المقالات

03 ديسمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر هاتور

تتضمن الحث على الصدقة . مرتبة على قوله بفصـلى اليوم : " إيها الجيـل غير المؤمن الملتوى إلى متى أكون معكم " ( مت ١٧ : ١٤-٢١ إذا كان ربنا له المجد يبكت الذين سمعوا أقواله أولاً هكذا حيث انـــهم يمتلكوا قوة النفس ولا شجاعة العزم ولم يضمروا القدرة على إخـراج الشياطين . فماذا عساه يخاطب الذين يسمعونه دائماً ولا يتشجعون . وما بالنا لا نسـمـع تـأديب ربنا ونقتني قوة الإيمان وكمال الأعمال . ونختار لذة الباقيات . ونهمل الأمور المانعـة عن خلاصنا . وكيف لا نميز تصرفاتنا . ونتمسك بالأعمال النافعة لنا ونعرض عـن الأموال المهلكة لنفوسنا . ونتأهل لقبول هذه العطايا الصالحة لنقدر علـى إخـراج الشياطين وإنهاض الساقطين . وإذا علمنا أن في عالمنا هذا صناعات كثــــــيرة مختلفـة الآلات والغايـات كصناعة الذهب والفضة مثلاً . والحدادين والبنائين والصباغين والمزارعين . والذيـن يعملون الملابس المختلفة وغير ذلك . وأن كل واحدة من هذه الصناعات تحتاج فـي ذاتها إلى ألات ورجال ونفقات . فكيف لا يجب علينا أن نجتهد ونمعن النظـر فـي أختيار صناعة قليلة التكاليف والألات . كثيرة الفوائد والراحات . مأمونـة العواقـب والغايات . لا يعدم مالها ولا يستحيل حالها . فإن قلت يا هذا وهل في الصناعات مـا هذه حالته ؟ أجبتك : نعم الصدقة على المساكين . فأن قلت وكيـف تسـمى الصدقـة صناعة ؟ قلت : ينبغي لنا أولا أن نأتي بحدود الصناعات ورسومها لتوضيح الحـال فنقول : إن الصناعة هي عمل ما يكتسب به العامل الفوائد . فأن قلت إن الصدقـة لا تدخل تحت مثل هذه الرسوم . لأن تلك تحصل الاموال وهذه تفرقها . أجبتك اننا قـد شرحنا فيما سلف أن الصناعة تكسب فوائد خسيسة وسريعة الزوال . أمـا الصدقـة فتكسب فوائد سرمدية لا نهاية لشرفها . وذلك لأن البنائين يصنعون المسـاكن التـى من شأنها السقوط والزوال . والنساجون يصنعون ثياباً تســـــتحيل وتفسـد وشيكاً . والفلاح يفلح الأرض لتأتي بثمرات تضمحل سريعاً . وكذلـك فوائـد واحـدة مـن الصناعات الأخرى . أما بهذه الصناعة الفاضلة فإنها تـهيئ مجـالس وقصـوراً . ليست من صناعة أيدى البشر . وتصنع من الملابس والحلى أنواعا . ومن المـأكل والمشارب أصنافاً . وهي كنوز غير فانية لا تزول سريعاً كتلك . وتنقل محبها مـن الأرض إلى السماء . وتحفظ أمواله من اللصوص والسارقين وقطـاع الطرقـات وتقيها من فساد الحشرات والعوادي الأرضية . وتشبه المخلوق بخالقه في التحنـن على المساكين . والرحمة بالناس أجمعين . ومع ذلك فهي غنيية عن إتخاذ الآلات ومنزهة عن الحاجة لارباب الصناعات . فان قلت نعم انـها لا تحتـاج إلـى آلات وصناعات أخرى ولكنها تحتاج إلى أموال وخدم ومنازل وغير ذلك . فـإن بعـض هؤلاء المساكين يحتاج إلى المال . وبعضهم إلى الثياب . وبعضهم إلى المنــازل . وكيف يتيسر ذلك جميعه ؟ قلت : ألا تسمع قول ربنا له المجد دعا إلى سقى شـربة من الماء وضمن المجازاة عنها مت ٤٣:١٠ . ألا ترى كيف ذكر الأرملة التي ألقت فلسين في الخزانة وقال أنها ألقت أكثر من الكل ؟ مر٤٢:١٢-٤٤ قال هذا ليحقق لنا أن ربـح الصدقـة لا يكون بحسب الكثرة فقط . بل بحسب الوجود والنيات . ولهذا قال : إن هؤلاء القـوا من فضل ما عندهم . وهذه ألقت كل مالها . والغرض أنه إذا كان لاحدنا مال ولـم يتصدق منه بشئ على الفقراء . فهذا لا يعد انساناً . . ويكون حظة شقياً . وإذا كـان له مال وأعطى أقل مما ينبغي . فإنه يكون ملوماً لأنه لم ينظـر نـظـر الحـاذقين وكيف لا يعد عاجزاً وشقياً من يعلم أن له داراً تزول . وداراً تدوم . ولا ينقـل مـا في هذه إلى تلك أما الذين يأخذون أكاليل الغلبة . ويفوزون بملـك السـماء ، فـهم الذيـن يرحمون سائر الشعوب على حسب طاقتهم . ومما يفضل عن كفافهم وتصـل إليـه قدرتهم في زمانهم . فانهم تـارة يرحمـون بأموالهم ، وتـارة بـالصلوات عـن المتضايقين ، وتارة بإرشاد الضالين ، وتارة بزيادة المحبوسين ، وتـارة بتعزيـة المحزونين . وأمثال هذه . ها قد تبين من أقوالنا الآن أن الصدقة أفضل الصناعـات جميعـها . لأنـه عندما تفسد سائر الصناعات وتضمحل . يشرق ضياء الصدقـة ويزهـر جمالـها ويظهر محبها أوجه من الفصحاء والحكماء . وأرفع شأناً ، من الخطبـاء والأدبـاء . وذلك لأن الفصيح والأديب وأمثالهما كلما تزايدت علومهم وحسنت حالاتهم مقتنـهم أعين الحساد والمضادين . وأما ذوو الصدقات فكلمـا كـثـر عطـاؤهم وتزايـدت مراحمهم وتناهوا في الفضيلة حسب طاقتهم ، كثر المادحون لهم والناقلون لحسن صنيعهم والمصلون عنهم والذين يتشبهون بسيرتهم . فأولئك يقفون ويظهرون أفعالهم أمام البشـر . يقصـدون المديـح منـهم ويلتمسون جوائز زمنية تزول وشيكاً . أما هؤلاء فيظهر ضياء صدقاتهم أمام منـــبر المسيح ويأخذون أكاليل المجسد وتاجات الظفر . أولئك يحتـاجون إلـى الوسـائط والوسطاء في تنجيز حوائجهم الزائلة . أما هؤلاء فيشفعون بدالة في آخرين . هذا وقد زرع البارى سبحانه وتعالى في الطباع البشرية والحيوانية الرأفـة والرحمة لحفظ نظام عالم الكون من الفساد . وهذا نراه عياناً ، ليس فـى الآدمييـن فقط ، وبل في الوحوش الضارية كالسباع والذئـاب والثعـالب . وفـي الطيـور والحشرات والدبابات وأشباهها ، فقد نرى الأسد لا يزال متعاليـا علـى الوحـوش الأخرى ، رافعاً صوته بالغلبة والضوضاء إلى حيث يظفر بالفريسة فيحملها ويـأتى بها إلى اشباله . ويدور بها ويقترب منها إلى حيث يقومون ويأكلون . ولعله يوجـد في حالة كهذه جائعاً . لأن الطبيعة تقوده إلى فعل ذلـك . وكذلـك الطيـور فأنـها تطوف البراري والبيادر وتلتقط من الأشراك والمهالك . وتخاطر بنفسـها وتمـلاً مخازنها من الحبوب وغيرها . فإذا عادت إلى أوكارها أفرغت ما لديها وجعلته فـي أفواه فراخها .من هذا قد تبين لكم الآن أنه لو ارتفعت الرحمة والرأفـة مـن الوجـود . لأرتفع حسن النظام السائد بين الموجودات جميعها ، وليس حال الصناعات الأخـرى هكذا . وإذ قد أشرق ضياء الصدقة . وأتضح شرف فضلها على غيرها . لأنـه لا شئ أفضل من جبر الكسير وتسهيل العسير . والسير في خير مسير . فقد وجـب علينا إذن أن تأخذ نفوسنا وأولادنا وذوى القربى والمعارف . ونبادر بالدخول إلـى بيوتها . لنتعلم فضائلها وآدابها . ولنتذكر دائماً قول ربنا : " كونوا رحمـاء كمـا أن أباكم أيضاً رحيم لو٣٦:٦ وقوله : طوبى للرحماء . لنهم يرحمون مت٧:٥ وقول الرسـول يعقوب : " لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة . والرحمـة تفتخـر علـى الحكم يع١٣:٢ أي أن مجازاة من لم يعمل رحمة تكون بغير رحمة . وهى تفتخر فـي يوم الدين . فسبيلنا أيها الاحباء ان نهرب من الرذائل المهلكة ونتسلح بسلاح الرحمة . لنفوز بملكوت ربنا يسوع المسيح . الذي له المجد إلى الأبد أمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
03 أبريل 2023

أضواء من الإنجيل : ۱۰ ـ كيف نحب الآخرين ؟

على قياس الصورة التي رأيناها في حديثنا عن محبتنا الله وكيف تعمل من أجل إزديادها ، يلزمنا أن نبحث في إخوتنا عن صفات جميلة نراها ونعجب بها ، فتزداد محبتنا لهم . ونضيف إلى جوار ذلك ، من جانب آخر، أنه يلزمنا أن نتغاضى عما يمكن أن نراه في إخوتنا من نقائص وضعفات . لهذا قال الآباء أن «الحكيم ينظر إلى فضائل غيره ليقتنصها ، أما الجاهل فينظر إلى نقائص غيره ليدينه عليها » . مثل النحلة في حكمتها الطبيعية نجدها تطوف بين الأزهار تجمع الرحيق المملوء نفعاً وغذاءاً وحلاوة ، متفادية أي مصدر ضار أو غير نافع بين النباتات ... وبهذا فهي دائماً سبب خير لنفسها ولغيرها أيضاً . فليتنا نتشبه بها في تأملنا نحو الآخرين .ما الذي ينتفع به الإنسان من تأمله في نقائص غيره أو في تذكره لها ؟! ... هل هذا سيقوده إلى حياة الفضيلة ؟ ... أم أن تأمله في فضائل الآخرين هو الذي يملأ قلبه حماساً ليتعب مجاهداً من أجل إقتناء الفضائل ... لهذا فالإنسان الحكيم ينظر إلى سير الشهداء والقديسين والأبرار لكي يمتلىء قلبه بالغيرة الروحية ، ولا ينظر إلى ضعفات أو نقائص الغير لئلا تفتر همته إذ يشعر أنه أفضل من غيره ، وأنه ـ والحال هكذا. لا داعي للجهاد والتعب من أجل الفضيلة .من الأمور التي تتعارض مع مشاعر الحب نحو الآخرين إدانتنا لهم بطريقة غير بناءة. لهذا قال الكتاب «لا يئن بعضكم على بعض أيها الإخوة لئلا تدانوا » (يع ٥ : ٩ ) .ومن الأمور الجميلة أن نلتمس للآخرين أعذاراً فيما يرتكبون من سهوات وضعفات ، بنفس الصورة التي نريد بها نحن أيضاً أن يعثرنا غيرنا فيما يصدر عنا من ضعفات أو تقصيرات . فالمحبة تدعونا دائماً أن نعامل إخوتنا بما نحب نحن أن يعاملونا به . أي أن كأنفسنا . « إن كنتم تكملون الناموس الملوكي حسب الكتاب .. تحب قريبك كنفسك . فحسناً تفعلون » (يع ٢ : ۸). وفي كل ذلك نتذكر قول معلمنا بولس الرسول أن « المحبة تتأنى وترفق ... ولا تقبح ... ولا تحتد ... وتحتمل كل شيء... وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء» (١کو١٣ : ٤ ، ٥ ، ٧ ) . إن تحررنا من الأنانية هو الذي يجعلنا نضع أنفسنا فى موضع الآخرين ولا نتحيز لأنفسنا حينما نحكم على أي موقف تعاملنا فيه معهم ... بل أجمل من ذلك أن يحاول الإنسان أن يلقى بالملامة على نفسه ،لكي لا يتحرك فيه الغضب من نحو غيره إذا أخطأ ... وبهذا ترى أن المحبة تدعونا إلى الاتضاع ... والإتضاع يصون المحبة ويحميها . تذكرنا لأفضال الغير : كما يلزمنا أن نتأمل صفات إخوتنا الجميلة ، هكذا أيضاً يلزمنا أن نتذكر أفضال غيرنا .إنه نوع من الوفاء والعرفان بالجميل أن لا ننسى إحسانات الآخرين إلينا . والإنسان الذي يتحلى بالوفاء في علاقته مع الله لا يمكنه أن ينسى محبة الآخرين وأفضالهم عليه . الوفاء صفة جميلة يحبها الله جداً، ولا يمكن أن نحيا مع الله بدونها ... بل إن الحياة تفقد معناها بدون الوفاء . أليست الخيانة نوعاً من عدم الوفاء. وبسبب هذه الخيانة قيل عن يهوذا الاسخريوطي « كان خيراً لذلك الرجل لو لم يولد » . إخلاصنا لله يجب أن يتقدم كل إخلاص آخر ثم يأتي بعد ذلك إخلاصنا للآخرين ، وأول وصية بوعد هي وصية إكرام الوالدين (أف ٦: ۲، ۳). لأن في إكرامهم نوعاً من الوفاء والإعتراف بالفضل وبكل ما تعبوا به من أجل أبنائهم . إن سعادة الآباء لا تقدر حينما يشعرون بعرفان أبنائهم بالجميل وبتقديرهم لما قدموه من تعب .كذلك الآباء الروحيون لهم مكانتهم الكبيرة وعلينا أن نحتفظ لهم بفضلهم علينا » ثم نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم و يديرونكم في الرب و ينذرونكم، أن تعتبروهم كثيراً جداً في المحبة من أجل عملهم » ( اتس ٥ : ۱۲ ، ۱۳ ) . لنفس هذه الأسباب نحن نكرم أيضاً القديسين الذين انتقلوا من هذا العالم خاصة الذين شملتنا بركتهم ، أو إقتطفنا من ثمار تعبهم وجهادهم ... نكرم الآباء الرسل الذين كرزوا بالإيمان ... نكرم كاروزنا القديس مارمرقس الإنجيل ... نكرم الشهداء الأبرار الذين دافعوا عن الإيمان وشهدوا للمسيح ... نكرم الرهبان الأبرار الذين سكنوا في القفار والمغاير وشقوق الأرض من أجل عظم محبتهم في الملك المسيح ... نكرم الآباء البطاركة والأساقفة الذين حملوا الأمانة الرسولية ودافعوا عن الإيمان والعقيدة الأرثوذكسية ، وعلموا المسكونة بتعاليمهم اللاهوتية الثمينة حتى حسب البعض منهم كرسل المسيح الأوائل ( مثل القديس أثناسيوس الرسول بابا الأسكندرية ) ... نكرم كل الكهنة والشمامسة الأبرار الذين حفظوا درجتهم وأكملوا خدمتهم بطهر ونقاوة ... نكرم كل الأبرار الذين كانوا نوراً في هذا العالم ، ومنهم من لم يحملوا درجة كهنوتية . ولكن الله زينهم بالفضائل الروحية وبثمار الروح القدس ، وربما بمواهبه أيضاً لبنيان الكنيسة . وفي عرفاننا بأفضال الآخرين، نحاول ألا ننسى كل ما يصادف حياتنا من إحسانات قدمها لنا الغير، لأننا كثيراً ما ننسى الإحسان ونتذكر الإساءة . ولو لزم الأمر فيمكننا أن نسجل أفضال غيرنا في مذكراتنا الخاصة، ونطالعها من حين لآخر لكي لا ننسى.كان الملوك يفعلون ذلك : يقرأون أخبار ممالكهم في سفر أخبار الأيام. وفى إحدى اليالى استمع احشويرش الملك، إلى فصل من سفر تذكار أخبار الأيام ، وتذكر مردخاى وفضله في إنقاذ حياته ، وأراد أن يكافئه فأنقذ الرب مردخاي وكل شعبه بهذه الوسيلة( أنظر سفر أستير٦ : ١-٣). نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن مجلة الكرازة العدد الخامس عام ١٩٨٩
المزيد
17 ديسمبر 2022

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر كيهك

تتضمن الحث على الاعـراض عـن حـب المـال والافتخار بالعالميات مرتبـة علـى فصـل انجيـل المرأة الخاطئة ( لو ٣٦:٧-٥٠). إذا كانت هذه المرأة الرقيقة الطباع . المشغوفة بحب اللذات . حينما سـمعت بذكر مخلص الخطاة . وحققت قيامة الأموات . وخلود الأثمة مع الشياطين . وعظـم سعادة الفائزين . سارعت إلى طرح الأموال والحلى وسائر اللذات البدنية والافتخار بالزائلات . ونزعت عنها أطمار الآثام . ولبست ثياب الفضيلة . وأحرقت بحـرارة التوبة آلات العيوب . وغسلت أوساخ المعصية بمياه الدموع . حتـى اسـتحقت أن تمسك قدمى سيدنا . وتأخذ عربون الخلود في النعيم وإذا كان هذا مراد ربنا ان تكون من المسكونة غريبـاً . ومـن التنعم بالفانيات بعيداً . وعن الافتخار بالحاضرات معرضـاً . فمـا بـالك الآن تتبـاهي بالأموال والمساكن وشرف الانساب وإذا كانت الحاضرات كلها لا تعد شيئاً بالنسبة إلى ملكوت ربنا فما الذي ينتفع به لآن من التفاخر بالأمور الفانية والرمم الباقيـة ؟ فإن قلت وكيف لا أفتخر بالانتساب إلى النصرانية . قلت وكيف تفتخر بما تنتسـب اليه بالاقوال وتبتعد عنه بالافعال ؟ الا تسمع قول يوحنـا المعمـدان للأتيـن إلـى معموديته ؟ حيث يقول " لا تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا ابراهيم أباً . لأني أقـول لكم إن الله قادر أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لابراهيم " مت ٩:٣ ويقول بولس الرسـول لليهود : " لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر فـى اللحم ختانة " رو٢٨:٢ لقد ظهر جليا أن الابن ينتسب إلى الآب إذا شابهه في الفضيلة . وإلا فمـا الذي أضر بتيموثاوس لما كان أبوه في غلاطية وثنياً ؟ وما الذي انتفع به ابن نـوح من فضيلة أبيه ؟ إذ صار بعد الطهارة عبداً للخطية . ارايت أن الافتخـار بالنسب خلواً من التشبه به في الفضيلة لا يجدي نفعاً ؟ . ومالي أقول هذا وسيدنا له المجـد يقول صريحاً " ليس كل من يقول لي يارب يدخل ملكوت السموات " مت٢١:٧ فأوضح بـهذا أن الذين يؤمنون به ولا يعملون بوصاياه لا ينتفعون بمجرد الايمان . فلا تفتخر إذن ياهذا بكثرة مالك . ولا بشـرف جنسـك . ولا بخدمـك وحشـمك . ولا بسـمعة موائدك . ولا بكثرة زراعاتك وحقولك ورفعة أهلـك وعشيرتك . وأشـبـاه هـذه الزائلات . لكن سبيلك أن تستعمل التهاون بمن هذه سجاياه . وإذا اندفعت إلى حالـة الفقر من هذه الاشياء فلا تظهر غماً ولا اسفاً على فقدان الفاسدات بطبائعها . لكـن سبيلك أن تسر بفقد البائد . وتجتهد في تحصيل ما لا يفنى . وإذا اردت أن تعلم بـأن الفقر من العالميات هو غنى عند الله . وأن الغنى بها فقير . فانظر إلى قصة الغنـى ولعازر التي ذكرها سيدنا له المجد في الإنجيل حيث قال : إن الغنـى صـار إلـى الجحيم . ولعازر المسكين صار إلى حضن ابراهيم لو ١٩:١٦-٢٠ ألا ترى كيف زلت أيامهما بسرعة وانتقلا إلى هناك عاجلا ؟ فصار المتنعم زمنا يسيرا إلى العذاب الذي لا ينتهي . والفقير في الوقت اليسير إلى النعيم الـذي لا يزول . وإذا كانت الأموال والاكثار منها لا تدخلنا إلى ملكوت السـموات . فلمـاذا نتهافت على إدخارها ؟ وإذا كان يعسر علينـا الدخـول إلـى ملكـوت السموات بواسطتها . فما بالنا نجتهد في طلبها وتحصيلها . ولو أن ملكاً من الملـوك أصـدر منشوراً على كبار دولته بأن من كان غنياً بالمال لا يدخل وليمتة . ولا ينــال مـن عطاياه شيئا . ولا يحظى بالقبول منه . أما كان الكبراء من الناس والامـراء مـن أهل دولته يستهينون حالا بأموالهم ويميلون إلى رضاه ويتيقنون أن الـذي يصـير اليهم من الملك بسبب طاعته أكثر من الذي يرفضونه من أموالهم . وإذا كنا نثق هكذا بأقوال ملك أرضى من شأنه الزوال والـهلاك ويحركنـا شوقنا إلى مال وجاه من شأنها الفساد والاضمحلال إلى طاعـة كـهذه . فلمـاذا لا نسمع قول ربنا وندخر الباقيات بطبعها ؟ ألا نسمع قوله تعالى هاتفاً نحونـا : " ما أعسر دخول ذوى الاموال إلى ملكوت الله دخول جمل من ثقب أبرة أيسر مـن أن يدخل غنى إلى ملكوت الله مر٢٣:١٠-٢٥ ثم قوله أيضاً : " ويل لكم أيها الأغنياء لانكم قـد نلتم عزاءكم . ويل لكم أيها الشباعي لانكم ستجوعون" لو٢٤:٦-٢٥ فكيف لا يجب علينا أن نـهمل هـذه الزائـلات لنحظ بالدخول إلـى ملكوت ربنا بدالة كما دخل اليها أولئـك . وأى عقـاب نسـتحقه إذا تمسكنا بمـا يمنعنا من الدخول إلى هناك وحفظنا الاموال الباطلـة فـي الخزائـن والصنـاديق وتحت يد الحافظين ، بل نودعـه إلـى تـراب الارض ولا نكـنزه فـى ملكـوت السموات في حراسة ربنا . لقد نوجد في ذلك قريبي الشبه من فلاح أخذ من صاحب الحقـل الحنطـة ليبذرها في الارض فأعجبه حسنها ونقاوتها ورزانة حبها فاحتقر جباً فـى الارض وخزنها هناك . ولما جاء زمان الحصاد حضر صاحب الحقل ليجمع غلات أرضـه . ولما علم بخلوهها من الزراعة أحضر ذلك الفلاح وحاسبه فذكر أنـه استحسـنها وأشفق عليها لذلك أخفاها فأرسل صاحب الأرض الغلمان إلى حيث هي فأخرجوهـا وقد أكلتها الأكلة وافسدها سباخ الارض فأخذ الفلاح وقيده وسجنه وطالبه بـالامرين معاًفلو نظرت في ذلك نظرا محكماً واختبرت أحوال الأموال اختبارا عقليـا لرأيتها سبباً لكل أفة ومصدراً لكل مفسدة . فإنك تجد فـى طـرقـات ذوى الإكثـار أهوال ركوب البحار والدخول تحت الأخطار ومكابدة رد اللصـوص والأشـرار والخاطفين والعابرين ومقاساة الجوع والعطش . واحتمال حر الصيف وبرد الشـتاء وأموراً أخرى كثيرة شبيهة بهذه من مخاصمات ومحاكمات وإيمان كاذبــة وغـيرذلك. هذه هي أيها الاعزاء أتعاب المكثرين . اما المقلون والمحتاجون إليها . الطالبون تحصيلها من غير وجهها المبـاح شرعاً . فأنك ترى منهم هناك المقتولين والمخنوقين والذين قطعت أيديـــهم والذيـن خلدوا في السجون والذين يكلفون العمل في الحصون والاسوار وسـائر الاشـغال الشاقة . حاله هذا ولو سألت ذلك الفائز بالاموال الجمة عن وسبب استحصاله عليـها أخبرك بأن ما كان له من الربح والفوائد لا يقوم ماكابدة مـن العـذاب والمشـقات وغيرها : أما ذلك النعيم الأخر الذي وعد به سيدنا له المجد في ملكوته الدائـم فـلا يحتاج طالبه إلى شئ من هذه الاتعاب كلها . لكنه بالعكس يقـدر علـى تحصيلـه العاجز والمقل . فان قلت :كيف ذلك ؟ قلت لك بكأس ماء أو بزيارة محبـوس أو بالدعاء للذين هم في الشدائد : وبالصوم والصلاة حسب الطاقة والاستطاعة : وبـأن لا يسرق ولا يكذب ولا يزني ولا يشهد بالزور . وباتمام باقي الوصايا فإن أتعـاب هذه وشدائدها . وإن تعددت وتنوعت ، فهي لا تقوم مقابل واحدة مما ينالـه أولئـك الأولون . فسبيلنا إذن ، ننهض أفكارنا . ونرجع ذواتنا . ونجتهد فيما يقربنا إلى ربنـا لنفوز بالنعيم الذي لا يزول . له تعالى المجد والاكرام والسجود إلى الابد آمين . القديس يوحنا ذهبى الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
28 فبراير 2023

هـل الاعــــــــتراف ضــــــــرورة كتـابيـة

كثيراً ما يثير الجدل بين الشباب بخصوص « ضرورة الاعتراف » ، وهل الاعتراف بدعة جديدة في الكنائس التقليدية ، أم أن له الأساس الإنجيلي والحقيقة أننا نشكر الله أن كنيستنا التقليدية إنجيلية جداً ، وأن هناك آيات في الإنجيل يستحيل أن نحياها أو تطبقها إلا من خلال الاعتراف . وبالاضافة إلى هذا الأساس الكتابي ، هناك أسس أخرى نبنى عليها ضرورة الاعتراف لضمان سلامة حياتنا الروحية . 1 ـ الأساس الكتابي :- الاعتراف واضح في العهد الجديد كامتداد للعهد القديم . ففي العهد القديم كان المخطىء يضع يده على رأس الذبيحة المقدمة ، ويقر بخطاياه أمام الكاهن ، وكان خطاياه انتقلت من عليه إلى الذبيحة ، التي يسفك دمها عوضاً عنه ، حيث أن « أجرة الخطية هي موت » ( رو ٢٣:٦ ) « فإن كان يذنب في شيء من هذه يقر بما قد أحطأ به ، ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التي أخطأ بها ... فيكفر الكاهن عنه » ( لا ٥: ٥ - ٧ ) . لكن إن أقروا بذنوبهم التي خانوني بها ... أذكر ميثاقى » ( لا ٦ : ٤٠ - ٤٢) « اذا عمل رجل أو امرأة شيئاً من جميع خطايا الإنسان ... فقد اذنبت تلك النفس ، فلتقر بخطيتها التي عملت » ( عد٦:٥ -٧). + قال يشوع لعاخان : « یا اپنی اعط الآن مجداً للرب ... اعترف له واخبرنى الآن ماذا عملت ، لا تخف عنى » ( يش ٩:٧) - قال داود لناثان : « أخطأت إلى الرب » فقال له ناثان : « والرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك ... لا تموت » ( ۲ صم ١٢ : ١٣ ) « من يكتم خطاياه لا ينجح ... ومن يقر بها ويتركها ... يرحم » ( أم ٢٨ : ١٣) أمتد الاعتراف إلى العهد الجديد حين قال الرب لتلاميذه :أعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات ، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السموات » (مت ١٦ : ١٩ ) كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء ، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء » ( مت ۱۸ : ۱۷ - ۱۸ ). « من غفرتم خطاياه تغفر له ، ومن امسكتم خطاياه أمسكت » ( یو ۲۰ : ٢٣) ضوابط هذا السلطان : ليس سلطان الحل والربط سلطاناً مطلقاً للكاهن على الشعب ، بل هناك ضوابط هامة نوجزها فيما يلى : ۱ ـ هذا سلطان للبناء لا للهدم ... فالكاهن يستخدم هذا السلطان ليبني أولاده ، حتى إذا ما ربطهم ومنعهم عن التناول ، فلسبب يراه بالروح القدس وبموضوعية كاملة وحب شديد . ٢ - فإذا ما كان المعترف تائبا نادماً أخذ الحل ، أما إذا تمسك بخطيته فإن الكاهن مضطر أن يربطه( أى يمنعه عن التناول ) حتى يتوب . « إن لم يسمع من الكنيسة ، فليكن عندك كالوثني والعشار » ( مت ۱۸ : ١٧ ) أي أنه حالياً خارج الحظيرة والمائدة ... نكن له الحب ونصلى من أجله إلى أن يتوب . ۳ - الروح القدس هو جوهر سر الاعتراف ، فهو الذي يسمع المعترف ، وهو الذي يرشد الكاهن ، وهو الذي ينطق بالحل أو الربط . وهذا واضح من منطوق التحليل الكنسي الذي فيه يضع الكاهن نفسه مع المعترف طالباً الحل : « ابنك فلان وضعفی .بارکنا وحاللنا وطهرنا » . 4 - حين كذب حنانيا وسفيرة على بطرس قال لهما : « لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس .ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب » (اع ٣:٥-٩) وهنا ربط واضح بين الكاهن وحلول وفعل الروح القدس في الأسرار . 5 ـ وحتى في حالة الانحراف العقيدي أو الإيماني ، تعطى الفرصة كاملة للإنسان ليفهم خطأه ويتوب عنه ، وإلا تتم محاكمته بطريقة عادلة ، و يصدر عنه الحكم الكنسى . لأنه إذا كان الرسول بولس قد فعل ذلك مع شاب ( تزوج ) امرأة أبيه « باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم وروحي مجتمعون مع قوة ربنا يسوع المسيح ... يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد ، لكى تخلص الروح في يوم الرب » ( ۱ کوه : ٤ ، ٥ ) ... إن كانت خطية جسد أستوجبت هذا الحكم ، فكم بالحرى خطايا الإيمان والعقيدة ؟ ! إن سلطان الحل والربط في الكنيسة ليس تحكم بشر ، بل هو مسئولية رهيبة إذ يجب أن يخضع فيها الكاهن للروح القدس تماماً ، في تجرد كامل ، وموضوعية أكيدة ، وحب شديد . وبعد أن تطمئن يا أخى الشاب أن الأساس الكتابي للاعتراف راسخ بطول العهدين : القديم والجديد ، ننتقل إلى أسس أخرى هي : الأساس الكنسي ، والإرشادي ، والنفسي للاعتراف . نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
21 ديسمبر 2022

لماذا حل الرب بيننا؟

ونحن نحتفل بميلاد المسيح من العذراء، لعلنا نتساءل فيما بيننا: ما هي الأسباب التي دعت رب المجد أن يتخذ جسداً ويحل بيننا، ويصير في الهيئة كإنسان، ويولد من امرأة كبني البشر؟ لاشك أن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد. جاء الرب إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين. هذا هو السبب الرئيسي الذي لو اكتفى المسيح به ولم يعمل غيره، لكان كافياً لتبرير تجسده وجاء المسيح ليوفي العدل الإلهي، وليصالح السماء والأرض.ويمكننا أن نقول أيضاً - إلى جوار عمل الفداء والمصالحة- إن السيد المسيح قد جاء لينوب عن البشرية. وكما ناب عنها في الموت، ينوب عنها أيضاً في كل ما هو مطلوب منها أن تعمله. إن الإنسان قد قصّر في كل علاقاته مع الله فجاء، «ابن الإنسان" لينوب عن الإنسان كله في إرضاء الله.وفي فترة تجسده أمكن للرب أن يقدم للبشرية الصورة المثالية لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان كصورة لله ومثاله، قدم القدوة العملية. حتى أن القديس أثناسيوس الرسولي قال إنه لما فسدت الصورة التي خُلق بها الإنسان، نزل الله ليقدم لهم الصورة الإلهية الأصلية.وأيضاً لما أخطأ القادة في تفسير الشريعة الإلهية وقدموها للناس حسب مفهومهم الخاطئ، ومزجوا بها تعاليمهم الخاصة وتقاليدهم، جاء الرب ليقدم للبشرية الشريعة الإلهية كما أرادها الله، نقية من الأخطاء البشرية في الفهم والتفسير.. الفداء هو السبب الأساسي للتجسد: لقد أخطأ الإنسان الأول، وكانت خطيته ضد الله نفسه: فهو قد عصى الله وخالف وصيته، وهو أيضاً أراد أن يكبر وأن يصير مثل الله عارفاً الخير والشر (تك3: 5). وفى غمرة هذا الإغراء نرى أن الإنسان لم يصدق الله الذي قال له عن شجرة الخير والشر: «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). وعلى العكس من هذا صدق الحية التي قالت: «لن تموتا». وبعد الأكل من الشجرة نرى أن الإنسان قد بدأ يفقد إيمانه في وجود الله في كل مكان وقدرته على رؤية كل مخفي، وظن أنه إن اختبأ، يستطيع أن يهرب من رؤية الله له. وفي محاسبة الله للإنسان بعد الخطية، نرى الإنسان يتكلم بأسلوب لا يليق إذ يحمّل الله جزءاً من مسئولية خطيته فيقول له: «المرأة التى جعلتها معي هي أعطتني» (تك3: 12).إنها مجموعة أخطاء موجهة ضد الله: عصيان الله، ومنافسة الله في معرفته، وعدم تصديق الله فى وعيده، وعدم الإيمان بقدرة الله، وعدم التأدب في الحديث مع الله أخطاء الإنسان ضد الله، والله غير المحدود، لذلك صارت خطيته غير محدودة، والخطية غير المحدودة، عقوبتها غير محدودة. وإن قُدِّمت عنها كفارة، ينبغى أن تكون كفارة غير محدودة. ولا يوجد غير محدود إلا الله. لذلك كان ينبغى أن يقوم الله نفسه بعمل الكفارة. هذا هو ملخص المشكلة كلها في إيجاز. لقد أخطأ الإنسان، وأجرة الخطية هي الموت (رو6: 23). فكان لابد أن يموت الإنسان، وبخاصة لأن الله كان قد أنذره بهذا الموت من قبل أن يتعدى الوصية، إذ قال له: «وأما شجرة معرفة الخير فلا تأكل منها. لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت». وهكذا استحق حكم الموت، وكان لابد أن يموت.كان موت الإنسان هو الوفاء الوحيد لعدل الله. وإن لم يمت الإنسان، لا يكون الله عادلاً، ولا يكون الله صادقاً في إنذاره السابق. هذه النظرية يشرحها القديس أثناسيوس الرسولي باستفاضة في كتابة "تجسد الكلمة". وإذ يشرح لزوم موت الإنسان، يشرح من الناحية المضادة المشاكل التي تقف ضد موت الإنسان. فماذا كانت تلك المشاكل؟ كان موت الإنسان ضد رحمة الله، وبخاصة لأن الإنسان قد سقط ضحية الشيطان الذي كان أكثر منه حيلة ومكراً!! وكانت موت الإنسان ضد كرامة الله، إذ أنه خُلق على صورة الله ومثاله، فكيف تتمزق صورة الله هكذا؟! وكان موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله قد خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها من شر الشيطان! وهكذا يكون الشيطان قد انتصر في المعركة!! وكان موت الإنسان ضد حكمة الله في خلقه للبشر. وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي إنه كان خير للإنسان لو لم يُخلق، من أن يُخلق ليلقى هذا المصير!! وأخيراً كان موت الإنسان ضد ذكاء الله. إذ كيف توجد المشكلة ولا يستطيع عقل الله أن يوجد لها حلاً!! (للمقال بقية قداسة مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
22 ديسمبر 2022

شخصيات الكتاب المقدس رحوم صاحب القضاء

رحوم صاحب القضاء (عزرا 4: 8 ) اسم عبري معناه "شفوق" أو "محبوب" صاحب القضاء الذي كتب رسالة إلى ارتحشستا الملك ليوقف إعادة بناء أسوار أورشليم وهيكلها (عز 4: 8 و9 و17 و23). تعالوا نتعرف أكتر على رحوم صاحب القضاء ونشوف هنتعلم ايه؟ 1- رحوم العائد لغرض ذكر لنا في سفر عزرا 2:2 ان رحوم عاد مع زربابل في أول فوج لكن ما هو غرض رحوم من الرجوع هو طلب الرئاسة والسلطة 2- رحوم المتلون كان رحوم صاحب القضاء يعني رئيس المراسيم يعني برتبة والي للبلاد يعني مش محتاج أي شيء لكن تملقه للملك جعله إنسان متلون أمام اليهود بشكل وفي الخفاء يصنع المكائد 3- رحوم الخائن لما سمع إن عزرا أخذ أمر ببناء بيت الله ورجوع الناس كتب رسائل للملك حرض فيها الملك لوقف القرار حتى في عزرا 4: 23 لما أرسل الملك الرد بعدم استكمال العمل يقول الكتاب حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَسْتَا الْمَلِكِ أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَهُودِ، وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ والسؤال ايه مشكلة يهودي في بناء هيكل الله ده لأنه خائن ومحب للسلطة تعالوا نطبق اللي اتعلمناه 1- إن كان غرضك من الخدمة الوصول للمناصب والمسميات المختلفة فاعرف ان خدمتك فارغة تصبح مثل نحاسا يطن أو صنجا يرن 2- لا تتلون لكي ترضي الناس حتى لا تصبح مثل المهرج 3- احذر من الخيانة لأن الخائن عاره لا ينسى من الناس وتظل في نظر الناس خائن حتى لو رجعت
المزيد
30 يناير 2023

أضـواء من الإنجيـل كيف نحب الآخرين [ ٢ ]

أنواع من المحبة الضارة : ١ ـ المحبة التي تسعى لإسعاد الجسد على حساب الروح : كمن يدفع الآخرين دائماً نحو راحة أجسادهم دون أن يشجعهم على التعب والجهاد والسهر الروحي ، فيمنعهم من الصوم ، أو من السهر في الصلاة ، أو تعب الخدمة المضني في خلاص الآخرين ... وهكذا . ٢ - المحبة التي تضع مفهوما للوصية حسب رغبة السامعين : الوصية الإلهية قد وضعت لخير الإنسان وأي إنحراف بالوصية عن مفهومها الحقيقي لحساب اسعاد الآخرين وقتيا هو تدمير لحياة هؤلاء الآخرين واضاعة لأ بديتهم . الله لم يضع الوصية قيداً على الإنسان . بل هي لحمايتة من الخراب والدمار مهما بدت صعبة أو مغايرة لرغباته الزمنية . لأنه هو يعلم احتياجات طبيعتنا . الله في ذلك هو مثل متعهد السيارات الذي يبيعك سيارة و يوصيك أن تستخدمها بسرعة بطيئة في الآلاف الأولى من الكيلومترات من عمرها ، وأن تقوم بتغيير الزيت لها بصفة منتظمة ويحذرك من خراب محرك السيارة إن لم تلتزم بهذه الإرشادات والتوصيات . ومتعهد السيارات في ذلك لا يقصد تغيير الإنسان مشترى السيارة بل أن يحفظ له سيارته سالمة لتخدمه طوال عمره . لهذا فمن الضار جداً أن يأتي من - يشجع مالك السيارة على عدم الإلتزام بتوصيات المتعهد . كأن يقول له أن يقود السيارة بسرعة في فترة « التليين » بدعوى أنها قوية ولن يصيبها ضرر . أو أن المصانع تقوم « بتليين » السيارة قبل خروجها من المصنع . إن من يحب إنسانه عليه أن يحفظ له سلامته وسلامة أبديته ... ما أخطر رسالة الكهنة والرعاة والمعلمين وهم يشرحون الوصية الإلهية للناس ، وأيضاً حينما يتعرضون للضغوط الخارجية من بعض الراغبين في تفسير الوصية حسب هواهم ولتحقيق رغباتهم الخاصة . ۳ - المحبة المغرضة أي التي لها غرض أو مصلحة شخصية : ومن أمثلتها المحبة التي تقود إلى التحزب والشللية ، والمحبة التي تطلب العوض لهذا قال السيد المسيح « إن أحببتم الذين يحبونكم فقط فأي أجر لكم » . للحديث بقية نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن مجلة الكرازة العدد الثانى عشر عام ١٩٨٨
المزيد
17 مارس 2023

مائة درس وعظة ( ٧ )

توبنى فأتوب في التوبة نضع أمامنا أربعة مبادئ . ۱- حاضر في كل مكان . ۲- قادم في كل مكان . ۳- حاضن لكل إنسان . ٤- قادر على كل شئ . يا سيد ، اتركها هذه السنة أيضا ، حتى أنقب حـولـهـا وأضع زبلاً . فإن صنعت ثمـراً ، وإلا ففيما بعد تقطعها » ( لو ١٣ : ٨ ، ۹ ) .في القرن الرابع الميلادي سميت عظات للقديس يوحنا الذهبي الفم « عظات التماثيل » ولها قصة .. ففي ذلك الوقت فرض الإمبراطور ضرائب على الشعب ، فهاج الشعب وكسروا تماثيل الإمبراطور والإمبراطورة ، ووسط هذا الهياج اكـتـشـفـوا مـقـدار الجـرم ولجأوا إلى الكنيسة لأن في ذلك الزمـان كـان يوجـد مـا يسمى بـ حق اللجـوء الكنسي » وهذا الحق يمنع القبض على إنسـان داخل الكنيسـة فاستغل القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية هذا الأمر وهذه الفترة لكي ما يصنع شيئين :۔ الأول : يرفع الصلوات طلبـا للـرحـمـة والغفران الثاني : تقديم عظات تحث كل إنسان على الـتـوبة وهي التي سـمـيت باسم « عظات التماثيل » . إن توبة الإنسـان هـو عـمله الأول كل يوم وفي كل وقت . في التوبة الشـخـصـيـة والـجـمـاعـيـة نضع أمامنا أربعة مبادئ أولا : الله حاضر في كل مكان ها أنا مـعكم كل الأيام إلى انقـضـاء الدهر » ( مت ٢٨ : ٢٠ ) وفي نفس الوقت في العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقـوا أنا قد غلبت الـعـالـم » ( يو ١٦ : ٣٣ ) وهذا هو صـدق مسيحيتنا . نتذكر قصة يوسف الصديق وما تعرض له من ضيقات . ثانيا : الله قادم في كل زمان « عند المساء يبيت البكاء ، وفي الصباح ترنم » ( مز ٣٠: ٥) فالشمس أقوى من كل ظلام ، ولكن لله مواقيت ومواعيد . نتذكر قصة لعازر وأخته .. ومع ذلك تأخر عنهم أربعة أيام ولكنه أتى أخيرا ( يوحنا ١١) . ثالثا :. الله حاضن لكل إنسان موت المسيح له المجد على الصليب فاتحا ذراعـيـه لـحـضـن كل إنسـان ، فالله هو الذي يعطى التعزية ويعطينا صبرا ويسند الإنسان ، لن تجد راحة إلا في حضن المسيح ، ولن تجد تعزية إلا عندما ترتمي تحت رجلي المسيح في صلواتك ، وإنجيلك يدعوك كل يوم « تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحـمـال ، وأنا أريحكم . احـمـلوا نيـري عليكم وتعلموا منى ، لأني وديع ومـتـواضـع القلب ، فـتـجـدوا راحـة لنفوسكم » ( مت ١١ : ٢٨ ، ۲۹ ) نتذكر قصة داود وشاول وكيف أنقذه الله ( صموئيل الأول والثاني ) . رابعا : الله قادر على كل شيء إن هذا الـعـالـم كله في يد الله وهـو قـادر على كل شيء ، والحلول التي يوجـدها الله لم تكن تخطر على قلب بشر . نتذكر قصة الفتية الثلاثة وأتون النار وكيف أنقذهم الله ، ثق أن كل الأحداث الله قادر أن يحولها إلى أتون بارد . لا تقف عند الأحداث بل تطلع لـتـرى يد الله تمتد في كل شيء وتحرك كل شيء . مثل قصة أيوب البار وما تعرض له من ضـيـقـات ، وكان الله يريد أن يعلمه شيئاً ويحرره من خطية البر الذاتي ، وفي النهاية يقول : « بسمع الأذن قد سمعت عنك ، والآن رأتك عيني » ( أيوب ٥ : ٤٢ ) . + توبتك هي الأساس وسط أي أحداث « إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون » ( لو ١٣ : ٣) . تدريب من ( رومـيـة ٨ ) نضـع أمـامك هذه الآيات لتجعلها منظومة لحياتك : ( رو ۳۸ : ۸-۳۹ ) : « فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة ، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قـوات ، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ، ولا علو ولا عمق ، ولا خليقة أخرى ، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا » . ( رو ۲۸ : ۸ ) : « نحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحـبـون الله ، الذين هم مدعوون حسب قصده .. ( رو ۱۸ : ۸ ) : « فإني أحسب أن آلام الزمـان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا .. ( رو ۸ : ۸ ) : « فـالذين هم في الجـسـد لا يستطيعون أن يرضوا الله » .الله بكل قـدرتـه يصنـع خـيـرا للإنسـان بشرط واحد « القلب التائب » . ونحن لا نستطيع أن نرى السـمـاء وأمجادها لأن خطيتنا تحجب عنا رؤيتها ، ولكن الإنسان الذي يقـدم تـوبة حقيقية يستطيع أن يراها . عند الضيقات نرفع عيون قلوبنا إلى أمجاد السماء ، فآلام الأرض تجعل الإنسان يشتاق بالأكثر إلى السماء ، فهذه الآلام من أجل توبة الإنسان وشهادته للمسيح . قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 يونيو 2023

الخادم والعثرة

حذرنـا ربنـا يسوع مـن العـثـرة وأعطـى الويل لمـن تـأتـى بواسطته العثرات ونتعجـب أن تخـرج كـلـمـة الـويـل مـن يـنـبـوع الـبـركات ولكن هذا يستوقفنا لماذا هذا الويل ؟؟اذا الأمر ضروري يتعامـل السيد المسيح مع كنيسته وأعضاؤه المقدسة على أنها عروسه ويغير عليها لذلك كل ما يؤثر على عروسه أي كنيسته يؤثر عليه فيجب أن ننتبه أكثر إلى أقوالنا وأفعالنا وسلوكنـا لئلا نكون سبب عثرة لأحد ولأن الـذي يحمل بركة خدمة المسيح يتوقع منه أن ينقل بركة المسيح ويكون صورة له وأى شيء يشوه هذه الصورة يسبب عثرة والأخطر أن هـذه العثرة تستثمر من العدو لزعزعة نفوس هي في حقيقتها أعضاء في الجسم المقدس والمشكلة الحقيقية في أمر العثرة أن يكون جوهر الخادم غير مظهره وكلما اتسعت المسافة بين الجوهر والمظهر زادت مسافة العثرة ويحذر معلمنا بولس الرسول من العثرة وقال لا نجعل عثرة في شيء لئلا تلام الخدمة وهذا يؤكد أن العثرة تسبب لوم الخدمة وبالتأكيـد توجـد مـواقـف عديدة لمخدومين صدمـوا في تصرفات خدامهـم جعلتهـم لا يعثرون فقط في الخـدام بل وفي صـدق الحياة الروحية في جوهرها وبدأت تبدو لهم كمجـرد نظريات أو أفكار غير قابلة للتطبيق .رأينـا أمـهـات تشكو من تأثـر بناتهن بمظهر وتصرفات خادمات حيث تم التعامل معهن في رحـلات واحتفالات وأكاليـل حيث ظهرت الخادمة في صورة مختلفة تماماً عما تعودته بالكنيسة مما تسببت في عثرة يصعب محوها أحبائـى مـا أجمل أن نهتـم بزينة أنفسنـا الداخليـة لأن كل إناء ينضح بما فيه وهذا جوهر الفضيلة أي ما يفضل عن الداخل فحين يولد التواضع في الداخل يظهر في شكل وداعة وحين تزداد الرحمة يزداد العطاء وحين تزداد مخافة الله يزداد الخشوع في الصلاة وإن نظرنا إلى الإحتياج الأكـثر للمخـدوم هو القدوة أكثر من أي كلام مـن يحتمل كلمة ويل لمـن تأتي بواسطتة العثرات (فخـير له لوطوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر) و الطرح في أعماق البحـر يعني أشر أنواع العقوبة، وكأنه خير لذلك الذي يرتدي ثوب الخدمـة ويعثر الصغار أن يترك خدمته فإنه حتى وإن نـال أشر أنواع العقوبة فسيكون لـه أفضل من إعثار الآخرين وهو خادم، لأنه بدون شك إن سقط بمفرده تكون آلامه أقل مما لو أعثر آخرين فلنحذر إذا مـن العثرة ونصلى مع داود المرنم نجني من الدماء يالله الخادم هو حضرة شفافة لحضور الملك المسيح فهو إنعكاس لصورته وأفعاله وأقواله وهذا ما يتوقعه المخدوم من الخادم كما ذكر عن بولس الرسول من اهل غلاطية «كملاك من الله قبلتموني، كالمسيح يسوع. »(غل ١٤:٤) الإنسان في سعى دائم للمطلق وفي إشتياق لحالة الكمال التي جبل عليهـا وأى إنحراف عن هـذا الإشتياق هو شقـاء وألم للإنسان وعلى هذا يحضر الشخص إلى الكنيسة ليسترد ما قد فقده وليجدد ما سبق وبدده وليرى نمـاذج جديدة مختلفـة عمـا تعودهـا في معاملاته الخارجية ومن هنا تظهر المسؤلية الملقاة على عاتق الخادم الذي لابد أن يظهـر في شكل وعمل وسيرة المسيح فلنحـذر إذا أن نقدم صورة مشوهه عنه الـذي يتوقعه منـا المخدومين هـو إحتمـال ضعفاتهـم وتوجيههم وتعليمهـم والتأنـي عليهـم ومحبتهم بمحبـة المسيح الغير المحدودة ولا مشروطـة وتقـديم التعليم النقى الخـالي من الظهور وبـلا رياء وإعلان النموذج المفـرح الجذاب وينتظـروا البحث عنهم وتضميد جراحاتهم ومشاركتهـم أحزانهم وأفراحهم ومساعدتهم قـدر الطاقة فماذا لولم يجدوا كل هذا بل والأصعب لو وجدوا عكس كل هذا ما أصعـب أن يتحول الخادم من طبيب يقدم شفاء وسلام وراحة للمخدومين إلى مريض يحتاج إلى شفاء وبدلا من أن يكون عمله هو جمع المخدومين وإطعامهم بكلمة الحياة وقيادتهم نحو الملكوت يكون سببا في شقاء المخدومين وتعبهم وفقدانهم السلام بل وفقدانهم الخلاص أحياناً نتيجة إبتعاد المخدومين بسبب ذلك الخادم عن مصادر الخلاص وعندئذ يصير ذلك الخادم عائقا نحو خلاص المخدومين ما أصعب أن يظهر الخادم بمظهر غير لائق بسفير المسيح أو ينطق بلغة العالم التي تضعف روح المسيح أو يغضب فيفسد روح الوداعة التي في المسيح يسوع والمزاح فيما لا يفيد ولا يبني أو يستهتر بالخدمة فيحضر متأخراً ويقف خارجاً ويكثر من الكلام عزيزي الخادم دقق في إنسانك الداخلي وفتش في دوافعك وافحص في أفكارك وتصرفاتك وحاسب نفسك فخير لك أن تبتعد قليلا : «من أن تعثر أحـد أولاده الصغار اللذين مات المسيح لأجلهم »( اكو١٦:٨) يذكر عن أبونا المتنيح ميخائيل إبراهيم أنه كان يصلي دائماً يارب لا تسمح أن أكون سبب عثرة لأحد فليعطنا الله أن نكون خدام له بلا لوم وبلا عثرة لئلا تلام الخدمة بسببنا. القمص انطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك عن كتاب الخادم ولكن ... الجزء الاول
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل