المقالات

19 سبتمبر 2021

الخادم ومحبته لإخوته الخدام

المحبة هي أهم علامات أننا تلاميذ السيد المسيح «بهذا يَعرِفُ الجميعُ أنَّكُمْ تلاميذي: إنْ كانَ لكُمْ حُبٌّ بَعضًا لبَعضٍ» (يو13: 35). المحبة هي مكان سكنى واستقرار المسيح، بل هي علامة وجوده... لهذا فقبل أن تفكر في متطلبات الخدمة فكر أولًا في محبتك لكل من حولك وبخاصة لإخوتك الخدام... أقوى درس سيبقى في نفوس المخدومين هو المحبة التي يلمسها المخدوم بين الخدام بعضهم لبعض... وفي غياب المحبة يبطل كل شيء... يبطل التعب وتبطل المعرفة وتبطل الأنشطة... وكأنك ألقيت ماء في كيس مثقوب. والمحبة تُلحَظ دون كلام وتُفهَم دون تفسير، لذلك فهي تسري في النفس، وتعلّم أكثر من التعاليم، وتبقى أكثر من الدروس. فإن حضر إلينا المخدومون ورأوا ولمسوا المحبة الحقيقية، فقد سلمناهم أسمى التعاليم، وإن لم يروا المحبة فقد أعثرناهم في جميع التعاليم. فكيف نتكلم عن الله ونحن لا نحب بعضنا بعضًا، فهذا يقدم دليلًا قاطعًا لعدم معرفة الله «مَنْ لا يُحِبُّ لَمْ يَعرِفِ اللهَ، لأنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ» (1يو4: 8)، «مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أخاهُ أيضًا» (1يو4: 21)، لأنَّ مَنْ لا يُحِبُّ أخاهُ الّذي أبصَرَهُ، كيفَ يَقدِرُ أنْ يُحِبَّ اللهَ الّذي لَمْ يُبصِرهُ؟ فرق كبير بين المحبة التي مصدرها المبادئ الإنسانية، أو المبادئ الإلهية. فرق بين المحبة المحدودة بالمبادئ البشرية، والمحبة التي ينبوعها محبة الله نفسه، هذه المحبة التي تكلم عنها لسان العطر بولس أنها تحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء. هذه المحبة التي مصدرها الله، وعلى مثال محبة الله التي تجعل القلب أكثر اتساعًا من السماء، وتخترقه حتى يصير بلا جدران، لأنه «إنْ كانَ اللهُ قد أحَبَّنا هكذا، يَنبَغي لنا أيضًا أنْ يُحِبَّ بَعضُنا بَعضًا» (1يو4: 11). فمن أراد أن يأخذ فضيلة المحبة لا يتعب كثيرًا ولا يذهب بعيدًا، بل ينظر إلى مقدار فيض محبة وقبول الله له هو شخصيًا، ويدرك كم سامحه الله، كم تأنى عليه، كم أعطاه وهو لا يستحق، فيمتلئ بها ويشبع بها ويفيض على الآخرين، إذ أن «اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لنا، لأنَّهُ ونَحنُ بَعدُ خُطاةٌ ماتَ المَسيحُ لأجلِنا» (رو5: 8). ماذا يفيد تعب الخدمة ومواهب الخدام وأنشتطهم دون محبة؟ أحبائي... الله يسكن حيث المحبة، والمحبة أهم إعلان عن الله، وتسلمنا من معلمينا أن المحبة في الخدمة أهم من الخدمة. أيها الرب القدوس المستريح في قديسيك، هب لنا حبًا يليق بخدامك وسفرائك الذين هم خدام محبتك، فنعبّر عن فيض محبتك التي انسكبت في قلوبنا بروحك القدوس المعطى لنا. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
18 سبتمبر 2021

«لاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ»

قال ربنا يسوع هذا القول الإلهي ليرفع عنا ثقل ونير الهمّ. أولاً: لأنّه مهتم بمستقبلنا، ليس للغد فقط، بل بمستقبلنا الأبدي، فإن كان الأمر كذلك وقد وضعنا الغد في يده، فما أسعده غد! كثيرًا ما نضع أمرًا يخصّنا في عهدة إنسان كبير أو حكيم أو صاحب سلطان من أيّ نوع. ونطمئن أنّ هذا الموضوع صار في عنايته ونحن نثق فيه.. فكم بالأولى إذا سمعنا أنّ أبانا السماوي مهتمّ بنا ويرعى حياتنا بعنايته الفائقة. لقد عرَّفنا الرب يسوع على الآب، وقال: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا أَبَانَا» (لو11: 2)، وقال: «الآب نَفْسهُ يُحِبُّكُمْ» (يو16: 27)، ومن جهة الاحتياجات قال: «لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ» (مت6: 8).. وقال: «فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ (وأنتم أباء) تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (مت7: 11). ولكشف الأمر بأكثر عمق قال: «حَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ» (مت10: 30). وليس في الأمر تشبيه ولا مغالاة، فقول المسيح هو الحقّ كلّ الحقّ. فتفكر يا أخي أنّ عناية الآب السماوي تشمل حياتك، الأمور الكبيرة والصغيرة معًا.. حتّى شعر رأسك معدود، واحدة منه لا تسقط بدون إذن أبيك. أتذكر لمّا أُصيب أبونا بيشوي كامل بمرض السرطان وبدأ العلاج الكيماوي، تساقط شعر رأسه ولحيته، فلمّا رأى أن‍چ‍يل زوجته منزعجة، قال لها: ألا تعلمين أنّ كلّ شعرة سقطت بإذن الآب. ثانياً: الغد بالنسبة لأي إنسان مجهول.. قال الرسول يعقوب: «أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ» (يع4: 14). فماذا ينفع إن كان الإنسان (يعول) الهَمّ من جهة الغد؟ هل يغيِّر هذا شيئًا؟ أمّا أبونا السماوي فهو غير الزمني ليس عنده ماض ولا مستقبل، بل الكلّ مكشوف، معروف، ليس شيءٌ مَخفيًّا أو مجهولاً. قال الحكيم: «الْغَمُّ (الهم) فِي قَلْبِ الرَّجُلِ يُحْنِيهِ» (أم12: 25) وهذا حقٌّ. الإنسان (عوّال) الهموم، كثير الأوجاع وكثير الأمراض، ليس من جهة الجسد فقط، بل الهموم تجعل نفسه في اضطرابٍ وخوف وتوجس، تُرى ماذا يخبئ الزمن؟ وهذا ضدّ الثقة والإيمان في الله مدبر أمورنا. إنّ حياة الاتكال على الله مريحة، تملأ النفس سلامًا وطمأنينة «أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ» (مز55: 22)، «وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟» (مت6: 27). قال لنا ربنا: «اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا... تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو... إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا» (مت6: 26–30). لنا في حياة أبائنا القدّيسين الذين ألقوا رجاءهم بالتمام على الله، أعظم دروس الإيمان والثقة بالله والاتكال عليه وحده. لقد عال الذين سكنوا الجبال والمغائر وشقوق الأرض. واعتنى بالذين ساحوا (طافوا) جائلين في جلود غنم وجلود مِعزى، مكروبين ومُذلين.. وفى الواقع «لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ» (عب11: 38). ثالثاً: قد تتوقّع بحسب فكرك أنّك ستواجه مشاكل أو أمورًا صعبة أو أشياء مخيفة.. وتظلّ مهمومًا قلِقًا، وقد تأتي الأمور على غير توقع. كنت أقرأ في سفر التكوين عن يعقوب أب الآباء، لما ترك خاله لابان وقصد أن يرجع.. وكان الخوف كلّ الخوف من أخيه عيسو. لقد صارت قطيعة بينهما أكثر من عشرين عامًا.. وقتها هرب يعقوب من وجه عيسو لأنّ عيسو كان مفتكرًا أن يقتله. وقد ملك الخوف على يعقوب وصار يتفكّر عسى ماذا سيحدث، وصار مهمومًا وطار نومه.. وصارعه إنسان حتى الفجر. ولما اقترب من المكان قال: أسترضي وجه أخي بالهدية.. فعمل قطعان صغيرة من الغنم والبقر.. وجعلها تسير أمامه وأوصى الغلمان أن يقولوا: هذه هدية لعيسو. وكان عيسو قد جهّز نفسه للقاء أخيه، ومعه أربعمائة رجل، وهذا ألقى الرعب بالأكثر في قلب يعقوب. ثم من كثرة الخوف أيضًا رتّب بمكرٍ أملاكه وأسرته.. جاعلاً الخادمات وأولادهن أولاً.. ثم ليئة وأولادها.. وأخيرًا راحيل وابنها.. وكأنه يقول إن أصابه الشر.. فأبقى المحبوبة آخر الكل. ولكن للعجب العجاب كانت كلّ هذه التهيؤات وهذا الهم القاتل مجرد نتاج الفكر البشري، الذي إذا سلّم الإنسان نفسه له يتزايد، لأنّ الفكر الرديء لا يقف عند حَدّ. ولك أن تتخيّل كيف قابل عيسو يعقوب بالأحضان والبكاء والكرم والشهامة. وقد نسى الإساءة وغلَّب الحُبّ والأُخوّة، وتبدّدت مخاوف يعقوب، وحسب كلّ ما عاناه من الهم في حساب الخسارة وبقت عنده بقيّة من ظلّ الخوف، فطلب من أخيه أن يرحل واعتذر له أنّه يريد أن يسوق على مهل لئلا يكدّ الأملاك، ثم إذ وصل لم يسكن في كنعان بل عبر الأردن إلى سكوت ثم إلى شكيم. بقِيَ أن ندرك الفرق الهائل بين الهموم والاهتمام: فالاهتمام بالأمور يُظهِر الروح المسيحيّة في العناية والتدبير، ويبرهن على الأمانة في العمل الموكَّل به إلينا لكي نعمله بدِقة وأمانة واخلاص، وهو ضدّ التواكل والكسل واللامبالاة. فالإنسان المسيحي السالك بالتدقيق هو كثير الاهتمام، كثير العمل، دقيق في كلّ طرقه، طالب أن يرضي الرب في كلّ شيء، وبحسب مسئوليته التي من الله يتدبّر الأمور بالحكمة. أمّا أن (يعول) الإنسان الهمّ ويصير مهمومًا، مُضطربًا وخائفًا ومتشائمًا من المستقبل.. فنجده دائمًا قد فَقَد حتى الابتسامة والفرح.. ويُصاب بالكآبة ولا يتوقّع الخير. وهذا كلّه ضدّ الإيمان وضدّ الرجاء بالرب وضدّ الاتكال عليه. قال المرنم: «إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مز23: 4)، وقال: «وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ... فَفِي ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ» (مز46: 2، 27: 3). وقال عن الرجل الخائف الرب إنّه «لاَ يَخْشَى مِنْ خَبَرِ سُوءٍ. قَلْبُهُ ثَابِتٌ مُتَّكِلاً عَلَى الرَّبِّ» (مز112: 7)، وقال: إنّ «الْمُتَوَكِّلُ عَلَى الرَّبِّ فَالرَّحْمَةُ تُحِيطُ بِهِ» (مز32: 10). يا أخي ضعْ كلمات الرب يسوع أمامك كلّ يوم.. يكفي اليوم.. يكفي أن نُقدِّس اليوم وبعمل اليوم، قال الرب في المَثَل: «يَا ابْنِي، اذْهَب الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي» (مت28: 21). وهذا المنهج الإلهي مريح للنفس، يطرد عنها الهموم، إذ تتسلم اليوم جديدًا في كلّ صباح تشكره وتعمل لحسابه على قدر المستطاع. أمّا الغد فهو مضمون بضمان إلهي أنّه في تدبير الرب الصالح، الذي وهو مُخَبَّأ عنّا ولكنّه في يد الآب، كمثل ما يخفي الأب يده عن الابن ويقول له: خمّن ماذا في يدي وماذا أخبئ لك؟ بكلّ تأكيد ما يخفيه الآب هو أفضل وأعظم ممّا نظنّ أو نفتكر. المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
17 سبتمبر 2021

خمسة علامات متواجدة مع الشهداء

أريد أن أتكلم معكم اليوم عن خمسة علامات متواجدة مع الشهداء …ليست فقط في العصور القديمة بل في العصور الحديثة أيضا ولماذا خمسة …كأصابع اليد والرقم نفسه يعبر عن القوة 1- فرحين بالمسيح :- لم يكن خارجيا بل داخليا كان في قلوبهم لذلك لا يمكن أن تجد أحد ذاهب لنوال الأستشهاد غير مبتهج سأقص لكم حكاية ” في صعيد مصر كان هناك شماس يسمى تيموثاوس متزوج منذ ثلاثة أسابيع عروسته أسمها موره. وتم القبض عليه بتهمة إيمانه المسيحي وعندما سألوه عن عمله قال أنه شماس في الكنيسة يحرس كتب الصلوات. فطلبوا منه تسليم الكتب لحرقها فرفض قائلا لا أحد يسلم أولاده وكانت الكتب مخطوطات في هذا الوقت وعندما علموا أنه متزوج حديثا ذهبوا ليضغطوا على عروسته موره وعندما طلبوا منها تسليم الكتب ردت كزوجها لا أحد يسلم أولاده . وهنا عندما رأوا أنه ليس فائدة قرروا أن يأخذوهم للأستشهاد، فطلبت موره أن يدعوها تلبس فستان زفافها ونالا الأستشهاد موره وعروسته وهما في شهر العسل. ولم نسمع للحظة أنهم كانوا مكتئبين أو متضايقيين …قمة الأبتهاج. أول علامة لهم أن قلوبهم فرحة بالمسيح لذا عند مقابلتهم للأستشهاد يقابلوه قائلين “لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح” . لذلك أيها الأحباء شئ مهم جد أن تعيش فرحا. هذا هو المسيح ما يسعدنا وجود المسيح في داخلنا. فالقديس داود يقول جعلت الرب أمامي في كل حين فلا أتزعزع لذا بداية كل قصص شهدائنا هي الفرح بالمسيح القائم هو سبب فرحك لذا كنيستنا مليئة بالصلوات والمدائح لكي نبقى مرتبطين بشخص المسيح الذي هو سبب الفرح الوحيد 2- العلامة الثانية : إرتباطهم الدائم بالكنيسة:- ليس بالمبني بل بالحياة الكنسية تعيش داخلهم. أشارككم بترنيمة “كنسيتي كنسيتي هي بيتي….هي أمي هي سر فرح حياتي” مرتبطين بالكنيسة ليس كمبني بل كحياة. القديس يوحنا ذهبي الفم له عبارة جميلة جدا ” عندما تدخل الكنيسة وترى الأب الكاهن يقتح ستر الهيكل إنه يفتح باب السماء” إرتباطهم بالكنيسة هو إرتباطهم بعضويتهم في جسد المسيح الكنيسة ليست مكان لكن إرتباط بالحياة الكنسية…إرتباط بالأسرار بالأعتراف بالتناول إرتباط بالتعليم بالخدمة . أنتم تعلمون جيدا الفرق بين كلمة “organ ” و كلمة “member” كلاهما عضو بالعربية لكن organ تعني عضو حي الجسد يحتاجه ومن دونه يكون ناقص. لكن member هي العضوية الرمزية كعضو في مؤسسة نادي …إلخ نحن كلنا أعضاء في جسد المسيح الواحد لهذا الشهداء صغار أم كبار اعضاء في جسد المسيح أغنياء فقراء تعليمهم عالي جدا أو محدود هم أعضاء في جسد المسيح . لذلك إرتباط الشهداء بالكنيسة يفوق الوصف حتى لو البلد التي أعيش بها ليست بها كنيسة . فمن يعيش في هذه البلاد يصلي من أجبيته والأبصلمودية يعيش بالفكر الكنسي يصوم ويقدم مطانياته أحكي لكم قصة أسقف شهيد عمره 86 سنة ..القديس بوليكاربوس وإسمه يعني عديد الثمر . تم القبض عليه في عمر ال86 عاما وجاءوا به لساحة الأستشهاد لينكر المسيح وعندما رفض أرهبوه أنهم سيطلقوا عليه الوحوش فقال عبارة خالدة في التاريخ ( 86 سنة أخدمه ولم يصنع بي شرا فكيف لي ان أنكره الآن) فأطلقوا الوحوش عليه. في ظرف دقائق كانت قد إلتهمته الوحوش الجائعة فأسرع المؤمنين بمناديل ليأخذوا من دمه وما تبقى من جسده لتكون ذخائر غالية وسيرته تعيش الى اليوم لكن من قتلوه وإستشهد على يديهم لا أحد يعرفهم …ككتب السياسة صاروا في مزبلة التاريخ لذلك لا تهمل عضويتك في الكنيسة وأنت تربي أولادك فهي تبني مستقبل وشكل الأنسان 3- العلامة الثالثة: التعزية الدائمة بكلمات الأنجيل :- في ناموسه يلهج نهارا وليلا . في بعض الأحيان يخطئ الأنسان ويكون عنده قراءة بعض الأمور أهم من الأنجيل ..برغم كلمات الله التي تقول فقط عيشوا كما يحق لأنجيل المسيح. كانوا يرددوا الآيات ويحفظوها ويعملوا بها في مواجهة مواقف الحياة الحياة مع المسيح فعل وعمل ( لي أشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا ، الذين في المسيح يسوع يضطهدون، إني أحسب أن آلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا ) هذه كلها وعود الكتاب. الوعود الكتابية حاضرة في ذهنهم ربي أولادك على مسامعهم آيات الأنجيل أحرسوا اولادكم بكلمة الأنجيل فهي برج حصين وكلما تقرأ الأنجيل سيزداد فرحك لأنه البشارة المفرحة 4- خدمة الناس :- أول حكاية :ولد يعمل بالنقاشة في أحدى البلدان المجاورة لمصر خريج جامعي. وكان يعمل في شغل يستغرق 20 يوما فجاء صاحب العمل في اليوم 18 أفتعل شجار معه لكي لا يعطيه أجرته وطرده لكن بعد ساعتين رجع له هذا الشاب المسيحي وقال له أنت طردتني ولن تعطيني الأجرة لكن قد اتفقت معك أني سأنهي عملي فاتركني هذين اليومين لأتمم إتفاقي معك لقد تعودت ما أقوله بلساني هو ما أفعله. فأندهش صاحب البيت وظن أنه يدبر له مكيدة لكن بعد أنتهاء اليومين وإستكمال العمل المتفق عليه إستعجب من امانته وإخلاصه …لقد تعلمت منك درسا أريدك ان تاني وتتولى كل أعمالي …شهادة للمسيح القصة الثانية : وقف المضطهد وأمامه من كان في طريقه الى الأستشهاد فليمون وأثناء تعذيبه له بالسياط جاء طرفه في عينه مما أدى الى قلع عينه فقال له فيلمون عند موتي خذ من تراب جسدي وضعه على عينك ستشفى وقد كان. وآمن بالمسيح ذلك الضابط الوثني الشهداء كانوا يخدمون حتى من كان يضطهدهم ولم يتخلى عندهم أو يسبب لهم ضرر . فمثلا عند إستشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء كان الشعب هائج امام الكنيسة فقال لمضطهديه إن قطعتم رأسي أمامهم سيهيج عليكم الشعب ..أريد أن أحفظ سلامة شعبي فخرج من باب خلفي ليحفظ سلامتهم.أنظروا الي أهالي شهدائنا اليوم كيف يسامحون 5- يعيش في سلام ومحبة:- لا يسببوا تعب لأحد كالقديسة دميانةوالعذارى. لهذا طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون. حتى في إستشهادهم صنعوا سلام. كشهداء ليبيا من كرزوا حول العالم بسلامهم. أخيرا أيها الأخوة إفرحوا بالمسيح إكملوابالكنيسة تعزوا بالأنجيل أهتموا إهتماما واحدا بالخدمة عيشوا بالسلام. وإله المحبة والسلام سيكون معكم. هذه آخر آيه في رسالة القديس بولس الرسول الثانية لأهل كورنثوس. هذه الخماسية هي خماسية حياة الشهداء الذي نحتفل بهم يوم الأثنين القادم 1 توت. في مصر خلال المجمع المقدس أصبح هناك عيد للشهداء المعاصرين هو 15 فبراير من كل سنة يتوافق مع عيد دخول المسيح الهيكل لأنهم دخلوا الهيكل السماوي ربنا يبارك الجميع لألهنا المجد الدائم آمين قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
16 سبتمبر 2021

يوحنا المعمدان

«لم يَقُم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان،ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه» (مت 11: 11) كلامٌ محيِّر!! هل يقصد المسيح نفسَه أنه أصغر من يوحنا في السنِّ؟! إن أي كلام محيِّر في الإنجيل لابد أن تجد الجواب عليه فيما بعد! فيوحنا المعمدان هو إيليا لأنه أتى بروح إيليا: «وإن أردتم أن تقبلوا، فهذا هو إيليا المُزمع أن يأتي. مَن له أُذنان للسمع فليسمع» (مت 11: 15،14) كلنا لنا آذان، ولكن المسيح قال: «لماذا لا تفهمون كلامي؟ لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي» (يو 8: 43)! «جاء يوحنا المعمدان لا يأكل خبزاً ولا يشرب خمراً، فتقولون: به شيطان» (لو 7: 33)!! جاءكم إنسان ناسك يصوم ولا يأكل إلاَّ الجراد. المسيح هنا يُقارن بين نفسه وبين يوحنا (كل الأصحاح يدور حول هذه المقارنة). كان يوحنا يأكل جراداً وعسلاً بريّاً، عاش 30 سنة في البرية، وكان يلبس ثوباً خشناً ومِنْطقة من جلد؛ أما المسيح فجاء كشخصٍ عادي يأكل ويشرب الكتبة والفرِّيسيون قالوا عن يوحنا إن به شيطاناً، وفي كل جيل توجد فئة تتكلَّم بالشرور على الآخرين. وقالوا عن المسيح الذي يأكل ويشرب مثلنا: «إنسان أكول وشريب خمر، مُحبٌّ للعشارين والخطاة» (لو 7: 34). كان يمشي ومعه جمعٌ من العُرْج والعُمي والخطاة (مت 15: 31)، وإلى هذا اليوم نجد هذا الأمر: فإذا أكل رجل الله، لا يعجبنا هذا؛ وإذا صام، لا يعجبنا أيضاً «والحكمة تبرَّرت من جميع بنيها» (لو 7: 35). أي أن الحكمة تبرَّرت من أولاد الحكمة. والحكمة الإلهية التي أرسلت يوحنا هي التي تجسَّدت في المسيح ربنا. الفرِّيسيون رفضوا مشورة الله؛ أما العشارون فاعتمدوا من يوحنا. وفي حياتنا نجد هذه الأصناف: صنف يأكل، ويشكر الله؛ صنف لا يأكل، ويشكر الله؛ صنف آخر، ينتقد هذا وذاك. ليتك، يا أخي، لا تكون من الصنف الثالث. ملكوت السموات: ما هو؟ ”ملكوت“ من كلمة ”ملك“، أي أن الله يملك: «يا ابني أعطني قلبك» (أم 23: 26)، هذا هو عرش الله.توجد قصة عن كارز بالهند، تأثر من كلامه رجل هندي، فأحضر ابنه الصغير وأعطاه للكارز كهدية عن كرازته، ولكن الكارز رفض. فأحضر له الرجل ابنه الأكبر، فرفض أيضاً. فأحضر له زوجته، فرفض. وأخيراً قدَّم له ذاته، فقَبـِلَه. فقال الرجل للكارز: ”أخدمك“. فأجابه الكارز: ”كُن معي لنعبد الله معاً ونخدم معاً“. وهكذا نحن لا يَرضَى الله منا أي شيء نمتلكه، بل قلوبنا هكذا ينبغي أن نُقدِّم للرب قلوبنا كل يوم قائلين: ”أنا أحبك من كل قلبي“. وحبُّ القلب، أن لا يفصلنا عن المسيح شيء.المسيح ليس له شيء أعظم من القلب ليتقدَّس به. وملكوت الله كائنٌ فيك، أي يملك على قلبك. وإذا ملك الله على قلبك تصير مِلْك لله. «ملكوت الله داخلكم» (لو 17: 21)، أي أن الإنسان صار كنيسة أي بيت الله. الله لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي، ولكن في قلبك الذي صنعه. ملكوت الله هو قلبك عندما يسكن الله فيه.ملكوت الله في مناداة يوحنا المعمدان: «يا أولاد الأفاعي. مَن أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي (أي يوم المسيَّا)... والآن قد وُضعت الفأس على أصل الشجر، فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار... ولكن الذي يأتي بعدي هو أقوى مني، الذي لستُ أهلاً أن أحمل حذاءه... الذي رفشه في يده (أي المذراة التي تُستخدم في تذرية القمح)، وسيُنقِّي بيدره. ويجمع قمحه إلى المخزن، وأما التبن فيُحْرِقه بنارٍ لا تُطفأ» (مت 3: 7-12). هذا هو تصوُّر يوحنا عن ملكوت الله: المسيَّا الآتي مثل ”مذراوي“ يُفرِّق بين التبن والقمح. إنه ملكٌ حازم، وحُكْمه شديد. ولكن المسيح كان وديعاً.الملك عندما يجلس على كرسيه، يُحاكم المخطئ (هنا موقف دينونة)، ويُبرِّئ البار (هنا المكافأة). ويوحنا المعمدان رأى الملكوت هكذا: الشجرة الجيدة يُكرمها الملك، والشجرة البطَّالة يقطعها.دينونة العهد القديم كانت الرجم، وكان تصوُّر اليهود للمسيَّا أنه يدين على هذه الصورة (والمثال على ذلك المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل - يو 8: 1-11). دينونة المسيح كانت من نوع آخر. المسيح جاء ليدين بالكلمة: «أنا هو نور العالم» (يو 8: 12)، «الكلام الذي أُكلِّمكم به هو روح وحياة» (يو 6: 63). فكلام المسيح يدخل قلب الإنسان، فيدين الإنسان نفسه.المسيح لم يأتِ ليدين الإنسان من خارج بأية واسطة ظاهرة، بل هو يُكلِّمك ”كلمة حياة“ تدخل إلى قلبك فتدين أنت نفسك. هذه هي دينونة المسيح: المسيح داخلك، وأنت تدين نفسك. هو لا يمسك عصا ويضربنا بها: «إن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه، لأني لم آتِ لأدين العالم بل لأُخلِّص العالم» (يو 12: 47)، أنا أُلقي الكلمة وأنت تدين نفسك: «مَن رذلني ولم يقبل كلامي فله مَن يدينه. الكلام الذي تكلَّمتُ به هو يدينه في اليوم الأخير» (يو 12: 48). كلمة المسيح هي الفأس التي قال عنها يوحنا المعمدان، تدخل قلبك وتستأصل الشر، ومثل السيف كما قال بولس الرسول: «لأن كلمة الله حية وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدَّين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ» (عب 4: 12). أي أن كلمة الله تقطع الشجرة الشريرة التي في قلبك. وكلمة الله هي الفأس، فعندما تدين نفسك بكلمة الله، فإن الكلمة تقطع الشجرة الشريرة التي فيك. وأما الشجرة الجيدة المثمرة، فهي أيضاً في قلبك، فعندما تتوب بعد سماع الكلمة، فإن هذه الشجرة تُثمر أثماراً تليق بالتوبة.وكلمة الله هي أيضاً تُنقِّي الشجرة كل يوم. وكل يوم تصلِّي وتُسبِّح وترتِّل وتتهلل، فأنت تسقي الشجرة فتنمو إلى فوق. كلمة الله في العهد الجديد هي الدينونة، وهي التعزية والفرح والتهليل. في العهد القديم: الزانية تُرجم بالحجارة؛ أما في العهد الجديد: فالزانية هي نفسي النجسة عندما أُحضرها أمام المسيح كل يوم، وهو قادر أن يُبرِّرها ويُسامحها ويقويها لكي لا تخطئ. كلمة الله هي المذراة، تنقِّي القمح من التبن. أما الإنسان الذي لا يستنير بكلمة الله، فإن نفسه تفسد وتتعفن كما يتعفن التبن مع القمح عندما يُترك بغير تذرية، فلا يصلح للإنسان قمح، ولا للحيوان تبن! لا التبن ينفع، ولا القمح أيضاً يصلح ولا لمزبلة!! هذا هو الإنسان الذي ليست له دينونة في قلبه. في العهد القديم كانت المكافأة خيرات أرضية، أما الدينونة فكانت رجماً بالحجارة. وفي العهد الجديد فالمكافأة تعزيات روحية بالخيرات السماوية، أما الدينونة بكلمة الله التي تدخل القلب فتحكم على الإنسان. الفأس هي البلطة عند الفلاحين. والبلطة هي كلمة الله. إذا دِنْتَ نفسك، تنتقل من الموت إلى الحياة. ? المتنيح القمص متى المسكين
المزيد
15 سبتمبر 2021

الله غير المحدود

إن الله تبارك اسمه له صفات كثيرة‏,‏ ولكنه في بعض هذه الصفات ينفرد بها وحده‏,‏ فمثلًا صفة الله كخالق‏.‏ فهو وحده الخالق ولا يوجد خالق سواه‏,‏ ومن صفاته التي ينفرد بها وحده أنه غير محدود‏.‏ وقد يوجد إنسان يتصف بالحكمة والمعرفة‏.‏ ولكن الحكمة عند الله غير محدودة والمعرفة غير محدودة. نستطيع بعد هذه المقدمة أن نضع هذه القاعدة, وهي أنه من صفات الله الخاصة به وحده أنه غير محدود, وهو غير محدود في المكان والزمان وفي القدرة وفي العلم وفي المعرفة وفي كل شيء. الله غير محدود من جهة المكان والزمان, فهو موجود في كل مكان, ولا يحده مكان, ولا يسعه مكان. هو في الكون كله: هو في السماء وعلي الأرض وما بينهما. هو في الجو وفي أعماق البحر, السماء هي كرسي الله, والأرض هي موطئ قدميه. هو في كل مكان, حيث يري ما يفعل الناس, ويسمع ما يقولونه. كل إنسان مضبوط أمامه. لا يستطيع أن يختفي. كما يقف البشر أمام الله علي الأرض, هكذا أيضا يقف الملائكة أمامه في السماء, أمامه القديسون يسبحون بطهارة قلوبهم, وأمامه أيضا الأشرار في أماكن شرهم. إن أشعة الشمس تدخل في الأماكن الطاهرة كما تدخل أيضا في الأماكن القذرة لكي تطهرها وتقتل جراثيمها ولا تؤثر عليها قذارتها ولا تتأثر بها.ولأن الله في كل مكان لا نقول إنه يصعد أو يهبط, ولا نقول إنه يمشي أو يتحرك. فإن صعد, إلي أين يصعد؟ وهو موجود من قبل في المكان الذي يصعد إليه! وإن قلنا إنه ينزل إلي مكان ما, فهو بلا شك موجود من قبل في ذلك المكان الذي سوف ينزل إليه, وهو لا يمشي ولا يتحرك. لأنه في كل مكان, لا يفارق موضعا إلي موضع آخر. إنه مالئ الكل, وإن وجدت آيات في الكتاب المقدس تحمل مثل هذا التعبير, فإنها لكي تقرب المعني إلي عقولنا البشرية. أو تعني ظهوره في المكان الذي يقال أنه نزل إليه أو ظهر فيه أو عمل فيه عملا فهو لا يأتي إلي مكان, ولا يفارق مكانا, ولا ينتقل من مكان إلي مكان, لأنه موجود في كل مكان, وفي كل وقت, وهو لا يأتي إلي مكان لأنه موجود في المكان الذي يقال إنه أتي إليه. إنما يظهر فيه, أو يعلن وجوده فيه, فيقال أنه أتي إليه عندما سلم الله وحي الشريعة لموسي علي الجبل, كان في نفس الوقت في السماء وعلي الأرض, وأيضا عندما كل أبانا إبراهيم ودعاه... ويسري هذا المنطق علي كل لقاءات الله مع البشر منذ أيام أبينا آدم وعلي مر الأجيال كلها. إنه غير محدود من جهة المكان.كذلك الله أيضا غير محدود من جهة الزمان. إنه أزلي أي لا بداية له. والأزلية هي من صفات الله وحده لا يشاركه فيها أحد. لأن كل الكائنات الأخرى هي مخلوقات. وكل مخلوق له بداية وقبل تلك البداية لم يكن له وجود.ولأن الله أزلي, فهو واجب الوجود, وهو موجود بالضرورة. فوجوده ضرورة تفسر وجود باقي الكائنات.وكما أن الله أزلي, فهو أيضا أبدي. فهو غير محدود من جهة الزمن, بلا بداية ولانهاية, ولذلك يوصف أيضا بأنه سرمدي. أنه لا يدخل في نطاق الزمن ولا مقاييسه. لأنه فوق الزمان. بل هو خالق الزمن. ونفس هذا الكلام يقال عن عقل الله وروحه. نعم يقال عن عقل الله الذي كل شيء به كان, وبغيره لم يكن شيء مما كان.وكما أن الله غير محدود من جهة المكان والزمان, كذلك هو غير محدود من جهة القدرة.فمن جهة القدرة نقول: إن الله كلي القدرة, أو أنه قادر علي كل شيء ولهذا نقول: إن كل شيء مستطاع عنده, وأن غير المستطاع عند الناس هو مستطاع عند الله.ومن هنا نؤمن بالمعجزات. وقد سميت المعجزات بهذا الاسم لأن العقل البشري يعجز عن تفسيرها. إنها ليست شيئا ضد العقل, إنما هي فوق مستوي العقل تدخل في قدرة الله غير المحدود.ومن قدرات الله غير المحدودة قدرته علي إقامة الموتى. ليس فقط في إقامة أشخاص معينين من الموت. بل بالأكثر القيامة العامة في أخر الزمان. إقامة كل البشر منذ أبوينا آدم وحواء. بل كل الذين تحولوا إلي تراب, والذين تحللت أجسادهم وامتصتها الأرض. كلهم سيقومون جميعا, ويقفون أمام الله يوم الحساب بأرواحهم وأجسادهم... إنها قدرة غير محدودة يقف أمامها العقل البشري مبهوتًا ومذهولًا.إن الله ليس فقط قادرا علي كل شيء, بل هو أيضا مصدر كل قوة. هو الذي يهب القدرة للملائكة, الذين يستطيعون أن ينتقلوا من السماء إلي الأرض في لمح البصر, والله هو أيضا الذي وهب قديسيه قوة لصنع المعجزات كالقوة التي وهبها لموسي النبي حينما ضرب البحر بعصاه. وكالقوة التي أقام بها إيليا أبن أرملة صرفة صيدا من الموت. إنها معجزات ليست بقوتهم البشرية إنما بقوة الله إن الله القادر علي كل شيء, هو الذي وهب العقل البشري قدرات عجيبة. والله الذي يهب القدرة, هو قادر أيضًا أن يسحبها متى شاء. هو الذي وهب شمشون الجبار قوة جسدية فائقة للوصف. وعندما كسر شمشون نذره بعد أن باح به لدليلة, سحب الله منه تلك القوة. فأذله أعداؤه.الله أعطي القوة للنار أن تحرق. ولكنه في قصة الثلاثة فتية القديسين الذين ألقاهم الفرس في النار, لم يسمح الله للنار أن تؤذيهم, وشعرة واحدة من رؤوسهم لم تحترق.نقول أخيرًا إن الله سمح أن يكون للشيطان قوة. ولكن الله وضع حدودا معينة لقوة الشيطان, كما يظهر ذلك في قصة أيوب البار. وأيضا في التجربة علي الجبل قال الرب أخيرًا للشيطان: أذهب يا شيطان. فذهب ولم يستطع أن يخالف. ولا ننسي المعجزات الكثيرة الخاصة بإخراج الشياطين, ولعل من بينها قصة لجئون. علي أن مصير الشيطان واضح أنه في يد الله الكلي القدرة الذي سيلقيه أخيرا في بحيرة النار والكبريت. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
14 سبتمبر 2021

المسيحية والاستشهاد

إن قصة الاستشهاد هي قصة المسيحية كلها فالاستشهاد والمسيحية صديقين متلازمين لا يفترقان عن بعضهما فالاستشهاد هو قصة الكرازة بالإنجيل في كل العالم لأن الإيمان المسيحي كان ينتشر في كل مكان، وكانت جذوره تدب في أعماق البشرية.. فكان يمتد في المسكونة طولًا وعرضًا وعمقًا، وذلك بشهادة الدم أكثر من الوعظ والتعليم فنجد مُعلِّمينا الكبار بطرس وبولس كليهما استشهد من أجل انتشار الإيمان الأول مصلوبًا منكس الرأس، والآخر بحد السيف، ونالا إكليل الشهادة من أجل تمسكهم بالسيد المسيح وهذا هو الفكر السامي في الكرازة والتبشير في المسيحية أن المبشر والكارز هو الذي يستشهد من أجل الإيمان، وليس مَنْ لا يؤمن بالدين هو الذي تقطع رقبته فلم تعرف البشرية في كل عصورها شهداء مثل شهداء المسيحية من حيث شجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وشجاعتهم واحتمالهم وجدّهم وفرحهم بالاستشهاد فنجدهم يعانقون الموت في فرح وهدوء ووداعة عجيبة تزهل مَنْ يعذبونهم ومضطهديهم!! مما يجعلهم في آخر هذه المرحلة الأليمة يؤمنون بالسيد المسيح الذي يعبده النصارى، عندما يرون إيمانهم وجدّهم واحتمالهم للعذابات لآخر نَفَس!! فقد وجدنا "إريانوس" أشرس الولاة الذين قاموا بالتفنن في تعذيب المسيحيين، وكل مَنْ احتاروا في أمره أوصلوه إلى إريانوس القاسي القلب فتارة يعذبهم بالهنبازين، وتارة بالحرق، وتارة بتعليقهم على ساري المركب، وتارة أخرى بتمشيط أجسادهم ثم وضعهم في جير حي وتبارى في أنواع التعذيب. وأخيرًا نجد إريانوس هذا يؤمن بالسيد المسيح بل ينال إكليل الشهادة من أجل إيمانه!! يا ترى ما هو السبب في ذلك؟! وما الذي جعل الشهداء يحتملون هذا العذاب؟ لقد نظروا إلى العالم نظرة وقتية.. فهذا العالم الفاني لا يُقاس بالحياة الأبدية التي سوف يحيون فيها.. وذلك لأنهم عاشوا الإنجيل وتعاليم الآباء الرسل"لأنَّ خِفَّةَ ضيقَتِنا الوَقتيَّةَ تُنشِئُ لنا أكثَرَ فأكثَرَ ثِقَلَ مَجدٍ أبديًّا.ونَحنُ غَيرُ ناظِرينَ إلَى الأشياءِ التي تُرَى، بل إلَى التي لا تُرَى لأنَّ التي تُرَى وقتيَّةٌ، وأمّا التي لا تُرَى فأبديَّةٌ" (2كو4: 17-18) وقد عاشوا حياة الغربة على الأرض، وشعروا أنهم غرباء ونزلاء في هذا العالم فالنزيل أو الغريب لا يمكنه أن يمتلك شيئًا إلاَّ في وطنه وفي أرضه "أيُّها الأحِبّاءُ، أطلُبُ إلَيكُمْ كغُرَباءَ ونُزَلاءَ، أنْ تمتَنِعوا عن الشَّهَواتِ الجَسَديَّةِ التي تُحارِبُ النَّفسَ" (1بط2: 11) إن حياتنا على الأرض مهما طالت فلا بد أن نرجع إلى وطننا السماوي مستقرنا الأخير بيتنا الأصلي، وإلى ميراثنا المحفوظ لنا في السموات وهذا ما أكّده لنا مُعلِّمنا بولس عندما قال "في الإيمانِ ماتَ هؤُلاءِ أجمَعونَ، وهُم لم يَنالوا المَواعيدَ، بل مِنْ بَعيدٍ نَظَروها وصَدَّقوها وحَيَّوْها، وأقَرّوا بأنَّهُمْ غُرَباءُ ونُزَلاءُ علَى الأرضِ" (عب11: 13) وقد شعروا أن هذا العالم قد وُضع في الشرير، وأن الحياة فيه كلها حزن وألم وضيق ولكن هذا الضيق والألم سرعان ما سوف يتحول إلى فرح، عندما نصل إلى السماء وهذا ما قاله السيد المسيح له المجد "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ" (يو16: 20) ولمعرفتهم أيضًا أن نهاية ضيقات وأحزان وآلام هذا العالم الذي نعيش فيه سوف تؤول إلى مجد عظيم في السماء ولذلك صبروا واحتملوا الآلام مُفضلين الضيقات الأرضية التي تؤهلهم إلى المجد السماوي الذي لا يوصف عاملين بما ذكره مُعلِّمنا بولس الرسول "صادِقَةٌ هي الكلِمَةُ: أنَّهُ إنْ كُنّا قد مُتنا معهُ فسَنَحيا أيضًا معهُ إنْ كُنّا نَصبِرُ فسَنَملِكُ أيضًا معهُ" (2تي2: 11-12) "فإني أحسِبُ أنَّ آلامَ الزَّمانِ الحاضِرِ لا تُقاسُ بالمَجدِ العَتيدِ أنْ يُستَعلَنَ فينا" (رو8: 18) ولذلك زهدوا كل شيء في أيديهم وفي العالم، عائشين حياة التجرد والاختلاء من كل ممتلكات العالم، سائرين على خُطى بولس الرسول الذي قال "لأنَّنا لم نَدخُلِ العالَمَ بشَيءٍ، وواضِحٌ أنَّنا لا نَقدِرُ أنْ نَخرُجَ مِنهُ بشَيءٍ فإنْ كانَ لنا قوتٌ وكِسوَةٌ، فلنَكتَفِ بهِما" (1تي6: 7-8) وذلك لأن مُعلِّمنا بولس اعتبر أن الغنى هو غنى الروح وليس الجسد(أي الغنى الروحي وليس الجسدي)لذلك اشتهوا أن ينطلقوا من الجسد لكي يكونوا مع المسيح "ليَ اشتِهاءٌ أنْ أنطَلِقَ وأكونَ مع المَسيحِ، ذاكَ أفضَلُ جِدًّا" (في1: 23). وما شجعهم على هذا هو قول السيد المسيح " في بَيتِ أبي مَنازِلُ كثيرَةٌ، وإلاَّ فإني كُنتُ قد قُلتُ لكُمْ أنا أمضي لأُعِدَّ لكُمْ مَكانًا، وإنْ مَضَيتُ وأعدَدتُ لكُمْ مَكانًا آتي أيضًا وآخُذُكُمْ إلَيَّ، حتَّى حَيثُ أكونُ أنا تكونونَ أنتُمْ أيضًا" (يو14: 2-3) من أجل هذا اشتهى آباءنا القديسين الاستشهاد لأنه هو الذي يُؤهلهم لهذا اللقاء مع عريسهم السمائي،وقد فعلوا كل ذلك من محبتهم العجيبة للسيد المسيح، مُفضلين الحياة معه عن سواه،واضعين أمام أعينهم الآية القائلة "مَنْ أحَبَّ أبًا أو أُمًّا أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني، ومَنْ أحَبَّ ابنًا أو ابنَةً أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 37)فكانت حياتهم في الجسد وليست للجسد، وحياتهم في العالم وليست للعالم عاشوا في العالم دون أن يعيش العالم في داخلهم وفي قلبهم لذلك أحبوا الموت أفضل من الحياة في الخطية سفكوا دمائهم من أجل محبتهم في الملك المسيح الذي بذل نفسه على عود الصليب من أجلهم. فيا إلهنا الصالح.. الذي أعنت آباءنا الشهداء على احتمال الآلام والعذابات من أجل تمسكهم باسمك المبارك أعنَّا نحن أيضًا لكي نستطيع أن نشهد لاسمك القدوس المبارك ونقدم للكل مَثلًا حيًا للإنسان الذي يشهد للمسيح في كل مكان ليروا أعمالنا الصالحة فيمجدوك أنت الذي لك كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين. الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
13 سبتمبر 2021

موقف المسيحيين في وسط العالم في أيام الاضطهاد

عدم مقاومة الشر:- تلخَّص موقف المسيحيين في عدم المُقاومة ولا حتى ظِل المُقاومة، وبالطبع دون أي مُقاومة مُسلحة.التزم المسيحيون تجاه الاضطهاد المُنظَّم ضدهم بالتطبيق المُباشِر والبسيط لمبدأ ”لا تُقاوموا الشر“ فتركوا أنفسهم بهدوء وتسليم للإبادة وأحنوا رؤوسهم ورِقابِهِم للسيف لا صاغرين بل فَرِحين غالبين الآلام، الأمر الذي أدهش الوثنيين.وعندما أدركتهم الضيقات قبلوا الموت بقلب راضِ وأحنوا رؤوسهم للسيَّاف بلا مُقاومة ولا حتى مُجادلة، وهم شاكرين قابلين الآلام، حتى ارتجف الجنود من شدة إيمانِهِم.تعال لترى معي إستفانوس العظيم رئيس الشمامسة وأول الشهداء ماذا قال لراجميه؟ ”يارب لا تقِم لهم هذه الخطية“.فكما غفر المسيح ربنا ورب الجميع لصالبيه لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، هكذا فَعَلْ إستفانوس شهيد المسيحية الأول، وهكذا سلك كل شهود وشُهداء المسيح.. شهادِة الحق بوداعة، شهادِة الدم بلا مُقاومة ولا حتى مُجادلة.إنَّ الاضطهاد والآلام هِبة وهدية مُقدمة من الرأس إلى أعضاء جسدهِ حتى تنمو الكنيسة بلا مُقاومة ولا إكراه، بل بالحب والكرازة وبشارِة الفرح. الصلاة:- كانت الصلاة هي حصنهم المنيع سواء الصلاة الفردية أو الصلوات الجماعية (الليتورچيَّة)، لأنها سلامهُم الوحيد، مواظبين على الصلوات مُدركين وِحدتهم الروحية مع رب المجد يسوع وفي ذلك كمال الفرح وكثرِة التعزية فأي فرح يشملنا لأننا شُركاء المسيح ومن أجله نتألم!!.. ”نالني ضيق وحُزن وباسم الرب دعوت“ (مز 116).حتى أنَّ كثير من الشهداء صلُّوا لكي ينالوا عطيِة الشهادة فنالوها، وصلُّوا لكي يهِبهُم الله روح النُّصرة عندئذٍ رأوا ولمسوا عمل الله في شهادتِهِم، واقترنت العبادة بحدوث المُعجزات والعجائِب، بنعمة الرب العاملة فيهم. ازدهار الكِتابات اللاهوتية والروحية:- في عصور الاستشهاد، صاحب الصلوات والعبادة ازدهار الكِتابات اللاهوتية والروحية لأنَّ الآلام والاضطهاد كما قال القديسون هي بمثابِة معصرِة العنب أو فرك الزهور ذات الرائِحة الطِّيِبة فهي تُسفِر عن رؤية روحية ومعرفة إلهية لأعماق حقائِق الإيمان... لذا نجد الآباء المُلتمسين أو المُدافعين Apologists مثل أكليمنضُس السكندري والعلاَّمة أوريجانوس وهيبوليتيس والبابا ديونيسيوس السكندري وخُلفائِهِم وتلاميذِهِم الذين ازدهرت كتاباتِهِم اللاهوتية والدفاعية وكذا رسائِلهم مثل رسائِل كبريانوس وأوريجانوس (الحث على الاستشهاد) والمُدافِع ترتليان (ترياق العقرب Scorpiacum)، ودِفاعات لكتانتيوس ويوستين الشهيد وغيرِهِم من الآباء الذين تركوا لنا تُراثًا حيًا. المحبة:- إنَّ الثبات والاحتمال والوداعة التي أثبتها المُعترفون والشهداء بلا استثناء أمام أعدائِهِم، كانت خبرة المحبة المسيحية الحقيقية لم يثوروا ولم يتمردوا، بل أحبَّ الشهداء أعدائِهِم، وشهدوا بمحبتهم قبل أن يشهدوا بدمائِهِم وصمودِهِم وصبرِهِم ووداعتِهِم، فالتزم الكل بأعمال المحبة وهم في عمق أتون الاضطهاد، ومحبة لكل المُضطهدين والمُقاومين، فغلبوا بمحبتِهِم مُعذبيهم الذين اقتبلوا الإيمان لمَّا رأوا ولمسوا محبة شُهداء المسيحية، الذين حسبوا العالم كله نِفاية من أجل فضل معرفة الله، وحسبوا الشتائِم منفعة لهم، والاضطهادات بركة الحياة وشهادِة الدم أقصر طريق للأبدية.فالاستشهاد حُب مُنسكِب بالروح القدس في قلب الشهيد، حُب لرب المجد يسوع، وحُب للمُضطهدين والمُضايقين، فكثيرون قد تُسفك دمائِهِم وليس لهم نصيب مع الشهداء وكثيرون لم تُسفك دمائِهِم يُشارِكون الشهداء أكاليلهم.إنَّ هناك قُوة جبارة دفعت شُهداءنا لقبول الآلام، تلك هي المحبة التي جعلتهم يتقدمون الصفوف، وهناك من كانت قلوبهم تلتهِب حُبًا نحو الرب، ولم تُتَح لهم فرصة لسفك دمائِهِم.لقد أحبوا فاستحقوا، ولم يفصلهم عن محبة المسيح لا عُلو ولا عُمق ولا خليقة أخرى... فغمرتهم محبِة الفادي ليشهدوا حتى الدم لمحبتهم من أجل الرجاء العتيد. الارتباط السري بين الصلاة وقبول الآلام:- يظُن البعض أنَّ الاستشهاد عمل بطولي مثله في هذا مثل الأعمال البطولية الأخرى في كافة الميادين... لكن الاستشهاد المسيحي يتميز بأنه شَرِكة حقيقية مع آلام رب المجد يسوع المُتألِم... فالصلاة تنتعِش وتزكو رائِحتها في معصرة الاضطهادات إذا كانت بحق شَرِكة في الآلام والعذابات فهل نحن الآن نعيش بنفس الروح الإنجيلية الآبائية والرسولية التي تسلمناها في بدايِة المسيحية؟ هل نعيش ببساطِة الإيمان بقوة الروح وخبرِة المخافة وقبول الألم بشكر وصلاة؟ هذا الاختبار السرِّي اجتازه المسيحيون الأوائِل ببساطة لذلك تمجَّد الله في آلامهم وعذاباتهم وأظهر لهم قُّوته ومجده، حتى أنه كلما كان اضطهادهم شديدًا كلما كان عيدهم بهيجًا، وكان المكان الذي يذوقون فيه أشد العذابات لابد أن يُقيموا فيه أهم الاحتفالات ولقد ميَّز المسيحيين ظاهرتان واضحتان، هما شهوِة الاستشهاد ومحبة البتولية، تلك الروحانية العميقة التي عاشوها والسمو العجيب الذي حققوه باحتقار الجسد فحيث الاستشهاد لابد أن توجد الطهارة، لذلك كانت الحياة الرهبانية هي ظِل الاستشهاد، وجاءت الرهبنة بعد عصر الاستشهاد مباشرةً، وكأنَّ الاستشهاد والشهادة لم تنتهي... بل مستمرة وحتى مجيء ربنا يسوع الثاني ليأخذ كنيسته.وأكَّد الاستشهاد على صِدق الإيمان المسيحي فلو أنه مجرد خُرافات مُصطنعة لِمَا قدَّم هؤلاء الشهداء دماءِهِم رخيصة من أجل محبة الملِك المسيح، هو تألم وهم يتألمون من أجله. الاستعداد للآلام بفرح:- كانت نفسية الشُهداء والمُعترفين فَرِحة وشُجاعة واثقة، تسندهم المعونة الإلهية التي وعد الله بها جميع المُضطهدين من أجل اسمه (لو 21: 21).لقد أحس المُعترفون بشرف تألُّمهم (في 3: 10؛ كو 1: 24) مُتطلعين إلى المجد العظيم الذي ينتظرهم وينتظر جميع الذين يُحبون ظهوره أيضًا.. وقد تعزُّوا من الرؤى العظيمة المُشجعة، والتي جعلتهم يرون أكاليلهم ويتطلعون لميراثهم الأبدي حيث المسكن المُستعِد في المدينة التي لها الأساسات.لقد استعذبوا الألم وسعوا ورائه، فبهروا العالم كله لا في قبولهم الآلام واحتمالهم العذابات المُرَّة، بل بفرحِهِم بها وشكرهم عليها وسعيهم ورائها كعطية، فحوَّلوا السجون إلى كنائِس يُسمع فيها صوت التسبيح... ليُعطينا الرب أن نفرح في الضيق وأن نُسبِّح في الألم، عالمين أننا نتألم لنتمجَّد كثير من الأُمهات كُنَّ يرفُضنَ الاستشهاد، إلاَّ بعد الاطمئنان على استشهاد أبنائِهِنَّ أمام أعيُنهِن خوفًا عليهم من البقاء بين الوثنيين، وكثيرون أرسلوا يُشجعون أقربائِهِم في السجون ويحسدونهم على نعمة الاستشهاد، حقًا إنَّ الآلام صعبة لكن الانشغال بالمسيح الإكليل واللؤلؤة يُعطي للألم لذة وللنَّفْس سلام وثبات لقد عانق الشُهداء الموت في فرح وهدوء وتسليم عجيب أذهل مُضطهديهم، بعد أن أيقنوا حلاوة المجد الأبدي والميراث الذي ينتظرهم.ويُمكننا أن نقول أنَّ كل من تمتَّع بخلاص الله العجيب اتحد بالمُخلِّص المصلوب يُصلب عن العالم، ومن مات عن العالم تمتَّع بالعِشق الإلهي والفرح. القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
12 سبتمبر 2021

الشهادة والاستشهاد

الشهادة والاستشهادالحياة المسيحية هي حياة الشهادة العملية للسيد المسيح؛ فلا يُحسب الإنسان مسيحيًا إن لم يشهد للمسيح في حياته اليومية وتعاملاته مع الناس وتفاعلاته مع الأحداث وأقواله وتصرفاته «أَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ» (إشعياء 43: 10).1- نشهد بإيماننا بوجود ووحدانية الله.. «فَأَنْتُمْ شُهُودِي. هَلْ يُوجَدُ إِلهٌ غَيْرِي؟» (إشعياء 44: 8). وشهادة الإيمان لا يمكن أن تكون إلاّ بطريقة عملية مُعاشة «...أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي» (يعقوب 2: 18).2- ونشهد بألوهية وربوبية الرب يسوع المسيح: «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا...» (أعمال 1: 8).3- ونشهد بقيامة السيد المسيح من الأموات وهي حجر الأساس في إيماننا المسيحي: «فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ» (أعمال 2: 32؛ 3: 15؛ 10: 39-41).4- ونشهد لحياة السيد المسيح.. «وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ» (أعمال 10: 39). وشهادتنا لحياة المسيح تكون بأن نتبنى منهجه الإلهي المقدس في سلوكنا اليومي، لأنه له كل المجد تجسد وعاش وتألم ومات من أجلنا «تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ» (بطرس الأولى 2: 21). وعندما نعيش تعاليم السيد المسيح عمليًا نثبت للعالم كله صدق الإنجيل وسمو تعاليمه المُقدَّسة؛ فالشهادة للمسيح تتضمّن أن نملأ العالم بالحب والتسامح والغفران وقبول الآخر ومشاركة الكل في أفراحهم وأحزانهم بكل المشاركة القلبية.. «فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ» (رومية 12: 15). وأيضا بعدم الشماتة في سقوط عدوك «لا تفرَحْ بسُقوطِ عَدوِّكَ، ولا يَبتَهِجْ قَلبُكَ إذا عَثَرَ» (أمثال 24: 17).5- والإنسان المسيحي عنده استعداد أن يقبل العذاب والخسارة وأن يموت من أجل الإيمان؛ وإن خيّروه بين النجاة أو الموت يختار الموت والخسارة: «وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ» (عبرانيين 11: 35).6- والشهادة للمسيح تتضمّن أن نقبل بكل سرور اعتداء الآخرين علينا دون أن نرد العداوة بعداوة بل بالعكس يُظهر المسيحي قوته وفضيلته بهزيمة الشر.. «لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرٍّ...» (رومية 12: 17). «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية 12: 21). «لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا» (متى 5: 39). «أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ» (يوحنا الثالثة 1: 11).وقديمًا قال الآباء: "أظهر أنت علامة نقاوة قلبك بمقابلة الشر بالإحسان".والمسيحي لا يمكن أن يعتدي على أي شخص أو أي من خليقة الله، حتى البهائم والطيور والطبيعة الجامدة لا يجب أن تُفسَد أو يُعتدى على جمالها فالكتاب المقدس يعلمنا أن «الصِّدّيقُ يُراعي نَفسَ بَهيمَتِهِ، أمّا مَراحِمُ الأشرارِ فقاسيَةٌ» (أمثال 12: 10).تعالوا أحبائي ننشر سلام المسيح في أرضنا الطاهرة مصرتعالوا نعلن محبة المسيح لكل إنسانتعالوا نشهد لصدق وأمانة الإنجيلولو أدّى الأمر أن نموت من أجل هذا الانجيل الذي يعلن سلام الله مع البشر، فليكن وبكل سرور ومن أجل خير القاتلين لنا، كما مات المسيح من أجل خير الصالبين بل وكل البشر. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
11 سبتمبر 2021

عيد النيروز... عيد الشهَداء

بدأ الاستشهاد ببدء المسيحية. وكان أول شهيد هو القديس اسطفانوس أحد الشمامسة السبعة والذي تضعه الكنيسة في مجمع القديسين قبل كل الآباء البطاركة.وتوالى الاستشهاد حتى شمل جميع الآباء الرسل ما عدا القديس يوحنا الحبيب الذي نالته عذابات كثيرة ولكنه لم يمت شهيدًا.أما عن الاستشهاد في مصر، فقد كان أول شهيد هو القديس مارمرقس الرسول، ثم كثر عدد الشهداء جدًا، وشمل أيضًا النساء والأطفال. ونذكر من بين هؤلاء القديسة الأم دولاجي وأبناءها الذين ذُبِحوا على حجرها وهي تشجعهم. ونذكر أيضًا القديسة يوليطة وابنها قرياقوص. ونذكر أيضًا الطفل أبانوب.ولكن الاستشهاد بلغ ذروته في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي حكم من سنة 284م. وكان الاستشهاد يشمل أحيانًا مدنًا بأسرها ولذلك جعلت الكنيسة القبطية تقويمها (تقويم الشهداء) يبدأ من سنة 284م على الرغم من أن الاستشهاد بدأ من القرن الأول. وذلك لأنه من ذلك التاريخ بدأ الاستشهاد الجماعي. سواء من قسوة وعنف الحكام، أو من رغبة الكثيرين في أن ينالوا إكليل الشهادة.ونذكر بهذه المناسبة 30000 شخصًا خرجوا للاستشهاد وهم يرتلون فرحين في الطريق من دمنهور إلى الإسكندرية لكي ينالوا بركة الاستشهاد.ومن محبة الناس للاستشهاد، ما أكثر الكتب التي صدرت تحت عنوان (حثّ على الاستشهاد). وأصبح الاستشهاد في المسيحية عبارة عن شهوة، شهوة الموت من أجل الرب ومن أجل الإيمان. وهنا نذكر قول بولس الرسول «لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا» (في1: 23).كان الناس يستهينون بالألم، ويرون أن الموت بالاستشهاد هو أقصر طريق يوصّل إلى الفردوس، وإلى اللقاء مع الرب. لذلك كانوا فرحين بالموت. ولا يخافون إطلاقًا من عذاب الاستشهاد. بل يرونه بركة أكبر.ونحن إن كنا نحتفل بعيد الاستشهاد يوم عيد النيروز، فإننا لا ننكر أبدًا أننا نحتفل بذكرى الشهداء كل يوم. وفي هذا المجال نشكر كل الشكر القديس يوليوس الأقفهصي الذي كتب لنا سير الشهداء. حيث كان يجمع أجسادهم المقدسة ويكتب سيرة كل منهم على قدر ما أمكنه ذلك.+ ووراء الاستشهاد توجد دوافع روحية كثيرة: منها الإيمان العميق بالسيد المسيح، وأيضًا الإيمان بالحياة الأخرى أي الحياة بعد الموت. هذه الحياة التي كان يرقبها الشهداء بكل قلوبهم وبفرح لا يُعبر عنه.وطبعًا كان يدفعهم إلى الاستشهاد محبة الرب الذي قال «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ..» (يو15: 13)، فكم بالأولى إن كان يضع نفسه من أجل الله.وحلقة الاستشهاد كان يمتزج بها كذلك الزهد في العالم الحاضر وكل ما فيه. بل سادت أيضًا حركة من البتولية التي قال فيها القديس بولس الرسول: «فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ» (1كو7: 32)، يقصد أنه -والاستشهاد قادم بسبب أعداء الإيمان- لا يكون للإنسان وقت ذلك في هَمٍّ من جهة أسرته وأولاده وبيته.ومما شجَع أولئك القديسين على الرغبة في الموت، نعمة كبيرة كانت تحيط بهم وتقوّيهم وتعطيهم قدرة على الاحتمال. وتعطيهم شجاعة كبيرة في التقدم إلى الاستشهاد. كذلك ما حدث من معجزات كثيرة تقوّي الإيمان.والكنيسة في تلك الأيام أعدت أولادها للاستشهاد بما عمّقته في قلوبهم من محبة الإيمان ومن شهوة الحياة الأخرى. وكذلك اهتمت الكنيسة برعاية أسر الشهداء حتى لا يحاربهم القلق من هذه الناحية.إننا نذكر من بين الشهداء لونجينوس القائد الذي طعن المسيح بالحربة، وآمن واُستُشهد. ونذكر أيضًا أريانوس والي أنصنا الذي كان من أقسى الولاة وآمن واستشهد. مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل