المقالات

06 أبريل 2020

مفهوم المعجزة

أولاً: ماهية المعجزة:- المعجزة هى عمل يفوق الطبيعة، ويفوق التوقع الطبيعي، كأن يُشفى إنسان مريض بمرض عضّال فجأة وبدون علاج، أو يقوم ميت من الموت، أو غير ذلك من الأحداث فائقة الطبيعة وأعمال الله التى يعملها يوميًا معنا يمكن أن تُعتبر معجزات بالنسبة لنا، ولكنها شىء طبيعى بالنسبة لقدرة الله الفائقة لكن المعجزة الإلهية قد صارت شيئًا زهيدًا بسبب التكرار والاعتياد.. فالشمس تشرق كل يوم، وتغرب فى مواعيد محددة، وحركة الأفلاك السمائية التى لا تضطرب، بل ومعجزة جسم الإنسان وما فيه من أجهزة وعمليات فسيولوجية، والعقل البشرى وما يحويه من غنى، والإبداع والقدرة على التفكير، وعدد الخلايا العصبية التى فيه وكيف تعمل، بل لو تأملنا فى كل ما يحيط بنا، لأدركنا مقدار الإعجاز فيه لولا أننا اعتدنا.. فصار كل شىء لنا طبيعيًا، وبدأنا نبحث عن الأشياء الخارقة وعندما تجسّد الله وحل بيننا، كان الشىء الطبيعى بالنسبة له أن تخرج منه قوة لشفاء الناس "الذى جالَ يَصنَعُ خَيرًا ويَشفى جميعَ المُتَسَلطِ علَيهِمْ إبليسُ" (أع 38:10)"وكانَتْ قوَّةُ الرَّب لشِفائهِمْ" (لو 17:5)"وحَيثُما دَخَلَ إلَى قُرىً أو مُدُنٍ أو ضياعٍ، وضَعوا المَرضَى فى الأسواقِ، وطَلَبوا إليهِ أنْ يَلمِسوا ولو هُدبَ ثَوْبِهِ. وكُلُّ مَنْ لَمَسَهُ شُفىَ" (مر 56:6)"فقالَ يَسوعُ: قد لَمَسَنى واحِدٌ، لأنى عَلِمتُ أنَّ قوَّةً قد خرجَتْ مِنى" (لو 46:8).لقد كان الرب يسوع وسط الناس كمثل التيار الكهربائى، الذى تخرج منه قوة تُنير، وتُحرك، وتُسخن، وتُبرد. كذلك كانت القوة الخارجة من الرب تشفى، وتُطهر، وتغفر الخطايا، وتُبارك الأكل، وتُقيم الموتى... كان كل ذلك مُعجزيًا فى نظر الناس، ولكنه كان طبيعيًا جدًّا بالنسبة للرب يسوع.يمكننا أن نعتبر قيامة السيد المسيح من الموت، ليست معجزة لأنها الشئ الطبيعى بالنسبة له.. فهو ينبوع الحياة"فيهِ كانَتِ الحياةُ، والحياةُ كانَتْ نورَ الناسِ" (يو 4:1)"قالَ لها يَسوعُ: أنا هو القيامَةُ والحياةُ. مَنْ آمَنَ بى ولو ماتَ فسَيَحيا" (يو 25:11)والمعجزة الحقيقية التى تجرى فى حياتنا هى تجديد طبيعة الإنسان، واقتناؤه الحياة السمائية. ثانياً: الله وحده هو صانع المعجزات:- الله وحده هو صانع المعجزات لأنه هو وحده القادر على كل شىء، ولا يعسُر عليه أمر."مَنْ مِثلُكَ بَينَ الآلِهَةِ يارَبُّ؟ مَنْ مِثلُكَ: مُعتَزًّا فى القَداسَةِ، مَخوفًا بالتَّسابيحِ، صانِعًا عَجائبَ؟" (خر 11:15) "مُبارَكٌ الرَّبُّ اللهُ إلهُ إسرائيلَ، الصّانِعُ العَجائبَ وحدَهُ" (مز 18:72) ثالثاً: القديسون والمعجزات:- أحيانًا يُعطى الله رجاله القديسين أن يصنعوا عجائب باسمه "وصارَ خَوْفٌ فى كُل نَفسٍ. وكانَتْ عَجائبُ وآياتٌ كثيرَةٌ تُجرَى علَى أيدى الرُّسُلِ" (أع 43:2)"وجَرَتْ علَى أيدى الرُّسُلِ آياتٌ وعَجائبُ كثيرَةٌ فى الشَّعبِ. وكانَ الجميعُ بنَفسٍ واحِدَةٍ فى رِواقِ سُلَيمانَ" (أع 12:5)"وأمّا استِفانوسُ فإذ كانَ مَملوًّا إيمانًا وقوَّةً، كانَ يَصنَعُ عَجائبَ وآياتٍ عظيمَةً فى الشَّعبِ" (أع 8:6) رابعاً: الهدف من المعجزة:- إن الهدف من المعجزة هو إظهار قوة الله، وتمجيد اسمه القدوس، حتى يُؤمن به الناس "هذِهِ بدايَةُ الآياتِ فعَلها يَسوعُ فى قانا الجليلِ، وأظهَرَ مَجدَهُ، فآمَنَ بهِ تلاميذُهُ" (يو 11:2)"فآمَنَ بهِ كثيرونَ مِنَ الجَمعِ، وقالوا: ألَعَلَّ المَسيحَ مَتَى جاءَ يَعمَلُ آياتٍ أكثَرَ مِنْ هذِهِ التى عَمِلها هذا؟" (يو 31:7)وهناك سبب آخر أجرى من أجله السيد المسيح معجزاته الكثيرة.. فلقد جاء السيد المسيح ليعمل معجزات غير حسية فى الطبيعة البشرية، وهى:- - إخراج الشيطان من سلطانه المزيف على البشر. - تجديد الطبيعة البشرية، ومنحها نعمة الاستنارة. - أن يُقيمنا من موت الخطية، ويُحيينا حياة أبدية. - أن يعطينا أن نأكل جسده ودمه الأقدسين. كل هذه معجزات باهرة جدًّا، ولكنها غير محسوسة، ولن يصدقها الناس لأننا لا نؤمن إن لم نرَ بأعيننا!! فما الدليل على أن طبيعة الإنسان تتجدد بالمعمودية؟إننا لا نرى شيئًا ظاهريًا يحدث لمَنْ يعتمد باسم الثالوث وما الدليل على أن خطايا المعترف تُغفر له؟ إننا لا نرى شيئًا ملموسًا وهكذا لذلك عمل السيد المسيح معجزات ظاهرية محسوسة وملموسة ومرئية، ليبرهن بها على ما يعمله داخليًا فينا، دون أن نرى أو نحس أو نلمس هذه الحقيقة يمكن أن ندركها من كلام السيد المسيح مع اليهود، فى معجزة شفاء المفلوج "ولكن لكَىْ تعلَموا أنَّ لابنِ الإنسانِ سُلطانًا علَى الأرضِ أنْ يَغفِرَ الخطايا، قالَ للمَفلوجِ لكَ أقولُ قُمْ واحمِلْ فِراشَكَ واذهَبْ إلَى بَيتِكَ!" (لو 24:5) المسيح وهو شفقة الله على الناس والخليقة فى معجزة إشباع الجموع، قال الرب يسوع "إنى أُشفِقُ علَى الجَمعِ، لأنَّ الآنَ لهُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ يَمكُثونَ مَعى وليس لهُمْ ما يأكُلونَ" (مر 2:8) وفى معجزة شفاء الأبرص قيل"فتَحَنَّنَ يَسوعُ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقالَ لهُ: أُريدُ فاطهُرْ!" (مر 41:1)وقيل كذلك "فلَمّا خرجَ يَسوعُ أبصَرَ جَمعًا كثيرًا فتَحَنَّنَ علَيهِمْ وشَفَى مَرضاهُمْ" (مت 14:14) خامساً: علاقة المعجزة بالإيمان:- هل يعمل الله معجزة بسبب إيمان الناس، أم أنه يعمل المعجزة لكى يؤمنوا به؟!!إن الإيمان هو "الثقَةُ بما يُرجَى والإيقانُ بأُمورٍ لا تُرَى" (عب 1:11)، فيجب أن يكون الإيمان نابعًا من القلب دون احتياج إلى معجزة. لذلك عاتب السيد المسيح توما قائلاً "لأنَّكَ رأيتَنى يا توما آمَنتَ! طوبَى للذينَ آمَنوا ولم يَرَوْا" (يو 29:20)إن الناس - من جهة هذا الأمر - ينقسمون إلى عدة أنواع:- 1- أناس نالوا المعجزة بسبب إيمانهم، مثل :- أ- نازفة الدم : وقد قال لها السيد المسيح: "ثِقى يا ابنَةُ، إيمانُكِ قد شَفاكِ. فشُفيَتِ المَرأةُ مِنْ تِلكَ السّاعَةِ" (مت 22:9) ب- الأعميان : "حينَئذٍ لَمَسَ أعيُنَهُما قائلاً: بحَسَبِ إيمانِكُما ليَكُنْ لكُما" (مت 29:9) ج- المرأة الكنعانية : "يا امرأةُ، عظيمٌ إيمانُكِ! ليَكُنْ لكِ كما تُريدينَ. فشُفيَتِ ابنَتُها مِنْ تِلكَ السّاعَةِ" (مت 28:15) 2- أناس آمنوا بسبب المعجزة :- أ- معجزة قانا الجليل : "هذِهِ بدايَةُ الآياتِ فعَلها يَسوعُ فى قانا الجليلِ، وأظهَرَ مَجدَهُ، فآمَنَ بهِ تلاميذُهُ" (يو 11:2) ب- "ولَمّا كانَ فى أورُشَليمَ فى عيدِ الفِصحِ، آمَنَ كثيرونَ باسمِهِ، إذ رأَوْا الآياتِ التى صَنَعَ" (يو 23:2) ج- شفاء ابن خادم الملك : "ففَهِمَ الأبُ أنَّهُ فى تِلكَ السّاعَةِ التى قالَ لهُ فيها يَسوعُ: إنَّ ابنَكَ حَىٌّ. فآمَنَ هو وبَيتُهُ كُلُّهُ" (يو 53:4) 3- أناس لم يُؤمنوا بالرغم من المعجزة :- أ- "ومع أنَّهُ كانَ قد صَنَعَ أمامَهُمْ آياتٍ هذا عَدَدُها، لم يؤمِنوا بهِ" (يو 37:12) ب- "فجَمَعَ رؤَساءُ الكهنةِ والفَريسيّونَ مَجمَعًا وقالوا: ماذا نَصنَعُ؟ فإنَّ هذا الإنسانَ يَعمَلُ آياتٍ كثيرَةً. إنْ ترَكناهُ هكذا يؤمِنُ الجميعُ بهِ، فيأتى الرّومانيّونَ ويأخُذونَ مَوْضِعَنا وأُمَّتَنا" (يو 47:11-48) 4- أناس لم تعمل لهم معجزة بسبب عدم إيمانهم :- أ- عندما سأل التلاميذ: "لماذا لم نَقدِرْ نَحنُ أنْ نُخرِجَهُ (الشيطان)؟ فقالَ لهُمْ يَسوعُ: لعَدَمِ إيمانِكُمْ" (مت 19:17-20) ب- "حينَئذٍ أجابَ قَوْمٌ مِنَ الكتبةِ والفَريسيينَ قائلينَ: يا مُعَلمُ، نُريدُ أنْ نَرَى مِنكَ آيَةً. فأجابَ وقالَ لهُمْ: جيلٌ شِريرٌ وفاسِقٌ يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةَ يونانَ النَّبى" (مت 38:12-39) ج- هيرودس الملك عند محاكمة السيد المسيح.. "ترَجَّى أنْ يَرَى آيَةً تُصنَعُ مِنهُ" (لو 8:23)ومع ذلك لم يعمل له السيد المسيح معجزة بسبب عدم إيمانه. سادساً: الشيطان والمعجزات هل هناك معجزات يستطيع الشيطان أن يعملها؟ نعم وهنا تكمن الخطورة، فالشيطان يستطيع أن يعمل معجزات ليُضلِّل بها الناس، مستخدمًا فى ذلك قدرته كملاك (ساقط)ولذلك ينبغى على الناس أن يحذروا من السقوط فى خداع الشيطان وأوهام المعجزات الكاذبة، وذلك بشهادة الأسفار المُقدَّسة"ويَقومُ أنبياءُ كذَبَةٌ كثيرونَ ويُضِلّونَ كثيرينَ" (مت 11:24)"اِحتَرِزوا مِنَ الأنبياءِ الكَذَبَةِ الذينَ يأتونَكُمْ بثيابِ الحُملانِ، ولكنهُمْ مِنْ داخِلٍ ذِئابٌ خاطِفَةٌ!" (مت 15:7)"لأنَّهُ سيَقومُ مُسَحاءُ كذَبَةٌ وأنبياءُ كذَبَةٌ ويُعطونَ آياتٍ عظيمَةً وعَجائبَ، حتَّى يُضِلّوا لو أمكَنَ المُختارينَ أيضًا" (مت 24:24)"إذا قامَ فى وسطِكَ نَبىٌّ أو حالِمٌ حُلمًا، وأعطاكَ آيَةً أو أُعجوبَةً، ولو حَدَثَتِ الآيَةُ أو الأُعجوبَةُ التى كلَّمَكَ عنها قائلاً: لنَذهَبْ وراءَ آلِهَةٍ أُخرَى لم تعرِفها ونَعبُدها، فلا تسمَعْ لكلامِ ذلكَ النَّبى أو الحالِمِ ذلكَ الحُلمَ، لأنَّ الرَّبَّ إلهَكُمْ يَمتَحِنُكُمْ لكَىْ يَعلَمَ هل تُحِبّونَ الرَّبَّ إلهَكُمْ مِنْ كُل قُلوبِكُمْ ومِنْ كُل أنفُسِكُمْ" (تث 1:13-3)لقد فعل العرافون معجزات أمام فرعون بقوة الشيطان، حتى يشوش على عمل الله، ولكن عمل الله ظاهر وقوى.. سابعاً: هل المعجزة علامة القداسة وصحة الإيمان؟ يعتبر البعض أن برهان قداسة إنسان هو أنه يُجرى المعجزات، بينما يشهد الكتاب المُقدَّس بعكس ذلك:- أ- قديسون لم يعملوا معجزات :- قيل عن يوحنا المعمدان"إنَّ يوحَنا لم يَفعَلْ آيَةً واحِدَةً" (يو 41:10) هذا الرجل الذي شهد عنه السيد المسيح بنفسه قائلاً "لأنى أقولُ لكُمْ: إنَّهُ بَينَ المَوْلودينَ مِنَ النساءِ ليس نَبىٌّ أعظَمَ مِنْ يوحَنا المعمدانِ، ولكن الأصغَرَ فى ملكوتِ اللهِ أعظَمُ مِنهُ" (لو 28:7)وكذلك لم يُسمع عن كثيرين من الآباء أنهم عملوا معجزات مثل: إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ويوسف، وصموئيل، وإشعياء فليست المعجزة برهان على قداسة السيرة، بل قداسة السيرة برهان صدق المعجزة، وأنها من عمل الله. ب- أشرار عملوا معجزات :- "كثيرونَ سيقولونَ لى فى ذلكَ اليومِ: يارَبُّ، يارَبُّ! أليس باسمِكَ تنَبّأنا، وباسمِكَ أخرَجنا شَياطينَ، وباسمِكَ صَنَعنا قوّاتٍ كثيرَةً؟ فحينَئذٍ أُصَرحُ لهُمْ: إنى لم أعرِفكُمْ قَطُّ! اذهَبوا عَنى يا فاعِلى الإثمِ!" (مت 22:7-23)لقد تنبأ "بلعام بن يعور"، ولكنه كان مرفوضًا من قِبَل الله "ويلٌ لهُمْ! لأنَّهُمْ سلكوا طريقَ قايينَ، وانصَبّوا إلَى ضَلالَةِ بَلعامَ لأجلِ أُجرَةٍ، وهَلكوا فى مُشاجَرَةِ قورَحَ" (يه 11) "لكن عِندى علَيكَ قَليلٌ: أنَّ عِندَكَ هناكَ قَوْمًا مُتَمَسكينَ بتعليمِ بَلعامَ، الذى كانَ يُعَلمُ بالاقَ أنْ يُلقىَ مَعثَرَةً أمامَ بَنى إسرائيلَ: أنْ يأكُلوا ما ذُبِحَ للأوثانِ، ويَزنوا" (رؤ 14:2)وتنبأ قيافا رئيس الكهنة بخصوص السيد المسيح "فقالَ لهُمْ واحِدٌ مِنهُمْ، وهو قَيافا، كانَ رَئيسًا للكهنةِ فى تِلكَ السَّنَةِ أنتُمْ لستُمْ تعرِفونَ شَيئًا، ولا تُفَكرونَ أنَّهُ خَيرٌ لنا أنْ يَموتَ إنسانٌ واحِدٌ عن الشَّعبِ ولا تهلِكَ الأُمَّةُ كُلُّها! ولم يَقُلْ هذا مِنْ نَفسِهِ، بل إذ كانَ رَئيسًا للكهنةِ فى تِلكَ السَّنَةِ، تنَبّأَ أنَّ يَسوعَ مُزمِعٌ أنْ يَموتَ عن الأُمَّةِ، وليس عن الأُمَّةِ فقط، بل ليَجمَعَ أبناءَ اللهِ المُتَفَرقينَ إلَى واحِدٍ" (يو 49:11-52)وطبعًا لم يكن قيافا قديسًا، فلقد تورط فى صلب السيد المسيح بقلب قاس جاحد حقًا "ليس كُلُّ مَنْ يقولُ لى يارَبُّ، يارَبُّ! يَدخُلُ ملكوتَ السماواتِ بل الذى يَفعَلُ إرادَةَ أبى الذى فى السماواتِ" (مت 21:7) وكذلك حق ما قاله القديس بولس الرسول: "وإنْ كانَتْ لى نُبوَّةٌ، وأعلَمُ جميعَ الأسرارِ وكُلَّ عِلمٍ، وإنْ كانَ لى كُلُّ الإيمانِ حتَّى أنقُلَ الجِبالَ، ولكن ليس لى مَحَبَّةٌ، فلستُ شَيئًا" (1كو 2:13)من أجل ذلك لا يجب أن نقبل كل مَنْ يعمل آيات قائلاً إنه قديس، بل يجب أن يُمتحنوا ويُخِتبروا على رأى القائل لا تصدقوا كل روح، بل جربوا إن كان ذلك الروح من الله، لأن أنبياء كثيرين كذابين قد خرجوا إلى العالم والرسول يقول إن هؤلاء رسل كذابون وفعلة غاشون، متشبهون برسل المسيح، وأن الشيطان يظهر بشكل ملاك النور، فلا عجب أن كل خدامه يتشكلون بشكل خدام العدل. ثامناً: هل يجوز التباهى بالمعجزة والإعلان عنها؟ لقد تعلّمنا من السيد المسيح عدم الافتخار "لا تفرَحوا بهذا أنَّ الأرواحَ تخضَعُ لكُمْ، بل افرَحوا بالحَرى أنَّ أسماءَكُمْ كُتِبَتْ فى السماواتِ" (لو 20:10)"تبِعَتهُ جُموعٌ كثيرَةٌ فشَفاهُمْ جميعًا. وأوصاهُمْ أنْ لا يُظهِروهُ" (مت 15:12-16)وفى حادثة التجلى "وفيما هُم نازِلونَ مِنَ الجَبَلِ أوصاهُمْ يَسوعُ قائلاً: لا تُعلِموا أحَدًا بما رأيتُمْ حتَّى يَقومَ ابنُ الإنسانِ مِنَ الأمواتِ" (مت 9:17)وإن كان السيد المسيح فى مواقع أخرى أمر الناس أن يذيعوا مجد الله، مثلما فعل مع مريض كورة الجدريين الذى خرجت منه الشياطين، فقال له: "ارجِعْ إلَى بَيتِكَ وحَدثْ بكَمْ صَنَعَ اللهُ بكَ. فمَضَى وهو يُنادى فى المدينةِ كُلها بكَمْ صَنَعَ بهِ يَسوعُ" (لو 39:8). لكن ذلك على أساس: "مَنِ افتَخَرَ فليَفتَخِرْ بالرَّب" (1كو 31:1) تاسعاً: المعجزة الحقيقية:- لقد طلب اليهود من السيد المسيح آية (معجزة)، فكان رده: "جيلٌ شِريرٌ وفاسِقٌ يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةَ يونانَ النَّبى. لأنَّهُ كما كانَ يونانُ فى بَطنِ الحوتِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ، هكذا يكونُ ابنُ الإنسانِ فى قَلبِ الأرضِ ثَلاثَةَ أيّامٍ وثَلاثَ لَيالٍ" (مت 39:12-40)إن السيد المسيح هو المعجزة الحقيقية.. "ولكن يُعطيكُمُ السَّيدُ نَفسُهُ آيَةً: ها العَذراءُ تحبَلُ وتلِدُ ابنًا وتدعو اسمَهُ عِمّانوئيلَ" (إش 14:7)المعجزة هى أن الله تجسّد ورأينا مجده، وأنه مات عنَّا ولأجلنا، وأنه ارتضى أن يسكن فى قلبى الحقير النجس ما أجمل إجابة الثلاثة فتية القديسين عندما هددهم نبوخذنصر الملك بإلقائهم في أتون النار المتقدة "فأجابَ شَدرَخُ وميشَخُ وعَبدَنَغوَ وقالوا للمَلِكِ يا نَبوخَذنَصَّرُ، لا يَلزَمُنا أنْ نُجيبَكَ عن هذا الأمرِهوذا يوجَدُ إلهنا الذى نَعبُدُهُ يستطيعُ أنْ يُنَجيَنا مِنْ أتّونِ النّارِ المُتَّقِدَةِ، وأنْ يُنقِذَنا مِنْ يَدِكَ أيُّها المَلِكُ. وإلا فليَكُنْ مَعلومًا لكَ أيُّها المَلِكُ، أنَّنا لا نَعبُدُ آلِهَتَكَ ولا نَسجُدُ لتِمثالِ الذَّهَبِ الذى نَصَبتَهُ" (دا 16:3-18)أى إنه يمكن أن يعمل الله معنا معجزة وينقذنا من يديك، وإن لم يعمل المعجزة فإننا سوف نستمر على إخلاصنا وخضوعنا له وعبادته دون كل الآلهة وقد تكلّم بعض الآباء عن المعجزة الحقيقية التي يمكن أن تحدث فى النفس بالتوبة فمثلاً جاء فى بستان الرهبان"حدث أن تقدم بعض الرهبان إلى أنبا باخوميوس يسألونه "قل لنا يا أبانا ما الذى يمكننا أن نعمله لنحظى بالقدرة على إجراء الآيات والعجائب؟"أجابهم بابتسامة "إن شئتم أن تسعوا سعيًا روحيًا ساميًا فلا تطلبوا هذه المقدرة لأنها مشوبة بشىء من الزهو، بل اسعوا بالحرى لتظفروا بالقوة التى تمكنكم من إجراء العجائب الروحية فإن رأيتم عابد وثن وأنرتم أمامه السبيل الذى يقوده إلى معرفة الله فقد أحييتم ميتًا، وإذا رددتم أحد المبتدعين فى الدين إلى الإيمان الأرثوذكسى فتحتم أعين العميان، وإذا جعلتم من البخيل كريمًا شفيتم يدًا مشلولة، وإذا حولتم الكسول نشيطًا منحتم الشفاء لمُقعد مفلوج، وإذا حولتم الغضوب وديعًا أخرجتم شيطانًا، فهل هناك شىء يطمع الإنسان أن يناله أعظم من هذا؟". نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
05 أبريل 2020

تأملات فى حياة المولود اعمى

ولد هذا الرجل اعمى من بطن امة و عاش فترة حياتة حتى شبابة محروم من الرؤية و كان يستعطى من الناس و لما وجدوه تلاميذ المسيح سألوا المخلص هل اخطأ هذا ام والدية ؟؟و كان رد المخلص لا أخطأ هذا و لا ايضا والدية و لكن من أجل مجد اللة اليس كان من الاولى ان يقدموة للمخلص و يطلبوا من اجلة بدلا من ان يسألوه هل اخطأ هذا ام والدية هذا الرجل من يتأمل فى حياتة ( يوحنا 9 ) يجد انة امتاز بمجموعة جميلة من الصفات قلما توجد فى شخص اخر:- 1- الصمت:- الصمت كان ممكن ان يدافع عن نفسة عندما سمع التلاميذ يسألون المخلص و يتهمونة بدون سابق معرفة هل اخطأ هذا ام والدية لكنة فضل ان يسكت و لا ينطق ببنت شفا ( لكن السيد المسيح دافع عنة و أوضح لتلاميذة ان هذا من اجل مجد اللة ) 2- تحمل التعب و الالام:- تحمل التعب و الالامعاش هذا الرجل فترة حياتة يعانى من احوالة و معيشتة و الامة و نظرة الاخرين لة و تقبل كل هذة الالام بصدر رحب و كان ممكن ان تكون هذة الاوضاع سبب فى يأسة و بؤسة لكنة تحملها بصبر 3- عدم التذمر:- عدم التذمر رغم الالام و التعب و حياتة الصعبة التى وجدها بدون ان يكون لة دخل بها الا انه رضى بها و عاش حياتة بدون ان يتذمر على شىء و لو حدثت هذة الاشياء لشخص فى هذا الزمن لوجد الف حجة و حجة من التذمر ولا احد ممكن ان يلومة 4 – الشكر:- الشكر نرى الشكر ظاهر بوضوح لما المخلص وهبه الشفاء و قال لة اذهب اغتسل فى بركة سلوام فذهب و رجع الية لكى يشكرة ( ذى الواحد الذى شفى من مرض البرص و كان واحد من ضمن 10 برصاء) .. فلو كان ذهب و لم يرجع للمسيح لكى يشكرة مكنش حد يقدر يلومة فهو كانى يعانى 30 سنة من عدم الرؤية و كان يسمع فقط عن كل شىء فى الدنيا والان اصبح يرى الحياة و يرى كل ما كان يسمع عنة .. لكن هذا الرجل مكنش عندة حب للحياة بقدر حبة للمخلص الذى اعطاة نعمة الشفاء 5 - عدم الخجل من الاخرين:- عدم الخجل تخيلوا لو حد حصل معاة ان ربنا اعطاة فلوس كتير او ورث عن اهلة او منصب كبير فى الوزارة بعد ان كان يدوب موظف صغير ممكن اية يحصل لهذا الموظف او هذا الفقير .. ممكن نقول ان الفلوس او المنصب هايغيروا الواحد ويخلوا شخص اخر و يتنكر لكل اصحابة و كمان اهلة و ممكن جدا يبيع الدنيا كلها و يفكر بس فى المنصب و الفلوس و الوضع الجديد لية صح كدة لكن هذا الرجل بعد ما المسيح شفاة من مرضة لم يحدث ان اتغير ابدا لكنة يعترف انة هو نفس الشخص الذى كان مريض و يعانى من عدم الرؤية هو هو نفس الشخص لما اليهود و الناس احتاروا فية و قالوا انة هو و اخرين قالوا انة شخص يشبهه و اخرين قالوا ليس هو اما هو فقال عن نفسة انى انا هو.
المزيد
04 أبريل 2020

التدبير الروحي

كثير من الناس يسيرون بلا تدبير، وبالتالي بلا ترتيب، ولا خطة، فيتخبطون، يتقدمون خطوة ويتراجعون خطوات، وتتلاهى بهم الشياطين. وعندما نقول أن الذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر، نقصد أنه لا جذور لهم ولا غذاء منتظم لذلك تجف من أعلى قال أب " لست أجد سقطة للإنسان سوى أن يعمل برأي نفسه " التدبير الروحي ونسميه في الأوساط النسكية بالقانون الروحي وكلمة قانون أصلاً تعنى مسطرة مدرجة للقياس بها والضبط ولكن يبدو أن الكلمة ارتبطت كثيراً بالعقوبة..!! في حين أنها تدبير شفائي. الله أولا هو المدبر الحقيقي، وهو يعطى موهبة التدبير للبعض ، يقول عنه سفر إستير " مدبر ومخلص الجميع " (أست 5:15) وفي سفر الحكمة " إذ أنت عادل تدبر الجميع بالعدل " (حك 15:12) إنه المدبر الذي يرعي شعب إسرائيل ( متى 6:2)عندما يكون مطلوباً من الأب الروحي إعطاء رأى أو قرار أو تدبير فإنه يصلى مع التلميذ ويطلب من الرب عنه ويطلب حكمة من الله لكي يرشد الابن هو بالأحرى يطلب من الرب طعاماً لابنه كان بعض الآباء يخرجون إلى البرية يصلون إلى بعض كتّاب الكتاب المقدس للحصول على تفسير أو شرح !! بين قداسة الأب وصحة التدبير:- المدبر الروحى قد لا يكون الأب في مستوى أولئك المدبرين المثاليين، ولكن من أجل أمانتك يعطيك الله احتياجك وقديماً لم يكن جميع الكهنة يمارسون سر الاعتراف، ولكن البعض الذين يكلفهم الأسقف أو رئيس الديركان يشترط في الأب سلوكه وهو (ما يسمى بسير القديسين) وحسن إرشاده وحكمته في الملاحظة وهو ما يسمى (كتابات الآباء) ولكن بعد الزيادة الكبيرة في عدد المسيحيين والنهضة الروحية التي شهدتها الكنيسة وإقبال الكثيرين على الاعتراف، لم يعد كاهن واحد يكفي في المدينة ولكن يلزم التفريق جيداً بين الاعتراف والارشاد: فالاعتراف سرّ يخص الخطية والحل عنها، أمّا الارشاد أو التدبير فهو طريقة الحياة والسلوك من حيث الممارسات ومن حيث تدبير الفكر وقد كان ذلك يتم بين الجماعات الرهبانية، وقد لا يوجد بها قسيس واحد (أي كاهن). ففي أديرة الأنبا باخوميوس لم يكن هناك كاهن. كما كان المتوحدون يتقابلون ليتحدثوا بعظائم الله (أي يتبادلون الخبرات .. " ثم نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم " ( 1 تس 12:5)واما الشيوخ المدبرون حسناً فليحسبوا أهلاً لك ا رمة مضاعفة ولا سيما الذين يتبعون في الكلمة والتعليم " ( ا تى 17:5) وكان الآباء يحذرون كثيراً من الوقوع في يد (مريض بدل طبيب) ويقولون ليس بالضرورة أن يكون المدبر (من طال عمرة وشاب شعره) ولكن كيف تتلاهى به الشياطين: اولاً يحاولون تشكيكه في أبيه الروحي، وأن يعتمد على خبرته الشخصية. ولذلك فالطاعة للمدبرهامة جداً يقول القديس أنطونيوس: "الطاعة تخليك مسئولية الطريق" تحميك من حيل المضاد تنقذك من الهلاك. يدبر فكره كيف يرتبط بالمسيح كيف لا يدين شخصا كيف يتفاعل مع ما يرى وما يسمع.كيف يتأمل قد يفاجأ شخص بأنه فقد التدبير الروحى كله يتهاون قليلاً قليلاً حتى يفقده بالتمام ينتبه ذات يوم ليجد ذاته لا يصلى ولا يقرأ في الإنجيل صومه مكسور فكره دنس عاداته رديئة برنامجه يخلو من الله !! لا في الصباح ولا في المساء، واذا اهتز التدبير الروحى الداخلي،اهتز الشخص من الخارج، وظهر ذلك في سلوكه وقراراته التدبير مثل الرصيد الروحى الداخلي والدعائم القوية للإنسان لقد تمسك آباؤنا بالتدبير (القانون) الروحى الى الموت الامانة في حد ذاتها ذبيحة يكلل عليها الانسان. نيافة الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف عام المنيا وابو قرقاص
المزيد
03 أبريل 2020

ملامح لحياتنا في الكتاب المقدس

نقرأ بنعمة الميسيح جزء من الكتاب المقدس “وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ” ( 2بط 1 : 91 – 21 ). ” أحبك يارب يا قوتي ” ( مز 18 ) أحب كلمتك يارب لأنها قوتي أحب كل ما أوحى في الكتاب المقدس بالعهد القديم والجديد أحب كل ما تعلَّمته من كلمتك المقدسة فهى قوتي أحب كل ما حفظته وأُردِّده وأُسبِّح به فهو قوتي الكتاب المقدس هو قوة اللـه للخلاص, هو بالحقيقة قوة الكتاب المقدس ليس مُجرَّد رسالة نظرية أو فلسفية أو فكرية أو وسيلة تعليمية هو بالحقيقة قوة لخلاص الإنسان؛ لذلك مسكين الإنسان الذي يهمل كلمة الله. ” وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً “؛ فكلمته حاضرة وحضورها هو الذي يعطي قوة للإنسان. ” عدم معرفة الكتاب المقدس هى علة جميع الشرور والخطايا ” ( القديس يوحنا دهبي الفم ). ثلاث ملامح لحياتنا فى الكتاب المقدس: 1. القراءة اكتشاف:- كل مرة تقرأ الكتاب المقدس تكتشف فيها ذاتك آخر أية في الكتاب المقدس هى ” أمين تعال أيها الرب يسوع ” صدى هذه الأية يتكرَّر في كل مرة نقرأ فيها فصل من الكتاب المقدس أمين تعال أريد أن اعرفك أشوفك وأشعر بيك أريد أن أرى يدك تُخلِّصني لذلك أيها الحبيب لا تحرم نفسك من هذا الاكتشاف اكتشف الكلمة ( أقنوم الكلمة ) بين الكلمات. 2. القراءة صلاة:- نحن نقرأ لكي نُصلِّي, فمن أين نأتي بمادة الصلاة؟إن صلِّينا المزامير أو التسابيح أو القداسات هى كلها من الكتاب المقدس فالصلاة الواعية هى من الكتاب المقدس فعندما نُصلِّي التسبحة نُصلِّي مقاطع من الكتاب المقدس نُصلِّي الهوس الأول من سفر الخروج الأصحاح 15. 3. القراءة حياة:- يقول مُعلِّمنا بولس الرسول: ” فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح “؛ كيف يعيش مَن يبتعد عن الكتاب المقدس؟ كيف تكون له حياة مقبولة أمام اللـه؟ البعض يقولون أن كلمةBible هىBasic information before leaving earth أي: المعلومات الضرورية التي تعرفها قبل أن تترك الأرض. الكتاب المقدس هو دليل حياتك. إخوتى الأحباء عندما نحيا في هذه المفاهيم؛ القراءة اكتشاف ففي كل يوم تستطيع أن تكتشف لؤلؤة جديدة كل يوم، والكتاب المقدس هو صلاة يُحفِّزك أن ترفع قلبك بصلوات دائمة, إذا اكنشفت وصليت تعيش حياتك كما أرادها اللـه وتكون حياتك إنجيلاً مقروءاً من جميع الناس. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
02 أبريل 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الثَّانِي

1- بين اصحاح 11 : 20، اصحاح 13 : 1 و2 ففى الاول ان اسم ام ابيا معكه بنت ابشالوم وفى الثانى ان اسمها ميخايا بنت اورويئيل من جعبه. فنجيب : ذكرنا انفا ان تسميه الشخص اسمين او ثلاثه مصطلح عليه فى اللغه العبريه فمعكه هى ميخايا. وهى ابنه ابشالوم باعتباره جدها لانه ابو امها اذ ان ابشالوم لم يخلف بنات سوى ثامار (2 صم 14 : 27) وثامار تزوجت اوريئيل معكه (يوسيفوس 7 : 10 و11) فالاول دعاها ابنه ابشالوم جدها لشهرته والثانى ذكر اباها الحقيقى. 2- بين اصحاح 36 : 6، ار 22 : 18 و19 ففى الاول ان نبوخذ نصر عزم على اخذ يهوياقيم الى بابل وفى الثانى انه نقله الى اورشليم وامر بان تلقى جثته خارج السور ومنع عن الدفن فنجيب ان نبوخذنصر غير عزمه من جهه اخذ يهوياقيم الى بابل وابقاه يهوذا، ولما تمرد عليه اهلكه (راجع 2 مل 24 : 1 – 6) و الاول لم يقل انه اخذ الى بابل بل قال انه (قيده بسلاسل نحاس ليذهب بهالىبابل) وبعدئذ عدل عن اخذه. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
01 أبريل 2020

قدسوا صوماً

قال الرب علي لسان يوئيل النبي " قدسوا صوماً ، نادوا باعتكاف " ( يوئيل 1:14، 2:15) فما معني تقديسنا للصوم ؟ وكيف يكون ؟ معنى عبارة " قدسوا صوما ً" كلمه " تقديس " كانت في أصلها اليوناني تعني التخصيص فلما قال الرب لموسى " قدس لي كل بكر ، كل فاتح رحم إنه لي " ( خر 13: 2) كان يعني خصص لي هؤلاء الأبكار ، فلا يصيرون لغرض آخ : أبكار الناس كانوا يتفرغون لخدمة الرب قبل اختيار هرون وأولاده وأبكار البهائم كانت تقدم ذبائح والثياب المقدسة هي المخصصه للرب لخدمه الكهنوت وفي هذا قال الرب لموسى النبي " فيصنعون ثياباً مقدسة لهرون أخيك ولبنية ، ليكهن لي "( خر 28: 5) أواني المذبح هي أوان مقدسة للرب ، لأنها مخصصة لخدمته ، لا يمكن أن تستخدم في غرض آخر وتقديس بيت للرب معناها تخصيص بيت للرب ، فلا يمكن أن يستخدم في أي غرض آخر سوي عبادة الرب " بيتي بيت الصلاة يدعي " ( مت 21: 13) ولعل البعض يسأل ما معني قول الرب عن تلاميذه " من أجلهم أقدس انا ذاتي" ( يو 17: 19) ؟ معناها قول الرب عن تلاميذه " من أجلهم ، أي لأجل الكنيسة ، لأني جئت لأقدي هؤلاء وبهذه تكون المقدسات هي المخصصات للرب أي أنها أشياء للرب وحده وليس لغيره ، هي مخصصه للرب ، مثل البكور مثلاً وفي هذا يقول الرب علي لسان حزقيال النبي " هناك أطلب تقدمانكم وباكورات جزاكم جميع مقدستكم " ( حز 20: 40) ويقول عن بكور كل شجرة مثمرة " وفي السنة الرابعة يكون كل ثمرها قدساً لتمجيد الرب " ( لا 19: 24) أي يكون ثمرها مخصصاً للرب ، يعطي لكهنة الرب ( حز 44: 30) والموال التي تدخل إلي خزانه الرب في الهيكل ، قيل عنها " تكون قدساً للرب ، وتدخل في خزانه الرب "( يش 6: 19 ) . أي تخصص للرب وبنفس المعني كان تقديس الأيام أي تكون مخصصه للرب فعبارة " أذر يوم السبت لتقديسه " ( خر 20: 8) أي تخصص هذا اليوم للرب " لا تعمل فيه عملاً ما " إنه للرب وبنفس المعني تقديس كل مواسم الرب ، كل أعياده تقام فيها محافل مقدسة ، وتخصص تلك الأيام للرب لا تعمل فيها أي عمل ( لا 23: 7، 8، 21، 25، 31، 36) وهكذا تقدس الصوم معناه تخصيصه للرب تكون أيام الصوم مقدسه ، أي مخصصة للرب هي أيام ليست من نصيب العالم ، ولكنها نصيب الرب ، قدس للرب ولهذا وضح الوحي الإلهي هذا المعني بقوله " قدسوا صوماً نادوا باعتكاف "لأن الاعتكاف يليق بسبب أعمالك الرسمية أعتكف ما تستطيعة من الوقت لكي تتفرغ للب وإن ضاق وقتك علي الرغم منك ، فهناك معني آخر للتخصيص علي الأقل خصص هدف الصوم للرب وهكذا يكون صوماً مقدساً أي مخصصاً للرب في هدفه ، وفي سلوكه بهذا ندخل في المعني المتداول لكلمة مقدس ، أي طاهر ، لأنه للرب فهل هدف صومك هو الرب . ما هو هدف صومك؟ لماذا نصوم ؟ ما و هدفنا من الصوم ؟ لأنه بناء علي هدف الإنسان ، تتحدد وسيلته وأيضاً بناء علي الهدف تكون النتيجة هل نحن نصوم ، لمجرد أن الطقس هكذا ؟ لمجرد أنه ورد في القطمارس ، أو التقويم ( النتيجة ) ، أن الصوم قد بدأ ، أو قد أعلنت الكنيسة هذا الأمر ؟ إذن فالعامل الفلبي الجواني غير متكامل طبعاً طاعة الكنيسة آمر لازم ، وطاعة الوصية أمر لازم . ولكننا حينما نطيع الوصية ، ينبغي أن نطيعها في روحانية وليس في سطحية وان كانت الكنيسة قد رتبت لنا هذا الصوم ، فقد رتبته من أجل العمق الروحي الذي فيه . فما هو هذا العمق الروحي ؟ ؟ وما هدفنا من الصوم ؟ هل هدفنا هو مجرد حرمان الجسد وإذلاله في الواقع إن الحرمان الجسد ليس فضيلة في ذاته ، إنما هو مجرد وسيلة لفضيلة وهي أن تأخذ الروح مجالها . فهل نقتصر علي الوسيلة ، أم ندخل في الهدف منها وهو إعطاء الروح مجالها ؟ ما اكثر الأهداف الخاطئة التي تقف أمام الإنسان في صومه ! فقد يصوم البعض لمجرد أن يرضي عن نفسه لكي يشعر أنه إنسان بار ، يسلك في الوسائط الروحية ، ولا يقصر في آيه وصية أو قد يصوم لكي ينال مديحاً لكي ينال مديحاً من الناس في صومه ، أو في درجة صومه وهكذا يدخل في مجال المجد الباطل ، أي يدخل في خطية ! ما هو إذن الهدف السليم من الصوم ؟ الهدف السليم أننا نصوم من أجل محبتنا لله من أجل محبتنا ، نريد أن تكون أرواحنا ملتصقة بالله . ولا نشاء أن تكون أجسادنا عائقاً في طريق الروح . لذلك نخضعها بالصوم لكي تتمشي مع الروح في عملها . وهكذا نود في الصوم ، أن نرتفع عن المستوي المادي وعن المستوي الجسداني ، لكي نحيا في الروح ، ولكي تكون هناك فرصه لأرواحنا البشرية أن تشترك في العمل مع روح الله ، وان تتمتع بمحبة الله وبعشرته . حقاً ان التمتع بمحبة الله وحلاوة عشرته ، من المفروض أن يكون أسلوب الحياة كلها . ولكن لا ننسي أننا ننال ذلك بصورة مركزه في الصوم ، فيها عمق اكثر ، وحرص أكثر ، كتدريب وكتمهيد لكي تكون هذه المتعه بالله هي أسلوب الحياة كلها فنحن نصوم لأن الصوم يقربنا إلي الله الصوم فيه اعتكاف ، والاعتكاف فرصة للصلاة والقراءة الروحية والتأمل والصوم يساعد علي السهر وعلي المطانيات والسهر والمطانيات مجال للصلاة . والصوم فيه ضبط للإرادة وانتصار علي الرغبات وهذا يساعد علي التوبة التي هي الطريق إلي الله وإلي الصلح معه ونحن نصوم وفي صومنا تتغذي علي كل كلمة تخرج من فم الله ( مت 4) إذن من اجل محبة الله وعشرته ، نحن نصوم نصوم ، لأن الصوم يساعد علي الزهد في العالميات والموت عن الماديات وهذا يقوينا علي الاستعداد للأبدي والالتصاق بالله إن كان الصوم إذن هو أيام مخصصه لله وحده ، وإن كنا نصوم من اجل الله ومحبته ، فإن سؤالاً يطرح نفسه علينا وهو هل هناك اصوام غير خصصه لله ؟ نعم ، قد توجد أصوام للبعض لا نصيب لله فيا كإنسان يصوم ولا نصيب لله في حياته علي الرغم من صومه ! يصوم وهو كما هو ، بكل أخطائه ، لم يتغير فيه شئ ! أو يصوم كعادة ، أو خوفاً من الإحراج لأجل سمعته كخادم أو أن صيامه مجرد صوم جسداني كله علاقة بالجسد ، ولا دخل للروح فيه ! أو هو صوم لمجرد إظهار المهارة ، والقدرة علي الأمتناع عن الطعام أو قد يكون صوماً عن الطعام ، وفي نفس الوقت يمتع نفسه بشهوات أخري لا يقوي علي الأمتناع عنها! يظن البعض أن الصوم مجرد علاقة بين الإنسان وبين الطعام ، دون أن يكون الله طرفاً ثالثاً فيها كل اهتماماته في صومه هي هذه ما هي فترة الأنقطاع ؟ متي يأكل ؟ وكيف ينمو في أطاله فترة إنقطاعه ؟ وماذا يأكل ؟ وكيف يمنع نفسه عن أصناف معينه من الطعام ؟ وكيف يطوي أياماً ؟ كأن الصوم بين طرفين هو و الطعام ، أو هو والجسد ! دون أن يكون الله طرفاً في هذا الصوم بأيه صورة من الصور !! أحقاً هذا صوم ؟! إن الصوم ليس هو مجرد تعامل مع الجسد بل هو تعامل مع الله والصوم الذي لا يكون الله فيه ، ليس هو صوماً علي الأطلاق نحن من أجل الله نأكل ، ومن أجله نصوم من اجل الله نأكل ، لكي ينال هذا الجسد قوة يستطيع بها أن يخدم الله ، وأن يكون أميناً في واجباته تجاه الناس ونحن من أجل الله نجوع لكي نخضع الجسد فلا يخطئ إلي الله ولكن يكون الجسد تحت سيطرتنا ، ولا نكون نحن تحت سيطرة الجسد ، لكي لا تكون رغبات الجسد وشهواته هي قائدتنا في تصرفاتنا وإنما نسلك حسب الروح وليس حسب الجسد ، من أجل محبتنا لله ، وحفاظاً علي شركتنا مع روحه القدوس اما في غير ذلك فيكون الصوم مرفوضاً من الله . أصوام باطلة ومرفوضة :- ليس كل صوم مقبولاً من الله . فهناك أصوام باطلة ، لا تعتبر بالحقيقة أصوامأ ، وهي مرفوضة من الله . وقد قدم لنا الكتاب أمثلة من هذه الأصوام المرفوضة منها 1- الصوم الذي لكسب مديح الناس الصوم المكشوف الظاهر ، الذي يشاء أن يكون مكشوفاً لكي يراه الناس ويمتدحوه وعن هذا الصوم قال السيد الرب في عظته علي الجبل " ومتي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين ، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتي صمت ، فادهن رأسك واغسل وجهك ، لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخطاء فأبوك الذي يري في الخفاء يجازيك علانية "( مت 6: 16-18 ) هذا الصوم الذي لمديح الناس ، ليس لأجل الله ، ولا نصيب لله فيه لذلك هو صوم باطل 2- وصوم الفريسي الذي وقف مثال آخر لصوم غير مقبول هذا الفريسي الذي وقف أمام الله يتباهي بفضائله ويقول " أصوم يومين في الأسبوع وأعشر جميع أموالي "وفي نفس الوقت كان يدين العشار قائلاً عن نفسه " لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناه ولا مثل هذا العشار " لذلك لم يخرج من الهيكل مبرراً، مثلما خرج العشار المنسحق القلب ( لو 18: 9-14) وهذا المثل يرينا ان الصوم الذي لا يمتزج بالتواضع والانسحاق هو صوم مرفوض من الله لأن صاحبه يظن في نفسه أنه بار ، ويحتقر الآخرين ( لو 18: 9) . 2- الصوم الذي هدفه خاطئ ، صوم غير مقبول . ومن أمثله هذا الصوم أولئك اليهود الذين صنعوا اتفاقاً فيما بينهم " وحرموا أنفسهم قائلين إنهم لا يأكلون ولا يشربون حتي يقتلوا بولس . وكان الذين صنعوا هذا التحالف نحو الأربعين " أع 23: 12، 13) وطبعاً كان صومهم هذا خطية بل لا نستطيع أن نسمية صوماً بالمعني الروحي . 4- صوم الشعب الخاطئ أيام ارمياء النبي . هؤلاء لم يقبل الرب صومهم بل قال عنهم لأرميا النبي " لا تصل لأجل هذا الشعب للخير حين يصومون لا أسمع صراخهم وحين يصعدون محرقه وتقدمه لا أقبلهم بل بالسيف والجوع والوبأ أنا أفنيهم "( أر 14 : 11، 12)هؤلاء لم يقبل الرب أصوامهم ولا صلواتهم ولا محرقاتهم ، لأنهم كانوا يعيشون في الشر ، وقلوبهم لم تكن طاهرة قدامه أذن الصوم البعيد عن التوبة هو صوم غير مقبول فالله يريد القلب النقي ، أكثر مما يريد الجسد الجائع والإنسان الذي يصوم فمه عن الطعام ، ولا يصوم قلبه عن الخطايا ، ولا يصوم لسانه عن الأباطير ، فصوم هذا الإنسان باطل ، حتي إن يسلم جسده ليحترق فلا ينتفع شيئاً ( 1 كو 13: 3) 5- والصوم العيد عن الرحمة و الصدقة ، غير مقبول وقد شرح الرب هذا الأمر لإشعياء النبي ، فقال له " يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ؟ ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ؟ ها إنكم للخصومة و لنزاع تصومون أمثل هذا يكون صوم اختاره هل تسمي هذا صوماً ويوماً مقبولاً للرب ؟! أليس هذا صوماً أختاره حل قيود الشر ، فك عقد النير ، وإطلاق المسحوقين أحرارا أليس أن تكسر للجائع خبزك ، وأن تدخل الماسكين التائهين إلي بيتك " ( أش 58: 3- 7) فالذي يصوم ، حتي ولو كان صوماً بتذللك بالمسوح و الرماد ، يحني فيه كالأسلة رأسة ، هو صوم غير مقبول ، أ لم يكن ممتزجاً بأعمال الرحمة وبنقاوة القلب. 6- والصوم الذي ليس لأجل الله ، صوم باطل فقد يصوم إنسان ، لأن الأطباء أمروه بهذا وقد يصوم آخر من أجل رشاقة جسده وحسن منظرة وكلاهما ليس من أجل الله ، ولا ينتفع روحياً بصومه وقدوم إنسان ثالث ، بأسلوب إضراب عن الطعام ، وليس بهدف روحي ، ولا من أجل الله كما يمتنع رابع عن الطعام حزناً أو يأساً ، ولا نستطيع أن نعتبر أحداً من هؤلاء صائماً بالحقيقة نعود ونقول كل صوم ليس هو من أجل الله ، وليس هو بسبب روحي ، لا يمكن أن نعتبره صوماً علي الأطلاق ، ولا يقبله الله . فما هو الصوم الروحي المقبول أمام الله ؟ هو الصوم الذي تكون فيه علاقة عميقة مع الله الصوم الذي تشعر فيه بالله في حياتك ، هو الفترة المقدسة التي تشعر أن الله يملكها ، وأنها مخصصة كلها لله ، وان وجود الله ظاهراً جداً خلالها في كل تصرفاتك ، وعلاقتك بالله تزداد وتنمو في كل يوم من أيام الصوم ، بمتعة روحية تشتهي بسببها أن يطول صومك ولا ينتهي لعل هذا يجعلنا نفحص سؤال هاماً وهو ما علاقة الله بصومك وهذا ما نجيب عليه فى المقاله القادمة قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب روحانية الصوم
المزيد
31 مارس 2020

محبة الله

مع بداية الصوم المقدس أحب أن أحدثكم عن محبة الله لنا، التي هي من جهة الله محبة غير محدودة وغير مشروطة، وأمّا من جهتنا فنحن فكثيرًا ما نجاوب بأننا نحب الله، وقد نظن أن تواجدنا المستمر في الكنيسة هو علامة هذه المحبة، وربما تريح هذه الفكرة ضمائرنا أمّا محبة الله الحقيقية فلها علامات تظهرها وتؤكدها لنختبر أنفسنا بها وهذه بعض العلامات:- 1- حفظ الوصية فيسوع نفسه علم تلاميذه «من يحبني يحفظ وصاياي» (يو14: 15)، فنحن عندما نقرأ الكتاب المقدس لا نقرأه من أجل المعرفة أو البركة فقط، ولكننا نقرأه لكي نعرف الوصية ونسلك فيها، فكل وصايا الكتاب هي منهج للحياة المسيحية، وحفظها عمليًا في حياتنا هو علامة محبتنا الحقيقية لله. ومن أجمل المزامير التي تتحدث عن حفظ الوصية هو مزمور 119 الذي نرتله يوميًا في صلاة نصف الليل. 2- العشرة مع الله: فمن يحب الله يحب أن يجلس دائمًا معه ويتحدث إليه، فالصلاة الدائمة ومحبة التسبيح ومحبة محال القديسين، والفكر المرتبط دائمًا بالله حتى وسط الانشغالات اليومية، ومحبة الأنشطة التي لها طابع روحي كلها أمور تعكس محبتنا لله أمّا الإنسان المتثقّل من عشرته مع الله، فغالبًا ما يهرب من التواجد معه. 3- حضور الرب الدائم في الحياة: محبة الله تجعلنا نستشعر دائمًا حضور الرب في كل مكان نذهب إليه، ومع كل شخص نقابله تجعلنا نحرص ألّا نصنع شيئًا يحزنه أو يغضبه. فمحبتنا لله تجعلنا نرفض الذهاب إلى الأماكن المعثرة، ونحرص ألّا ننطق بكلمة شريرة، لأننا نشعر أن الله حاضر معنا في كل وقت «جعلت الرب أمامي في كل حين، إنه عن يميني فلا أتزعزع» (مز16: 18). 4- شركة الروح القدس: والتمتع بشركة الروح القدس هو أحد علامات محبتنا لله، فالإنسان المحب لله يطلب معونة الروح القدس وإرشاده في كل خطوات حياته، في بيته وفي أعماله وفي معاملاته مع الآخرين وفي قراراته وخدماته وضيقاته وأفراحه الخ. وعلامة شركة الروح القدس هو شعور الإنسان بالسلام الدائم، أمّا الاضطراب فهو علامة غياب الروح القدس فينا، لذلك تصرفنا الكنيسة من كل خدماتها بالبركة المفرحة "محبة الله الآب، ونعمة الابن الوحيد، وشركة وموهبة وعطية الروح القدس، تكون مع جميعكم امضوا بسلام" لذلك لنسأل دائمًا معونة الروح القدس فيعطينا سلامًا وإرشادًا، ولنطلب دائمًا ألّا نسلك بحسب فكرنا الشخصي بل بحسب مشورة الله. 5- الخدمة: هي إحدى علامات محبة الله، فالرب يسوع تكلم مع معلمنا بطرس علي بحيرة طبرية قائلًا له: «يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ ارعَ غنمي». فخدمة الآخرين هي علامة محبتنا لله. والخدمة بهذا المعني ليست نشاطًا لفئة معينة من المسيحيين لكنها صفة ترتبط بحياة كل المؤمنين. والخدمة ليست نوعًا واحدًا كما يرتبط بذهن البعض أن الخادم هو من يشارك في التعليم في الكنيسة، لكن الرب يسوع قد لخّص معنى الخدمة الواسع عندما تكلم عن نهاية العالم «كل ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي قد فعلتم» (مت25: 40)، فكسرة الخبز خدمة، وكوب الماء خدمة، والثوب البسيط للعريان خدمة، ورد إخوتنا عن طرق العالم ودعوتهم للكنيسة خدمة، وتشجيعك لإنسان بائس أو مؤازرتك لشخص متضايق خدمة لذلك فليست الخدمة التي نقصدها هي الخدمات ذات البريق التي يسعي لها الكثيرون، بل لنقدم أبسط الخدمات دون أن نطلب مجدًا أو شهوة ظهور، ونحن نحتفظ في داخل قلوبنا بفكرة أننا تقدم خدمتنا لله شخصيًا.لتكن فترة الصوم المقدس فترة لنفحص فيها ذواتنا من الداخل، هل نحب الله بالحقيقة كما أحبنا؟ ولنراجع طرقنا. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
30 مارس 2020

المحبة الغافرة

المغفرة التي نطلبها من الله مشروطة بغفراننا لمن يسيء إلينا «واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا» (مت6: 12)، وهذا ما قاله السيد المسيح: «إن لم تغفروا للناس زلاتهم، لا يغفر لكم أبوكم أيضًا زلاتكم» (مت6: 15)، وكذلك «اغفروا يُغفَر لكم» (لو6: 37).. ولكن لابد من المحبة حتى يمكن المغفرة، لأن المحبة هي دليل الكمال المسيحي الذي يقول عنه القديس مار إسحق "حينما تمتلئ النفس من ثمار الروح تتقوى، فلا تُهزَم أمام حرب العدو، بل ينفتح القلب بالحب لسائر البشر". والسيد المسيح أعطى مثلًا أن عبدًا طلب مسامحة سيده لِما عليه من دين مالي، ولكن سمع هذا السيد أن هذا العبد رفض مسامحة عبدًا آخر مديونًا له بدين مالي أقل كثيرًا فرفض مسامحته.. فطلب السيد أن يوضع ذلك العبد في السجن إلى أن يوفي الفلس الأخير (مت5: 26). ومن هذا المثل يتضح أن المغفرة هي لمن يغفر لغيره، وإلا لن ينال غفرانًا.. لذلك لابد أن نقتنع بضرورة: 1- أن نتنازل عن كرامتنا الشخصية وحقوقنا مهما كانت الإساءة، فنغفر أولًا حتى ننال الغفران من الله. 2- شرط أن يكون الغفران من القلب وليس بطريقة شكلية مظهرية. 3- نلتمس عذرًا لمن أخطأ في حقنا مثل السيد المسيح الذي التمس عذرًا لصالبيه وقال: «اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لو23: 34). 4- احرص أن تقف أمام الله بريئًا من الحقد، حتى لا تُحزن الروح القدس. 5- واشعر أنك مديون أكثر من غيرك، مثلما قال الرب يسوع لسمعان الفريسي عن الدائن الذي كان له مديونان، الأول 500 دينار والآخر 50 دينارًا وسامحهما كليهما، ثم تساءل الرب: «تُرى مَنْ أحبه أكثر؟»، وكان يقصد أن يكشف لسمعان الفريسي أنه مديون بخطايا مثل المرأة الخاطئة ولو بقدر أقل، والسيد المسيح سامحهما كليهما، فأحبته المرأة الخاطئة أكثر من سمعان الفريسي لأنه سامحها بالأكثر. لذلك يقول البابا شنوده: "سلف المغفرة لكي تجدها في اليوم الأخير، ولا تكن بارًا في عيني نفسك لئلا تقسو على أخيك ولا تغفر له، لأنك لست محتاجًا للمغفرة لأنك بار". 6- اغفر لأخيك المخطئ إليك لأنه ضحية الشيطان الذي ملأ قلبه بمشاعر سلبية تجاهك. وحين تغفر له تملأ قلبه بالمحبة الغافرة فيتعلم أن يغفر. 7- كما أن غفرانك علامة تواضعك ومحبتك للقريب كنفسك التي تغفر لها كثيرًا. ولكن ما بالك إن كنت أنت المسيء ؟! هنا يطلب الوحي الإلهي أن تذهب وتصطلح مع أخيك وتعتذر له وتُصحّح أخطاءك.. ويُحكى عن القديس موسى الأسود أنه حين سمع أمر مسئول الدير بطرد راهب أخطأ، فقام بحمل قفة مملوءة رملًا ومثقوبة وحملها على كتفه، وذهب للآباء الذين جلسوا يحكمون على المخطئ وقال لهم: "هذه خطاياي تجري وراء ظهري ولا أراها، وجئت لكي أحكم على مخطئ غيري"، وكانت النتيجة أن قام الآباء بنصح المخطئ وأعطوا له فرصة أخرى. والتدريب الرائع الذي يعلمنا أن نغفر بنكران الذات ليظهر مسيحنا القدوس فينا كغافر للجميع ونردد «أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غل2: 20). نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد
29 مارس 2020

شرح إنجيل أحد المخلّع (يوحنا ٥:١- ١٥)

يدور موضوع هذا الأحد حول الماء المتحرّك في بركة الضأن ومعجزة شفاء المخلّع لقد صعد يسوع إلى أورشليم، كما ذهب إلى السامرة ليقابل السامريّة لقد صعد إلى أورشليم وفي أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية «بيت حسدا» أي الرحمة الإلهيّة ولها خمسة أروقة. باب الضأن هو باب في سور أورشليم بجانبه الحظيرة التي كانوا يأتون منها بالخراف لتقديمها ذبائح في الهيكل تكفيرًا عن الخطايا وعلى الأرجح أن الكهنة كانوا يغسلون هذه الخراف هناك وحينما بقيت ذبائح الناموس ناقصة في شفائنا أتى الرّب يسوع المسيح ليشفينا أتى ليشفي المريض المقعد، فهو الذي يأخذ المبادرة ليشفي أمراضنا ويلاقينا يقول القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم إنّ النصّ الإنجيليّ هذا تصوير مسبق للمعمودية. وتحريك الماء إشارة إلى ما سيعمله الروح القدس في كلّ من يقبله هنا نرى تدخّلاً سماويًّا عجائبيًّا في العهد القديم لشفاء أمراض ميؤوس من شفائها وفكرة الماء الذي فيه قوّة الشفاء والحياة موجودة في العهد القديم ما هي إلّا استباق لمجيء الطبيب الشافي نفسًا وجسدًا المسيح في العهد الجديد شفى الأعمى بأن صنع له مقلتين من طين ثم أمره أن يغتسل في بركة سلوام إشارة لما يعمله الروح القدس عندما يغتسل الإنسان تائبًا وطالبًا رحمة الله. يقول القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو(+٣٩٧):- كانت للناس علامةٌ، أمّا أنتم فلكم الإيمان عليهم كان ينزل ملاكٌ، وعليكم ينزل الروح القدس لأجلهم كانت الخليقة تتحرّك، ولأجلكم يعمل المسيح نفسه، ربّ الخليقة آنذاك واحدٌ فقط كان ينال الشفاء، والآن يصبح الجميع أصحّاء تلك البركة كانت رمزًا لتؤمنوا بأنّ قوّة الله تنزل على هذا الجرن(جرن المعموديّة) ويرى القدّيس امبروسيوس أيضًا "أنّ نزول الملاك يرمز إلى نزول الروح القدس الذي ينزل في أيّامنا ويقدّس المياه التي تحرّكها صلاة الكاهن في ذلك الوقت كان الملاك خادمًا للروح القدس، والآن نعمة الروح أمست دواءً لأمراض نفوسنا وأذهاننا" نزول الملاك وتحريكه للماء يرمزان إذًا إلى نزول الروح القدس على مياه جرن المعموديّة وتحريك الماء والشفاء كانا تحريكًا لأذهان اليهود ونبوءة لهم أنّ شيئًا ما سيحدث قريبًا كانا إشارة للماء الحيّ الذي يعطيه المسيح كما قال للسامريّة، وللماء الذي يَلِدْ من فوق كما قال لنيقوديموس، وإشارة للروح القدس الذي يرسله المسيح. 1- مياه بركة الضأن مياه بيت حسدا كانت تتحرّك أحيانًا. أمّا مياه المعموديّة فيمكنها أن تتحرّك دومًا. 2- مياه بركة الضأن كانت تلك المياه تتحرّك في مكان واحد فقط. أمّا مياه المعموديّة فتتحرّك في كلّ مكان من العالم. 3- مياه بركة الضأن هناك كان ملاك ينزل. مياه المعموديّة وهنا ينزل الروح القدس. 4- مياه بركة الضأن هناك كانت نعمة الملاك، مياه المعموديّة والآن يتجلّى سرّ الثالوث القدّوس. 5- مياه بركة الضأن تلك المياه كانت تشفي الجسد، مياه المعموديّة فتشفي الجسد والنفس معًا. 6- مياه بركة الضأن تلك المياه كانت تعيد الصحة. مياه المعموديّة فتشفي من الخطيئة. وكما أنّ الماء المتجدّد والمتحرّك هو ماء جارٍ يزيل الأوساخ من مجرى النهر، أمّا الماء الراكد فتتراكم فيه القاذورات، هكذا حين نشير إلى الروح القدس بماء جارٍ متحرّك فهذا لأن عمله إزالة الخطايا من قلوبنا، لذلك نصلّي "روحك القدّوس جدّده في أحشائنا" مع النبيّ داود الذي قال "قلبًا نقيًا أُخلق فيَّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدّد في أحشائي"ومن له القلب النقي فهو الخليقة الجديدة (٢كو١٧:٥). هكذا إذًا، الماء الحيّ المتحرّك هو إشارة إلى الروح القدس الذي سيحلّ على كنيسة المسيح ليشفي طبيعتنا (واليهود يسمّون الماء المتحرك ماءً حيًّا). بركة بيت حسدا اسم بركة بيت حسدا أي بركة بيت الرحمة يعود للأشفية التي كانت تجري فيها ولطالما هاجم نقّاد الكتاب المقدّس هذا النص إذ لم يستدلوا على بركة بهذا الإسم، إلى أن تم اكتشاف البركة فعلًا ووجدوا لها ٥ أروقة ووجدوا أنّها إنطمست أثناء غزو الرومان والأروقة هي دهاليز مسقوفة تستعمل كأماكن انتظار للمرضى والبركة طولها ١٠٠متر وعرضها يتراوح بين ٥٠ و٧٠مترًا وحولها أعمدة قسمت المساحة لخمس صالات للانتظاروكان اليهود يستخدمون هذه البركة للتطهير الناموسي ويتركون ملابسهم في الأروقة، إلى أن حدثت ظاهرة تحريك الماء فتحوّلت البركة إلى مكان إستشفاء وكان المرضى يضّطجعون في هذه الأروقة وكانت هذه الظاهرة علامة على قرب مجيء المسيح الشافي الذي كان اليهود ينتظرونه. مريض منذ ثمان وثلاثين سنة:- مريض بركة بيت حسدا يشير إلى من ليس له أحد وهو في حالة ضعف. والفترة التي قضاها في المرض هي فترة ثمان وثلاثين سنة، الزمان الذي قضاه بنو إسرائيل في برّيّة سيناء قبل أن يستطيعوا الوصول إلى أرض الميعاد. أي أنّ هذا الإنسان كان يشبه الشعب التائه في البرّيّة قبل أن يدخل إلى أرض الميعاد. وكأنّ الإنجيلي أراد أن يقول لنا بذلك إنّ الرّب يسوع المسيح هو أرض الميعاد، وأنّ الإنسان يتيه ويبقى في الحيرة وفي طلبات كثيرة إلى أن يأتيه السيّد. فالمسيح قد أتى إلى البشر المتروكين التائهين ليشفيهم كما أتى إلى هذا المريض. هذه المعجزة إذًا إشارة إلى أنّ هناك تدخّلاً سماويًّا سيحدث ليشفي أمراض الطبيعة البشريّة. أتريد أن تبرأ؟:- نعم، هناك من لا يريد أن يبرأ، فمرضه صار مصدر رزق يكتسب منه والمسيح يحترم الإرادة الإنسانية، وهو لا يقتحم الإنسان، فنحن مخلوقين على صورته في حريّة الإرادة قال المسيح لليهود "كم مرّة أردت أن أجمع أبناءك... ولم تريدوا" (مت٣٧:٢٣) فالمسيح يريد أن يظهر أن خلاص الإنسان هو بيد الإنسان، والأهمّ هو شفاء الإنسان من الخطيئة ويكون سؤال المسيح معناه هل عندك إرادة أن تترك خطيتك، لذا قال له المسيح لا تعود تخطئ أيضًا(آية ١٤) الخطيئة لها نتائج وخيمة على الإنسان المسيح أتى ليقدّم للمخلّع وللعالم كلّه الشفاء المجّاني، الخليقة كلّها مريضة، فاقدة لبهائها والربّ أتى ليشفيها، ولكن عليها أوّلاً أن تريد أن تشفى. ليس لي إنسان:- المسيح يسأل المخلّع عمّا إذا كان يريد أن يشفى فيجيبه بأن ليس له إنسان هو أسقط الموضوع على الآخرين، كأنّه يقول إنّ المشكلة ليست فيَّ بل في الآخرين الخاطئ دائمًا يبرّر نفسه كم مرة ألقينا همّنا على الناس وفشلنا؟، لكن إذا ألقينا همّنا على الله فلن نفشل (١بط٧:٥). قم احمل سريرك وامش:- هذا حال كلّ من يصدّق المسيح، فكلمة منه تحيّي العاجز وتنتهر الخطيئة فتلاشيها (يو٢٥:٥ ٦٣:٦- ) الله يعطي القوّة والحياة لأن يسوع هو الحياة، وله سلطان عجيب قم/ إحمل/ إمش عجيب أن يقوم المخلّع دون أن يسنده أحد، وبدون علاجٍ طبيعي بعد كلّ هذه المدة من الشلل المسيح أعطاه حياةً جديدة قم من القيامة، واحمل من قوّة الحياة، وامش ترمز إلى السلوك في هذه الحياة الجديدة فسألوه من هو الإنسان الذي قال لك احمل سريرك وامش آه، كم غلظت قلوب الكتبة والفرّيسيين ينظرون ولا يرون، يسمعون ولا يصغون أليست هذه صورة لحالتنا؟ كم من مرّةٍ ومرّة ننال لبركات والعطايا ونتنكّر؟ من هو؟ ويحمل هذا السؤال السخرية؟ فليس أعظم من ناموسنا الحجري الذي نحن خلقناه لنعبد أنفسنا من خلاله!!! لماذا صنع المسيح المعجزة في يوم السبت؟ ليس هذه المعجزة فقط، بل المسيح غالبًا ما كان يشفي يوم السبت والله منع شعبه من العمل يوم السبت حتى يتفرّغوا للعبادة ويذكروا إنتماءهم إليه، فهو نفسه قد ارتاح يوم السبت فما معنى راحة الله؟ وهل الله يتعب؟! الله لا يتعب حتّى يستريح. ولكن راحة الله هي في خلاص الإنسان. فحين يقول إستراح الله في اليوم السابع فهذا معناه أن الله إستراح حينما تمّم خلاص البشر. فراحة الله في كمال عمله، والراحة هي راحة الله في الإنسان، وراحة الإنسان في الله. " الله يستريح في قدّيسيه والقدّيسون يستريحون في الله"، من هنا الإنسان المخلوق على صورة الله أهمّ من حرفيّة السبت وجموده. فكيف إذاً يكون الشفاء في السبت ممنوعًا؟ أليست الشريعة وُضعت من أجل الإنسان؟ فالله في (خر٢٠) نجده يقول إنّه أعطى شعبه الشريعة والسبت ليدل على محبّته له. أعطاهم الشريعة ليحيوا سعداء على الأرض، كما أعطاهم السبت ليذكروا انتمائهم إلى لسماء فيكون لهم نصيب في ملكوت الله. ونصّ وصيّة السبت كان "أذكر يوم السبت لتقدّسه" (خر٨:٢٠) أي لتخصّصه، لتفرزه للرّب، فيكون للصلاة والتسبيح. فهل شفاء مريض وخدمته يتعارضان مع هذا المفهوم؟ اليهود خرجوا عن المعنى الروحي، وفهموا الوصيّة وطبّقوها بمعنى حرفيٍّ فقط، فمنعوا أن يحمل إنسان حتى إبرة خياطة يوم السبت. والمسيح أتى ليصحّح هذه المفاهيم، ليعيد للسبت المعنى الروحيّ الحقيقيّ والخلاصيّ. وهو حينما يشفي إنّما يشفي الإنسان كلّه، روحًا وجسدًا (يو٢٣:٧). وطالما أنّه شفى روحه بأن غفر خطاياه، استراح هذا الإنسان في الله، والله استراح فيه، فتحقّق مفهوم السبت. فالمسيح هو رّب السبت (مر٢٨:٢+ لو٥:٦) وهو جاء ليعطي سبتًا أيّ راحةً من نوع جديد عوض الراحة الجسديّة القديمة (عب١٠:٤). كما وأنّه إذا تصادف، عند اليهود، اليوم الثامن لطفلٍ أن كان يوم سبت، كان يختنون الطفل، إذ الختان في نظرهم عمل مقدّس (يو٢٢:٧-٢٣)، وهذا الختان يجعل الطفل من شعب الله أي ابنًا لله. والختان هو قطع كلّ رباط للشر، ومريض بيت حسدا هذا كان مختونًا ولكنه أخطأ، والمسيح شفاه وغفر خطاياه، فأعاده إلى العهد مع الله، أعاده كابن لله. بهذا يتحقّق فرح الرّب كما أشار إليه أشعياء النبي(١٣:٥٨-١٤): "هو لذّة الرّب". كيف يشفي المسيح موتى الخطيئة؟ الابن له حياة في ذاته، وهو يحيي من يشاء(يو٢١:٥+٢٦)، ومن يسمع له يقوم من موت الخطيئة الآن (آية ٢٥) ويقوم إلى قيامة الحياة في الأبدية (آية ٢٩). المسيح الذي ظهر أمامنا كإنسان له قوّة الحياة، فيه حياة في ذاته وقد تجسّد ليعطيها لكلّ واحدٍ فيحيا. ولكن الذي يحصل على هذه الحياة هو من يسمع للمسيح، ويؤمن به ويعتمد فيتّحد به ويطيع وصاياه ويتناول من جسده ودمه، وإن أخطأ يتوب، فيظل عضوًا حيًا في جسده. وفي مجيئه الثاني المجيد يكون إتّحاده بالمسيح بلا إنفصال فلا خطيئة في السماء. وفي السماء سيكون لنا أجساد ممجّدة. هذا هو الشفاء الكامل والحقيقي. يسوع اعتزل إذ كان في الموضع جمع: الرّب لا يطلب المجد من أحد، ولم يكن من المسيح أن يلفت الأنظار إليه كملوك وعظماء هذه الأرض. نحن اذا أحببناه نبحث عنه. بعد ذلك وجده يسوع في الهيكل: هل أتى ليشكر الله على هذه العطيّة؟ هلى أتى ليمجّد الخالق على شفائه؟ هل أخبر اليهود أن يسوع شفاه ليبشّر به أم ليرفع المسؤولية عنه؟ لنمجّد الله ونشكره ونعترف به مخلّصًا وشافيًا، له المجد إلى الأبد. آمين.
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل