المقالات
22 يونيو 2024
إنجيل عشية أحد عيد العنصرة ( يو ٧ : ٣٧ - ٤٤ )
" وفي اليوم الأخير العظيم من العيدِ وقَفَ يَسوعُ ونادى قائلاً إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فليُقبلُ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ مَنْ آمن بي، كما قالَ الكِتابُ، تجري مِنْ بَطْنِهِ أَنهارُ مَاءٍ حَيٍّ قال هذا عن الروح الذي كان المؤمِنونَ بِهِ مُؤْمِعِينَ أنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرِّوحَ القُدُس لم يكن قد أُعطي بعد، لأنَّ يسوع لم يكن قد مُجدَ بَعد فكثيرونَ مِنَ الجَمعِ لما سمعوا هذا الكلام قالوا هذا بالحقيقة هو النَّبيُّ آخرون قالوا هذا هو المسيح. وآخرون قالوا أَلَعَلَّ المَسيحَ مِنَ الجليل يأتي ؟ " أَلَمْ يَقُلِ الكِتابُ إِنَّهُ مِنْ نَسلِ داوُدَ، وَمِنْ بَيْتِ لَحم ، القرية التي كان داود فيها، يأتي المسيح؟ " فَحَدَثَ انشقاق في الجَمعِ السَبَبِهِ وَكَانَ قَوْمُ منهم يُريدونَ أنْ يُمسكوه، ولكن لم يُلقِ أَحَدٌ عَلَيهِ الأيادي "
الروح القدس:
تدبير الكنيسة المقدسة يتعجب منه بالحقيقة، فقد جمعت الكنيسة في هذه المناسبة قدرًا من القراءات يصير كينبوع تعزية غزير في هذه المناسبة الجديرة بكل الانتباه فحلول الروح القدس هو كمال قصد المسيح في تجسده وحياته على الأرض وموته المُحيي على الصليب وقيامته المقدسة فقد أكمل المسيح كل هذا من أجل هذا القصد الإلهي الفائق أن تقبل البشرية روح الله حالاً عليها ليسكن فيها وهذا هو منتهى النعم التي تحصل عليها الإنسان منذ بدء الخليقة ألستم تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم" هذا هو بيت القصيد والغاية العظمى التي تتجه إليها كل أعمال المسيح له المجد وكل تعاليمه المحيية.
إنجيل العشية : ( يو ٧ : ٣٧ - ٤٤ ) .
في اليوم الأخير من العيد نادى يسوع وقال "إن عطش أحد فيقبل إلي ويشرب ومن آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي قال هذا عن الروح القدس".
إنجيل باكر : هو إنجيل الساعة الثالثة (من الأجبية) الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي".
إنجيل القداس : متى جاء المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي".
إنجيل صلاة السجدة : (يو ١٧ : ١ - ٢٦ ، لو ٢٤: ٣٦ - ٥٣ ، يو ١:٤ - ٢٤) وآخرها إنجيل السامرية "الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا"وكلام المسيح مع المرأة السامرية عن الماء الحي إلى جانب نبوات سفر التثنية ورسائل البولس من (۱) کو ۱۲، ۱۳)، کم هائل من القراءات يشحن الكنيسة بغنى بنفحات الروح القدس - فإن كان كل شيء يتقدس بكلمة الله والصلاة والسجود المتواتر كعلامة خضوع للروح وقبول الروح وعبادة بالروح والحق أما من جهة الروح القدس الذي قبلناه في أشخاص الرسل القديسين الذين هم كنيسة المسيح الحية ممثلة في لبناتها الأولى، الذين اعتبروا أعمدة وأساسات الكنيسة التي بنيت وتبنى عليها كل النفوس المفتداة العتيدة أن ترث الخلاص. هذا الروح الناري كما رأته العيون الشاخصة، تعبيرا عن طبيعته كروح الله - لأن إلهنا نار آكلة كما هو مكتوب - وهذه هي النار التي قال المسيح عنها "جئت لألقي نارًا على الأرض ولست أريد إلا أن تضطرم"وهي بالطبع ليست نارًا مادية وفعل الروح كفعل النار من جهة الإحراق والتطهير لكل ما هو من شأنه أن يحرق بالنار - كالقش والعشب وهذه النار عينها ستمتحن عمل كل واحد الذي بناه فإن احترق فسيخسر أما هو فسيخلص ولكن كما بنار ولكن إن كان البناء ذهبًا، فضة، حجارة كريمة فالنار ستظهره أكثر لمعانا وشروقًا وأكثر نقاوة وقداسة فإن قبلنا هذا الروح الناري فأين فعله الواضح فينا؟ أين المحبة القوية كالموت ؟ التي مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ لهيبها محبة الإخوة من قلب طاهر بشدة وهذه هي المحبة التي أحبنا المسيح بها أحبنا إلى المنتهى هذا هو روح الحب عند المسيح أين نحن من هذا الحب الملتهب نحو الله والناس؟ فإن امتلأ القلب بنار الروح فكيف يُصلي؟ بأي أشواق نحو الله
ودموع وحرارة القلب وسكيب النفس؟.
أما فتور الصلاة وبرودة القلب فهى دليل ما بعده دليل على انطفاء الروح، رغم أننا لنا وصية "لا تطفئوا الروح"وفتور المحبة بين الإخوة حتى حصلنا في القساوة والخصام والنقد والوقيعة واحتقار الآخرين وأغلقنا على أنفسنا في الأنانية ومحبة الذات ونسينا أو تناسينا أن محبة القريب هي وصية معادلة للوصية العظمى واستبدلنا المحبة القلبية الطاهرة ومشاعر الحب الروحي الحار نحو خلاص إخوتنا استبدلناها بمجاملات بشرية ميتة عديمة النفع أوقعتنا في الغيرة والمقارنات ومحبة المديح كل هذا أبعدنا بعيدًا عن اختبار روح الحب الحقيقي كما يريده المسيح لنا وكما عاش به الآباء بمحبة روحية شديدة أعظم بما لا يقاس من المحبة الجسدية التي تربط بين أقارب الجسد أو أصحاب المصالح من وراء الجسد وكما تعلو الروح على الجسد ، تعلو محبة الروح قدرًا هائلاً عن محبة الأجساد وإن كنا قبلنا الروح على هيئة ألسنة منظورة نطق بها آباؤنا الرسل الأطهار بحسب ما أعطاهم الروح، فلماذا عجز لساننا اليوم عن الشهادة للمسيح وباتت كلمات الحق عزيزة في هذه الأيام ؟ إن امتلأ القلب بالروح القدس حقا فعمل الروح الأول هو الشهادة للمسيح "يشهد لي" ،وتشهدون أنتم لي" بالروح الذي فينا فاض قلبي بكلام صالح ،والكلام الصالح من فيض الروح هو أحلى شهادة للمسيح مُخلّصنا أين لسان الروح الذي لم يستطع رؤساء الكهنة أن يقاوموه في اسطفانوس شهيد المسيحية الأول، أين لسان الروح الناطق في الأنبياء الذي يتكلم بإعلان ويتكلم بأسرار الله؟ "إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله"أين لسان الروح الذي يمدح ويسند الضعفاء ويتكلم كلام مملح بملح يعطي نعمة للسامع ؟.
أين كلام الروح الذي يفيض حبًا وعذوبة للقريب ويبارك كل أحد حتى الذين يلعنون؟ أين لسان الروح الذي يشفع فينا بأنات وتنهدات لا ينطق بها، فيلهب مشاعر الحب للصليب ويزكي حياة الصلاة؟ أين لسان الروح الذي مثل القيثارة يصعد التسبيح ويردد المزامير ولا يكف عن الشكر والحمد للرب لأنه صالح وإلى الأبد رحمته ؟ أين لسان الروح الذي يعلم كلمة الحق لأنه روح الحق بدون مواربة ولا مجاملة ولا يعمل حسابًا لوجوه الناس؟.
الروح القدس والكنيسة:
لقد ولدت أمة دفعة واحدة كقول الرب بفم إشعياء (٦٦)، ومن ساعتها والروح يخصب الكنيسة فتلد من رحمها الذي لا يشيخ بنين من الماء والروح ثم يتعهدها كل يوم يجملها ويزينها بالزينة المقدسة والفضائل المختلفة لكي تليق بعريسها القدوس فيقول الروح بفم حزقيال النبي "فحممتك بالماء ومسحتك بالزيت والبستك مُطرّزة، ونعلتك بالتخس وكسوتك بزا، وحليتك بالحلي، فوضعت أسورة في يديك وطوقًا في عنقك ووضعت خزامة في أنفك وجملت جدا جدا، فصلحت لمملكة وخرج لك اسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملاً ببهائي الذي جعلته عليك" (حز ١٦ : ٩ - ١٤) فبحسب عطايا الروح ومواهبه يجمل الكنيسة ويكمل القديسين ولجميع أعضاء الجسد يعطي زينة حقيقية لائقة بالمسيح كما قيل للكنيسة أيضًا "تلبسين كلهم كحلي"، فهى تتهيأ للمسيح بزينة القديسين سواء في القداسة أو الاتضاع أو المحبة أو الرجاء أو الإيمان
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
21 يونيو 2024
تجديد العقل
بمناسبة عید حلول الروح القدس أحب أن أكلمكم عن صلاة نقولھا باستمرار: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" (مز ٥۱: 10 )، لأن أحد مفاعیل الروح القدس ھو عمل التجدید فالروح القدس یجدد فكر الإنسان ویعطيه الاستنارة في حیاته الله حینما خلق الإنسان خلقه بصفات ثلاثة: عاقلاً،
وعاملاً، وعابدًا فصار للإنسان: عقل یفكر، وید تعمل، وقلب بروحه یتصل باﻟﻠﮫ باستمرار.
شخصيات ﻓﻲ الكتاب اﻟﻤقدس تميزت برجاحة العقل:
یقول الكتاب عن دانیال والفتیة الثلاثة: "أَمَّا ھؤُلاَءِ الْفِتْیَانُ الأَرْبَعَةُ فَأعَطَاھُمُ الله مَعْرِفَةً وَعَقْلاً فِي كُلِّ كِتَابَةٍ وَحِكْمَةٍ، وَكَانَ دَانِیالُ فَھِیمًا" (دا ۱: 17)وقال داود النبي لأبیجایل زوجة نابال الكرملي التي تصرفت بحكمة: "مُبَارَكٌ عَقْلُكِ" ( ۱صم ۲٥: 33) وفي العھد الجدید مدح السید المسیح المرأة الكنعانیة التي قالت: "نَعَمْ، یَا سَیِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَیْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي یَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِھَا" (مت15: 27) أما زكا العشار فحینما تقابل مع السید المسیح وتغیر حاله واكتسب رجاحة العقل وقال:"ھَا أَنَا یَارَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِینِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَیْتُ بِأحَدٍ أرَدُّ أرَبَعَةَ أضْعَافٍ" (لو ۱۹: 8) فقد حصل خلاص له ولأھل بیته. وبولس الرسول لما استنار عقله قال: "أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفًا وَمُضْطَھِدًا وَمُفْتَرِیًا" ( ۱تي ۱: ۱۳ )، وصار كارزًا بل وعملاقًا في الكرازة.
ﻟﻤاذا خلق الله العقل للإنسان؟
وظیفة العقل الأولى، ھي التعرف على الله والخلیقة كلھا. یقول المزمور "اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ للهِ، وَالْفَلَكُ یُخْبِرُ بِعَمَلِ یَدَیْھِ" (مز ۱۹: 1) فالنجوم والنباتات والحیوانات كلھا تجعل الإنسان یعیش روح التأمل.
وظیفة العقل الثانیة، ھي إنه وعاء للمعرفة الواسعة في العالم.
وظیفة العقل الثالثة، ھي أنه یساعد الإنسان في اتخاذ قراراته. فلو كان عقل الإنسان على مستوى الاستنارة والتجدید المستمر تكون قراراته صحیحة وتسیر حیاته بطریقة سلیمة.
ما ﻫﻲ علامات العقل السليم؟
۱- أن الله ھو الذي یقوده ولیس الھوى الشخصي وكنیستنا تعلمنا أن أول رشمة للمیرون تكون على النافوخ، وھو موضع العقل، وذلك لتقدیس العقل وتخصیصه ﻟﻠﮫ لیعمل فیه یقول المزمور: "وَصَایَا الرَّبِّ مُسْتَقِیمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاھِرٌ یُنِیرُ الْعَیْنَیْنِ. نَامُوس الرَّبِّ كَامِلٌ یَرُدُّ النَّفْسَ. شَھَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَیِّرُالْجَاھِلَ حَكِیمًا. خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ.أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّھَا" (مز ۱۹: 7-9) وأیضًا "سِرَاج لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِیلِي" (مز119: 105)ھناك أناس ربما یقرأون لكنھم لا یسمحون لكلمة الإنجیل أن تجدد حیاتھم، لذلك تعلمنا الكنیسة قبل قراءة الإنجیل أن نطلب من الله أن یفتح ذھننا لنفھم.
۲- أن یكون العقل مملوءًا بمعرفة متوازنة،لا یمیل للیمین ولا للیسار، فالاتزان ھو من علامات صحة العقل وفي اللغة المتداولة نقول "فلان متزن فلان كلامه موزون". ویقول الكتاب: "بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ" (مت ۱۲: 37 )، "وَمَن قَالَ: یَا أَحْمَقُ، یَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِجَھَنَّمَ" (مت ٥: 22) لذلك فإن آباء البریة فضلوا الصمت كثیرًا جدًا، لأن "كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِیَةٍ" (أم ۱۰ :19)
۳- أن تكون للعقل مرجعیة، فالذین بلا مرشد كأوراق الخریف یسقطون سریعًا. ومھما كبرالإنسان في المعرفة وفي خبرات الحیاة فإنه محتاج دائمًا أن یكون له مرجع یرجع إلیه كنوع من صمام الأمان. وكنیستنا تعلمنا أن یكون لنا آباء اعتراف ومرشدین حكماء طوال حیاتنا نسمع عن القدیس أثناسیوس العظیم أن مرجعیته كانت البابا ألكسندروس ال ۱۹ . والقدیس أغسطینوس كانت مرجعیته القدیس أمبروسیوس،
وكذلك سیرة القدیس أنطونیوس.
٤- أن یكون العقل دائمًا متجددًا، وفي كل مرة نشعر أن الفكر بدأ في الحیدان نقول: "رُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي" لنعود إلى الاستقامة یقول المزمور عن الرجل الصالح: "یَكُون كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ" (مز1 :3) والمیاه الجاریة ھي میاه متجددة وبالتالي فإنھا مرویة ونافعة إن عملیة تجدید العقل ھي عملیة روحیة داخلیة، فیھا عمل للنعمة وعمل لإرادة الإنسان معًا ومن حلاوة كنیستنا أنھا تعمل لنا طقسًا فرایحي،وكیھكي، وصیامي، وشعانیني، وسنوي. ھذاالتنوع "عِنْدَ مَجَارِي الْمِیَاهِ"، ھو التجدید المستمر.
إن عملیة التنوع والتجدید والتغییر المستمر یضفي بھجة، وتشویقًا، واستنارة.
في نھایة سفر مراثي إرمیا یقول: "جَدِّد أَیَّامَنَا كَالْقَدِیمِ" (مرا ٥ :21) بمعنى اجعل أیامنا الحاضرة فیھا روح الجدة كما كانت في القدیم وھناك آیة واضحة قالھا القدیس بولس الرسول "تَغَیَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِیدِ أَذْھَانِكُمْ" (رو ۱۲: 2)وتجدید الذھن ھو شكل من أشكال التوبة.
بعض سمات العقل غير السليم:
۱- عقل التھویل: یھول الأمور، كما یضیف إضافات وینسج روایات.
۲- العقل المنحرف: ھو دائمًا یعیش في الخیال والتصورات.
۳- العقل المشحون بالیأس:یرى أن كل شيء لا یصلح، لن ینفع، سیفشل. لیس عنده رجاء.
٤- العقل المتجمد: لا یتطور بل یعیش في خبراته القدیمة ویرفض كل جدید.
٥- العقل الروتیني: لا یتغیر عن الروتین الذي اعتاده، ولا یعرف التجدید ولا الابتكار. ھنا ویجب أن نعرف الفرق بین مصطلحین: الأصالة (الجذور)، والمعاصرة (الشجرة والثمر)، وعملیة الجمع بین الاثنین تحتاج إلى العقل الذي یجدده الروح القدس.
٦- العقل الفضولي: یبحث عن الأخبار، ویشبع نفسیًا حینما یعرفھا وینقلھا. ھذا عقل مریض.
۷- العقل المنقاد: لا یعرف إلا شخص واحد،یكون بطلاً في نظره، یصیر مسلوبًا لفكره وكأنه مسبي.
۸- العقل المشوش: حینما یتكلم ینتقل من موضوع لثاني ثم ثالث ورابع وتبحث عن أصل الموضوع فلا تجده. ھو تائه.
۹- العقل المنفعل: یكون دائمًا متوترًا وقلقًا،وأبسط كلمة تثیر انفعاله.
۱۰ - العقل الشھواني: الذي تتحكم فیه الخطیة والشھوات.
مقترحات لكيفية ﺗﺠديد العقل:
إن النعمة تساعد الإنسان في تجدید ذھنه وعقله،لكن یجب أن یكون لإرادة الإنسان دور، لذلك أقدم عدة مقترحات:
۱- یتجدد العقل من خلال القراءة المستمرة وعلى رأسھا قراءة الإنجیل، واظب على تدریب قراءة الإنجیل كل یوم، وجدد عقلك بقراءات مستمرة ومتنوعة.
۲- یتجدد العقل بالجلوس إلى الكبار، في أخذ المشورة من الأمناء، فإن خبرات الماضي تستطیع أن تفید الإنسان في الحاضر وتكون مؤثرة جدًا.
۳- من الممكن أن یتجدد العقل بمعرفة التاریخ،فلحكمة بالغة نجد في كنیستنا السنكسار والدفنار.
اﻟخلاصة:
مع احتفالنا بعید حلول الروح القدس نرفع قلوبنا ونقول: "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا لَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحِشائي". نصلي ونطلب من خلال عمل الروح القدس، أن یمنحنا الله روح التوبة والتجدید والاستنارة في كل حیاتنا.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
20 يونيو 2024
بدعة أبوليناريوس
هرطقة أبوليناريوس: حول طبيعة المسيح
كان ينادى بلاهوت المسيح ولكن لا يؤمن بكمال ناستوه إذ كان يرى أن ناسوت المسيح لم يكن محتاجا الى روح فكان بغير روح لأن اللهه اللوجوس كان يقوم بعملها في منح الحياة ولما كان هذا يعنى ان ناسوت المسيح كان ناقصا لذلك حكم مجمع القسطنطينية المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م بحرم ابوليناريوس وهرطقته هذه
الأبولينارية
من هو أبوليناريوس؟
أبوليناريوس كان أسقف اللاذقية (لاوديكيا Laodices) اشتهر في النصف الثاني من القرن الرابع (حوالى سنة 310 - حوالى 390 م) وكان أبنا لناظر (مدير) مدرسة بيرتيوس Berytus الذى أصبح فيما بعد قسيساً فى لاودوكيا وقد قام الأب الذى أشتهر بأسم ابوليناريوس الكبير بتأليف بعض الكتب المسيحية محاكاه للتآليف القديمة التى يطلق عليها أسم الكلاسيكية الوثنية، وكان الأمبراطور يوليانى (يوليانوس) Julian قد أصدر قوانين تربوية منعت المسيحيين من دراسة الأدب اللاتينى واليونانى القديم أو تدريسه وشب أبوليناريوس الصغير (الأبن) دارساً ومتعلماً، ثم ساعد اباه فى عمله، فكتب يدافع عن المسيحية ضد يوليانى وفورفروريوس Porphyry وضد هراطقة آخرين أمثال آريوس ومارسيليوس Marcellus، كما كتب تفاسير للكتب المقدسة وكتب كتباً أخرى لم يبق منها غير شذرات أوردها فى اجاباته غرغوريوس النزيزى (رسالة 101، 102) إلى كليدزنيوس ثم غريغوريوس وكان ذا مكانة مرموقة بين لاهوتيي عصره وذلك لدفاعه عن المسيحية وولائه لقانون إيمان نيقية, [ كان أبوليناريوس أسقف اللاذيقية قد هيأ نفسه كنيقوى غيور وكمقاوم ممتاز ضد يوليانوس التى أستهدف إحياء الوثنية، تسنده المصارد (ضد الوثنية والدفاع عن المسيحية) كما ينظر إليه بحق كأفضل لاهوتى فى عصره بعد أثناسيوس، وكان باسيليوس القيصرى واحداً من كثيرين من الجيل الأصغر من المسيحيين الذين يطلبون مشورته
هرطقة أبوليناريوس Apollinarius أسقف اللاذقية 390م
حوّل أبوليناريوس تعليم ثلاثية تكوين الإنسان trichotomy من سيكولوجية أفلاطون إلى كريستولوجى. فقال: كما أن الإنسان العادى مكوَّن من جسد ونفس وروح، هكذا يسوع المسيح هو مكوّن من جسد ونفس والكلمة (اللوغوس). وفى رأيه أن الكلمة قد حل محل الروح واتحد بالجسد والنفس لتكوين الاتحاد لم يتصور أبوليناريوس إمكانية وجود نفس إنسانية عاقلة فى المسيح فى وجود الله الكلمة الذى هو روح والذى هو العقل الإلهى منطوق به ربما تصوّر أبوليناريوس أن النفس الإنسانية العاقلة تعنى بالضرورة شخصاً بشرياً متمايزاً عن شخص الله الكلمة بمعنى أنه خلط بين مفهوم الشخص الذى هو مالك الطبيعة، ومفهوم العقل الذى هو أحد خواص الطبيعة التى يملكها الشخص، أى أنه اعتبر أن الشخص هو العقل وأراد بإلغاء الروح الإنسانية العاقلة أن يؤكّد أن شخص كلمة الله هو الذى تجسد وهو هو نفسه يسوع المسيح بمعنى أن كلمة الله لم يتخذ شخصاً من البشر بل اتخذ جسداً ذا نفس بلا روح عاقلة وبهذا تتحقق -فى نظره- وحدة الطبيعة فى المسيح الكلمة المتجسد وعصمته من الخطيئة وقد تصوّر البعض أن القديس أثناسيوس الرسولى فى القرن الرابع قد تأثر بفكر وتعليم أبوليناريوس فى تعاليمه الكريستولوجية. ولكن القديس أثناسيوس قد شرح هذا الأمر باستقامته المعروفة فى التعليم فى رسالته إلى أبيكتيتوس وقال أن عبارة القديس يوحنا الانجيلى أن "الكلمة صار جسداً" (يو1: 14) تعنى أن "الكلمة صار إنساناً" وأن السيد المسيح قد اتخذ طبيعة بشرية كاملة من جسد وروح عاقلة فقال القديس أثناسيوس:لأن القول "الكلمة صار جسداً" هو مساو أيضاً للقول "الكلمة صار إنساناً" حسب ما قيل فى يوئيل النبى "إنى سأسكب من روحى على كل جسد" لأن الوعد لم يكن ممتداً إلى الحيوانات غير الناطقة، بل هو للبشر الذين من أجلهم قد صار الرب إنساناً] وقال أيضاً فى نفس الرسالة:[ إلا أن خلاصنا، فى واقع الأمر، لا يعتبر خيالاً، فليس الجسد وحده هو الذى حصل على الخلاص، بل الإنسان كله من نفس وجسد حقاً، قد صار له الخلاص فى الكلمة ذاته ].
إدانة هرطقة أبوليناريوس:
أدانت عدة مجامع مكانية فى روما (377م)، والإسكندرية (378م)، وأنطاكية (379م) تعاليم أبوليناريوس. ثم أدين فى المجمع المسكونى الثانى الذى انعقد فى القسطنطينية (381 م) كان رأى آباء مجمع القسطنطينية أن السيد المسيح له نفس إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات وأنه كان ينبغى أن تكون للمسيح إنسانية كاملة لكى يتم افتداء الطبيعة الإنسانية وأن الروح البشرية مثلها مثل الجسد فى حاجة إلى الفداء وهى مسئولة عن سقوط الإنسان فبدون الروح البشرية العاقلة كيف يكون الإنسان مسؤولاً مسؤولية أدبية عن خطيئته؟
فالروح البشرية أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص، ولهذا يجب أن يتخذها كلمة الله مع الجسد لأن ما لم يتخذ لا يمكن أن يخلص، كما قال القديس غريغوريوس النازيانزى عبارته المشهورة ضد أبوليناريوس فى رسالة إلى الكاهن كليدونيوس "لأن ما لم يتخذه (الله الكلمة) فإنه لم يعالجه؛ ولكن ما تم توحيده بلاهوته فهذا يخلص" إن أهم ما شغل الآباء ضد الأبولينارية هو"أن النفس الإنسانية العاقلة، بقدرتها على الاختيار، كانت هى مقر الخطيئة؛ ولو لم يوحّد الكلمة هذه النفس بنفسه، فإن خلاص الجنس البشرى لم يكن ممكناً".
صداقة البابا أثناسيوس الرسولى وابوليناريوس
لأن أبوليناريوس كان مدافعاً غيوراً ضد الأريوسيين فقد توطدت بينه وبين القديس أثناسيوس صداقة وطيدة ولكنه أراد أن يقدم نظاماً للاهوت بالطريقة الكلاسيكية الوثنية التى تعلمها على يد أبيه فسقط فى بدعة خطيرة، ويذكر القديس غريغوريوس أسقف نزينزا أن بداية الأبولينارية بمكن الن ترجع إلى حوالى سنة 352 م، غير أن تعاليمهات لم تنتشر بصورة عامة حتى أنعقاد مجمع الأسكندرية، عندما ا{سل مندوبى أبوليناريوس إلى البابا أثناسيوس لمساندته (ضد الأريوسية) وفى عام 372 م كتب البابا أثناسيوس كتابين ضد هرطقة أبوليناريوس بدون أن يذكر أسمه، ربما فعل ذلك لأجل الصداقة القديمة التى كانت تربط البابا أثناسيوس مع أبوليناريوس صاحب الهرطقة
محتوى البدعة والهرطقة الأبيولينارية - لا يوجد نفس بشرية فى المسيح
أبتدع ابيوليناريوس نظرية خريستولوجية عرفت باسمه "أبولينارية" ويقول المتنيح الأنبا غريغوريوس عن نقطة البدء فى بدعة البوليناريوس: "كان أبوليناريوس من أشد الخصوم الأريوسية.. ولعله أبتدع نظريته دفاعاً عن الحقيقة الأرثوذكسية وقد ساقه إلى ذلك باعثان: -
الأول: تعليم آريوس نادى بإمكانية التغيير الأخلاقى عند المسيح، وأنه لهذا كان الكلمة قابل للنمو أو التطور الخلقى، وأنه عندما كان يفعل الخير كان يصنعة بإرادة حرة كان يمكنها أيضاً أن تختار فعل الشر، وعلى ذلك يكون الخلاص الذى صنعة المسيح عملاً قام به كائن محدود، أقام ذاته مخلصاً بفعل إرادته الحرة، ومن ثم فلا تكون كفارته خلاصاً للجنس البشرى كله إلا من قبيل إظهار أمكانية كسب الخلاص، وليست هناك نفس بشرية واحدة يمكن أن تكون بريئة كل البراءة من وصمة الضعف البشرى لهذا أندفع أبوليناريوس فى غيرة ملتهبة لتأكيد ألوهية المسيح الكاملة وطهارتة التامة من الخطيئة وذلك بمحض طبيعته الذاتية.
الثانى: خلط أبوليناريوس بين مدلولات الألفاظ من الوجهة اللاهوتية، رأى أبوليناريوس أن كلمة " طبيعة " وكلمة " أقنوم " بمعنى واحد، فإذا كان فى المسيح طبيعة لاهوتية كاملة، وطبيعة ناسوتية كاملة إجتمعا معاً فى المسيح، فإذا أجتمع فى المسيح لاهوت كامل، وأجتمع فيه كل مكونات الناسوت فإن هاتين الطبيعتين الكاملتين يكونان أقنومين إذ لا يمكن أن يتألف أقنوم واحد من طبيعتين وعلى ذلك يرى ابوليناريوس أن الرأى القائل بإتحاد اللاهوت بالناسوت كاملاً، كليين فى كلى واحد، رأى مستحيل،هذان هما الباعثان اللذان دفعا ابوليناريوس إلى نظريته التى قصد بها إبعاد المخاوف التى خلقتها البدعة الأريوسية وليخرج من المأزق الأريوسى حول التغيير الأخلاقى عند المسيح إذا لم يكن للمسيح نفس أنسانية، فلا يكون ثمة مجال لممارسة رية الإختيار لديه، ولا تكون له شخصية بشرية أو أقنوم بشرى ليتحد بالأقنوم الإلهى بل يكون هناك الكلمة الإلهى وحده وهى القوة الوحيدة المسيطرة فى أقنوم المسيح المتجسد وقد وجد أبوليناريوس فى هذا التفسير المخرج الوحيد من كل الصعوبات السابقة، قال أن المسيح بالحقيقة هو الإله المتجسد، ولا يمكن أن يتم أتحاد حقيقى بين اللوغوس والنفس الأنسانية الناطقة لأنه أما أن تحتفظ الطبيعة البشرية المتحدة بالطبيعة الإلهية، بإرادتها الخاصة واضحة متميزة وفى هذه الحالة لا يكون هناك أتحاد حقيقى بين اللاهوت والناسوت، أو أن تفقد النفس الناطقة حريتها وكأنها قد أمتصت فى فى الطبيعة الإلهية، لذلك يرى أبوليناريوس أن اللوغوس يحتل مكان النفس الناطقة العاقلة وقد أتخذ له جسماً بشرياً ونفساً حيوانية، وصار هو القوة المسيطرة والمبدأ السائد فى المسيح ويحييها بالحياة العليا الإلهية وبهذا حفظت الوحدة فى الأقنوم ولو أن الأقنوم لم يكن كله إلهاً ولا كان كله أنساناً بل مزيج من الإله والإنسان وكلمة تعنى مزيج أو خليط، وأستعملت هذه الكلمة لمدة طويلة عند بعض الآباء الذى خطوا الكتب ومنهم ترتليانس Apol. 21 de idol. vanit يقول أنسان ممتزج بالإله، وكذلك كبريانوس homo des mixtuseus combomine misctur يقول أن الإله أمتزج بالأنسان، ولاكتنانتيوس Inet. iv. 13 deus est et homo, ex utroque genere permixlus وتكلم أوريجينوس فى كتابه الرد على كلسس contro cels عن أتحاد الطبيعتين كأنه منسوج أو محبوك وكذلك إيريانوس فى كتابه الرد على الهراطقة ك3 ف 19/1 وغيره إلى زمن غريغوريوس وأغريغوريوس الذى أستعمل كل منهما كلمة وهذا يؤيد ما يذكره الكتاب المقدس أن (الكلمة صار جسداً) وأن " الإله ظهر فى الجسد " وقد قال القديس غريغوريوس النزنيزى (رسالة 101): " إن الجسد هنا معناه الطبيعة البشرية من قبيل إطلاق الجزء على الكل وعلى ذلك فإن كلمة تجسد
تعنى فى الحقيقة تأنس
وكان أبوليناريوس قد أنكر أقنومية الطبيعة الإنسانية وكانت نظريته مبنية على أن: مركز الأقنومية هو فى الكلمة ولذلك فإنه كان دائم القول هذه العبارة التى وردت على لسان البابا كيرلس الأول فيما بعد ونسبها أيضاً إلى البابا أثناسيوس الرسولى:
" طبيعة واحدة متجسدة للإله الكلمة "
وكان أبوليناريوس يعنى الجسد بإعتباره جزءاً من الطبيعة التى وصفت بانها واحدة، وربما كان الطبيعة كما فهما أبوليناريوس طبيعة جديدة ومؤلفة بطريقة فريدة فى نوعها، ولكنها بكل تأكيد مختلفة عما فى فكر البابا كيرلس الذى أستعمل نفس العبارة من دون أن يعنى بذلك طبيعة أخرى جديدة لأنهي قول فى موضع آخر طبيعة واحدة من طبيعتين ثم وهما يفيدان معنى يفترب من فكرة تحول الطبيعة الأنسانية إلى الإلهية (أوريجينيوس فى نفس الوضع) ولو أنهما عبرا بصراحة عن شخصية الطبيعيتين (الإله والإنسان) وحتى أوغسطينوس أيضاً قال (إن الإنسان موصول) وبمعنى آخر (ممزوج) بكلمة ألإله ليتم وحدة الأقنوم.
قال فيها أن المسيح كان لدية جسد ونفس غير عاقلة وأنكر وجود النفس العاقلة فيه لأنه علم أن الكلمة الإلهية أخذت مكانها. انطلق من مبدأ أنه لا يمكن لشيئين تامين (كاملين) أن يصبحا واحدا. لهذا في معالجته لموضوع شخص المسيح طالما أن مجمع نيقة منع أي تقليل أو تصغير أو تغيير في "الكلمة" أي في الطبيعة الالهية وذلك للوقاية ضد تعاليم آريوس فإن أبوليناريوس استخدم الخيار الآخر وقلل وشوه الطبيعة البشرية للمسيح وأنقص منها النفس العاقلة لأنه اعتبرها مسؤولة عن الخطيئة فكانت برأيه هذه هي الطريقة الوحيدة لحفظ المسيح بدون خطيئة وبالتالي إمكانية تحقيق الخلاص أبوليناريوس اعتمد في نظريته على تقسيم أفلاطون الشهير للطبيعة البشرية: جسد،نفس،روح الكنيسة منذ البداية حاربت تعاليم أبوليناريوس فأثناسيوس كتب كتابين ضده، غريغوريوس النزينزي كتب عدة رسائل ضده أيضا وغريغوريوس النيصصي في كتابه "ضد الهرطقات". والتعليم الذي ساد كان عبارة القديس غريغوريوس النزينزي: "ما لم يؤخذ لم يشفى" جدير بالذكر هنا أن الكثير من كتابات أبوليناريوس وضعها تلاميذه تحت أسماء لاهوتيين مشهورين لإكسابها الشرعية المطلوبة مثل غريغوريوس العجائبي (شرح الإيمان) واثناسيوس الكبير (عن التجسد) والبابا يوليوس (في وحدة المسيح) الجدال الأبوليناري بالرغم من عدم تضخمه إلا أنه لعب دورا هاما في تاريخ العقيدة المسيحية فقد حول الجدال من المحور الثالوثي إلى المحور الخريستولوجي. هكذا بعد الانتهاء من مناقشة الثالوث والروح القدس أصبح الباب الوحيد المفتوح لدخول الهرطقات هو الابن. من هنا ستنهمك المجامع اللاحقة بموضوع الابن، الأقنوم الثاني من الثالوث أي بما يعرف ب "الخريستولوجية". أي إتحاد اللاهوت بالناسوت في شخص المسيح وقال أبوليناريوس في القرن الرابع: المسيح وإن كان قد وُلد من العذراء إلا أنه لم يتخذ جسده منها، بل أن جوهره الإلهي استحال إلى جسد في بطنها، ولذلك لم تكن له نفس بشرية، إذ أن لاهوته حل محل النفس فيه. وحجته في ذلك أن النفس تميل إلى الخطيئة، والمسيح لم يمل إليها إطلاقاً، بل عاش كل حياته بعيداً كل البعد عنها كان أبوليناريوس أسقفاً بالشام و كان من اشد المدافعين عن الإيمان ضد الاريوسيين حتى سقط فى بدعة خطيرة وهى إن الابن عند تجسده حل لاهوته مقام الروح الجسدية و تحمل الآلام و الصلب مع الجسد.كما كان يعتقد ايضاً بوجود تفاوت فى الاقانيم الثلاثة منادياً بأن الروح عظيم والإبن اعظم أما الآب فهو الأعظم ومن مذاهب الضلال من جهة ناسوت المسيح مذهب الأبوليناريين (نسبة إلى أبوليناريوس الذي كان أسقفاً شهيراً في لاودكية). ويقول مذهبهم إن الإنسان (على رأي أفلاطون) مؤلَّف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية والروح الناطقة، وإن المسيح مؤلف من ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية واللاهوت. وبذلك أنكروا أن للمسيح روحاً ناطقة كما لسائر البشر. وزعموا أن اللاهوت أخذ في المسيح مكان الروح الناطقة في الإنسان. ومما قادهم إلى هذا القول صعوبة تصوُّر اتحاد طبيعتين كاملتين في شخص واحد. فقالوا: إذا كان المسيح الله أو الكلمة الإلهي فإنه يكون كاملاً. وإذا كان إنساناً فلا بد أن يكون ذا عقل محدود وإرادة بشرية، فكيف يمكن أن يكون (والحالة هذه) شخصاً واحداً؟ نعم إن ذلك مما لا يدركه العقل البشري، ولكن لا تناقض فيه. فانعقد مجمع مسكوني في القسطنطينية سنة 381م وفند التعليم الأبوليناري ورفضه، ثم تلاشى بعد قليل.
المزيد
19 يونيو 2024
من هو الروح القدس
لابد أن تكون لكم معرفة بالروح القدس من هو ؟ وما عمله فيكم ولاجلكم لكى تكون علاقة به ، ولتعرفوا عمق احتاجكم إليه الروح القدس هو " روح الله القدوس " ( أف4 : 30 ) ، ( 2كو3 : 3 ) بل الروح القدس هو الله ، لأن " الله روح " ( يو4 : 24 ) .
لاهوته
قال القديس بطرس " إن الكذب على الروح القدس معناه الكذب على الله " ( أع5 : 23 ) ومادام هو روح الله ن ( أي 33 : 3 ) ( 2كو3 : 3 ) ، وهو روح السيد الرب ( اش61 : 1 ) ، إذن هو الله .
هذا المعزي ، روح الله ، حل على التلاميذ في يوم الخمسين ( أع2 : 1 ـ 4 ) . وهو الذى وعد به الله في سفر يوئيل النبى قائلاً " ويكون بعد ذلك أنى اسكب روحى على كل بشر ، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ، ويحلهم شيوخكم أحلاماً ، ويري شبابكم رؤي " ( يؤ2 : 28 ) . وقد ذكر القديس بطرسس أن هذه النبوءة تحققت في يوم الخمسين ( أع2 : 16 ، 17 ) هو روح الله ، وهو " روح إبنه " ( غل4 : 6 ) " روح المسيح " ( 1بط1 : 11 ) هو " روح الرب " ( اش11 : 2 ) " روح السيد الرب " ( اش61 : 1 ) . قيل في سفر ايوب الصديق " روح الرب صنعى " ( أي33 : 4 ) . وقال حزقيال النبى " وحل على روح الرب وقال لي ... " ( خر11 : 5 ) . وقال القديس بطرس في توبيخ ما فعله حنانيا وسفيرا " ما بالكما قد اتفقتما على تجربة روح الرب " ( أع5 : 9 ) . وهو " روح الحق " ( يو14 : 17 ) . وقال عنه السيد المسيح " روح الحق الذي من عند الآب ينبثق " ( يو15 : 26 ) . وقال أيضاً " متى جاء ذاك ، روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق " ( يو16 : 13 ) ويثبت لاهوت الروح القدس أنه في الثلوث القدوس إنه واحد مع الآب والأبن . وفي ذلك يقول السيد المسيح الرب أرسله القديسين " تلمذوا جميع الأمم ، وعمدوهم باسم الآب والآبن والروح القدس " ( أع28 : 19 ) ولاحظوا هنا أنه يقول " باسم " وليس باسماء ... وهذا يوافقه أيضاً ما ورد في رسالة القديس يوحنا الأولي ، إذ يقول " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة : الآب والكلمة ( اللوجوس ) والروح القدس . وهؤلاء الثلاثة هم واحد " ( 1يو5 : 7 ) ويثبت لاهوته أيضاً أنه الحيى ومعطي الحياة ولذلك يسمى " روح الحياة " ( رو8 : 2 ) . وقد ورد في سفر حزقيال النبى ، أنه هو الذي يحيى الموتى ( حز37 : 9 ، 10 ) . ومن الذي يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم ، إلا الله وحده . الروح القدس هو أقنوم الحياة . هو مصدر الحياة في العالم كله ، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء ، أو الحياة مع الله . وبصفه قانون الإيمان بأنه " الرب المحيى " ويثبت لاهوت الروح القدس ، أنه مصدر الوحى وقانون الإيمان يصف لروح القدس بأنه " الناطق في الأنبياء " ولعل هذا يوافق ما ورد في الرسالة الثانية للقديس بطرس الرسول عن الوحي الإلهى إذ قال " لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان ، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس " ( 2بط1 : 21 ) . ومادام الوحى من الروح القدس ، إذن هو من الله ، لأنه من روح الله . لذلك قال القديس بولس الرسول " كل الكتاب موحي به من الله ، ونافع للتعليم " ( 2تى3 : 16 ) . يقول الرسول أيضاً " حسناً كلم الروح القدس آباءنا بأشعياء النبى قائلاً .. " ( أع28 : 25 -27 ) . وكمثال لهذا الوحي قال حزقيال النبى " ... وحل على روح الرب وقال لي ك قل هكذا قال الرب ... " ( حز11 : 5 ) . ويقول الوحي الإلهى في سفر اشعياء النبى " أما أنا فعهدي معهم قال الرب روحى الذي عليك وكلامى الذى وضعته في فمك لا يزول من فمك ، ولا من فم نسلك ... من الآن وإلى الأبد " ( اش59 : 21 ) .
صفات الروح القدس اللاهوتية:-
نضيف إلى كل هذا ، أن الروح القدس اشترك مع الآب والإبن في عملية الخلق فكما قيل عن الآب إنه بالإبن قد عمل العالمين ( عب1 : 2 ) " فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض الكل به وله قد خلق " ( كو1 : 16 ) " كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان " ( يو1 : 3 )هكذا يقول الكتاب عن الروح القدس :" ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض " ( مز104 : 30 ) وقيل في سفر أيوب الصديق " روح الرب صنعنى " ( أى 33 : 4 ) وهذا يدل على لاهوت الروح القدس ، لأن القدرة على الخلق خاصة بالله وحده وقد ذكر الكتاب صفات إلهية له ، منها الأزلية : كما قيل عن السيد المسيح " فكم بالحرى دم المسيح ، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب " ( عب9 : 14 ) .
ومن الصفات الإلهية للروح القدس ، وجوده في كل مكان وفي ذلك قال داود النبى للسيد الإله " أين أذهب من روحك ؟! ومن وجهك أين أهرب ؟! إن صعدت إلى السموات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت " ( مز139 : 7 ) . وطبعاً الواحد الموجود في مكان هو الله .
ومن الدلاله على وجوده في مكان ، عمله فينا يقول بولس الرسول " أما تعلمون أنكم هيكل الله ، وروح الله يسكن فيكم " ( 1كو3 : 16 ) وأيضاً " أم لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم " ( 1كو6 : 19 ) . وسكنى الروح في كل المؤمنين ، في كل أقطار الأرض ، يدل على وجوده في مكان ، وبالتالي على لاهوته إذن روح الله في كل مكان ، يعمل في المؤمنين ويحل فيهم .
ومما يثبت لاهوته أيضاً ، أنه عالم بكل شئ كما يقول القديس بولس الرسول " لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله " ( 1كو2 : 10 ) " وهكذا أيضاً أمور الله ، لا يعرفها أحد إلا روح الله " ( 1كو2 : 11 ) ويقول لنا الرب عن الروح القدس " يرشدكم إلى جميع الحق " ( يو16 : 13 ) " يعلمكم كل شئ ، ويذكركم بكل ما قلته لكم " ( يو14 : 26 ) .
الروح القدس قادر على كل شئ ومن صفات الروح في نبوءة اشعياء إنه " روح القوة " ( اش11 : 2 ) وهكذا يتحدث القديس بولس الرسول عن كرازته إنها كانت بقوة آيات وعجائب ، بقوة روح الله " ( رو15 : 19 ) ويقول أيضاً " برهان الروح والقوة ... بقوة الله " ( 1كو2 : 4 ) والسيد الرب يقول هذا ، كما ورد في سفر زكريا النبى " لا بالقدرة ولا بالقوة ، بل بروحي قال رب الجنود " ( زك4 : 6 ) .
ومما يثبت لاهوته أيضاً، أنه مانح المواهب الفائقة يقول الكتاب " كل عطية صالحة ، وكل موهبة تامة ، هي فوق ، نازلة من عند أبي الأنوار " ( يع1 : 17 ) . ومع ذلك فإن كل المواهب ينسبها الكتاب إلى الروح القدس كما ورد في إصحاح المواهب ( 1كو12 ) ، إذ يقول الرسول : " فأنواع مواهب موجودة ، ولكن الروح واحد " .. ( 1كو12 : 4 ) . وبعد أن ذكر انواع المواهب ومنها الحكمة ، والإيمان ، ومواهب الشفاء ، وعمل القوات ، والنبوة وتميز الأرواح ، والألسنة وترجمتها ، وقال " ولكن هذه كلها يعمل الروح الواح بعينه ، اسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " ( 1كو12 : 11 ) . وطبيعى لا يمكن أنت يمنح كل هذه المواهب ، إلا الله .
والسيد المسيح وصف الروح القدس لتلاميذه بأنه " المعزى البارقليط " ( يو16 : 7 ) . ووصف هذا المعزى بصفات إلهية ، فقال :
أ ـ إنه " يمكث معكم إلى الأبد " ( يو14 ك 16 ) . إذن فهو ليس إنساناً يمكث معهم فترة ويموت ، إنما هو روح الله الذي يمكث معهم إلى الأبد ، بل قال عنه أكثر من ذلك إنه :
ب ـ " ماكث معكم ويكون فيكم " ( يو14 : 17 ) وعبارة " يكون فيكم " لا ينطبق على إنسان وقال عنه أيضاً :
ج ـ " لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه " ( يو14 : 17 ) وهذه العبارة أيضاً لا تنطبق على إنسان يراه الناس ويعرفونه وفي رسالة إلى العبرانين يصفه الرسول بأنه " روح النعمة " ( عب10 : 29 ) وفي نبؤة زكريا يقول الوحي الإلهى " وأفيض على بين داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات ، فينظرون إلى الذي طعنوه ، وينوحون عليه كنائح على وحيد له في مرارة " ( زك12 : 10 ) . والكتاب يسمى الروح القدس أيضاً " روح القداسة " (رو1 : 4 ) ويقول عنه المرتل في المزمور " وبروح رئاسي أعضدنى " ( مز50 ) . ونقول عنه في صلوات الأجبية " روحاً مستقيماً ومحيياً ، روح النبوة والعفة ، روح القداسة والعدالة والسلطة " ونقول عنه أيضاً " الملك المعزى ، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل ، كنز الصالحات ومعطى الحياة " ونطلب إليه قائلين " هلم تفضل وحل فينا ، وطهرما من كل ذنس أيها الصالح ، وخلص نفوسنا " وفي سفر اشعياء النبى ، ما أكثر الأوصاف التى بها روح الله إذ يقول : " ويحل عليه روح الرب ، روح الحكمة والفهم ، روح المشورة والقوة ، روح المعرفة ومخافة الرب " ( اش11 : 2 ) وقد قال السيد المسيح الرب عن بصالئيل الذي قام بصناعة ما يلزم خيمة الإجتماع " وملآته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعه الاختراع " ( خر31 : 3 ـ 6 ) ولعل بصالئيل هذا أول مثل لموسي " وتلكم جميع حكماء القلوب الذين ملأتهم روح حكمة أن يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لي " ( خر28 : 3 ) وعن روح الحكمة يصلي بولس الرسول من أجل أهل أفسس لكي يعطيهم الله " روح الحكمة والإعلان في معرفته " ( اف 1 : 17 )وذلك لكى " تستنير اذهانكم ليعملوا ما هو رجاء دعوته " .
أقنومه:-
شهود يهوه لا يعتقدون أن الروح القدس أقنوم ( شخص ) ، بل يرونه مجرد قوة !!
وللرد على ذلك نقول إن ما ورد عن الروح القدس في الكتاب المقدس ، يدل أنه شخص فهو يتكلم : ويقول الرب في ذلك لتلاميذه القديسين " لأن لستم أنتم المتكلمين ، بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم " ( مت10 : 20 ) ويقول الرسول أيضاً عنه " إن سمعتم صوته ، فلا تقسوا قلوبكم " ( عب3 : 7 ـ 9 )
وهو الذي قال " افرزوا لي برنابا وشاول ، للعمل الذى دعوتهما إليه " ( أع13 : 3 ) فهو هنا يتكلم ، و أيضاً يدعو وهو يعلم ، ويذكر ، ويرشد ، ويخبر ، ويبكت وفي ذلك يقول الرب لتلاميذه عن الروح القدس " يعلمكم كل شئ ، يذكركم بكل ما قلته لكم " ( يو14 : 26 ) وأيضاً "متى جاء ذاك روح الحق ، فهو يرشدكم إلى جميع الحق ويخبركم بأمرو آتية " ( يو16 : 12 ، 13 ) وهو أيضاً الذي يبكت على خطية ( يو16 : 8 ) وهو يقود المؤمنين جماعات وأفراداً يقول الرسول " لأن الذين ينقادون بروح الله ، فأولئك هم أبناء الله " ( رو8 : 14 ) وهو يقيم الرعاة : وعن ذلك قال القديس بولس لأساقفة أفسس " احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس عليها أساقفة " ( أع20 : 28 ) وهو الذي يحدد تحكات الخدام فيقول القديس لوقا الإنجيلى عن القديس بولس الرسول وأصحابه " وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية ، منعهم الروح القدس أن يتكلموت بالكلمة في آسيا فلما أتوا إلى ميسيا ، حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية ، فلم يدعهم الروح " ( أع16 : 6 ، 7 ) والروح القدس يعزى المؤمنين ويشفع فيهم يقول السيد المسيح " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد " ( يو15 : 26 ) ويقول الرسول " الروح نفسه فينا بأنات لا ينطق بها " ( رو8 : 26 ) إذن هذا الذي يتكلم ويعلم ويذكر ، ويرشد ويخبر ، ويبكت ، ويقود المؤمنين ويقيم الرعاة ، ويحدد تحركاتهم ، ويعزى ويشفع أليس هو شخصاً ؟!
أما القوة فهي إحدي نتائج حلوله على المؤمنين ( أع1 : 8 ) كما نقول أيضاً إن حلوله يمنح غيره وحرارة ، ويمنح حكمة ومعرفة إلخ .
إنبثاقه:-
نحن نؤمن بأن الروح القدس ينبثق من الآب وهذا واضح من تعليم السيد المسيح نفسه في الأنجيل المقدس ، إذ قال لتلاميذه القديسين عن الروح القدس " روح الحق الذي من عند الآب ينبثق " (يو15 : 26 ) وهذا هو نفس ما يقوله قانون الإيمان المسيحى " نعم نؤمن بالروح القدس ، بالرب الحميى المنبثق من الآب "وهذا ما قرره مجمع القسطنطينة المسكونى المقدس المنعقد سنة 381 م ولكن الكاثوليك يقولون " المنبثق من الآب والآبن " فيضيفون عبارة " والآبن " Filioque وهي إضافة لم تكن موجودة إطلاقا في أصل قانون الإيمان ولم تكن معروفة في القرون الأولى للمسيحية ومبدأ ظهورها – كما يقولون – كان في أسبانيا في القرن السادس ، وانتقل منها إلى رومة وقد لاقت هذه الإضافة معارضة من الكاثوليك في القرن الأولى ويقال أن البابا ليو الثالث في أوائل القرن التاسع ، علق لوحتين إحداهما باللاتينية والأخرى باليونانية ، لقانون الإيمان بغير هذه الإضافة وقال " لا أريد أن أغير إيمان آبائي " والكاثوليك الذين يستخدمون اليونانية لا يقبلون هذه الإضافة ولم تستقر إضافة " والابن " عند الكاثوليك اللاتيني إلا في القرن الحادي عشر وقد سببت انقسامات كثيرة بلا داع وهي أيضاً ضد للثالوث القدوس وكما قال البعض إنها تجعل في الثالوث ابنين وأبوين ، إن كان الروح القدس يعتبر ابناً للابن ، إن كان منبثقاً منه ويكون الابن أباً له أيضاً !!
ويحاول الكاثوليك أن يثبتوا هذه العقيدة عندهم ببعض آيات تدور حول ارسال الأبن للروح القدس كما في ( يو15 : 26 ) التى هي صريحة في انبثاق الروح القدس من الآب على الرغم من ارسال الأبن له وهناك فرق كبير بين الإرسال والانبثاق الانبثاق أزلي ، والإرسال في حدود الزمان الروح القدس منبثق من الآب منذ الأزل ، بحكم فهمنا للثالوث ولكن الابن أرسله لتلاميذه في يوم الخمسين. يشبه هذا قولنا أن الأبن مولود من الأب منذ الأزل ,وأرسله الأب إلى العالم مولوداً من امرأة فى ملْ الزمان.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب الروح القدس وعمله فينا
المزيد
18 يونيو 2024
عمل الروح القدس في النفس البشرية
قال السيد المسيح من آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ" (يو ۷ :۳۸)وهكذا ترتوي النفس البشرية بعمل الروح القدس وبدونه تجف وتموت روحيًا، لأنه كالماء للأرض العطشانة. وبالطبع هذا الماء الحي مختلف عن ماء العالم الذي يُغرق الإنسان ويهلكه، كما حدث في الطوفان، لذلك قالت المرأة السامرية للسيد المسيح يا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ لِكَيْ لَا أَعْطَشَ" (يو ٤: :١٥) وقد وصفه المزمور (۷۲: ٦) "يُنْزِلَ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ، وَمِثْلَ الْغُيُوثِ النَّارِفَةِ عَلَى الْأَرْضِ"حقا إنه عمل الروح القدس الذي يُنهي البوار، ويُميت الآفات، ويحطم الصخور، ويلغي المستنقعات، ويهيئ التربة للزراعة. إنه ماء الحياة الذي يغسل وينقي الروح الإنساني، ويُجدد الشباب الروحي ويغسل الإنسان من عتيقه بالمعمودية، ويخلق القلوب الجديدة، والنفوس المستقيمة الخاضعة للوصية. "وَأَرْشِ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أَطَهِّرُكُمْ. وَأَعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أحكامي" (حز ٣٦: ٢٥-٢٧) .
أول عمل للروح القدس إنه يبكت على خطية:حتى لا تغشى الظلمة على حياة الإنسان من قلبه وحواسه وأفكاره. وكمثال: حديث الرب مع ملاك كنيسة اللاودكيين الفاتر الذي قال عن نفسه إنه غني وقد استغنى ولا حاجة له إلى شيء ولم يعلم أنه الشقي والبنس والعريان (رؤ۳ :۱۷). لذلك من محبة الله أنه يُبكت الإنسان على خطيئته، لأنه يريد له النقاء والطهارة والعودة لطريق الله. وهذا التبكيت يمنع خداع النفس كما ورد في (غل ٦: ٣) "إنَّ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَيْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُضُّ نَفْسَهُ". وقليل من الناس يفرحون بالتبكيت لفوائده الروحية، والأكثرية يجهلون فائدته فيتضايقون منه كثيرا.
وحين يبكت الروح القدس فإنه بإيجابية يكشف عن حلاوة حياة القداسة وثمارها وقوتها، إذ يغسل جروح الخطية فيبرأ الإنسان منها. لذلك فرق كبير بين تبكيت الروح القدس والندامة البشرية الضعيفة، إذ يعطي روح الله الفرح الداخلي بالتوبة والنصرة على الخطية والعزاء القلبي والرجاء مع الدموع والسلام الذي يتم بالمصالحة مع الله، مثل داود النبي الذي تاب وانجذب للقداسة حتى قال الله عنه: وَجَدْت دَاوُدَ بْنَ يَسْى رَجُلًا حَسَبَ قلبي" (أع ۱۳ :۲۲) إنه عمل الروح القدس الذي جعل داود يقول: تسمعني سرورًا وفرحا فتبتهج عظامي المنسحقة، رد لي بهجة خلاصك"( مز ٥٠). هذا عكس يهوذا الذي ندم فيئس فشنق نفسه وصار هالكا. لذلك قال الرب: "وَمَتى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرِّ وَعَلَى دينُونَةٍ" (يو (١٦: (۸)لذلك يقول معلمنا بولس في (عب٣ : ۷-۸) "اليوم إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلَا تُقَسُوا قُلُوبَكُمْ.
حقا ما أحلى عمل روح الله فينا بأنات لا ينطق بها (انظر رو ٨ :٢٦). إنه سُلَّم روحاني يقود خطواته روح الله، حتى يصل بالنفس إلى كمال التوبة بالعتاب الرقيق كما حدث مع بطرس الرسول فبكى بكاء مرا نخس في قلبه فقاده للتوبة، وقول الرب طَلَبْتُ مِنْ أَجْلِكَ لِكَيْ لَا يَفْنَى إِيمَانُكَ" (لو ۲۲ :۳۲). هكذا كلمة الله تنخس القلب كقول الرب: "أَلَيْسَتْ هَكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطَّمُ الصَّخْرَ" (إر ۲۳: ۲۹)لذلك لَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ، وَقَالُوا مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإخْوَة" (أع ۲: ۳۷). نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
17 يونيو 2024
عيد حلول الروح القدس وتأسيس الكنيسة وقيادتها
الروح القدس الرب المحيي
ونحن نحتفل بعيد حلول الروح القدس على الرسل الأطهار فنحن نحتفل بعيد تأسيس كنيسة العهد الجديد وقيادتها لنشر رسالة الخلاص من اورشليم الى أقصي الارض كوعد السيد المسيح له المجد { و قال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم و يقوم من الاموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم. و انتم شهود لذلك، و ها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي} لو 46:24-49. { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم و تكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية و السامرة و الى اقصى الارض} أع 8:1. أنه عيد عظيم نحتفل فيه بالرب المحيي الذين قاد الكنيسة عبر العصور ويقودنا نحن ايضا كاعضاء مؤمنة في كنيسة المسيح مانحا لنا نعم البنوة لله وغفران الخطايا { لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله }(رو 8 : 14).الروح القدس هو الذى يهبنا الأستنارة و القوة والحكمة والتقديس والنعمة ليكون لنا الثمر والحياة الروحية العاملة بالمحبة ثم يقيمنا فى اليوم الأخير ان الله من اجل ابوته الحانية لنا يريد ان يقيمنا له ابناء وبنات بالتبنى ومن اجل عظيم محبته لم يجد شئ أعظم يعلن به محبته لنا سوى ان يأتى الينا متجسداً { و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا }(يو 1 : 14) . وصار لنا به الفداء بدمه غفران للخطايا { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية (يو 3 : 16) ولما كان يريد ان يهبنا كل شئ للتقوى والفضيلة فانه أعطانا روحه القدوس { محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5:5).{ بهذا نعرف اننا نثبت فيه و هو فينا انه قد اعطانا من روحه }(1يو 4 : 13) الروح القدس هو روح الله القدوس { و لا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء }(اف 4 : 30) هو الله { الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا } (يو4: 24). فاقنوم الروح القدس هو اقنوم الحياة ومعطيها { ترسل روحك فتخلق و تجدد وجه الارض} (مز 104 : 30) وهو حال فى كل مكان ولا يحويه مكان او يحده ، هو ينبوع النعم الإلهية ، ومنذ بدء الخليقة كان روح الله يرف على وجه المياة ليعطى حياة { و روح الله يرف على وجه المياه (تك 1 : 2) هو {روح الرب}(اش11: 2) { روح السيد الرب} (اش61: 1). {روح الرب صنعنى}(أي33: 4). وقال حزقيال النبى {وحل على روح الرب وقال لي} (خر11: 5). وقال القديس بطرس في توبيخ ما فعله حنانيا وسفيره " ما بالكما قد اتفقتما على تجربة روح الرب" (أع5: 9). وهو " روح الحق" (يو14: 17). وقال عنه السيد المسيح روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو15: 26). وقال أيضاً {متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق}(يو16: 13) إن الروح القدس واحد مع الآب والأبن. وفي ذلك يقول الرب لرسله القديسين {تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والآبن والروح القدس}(أع28: 19) ولاحظوا هنا أنه يقول " باسم " وليس باسماء. {فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد}(1يو5: 7 ). الروح القدس هو " روح الحياة" (رو8: 2).وكما نصلى فى قانون الإيمان ونقول ( الروح القدس ، الرب المحيي ) أنه هو الذي يحيى الموتى (حز37: 9، 10). ومن الذي يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم، إلا الله وحده. الروح القدس هو أقنوم الحياة. هو مصدر الحياة في العالم كله، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء، أو الحياة مع الله. أنه مصدر الوحى. {لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس } (2بط1: 21).
تأسيس الكنيسة وقيادتها بالروح القدس ..
كان يوم الخمسين هو عيد الحصاد فى العهد القديم ، أو عيد الخمسين ، عيداً يجتمع فيه من يستطيع من اليهود والدخلاء من كل الأمم شاكرين الله على عمل الله معهم وعلى حصاد الحنطة وفيه كان الرسل منتظرين موعد الأب ليذهبوا ويجمعوا حصاد النفوس المؤمنة ليقربوها قرباناً لله { و لما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. و صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة و ملا كل البيت حيث كانوا جالسين.و ظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار و استقرت على كل واحد منهم. و امتلا الجميع من الروح القدس و ابتداوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا. و كان يهود رجال اتقياء من كل امة تحت السماء ساكنين في اورشليم. فلما صار هذا الصوت اجتمع الجمهور و تحيروا لان كل واحد كان يسمعهم يتكلمون بلغته}أع 1:2-6 حل الروح القدس كهبوب ريح ونار استقرت على كل منهم . الريح تعني انه يهبنا القوة التى تحركنا وتقودنا والنار لتحرق الخطايا وتهبنا الحرارة الروحية فى الصلاة والتوبة والخدمة ، وكان الأثر المباشر لحلوله انه أعطاهم ان يتكلموا بلغات اخرى يبشروا بها { فبهت الجميع و تعجبوا قائلين بعضهم لبعض اترى ليس جميع هؤلاء المتكلمين جليليين. فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها. فرتيون و ماديون و عيلاميون و الساكنون ما بين النهرين و اليهودية و كبدوكية و بنتس و اسيا. و فريجية و بمفيلية و مصر و نواحي ليبية التي نحو القيروان و الرومانيون المستوطنون يهود و دخلاء. كريتيون و عرب نسمعهم يتكلمون بالسنتنا بعظائم الله} أع 7:2-11. لقد قاد الروح القدس الاباء الرسل ووحد المؤمنين وعلمهم وعزاهم { و اما الكنائس في جميع اليهودية و الجليل و السامرة فكان لها سلام و كانت تبنى و تسير في خوف الرب و بتعزية الروح القدس كانت تتكاثر} (اع 9 : 31) لقد أخذ الرسل قوة من الروح القدس ليبشروا ويصنعوا الأشفية والعجائب . وعندما شفى القديس بطرس ويوحنا الرجل المقعد عند باب الهيكل واتوا بهم ليحاكموهم { حينئذ امتلا بطرس من الروح القدس و قال لهم يا رؤساء الشعب و شيوخ اسرائيل.ان كنا نفحص اليوم عن احسان الى انسان سقيم بماذا شفي هذا. فليكن معلوما عند جميعكم و جميع شعب اسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي اقامه الله من الاموات بذاك وقف هذا امامكم صحيحا.هذا هو الحجر الذي احتقرتموه ايها البناؤون الذي صار راس الزاوية.و ليس باحد غيره الخلاص لان ليس اسم اخر تحت السماء قد اعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص} أع 8:4-12. الروح القدس هو الذى قاد الرسل لقبول الامم فى الأيمان المسيحى ففى ارسال بطرس الرسول لكرنيليوس وهو قائد مئة يونانى { قال لي الروح ان اذهب معهم غير مرتاب في شيء و ذهب معي ايضا هؤلاء الاخوة الستة فدخلنا بيت الرجل .. فلما ابتدات اتكلم حل الروح القدس عليهم كما علينا ايضا في البداءة ، فتذكرت كلام الرب كيف قال ان يوحنا عمد بماء و اما انتم فستعمدون بالروح القدس (اع 11 :12، 15- 16).الروح القدس هو الذى دعا الرسل لاختيار بولس وبرنابا للخدمة وهو الذى قادهم فى العمل { و بينما هم يخدمون الرب و يصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا و شاول للعمل الذي دعوتهما اليه فهذان اذ ارسلا من الروح القدس انحدرا الى سلوكية و من هناك سافرا في البحر الى قبرس (اع 13 : 2، 4).وفى قرار المجمع الرسولى الأول فى اورشليم لقبول الأمم فى الإيمان نري قيادة الروح القدس للكنيسة { لانه قد راى الروح القدس و نحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة. ان تمتنعوا عما ذبح للاصنام و عن الدم و المخنوق و الزنى التي ان حفظتم انفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين}أع28:15-29. لقد كانت الكنيسة فى عصر الرسل قوية وفاعلة وبلغت رسالتها لكل العالم لانها كانت كنيسة منقادة بروح الله على المستوى الفردى والجماعى ، وكان لها القلب الواحد والفكرالواحد { و كانوا يواظبون على تعليم الرسل و الشركة و كسر الخبز و الصلوات} (اع 2 : 42) { و كان لجمهور الذين امنوا قلب واحد و نفس واحدة و لم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا }(اع 4 : 32).
الروح القدس وعمله فينا ..
ان الله هو أمس واليوم والي الأبد ، يريد ان يهبنا نعمة روحة القدوس وثماره ومواهبه فى حياتنا ولهذا نصلى { و انا اقول لكم اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال ياخذ و من يطلب يجد و من يقرع يفتح له. فمن منكم و هو اب يساله ابنه خبزا افيعطيه حجرا او سمكة افيعطيه حية بدل السمكة. او اذا ساله بيضة افيعطيه عقربا.فان كنتم و انتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري الاب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسالونه لو 9:11-13. الله يريد ان الكل يخلصون والي معرفة الحق يُقبلون ، يريد منا ان ننقاد بالروح عاملين مشيئتة الصالحة و ان لا نعيش لشهوات الجسد بل ننقاد كما الرسل بالروح { فاذا ايها الاخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد.لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون و لكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون. لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله.اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب.الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه } رو 12.8-17. فهل نحن ننقاد لتبكيت الروح القدس للتوبة ونفعل ما يحثنا عليه من بر وخير ؟ ان الروح القدس يعمل من خلال الكنيسة واسرارها لتقديس أعضائها جاذباً اياهم للأيمان من كل أمة ولسان وجنس ، فيصيروا ابناء لله بالمعمودية ليولدوا من فوق { اجاب يسوع و قال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله.قال له نيقوديموس كيف يمكن الانسان ان يولد و هو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية و يولد.اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله.المولود من الجسد جسد هو و المولود من الروح هو روح}يو 3:3-6. وهو الذى يقدسهم بالمسحة المقدسة وينعم عليهم بغفران خطاياهم بالتوبة والاعتراف مقدساً اياهم التناول فى توبة وتواضع ، ويشفى امراض نفوسنا واجسادنا وارواحنا بمسحة المرضى وهذا يقدس الزوجين ليصيرا جسدا واحداً فى كنيسة المسيح المقدسة ويهب السلطان لممارسة الاسرار فى سر الكهنوت الروح القدس هو نبع لا ينضب من الشبع والتقديس والفرح والسلام للمؤمنين وهو يريد ان يهبنا كل شئ بغنى { لاني اسكب ماء على العطشان و سيولا على اليابسة اسكب روحي على نسلك و بركتي على ذريتك} (اش 44 : 3) وهذا ما دعانا اليه السيد الرب يسوع المسيح { و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه} يو 37:7-39.كما أخرج الرب قديما للشعب فى عطشه ماء من الصخرة هو قادر وسط صحراء الحياة القاحلة ان يهبنا شبعاً وارتواء ليس من أبار العالم المشققة بل من روحة القدوس انه ارتواء لا من غنى العالم وملذاته بل يحل ملكوت الله داخلنا فنتعزى ونتمتع بثمار الروح . ونقدم ذواتنا أوانى مقدسة لروح الله صارخين مع داود النبى { قلبا نقيا اخلق في يا الله و روحا مستقيما جدد في داخلي} (مز 51 : 10). فيحل الله بالإيمان فينا { اما تعلمون انكم هيكل الله و روح الله يسكن فيكم (1كو 3 : 16) ونتقدس بفعل روحه القدوس اذ يشترك معنا فى كل عمل صالح ، وبقدر ما ننقاد لروح الله ونساله الأرشاد والحكمة والنعمة يهبنا من مواهبه وثمارة من أجل بنيان نفوسنا والإخرين فيكون لنا فكر المسيح . نحمل صليبنا بفرح وتسبيح ونتبع مخلصنا الذى يقودنا فى الطريق وحتى ينقلنا الى الفردوس وملكوته السماوى فان الروح القدس سيقيم أجسادنا المائتة لنقوم باجساد نورانية روحية ممجدة { و ان كان روح الذي اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم فالذي اقام المسيح من الاموات سيحيي اجسادكم المائتة ايضا بروحه الساكن فيكم}. (رو 8: 11) . الروح القدس إذاً هو مصدر حياتنا الروحية و نموّها المستمر، إلى أن يصل المؤمن الي السماء وينال النصيب الأبدي المعيَّن لأولاد الله.
اليك نصلى يالله القدوس..
روحك القدوس يارب الذى أرسلته على تلاميذك القديسين ورُرسلك المُكرمين .. هذا لا تنزعه منا أيها الصالح ، لكن جدده فى أحشائنا، روحاً مستقيماً ومُحيياً ، روح النبوة والعفة ، روح القداسة والعدالة والتدبير ، لانك انت هو ضياء نفوسنا وحياتنا وقداستنا .. قلباً نقياً أخلق في يالله وروحاً مستقيماً جدده فى أحشائي ، لا تطرحنا من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منا ، انظر الينا بعين الرحمة يا اله ابائنا لا تتركنا ولا تسلمنا لايدي أعدائنا . وكما كنت مع الرسل القديسين كن مع كنيستك وشعبك وامنحنا سلامك وخلص نفوسنا .
ياروح الله القدوس ، الينبوع الحي المُروي ، أروي ظمأ نفوسنا للمحبة والفرح والسلام ، وأمنحنا الإيمان الواثق بعملك فى نفوسنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا لنحيا فى سلام وأمن ونعيش على رجاء القيامة ومكأفاة الأبرار . أقم الساقطين وثبت القائمين ورد سبى أفكارنا وابنائك وبناتك لتفرح الأم الكنيسة وبنيها بعملك فيها وتتقدس كل نفسك جاذباً ايها الى شبكة المحبة الإلهية .
ياروح الله القدوس الهمنا الحكمة والأفراز والتمييز لنسلك كحكماء مفتدين الوقت فى الأيام الصعبة ، هبنا حكمة لنكون مستعدين لمجاوبة كل من يسالنا عن سبب الرجاء الذى فينا . وهبنا نعمة امامك لنصنع ارادتك المقدسة كل حين وامنحنا وداعة لنسلك بضمير صالح ومحبة بغير رياء ورجاء ثابت فى دروب الحياة ولنكن مستعدين ليوم الدينونة كابناء وبنات صالحين منقادين بك نحو الابدية السعيدة ، أمين .
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
16 يونيو 2024
انتظروا الروح القدس - الأحد السادس من الخماسين
إن الفترة من عيد الصعود إلى عيد حلول الروح القدس تعتبر ((10)) أيام ولقد كان التلاميذ في هذه الفترة يجلسون في حالة من الإعتكاف وفي حالة من الصوم والصلاة من أجل انتظار عطية الروح القدس إلى أن جاء يوم الخمسين وربنا يسوع أوصى تلاميذه وقال لهم ﴿ فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تُلبسوا قوة من الأعالي ﴾ ( لو 24 : 49 ) .. ولهذا نجد أن قراءات الكنيسة خلال هذه الفترة تتركز على كيف نستقبل عطية الروح القدس فهي عطية عظيمة تحتاج منا إلى إعداد وتمهيد .. ولهذا يقول المزمور ﴿ سبحي الرب يا أورشليم سبحي إلهك يا صهيون ﴾ ( مز 147 – من مزامير النوم ) .. فالكنيسة تسبح وذلك لكي تهب ريحه فتُسيِل المياه و * تهب ريحه * تعني * الروح القدس * و * تُسيل المياه * تعني * عطايا الروح القدس * ولذلك لابد أن نكون مستعدين لكي تهب ريحه فتسيل المياه وذلك من خلال أن نسبح الرب ولهذا لابد أن نكون في هذه الفترة في حالة تضرع ورفع قلب وتسبيح تمهيداً لانتظار عطية الروح القدس ولهذا يقول الإنجيل ﴿ الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً ﴾ ( يو 16 : 23 – 24 ) فالإنسان في مرحلة قبل حلول الروح القدس قد يسأل وممكن أن لا يأخذ ولكن الآن سيسأل ويأخذ وسيسأل بإسلوب جديد ويأخذ وسيكون فرحه كامل ونلاحظ أن ربنا يسوع يقول ﴿ وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئاً ﴾( يو 16 : 23 ) وكلمة * في ذلك اليوم * تعني يوم حلول الروح القدس وبدون أن يسأل الإنسان يجد الإجابة والمعرفة ويجد التمييز والإفراز فالأمور التي كانت لا يفهمها الإنسان والأمور التي كانت تحيره يبدأ يأخذها في ذلك اليوم ونجد أن معلمنا يوحنا البشير عندما كان يشير إلى حدث بطريقة مركزة كان يطلق على هذا اليوم لفظ هام وهو * في ذلك اليوم * فمثلاً عندما تكلم عن القيامة كان يقول ﴿ ولما كانت عشية ذلك اليوم ﴾ ( يو 20 : 19 ) وفي يوم حلول الروح القدس أطلق على هذا اليوم لفظ * في ذلك اليوم * ففي هذا اليوم لا يسأل الإنسان شيئاً لأن الروح القدس هو الذي سيخبره ويعطيه ولهذا سنتحدث في ثلاث نقاط :-
1. عمل الروح القدس :-
هناك أسئلة كثيرة تدور في ذهن الإنسان ولكنها تتبدد أمام عطية الروح القدس فكل تساؤلاتنا ستزول لأن سيصير لنا فكر المسيح وسيقترب فكرنا من فكره لأن الروح القدس سيعلمنا ويذكرنا ويجيب على أسئلتنا لأن الإنسان أخذ روح المعرفة والفهم والمشورة والأمور التي كانت تُحير الإنسان ولم يكن يفهمها سيفهمها بالروح القدس ولذلك يقول معلمنا بولس الرسول ﴿ لأن الروح يفحص كل شيءٍ حتى أعماق الله ﴾ ( 1كو 2 : 10 ) فالروح تجعل الإنسان يفحص كل شئ ويقول أيضاً معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس ﴿ لستم ناقصين في موهبةٍ ما ﴾ ( 1كو 1 : 7 ) فالإنسان لم يعد يحتاج إلى شئ وذلك لوجود عطية الروح القدس فالروح القدس يجعل ذهن الإنسان مقاد بالروح ولم يعد ذهنه يقف عند الحدود البشرية الضيقة ولكن أصبح ذهنه روحاني وأصبحت صلاة الإنسان روحية وفهمه روحي وقلبه روحي وأُذنيه روحية وشفتاه تنطق باسم الله فالروح القدس هي التي تعلمك كل هذا ولذلك فإشتاق في هذه الفترة أن تتودد إلى الروح القدس لكي عندما تهب ريحه تسيل المياه وتنفجر في داخلك ثمار الروح القدس وتعمل فيك وتهب فيك في صورة ينابيع مياه ورياح عاتية ويعطيك الروح القدس قوة في إنسانك الخفي لقد صعد ربنا يسوع إلى السماء كسابق من أجلنا ونحن ننتظر أن يرسل لنا ما يعوضنا عن غيابه لأننا تعودنا أن نراه ونسمعه وأن يسير معنا ولكنه الآن لم يعد في وسطنا ولكنه صعد إلى السماء ولكنه لم ينسانا ولكنه سيرسل لنا المعزي ولهذا نجد أن في فترة الأربعين من القيامة إلى الصعود عندما نعمل الزفة نمر في صحن الكنيسة إشارة إلى أن ربنا يسوع كان خلال الأربعين يوماً يظهر لتلاميذه ويفتقد الكنيسة على الأرض ويجول في وسطهم ولذلك فنجد أن أثناء الزفة نلف في الكنيسة وأيضاً في ذلك إشارة أخرى وهي أن ربنا يثبت الكنيسة ويعلمها أسرار الملكوت ولكن بعد صعود ربنا يسوع نعمل الزفة داخل الهيكل لأن المسيح صعد فهو في السماء والهيكل يمثل السماء والكنيسة تمثل الملكوت والأبدية والدهر الآتي والحالي وصحن الكنيسة يمثل حياتنا على الأرض وخورس الشمامسة يمثل مرحلة الفردوس والهيكل يمثل الأبدية والسماء ولذلك نجد أن عندما صعد المسيح إلى العلا تصبح الزفة داخل الهيكل ولكنه عندما صعد سيرسل لنا المعزي ﴿ تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً ﴾ فالإنسان سيأخذ ما يعطيه الفرح الكامل فالذي يعوضه عن عدم وجود ربنا يسوع هو الروح القدس لأن الروح القدس هو روح الله وهو أيضاً يسندك ويكلمك ويعزيك ولهذا يقول رب المجد ﴿ لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب ﴾ ( يو 14 : 28 )لأنه من الأفضل أن يصعد إلى الآب لأنه سيرسل لنا الروح القدس الذي يقوم بدوره معنا والإنسان عندما يسأل سيسأل باسم ربنا يسوع والآب هو الذي يستجيب ولكن الطِلبة تكون باسمه عن طريق الروح القدس وبذلك يشترك الثالوث القدوس في حياتنا ولكن أحياناً في عبادتنا لا نركز على جانب الروح القدس ولكن الكنيسة تقول ﴿ أيها الثالوث القدوس إرحمنا ﴾ فنحن نتكلم مع الثالوث الآب والإبن والروح القدس وعندما نرشم الصليب نقول * باسم الآب والإبن والروح القدس * ولكن لماذا نهمل الأقنوم الذي يوصل لنا البركات ؟ لأنه هو معطي الحياة وكنز الصالحات فهو الروح الذي يشفع فينا ويعمل وينطق ويتكلم فينا وهو الذي يذكرنا بكل شئ ويعطينا روح الفرح .
2- الروح القدس ينقلنا من مرحلة إلى مرحلة أخرى :-
يقول ربنا يسوع ﴿ إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم ﴾( يو 16 : 23 ) فهو ينقلك من درجة السؤال إلى درجة الطلب وهناك فرق بين السؤال والطلب لأن السؤال معه جهل أما الطلب معه دالة السؤال معه عدم معرفة ولكن الطلب معه دالة إستحقاق الشئ فالإنسان قبل ذلك كان يسأل ولكن الآن هو يطلب أي يأمر وهذا هو الروح القدس الذي ينقلك من مرحلة عدم المعرفة إلى مرحلة المعرفة ومن مرحلة الجهل إلى مرحلة الدالة ومن السؤال إلى الطلب ولكن عندما تطلب باسمه تجد أن الروح القدس هو الذي يخبرك ويعطيك ويحولك من الحالة التي تكون فيها وهي حالة التخبط إلى حالة أخرى يشعر فيها الإنسان بالخجل ويقول لله أن كل هذه الإستحقاقات وكل هذا المجد كثير جداً عليَّ فينسى نفسه ولا يستطيع أن يتكلم إلا عن طريق أن يسبح ويشكر ويمجد ويرفع إسم الله فالإنسان في هذه المرحلة الجديدة لا يستطيع أن يتكلم لأن عطايا الروح القدس ستفيض عليه فتجعله ينسى نفسه وتُبتلع الذات البشرية من شدة الفرح الروحي وهذا هو حلاوة التسبيح فالتسبيح هو أن تتكلم مع الله لأجل الله ولهذا يعتبر التسبيح من أجل الله بطريقة مطلقة أما الصلاة فهي أن تتكلم مع الله من أجل نفسك ومن أجل أمورك وأيضاً لأجل الله فالتسبيح هو ثمر عطية الروح القدس ولهذا فإن ربنا يسوع يُرجع للإنسان الدالة المفقودة عن طريق الروح القدس فالإنسان الذي لم يكن له الجرأة لكي يتقابل مع الله أصبح يستطيع أن يطلب ويتكلم ويسأل الله ويجيب ويعطيه بإسمه فمن الجميل أن تكون لك دالة مع إسم يسوع ونلاحظ أن الكنيسة في كل طِلباتها تقول * بالمسيح يسوع ربنا * وذلك لأن الطِلبة لابد أن تكون باسم يسوع مثل الشخص الذي يتقدم بطلب إلى شخص مهم ويشرح فيه ظروفه وأيضاً يكتبه بيده وعندما يتم التأشير على هذا الطلب من الشخص المهم فإن الورقة تأخذ قيمة أخرى وإذا كان هناك أخطاء في الكتابة يتم التغاضي عنها وإذا لم يكن للإنسان حق في هذا الطلب ولكن وجود هذه الإمضاء تعطي للإنسان هذا الحق فأنت تطلب كل شئ وفي النهاية تقول * من أجل إسمك القدوس المبارك الذي دُعي علينا * فالكنيسة تعلي إسم يسوع جداً وتعطيه الكرامة ولكن هناك بعض من الطوائف تنطق إسم يسوع بدون أي لقب وبذلك فهي لا تعطي المجد والإكرام اللائق ولكن عندما تتكلم الكنيسة عن ربنا يسوع تقول * ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح الذي له المجد دائماً * وهذا يعتبر أقل شئ لكي نستطيع أن ننطق إسم يسوع فلابد أن نعطيه المجد والإكرام ونعلن أنه رب وإله ومُخلص وفادي وله المجد والإكرام ولهذا نجد أن الآباء الرسل عندما كانوا يطلبوا طِلبة كان المكان يتزعزع ومعلمنا بطرس الرسول يقول ﴿ مجد فتاه يسوع ﴾ ( أع 3 : 13) فعندما كانوا يصلون كان المكان يتزعزع لأنه بإسمه أزال العداوة وبإسمه أصبح لنا قبول ودالة عند الآب ولهذا يقول ربنا يسوع ﴿ في ذلك اليوم تطلبون باسمي ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند الله خرجت ﴾ ( يو 16 : 26 – 27 ) .
3- ما بين الأمثال والعلانية :-
لقد كان ربنا يسوع يتكلم بأمثال ولكنه الآن يتكلم علانية فالروح القدس هو الذي يجعلك تستوعب فعندما كان يتكلم ربنا يسوع بأمثال وذلك لتبسيط الأشياء لأنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا في بداية الأمر ولهذا يُذكر عن تعاليم ربنا يسوع بأنه بغير مثل لم يكن يكلمهم ( مت 13 : 34 ) فقد كان يشرح لهم كل شئ بمَثَلٍ ولهذا كان ربنا يسوع يستخدم الأمثال للتبسيط وللتشبيهات وكل هذا قبل حلول الروح القدس ولهذا نجد أحياناً أن ربنا يسوع عندما كان يتكلم كانوا لا يفهموا شيئاً ولهذا يقول * ولم يكن يفهموا ما كان يقوله * وعندما تحدث عن خبز الله النازل من السماء والمعطي الحياة للعالم وكلمهم عن عطية الجسد والدم وعندما قال لهم ﴿ إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم ﴾ ( يو 6 : 53 ) فلم يصدقوا ولم يستوعبوا هذا الكلام وهذا مذكور في يوحنا الإصحاح السادس وعندما كلمهم عن الخبز يذكر الإنجيل أن ﴿ من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه ﴾ ( يو 6 : 66 ) وعندما قال ﴿ من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه ﴾ ( يو 6 : 56 ) فهذا الكلام لا يستوعبه أي عقل وهناك أشياء أخرى كثيرة لم يستطيعوا أن يفهموها وذلك لعدم وجود الروح القدس ولهذا كانوا يقولون للسيد المسيح * يا سيد لسنا نعلم ما تقول * ومعلمنا بطرس الرسول يقول ﴿ ألنا تقول هذا المثل أم للجميع أيضاً ﴾( لو 12 : 41 ) وأحياناً يقولوا ﴿ فسر لنا هذا المثل ﴾ ( مت 15 : 15) فكان الله في الأول يكلمهم بأمثال ولكن الآن أصبح يكلمهم علانية ففي ضوء الروح القدس ينال الإنسان إستنارة ويفهم وعندما كان يتكلم ربنا يسوع على الصليب وعن رفع إبن الإنسان لم يفهموا ولهذا قال لهم أنهم سيفهموا عندما يُرفع إبن الإنسان فحينئذٍ سيفهمون إني أنا هو ( يو 8 : 28 ) ولكن بعد حلول الروح القدس تغير الإنسان لأنه جعل الإنسان يسلك بالروح ويستوعب الفضيلة والتعليم فمثلاً عندما تقرأ الآية التي تقول ﴿ بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة ﴾( لو 12 : 33 ) فكيف يستطيع الإنسان أن يفهم هذه الآية ؟ وأيضاً ﴿ إن جاع عدوك فأطعمه ﴾( رو 12 : 20 ) أو ﴿ من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ﴾ ( لو 9 : 24 ) وأيضاً كيف تحب قريبك كنفسك ؟ والذي سخرك ميل تسير معه ميلين ( مت 5 : 41 ) وكيف يبيع الإنسان أمواله ويعطيها صدقة ويتبع المسيح حاملاً الصليب وينكر ذاته فكل هذه الأمور من الصعب أن يستوعبها الإنسان وهناك أشياء كثيرة لا نقدر أن نستوعبها أو نفهمها أو نعيشها إن لم تكن تُفعل بالروح فالروح هو الذي يقودك لفعل البر وهو الذي يسندك ويجعلك تستطيع أن تنكر ذاتك وتعطي من إعوازك فالروح هو الذي يشفع ويقدس ويعمل ولهذا عندما نتكلم عن الصلاة قد تجد أحياناً أن صلاتك ثقيلة وأنك غير قادر أن تصلي وذلك لأن الصلاة في هذه الحالة تغيب عنها الروح ولكن عندما تصبح الصلاة بالروح يُصبح لها فكر آخر ومعنى آخر ولهذا فهناك أربع درجات للصلاة :-
1- صلاة الشفتين أي الكلام بالفم ولهذا قال ربنا يسوع عن الكتبة والفريسيين أنهم يرددون الكلام باطلاً ( مت 6 : 7 ) .
2- صلاة العقل أي أن ما يقوله الإنسان فإن العقل يفهمه أي أن الإنسان يصلي بالروح والذهن يشترك .
3- صلاة القلب أي الذي يقوله الإنسان يفهمه ويشعر به .
4- صلاة الروح هي الأجمل لأن ما يقوله الإنسان يفهمه ويشعر به ويصلي بالروح ويُصبح الروح هو الذي يقود الصلاة .
فالله يفتح لك كنوز معرفة وأمور خفية وتستطيع أن تستوعبها وتفهمها وتعيشها .. فالله أعطى لك تعزيات وعطايا واستجابات وهناك مثال آخر وهو كلام الإنجيل فإذا كان الإنسان في حالة خضوع للروح تجد الكلام ينفتح له وأسرار تأتي إليه ومرة أخرى يقرأ نفس هذا الكلام ولكن يجده مثل الحجر وذلك لأنه في الحالة الأولى كان يقرأ بالروح ولكن في الحالة الثانية كان مجرد ترديد كلام باطل ولذلك يُقال عن القديس أوغسطينوس أنه عندما قرأ الكتاب المقدس قبل أن يتوب قرأه على مستوى العقل والمعرفة والفلسفة والتحليل فنقد الكتاب المقدس ورفضه ولكنه عندما تلامس مع عمل الله وروح الله قاده للتوبة فقرأ الكتاب المقدس وقال * يا لغباوتي * لأنه في الحالة الأولى عندما قرأ كلام الإنجيل كان يضع عقله فوق منه فهو سخر منه ولكن عندما خضع لله فأشفق عليه وأعطاه فالكلام عندما يكون بالروح يكلمك علانية وأيضاً القديس بولس الرسول درس العهد القديم لدرجة أنه من كثرة دراسته للناموس غار عليه وذهب ليقتل المسيحيين ولكن عندما عمل روح الله داخله فنرى أنه عندما قرأه مرة أخرى كيف أفاد الكنيسة لدرجة أنه عندما كان يتكلم عن أي شئ في العهد القديم يربطه بالمسيح ويفسرها ويشرحها فيكلمك عن المن على أنه المسيح وأن الصخرة هي المسيح وأعياد اليهود هي المسيح وملكي صادق هو المسيح لدرجة أن بعض الآباء يقولوا إن لم تستطع أن تفهم العهد القديم إقرأ رسائل بولس فهو يشرحها لك ويفك الرموزفبولس كان في الأول يقرأ على مستوى المعرفة والروح القدس هو الذي يفهمك ويذكرك ويعطيك أن تبحث في الكلام مثل الأرملة التي أوقدت سراج لكي تبحث عن الدرهم المفقود ( لو 15 : 8 – 9 ) فالسراج هو الروح القدس وهو الذي ينور ويكشف لك فتقول أن هذه الكلمة ليَّ فهي خاصة بيَّ وتجد لك فيها كنز فلا تتركها وهذه هي رسالة المسيح فالروح القدس هو السراج الذي تفتش به على كلمة الله وهناك نفوس كلمة الله محتجبة عنها لأنها لا تقرأ بالروح ولكن الروح القدس يريد أن يفحص ويعطي ويفيض عليك بالبركات ويريد أن يزيل عدم الفهم ويعطي لك التعزيات ولهذا فالكنيسة تركز على كيف نستقبل عطية الروح القدس وكيف يكون القلب مهيأ لهذه العطية العظمى وكيف نجلس في هذه الفترة في اشتياق وانتظار موعد الآب وننتظر ذلك اليوم الذي ينقلنا من حالة عدم المعرفة إلى حالة المعرفة والذي ينقلنا من حالة التساؤلات والحيرة إلى حالة الطلب باسم ربنا يسوع المسيح ولهذا ربنا يسوع يرسل لنا روحه القدوس ليفهمنا ويفحص ويعزي ويطيب ويفرح ويقدس ربنا يعطينا أن نتودد للروح القدس في هذه الفترة لكي ننال استحقاقاته ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
15 يونيو 2024
إنجيل عشية الأحد السادس من الخمسين ( مر ۱۲ : ۲۸ - ۳۷ )
"فجاء واحِدٌ مِنَ الكتبةِ وسَمِعَهُمْ يتحاورونَ، فَلَمَّا رأى أنَّهُ أَجابَهُمْ حَسَنًا ، سألهُ أَيَّةُ وصيَّةٍ هي أوَّلُ الكل؟ " فأجابَهُ يَسوعُ إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الوَصايا هي اسْمَعْ يا إسرائيل الرَّبُّ إِلَهنا رَبُّ واحد وتُحِبُّ الرَّبِّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدرَتِكَ هذه هي الوَصيَّةُ الأولى وثانيَةٌ مِثْلُها هي تُحِبُّ قريبك كنفسك ليس وصيَّةٌ أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتِبُ جَيِّدًا يا مُعَلِّمُ بالحَقِّ قلت، لأنَّهُ الله واحد وليس آخَرُ سِواهُ وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ القَلبِ، ومِنْ كُلِّ الفَهم، ومِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلَّ القُدْرَةِ ، ومَحَبَّةُ القريب كالنَّفس، هي أفضَلُ مِنْ جميع المحرقات والذبائح فَلَمَّا رَآهُ يَسوعُ أَنَّهُ أجاب بعقل، قال له لست بعيدا عن ملكوت الله ولم يَجسُرُ أَحَدٌ بَعدَ ذلك أَنْ يَسأله !ثم أجاب يسوع وقال وهو يُعَلِّم في الهيكل كيف يقولُ الكتبةُ إِنَّ المَسيحَ ابن داود؟ لأنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بالرّوحِ القُدُسِ قالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجلس عن يميني، حتَّى أَضَعَ أعداءَكَ مَوْطِئًا لَقَدَمَيكَ فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدعوهُ رَبًّا فمن أين هو ابنه؟ وكان الجمع الكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بسُرور"
الموضوع الرئيسي الذي يشغل فكر الكنيسة هو الصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب والمسيح له المجد في إنجيل العشية يقول وهو يعلم الجموع كيف يقول الكتبة إن المسيح ابن داود؟ والمسيح هو رب داود، إن داود نفسه قال في المزمور قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك تحت موطئ قدميك" فداود نفسه يدعوه ربا ،وقول داود هذا غير محسوب إنه قول إنسان بل هو قول الروح القدس نفسه لأن كل الكتاب هو موحى به من الله ،ولم يتكلم أحد من نفسه لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس فالروح القدس هو في الحقيقة الشاهد للمسيح أنه رب بفم داود كقول المسيح له المجد عن الروح القدس "هو يشهدلي" فمن جهة ربوبية المسيا ولاهوته فقد أبرزها المسيح من هذا القول الإلهي قال الرب لربي" فداود ليس له سوى رب واحد وإله واحد ، ولكن هذه آية التجسد إن الكلمة صار جسدًا، فتجسد متأنسًا ، صائرًا في شبه الناس، مخليا ذاته آخذا شكل العبد، ثم إذ صلب عنا ومات قام ناقضا أوجاع الموت فكان يتحتم أن يصعد إلى السماوات حاملاً جسم بشريتنا فيه، ليجلسنا عن يمين الآب،وقول الآب للابن اجلس عن يميني هو محسوب أنه خطاب الآب لكل من اتحد بالابن ولكل من آمن به،لأن كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المعترفين باسمه،وإذ هم فيه نالوا هذا النصيب الفائق أي الجلوس عن يمين الآب،أي صاروا في حضن الأب كبنين بحسب النعمة،وفي الصعود نلنا في المسيح نعمة النصرة التي ما بعدها نصرة "حتى أضع أعداءك تحت موطئ قدميك فأعداء المسيح مخضعين تحت موطئ قدمي إله السلام يخضع الشيطان تحت أقدامهم سريعًا" "رأيت الشيطان ساقطا من السماء مثل البرق" داس الموت بموته" أخضع الرؤساء والسلاطين، وأشهرهم جهارًا ظافرا بهم". "هأنذا أعطيكم السلطان لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" نسل المرأة يسحق رأس الحية" حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" وفي الواقع هذا هو النصيب العملي الذي يتمتع به أولاد الله في هذه الفترة من الخمسين وهى الإحساس بالنصرة والغلبة على كل قوة المضاد وهذه تعطي النفس ثقة في حربها ضد قوات الظلمة فتتهلل بالذي يقودنا في موكب نصرته كل حين نعود إلى قول السيد الرب، كيف يقول الكتبة أن المسيح هو ابن داود؟.
فهذا القول هو محور الكتاب المقدس كله، فمن نسل داود يظهر المخلص، ويرد الفجور عن إسرائيل، فمملكة أبينا داود كانت شهوة الأجيال وخلاصة تعليم الكتبة والفريسيين ومشتهى المنتظرين فداءً في إسرائيل فإن كان فكر الكتبة قد ارتبط بملكوت المسيح الأرضي ومولد المسيح من الجسد من داود وأماني رجوع مملكة داود الذي غلب جليات كأسطورة تنتشي لها النفس، فقد حول المسيح فكرهم إلى ربوبية المسيح ولملكوته السماوي وجلوسه عن يمين الآب وفي الواقع جاء تعليم المسيح هذا ردا على المحاورات التي كانوا يحاورون بها ولاسيما جماعة الصدوقيون الذين لا يؤمنون بالقيامة، فسألوا المسيح لعلهم ينالوا منه، فلما أفحمهم بالرد من الكتب وأن الله إله أحياء وليس إله أموات، وقال لهم تضلون كثيرًا إذ لا تعرفون الكتب، هنا جاء واحد من الكتبة فلما رأى جواب المسيح أعجبه ليس محبة في المسيح ولكن تشفيًا في جماعة الصدوقيين. فسأل الكاتب السيد المسيح أية وصية هي أول الكل، وهذا أجابه الرب أيضًا من الكتب عن وصية المحبة، ثم قال له لست بعيدًا عن ملكوت الله، ولكن للأسف رغم أنه ليس بعيدًا عن الملكوت لكنه لم يدخله فملكوت الله يدخلون إليه ادخل إلى فرح سيدك ويدخلهم إليهم "ها ملكوت الله داخلكم" ثم بعد ذلك علم السيد الرب تعليمه من جهة قول الكتبة عن أن المسيح ابن داود، فأكمله بالمزمور أنه ليس ابن داود فقط بل رب داود أيضًا، وأن الأمر لا يختص بملكوت أرضي بشبه مملكة داود بل ملكوت سماوي نجلس فيه عن يمين الآب، ونترجى هذا الملكوت في كل يوم وفي كل ساعة حين نصلي قائلين" ليأت ملكوتك".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
14 يونيو 2024
"أعظم قوة"
من الكلمات المبھرة في الحیاة الإنسانیة كلمة "القوة" وھي كلمة واسعة المعاني وعدیدة الأبعاد والمجالات فھناك قوة العلم والمعرفة والمعلومات وھناك قوة المال والثروة والكنوزوھناك قوة البدن والصحة والعضلات وھناك قوة الفكر والأدب والفلسفات وھناك قوة النسك والزھد والتقشف وھناك قوة السیطرة والاستحواذ والتحكم وغیر ذلك كثیر ونوعیات ربما یصعب حصرھا
وذات يوم تساءلت ما ﻫﻲ أعظم قوة ﻓﻲ حياة الفرد؟!أو حياة اﻟﻤجتمع؟!أو حياة الشعوب
وشغلني السؤال وأنا أقرأ في كتب التاریخ وقصص الزمان، ووجدت أن كل أنواع "القوة" تظھر على مسرح الزمان وتستمر وقتًا ثم تنتھي وھكذا كانت الممالك والإمبراطوریات الكبیرة والجیوش العتیدة وھكذا كان الملوك والأباطرة والطغاة، ومن كان دكتاتورًا في زمنه وانقضى ومن كان متمیزًا ومشھورًا في جیله وانتھى ومن صار علامة في حیاة البشر إیجابًا أو سلبًا حتى أن سلیمان الحكیم یقول في سفر الجامعة "بَاطِلُ الأَبَاطِیلِ، الْكُلُّ بَاطِلٌ مَا الْفَائِدَةُ لِلإِنْسَانِ مِنْ كُلِّ تَعَبِه الَّذِي یَتْعَبُه تَحْتَ الشَّمْسِ؟" ( ۱: ۲ ،3)
ویظل التساؤل: ما ھي أعظم قوة في حیاة الإنسان؟ وما ھي ھذه القوة التي تحمي الإنسان من السقوط في الخطأ؟!
إنھا قوة "الغفران" التي ینالھا الإنسان من لله،وھي قوة "التسامح" أو المسامحة التي یقدمھاالإنسان لأخیه الإنسان وقبیل صعود السید المسیح إلى السماء بعد قیامته ظل أربعین یومًا یظھر لتلامیذه قائلاً: "ھكَذَا كَانَ یَنْبَغِي أنَّ الْمَسِیحَ یَتَألَمَّ وَیَقوُمُ مِنَ الأمَوَاتِ فيِ الْیَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ یُكْرَزَ بِاسْمِه بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَایَا لِجَمِیعِ الأُمَمِ" (لو ۲٤: 46،47)
أمام الخطایا یظھر إله الغفران: "إِله رَحِیمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِیرُ الإِحْسَانِ وَالْوَفَاءِ حَافِظُ الإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ غَافِرُ الإِثْمِ وَالْمَعْصِیَةِ وَالْخَطِیَّةِ وَلكِنَّه لَنْ یُبْرِئَ إِبْرَاءً" حتى أن موسى النبي یصلي ویقول "إِنَّه شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ وَاغْفِرْ إِثْمَنَا وَخَطِیَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكًا"(خروج ۳: 6-9)إن الإنسان یعیش في عالم ملئ بالجروح والمشاعر السلبیة والإساءات التي تصیبه من الآخرین، وتكون النتیجة ھي إصابته بمشاعر
المرارة والغضب والقلق والخوف والظلم والاكتئاب والانتقام وكل ھذه الجروح والمواقف تسبب له حالة إحباط نفسي یختلف من وقت لآخر وھذا یؤثر على جسده ونفسه وروحه وبالتالي على سلوكیاته وتصرفاته سواء في البیت أو الكنیسة أو المجتمع وتنشأ عنده حالات الكراھیة والیأس والانطواء وغیاب الفرح مع أعراض أخرى مدمرة قاسیة ولا یجدي مع ذلك النسیان أوالإنكار أو الابتعاد ویقف الإنسان حائرًا ماذا یفعل؟! ولیس ھناك علاج أو مخرج من ھذه الحالة إلا بالغفران والمسامحة إن قوة التسامح ھي المنقذالوحید للخروج من ھذه المشاعر السلبیة التي شعرت فیھا النفس بالإیذاء النفسي العمیق ومعروف أن الشریعة في العھد القدیم لا تقتصرعلى وضع حد للانتقام "عَیْنًا بِعَیْنٍ" (خروج ۲۱: 23) ولكنھا أیضًا تنھي عن بغض الأخ لأخیه، كما تحرم الانتقام والحقد نحو القریب (لاویین ۱۹: ۱۸-۱۷) وقد تأمل ابن سیراخ الحكیم في ھذه التشریعات واكتشف الرابطة التي تربط بین غفران الإنسان لأخیه وبین الغفران الذي یلتمسه الإنسان من لله: "اِغْفِرْلِقَرِیبِكَ ظُلْمَه لَكَ فَإِذَا تَضَرَّعْتَ تُمْحَى خَطَایَاكَ"(سیراخ ۲۸: 2)
والقاعدة واضحة جدًا أمام الإنسان؛ أن الله لا یمكن أن یغفر لمن لا یغفر لأخیه ومن أھمیة ذلك أن السید المسیح وضع ھذه القاعدة في الصلاة الربانیة التي نرددھا كل یوم حتى لا ننساھا إن مسامحة أخیك شرط طلب الغفران الإلھي (لوقا ۱۱: 4٤؛ متى ۱۸: 23) ولذا نجد السید المسیح یفرض على بطرس الرسول ألا یمل من الغفران (متى ۱۸ )، ونقرأ أن إستفانوس الشماس الأول مات وھو یغفر لراجمیه (أعمال ۷ :10) لأن الذي "یحب" علیه أن یعي أن ھناك فعلین یعملھما:
أن یسامح وأن ینسى أیة إساءة إن الإنسان المسیحي یجب أن یغفر دائمًا ویغفربدافع المحبة أسوة بالمسیح (كولوسي ۳: 13) ولا یقاوم الشر إلا بالخیر (رومیة ۱۲: ۲۱ ) إن السید المسیح لم یدعو الخطاة إلى التوبة والإیمان فقط، بل أعلن أنه لم یأتِ إلا لیشفي ویغفرإن مقابلة الخیر بالخیر ھو عمل إنساني، ومقابلة الخیر بالشر ھوعمل شیطاني، أما مقابلة الشر بالخیر فھو عمل إلھي فالغفران عمل صعب على البشر لأنه لیس من طبیعتھم، ولكنه یحتاج قوة إلھیة خاصة نابعة من المحبة التي سكبھا لله في قلب الإنسان المسیحي (رومیة ٥:5)،وبھا یغفر ویسامح ویغسل قلبه ونفسه من الإساءة ومن المرارة، ولذا نصلي یومیًا "قَلْبًا نَقِیًّا اخْلُقْ فِيَّ یَا الَلهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِیمًا جَدِّدْ فِي أحْشَائِي" (مزمور ٥۰)
یا صدیقي: أن تسامح الإنسان الآخر الذي أساء إلیك ھو قرارك بإرادتك ورغبتك واختیارك ولكن اعلم أن مكسبك كبیر للغایة وھو الحصول على قدر أكبر من الرحمة الإلھیة والشفاء الداخلي الذي تحتاجه في حیاتك الحاضرة والآتیة أیضًا كما نصلي في مدیحة الصوم الكبیر طوبى للرحما على المساكین فإن الرحمة تحل علیھم والمسیح یرحمھم في یوم الدین ویحل بروح قدسه فیھم والمساكین ھنا لیس فقط فقراء المال والعوز ولكن أصحاب الشخصیة الفقیرة في السلوك والتصرف والأدب والأخلاق والمعاملة.
لتكن صلاتك: أعطني یارب طاقة تسامح وغفران لكل من أساء إليَّ املأ قلبي بمحبتك فأستطیع أن أحب حتى الذین أساءوا إليَّ في مشوارحیاتي لا تدعني أحمل ضغینة ضد أي أحد علمني أن أسامح وأن أغفر وأن أحب رغم الضعف والفكر والمیول القلبیة الشریرة التي تحاربني وتبعدني عن طاعة وصیتك الغالیة "اِغْفِرُوا یُغْفَرْ لَكُمْ" (لوقا ٦: 37) أوعدك یارب أن أبدأ صفحة جدیدة كلھا تسامح وغفران وتوبة وحیاة نقیة أطلب فیھا نعمتك وروحك القدوس مرشدًا ومعینًا لحیاتي آمین.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد