المقالات
29 ديسمبر 2022
الديانة الطاهرة النقيه عند الله
ونحن في نهاية هذا العام الميلادي يهمنا أن نراجع مبادئنا الروحية ، ومن الأمور الجميلة في الكتاب المقدس أنه يقدم لنا تعاريف محددة للموضوعات الكبرى ، وأهمية التعريف المحدد في حياتنا أن الإنسان يستطيع أن يقيس عليه نفسه . أحد التعاريف القوية التي يقدمها الكتاب المقدس هو تعريف « الديانة الطاهرة النقية عند الله الأب » . يقول القديس يعقوب الرسول : « إن كان أحد فيكم يظن أنه دين ، وهو ليس يلجم لسانه ، بل يخدع قلبه ، فديانة هذا باطلة . الديانة الطاهرة النقية عند الله الأب هي هذه : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم » ( يعقوب ١ : ٢٦ ، ٢٧ ) .
النقطه الأولى هي أن مفتاح الديانة النقية المقبولة أمام الله هو أن يلجم الإنسان لسانه ، وهذا تعبير قوي جدا ! لأن الأنشطة التي يعملها الإنسان في كل يوم هي متعددة جدا ، لكن يقف على قمتها نشاط الكلام والاستماع والكتابة والقراءة ، وهي أكثر أربعة أنشطه يمارسها الإنسان في كل يوم ، لهذا قال القديس داود النبي : « اجعل يا رب حارسا لفمي . احفظ باب شفتي » ( مزمور 141 : 3 ) . المفتاح الثاني هو قوله « الديانة الطاهرة النقية عند الله » ... لكي يعيش الإنسان هذا المفهوم لابد أن يعرف أن البشر على أنواع ثلاثة :
1- الإنسان الطبيعي ، وهو الذي يعيش الإنسانية من أفكار ومبادئ وما إلى غير ذلك باعتبار أن الإنسان هو قمة الخليقة ، فالله بعدما أوجد هذا الكون وضع على قمته الإنسان بمثابة المالك لهذه الخليقة والساكن في هذا القصر ( الخليقة ) ، وهناك إنسان ينحدر عن طبيعته الإنسانية فيصل إلى ما نسميه :
2- الإنسان الجسداني ، وهو الذي يعيش على مستوى التراب أو الجسد فقط ، وهذا شخص يقع في خطايا متنوعة وأشكال متنوعة من الخطايا ، إن كان حب الشهوة ، أو حب القنية ، أو حب التطلع والمناصب ، وبأية صورة من الصور ، وبهذا يمكن أن يعيش في الخطر والإرهاب والعنف وكل هذه الصور . وهناك إنسان يرتقي فوق الإنسان الطبيعي فيصل إلى
3- الإنسان الروحاني ، أي أن الروح هو الذي يقوده ، وهذا الإنسان هو صاحب الديانة الطاهرة النقية . ولكي تفرق بينهم نجد أن الإنسان الروحاني يعيش حياته ممزوجة بين الجهاد الروحي والنعمة الإلهية ، مبدؤه في الحياة أن يد الله هي التي تقود كل خطوة ، أما إذا كان إنسان على المستوى الطبيعي فهو إنسان يحاول أن يجاهد ولكن بدون نعمة ، فيظن أن الموضوع بقوته أو بممارسة الطقوس كافة سواء قراءات أو صلوات إلى آخره ، لذلك لا يجد تعزية ، ونجده يعيش في المجتمع الذي يملأ حياته . أما النوع المتدني جدا فهو الإنسان الجسداني ، وهذا الإنسان هو الذي لا يرتبط لا بجهاد ولا بنعمة . الديانة الطاهرة النقية عند الله الأب تحتاج هذا الإنسان الروحاني الذي يعرف تماما أن القداسة من الداخل ، ويعرف هذا الإنسان الروحي أن ، وصيه ربنا يسوع المسيح « بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا » ( يوحنا5:15)
النقطة الثالثة عندما ندخل في تعريف . الديانة الطاهرة تضع لهذا التعريف جناحين :
الجناح الأول في الديانة الطاهرة النقية هو افتقاد الأرامل في ضيقهم ، فكان في الحياة الاجتماعية القديمه في زمن السيد المسيح والقرون الأولى أن الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا هم اليتامى والأرامل باعتبار أنه لا يوجد لهم أي سند ، وليس لهم دخل أو رعاية اجتماعية ، ولا أي اهتمام ، وبالتالي يصير الجناح الأول للديانة الطاهرة النقية هو افتقاد الأرامل واليتامي في ضيقهم . وليس المقصود هنا المساعدة المادية فقط ، ولكن المقصود هنا كل أوجه المحبة وأعمال الرحمة التي ممكن أن تقدم ، والمعنى الكبير في هذه الآية هو أن الإنسان لكي ما تكون ديانته طاهرة ونقية وحقيقية ، فلابد أن يبحث عن كل إنسان في ضيقة ( مثل الأيتام والأرامل ) أو محتاج ، ولا اقصد الاحتياج المادي بالتحديد - وإن كان له أهميته – ولكن اقصد الاحتياج حتى الإنساني .
الجناح الثاني للديانة الطاهرة النقية عند الله هو « حفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم » ، وهي مسئولية شخصية . هنا يرشدنا أن الإنسان لا بد أن يحفظ نفسه بلا دنس من العالم ، فالعالم قد وضع في الشرير ، وكل إنسان مسئول عن نفسه . في الماضي كان الشر محدودا بحسب وسائل النقل أو المواصلات ، ولكن اليوم أصبح بلا حدود وبكل وسيلة ، ومتاح وعند أطراف الأصابع التي تقوم بالضغط على مجموعة أزرار في أي جهاز . فهل تحفظ أنت نفسك من دنس العالم ؟ في صلاة الساعة التاسعة نصلي ونقول : « أمت حواسنا الجسمانية » ، وليس المقصود الحواس نفسها بل المقصود هو إماتة الشر الذي بها ، فالحواس كما هي مداخل للمعرفة يمكن أن تكون مداخل للشر . والآن وأنت في آخر السنة ، وتريد أن تكون حياتك حياة حقيقية ، لابد أن يكون لك الجناحان ، فالجناح أن الثاني هو ان تعيش في هذه القداسة ، يقول الكتاب « لأن هذه هي إرادة الله : قداستكم » ( تسالونيكي الأولى 4 : 3 ) ، وبهذه القداسة والنقاوة يستطيع الإنسان أن يعاين الله ، والقديس يوحنا الدرجي يقول : « الإنسان الطاهر هو الذي يطرد الحب بحب » ، فهو يطرد حب الدنس أو الشهوة أو الخطية أو أي شيء بحب آخر أسمى منه ، هذا هو الإنسان الطاهر ، ففي قلبك توجد محبات كثيرة ( التليفزيون - النت - الموبيل ) ، ولكن يجب أن يتدرب الإنسان كيف يجب أن يطرد محبة هذه المساعدات على أي شكل من أشكال الخطية ، ويحولها إلى حب آخر . فاحترس لئلا تكون هذه النهضات العلمية وهذه التطورات سببا للدنس في العالم . قل لله : أنا أعدك مع اقتراب عام جديد أن أبدأ معك بداية جديدة ، وأعدك يارب أن إيماني وديانتي ومسيحيتي تكون طاهرة ونقيه وحقيقية ، وأعدك أن يكون لي هذان الجناحان ، افتقاد اليتامى والأرامل وكل من شابههم ، وأيضا حفظ الإنسان نفسه بلا دنس في العالم ، وأعدك يارب أن أعيش هذه المفاهيم ، وأن أعيش هذه المبادئ ، وأتمتع بها معك باستمرار .
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
28 ديسمبر 2022
الله مغلوب من محبته
لا توجد خطية تغلب محبة الله، لأن الله مغلوب من محبته، هو قال لعروس النشيد: "حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني " (نش 6 : 5). إن دموعنا أغلى عند الله من الوصية التي كسرناها، التوبة حصن يركض إليه الخاطئ مثل مدن الملجأ، الله نفسه هو الذي دعانا لكي نتفاوض ونتفاهم " هلموا نتحاجج ..." إنه يبحث لنا عن مخرج .. عن حلول. الله يريد أن يخلّص على كل حال قوماً، مثلما يودّ الشيطان أن ُيهلك على كل حال قوماً .. إن المشكلة هي في الخاطئ نفسه، فهو يخطي ويهرب من الله، وربما يسأله الله: أين أنت ؟ " فنادى الرب الإله ادم و قال له أين أنت" (تكوين 3 : 9) فيدافع عن نفسه ويبررها. الله يريد أن يمتلئ عرسه بالمدعوين هو أعدّ كل شيء وأعد لنا مكاناً في الملكوت. باب التوبة مفتوح وأمامه باب المغفرة.
إن نهاية العام فرصة ثمينة للتخلّص مما يثقّل أعناقنا من خطايا، ونحن نشكر الله لأننا ما زلنا أحياء حتى الآن، والفرصة متاحة لنا لكي نقدّم توبة نقية، ولكي نبدأ عاما جديدا خالياً من الخطايا. وليكن عاماً مثالياً نحقق فيه ما لم نستطع تحقيقه في العام الذي أوشك على الانتهاء. هوذا صوت الرب المطمئن " من يقبل إلي لا أخرجه خارجا" (يوحنا 6 : 37).
نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
27 ديسمبر 2022
نمجد ميلادك غير المُدرَك
تجسد الله الكلمة من العذراء القديسة مريم، دون زرع بشر. ووُلِد ميلادًا بتوليًا، ويرى إيسيذورس الفرميّ أن التجسد الإلهيّ في بطن العذراء بدون زرع بشر، ليس أمرًا مستحيلًا، فحواء خُلقت من ضلع آدم، أي بدون زرع بشر، إذ يقول: [«فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ سُبَاتًاعَلَى آدَمَ فَنَامَ فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا» (تك2: 21)، حيث أنه في الأول قد خُلِق آدم من تراب الأرض، إذًا ها أن الرجل من الأرض والمرأة من الرجل، والاثنان خُلقا بدون اتحاد جسديّ. فلأن المرأة كان عليها دَيْنٌ للرجل، لأنها صارت منه بدون زرع بشر (بذرة)؛ سدّدت له الدين بأن صارت أُمَّ الرب وأعطته جسدًا بدون زرع بشر. إذًا ليس من المستحيل على الطبيعة، لكن مثلما قد صار بالضبط بالفعل مع الأبوين الأولين، هكذا أكملَ بتدبير الرب، بالرغم من أن كل العجائب ترجع إلى هذا المولود ذاته] (رسالة إلى اليهود فيما يتعلق بالحبل الإلهيّ).يؤكد ذلك أيضًا القديس كيرلس الأورشليميّ (348 -386)، فيتسائل: [ كيف وُلدت حواء في بدء الخليقة؟ من هي الأم التي حملت بها؟ إن الكتاب يقول إنها وُلِدت من جنب آدم ... فهل تولد حواء من جنب آدم بدون أم، ولا يولد طفل من بطن عذراء بدون أب؟! إن هذا دَيْن للرجل على المرأة. لأن حواء وُلِدت من الرجل فقط دون أن تحبل بها أم. ولكن مريم العذراء أوفت الدَيْن وردت الجميل لأنها حبلت حبلًا بلا زرع رجل، بل حبلت بالروح القدس حبلًا بلا دنس] (الكلمة صار جسدًا).ويشرح القديس كيرلس الكبير هدف التجسد، موضحًا [لقد جاء الابن وصار إنسانًا لكي يحوّل طبيعتنا فيه هو، وابتدأ أولًا بالميلاد الذي جعله مقدسًا وعجيبًا، إذ جعله ميلادًا للحياة، لكي ننال نحن هذه النعمة وتصل إلينا منه لكي نولد «لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ» (يو1: 13)، وبالروح القدس تولد نفوسنا ميلادًا جديدًا روحيًا، مشابهًا لميلاد ذاك الذي هو بالطبيعة وبالحق الابن، وبذلك ندعو الله أبًا، ويؤهّلنا هذا الميلاد أن نبقى في عدم انحلال لأننا امتلكنا ليس طبيعة آدم الأول الذي فيه انحللنا، بل طبيعة آدم الثاني] (المسيح الواحد: 5).فحاجتنا لكي نصبح أبناء الله، أن يولد الكلمة المتجسد من عذراء دون زرع بشر، فالابن الوحيد، هو ابن بالطبيعة: لذلك نصلي في قانون الإيمان: [مولود من الآب قبل كل الدهور]، ونؤكد على ذلك أيضًا، أنه [مولود غير مخلوق]، فالمولود له نفس طبيعة الوالد، وله نفس خواصه وطبيعته، فلقب ابن غير مضاف إليه (حوار حول الثالوث 1)، في تجسده لم يخلق لنفسه جسدًا من خارج العذراء مريم، بل أخذ جسدًا حقيقيًا محْيِيًا بروح عاقلة من الطبيعة المخلوقة التى للعذراء مريم. بفعل الروح القدس اتخذ ناسوتًا خاصًا به جدًا، متحدًا به اتحادًا طبيعيًا وأقنوميًا، حقيقيًا، كاملًا، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغير، فاحتفظ كلٌّ منهما بخصائصه، فالطبيعة الواحدة لها خصائص الطبيعتين معًا في آنٍ واحد، لذلك يُسمّى سر التجسد، وسر الاتحاد. مساوٍ لنا كالتدبير، من قِبَله أخذنا نعمة البنوة، وأصبحنا أبناء الله. لذلك ولُد الكلمة المتجسد من أم عذراء دون زرع بشر.
القمص بنيامين المحرقي
المزيد
26 ديسمبر 2022
لماذا التجسد؟
٢- لكي نعرف الله :
يقول القديس أثناسيوس الرسولي : [ لأنه أية منفعة للمخلوقات لو أنها لم تعرف خالقها ؟ أو كيف يمكن أن تكون عاقلة لو لم تعرف كلمة الآب الذي به خلقوا ؟ لأنهم لن يتميزوا بالمرة عن المخلوقات غير العاقلة لو أنهم انحصروا فقط في معرفة الأمور الأرضية ( تجسد الكلمة ١١ : ٢ ) . الصورة الإلهية في الإنسان كانت كافية في حد ذاتها لكي تجعلنا نعرف الله الكلمة ، ونعرف الأب بواسطته . وبالخطيئة تشوهت صورة الله في الإنسان وأكل من شجرة معرفة الخير والشر وأصبحت معرفته بعيدة عن الله خالقه !! وعجزت الطبيعة - كما عجز الناموس- عن أن ترد الإنسان إلى المعرفة الحقيقية . لذا تجسد أقنوم الحكمة والمعرفة لكي يعرفنا الآب « الله لم يره أحد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر » ( يوحنا ۱ : ۱۸ ) . يقول القديس أثناسيوس : [ لكي عندما يرون تلك الصورة -أي كلمة الآب- يمكنهم عن طريقه أن يصلوا إلى معرفة الآب ... لأن كلمة الله صار إنسانا لكي يرفعنا نحن ، وأظهر جسد لكي تحصل على معرفة الأب غير المنظور ] ( تجسد الكلمة 11 : 3 ، 54 : 3 ) . معرفة الله أمر واجب ، فقد قال عنها السيد المسيح : « وهذه هي الحياة الأبدية : أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته » ( يوحنا 17 : 3 ) ،والمقصود بمعرفة الله ليست المعرفة النظرية فقط ، ولكن المعرفة العملية والإيمان العملي بوجوده ، فعندما ندخل مع الله في حياة الإيمان ، ونعيش في وسائط النعمة ، نراه ونلمسه بالعين الروحية والحس الروحي . ليس المقصود بمعرفة الله المعرفة التامة ، لأن الله غير محدود ، وعقل الإنسان محدود ، فكيف يستطيع المحدود أن يحوي غير المحدود ، « أإلى عمق الله تتصل أم إلى نهاية القدير تنتهي ؟ ... » ( أيوب ١١ : ۷-۹ ) . يقول القديس غريغوريوس النزينزي : [ لا تستطيع اللغة ( البشرية ) أن تعبر عن اللاهوت ، وهذا قد أثبت لنا ، ليس فقط بالحجة بل عن طريق أحكم حكماء العبرانيين ( كتاب العهد القديم ) ؛ الذين أعطوا صفات ذات كرامة لله ولم يسمحوا لأي اسم دون المستوى أن ينسب لله ، لأنهم يرون أنه ليس من اللائق إن الله يسمح لخليقته أن تعادله ، فبالتالي كيف يقرون بأن الطبيعة غير المنظورة وغير المنقسمة ( البسيطة ) أن نعبر عنها بكلمات ضعيفة ، فنحن نتصوره من خلال صفاته ، فجوهر الله لم يتمكن مخلوق ولا عقل من تصوره أو احتوائه بالكامل ، ولم تتمكن لفظة من احتواء حقيقته احتواء كاملا ، ولكننا نتخذ مما حواليه طريقا إلى تخيله في ذاته ، ونرسم لنا صورة غامضة وضعيفة وجزئية عنه ، إن أعظم لاهوتي ليس من اكتشف « الكل » ، إذ أن القيود التي نحن فيها لا تسمح لنا أن نعاين الكمال ، بل من تفوق على غيره في التصور ، ومن حقق في ذاته صورة الحقيقة أفضل من غيره ( The fourth theological oration , L17 : 30 ) . كذلك يقول القديس يوحنا ذهبي الفم : [ لقد رأى الأنبياء الله ، لكنهم لم يروا جوهره إنما بدا لهم ذلك قدر ما يستطيعون ، وقد أعلن ذلك النبي : وكلمت الأنبياء وكثرت الرؤى وبيد الأنبياء مثلث أمثالا ( هوشع ١٢ : ١٠) ، كأن الله يقول : لا أعلن جوهري ذاته ، إنما أتنازل ( في رؤى ) بسبب ضعف الذين يرونني ، فالله يتنازل ويجعل نفسه منظورا ليس كما هو ، بل بالقدر الذي به يقدر الناظر أن يرى ، أي حسب ضعف الناظرين في الرؤية ( ضد الأنومبين 3 : 15 ، 4 : 19 ) .
القمص بنيامين المحرقى
المزيد
25 ديسمبر 2022
لقاء العذراء بإليصابات
الأحد الثالث من شهر كيهك المبارك وفيه قمة قصد الكنيسة من الإحتفال بهذا الشهر وهو التمهيد للتجسد الإلهي والشركة في حياة التسبيح بربنا يسوع وتمجيد أمنا العذراء عرفت السيدة العذراء ببشارة الملاك وهذا كان إنجيل الأسبوع الماضي قال لها ﴿ الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ ﴾ ( لو 1 : 35 ) أخذت البشارة ثم قال لها ﴿ هوذا أليصابات نسيبتكِ هي أيضاً حبلى بابنٍ في شيخوختها ﴾ ( لو 1 : 36 ) هنا الإنجيل يقول ﴿ فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات ﴾ ( لو 1 : 39 – 40 )العذراء تتمتع بروح إتضاع عالية وروح بذل وخدمة للآخرين عندها إستعداد لتحمل مشقة وسفر وتعب لا تنظر إلى ما هو لنفسها بل ما هو للآخر درس جميل نتعلمه أن الإنسان لا يشفق على ذاته وكيف يخرج من دائرة الإهتمام بذاته إلى دائرة الإهتمام بالآخرين كيف يفكر الإنسان في ألم الآخرين وتعبهم من أجمل الأشياء التي نحتاجها أن لا يفكر الإنسان في نفسه ولا ينحصر في إهتماماته ومشاكله ومتاعبه بل لابد أن يرى الآخر عندئذٍ يرى مشاكله تصغر عندما ينحصر الإنسان في مشاكله يراها كبيرة فينظر إلى ذاته ويزداد شفقة عليها ويحزن على نفسه ويحاول أن يجعل الآخر يهتم به من أجل ألمه لكن أفضل وسيلة للعلاج هي عكس هذا تماماً وهي بدلاً من أن يجعل الآخرين يرون ألمه يرى هو ألم الآخرين هكذا فعلت السيدة العذراء وقامت مسرعة وإن كانت أليصابات حبلى فالعذراء أيضاً حبلى وإن كانت أليصابات في شيخوخة فالعذراء صبية صغيرة السن لا تتحمل المسئولية عن إمرأة كبيرة كان يجب أن الكبير هو الذي يخدم الصغير في هذه الحالة لكن السيدة العذراء عندها روح إتضاع وبذل عالية وهذه الروح هي مدخل حلول الله في النفس الله لا يستريح إلا في النفس المتضعة لا يستريح ولا يسكن بقوة كما سكن في العذراء إلا إذا كانت النفس على هذا المستوى لأنه إن لم تتحلى النفس بروح الوداعة والخدمة والإتضاع ما كان الله رتب هذا الإختيار للعذراء .
عندما سمعت أليصابات سلام العذراء مريم ﴿ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني ﴾ ( لو 1 : 44) بعض الترجمات تقول "سجد يوحنا الجنين الصغير " – سجد – وبعض الترجمات تقول " رقص " وكأنه من شدة فرحه قام يهتز هذا حضور ربنا يسوع الذي هو محسوس حتى بالنسبة للجنين الذي لم يتكون بعد ولم يكتمل بعد حضور المسيح يجب أن يصاحبه فرحة وسجود ومسرة بالروح وابتهاج نفس هل عندما أدخل الكنيسة تكون لي نفس البهجة ؟ هل عندما أتقدم للتناول تكون عندي نفس البهجة ونفس المشاعر ؟ هل عندما أقف للصلاة تكون عندي نفس الرنة المفرحة ونغمة الإبتهاج ؟ هذا هو حلول الله النفس التي تشعر بحضور الله إحساس الروح لا يسعفها أن تنطق بأي كلمات لكن يجد نفسه قد خرج عن شعوره فيجد جسده يهتز وهنا إمتلأت أليصابات من الروح القدس العجيب أن الكتاب ذكر لنا إنفعال الجنين قبل إنفعال أليصابات ﴿ صرخت بصوتٍ عظيمٍ وقالت ﴾ من شدة فرحتها لم تتكلم بطريقة عادية بل صرخت الكتاب يعلمنا عن صراخ الملائكة كما يقول قداس القديس إغريغوريوس﴿ يسبحون ويصوتون ﴾ هل الذي يسبح يصوت ؟ يقول نعم من شدة الإنفعال هنا أليصابات صرخت بصوت عظيم وقالت ﴿ مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنِك فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ ( لو 1 : 42 – 43 ) أجمل إعتراف سمعه ربنا يسوع على الأرض عندما قال لتلاميذه خاصته في آخر أيامه في قيصرية فيلبس عندما قال ﴿ من يقول الناس إني أنا ﴾ ( مت 16 : 13) قالوا إيليا وآخرون أرميا فقال لهم ﴿ وأنتم من تقولون إني أنا فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي ﴾ ( مت 16 : 15 – 16) ؟ ربنا يسوع فرح جداً بهذا التصريح وقال له﴿ طوبى لك يا سمعان بن يونا ﴾ ( مت 16 : 17) اليوم أليصابات تقول ﴿ أم ربي ﴾ وهو لم يولد بعد وليس في آخر أيام حياته على الأرض لم تراه أليصابات يقيم موتى أو يشفي مرضى أو يعلم لكنه مازال جنين في بطن أمه وتقول " أم ربي "﴿ فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ﴾ جيد أن تكون السيدة العذراء متضعة جداً وأليصابات متضعة جداً العذراء تعطيها الإكرام وأليصابات تعطيها الإكرام لذلك مزمور اليوم يقول ﴿ الرحمة والحق التقيا البر والسلام تلاثما ﴾ ( مز 85 : 10) ما هذا ؟ الله يعمل في أبراره لأنهم في النهاية هم الذين يهيئون له طريق الخلاص يريد أن يقول لك سأبارك جنس البشر وسآتي منهم وبذلك رحمته تقابلت مع عدله وحقه خلال العهد القديم كان هناك صراع بين الحق والعدل والرحمة والعدل الرحمة تقول خلص الإنسان من رباطاته يكفي أنه مطرود والعدل يقول لا الإنسان أجرم ولابد أن يفي الحق فماذا يفعل ؟ قال ﴿ يوم تأكل منها موتاً تموت ﴾ ( تك 2 : 17) إذاً لابد أن يموت الإنسان فمتى تلتقي الرحمة مع العدل ؟ تلتقي في المسيح يسوع وفي خلاصه ﴿ فهوذا حين صار صوت سلامِك في أذنيَّ إرتكض الجنين بابتهاجٍ في بطني فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ ( لو 1 : 44 – 45 ) الروح القدس أعلم أليصابات بكل السر الإلهي وبكل التدبير الإلهي تقول لها طوباكِ ما سر طوباوية العذراء ؟ أنها آمنت أن يتم لها ما قيل من قِبَل الرب قد تسمع إنسانة أخرى وتقول هذا كلام صعب جداً كلام يفوق العقل كيف أكون حبلى ؟إقنعني هذا مستحيل هل تقصد إنسانة أخرى ؟ ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ لو حدث ذلك مع إنسانة أخرى قبل العذراء كان يمكن للعذراء أن تصدق لكن عندما تكون هذه الحادثة هي الفريدة على الأرض – الحادثة الوحيدة – لم يوجد مخلوق حدث معه هذا الأمر لذلك نحن نصمم أن المسيح مولود لكن غير مخلوق ﴿ مولود غير مخلوق ﴾ لماذا ؟ لأنه ليس من نتاج زرع بشر لم يوجد رجل تسبب في إيجاده فلابد أن يكون إنسان كيف ؟ يقول آتي من إمرأة بشر لكن أيضاً لابد أن يكون إله قال يكون إله لكن لا يأتي بزرع بشر فاجتمع فيه الإلهي والإنساني إنسان كامل لأنه أخذ جسد من العذراء وإله كامل لأنه أتى من الروح القدس من هنا صدقت العذراء هذا الكلام رغم أنه كلام قد نجده نحن الآن كلام صعب إستيعابه لو أراد التاريخ أن يعيد نفسه ويكلم فتاة عذراء ويقول لها هذا الكلام لن تصدقه رغم أنه حدث من قبل مع السيدة العذراء سمعان الشيخ وهو يترجم النبوة لم يصدق ولم يستطع أن يكتب ﴿ ها العذراء تحبل ﴾( أش 7 : 14) ولم يرد أن يكتبها وقال سأكون إضحوكة للجميع وواضح أنه قد يوجد خطأ في الترجمة فكتب "ها الفتاة " ثم قال " ها إمرأة " لكنه وجد نفسه قد يكون متجاوز للنص فقال سأكون وسطي لن أكتب " ها العذراء " أو " ها إمرأة " بل سأكتب "ها الفتاة " وليفهم كلٍ كما يفهم كلمة " فتاة " تجعله على الحياد سمعان الشيخ لم يستطع أن يستوعب بينما السيدة العذراء إستوعبت لذلك قال الكتاب ﴿ طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب ﴾ جيد أن يعيش الإنسان مواعيد الله بسكوت ورعدة جيد أن يشعر أن مواعيد الله صادقة وأمينة مهما كانت تبدو مستحيلة أو فائقة عن الإستيعاب البشري لكنها مواعيد حقيقية غير كاذبة السيدة العذراء آمنت ولم نراها تجادل كثيراً أو تتكلم كثيراً لم تقل سوى ﴿ كيف يكون هذا ﴾( لو 1 : 34 ) قال لها الملاك ﴿ الروح القدس يحل عليكِ ﴾ ووجدنا إجابتها سريعة كأنه حديث لم يأخذ منها وقت طويل حديث به فعل الروح قالت ﴿ هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك ﴾( لو 1 : 38 ) لقد صدقت كلام الله لتكن مشيئته ثم وجدناها تفتح صفحة من صفحات قلبها وفكرها وتقول أروع كلمات ينطقها لسان بشر فتحت قلبها وأخرجت من كنوزه لأننا ما نعلمه عن السيدة العذراء قليل وكلماتها قليلة جداً بل ومعدودة جداً قالت تسبحتها ﴿ تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي ﴾ ( لو 1 : 46 – 47 ) وجدنا أن عندها ذخائر كنوز خرجت في هذه اللحظة من أين جاءت ؟ جاءت من نفس قريبة جداً من كلمة الله السيدة العذراء كانت دائمة القراءة في الكتاب المقدس كان الكتاب محفور في قلبها وفكرها لم تقرأ الكتاب لمجرد قراءة للعقل بل قراءة لتهليل الروح لم تكن قراءة للمعرفة بل قراءة للفهم والوعي الفتاة العذراء البسيطة التي لم تنل قسط من التعليم وجدناها تقول كلمات تفوق تصديق البشر الإنسان الذي فيه كلمة الله يبتهج بها فتصعد الكلمات إلى عقله وشفتيه فينطق بها بتلقائية وتدفق عندما يقال أن فلان يجيد اللغة الإنجليزية يقال أنه متدفق في اللغة السيدة العذراء لديها هذا التدفق في كلمة الإنجيل من أين ؟ من أنها كانت دائمة الممارسة فيه يدها في الإنجيل دائماً فتحت صفحات قلبها واتجهت نحو تسبحة حنة النبية في سفر صموئيل وبدأت تردد ما يشبهها ولكن بلسان حالها هي وهذا منهج نتعلمه في صلواتنا نجد أن الكنيسة عندما وجدت أن السيدة العذراء فعلت هذا الأمر قالت لنا إن أردتم التسبيح فلتسبحوا بالمزامير قولوا تسبحة موسى النبي عندما خرج من أرض مصر في الهوس الأول وقولوا تسبحة الثلاثة فتية في الهوس الثالث وقد يعترض البعض ويقول مالنا نحن والثلاثة فتية ؟ قد يعترض البعض على صلوات الأجبية ويقول لن أصلي بالمزامير بل سأصلي بكلماتي أنا نجيبه أن السيدة العذراء سبحت تسبحة حنة ونحن نفعل مثلها تقول لك الكنيسة سبح بمزامير 149 ، 150 في الهوس الرابع إستخدم المزامير والكتاب في تسابيحك فالسيدة العذراء تكلمك بتسابيح من الكتاب ومن شدة جمال الكلام تجد نفسك تقوله بمشاعرك أنت هذه هي العذراء تخيل عندما تقرأ في الكتاب وتشبع به تجد نفسك في الصلاة تصلي بكلام الإنجيل وأجمل قصد للإنجيل أن يتحول فينا إلى صلاة لذلك قل له ﴿ إفتح شفتي فيخبر فمي بتسبيحك ﴾( مز 51 : 15) عندما يرى إنسان مقابلة بين شخصين ويجد في المقابلة تسابيح يعرف أنها مقابلة سماوية ولنرى مقابلة العذراء مع أليصابات ثم نرى مقابلاتنا مع بعضنا البعض فيما نتكلم ؟ صعبة جداً مقابلاتنا لأن فكرنا غير مشغول بالله وقلبنا غير مشغول بالإلهيات ولأننا منغمسين في أوجاع الأرض نجد حديثنا كله أرضي تجد الناس في مقابلاتها تتكلم في أي شئ في السياسة في الغلاء في الإقتصاد في الرياضة لكن كي نتكلم معاً في كلمة الإنجيل نشعر بخزي لأنه ليس داخلنا هذه الأمور لماذا ؟ لأن كلمة الله ليست في القلب عندما تسكن كلمة الله في القلب يفرح وعندما يفرح نشعر داخلنا أننا لا نستطيع أن نسكت فنتكلم بأقوال الله﴿ إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله ﴾ ( 1بط 4 : 11) هذه هي العذراء جيد عندما تقرأ في سيرة الأنبا أنطونيوس عن مقابلته مع القديس العظيم الأنبا بولا وتتخيل ترى ماذا كانا يقولان في مقابلتهما ؟ وتشتاق أن تعرف حديثهما معاً كانا يتكلمان عن عظائم الأمور تكلما عن عمل الله مع البشر تكلما عن مراحم الله تكلما عن خير الله تكلما عن عظائم الأمور الإنسان الذي يفرح بالله يتكلم بالفرح لذلك دائماً يتكلم الإنسان بالأمور التي تشغله ويهتم بها دائماً يعبر الإنسان في أحاديثه عن حالته قد يذهب البعض إلى مكان معين فنسألهم هل أعجبك المكان ؟ وماذا أعجبك فيه ؟ شخص يقول المكان هادئ آخر يقول الطقس جيد آخر يقول المكان نظيف آخر يقول الناس هناك بهم جفاء كل شخص يتكلم عما يهتم به إذا لم تكن تعرف كيف تكون واضح مع نفسك لاحظ حديثك ستعرف إهتماماتك من كلامك أنظر فيما تتكلم فهذا هو ما يشغل قلبك هل تتكلم في الله ؟ تقول لا إذاً لم يشغل الله قلبك إذاً الله ثانوي في حياتك تريد أن تعطيه ساعة أو نصف ساعة مجرد إرضاء للضمير أو واجب أو خوف أو عادة عودونا عليها أهلنا لكن لا لابد أن ينبع الأمر من الأعماق من الداخل السيدة العذراء نطقت بهذه الكلمات وهي غير مهيئة لها لم تكن تحفظها لتسمعها لأليصابات بل فتحت أعماق قلبها هكذا تحاسب نفسك وتقول هذا ما نحاسب أنفسنا عليه لما نفتح أعماق قلوبنا ماذا نقول ؟ لذلك الذي يسبح الله هو قمة بهجة الحياة مع الله التسبيح هو أرقى لغة أجمل حالة روحية يشتاق لها الإنسان هي التسبيح عندما يتهلل الإنسان يرنم ﴿ أمسرور أحد فليرتل ﴾( يع 5 : 13) السيدة العذراء تتكلم ﴿ لأن القدير صنع بي عظائم وإسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه ﴾ ( لو 1 : 49 – 50 ) تتكلم عن عظمة أعمال الله ما هي أعمال الله العظيمة في حياتها ؟ أعمال الله العظيمة هل أنا تلامست معها ؟ هل شعرت بعظمة الله في حياتي وبدأت أتكلم عنه أنه قدير ؟ والقدير قدرته أدركتني فصنعت بي عظائم هل أتكلم عن الله وأعماله وأترجمها لحياتي أنا وأعمال الله تتحول إلى فرحة لي ؟ هذه هي السيدة العذراء السيدة العذراء تعتبر كل أعمال الله لمجدها هي وفرحها هي وتهليلها هي لأن كل ما كتب كتب لتعليمنا وتذكيرنا تتكلم عن ﴿ أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ﴾ ( لو 1 : 52 – 53 ) تعرف قصد الله وتعرف أنه إله المتضعين وأنه لن يستريح فيمن يجلس على الكراسي العالية أو الذين قلوبهم متكبرة لذلك نقول في القداس ﴿ الناظر إلى المتواضعات ﴾ " متواضعات " أي المتضعين البسطاء الله ينظر لهم مثل السيدة العذراء وأليصابات إنسان بسيط في مظهره لكن داخله حلول الله جيد هو الإنسان الذي لا يهتم بمظهره أو بما يقوله الناس عنه أترك كل هذاالكرامة الحقيقية في إرضاء الله والإرتفاع الحقيقي في سكنى الله جيد هو الإنسان الذي يفكر أن الغنى ليس غنى المال بل غنى الأعمال الصالحة كما قال بولس الرسول ﴿ أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيءٍ بغنىً للتمتع وأن يصنعوا صلاحاً وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة ﴾ ( 1تي 6 : 17 – 18) السيدة العذراء غنية في الأعمال الصالحة تقول ﴿ عضد إسرائيل فتاه ﴾ ( لو 1 : 54 ) لأنها تقرأ الكتاب المقدس جيداً تعرف أنه يوجد وقت إفتقاد لإسرائيل ووقت خلاص وزمن مقبول فقالت أنه ذكر رحمته ﴿ كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد ﴾ ( لو 1 : 55 )هل تعرف أن ما يحدث الآن هو تحقيق نبوات من أيام إبراهيم السيدة العذراء رابطه الكتاب كله في فكرها نعم هذا هو الإنسان الذي يعي حقيقة الكتاب ويتعامل مع كل جزء منه ببهجة ويعرف القصد منه السيدة العذراء تعرف ما هو قصد النبوات وما هو موضوعها ومحورها تعرف أن ما يحدث الآن هو تذكر رحمة الله لإسرائيل ونبوات إبراهيم أن بنسله تتبارك جميع قبائل الأرض ونسله قد أتى من العذراء في شخص ربنا يسوع جيد أن تقترب من مشاعر السيدة العذراء وكلما إقتربنا إلى مشاعرها كلما شعرنا بقيمة التجسد الإلهي وكلما إقتربنا من التجسد الإلهي كلما عرفنا ماذا يجب أن يكون الإنسان ليستحق حلول الله فيه السيدة العذراء نموذج للجنس البشري ونقول عنها في التسبحة أنها ﴿ فخر جنسنا ﴾أجمل ما في جنسنا ولأنها مننا فهي جنسنا هي فخرنا أجمل ما في جنسنا ربنا حل في إنسانة منا فصار حلول الله ليس في العذراء فقط بل في الجنس البشري كله ومن هنا عرفنا الله الطريق لاستحقاق حلوله فينا يقول ﴿ لتكن نفسك كمريم ﴾هل تعرف كيف يحل الله فيك ؟ كن مثل مريم ليكن لك روح خدمة واتضاع مثل مريم إحفظ الكتاب المقدس واقرأه واسهر معه قد أشعر بحزن عندما تهدر الناس الوقت بالساعات أمام تفاهات والكتاب المقدس مغلق الناس تتكلم كثيراً وطويلاً دون أن تقول كلمة من الإنجيل الناس لا تشعر بفرح بل ومنغمسين في هموم وأحزان لأنه لا يوجد فيهم فرح روحي الفرح الروحي يغلب إجلس مع إنجيلك تجد الناس تئن وتشكو وأنت تسندهم بآية أو موقف أو حادثة لماذا ؟ لأن داخلك الكتاب ﴿ فم الصديق يتلو الحكمة ولسانه ينطق بالحب ناموس الله في قلبه فلا تتعرقل خطواته ﴾ ( مز 37 : 30 – 31 )هذه هي السيدة العذراء ناموس الله في قلبهاإفتح إنجيلك واقضي معه أوقات طويلة المتنيح أبونا بيشوي كان عندما لا يجلس مع الإنجيل في اليوم ساعتين يكون متضايق وعصبي ساعتين وسط إنشغالاته الكثيرة فكان ينصح تاسوني أنچيل أن تجلس مع الإنجيل طويلاً لأنه محروم من الجلوس معه ويسألها كم من الوقت جلستِ مع الإنجيل اليوم ؟ تقول له ساعة يقول لها قليل جداً إجلسي معه أكثر ومنا من رأى إنجيله ولأنه كان كثير القراءة فيه فقد ملأ هوامشه تأملات وعندما إمتلأ أرسله إلى المطبعة ليضيفوا له صفحة بيضاء فارغة بين كل صفحة وصفحة في الإنجيل كي يكتب تأملاته هذه هي السيدة العذراء وهذه هي كلمة الله التي تهللت بها التي عندما تفتح قلبها تجد لسانها ينطق بأقوال الله ببساطة وسهولة ربنا يعطينا أن نستعد في هذه الأيام المقدسة لتجسده وحلوله المبارك فينا هذا السر العظيم أن يتحد الله بالإنسان وأن يحل فيه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
24 ديسمبر 2022
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر كيهك
تتضمن تبكيت الذين يتنازعون في الرئاسات والقـراءات مرتبة على قول البشير " فشفي كثيرين من المرضى ... واخراج شياطين كثيرة ( مر 1 : ٢٩-٣٤ )
رأينا الأرواح النجسة والشياطين الخبيثة تسمع أقوال ربها وتجزع مـن الخالق لطبائعها هكذا . وتمتثل الأوامر بسرعة وتبــادر إلـى المراسـم بـالخوف والوقار . فما بالك أنت تسمعه دائماً يأمرك بمحبة الأخوة والاحسان للمسيئين اليـك . والمسامحة للمبغضين وأنت لا تصنع كذلك . لكنك تغضب أخاك وتخاصم صـاحبك وتود قتل مبغضيك وتنازع المؤمنين أيضاً . فاسمع ما يقوله بولس الرسول : " لانـ أولا حين تجتمعون في الكنيسة اسمع أن بينكم انشقاقات وأصدق بعض التصديـق . لانه لابد أن يكون بينكم بدع أيضاً ليكون المزكوم ظاهرين " " .ومعناه أنه إذا وقعـت بينكم شرور وخصومات يتميز الطائعون للمسيح بالصبر والاحتمال والصفـح عـن المسيئين لهم . ويظهر شر الأشرار بكثرة المحك ( والفجور والتنازع وحب الغلبـة وقال الرسول أيضاً : " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد " . وأنواع أعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل . ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة . فإنه لواحد يعطى بالروح كلام حكمـة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد . ولآخر إيمان بالروح الواحد ولآخر مواهـب شفاء بالروح الواحد . ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح . ولأخـر أنواع السنة . ولآخر ترجمة السنة . ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسـماً لكل واحد بمفرده كما يشاء " " " . ( معناه ) فما بالكم انتم الآن تتنافسون وتتغايرون إذا كان الله هو المقسم الرتب والمعطى بحسب الاستحقاق لكـل واحـد كـمـا يـحـب ويا للعجب من أن الذين يكثرون الخصام في الاسواق والشوارع يكسبون المذمة من الناس واللائمة من الناظرين . وكذلك الذين يشوشون على المجتمعيـن فـي أمـاكن اللعب والسباق والحانات وحلقات المشعبذين يوسقهم من حضر سبأ وشتماً ويـهانون . والذين يتنازعون في أبواب الملوك والعظماء . فأنهم يضربون بالسياط ويسـجنون ولا يرحمون . فإذا كان الذين يشوشون على هذه الاماكن العالمية يفعل بهم مثل هـذه الفعال . فالذين يشوشون على بيعة الله تعالى ومصاف الملائكة ومجــامع الشهداء والأبرار بماذا يعاقبون ؟ وبأي عذاب يعذبون . اسمع يا هذا قول الكتاب عن قـورح وداثان وأبيرام الذين حسدوا موسى وهرون وأرادوا أن يكونوا كهنة مثلهم وينقلـون عن رتبة اللاويين . قال الكتاب : " قام قورح وداثان وابيرام ومئتان وخمسون رجـلاً من رؤساء الجماعة على موسى وهرون وقالوا لـهما كفاكمـا . إن كـل الجماعـة بأسرها مقدسة وفي وسطها الرب . فما بالكما ترتفعان على جماعة الرب . فلما سـمع موسى سقط على وجهه . ثم كلم قورح وجميع قومه قائلاً غداً يعلن الرب من هو له ومن المقدس حتى يقؤبه إليه .. كفاكم يا بنى لاوى . أقليل عليكم أن إلـه اسـرائيل أفرزكم من جماعة اسرائيل ليقربكم اليه لكي تعملوا خدمة المســن وتقفـوا قـدام الجماعة لخدمتها . فقر بك وجميع أخوتك بنى لاوى معك وتطلبون أيضـاً كـهنوتاً . إذن انت وكل جماعتك متفقون على الرب . وأما هرون فما هو حتى تتذمروا عليـه . فارسل موسى ليدعو داثان وابیرام ابنى اليآب فقالا لا نصعد . أقليل أنك أصعدتنا من أرض تفيض لبناً وعسلاً لتميتنا في البرية حتى تترأس علينـا أيضـاً ترؤسـاً . ولا أعطيتنا نصيب حقول وكروم . لا نصعد . فأغتاظ جداً وقال للـرب لا تلفـت إلى تقدمتهما . حماراً واحداً لم أخذ منهم ولا أسات إلى أحد منـهم . وقـال موسـى لقورح كن أنت وكل جماعتك أمام الرب أنت وهم وهرون غدا . وخذوا كـل واحـد مجمرته فيها بخوراً وقدموا أمام الرب كل واحد مجمرته ، مئتين وخمسين مجمـرة . وأنت وهرون وكل واحد بمجمرته . فأخذوا كل واحد مجمرته وجعلـوا فيـهـا نـاراً ووضعوا عليها بخوراً ووقفوا لدى باب خيمة الاجتماع مع موسى وهرون . وجمـع عليهما قورح كل الجماعة إلى باب خيمة الاجتمـاع فـتراءى مجـد الـرب لكـل الجماعة . وكلم الرب موسى وهرون قائلاً ، افترزا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة . فخرا على وجهيهما وقالا اللهم إله أرواح جميع البشر هل يخطئ رجـل واحد فتسخط على كل الجماعة . فكلم الرب موسى : كلم الجماعة قائلاً اطلعوا مـن حوالي مسكن قورح وداثان وابیرام ، فقام موسى وذهب إلى داثان وابـــرام وذهـب وراءه شيوخ اسرائيل . فكلم الجماعة قائلاً اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغـاة ولا تمسوا شيئاً مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم . فطلعوا من حوالي مســكـن قـورح وداثان وأبيرام . وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتهما ، نســـائهما وبنيـهما وأطفالهما . فقال موسى بهذا تعلمون أن الرب قد أرسلني لأعمل كـل هـذه وأنـها ليست من نفسي . إن مان هؤلاء كموت كل انسان وأصابتهم مصيبة كل انسان فليـس الرب قد ارسلني . ولكن إن ابتدع الرب بدعة وفتحت الارض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياء إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا بالرب . فلما فرغ من المتكلم بهذا الكلام انشـقت الارض التـى تحتـهم . وفتحـت الارض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الاموال . فنزلوا هـم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقـت عليـهم الارض فبـادوا مـن بيـن الجماعة . وكل اسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم لانهم قــــالوا لعـل الارض تبتلعنا . وخرجت نار من عند الرب وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذيـن قـربـوا البخور . ثم كلم الرب موسى قائلاً : " قل لألعازار بن هرون الكاهن أن يرفع المجـامر من الحريق وأذن النار هناك . فانهن قد تقدسن . مجـامر هـؤلاء المخطئيـن ضـد نفوسهم فليعملوها صفائح مطروقة غشاء للمذبح لانهم قد قدموها أمام الرب فتقدسـت فتكون علامة لبنى اسرائيل . فاخذ العازار الكاهن مجـامر النحـاس التـى قدمـها المحترقون وطرقوها غشاء للمذبح . تذكاراً لبني اسرائيل لكيلا يقترب رجل أجنبـي ليس من نسل هرون ليبخر بخوراً أمام الرب فيكون مثل قورح وجماعته كما كلمـه الرب على يد موسى " . ( ۱ ) فسبيلنا أن نهرب من طلب الرئاسات والامور العاليـة ونطلـب مـا فيـه خلاصنا ونسارع إلى العمل بأقوال ربنا . لنفوز بنعيم الملكوت الدائـم بنعمـة ربنـا يسوع المسيح الذي له المجد والوقار . الآن وكل أوان وغلى دهر الداهرين آمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
23 ديسمبر 2022
الكرازة بالفرح في الرب
لم يختر السيد المسيح القديسة مريم من بين الاثني عشر تلميذا ولا من بين السبعين رسولاً ، غير أنها كانت نموذجا رائعا وفعالاً في ممارستها الكرازة العملية .
1- بصمتها لم تخبر خطيبها القديس يوسف عن بشارة الملاك جبرائيل ، ولا أعلنت له عن تجسد الكلمة في أحشائها ؛ غير أنها بصمتها المقدس ، ظهر ليوسف ملاك في حلم قائلاً : " يا یوسف بن داود ، لا تخف أن تأخذ امرأتك ، مریم لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس ، فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع ، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت ۱ : ۲۰-۲۱ ) . ما قدم ليوسف في حياته أفضل من الحوارات البشرية .
2- بحوارها المقدس مع الملاك جبرائيل أيضا كرزت ، فقدمت للبشرية عبر الأجيال فهما لسر التجسد ، ودور الثالوث القدوس فيه ( لو 1 : ٣٤ ) .
3- كما كرزت بالصمت المقدس والحوار المقدس ، كرزت أيضا بعمل المحبة الباذلة المقدس ، إذ قيل : " فقامت مريم في تلك الأيام ، وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا ... فلما سمعت اليصابات سلام مریم ارتكض الجنين في بطنها ، وامتلأت اليصابات من الروح القدس " ( لو 1 : 39-41 ) . بعمل المحبة تحول بيت زكريا الكاهن إلى شبه سماء متهللة ؛ الجنين ارتكض مبتهجا ، واليصابات امتلأت من الروح القدس ، وصار البيت كله مسبحا الله بفرح وتهليل . يا لعظم كرازة مريم ، التي لم تخبرهم شيئا ، إنما جاءت حاملة السيد المسيح جنينا في أحشائها ! لا يحتاج العالم إلى عظات وكتب بقدر ما هو متعطش إلى دخول السيد المسيح إلى القلوب وفي البيوت ، وأينما وجد الإنسان !
الحياة المتهللة المقدسة والكرازة
صالح أن تهتم الكنيسة بالكرازة والتبشير ، فتعد مناهج للتبشير يتعلمها المؤمن بروح الإيمان والثقة في عمل روح الله القدوس فيه وفي المخدومين . وصالح أن يخدم المؤمن غير المؤمنين في كل جوانب الحياة ، فيشعر بالمحبة العملية الصادرة عن الكارز بالله محب البشرية . إنما كل هذا يفسده التعصب الأعمى أو الحرفية القاتلة أو التشامخ والكبرياء ، فإن نعمة الله القدوس تعمل فيمن يحيا مقدسا بروح التواضع والحب ! لم يذكر الكتاب المقدس أن القديسة مريم أخذت معها هدايا للجنين ووالديه ، ولا فكرت كيف تخدم نسيبتها الحبلى وهي بلا خبرة في مثل هذه الحالة ، وربما لم يكن لديها إمكانيات مادية تقدمها لهم . لقد شعرت بالغنى الحقيقي ، إذ تحمل في أحشائها مخلص العالم ، واهب الفرح السماوي والتهليل القلبي . قدمت القديسة مريم للكاهن وزوجته وجنينها رب المجد نفسه الساكن فيها ، .فصار البيت أشبه بسماء لا يعوزها شيء .
هب لي يا ربّ روح الكرازة الصادقة انطلق مع القديسة مريم حاملاً إياك في قلبي هب لي الصمت المقدس ، فتتكلم أنت في وبي هب لي يا رب الحوار المقدس معك فأطلب لأجل خلاص البشرية هب لي القلب المتسع بالحب ، والعقل المملوء حكمة هب لي أن أثبت فيك ، وتثبت في فأصير بك مصدرا للفرح لكل من ألتقي به
القمص تادرس يعقوب ملطي كاهن كنيسة مارجرجس اسبورتنج
المزيد
22 ديسمبر 2022
شخصيات الكتاب المقدس رحوم صاحب القضاء
رحوم صاحب القضاء (عزرا 4: 8 )
اسم عبري معناه "شفوق" أو "محبوب" صاحب القضاء الذي كتب رسالة إلى ارتحشستا الملك ليوقف إعادة بناء أسوار أورشليم وهيكلها (عز 4: 8 و9 و17 و23).
تعالوا نتعرف أكتر على رحوم صاحب القضاء ونشوف هنتعلم ايه؟
1- رحوم العائد لغرض
ذكر لنا في سفر عزرا 2:2 ان رحوم عاد مع زربابل في أول فوج لكن ما هو غرض رحوم من الرجوع هو طلب الرئاسة والسلطة
2- رحوم المتلون
كان رحوم صاحب القضاء يعني رئيس المراسيم يعني برتبة والي للبلاد يعني مش محتاج أي شيء لكن تملقه للملك جعله إنسان متلون أمام اليهود بشكل وفي الخفاء يصنع المكائد
3- رحوم الخائن
لما سمع إن عزرا أخذ أمر ببناء بيت الله ورجوع الناس كتب رسائل للملك حرض فيها الملك لوقف القرار حتى في عزرا 4: 23 لما أرسل الملك الرد بعدم استكمال العمل يقول الكتاب
حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَهُودِ، وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ والسؤال ايه مشكلة يهودي في بناء هيكل الله ده لأنه خائن ومحب للسلطة
تعالوا نطبق اللي اتعلمناه
1- إن كان غرضك من الخدمة الوصول للمناصب والمسميات المختلفة فاعرف ان خدمتك فارغة
تصبح مثل نحاسا يطن أو صنجا يرن
2- لا تتلون لكي ترضي الناس حتى لا تصبح مثل المهرج
3- احذر من الخيانة لأن الخائن عاره لا ينسى من الناس وتظل في نظر الناس خائن حتى لو رجعت
المزيد
21 ديسمبر 2022
لماذا حل الرب بيننا؟
ونحن نحتفل بميلاد المسيح من العذراء، لعلنا نتساءل فيما بيننا: ما هي الأسباب التي دعت رب المجد أن يتخذ جسداً ويحل بيننا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويولد من امرأة كبني البشر؟
لاشك أن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد. جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين. هذا هو السبب الرئيسي الذي لو اكتفى المسيح به ولم يعمل غيره، لكان كافياً لتبرير تجسده وجاء المسيح ليوفي العدل الإلهي، وليصالح السماء والأرض.ويمكننا أن نقول أيضاً - إلى جوار عمل الفداء والمصالحة- إن السيد المسيح قد جاء لينوب عن البشرية. وكما ناب عنها في الموت، ينوب عنها أيضاً في كل ما هو مطلوب منها أن تعمله. إن الإنسان قد قصّر في كل علاقاته مع الله فجاء، «ابن الإنسان" لينوب عن الإنسان كله في إرضاء الله.وفي فترة تجسده أمكن للرب أن يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان كصورة لله ومثاله، قدم القدوة العملية. حتى أن القديس أثناسيوس الرسولي قال إنه لما فسدت الصورة التي خُلق بها الإنسان، نزل الله ليقدم لهم الصورة الإلهية الأصلية.وأيضاً لما أخطأ القادة في تفسير الشريعة الإلهية وقدموها للناس حسب مفهومهم الخاطئ، ومزجوا بها تعاليمهم الخاصة وتقاليدهم، جاء الرب ليقدم للبشرية الشريعة الإلهية كما أرادها الله، نقية من الأخطاء البشرية في الفهم والتفسير..
الفداء هو السبب الأساسي للتجسد:
لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصى الله وخالف وصيته، وهو أيضاً أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفاً الخير والشر (تك3: 5). وفى غمرة هذا الإغراء نرى أن الإنسان لم يصدق الله الذي قال له عن شجرة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قالت: «لن تموتا». وبعد الأكل من الشجرة نرى أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ، يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمّل الله جزءاً من مسئولية خطيته فيقول له: «المرأة التى جعلتها معي هي أعطتني» (تك3: 12).إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله فى وعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله أخطاء الإنسان ضد الله، والله غير المحدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة، والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قُدِّمت عنها كفارة، ينبغى أن تكون كفارة غير محدودة. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغى أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة.
هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز.
لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). فكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدى الوصية، إذ قال له: «وأما شجرة معرفة الخير فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت.كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلاً، ولا يكون الله صادقاً في إنذاره السابق.
هذه النظرية يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابة "تجسد الكلمة". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟
كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكراً!!
وكانت موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خُلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟!
وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله قد خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!!
وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق، من أن يُخلق ليلقى هذا المصير!!
وأخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً!! (للمقال بقية
قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد