المقالات

25 مارس 2020

فائدة الصوم للجسد

للصوم فوائد عديدة للجسد ، نذكر بعضاً منها فيما يلي :- - الصوم فترة راحة لبعض أجهزة الجسد إنها فترة تستريح فيها كل الأجهزة الخاصة بالهضم و التمثيل ، كالمعدة والأمعاء و الكبد والمرارة ، هذه التي يرهقها الأكل الكثير ، والطعام المعقد في تركيبه و بخاصة الأكل المتواصل أ, الذي في غير مواعيد منتظمة ، كمن يأكل ويشرب بين الوجبات ، في الضيفات وفي تنازل المسليات و الترفيهات وما أشبه فترتبك أجهزته إذ يدخل طعام جديد يحتاج إلي هضم ، علي طعام نصف مهضوم ،علي طعام أوشك أن ينتهي هضمة! أما في الصوم ففي خلال فترة الانقطاع تستريح أجهزة الجسم هذه وفي تناول الطعام تصلها أطعمة خفيفة لا تتعبها وكذلك يريحنا في الصوم تدريب ( عدم الأكل بين الوجبات ) وما أجمل ان يتعود الصائم هذه التدريب ، ويتخذه كمنهج دائم حتى في غير أوقات الصوم ، إلا في الحالات الاستثنائية . من فوائد الصوم أيضا للجسد أن : - الطعام النباتي يريح من مشكلة الكوليسترول ما أخطر اللحوم بشحومها ودهونها في أزادة نسبة الكوليستيرول في الدم ، وخطر ذلك في تكوين الجلطات ، حتى ان الأطباء يشددون جداً في هذا المر ، ويقدمون النصائح في البعد عن دسم اللحم و البيض والسمن وما إلي ذلك ، حرصاً علي صحة الجسد ، وبخاصة بعد سن معينة وفي حالات خاصة ، وينصحون أيضاً بالطعام النباتي ، ويحاولون علي قدر الطاقة إرجاع الإنسان إلي طبيعته الأولي وإلي طعام جنه عدن ومن فوائد الصوم أيضاً للجسد أنه : - بالصوم يتخلص الصائم من السمنة و البدانه و الترهل هذه البدانه التي يحمل فيها الإنسان كمية من الشحوم و الدهون ، ترهقه وتتعب قلبه الذي يضطر أيضاً أن يوصل الدم إلي كتل من الأنسجة فوق المعدل الذي أراد له الله أن يعوله بالإضافة إلي ما تسببه السمنة من أمراض عديدة للجسد ويصر الأطباء من أجل صحة الجسد علي إنقاص وزنه ويضعون له حكماً لابد أن يسير عليه يسمونه الريجيم . Regime ، ويأمرون الإنسان البدين - الذي يعتبرونه مريضاً - بان يضبط نفسه في الأكل ، بعد أن كان يأكل بلا ضابط . - إن الصائم الذي يضبط نفسه ، لا يحتاج إلي ريجيم والصوم كعلاج روحي ، أسمي من العلاج الجسدي ، لنه في نفس الوقت يعالج الروح و الجسد و النفس معاً ليت الإنسان يصوم بهدف روحي ، من اجل محبته لله ، وسنصلح جسده تلقائياً أثناء صومه فهذا افضل من ان يصوم بأمر الطبيب لكي ينقص وزنه حقاً إنها لماساه ، أن الإنسان يقضي جزاءاً كبيراً من عمره ، يربي أنسجة لجسمة ، ويكدس في هذا الجسم دهوناً وشحوماً ثم يقضي جزواءاً آخر من عمره في التخلص من هذه الكتل التي تعب كثيراً في تكوينها واقتنائها ! ولو كان معتدلاً ، ولو عرف من البدء قيمة الصوم و نفعه ، ما أحتاج إلي كل هذا الجهد في البناء و الهدم لعل هذا يذكرني بالتي تظل تأكل إلي أن يفقد جسدها رونقه ثم ينصحها الأطباء ان تصوم وتقلل الكل وتتبع الريجيم وهكذا تقلل الأكل ، ليس من اجل الله ، وإنما من أجل جمال الجسد فهي لا تآكل ، وفي نفس الوقت لا تأخذ بركة الصوم ، لأنها ليست محبة في الله تفعل هذا! أما كان الجدار بكل هؤلاء أن يصوموا ، فتستفيد أجسادهم صحياً ، ولا تفقد رونقها ، وفي نفس الوقت تسمو الروح وتقترب غلي الله صوموا إذن لأجل الله ، قبل أن يرغمكم العالم علي الصوم بدون نفع روحي ولعلمن فوائد الصوم أيضاً ، وبخاصة فترات الانقطاع و الجوع ، أن : - الصوم يساعد علي علاج كثير من الأمراض من أهم الكتب التي قرأتها في هذا المجال ، كتاب ترجم إلي العربية سنة 1930 باسم ( التطبيب بالصوم ) للعالم الروسي ألكسي سوفورين وقد ذكر هذا العالم أن الصوم يساعد علي طرد السموم من الجسم بعمليات الأخراج المختلفة، إلا أن جزءاً قد يتبقي الصوم لطرده ويقول هذا العالم أيضاً إن الجسم في صومه ، إذ لا يجد ما يكفيه من غذاء ، تتحلل بعض أنسجته ، وأولها الدهون و الشحوم والأنسجة المصابة و المتقيحة ، وهكذا يتخلص منها الجسد وقد جاء هذا العالم أن الصوم الإنقطاعي الطويل المدي ، بنظام خاص ، يعالج كثيراً من الأمراض وغني اعرض بحثه للدراسة كرأي لعالم إختبر ما ورد في كتابه هل هناك فوائد أخري يقدمها الصوم للجسد ؟ نعم : - الصوم يجعل الجسد خفيفاً ونشيطاً آباؤنا الذين أتقنوا الصوم ، كانت أجسادهم خفيفة ، وأرواحهم منطلقة . كانت حركاتهم نشطة وقلوبهم قوية ، كانوا يقدرون علي المشي في اليوم عشرات الكيلومترات دون تعب يتحركون في البرية كالأياثل . ولم تثقل أذهانهم بل كانت صافيه جداً وهكذا منحهم الصوم نشاطاً للجسد و للروح وللذهن وقد وجدوا في الصوم راحتهم ، وودجدوا فيه لذتهم ، فصارت حياتهم كلها صوماً لا يقل أحد إذن إن الصوم أو الطعام النباتي يضعف الصحة ، لنه في الواقع يقويها أليس الصوم مجرد علاج للروح ، إنما هو علاج للجسد أيضاً ولم نسمع ابداً ان الطعام النباتي قد أضعف أحدا إن دانيال و الثلاثة فتية لم يأكلوا لحماً من مائدة الملك ، واكتفوا بأكل البقول فصارت صحتهم أفضل من غيرهم ( دا 1: 15) والآباء السواح ، وآباء الرهبنة الكبار ، كانوا متشددين جداً في صومهم ، ولم نسمع أبداً أن الصوم أضعف صحتهم ، بل كانت قوية حتى في سن الشيخوخة وأبونا آدم لم يقل أحد إنه مرض وضعف بسبب الطعام النباتي ، وكذلك أمنا حواء ، وكل الآباء قبل فلك نوح فاطمئنوا إذن علي صحتكم الجسدية - الذي يتعب الجسد ليس هو الصوم ، بل الأكل تتعب الجسد كثرة الأكل ، والتخمة ، وعدم الضوابط في الطعام ، وكثرة الخلاط غير المتجانسة في الطعام ، ودخول أكل جديد علي أكل لم يهضم داخل الجسد كما يتعب الجسد أيضا الطاقات الحرارية الزائدة التي تأتي من أغذية فوق حاجة الإنسان وما اكثر الأمراض التي سببها الأكل لذلك يجب أن تتحرروا من فكرة أن الصوم يتعب الصحة إنها فكرة خاطئة ، ربما نبتت أولاً من حنو الأمهات الزائد علي صحة أبنائهن حينما كانت الأم تفرح إذ تري إبنها سميناً وممتلئ الجسم ، وتظن أن هذه هي الصحة ! بينما قد يكون السمين أضعف صحة من الرفيع حنو الأمهات الخاطئ كان يمنع الأبناء من الصوم ، أو كان يخيفهم من الصوم ونقول إنه حنو خاطئ ، لأنه لا يهتم بروح الإبن كما يهتم بجسده ، كما لو كانت أولئك الأمهات أمهات لأجساد أبنائهن فقط وفي إشفاق الأم علي جسد إبنها كانت تهتم بغذاء هذا الجسد ، دون أن تلتفت إلي غذاء روحه !ومع ذلك سمعنا عن أطفال قديسين كانوا يصومون ولعل من أمثله هؤلاء القديس مرقس المتوحد بجبل أنطونيوس الذي بدأ صومه منذ طفولته المبكرة ، واستمر معه كمنهج حياة . وكذلك القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين الذي كان في طفولته يعطي طعامه للرعاه ويظل منتصباً في الصلاة وهو صائم حتي الغروب وهو بعد التاسعة من عمره كان الصوم للكل كباراً وصغاراً منحهم صحة وقوة وقد خلص أجسادهم من الدهن و الماء الزائدين وهكذا حفظت لنا كثير من اجساد القديسين دون أن تتعفن بسبب البركة التي حفظ بها الرب هذه الأجساد مكافأة علي قداستها ، هذا من جهة ومن جهة أخري لأن الأجساد كانت بعيدة عن أسباب التعفن ، بسبب التعفن قلة ما فيها من رطوبة ومن دهن قد تحفظ اللحوم فترة طويلة بلا تعفن ، إذا شوحوها ( قدوها) أي عرضوها للحرارة التي تطرد ما فيها من ماء وتذيب ما فيها من دهن ، فتصبح في جفاف يساعد علي حفظها إلي حد ما هكذا كانت أجساد القديسين بالصوم ، بلا دهن بلا ماء زائد ، فلم يجد التلف طريقاً إليها ولكن لماذا نركز علي الجسد ؟ هل الصوم فضيلة للجسد فقط ؟ الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد:- الصوم ليس مجرد فضيلة للجسد بعيداً عن الروح فكل عمل لا تشترك فيه الروح لا يعتبر فضيلة علي الإطلاق فما هو عمل الجسد في الصوم ؟ وما هو عمل الروح ؟ الصوم الحقيقي هو عمل روحي داخل القلب أولاً وعمل الجسد في الصوم ، هو تمهيد لعمل الروح أو هو تعبير عن مشاعر الروح الروح تسمو فوق مستوي المادة و الطعام ، وفوق مستوي الجسد معها في موكب نصرتها ، وفي رغباتها الروحية ويعبر الجسد عن هذا بممارسة الصوم إن قصرنا تعريفنا للصوم علي إنه إذلال للجسد بالجوع و الأمتناع عما يشتهي ، نكون قد أخذنا من الصوم سلبياته ، وتركنا عمله الإيجابي الروحي الصوم ليس جوعاً للجسد ، بل هو غذاء للروح ليس الصوم تعذيباً للجسد ، او استشهاداً للجسد ، أو صليباً له ، كما يظن البعض ، إنما الصوم هو تسامي الجسد ليصل إلي المستوي الذي يتعاون فيه مع الروح ونحن في الصوم لا نقصد أن نعذب الجسد ، إنما نقصد ألا نسلك حسبي الجسد ، فيكون الصائم إنساناً روحياً وليس إنساناً جسدانياً الصوم هو روح زاهده ، تشرك الجسد معها في الزهد والصوم ليس هو الجسد الجائع ، بل الجسد الزاهد وليس الصوم هو جوع الجسد ، إنما بالأكثر هو تسامي الجسد وطهارة الجسد ليس هو حالة الجسد الذي يجوع ويشتهي أن يأكل ، بل الذي يتخلص من شهوة الكل ويفقد الأكل قيمته في نظره الصوم فترة ترفع فيها الروح ، وتجذب الجسد معها تخلصه من أعماله واثقاله ، وتجذبه معها إلي فوق ، لكي يعمل معها الرب بلا عائق والجسد الروحي يكون سعيداً بهذا الصوم هو فترة روحية ، يقضيها الجسد و الروح معاً في عمل روحي يشترك الجسد مع الروح في عمل واحد هو عمل الروح يشترك معها في الصلاة و التأمل و التسبيح و العشرة الإلهية . نصلي ليس فقط بجسد صائم ، أنما أيضا بنفس صائمة بفكر صائم وقلب صائم عن الشهوات والرغبات ، وبروح صائمه عن محبة العالم ، فهي ميته عنه ، وكلها حياة مع الله ، تتغذي به وبمحبته الصوم بهذا الشكل هو الوسيلة الصالحة للعمل الروحي هو الجو الروحي الذي يحيا فيه الإنسان جميعه ، بقلبه وروحه وفكره وحواسة وعواطفه الصوم هو تعبير الجسد عن زهده في المادة و الماديات ، واشتياقه إلي الحياة مع الله وهذا الزهد دليل علي اشتراك الجسد في عمل الروح ، وفي صفاتها الروحية وبه يصبح الجسد روحياً في منهجه ، وتكون له صورة الروح في الصوم لا يهتم الإنسان بما للجسد به أيضاً في حالته الروحية . لا تهتموا بما للجسد:- في حديث الرب عن الغذاء الروحي ، نسمعه يقول إعملوا لا للطعام البائد ، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية ( يو 6: 27 ) وبعد هذا يحدثهم عن الخبز النازل من السماء ، الخبز الحقيقي ، خبز الله ، خبز الحياة ( يو 6: 32 - 35) إنه هنا يوجه إلي الروح وغذائها ويقود تفكيرنا في اتجاه روحي ، حتي لا ننشغل بالجسد وطعامه وحينما ذكر عبارة " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان " ( مت 4: 4) إنما أراد بهذا أنه ينبغي للإنسان ألا يحيا جسدانياً يعتمد علي الخبز كطعام له ، ناسياً الروح وطعامها . وعن طعام الروح هذا قال لتلاميذه " لي طعام لآكل لستم تعرفونه " ( يو 4: 32 ) . وهنا يخطر علي فكرنا سؤال هو هل كان المسيح علي الجبل صائماً أو يتغذي والجواب هو كان صائماً من جهة الجسد . وكان يتغذي من جهة الروح كان له طعام آخر لا يعرفه الناس وبهذا الطعام استطاعت الروح أن تحمل الجسد الصائم طوال الأربعين يوماً ، التي لم يهتم فيها الرب بطعام الجسد ، أو ترك الجسد يتغذي بطعام الروح إنه يعطينا درساً أن نهتم بما للروح ، وليس بما للجسد وفي هذا المجال نضع أمامنا كلام الوحي الإلهي علي فم معلمنا القديس بولس الرسول إذ بشرح موضوع الاهتمام بما للجسد وما للروح فيقول " أذن لا شي من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع ، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح " وهذا ما نريد أن نسلك فيه في الصوم وفي كل حياتنا ويتابع الرسول شرحه فيقول ( فإن الذين هم حسب الجسد ، فبما للجسد يهتمون ولكن الذين هم حسب الروح ، فبما للروح يهتمون " ( رو 8: 5 ) . فهل أنت يهتم بما للروح أم بما للجسد ؟ هل يهمك نموك الروحي ، أم رفاهية بصحة الروح ، فسيمنحك الرب صحة الجسد أيضاً في فترة الصوم كما شرحنا قبلاً ولكن الخطورة في الاهتمام بالجسد هي تلك العبارات الصعبة لأن اهتمام الجسد هو موت ، لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله ( رو 8: 6، 7) من يستطيع |أن يحتمل هذا الكلام ، ويظل سالكاً حسب الجسد ؟! هوذا الرسول يقول أيضاً " فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله " ( رو 8: ) " فإذن أيها الأخوة نحن مديونون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد " لأنه إن عشتم حسب الجسد فستموتون " " أما إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فسستحيون "( رو 8: 12 ، 13) حسن قول الرسول هذا فنحن في الصوم لا نميت الجسد ، إنما نميت أعمال الجسد ، نميتها بالروح لنحيا نحن لا نعذب الجسد ، أنما لا نسلك حسب الجسدلا نعطي للجسد نعطي للجسد شهوات ورغبات ، إنما نعطيه تسمياً ، وأرتفاعاً عن المادة ، وتسليم ذاته لروح لن الرسول يقول " ولكن إهتماماً الجسد هو حياة وسلام "( رو 8: 6) هذا هو الصوم . لذلك أمام عبارات الرسول نسأل هل أنت في الصوم تهتم بما للروح ؟ هذا ما نود إن نخصص له الفصول المقبلة ، لكي يكون صومنا روحانياً ومقبولاً أمام الله . ولكي لا نركز إهتماماً في الجانب الجسدي من الصوم ، ونغفل العمل الروحي ، ولكي نفهم الصوم بطريقة روحية ، ويكون لنا فيه منهج روحي لنفعنا وإن كان الصوم ليس هو مجرد جوع للجسد ، إنما هو بالأحرى غذاء للروح فلنبحث عن أغذية الروح خما هي ؟ وهل تنالها الصوم أم لا ؟ قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب روحانية الصوم
المزيد
24 مارس 2020

اليقظة الروحية

ونحن على أبواب الصوم الأربعيني المقدس، تحضرنا كلمات معلمنا بولس الرسول في الأصحاح الثالث عشر من رسالته إلى أهل رومية مخاطبًا أبناءه المؤمنين «إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، لأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنّا، قد تناهى الليل وتقارب النهار...». ومن كلمات الرسالة نستطيع أن نعلم أن معلمنا بولس كان يكلم أناسًا مؤمنين قد قبلوا الإيمان سابقًا، لأنه يقول: «خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا».. وبهذا نعلم أن الغفلة الروحية أمر قد يصيب الكثير من المؤمنين، وربما الخدام المرتبطين بالكنيسة ارتباطًا دائمًا.. لذلك مع بداية هذا الصوم نحتاج أن نراجع يقظتنا الروحية التي ربما تتراجع، فتفقدنا اهتمامنا بأبديتنا.. وهناك أسباب عدة تجعلنا نفقد يقظتنا الروحية، وهذه بعض منها..1) الانشغال الدائم.. سواء بالعمل، أو متابعة وسائل الإعلام، أو الانشغال بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة الذي قد يصل إلى حد الإدمان!! أو الانشغال الدائم بالاصدقاء، أو حتى الانشغال بعمل الخدمة دون إعطاء فرصة للنفس للهدوء والسكون أمام الله لنعرف أين نحن من الطريق؟ فالوقت الذي نمضيه أمام الرب في سكون ومراجعة للنفس. يساعدنا كثيرا علي اليقظة الروحية. «بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ» (إش30: 15).2) وجود خطايا محبوبة أو شهوات شخصية تجعلنا ننسى الله وننجرف في تيار الخطية، فنفقد يقظتنا الروحية، لذلك فكأولاد لله ينبغي ألا يتسلّط علينا شيء من الخطايا.3) العادات والهوايات: فالبعض ينشغل بمتابعة الكرة أو مشاهدة الدراما.. ورغم أن الهوايات في أحيان كثيرة لا تشكّل خطية في حد ذاتها، إلّا أن كونها بلا حدود ثابتة تجعلنا نفقد الاهتمام بروحياتنا، لذلك حسن أن يهتم الإنسان بهوايات تدفعه في الطريق الروحي كقراءة سير القديسين وسماع قصص جهادهم.4) البيئة المحيطة: فالإنسان الذي يرتبط بأصدقاء غير روحيين تجعل الإنسان يفقد شهوته في الوصول إلى السماء، ومع الوقت يفقد يقظته الروحية.5) عدم الاهتمام بضبط الحواس.. فالحواس هي مداخل الإنسان، والإنسان الذي يهمل السيطرة على حواسه تدخل إليه الخطية ويفقد يقظته الروحية.وكما أن هناك أسبابًا تفقدنا اليقظة، هناك أمور تساعدنا أن نبقى في حالة يقظة مستمرة..أ) التامل في محبة الله.. فالإنسان الذي يعرف كم أحبه الرب يراجع نفسه باستمرار، وهذه المحبة تدفعه أن يبقى يقظًا وحريصًا ألّا يحزن قلب الرب.ب) تذكر ما تصنعه الخطية فينا، فالخطية تغرّبنا عن الآب السماوي، كما فعلت بالابن الضال.جـ) الحزم الروحي يحفظ لنا يقظتنا.. فتأديبات ونظام الكنيسة الروحي يشجع أبناءها على اليقظة الدائمة.. فمثلًا منع الكنيسة الموعوظين من حضور قداس المؤمنين والاشتراك في التناول، كان حافزًا قويًا للموعوظين لكي يتوبوا ويعتمدوا ليشتركوا في مائدة الرب.د) الاستفادة من فترات الضيق.. لاكتشاف النفس، والحرص على النقاوة الروحية، فهزيمة الشعب أمام قرية عاي كانت سببًا في فحص الشعب واكتشاف خطية عخان بن كرمي (يش7).ه) الطاعة للمرشدين الروحيين: وتاريخ الكنيسة مليء بسير قديسين وقديسات تابوا بسبب كلمات الآباء الروحيين المهتمين بخلاصهم كالقديس أغسطينوس.. فالنصيحة الروحية تحفظنا يقظين على الدوام.و) وسائط النعمة تجعلنا دائمًا في حالة يقظة روحية.ز) تذكّر الرحيل ولحظات وداع الأحباء الراحلين تجعلنا نهتم بأبديتنا ونستعد لها.حـ) الحرص من الأخطاء المصيرية.. فهناك خطايا نفقدنا كل المستقبل كخطية حنانيا وسفيرة (أع5: 1-11).ط) زيارات النعمة: تحفظنا في حالة يقظة دائمة، فهكذا كانت توبة أغسطينوس وموسى الأسود، بسبب عمل نعمة الله فيهم.. لذلك لنكن يقظين ونقبل زيارات النعمة لحياتنا لكي نحتفظ بيقظتنا الروحية دائمًا. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
23 مارس 2020

القداسة ولباس العُرس

لعل هذا هو جوهر خبرة الحياة الروحية، أن نتقدّس ونقتني لباس العُرس الذي هو شرط دخول الملكوت الأبدي. ومفهوم القداسة هو الالتصاق بالله القدوس لأن القداسة هي صفه في الله، ففي (خر15: 11) «مَنْ مثلك في الآلهة يارب.. مَنْ مثلك معتزًا في القداسة مخوفًا بالتسابيح صانعًا عجائب»، فالله قدوس يكره الشر والمعصية، وخلق الإنسان على صورته ومثاله «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك1: 26). ويقول القديس يعقوب السروجي: "خلق الله الإنسان أعظم من كل الخليقة، وأعطاه إمكانية التقديس، لذلك أوصى الإنسان أن يتقدس «إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس، ولا تنجسوا أنفسكم بدبيب الأرض» (لا11: 44)"، فالقداسة هي طبيعة الحياة مع الله «نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين» (1بط1: 15), والقداسة عطية من الله باختيار الإنسان الذي خُلِق على مثال الله في كل سيره في حياته، وفي حالة حرص الإنسان على القداسة في كل سيرة يقتني ثوب العرس الذي هو شرط الدخول الى الملكوت الأبدي، الذي وُصِف بأنه "عرس ابن الملك" (مت22: 1-3) «يشبه ملكوت السموات إنسانًا ملكًا صنع عرسًا لابنه، وأرسل ليدعو عبيده المدعوين إلى العرس". وفي قول الأب غريغوريوس الكبير: "يمكننا القول أن الآب صنع لابنه الملك العرس خلال سر التجسد حيث التصقت به الكنيسة المقدسة مزيّنة بلباس العرس، بدءًا من العذراء القديسة مريم، ليتحد بعروسه المقدسة كنيسته المتزينة بلباس العرس في كل الأزمنة بقديسيه". وهنا نتساءل: ما هو ثوب العرس؟ إنه الحياة الداخلية المقدسة، والمُعلَنة من خلال السيرة العطرة بالتصرفات العملية والسلوك المسيحي، وأساسه ما نلناه في المعمودية بإيماننا المسيحي من إمكانية السلوك بوصايا الله، بقيادة الروح القدس العامل فينا دائمًا كنتيجة للتقديس بالميرون المقدس بعد المعمودية. ويؤكد القديس جيروم ذلك بقوله: "ثوب العرس نناله بتنفيذ وصايا الرب وتتميم ناموسه المقدس بعمل روح الله الذي يقودنا «فالذين ينقادون بروح الله فهم أبناء الله» (رو8: 14). والقديس أغسطينوس يوصي قائلًا: "ليكن لكم الإيمان العامل بالحب الإلهي فإن هذا هو ثوب العرس.. يا مَنْ تحبون المسيح، وتحبون بعضكم بعضًا، وكذلك الأصدقاء، بل حتى الأعداء. ولا يكون هذا ثقلًا عليكم". بل يرى الأب غريغوريوس الكبير أن ثوب العرس يُنسَج بين عارضتين هما: محبة الله ومحبة القريب، لأن الحب المقدس هو طبيعة النفس التي لا تقدر أن تفصل محبة الله عن محبة القريب. ولخطورة هذا الأمر نقتني المحبة المتكاملة لله وللناس، ونسهر عليه بالصلوات كما في نصف الليل: "ها هوذا الختن يأتي في نصف الليل، فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظًا، أمّا الذي يجده متغافلًا فإنه غير مستحق المضي معه. فانظري يا نفسي لئلا تُثقلي نومًا فتُلقي خارج الملكوت، بل إسهري..." إننا جميعًا نشتاق إلى دخول العرس السماوي في الملكوت الأبدي، وشرط الدخول هو اقتناء ثوب العرس، لئلّا يأتي مَنْ يقول: «يا صاحب كيف دخلتَ إلى هنا وليس عليك لباس العرس؟.. فسكت» (مت22: 12). لذلك نحذر من أن تكون لنا صورة التقوى لكن ننكر قوتها، ولا أن نكون كالجاهلات نحمل مصابيح ليس لها رصيد في زيت الآنية، لأن زيت المصباح ينفذ لكن خزين زيت الآنية لا ينفذ مطلقًا. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
22 مارس 2020

بئر الماء الحي

جائت السامرية كعادتها متوقعة ألا تجد أحداً لكنها وجدت يسوع رأت من شكله و وقاره أنه رجل دين و فكرت في داخلها: هل سينظر لي باحتقار؟ أم سيوجه كلام عنيف و قاسي لي؟ ليته يتركني فهو لن يفهم كم تعبت من نظرات و كلام الناس المصدر كتاب "بئر الماء الحي" بعد أحد الابن الضال يأتي أحد السامرية على نفس الخط التوبة و الرجاء لأي نفس أياً كان ماضيها أو حياتها أو خطاياها بعد لقاء عميق و صادق مع يسوع تتوب و يتغير قلبها و تصبح سفيرة للمسيح لقاء واحد عميق مع شخص السيد المسيح (الذي نتناوله داخلنا كل يوم على المذبح و نسمع كلامه لنا كل يوم في الإنجيل) يغير الخاطئ إلى تائب ثم كارز و سفير!طبعاً ما كان يتوقع أي أحد أن تلك المرأة من الممكن أن تتوب إلا الله محب البشر، فاحص القلوب لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ صموئيل الأول 16 : 7 ظروف الحدث المكان: سوخار مدينة بين أورشليم (الجنوب) و الجليل (الشمال) مدينة سامرية و ما أشد العداوة بين اليهود و السامريين في ذلك الوقت لعدة أسباب سياسية و دينية الزمان: منتصف النهار في شدة الحرارة في الوقت الذي لا يتواجد فيه أحد عند البئر لأن الكل يجمع ما يكفيه من المياه في الصباح كان المعلم و تلاميذه قد تعبوا من طول الطريق و مجهود السفر فذهب التلاميذ ليشتروا الطعام و جلس المعلم عند البئر ينتظر تلك النفس التي تشتاق للخلاص وحده حتى يستطيع أن يتكلم معها دون أن يحرجها أمام أحد ماذا حدث؟ فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء جائت السامرية كعادتها متوقعة ألا تجد أحداً لكنها وجدت يسوع رأت من شكله و وقاره أنه رجل دين و فكرت في داخلها هل سينظر لي باحتقار؟ أم سيوجه كلام عنيف و قاسي لي؟ ليته يتركني فهو لن يفهم كم تعبت من نظرات و كلام الناس فقال لها يسوع أعطيني لأشرب لم يكن محب البشر الصالح هنا بالصدفة بل كان لابد له أن يجتاز السامرة في هذا الوقت ليقابل هذه المرأة و يريحها من كل أتعابها فبدأ بالكلام معها فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا امرأة سامرية؟ أدركت المرأة من لهجته أنه من الجليل و استغربت كيف يتكلم معها أي رجل دين يهودي كان سيحتقرها أو في أفضل الأحوال يمشي دون أن ينظر إليها!أجاب يسوع وقال لها: لو كنتِ تعلمين عطية الله، ومَنْ هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب، لطلبت أنت منه، فأعطاك ماءً حيً دخل السيد المسيح في الموضوع المهم أنا هنا لأعطيك الماء الحي قالت له المرأة يا سيد لا دلو لك والبئر عميقة، فمن أين لك الماء الحي؟ كانت المرأة ترد ببعض الجفاء حتى تنهي الحديث مبكراً واضح أنا هذا المعلم اليهودي يظن أني إنسانة تقية و لا يعرف الحقيقة أجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا ولكن من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه، يصير فيه ينبوع ماء، ينبع إلى حياة أبدية جاء الوقت لكي يخبر الرب تلك النفس عن الحقيقة عن الماء الحي الذي يروي إلى الأبد و شعرت السامرية مع هذه الجملة القوية أنه بالفعل قادر أن يعطيها ذلك "الماء الحي" وأنه يريد ذلك بالفعل، فصرخت يا سيد أعطني هذا الماء لكي لا أعطش، ولا آتي إلى هنا لأستقي و كم كان فرح السيد بهذه الإجابة و كل من يقبل إليه لا يطرحه و لكن لابد من أمر ما أولاً قال لها يسوع اذهبي وادعي زوجك وتعالي إلى ههناهناك خطية في حياة المرأة و حتى تستمتع بالماء الحي لابد أن تتوب عن هذه الخطية و لابد أن تدرك أن الله الحنون يريدها أن تخرج هذه الخطية إلى النور حتى ترتاح منها ليس لي زوج هل سترضى أن تعطيني الماء الحي على الرغم من خطاياي أيها المعلم الصالح؟ على الأقل سأحاول ألا أكذب قال لها يسوع: حسنًا قلتِ ليس لي زوج يالعظم لطفك و وداعتك أيها الرب الطيب بيّن للمرأة أنه يعرف ماضيها لكنه لم يقل ذلك بقسوة و يجرحها بل بمنتهى الأبوة و الرفق امتدح صدقها يا سيد ارى انك نبي طبعاً كيف يعلم ذلك اليهودي ماضيّ؟ لابد أن يكون نبياً سألته المرأة عن المكان الصحيح للسجود و العبادة و هو ما يكشف اهتمام و عطش داخلها لتجد الله و كانت تنتظر الإجابة أورشليم أو الجبال و لكن سيدنا نقلها لروح العهد الجديد لكن تاتي ساعة و هي الان حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للاب بالروح و الحق لان الاب طالب مثل هؤلاء الساجدين له الله روح و الذين يسجدون له فبالروح و الحق ينبغي ان يسجدوا السجود بالروح؟! بالتأكيد لم تسمع المرأة مثل هذا الكلام من قبل هل السجود و العبادة علاقة روحية و ليست مجرد شعائر لابد أن تؤدى بطريقة معينة؟ لابد أن هذا عهد جديد و روح جديدة قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء خمنت المرأة ذلك و لمّا أجابها المخلص أنا الذي أكلمك هو لم تتعجب فمن سواه يقدر أن يروي الأرواح الظمأى؟ فتركت المراة جرتها و مضت الى المدينة و قالت للناس هلموا انظروا انسانا قال لي كل ما فعلت العل هذا هو المسيح؟ يا لعظم هذه المرأة عندما وجدت مروي الأرواح أسرعت لتشرك كل من تعرف ليرتاحوا مثلها و لم تخجل أن تفضح نفسها (قال لي كل ما فعلت) فهو الغافر الرحوم و هو يحبها رغم كل ما فعلت يا رب أيها الغافر الحنون محب البشر معطي الروح القدس لكل من يطلب يا من تسعى وراء كل خاطي مهما كان ما فعله خليني ألتقي معاك لقاء شخصي يغيرني بجد و ينقي داخلي أتوب عند قدميك أرتاح من همومي و أذوق غنى رحمتك و أسجد لك بالروح و الحق و أشرب من الماء الحي إلى الأبد أهتف مع عروس النشيد أنا سوداء و لكني جميلة (في عينيك) ثم أكرز بحبك لي و عظم صنيعك معي لكل إخوتي فالكل ظمآن و ماء الدنيا لا يروي أحداً أنت هو الماء الحي الوحيد الذي يشبع أرواحنا م. ماريان إدوارد - دكتور هاني صبحي
المزيد
21 مارس 2020

الأمومة الروحية

في عيد الأم تتجه مشاعر الجميع ناحية الأم، يعبرون لها عن حبهم وامتنانهم وُيؤكدون لها أنهم "يعرفون جميلها" وأن تعبها لم يضع وأنه كما هو محفوظ عندهم في قلوبهم ووجدانهم وذاكرتهم، فهو محفوظ أيضا عند الله "كما في زقّ" إن الأم معجزة والأمومة سرّ يصعب تفسيره، ولقد نسب الله هذه الصفة إلى نفسه مرارا، ففي العهد القديم يطمئن الشعب قائلاً: "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك" (اشعياء 15:49)وفي العهد الجديد يقول الرب "كم مرة اردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا" (متى 37:23)هذارائع ولكننا في غمرة هذه الأفراح والاحتفالات، ننسى الأمهات الروحيات اللائي قمن بدور ريادي في الكنيسة سواء في الحياة الرهبانية أو التكريس والخدمة، فلقد كان لكثير منهن الأثر الكبير في الكنيسة، ففي الحياة الرهبانية كان لهن أثرا ملحوظاً على جماعات ضخمة من الرهبان والراهبات، نذكر منهن – على سبيل المثال لا الحصر – الأم سارة التي أقامت ديرا للعذارى في الإسقيط، والأم ثيئودورا (وهي ناسكة من الاسكندرية عاشت في الاسقيط) وكانت مرشدة لكثير من الرهبان والراهبات، وكذلك الأم الذي يطلق سفرنيكي، والأم سكلنتيكي، وغيرهن كثيرات كان يطلق عليهن لقب ( Ammas ) مقابل لقب (Abbas) أو (Abba) الذي يطلق على الآباء الروحيين (تجدر الاشارة هنا إلى أن لفظة Ammas هي التي جاءت منها الفظة العربية "أمّا" والتي ينادي بها الانسان. أمه في بعض المجتمعات.لدينا كذلك الكثيرات من الأمهات الروحيات داخل بيوت التكريس، والمنتشرة الآن في كثير من الإيبارشيات، حيث يقمن بتدريب وإرشاد الفتيات الراغبات في حياة التكريس، وُيؤهلوهن للقيام بأنواع متعددة من الخدمات سواء في التعليم أو الإرشاد أوالإدارة أو الأنشطة الكنسية بأنواعها وما يقال عن الأمهات داخل المجال الرهباني والتكريسي يقال أيضاً عن الأمومة داخل حقل الخدمة، فإليهن يرجع الفضل في مساعدة الكثير من الفتيات ليصبحن خادمات وفتيات صالحات، وذلك من خلال إرشادهن الحكيم المتعقل وأمومتهن الروحيةالناضجة. إلى مثل هؤلاء أشار القديس بولس " سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه أمي (رومية 13:16)أما عن الأمومة الروحية للخادمة نفسها، فنذكر بكثير من الخير والفخر معاً الخادمات اللائي أفنين حياتهن من أجل المخدومات في الكنائس، متحملات في ذلك العبء الكبير في سبيل راحتهن، فتمخضن بهن حتى ولدنهن من جديد كبنات (ولكن للمسيح في هذه المرة) من خلال جرن الإرشاد والتوبة، عن ذلك عبّر القديس بولس قائلاً عن أنسيموس " الذي ولدته في قيودي " (فليمون 10:1) كما تبنت أمهات كثيرات بعض القديسين وعلماء الكنيسة مثل أوريجانوس، كما نذكر بالخير أولئك اللائي اشتركن في "احتياجات القديسين (رو 12:16) مثل القديسة ميلانية (التي من أسبانيا وانفقت أموالها على الأديرة في شيهيت) والقديسة باولا (التي خدمت العلامة جيروم) وغيرهن قديسات تشبهن بمريم المجدلية ومريمات اُخر قال عنهم الكتاب "واخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن" (لوقا 3:8) كذلك يمكن أن يوهب لقب "الأم الروحية" للأم بالجسد، وذلك متى سلكت بالروح مع أولادها ولم تجعل كل اهتمامها أجساد أولادها وعلومهم ، بل روحياتهم وعلاقتهم بالمسيح، وكيف تؤهلهم للأبدية، مثلما سعت الكثيرات من الأمهات في جعل أولادها قادة روحيين، من خلال تلمذتهم وهم صغار على يديها داخل بيتها، وهكذا يمكن القول بأن القديسين والقادة الروحيين قد تم اعدادهم أولاً عند قدمي امهاتهم الروحيات. تحية كبيرة في هذا اليوم إلى كل أم روحية، وان كانت في غنى عن الشكر والذكر إلاً أننا نذكرها ونطوبها وبالأولى الله الذي يرى في الخفاء ويجازي علانية. نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
20 مارس 2020

تعريف الصوم

تعريف الصوم من الناحية الروحية سنذكره بالتفصيل فيما بعد ولكن ما هو تعريف الصوم من الناحية الجسدية ؟ الصوم هو إنقطاع عن الطعام فترة من الوقت ، يعقبها طعام خال من الدسم الحيواني . فترة الإنقطاع:- لابد من فترة إنقطاع ، لأننا لو اكلنا من بدء اليوم بدون انقطاع ، لصرنا نباتيين وليس صائمين وحتي الصوم في اللغه هو الإمتناع أو الإنقطاع فلا بد إذن أن نمتنع عن الطعام لفترة معينة فترة الإنقطاع عن الطعام تختلف من شخص لآخر وذلك لأسباب كثيرة نذكر من بينها :- - يختلف الناس في درجتهم الروحية فهناك المبتدئ الذي لا يستطيع أن ينقطع عن الطعام لفترة طويلة واكثر من هؤلاء الناسك الذي يستطيع ان يطوي الأيام صوماً ،كما كان يفعل آباؤنا الرهبان و المتوحدون و السواح . - يختلف الصائمون في سنهم فمستوي الطفل أو الصبي في الصوم ،غير مستوي الشاب أو الرجل الناضج ،غير ما يستطيعه الشيخ أو الكهل . - يختلف الصائمون أيضاً في صحتهم ، فما يحتمله القوي غير ما يحتمله الضعيف كما أن المرضي قد يكون لهم نظام خاص ،أو يعفون من الانقطاع حسبما تكون نوعية امراضهم وطريقة علاجهم . - يختلف الصائمون كذلك في نوعية عملهم فالعض يقومون بأعمال تحتاج إلي مجهود جسدي كبير والبعض أعمالهم مريحة يجلسون فيها إلي مكاتبهم بضع ساعات في اليوم واحتمال هؤلاء للانقطاع غير احتمال أولئك . - هناك أيضا نظام التدرج فقد يبدأ الصائم الأسبوع الأول من صومه بدرجة إنقطاع معينة ، تزداد علي مر الأسابيع ، حتي يكون إنقطاعه في آخر الصوم أعلي بكثير من نقطه البدء وهذا التدرج نافع وينصح به الآباء الروحيون علي انه قد يوجد حد ادني لهذا الإنقطاع وربما يختلف هذا الحد الأدنى من صوم إلي آخر فالصوم الكبير مثلاً يكون حده الأدني أعلي من باقي الأصوام والحد الأدني في أسبوع الآلام يكون أعلي مما في الصوم الكبير نفسه والبعض كانوا يطوون الفترة من بعد خميس العهد إلي قداس العيد وأيام البرامون في أصلها تطوي أيضا أما الضعفاء فلهم تسهيل خاص ومع كل ذلك ، فيمكننا ان نضع قاعدة هامة وهي :- فترة الإنقطاع تكون حسب إرشاد أب الاعتراف وذلك حتى لا يبالغ فيها البعض فتتبعهم جسدياً ، وقد تتعبهم روحياً أيضا إذ تجلب لهم أفكارًاً من المجد الباطل كما أن العض من الناحية الإخري قد يتهاون بطريقة تفقده فائدة الصوم والأفضل ان يشرف أب اعتراف علي هذا الأمر علي أنه من جهة النظام العام للكنيسة في فترة الإنقطاع ، نود أن نسأل سؤالاً هل هناك علاقة بين الإنقطاع عن الطعام والساعة التاسعة ؟ يبدو أن هناك علاقة لانه في طقس الكنيسة الخاص بصلاة الساعة التاسعة نلاحظ إختيار فصل الإنجيل الخاص بمباركة الطعام بعد قترة من الجوع ( لو 9 : 10-17) وواضح أننا في صلاة الساعة التاسعة نذكر موت السيد المسيح علي الصليب ، فلماذا إذن هذا الفصل من الإنجيل الخاص بمباركة الطعام ؟ يبدوا أن نظام الإنقطاع كان عموماً إلي الساعة التاسعة ، فيصلي الناس هذه الساعة بإنجيلها المناسب ، ثم يتناولون طعامهم ولما كانت غالبية السنة صوماً ، ولكي لا يتغير نظام الصلاة اليومية بين الإفطار و الصوم ، بقي هذا الفصل من الإنجيل علي مدار السنة حتي في الأيام التي ليس فيها إنقطاع ، يذكرنا بمباركة الرب للطعام قبل الكل أياً كان الموعد و المعروف ان الساعة التاسعة من النهار هي الثالثة بعد الظهر ،علي اعتبار أن النهار يبدأ علي الأغلب من السادسة صباحا وعلي آيه الحالات ، لا داعي لاستفاضة في بحث هذه النقطة ، مادامت فترة الإنقطاع تتغير من شخص إلي آخر ، كما إننا تركنا تحديدها لأب الإعتراف ولحالة الصائم الروحية والمهم عندنا هو الوضع الروحي لفترة الانقطاع فلا نريد ان ندخل في شكليات أو في قوانين خاصه بفترة الانقطاع ، إنما نريد أن نتحدث عن الطريقة التي يستفيد بها الإنسان روحياً من فترة إنقطاعه عن الطعام لانه قد ينقطع إنسان عن الطعام إلي التاسعة من النهار أو غلي الغروب أو إلي ظهور النجم ، ولا يستفيد روحياً ، إذ كان قد سلك بطريقة غير روحية فما هي الطريقة الروحية إذن ؟ - ينبغي أن تكون أن تكون فترة الانقطاع فترة زهد ونسك فلا تهتم فيها بما للجسد أي لا تكون منقطعاً عن الطعام ، وتظل تفكر متي تأكل إنما ينبغي أن تكون فترة الإنقطاع فترة زاهدة ناسكة ، ترتفع فيها تماماً عن مستوي الكل وعن مستوي المادة وعن مستوي الطعام . - وبعد فترة الإنقطاع لا تأكل بشهوة فالذي ينقطع عن الطعام ، ثم يأكل بعد ذلك ما يشتهيه ، او يتخير أصنافاً معينة تلذ له ، هذا لا يكون قد أخضع جسده او أمات شهواته وإذ يأكل بشهوة ، أو إذ يأكل ما يشتهي ، يدل علي انه لم يستفيد روحياً من فترة الإنقطاع ، ولم يتعلم منها الزهد و النسك! أنظر ما قاله دانيال النبي عن صومه " لم آكل طعاماً شهياً "( دا 10:3) وهكذا يكون يهدم ما يبنيه ، بلا فائدة! وليس الصوم هو أن نبني ونهدم ثم نبني ثم نهدم ، بغير قيام! - ولا تترقب نهاية فترة الانقطاع ، لتأكل أن جاء موعد الكل ، فلا تسرع إليه وحبذا لو قاومت نفسك ، ولو دقائق قليلة وانتظرت أو إن حل موعد تناولك للطعام ، قل لنفسك نصلي بعض الوقت ثم نأكل ، أو نقرأ الكتاب ونتأمل بعض الوقت ثم نأكل ، ولا تتهافت علي الطعام الزهد الذي كان لك أثناء فترة الإنقطاع ، فليستمر معك بعدها فهذه هي الفائدة الروحية التي تنالها . - أجعل روحياتك هي التي تقودك ، وليس الساعة وادخل إلي العمق العمق الذي في الامتناع عن الطعام الذي الإرتفاع عن مستوي الكل ، وعن مستوي الماده ، وعن مستوي الجسد وبالنسبة إلي فترة الإنقطاع وموعدها ، حبذا لو وصلت بك إلي الشعور بالجوع فهذا أفيد جداًهنا ونحدثك عن عنصر الجوع في الصوم . عنصر الجوع:- كثيرون ينقطعون عن الطعام ، ثم يأكلون دون أن يشعروا بالاحتياج إلي الطعام ، ودون أن يشعروا بالاحتياج إلي الطعام ، ودون أن يصلوا إلي الشعور بالجوع ، وغلي احتمال الجوع والصبر عليه واخذ ما فيه من فوائد روحية . وقدم لنا الكتاب أمثله للجوع في الصوم :- - السيد المسيح صام حتى جاع ، وكذلك الرسل قيل عن السيد المسيح له المجد في صومه الأربعيني إنه " جاع أخيرا " ( مت 4: 2) وحسب روايه معلمنا لوقا البشير" لم يأكل شيئاً في تلك الأيام ولما تمت جاع أخيراً " ( لو 4: 2) وذكر عن السيد المسيح أنه جاع ، في مناسبة أخري ، في أثنين البصخة ( مر11: 12) ولكت لعل البعض يقول أن مستوي صوم السيد صعب علينا ، فلنتحدث عن صوم البشر ، وفيه أيضاً عنصر الجوع قيل عن القديس بطرس الرسول إنه " جاع كثيرً واشتهي أن يأكل "( أع 10: 1) وفي حديث القديس بولس الرسول عن خدمته هو وزملائه ، قال " في تعب وكد ، في أسهار مراراً كثيرة ، في جوع وعطش ، في أصوام مراراً كثيرة "( 2كو 11: 27) وقال أيضا " تدربت ان اشبع وان أجوع "( في 4: 12) . - وقد طوب الله حالة الجوع فقال " طوباكم أيها الجياع الآن ، لأنكم ستشبعون "( لو 6: 21) وأن كان جوع لعازر المسكين قد أهله للجلوس في حضن أبينا إبراهيم ، علي اعتبار أنه استوفي تعبه علي الأرض علي الرغم من أن ذلك كان بغير إرادته ، فكم بالأكثر ينال خيراً في الأبدية من قد جاع ههنا بإرادته ، نسكاً وزهداً ،وتقرباً إلي الله . - وقد درب الرب شعبه في البرية بالجوع وقال لهذا الشعب " وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب هذه الأربعين سنه في القفز فإذنك واجاعك وأطعمك المن الذي لم تكن تعرفه ولا عرفه آباؤك لكي يعلمك انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، بل بكل ما خرج من فم الرب يحيا الإنسان "( تث 8:2،3) إن الذي يهرب من عبارة " أذلك وأجاعك "، ستهرب منه عبارة " واطعمك المن في البرية " علي أن بني إسرائيل تذمروا علي تدريب الجوع ، فهلكوا في البرية - إن الصوم يصل إلي كماله ، في الجوع واحتماله فإن كنت لا تجوع ، فأنت لم تصل إلي عمق الصوم بعد وإن اطلت فترة إنقطاعك حتى وصلت غلي الجوع ، ثم آكلت مباشرة ، فأنت إذن لم تحتمل الجوع ولم تمارسه وبالتالي لم تنل الفوائد الروحية التي يحملها الجوع . فما هي الفضائل الروحية التي يحملها الجوع ؟ الذي يمارس الجوع ، يشعر بضعفه عن الغرور و الشعور بالقوة والثقة يذل الجسد ، فتذل النفس ، وتشعر بحاجتها إلي قوة تسندها ، فتلجأ غلي الله بالصلاة وتقول له أسند يارب ضعفي بقوتك الإلهية ، فأنا بذاتي لا أستطيع شيئا - صلاة الإنسان وهو جائع ، صلاة اكثر عمقا أن الجسد الممتلئ بالطعام ، لا تخرج منه صلوات ممتلئة بالروح ولذلك دائماً تمتزج الصلاة بالصوم ، ويمتزج الصوم و الصلاة وحينما يريد الناس ان يصلوا في عمق ، نراهم يصومون وهكذا صلوات الناس في أسبوع الآلام لها عمقها ، وحتي القراءات كذلك حينما تقال بصوت خافت من الجوع إن تسجيل لحن من ألحان البصخة ، خلال أسبوع الآلام ، يكون له عمق لن الذي سجله كان صائماً ، وله روحيات الصوم وتسجيل نفس اللحن في غير أيام الصوم ، وصاحبة مفطر ، يجعل اللحن يفقد الكثير من عمقه الروحي ، وربما يتحول إلي مجرد أنغام وموسيقي إن الله يحب أن يشعر الإنسان بضعفه ، لكيما ينسحق قلبه والجوع يساعد علي الشعور بالضعف ولذلك تصلح فيه المطانيات ، ولا تصلح لمن هو ممتلئ بالطعام نصيحتي لك أن شعرت بالجوع فلا تأكل وإنما أحتمل وخذ بركة الجوع إن السيد المسيح صام أربعين يوماً وجاع أخيرا ولما نصحه الشيطان ان يأكل رفض أن يأكل علي الرغم من جوعه واعطانا بذلك درسا لذلك أحتمل الجوع وأيضا : - إن شعرت بالجوع ، لا تهرب منه لا تهرب من الشعور بالجوع ، عن طريق الإنشغال ببعض الإحاديث ، أو ببعض المسليات ، أو عن طريق النوم ، لكي تمضي فترة الجوع دون ان تشعر بها فإنك بالهروب من الجوع ، إنما تهرب من بركاته ومن فوائده الروحية ، وتهرب من التدريب علي فضيلة الإحتمال وفضيلة قهر الجسد إننا نريد أن نستفيد من الجوع ، وليس أن نهرب منه . - إن ضغط عليك الجوع ، قل إنك لا تستحق الأكل قل لنفسك أنا لا أستحق آكل بسبب خطاياي وهكذا تنسحق فسك من الداخل ، في الوقت الذي يسحقها فيه أيضاً تعب الجسد وهكذا تتخلي عنك الكبرياء والخيلاء والعجب بالذات وإن يصلي أما الشبعان كثيراً ما ينسي الصلاة ولذلك غالبية المتدينين يصلون قبل الأكل وقليلون هم الذين يصلون بعد الانتهاء من الأكل أيضاً ، إلا في الرسميات . - تدريب الجوع في الصوم ، ينبغي أن يكون بحكمة حقاً إن الذين شعروا بالفائدة الروحية التي تأتي من الجوع ، كانوا يطيلون مدته علي إني لا أقصد بهذا التدريب المبالغة فيه ، بحيث يصل الصائم إلي وضع لا يستطيع أن يقف فيه علي قدمية للصلاة من شدة الإعياء وقد يفضل أن يصلي وهو ساجد ، ليس عن خشوع وإنما طلباً للراحة واسترخاء الجسد في تعب إنما يجب السلوك في هذا التدريب بحكمة ، في حدود احتمال الجسد ومع ذلك أقول لك كلمة صريحة وهي : - لا تخف من الجوع ، فهو لا يستمر معك فالمعدة كلما تعطيها أزيد من احتياجها تتسع لتحتمل ما هو اكثر ويزداد اتساعها في حالا الترهل ، مع ضعف جدران المعدة وإن لم تعطها ما يصل بها إلي الامتلاء تشعر بالجوع ،فإن صبرت علي الجوع ولم تعط المعدة ما يملؤها ، تبدأ في أن تكيف نفسها وتنكمش وبتوالي التدريب لا تعود تتسع لكثير ولا يستمر الجوع ، فالقليل يشعرها بالشبع والإنسان الحكيم هو الذي يضبط نفسه ، ويحفظ نظام معدته ، فهو لا يكثر من تناول الطعام حتي تترهل معدته ، ولا يبالغ في منع الطعام عنها بحيث تنكمش إلي وضع أقل من احتياج جسده فالإعتدال في هذا الأمر نافع وفيه حكمة . الصوم والسهر:- الامتلاء بالطعام يساعد علي ثقل الجسد ، وبالتالي علي النوم أما الصائم فيكون جسده خفيفاً ، غير مثقل بعمليات الهضم ، ويمكنه السهر و الصوم مع السهر يعطي استضاءة للفكر وكل القديسين الذين اتقوا الصوم ، اشتهروا أيضاً بالسهر نلاحظ ان التلاميذ بعد العشاءين ، ثقلت عيونهم بالنوم وهم في البستان ، ولم يستطيعوا أن يسهروا مع الرب ولا ساعة واحدة ( مت 26 : 40 ) وأنت يا اخي ، ليس من صالحك أن يأتي الختن في نصف الليل فيجدك نائماً ، بينما الكتاب يقول " طوبي لأملئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ( لو 12: 37) تدريب إذن علي الصوم ، فالصوم يتمشي مع السهر ونقصد بالسهر ، السهر مع الله ، وقضاء الليل في الصلاة . نوع الطعام:- تحدثنا في الصوم عن الجوع وفترة الإنقطاع ، بقي أن أحدثكم عن نوع الطعام ويهمني هنا أن اذكركم بقول دانيال النبي عن صومه " لم آكل طعاماً شهياً "( دا 10: 3) لذلك إن صمت ، أعطيت جسدك ما يشتهيه ، لا تكون قد صمت بالحقيقة إبعد إذن عن المشتهيات لكي تقهر جسدك وتخضعه لإرادتك لا تطلب صنفاً مختاراً بالذات ، ولا تطلب أن تكون طريقه صنع الطعام بالأسلوب الذي يلذ لك وإن وضع أمامك - دون أن تطلب - صنف من الذي تحبه نفسك ، لا تكثر منه في أكلك ولا أريد أن أقول لك كما قال أحد الآباء القديسين " إن وضع أمامك طعام تشتهيه ، فافسده قليلاً ثم كله "و لعله يقصد بإفساده ، أن تضيف عليه كمثال شيئاً يغير طعمه علي الأقل مثل هذا الصنف المشتهي ، لاتاكل كل ما يقدم لك منه وكما قال أحد الآباء " إرفع يدك عنه ، ونفسك ما تزال تشتهيه "أي أن جسدك يطلب أن يكمل أكله من هذا الصنف ، وأنت تضبط نفسك وتمنعها عنه هنا ونقف أمام أسئلة كثيرة يقدمها البعض هل النباتين و المسل الصناعي يحل آكله في الصوم أو لا ؟ هل الجبنه الديمكس طعام صيامي أم فطاري ؟ هل السمك نأكله في هذا الصوم أم لا نأكله ؟ ما رأيك في الشوكولاته الصيامي ؟ إلخ أسئله كثيرة يمكن الإجابة عليها من جهة تركيب تلك الإطعمه ، ويمكن من ناحية أخرى أن تبحث روحيا فالسمن النباتي ، إن كانت مجرد زيت نباتي مهدرج تكون طعاماً نباتياً يتفق مع حرفية الصوم أما عن كنت تأكلها شهوة منك في طعام السمن ، فالأمر يختلف تكون من الناحية الشكلية صائماً ، ومن الناحية الروحية غير مستفيد ونحن لا نريد ان ناخذ من الصوم شكلياته كذلك الجبنة الديمكس ، المقياس هو هل يوجد في تركيبها عنصر حيواني ؟هذا من الناحية الشكلية ولكن روحياً هل أنت تحب الجبنة وتصر علي أكلها منفذاً رغبات جسدك في الصوم ؟ وكذلك بالنسبة للشوكولاته الصيامي هل أنت تشتهي هذا الصنف بالذات ؟ ولماذا لا تستبدله بكوب من الكاكاو ؟ أما السمك ،فهو أصلاً طعام حيواني وقد صرح به للضعفاء الذين لا يحتملون كثرة الأصوام ولكن لا يصرح به في أصوام الدرجة الولي ومع ذلك إن اشتهي جسدك سمكاً في الصوم ، إي صوم ، فلا تعطه ليس فقط السمك ، بل كل المشتهيات مهما كانت حلالاً لأنك في الصوم تضبط شهواتك أليس الزواج حلالاً ؟ ولكن الصائمين يبعدون عن المعاشرات الجسدية في الصوم ضبطاً لأنفسهم ( 1 كو 7:5) بل هكذا فعل أيضاً الملك دار يوس الأممي ( دا 6:8) . الطعام النباتى:- تحدثنا في الصوم عن فترة الإنقطاع وعن الجوع ، بقي ان نتحدث عن الطعام النباتي في الصوم ، ونشرح كيف انه نظام إلهي ، وأنه الأصل في الطبيعة ، إذ أن أبانا آدم كان نباتياً ، وامنا حواء كانت نباتية . وكذلك أولادهما إلي نوح إن الله خلق الإنسان نباتياً فلم يكن آدم وحواء يأكلان في الجنة سوي النباتات البقول والثمار وهكذا قال الله لآدم وحواء " إني قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذراً علي وجه كل الأرض وكل شجر فيه ثمر شجر يبذر بذراً ، لكم يكون طعاماً "( تك 1: 29) بل حتى الحيوانات إلي ذلك الحين كانت نباتية أيضا ، إذ قال الرب " ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء ، وكل دابة علي الأرض فيها نفس حية ، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً ( تك 1: 30) وبعد طرد الإنسان من الجنه ، بقي أيضاً نباتياً ولكنه إلي جوار البقول وثمار الأرض ، أعطي أن يأكل من عشب الأرض ، أي من الخضراوات ، فقال له الرب بعد الخطية " وتأكل عشب الحقل "( تك 3: 18) ولم نسمع أن أبانا آدم مرض بسب سوء التغذية ، ولا امنا حواء بل نسمع ان أبانا آدم - وهو نباتي - عاش 930 سنة ( تك 5:5) وهكذا طالت أعمار أبنائه وأبناء أبنائه في هذه الأجيال النباتية( تك5) ولم يصرح للإنسان بأكل اللحم بعد فلك نوح وحدث ذلك في زمن مظلم كان فيه " شر الإنسان قد كثر علي الأرض " حتي " حزن الرب أنه عمل الإنسان وتأس في قلبه " ، واغرق العالم بالطوفان ( تك 6:5، 6) وهكذا بعد رسو الفلك ، قال الله لأبينا نوح وبنيه " كل دابه حية تكون لكم طعاماً ، كالعشب الأخضر ، دفعت إليكم الجميع غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه " ( تك 9:3،4) ولما قاد الله شعبه في البرية ، إطعامه طعاماً نباتياً وكان هذا الطعام النباتي هو المن " وهو كبذر الكزبره أبيض ، وطعمه كرقاق بعسل " ( خر 16: 31) وكان الشعب يلتقطونه ويطحنونه أو يدفونه في الهاون كما كانوا أيضاً يطبخونه في القدور ويعملونه ملأت وكان طعمه كطعم قطايف بزيت ( عدد 11: 8) ولما صرح لهم باللحم ، فعل ذلك بغضب وكان ذلك التصريح بسبب شهوتهم ، وتذمرهم علي الطعام وطلبهم اللحم بدموع فأعطاهم الرب شهوتهم ، وضربهم ضربه عظيمة " وإذ كان اللحم بعد بين أسنانهم قبل أن ينقطع ، حمي غضب الرب علي شعب ، وضربهم ضربة عظيمة جداً ، فدعي أسم ذلك الموضوع قبروت هتأوة ( أي قبور الشهوة ) لأنهم هناك دفنوا القوم الذين اشتهوا "( عدد11، 33، 34) والأكل النباتي كانا أيضاً طعام دانيال النبي وأصحابة إذ كانوا يأكلون القطاني أي البقول ( دا 1 :12) ،هؤلاء الذين وضعوا في قلوبهم ألا يتنجسوا بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه ( دا 10: 3) وكان الطعام النباتي آكل حزقيال النبي في صومه وفعل ذلك بأمر إلهي ، إذ قال له الرب " وخذ أنت لنفسك قمحاً وشعيراً وفولاً وعدساً ودخناً وكرسنة ( حز 4:9) والطعام النباتي طعام خفيف ، هادئ ومهدئ ليس فيه ثقل اللحوم ،دهونها وشحومها ، بكل تأثير ذلك علي صحة الجسد ونلاحظ أنه حتى في الحيوانات المتوحشة منها هي آكله اللحوم ، والأليفة منها هي آكله النباتات والمعروف أن النباتيين أكثر هدوء في طباعهم من آكلي اللحوم والعجيب أن غالبية الحيوانات التي نأكلها هي من الحيوانات آكله النباتات كالبهائم والغنام و الماعز و الطيور الداجنة وتلك الحيوانات النباتية لم تضعف بالطعام النباتي بل إننا قد نصف الإنسان بأن صحته كالجمل أو كالحصان ،وهما نباتيان وكانوا قديماً يقيمون رياضة هي مصارعة الثيران،لإثبات القوة بمصارعة هذه الحيوانات الجبارة في قوتها،وهي نباتية إذن أكل النبات لا يضعف الأجساد . وقد طالت أعمار النباتيين ، ومنهم المتوحدون و السواح كان برنلرد شو الكاتب المشهور نباتياً ، وقد عاش 94 سنة ولم يصبه أي مرض طوال حياته وما أكثر النباتيين الذين طالت أعمارهم والقديس الأنبا بولا اول السواح ،عاش ثمانين سنة كسائح لم ير خلالها وجه إنسان ، أي عاش حوالي المائة سنة وغالبية السواح عاشوا اعماراً طويلة ولم يكن هؤلاء نباتيين فحسب ، بل كانت حياتهم كلها زهداً ،وكانت أطعمتهم زهيدة ومع ذلك كانت صحتهم قوية والقديس الأنبا انطونيوس أب جميع الرهبان عاش 105 سنة ،وكانت حياته صوماً مستمراً ، وكان قوياً في صحته يمشي عشرات الأميال ولا يتعب موضوع الطعام النباتي لا أريد أن أبحثه علمياً بل عملياً ، في حياة البشرية منذ آدم حقاً إن الأحماض الأمينية الرئيسية موجودة بغني في البروتين الحيواني أكثر مما في البروتين النباتي ، التي توجد فيه علي أية الحالات بنسب أقل ، ولكنها كانت كافية لكل الذين ذكروناهم ، وعاش بها الرهبان و النباتيون في صحة قوية ومع ذلك لاننسي أن الكنيسة تسمح في بعض الأصوام بالسمك ، ولا شك أنه يحوي بروتيناً حيواناً كما ان هناك فترات طويلة من الإفطار . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب روحانية الصوم
المزيد
19 مارس 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلْمُلُوكِ الثَّانِي

1- بين اصحاح 1 : 17، اصحاح 3 : 1 ففى الاول ان يهورام ملك فى السنه الثانيه ليهورام بن يهوشافاط، وفى الثانى انه ملك فى السنه الثامنه عشره ليهوشافاط. فنجيب : ان الاول يقصد به اى لمده ملكه مع ابيه لان خبر تملكه رسميا لم يرد الا بعد ذلك بمده فى (2 مل اصحاح 8 : 16) وملك وهو ابن 32 سنه. اما تسميه يهورام فى اصحاح 8 فسببه تغيير اسمه. 2- وبين اصحاح 8 : 26، 2 اى 22 :2 ففى الاول ان اخزيا كان ابن 22 سنه حين ملك وفى الثانى انه كان ابن 42 سنه. فنجيب : من المحال ان يكون عمره 42 سنه لان اباه مات وهو ابن 40 سنه فيكون عمره 22 سنه فقط. فكاتب سفر أخبار الايام حسب الوقت منذ بدايه حكم بيت عمرى وهو كان منه بواسطه امه. 3- وبين اصحاح 9 : 1 – 10، هو 1 : 4 ففى الاول ان الله امر ياهو ان يبيد بيت آخاب، وفى الثانى انه ينتقم منه على ذلك. فنجيب : سبق وضحنا ان الله لا ينظرالىالاعمال بلالىالنيات فان ياهو بحسب نيته لم يكن غيورا على اتمام كلام الرب بل دفع بميلالىالانتقام فضلا عن انه ضل عن الله وعبد الاوثان (2 مل 10 : 29 – 31). 4- وبين اصحاح 10 : 35، اصحاح 14 : 1 ففى الاول قيل يهواحاز وفى الثانى يواحاز. فنجيب : انها قرات فى بعض النسخ يهواحاز والملوك كانت تغير اسماؤهم احيانا. فنبوخذنصر لما ملك متنيا غير اسمه الىصدقيا (2 مل 24 : 17) وملك مصر دعا الياقيم يهوياقيم (2 اى 36 : 1) ودعى احاز ايضا عزريا (2 اى 22 : 6) فمن هذا نعلم ان تغيير الاسماء وان تسميه الشخص الواحد بجمله اسماء امر مالوف. ودعى يهواحاز اخزيا (2 اى 21 : 17 و 22 :1و 8 و9) وذلك لان الاسماء كثيرا ما تتغير كان يرتقى الانسانالىعرش الملك او غير ذلك. 5- وبين اصحاح 14 : 21، 2 اى 26 : 1 ففى الاول قيل عزريا وفى الثانى عزيا. فنجيب : لا خلاف بين الاسمين اذ معنى الاول السامع لله والثانى قوه الله فالاسمان قريبان فى اللفظ والمعنى. 6- وبين اصحاح 15 : 30، عد 33 ففى الاول ان يوثام ملك عشرين سنه وفى الثانى انها 16 – فنجيب لا ريب انه ملك 4 سنوات مع عزيا اذ كان ابرص بدليل ما جاء عن عزيا فى عدد 5 (وضرب الرب الملك فكان ابرص الى يوم وفاته واقام فى بيت المرض وكان يوثام ابن الملك على البيت يحكم على شعب الارض). 7- وبين اصحاح 16 : 1،2 اى 28 : 19 وبين 1 مل 22 : 41 وبين 2 اى 21 : 2 ففى الاول ان آحاز ويهوشافاط كانا ملكى يهوذا وفى الثانى ملكى اسرائيل. فنجيب : انه لما انقسمت مملكه اسرائيل الى قسمين دعيت العشره الاسباط مملكه اسرائيل وسبط يهوذا وبنيامين مملكه يهوذا الا ان كل يهودى كان يلقب بالاسرائيلى فلو قيل عن ملك اسرائيل لما اعتبر ذلك خطا لانه يحكم جزءا من الامه المدعوه اسرائيليه. 8- وبين اصحاح 16 : 2، 18 : 1و2 ففى الاول ذكر ان (آحاز كان ابن عشرين سنه حين ملك وملك سته عشره سنه فى اورشليم) وفى الثانى (وفى السنه الثالثه لهوشع بن ايله ملك اسرائيل ملك حزقيا بن آحاز ملك يهوذا. كان ابن 25 سنه حين ملك وملك 29 سنه فى اورشليم) فكان اباه ولده وهو ابن 11 سنه. فنجيب : يؤخذ من النص الثانى ان حزقيا ملك فى السنه الثالثه من حكم هوشع وكان حكم هوشع فى السنه الثانيه عشره من حكم آحاز كما ذكر فى اصحاح 17 : 1 فمحق ان حزقيا حكم فى السنه الرابعه عشره من حكم آحاز واله وعمره 22 سنه او 23 سنه وحكم سنتين او ثلاثه فى حياه والده حتى صار له يوم تولى الحكم 25 سنه. وبما ان القدماء كانوا يراعون السنه التى يحسبون منها المده سواء كانت قد انتهت او ابتدئت منها فيكون عمر آحاز لما ابتدا ان يحكم 21 سنه وقضى 17 سنه ملكا. وربما يكون حزقيا دخل فى السنه الخامسه والعشرين من حكمه وعليه يكون عمر والده آحاز لما ولده 14 سنه والزواج الباكر عادى فى الشرق. 9- وبين اصحاح 18 : 10، اش 7 : 8 ففى الاول ان ملك اشور تسلط على افرايم فى السنه السادسه لملك حزقيا بن احاز وفى الثانى تنبا اشعياء لاحاز ابو حزقيا قائلا (فى مده خمس وستين سنه ينكسر افرايم) فبحسب الاول انكسر افرايم قبل تمام نبوه الثانى فنجيب : ذكر فى (2 مل 15 : 19) ان ثغلث فلاسر ملك اشور حارب ملك اسرائيل وقتل وسبى كثيرين وهذا يعتبر السبى الاول بعد تنبؤ اشعياء بسنه او سنتين. ثم بعد 20 سنه لنطق اشعياء بنبوته جاء شلمناصر ملك اشور واخذ فى الفتك وسبى ملك اسرائيل ورجال مملكته كما جاء فى (2 مل 17 : 1 – 6 و8 : 19 - 12) وهذا هو السبى الثانى. ولكن تمام نبوه اشعياء كان فى السبى الثالث فى ايام اسرحدون ملك اشور الذى ازال مملكه اسرائيل من الوجود واتى بالاجانبالىالسامره واستعمرها وسبى منسى ملك يهوذا فى سنه 21 لملكه وكان ذلك بعد نطق اشعياء بنبوته بخمس وستين سنه. راجع (عز 4 : 2 و3 و10 و2 مل 17 : 24 و2 اى 33 : 11). 10- بين اصحاح 24 : 8، 2 اى 36 : 9 ففى الاول قيل ان يهوياكين ملك وهو ابن 18 سنه وفى الثانى انه كان ابن 8 سنين فنجيب ان بعض الملوك كثيرا ما يعتريهم ضعف او يحبون تمرين اولادهم على الحكم فى حياتهم فيشركونهم معهم فى الحكم ففى القول الاول ذكر عمره لما ابتدا ان يحكم رسميا وفى الثانى ذكره حين ملك مع ابيه. 11- بين اصحاح 24 : 14، ار 52 : 28 ففى الاول يذكر ان نبوخذنصر سبى كل اورشليم وكل الرؤساء وجميع جبابره الباس 10000 وجميع اصحاب الباس 7000 والصناع والاقيان 1000 وفى الثانى ان نبوخذ نصر سبى فى السنه السابعه 3023 وفى الثامنه عشر 832 وفى الثالثه والعشرين سبى نبوزرادان رئيس الشرط 745 فتكون جملتهم 4600 فنجيب بحسب الاول لقد تقدم هذا السبى غيره فسبى اسرائيل قبل سبى يهوذا بنحو 135 سنه (2 مل 18 : 9) وحدث سبى ثان فى ايام يهوياقيم وكان بين المسبيين فيه دانيال النبى والثلاثه فتيه (2 مل 24 : 2 ودا 1 : 6) فى السنه الاول ى لنبوخذنصر، والسبى الثالث فى زمن يهوياكين فى السشنه الثامنه لنبوخذنصر (مل 24 : 12) والرابع فى زمن صدقيا فى السنه التاسعه لنبوخذنصر. ولكن بحسب الثانى يذكر سبى اخر فى السنه الثالثه والعشرون لملك بابل لم يذكره الاول لعدم اهميته فى نظره. فالخلاف بين الاول والثانى فى عدد المسبيين وعدد السنين فى ما يتخصص بالسبى الثالث والرابع نشامن ان الثانى نظرالىفتنتين قمعهما نبوخذنصر : الاول ى حدثت قبل السبى الثالث والثانيه قبل السبى الرابع. يدل على ذلك اختلاف الزمن بين الاول والثانى ف الاول قال ان السبى الثالث حدث فى الثامنه والثانى قال فى السابعه. و الاول قال ان السبى الرابع حدث فى السنه التاسعه عشره والثانى قال فى الثامنه عشر، ثم لا يبعد ان عائلات اسرائيليه كثيره اثرت الهرب والاندماج فى سبطى يهوذا للتخلص من السبى الاول الا انها لم تستطع النجاه فى السبيات الاخرى. ف الاول ذكر جميع المسبيين من كافه الاسباط بينما الثانى اكتفى بذكر الاعيان بدليل قوله عن كل فرقه مسبيه انها (من اليهود). المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
18 مارس 2020

صليب الألم... صليب الأمل

يقولون إن المسيح هو أعظم نجار في التاريخ، حيث بنى جسرًا يصل الأرض بالسماء، فقط بعارضتين من الخشب وثلاثة مسامير... هذا هو الصليب الذي صار مذبحًا عليه الذبيحة الدائمة، مسيحنا القدوس، الإله المتأنس من أجل خلاص جنس البشر، لأنه «هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل (صُلب) ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو3: 16). وصار الصليب فاتحة خلاص انتظرته أجيال وأجيال كما نقرأ في أسفار العهد القديم.ومن المدهش أن يكون «الصليب» في معناه وتاريخه وأحداثه وآثاره هو صورة الألم الشديد والقاسي، وفي نفس الوقت هو صورة الأمل الرائع والواسع أمام الإنسان، وهذا هو سر عظمة الصليب الذي يعشقه كل مسيحي يعيش إيمانه القويم، ويُعبّر عنه باللحن والصلاة والفن والموسيقى والعبادة، ومن خلاله ينال البركة والراحة والسلام والفرح والأمل.صليب الألم:منذ سقوط آدم وحواء وكسر الوصية الإلهية ورفضها وكسر قلب الله الذي خلقهما وأبدعهما وأحبهما جدًا ووضعهما على قمة الخلقة والخليقة.. وكلتهما اختارا طريق الخطية التي عمت العالم فيما بعد، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، حتى عبر داود النبي المعتبر بين الأنبياء «... هأنذا بالإثم صُوِّرت، وبالخطية حبلت بي أمي» (مزمور 51: 5).لقد كانت خطة الخلاص على امتداد الزمن والأجيال في حلقات متصلة، ولكن بقيت علامة الصليب رمزًا للعقوبة والألم والعذاب، وصار الألم من أجل الإيمان طريقًا إلى المجد لأنه مشاركة مع المسيح في آلامه.نقرأ هذه الكلمات: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مت16: 24). «ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لوقا14: 27). وهكذا صــــــــار حمل «صليب الألم» أحد مفردات حياة المسيحي مهما تنوع هذا الألم بين المرض أو الضيق أو الفشل أو الاضطهاد وغير ذلك. وهذا يبين كيف تنظر المسيحية إلى قضية «الألم» حيث صار هناك رفيق وصديق يحمل معك صليب الألم أو سبق وحمله عنكَ. وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول حين قال: «مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غلاطية2: 20).إن الصلب مع المسيح يعني معانٍ كثيرة: مثل قبول الألم سواء الجسدي أو النفسي أو المعنوي. ويعني أيضًا قبول الموت أو الاستشهاد الفعلي من أجل الإيمان. وقد يعني حياة النُسك والصوم والتوبة والتعفّف وبذل الوقت أو الجهد أو المال حبًا في المسيــــــــــــح ومــــــــــن أجـــــــــل مجد كنيسته.إذا أردت عزيزي القارئ أن تقرأ عن صورة الألم الشديد الذي حمله المسيح من أجلك، افتح الأصحاح 53 من سفر إشعياء وأعلم أنه «إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير..» (يوحنا12: 24و25).نقول في ذكصولوجية عيد الصليب: «الصليب هو سلاحنـــــــــــا. الصليــــــــــب هو رجاؤنـــــــــا. الصليب هـــــــــــــو ثباتنــــــــــا فــــــــي ضيقاتنا وشدائدنا».صليب الأمل:يقول القديس يوحنــــــــــا ذهبــــــــــي الفم: «الصليـــــــــب جعـــــــــــل الأرض سمــــــــــاء. هدم حصونًا وحطم قوة الشرير... حطـــم قيودنا.. وفتح الفردوس.. وأوصل جنس البشر إلى ملكوت السموات... تأملوا الخير الذي عاد علينا... أنشدوا تسابيح التمجيد للغالب.. صيحوا بالصوت العالي: يا موت أين نصرتك؟ ويا هاوية أين شوكتك؟». لم يكن قبر المسيح هو نهاية الصليب، بل كان نصرة الصليب ومحطة انطلاق وأمل ورجـــــــاء نحو الملكوت.إذا كانت العارضة الأفقية في الصليب تمثل الامتداد الذي يكون بين إنسان وآخر.. وعادة تكون آلام الإنسان بسبب إنسان آخر بأي صورة؛ فإن العارضة الرأسية تمثّل الرجاء والأمل المفتوح أمام الإنسان، والذي يصعد عليه نحو الله بواسطة الصلاة المستمرة. وإذا كنا نحتفل بتذكار الصليب المقدس يوم الجمعة الكبيرة، فإننا نحتفل بتذكار القيامة يوم الأحد.. إنه صليب الألم يوم الجمعة الكبيرة، وصليب الفرح يوم الأحد الذي صار هو العيد الأسبوعي للقيامة المجيدة.. إنه يوم النور. دائمًا يوجد أمل ورجاء لأن الصليب هو إعلان محبة الله الدائمة للإنسان صنعة يديه، إذ صار قوة خلاص وقوة رجاء، وهذا ما نعلنه في تسبحة البصخة ونكرره ونحن نصلي في أسبوع الآلام إذ نقول: «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد. يا عمانوئيل إلهنا وملكنا» (رؤ5: 12،13؛ 7: 12). إنه صاحب القوة ومصدرها، ورجاؤنا في المجد، وبركة حياتنا وعزة وفخر إيماننا القويم، ومكتوب:«إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه» (رؤ8: 17)«وإن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه، وإن كنا نصبر فسنملك أيضًا معه» (2تي2: 11)«أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو11: 25)كل أسبوع آلام وأفراح القيامة وجميعكم بخير قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
17 مارس 2020

الصوم الكبير عودة الى الله

أول وصية:- "من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها؟ لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تك 16:2،17)أنها أول وصية بل الوصية الوحيدة فى الفردوس أن يصوم الإنسان عن نوع معين من الطعام ولا يتناول طعاماً إلا من يد الله أراد الله أن يقول لآدم "ليست حياتك من الطعام، بل بى. إذا أكلت بدونى فستموت" وأراد الشيطان أن يثبت العكس لآدم "أن الحياة، بل والألوهة تكمنان فى الأكل فقط، حتى ولو كان مخالفاً لوصية الله الصالحة"وانطلت الخدعة على آدم فعاش ليأكل وكرسّ الناس كل جهدهم وعمرهم من أجل "لقمة العيش"، وبات الناس لا يفكرون إلا فى المال والأكل والمتع الحسية حاسبين أنها وحدها سبيل السعادة والحياة بمعزل عن الله مع أن الواقع نفسه يعلن فشل هذه الأفكارفليست سعادة الإنسان بالمادة بل بالله الحى الذى يمنحنا كل شئ بغنى للتمتع" (1تى 17:6)أما المادة فى حد ذاتها - وبعيداً عن الله؛ فتصير وثناً بغيضاً، وينبوع موت لكل من يتعلق بها "لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة" (1تى 10:6) وتمركز الحياة - هذا - حول الطعام، تسرب دون أن ندرى حتى إلى الروحيين والمؤمنين؛ فصار الصوم فى نظرهم هو امتناع عن الأكل أنه أيضاً تمركز سلبى ولكن الصوم كما تعلّم الكنيسة وتشرحه هو العودة إلى الله:- 1- العودة ألى الله كمركز للحياة:- فليست الأموال بل الصدقة، وليست الإرادة بل الصلاة، وليست الأطعمة والشهوات بل الصوم والتعفف وهذا أول درس تلقنه لنا الكنيسة... (فى أحد الرفاع) قبل أن نجتاز معاً رحلة الصوم المقدسة. أ- ففى الصدقة:- يعلن الإنسان أن ما لديه من أموال هى نعمة استأمنه الله عليها أعطاها له كوكيل صالح ليخدم بها الآخرين بكل فرح "المعطى المسرور يحبه الرب" (2كو 7:9) وإن سعادته ليست فى تخزين الأموال بل فى إنفاقها فى الخير "مغبوط هو العطاء أكثر من الآخذ" (أع 35:20) كذلك فى الصدقة يعلن الإنسان أن حياته وتأمينها فى يدى الله، وليس فى خزائن البنوك إن القضية ليست فى كثرة المال أو قلّته، بل فى نظرة الإنسان له ومحبته واتكاله هل على الله (حتى ولو كان غنياً) أم على الأموال (حتى ولو كان فقيراً) فهناك غنىّ لا يتعلق بالمال وآخر يعبده وهناك فقير يشكر الله ويسعد وآخر ما زال يعبد المال ليست حياتنا من أموالنا بل من الله الذى يعطينا. ب- الصلاة:- هى شركة حب يسلم فيها الإنسان ذاته وإرادته وتدبير حياته ليدى ذاك الذى معه أمرنا الصلاة هى عودة إلى الله كمركز للحياة ومحرك لها قديماً قالوا "الصلاة تحرك اليد التى تحرك العالم"، وربنا يسوع المسيح وعدنا أن "كل ما تطلبونه فى الصلاة مؤمنين ستنالونه" (مت 22:21) إن مأساة العالم اليوم أنه قد ترك الصلاة، وسعى وراء العقل والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية بمعزل عن الله ولا يوجد من ينكر قيمة التفكير بالعقل، والمناداة بالحرية، وتحقيق حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وغيرها من مبادئ سامية رفيعة ولكن دعنا نعترف - باتضاع - أن هذه المبادئ لم تحل مشكلة الإنسان فى كل مكان آه لو اقترنت هذه، بروح التقوى والصلاة آه لو اعتنقناها فى نور الإنجيل وليس بمعزل عن الله آه لو ارتقى الضمير وتنزه عن الأغراض لصار العقل بالحقيقة خلاقاً للخير وصارت الحرية سعادة بالمسيح "فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" (يو 36:8)وصارت حقوق الإنسان مصانة بالحب وبالنعمة وبالعلاقات السليمة بين الناس وليس بالتحايل على القانون وبالغش وبالمحاباة ليست الحياة بإمكانيات الناس بل الله الذى نطلبه فى الصلاة. ج- والصوم:- الصوم عن الطعام هو إعلان عملى عن أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله" (لو 4:4) لقد كانت هذه هى الخبرة التى تعلمها بنو إسرائيل فى البرية وصاغها قائدهم العظيم موسى فى هذه العبارة بالروح القدس "وتتذكر كل الطريق، التى فيها سار بك الرب إلهك، هذه الأربعين سنة فى القفر لكى يذلك ويجربك، ليعرف ما فى قلبك، أتحفظ وصاياه أم لا؛ فأذلك، وأجاعك، وأطعمك المن الذى لم تكن تعرفه، ولا عرفه أباؤك لكى يعلّمك أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان" (تث 2:8،3) والسيد المسيح فى تجسده كان يقصد أن يطعم تابعيه بالبركة فى معجزتى إشباع الجموع؛ لكى يقول لهم ليس السر فى الخمسة أرغفة ولا السمكتين ولكن فى اليد التى تقدم هذا القليل سيشبع الناس ويفضل عنهم بالبركة ليست حياتنا من الأكل بل من يد الله، التى تقدم لنا الأكل بشبع وبركة وفيض كثير فالصوم هو عودة إلى الله ينبوع كل الخيرات وكأننى حينما أصوم أتقدم لله بذبيحة جسدى كمثلما فعل إبراهيم مع ابنه الحبيب الوحيد اسحق الذى بسببه قبل المواعيد أتقدم رافعاً سكين الجوع على جسدى الضعيف المنهك مقدماً إياه ذبيحة حب وطاعة وإعلان إيمان أن الله أهم لدىّ من جسدى ومن كل نفسى حينئذ يتكلم معى ملاك الرب "لا تمد يدك إلى الغلام (جسدى)، ولا تفعل به شيئاً، لأنى الآن علمت أنك خائف الله؛ فلم تمسك ابنك وحيدك عنى" (تك 12:22) ويرفع الصائم عينيه - كما فعل إبراهيم - وينظر "وإذا كبش وراءه ممسكاً فى الغابة بقرنيه فذهب إبراهيم، وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه" (تك 13:22) وكبشنا المذبوح عنا وعن جسدنا هو ربنا يسوع المسيح المذبوح على المذبح فى سر الأفخارستيا التى لابد أن ينتهى الصوم بها ليحقق لنا هذا المعنى الجميل لم تكن حياة إبراهيم مرهونة بحياة اسحق بل بالله وعندما قدم إبراهيم اسحق برهن على إيمانه هذا ونحن حياتنا ليست مرهونة بالجسد بل بالله والصوم يبرهن على ذلك وكما أن الله افتدى اسحق بكبش كذلك يفتدينا بدمه وجسده على المذبح وكما أن المذبح لم يميت اسحق بل عظمَّه وصار بالحقيقة بركة وجداً للمسيح بالجسد كذلك لا يميتنا الصوم بل يباركنا ويعظمنا ويجعلنا أهلاً لبيت الله ورعية مع القديسين. 2- العودة إلى الله كنز الخيرات:- تطبيقاً لما علمتّه لنا الكنيسة فى أحد الرفاع تواصل معنا الدرس فى الأحد الأول من الصوم "لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض بل اكنزوا لكم كنوزاً فى السماء" (مت 19:6-20) فالمسيح هو كنزنا الحقيقى الذى لا يفقد ولا يشيخ ولا يخسر والعودة إلى المسيح هى عودة إلى الغنى الحقيقى. أ- فالعين شبعانة:- "سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً" (مت 22:6). ب- القلب شبعان:- "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين... لا تقدرون أن تخدموا الله والمال"(مت 24:6). ومن يعبد الله بالحقيقة يستهن بمحبة المال ويدوس كبرياء الغنى. ج- والنفس شبعانة:- "فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل؟ وماذا نشرب؟ أو ماذا نلبس؟ فإن هذه كلها تطلبها الأمم (النفوس الجائعة والبعيدة عن الله والتى لم تجعل الله محور حياتها بل ما زالت منهوكة - ومهمومة بالعالم وتفاصيله المغرقة فى العطب والهلاك) لأن أباكم السماوى يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 32:6،33). 3- العودة إلى الله ينبوع النصرة:- وفى الأحد الثانى تصور لنا الكنيسة أيقونة رائعة فيها المسيح منتصر على الشيطان بكل قوته ودائسا على كل اغراءاته لم يكن المسيح محتاجا أن يحارب الشيطان ويهزمه فالشيطان بكل تأكيد مهزوم وساقط تحت قدمى المسيح ولكنه حارب لنا وعنا لكى يرينا الطريق لقد انتصر المسيح فى ثلاث تجارب: 1- الجسد:- "أن كنت ابن الله فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاً" (مت 3:4) ومن يصوم بالحق ينتصر على تجربة الجسد سواء كانت الشراهة أم الجنس أم محبة الراحة والرفاهية وميوعة الحياة فمن يمسك بمفتاح الصوم يستطيع أن يستأمن على كنوز الجسد ومواهبه وقواه. 2- المجد الذاتى:- "أن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل" (مت 6:4) ومن يصلى بالحق ينجو من فخ المجد الباطل لأن حياته وتدبيرها سيكونان بالله بواسطة الصلاة وكل خدع وحيل إبليس ستنكشف له ويفضحها كما فعل السيد المسيح على الجبل وفى الصليب. 3- القنية والمال:- "أعطيك هذه جميعها أن خررت وسجدت لى" (مت 9:4) ومن يتصدق بأمواله بفرح وسعادة لا يصير مربوطاً بشهوة الغنى، ولا يستطيع إبليس أن يخترقه ويسيطر عليه لأنه داس بعز على كل مغريات العالم هكذا تأخذنا الكنيسة كأم رؤوم تعلم أولادها وتكشف لهم عن سر أبيهم السماوى وتتدرج بنا فى المعرفة شارحة أساسات الممارسة الروحية (الصوم والصلاة والصدقة) ثم ترينا الكنز الحقيقى المخبوء فى السماء وأخيراً تكشف عن عيوننا لنرى قائدنا وأبانا ظافراً بالشيطان لأنه تسلح بنفس السلاح الذى تطالبنا الكنيسة بأن نتمسك به لننتصر 4- العودة إلى حضن الاب:- وفى الأحد الثالث من الصوم يسرد لنا السيد المسيح مثل الأبن العائد إلى أبيه لعل الأبن الأصغر هو الأمم الذين شردوا بعيداَ عن الله، والأبن الأكبر هو اليهود الذين عاشوا فى كنف الله ولكنهم لم يكونوا بحسب قصده وفكره الأصغر تاه بعيداَ والأكبر تاه داخل البيت الأصغر هو الشاب المشغول بتفاهات العالم وشهواته، حتى إنه رفض الأب السماوى وابتعد عنه والأكبر لا يفضله كثيراً فهو الشاب المتدين بكبرياء وانحراف ،حتى إنه رفض فرحة الأب بعودة الخاطئ ذروة القصة تكمن فى هذه العبارة المقدسة "أقوم وأذهب إلى أبى فقام وجاء إلى أبيه" (لو 18:15،19). الصوم الكبير هو موسم هذه العودة المحببة. عودة الأبن الذى أكل من شهوات الخنازير ولم يعطيه أحد - أى لم يشبع وعودة الابن الذى استكبر أو قل تحجر من كثرة الممارسة الروحية الباردة الآلية دون روح ودون إحساس بالآب السماوى. ماذا سينتظر العائد هناك :- - الآب السماوى يتحنن فليس الأب شرطيا ولا جلاداً بل أب. - الآب السماوى يركض فهو يتوقع أننى متهالك ومتعثر وينتظر منى خطوة واحدة، ليركض هو ويكمل المشوار. - الآب السماوى يقع على عنقه ويقبله فالحضن الإلهى مفتوح لأعتى الخطاة ولأنجس الأشرار حتى يتطهر بقبلات فم المسيح. - الحلة الأولى يستعيد الإنسان بهاء معموديته والاستنارة. - خاتم فى يده الروح القدس يتجدد فينا ويملأنا من مواهبه وثماره. - العجل المسمن ذبيحة الأفخارستيا العظيمة التى بها نتحد بالله وننال الغفران والثبات والحياة الأبدية. - نأكل ونفرح طوبى لمن يأكل فى حضور المسيح وفى كنفه. - الحياة كان ميتا فعاش وكان ضالاً فوجد حقاً بعيد عن الله لا توجد حياة بل وهم وموت ودمار وفى المسيح وحده الحياة. - كل مالى فهو لك أخيراً يعطينا السيد الآب كل ماله فنصير بالحق أغنياء به وبخيراته المقدسة ليتنا نعود إلى حضن الآب فى هذا الموسم العظيم الذى للعودة المقدسة. 5- العودة إلى الينبوع الحى :- "لأن شعبى عمل شرير. تركونى أنا ينبوع المياه الحية؛ لينقروا لأنفسهم آباراً. آباراً مشققة لا تضبط ماء" (أر 13:2) الماء الذى كانت تشرب منه السامرية كان ماء غير مروٍبل كانت تعطش أيضا إلى الشهوات والنجاسات "كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا" (يو13:4) وهى مسكينة لأنها عطشانة لم تجد ما يرويها فلجأت، إلى آبار العالم المشققة، لعلها ترتوى ولكن عطشها كان يزيد فى كل مرة "وكان لكِ خمسة أزواج والذى لكِ الآن ليس هو زوجك" (يو18:4) عندما رجعت إلى ينبوع ماء الحياة هناك الارتواء بالحق "لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذى يقول لكِ أعطينى لأشرب لطلبتِ أنتِ منه؛ فأعطاكِ ماءً حيا" (يو 10:4) "من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يو14:4) مسكينة هى النفس التى لم تلتق بعد بينبوع ماء الحياة من يستطيع أن يطفئ لهيب ظمأ الناس من يستطيع أن ينجو من هلاك العطش إلى الشهوات الينبوع وحده قادر أن يروى ويشفى ويسعد الإنسان "يا سيد أعطنى هذا الماء لكى لا أعطش ولا آتى إلى هنا لأستقى" (يو 15:4) أعطنى من مياه ينبوعك النقى؛ لكى لا احتاج مرة أخرى إلى قاذورات العالم، ولكى لا آتى هنا مرة أخرى إلى حيث أماكن العثرة والخطية والضياع حقا إن "النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو" (أم 7:27) فأعطنى يا سيدى القدوس أن أرجع إليك؛ لأشبع بك فأدوس على عسل العالم المروأنكر الفجور والشهوات، وأكون لك إلى المنتهى. 6- العودة إلى الله الشافى:- كان المفلوج ملقى على الأرض به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة، ينتظر تحريك الماء حتى يبرأ إنه عاجز عن الحركة لا يستطيع العودة يا للعجب أن الطبيب بنفسه جاء إليه ليشفيه وقال له "أتريد أن تبرأ" (يو6:5) ما هذه العذوبة يا للرقة هل تستأذن منه لكى تشفيه؟‍‍!! يقول يسوعنا الحبيب لقد انتظرته كثيراً (38 سنة) لكى يعود، لكنه تقاعس حتى ضمرت أطرافه، وضاعت منه أى فرصة للعودة كان لابد أن آتى بنفسى لأفتقده ولكن ليس دون رأيه لم يكن مرضه مرضا عاديا بل كان ثمرة خطية "ها أنت قد برأت؛ فلا تخطئ أيضا لئلا يكون لك أشر" (يو14:5). سيدى المحبوب ها أنا مفلوج ولى زمان طويل متكاسل فى فراش المرض والخطية حتى ماتت فىّ كل رغبة فى التوبة وذبلت فىّ كل رغبة للصلاة والعودة إليك فهل لى فى هذا الموسم المبارك أن تفتقدنى بصلاحك وتبرئنى أننى عاجز عن العودة فهل لى أن تأتى إلىّ؟ لقد فشلت معى بركة بيت حسدا بكل أروقتها الخمسة فهل تأتى إلىّ لتشفينى بالكلمة؟ ليس لى ملجأ سواك وليس لى طبيب إلا إياك فدعنى أقبل نعمتك كما قبلها المفلوج فحمل سريره، ونهض ليخدمك ويبشر باسمك فى كل مكان. 7- العودة إلى نور العالم:- كان المولود أعمى يعيش فى الظلام ككل إنسان محروم من نور المسيح جاء إليه النور "مادمت فى العالم؛ فأنا نور العالم" (يو 5:9) "مضى واغتسل وأتى بصيراً" (يو 7:9) ورأى النورلم يكن النور الذى رآه هو الشمس بل نور المسيح كان شاول الطرسوسى يظن انه يرى بنور الناموس، ولم يكن يدرى أن هناك قشور على عينيه كان يحتاج أن يعتمد من حنانيا؛ لتتساقط القشور ويستعيد رؤية نور المسيح سيعيش العالم فى ظلام الخطية والجهل والشهوة والدمار؛ حتى يعود إلى المسيح النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان إن الصوم الكبير هو موسم استعادة الاستنارة التى أخذناها فى المعمودية إنه موسم ملء المصباح بزيت الصوم والقداس حتى نكون فى زمرة العذارى الحكيمات أصحاب المصابيح الموقدة، والآنية المليئة بالزيت، والمستعدات للقاء العريس السماوى فعريسنا سيفرح باستنارتنا وسيضفى حينئذ علينا من بهاء مجده "استنارت الأرض من بهائه" (رؤ 1:18) طوبى للنفس التى تعود إليه تتأمل فى وجهه "نظروا إليه واستناروا، ووجوههم لم تخجل" (مز5:34) مأساة الإنسان انه قد تلهى عن الله ليتنا فى الصوم نعود إليه فى هدوء، ونجلس تحت قدميه بسكون "بالرجوع والسكون تخلصون. بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم" (إش 15:30). نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة عن كتاب الصوم الكبير عوده الى الله
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل