Universal والكنيسة الجامعة كانت تعقد المجامع المسكونية التي تضم كل قيادات الكنيسة الجامعة. Ecumenical Councils ليبحث الكل معًا في أمور الإيمان، وفي تنظيمات الكنيسة، ليكون تعليم واحد لكل الكنائس معًا وأول مجمع مسكوني أنعقد في نقية سنة 325 م واشترك فيه 318 من القيادات الكنسية بطاركة وأساقفة حاليًا نتيجة للخلافات في الإيمان بين الكنائس، ليس من السهل أن ينعقد مجمع مسكوني للكنيسة الجامعة إنما يمكننا مثلًا بمشيئة الله أن ينعقد مجمع يضم كنائسنا الأرثوذكسية فقط الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة، هي أيضًا كنيسة رسولية.
كنيسة رسولية
وكلمة (رسولية) تدل على معنيين أنها كنيسة أسسها الرسل وأنها كنيسة تسير حسب تعاليم الآباء الرسل، ولا تعارضها وفي ذلك قال الرسول "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه هو حجر الزاوية" (أف 2: 20) على أساس الرسل في التعليم الذي أخذوه من المسيح كما قال لهم السيد الرب "تلمذوا جميع الأمم وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت 28: 19، 20) وهكذا قال بولس الرسول "تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا" (1كو 11: 23) والتسليم الذي أخذه الرسل من الرب، تركوه لنا في رسائلهم، وفي حياة الكنيسة، وفي قوانينهم وتعاليمهم وهذا ما يعرف باسم التقليد الرسولي Apostolic Tradition. تسلمته الكنيسة جيلًا بعد جيل. كما قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "وما سمعته (تسلَّمته) مني بشهود كثيرين، أودعه أناس أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضًا" (2تي 2:2) هو إذن تعاليم من السيد المسيح، وبخاصة ما قاله للرسل خلال الأربعين يومًا بعد القيامة هذا سلموه لتلاميذهم الذين سلموه لآخرين، وانتقل جيلًا بعد جيل حتى وصل إلينا وهناك أشياء لم يكتبوها بل قالوها فمًا لفم (2 يو 12) (3 يو 13، 14) وصلت إلينا كذلك بالتقليد يضاف إلى هذا حياة الكنيسة أيام الرسل التي انتقلت إلينا مثال ذلك القداسات التي كانوا يقيمونها، وطريقتهم في التعميد وفي إقامة الكهنة وفي كل صلوات الأسرار الكنسية والصلوات الليتورجية هذه مارسوها وعاشوها، وبقيت في حياة الكنيسة عبر الأجيال. وهذا ما تحياه الكنائس الرسوليه القديمة نذكر كمثال تسلسل وضع اليد للكهنوت من الرسل هذا الذي يسمونه Apostolic Succession فالكاهن حاليًا قد أخذ وضع اليد والنفخة المقدسة (يو 20: 22) من أسقفه وأسقفه هذا أخذ ذلك من رئيس الأساقفة أو البطريرك أو البابا وذلك أخذ عن سابقه، حتى نصل إلى الآباء الرسل الذين أخذوا نفس السلطان من السيد المسيح وهذا يثبت أقدمية وشرعية كل كنيسة رسوليه أما الكنائس غير الرسولية فمن أين وصل إليهم السلطان؟!
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب قانون الإيمان
المزيد