المقالات

17 ديسمبر 2018

المسيح ابن الآب

يتساءل البعض لماذا يُسمى السيد المسيح ابن الآب؟ وهل بنوته للآب كمثل بنوتنا نحن لله؟ المسيح هو ابن الآب لأنه مولود من الآب قبل كل الدهور، كما قيل في الآية المُقدَّسة "كُلُّ مَنْ يُحِبُّ الوالِدَ يُحِبُّ المَوْلودَ مِنهُ أيضًا" (1يو5: 1). والتعبير (مولود) يعني أن الابن خارج من الآب بطريقة يسميها الوحي المقدس (الولادة)، أما الروح القدس فهو خارج من الآب بطريقة أخرى اسمها (الانبثاق). وردت في (يو15: 26) وولادة الابن من الآب هي ولادة مستمرة وبدون انفصال، ولذلك قال السيد المسيح "ألستَ تؤمِنُ أني أنا في الآبِ والآبَ فيَّ؟ صَدقوني أني في الآبِ والآبَ فيَّ" (يو14: 10، 11)"لكَيْ تعرِفوا وتؤمِنوا أنَّ الآبَ فيَّ وأنا فيهِ" (يو10: 38)"في ذلكَ اليومِ تعلَمونَ أني أنا في أبي، وأنتُمْ فيَّ، وأنا فيكُم" (يو14: 20) "ليكونَ الجميعُ واحِدًا، كما أنَّكَ أنتَ أيُّها الآبُ فيَّ وأنا فيكَ، ليكونوا هُم أيضًا واحِدًا فينا، ليؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني" (يو17: 21) "أنا فيهِمْ وأنتَ فيَّ ليكونوا مُكَمَّلينَ إلَى واحِدٍ، وليَعلَمَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني، وأحبَبتَهُمْ كما أحبَبتَني" (يو17: 23) وولادة الابن من الآب لم تكن تستلزم زواجًا (حاشا)، لأن الآب ليس عاجزًا عن ولادة الابن، ولا يحتاج إلى آخر يساعده.. بل الابن مولود من الآب قبل الدهورولا يوجد فارق زمني بين الآب والابن، لأنه الآب كائن منذ الأزل، وهو آب منذ الأزل، لذلك فله ابن أيضًا منذ الأزل.. لأن الله لا يتغير "في البَدءِ كانَ الكلِمَةُ، والكلِمَةُ كانَ عِندَ اللهِ، وكانَ الكلِمَةُ اللهَ. هذا كانَ في البَدءِ عِندَ اللهِ" (يو1: 1-2) "الرَّبُّ قَناني أوَّلَ طريقِهِ، مِنْ قَبلِ أعمالِهِ، منذُ القِدَمِ. منذُ الأزَلِ مُسِحتُ، منذُ البَدءِ، منذُ أوائلِ الأرضِ" (أم8: 22-23) "الذي هو قَبلَ كُل شَيءٍ، وفيهِ يَقومُ الكُلُّ" (كو1: 17) "والآنَ مَجدني أنتَ أيُّها الآبُ عِندَ ذاتِكَ بالمَجدِ الذي كانَ لي عِندَكَ قَبلَ كونِ العالَمِ" (يو17: 5) فالسيد المسيح كائن في الآب ومعه منذ الأزل، ومساو له في الجوهر والألوهة، ولأنه غير منفصل عن الآب والروح القدس فلذلك للثلاثة أقانيم جوهر واحد ولاهوت واحد، وهم الله الواحد "لكن لنا إلهٌ واحِدٌ: الآبُ الذي مِنهُ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ لهُ. ورَبٌّ واحِدٌ: يَسوعُ المَسيحُ، الذي بهِ جميعُ الأشياءِ، ونَحنُ بهِ" (1كو8: 6)"فإنَّ الذينَ يَشهَدونَ في السماءِ هُم ثَلاثَةٌ: الآبُ، والكلِمَةُ، والرّوحُ القُدُسُ. وهؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم واحِدٌ" (1يو5: 7) والسيد المسيح خارج من الآب يحمل نفس جوهر الآب.. فالبشر يلدون بشرًا، وكل كائن يلد كائنًا آخر من نفس النوع، لذلك فالابن المولود من الآب (الله) هو أيضًا (الله)، ولكن الفرق هنا أن الآب والابن المولود منه ليسا شخصان منفصلان، وإلاَّ وقعنا في تعدّد الآلهة، بل هما أقنومان متحدان بدون انفصال منذ الأزل وإلى الأبد، ولهما روح واحد هو الأقنوم الثالث "الروح القدس"لذلك نهتف في الكنيسة: "واحد هو الآب القدوس.. واحد هو الابن القدوس.. واحد هو الروح القدس". فلنا آب واحد له ابن وحيد، والاثنان لهما روح واحد.. لذلك فهُم إله واحد، نسجد له في وحدانية الجوهر. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
16 ديسمبر 2018

التصالح مغ الله

معلمنا بولس الرسول يقول في رسالته الثانية لأهل كورنثوس ” الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسهِ غير حاسبٍ لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المُصالحة “ ( 2كو 5 : 19) عمل المسيح الرئيسي خدمة المصالحة أي يصالحنا مع الله أيوب الصديق قديماً صدر منه أنين يقول” ليس بيننا مُصالح يضع يده على كلينا “ ( أي 9 : 33 ) ألا يوجد شخص يقول للخاطئ إعتذر وللمُخطئ إليه إقبل اعتذاره وصالحه ؟ هكذا فعل معنا يسوع أعطانا خدمة المصالحة لكنها كلفته الكثير صليبه ودمه لذلك ربنا يسوع لما صُلِب تعلق بين السماء والأرض وبسط يديه الإثنين ليُقدم خدمة المصالحة أفقي ورأسي عرضي وطولي تصالحوا مع الله أن نتصالح مع الله لذلك لابد أن نعرف أن :- الخطية خصومة :- الخطية ابتعاد عدو الخير لا يعنيه كثيراً أن نُخطئ لكنه يهمه أن نبتعد وأن تحدث فجوة وخصومة لم يكن هدفه أن يأكل آدم من الشجرة لكن كان همه ما حدث بعد الأكل من الشجرة إبتعد خاف فصار فجوة كبيرة بينه وبين الله لذلك كان هدفه الإبتعاد أين أنت يا آدم ؟ يقول ” سمعت صوتك في الجنة فخشيت “ ( تك 3 : 10 ) كيف وأنت معتاد صوت الله ؟ صار مطرود من حضرة الله ما يعني عدو الخير ليس خطايانا بل ابتعادنا عن الله ويعنيه بالأكثر ليس تكرار الخطية بل زيادة الإبتعاد والشعور باليأس لذلك يقول ” كل من يفعل الخطية يفعل التعدي أيضاً “ ( 1يو 3 : 4 ) لأنه انتهت الوحدة بيني وبين الله بالخطية خسرت ثلاثة أمور خسرت الله ونفسي والسماء هذه الثلاثة تحدث في لحظة يا للخطية مُهينة ومُذلة جداً إبتعاد وخصومة وإفساد الصورة والطبيعة مزيد من الإبتعاد والخصومة ويصير صوت الله غريب ويصير التسبيح ثقيل والتوبة ثقيلة فيزداد الإبتعاد وتزداد صعوبة التوبة أكثر وهذا هدف عدو الخير إبتعاد الإنسان عن خالقه لأنه أصلاً هو كان طغمة سماوية فهو أفضل واحد يعرف معنى القرب من الله لذلك هو طُرِد من حضرة الله ويريد أن نُطرد نحن أيضاً مثله ونبعِد عن خالقنا لأننا لما نقترب من الله كأننا نأخذ مكانه فيغار الخطية خصومة وابتعاد الخطية خاطئة جداً ( رو 7 : 13) . الخطية صنعت شرخ بيننا وبين الله :- عدو الخير يجعلني أصنع الخطية لكي يُفسد علاقتي بالله ويصير القداس بالنسبة ليَّ ثِقَل لا أستطيع أن أتمتع به والإنجيل والصلاة لا أفهمها وتتكون طبقات عازلة بيني وبين الله إهانة مع الوقت تصنع الخطية قساوة وفجوة وقد تكون عداوة لكن العداوة يصنعها العدو إنه يجعل الفجوة تزداد وتيأس من نفسك ومن مراحم الله لترى الخطية وسلطانها وتأمل آثار الخطية في حياتك وقلبك والضعف الذي سببته لإيمانك وما فعلته في وحدِتك مع الله وفي آذانك الروحية وجسدك ونفسك ومشاعرك إهانة . الصُلح بالصليب :- لكي نتصالح لابد أن نعرف ونكتشف الضرر الذي وقع علينا من الإبتعاد ومدى المهانة والمذلة القديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” إن العبودية لسيد قاسي أهون من العبودية للخطية “ سيد قاسي أي يأمر وينتهر ويضرب ورغم ذلك الخطية أقوى من ذلك لذلك علينا أن نكتشف هذا الهوان أنت يا الله رأيت أولادك بيتعدوا ويُهانوا ماذا فعلت ؟ يقول أنا خدمت خدمة المصالحة أنا كراعي صالح سعيت في طلب الضال كان عملي الأساسي أن أرد آدم وبنيه للفردوس أن أعمل المصالحة عن طريق الصليب دبر الله الخلاص والصلح للإنسان كيف يُعيده للوحدة معه ويُعيد له الصورة الإلهية وللإتحاد الإلهي والبركة الإلهية ولا يجعله بعيد عن حضرة الله ويُذيب الفوارق والجمود الذي حدث له فتجسد ناب عنا أخذ جسدنا لحمنا ودمنا وصار كواحد منا وحمل خطايانا وتراءى أمام الآب ببره وبذبيحة نفسه فوجد لنا فداء أبدي كل واحد منا اليوم يريد أن يصطلح ماذا يفعل ؟ يدخل للمسيح ويتقابل مع الآب في المسيح ينال وأنا وأنت قبول الآب للمسيح وليس لنا لأننا خطاة فصرت أنا مُصالح من خلال دمه الإلهي من خلال ذبيحة نفسه صار صليبه وسيلة الإتحاد ودمه وسيلة المغفرة إن كان دم الخروف أعطى نجاة رش على العتبة العليا والقائمتين فيمر الملاك المُهلِك ويجده فيعبر عن هذا البيت فكم يكون دم ابن الله الذي قدمه بروح أزلي ؟ ” صنعت خلاصاً في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب “ الخطية إهانة تخيل أشعياء يقول على لسان الله طول النهار بسطت يدي إلى شعب عنيد مُعاند مقاوم ( أش 65 : 2 )الخطية إهانة عناد طول النهار تخيل إنك تمد يدك لشخص لتُصافحه فلا يمد يده لك نقول لعله لم ينتبه وتمد يدك مرة أخرى ولا يُصافحك يا لخجلك طول النهار بسطت يدي لشعب معاند مقاوم فماذا فعل على الصليب ؟ بسط يديه وسمَّرهم لكي يقول لنا أنا دائماً فاتح باب الصلح لكم هذا هو الصلح الذي تم بالصليب صرنا مقبولين ومصالحين مع الله بدم المسيح وخلاصه وصليبه لذلك كل من لا يصطلح مع الله ولا يتوب يرفض الصليب في حياته لأنه لا يشترك في نعمة الصليب لأن الصليب كان للصلح والخلاص نقول له ” صالحت الأرضيين مع السمائيين “ ” العداوة القديمة هزمتها “ ” جعلت الاثنين واحداً “ ” الحائط المتوسط هدمتهُ “ صالحنا بدمه صارت تعدياتنا لا يراها الآب وخطايانا أيضاً لا يراها لأنها وقعت على الحمل الذي بلا عيب وهو يرى دم الحمل الذي بلا عيب فيعطينا خلاص نقول تشبيه لأولاد الخدمة لنفرض إننا وضعنا في نهاية قاعة عشرة مصابيح مُضاءة بألوان مختلفة ونقف من بعيد نرى كل مصباح بلونه لكن لو نظرنا للمصابيح من خلال لوح زجاجي أحمر سترى كل المصابيح لونها أحمر لأنها تعكس لون اللوح الزجاجي نحن خطايانا الكثيرة تقع كلها على دم المسيح والله الآب يرى خطايانا من خلال دم ابنه مُبرره لنفرض أن مصباحك لا يقع على هذا اللوح الزجاجي الأحمر تصير منك له يراك مباشرةً من صالحنا ؟ دم المسيح كيف ترفض هذا الصلح ؟ أعطانا خدمة المصالحة وأعطانا الفداء وضع يده على كلينا هو منتظرك تعال تتقدم له بتردد يقول المسيح للآب هذا ابني هو صورتي لكنه خاطئ يقول المسيح لأجل دمي يضع يده على كلينا ويصالحنا هذا عمل المسيح وكل من ذاق المصالحة مع المسيح إشترك في خدمة المسيح خدمة المصالحة فيقول ما فعلته إفعله إنت إن رأيت شخص بعيد عني لا تتركه صالح الكل صالحنا لنفسه ” الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المُصالحة “ ( 2كو 5 : 19) لذلك صالحنا نقض العداوة الله يريد أن يصنع بيننا وبينه عهد صلح . نرى عهود صلح كثيرة في العهد القديم :- قوس قزح كان عهد صلح . دم الذبائح كان عهد صلح . وفي النهاية قال سأعطيكم عهد جديد بدم عهدي أطلق أسراكم بدمي أنا هذا هو دم العهد الجديد هذا هو العهد الذي نقول عنه ( إن تين نوڤي ) نوڤي = جديد عهد جديد دم المسيح الكاهن يمسك الكأس ويقول ” خذوا اشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك عنكم وعن كثيرين لمغفرة الخطايا “ يقول ” يُعطى لمغفرة الخطايا “ في القداس في صورة نداء قوي تنبيه ويقظة ” حياة أبدية لكل من يتناول منه “ نحن نفرح بهذا الصلح الله دخل العالم بعهد جسده ودمه المكسور والمسفوك على المذبح في العهد القديم كان هناك اسلوب للصلح في عهد أبينا إبراهيم لما يكون هناك ملوك متنازعة يحضروا حيوانات وتُشق من النصف ويضعوا النصفين مقابل بعضهما البعض الحيوانات المشقوقة يمر بينها الملكين المُتنازعين مُمسكين بأيدي بعضهما البعض وهي ملطخة بدم هذه الحيوانات وكأنه يقول الذي ينقُض هذا العهد الله يشقه من وسطه مثل هذه الحيوانات عهد بالدم لذلك ربنا يسوع لما تكلم عن العبد الغير أمين قال " يشقه من وَسَطه " ( مت 24 : 51 ) المسيح صالحنا بذبيحة نفسه وهو أمسك يدنا ومر بينها الصليب صنع المصالحة إقترب من الصليب تقترب من المصالحة وتشعر إنك بدأت تستمتع بهذه البركة لذلك استمرار الخطية هو رفض لعمل الصليب ويجلب قساوة ورفض المصالحة يجلب أخطر شئ التعدي وعداوة والنفس ترفض عمل الله ونداءاته المتكررة وعمل صليبه أمر لا نحتمله تخيل لما تقف أمام الله ويقول لك صليبي ويدي المبسوطتين ودمي المسفوك أنت رفضتهم كيف ؟ لذلك يقول ” كيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره “ ( عب 2 : 3 )" خلاص هذا مقداره " أي الصليب كيف ؟ لا يمكن إذا كان الإنسان في خطاياه وتعدياته ممكن لمجرد إنه يصطلح بشق حيوان هو يقول لك أنا كسرت جسدي من أجلك وأشق لك جسدي لكي أصالحك وتدخل معي في عهد أبدي لذلك يقول أن الله جهِّز وليمته ودعى مدعويه وأعطاهم أن يدخلوا في عشاؤه صنع عُرسه وأعطاهم أن يدخلوا في جنبه وجسده هذا هو الصليب . كيف أتمتع بالصليب ؟ بالتوبة والتناول هذا الصلح ينتقل لحياتي عملياً بالتوبة والتناول الرجوع الدائم والتمتع بالحضن الأبوي كنت بعيد وصرت قريب ” أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح “( أف 2 : 13) صالحنا وقربنا ورجعنا لكرامتنا وجعلنا نشعر بكرامتنا الجديدة التي فقدناها في الإبتعاد ويقول لك تعال أنت مُكرم جداً عندي مصالحة لنرى الكرامة التي أخذها الابن الضال لما عاد له الحُلة الأولى والعِجل المُسمن تعال ألبِسك الحذاء والخاتم تعال أرد لك كل ما سُلِب منك تعال أعيد لك المجد المفقود والصورة وقع على عنقه وقبَّله الآباء في شروحاتهم قالوا أن هذا الابن لما عاد كانت ملابسه ممزقة وجسده مجروح فقبَّل أبيه آثار جراحه آثار الخطايا فينا ربنا يسوع يقبلنا بها ويُقبِّلها ويقول ” تعال واقترب مني لكي تتبرر من خطاياك “ تعال رجوع الإنسان للمصالحة ” أدركتهُ ببركة صلاحك “ الله يُدركنا بها لذلك الرجوع هو تحقيق خدمة المصالحة نعيش كل يوم المصالحة كل يوم عهد جديد كل يوم توبة كل يوم تمتع ببركات صلاح الله وغفرانه وحضنه الأبوي لا تكن المصالحة بالنسبة لك كلمة ولا فكرة ولكي تعيش المصالحة تمتع بها في التناول القداس هو الوليمة السماوية التي تأخذ فيها قوة وفعل الصليب في حياتك الكنيسة نجحت أن تكون البركات المعطاة ملموسة الإعتراف بركة الغفران تنتقل إليك الصليب بركة الصليب تنتقل إليك لكي لا يكون الغفران والخلاص أفكار بل فعل يُنقل الكنيسة استودع فيها بركات الخلاص كلها وائتمنها من خلال وكلاء الأسرار ليعطوا الأسرار لكي تصير بركات الخلاص والصليب والقيامة والروح القدس والحياة الأبدية لا تكون أفكار بل أفعال تنتقل إلى حياتنا لذلك الصلح هو التوبة من خلال الكنيسة لذلك بداية القداس نصلي صلاة الصلح لكي نصطلح مع الله ” إجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نُقبِّل بعضنا بعضاً بقبلة مقدسة لكي ننال بغير وقوع في دينونة من موهبتك غير المائتة السمائية بالمسيح يسوع ربنا “ أبونا يقف في صلاة الصلح يديه عريانة رمز للخطية والعُري وبعد صلاة الصلح يغطي يديه باللفائف رمز لأنه سُتِر ببر الله ويقف يديه مبسوطة لله بر الله انتقل إلينا بالمصالحة التوبة بر الله ينتقل إلينا بالمصالحة تنتهي باتحاد كامل وبذلك صرنا لسنا أعداء ولا خطاة ” إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح “ ( رو 8 : 1) ” صيرنا أطهاراً بروحك القدوس “ ” القُدسات للقديسين “ صرنا قديسين مقبولين من خلال توبتنا وصُلحنا وصرت أنا لست أنا صرت أنا داخله وقبولي أمام الله الآب من خلال قبول الابن صلح حالة القلق والخوف انتهت لأننا صُولحنا في سفر أشعياء يقول ” ليتك أصغيت لوصاياي فكان كنهرٍ سلامك وبرك كلجج البحر “ ( أش 48 : 18) يا ليت تدخل في الصلح ليتك نداء بركات كثيرة يريد الله أن يعطيها لنا يعرض عليك صلح .. عارض عليك سلامه وبره لذلك عمل الله في حياتنا أن نقترب ونصطلح وكل قريب أن يثبُت والبعيد يقترب والثابت ينمو حتى الأبدية ليس لها حدود غمر يُنادي غمر ( مز 42 : 7 )كلما دخلت للعمق كلما كشف لك مجهول فتتمتع . التوبة هي انتقال لفعل الصلح :- إصطلح مع الله” إن تصالحت مع الله تصالحت مع السماء والأرض “الخطية تُفسد علاقتنا بالله وعلاقتنا بأنفسنا وعلاقتنا بالآخرين صارت فجوة كبيرة بيني وبين الله ولا أحب نفسي ولا أحب الآخرين أقترب إلى الله ويحدث وِد بيني وبينه وأجد نفسي قابلها وآراها جميلة من علامات علاقتك بالله الحلوة أن تحب الجلوس مع نفسك أحد القديسين يقول ” إجلس إلى ذلك الإنسان الذي أنت تجهله “ أي مع نفسك لماذا أحبَّ القديسين الوحدة ؟ لأنه لما يجلس مع نفسه يرى الله داخل نفسه ويكتشف أخطاؤه ويراها مقبولة في المسيح ويرى الصلح والبركة وأخطاؤه تُقرِّبه لله لما أجلس مع نفسي وأرى خطاياي لا أيأس بل بالعكس كلما اكتشفت خطايا أكثر كلما ارتميت عليه أكثروأشعربقبولي أكثر لأني لما أجلس أجلس مع نفسي في حضرتهِ ويُبارك الجلسة الصلح تمتع به بينك وبين الله البر يُعيد الوحدة بينك وبين الله وبينك وبين نفسك وبينك وبين الناس البعيد عن الله يدين كل الناس حتى الآباء الكهنة والأساقفة ولما تقترب من الله ترى الكل أبرار وأنت أكثر خاطي فيهم علامة أمينة عن اقترابك لله تشعر إن الله ساتر الكل ومتأني على الكل ولما أقول" الخطاة الذين أولهم أنا " هذه ليست عبارة مجازية بل حقيقية أنا أول الخطاة بالفعل أنت يا الله تعرف الخفايا الصلح مع الله يجعل الإنسان يقترب بالتوبة يوماً فيوماً ويتجدد يوماً فيوماً . الثبات في التوبة :- من أجمل الأمور التي نتعلمها في علاقتنا بالله هي أن نثبُت الآباء يعلمونا كلمة جميلة هي " ثبات العزم " سمِعت كلمات وتأثرت نشكر الله إستمر وإن سقطت أثبُت وأستمر الذي يواجه مشكلة في حياته لا يترك الأمر بل يستمر ويحاول يتفادى هذا الأمر الثبات ممكن شخص يدرس كورس طويل لكي يثبُت في عمله أو ينال مركز معين تعب إذاً أين الملكوت ؟ هذه حياتنا الأبدية مجرد أن نقابل مشكلة نتراجع لا ثبات العزم الإنسان يثبُت في محبة الله الإستمرار والتدقيق أحد الآباء يقول لو انتظمت في قانون روحي " 40 " يوم متواصلة النعمة ترقِّيك درجة لكن أي تقصير في يوم إحسبه بخصم عشرة أيام إنتظم في صلاة مرتين في اليوم وإصحاح إنجيل وتناول مرة في الأُسبوع إنتظم على ذلك القانون أربعين يوم حتى إن فعلته بروتين لن تفعله روتين أربعين يوم قد يكون بذلك عشرة أيام ثم تبدأ الروح تعمل والآباء يقولون ” إن صلاة الروح تبدأ بصلاة الجسد “ ” الصلاة التي بطياشة تؤدي إلى الصلاة التي بلا طياشة “ الصلاة التي بطياشة وعدم تركيز تؤدي إلى صلاة بلا طياشة القديس مكسيموس المعترف سأله تلاميذه ما الذي وصَّلك إلى الصلاة الدائمة ؟ أجابهم أمرين أهمهما الإستمرار والثبات ” الصلاة هي التي علمتني الصلاة “ من الأب الروحي الذي علمك الصلاة ؟ أجابهم الشيطان ” حروبي أوجاعي ضيقاتي آلامي “ حروب العدو علمتني الصلاة كنت أصرخ لأنه لا يُضرب أحد ولا يصرخ حروبي علمتني الأنين في الصلاة ولا يمكن لشخص متألم أن يصرخ بتكاسل ” والشيطان هو الذي علمني الصلاة “ علمني كيف أتمسك برجائي لأنه قوي ولما مسكت في الله صرت أقوى ففرحت وتقويت الثبات واستمرار التوبة والتدقيق نعيش أيام ثم نتكاسل لا إثبت في شئ قليل ” القليل المستمر خير من الكثير المُتقطع “ وضعت في قلبي ثبات عزم ضعيف ! قل له يارب اسندني أريد أن أستمرإصطلحت مع شخص هل تخاصمه مرة أخرى ؟ لا وطَّد العلاقة واحضِر هدايا وكفى ما مضى ما الهدية التي نقدمها لله ؟ ” ثمر شفاهٍ مُعترفة باسمهِ “ ( عب 13 : 15) صلاة سجدة عمل رحمة تقدم غيرك عن نفسك الله ينتظر هذه الهدايا ويفرح بها جداً ويحفظ جميع محرقاتك كل صلاة تصليها بإخلاص على الأرض محفوظة لك في السماء داود النبي أدرك ذلك الأمر وشعر أن دموعه تُفرِّح الله فقال ” اجعل أنت دموعي في زقك “( مز 56 : 8 ) ليس زق إذاً بل أوعية تُبت إثبت واترك التوبة اللحظية والعاطفية والمهزوزة أنا عرفت كيف أتعبتني الخطية وأذلتني جداً وأبعدتني وأفقدتني سلامي وبري وملكوتي وغيري الآن أرجع لك يا الله من كل قلبي أرجع طالب الصلح وأوطد الصلح بأعمال التوبة يومياً كل يوم جدد عهد محبتك لله ذهب تلميذ لأبيه الروحي وقال الطريق صعب جداً ولا أستطيع أن أستمر سأله أبوه كم سنة لك ؟ أجاب أربعة سنوات قال أبيه الروحي أنا لي أربعين سنة أشكو مما تشكو منه أنت فيَّ نفس الوجع أليس جسدي مثل جسدك ؟! لكني أثبُت الفرق بينك وبين غيرك إنه هو ثابت ولأنه ثابت فحروب عدو الخير أقل لأنه مُمسِك بأسلحة أقوى جيد أن يكون لنا كل يوم توبة لكيما تصير حياتنا توبة وتوبتنا حياة أحد الآباء يقول ” جيد جداً أن لا تُخطئ وإن أخطأت فجيد جداً أن لا تؤخر التوبة وإن تبت فجيد جداً أن لا تعود للخطية مرة أخرى وإن لم تعد للخطية مرة أخرى فجيد جداً أن تعلم أن هذا بفضل نعمة الله وليس بفضلك “ سلسلة إختبر الحياة مع الله تجد نفسك بدأت تُحقق القصد الإلهي من حياتك لماذا خلقك الله ؟ لتمجده وترث معه الملكوت هو خلقنا وينتظرنا في الأبدية منذ الأزل ” رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم “ ( مت 25 : 34 ) لا يوجد أب يحب أن يكون في مكان وأولاده في مكان آخر وكلما وجد مكان جميل مُفرح يحب يأخذ أولاده معه الله صنع الملكوت ليس لنفسه بل لنا يريدنا أن نحيا معه نشترك معه في بره وفي قداسته ونخلِّد معه نعيش في محفل القديسين والملائكة مدعوين لعشاء عُرس الخروف تخيل أن نخيب من هذه الدعوة كم هو مؤلم على قلب الله لما يقول له واحد منا لا أريد عُرسك أريد أن أكون مع أصحابي يقول له يا ابني تعال رِث المُلك هذه أرض يسكن فيها البر ويكون الله في وسطهم يمسح كل دمعة من عيونهم إقرأ صفات أورشليم السماوية في سفر الرؤيا يلتهب قلبك شوقاً لها تِعرف كيف تحافظ على الملكوت الذي صمم الله أن يعطيه لك ” لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرَّ أن يُعطيكم الملكوت بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة “ ( لو 12 : 32 )لا تحزن لما يوسف كان في مصر دعا أهله لأن يعيشوا معه فقالوا له عندنا بعض الممتلكات فقال لهم لا تحزنوا على أثاث مصر لا تحزن على ما تفقده لأنك ستنال الكثير والكثير هناك أمور حِفظها مُكلف عن قيمتها الله يقول لك لا تجعل أمور الدنيا تُعيقك لأنها لا قيمة لها بل استخدمها فقط إثبت في الصلح وعِش كل يوم بثبات لذلك يقول ” ليس من انتصر إلا من حارب وليس من كُلل إلا من انتصر “ لن ينال الإكليل إلا من انتصر ولا ينتصر أحد إلا إذا حارب نحن مدعوين أن نعيش على مستوى إرضاء الله كل يوم بصلح جديد وإن أخطأت إصطلح بسرعة هل تفضَّل إن إبنك إن أحزنك متى يصالحك هل في نفس اليوم أم بعد سنة ؟ في نفس اليوم لذلك عِش التوبة اللحظية إن أخطأت بفكرك الآن تُب إليه الآن ولا تنتظر حتى لا تزداد الفجوة الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسباً لهم خطاياهم واضعاً فيهم كلمة المصالحة إثبت لكي يضع فيك كلمة صلاحه ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد
15 ديسمبر 2018

سَهَرَاتُ كِيَهْك فِي التَّقْوَى الشَّعْبِيَّة

التقويم الليتورجي الذي تأسس في الكنيسة صار طريقنا التقليدي الرسمي للدخول في عمق الروحانية الأرثوذكسية... وقد صارت التسبحة الكيهكية فرصة لخبرات روحية وتأملية عميقة، وفيضًا لملء داخلي نناله، وتظل يُنبوعًا باقيًا في مسيرة الكنيسة... ذبيحة الروح المنكسر... ذبيحة البر... ذبيحة التسبيح ومحرقات سمينة مع بخور وكِباش تستقيم قدام الله الذي أعطانا روح البنوة لنسبحه ونباركه ونزيده علوًا إلى الأبد. في كنيستنا - (كنيسة التسبيح والترتيل والترنُّم) - صارت سهرات الشهر المريمي ممارَسة تَقَوية شعبية، نجتمع فيها بالأحْقاء الممنطَقة والسُرُج الموقدة مع كل الجموع الساهرة العابدة من عبيد الله القوي المتعالي، الذي غُلِب من تحننه، وأرسل لنا ذراعه العالية وأشرق لنا جسديًا... نسهر بنور اليقظة التي لا تغلبها الظلمة، منتظرين إشراقة رب الأرباب ومُنشئ الأكوان. ناهضين مع كل بني النور لنسبح رب القوات الذي اتخذ شكل العبد، ومجد ربوبيته غير منفصل عنه، نستقبل ميلاده في مجيئه إلى الأرض القفرة كي يفدينا ويهزم حِيَل الشيطان. لقد صارت سهرات كيهك متجذرة في التقوى الشعبية القبطية، حيث نقف جميعًا في وسط الجماعة في كنيسة العهد والوعد، سفينة النجاة لنسبح ربوات مضاعفة، ومسيحنا يقود قلوبنا قبل أصواتنا، لأنه هو المركز في وسط خورس المسبِّحين... نجتمع اثنين أو ثلاثة بل وألوف، حيث يأتي العريس للمنتظرين مجيئه الوشيك. وهكذا يكون شهر ديسمبر (كيهك) بجملته زمنًا يأخذ مَنحىً استعداديًا بالصوم والتسبيح، كي يأتي ويحل ملكوت الابن الوحيد الكلمة المتجسد... هذا الملكوت الذي نتدرب عليه في الكنيسة ونبدأه منذ الآن، بعد أن دخل المسيح إلى التاريخ بتجسده الإلهي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، لا ليلغي إرادتنا بل ليسند ضعفنا ويحيطنا بوصاياه المعطية الحياة. لم يأنَف من مشاركتنا بشريتنا، لكنه أهَّلنا لشركة ميراث النور... إنه (الألف) الذي جاء لتحقيق (الياء) بتدبير الخلاص الثمين، وليخلصنا من خطايانا ويكون لنا عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. تفيض سهرات كيهك بالتسبيح والمدائح. نعترف ونمجد ونشكر فضل إنعام المسيح مخلصنا الذي رفع شأن طبيعتنا، وصار آية ومعجزة خلاصنا، عندما أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له... كذلك نمجد كورة الفرح، الملكة المشتملة بالنور والحُلة، وننطق بطوباوية سيدة الأكوان، ست الأبكار على العشرة أوتار، لأنها أول مذبح في التاريخ... ونقول لها: يا أمنا يا عذراء إحنا ولادك. ونمدحها قائلين: سَبَاني حبك يا فخر الرتب، لأنكِ عَجَب من عَجَب... ومدحك زاد قلبي فرحًا وجعل نفسي تنشرح... فمَن يمدحكِ شطرًا تشفعي فيه ألوفًا. وتأخذنا الكنيسة في تسبيحها الليتورجي إلى البشارة والميلاد، بداية الأعياد وأساس كل المحطات في طريق خلاصنا، حيث تجسد المسيح وأتى إلينا، وينتظر إرادتنا وقبولنا وتجاوبنا مع نعمة تجسده، ليصير واقعًا شخصيًا وكنسيًا وكونيًا... نلهج الهوسات والثيؤطوكيات والمدائح والطلبات والطروحات... نسجد مع الرعاة ونقدم هدايا المجوس للملك المولود، ونسبح (الذوكصا) مع القوات السماوية، ذكصولوجية مجد الله وسلام الأرض ومسرة الناس والرأي الحسن، وسط الأخبار السارة لاستعلان ظهوره في هذا العالم مُعلنين مجده كإله مولود في الجسد من عذرا بسر عجيب. يختبر الساهرون دسمًا وزخمًا روحيًا وقلبيًا عندما يتجاوبوا متأملين حضور المسيح فيهم وقبولهم معرفة السر، فبالتجسد الإلهي بطُلت الأفكار الفلسفية التي تجعل الله في حيِّز المبدأ والفكرة... وأن ما تربطه بالإنسان مجرد شريعة أو تعاليم، متذوقين عظمة سر التقوى في عبادة وفرحة عقلية... لأن آدم الحزين استرد رئاسته/ لأن آدم خلص من الغواية وحواء عُتقت من طلقات الموت/ لأن آدم الأول من التراب دخل إلى الفردوس وسُر خاطره/ لأن زلة آدم قد انحلت وتم خلاص ما قد هلك، بل وصار آدم مدنيًا في السموات/ لأن آدم الأول صار مردودًا إلى الفردوس دفعة أخرى، وصار الصلح به موجودًا، وقد كمل السر المعهود/ لأن كتاب عبودية آدم وحواء قد تمزق، وهما قد تحررا/ لأن الخطية عندما كثرت تزايدت النعمة وتفاضلت/ لأن بيت لحم مدينة الأنبياء ولدت آدم الثاني، والمغارة قد أشرق منها مجد اللاهوت الذي لخالق الأدهار. وتُدخل عبادة السهرات الكيهكية فرحة العبادة وبهجتها في نفوس العابدين بتعزية وتثبيت وتقوى ورجوع بغير ترفع... نعطي التسبيح والسجود لعظمة إلهنا العجيب الصانع الإحسان الذي يعول كل أحد بكل نوع... من اجل سر تجسده الناطق، مسبحين علانية بأحلى لهجة وبصحيح اليقين نفسًا وعقلاً ولسانًا، مرنمين بقيثارات روحية للثالوث القدوس، ناطقين بتماجيد حسنة متفقة مع الأجناد النورانية والطغمات الروحانية، مُصَلين من أجل الحُضَّار والغياب، بالأصوات الشجية والمديح الحسن بفنون. إن شعبنا التقي الساهر المحب لكنيسته - (قُم وانهضْ يا مسكين، وإلبس ثوب اليقين) - يستعد للعيد العذروي البتولي بالفرح الروحاني مع تهليل الخليقة بمجيء المخلص وكمال كل المكتوب... جاعلين الخدمة حية بقانون الصلاة وفكر إيمان الكنيسة المجتمعة، التي نُقيمها ونذوقها... فتذوب المسافات وتتحد الأجيال وتلتقي النبوات والمواعيد وتتجمع الأزمان والأوقات في ذلك اليوم... الذي فيه تلد البتول الفائق الجوهر، والأرض تقرب المغارة لمن هو غير مقترب منه، ونتطلع إلى المضجع في المذود، ونبصره كإله مالك لكل شيء، الضابط الكل، ساهرين مرنمين بالمشيئة الصالحة... شاهدين بعبادتنا (رأينا وشهدنا) شهود لله، لأنه شاء لنا ان نكون له شهودًا حتى يكون هو لنا بدوره شاهدًا ومخلصًا ومدافعًا من ضربات المكار. القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
14 ديسمبر 2018

صوم الميلاد

وضعت الكنيسة صوم الميلاد بقصد الاستعداد للقاء المسيح الرب الآتي لخلاصنا. ولتجديد الحياة الروحية حيث الصوم والصلاة والتسبيح والعطاء والتأمل يجعلوا من داخلنا مذوداً يُولد فيه المسيح المتجسد.... وهذا يتحقق إذا سعى كل واحد منّا بصدق أن يهيئ نفسه كما يليق مشتركاً مع الكنيسة ليفرح بالحدث الخلاصي المشترك . صوم الميلاد هو أن نتحضر بالتوبة وتبييض الثياب لاستقبال الملك المولود. نستقبله بزينة النفس فنذوق وننظر طِيبته ونرتل (المسيح وُلد فمجِّدوه واستقبِلوه). فهل ندرك أن صومنا هو إعداد وتحضير وتهيئة لاستقبال السيد في مذود قلوبنا؟؟ وهل يجد الله مكاناً في مذودنا ليستريح ويُولد فيه؟؟ إن إيماننا ليس مجرد معتقد أو أدب بل هو التزام مُعاش وحياة بإلهنا الذي تجسد في التاريخ. وكلَّمنا في أنبيائه القديسين وظهر لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت بتجسده العجيب والمحيي... إن إيماننا ليس فرضيات لكنه واقع... ليس أفكاراً لكنه حدثٌ بدّل مجرى التاريخ عندما نظر الله لنا شيئاً أفضل. حتى لا نهمل خلاصاً كهذا مظهرين ثباتاً وأعمالاً وثماراً.إننا نصوم لاستقبال حضور الرب بالجسد وتأسيس كنيسته جسداً له عبر التاريخ. بعد أن كلم قديماً الأنبياء بأنواع وطرق شتى. كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة بإبنه الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح... إننا نتهيأ من جديد في هذا الصوم ليولد فينا ويحل بيننا. لم يُنزّل لنا الله كتاباً مُنزّلاً لكنه أعطانا ذاته لنغتني بفدائه وخلاصه ورحمته وعشرته وأسراره الثمينة والعجيبة.... نتعرف عليه ونتّحد به لأن هذه هي قيمة الحياة وكرامتها. عمانوئيل إلهنا الكائن في وسطنا بمجده ومجد أبيه والروح القدس.... وهو إلى الأبد معنا الآن وكل أوان وإلى دهر الأدهار حسب وعده لكنيسته. ففيها نلقاه ونحيا معه لأنه مُسكن المتوحدين في بيت واحد. صومنا ينبهنا إن الميلاد ليس مجرد قصة ولادة ملك ملوك الأرض كلها بل هو دفع جديد لاتحادنا والتصاقنا به اليوم وغداً فقصة الميلاد شيء هام. والميلاد كتجسد دائم الأهمية.... ميلاد الكلمة المتجسد هو خلاص وحوار وصلاة ولقاء وتجاوب مستمر. هو نطق وعقل لذلك نحن لا نتصارع مع العالم بل نتحاور ونجاوب عن سبب الرجاء الذي فينا اليوم وبلُغة اليوم (وأنتم من تقولون إني أنا) وسط عالم متمركز حول الإنسان. متمرد على كل ما هو إلهي وبعيد عن خبرة الروح.... بينما شخص المسيح يقلِّب القديم ويلتصق اسمه بالجديد والجدة والتجديد. لقد جاء (لتكون الحياة لنا أفضل) في جدة النور والفرح والحق والعدل والحرية والسلطة. وليكون الأصغر كالأكبر والمتقدم كمثل الخادم. وليكون اللص اليمين أعظم من بيلاطس. وبطرس الصياد أعظم من أفلاطون. ويوحنا المعمدان أعظم من هيرودس. وبولس أقوى من نيرون. لأنه جاء ليرفع البائس والمسكين والفقير والمُزدرَى من مزابل هذه الدنيا وترتيباتها الطبقية مؤسساً ملكوتاً لا يتزعزع. ملكوتاً لا يضم المستكبرين ولا الشتامين ولا الظالمين ولا القتلة والطماعين. ملكوتاً لا يعرف العداوة والتمييز والعنصرية والشر إن كنا نصوم لنُعيّد عيد الميلاد بمجيء الله إلى الإنسان إنما بالأحرى نعيّد بعودتنا إليه. لقد جاء إلينا فكيف نحن نأتي إليه؟!!! فصومنا هو إعلان عن رغبتنا بالرجوع والعودة إليه. فلنستقبله لأنه تجسد على أرضنا ليرفعنا كخليقة مستعادة. وهذا العيد يخصنا. لذلك لم تعد السنين والتاريخ لنا مجرد أرقام بل حياة مقدسة مرتبطة بالذي تجسد لأجل خلاصنا مسيحنا المولود هو صاحب العيد. وصومنا كي نستقبله ويولد في مذود قلوبنا. إنه سيد التاريخ والحياة كلها. ولا فرح أثمن من استقباله كأعظم زائر نستمد منه ينبوع حياتنا ليخمّر عجين العالم كله بالفرح والمسرة. لنُشرِّع أبوابنا لنستقبله كي يبيت ويتعشى ويقيم ويصنع عندنا منزلاً. فالمغارة التي وُلد فيها هي كنسته. والمذود هو هيكله ويوسف النجار والرعاة والمجوس هم طغماته (الكهنة والشمامسة والخدام والشعب) والعذراء مريم هي عرشه وهو قربان العالم كله. أسقف نفوسنا وراعيها. إذ ليست كنيسته مؤسسة بشرية لكنها السماء على الأرض. ليت الله يعطينا عيوناً روحية أبهى من عين الجسد حتى نمتلك عيناً لا تقوى خشبة الخطية على أن تسقط فيها. لنبصر مخلصنا المولود لأجل خلاصنا . القمص أثناسيوس چورچ كاهن كنيسة مارمينا – فلمنج - الاسكندرية
المزيد
13 ديسمبر 2018

الكتب المسماة بالرسائل المنسوبة للرسل:-

* الرسالة الثالثة إلى كورنثوس * الرسالة إلى لاودكية (باسم بولس) * رسالة تيطس المنحولة * الرسائل المتبادلة بين بولس والفيلسوف الروماني سينيكا الأصغر * رسالة يسوع المسيح إلى الملك أبجر ملك أوديسا * الرسالة الثالثة إلى كورنثوس:- وهي جزء أساسي من كتاب أعمال بولس الأبوكريفي، كما بينّا أعلاه. وفيها يذكر أن القديس بولس كان في السجن في فيلبي (ليس في زمن أعمال الرسل 16: 23، ولكن بعد ذلك بوقت). وكان سجنه بسبب تأثيره على ستراتونيس زوجة أبولوفانيس، فالكورنثيون الذين أزعجتهم هرطقة اثنين من المعلمين، أرسلوا خطابًا للقديس بولس يصفون له التعاليم الخبيثة التي تدعي أن الأنبياء لا قيمة لهم، وأن الله غير قادر على كل شيء، وأنه ليست هناك قيامة أجساد، وأن الإنسان لم يخلقه الله، وأن المسيح لم يأت في الجسد ولم يولد من مريم، وأن العالم ليس من صنع الله بل من صنع الملائكة. وقد حزن بولس كثيرًا بوصول هذه الرسالة، وفي ضيق شديد كتب الرد الذي فند فيه هذه الآراء الغنوسية التي ينادي بها معلمون كذبة. ومما يستلفت النظر أن هذه الرسالة التي تستشهد كثيرًا برسائل القديس بولس الكتابية. ولم تصل إلينا الصورة الأصلية للرسالة في اليونانية، ولكنها وصلتنا في نسخة قبطية (غير كاملة) ونسخة أرمينية ونسختين مترجمتين للاتينية (مشوهتين)، علاوة على تناولها في تفسير أفرايم (بالأرمينية). وقد فقدت النسخة السريانية (83). * الرسالة إلى لاودكية (باسم بولس):- وترجع إلى القرن الثاني (84) وهي عبارة عن مجموعة من الفقرات المأخوذة من رسائل بولس، وخاصة الرسالتان إلى فيلبي والي غلاطية. تقول عنها الوثيقة الموراتورية أن الماركيونيين زيفوا رسالتين، رسالة للاودوكيين ورسالة للأسكندريين، وأنهما مزيفتان ومرفوضتان. وقد زيفهما شيعة الماركيونيين باسم القديس بولس (85). وتبدأ هذه الرسالة المزيفة ببداية قريبة من بداية الرسالة على غلاطية: "بولس رسول لا من الناس ولا بإنسان بل بيسوع المسيح إلى الأخوة في لاودكية. نعمة لكم وسلام من الله الآب ومن ربنا يسوع المسيح". وتختم بقولها: "يسلم عليكم القديسون. نعمة الرب يسوع المسيح مع أرواحكم" وهي قريبة من خاتمة الرسالة إلى فيلبي. * رسالة تيطس المنحولة:- وتنسب لتيطس تلميذ بولس الرسول وقد اكتشفت لها مخطوطة لاتينية ترجع للقرن الثامن، وهي مترجمة عن اليونانية، ومتأثرة بالكتب الأبوكريفية الأخرى، ومليئة بالاقتباسات المباشرة من العهد الجديد والعهد القديم. تبدأ بالقول: "يقول الرب في الإنجيل..". وتختم بالنص التالي المأخوذ عن إنجيل متى وسفر الرؤيا: "يقول المسيح الرب.. سأعطيهم نجم الصبح الأبدي (رؤ28:2).. وأيضا سيهب الغالبين أن يلبسوا ملابس باهية ولن يحذف اسمهم من سفر الحياة. فهو يقول سأعترف بهم أمام أبي وملائكته، في السماء (مت22:20). لذلك مباركين أولئك الذين يثابرون إلى المنتهي، كما يقول الرب: من يغلب فسأعطيه أن يجلس علي يميني في عرشي، كما غلبت أنا وجلست عن يمين أبي في عرشه كل الدهور (رؤ21:3) من الأبد والي الأبد" (86). * الرسائل المتبادلة بين بولس والفيلسوف الروماني سينيكا الأصغر:- والتي تزعم أنه كان هناك حوار بين القديس بولس والفيلسوف الإيطالي سينيكا الذي كان معلمًا للإمبراطور نيرون وكانت منتشرة بين الإيطاليين في أدبهم العامي وقد ذكرها القديس أغسطينوس نقلًا عن القديس جيروم على أساس أن لها أصلًا عند العامة في ايطاليا. ولها مخطوطات كثيرة ابتداء من القرن التاسع. وهي مكتوبة بصيغة الرسائل المتبادلة بين القديس بولس والفيلسوف سينيكا يتناقشان فيها في الإيمان المسيحي ويقول العلماء أن الكاتب، خاصة في الرسالتين الأخيرتين من هذه الرسائل مبني على مشاهدة قديمة تقول: "أنه قد جاءه من بيت الإمبراطور الكثيرون ممن آمنوا بالرب يسوع المسيح وأن سعادة عظيمة وفرحًا كانا يزدادان يوميا بين المؤمنين، حتى أن عذاب الإمبراطور". وتقول أن سينكيا جادل فلاسفة الأوثان بعمل الروح القدس(87). * رسالة يسوع المسيح إلى الملك أبجر ملك أوديسا:- والتي كان أول من ذكرها هو المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري تفصيلا كالآتي (88): "لما ذاعت أنباء لاهوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في الخارج بين كل البشر بسبب قوته الصانعة العجائب جذب أشخاصًا لا حصر لهم من الممالك الأجنبية البعيدة عن اليهودية ممن كانوا يرجون الشفاء من أمراضهم ومن كل أنواع الآلام. فمثلا الملك أبجار الذي حكم الأمم التي وراء نهر الفرات بمجد عظيم – إذ أصيب بمرض مروع عجزت عن شفائه كل حكمة بشرية، وسمع باسم يسوع ومعجزاته التي شهد بها الجميع بلا استثناء، أرسل إليه رسالة مع مخصوص، ورجاه أن يشفيه من مرضه". ثم يقول لنا أن الرب يسوع المسيح بعد قيامته أرشد بالوحي تلميذه توما الذي أرسل تداوس أحد الرسل السبعين فبشر بالمسيح في أديسا وشفاه. فأرسل أبجار رسالة للمسيح يشكره فيها على شفائه له جاء فيها: "وإذ سمعت كل هذه الأمور عنك استنتجت انه لابد أن يكون احد الأمرين صحيحا، أما أن تكون أنت الله، وإذ نزلت من السماء تصنع هذه الأمور، أو تكون أنت ابن الله إذ تصنع هذه الأمور". فأجابه المسيح برسالة يقول له فيها: "طوباك يا من أمنت بي دون أن تراني. لأنه مكتوب عني أن الذين رأوني لا يؤمنون بي أما الذين لم يروني فيؤمنون بي ويخلصون. أما بخصوص ما كتبت إلي عنه لكي آتي إليك فيلزمني أن أتم هنا كل الأشياء التي من أجلها أرسلت، وبعد تمامها أصعد ثانية إلى من أرسلني. ولكنني بعد صعودي أرسل إليك أحد تلاميذي ليشفيك من مرضك ويعطي حياة لك ولمن لك". وبالرغم من أن يوسابيوس يؤكد أنه استمد هذه القصة من سجلات أوديسا إلا أن كل من أغسطينوس وجيروم يؤكدان أن الرب يسوع المسيح لم يكتب أي شيء ويرى معظم العلماء الحاليين أنها منحولة والكنيسة لا تتمسك بشيء لم تثبت صحته وترى أنها من ضمن الأدب الأبوكريفي المنحول. كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد من كتاب هل هناك أسفار مفقودة من الكتاب المقدس؟
المزيد
12 ديسمبر 2018

الصلاح والإصلاح ينبغي أن ينبعا من الداخل

الحياة الروحية ليست مجرد ممارسات تعبدية تعمل بالجسد‏.‏ إنما المقياس الروحي لها‏,‏ يتوقف علي روحانية الإنسان من الداخل‏,‏ ومن حيث دوافعه ونياته ومشاعر قلبه وحالة فكره‏.‏ وقد رفض الرب كل عبادة تقدم إليه دون أن تكون نابعة من قلب نقي‏.‏ وقال عن اليهود في العهد القديم‏ هذا الشعب يكرمني بشفتيه. وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا! إذن الفضائل تبدأ في القلب, ومن القلب تخرج, وتظهر في الأعمال الفاضلة. ولكن كل عمل فاضل, لا علاقة له بالقلب, لا يحسب فضيلة علي الإطلاق كما أن الفضيلة التي لا تتأسس علي محبة القلب لها, لن تبقي ولا تستمر. وسنضرب بعض أمثلة فتاة مثلا: سمعت عظة عن الحشمة والأزياء والزينة. فتأثرت بها, وبدأ يتغير مظهرها الخارجي. ولكنها من الداخل لم تتغير! ولم تتأسس في داخلها العفة الحقيقية.. هذه قد لا تستمر في مظهرية هذه( الحشمة) التي لم تنبع من قلبها. وقد تعود! العفة في جوهرها هي احترام المرأة لجسدها, وعدم عرضه علي الغير كوسيلة لإغرائهم وتحريك الشهوة فيهم. والعفة أيضا هي لون من الخشية أمام الله.. وإن كنت أقول هذا للفتاة العادية, فماذا أقول إذن للممثلات المحترفات لتمثيل أدوار الإغراء؟! علي كل هؤلاء أن يفكرن داخل أنفسهن عن مصيرهن جميعا في الأبدية من جهة سقوطهن ومن أسقطنه من الرجال. شخص آخر يقع في الغضب والنرفزة. ودائما يضج ويثور ويعلو صوته, ويفقد أعصابه, ويفقد من يثور عليهم. هل من المعقول أن يقول مثل هذا الشخص: سوف أدرب نفسي علي هدوء الصوت وهدوء الحركات. ويبدو هادئا من الخارج لفترة, بينما يكون قلبه من الداخل في أتون من نار مشتعلا غضبا؟! كلا, بل عليه أن يبحث عن أصول النرفزة والغضب في داخله, ويعالجها.. ربما يكون السبب هو كبرياء داخلية لا تحتمل كلمة معارضة, أو كلمة توجيه أو نقد, مع محبته للكرامة والمديح, أو قد يكون سبب غضبه, هو أنه يريد تنفيذ رأيه أيا كان أو تنفيذ رغباته. أو قد يكون سبب الغضب هو كراهيته لمن يصطدم به, فأصبح لا يحتمل منه شيئا, بل قد لا يحتمل مجرد رؤيته, فيثور أيا كان السبب, عليه أن يعالجه داخل نفسه أولا. لأن مجرد الظهور بهدوء خارجي لا ينفع, بل عليه أن يكتسب في داخله فضائل الاحتمال والوداعة ومحبة الآخرين, ولوم نفسه بدلا من لوم غيره, حينئذ ينجح في روحياته. مثال آخر: مريض ارتفعت درجة حرارته: أيمكنك معالجته بكمادات من الثلج, أو ببعض مخفضات الحرارة؟! أم الأصح هو البحث عن السبب الداخلي الذي أدي إلي ارتفاع درجة الحرارة ومعالجته؟ ربما كان السبب التهابا في اللوز, أو بؤرة صديدية في أحد أعضاء الجسم من الداخل, أو غير ذلك, وإن عرفنا السبب الحقيقي, حينئذ يمكن العلاج علي أساس سليم. يا إخوتي, لا يمكن إصلاحكم لأنفسكم مجرد إصلاح خارجي هناك أيضا من يفكر أن يحيا حياة نقية مع الله في ظروف خاصة, أو في مناسبة معينة. فقد يكون تحت تأثير مؤقت يحدث, أو عظة عميقة قد سمعها أو قراءة روحية تركت فيه أثرًا شديدًا. أو نتيجة لمشكلة حاقت به, فقال: إن أنقذتني يا رب, فسوف أتبعك كل حياتي. وأنقذه الله, فتبعه. ولكن ما إن يزول هذا المؤثر الخارجي, حتى يرجع كما كان.. وكذلك من يصمم أن يحيا حياة جديدة بمناسبة عام جديد في حياته, أو أي مناسبة أخري مفرحة إن التدين عند أمثال هؤلاء هو تدين مناسبات, وليس عن إيمان حقيقي وعمق في حياة الفضيلة. هو مجرد تأثرات خارجية, وانفعالات تزول بعد حين.. إذن لكي يثبت الإنسان في حياة البر, وفي علاقة دائمة مع الله, ينبغي أن يبني بره علي أساس داخل القلب وأحيانا يظن بعض رجال المجتمع أن الإصلاح قد يأتي عن طريق العقوبة. ولكن العقوبة هي عامل خارجي, ولا تصلح مع كل الحالات ولا مع كل مراحل السن. حتى السجن مثلا الذين يقولون عنه إنه: تدريب وتهذيب وإصلاح. نقول نعم من جهة التأديب أما من جهة التهذيب والإصلاح, فأمر مشكوك فيه. فقد يكون الإصلاح بالنسبة إلي الآخرين الذين يخافون نفس المصير. أما بالنسبة للسجين, فنادرًا ما يستفيد من السجن تهذيبًا وإصلاحًا. علي العكس قد يمتلئ قلبه بالحقد علي من تسببوا في سجنه, وعلي القسوة التي عومل بها. ويمتلئ بالسخط من جهة سمعته, وما هو فيه من ضيق, وما ينتظره بعد الخروج من السجن. أين هو الإصلاح إذن؟! لا يوجد إصلاح إلا الذي ينبع من القلب اهتموا إذن جميعًا بأن تبنوا حياتكم الروحية من الداخل, من عمق القلب في صلته مع الله. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
11 ديسمبر 2018

الصوم في كنيستنا القبطية

تعتبر كنيستنا القبطية أن الأصوام في الكنيسة هي زمان للتوبة، فكثيرًا ما نجلس وسط الكتب وننشغل بالقراءات في المجالات المختلفة، وكثيرًا ما نشارك في الاجتماعات، وقد ننشغل بالكثير من الخدمات والدراسات، لكنها جميعًا كوسائط روحية تتضاءل أمام عمل التوبة في حياتنا الروحية. فالتوبة هي احتياج دائم للإنسان الروحي، فهي ليست فعلًا في طريق الحياة، لكنها حياة وفعل دائم يتجدد في حياتنا كل يوم. لذلك كانت التوبة هي نداء كل أنبياء العهد القديم، كما كانت رسالة يوحنا المعمدان النبي السابق للرب يسوع، وكانت أيضًا نداء الرب يسوع للشعب «توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات» (مت3: 2). كذلك كانت التوبة هي رسالة كل الآباء الرسل «توبوا وليعتمد كل منكم عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا» (أع2: 38)، وكل الخدام في الكنيسة على مر السنين. لذلك فالكنيسة تعلّمنا أن نقدم توبةً كل يوم، ونسعي نحو تجديد عهودنا مع الله في كل صلاة وكل تسبيح، ونكتشف في كل تعليم دعوة الله لنا للتوبة. وتعتبر الكنيسة أن الصوم هو زمان لتجديد التوبة.والتوبة في طقس الكنيسة القبطية هي سر يسبق جميع أسرار الكنيسة، فهي تسبق الاعتراف والتناول ومسحة المرضى، وأيضًا سر الزيجة إذ كان الطقس يتم مسبقًا مصاحبًا لصلوات القداس الإلهي. وهي أيضًا شرط أساسي لسر المعمودية عند تعميد الكبار. فالتوبة هي تعزية الإنسان طوال مدة غربته على الأرض، لذلك يُحكى أن القديس أغسطينوس كانت لذّته في نهاية حياته هي ترديد مزامير التوبة.والتوبة في أبسط تعاريفها هي المحبة الحقيقية لله وكراهية كل ما يحزنه، ومحبة الله الحقيقية هي أن نطرد كل خطية محبوبة من القلب، وننتبه للخطايا التي تأتي لنا في ثياب برّاقة، فتحترس من كل طريق للكسب غير المشروع، وكل علاقة محبة غير نقية أو غير شرعية، ومن متابعة للمواد الإعلامية الغير أمينة أو متابعة مواقع الإنترنت الغير طاهرة.. الخ، ونتحفظ من الخطايا التي قد تبدأ بنيّة حسنة، ثم تقودنا في طريق الخطية المحزن. فالخطية تقودنا إلى طرق مؤلمة، وتفقدنا كل ما اكتسبناه من البر والنقاوة، وتفقدنا فرحنا وبهجتنا بالقرب من الله، لذلك على الإنسان أن يفكر دائمًا فيما تصنعه الخطية داخله، فالعالم بكل ما فيه من تسليات مملة وراحات متعبة لا يمكنه أن يسعد قلب الإنسان، فالتائب وحده يستطيع أن يختبر معنى الراحة والفرح الداخلي، ويستطيع أن يحيا مستعدًا للحياة الأبدية، وهذه هي بركات التوبة.وفي مفهوم كنيستنا القبطية فإن التوبة تحتاج إلى جهاد حتى الدم، في أصوام وصلوات وميطانيات، وفي محاولات لضبط رغبات الجسد وشهواته الغير مضبوطة. فلا يستطيع الإنسان أن يقتني نقاوة القلب أو التسامح أو المحبة للآخرين دون جهاد طويل مع النفس. لكننا نؤمن أيضًا أن الإنسان في جهاده يحتاج بلا شك إلى معونة النعمة الإلهية، ولكن النعمة لا تُمنَح للإنسان الكسول، لذلك لابد من الجهاد والرغبة الأمينة لنوال معونة الله ونعمته. فنحن نحتاج أن نقطع كل شهوة شريرة، وكل أهواء ردية، وهذا قد يحتاج إلى بعض الألم، فنحتاج أن نتجنّب بعض العلاقات المحبوبة، ونحتاج أن نتنازل عن بعض المسرّات التي تبدو مبهجة، وهكذا فعل القديس أغسطينوس عندما قطع علاقاته العاطفية القديمة قبل توبته نهائيًا، لذلك تصلي الكنيسة في تحليل نصف الليل "اقطع عنا كل الأسباب التي تسوقنا إلى الخطية".وفي طريق التوبة لنحترس دومًا من أمور قد تعطّل توبتنا، لنحترس من روح اليأس التي تُفقد الإنسان رجاءه في العودة إلى الآب السماوي، فمهما كانت خطايانا نحتاج أن نثق أن الله قادر أن يجدّد حياتنا. ولنحترس أيضًا من فكرة تأجيل التوبة فننشغل بأمور كثيرة قد تعطلنا، بل لنكن دائمًا مستعدين أن نقول مع الابن الشاطر «اقوم الآن وأذهب إلى أبي» (لو15).لتكن أيام الصوم في حياتنا هي دعوة للتوبة. وتسابيح الكنيسة طوال شهر كيهك هي دعوة للتوبة. وحضور القداسات والخدمات الروحية هو دعوة للتوبة. والتقدم من الأسرار المحيية دعوة للتوبة. وكذلك لتكن كل قراءاتك هي دعوة للتوبة.. فهذا هو قصد الله وقصد الكنيسة من فترة الصوم.. لنستقبل الرب يسوع طفل المذود في قلوب نقية. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
10 ديسمبر 2018

الرب يسوع يُشارك في خدمة التسبيح

نستطيع أن نتوقع أن ربنا يسوع المسيح نفسه قد اشترك في ترنيم المزامير داخل الهيكل، وفي المجامع أيام السبت حسب الترتيب المستقر وقتها هذا الأمر بدأ منذ طفولة الرب يسوع "وكانَ أبَواهُ يَذهَبانِ كُلَّ سنَةٍ إلَى أورُشَليمَ في عيدِ الفِصحِ" (لو41:2)، واستمر بعد ذلك وهذا يتضح من بقائه في الهيكل في سن 12 سنة "وبَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ وجَداهُ في الهيكلِ، جالِسًا في وسطِ المُعَلمينَ، يَسمَعُهُمْ ويَسألُهُمْ" (لو46:2) ويتضح أيضًا من مواظبة السيد المسيح على المجمع في أيام السبوت "وجاءَ إلَى النّاصِرَةِ حَيثُ كانَ قد ترَبَّى ودَخَلَ المَجمَعَ حَسَبَ عادَتِهِ يومَ السَّبتِ وقامَ ليَقرأَ" (لو16:4) لقد كان الرب يسوع مُشاركًا في كل العبادة، لأنه بتجسده كان لا بد له أن يُمارس كل ما يختص بنا كإنسان كامل وقد شرح الرب يسوع ذلك في قوله ليوحنا المعمدان: "لأنَّهُ هكَذَا يَليقُ بنا أنْ نُكَملَ كُلَّ بِرٍّ" (مت15:3)وقد شارك أيضًا تلاميذ الرب يسوع في خدمة التسبيح بالهيكل وهذا واضح في التسبيح الذي قدَّمه تلاميذه الأطهار عند دخوله أورشليم "ولَمّا قَرُبَ عِندَ مُنحَدَرِ جَبَلِ الزَّيتونِ، ابتَدأَ كُلُّ جُمهورِ التلاميذِ يَفرَحونَ ويُسَبحونَ اللهَ بصوتٍ عظيمٍ، لأجلِ جميعِ القوّاتِ التي نَظَروا" (لو37:19) وكذلك في ليلة آلام السيد المسيح حيث قيل: "ثُمَّ سبَّحوا وخرجوا إلَى جَبَلِ الزَّيتونِ" (مت30:26) ويغلب الظن أنهم سبَّحوا بـ "مزامير التهليل" حسب عادة اليهود في مثل هذا العيد، وهي (المزامير 112 - 118). (1) وصف لروحانية أيام السيد المسيح على الأرض يُمكن أن نقول إن التسبيح وخدمة الهيكل والذبائح كانت قد وصلت إلى قمم عالية وقت تجسد الله فكان الهيكل يعُج دائمًا بالمصلين، وكانت مواعيد الأعياد والصلوات والذبائح تُتمم بكل تدقيق وحرص، كما يظهر في قصة زكريا: "فبَينَما هو يَكهَنُ في نَوْبَةِ فِرقَتِهِ أمامَ اللهِ، حَسَبَ عادَةِ الكَهَنوتِ، أصابَتهُ القُرعَةُ أنْ يَدخُلَ إلَى هيكلِ الرَّب ويُبَخرَ" (لو8:1-9)، مما يدل على انتظام الفرق والنوبات والعوائد الكهنوتية والدخول للهيكل والتبخير كانت هناك أيضًا فئات كثيرة من الشعب حريصة على إتمام الواجبات الدينية مثل الفريسيين والصدوقيين والكتبة وإن اتسمت عبادتهم بالحرفية وغياب الروحانية، ولكن مع ذلك يذكر العهد الجديد العديد من الشخصيات المباركة التي مارست العبادة بروحانية وتقوى مما يدل على الأثر القوي لذبيحة التسبيح على حياتهم وروحانيتهم ومن هؤلاء مثلاً: زكريا الكاهن وامرأته أليصابات اللذان شهد عنهما الإنجيل "وكانا كِلاهُما بارَّينِ أمامَ اللهِ، سالِكَينِ في جميعِ وصايا الرَّب وأحكامِهِ بلا لومٍ" (لو6:1) ولم يكونا هما فقط بل قيل أيضًا: إن جمهورًا كثيرًا من الشعب كان يصلي ففي قصة ظهور الملاك لزكريا قيل: "وكانَ كُلُّ جُمهورِ الشَّعبِ يُصَلّونَ خارِجًا وقتَ البَخورِ" (لو10:1)، وقد فهم الشعب بكل حِس روحي دقيق أن زكريا قد رأى رؤيا في الهيكل لأنه كان صامتًا بعد خروجه من الهيكل (راجع لو22:1). (2) شخصيات روحانية بارزة عاصرت التجسد الإلهي إنه جيل عظيم أنجب زكريا وأليصابات، وأنجب يوحنا أعظم مواليد النساء، بل وأنجب سيدة كل البنات العذراء القديسة مريم من والديْن تقيين أيضًا وهما يواقيم وحنة وهذا الجيل أيضًا أنتج لنا كل الآباء الرسل الأطهار، وكل الجيل الأول للمسيحيين قبل دخول الأمم في الإيمان حقًا لقد صلبوا رب المجد، ولكن في وسط ذلك الجيل المعوج والملتوي كانت هناك أنوار تضيء بينهم في العالم (راجع فيلبي15:2) وأعتقد أن الفضل في ذلك يرجع إلى تهذيبهم روحيًا من خلال ذبيحة التسبيح والصلاة بالهيكل لقد كانت معظم تسبحة "العذراء مريم" مأخوذة من كلمات المزامير والتسابيح الموجودة بالهيكل مما يدل على شِبعها بهذه الروح الكنسية العميقة بسبب تواجدها الدائم بالهيكل قبل أن يأخذها الشيخ يوسف النجار إلى منزله وكذلك تسبحة "زكريا" بعد ولادة يوحنا المعمدان امتلأت بتعابير من المزامير والتسابيح، والتسبحة التي فاه بها سمعان الشيخ تدل على روحانية سامية في تأليف التسبيح الكنسي كذلك قيل عن "حنة النبية" بنت فنوئيل إنها كانت "وهي أرمَلَةٌ نَحوَ أربَعٍ وثَمانينَ سنَةً، لا تُفارِقُ الهيكلَ، عابِدَةً بأصوامٍ وطَلِباتٍ ليلاً ونهارًا فهي في تِلكَ السّاعَةِ وقَفَتْ تُسَبحُ الرَّبَّ، وتكلَّمَتْ عنهُ مع جميعِ المُنتَظِرينَ فِداءً في أورُشَليمَ" (لو37:2-38) إنني أتعجب من هذه الروحانية السامية فهذه امرأة تعيش في الهيكل 84 سنة، وعندها روح النبوة، وتتوقع مع كثيرين من سكان أورشليم فداءً عتيدًا أن يحدث قريبًا حسب النبوات لذلك تقف في استقبال الطفل يسوع تُسِّبحه وتُمجد خلاص الله!!!من الظلم أن نعتبر كل الجيل الذي ظهر فيه السيد المسيح جيلاً شريرًا لأنهم صلبوه، ولكن دعونا نرى هذه الأنوار التي تدل على الروحانية السامية في بعض الأشخاص المعاصرين لهذا الجيل. لقد قيل أيضًا عن "يوسف الرامي" إنه: "كانَ هو أيضًا مُنتَظِرًا ملكوتَ اللهِ" (مر43:15). و"شاول الطرسوسي" بالرغم من أنه كان يضطهد المسيحيين، لكنه كان يفعل ذلك بجهل كأنه يقدم خدمة لله حسب قول السيد المسيح: "بل تأتي ساعَةٌ فيها يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقتُلُكُمْ أنَّهُ يُقَدمُ خِدمَةً للهِ" (يو2:16)، وقد اعترف بذلك القديس بولس الرسول قائلاً: "أنا الذي كُنتُ قَبلاً مُجَدفًا ومُضطَهِدًا ومُفتَريًا ولكنني رُحِمتُ، لأني فعَلتُ بجَهلٍ في عَدَمِ إيمانٍ" (1تي13:1)، وطفوليته كانت مليئة بمعرفة الله، كما شهد هو بنفسه "فسيرَتي منذُ حَداثَتي التي مِنَ البُداءَةِ كانَتْ بَينَ أُمَّتي في أورُشَليمَ يَعرِفُها جميعُ اليَهودِ، عالِمينَ بي مِنَ الأوَّلِ، إنْ أرادوا أنْ يَشهَدوا، أني حَسَبَ مَذهَبِ عِبادَتِنا الأضيَقِ عِشتُ فريسيًّا" (أع4:26-5) وإن كانت روحانياته بطريقة فريسية متشددة، لكنها على كل الأحوال تدل على اهتمام روحي وانشغال بالأمور الدينية بطريقة تناسب الفكر اليهودي الحرفي، ويشهد القديس بولس أيضًا أن الأسباط جميعًا كانوا في حالة روحية عالية توقعًا لمجيء المسيح "الذي أسباطُنا الاثنا عشَرَ يَرجونَ نَوالهُ، عابِدينَ بالجَهدِ ليلاً ونهارًا" (أع7:26) وعائلات كثيرة كانت تتوارث الإيمان والتقوى والعبادة الروحانية مثل عائلة تيموثاوس الرسول فقد كان أيضًا من الشخصيات المباركة في هذا الجيل: جدة تيموثاوس (لوئيس)، وأمه (أفنيكي) "إذ أتذَكَّرُ الإيمانَ العَديمَ الرياءِ الذي فيكَ، الذي سكَنَ أوَّلاً في جَدَّتِكَ لوئيسَ وأُمكَ أفنيكي، ولكني موقِنٌ أنَّهُ فيكَ أيضًا" (2تي5:1) كل هذه الشخصيات الروحانية المباركة المعاصرة لوقت تجسد كلمة الله تدل على المستوى الروحي الراقي الذي كانوا يتمتعون به وتُشير إلى ارتفاع قيمة العبادة والتسبيح عند الشعب. نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
09 ديسمبر 2018

إختبار قيادة الله لحياتى

إنجيل هذا الصباح المبارك يا أحبائي فصل من بشارة معلمنا لوقا إصحاح " 6 " يقول لهم مَثَل{ هل يقدر -أعمى أن يقود أعمى أما يسقط الاثنان في حفرة } ( لو 6 : 39 ) . 1- القدوة :- هذا الكلام يخاطبهم به الرب يسوع ويُوجهه إلى الأمة اليهودية وإلى الذين يعيشون في عصر هذه الأمة ورأى أن الناس يتعلموا على أيدي معلمي اليهود ويرى أيضاً أن اليهود يمشون في طريق كله رياء وكله مظهرية وكله شكلية إذاً الجيل الذي يتعلم ماذا سيتعلم ؟ يقول لهم هذا " أعمى يقود أعمى " بهذه الطريقة الإثنين يقعون في حفرة ماذا تريد أن تقول يا ربي يسوع المسيح ؟ في الحقيقة يريد الرب أن يقول كلمة ولكنه يريد أنهم هم الذين يستنتجونها ماذا يقول ؟ يريد أن يقول تعلموا مني ( مت 11 : 29 ) لأنه يقول لهم " أن أعمى يقود أعمى كلاهما يسقطان في حفرة "وهنا يقول حينما إنسان يُعلِّم إنسان ويكون كله نقائص كيف يُعلمه ؟ { لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها } ( لو 6 : 41 ) " القذى " هي جزء من خشبة القذى هي التي يقول عليها إنها السِّلاية يريد أن يقول أن الأمة اليهودية وهي تُعلم الناس تُكلمهم على السِّلاية التي في أعينهم في حين أنهم في أعينهم خشبة ربنا يسوع المسيح يريد أن يقول تعلموا مني وفي نفس الوقت يريد أن يقول حينما تتعلموا من شخص يكون بلا عيب لا يكون في عينه خشبة من هو الذي ليس بعينه خشبة ؟ لا يوجد أحد سواه ربنا يسوع المسيح يا أحبائي يريد أن ننصت إليه هو يريدنا أن نتعلم منه هو مصدر معرفتنا هو نموذجنا يقول لنا { تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته } ( 1بط 2 : 21 ) ترك لنا الإنجيل ترك لنا شخصه ترك لنا تعاليمه ترك لنا سلوكه أحياناً أحبائي الإنسان يمشي وراء تعليم غريب وأحياناً الإنسان يضع لنفسه تعاليم ليسلك بها وأحياناً الإنسان يتبع أي اتجاه ربنا يسوع يقول لك " أعمى يقود أعمى " إحذر من المفترض أن أكون عيني عليه هو قائد حياتي من المفترض إني أمشي وراء كلامه هو أمشي وراء تعاليمه هو { سراج لرجلي كلامك } ( مز 119 : 105) أنا أمشي وراء كلمتك معلمنا بطرس الرسول قال له { على كلمتك أُلقي الشبكة } ( لو 5 : 5 ) أنا أرى كلامك وأمشي وراءه جميل أن الإنسان أحبائي يعرف من هو قائده جميل الإنسان الذي يعلم يُطيع من ويسلك بحسب قانون من نحن ؟ لنا قانون إلهي قانون سماوي الكنيسة تقول لربنا يسوع المسيح { إننا لا نعرف آخر سواك }أنت قائدنا . 2- المشورة الصالحة :- جميل اختبار الإنسان حينما يختبر قيادة الله في حياته لا يعمل أي شئ بدون أن يصلي حينما يقع في تجربة يصوم عندما يريد معرفة مشورة ربنا يقرأ في الإنجيل جميل الإنسان الذي يلتمس مشورة ربنا في حياته بكثرة السجود وكثرة الأصوام وكثرة الصلوات جميل الإنسان المتحير في أمر معين في حياته يقول سوف أحضر عدة قداسات وأسمع الإنجيل من فم الكنيسة وأرى ماذا سوف تقول لي الكنيسة جميل الإنسان الذي يضع ورقة على المذبح ويقول له يارب أنت تقودني أنت تخاطبني أنت ترشدني كثيراً ما نسمع في سنكسار الكنيسة يقول لك أنه كان يوجد قديس يريد أن يعرف مشورة ربنا في أمرٍ ما يقول لك " فأتى إلى الكنيسة وسمع ما استراح إليه قلبه " جميل الإنسان الذي يضع ورقة على المذبح ويحضر القداس بروح تضرع ويقول له يارب ارشدني أنا لا أعرف لنا ثقة أحبائي أن المذبح ناطق سمائي " ناطق " تعني أنه يتكلم المذبح ليس مجرد حجرالمذبح يعني ذبيحة والذبيحة ذبيحة حية جميل الإنسان الذي لا يلتمس مشورة خارج الله ولا يلتمس فكرة يشك فيها إلا عندما يتأكد أنها تأتي إليه من عند مصدر المشورة الصالحة هو ربنا يسوع المسيح هو المُعلم الصالح . 3- قيادة الله لشعبه :- الله أحبائي درب شعبه منذ القديم على أنه هو القائد تجد ربنا يقول لأبونا إبراهيم { اذهب من أرضك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك } ( تك 12 : 1 ) إلى أين تذهب يا بونا إبراهيم ؟ أنت معك أُناس كثيرين ومعك غنم ومعك بقر ومعك غلمان ذاهب بهم إلى أين ؟ تعال نسأل أبونا إبراهيم ذاهب إلى أين ؟ يقول لك أكذب عليك لو إني أعرف ذاهب إلى أين إلى أين أنت ذاهب بنا ؟ أنا أمشي وراء إلهي لأنه عوِّد الشعب في البرية أنهم يسلكون وراءه يعطيهم عمود نار في الليل وعمود سحاب في النهار يقول لك عندما يرتفع العمود يرتحلوا وعندما يستقر يستقروا عندما يظهر يقوموا بتحضير العِدة ويمشون وعندما يرتفع العمود يرتحلون وعندما لا يظهر العمود يظلوا مستقرين في مكانهم كم من الأيام يوم أو اثنين أو ثلاثة ؟ لا نعلم واحد يذهب لموسى النبي يقول له أنت قائدنا كم من الأيام نكون مستقرين ؟ تخيل أن موسى النبي قائد الشعب يقول له صدقني أنا لا أعرف كم من الأيام نكون مستقرين يقول له إذا كان رئيسنا لا يعلم كم يوم نكون هنا !! يقول له أنا لا أعلم كم يوم نكون مستقرين أنا لا أقدر أن أحدد لك كم يوم يمكن أن نمشي الآن ويمكن أن نمشي غداً ويمكن أن نمشي بعد سنة أنا لا أعلم كم يوم الله كان يريد أن يدربهم أنه هو القائد الفعلي لهم جميعاً من قائدهم ومن كبيرهم إلى صغيرهم ما رأيك أن تختبر هذا الإختبار في حياتك ؟!! ما رأيك فعلاً أن تقول { لأننا لا نعرف آخر سواك } . 4- إلتماس قيادة الله لحياتي :- جميل جداً عندما كان الشعب يقع في ضيقة ويصرخوا إلى ربنا لكي يقولوا له ماذا نفعل ما أجمل عندما يقولوا له { نحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك أعيننا } ( 2أخ 20 : 12) لا نعلم ماذا نفعل عيوننا نحوك نحوك أعيننا هو القائد إلتمس قيادة الله لحياتك إلتمس أن تسلك بحسب مشورته إلتمس رأيه من الإنجيل يقول له { تهديني يدك وتمسكني يمينك } ( مز 139 : 10) حقاً يارب إني أمتلك عقل وحقاً أمتلك حرية لكني سأُقدم لك عقلي وسأقدم لك حريتي وسأقدم لك كل ما ليَّ لكي ما تقودني أنت ما أجمل الكلمة التي نقولها في القداس { أُقدم لك يا سيدي مشورة حريتي } أنا أضعها في يديك أنت أنا عندي أمنيات وعندي طموحات وعندي أفكار وعندي اشتياقات كثيرة لكن كل هذا سأضعه في يديك لأجل هذا أحبائي ربنا يريد أن يقول لك إحذر من تسليم نفسك لأعمى واحذر من تسليم نفسك لنفسك واحذر من تسليم نفسك للظروف واحذر من تسليم نفسك للمجتمع إحذر أن تمشي بلا هدف يقول لك خلي بالك هنا يقول لهم " هل يستطيع أعمى أن يقود أعمى "إلتمس قيادة الله في حياتك إختبره كل يوم ما أجمل ما يُقال عن تلاميذ رب المجد يسوع عندما يقول { كانوا معاً }( أع 2 : 44 ) كانوا معه ذاهبين إلى أي مكان ؟ لا يعلموا وكم يوم يمكثون في هذا المكان ؟ لا يعلموا وما هو مكان إقامتنا في هذه الليلة ؟ لا يعلموا كانوا معاً لأجل هذا معلمنا بولس الرسول يقول { شكراً لله الذي يقودنا في موكب نُصرتهِ } ( 2كو 2 : 14) هو يمشي ونحن نمشي وراءه ودائماً عيوننا عليه فنحن دائماً في أمان وحيث إني عيني عليه نكون في أمان وحيث إني عيني تراقبه حيث إني عيني تاخد بالها منه أكون في أمان أنا أمشي صح حاول عينك لا تنزل من على شخصه حاول أن لا تشعر أبداً أنك واثق من نفسك وتعلم الطريق – أبداً – إلتمس مشورته باستمرار حتى لو شعرت بفكرة تبدو أنها صحيحة يقول لك " توجد طرق تبدو أنها مستقيمة "( أم 14 : 12) – تبدو – . 5- إحتياجي إلى الله :- القديس أبو مقار أتت له فكرة أنه يتوحد في الجبل أتت له فكرة أن يختبر الآباء السواح وهو رجل ذو قامة عالية أبو مقار رجل ليس بقليل لا نقدر أن نقول أنه أقل من السواح يقول لك عندما أتت له هذه الفكرة خاف أن تكون هذه الفكرة من عقله أو من فِكره البشري خاف أن تكون هذه الفكرة هي تشبُّع بسيرة أحد ويريد أن يُشابهه ويريد أن يتأكد هل هذه من ربنا أم ليست من ربنا يقول لك أن القديس أبو مقار إختبر هذه الفكرة لمدة ثلاثة سنوات ثلاثة سنوات يختبر هذه الفكرة هل يدخل إلى البرية الداخلية ويجرب يارب هل هذه الفكرة من عندك أم ليست منك ؟ أعطيني لها سلام أنا سأستمر في الصلاة جميل إني ألتمس من خلال إحتياجاتي الشخصية إحتياجي إلى الله وأحوِّل إحتياجاتي إلى إحتياج إلى الله جميل قبل التقدم إلى أي خطوة في حياتي أن أحتاج إلى بركته أحتاج إلى كلمته أحتاج إلى صوته أحتاج إلى إني أعرف هذا الأمر منه ولاَّ مني أعمى يقود أعمى ربنا يريد أن يضمن لنا الحياة المستقيمة يريد أن يضمن لنا حياة بحسب قصده يريد أن يضمن لنا أننا نمشي في الطريق الذي يمشي فيه جميل الإنسان الذي يسأل نفسه باستمرار إختبار قيادة الله لحياتي إختبار إنه هو في مراعي خُضر يربضني هو الذي يأخذني ويجلسني ويقول لي أنت هنا تأكل وهنا تجلس هنا تمشي هنا تبيت هنا تنام هنا تسلك هنا تعمل جميل أحبائي قبل اتخاذ أي قرار في حياتي سواء شُغل أو سفر أو إرتباط أن ألتمس مشورة ربنا جميل إني أنا حتى في إسلوب تربيتي لأولادي أصلي أقول له يارب ارشدني كيف أتعامل مع هذا الموقف ؟ جميل أننل نتعود كلنا كبيت عندما يكون عندنا أمر محتاجين فيه أن نسمع صوت ربنا نقرأ الإنجيل مع بعض نصلي مع بعض نحضر القداس مع بعض نريد نطمئن أننا نمشي بحسب قصده هو بحسب إرادته هو يقولك " أعمى يقود أعمى " . 6- المشورة الخاطئة :- أحياناً واحد أحبائي يلتمس مشورة حياته للأسف من أعمى واحد يكون لا يسلك بحسب الله لا يسلك بحسب الوصية أريد أن أسمع كلامه وآخذ كلامه كمُسلِمات واحد يكون في حياته مشكلة يجد واحد يقول له تعال أذهب بك إلى واحد يعرف أن يحل لك المشكلة يُفاجأ أن هذا الرجل بتاع سحر وبتاع دَجَل يقول لك إحذر سيحدث كذا ويحدث كذا أعمى يقود أعمى نجد هذا الشخص دخل في متاهه يقول لك قال لي إني معمول لي كذا عمل وابتدى يعيش في اضطراب ويعيش في قلق ويعيش في خوف أعمى يقود أعمى هو سلِّم نفسه لفكرة عمياء وسلِّم نفسه لإنسان أعمى أنت محتاج أن تلتمس مشورة الله من داخل قلبك ومشورة الله تملأك سلام حتى لو كان طريقها صعب لو طريقها صعب فإنك مملوء سلام من ناحيتها وممكن المشورة التي للأعمى هذا يكون طريقها سهل لكنك مملوء اضطراب أقول لك من علامات طريق ربنا إنك تكون فرحان وتكون في سلام وتكون مطمئن حتى لو كان الباب ضيق أعمى يقود أعمى . 7- أقدم أفكاري لك :- تأكد في كل خطوة من خطوات حياتك إنك تسلك بحسب إرادة الله جميل إني لا أثق في مشورة نفسي وأضع فكري أمام ربنا وأطلب منه هل هذه الفكرة من عندك أم لا ؟ جميل إني أقول لربنا العبارة التي نصليها في الأجبية " يارب لا تتركني ومشورة نفسي لأنك أنت تعلم الصالح لي أكثر مني "جميل الإنسان الذي يلتمس إرادة الله في حياته لا يُسلم نفسه أبداً لأي فكر غريب يقول لك " أعمى يقود أعمى كلاهما يسقطان في حفرة " كم مرة أحياناً يمشي الإنسان وراء مشورة نفسه ووقع في حفرة ؟ حفرة وراء حفرة وراء حفرة ربنا يريد أن يقول لك تعلَّم تعلَّم تعلَّم إنك تكون مطمئن تكون ممتلئ سلام لأنك عندما تمشي ويدك تمسك في يده بقوة أنت تضمن أن تعيش في الطريق السليم لأجل ذلك أحبائي كل من اتكل على مشورته وكل من اتكل على يده لا يُخزى ويقول لك { الرب فادي نفوس عبيده وكل من اتكل عليه لا يُعاقب } ( مز 34 : 22 )فادي نفوس عبيده حتى لو إنت تمشي في طريق خطر هو يفديك { الذي يفدي من الحفرة حياتك } ( مز 103 : 4 ) هو كان أمامه حفرة وهو أعمى ويمشي لوحده كان يجب أن يقع لكن لو أنا أمامي حفرة لكن مُمسِك في يده هو سينجيني من الحفرة هو الذي سينجيك من الحفرة إلتمس قيادة الله في حياتك تكون مطمئن ما الذي يجعل الإنسان يعيش مضطرب ما الذي يجعل الإنسان يعيش في قلق ما الذي يجعل الإنسان يعيش فاقد معنى حياته ؟ لأنه يعيش بلا هدف لأنه يعيش لا يتكل على ذراع إلهه غير واثق إنه يوجد قيادة لحياته تعطي له الأمن والأمان الكافي لأجل ذلك أحبائي يقول لك " أعمى يقود أعمى "أقول له لا يارب أنت الذي فتَّحت عيون العميان وأنت مصدر كل أبوة صالحة ومصدر كل عطية إلهية فائقة أنا واثق إني أنا ماشي معك واثق إنك إنت الذي تأمِّن رجلي من الزلل واثق إنك إنت اللي تأمِّن عقلي من أي فكرة غريبة واثق ومطمئن تماماً أنك أنت ستقودني في موكب نصرتك إنت اللي تدَّخلني معاك إلى المجد الأبدي ربنا يعطينا أحبائي حياة هادئة في اطمئنان كامل إننا في يده محمولين على ذراعه نسلك بحسب مشورته بحسب إنجيله نصرخ إليه في كل ضيقتنا أن يهدينا وأن يرشدنا وأن يمسك بخطواتنا فيحميها من أي زلل وينجينا من كل حفرة ومن كل فخ ومن كل سهم ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك الأسكندرية
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل