المقالات

30 أغسطس 2021

ضد المسيح وآباء الكنسية

الديداكية (نهاية القرن الأول): تقول عن ضد المسيح أنه مضلل العالم، الذي يدعي أنه ابن الله ويحكم علي الأرض ويصنع آيات وعجائب ويضطهد المؤمنين. لكن تتحقق النصرة الكاملة للسيد المسيح بظهور علامة (الصليب) في السماوات المفتوحة، ويسمع صوت البوق، ويقوم الأموات. عندئذ يأتي السيد المسيح ومعه جميع قديسيه علي سحب السماء (Didache 16: 3) القديس بوليكاربوس (69 - 155م): أحد تلاميذ القديس يوحنا الرسول: تكلم عن ضد المسيح بنفس نص وأسلوب القديس يوحنا وقال " كل روح لا يعترف بيسوع انه قد جاء بالجسد، هو ضد المسيح " (فيلادلفيا 1: 7). رسالة برنابا (حوالي 100م): وقد جاء فيها عن ضد المسيح أنه " حجر العثرة النهائي (أو مصدر الخطر) والمكتوب عنه كما يقول دانيال 000 ستحكم عشره ممالك علي الأرض وسيخرج منها ملك صغير بعدهم وسيخضع ثلاثة ملوك " 000ويقول دانيال أيضا عن نفس الشخص " ورأيت الوحش الرابع، شرير قوي، وأكثر وحشيه من كل وحوش الأرض، وقد خرج منه عشره قرون ومنها خرج قرنا صغيرا ناشئا وقد اخضع ثلاثة من القرون العظيمة ". وهو لا يقتبس من سفر دانيال بالحرف وإنما يقتبس روح وجوهر موضوع النص عن ضد المسيح. القديس يوستينوس الشهيد (حوالي 100 - 165م): والذي يصف ضد المسيح بإنسان الخطية وإنسان الارتداد الذي ينطق بما هو ضد العلي، ويتجاسر بارتكاب أعمال شريرة ضد المسيحيين ". القديس اريناؤس (140 -202 م): وقد تكلم كثيرا عن ضد المسيح مستشهدا بما جاء في سفر دانيال وما جاء في أقوال السيد المسيح والقديس بولس وما جاء في سفر الرؤيا فقال" وتبين الأحداث التي ستقع في زمن ضد المسيح انه لكونه مرتداً ولصاً وقلق ليعبدا كإله ؛ ومع انه مجرد عبد، فهو يريد أن ينادي به كملك. ولكنه سيأتي ليس كملك بار، وليس كملك شرعي خاضع له، مؤبد بكل قوة الشرير، لذا سيأتي كعاق وظالم وبلا قانون ؛ وكمرتد وجائر وقاتل، وكلص يتركز في ذاته الارتداد الشيطاني ويرفض الأصنام ليقنع الناس أنه هو نفسه إله، رافعا نفسه كالوثن الوحيد، يملك في نفسه أخطاء الأوثان الأخرى الكثيرة. ويفعل ذلك لكي يخدمه الذين يعبدون الشيطان بالرجاسات الكثيرة. هذا الوثن الأوحد هو الذي يتحدث عنه الرسول بولس هكذا " ويشير القديس اريناؤس إلي جلوسه في هيكل باعتباره " رجسه الخراب " التي تنبأ عنها داينال النبي أشار إليها السيد المسيح.ثم يقول " ويتطلع دانيال أيضا إلي نهاية المملكة الأخيرة " وينقل كل ما جاء عن القرن الصغير في (د71: 8؛ 20-22؛ 23- 25). ثم يقول هذا يكون لمدة ثلاث سنوات وستة شهور ثم يأتي القرن ليحكم علي الأرض. ويتكلم عنه أيضا الرسول بولس 000 ويعلن سبب مجيئه 00 " ثم ينقل نص ما جاء في (2 تس 2: 8 –12)." وقال عنه الرب اللذين يؤمنون به ما يلي " أنا أتيت باسم أبى ولم تقبلوني. أن آتي آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو 5: 43) داعيا ضد المسيح ب " الأخر" لأنه مبعد من الرب. هذا هو أيضا القاضي الظالم الذي ذكره الرب بأنه " لا يخاف الله ولا يهاب إنسان " (لو 18: 2) الذي لجأت إليه المرأة عندما نسيت الله، التي هي أورشليم الأرضية 000 فسينقل ملكوته إلي تلك المدينة ويجلس في هيكل الله ليضل من يتبعونه، كما لو انه المسيح، ولهذا السبب يقول دانيال أيضا 00 " ثم ينقل ما جاء في (دانيال 8: 12، 13 – 25 ؛ 9: 27) عن ضد المسيح.وبعدما يشرح ما جاء في سفر دانيال وسفر الرؤيا عن الممالك وضد المسيح يقول: " وأذ كان الله العظيم قد كشف ما سيحدث في المستقبل عن طريق دانيال وأكد ذلك عن طريق ابنه، وإذا كان المسيح هو الحجر الذي قطع بغير يدين والذي سيدمر الممالك الزمنية، ويقيم ملكوت أبدي الذي هو قيامه الأبرار، كما يعلن هو: " يقيم اله السموات مملكه لن تنقرض ابدأ "، فلندع أولئك الذين 000 يرفضون الخالق ولا يوافقون على أن الأنبياء قد أرسلوا من قبل من الأب الذي أتي منه الرب أيضا لان النبوات أنبا بها الخالق بنفس الأسلوب بواسطة جميع الأنبياء قد أتمها المسيح في النهاية عاملا إرادة أبيه ومكملا لتدبيراته الخاصة بالبشرية "ويرى إريناؤس والقديس كيرلس الكبير أن ضد المسيح سيقوم بتجديد الهيكل اليهودي في أورشليم ليكون مركزا لعمله، على عكس ذهبي الفم وأغسطينوس وغيرهم الذين يرون أنه سيتربع في هيكل الكنيسة المسيحية!! العلامة ترتليان (160 - 240 تقريبا): أنتشر بين آباء القرون الأولى اعتقاد بأن الدولة الرومانية ستظل إلى ما قبل المجيء الثاني وأن إنسان الخطية سيظهر بعد زوالها، وتصوروا أن الإمبراطورية هي القوة المقاومة لظهوره. ومن ثم يقول العلامة ترتليان " أي عائق له إلا الدولة الرومانية، فإنه سيظهر الارتداد كمقاوم وضد المسيح ". كما يقول " نلتزم نحن المسيحيون بالصلاة من أجل الأباطرة واستقرار الإمبراطورية استقرارا كاملا، فإننا نعرف أن القوة المرعبة التي تهدد العالم يعوقها وجود الإمبراطورية الرومانية. هذه القوة التي لا نريدها، فنصلي أن يؤجل الله ظهورها 000 بهذا تظهر إرادتنا الصالحة لدوام الدولة الرومانية " العلامة اوريجانوس (185- 253 م): وما كتبه اوريجانوس عن ضد المسيح لا يخرج عن ما ذكرناه في الصفحات السابقة وما ذكره القديس إريناوس، خاصة ما جاء عن القرن الصغير في د81: 23- 25 و2 تسالونيكي 2: 4 " والنبوة فيما يختص بعد المسيح أعلنت في سفر دانيال 000 وقد ذكر في نبواته الأمور الخاصة بالملكوت الآتي مبتدأ من أزمنة دانيال ويستمر إلي نهاية العالم 000 وما قاله بولس في الكلمات المقتبسة منه. ثم يتحدث عن الآيات الشيطانية التي تتبعه، ضد المسيح، التي يقول إنها آيات خادعة وعاجزة ولا تقدر أن تغير طبيعتنا الفاسدة إلي طبيعة مقدسة، ولا أن تهب نموا في الحياة الفضلى، بل أن الممارسين لها أنفسهم لا يسلكون في نقاوة. ويري أن إنسان الخطية وهو يحمل أعمال الشيطان بكل عنفها وخداعها إنما يمثل الكذب الذي لا يمكن أن يكون له وجود بإعلان ظهور مجيء المسيح، أي ظهور الحق. فظهور المسيح يسوع شمس البر في أواخر الدهور سيقضي تماما علي ظلمة عدو الخير ويدفع بها إلي العذاب الأبدي، وإعلان الحق يحطم الكذب. أما العلامة هيبوليتوس: فقد كتب مقاله كاملة بعنوان " المسيح وضد المسيح " لا يخرج مضمون ما جاء بها عن ضد المسيح عما ذكر في هذا الفصل. ويمكن تلخيصها كالآتي ؛ إن التاريخ سينتهي بظهور طاغية عنيف، يقلد المسيح لكي يغلب كل الأمم لحسابه. وسيقوم ببناء الهيكل في أورشليم. ويكون أساسه هو مملكة روما (بابل الجديدة). وسيدعو، ضد المسيح، كل الشعب لتبعيته، ويغويهم بوعود باطلة، ويكسب الكثيرين إلي حين. ولكن إذ يبلغ الأمر إلي القمة يأتي الرب ويسبقه النبيان يوحنا المعمدان وإيليا ؛ يأتيان بمجد، ويجمعان مؤمنيه معا في موضع الفردوس. وسيحدث حريق ويسقط رافضوا الإيمان تحت الحكم العادل. عندئذ يقوم الأبرار إلي الملكوت والخطاة إلي نار أبدية. ويربط بين مملكة ضد المسيح ونهاية العالم التي تتم بعد 6000 عاما من الخليقة حيث يستريح الرب في اليوم السابع وتصور أن العالم سينتهي سنة 500م!! : القديس جيروم: يقول القديس جيروم " ويدعي (ضد المسيح) إنسان حتى لا نقترض انه شيطان أو روح شرير، ولكن كائن إنساني يسكن فيه الشيطان لأنه إنسان الخطية الذي سيجلس في هيكل الله مظهرا نفسه انه اله ". ويري أن كثيرين سيقومون كرمز لضد المسيح فيقول " كما كان سليمان وقديسون آخرون رمزا للمخلص، هكذا نؤمن بظهور رمز لضد المسيح مثل أنتيوخس أكثر الملوك شرا، مضطهد الكنيسة ومدنس الهيكل. ويقول في تفسيره لسفر دانيال إن ضد المسيح هو إنسان يهودي من أصل وضيع سيحطم مملكة الرومان ويسود العالم. القديس كيرلس الاورشليمى (314-387م): لم يخرج القديس كيرلس أسقف أورشليم عما بيناه في هذا الفصل وقال: " سيأتي ضد المسيح المكتوب عنه، عند انتهاء أزمنة الإمبراطورية الرومانية، وظهور علامات نهاية العالم. سيقوم عشره ملوك رومانيون معا، في أماكن مختلفة، ويحكمون في زمن واحد. وبعد هؤلاء يأتي الحادي عشر. وهو ضد المسيح. فيغتصب السلطة الرومانية بأعماله السحرية، ويذل ثلاثة ممن حكموا قبله ويخضع السبعة الآخرين لسلطانه.وبما أنه عالم وذكى، فسيتظاهر في البدا يه باللياقة والاعتدال والميل إلى الإحسان، وبعلامات وأعاجيب سحريه، يخدع اليهود بادعائه أنه المسيح المنتظر. ثم تنسب أليه جميع أنواع الشرور بسبب وحشيته وجوره الذي يبلغ حدا يفوق معه جميع الظالمين الملحدين الذين سبقوه. تحدوه روح متعطشة للدماء. قاسيه لا تعرف سبيلا إلى الرحمة، مليئة بالخداع والمكر ضد الجميع، ولاسيما ضدنا نحن المسيحيين. وبعد اقترافه شتى الجرائم زهاء ثلاث سنوات وستة شهور، سيهلكه ابن الله الوحيد، ربنا يسوع المسيح، المسيح الحق. بنفخه فمه، ويبطله بظهور مجيئه المجيد من السماء ويلقيه في نار جهنم 000 هذه الأشياء 000 تعلمناها في الكتب المقدسة التي تقراها الكنيسة، وخاصة في نبوة دانيال 000 كما فسرها الملاك جبرائيل 00 "ثم يستمر في شرح ما جاء في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تسالونيكى وفى خطاب السيد المسيح عن نهاية العالم ودمار أورشليم (متى 24) ويقول " لكن كما أنه كان يليق به (بالمسيح) من قبل أن يأخذ الناسوتية وكان منتظرا أن يولد الله من عذراء، فقد خلق الشيطان خداعا بإيجاد روايات عن آلهة كاذبة تلد وتولد من نساء، لكي بوجود الأكاذيب لا يصدق الحق. وهكذا أيضا إذ يأتي المسيح مرة أخري، فإن المقاوم يستغل فرصة انتظار البسطاء خاصة الذين من أهل الختان، فيأتي رجل ساحر نابغ في فنون السحر والعراقة مخادع ماكر يأخذ لنفسه سلطان إمبراطور روما وينصب نفسه مسيحا كذابا، وتحت اسم المسيح يخدع اليهود المنتظرين مجيء المسيح ويغوي الأمم بأضاليله السحرية "." لسنا نعلم بهذا من اختراعنا، بل تخبرنا به الكتب المقدسة الإلهية التي في الكنيسة وخاصة ما جاء في نبوة دانيال التي قرأت منذ قليل، كما فسرها رئيس الملائكة جبرائيل قائلا " الحيوان الرابع مملكة رابعة علي الأرض تفوق سائر الممالك " (دا 7: 23). ومعروف في تقليد مفسري الكنيسة أنها مملكة الرومان. فكما كانت المملكة الأولى التي ذاع صيتها هي مملكة الآشوريين، والثانية هي مملكة مادي والفرس معا. وبعد هذا المملكة الثالثة هي المقدونيون، والرابعة الرومان. ثم يستمر جبرائيل في التفسير قائلا " قرونه العشرة هم عشرة ملوك سيقومون ويقوم بعدهم آخر الذي يفوق في الشر كل سابقيه: (ليس فقط يفوق العشرة بل كل سابقيه) ". ويذل ثلاثة ملوك " (دا 24: 7). واضح أنهم من العشرة ملوك السابقين 000 إنه " يتكلم بكلام ضد العلي " (دا 7: 25). إنه يكون مجدفا وشريرا، لا يأخذ المملكة عن آبائه بل يغتصبها بالسحر "." الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة " (2تس 2: 9). مظهرا أن الشيطان يستخدمه كأداة عاملا في شخصه، ومن خلاله. فإذ يعلم أن دينونته لن تتأخر بعد كثيرا، يصنع حربا ليس خلال وكلائه كعادته بل يصنعها علنا من ذلك الحين فصاعدا. مستخدما " آيات وعجائب كاذبة ". لأن أبا الكذب يعمل أعمال الكذب حتى يظن الناس أنها تري الميت يقوم وهو لم يقم، والعرج يمشون والعمي يبصرون مع أنهم لم يشفوا حقيقة "." يقول أيضا " المقاوم والمرتفع علي كل ما يدعي إلها أو معبودا 000 حتى أنه يجلس في هيكل الله ". أي هيكل هذا؟ لئلا يظن أننا نفضل أنفسنا فإنه متي جاء لليهود علي أنه المسيح راغبا في أن يكون موضع عبادتهم، يعطي اهتماما للهيكل لكي يخدعهم تماما مدعيا أنه من نسل داود وأنه سيبني الهيكل الذي شيده سليمان هذا إلذى متي جاء ضد المسيح لن يجد فيه حجر علي حجر كما حكم بذلك مخلصنا… إنه سيأتي " بآيات وعجائب كاذبة " رافعا نفسه كل الأصنام، فيتظاهر أولا بمحبة الإحسان، لكن يعود فيظهر طبعه الذي لا يعرف الرحمة وخاصة ضد قديسي الله. إذ قيل " وكنت أنظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين " (دا 7: 21). وفي موضع آخر قيل " ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلي ذلك الوقت " (دا 12: 1). مرعب هو هذا الوحش، عظيم لا يهزمه إنسان، مستعد للافتراس ". القديس اثناسيوس الرسولى (496-373م): يتحدث القديس اثناسيوس عن ضد المسيح في شخص اريوس والهرطقة الاريوسية ويقول: " ألم تصف رؤيا دانيال ضد المسيح: انه سيصنع حربا مع القديسين ويغلبهم ويفوق كل من كانوا قبله في أعمال الشر، وسيزل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلمات ضد العلي ويظن انه يغير الأوقات والناموس؟ والآن من هو الشخص الآخر إلي جانب قسطنديوس حاول أن يفعل هذه الأشياء؟ حقا انه مثلما سيكون ضد المسيح. فهو يتكلم بكلام ضد العلي لهذه الهرطقة (الاريوسيه) الضالة: ويصنع حربا ضد القديسين بنفي الأساقفة.. ". : ورأى كوموديان أن نيرون سيقوم من الجحيم كضد المسيح ويحارب الكنيسة، وسيقف أمامه إيليا النبي الذي يرجع إلي العالم. وأن المسيح الغاش هو إعادة حياة نيرون الذي سيصنع معجزات في اليهودية. كما يتكلم عن مجيء ضد آخر للمسيح في الشرق، ويرى أن نيرون سيأتي إلي أورشليم بعد نصرته علي الغرب وخداعه لليهود الذين يقبلونه بكونه المسيا. القديس يوحنا ذهبي الفم: مثل كوموديان تصور أن نيرون هو ضد المسيح ودعاه الارتداد لأنه سيهلك كثيرين ويجعلهم يرتدون، إن أمكن حتى المختارين أن يضلوا (مت 24: 24). ودعاه بإنسان الخطية لكثرة شروره، كما دعاه " ابن الهلاك " لأنه هو نفسه أيضا يهلك. وقال أن شدة الهجوم الذي يشنه إنسان الخطية تجعل البعض ينظرون إليه على أنه الشيطان نفسه ثم يتساءل بقوله " هل هو الشيطان؟ لا، إنما هو إنسان يبث فيه الشيطان كل أعماله ". القديس أغسطينوس: شرح القديس أغسطنيوس قول السيد المسيح "أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني ؛ إن أتي آخر باسم نفسه فذاك تقبلونه " (يو 5: 45). وقال لقد أعلن لهم أنهم سيقبلون ضد المسيح الذي يطلب مجد نفسه منتفخا، وهو ليس بصادق ولا ثابت وإنما بالتأكيد هالك. أما ربنا يسوع المسيح فأظهر لنا نفسه مثالا عظيما للاتضاع، فمع كونه بلا شك مساو للأب 000 لكنه يطلب مجد الأب لا مجد نفسه ".ويرى أن سر قبول اليهود لضد المسيح هو تفكيرهم المادي وتفسيرهم الحرفي للنبوات. كما يفعل التدبيريون الآن. ويقول القديس أغسطينوس أيضا " يبدو لي أن الشعب الإسرائيلي الجسداني سيظن أن النبوة القائلة " خلصنا أيها الرب إلهنا واجمعنا من الأمم " (مز 106: 47) تتحقق تحت قيادته (ضد المسيح) وأمام أعين أعدائهم المنظورين هؤلاء الذين سيأسرهم بطريقة منظورة ويقدم المجد المنظور ". القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
29 أغسطس 2021

نهاية العالم والمجيئ الثانى وأهميته عند البشر

موضوع نهاية العالم ومجيء السيد المسيح الثانى يشغِل الناس منذ أزمنة طويلة.. ويستغل البعض هذا الموضوع لأهميته ويكوِّنون جماعات أو طوائف ويبتدعون فى الدين على هذا الأساس. والذى يدل على أن موضوع نهاية العالم يشغل البشرية فى أزمنة كثيرة هو أنه حتى تلاميذ السيد المسيح أنفسهم كان هذا الموضوع يشغلهم.. فقد ذكر القديس متى فى إنجيله ما يلى: "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدّم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا؟ وما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر" (مت24: 3). واضح هنا أن مجيء السيد المسيح الثانى ارتبط فى حديث التلاميذ بنهاية العالم فقالوا "ما هى علامة مجيئك وانقضاء الدهر"وعندما سأل التلاميذ السيد المسيح هذا السؤال تكلّم معهم فى حديث مستفيض عن نهاية العالم، ولكنه حذّرهم من البحث عن ميعاد محدد. وقال لهم أثناء حديثه فى الرد على هذا السؤال فى نفس الأصحاح من إنجيل متى: "وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ أبى وحده" (مت24: 36) فبالرغم من أن السيد المسيح تكلّم حديثاً طويلاً جداً عن نهاية العالم بناءً على سؤال التلاميذ، وبناءً على إشارة سابقة كان قد قالها فشغلهم الموضوع حتى سألوه إلا أنه فى الوقت نفسه أكّد لهم أن ذلك اليوم وتلك الساعة لا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلاّ الآب وحده. وأيضاً بالرغم من تحذيره لهم بهذا القول إلا أنهم فى يوم صعوده إلى السماوات بعد قيامته المجيدة من الأموات حاولوا أن يسألوه فى نفس الموضوع مرة أخرى، فهى فرصة قبل أن يتركهم، فأجابهم بنفس الإجابة ولكن بمفهوم أوسع فقال: "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" (أع1: 7). لم يقل هنا اليوم والساعة فقط بل قال "الأزمنة والأوقات".. لأنه من الممكن أن يقول البعض قد لا نعرف اليوم أو الساعة لكن من الممكن أن نعرف الشهر مثلاً، لذلك قال السيد المسيح فى هذه الآية "ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التى جعلها الآب فى سلطانه" لسد الطريق على هذا النوع من التحايل.. البدع وتحديد نهاية العالم:- فى مناسبات كثيرة نسمع عن أناس يحددون نهاية العالم... أحياناً يحددون السنة، وأحياناً يحددون الشهر أو اليوم. وسنورد أمثلة لذلك:- وليم ميلر:- وليم ميللر صاحب بدعة الأدفنتست حدد فى البداية سنة 1843م كميعاد لمجيء المسيح الثانى ونهاية العالم. وقال أنه سوف يكون فى شهر مارس.. ولكن المسيح لم يأت فى الميعاد الذى زعمه. وكان قد بدأ بتجهيز الناس لهذا الحدث لسنوات طويلة بلغت حوالى عشرين سنة أى من حوالى سنة 1823م، فكان يجول كواعظ متجوّل فى الولايات المتحدة الأمريكية والتف حوله كثير من الناس وقد استند ميلر بطريقة خاطئة إلى نبوات وردت فى الأصحاح الثامن والتاسع من سفر دانيال واستخرج منها ميعاد المجيء الثانى. إلا أن هذه النبوات لا تشير إلى مجيء السيد المسيح طبعاً.ولما لم يأتِ المسيح سنة 1843م أدَّعى ويليام ميللر أنه قد يكون فى مارس 1844، ولكن لم يأتِ المسيح أيضاً. وهنا تدخل واحد من أتباعه لإنقاذ الموقف يدعى صموئيل سنو.. صمويل سنو:- قال صموئيل سنو إن مجيء السيد المسيح مرتبط بعيد الكفارة العظيم فى الشهر السابع اليهودى من سنة 1844م. وحدد اليوم بالتحديد أنه يوم 22 أكتوبر سنة 1844م. (ولعلنا نذكّر أن يوم الكفارة العظيم فى سنة 1973 وافق يوم 6 أكتوبر يوم عبور قناة السويس. ولكن اليوم لا يكون ثابت فى كل السنين، فكان يوم الكفارة العظيم فى سنة 1844 هو يوم 22 أكتوبر.)ويوم عيد الكفارة العظيم قبل هدم الهيكل هو اليوم الذى يدخل فيه رئيس الكهنة فقط إلى قدس الأقداس مرة واحدة فى السنة. ولأنه غير مصرح إلا لرئيس الكهنة وحده بالدخول كانت عادة اليهود أن يربطوه من وسطه عند دخوله لئلا يموت بالداخل فلا يستطيع أحد أن يدخل ليخرجه. وفى ذلك اليوم قام أتباع ميللر وصمويل ببيع ممتلكاتهم ومنازلهم وحقولهم، واستقالوا من وظائفهم وارتدوا ثياب بيضاء وخرجوا إلى الجبال وظلوا طوال النهار والليل يرنمون وهم ينتظرون ولم يأتِ السيد المسيح. فسموا هذا اليوم يوم الإحباط العظيم The Great Disappointment Day وانفض الكثير من أتباعهم من حولهم نتيجة لما حدث ثم بدأت تلك البدعة فى الاختفاء. إيلين هوايت:- ثم ظهرت النبية المزعومة إيلين هوايت التى كانت تعانى من نوع من أنواع مرض الصرع، فكانت تصاب بنوبات صرع تغيب فيها عن الوعى، وكانت تدعى أنها فى أثناء ذلك ترى رؤى وإعلانات سماوية. ثم بدأت تؤكد أن مجيء المسيح قد اقترب، وبدأ الناس يصدقونها بناءً على الأفعال الفائقة للطبيعة التى كانت تحدث لها والتى قد تكون بتأثير من الأرواح الشريرة. فكان يحث لها ذهول لدرجة أنه إذا قرب أحد شئ إلى عينيها وهى تحملق فلا ترمش بعينيها، كما أنها من الممكن أن تستمر فترة طويلة بدون تنفس. فظن الناس أن هذه علامات خارقة للطبيعة وبدأوا يصدقونها، فبدأت البدعة تنتعش من جديد بسبب هذه إيلين هوايت. حتى أن أغلب كتب الأدفنتست هى الكتب التى قامت بكتابتها النبية المزعومة إيلين هوايت.وفى زماننا المعاصر ادعى البعض أن نهاية العالم سوف تكون يوم 4/4/1984 وللأسف صدق كثير من المصريين هذا الكلام وكانوا مرعوبين، فكنا نقول لهم لا تصدقوا هذا الكلام لأن السيد المسيح قال "أما ذلك اليوم وتكل الساعة فلا يعلم بهما أحد". تشارلز تاز راصل:- بعد إيلين هوايت ظهر أحد السبتيين يدعى تشارلز تاز رصل فى الولايات المتحدة الأمريكية بدأ هو أيضاً يتنبأ عن نهاية العالم. فقال أنه بعد أربعون عاماً، من ميعاد هو حدده بأنه عام 1874م، سوف يأتى السيد المسيح ويحل ملكوت الله وسوف يملك المسيح على الأرض ألف سنة، أى "المُلك الألفى". وهى عقيدة معروفة عند بعض الطوائف البروتستانتية وخاصة عند أصحاب البدع مثل بدعة شهود يهوه التى أسسها تشارلز رصل.فى سنة 1877م قام رصل مع أحد زملائه يدعى نيلسون باربور بنشر كتاب بعنوان "العوالم الثلاثة أو خطة الفداء". وعلّقت جمعية "برج المراقبة والكراريس"، وهى جمعية تشارلز تاز راصل التى أصبحت فيما بعد جماعة شهود يهوه، على هذا الكتاب بقولها [فى هذا الكتاب أعلن الشريكان رصل وباربور إيمانهما بأن مجيء المسيح الثانى قد بدأ فعلاً سنة 1874م حيث استهلت بأربعين سنة دعيت فترة الحصاد ثم حددا على وجه الدقة عام 1914م كوقت نهاية أزمنة الأمم].. هذا اقتباس مما قاموا بنشره فى كتابهم.ثم حدث خلاف بينهما وافترقا، فأسس تشارلز تاز رصل مجلته الخاصة به واسمها "برج صهيون للمراقبة وبشير مجيء المسيح".لكن لماذا اختار كلمة "برج صهيون" كعنوان لمجلته؟ وفى البداية لماذا دعى تلاميذه باسم "تلاميذ التوراة"؟ هنا يظهر الميل والتوجه اليهودى الصهيونى التوراتى الذى يتجاهل العهد الجديد.. نحن نحترم التوراة ونقدّسها، ونعرف أن جبل صهيون هو المكان الذى بُنيت فيه مدينة أورشليم، ولكن لا نستخدم هذه الألقاب بغزارة بعد مجيء السيد المسيح، بل نميل أن نتكلم عن الإنجيل وعن الكنيسة وعن العهد الجديد. لكن تتضح جداً رائحة التوجه اليهودى فى كل التسميات التى يستخدمها راصل.طبعاً من المعروف أن السبتيون وشهود يهوه يقدّسون يوم السبت كاليهود، وكذلك لا يؤمنون بالعذاب الأبدى للأشرار مثل "شيعة الصدوقيين" عند اليهود. وهناك الكثير من نقاط التلاقى بين اليهود وبين السبتيين وأيضاً شهود يهوه. ولكن شهود يهوه أكثر قرباً من اليهود لأنهم أيضاً ينكرون أن السيد المسيح هو كلمة الله المولود من الآب قبل كل الدهور. فى سنه 1876م اعتبر رصل نفسه هو راعى المجموعة، وفى سنة 1879 أسس مجلة "برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1884 أسس جمعية اسمها "جمعية برج صهيون للمراقبة"، وفى سنة 1908م حرّك إدارة هذه المؤسسة إلى بروكلين فى نيويورك. وحينما كنت نيويورك رأيت أنا شخصياً مبنى برج المراقبة Watching Tower وهى المكان الذى تُطبع فيه كل منشورات جماعة شهود يهوه. وللأسف فقد انتشروا فى العالم وطبعوا كتبهم بلغات كثيرة، وأصبح عددهم لا يقل عن 10 مليون. بحلول عام 1914م لم يأتِ السيد المسيح كما ادَّعى رصل فأحرج لأن أساس جماعته كان مبنياً على محاولاته أن يخيف الناس ليتبعوه باستخراج حسابات معينة من الكتاب المقدس ليؤكد بها المواعيد التى يحددها لنهاية العالم. وللخروج من هذا الحرج أعلن الآتى:- [فى تلك السنة عينها (1914) تُوِّج يسوع المسيح ملكاً على العالم حيث بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السماوية]. طبعاً هذا الكلام مخالف لتعاليم الكتاب لأن بولس الرسول يقول عن السيد المسيح وعن صليبه: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)" (كو2: 15)، وقال أيضاً: "رئيس هذا العالم يأتى وليس له فىَّ شئ" (يو14: 30)، وقال: "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو10: 18)، ومكتوب فى العهد الجديد أن السيد المسيح قيّد الشيطان ألف سنة "وقيده ألف سنة" (رؤ20: 2).. هذا طبعاً الكلام لا ينطبق على سنة 1914! يقول رصل عن السيد المسيح [بدأ نشاطه الملكى بطرد زمرة الشياطين والأبالسة من الأجواء السمائية الذين هبطوا إلى الأرض وأشعلوا نار الحرب فيها]. هنا استغل راصل حدث زمنى خاص بالبشر هنا على الأرض لأن الحرب العالمية الأولى حدثت سنة 1914م، فاعتبر ذلك هو علامة سقوط الأبالسة إلى الأرض.. فهل حدوث أى حرب يعنى نزول الأبالسة من السماء إلى الأرض وتتويج السيد المسيح ملكاً؟!! فماذا يقول عن الحرب العالمية الثانية هل تُوّج السيد المسيح مرة أخرى؟!! وهل أى حرب تحدث فى العالم يكون معناها طرد الأبالسة من السماء؟!! كلام ليس له أية قيمة من الناحية الروحية.والسيد المسيح نفسه قال: "انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمى قائلين: أنا هو المسيح ويضلون كثيرين. وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب، انظروا لا ترتاعوا. لأن لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد" (مت24: 4-6). فقبل أن يدّعى رصل بأن هناك ارتباط بين الحرب العالمية الأولى وبين مجيء السيد المسيح الثانى، قال السيد المسيح نفسه لا ترتاعوا حين تسمعون بحروب وأخبار حروب لأنه لابد أن تكون هذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد. مثلث الرحمات نيافة الحبر الجليل المتنيح الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن كتاب المجئ الثانى للرب من منظور روحى
المزيد
28 أغسطس 2021

القديسة مريم والكنيسة

جاء في ثيؤتوكية الخميس: "كل عجينه البشرية أعطتها بالكمال لله الخالق وكلمة الآب، هذا الذي تجسد منها بغير تغيير، ولدته كإنسان ودعي أسمه عمانوئيل". ثيؤتوكية الخميس في لحظات البشارة أظهرت القديسة مريم خضوعها بكامل حريتها، وبذلك حقق الله تدبيره الإلهي للاتحاد بنا. صارت أحشاء القديسة مريم حجال لزيجة الكلمة مع الجسد المجيد. في الأحشاء وحد الكنيسة أي جسده مع ذاته، بهذا تحقق وجود الكنيسة السري بكماله. الآن نستطيع أن نتفهم كلمات القديس مار أفرام السرياني: "كانت مريم بمثابة الأرض الأم التي أنجبت الكنيسة". علاوة على هذا كثمرة الاتحاد الأقنومي بين لاهوت الكلمة وناسوته تقبلت مريم نوع أخر من الوحدة الروحية بين الله وبينها، اتحاد الشخص المتمتع بالخلاص مع المخلص نفسه، الوحدة التي دعيت الكنيسة كلها للتمتع بها. تقبلت القديسة نعمة الاتحاد مع الله هذه كممثلة بطريق ما للكنيسة الجامعة، كعضو أول فيها، العضو الأمثل السامي، لهذا قبلت النعمة في أعلى صورها. القديسة مريم كنموذج للكنيسة: التسبحة الرئيسية التي ترنم يوميا في الشهر المريمي شهر كهيك قبل عيد الميلاد تتكون من مختارات من سفر المزامير تمدح الكنيسة كمسكن للإله المتجسد. لم يكن هذا بغير معنى أن تمدح الكنيسة كل الشهر المريمي، لأن ما فبلته القديسة مريم كان لحساب الكنيسة كلها. فالقديس مار أفرام السرياني ينسب للكنيسة ما هو خاص بالقديسة إذ يقول: "مباركة أنت أيتها الكنيسة، تحدث أشعياء عنك في تسبحته النبوية المفرحة، قائلا: هوذا العذراء تحبل وتلد أبنا. يا لسر الكنيسة المخفي" ويربط القديس كيرلس بابا الإسكندرية بين القديسة مريم والكنيسة قائلا: "لنمجد مريم دائمة البتولية بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدسة. لنسبحها مع الابن العريس كلي الطهارة. المجد لله إلى الأبد". يؤكد القديس أمبروسيوس أن القديسة مريم هي" نموذج الكنيسة"، كما يقرر القديس أوغسطينوس أن "مريم هي جزء من الكنيسة، عضو مقدس، عضو ممتاز، العضو الاسمي، لكنها تبقى عضوا في الجسد الكلي (أى غير منفصلة عن بقية الأعضاء). في الحقيقة يمكننا أن نرى كل مراحل حياة القديسة مريم كأيقونة جميلة للكنيسة، فعلى سبيل المثال نذكر: 1- يرى القديس ايريناؤس أن فرح مريم وتسبحتها أثناء البشارة، كانا عملين نبويين صنعا بواسطة القديسة مريم باسم الكنيسة. ويقدم القديس يعقوب السروجي (446م) ذات الفكرة إذ يقول في كلمات متغايرة إذ يقول: "كانت العذراء الحكيمة فيما للكنيسة، سمعت تفسير (التجسد الإلهي) من أجل خلقة العالم كله". 2- زيارة القديسة لنسيبتها اليصابات تحمل رمزا لإرساليات الكنيسة في العالم كله، لأن الكنيسة مثل القديسة مريم هي ابنة صهيون، عذراء فقيرة، أمة الرب، ممتلئة نعمة، تحمل كلمة الله روحيا، يلزمها أن تلتهب بالرغبة في الالتقاء بقريبتها_ أي الالتقاء بالجنس البشري، لتعلن لهم خلاص الله. "ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام... القائل لصهيون قد ملك إلهك" يشير القديس أمبروسيوس إلى هذه الرسالة الإرسالية قائلا عن القديسة مريم أنها ترنمت التسبحة الخاصة ب"تعظم نفس الرب..." وهي مسرعة عبر تلال يهوذا كرمز الكنيسة المسرعة على تلال القرون. 3- عند الصليب يكمل تمثيل القديسة مريم للكنيسة، كقول القديس أمبروسيوس: "ستكون ابنا للرعد أن كنت ابنا للكنيسة (مريم). ليقل لك السيد المسيح أيضا من على خشبة الصليب: هوذا أمك ويقول للكنيسة هوذا ابنك. عندئذ تبدأ أن تكون ابنا للكنيسة إذ ترى السيد المسيح منتصرا على الصليب". التشابه بين القديسة مريم والكنيسة: 1- القديسة مريم الكنيسة كلاهما أم وعذراء في نفس الوقت. كل منهما قد حملت بالروح القدس بغير زرع بشر، معطية ميلادا للابن الذي بلا عيب. فالقديسة مريم هي ام الكلمة الإلهي ولدته حسب الجسد، والكنيسة أم أعضائه ولدتهم بالمعمودية ليشاركوا السيد المسيح حياته. في هذا يقول القديس أغسطينوس: "كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة. لأن الكنيسة هي أيضا أم وعذراء، أم في أحشاء حبنا، وعذراء في أيمانها غير المنثلم. هي أم لأمم كثيرة الذين يمثلون جسدا واحدا، وذلك على مثال العذراء مريم أم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أم للواحد". القديسة مريم عذراء حسب الجسد والروح، أما الكنيسة فيمكن دعوتها عذراء إذ لا تنحرف قط عن الإيمان بل تبقى أمينة على تعاليم السيد المسيح إلى النهاية. تحمل الكنيسة ذات لقب القديسة مريم، أي "حواء الجديدة". فإن القديسة مريم قد ولدت" الابن المتجسد" واهب الحياة للمؤمنين، أما الكنيسة فهي أم المؤمنين الذين يتقبلون الحياة خلال اتحادهم بالرأس، الإله المتجسد. تشابه الكنيسة القديسة بكونها "أمة الرب". فهي كأمة الرب المتضعة ترفض كل المجهودات البشرية الذاتية، وتصير علامة لنعمة الله، الذي يطلبنا في أتضاع طبيعتنا ليقودنا إلى مجد ملكوته!. دعي كل من القديسة مريم والكنيسة" بالمقدسة أو القديسة". يفسر القديس هيبوليتس التطويب الذي ذكره موسى "مباركة من الرب أرضه، تبقى له وتتبارك بندى السماء" (تث 33: 13) كنبوة عن قداسة مريم، الأرض المباركة إذ تقبلت كلمة الله النازل كندى السماء. يعود فيقرر أنها نبوة تشير إلى قداسة الكنيسة، قائلا: "يمكن أن تقال عن الكنيسة، إذ تباركت بالرب، كأرض مباركة، كفردوس البركة. أما الندى فهو الرب المخلص نفسه". شفاعة القديسة هي نموذج لعمل الكنيسة، حيث يلتزم أعضاؤها المجاهدون والمنتصرون الإقتداء بالقديسة مريم، مصلين بغير انقطاع من أجل تجديد العالم كله في المسيح يسوع. القمص تادرس يعقوب ملطى عن كتاب القديسة مريم فى المفهوم الأرثوذكسى
المزيد
27 أغسطس 2021

مَثَل وكيل الظـــلم

«وَقَالَ أَيْضًا لِتَلاَمِيذِهِ: كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ. فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ. قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ. فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟ فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ. ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ. فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ» (لو16: 1–8). يا إلهي الصالح، كُلّيَ الخير، أنت ائتمنتَ عبدك ووكّلته على أموالك، بل جعلتَ الإنسان وكيلاً على الخليقة كلّها. وأخضعتَ كلّ شيء تحت قدميه. فصار الإنسان بنعمتك وكيلاً لله.. لأنّك يا مخلصي جبلتني على مثالك وكتبتَ فيَّ صورة سلطانك.فصار لي بك سلطان.. هو في الواقع سلطانك أنت مالك الكل والمُنعِم على الكلّ. وقد قسَّمتَ بحسب حكمتك وتدبيرك الإلهي لكلّ واحد ممّن وكّلتهم، حدود ما قسمته له، ليكون وكيلاً عليه. فهل يا مخلّصي تصرّفتُ (أنا) كما يُرضي ربوبيتك وصلاحك؟ وهل كنتُ أمينًا كوكيل لك؟ لأنّه «يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ (أن يكون الوكيل) أَمِينًا» (1كو4: 2).الأمانة يا مخلّصي هي الصفة الرئيسية التي يجب أن تتوفّر فيمن يُختار للوكالة.. وبالأكثر إن كانت وكالة أسرارك الإلهية.ألم يضع الروح بفم عبدك بولس شروطًا، هذا عددها للكاهن، كم يجب أن يكون كوكيل لله؟ إن كان في الإيمان، أو طهارة السيرة، أو الحلم، أو عدم محبّة المال، أو البعد عن العنف، أو «أَنْ تَكُونَ لَهُ شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ» (1تي3: 1–7).هكذا يكون الوكيل المختار للوكالة لكي يؤتَمَن على خدمة قطيعك.. إنّي أرتعب حين أتفكر في جسامة الوكالة التي ائتَمنتَ عليها كهنتك وخدامك!! صار جسدك في يد الكاهن كلّ يوم.. هو مؤتَمَن أن يوزّعه لمن يكون له استحقاق!! وهذا يُرعبني يا سيدي، إن كان الأمر معي يسير على غير ذلك من عدم التدقيق أو عدم التمييز.وهل يستحق إنسان كائنًا مَن كان أن يصير على هذه الوكالة.. لقد وكَّلت الكهنة على غفران الخطايا وقبول اعتراف الخطاة، لكي يغفروا الخطايا على الأرض وأنت بفمك الإلهي قلتَ: «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ» (يو20: 23). المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
26 أغسطس 2021

شخصية مريم العذراء والدة الإله ج4

مريم العذراء والدة الإله أم الرب وإخوته:- متى 12: 46 – 50، مرقس 3: 31 – 35، لوقا 8: 19 – 21 بمقارنة الفصلين الأولين المشار إليهما يبدو أن الحادثة المذكورة فيهما والتي تلفت نظرنا إلى مريم ثانية قد حدثت في كفرناحوم. وإلى تلك اللحظة كان الرب مشغولاً تماماً بخدمته المباركة. وكانت جموع غفيرة جداً التي انجذبت نحوه حتى أنه وتلاميذه لم يقدروا ولا على كسر خبز. "وأقرباؤه" سواء أكانوا المهتمين به أو المتضايقين مما كان يحدث "خرجوا ليمسكوه لأنهم قالوا أنه مختل". (مرقس 3: 20 و 21). هذه الحادثة هي التي ستشرح الواقعة التي سنتأملها الآن، لأنه في إنجيل مرقس تتبعها في الحال غالباً. ومرة أخرى نجده يتتبع بنشاط إرساليته الإلهية "وكان الجمع جالساً نحوه" (مرقس). "وفيما هو يكلم الجموع" (متى) "إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه". وكما نفهم من لوقا أنهم "لم يقدروا أن يصلوا إليه لسبب الجمع" "ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه" كما نتعلم من مرقس. وهكذا انتقل الكلام إلى دائرة المحيطين به من الجمع – الدائرة الداخلية بأن الرب يطلبه أمه وإخوته. وإذا نتتبع رواية متى – قال له أحد "هوذا أمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك".وفي البداية قد يبدو غريباً بعدما تعلمت مريم الدرس في قانا الجليل أن تتجاسر هكذا لتقاطع الرب في خدمته.ويمكن أن نفهم ذلك في ضوء الحادثة المشار إليها في (مرقس 3: 20 و 21). وعلى الرغم من أنه قد كُشف لمريم من هو يسوع فلم تستطع إلا أن تُظهر عواطفها الطبيعية هذه التي ازدادت وقويت وهي تشهد حياته الطاهرة والمقدسة – الحياة التي ظهرت منها محبة كاملة لله وللإنسان. ومطالب إلهية وأرضية (إذ كان خاضعاً وهو صبي ليوسف ومريم). وإن كانت مريم لم تكن قد رأت كل شذى وجمال ابنها الذي يمكن أن نتصوره جيداً غير أن ما رأته كان يكفي ليجعل يسوع موضوع مشغولية قلبها المتزايد. ولهذا عندما رأته خاضعاً مستسلماً، دون اعتبار للذات أو الراحة، متابعاً خدمته يوماً فيوماً، غير مبق على نفسه ولو في أدنى درجة لها، وهو لا يكف بلا كلل صباحاً وظهراً ومساءً، متمسكاً بكل فرصة ليكون فيما لأبيه. فقد كانت إلى حد بعيد محكومة بعواطفها الطبيعية ومنزعجة لأجله. وبهذه الطريقة فقط أوصلت الرسالة التي رغبت أن تتحدث بها معه بشكل يكون مفهوماً.وقبل أن نتأمل في إجابة الرب، فإنه من المفيد أن نشير إلى الصفة المميزة للحكمة الإلهية المستعلنة هنا. فالفشل من جانب التلاميذ وتعبيرات العداوة التي يطلقها الذهن الجسدي مسجلة كلها في الأناجيل لتتحول في الحال بالفكر الإلهي إما لكي تلفت انتباهنا إلى بعض سمات المجد في شخص المسيح نفسه أو لتعلمنا بعض الدروس الهامة للحق الإلهي. فلا شيء أكثر وضوحاً ليبين لنا أن الله وراء كل شيء حتى أنه يستخدم الكل لتتميم مقاصده سواء بالنعمة أو بالحكم. وهكذا كان مع مقاطعة مريم لخطاب الرب المسجل هنا. وتوضح لنا أمثلة (متى 13) أن الرب قد وصل إلى أزمة في خدمته. ولا نذهب بعيداً إذا قلنا أن الأمثلة التي نطق بها لم تقال قبلما يقطع علاقته بالأمة اليهودية المرتبط بها حسب الجسد. وهو ذات الشيء الذي يفعله الرب إزاء رسالة مريم ويا للكمال الإلهي الذي نراه في كلٍ من حكمته وغنى كلمته. إنه هو الأقنوم الإلهي الذي سبق فرأى كل شيء وجعله خاضعاً لأغراضه. إن إجابة الرب لأمه وإخوته تستحق منا كل انتباهنا الخاشع: "من هي أمي؟ ومن هم إخوتي؟. ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي وإخوتي! لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي" (متى 12: 48 - 50).ومع أننا مهتمون بالدرجة الأولى في تأملاتنا بتاريخ مريم الشخصي، غير أن هذا لا يمنع من أن نعبر سريعاً على التعليم النافع لهذه الحادثة. فبالنسبة لمريم نفسها فإن هذا الدرس شبيه للغاية بالدرس المعطى لها في قانا الجليل. وإذ كان الرب مشغولاً بتتميم إرادة الله في خدمته المباركة فإنه لم يسمح بمن يُعوِّق خدمته ولو كانت أمه بحسب الجسد. وفي تكريسه لصوالح أبيه لم يكن لديه ما يفعله معها (انظر يوحنا 2: 4). ويسمح لنا هنا أن نراه باعتباره لاوي الحقيقي والكامل. وقبل رحيل موسى كان قد بارك أسباط إسرائيل فقال عن لاوي: "الذي قال عن أبيه وأمه لم أرهما، وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك" (تثنية 33: 9، انظر أيضاً مزمور 69: 8). ويا لها من أمور مباركة هذه التي نجدها ممثلة كلها في المسيح إزاء هذا المشهد الذي أمامنا! لقد كان لله تماماً وبكليته، وهكذا كان خارج العلاقات الطبيعية برمتها. لقد كان حقاً قائداً لشعبه في كل طريق يدعوهم أن يسلكا فيه (انظر 1 يوحنا 2: 6). وبأسلوب مماثل تمم فكر الله عن النذير، وهكذا في كل أيام انفصاله ونذره كان قدوساً لله. ومع أن نذره الآن مؤكد ويأخذ الآن شكلاً آخر وحالة أخرى، إلا أن حياته التي عاشها هنا كانت لله، وكان في كل طريقه هنا على الأرض بكامله لله.وبالإضافة إلى ما ذكرنا هناك معنى آخر. ففي ختام (ص 11) نجد أنه قد رفض، وأن مختار الله هذا قد نحى جانباً الأمة التي لم تقبل ماسياها. وإذا كان بركات النعمة مخيفة عن الفهماء والحكماء فإن الله أعلنها للأطفال. وأمكن ليسوع أن يحمد الآب "رب السماء والأرض" لأجل تدريبات نعمته بحسب مقاصدها الأزلية. وهكذا كما أعلن الآن "كل شيء قد دُفِع إليَّ من أبي. وليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له". ولذلك عندما قال الرب إجابته لمن أخبره عن رغبة أمه وإخوته أن يتكلموا معه – من هي أمي؟ ومن هم إخوتي؟ كان في هذا إعلاناً عن عدم اعترافه بالروابط الطبيعية. ومن كما نتوقع أن نجده في الفصل التالي يذهب ليلقي البذار طالباً الثمر، إذ قال أتى مفتشاً عن الثمر ولكنه لم يجد.ونتعلم أيضاً بخلاف ذلك أنه أقام روابط حميمة وأكثر مودة مع تلاميذه إذ مد يده نحوهم وقال ها أمي وإخوتي! لأن من يصنع مشيئة أبي في السماوات هو أخي وأختي وأمي. ويا لها من نعمة ثمينة يعلنها مظهراً أمام الجميع ارتباطه الكامل بهذه البقية المسكينة والضعيفة التي تتبعه بخطوات مترددة، والتي بفضل عنايته ومؤازرته لها يثبتون معه في تجاربه! وإذ يصنعون مشيئة الآب وذلك بسماعهم لدعوته فإنه قد أحضروا إلى الدائرة التي يشكل فيها هو المركز والرأس والتي وجد فيها كل مسرته (مزمور 16: 3). ويمكننا أن نرى كيف اهتم بمريم بكل حنان عندما انتهت خدمته. وكان هذا أيضاً جزءاً من كماله كإنسان على الأرض. وليس أقل من ذلك كانت روابطه الحميمة بأولئك الذي أعطوا له كأبناء (أشعياء 8: 18).ويلاحظ أيضاً بالتأكيد أنه كان في هذا كالمثال الكامل. فكم يفشل الكثيرون في اتخاذ الموقف المتوازن بين استيفاء مطالب الله وشعبه وبين مطالب الروابط الطبيعية! إن خلو الفرد من العواطف الطبيعية هي علامة الأزمنة الأخيرة والخطيرة، ولكن إذا تغلبت هذه العواطف وعلت فوق المحبة للإخوة وأصبحت تتحكم في حياتنا فإننا لا نقدر أن نسلك في روح كلمات رنا المبارك. أما لو كان المسيح ممتلكاً لقلوبنا فإننا نرى جميع هؤلاء الذين هم له في ضوء عواطفه ومن جهة الحق الكنسي كعائلاتنا وأهلنا الذين يشغلون كأنهم الحقيقي. ليت قلوبنا تستنير بكلمات النعمة التي انسابت من شفتي ربنا في هذا الموقف. مريم تقف عند صليب يسوع:- (يوحنا 19: 25 - 27) عندما حمل سمعان الشيخ الطفل يسوع على ذراعيه قال لمريم "ها إن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل، ولعلامة تقاوم، (وأنت أيضاً يجوز في نفسك سيف) لتعلن أفكار في قلوب". وقد كتبنا الكلمات التي تشير بصفة خاصة إلى مريم في شكل مائل، وقد وجدت تتميمها في المشهد لذي يحويه هذا الكتاب. لم يقال أنها تبعت يسوع إلى الصليب أو إذا كانت شهدت التعبير والإهانات واللطم الذي لحقه قبل محاكماته. ولقد أسدل الستار على مشاعر مريم وقلقها وألمها الشديد طوال الليل المظلم الكئيب لتسليمه، وإن كان لا بد أن السيف كان قد أترق أعماق نفسها طوال الليل والنهار عقب الفصح. غير أن روح الله يهتم هنا بالسيف الذي تسلط على الرب وليس على مريم. وقد دعينا لكي نتأمل اتجاهه مسلكه ووداعته وصبره واتضاعه وكلماته، والآن إذا تقترب أحزانه وآلامه من النهاية فإن الستار يرتفع إلى لحظة قصيرة حتى يمكننا أن نرى مريم عند الصليب أو بالحري أن ننظر إلى كمال يسوع في اهتمامه بمريم – بعدما تمم إرادة الله بخدمته على الأرض. كان آخرون مع مريم، ومريم أختها زوجة كليوباس، ومريم المجدلية. ولكن لمريم وللتلميذ المحبوب الذي كان واقفاً كانت كلمات الرب. لا يمكننا أن نخمن حيث صمتت كلمة الله ولكننا لا نزال نكرر ونؤكد أن مريم لم تستطع أن تتفرس في صليب ابنها القدوس بدون ألم لا ينطق به وبدون أن يتمزق قلبها بهذا المشهد المروع. لقد شاهدته لأكثر من ثلاثين عاماً ولم تستطع إلا أن تكون حساسة لشذاه الأدبي الفائق وجمال حياته المكرسة، ولا بد أنها قد رأت على الأقل بعض اللمحات من مجد شخصه. والآن صار من نصيبها أن تنظره مرفوضاً ومهاناً ومنبوذاً ومصلوباً! لقد نالت بكل تأكيد مؤزارة إلهية وهي تعبر هذه التجربة النارية. ولم يطن قلبها أقل من كونه ينفطر حزناً وهي تراه معلقاً على الصليب وتجد ابتهاج أعدائه بحقدهم الشيطاني وقد بلغوا غايتهم الشريرة.لا يمكننا مهما كان أن نتوانى في تأملات كهذه، ولا نتجاسر فنجعلها إلا لتزيد من تقديرنا لعطف وحنان يسوع لمريم في أحزانها. كانت كأسه على وشك أن تفرغ إذ نقرأ في الحال "رأي يسوع أن كل شيء قد كمل" وكان عالماً بما يدور في قلب مريم، وقد أنهى عمله، فتوجه إلى مريم بكلمات التعزية والمواساة. أكانت هي في ظلام رأسي في لحظات تجربتها المرة؟ كان النور يقترب ليبدد لظلمة ويؤكد لها أن الشخص الذي كانت تنظر إليه بأسى وحزن لا يوصف يفهم حزنها، فقد فتح شفتيه وقال عندما رأى أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً "يا امرأة هوذا ابنك، ثم قال للتلميذ هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته".عندما التأمل في هذه الكلمات يلفت انتباهنا تلك الحقيقة بأن الإنجيلي بالوحي يكتب كلمة "أم"بينما خاطبها يسوع "امرأة"، كانت مريم هي أم يسوع – هذه النعمة من الله قادت جبرائيل أن يعطي التحية لها كالمباركة بين النساء. ولكن كما رأينا أن الروابط الطبيعية لا يمكن الاعتراف بها أنها تشكل أي مطلب من حياة نذير ومكرس كامل والآن بما أن موت الرب صار وشيكاً وهذه الرابطة الحميمة والعاطفية ستنتهي برحيله من هذا المشهد – وحتى تلك اللحظة فإن الروح القدس يذكرنا بأنها أم يسوع. وبلا جدال فإننا نتعلم أن الكرامة التي منحها الله لمريم في دائرتها الخاصة لن تنتزع منها. إن الخطأ، بل الخطأ القاتل، كان في نقل الكرامة من الأرض إلى السماء، ونتيجة ذلك أنها نالت مجداً أعلى مما لابنها الحبيب.وفي كلمات ربنا هذه يمكننا أن نفهم بوضوح شيئين. ففي المكان الأول يعطي لمريم في حرمانها تعزية وغرضاً. إن التلميذ المحبوب الذي عرف فكر الرب أكثر مما عرفه أحد آخر (إذ كان يتكئ رأسها على صدر الرب) كان عليه أن يصبح ابناً لمريم، وكان على مريم أن تأخذه في عواطفها كابنها بطريقة جديدة كما أعطي لها من الرب نفسه. وفي الحقيقة لقد كان ميراثاً ثميناً لعواطف قلبه واستطاع أن يمنحها أعظم تعزية لها في تلك الظروف. وثانياً أنه نقل علاقته الأرضية إلى يوحنا عندما قال له "هوذا أمك". وهكذا خصص للتلميذ الذي كان يحبه تتميم كل المسؤوليات الحبية والمرتبطة بعلاقات القرابة. وبإيجاز فإن مريم سلمت من الرب لعناية يوحنا واهتمامه، الذي كان عليه أن يحنو عليها ويمنها عواطفه البنوية. لقد عرف الرب ما في قلب كل منهما التي كانت بحسب معرفته ومحبته لكل منهما حتى أنه استودعهما بعضهما لبعض وهكذا ربط قلبيهما معاً في الزمان الباقي لغربتهما على الأرض. آخر ذكر لمريم:- (أعمال 1) إن التلميذ المحبوب في طاعته لرغبة الرب قبل أن يميل رأسه ويسلم روحه كان قد أخذ مريم إلى بيته. ومن تلك اللحظة تختفي عن أبصارنا باستثناء مرة واحدة تذكر فيها. ولا نجدها عن دفن جسد الرب، ولا نجدها كذلك في البستان الذي قام منه باكراً. ولكن بعد صعود الرب حيث رأوه الرسل (أنظر أعمال 1: 1- 11). وبعد رجوعهم إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى الزيتون صعدوا إلى العلية حيث أقام الرسل وبالارتباط بذلك نجد أخر مرة يذكر فيها اسم مريم في السجل المقدس. وقيل عن الأحد عشر "وكانوا يواظبون على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم لأم يسوع وإخوته"إن ذكر مريم أم يسوع بشكل خاص هنا باعتبارها واحدة من هذه الجماعة مع التلاميذ له أهمية عظيمة.ولاشك أن انتباهنا يستوقف بهذا الشكر الخاص لاسم مريم. والغرض من ذلك أن نتعلم أن مريم أصبحت تفهم من ذا الذي تنازل ليصبح ابنها بحسب الجسد، وأيضاً مع النور الذي دخل إلى نفسها من جهة موته وقيامته وتمجيده عن يمين الله، تتخذ الآن مكانها وأصبحت مندمجة تماماً مع تلاميذه هنا على الأرض. إنها لن تقدر الفضل المعطى لها ولو مثقال ذرة لكونها أم يسوع. ولن تتوقف عن كونها منعم عليها ومباركة في النساء، أمام الآن فبالإيمان بربها الممجد صارت معدودة بين الأفاضل في الأرض الذين كل مسرة الله بهم. إن عواطفها ومشاعرها الطبيعية قد اختفت في العبادة والتسبيح. لد كانت إناء مختاراً لولادة المسيح في هذا العالم وأصبحت الآن واحدة من أتباعه وتلاميذه المتواضعين، واحدة من تلك الرفقة المباركة التي سرعان ما تتشكل مسكن الله بالروح. وكما علّم الرب السبعين أنه شيء عظيم أن تكتب أسمائهم في السماء على أن يصبحوا أواني لقوته في الصراع مع العدو. وهكذا بالنسبة لمريم يصبح شيئاً عظيماً أن تكون حجراً حياُ في مسكن الله الروحي (كما صارت كذل في يوم الخمسين) مبنية عليه الذي هو الحجر الحي المختار من الله والكريم عن أن تكون أماً لربها على الأرض.ويلزم أن نضيف هنا أن أولادها صاروا مؤمنين بيسوع. ومعدودين مع مختاري الله ونالوا نعمة للاعتراف باسمه والارتباط بخاصته وهم الجماعة السماوية الجديدة. وكما اختيرت مريم أمه فقد اختيروا في المسيح من قبل تأسيس العالم واستعلن الاختيار في الزمن كشعبه. وقد أدركت مريم وأولادها أن سماع كلمة الله وحفظها أكثر بركة من مجرد الارتباط بيسوع هنا على الأرض خلال حياته وسياحته على الأرض،في علائق أرضية طبيعية. ولذلك فإن تمجيد مريم على حساب ربنا الممجد يضر ويعي التعليم الكتابي الصحيح ويفسد الخصائص المسيحية بجملتها.
المزيد
25 أغسطس 2021

الدينونة حسب الأعمال

هذه حقيقة واضحة تبين أهمية أعمال الإنسان.في العهد القديم يقول داود في المزمور (لك يا رب الرحمة لأنك تجازى الإنسان كعمله) (مز 62: 12)، ويقول سفر الجامعة (لأن لله يحضر كل عمال إلى الدينونة، على كل خفي أن كان خيرًا أو شرًا) (جا 12: 14).وفى العهد الجديد تأكدت هذه الحقيقة من فم السيد المسيح وأفواه رسله القديسين، وفي هذا يقول السيد الرب (فان ابن الإنسان سوف يأتي مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله) (مت 16: 27). كما قال أيضًا (فانه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة لحياة، والين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة) (يو 5: 28، 29) لاحظوا أن يتكلم في هذه الآية عن الأعمال (الذين فعلوا الصالحات.. والذين عملوا السيئات).وليست الدينونة على الأعمال فقط، بل حتى على الكلام. ولذلك يقول (بكلامك تبرر وبكلامك تدان) (متى 12: 36).وهذا الأمر واضح واضح في سفر الرؤيا. إذ أن الرب أرسل إلى كل ملاك من ملائكة الكنائس السبع يقول له (أنا عارف أعمالك) (رؤ 1: 2، 3). كما قال الرب صراحة (وها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، أجازى كل واحد كما يكون عمله) (رؤ 22: 12).وقد قيل في هذا السفر (طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن نعم يقول الروح! لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تبعهم) (رؤ 14: 13). وقيل أيضًا (ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم) (رؤ 20: 12).وصورة الدينونة التي شرحها لنا الرب يسوع من حيث كلامه الذي قوله للذين عن اليمين، وكلامه للذين على اليسار، هي صورة دينونة حسب الأعمال.إذا أنه قال للذين عن اليمين (جعت فأطعمتموني عطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني..). وبناءًا على هذه الأعمال الصالحة قال لهم (تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم) (مت 25: 31-46).. وبالمثل فعل مع الأشرار، دانهم حسب أعمالهم.إذن يكفى أن يقصر الإنسان في إطعام الجياع أو زيارة المرضى، وإذ يخلو قلبه من هذه الرحمة يفقد الملكوت، مهما كان له من إيمان، ومهما كان له من ثقة جوفاء في داخله لا تغنيه شيئًا!! ما أخطر العبارة التي قالها معلمنا يعقوب الرسول (ما المنفعة يا أخوتي إن قال أحد أن له إيمانًا ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الإيمان أن يخلصه؟!) (يع 2: 14).وكون الدينونة حسب الأعمال، حقيقة تكلم عنها بولس الرسول كثيرًا. فقال لأنه لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد يحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا (2 كو 5: 10). وقال أيضًا: (ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر نفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة الذي سيجازى كل واحد حسب أعماله)" (رو 2: 5-7).وتلخيصًا للدينونة حسب الأعمال، قال بولس الرسول كذلك "فإن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضًا. لأن من يزرع لجسده، فمن الجسد يحصد فسادًا. ومن يزرع للروح يحصد حياة أبدية" (غل 6: 7، 8). كما قال "فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأن اليوم سيبينه وستمتحن النار كل واحد ما هو" (1 كو 3: 13).وقال أيضًا "كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه"، ولم يقل "بحسب إيمانه" أو "بحسب النعمة"وعن الدينونة حسب الأعمال قال بطرس الرسول عن الأب "الذي يحكم بغير محاباة حسب عمل كل واحد، فسيروا زمان غربتكم بخوف" (1 بط 1: 17).فإن كانت الأعمال على هذه الدرجة من الخطورة -خيرًا كانت أم شرًا- بحيث يدان الإنسان بموجبها، فهل يجرؤ أحد أن يقلل من قيمة الأعمال وأهميتها؟! إن كان الله لا ينسى "كأس الماء البارد" فلا يضيع أجره، ولا ينسى أبدًا تعب المحبة، "إذن يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غبر متزعزعين، مكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلًا في الرب" (1 كو 15: 58).إن الأعمال هامة جدًا في طريق خلاصنا، وهامة في تحديد مصيرنا الأبدي، فلنتأمل إذن كم هي لازمة.... قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث عن كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي
المزيد
24 أغسطس 2021

يوم الدينونة ، يوم الرب يهوه هو يوم يسوع المسيح، فمن يكون غير الله؟

يوم الرب يهوه هو يوم مجيء المسيح الدَيان: يتكلم العهد القديم عن يوم الدَّينونة العامة مستعملاً تعبير مثل: يوم يهوه (الرب) العظيم، اليوم الرهيب والمخوف، يوم الدينونة العامة.ونجد في العهد الجديد أن الرب يسوع المسيح ينسب هذا اليوم له! والرُسل القديسون ينسبون أيضاً هذا اليوم للرب يسوع المسيح. أمثلة من العهد القديم، عن يوم الرب يهوه: ولولوا لان يوم الرب (يهوه) قريب، قادم كخراب من القدر على كل شيء ( أشعياء 6:13) هوذا يوم الرب (يهوه) قادم، قاسياً بسخط وحمو غضب، ليجعل الأرض خراباً و يبيد منها خطاتها (اشعياء 9:13 ) اضربوا بالبوق في صهيون. صوتوا في جبل قدسيّ ليرتعد جميع سكان الارض لان يوم الرب (يهوه) قادم، لأنه قريب (يوئيل 1:2 ) قريب يوم الرب (يهوه) العظيم. قريب وسريع جداَ. صوت يوم الرب (يهوه) العظيم. يصرخ حينئذٍ الجبار مراَ ( صفنيا 14:1 ) “… ويأتي الرب الهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك (زكريا 5:14) بعد كل ما تقدم نجد أن المقصود بعبارة “يوم الرب” معنيان، فهو اليوم الذي سينتقم فيه الرب من معانديه، وكذلك يشار به إلى يوم الدينونة. أمثله من العهد الجديد عن يوم الرب يسوع المسيح: لنقارن الآيات السابقة تكلمت عن يهوه، بالآيات الواردة في العهد الجديد عن الرب يسوع المسيح.ونبدأ بأية النبي زكريا السابقة“… ويأتي الرب إلهي (يهوه إيلوهي) وجميع القديسين معك. (زكريا 5:14) مع ما كتبه مار بولس الرسول يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة، أمام الله(إيلوهيم) أبينا في مجئ ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه” (1تسالونيكي 13:3)ونلاحظ بأن القسم الأخير من هذه الآية مطابق تماماً لما قرأناه عن الرب يهوه في سفر زكريا! ولكن القديس مار بولس استبدل إسم يهوه، بإسم يسوع المسيح! وهذا يعني أن يهوه هو يسوع المسيح له كل المجد! كذلك نقرأ في تسالونيكي الثانية إعلاناَ عجيباَ بأن يسوع هو الرب الديان، والملائكة التي تنسب لله، هي ملائكته “وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته، في نار لهيب، معطيناً نقمة للذين لا يعرفون الله، والذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع المسيح، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب (يهوه) ومن مجد قوته، متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين. لان شهادتنا عندكم صدقت في ذلك اليوم” (2تسالونيكي 1: 7- 10). وفي إنجيل القديس مار متى يسأل التلاميذ الرب يسوع المسيح عن مجيئه الثاني قائلين:” قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟”(متى 3:14). وايضاً “ومتي جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحيئنذ يجلس علي كرسي مجده” (متى 31:25 )، ويخبرنا القديس مار بولس أن يوم الرب هو يوم مجئ السيد المسيح له المجد، قائلاَ “… كما أنكم أيضاً فخرنا في يوم الرب يسوع” (2 كورنثوس 14:1) “واثقاً بهذا عينه أن الذي ابتأ فيكم عملاً صالحاً يكمل إلى يوم يسوع المسيح” (فيلبي 6:1) “لان من هو رجاؤنا وفرحنا وإكليل إفتخارنا؟ أم لستم أنتم ايضاً امام ربنا يسوع المسيح في مجيئه؟” (1 تسالونيكي 19:2) هوذا يأتي (المسيح) مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم أمين” (رؤيا 7:1) يقول الشاهد بهذا: نعم! أنا أتي سريعاً. أمين. تعال أيها الرب يسوع” (رؤيا 20:22) بعد كل ما تقدم نجد ان يوم الرب يهوه في العهد القديم، هو نفسه يوم الرب يسوع المسيح في العهد الجديد، الذي سيأتي ثانية لدينونة العالم! فالنبوءات المكتوبة عن مجيء الرب يهوه، هي نفسها المكتوبة عن مجئ الرب يسوع المسيح، لان يهوه هو يسوع المسيح. للأب أنطونيوس لحدو
المزيد
23 أغسطس 2021

ضد المسيح في الكتاب المقدس

من هو ضد المسيح وما هي أوصافه: ويجيبنا الوحي الإلهي على هذا السؤال في كل من العهدين القديم الجديد ؛ 1 - يقول الوحي الإلهي في رسالتي القديس يوحنا الأولي والثانية " أيها الأولاد إنها الساعة الأخيرة. وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار ألان أضداد للمسيح كثيرون. من هنا نعلم إنها الساعة الأخيرة. منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا 000 من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الأب والابن " (1يو18: 2،22)." وكل روح لا يعترف بيسوع (المسيح انه جاء في الجسد) فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي والآني هو في العالم " (1يو4: 3)." لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد. هذا المضل والضد للمسيح " (2يو7: 1).ويقول السيد المسيح وهو يشرح لتلاميذه علامات مجيئه " فأن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين " (مت5: 24؛مر6: 13؛ لو8: 21)، " لأنه سيقوم مسحاء كذبه وأنبياء كذبه ويعطون آيات كثيرة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24؛مر 22: 13).وقال للكهنة والكتبة والفريسيين " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). إذا " ضد المسيح هو: " كذاب ومضل ومخادع " وينكر أن يسوع هو المسيح، وهذا ما فعله اليهود.وهو الآخر أو البديل أو الضد والكذاب الذي سيأتي باسم نفسه ويزعم أنه المسيح الحقيقي ومع ذلك سيقبله اليهود على الرغم من رفضهم للمسيح الحقيقي الذي أتى باسم الاب وسلطانه!! كما أنه ينكر التجسد وان المسيح قد جاء في الجسد أو هو الله وقد ظهر في الجسد، وهذا ينطبق علي الفكر اليهودي الذي رفض التجسد وأعتبر أقوال المسيح الدالة على لاهوته وبنوته للآب ومساواته له ووحدته في الذات الإلهية من قبيل التجديف!! بل وقد أدت به عدة مرات للرجم ثم للموت (أنظر يو 5؛ 33: 10 ؛ مر62: 14-64). كما ينطبق على كل فكر رافض لعقيدة التجسد ولاهوت المسيح علي مر العصور. كما يشير السيد المسيح إلي شخصيات معينه، أفراد، غالبا من اليهود، سيدّعي كل واحد منهم انه المسيح. وهذا حدث فعلا في تاريخ اليهود وسيتكرر حتى يأتي الشخص الذي سيصدقه اليهود فعلا ويتصوروا انه المسيح. كما يتكلم القديس يوحنا عن أضداد كثيرين للسيد المسيح مرتبطين بالساعة الأخيرة ومع ذلك فقد خرج بعضهم في أيامه وكانوا مرتدين على المسيحية وخارجين عليها " منا خرجوا "، مما يعنى أن هناك أضداد كثيرين سيظهرون على مر التاريخ حتى يأتي الضد الرئيسي، الكذاب والدجال، الذي سيزعم أنه المسيح والذي يصفه السيد المسيح بالآخر. 2 - وفي حديث القديس بولس بالروح القدس يتكلم عن هذا الشخص المحدد والمعين والذي يسميه بإنسان الخطية الأثيم والمخادع وابن الهلاك والمقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إله والذي تتجسم فيه كل أوصاف المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة الذين تحدث عنهم السيد المسيح، وضد المسيح في رسالتي القديس يوحنا الثانية والثالثة، والذي تظهر صورته بوضوح أكثر في وحش سفر الرؤيا. هذا الأثيم، ضد المسيح، المسيح الكذاب والدجال، إنسان الخطية وابن الهلاك الذي سيسبق مجيئه وظهوره المجيء الثاني للسيد المسيح مباشرة ويتخذ لنفسه الكثير من صفات المسيح وألقابه فيصف نفسه بصفات الله ويزعم أنه إله، بل ويرفع نفسه على الله!! ويعمل آيات كاذبة وعجائب كاذبة وذلك بمساعدة القوي الشيطانية، وسيخدع الهالكين لإتباعه، وستكون نهايته بعمل المسيح مباشرة في مجيئه الثاني، يقول الوحي الإلهي: " ثم نسألكم أيها الاخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح واجتماعنا إليه، أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم أحد على طريقة ما لأنه لا يأتي أن لم يأت الارتداد أولا ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك المقاوم والمرتفع على كل ما يدعى إلها أو معبودا حتى انه يجلس في هيكل الله كإله مظهرا نفسه انه اله. أما تذكرون أنى وأنا بعد عندكم كنت أقول لكم هذا. والآن تعلمون ما يحجز حتى يستعلن في وقته، لان سر الإثم الآن يعمل فقط إلي أن يرفع من الوسط الذي يحجز الآن وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا " (2تس1: 2-10). 3 - أما في سفر الرؤيا فقد اخذ الوحش، الذي هو أداة الشيطان وعميله وضد المسيح، أسوأ ما في صفات الإمبراطوريات السابقة للإمبراطورية الرومانية ؛ شراسة النمر ولونه وافتراسه، وفم الدب وشراهته وميله لسفك الدماء، وقوة وتصلب الأسد وتكبره. ومع ذلك فله كل ضعف الإنسان حيث أن رقمه هو " 666 " والذي يعنى النقص المركب " يقول القديس يوحنا وهو في الروح: " ثم وقفت على رمل البحر فرأيت وحشا طالعا من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى قرونه عشرة تيجان وعلى رؤوسه اسم تجديف. والوحش الذي رايته كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما. ورأيت واحدا من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي وتعجبت كل الأرض وراء الوحش. وسجدوا للتنين الذي أعطى السلطان للوحش وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش من يستطيع أن يحاربه، وأعطى فما يتكلم بعظائم وتجاديف وأعطى سلطانا أن يفعل اثنين وأربعين شهرا، ففتح فمه بالتجديف على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء. وأعطي أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة، فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح 000 ويجعل الجميع الصغار والكبار والأغنياء والفقراء والأحرار والعبيد تصنع لهم سمة على يدهم اليمنى أو على جبهتهم وأن لا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع ألا من له السمة أو اسم الوحش أو عدد اسمه. هنا الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون"(رؤ1: 13-18).وقد درس العلماء رقم " 666 "، عدد الوحش الذي يقول الروح القدس أنه " عدد إنسان " على أساسين ؛ الأول: هو حساب القيمة العددية لكل حرف في أي اسم، لأن اللغات العبرية واليونانية والرومانية ليس بها أرقام وإنما تستخدم حروف تمثل هذه الأرقام حيث يمثل حرف A في اليونانية والرومانية رقم (1) وحرف В رقم (2) وهكذا وعلى سبيل تكوّن حروف كلمة لاتينوس Lateinos سواء في اللاتينية أو اليونانية رقم (666)، كما نرى في الشكل المجاور، وهكذا كلمة Neroفي اللاتينية واليونانية، ومن ثم فقد قيل أن المقصود بالوحش هو الإمبراطور الروماني " نيرون "، خاصة أن كلمة Neron Caesar في العبرية هي Qsrnron نيرون قيصر ويكوّن أجمالي عدد حروفها (100+60+200+50+200+6+50=666). ولكن هذا العدد ينطبق على أسماء كثيرة مثل نابليون وكرومويل ومارتن لوثر وبعض باباوات الفاتيكان!! والأساس الثاني: هو دراسة العدد (666) من جهة المعنى الرمزي لكل رقم حيث يمثل رقم (6) الإنسان في نقصه، كما يقول الروح " فانه عدد إنسان "، كما يمثل الديانة الزائفة بالمقابلة مع رقم (7) الذي يمثل الكمال، وتكرار رقم (6) ؛ (666)، يعنى النقص الإنساني المركب للوحش، المسيح الكذاب، ضد المسيح، وضعفه وعجزه بالمقابلة مع كمال المسيح المطلق الذي كان مجرباً " في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4: 15)، وسلطانه المطلق على الكون وقدرته على كل شئ. 4 - أما سفر دانيال (ص 7) فيصف ضد المسيح الخارج من فروع الإمبراطورية الرومانية العشرة بقوله " بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل وإذا بحيوان رابع هائل وقوي وشديد جدا وله أسنان من حديد كبيرة أكل وسحق وداس الباقي برجليه وكان مخالفا لكل الحيوانات الذين قبله وله عشرة قرون. كنت متأملا بالقرون وإذا بقرن آخر صغير طلع بينها وقلعت ثلاثة من القرون الأولى من قدامه وإذا بعيون كعيون الإنسان في هذا القرن وفم متكلم بعظائم 000 كنت انظر حينئذ من اجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن كنت أرى إلي أن قتل الحيوان وهلك جسمه ودفع لوقيد النار 000 هذا القرن له عيون وفم متكلم بعظائم ومنظره اشد من رفقائه. وكنت انظر وإذا هذا القرن يحارب القديسين فغلبهم، حتى جاء القديم الأيام وأعطى الدين لقديسي العلي وبلغ الوقت فامتلك القديسون المملكة 000 ويتكلم بكلام ضد العلي ويبلي قديسي العلي ويظن انه يغير الأوقات والسنة ويسلمون ليده إلي زمان وأزمنة ونصف زمان. فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا إلي المنتهى " (دا8: 7-11،21-25). 5 - ويصف سفر دانيال (ص 8) ما فعلة الملك السوري أنتيوخس ابيفانس (175 - 164 ق م) القرن الصغير (حرفيا قرن من الصغر) الخارج من أحد أفرع الإمبراطورية اليونانية الأربعة والذي دنس الهيكل ووضع فيه رجسة الخراب وأبطل المحرقة الدائمة مدة ثلاث سنين ونصف، وأقام العبادة الوثنية ووضع تمثال للوثن جوبيتر في قدس الأقداس ومنعهم من حفظ السبت والاحتفال بأعيادهم مدة ثلاث سنين ونصف وقتل منهم الآلاف وسبى الآلاف وصار نموذجا مصغرا لضد المسيح، ووصفه علماء الكتاب المقدس بضد المسيح العهد القديم: " وتعظم حتى إلي جند السماوات وطرح بعضا من الجند والنجوم إلي الأرض وداسهم. وحتى إلي رئيس الجند تعظم وبه أبطلت المحرقة الدائمة وهدم مسكن مقدسه، وجعل جند على المحرقة الدائمة بالمعصية فطرح الحق على الأرض وفعل ونجح 000 وفي أخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل، وتعظم قوته ولكن ليس بقوته يهلك عجبا وينجح ويفعل ويبيد العظماء وشعب القديسين. وبحذاقته ينجح أيضا المكر في يده ويتعظم بقلبه وفي الاطمئنان يهلك كثيرين ويقوم على رئيس الرؤساء وبلا يد ينكسر " (دا10: 8-12،23-25). 6 - ويعود دانيال النبي للحديث ثانية عن ضد المسيح الآتي في آخر الأيام ويذكر نفس الصفات التي ذكرها عنه القديس بولس فيقول: " ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل اله ويتكلم بأمور عجيبة على اله الآلهة وينجح إلي إتمام الغضب لان المقضي به يجرى. ولا يبالي بآلهة آبائه ولا بشهوة النساء وبكل اله لا يبالي لأنه يتعظم على الكل " (دا36: 11،37).وتتفق جميع هذه النبوات في وصف هذا الشخص، المسيح الكذاب والدجال، ضد المسيح، الأثيم أبن الهلاك، إنسان الخطية، المجدف على الله ومدعى الألوهية، الوحش الخارج من البحر والمعطى لنفسه لقب المسيح وصفات الله. ويتضح لنا ذلك بوضوح في مقارنة نبوات دانيال مع إعلانات العهد الجديد: القرن الصغير في دانيال ص 7 والوحش في رؤيا ص 13 (1) يخرج القرن من أحد ممالك الإمبراطورية الرومانية العشرة، ويمثل الوحش الإمبراطورية الرومانية ذاتها (د 71: 8،24 ؛ رؤ 13: 2). (2) سيحكم كل منهم مده رمزيه عبارة عن ثلاث سنوات ونصف، مذكورة في سفر دانيال ﺑ " زمان وزمانين ونصف "، وفي رؤيا ﺑ " اثنين والأربعين شهرا "، (دا7: 25 ؛ رؤ 13: 5). (3) كل منهم سيغلب القديسين ويذلهم لفترة (دا 7: 21؛ رؤ 13: 10). (4)كل منهم سيبلي قديسي العلي (د 71: 15؛ رؤ 12: 13؛ 13: 12). (5) كل منهم سيجدف علي الله العلي ويتكلم بكلام ضده (د71: 25 ؛ رؤ 13: 5،6)0 (6) وكل منهم سيهزم ويباد في المجيء الثاني للسيد المسيح (د71: 11؛ رؤ19: 20). القرن الصغير في سفر دانيال ص8 وإنسان الخطية في 2 تسالونيكي والوحش في سفر الرؤيا ؛ كان ضد المسيح الذي جاء في القرن الثاني ق. م صوره مصغرة كما سنري لما سيفعله ضد المسيح السابق للمجيء الثاني والدينونة في المستقبل، فهو دائما وفي كل عصر ضد أولاد الله وعدوهم الروحي وسيفعل في مجيئه النهائي قبل الدينونة ما سبق إن فعله كل ضد للمسيح علي مدي العصور، خاصة في القرن الثاني ق. م. واكثر بكثير، فقد كان القديم صوره مجسمه ومصغرة للثاني ورمزا له. وهذا ما تبينه المقارنة التالية: (1) كل منهما غزا كثيرا (د 8: 9 ؛ رؤ 13: 4). (2) كل منهم سوف يمجد ذاته (د 81: 11 ؛ 2 تس 2: 4 رؤ 13: 5). (3) كل منهما سيكون سيدا للخديعة (د71: 25 ؛ 2 تس 2: 10). (4) كل منهما سيدنس الهيكل (د81: 11 ؛ متي 24: 15). (5) كل منهما سيقدم برنامج سلام كاذب (د81: 25 ؛ 1تس 5: 2،3). (6) كل منهما سيأخذ قوته من الشيطان (دا 8: 24 ؛ رؤ 13: 2). (7) كل منهما سيحارب القديسين حوالي ثلاث سنوات ونصف(د81: 14 ؛ رؤ 13: 5). (8) كل منهم سيجدف ضد الله (د81: 25؛ 2 تس 2ك 4؛ رؤ 13: 5). (9) كل منهم سيدمره الله تماما (د 81: 25 ؛ 2تس 2: 7 ؛ رؤ: 19: 19، 20). (10) كل منهما سيكره أولاد الله (د1 8: 25 ؛ رؤ 12: 13). كما تتجمع في ملك الشمال في دانيال ص 11 معظم صفات ضد المسيح سواء التي جاءت في نبوتي دانيال ص 7و8 وما جاء عن ضد المسيح في العهد الجيد أيضا. فهو سيدنس هيكل الله ويغوي أولاد الله ويحاول أن يضلهم بالتملقات والغواية، ويعثر بعضهم إلي الميعاد، ويرتفع علي كل إله ويجدف ضد الله. ثم يبلغ نهايته علي يد الله ولن يوجد من يعينه. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطر عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد
22 أغسطس 2021

ميمر إصعاد جسد العذراء مريم للقديس كيرلس السكندري 16 مسرى

أيها الأخوة الأحباء أعيروني أذاناً صاغية وقلوباً واعية كي أقص عليكم أنا الحقير كيرلس بطريرك الاسكندرية ما وجدته مكتوباً بأيدي سادتنا الآباء الرسل الأطهار معززاً بشهادة القديس يوحنا البتول حبيب ربنا يسوع المسيح بخصوص صعود جسد السيدة العذراء فى مثل هذا اليوم الذى هو السادس من شهر مسرى ووجوده تحت شجرة الحياة التى بسطت أغصانها عليه بأمر الثالوث الأقدس الإله الواحد الذى ينبغي له السجود والعظمة إلى دهر الداهرين وتفصيل ذلك أنه لما كان بعد نياح السيدة العذراء فى اليوم الحادي والعشرين من شهر طوبة حيث أنتشرت رائحة زكية لم يشتم مثلها من قبل وصوت من السماء يقول طوباك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك وبعد أن دفنت داخل جثسيماني بحقل يهوشافاط بإرشاد الروح القدس، وبواسطة الرسل الأطهار الذين إستمروا يقدمون الصلوات من حين لآخر أمام قبرها الطاهر حتى السادس عشر من شهر مسرى فأشرق عليهم نور سمائي فى الوقت الذى كانوا فيه يسبحون ويرتلون أمام باب المغارة الموضوع فيها جسدها الطاهر وسمعوا أصوات تهليل وتسابيح روحانية ونغمات ملائكية ولم يعلموا سر ذلك؛ فإن الإله له المجد أراد أن يرفع جسد والدته على أجنحة ملائكته النورانية فأرسل طغمة منهم لإتمام ذلك حسب مشيئته، وكان توما أحد الرسل ببلاد الهند ولم يحضر اليوم الذى تنيحت فيه السيدة العذراء لسر لا يعلمه أحد ما ولما كان هذا التلميذ لا يؤمن ما لم يره؛ أراد الله أن يظهر له هذا السر العظيم فأرسل سحابة نورانية وأمره بواسطه الروح القدس أن يعلوها قاصداً موضع جثسيماني بحقل يهوشافاط حيث هناك أخوته الرسل وبينما هو على السحابة إذ رآى طغمة الملائكة تحمل جسد السيدة العذراء؛ فإستفسر عن حقيقة الحال فقيل له أن هذا هو جسد السيدة العذراء مرتمريم التى تنيحت وأمرنا السيد أن نحمله ونصعد به إلى فردوس النعيم ففرح كثيراً وسجد لها وقبل جسدها وطوبها، ثم أنزلته السحابة عند الرسل فسلم على أخوته وقالوا له ما الذى أخرك عن الحضور يوم نياحة العذراء لترى العجائب التى ظهرت على يديها، حقاً لقد فاتك أمر عظيم جداً فأجابهم : إن الروح القدس أعلمني بكل شيء فى حينه وأني كنت مشتغلاً وقتها فى عماد أكلوديا ابنه ملك الهند وها قد أتيت الآن وليَّ رغبة شديدة فى أن أنظر جسد سيدتي(يقصد بذلك ألا يخبرهم بحقيقة ما رآه مباشرة بل أراد تمهيد الطريق أولاً حتى لا يزعج أخوته) فأجابوه قائلين : أنه داخل المغارة ويصعب علينا رفع الحجر عن باب القبر لجسامته، فقال : أنا لا أصدق جميع ما تقولونه إن لم آره بعيني، فأجابوه : ألم تزل فى شكوك حتى الآن، ونسيت ما فعلته يوم قيامة المخلص، فقال : أنا هو توما الذى لا يصدق إلا إذا رآى، فقاموا معه ودحرجوا الحجر عن باب القبر بعد عناء شديد، ثم دخلوا إلى داخل فلم يجدوا جسد العذراء فوقفوا باهتين متحيرين وهم يقولون ما الذي حدث؟! فوقف توما بينهم وهم حيارى وقال لهم لا تحزنوا يا أخوتي لأني رآيت اليوم جسد سيدتي العذراء محمولاً على أجنحة الملائكة وقت أن كنت آتياً على السحابة فطلبت إليهم أن يخبروني فأجابوني أن هذا جسد السيدة العذراء نحمله إلى الفردوس بأمر السيد المسيح فقبلته وتباركت منه وطوبته فتعجبوا جداً لأجل ذلك ومجدوا الله ..... أيتها الخدر الملوكي إن الروح القدس حل عليك وقوة العليَّ ظللتط لأن المولود منك حقاً هو كلمة الله وابن الآب الذى لا إبتداء له ولا نهاية، قد أتى وخلصنا من خطايانا، أنت أصل ذرية داود التى ولدت لنا مخلصنا يسوع المسيح وحيد الأب قبل كل الدهور، أنت القبة المدعوة قدس الأقداس والتابوت المصفح بالذهب من كل جانب، وألواح العهد المكتوبة بأصبع الله، والقسط الذهب والمن مخفى فيه مثال ابن الله الذى أتى وحل فيه وتجسد بوحدانية غير مفترقة؛ دعيتي أم الله الملك الحقيقي ومن بعد الميلاد بقيتي عذراء كما قال حزقيال النبي يا مريم ممجد هو عمانوئيل الذى ولدتيه من أجل هذا حفظك بغير فساد، تشبهتي بالسلم الذى رآه يعقوب مرتفعاً إلى علو السماء، السلام لك أيتها المنارة النقية التى حملت مصباح اللاهوت، إفرحي يا رجاء خلاص المسكونة كلها لأنه من أجل طهارتك صرنا أحراراً من لعنة حواء ومن أجلك صرناً مسكناً للروح القدس هذا الذى حل عليك وطهرك، من أجل هذا نحن نعيد عيداً روحانياً صارخين مع الملك داود المرتل قائلين قم يارب إلى راحتك أنت وتابوت موضع قدسك الذى إخترته الذى هو أنت يا مريم العذراء، السلام لك أيتها المائدة الروحانية التى منها أخذ خبز الحياة لكل أحد، السلام لك يا فخرنا ورجاءنا وثباتنا بظهور إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح منك، نعظمك بإستحقاق مع أليصابات نسيبتك قائلين : "مباركة أنت فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنك" السلام لفخر جنسنا التى ولدت لنا عمانوئيل نسألك أذكرينا أيتها الشفيعة الأمينة عند ابنك الحبيب ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا ويسامحنا على هفواتنا ويثبتنا على الإيمان المستقيم إلى النفس الآخير الذى له المجد الدائم إلى الأبد أمين.
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل