الكتب

نحميا وبناء سور أورشليم

لا شك أن شعب يهوذا كان يشعر بالمذلّة فى أرض السبى لأنهم أدركوا مجد أورشليم الذى ضاع، وقيمة الحرية التى فقدوها فى السبى، إذ صاروا كالعبيد مملوكين لمن سبوهم. وكثيرٌ من القديسين فى العهد القديم كلما تذكّروا أورشليم كانوا ينوحون، مثل نحميا الذى عندما سأل عن أورشليم وعرف ما آلت إليه أحوالها جلس يبكى نائحًا صائمًا مصليًا أمام الرب، حين سمع أن الذين بقوا من السبى هناك هم فى شرٍ عظيم وعار، وسور أورشليم منهدم وأبوابها محروقة بالنارفقام نحميا بسماح من كورش الملك بنهضة وإصلاح.. وبعد أن رمم سور أورشليم جمع مع عزرا الكاتب الشعب اليهودى ليستمع إلى الشريعة وقرأها وفسّرها لهم، فقطعوا عهدًا أن يحفظوا ناموس موسى، وألا يتزوجوا من الوثنيين، وأن يفكوا الزيجات الخاطئة مع غير المؤمنين، وأن يحفظوا السبت، وأن يقدموا الباكورات والعشور (نح10: 28-39). حين وجد نحميا شعبه مغلوبين من الخطايا الكثيرة لم يتبرم أو يتذمر بسبب ضعفاتهم وسقطاتهم المتكررة، لكنه عرف أن ينتصب للجهاد من أجلهم فكان خادمًا ناجحًا إنه كخادم استطاع أن يقود الآخرين روحيًا.. استطاع أن ينتصب أمام الله فى الصلاة، كما ينتصب قبالة المقاومين لكى يحارب الشيطان فى معركة روحية، يقود فيها آخرين إلى النصرة فالخادم هو قائد كتيبة أو لواء روحي فى جيش الخلاص، وهذه القيادة تعنى أنه سوف يدخل حربًا روحية من أجل تابعيه أو من أجل مخدوميه.. هكذا كان نحميا كان قلبه مشتاقًا إلى أورشليم، وهذا الاشتياق فى قلبه كان يثير الغيرة المقدسة فى قلوب الآخرين، وهكذا عبر بالآخرين نحو الاشتياق إلى الحياة المقدسة.

بين يوآش الملك ويهويداع الكاهن

فى دراستنا للكتاب المقدس يجب أن يعيش الإنسان الأحداث التى فيه بفكره ومشاعره، ويشعر أن الكتاب المقدس بالإضافة إلى إنه كنز غنى بالتعاليم الروحية، فهو أيضًا يتضمن قصصًا وأحداثًا كبيرة إذا تفاعل معها الإنسان تتحرك فى داخله مشاعر كثيرة، يدرك فيها ما هى مشاعر الله من خلال هذه الأحداث، وما هى مشاعر القديسين، ويتحسس المعاناة التى احتملها القديسون، ومقدار البذل الذى قدموه مثلما نقرأ فى سير الشهداء، وهذا يعطى تأثيرًا وعمقًا لحياتنا. فالكتاب المقدس بالإضافة إلى إنه كتاب نتعلم منه وصايا الله، فهو أيضًا قد قدّم لنا تاريخًا حافلاً جدًا. هذا التاريخ يوضح لنا معاملات الله مع البشر على مدى آلاف السنين، كما يوضح كيف كان الله يهيئ لمجيء المخلّص بكل فصول التاريخ المظلمة والمضيئة التى ممكن أن نراها فى طياته.وموضوع حديثنا هو قصة من قصص الكتاب المقدس نرى فيها عِبرًا روحية؛ هذه القصة هى قصة الملك يوآش بن أخزيا ملك يهوذا، وقد وردت فى سفر ملوك الثانى الأصحاح الـ11، وأيضًا فى سفر أخبار الأيام الثانى الأصحاح الـ22.قصة مؤثرة تتضمن أحداثًا عنيفة جدًا؛ وتتضمن أيضًا مواقف للوفاء وأخرى للخيانة أو عدم الوفاء والعرفان بالجميل، منها نتعلم دروسًا روحية كثيرة.

إيليا وأليشع

تعتمد المسيحية إلى جانب كبير على التلمذة، ويوصى معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى العبرانيين قائلاً: "اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ" (عب13: 7). أى أن الإنسان يحتاج أن يرى أمامه مثالاً أو قدوة ليقتدى بها.. والسيد المسيح هو مثلنا الأعلى، وأيضاً القديسون يقدمون لنا أمثلة رائعة للحياة مع الله تساعدنا لكى نشعر أن القداسة شىء ممكن، ليس فقط السيد المسيح هو قدوس القديسين، ولكن أيضًا القداسة شىء ممكن فى حياة البشر أريد أن أتأمل معكم فى قصة اثنين من الأنبياء؛ أحدهما كان تلميذًا للآخر لنرى كيف استطاع التلميذ أن يأخذ بركة معلمه الذى اعتبره مثالاً وقدوة له، وقد كان من المهم جدًا أن يلازمه فى ساعات حياته الأخيرة، بل أهم من ذلك أن يثبت نظره عليه فى لحظات انتقاله من هذا العالم من أجل ذلك فإننا نهتم جدًا فى سير القديسين بيوم نياحتهم أو يوم استشهادهم، ونكثف تأملاتنا حول الساعات الأخيرة من حياتهم؛ فنعطيها أهمية خاصة، وبالأخص اللحظات الأخيرة ليس فقط الساعات الأخيرة، حيث تكون هى أقدس لحظات فى حياة الإنسان هى لحظات خروجه من هذا العالم عندما يقول الكتاب "انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ (عب13: 7)، عليك أن تطلب أن نفس الروح والقوة التى رافقت هؤلاء القديسين أن ترافق مسيرة حياتك.

بين أبيجايل الكرملية وداود الملك

الكتاب المقدس وإن كان قد تكلم عن حواء وكيف أسقطت آدم من الفردوس، لكن تكلم عن القديسة العذراء مريم, وكيف صارت وسيلة لخلاص جنسنا, وتكلم عن أبيجايل المرأة الحكيمة وعن المرأة الكنعانية وعن كثير من النساء اللواتي توشحن بالحكمة, فإذا كانت حواء قد تصرفت بعدم حكمة فى الفردوس، فإن هناك نساء كثيرات أيضا قد تزين بهن جنس النساء, وعلى رأسهن العذراء مريم, وبينهن القديسة العفيفة الشهيدة دميانه مع صاحباتها العذارى الأربعين.وحديثنا هو عن إحدى نساء الكتاب المقدس, التى تقدم مثلا من أمثلة الحكمة وبُعد النظر والاستجابة لصوت الله وأيضًا انفتاح القلب لعمل الله فيه, هذه المرأة هي أبيجايل التي عاشت فى زمان داود النبى والملك.

داود الملك التائب

التوبة تفرِّح قلب الله جدًا، وتغيِّر طريق الناس، وتحوِّل الخطاة إلى قديسين، وتفرح ملائكة السماء، وتنقذ الإنسان من فقدان حياته الأبدية، وتحوِّله إلى سيرة روحانية ملائكية. بالتوبة يشعر الإنسان بسعادة الرجوع إلى الله "ارْجِعُوا إِلَيَّ أَرْجِعْ إِلَيْكُمْ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ" (ملا3: 7). والسعادة التى فى التوبة تفوق بما لا يُقاس لذة الخطية وشهواتها المتنوعة.ربما الإنسان الذى يعيش فى الخطية يكره التوبة لأنه لم يذُق حلاوتها، بل ربما يخاف من التوبة لئلا تحرمه حلاوة الخطية التى يحبها، لكن إذا عاش حياة التوبة والنقاوة بعدما ذاق مرارة الخطية سوف يتعجب كيف قَبِل أن يكون للخطية وجود فى حياته فى وقتٍ من الأوقات!! المشكلة هو أن الإنسان عندما تثور عليه شهوة أو لذة الخطية أو رغبتها يتصور أنه لا يوجد أحلى منها، أو لا يستطيع أن يتحرر من سلطانها، أو إنها محبوبة جدًا رغم إنها مؤذية جدًا، ومريرة للغاية وهى سبب شقائه وتعبه ومعاناته ليس فى السماء فقط إنما على الأرض أيضًا.

راعوث المؤابية

قصة راعوث كما أنها قصة حياة أو قصة إمرأة قديسة، ولكن نريد أن ننظر إليها كرمز للبشرية، كرمز للكنيسة، كرمز للأمم التى كانت هى واحدة منهم.كلنا نعرف راعوث كأرملة أو كزوجة ابن مخلصة، ولكن نريد أن ننظر إليها كرمز، لأنه ليس مصادفة أن يخصص الكتاب المقدس سفرًا بأكمله من أجل إمرأة واحدة، سفرًا كاملاً من أسفار الكتاب لمجرد أنها إنسانة تتحلى ببعض الصفات الخيرة أو الطيبة. لأنه بلا شك إن نساء كثيرات أخريات كن قديسات فى العهد القديم أثناء تدوين الأسفار المقدسة. فلماذا توقف الوحى الإلهى أمام حياة هذه المرأة، وسجّلها فى بعض مواضيعها بالتفصيل؟.. لاشك أن هذا كان بسبب ما أشار إليه السفر بروح النبوة عن علاقة الله عمومًا بالبشرية، وهذا ما سنلمسه فى حديثنا عنها.

إسحق إبن الموعد

يقول معلمنا بولس الرسول "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ، كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ، إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ" (أف1: 3-6).الله قبلما يخلق العالم كله، كان فى ذهنه شخصيات معينة قد اختارها، هذه الشخصيات اختارها لكى تحيا فى حياة القداسة، وأعد لها أعمالاً لتعملها لمدح مجد نعمته. لكن الله لا يختار أحدًا تحيزًا. إنما هو بسابق علمه يعرف أن هناك شخصية معينة لها استعداد طيب. ويمكن أن تتجاوب مع عمل نعمته وبذلك يستطيع أن يستخدمها. الله يرسم لكل إنسان خطة عمل، ويدبر تدبيرًا عجيبًا جدًا من أجل خلاص البشرية... وأمام هذا التدبير يقف الإنسان متعجبًا.

إبراهيم أبو الأباء

كان الآباء فى العهد القديم ينتظرون المدينة التى لها الأساسات التى صانعها وبارئها الله، ويبتغون وطنًا أفضل أى سماويًا... وإبراهيم هو أب الإيمان، هو رجل الإيمان الجماهيرى الأول فى تاريخ البشرية، هو أب تلك العائلة المقدسة التى دعاها الله لكى يجعلها شعبًا خاصًا له بصفة مرحلية لكى تتسع بعد ذلك وتصير عائلة الإيمان. ونستطيع أن نقول إن إبراهيم يمثل بداية متميزة من بدايات علاقة الإنسان مع وعود الله.إن الكتاب المقدس بلباقة عجيبة جدًا وبحكمة إلهية سامية، يرسم حياة الإنسان من خلال هذه الشخصية العظيمة. من البداية الأولى لذلك الشعب الخاص خطوة خطوة، وتقطع البشرية مسيرة الخلاص مع الله، بنفس الصورة التى تقطعها كل نفس تؤمن بالمسيح.

بين ملكى صادق والمسيح

ملكى صادق شخصية ظهرت فى التاريخ فجأة، واختفت ولم يسجَل فى الأسفار المقدسة وفى كتب اليهود مَنْ تكون أسرته، مَنْ هو أبوه ومَنْ هى أمه فلم يُذكر له نسب. أو متى وُلد، أو متى رقد. وقال عنه معلمنا بولس الرسول "بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ" (عب7: 3)، لذلك صار يشبه ابن الله لأن أسرارًا كثيرة أحاطت أيضًا بحياة السيد المسيح فى تجسده وفى مجيئه إلى العالم وفى كل ما يخص الأبعاد العجيبة التى يقف أمامها الإنسان متحيرًا. فهو بلا أب جسدى من حيث ناسوته، وبلا أم من حيث لاهوته. لا بداية أيام له ولا نهاية حياة من حيث لاهوته.وملكى صادق هو شخص حقيقى عاش فى أيام إبراهيم، وقدم تقدمة خبز وخمر. وقد أعطى له إبراهيم العشور من كل شيء. وكهنوت ملكى صادق كان كهنوتًا أعلى من كهنوت هارون، أى كهنوت سبط لاوى الذى كان فى صُلب إبراهيم... لم يكن ملكى صادق من سبط لاوى أو من نسل هارون ولكنه أعطى البركة لإبراهيم، وكان سبط لاوى فى صُلب إبراهيم عندما باركه ملكى صادق.

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل