المقالات

20 أغسطس 2024

الصمت المقدس

{ وَأمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا } ( لو 2 : 19)كَلِمَات العَذْرَاء مَرْيَم كَانِت قَلِيلَة وَلكِنْ كَانِت أفْكَار قَلْبَهَا كَثِيرَة وَعَاليَة الصَمْت أنوَاع كَثِيرَة مِنْهَا الصَمْت المُقَدَّس قَدْ يَكُون إِنْسَان صَامِت لكِنْ دَاخِلُه بُغْضَة أوْ أفْكَار شِرِّيرَة أوْ العَذْرَاء كَانَ صَمْتَهَا مُقَدَّس تَصْمُت وَتَحْفَظ الأُمُور فِي قَلْبِهَا لَوْ حَسَبنَا كَلِمَات العَذْرَاء طَوَال حَيَاتهَا مُنْذُ وَقْت البِشَارَة وَحَتَّى صُعُود جَسَدَهَا سَنَجِدهَا قَلِيلَة جِدّاً وَمَعْدُودَة وَعِنْدَمَا كَانِت تُرِيد أنْ تُعَبِّر عَنْ أمر كَبِير تُعَبِّر عَنْهُ بِكَلِمَات قَلِيلَة{ لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ }( يو 2 : 3 ) فِي عُرْس قَانَا الجَلِيل وَعِنْدَمَا ظَلَّ فِي الهِيكَل يُنَاقِش الشُّيُوخ وَتَغَيَّب عَنْ العَذْرَاء وَيُوسِف النَّجَار وَكَانَا يَبْحَثَان عَنْهُ قَالَت لَهُ { هُوَذَا أبُوكَ وَأنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ } ( لو 2 : 48 ) رُبَّمَا حَضَرِت مَوَاقِف كَثِيرَة فِي حَيَاة يَسُوع لكِنَّهَا لَمْ تَتَكَلَّم حَتَّى بَعْد صُعُود الْمَسِيح لَمْ تَتَزَعَمْ الأُمُور بَلْ يَذْكُر الكِتَاب أنَّهَا كَانِت مَصْدَر بَرَكَة لِلتَلاَمِيذ لكِنْ لَمْ يُذْكَر لَهَا كَلِمَات قَالِتهَا . خطورة الكلام:- كُلُّنَا نَعْلَم أنَّهُ يُمْكِن لِكَلِمَات قَلِيلَة أنْ تُسَبِّب كَارِثَة أوْ تِقَلِّب أوْجَاع كَثِيرَة الكِتَاب يَقُول{ لأِنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ } ( مت 12 : 37 ) وَيَقُول عَنْ اللِسَان أنَّهُ عُضْو صَغِير جِدّاً ( يع 3 : 5 ) لكِنَّهُ يُحِرِّك الجَسَد كُلَّه كَالدَّفَّة الصَغِيرَة الَّتِي تُدِير السَفِينَة ( يع 3 : 4 ) أحْيَاناً إِنْسَان يَصْنَع سَلاَم بِكَلِمَة وَأحْيَاناً إِنْسَان يَصْنَع حَرْب بِكَلِمَة لِذلِك يَقُول الكِتَاب{ لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ } ( أف 4 : 29 ) يَحْكِي بُسْتَان الرُّهبَان عَنْ جَمَاعَة مِنْ الرُّهبَان كَانُوا مُسَافِرِين فِي سَفِينَة وَكَانَ مَعَهُمْ فِي نَفْس السَفِينَة يَجْلِس شِيخ صَامِت أمَّا هُمْ فَكَانُوا يَتَحَدَّثُون فِي كُلَّ الأُمُور وَلَمَّا وَصَلُوا الدِير الَّذِي أرَادُوا زِيَارته إِكْتَشَفُوا أنَّ هذَا الشِيخ هُوَ رَئِيس الدِير وَسَألوه كَلِمَة مَنْفَعَة فَقَالَ لَهُمْ{ أنْتُمْ مِثْل بُيُوت بِلاَ أبوَاب سَفِينَة بِلاَ رُبَّان فَرَس بِلاَ لِجَام } أي فُرْصَة لِلحَدِيث أنْتُمْ لَمْ تَترُكُوهَا بَلْ تَحَدَّثتُمْ فِي كُلَّ شِئ أنْتُمْ كَثِيرِي الكَلاَم وَقَدْ سَمِعْت مِنْكُمْ أحَادِيث عَجِيبَة قَدْ يَتَكَلَّم إِنْسَان بِلاَ أي مُرَاجعَة لاَ كُلَّ كَلِمَة بَطَّالَة سَنَأخُذ عَنْهَا حِسَاب ( مت 12 : 36 ) كَثرِة الكَلاَم تَجْلِب أخْطَاء حَتَّى أنَّ الآبَاء يَقُولُون قَاعِدَة صَعْبَة وَهيَ { أسهَل عَلِيك أنْ تَصْمُت مِنْ أنْ تَتَكَلَّم وَلاَ تُخْطِئ } مَادُمت كَثِير الكَلاَم فَأنْتَ سَتُخْطِئ لاَ مَحَال فَالأفضَل أنْ تَصْمُت وَالقِدِيس أرْسَانيُوس يَقُول { كَثِيراً مَا تَكَلَّمت فَنَدِمت أمَّا عَنْ الصَمت فَلَمْ أندَم قَط } الكَلاَم يَحْتَاج مُرَاجعَة وَضَبْط قُلْ { ضَع يَارْبَّ حَافِظاً لِفَمِي وَبَاباً حَصِيناً لِشَفَتَيَّ } ( مز 140 مِنْ مَزَامِير النُّوم ) فَكَّر فِي كَلاَمَك قَبْل أنْ تَقُوله يَقُول الآبَاء أنَّ أي طَعَام تَأكُله تَمْضُغه أوَّلاً قَبْل أنْ يَصِل إِلَى المِعدَة كَذلِك كَلاَمَك أُمْضُغه فِي عَقْلك أوَّلاً قَبْل أنْ يَخْرُج مِنْ فَمِكَ إِجعَل عَقْلك غُرْفِة تَحَكُّم لِتَتَحَكَّم فِي كَلاَمَك قَبْل أنْ تَنْطِق بِهِ حَتَّى لاَ تَنْطِق بِكَلِمَة هَدَّامه السَيِّدَة العَذْرَاء كَانِت صَامِتَة رَغم أنَّهَا كَانِت تَعْرِف الكَثِير وَهيَ قَادِرَة أنْ تَجْعَل نَفْسَهَا مِحور حَدِيث وَتَعْرِف كَيْفَ تَتَكَلَّم وَتَقُود حِوَار لكِنَّهَا رَغم ذلِك فَضَّلِت الصَمْت إِعْرَف أنَّهُ بِكَلِمَة وَاحِدة تَبْنِي مَجْمُوعَة وَبِكَلِمَة تَهدِم فِي أيَّام جَدْعُون فِي عَصْر القُضَاة قَامِت حَرْب وَدَخَلِت الأسْبَاط كُلَّهَا الحَرْب لأِنَّهَا كَانِت تَسْتَدْعِي بَعْضَهَا فِي الحُرُوب لكِنْ لَمْ يَسْتَدْعُوا سِبط أفْرَايِم مَعَهُمْ هذِهِ المَرَّة فَغَضَبَ سِبط أفْرَايِم مِنْ جَدْعُون وَعَاتَبُوه لأِنَّهُ إِعْتَبَرهُمْ ضُعَفَاء وَغِير مَوجُودِين جَدْعُون حَل الأمر بِكَلِمَات جَمِيلَة قَالَ لَهُمْ { ألَيْسَ خُصَاصَةُ أَفْرَايِمَ خَيْراً مِنْ قِطَافِ أَبِيعَزَرَ }( قض 8 : 2 ) " خُصَاصَة " هِيَّ " بَوَاقِي العِنَب " بَيْنَمَا " القِطَاف " هُوَ " العِنَب النَاضِج " أي أنْتُمْ أفضَل مِنْ أَبِيعَزَرَ نَحْنُ تَركنَاكُمْ لأمرٍ أفضَل كَلِمَات قَلِيلَة جَعَلَتهُمْ يَمْتَلِئُونَ سَلاَم قَدْ تَقُول كَلِمَة لإِنْسَان تُدَمِره قَدْ يَخْسَر إِنْسَان أخَاه بِكَلِمَة وَقَدْ يَكْسَب إِنْسَان عَدُوه كَصَدِيق بِكَلِمَة أيْضاً . الصمت المقدس:- كَيْفَ نَصْمُت صَمْت مُقَدَّس ؟ لاَبُد أنْ تَعْرِف أنَّهُ صَمْت ضَبْط وَحُب وَشَفَقَة وَحِكمَة العَذْرَاء لَمْ تَكُنْ صَامِتَة وَفِكرَهَا شَارِد بَلْ كَانَتْ صَامِتَة لأِنَّهَا مَشْغُولَة وَنَفْسَهَا مَرْفُوعَة قَدْ نَرَى إِثنَان صَامِتَان أحَدُهُمَا صَمْته مُقَدَّس وَالآخَر صَمْته غِير مُقَدَّس إِقتَنِي الصَمْت مِنْ العَذْرَاء وَأثنَاء صَمْتَك كَلِّم الله وَكَمَا يَقُول أحد الآبَاء { سَأقِف أمَامك صَامِتاً وَلكِنْ صَمْتِي يُحَدِّثك } أحْيَاناً تَعْجَز الكَلِمَات عَنْ التَعْبِير لِذلِك يَتَحَدَّث الصَمْت العَذْرَاء كَانَ صَمْتَهَا يَتَحَدَّث وَيُسَّبِح . تَعَلَّم فَضِيلَة الصَمْت إِعْرَف خُطُورِة الكَلاَم وَسَتَصْمُت يَقُول الآبَاء { أنَّ السُّكُوت يُسَّكِن خَطَايَا عَظِيمَة } الإِنْسَان الكَثِير الكَلاَم تَعْرِف أنَّهُ فَارِغ دَاخِلِياً مِنْ الله المُمْتَلِئ مِنْ الله كَلِمَاته قَلِيلَة وَيُعَبِّر بِأقل الكَلِمَات صَمْت مَشْغُول بِأمر أهم العَذْرَاء أيَّامهَا مُقَدَّسَة لاَ تَترُكهَا تَمُر دُونَ أنْ تَتَعَلَّم فَضِيلَة لاَ تَجْعَله صُوم رُوتِينِي بَلْ تَعَلَّم مِنْهَا فَضِيلَة تَكَلَّم مَعَ العَذْرَاء وَتَشَّفَع بِهَا وَأطْلُب مِنْهَا أنْ تُعَلِّمك كَيْفَ تَصْمُت وَتَحْفَظ جَمِيع الأُمُور فِي قَلْبك مَا هِيَ جَمِيع الأُمُور الَّتِي إِحْتَفَظِت بِهَا العَذْرَاء فِي قَلْبِهَا ؟ " جَمِيع الأُمُور " كَلِمَة كَبِيرَة هِيَ تَدَابِير الخَلاَص وَمُعْجِزَات رَبَّ المَجد وَ كُلَّ هذَا يَعْمَل دَاخِلَك لِذلِك كَانَ عَقْلَهَا مُمْتَلِئ إِمْلأ عَقْلَك بِالله فَتَصْمُت وَتُصْبِح رَزِين صَمْت مُقَدَّس لَيْسَ صَمْت فَقَط لِمُجَرَّد الصَمْت بَلْ صَمْت بِقَلْب مَرْفُوع وَنَفْس مَشْغُولَة وَأفْكَار مُقَدَّسَة تَجُول دَاخِل قَلْبك لِذلِك جَيِّد أنْ يَتَمَسَّك الإِنْسَان بِفَضِيلَة الصَمْت المُقَدَّس { يَجْلِسُ وَحْدَهُ وَيَسْكُتُ } ( مرا 3 : 28 ) أحْيَاناً لاَ نَصْمُت فِي عِلاَقِتنَا مَعَ الله وَبِالتَالِي لاَ نَتْرُك لَهُ فُرْصَة لِيُحَدِّثنَا وَنَسْمَع صَوتَهُ كَي تَسْمَع لاَبُد أنْ تَصْمُت حَتَّى أنَّ الآبَاء يُعَلِّمُونَا أنَّهُ حَتَّى أثنَاء الصَّلاَة لاَبُد مِنْ فَتَرَات صَمْت كَي نَسْمَع صُوت الله أُترُك لَهُ فُرْصَة لِيُحَدِّثك لأِنَّهُ لَوْ تَحَدَّث إِنْسَان مَعَ آخَر دُونَ أنْ يَتْرُك لَهُ فُرْصَة لِلرَد فَإِنَّ الآخَر يُسْتَهلَك مِنْهُ وَلاَ يَسْتَطِيع أنْ يُبَادِله الحَدِيث أُصْمُت كَي تَتْرُك لله فُرْصَة يُحَدِّثَك وَتَسْمَع صَوْته . كيف نقتنى فضيلة الصمت المقدس؟ 1- إِشْتَاق إِلَيْهَا وَاعْرَف ضَرُورِتهَا كَي تَقْتَنِي أي فَضِيلَة لاَبُد أنْ تَشْتَاق إِليْهَا وَتَعْرِف ضَرُورِتهَا كَي تَقْتَنِي المَحَبَّة الطَّهَارَة الصَمْت المُقَدَّس الوَدَاعَة إِشْتَاق إِليْهَا وَاعْرِف ضَرُورِتهَا يَقُول مَارِ إِسْحَاق { حِب السُّكُوت يَا أخِي لأِنَّ فِي السُّكُوت نَرَى الله وَخَارِج السُّكُوت لاَ تَرَى إِلاَّ مَا هُوَ خَارِج عَنْ نَفْسَك وَخَارِج عَنْ الله } إِذاً فِي السُّكُوت تَرَى الله هَلْ تُرِيد أنْ تَقْتَنِي الصَمْت المُقَدَّس ؟ إِشْتَاق إِليه وَاعْرَف ضَرُورَته . 2- لاَبُد أنْ تَكُون مُمْتَلِئ سِر فِي طَرِيق الإِمْتِلاَء كُلَّمَا إِمْتَلأت كُلَّمَا قَلَّ كَلاَمك وَكُلَّمَا إِزْدَادَ فَرَاغك الدَّاخِلِي كُلَّمَا كَثُرَ كَلاَمك الصَمْت هُوَ وَسِيلَة التَعْبِير عَنْ الإِمْتِلاَء الإِنْسَان الَّذِي يَحْفَظ جَمِيع الأُمُور وَيَتَفَكَّر بِهَا فِي قَلْبه هُوَ إِنْسَان مُمْتَلِئ يُحْكَى عَنْ القِدِيس يِحْنِس القَصِير أنَّ تَلاَمِيذه فِي أحد الأيَّام كَانُوا يَتَحَدَّثُون إِليهِ لكِنَّه لَمْ يَنْتَبِه لَهُمْ فَسَألوه لِمَاذَا لَمْ يُجِيبهُمْ ؟ قَالَ لأِنِّي مُتَحَيِّر فِي طَبِيعَة خِدْمِة الشَّارُوبِيم وَطَبِيعَة خِدْمِة السِيرَافِيم وَمَا الفَرْق بَيْنَهُمَا وَأيُّهُمَا أهَمْ أمَام العَرْش الإِلَهِي ؟ هذَا يَحْفَظ جَمِيع الأُمُور مُتَفَكِّر بِهَا فِي قَلْبه فَكَيْفَ يَتْرُك هذَا الإِمْتِلاَء لِيَتَحَدَّث مَعَ بَشَر ؟ هذَا مُرْتَفِع جِدّاً فَيَرَى أُمور كَثِيرَة تَافِهة لأِنَّهُ مَشْغُول بِالأعلَى يُحْكَى عَنْهُ أيْضاً أنَّهُ كَانَ يَعْمَل فِي الخُوص عَمَل يَدَيهِ وَيَبِيع وَبِثَمَنه يَأتِي بِطَعَام لِلغُرَبَاء وَيَتَصَدَّق بِمَا يَفِيض فَأتَى إِليْهِ الجَمَّال الَّذِي يَشْتَرِي مِنْهُ القُفَف وَسَألَهُ فِي أحَد المَرَّات عَنْ قَدْر مَا صَنْع هذَا الأُسبُوع ؟ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أنْ يُحْضِر مَا صَنَعَهُ فَدَخَلَ القِدِيس يِحْنِس قَلاَّيته وَنَسَى مَا طَلَبَهُ الجَمَّال فَطَرَقَ الجَمَّال بَابَهُ وَخَرَجَ لَهُ القِدِيس وَسَألَهُ الجَمَّال القُفَف فَعَادَ وَدَخَلَ قَلاَّيته وَنَسَى سؤال الجَمَّال وَغَابَ فِي الدَّاخِل فَعَادَ الجَمَّال وَطَرَقَ البَاب مَرَّة أُخْرَى وَهكَذَا عِدَّة مَرَّات وَالقِدِيس يِحْنِس يَنْسَى طَلَب الجَمَّال وَفِي نِهَايِة الأمر لأِنَّ عَقْله مَشْغُول بِالإِلَهِيَات لِذلِك يَنْسَى طَلَب الجَمَّال ظَلَّ يُذَكِّر نَفْسه فَكَانَ يَقُول لِنَفْسه " يَارْبَّ ذّكَّرنِي بِالقُفَف لِلجَمَّال " هذَا القِدِيس لَيْسَ فِي ذِهْنه مِسَاحَة فَارِغَة لِيُهدِرهَا فِيمَا لاَ يُفِيد لاَ يُمْكِن لإِنْسَان غِير مُمْتَلِئ أنْ يَصْمُت المُمْتَلِئ يُحْسِن الصَمْت وَيَعْرِف كَيْفَ يَتَعَلَّم الصَمْت لأِنَّ عِنْده مَا يَشْغِله وَيُشْبِعه وَيُفَرِّح قَلْبه وَمَا أجمَل قَول سِفر الجَامِعَة {. لأِنَّ الله مُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ } ( جا 5 : 20 ) كَيْفَ نَتَعَلَّم الصَمْت ؟ لاَبُد أنْ تَتَفَكَّر فِي آيَات سِيَر قِدِيسِين أجْزَاء مِنْ الكِتَاب أُمُور تَرْفَعَك لِفُوق فَيَصِير كَلاَمك صَالِح لِلبُنيَان وَالمَحَبَّة وَالخِدمَة فَتُصبِح كَلِمَاتك دَوَاء مُشْفِي مُفْرِح يَبْنِي يُوجَد إِنْسَان يُنْتَظَر حَدِيثه وَآخَر يَتَجَنَّبُون حَدِيثه هُنَاك مَنْ يَشْتَاق لِسَمَاع إِنْسَان وَهُنَاك مَنْ يَتَجَنَب إِنْسَان لأِنَّ كَلِمَاته لاَذِعَة تُعَبِّر عَنْ نَفْس فَارِغَة لاَ تَشْتَرِك فِي أي حَدِيث لأِنَّكَ لَوْ عَدَدت الخَطَايَا الَّتِي يَقْع فِيهَا اللِسَان سَتَجِدهَا كَثيرَة وَخَطِرة كِذب قَسَمْ شِتِيمَة إِدَانَة كَلاَم قَبِيح كُلَّ هذَا أسَاسه اللِسَان فِي حِين أنَّ التَّسْبِيح المُبَارَكة الصَّلاَة أسَاسه أيْضاً اللِسَان قُلْ قَلْبِي وَلِسَانِي يُسَّبِحَان الله لاَبُد أنْ تَكُون مُشَبَّع بِالأُمُور الإِلَهِيَّة وَالرُّوحِيَّة عِنْدَئِذٍ يَكُون الصَمْت المُقَدَّس مِيل طَبِيعِي فِيك إِقْضِي يُوم مَعَ الْمَسِيح وَسَتَجِد شَهِيَتك قَلِيلَة جِدّاً لِلكَلاَم لَيْسَ لأِنَّكَ لاَ تُحِب النَّاس بَلْ لأِنَّكَ أدْرَكت حَقِيقَة مُهِمَّة وَهيَ أنَّ المُنْشَغِل بِالله لاَ يَجِد مَكَان لِحَدِيث بَشَر صَمْت مُقَدَّس السَيِّدَة العَذْرَاء كَانَ صَمْتَهَا مُقَدَّس { وَأمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا } الله يَمْلأنَا بِكُلَّ صَلاَح حَتَّى نَتَمَتَّع بِهِ فِي صَمْت مُقَدَّس وَإِنْ تَكَلَّمنَا فَلِلبُنيَان رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِته لَهُ المَجد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
19 أغسطس 2024

التجلى

وكان تجلي السيد المسيح، وتجلى موسى وإيليا معه، عربونًا لتجلي الطبيعة البشرية كلها بوجه عام.هذا التجلي هو فداء طبيعتنا من المادة وثقلته وهو وعد من الرب بأن ينقذ طبيعتنا من عبودية الفساد، عبودية المادة، لكي نصير روحانيين ونورانيين، وبهذا نصبح أهلًا للحياة في الملكوت المعد لنا ففي الأبدية سنعتق من عبودية اللحم والدم ومطالبهما، ونكون هناك كملائكة الله في السماء ولكن سينال هذا التجلي، من لم يخضع للمادة في حياته على الأرض، هذا سيصير نورانيًا في الأبدية وسيصير نورانيًا في الأبدية، من سلك ههنا على الأرض كأحد أبناء النور، ولم يسلك في أعمال الظلمة غير المثمرة، بل على العكس كان يبكتها (أف 5: 11) ذلك لأن الذين سلكوا في أعمال الظلمة، سيطرحون في الظلمة الخارجية في الأبدية، بعيدًا عن مدينة النور وعشرة النورانيين في أورشليم السمائية إن التجلي في الأبدية، لا يكون تجليًا للجسد فقط، وإنما للروح أيضًا، وهكذا تتخلص من دنس الجسد والروح. وتجلى الروح معناه أن تلبس إكليل البر، فلا يعود للخطأ والخطيئة سلطان على الإنسان فيما بعد هذا التجلي هو رجوعنا إلى الصورة الإلهية كان آدم وحواء على صورة الله في النقاوة والبراءة والبساطة ولكن التجلي في الأبدية سيكون بطريقة أسمى من طبيعة آدم وحواء، إذ سيتخلص البشر من مادية الجسد، ويصبحون روحانيين ويقتربون بالأكثر إلى صورة الله، كما على جبل طابور ليتنا نعد أنفسنا من الآن لنكون مستحقين لهذا التجلي بأن نسلك حسب الروح، حتى نستحق أن نلبس أجسادًا روحانية في الأبدية، كملائكة الله في السماء إن عيد التجلي يدعونا إلى الحياة الروحانية. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الرابع
المزيد
18 أغسطس 2024

دعوة لاوى

إِنجيل هذا الصباح المُبارك يا أحبائىِ يُكلّمِنا عن دعوة لاوىِ أو متى الرسول ويقول " وَبَعْدَ هذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشّاراً اسْمُهُ لاَوِى جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَة ، فَقَالَ لَهُ : " اتْبَعْنِى " 000" ( لو 5 : 27 – 39 ) 0 أحِب أن أتكلّم معكُم بِنعمة ربنا فِى ثلاث نُقط :0 1- مكان الجِباية دولة أورشليم كانت تحت الإِستعمار الرومانىِ وكان الإِستعمار الرومانىِ مُخصِّص بعض الأشخاص مِن دولة أورشليم لِيجمعوا الضرائب مِن الشعب اليهودىِ ، فكانوا هؤلاء العشّارين غير مقبولين مِن دولة أورشليم ، وكانوا بيجمعوا أزيّد مِن الضرائب التّى حدّدها الإِستعمار ويأخُذوا هذهِ الزيادة لأنّفُسهُم وهكذا قال الرومان بدلاً مِن أن نأخُذ منهُم الضرائب نجعلهُم يجمعوها هُم مِن أنّفُسهُم ونُحدّد واحِد لِكُلّ منطقة ويُعطينا جُملة المبلغ ، وهكذا كان لاوىِ واحِد مِن هؤلاء العشّارين وكان مكانهُ هو الجِباية ، وفِى هذا المكان كانت الناس بِتتخانِق معاً وبتفاصِل لأنّ الشخص الّذى سيدفع بيكون مظلوم مِن الدولة الرومانيّة ، وكذلك الشخص الّذى سيُحصِلّ الأموال منهُ سيُزيد عليهِ المبلغ لكى يكسب هو أيضاً ، فكان الشخص واقع تحت ضريبة مدنيّة للدولة الرومانيّة ، وضريبة للهيكِل بِحُكم أنّهُ يهودىِ ربنا يسوع المسيح جاء لِكى يفتقِد العالم فِى ظُلمتهُ ، وهو ذاهِب للمكان الّذى فيهِ مصدر الظُلمة ، " وبعد هذا خرج فنظر عشّاراً إِسمهُ لاوىِ جالِساً عِند مكان الجِباية " ( لو 5 : 27 ) ، فالمكان الّذى مُمكِن أن لا نتوقّعهُ أنّ ربنا يسوع المسيح مُمكِن أن لا يُرى فيهِ أو يذهب إِليهِ نجِدهُ قد دخلهُ ، فالمكان المملوء بالظُلم والمملوء بِحُب العالمْ ربنا يسوع دخلهُ ، " وبعد هذا خرج فنظر عشّاراً إِسمهُ لاوىِ 000" نظرة ربنا يسوع غير نظرة باقىِ الناس ، فالناس كُلّها آتية إِليهِ لِكى تنظُر لهُ كإِنسان ظالِم ، ولكِن الله عيناهُ تخترِق الإِنسان الظالِم ، فهو يُريد أن يقول لهُ إِنّ هذا المكان لمْ يكُن مكانك ، فأنت لابُد أن تخرُج مِن سُلطان هذا المكان ، أنت لابُد أن تتبعنىِ ، ربنا يسوع بيفتقِد كُلّ إِنسان فِى مكان جبايته حيثُ محبة العالِم وحيثُ مكان شروره ، فربنا بيقول للإِنسان إِنت إِن لمْ تأتىِ إِلىّ أنا أأتىِ إِليّك ، فأجمل ما فِى التجسُدّ هو أنّ الله هو الّذى جاء لنا على الأرض ولمْ ينتظِرنا أن نصعِد إِليهِ ربنا يسوع المسيح بِيفتقِد كُلّ إِنسان فِى مكان جبايته ، فِى محبّتهُ القديمة ، وفِى محبّتهُ للعالمْ وشرور العالمْ فالشاب الغنىِ يقول عنهُ الكِتاب إِن ربنا يسوع " نظر إِليهِ وأحبّهُ " ، فالناس مُمكِن تكون نظرِتها سطحيّة وللخارِج فقط ، ولكِن ربنا يسوع هو يرى النِفَس وعارِف أشواقها الداخِليّة ، وعارِف رباطاتِها بالخطيّة ، فكثيراً ما حاولت أن أخرُج مِن مكان الجباية ولكِن لمْ أقدِر ، وكُلّما حاولت الخروج أجِد قيود تمنعنىِ ، وهذا الأمر يحتاج لِنظرة منك ياربىِ يسوع وكلِمة منك وأبونا فِى التحليل يقول " قطّع رباطات خطايانا " ، نِفَسىِ مُقيّدة بِقيود كثيرة تحتاج أن تُقطّع ، فربنا يسوع بينادينا حتى ولو كُلّ الناس رفضِتنا ، فهو " الداعى الكُلّ إِلى الخلاص لأجل الموعِد بالخيرات المُنتظرة " ربنا يسوع يُريد أن ينتشِلنا مِن مكان جبايتنا ، يُريد أن يأخُذنا مِن مكان إِهتمامتنا العالميّة ، يُريد أن يقول لِكُلّ واحِد منّا خسارة عُمرك ، خسارة وقتك ، إِنت أجمل مِن ذلك بكثير ، إِنت لك إِمكانيات رائعة ، إِنت لك قلب ونِفَس يُمكِن أن تتكلّم بِهُما مع الله ، أُخرُج مِن هذا المكان الضيّق وأقترِب منّىِ ، فعينىِ تتبعِك ، وصوتىِ سيظِلّ يُطارِدك حتى فِى مكان جبايتك القديم فالقديسة مريم المصريّة وهى ذاهبة لأورشليم لِتصنع الخطيّة هُناك ربنا إِفتقدها فِى مكان جبايتها ويقول أنا أفتقِدها هُناك ، فأنا موجود فِى كُلّ مكان ، أنا قادِر على كُلّ شىء ، فهو بِيفتقِد الإِنسان فِى ظُلمتهُ وفِى شرّهُ ، ويقول " أنا خطبتكُم لِرجُلٍ واحِد 00" ربنا يسوع هُنا طالِب لاوىِ ، طالِب هذا الرجُل الظالِمْ فِى وسط تفكيره وزوغانه ، فداود النبىِ عِندما كان يُطارِدهُ شاول مرّت عليهِ لحظات ضعفٍ وإِبتدأ يُفكّر كيف يحتمىِ فِى الناس لِكى يهرُب مِن شاول فدخل عِند الفلسطينيين فنظروا إِليهِ بِحقِدٍ لأنّهُ قتل جُليات ، فداود النبىِ فعِل أمر غير مُستحِب أبداً لِكى يُنقذ مِن يدهُم وهو أظهر أنّهُ مجنون ، ورفع قلبهُ لِربنا وقال لهُ " فِى زيغانىِ راقبت " فكُلّ نِفَس فينا مزوّغة عن الله ومُعتقِدة أنّها مُمكِن أن تبعُد عن ربنا ولو لِلحظة ، ربنا يقول لها " أنا عينىِ عليك " ، أنا سأفتقِدك وسأأتىِ إِليّك فِى مكان جبايتك ، فيقول الكِتاب " فلنفحص طُرُقنا ونحتبِر خطواتنا ونرجِع إِلى الرّبّ " إِفحص نِفَسك وإِعرف إِنت هربان ومُختبِأ فِى أى مكان ، فهو يقول لك : أنا سأأتىِ إِليك ، فأنت لن تهون علىّ ، فلذّتىِ فِى بنىِ آدم ، أنا لن أترُكك حتى ولو كُنت هربان فِى مكان الجِباية 0 2- فقال لهُ إِتبعنِى فلاوىِ لمْ يقول لِربنا يسوع ولا أى كلِمة ولكِن ربنا يسوع يقول عنهُ الكِتاب أنّهُ نظر إِليهِ وقال لهُ إِتبعنىِ ، فهو بيقول لهُ أنا بقول لك كلِمة مُهمّة جداً وهى أجمل كلِمة فِى حياتنا ، وكأنّ ربنا يسوع بيكرّرها فِى آذانْ كُلّ نِفَس فالكلِمة دخلت فِى قلب لاوىِ وغيّرت فِى حياتهُ أمور كثيرة ، فقديماً قالها ربنا يسوع لإِبراهيم ويقول عنهُ الكِتاب " لمّا دُعى أطاع وتغرّب فِى أرضٍ لا يعرِفها " ، فهو كان يعرِف أنّهُ يوجِد صوت لابُد أن يتبعهُ ، ويتغرّب فِى أرضٍ غريبة ، وأكتفى بِرعاية إِلههه الّذى ناداهُ وقال لهُ " سِر أمامىِ وكُن كامِلاً " ، لا تخِف خِسارة يا لاوىِ إِنّك تقضىِ عُمرِك فِى مكان الجِباية هذا ، إِنت أغلى مِن ذلك ، فإِلى متى تظِلّ هُنا ؟ فالمكان الّذى أنت فرحان بهِ هو سبب هلاكك ، طوبى للّذى يُلّبىِ الصوت الّذى يقول " إِتبعنىِ " ، طوبى للّذى يتجاوب مع هذا النِداء ، ولِذلك قال ربّ المجِد يسوع " خِرافىِ تسمع صوتىِ وتتبعنىِ " ، فهى تعرِف صوتىِ ، ولِذلك الإِنسان يقول لهُ يارب أنا أُريدك أن تقول لىِ كُلّ يوم " إِتبعنىِ " ، زيغانىِ راقِب ولا تترُكنىِ فأنت الّذى بحثت عن الخروف الضال والدِرهم المفقود فأحد القديسين يقول لهُ " أنا يارب خروفك وإِن لمْ أكُن فِى حظيرتك ، أنا دِرهمك وإِن لمْ أكُن فِى كيسك " ، أنا مِلكك ، أنا لك ، أنا يارب خروف معدود عليك ، ومحسوب عليك ، فكُلّ واحِد فينا المسيح إِقتناهُ بِدمهِ ، نحنُ محسوبين على ربنا ، إِنت ياربىِ فتّش علىّ وقُلّ لىِ إِتبعنىِ ، فأنا أعرِف أنّك قُلت " لمْ يقدِر أحد أن يأتىِ إِلىّ إِن لمْ يجتذِبهُ أبىِ " ، فأنت ياربىِ إِجذبنىِ ، أنا أُريد قوّة تُساعدنىِ وتنتشلنىِ لأنّىِ غير قادر فهوشع النبىِ يقول لهُ " يا مَنْ درّجت إِفرايم مُمسِكاً إِيّاهُ بأذرُعهِ " ، أنت يارب إِمسِك يدى مِثل الأطفال وأصعِدنىِ السلالِمْ ، وأشعياء النبىِ يقول " بِذراعهِ يجمع الحُملان فِى حضنهِ ويقود المُرضعات " فأنا يارب مُبتدِأ فِى الحياة معك ، فما أسهل أن أتوه ، وكثيراً ما أتوه ، ولِذلك أُريدك أن تجمعنىِ فِى حِضنك ، فأنا لا يوجد عِندىِ إِستحقاقات للدعوة ولكِن أنت الّذى تختار وتجتذِب وتسنِد فأنت كثيراً ما جذبت خُطاه وأشرار ، وكثيراً ما حللت قيود ، أنت القادِر أن تورِدنىِ إِلى مياه محبّتك ، ولكِن لابُد أنّ الإِنسان يكون عِندهُ إِستجابة لهذهِ الدعوة تخيّل شاول وهو ذاهِب لِيضطهِد الكنيسة ، فهل توجد أكثر مِن ذلك قسوة ، ولكِن يقول الكِتاب " بغتةً أبرق حولهُ نور مِن السماء 00وسمِع صوتاً قائِلاً لهُ شاول شاول لِماذا تضطهِدنىِ 00 " ، قال لهُ إِتبعنىِ ، أنت جميل ، أنا عارِف إمكانياتك مِن الداخِل خِسارة إِنّك تضيع ، ربنا يسوع بيقول لِكُلّ واحِد فينا أنت خِسارة أن تضيّع عُمرِك وإِهتماماتك وأشواقك فِى أمور زائلة ، أنت إِبنىِ ، أنت لىِ ، فماذا ستأخُذ مِن هذهِ الأمور الزائِلة ، فهى أمور لا تفيد ولِذلك نقول لهُ : نتبعك يارب بِكُلّ قلوبنا ، نتبعك أينما تمضىِ ، ولِذلك عِندما قال لواحِد مِثل بُطرُس الرسول " هلّمُ ورائىِ فأجعلكُما صيّادىِ للناس " ، يقول الكِتاب أنّهُم للوقت تركا شباكهُما وتبعوه ، فلابُد أن أقول لهُ أنا يارب أُريد أن أتبعِك فِى خِدمِتك ، وفِى كنيستك ، أنا أتمنى أن أعيش لك ولِكنيستك ، فما الّذى سأأخُذهُ مِن العالم ؟!! فأنا أتمنّى أن يكون لىِ رِسالة نحو أولادك ، " فأُعلّم الأثمة طُرُقك والمُنافِقون إِليّك يرجعون " ، تعالى إِجتذبنىِ أنت مِن إِهتماماتىِ التافِهة الميّتة إِلى أمجادك السماويّة 0 3- فترك كُلّ شىء وتبعهُ هذا الإِنسان درجِة محبّتهُ للمال قويّة ، فهو مربوط بِمحبّة المال ، وربنا يسوع يُريد أن يقول لهُ أنا سأفُكّك مِنْ كُلّ قيد زكّا العشّا عِندما تقابل معهُ قال لهُ " ها أنا يارب أُعطىِ نصف أموالىِ للمساكين وإِن كُنت قد وشيت بأحد أرُدّ أربعة أضعاف " أمّا لاوىِ " فترك كُلّ شىء وقام وتبعهُ " ، فهو لمْ يُحدّد حدود ولكِن ترك كُلّ شىء ، عجيب أنت يارب فِى دعوِتك !! بُطرُس الرسول 000فقِد دعاهُ ربنا يسوع هو وأخوهُ أندراوس " فللّوقتِ تركا الشِباك وتبِعاهُ " ( مت 4 : 20 ) كيف أنّ الإِنسان فِى لحظة يأخُذ هذا القرار الصعب ؟!! كيف أنّ لاوىِ وهو فِى وسط هذهِ الأموال يترُك كُلّ شىء ؟ يا لاوىِ ألمْ تُفكّر بأنّك عليك أقساط وإِلتزامات نحو الدولة ، فالناس بِتتصارع على هذا الشُغل ، وأنت قد أخذتهُ بالرشاوىِ فكيف تترُكهُ بِمثل هذهِ السُرعة ؟ ألمْ تتمهِلّ لِكى تحسِبها ؟ ولكِن هو إِختار صوتهُ القديس أوغسطينوس يقول " إِنّ مَنْ يقتفىِ أثارك لن يضِل قط ، ومَنْ إِمتلكك شبِعت كُلّ رغباته " ، لاوىِ داس وترك كُلّ شىء ، فالتوبة تحتاج لِقرار جرىء وتحتاج لِنِفَس واعية تستجيب لِنداء ربنا تاجر اللآلىء الحسِنة وجد الجوهرة الكثيرة الثمن فباع كُلّ ما يملُك لِكى يشترىِ هذهِ الجوهرة ، والإِنسان الّذى وجد كنز فِى الحقل فباع كُلّ مالهُ لِيشترىِ هذا الحقل ، فالّذى يتبع ربنا يسوع لابُد أن يكتشِف كنز فِى قلبهِ ويبيع كُلّ ما يملُك ، فهو بيكتشِف جوهرة غالية تستحِق الإِقتناء ويدوس على كُلّ إِغراء فِى حياتهُ فداود النبىِ يقول لهُ " مَنْ لىِ فِى السماء ومعك لا أُريد شيئاً على الأرض " ، أنا لا أُريد شىء ، فكُلّ ما أمتلِكهُ فِى العالم أنا لا أُريدهُ فبولس الرسول يقول فِى رسالتهُ لأهل فيلبّىِ : لا تعتقِدوا إِنّىِ بِدون أصل أو نسب فأنا مُتعلّم ومِن سِبط بنيامين ومِن جِنس إِسرائيل ، ومِن جهة الناموس فرّيسىِ ، والقديس بولس كان مِن أُسرة مرموقة ولها دالّة مع الحُكّام وقد ترّبى أفضل تربية ومع كُلّ هذا يقول " ولكِن ما كان لىِ رِبحاً فهذا قد حسبتهُ مِن أجل المسيح خِسارة " ( فيلبّىِ 3 : 7 ) فكُلّ الّذى كان لىِ قديماً وكُنت أحسِبهُ رِبح هذا صار نِفاية ، والآباء يقولوا أنّ النِفاية هى زِبالة الزبالة ، فالقِمامة بِتُفرز والّذى يتبقّى مِنها إِسمهُ نِفاية ، فبولس الرسول كُلّ الّذى ربِحهُ مِن العالم حسبهُ نِفاية مِن أجل فضل معرفة المسيح " بل إِنّىِ أحسِب كُلّ شىء أيضاً خِسارة مِن أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّىِ " ( فيلبّىِ 3 : 8 ) ، أُنظُروا الفخر !! فهل عِندك إِحساس أنّك لو تبعت المسيح ستكون كسبان أم خسران ؟! هل عِندك إِحساس إن ربنا سيعولك أم أنّك سترتبِك ؟! لاوىِ أخذ القرار ، فالإِنسان الّذى يسمع صوتهُ صح مُستحيل أنّهُ يظِلّ فِى مكان الجِباية 0 فاليوم هو دعوة لِتغيير الحياة ، والإِهتمام بالسماء والملكوت ، ولِذلك أول حركة للإِستجابة للملكوت هى الترك وإِحتقار أباطيل العالمْ ويكون إِيمانهُ جاد ولا يعود القلق يملُك عليه ، لِدرجة هُنا لاوىِ قِد عمل ضِيافة وكان يشعُر بِفرحة فما هذا ؟ يقول إِن السعادة التّى شعرت بِها هى سعادة لا يُعبّر عنها وتستحق أن أحتفِل بِها ، فالإِنسان الّذى يعرِف المسيح يُنادىِ على كُلّ إِنسان ويقول تعالوا " ذوقوا وأنظُروا ما أطيب الرّبّ " ، الرّبّ عِز لِخائفيهِ فالسامِريّة لمْ تحتمِل أن لا تُعرّف الناس بالمسيح فنادت على الناس وقالت " هَلُمّوا أنْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِى كُلّ مَا فَعَلْت0" ( يو 4 : 29 ) وزكّا العشّار عِندما تقابل معهُ قال لهُ ها أنا يارب أُعطىِ نصف أموالىِ للمساكين فالنِفِسَ التّى تتقابل معهُ تصير نِفَس شغوفة بالِجلوس معهُ ، والنِفِسَ عِندما تتحرّر تتمنّى أنّ كُلّ الناس تتحرّر ، فالعلامة الأكيدة أننّا تغيّرنا هو ترك مكان الجِباية وأن يشعُر الإِنسان بِثقتهُ فِى الله وفِى تدبيره ربنا يسوع الّذى إِفتقد لاوىِ فِى مكان جبايتهُ وقال لهُ إِتبعنىِ قادِر أن يأتىِ إِلى مكان جِبايتىِ ، فمكان جِبايتىِ هو حالة القلب ربنا يسوع الّذى يعرِف أين قلب كُلّ واحِد فينا يقول لهُ إِتبعنىِ ، فطوبى للنِفِسَ التّى تسمع كلِمتة وتترُك كُلّ شىء مِن أجلهِ وتُلبّىِ دعوتهُ وتتبعهُ أينما يمضىِ ربنا يسنِد كُلّ ضعف فينا بنعمتهُ ولإِلهنا المجد دائماً أبدياً آمين0 القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
17 أغسطس 2024

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر مسرى( لو ١٨ : ٩ - ١٤ )

" وقالَ لِقَوْمٍ واثقين بأنفُسِهِمْ أَنهم أبرار، وَيَحْتَقِرُونَ الآخرين هذا المثل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصَلِّيا، واحِدٌ فريسي والآخَرُ عَشَارٌ. أَمَّا الفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكذا : اللَّهُمَّ أنا أشكُرُكَ أني لستُ مِثْلَ باقي الناس الخاطفين الظَّالِمِينَ الزُّناةِ، ولا مثل هذا العشار. " أصومُ مَرَّتَين في الأسبوع، وأَعَشرُ كُلَّ ما أقتنيه . " وأمّا العَشَارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لَا يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحوَ السماء، بل قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قائلاً: اللَّهُمَّ ارحمني، أنا الخاطئ. أقولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دونَ ذاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ،وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ ". يسوع المخلص: إن الرب يسوع في تعليمه الإلهي يلمس مواضع أوجاع البشرية كمخلص، فهو يكشف عوار النفس لأن عينيه تخترقان أستار الظلام وهو قابل الصلاة الذي يأتي إليه كل بشر ، وهو العارف بقلب كل واحد وكل شيء مكشوف وعريان أمامه، وتصعد إليه من قلوب أصفيائه كلمات الصلاة مختلطة بعواطف زكية تستقيم كالبخور الصاعد إلى عنان السماء، بينما تكون صلاة الأشرار مكرهة قدامه إذ تكون مختلطة بدنس القلب ولو زينت بأجمل الكلمات. فالله يقبل الصلاة لا من اللسان والكلام بل من القلب حيث يكمن كنز الإنسان... يا ابني أعطني قلبك"... "ليس كل من يقول لي يارب يارب"... "لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم". راجع (مت ٦ : ٧).إذا لنحذر ونقدم الصلاة دائمًا من القلب ولا تكن صلواتنا ترديدات وكلمات، ولنتعلم أنه في حالة وقوفنا أمامه يحكم على صلاتنا إما للبر كالعشار وإما بالرفض مثل الفريسي الذي صارت صلاته دينونة وحسبت صلاته عليه وليست له. البار في عيني نفسه: قال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار". هذا هو أصل الداء، الذي أراد الرب بهذا المثل أن يخلصنا منه ويطهر قلوبنا وأذهاننا من هذا العيب القاتل. والحقيقة أن هذا المرض والانحراف في الحياة الروحية يصيب بالأكثر المواظبين على العبادة والصلاة، وقد تكون الثقة في الذات من حيث المعرفة أو الحكمة أو الإمكانيات الذاتية أو القدرات أو المهارات. وقد نبه الكتاب المقدس "فإني لست أريد أيها الأخوة أن تجهلوا هذا السر، لئلا تكونوا عند أنفسكم حكماء" (رو ۱۱: ٢٥) ، "ليمدحك الغريب لا فمك "(ام٢:٢٧) وقد يثق الإنسان في فهمه فيضل طريقه ويتعثر كثيرًا لأن الكتاب يقول : "توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (أم ٣: ٥).ويقول: "لا يخد عن أحد نفسه. إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر ، فليصر جاهلاً لكي يصير حكيمًا"(١كو١٨:٣) ويقع الإنسان في غباوة الذين إذ كانوا حكماء في أعين أنفسهم فإنهم لا يفهمون مكنونات الحكمة الإلهية، أما أن يثق الإنسان في بره وتقواه وصلاحه فهذا أمر مخيف حقا. فالمثل قاله الرب لأناس واثقين بأنفسهم من جهة البر... يا للغباوة التي أصابت الذهن، والعمى الروحي الدافع إلى الهلاك. إن هذا المرض الخطير صار ظاهرة متفشية في أيامنا تحتاج إلى مراجعات كثيرة من أين تأتي الثقة بالنفس بأن يكون الإنسان بارًا في عيني نفسه؟!. الواقع أن ذلك يرجع لانطماس البصيرة الروحية فلم يعد الإنسان يرى خطاياه ولا ضعفاته، بل يرى أنه غني وأنه استغنى ولا حاجة له إلى شيء وهو كما يقول سفر الرؤيا:"لأنك تقول: إني أنا غني وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان" (رؤ ۳: ۱۷). إنه إنسان نسي تطهير خطاياه السابقة،نسي أن الله ينظر إلى السماء ذاتها وكأنها غير طاهرة قدام عينيه وإلى ملائكته ينسب حماقة "هوذا عبيده لا يأتمنهم، وإلى ملائكته ينسب حماقة" (أي ١٨:٤). غاب عن ذهن هذا الإنسان موقف الآباء القديسين الذين كان منهجهم الإنجيلي واضحًا "كذلك أنتم أيضًا، متى فعلتم كل ما أُمرتم به فقولوا : إنَّنا عبيد بطالُون، لأننا إنَّما عملنا ما كان يجب علينا" (لو ۱۷ : ۱۰). الذين وضعوا أمامهم قول الرب: "فإني أقول لكم: إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات" (مت ه: ۲۰). إن البار في عيني نفسه لا يرى سواها، هذا نوع من تأله الذات... بل إن العبادة كلها تتحول إلى مظاهر تعود بالمدح على الذات وإثبات برها أمام الناس وتضخمها في عين صاحبها ... يصوم لينظره الناس، يُصلي ويتصدق سعيا وراء تمجيد الذات، ويمارس عبادات ونسكيات كثيرة لتأكيد البر الذاتي... وكل هذا يعمله بحبكة وحرفية رهيبة. وعندما تقع على هذا المسكين حيل الذات الخبيثة يصدق زيفها ويقتنع بإتقان دورها الذي أخذت فيه الصدارة في مجال أعمال البر وحفظ الوصايا والواقع المر أن الإنسان أبعد ما يكون عن البر في عيني الله، إذ يكون قد استوفى أجره كاملاً مدحًا من الناس ومدحا من نفسه لنفسه. ويحتقرون الآخرين: إن البار في عيني نفسه لا يرى في غيره فضيلة، ولكن عينه تبحث عن نقائص الناس، وإذ يقيس غيره على ذاته المتعظمة المتألهة يتضاءل شأن الناس جميعًا في نظره من ناحية البر والفضيلة مهما كان شأنهم ولو أن الفريسي اكتفى بمدح نفسه وإظهار بره الكاذب أمام الله لهان الأمر، ولكنه تعدى ذلك إلى ذم الناس عامة ثم تعدى بالأكثر إلى احتقار العشار الواقف بجواره. على العكس تماما كان الآباء القديسون ... ما نظروا إنسانًا قط إلا ورأوا فيه فضيلة وتعلموا منه درسا وما قارنوا أنفسهم بأحد إلا ووجدوا أنفسهم في الموازين إلى فوق. العين البسيطة: قيل إن أحد الآباء ذهب إلى أبيه الروحي في البرية حزينًا متألما فلما سأله أبوه عن سبب حزنه قال له: لقد جلست في قلايتي أعدد فضائل أخي فوجدتها ثلاثين فضيلة، ولما بحثت في نفسي بالمقارنة لم أجد فضيلة واحدة... فعزاه أبوه الروحي قائلاً : إن رؤيتك لفضائل أخيك بينما لم تر في نفسك غير النقص هذا في حد ذاته يعتبر فضيلة الفضائل، يا للعين البسيطة النقية التي ترى فضائل الناس وحين تبحث عن العيوب لا تجدها سوى في نفسها. محتقر الآخرين: كيف يصل الإنسان إلى احتقار الآخرين؟. لا شك أن العين إذا امتلأت شرًا لا ترى سوى من خلال شرها فترى شرًا في كل أحد. "لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها" (مت ۷: ۳).المحتقر الآخرين يقود الناس إلى الرجم كبريء، ولكن ماذا يفعل حينما يواجهه الرب بالكتابة أي سجل خطاياه السالفة ويقول : من منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر ؟ المحتقر الآخرين هو مخدوع مأخوذ في حفرة من أعلمه بقلوب الناس وسرائرهم من أنت يا من تدين عبد غيرك هو لمولاه المحتقر الآخرين لا يلتمس عذرًا لأخيه في خطيته لا يرحم ولا يعرف سبيلاً للمحبة بحسب المسيح. الآباء القديسون عندما رأوا خطايا آخرين ستروها بالمحبة وتوبوا أصحابها بمسلك روحاني "أيها الإخوة، إن انسبق إنسان فأخذ في زلة ما ، فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة، ناظرًا إلى نفسك لئلا تجرب أنت أيضًا" (غل ٦ : ١). وعندما رأوا أخا يخطى اعتبروها خطيتهم الخاصة وبكوا وناحوا وصلوا وتضرعوا ولم يحتقروه !!. "وقال القَوْم واثقين بأنفُسِهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل" (لو ۱۸ :۹) ، مثل الفريسي والعشار. إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا": هذه بداية كلام الرب شافي نفوسنا فالفريسي والعشار أولاً وآخرًا هما إنسانان أمام الله والإنسان ضعيف مهما عظم شأنه، صغير مهما كبر ، إنهما أمام الله إنسانان. عندما نقف للصلاة نصير أمامه مجردين تماما لا اسم ولا رتبة ولا وظيفة ولا لقب ولا شكل ولا شيء بالمرة. فأنت قبل وبعد كل شيء الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبا" (أي ١٤: ١). وما أجمل العبارة التي قالها إشعياء النبي: "كفوا عن الإنسان الذي في أنفه نسمة، لأنه ماذا يُحسب" (إش ۲: ۲۲). القديسون العظام حينما وقفوا أمام الله ما وجدوا شيئًا يتقدمون به إلى الله فوقفوا أمامه عراه وضعفاء لم يضبطوا قوة كدانيال، وكإبراهيم أب الآباء حين قال: "إني قد شرعت أن أكلم المولى وأنا تُراب ورماد" (تك ۱۸: ۲۷)، وأيوب الصديق يقول: "لذلك أرفض وأندَم في التراب والرماد" (أي ٦:٤٢)، وداود النبي يقول : "يارب، أي شيء هو الإنسان حتى تعرفه، أو ابن الإنسان حتى تفتكر به" (مز ١٤٤: ٣)، ويقول: لصقت بالتراب نفسي، فأحيني حسب كلمتك " (مز (۱۱۹ : ٢٥). الإنسان عرضة للتغير، عرضة للضعف، عرضة للسقوط لولا نعمة الله معه. فكم من إنسان بدأ بالروح وكمل بالجسد، كم من إنسان سما في الفضيلة ثم سقط من رتبته !! وعلى العكس كم من إنسان رفعه الله من المزبلة ليجلس مع رؤساء شعبه راجع مت (۱۹ :۳۰). ولكن الفريسي نسي في صلاته أنه إنسان!! يا للحسرة نسي أنه نفخة وتراب وبخار !! وضع الرب أمامنا هذا النموذج "اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار أصوم مرتين في الأسبوع وأعشر كل ما أقتنيه" ترى هل تُسمي هذه صلاة ؟ إنه واقف أمام الله لا ليأخذ بل كأنه يُعطي !! إنه الشعور بتكميل الواجبات نحو الله. ماذا يريد الله مني بعد ذلك؟ ليس له عندي شيء !! إنه شعور مؤسف حقا كأن الإنسان يتفضل على الله. ما هي صلواتنا وما هي أصوامنا وما هي عشورنا في حد ذاتها ؟ هل الله محتاج إلى هذه كلها ؟ حاشا . هل الله معوز لعبادتنا ؟ ماذا لو لم يقدم إنسان كل هذه الأمور هل ينقص الله شيء ؟ إن الله هو مصدر النعم، وأصل كل بركة ومنه وله كل الأشياء نحن حينما نُصلي نأخذ من الله، وحينما نصوم نأخذ من الله، وحينما نُعطي نأخذ من الله. هو المنعم دائما المعطي بسخاء ، الكريم في التوزيع... "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظلُّ دَوَران" (یع ۱: ۱۷). مقارنة مغلوطة تلك المقارنة في كلمات الفريسي تحوي خداعًا قاتلاً قد يكون في كلام الفريسي شيء من الصدق أنه ليس مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة. والسؤال لماذا قاس نفسه بهذه العينات الساقطة من الناس ؟ لماذا لم يقارن نفسه بالقديسين والأبرار والشهداء الذين أحبوا الرب حتى الموت؟! لماذا لم يقارن صلواته بصلوات الأبرار التي تقتدر كثيرًا في فعلها كصلاة نحميا وعزرا ودانيال والثلاثة فتية القديسين في أتون النار ؟! لماذا لم يقارن صومه بأصوام الأبرار ؟ كموسى وإيليا اللذين صاما أربعين يومًا كاملة، ولا بصوم أستير بتذللها حتى استدرت مراحم الرب، ولا بصوم أهل نينوى الذين رفع الله غضبه عنهم ؟! ولكنه وضع أمامه أمثلة ضعيفة ساقطة منحرفة لكي يزكي ذاته. إنه يصوم مرتين كل أسبوع: وهكذا من جهة العطاء : إنه يعشر كل ما يقتنيه... ألم يكشف الرب عوار الفريسيين حين قال: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون، وتركتم أثقل الناموس : الحق والرحمة والإيمان. كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك" (مت ۲۳ : ۲۳).تعشرون النعنع والبقول وتأكلون بيوت الأرامل، أيها الفريسي الأعمى تُصلي قائمًا في زوايا الشوارع لكي ينظرك الناس مزكى من الخارج وبواطنك مملوءة غش مثل قبر مبيض؟ ما أكره الرياء !. ما أحقرك أيتها الفريسية التي حجبت وجه الله فردت صلاة الفريسي الأعمى إلى حضنه وأرجعت كلماته إليه بعد أن أُغلقت السماء دونها !. القياس السلبي: القياس إلى أناس فاسدي الرأي وعادمي الذهن، والمقارنة بالمستويات الدون والسلوكيات البغيضة تؤله الذات وتجعل الإنسان بارًا في عيني نفسه، أليس هذا هو منطق كثيرين حين تبلغ إليهم كلمة الإنجيل منبهة. فيقول قائل: "أنا إنسان لا أؤذي أحدًا ولا أضر أحدًا ولا أضمر لإنسان شرا ولا أحلف ولا أشتم ولم أسرق ولم أزن وهكذا ببساطة شديدة يبرر الإنسان ذاته ويبدو كأنه غير ناقص وغير محتاج. أو قل أنه قد وصل إلى الكمال الروحي لقد وقع المسكين في الفخ وقاس نفسه بقياس مغلوط. إن قياسنا الصحيح هو ملء قامة المسيح. والسعي إلى أن نبلغ الذي من أجله قد أدركنا المسيح لعلنا نبلغ إلى قيامة الأموات والرب ترك لنا مثالاً لنقتفي آثار خطواته... فإن عرفنا هذا فلنخرج على آثار الغنم لكي لا تضل أقدامنا سبل الحياة ... لنخرج على آثار الآباء في الفضيلة والسعي وراء المسيح وإنكار الذات والحب الحقيقي والاتضاع الكامل "كونوا متمثلين بي ما أنا أيضًا بالمسيح" (۱کو ۱۱: ۱). ولا مثل هذا العشار يا ليتك كنت مثل هذا العشار الكنيسة وضعت في أفواهنا كلمات العشار نكررها كل يوم في الصلاة وصار منهج العشار في قرع صدره وتنكيس رأسه وخفض نظره في خوف ورعدة كثيرة صار كل هذا نموذجا رائعًا يُحتذى به في كنيسة الله!!. أما الفريسي فلم ير شيئًا في هذا العشار سوى خطايا منظره الخارجي. ألم يصر العشار "متى" واحدًا من الاثنى عشر رسولاً الأطهار تلاميذ الرب الذين صاروا أساسات سور أورشليم السمائية - ليتك يا أخي تبرأ من إطلاق لسانك بالجيد والرديء على الناس - العبرة بالنهايات دائما قال الرب للفريسيين: "العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله" (مت ۲۱: ۳۱). صلاة العشار : أما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء. قال أحد الآباء : إن صلاة العشار غلبت الله الذي لا يغلب لماذا وقف من بعيد. إنه شاعر أنه ليس له جرأة ولا جسارة ولا قدوم بسبب خطاياه. إنه يشعر في أعماقه ببعد المسافة بينه وبين الله القدوس لذلك وقف من بعيد أية خلطة للبر مع الأثم ؟ بأي استحقاق يقف أمام قدوس القديسين الساكن في النور الذي لا يُدنى منه؟ كيف يتقرب إليه إنسان خاطئ. هو ذات الشعور الذي سكن قلب المرأة الخاطئة فجاءت من وراء الرب عند قدميه باكية. الخوف والرعدة هما الإحساس الطبيعي للقلب المتضع عندما يتراءى أمام الله. إشعياء النبي اعتراه خوف عندما رأى السيد الرب جالسًا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل فصرخ قائلاً: "فقلت: ويل لي! إني هلكت،لأني إنسان نجس الشفتين" (إش ٦ : ٥). ذات الشعور اجتاح قلب بطرس عند صيد السمك الكثير فطلب إلى الرب قائلاً : "اخرج من سفينتي يارب، لأني رجل خاطئ" (لوه: (٨). من يستطيع أن يقترب إلى غير المتقرب منه ... إن اجتراء الفريسي وجسارته مغشوشة ومكروهة لأن دافعها هو الكبرياء والثقة بالنفس. إنه بار ماذا يمنعه من الوقوف أمام الله ، لقد تطهر بغسلات خارجية وصار واثقا في نفسه أنه ليس ما يعيبه أو يخيفه فاجترأ بغير معرفة كما يدخل إلى النار الآكلة بغباوة وثقة في النفس فإنه في الحال يحترق، لأنه ماذا يكون الإنسان في مثل هذه المواجهة. أما العشار فقد عرف نفسه واثقا أنه خاطئ وضعيف وليس له أن يقف في الهيكل. ولكن احتياجه يدفعه وشعوره بالهلاك والضياع بعيدًا عن الله جعله يهرب إلى الله... إنه يتقدم بشعور المحتاج لا بشعور المستحق، لذلك وقف من بعيد كمن يتوسل ويستجدي . الدالة عند الله تكون قوية إذا كانت مصحوبة بالاتضاع لا بالكبرياء ... بالبر الحقيقي لا بتزييف البر وتصنع القداسة. لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء : هكذا كانت عيني العشار منكسرة في اتضاع عجيب، من الذي يرى هذا المنظر ولا يرق له !! إنه بوقفته هذه وعينيه الذابلتين قد استجلب المراحم الإلهية. صارت عيناه كعيني العبيد إلى أيدي مواليهم ومثل عيني الأمة إلى يدي سيدتها. يقول المرنم : "كذلك أعيننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا"(مز ۱۲۳ : ۲)قال الرب لعروس النشيد حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني" (نش ٦ : ٥)بل قرع صدره قائلاً: "اللهم ارحمني أنا الخاطئ" ما أن تسلمت الكنيسة من فم الرب هذا التعليم عن الصلاة حتى جعلته منهجًا للتوبة في كل مناسبة، فصار قرع الصدر والوقوف في خشوع وخفض النظر إلى أسفل... صار كل هذا يُسلم من جيل إلى جيل كتعبير صادق للتوبة والرجوع والإحساس بوجع الخطية وطلب المراحم.ففي صلاة الغروب نقول : فما أجسر أن أنظر نحو السماء لكني اتكل على غنى رحمتك ومحبتك للبشرية صارخا قائلاً : اللهم اغفر لي أنا الخاطئ وارحمني"، وكذا في صلاة النوم نقول : لكني اتخذ صورة العشار قارعًا صدري قائلاً : اللهم ارحمني أنا الخاطئ". هنا تضع الكنيسة حركات توبة العشار كأيقونة دائمة للوصول إلى وقفة صحيحة مقبولة. فأوضاع الجسد مقترنة مع خلجات النفس. فإن انسحقت النفس ولصقت بالتراب صار الجسد شريكا ومعبرا عن حركات التوبة. فدموع المرأة الخاطئة، وقبلاتها التي لم تكف على قدمي المخلص، وارتماء الابن الراجع عند قدمي أبيه، وسجود سمعان في سفينته، خرّ عند قدمي يسوع قائلاً: "اخرج من سفينتي يارب" (لوه: ۸)، إلى آخر هذه الأمور صادقة التعبيرصارت أساسا من أساسات العبادة المقبولة والمرضية لدى الرب إلهنا والكنيسة تضع أيضاً صلاة العشار في أفواهنا كل يوم لننال ذات التبرير إذا نطقناها بانسحاق العشار وشوقه للخلاص. ففي ذكصولوجية الصوم المقدس نستعرض عينات للتوبة والتذلل المقبول أمام الله والذين نالوا نعمة الخلاص بالصلاة المنسحقة مثل المرأة الخاطئة واللص اليمين وأهل نينوى. وفي مقدمة هؤلاء تجيء صلاة العشار فنقول: اجعلني مثل العشار الذي أخطأ إليك وتراءفت عليه وغفرت له خطاياه" وفي ختام الثيئوطوكيات الآدام نقول : "فإن العشار اخترته والزانية غفرت لها واللص اليمين يا سيدي ذكرته.وفي مديحة تقال في شهر كيهك على أبصالية يوم الأحد نقول: "أصرخ بصوت العشار وأنا بوجه مطاطئ... اللهماغفر لي الأوزار فإني عبد خاطئ". في القداس بل إن الكنيسة كلها وهي في قمة صلواتها في القداس تقف من الرب موقف العشار المغبوط في نهاية القداس بعد صلوات القسمة حين ينادي الشماس قائلاً: "احنوا رؤوسكم أمام الرب" أي قفوا مثل العشار الذي لم يشأ أن يرفع عينيه نحو السماء ، ويجاوبه الشعب قائلاً : أمامك يارب"، فيقول الشماس: "أنصتوا بخوف الله". وهنا يقرأ الكاهن التحليل ويطلب غفران للشعب الذين أحنوا رؤوسهم تحت يدك ارفعهم في السيرة وزينهم بالفضائل". وهنا ندرك أن الكنيسة ترجمت الإنجيل المكتوب إلى حياة وحولت حركات العشار إلى واقع في حياة أبنائها واستلهمت كلمات التوبة عينها لكي تبلغ بها إلى بر المسيح نزل إلى بيته مبررًا "ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لأن من عرف فكر الرب؟ أو من صار له مشيرا" (رو ١١: ٣٣ - ٣٤). كما علت السموات عن الأرض هكذا علت طرق الرب. الفريسي في عين الناس ممدوح وممجد، معروف و مشهور بالتدقيق وحفظ الناموس ومميز بين الجميع، يشيرون إليه في كل مكان كإنسان بار ومتدين ملابسه تميزه، وشكله وتصرفاته الظاهرة. يُصلي قائمًا في زوايا الشوارع. يصوم معبسًا وجهه لكي ينظره الناس. يُعطي العشور بتدقيق بالغ حتى عيدان النعناع والشبت والكمون. وهكذا على العكس بحسب حكم الناس ونظرتهم يكون العشار ... مكروها مهانا من الجميع معروفًا بخطاياه وظلمه الخ.هذه هي أحكام الناس، بحسب المظهر الخارجي... فإن صلى الفريسي والحال هذا ، مدحه الناس على صلاته وقيامه وتدقيقه، وإن صلى العشار انتقده الناس وظنوا أنه لا يمكن أن يكون مقبولاً لدى الله. ولكن الرب يشهد في هذا المثل الصلاة العشار يقبلها ويتقبلها ويتنفسها رائحة رضى وسرور بينما يرفض صلاة الفريسي فيخرج من لدن الرب صفر اليدين خالي الوفاض.هكذا فاز اللص بالفردوس وهو في آخر لحظة يلفظ أنفاسه محكوما عليه من الناس كمذنب وفاعل شر، ولكنه صلى صلاة فقبلت وطلب من الرب المصلوب أن يذكره في ملكوته فكان أول الداخلين إلى الفردوس. وها المرأة الخاطئة محكوما عليها في المدينة كلها أنها خاطئة. صلت بدموع فسمعت دقات قلبها المحترق ونزلت من بيت الفريسي مغفورة الخطايا حاصلة على السلام. وها السامرية مشهورة في مدينتها أنها لها خمسة أزواج سابقين والذي معها الآن ليس رجلها. جلست مع الرب عند بئر سوخار فعادت مبررة تكرزبالمسيا مخلص العالم نزل العشار من الهيكل مبررًا من فم الرب، وإن كان في نظر الناس إنسانًا خاطئا، بينما نزل الفريسي راضيا واثقا في نفسه أنه بار وهو في نظر الرب مراء مرفوض. الذي سعى في إثر البر بطريقته الناموسية سقط. والذي طلب الغفران بنفس منسحقة استحق أن يتمتع بالبر وكمل قول الرب "من" يرفع نفسه يتضع ، ومن يضع نفسه يرتفع"(مت ۲۳ :۱۲) المتنيح القمص لوقا سيداروس عن كتاب تأملات في أناجيل عشية الآحاد
المزيد
16 أغسطس 2024

نشكرك لأنك نعمة الحياة

من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي "نشكرك "وحسب تقليد كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي تفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات بعد أن تتلو الصلاة الربانية. نعمة الحياة "الرب راعي فلا يعوزني شيء في مراع خضر يربضني إلى مياه الراحة يوردنی يرد نفسی يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه أيضا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك انت معى عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن رأسي كاسي ريا. إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي واسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (مزمور ۲۳) نعمة الحياة هي النعمة التي أعطاها لنا الله إلى هذه الساعة أي الساعة التي تصلى فيها، فوجودنا في هذه الحياة هو نعمة من الله، وأنه أعطانا اننا نعيش لهذه الساعة في نعمة أخرى. وقد يتساءل الإنسان لماذا خلقنا الله ؟!! نجيبه الله خلقنا لأنه يحبنا، ومحبته لنا جعلته يوجدنا لكي ما نشترك في هذه الحياة وأيضا أعطانا أن تمتد بنا الحياة إلى هذه الساعة، فهناك نفوس انتهت إقامتها على الأرض وانتقلت إلى السماء. لذلك فإننا في كل صباح نصلي قائلين" نشكرك يارب لأنك اعطيتنا نهارا جديدا وعمرا جديدا" فكل يوم يعطيه الله لنا، هو نعمة في حد ذاته. فالله، لأنه يحبك بصورة خاصة أوجدت في هذه الحياة، لكي ما يكون لك هدف معين وخطة وعمل وقصد... إن الله عندما خلق الإنسان خلقه بقصد، وصحيح أن الإنسان المشترك مع الله في نمو الخليقة وتكاثرها، وذلك من خلال سر الزيجة المقدس، إلا أن الله هو وحده معطى هذه الحياة. وهذا هو التكوين الجميل للبشرية، فإن ادم وحواء أو من مثلهما عندما يرتبطان ينتج من هذه الارتباط ابنا أو ابنة، وهذا المولود يبدا جنينا صغيرا جدا عبارة عن خلايا قليلة في رحم أمه، ثم ينمو بالتدريج على مدار 4 أشهر، حتى يأتي إلى العالم.. ويكون مجيئه سبب فرحة كبيرة للأب والأم والأسرة والمجتمع كله. حيث يتم عمل شهادة ميلاد له بتاريخ ميلاده ويصبح إنساناً له وجود في المجتمع. وهنا تبدأ الكنيسة في ممارسة دورها بصلاة الحميم ثم المعمودية المقدسة ثم يبدأ في ممارسة الأسرار الكنسية المختلفة. وتبدأ ظهور خطة الله في حياة هذا الإنسان ان الله في خلقته للإنسان، كان هدفه الاساسي هو المحبة لذلك نقول "الله محبة" (١يو ٨:٤)، ومن هذه المحبة أوجد الله الإنسان حتى إنه لا يستطيع أن يعيش إلا من خلال هذه المحبة، وأيضا الله لا ينسى الإنسان الذي خلقه كما يقول الكتاب "فهل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا انساك، هوذا على كفى نقشتك" (إش ١٥:٤٩- ١٦) ومن الطقوس الجميلة في كنيستنا فكرة بيض النعامة التي توضع على باب الهيكل، إشارة إلى القيامة، وأيضا إلى عناية الله لأن النعامة تدفن بيضها في التراب، وبذلك تعرضه لخطر اقدام الحيوانات التي من الممكن ان تهرس البيض، ولكن الله يحفظ البيض، فالله الذي استطاع أن يحفظها، يستطيع أيضا أن يحفظك لأن عينيه عليك فلن ينساك الله يظل يعتني بالإنسان ويرعاه "الرب راعي فلا يعورني شيء" (مز ۱:۲۳)، وبالرغم من كل هذا، قد يقول البعض أن وجودي غير مهم في هذه الحياة ... أو لماذا خلقني الله ؟!! وكأنه يعتدي على نعمة الله أمثلة من الكتاب المقدس توضح نعمة الحياة إرميا النبي فعندما رفض شعب مملكة يهوذا كلام ارميا النبي ونبواته ورفضوا التوبة كتب ارميا وقال "ملعون اليوم الذي ولدت فيه اليوم الذي ولدتني فيه أمي لا يكن مباركا " لماذا خرجت من الرحم، لأرى تعباً وحزناً فتفنى بالخزى أيامی (ار ١٤:۲۰-۱۸) يونان النبي فعندما ذبلت اليقطينة التي كان يستظل تحتها ورأی شعب نينوى لبس المسوح وبدأ في حياة التوبة الصادقة، قال "موتي غير من حیاتی (یون٤ :۸) أبوب الصديق تعرض لتجارب وآلامات شديدة جداً، فقال: "ليته هلك اليوم الذي ولدت فيه، والليل الذي قال: قد حبل برجل لم لم أمت من الرحم" عندما خرجت من البطن، لم لم أسلم الروح" ( ای ٣:٣-١١) لكن أيوب بعدما دخل التجربة وتمحص وتصفى من حب الذات كانت النتيجة أنه عاش بعد هذه التجربة ١٤٠ سنة وأعطاه الله نعمة الوجود، وأصبح يمكنه أن يقف يصلى ويقول اشكرك يارب لانك أتيت بي إلى هذه الساعة إن كثيرين من الممكن أن يتعرضوا إلى مثل هذه المواقف لكن الحياة نعمة، والاعتداء عليها يعتبر خطية، لذلك الإدمان خطية والانتحار خطية فكلاهما اعتداء على نعمة الحياة يعقوب أبو الآباء عندما علم من أولاده أن يوسف حي يقول الكتاب "فجمد قلبه لأنه لم يصدقهم ثم كلموه بكل كلام يوسف الذي كلمهم به، وأبصر العجلات التي أرسلها يوسف لتحمله فعاشت روح يعقوب أبيهم فقال إسرائيل كفى يوسف ابني حي بعد أذهب وأراه قبل أن أموت، (تك ٢٦:٤٥-٢٨) وكما ذكر الكتاب أنه عندما علم يعقوب بموت يوسف عن طريق وحش ردي كان مثل الميت ولكن عندما علم أن ابنه حي ردت فيه الحياة مرة ثانية، فقال يعقوب ليوسف "أموت الآن بعدما رأيت وجهك انك حي بعد" (تك ٣٠:٤٦) وفي هذه اللحظة اعتقد أنه وقف وقال اشكرك يارب لأنك أتيت بي إلى هذه الساعة. سمعان الشيخ الذي ولد قبل مجيء السيد المسيح، واشتراك في ترجمة التوراة، وتوقف عند كلمة عذراء تحبل وتلد، فوضع بدلاً من كلمة "عذراء "كلمة فتاة فظهر له ملاك الرب، وأمره أن يكتب كلمة عذراء وليس فتاة، ووعده أنه لن يرى الموت قبل أن تتحقق هذه النبوة "وكان قد أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب(لو ٢٦:٢) وبالفعل عاش سمعان الشيخ حتى حمل الطفل يسوع على ذراعيه وبارك الرب قائلاً "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام(لو ۲ :۲۹)، وغالباً قال سمعان في هذه اللحظة "اشكرك يارب لأنك اتيت بي إلى هذه الساعة" لماذا أتي بك الله إلى هذه الساعة : ان مجرد أن يأتي الله بالإنسان إلى هذه الساعة، فهذه فرصة، لأنه في نفس هذه الساعة انتهت الفرصة عند آخرين. أولاً فرصة توبة فربما لم يقدر الإنسان على التوبة بالأمس، فهي فرصة للتوبة فرصة لتنقية القلب فرصة لطرد كل خطية إلخ فاثناء الصلاة يقدم الإنسان تعهدا لله على ترك الخطية، حتى يتقابل مع أب اعترافه ويعترف لكيما ينال جلاً وهذه الفرصة قد تضيع إن لم ينتهز الإنسان الفرصة فمثلاً لو كان القديس موسى الأسود. قد عاند وظل كما هو في الشر، ولم يذهب إلى القديس ايسيذوروس، لكان سوف يظل في خطيته، ولكنه استغل فرصة التوبة وتحول. وصار من إنسان قلبه أسود إلى قلب أبيض، وقديس تتشفع به، رغم أن حياته الأولى كانت لا تسر ولا تفرح قلب الله. وتتخيل أن القديس موسى وقف يصلي ويقول أشكرك يارب لانك اتيت بي إلى هذه الساعة ساعة التوبة. ثانيا: فرصة مصالحة ربما يكون الإنسان متخاصما أو قاضيا أو زعلانا مع شخص آخر، وهنا اسال نفسك هل ستسمح أن تنتهى حياتك وانت تحمل كل هذه الأخطاء انتبه أيها الحبيب، فهناك فرصة للمصالحة وعندما تتقدم للمصالحة، فأنت تصنع عملاً سمانيا، فهناك مشاكل قد تستمر لسنوات طويلة وكان من الممكن أن تنتهى بسرعة إن تقدم أحد الطرفين بطلب المصالحة فوجود الإنسان في الحياة حتى هذه الساعة، هو فرصة لصنع السلام مع الآخرين، وكأنه يبدأ صفحة جديدة في حياته تتخيل معى لو أن والد الابن الضال لم يقبله وليس هذا فقط بل أيضا طرده ووبخه بالطبع كان سيعود هذا الابن إلى خطيته مرة أخرى، وربما إلى أكثر مما كان عليه، وبذلك تضيع فرصة المصالحة. ثالثا: فرصة عمل وخدمة يقول الكتاب قال "الكسلان الأسد في الطريق الشبل في الشوارع"(أم ١٣:٢٦). فهناك من يضع معوقات في الطريق والمبررات ولا يستطيع أن يقول كلمة اخطيت من قلبه أتيت بنا إلى هذه الساعة هي فرصة عمل "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل، (يو٥: ۱۷)، فالسيد المسيح في سنوات خدمته على الأرض، كان في عمل وخدمة دائمة ومستمرة، فلا تؤجل أي عمل أو خدمة تطلب منك، واستغل الساعة التي أعطاها لك الله في عمل الخدمة بكل أنواعها وأشكالها واتذكر أنه في إحدى المرات وقبل وجودي في مسئوليتي الحالية جاء إلى شخص وأخبرني عن إنسان يريد التناول وأعلمني أن هذا الشخص بعيد تماما على الكنيسة منذ ما يقرب من ٢٠ عاما !! فذهبت إليه وقبل أن يأخذ التناول قال لي أريد أن اعترف أولاً وبالفعل قدم اعترافا بتوبة وندم، ثم تقدم المتناول من جسد الرب ودمه، وبعد حوالي ساعتين تنيح فالحياة فرصة عمل وخدمة. رابعا: - فرصة للنمو بمعنى أن ينمو الإنسان روحيا. ومعرفيا ودراسيا ينمو في الخبرة والمعرفة، فهناك شخص لا يحب أن يضيع الوقت واتذكر انني في إحدى المرات كنت في الخارج، وكلفت شخصية معينة أن تكون مرافقة لي، فقلت في نفسي هذه فرصة، فالقطار سياخذ ، ساعات من الممكن أن أتعرف فيها على معالم هذه البلد، من خلال هذه الشخصية المرافقة ولكنني فوجئت أن هذه المرافقة قد استغلت هذه الساعات في قراءة أحد الكتب فقد استغلت هذا الوقت في زيادة معرفتها عن طريق القراءة. فهناك شخص قد يستغل الوقت، في الجلوس إلى الأجهزة الحديثة ولكنه لا يستغلها بطريقة جيدة، ويضيع الوقت الذي هو أثمن عملية بدون فائدة فالحياة هي فرصة نمو على كل الأصعدة، لكيما تكون شخصية الإنسان متكاملة. خامسا: - فرصة صلاة الحياة فرصة للصلاة والتسبيح لقراءة الإنجيل. وفرصة لعلاقة روحية اكثر فيكون لك نصيب في السماء وتعرف طريقك من تقليد الكنيسة أنه يوجد ما يسمى بالصلاة السهمية (الدائمة)، استغل الوقت في الصلاة في قراءة الكتاب المقدس وكلما روح الصلاة تتاجج في الإنسان. حياته تكون أكثر استنارة، ويكون بالحقيقة ابنا للسماء، ويصبح قلبه علينا بالنور نشكرك يارب لأنك أتيت بنا إلى هذه الساعة(نعمة الحياة التي تعطيها للإنسان) قداسة البابا تواضروس الثاني عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
15 أغسطس 2024

بدعة أفوديوس

فى حوالى عام 370م عشق رهبان نتريا فكر العلامة أوريجانوس فى التفسير وحفظ كثير منهم كتابات العلامة المصرى أوريجانوس، وكان الأخوة الطوال فى مقدمة هؤلاء الذين حفظوا عن ظهر قلب الملايين من سطور كتابات أوريجانوس، وإشتهر الإخوة الطوال بالقداسة والنسك والزهد الشديد، وسجل التاريخ نضالهم ضد الأريوسية وذهب أحدهم مع البابا أثناسيوس الرسولى إلى نيقية، وكانوا على علاقة طيبة مع كل من البابا أثناسيوس الرسولى 20، والبابا تيموثاوس 21، وكانوا على علاقة طيبة مع البابا ثاؤفيلس البطريرك رقم 23 حتى عام 400م وكان قد احبهم واكرمهم فرسم ديسقوروس أسقفاً على هرموبوليس، وأراد أن يرسم أخاً آخر منهم أسقفاً إلا أنه قطع اذنه، ورسم الأثنين الباقيين كاهنين عنما رفضاً الأسقفية وأراد البابا أن يبقيهما بالأسكندرية ولكنهما فضلا سكنى البرية وفى شقوق الأرض لممارسة عباداتهم الروحية. وقوع اغلبية من الرهبان فى بدعة وهرطقة تصور شكل الله الإنسانى فى منطقة الأسقيط حيث كان يتواجد أعداد كبيرة من الرهبان وكانوا فيما يبدوا على درجة بسيطة من العلم، رفضوا التفسير الرمزى الأوريجانى رفضاً قاطعا بل أنهم إعتبروا الرهبان الذين يأخذون به أعداء وهراطقة، وقاموا بتفسير العهد القديم تفسيراً حرفياً فتصورا أن الإله له وجه وعينان وأيدى وأعضاء جسدية وفسروا بعض الايات التى وردت فى العهد القديم بلغة يفهمها البشر بتفسير حرفى كقول العهد القديم إسجدوا عند موطئ قدميه (مز99: 5) عيناى على أمناء الأرض... المتكلم بالكذب لا يثبت أمام عينى (مز 101: 6، 7) يداك صنعتانى وأنشأتانى (مز119: 73) أضئ بوجهك على عبدك وعلمنى فرائضك (مز114: 135) وهكذا سقطوا فى بدعة جديدة إعتنقوا فكر تجسيم شكل الإله أو تصور شكل الإله الإنسانى Anthropomorphism كان رأس وقائد هذه البدعة أفوديوس من بين النهرين وجر ورائه الكثيرين من الرهبان... وحدث نزاع فكرى بين الوريجانيين من جهة وأصحاب هرطقة تصور شكل الإله الإنسانى Anthropomorphism كم جهة أخرى وأصبح هناك حزبين من الرهبان وكثر اللغط والكلام حول هل للإله أعضاء جسدية؟ وهكذا أصبح فى مصر فريقان من الرهبان فريقاً وصل إلى أقصى درجات العلم فى التفسير وهو الفريق الذى تبنى التفسير الرمزى الأوريجانى وآخر فريقا من الرهبان جاهلاً تصور أن للإله أعضاء جسدية حسية وكان للأسف الرهبانمن أصحاب بدعة تصور شكل الإله الإنسانى Anthropomorphism هم الأكثر عدداً وقوة، فقد كان التعلم فى الأزمنة القديمة لا يقدر عليه إلا الأغنياء وكان يعتبر شكلاً من أشكال الرفاهية.
المزيد
14 أغسطس 2024

تعظم نفسى الرب

بمناسبة صوم العذراء ، كنا في الأسبوع الماضي قد تكلمنا عن زيارة العذراء لاليصابات ، وأخذنا منها درساً عن لقاءات القديسين وفي هذه الليلة نتابع حديثنا عن زيارة العذراء لأليصابات، فنتأمل في تسبحة العذراء ، وبخاصة في عباراتها الأولى تعظم نفسى الرب ، وتبتهج روحي بالله مخلصي » ( لو ١ : ٤٦ ) تعظم نفسى الرب لما رأت العذراء أن اليصابات ، مدحتها بقولها "مباركة أنت في النساء ، طوبى للتي آمنت بما قيل لها من الرب ، من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلى " لم تشأ أن تجعلها تسترسل في مديحها بل حولت موضوع اللقاء من مديح لها الى مديح للرب . وأنشدت تسبحتها المشهورة " تعظم نفسى الرب " وهكذا قطعت على اليصابات مديحها لها ، وحولت أفكارها إلى الرب في الواقع اننا نجد فارقا كبيرا جدا بين العذراء التي تأملت عظائم الرب ، وبين أيوب الصديق في حديثه عن عظمته الشخصية : أيوب الصديق وقف يمدح نفسه فقال " رآني الغلمان فاختبأوا،الشيوخ قاموا ووقفوا - العظماء أمسكوا عن الكلام ، ووضعوا أيديهم على أفواههم . صوت الشرفاء اختفى ، ولصقت ألسنتهم بأحناكهم . لان الأذن سمعت فطوبتي ، والعين رأت فشهدت لي . لأني أنقذت المسكين المستغيث اليتيم ولا معين له . ليست البر فكساني ، كجبة وعمامة كان عدلى كنت عيوناً للعمى ، وأرجلا للعرج " أما السيدة العذراء ، فلم تعظم نفسها ، انما عظمت الرب كلامها كله كان عن الله ، الذي صنع قوة بذراعه " واسمه القدوس ، ورحمته التي من جيل إلى جيل ، الذي شتت المتكبرين ، وأنزل الاعزاء ورفع المتضمين ، وأشبع الجياع " كل كلامها كان عن الله ، وليس عن ذاتها . لم تقل انها صنعت شيئا عظيماً ، وانما « القدير صنع بي عظائم » . أرادت العذراء أن تختفى ، لكى يظهر الله . قطعت مديح اليصابات لها ، لكي تمدح الله كان الله يملأ قلبها وفكرها ووقتها وفمها ، ويشغل اهتمامها .إن العذراء مشغولة بالله ، وبتأمل أعماله ورحمته واسمه القدوس.. لم تحدث اليصابات عن ظروفها . ولم تسرح معها في أحاديث اجتماعية أو عائلية ، إنما حدثتها عن الله ، وكانت مقابلة روحية ليتنا ناخذه تدريباً لنا في حياتنا ، ان ننشغل بالله ، وأن يكون الله هو موضوع احاديثنا ومركز تفكيرنا " تعظم نفسى الرب "تذكرنا هذه العبارة بقول السيد المسيح "أنا مجدتك على الأرض " ( تك ۱۷ ) ، وبقولنا في الصلاة الربية" ليتقدس اسمك " تذكرنا أن يكون الله هو الكل في الكل في حياتنا "ليس لنا يا رب ليس لنا ، لكن لاسمك القدوس اعط مجداً " تذكرنا أيضاً بانشغال القديسين بالله باستمرار . صار الله لهم طعاماً نهاراً وليلا ، صار أنشودتهم ، وأغنيتهم ، وحديثهم ، وهذيذهم اسأل نفسك في أي شيء تشغل وقتك ؟ في الله أم غيره ؟ " تعظم نفسى الرب " ان أردت أن تعظم الرب ، فابعد عن تعظيمك لذاتك ،ولكل ما يمت اليك بصلة الشعب عظم هيرودس الملك ، وقالوا عن صوته " هذا صوت إله" فضربه ملاك الرب بالدود فمات ، لأنه لم يعط مجداً للرب . وشعب أفسس عظموا أرطاميس . والشاعر عظم أباه بقوله : وأبي كسرى علا ايوانه أين في الناس أب مثل أبي التامل في عظمة الله : هناك مجالات كثيرة للتأمل في عظمة الله : الله غير محدود في عظمته ، غير محدود في قوته ، غير محدود من جهة المكان والزمان ، هو الألف والياء ، البداية والنهاية الكون كله لا يسعه ، والزمن لا يحده . هو موجود قبل الزمن ، هو أزلى قبل الدهور . هو غير محدود فى كماله في قدسيته ، في صلاحه ، في جماله موسى رأى شيئاً من جماله ، فأضاء وجهه حتى أن الناس لم يحتملوا رؤيته ، فلبس برقعاً الله غير محدود في علمه ، في معرفته ، في فهمه ، في حكمته شتان بين علمه وعلم البشر كل علوم البشر جهالة عند الله الناس تعرف بعض أشياء عن بعض أشياء ، أما الله فيعرف كل شيء عن كل شيء وعن كل أحد ويعرف بلا واسطة ولا أجهزة ، وبلا تدرج ، وبكل يقينية ، ويعرف الخفيات، يعرف الغيب ، والمستقبل ،ويقرأ القلوب والأفكار امامه نقول كما قال أيوب " نطقت بما لم افهم ، بعجائب فوقى لم أدركها " حقا "تعظم نفسى الرب" كل صفة من صفات الله : إن تأملتها تتوه وتقول " تعظم نفسى الرب " وتشعر بتفاهة الكون كله وبتفاهة ذاتك أمامه . ليتنا نتأمل في جوانب العظمة الإلهية ، وما فيها من كمالات . ونحن نعظم الله ، لا لأنه محتاج لتعظيمنا ، انما لأن أرواحنا وأفكارنا والسنتنا تتقدس باسم الله وذكره وصفاته ، وتعلو أرواحنا الى مجال الهى يرفعنا معه الى علو اسمى منا إن الله ليس محتاجاً إلى تمجيدنا ، ولا إلى تمجيد الطبيعة التي تحدث بمجد الله ، وتخبر بعمل يديه ولا إلى تمجيد الملائكة إنما تمجده صفاته وطبيعته ولاهوته . هو ممجد بذاته وان كان التأمل في صفات الله وفى لاهوته أعلى منك ، يمكنك ان تعظم نفسك الرب في خليقته ، في الطبيعة وفي ذاتك مجرد التأمل في زنبقة من زنابق الحقل التي لم يستطع سليمان أن يلبس كواحدة منها ، أو التأمل فى الأفلاك والكواكب والقوانين التي تحكمها وهي معلقة في الأجواء ، أو التأمل في أجهزة الجسد التي تعمل في حكمة عجيبة وفق قوانين رائعة ، كل ذلك وغيره ، نقف أمامه ونقول و تعظم نفسى الرب وان كنا تعظم الرب على الأشياء الحاضرة ، فبالأكثر تعظمه على الأشياء المستقبلة ، على ما لم تره عين ، وما لم تسطع به اذن وما لم يخطر على قلب بشر مجرد إقامة الموتى ، أمر عجيب ، نقف أمامه ونقول" تعظم نفسى الرب " حقاً كيف يقيم التراب ، ويمنحه حياة ..!! أما العظمة التي تراها في الانسان الذي وصل الى القمر والمريخ فهي أيضاً منحة من الله ، الذي وهب الانسان الذكاء والمعرفة فأمام هذه العظمة تقول « تعظم نفسى الرب » . أمام عظمة الله ينسحق الانسان ، ويتضع قلبه من أنا ؟ مجرد إنسان بسيط في هذا الكون الضخم ، اعيش في فترة زمنية ضئيلة تقع وسط الدهور ما كياني ؟ وما معرفتي ، وما قدرتي ، أمام الله غير المحدود ، القادر على كل شيء ؟! امام عظمة الله تشعر بالضآلة ، وبأننا لاشيء وان نظر الينا الله نقول « لأنه نظر إلى اتضاع أمته » وعندما تنسحق نفسك ، ننال من الرب المواهب الله لا يزيد شيئاً بتمجيدك فهو لا يزيد ولا ينقص ولكنك تزداد حباً ، وتزداد خشوعاً ، وتزداد اتضاعاً ، وتزداد عمقاً ، كلما تتأمل عظمة الله ، وتعظم نفسك الرب فتبتهج روحك بالله مخلصك عجيب أن كل هذه التأملات التي تزخر بها تسبحة العذراء تصدر عن فتاة في حوالي الرابعة عشرة من عمرها ، ولكنه عمر مملوء بالروح ، عميق في خبرته ، عمر تربى في الهيكل "تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصي" إن حياة البهجة بالروح موضوع طويل ، نتركه إلى فرصة أخرى . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن مجلة الكرازة العدد الرابع والثلاثون عام 1976
المزيد
13 أغسطس 2024

مفهوم الألم

إِحنا فِى أيام السِت العذراء نُحِب نقرّب لها وَنقرّب لِصفاتِها وَنقرّب مِنَ طبيعة حياتها ، مِنَ ضِمن الحاجات الّلى تشدِنا قوِى فِى حياة السِت العذراء أنّها " مُتألِمة " ، أبوها وَأُمها دخّلوها الهيكل وَهى عندها 3 سنين وَهى عندها 6 سنين أبوها مات وَهى عندها 8 سنين أُمها ماتِت فأصبح كده ملهاش حد لاَ أب وَ لاَ أُم ، لمّا كِبرت شويّة لازِم تُخرُج مِنَ الهيكل ، فبدليل إِنْ ملهاش حد مين الّلى تولّى شأنها شيوخ الكهنة بتوع الهيكل ، قالوا طب نعمِل إِيه فِى البِنت الغلبانة دى ؟ فكان الدور على الّلى بيخدِم زكريا الكاهِن فقالوا له صلّى للموضوع ده وَنشوف مشورة ربِنا أنّهُمْ يختاروا مِنَ شيوخ إِسرائيل الموجودين فِى الوقت ده لقوا أنّ فِى حمامة إِستقرت على يوسِف البار فقالوا إِنّهُ هو ده الّلى يخُدها يوسِف نَفْسَه كان عِنده حوالِى 87 سنة قال لهُم إِنتُمْ ياجماعة عايزين تضحّكوا علىّ النّاس ، أنا واحِد عِندى 87 سنة أخُد بِنت عندها 12 سنة ، ده حتّى صعب قوِى ، فِى البِداية لَمْ يقبل لكنّهُمْ أقنعوه أنّهُ هو يأخُدها وَطبعاً السِت العذراء كان فِى قلبِها ندر البتوليّة ، وَكان فِى قلبها ندر أنّها تعيش لله كُلَّ أيام حياتها ، لكِن لأنّ ملهاش حد قبلِت أنّها تروح مَعَ يوسِف وَنيتها أنّها تحفظ نَفْسَهَا وَيوسِف فِى نيته أنّهُ يحفظ هذهِ العذراء بِنت فقيرة يتيمة موضِع عطف مِنَ النّاس ، بعد كده هنلاقِى موضوع البِشارة بالحبَل الإِلهِى وَعدم تصديقها وَعدم إِيمانها يكفِى لحظة واحدة مِنَ الألمْ مِنَ لحظات الشك الّلى مِنَ يوسِف البار للسِت العذراء ، يكفِى لحظة واحدة يكفِى نظرة واحدة مِنَ نظرات الشك دى فِى مين ؟ فِى السِت العذراء !! يعنِى أُمْ الأطهار شفيعة البتولين ، يعنِى البتولين لمّا يحِبّوا يتشفّعوا يأخُذوا قوّتهُمْ مِنَ السِت العذراء ، لِذلِك تحسّوا كده إِنْ الرُهبان يحبّوا يسمّوا أديرتهُمْ على السِت العذراء علشان ياخدوا مِنها مُعينة لِبتولِيتهُمْ ، أُم البتوليين دى أتنظُر لها نظرة شك فِى أنّها خاطِئة ! تلقى كده دير العذراء السُريان وَدير العذراء البراموس ، طب ما جمب بعض ما يختاروا إِسم تانِى ، لأ00دى تُعتبر العذراء شفيعة المحرّق يحبّوا الرُهبان ياخدُوها مُعينة لِبتوليتهُمْ ، وَلمّا ربِنا أعلن برائتِها برؤية هى لَمْ تنطِق وَلَمْ تتكلّم وَلَمْ تُجادِل ، إِحتملت ، وَبعد كده نلاقِى برضه آلام الولادة بِتاعِتها وَتقبل أنّها تخبّط على بيوت النّاس علشان تنزِل عندُهُمْ ، برده دى مُش سهلة مرّة واحدة غير مؤمِنة ( يعنِى غير مسيحيّة ) راحِت تعيِّد على واحدة صاحبِتها مسيحيّة فبصِت كده لاقِتها عاملة ديكور ، قالِت لها إيه ياأختِى ده ؟ قالِت لها دا مِزود ، مِزود ! بصِت وَقالت لها أصدك ذريبة ، قالِت لها آه ذريبة ، قالِت لها هو إِتولد فِى ذريبة ؟!! أصل إِحنا بنحِب نجمِلّ الكلمة شويّة لكِن هى ذريبة ، مين ترضى إِنّها تولِد فِى ذريبة ؟؟ بعد كده يجى يقول لها خلّى بالِك الملِك بيطلُب نِفوس الأولاد الصغيرين ، معاها راجِل داخِل فِى 90 سنة ، واحِد 90 سنة وَعمّالين يخبّطوا على بيوت النّاس الّلى بياكلوا عندُهُمْ لُقمة وَالّلى بيباتوا عندُهُمْ ليلة ، فين على بال ما حد يتحنِّن عليهُمْ ، علشان كده تلاحظوا إِنّهُمْ قعدوا فِى كُلَّ حِتّة شويّة ، متلأهُمش إِستقروا فِى حِتّة خدوها كده لفّة مِنَ أول العريش لِغاية جبل المحرّق تحت سوهاج وَعمّالين يفوتوا على كُلَّ بلد شويّة ، بلد تقبلهُمْ وَبلد ترفُضهُمْ ، إِنسانة مُتألِمة لَمْ تستريح لَمْ تستقِر يكفِى أنّها فِى النهاية تشوف الآلام إِبنها وَهو على الصليب وَشايفه إِنّه هو مظلوم وَعارفة إِنّها ملهاش حد مِنَ بعده ، يعنِى لو كان لها حد أقرب مِنَ يوحنا كان هو الأضمن وَالأئمن إِنّه ياخُدها ، لكِن هى دليل إِنْ ملهاش حد راحِت عند يوحنا ، علشان كده حتّى سمعان الشيخ فِى نبّوِته عَنَ العذراء [ أنتِ سيجوز فِى نَفْسَكَ سيف ] ، يعنِى فِى سيف هيجِى عليكِ 0 الألم:- إِيه حكاية الألم دى ؟! فِى ناس يربُطوا الألم بالخطيّة ، لأ مش شرط ، مش شرط تكون بسبب خطيّة ، تجرِبِة ربِنا لعبيده مش شرط تكون خطيّة ، آه مُمكِن تكون خطيّة لكِن مش لازِم تكون خطيّة ، وَإِلاّ السِت العدرا عملِت إِيه خطيّة علشان خاطِر تكون فِى كُلَّ الآلام دى ، دى إِستحقِت إِنّها تكون والِدة الإِله ، إِستحقِت حشاها البتولِى إِنّه يحمِل جمرة لاهوت إِبن الله ، أكثر مِنَ كده إِستحقاق ! دا مفيش طبع فِى البشر يفوق الطبع ده 0 عايِز أكلّمكُمْ فِى 3 نُقط فِى موضوع الألم :- 1- لِماذا الألم ؟ ليه يارب ليه يارب فِى فِى أولادك يُبقى متألمين ؟ يُبقى فِى مرضى ؟ يُبقى فِى حزانى ؟ ليه تسمح حد يتنقِل مِنَ وسط أُسرة أحباء عليه ؟ ليه تسمح إِنْ فِى واحِد يكون عِنده تجرُبة صعبة فِى شُغله ؟ ليه تسمح إِنْ واحِد يتهموه تُهمة زور ؟ ليه تسمح بإِنّهُ يوجد أى فشل فِى حياته ليه ؟ لِماذا الألم ؟ ليه ؟ ياما الإِنسان يُبقى مش فاهِم ليه ؟ هو فِى الحقيقة إِستجابة لحاجة واحدة بس ، [ ما أبعد أحكامه عَنَ الفحص وَطُرقه عَنَ الإِستقصاء ] ،[ وَزى ما إِرتفعِت السماء عَنَ الأرض ترتفِع أفكارِى عَنَ أفكاركُمْ ] فِى فرق إِنتُمْ بتفكّروا تحت ، وَأنا بفكّر فوق ، إِنتُمْ ليكُمْ هدف وَأنا لىّ هدف ، أنا لىّ هدف تكسبوا الأبديّة ، أنا لىّ هدف إِنْ إِنتُمْ تكونوا قديسين بِلاَ لوم ، إِنتُمْ ليكُمْ هدف تربحوا الأرض ، إِنتُمْ ليكُمْ هدف تتمتّعوا على الأرض ، ليكُمْ هدف إِنْ إِنتُمْ تاخدوا مناصِب وَمراتِب فِى الأرض ، أنا بقنعكُمْ مفيش فايده ، إِنتُمْ ماشيين فِى سِكّة وَأنا ماشِى فِى سِكّة 0 هدف الله مِنَ الألم:- الألم الّلى ربِنا بيبعته للإِنسان كُلَّ هدفه إِنّه يوّحده بالأبديّة ، إِنّه يقرّبكُمْ مِنَ الأبديّة ، إِنّه يقرّبه للسماء وَإِنّه يخلّيه يتنقّى مِنَ أى شائِبه ، أدِى هدف ربِنا ، هدف ربِنا مِنَ الألم إِنّه ينقّى أولاده وَيُحضِرهُمْ لِنَفْسَهِ بِلاَ عيب وَلاَ دنس ، هدف ربِنا إِنّه يُعِّد لِنَفْسِهِ نَفْسَ كامِلة نقيّة مُتعلِّقة بِهِ بالكمال 0 الألم فِى حياة أبونا إِبراهيم يجى ربِنا كده يلقى مَثَلاً أبونا إِبراهيم نَفْسَه مُتعلِّقة بِزيادة بإِسحق ، وَإِبتدى يفرِح بإِسحق ، وَإِبتدى مركز حياة إِبراهيم يُبقى إِسحق ، يروح يقول لهُ طب لو سمحت أنا عايِز إِسحق ، ليه بس يارب ؟ ما أنت الّلى عطيطه إِسحق ، سيبه يتمتّع بإِسحق ، أنا شاعِر إِنْ دايرة إِهتمامات إِبراهيم صارت إِسحق ، أنا مبقِتش مركز حياته ، أنا عايِز أبقى مركز حياته ، فأقول لهُ طب هاته فيجِى ربِنا وَيقوله هاته ، يقول لهُ حاضِر، مفيش فِى إِيديه غير إِنّه يقوله حاضِر ، ليه ياربِى عملت كده ؟ أصل أنا عايِز أرجّع إِبراهيم إِنْ مركز حياته يُبقى أنا ، وَعايِز أفكّره إِنّى أنا الّلى عطتهوله ، يُبقى أصلاً هو بتاعِى ، يُبقى كان المفروض محِبّة إِبراهيم لإِسحق تكون محبّة الله الّذى أعطى إِبراهيم إِسحق ، مش محِبّة إِسحق الّلى تفصِلنِى عَنَ الله ، فيقول لهُ هات إِسحق ، هدفك إيه مِنَ التجرُبة الصعبة المُرّة دى ؟ هدفِى إِنّى أديله قوّة إِنّى أبقى أنا مركز حياته وَمركز إِهتمامه ، أنا صعبان علىّ إِبراهيم ده بس أخاف أحسن كُلَّ آماله يضعها فِى إِسحق ، أخاف إِنّه يُبقى هو أفتِكره مركز حياته يُبقى إِسحق وَإِبتدى ينسانِى ، لأ 0 أنا عايِز أفكّره إِنّى أنا الوهّاب وَأنا الرزّاق وَمُعطِى جميع الخيرات ، وَأنا مركز حياته ،عايِز أفكّر إِبراهيم، فيسمح لهُ ربِنا بالتجرُبة دى يحِب ربِنا يبعت تجرُبة الهدف منها نقاوة ولاده ، مجد ولاده ، خلاص ولاده ، لو النَفْسَ أحبائى مُستنيرة تعرف تكتشِف السر ده ، النَفْسَ بعيدة صعب جِداً تكتِشفه ، صعب جِداً 0 الألم فِى حياة أبونا يعقوب تشوفوا كده أبونا يعقوب ، أبونا يعقوب ده بعيد عنكُمْ إِبتدى حياته كان مكّار شويّة وَكان أنانِى شويّة ، إِنتزع البكوريّة بحيلة ، يعنِى كان عايِش بِطريِقة مُدلّلة وَكانت أُمّه تملّى فِى صفّه ، ربِنا شايِف إِنْ أبونا يعقوب ده وعاء جميل وَحلو خالِص صعبان عليه إِنْ يعقوب يفضل زى ما هو كده فعايِز يغيّره شويّة فعمل إيه ؟ طب أنا هسمح لك تنسِحِب مِنَ وسط الجو المُدلّل الّلى إِنت فيه ، حِتّة الخشبة ملهاش قيمة وهى مقطوعة مِنَ الشجرة ، لكِنْ لمّا تتمسح ، لمّا تدّهن وَتتلّمِع تُبقى حلوة وَمُمكِن نستخدِمها ، هو أبونا يعقوب ده حِتّة خشبة حلوة نوعها جميل بس لِسّة متنفعش تُستخدم لأنّ فيها خشنات كتيرة وَرواسِب ، فربِنا حِب يسنفره ، خرّجه للبرّيّة وَسابه لوحده وَبدال ما ينام على سرير أبو مخدّه ناعمة ، نام على حجر وَلمّا نام على حجر شاف السماء مفتوحة ، شاف السُلّم الّلى طالِع للسماء وَربِنا برده بعت لهُ الّلى أمكر منه ، مين ؟ الّلى هو مين ؟ لابان ، زى ما هو ضحك على أخوه برده ده ضحك عليه وَإِدّاله ليئة وَبعد كده فين عُقبال ما إِدّاله راحيل ، إِبتدى ربِنا عمل إيه فِى يعقوب ؟ نقّاه ، صحيح شكلها فِى الوقت ده مذلول ، شكلها ده إِنْ مُمكِن واحِد يقول ربِنا سايبه أو إِنْ ربِنا غضبان عليه ، لاَ سايبه وَلاَ غضبان عليه ، ده بيأدّبه ، بيودّبه ، ده بيهيّأه 0 الألم فِى حياة أيوب الصدّيق تعال كده نشوف أيوب البار ، أيوب الصدّيق ده يعنِى البلاوِى الّلى فِى الدُنيا الّلى صعب نحتمِلها ربِنا راح عطاها له ، وَهو قاعِد كده يجى لهُ خبر إِنْ كُل غنمه ماتوا ، كُلّهُمْ ماتوا مرّة واحدة ، كُلّهُمْ مرّة واحدة ! وَبعد كده يجيله خبر إِنْ ولادك كُلّهُمْ كانوا مجتمعين فِى بيت واحِد مِنَ إِخوتهُمْ البيت وقع عليهُم ماتوا كُلّهُمْ ، ماتوا كُلّهُمْ إِتجمّعوا فِى البيت الّلى هيوقع طب واحِد وَلاّ إِثنين عشرة مجتمعين فِى بيت وِقع ! يا ساتِر يارب ، بعد كده تلاقيه قال لهُمْ [ الرّبّ أعطى الرّبّ أخذ ليكُنْ إِسمْ الرّبّ مُباركاً ] أقول إيه بس مش قادِر أقول ، بس أنا قُلت لربِنا كُف عنّى سبنِى شويّة لِدرجة تقروها كده قال لربِنا قاله " سبنِى أبلع ريقِى مش عارِف أبلع ريقِى ما كُلَّ شويّة تيجِى لىّ مُصيبة ، كارثة " ، إيه الحكاية دى يارب ، ليه بتعمِل كده ؟ لو نبُص لأبونا أيوب نلاقِى أبونا أيوب ده راجِل حلو وَكُلَّ حاجة بس كان عِنده شويّة شوائِب كان متكِل على غِناه ، أبونا أيوب كان متكِل على أولاده ، أبونا أيوب كان عِنده إِحساس بحاجة صعبة جِداً إِسمها " البرّ الذاتِى " صحيح ، يعنِى إيه البرّ الذاتِى ؟ يعنِى أنا راجِل بتصدّق على الفُقراء ، أنا أب للأيتام ، أنا عين للضُعفاء ، كان بيقول على نَفْسَه كده ، لدرجِة إِنّه فِى مرّة قال عَنَ نَفْسَه كلمة نستغرب قوِى إِنّه يكون أيوب هو الّلى قالها لمّا جُم صحابه يعزّوه فمأبلش منهُمْ كلام فقعد مَعَ نَفْسَه وَنَفْسَه صعبانة عليه قوِى إِنْ إِزى دول قال إيه جايين يعزّونِى أنا فيقول كلمة صعبة[ هؤلاء الّذين كُنت أستنكِف أنْ أُجلِس أبائهُمْ مَعَ كلاب حراستِى ] ، يعنِى إيه ؟ يعنِى أنا كُنت أأرف أأقعد أبائهُمْ مَعَ الكلاب الّلى بتحرُس البيت بتاعِى ، لا ياأيوب إِنت كان فيك حِتّة صعبة قوِى ، لإِنْ ربِنا بيحِبك محبِش تستمر بالحِتّة الصعبة دى فحب يعمِل لها إيه ؟ يستأصِلها فلّما حب يستأصِلها ففِى حاجة إِسمها جِراحة وَ جِراحة مؤلِمة بس لازِمة لأنّ الله صالِح وَلأنّ أيوب بار وَلأنّ الله أبوه وَلاَيُريد أنْ يهلك فحب يعمِل معاه حب ينقّيه 0 لِماذا يسمح الله بالتجارُب ؟ لازِم أكون فاهِمْ أنّ قصد الله لِنمو مُعيّنْ ، لازِم أكون فاهِمْ إِنْ ده شىء إِن ربِنا هو الّلى أمر بِهِ ، ليه 00ليه يارب بتعمِل كده ؟ أنا عايِز أعلّق ولادِى بالأبديّة ، أنا عايِز ولادِى سعيهُمْ كُلّه لخلاص نفوسهُمْ ، عايِزهُمْ يشيلوا نير ، يشيلوا صليب ، ما هو قال لنا كده أنّهُ لمّا تألّم فِى الجسد كفّ عَنَ الخطيّة ، فيحِب ربِنا أولاده يكونوا مشاركينه فِى الألم معايشينه فِى الألم ، وُمُعلّمِنا بُطرُس الرسول يقول لنا زى ما ربِنا يسوع المسيح تألّم يجِب أنْ نتسلّح نحنُ أيضاً بهذهِ النيّة ، يُبقى عِندى كده نيّة الألم ، يعنِى واحِد حاطِط كِتفه كده لربِنا وَيقول لهُ شيّلنِى شيّلنِى الّلى إِنت عايزه ، وَأبقى عارِف إِنّك إِنت مش مُمكِن تشيّلنِى حاجة أأقع بس لازِم أشيل ، شيّلنِى الّلى إِنت عايزه ، ألم ، مرض حاضِر أشكُرك ، تعب فِى الشُغل قوِى ، ظروف صعبة فِى الحياة قوِى ، مرض ، الدخل مش مكفّى قوِى ، أى ألم إِنت مُمكِن تبعتهولِى أنا أقبله بِمُنتهى السرور ، أنا أقبله عشان كده أول نُقطة لِماذا الألم ؟ الثانية كيف أحتمِله ؟ كيف أحتمِل الألم لازِم أقبله وَلازِم أعرف إِنْ الرّبّ صالِح وَأنّ تدابيره كُلّها لخير الإِنسان ، مش مُمكِن هيبعت لِى شىء إِلاّ لفايدتِى وَخلاص نَفْسَىِ ، فِى سِفر مراثِى إرميا عِبارة رائِعة نَفْسَىِ كُلّنا نحفظها وَنعيش بيها [ مَنَ ذا الّذى قال فكان وَالرّبّ لَمْ يأمُر ] ، كيف يتذّمر الإِنسان الحىّ الراجِل المُعاقب على خطيته ، كيف أتذّمر [ مَنَ ذا الّذى قال وَالرّبّ لَمْ يأمُر ] ، إِفرض إِنّى أنا فِى ظروف حياة صعبة ، مَنَ ذا الّذى صنع هذهِ الظروف ؟ مش فُلان وَلاَ عِلاّن ، الرّبّ مرّة واحِد مِنَ الآباء بيسأل ولاده مَنَ ذا الّذى باع يوسِف ؟ فقالوا له خواته ، قال لهُم لا ، قالوا له الغيرة ، قال لهُمْ لا ، أُمال مين الّلى باع يوسِف ؟ قال لهُم الرّبّ هو الّذى باع يوسِف ، مين الّلى باعه !!! ربِنا لا غيره ، إِخوته وَلاَ حد سيبك مِنَ كُلَّ الكلام ده هو نحنُ نتعامل مَعَ الله وَليس مَعَ الظروف وَلاَ مَعَ الأشخاص ، النَفْسِ المُستنيرة هى الّلى تعرِف تكتشِف يد الله فِى حياتها ، أعرف إِزاى أطلّع إِيده فِى حياتِى ، أيوه أنا عارفه إِنْ الحِتّة دى ضعيفة عِندى جِداً ، أيوه ركِّز عليها عشان تنقينِى منها 0 الألم فِى حياة مريم وَمرثا مريم وَمرثا طول ما أخوهُمْ لِعازر كان عايِش معاهُمْ كانوا عايشين بعواطِفهُمْ نحو بعض ، عواطِف جميلة ، إِخوات مُحبين جِداً لبعض ، ليه ربِنا مرحش ساعِة لِعازر ما كان عيّانْ ؟ ليه إِستنّى أربعة أيام ؟ واحِد مِنَ الآباء يقول تفسير جميل قوِى : يقول إِنْ ربِنا كان شايِف إِنْ الأُسرة دى أُسرة تقيّة وَجميلة جِداً بس محبتهُمْ لِبعض كانت بِطريقة عاطِفيّة مُمكِن تبعدهُمْ شويّة عَنَ إِحساسهُمْ بِربِنا مركّزين على بعض قوِى ، فربِنا عمل إيه ؟ إِتأخِر لِغاية ما لِعازر مات وَشِبِع موت ، رابِع يوم راح وَبعد كده قوّمه [ لِعازر هلُمَّ خارِجاً ! ] ، الأُسرة بعد كده بقى مين مركزها ؟ يسوع ، بقى يسوع مركزها ، أنت الّذى أقمت لىّ لِعازر يُبقى أنا مديون لك أنت ، أنا بحِب لِعازر بس محبتِى لِلِعازر تختلِف عَنَ محبيتِى ليك ، أنت أعظم مِنَ لِعازر0 مركز الله فِى حياتِى:- أنا لازِم أشعُر أنّهُ أحسن وَأعظم مِنَ ولادِى ، إِنْ هو أعظم مِنَ شُغلِى ، إِنْ هو أعظم مِنَ الفلوس ، إِنّه أعظم مِنَ كُلَّ شىء ، لأنّهُ هو الكُلَّ فِى الكُلَّ لمّا ربِنا يلقى الإِنسان الحِتّة دى مهزوزة عِنده يُحاوِل إيه يعيد الترتيبات ، يقول له طب تعالى تعالى ، علشان كده فِى سِفر إِرميا النبِى يقول كده إِنْ مرّه أخد إِرميا النبِى فِى بيت واحِد بيشتغل فِى الفُخّار فلقاه عمّال يشتغل ، الفخّارِى ده يدّور البِتاعة دى بِرجلِه وَفِى إِيده كده شويّة طين يُعُد يدّور يعمِل منهُمْ وعاء ، أى شكل كده ، برّاد ، زير أى حاجة ، فيقول كده إِنّه لمّا دخل بيت الفخّارِى ده لقاه بيعمِل حاجة بازِت منّه ، فلّما بازِت منّه فعاد وَعمل وعاء آخر ، أه ربِنا يحِب يعود وَيصنع منّنا وعاء آخر وَلو شايفنِى كده إِنّنِى إِبتديت أفسد شويّة يحِب يحُطِنِى تانِى ويدور بىّ تانِى ويضغط علّى فِى حِتت مُعيّنة وَيشكّلنِى مِنَ جديد ، أبقى وعاء آخر جديد للمجد فعاد وَعمله وعاء آخر ، النَفْسَ أحبائى الّلى تقبل وَالّلى تعرِف بالعين الروحيّة تميِّز إِنْ دى إِيد الله مش إِيد النّاس ، تقبل 0 كيف أحتمِل التجرِبة:- أشكُر ، أثِق أنّ يد الله يد صالِحة ، لو حتّى خواتِى باعونِى يد الرّبّ صالِحة لو مرات فوطِيفار إِتبلِت علىّ بِتُهمة أنا برىء منها تماماً وَبقيت فِى السجن يد الرّبّ صالِحة ، إِيده صالِحة فِى كُلَّ ده ، مش باينة إِنّها صالِحة !!! لا أنا واثِق إِنّها صالِحة لمّا واحِد يُبقى مريض يقول له طب ده مرض ، يقولهُمْ أشكُر ربِنا ، فِى واحِد يشكُر ربِنا على مرض ليه ؟! يمكِن ربِنا عايِز ينقِل مركز إِهتماماتِى ، أنا كُنت مهتِمْ بِحياتِى ، أنا كان أهمْ حاجة فِى حياتِى شُغلِى وبس ، مكُنتِش بدّى ربِنا دقيقة ، أنا دلوقتِى مواظِب على الأجبية ، أنا مكُنتِش أفتح الأجبية قبل كده ، مكُنتِش بتناوِل ، مكُنتِش بعترِف ، يُبقى ربِنا بعت لك ألم أو تجرُبة أصد ربِنا منها إيه ؟ ينقِل مركز إِهتمام حياتك وَنَفْسَكَ له أو صار مِنَ الظروف وَالمتاعِب لإِرادتِهِ وَمشيِئتِهِ ، مُبارك الإِنسان أحبائى الّلى يفهِم قصد الله 0 2- كيف نحتمُله ؟ أحتمِله ، إِنْ أنا أنظُر لهُ بِنظرِته هو مش بِنظرِتِى أنا ، إِنْ أنا أنظُر للسماء مش أنظُر للأرض ، لحسن لو إِفتكرنا إِنْ الكلام ده عقوبة وَلاّ غضب طب إِزاى ربِنا يسمح للنّاس دى كُلّها يستشهِدوا ؟ إِزاى يسمح لِكُلَّ ولاده يستشهِدوا ؟ تلقى الإِنجيل يقول لك [ كثيرة هى أحزان الصدّيقين وَمِنَ جميعها يُنجّيهُمْ الرّبّ ] ، إِزاى ينجّيهُمْ وَهُمّا ماتوا كان المفروض بقى مماتوش ، أصل إِحنا فِى فكرِنا ينجّيه يعنِى يخِف مِنَ الألم ، لكِنْ فِى فِكر ربِنا ينجّيه يعنِى ينجّيه فِى اليوم الأخير مش ينجّيه دلوقتِى ، ينجّيه دلوقتِى دى سهلة إِحنا فِى فكرِنا إِنْ ربِنا يقعُدوا مَثَلاً يعذّبوا فِى أبانوب يبعت له الملاك يخِف وَميهُنش عليه فِى أخر مرّة أنْ تتقِطِع رقبته ويموت ، عايزين بعد ما تتقِطِع رقبته عايزينه يرجع لهُم حىّ تانِى مش عايزينه يموت علشان إِحنا فليِنا فِى الأرض ربِنا عايزه عِنده يمجِّده بِمِئات الأضعاف ده هو بس ، إِذ كان عمل مُعجِزة أو إِتنين وَلاّ تلاتة وَشفاه عايِز يعلِن لهُمْ إِنْ أنا لىّ سُلطان على الّلى إِنتُمْ بتعمِلوه ده ، يوم ما واحِد يحصِل إِنّه ينتقِل فهو إِنتقل بإِذنِى وَبأمرِى ، وَلاَ بأذنُكُمْ وَلاَ بأمرُكُمْ وَلاَ بِسيفكُمْ ، لأ ده بِسماح منّى أنا لِذلِك كنيستهُ كنيسة ألم ، كنيسة شُهداء ، كنيسة إِضطهادات ، مين الّلى بيسمح بيها ؟ ربِنا ليه ؟ نقدِّم له كنيسة مجيدة ، بيدّى فُرصة لولاده أنْ يكونوا فِى مجد أكتر بالآلامات وَالعذابات ، وَمُمكِن ربِنا خايِف على ولاده لاَ يتوهوا مَثَلاً وَلاّ يحِبّوا العالم فيخلّى قلبهُمْ دايماً متحِد به فيعمل إيه ؟ فيبعِت لهُم إِضطهاد نلاحِظ كده أحبائى أنّ أقوى عصور للكنيسة هى أقوى عصور كان فيها إِضطهاد ، فمِنَ المفروض إِنْ إِحنا نلاقِى العكس ، الواحِد أول ما يلاقِى الإِضطهاد يخِف نقول خلاص بقى النّاس فيها تُعبُد ربِنا بِراحِتها ، أبداً أكتر عصر كانِت الرهبنة نامية فِيه عصور الإِستشهاد ، أكتر عصر كان فِيه قديسين للكنيسة هى عصور الإِستشهاد ، أكتر عصر كانِت فِيه الكنائِس زحمة وَفيها مُصلّيين بِعِبادة حقيقيّة هى عصور الإِستشهاد فكان ربِنا بيصنع مِنَ العصر ده فِى نَفْسَ الوقت الّلى فِيه ألم يصنِع فِيه مجد ، مين الّلى ياخُد باله مِنَ كده ، إِيه قصد ربِنا مِنَ التجرِبة ، التجرِبة أصد ربِنا منها يوحّدنِى بِيه ، التجرِبة أصده منها إِنّه يخلّينِى ألمِس إِيديه ، إِنّه يخلّينِى أخضع ، يخلّينِى أشكُر ، لازِم أشعُر إِنْ دى إِيده ، لازِم أشعُر إِنّها منّه ، يقول كده فِى العهد القديم [ إِنّه أقام لهُمْ الرّبّ سبعة شعوب لِمُحاربتهُمْ ] ، مين الّلى أقامهُمْ ؟ الرّبّ ، [ أقام لهُمْ الرّبّ ] يعنِى ربِنا يقوِّم لهُمْ شعوب تحارِبهُمْ ، يعنِى هُمّا شعبك ! إِنت مَعَ مين بالظبط مَعَ شعبك وَلاّ مَعَ الأعداء ؟ لاَ أنا مَعَ شعبِى بس أنا مسلِّط عليهُم ناس ، لو لقيت شعبِى ده إِبتدوا يمشوا فِى طريق ميعجبنيش أسلِّط عليهُمْ ، ولو لقيت شعبِى ماشِى كويس حهديهُم ، يُبقى مين الّلى فِى الأخِر بيحدِّد كُلَّ الأمر ده ؟ هو الرّبّ ، مين الّلى بيدّيهُمْ الغلبة ؟ هو، مين الّلى بيدّيهُمْ الهزيمة ؟ هو، [ لأنّ الحرب للرّبّ ] ، علشان كده لمّا ربِنا يسمح لىّ بِشىء أشكُرك ، ما يسمحش أقوله برده إيه ؟ أشكُرك ، ليه ؟ إِنت الّلى عايِز كده إِوعوا تفتِكروا أحبائى إِنْ إِحنا مصيرنا فِى إِيد حد حتّى وَلو رئيس البلد أبداً ، إِحنا نؤمِن [ إِنْ يد الرّبّ على قلب الملِك ] ، فِى قلب الملِك أو قلب الرئيس ما هو لِسلام كنيستهُ أو لألم كنيستهُ ، يُبقى فِى النهاية مين الّلى صانِع ؟ هو ربِنا ، [ يد الرّبّ على قلب الملِك ] ، علشان كده يقول لِنا إِخضعوا للرئاسات مهما كان ، إِذا كان بيعبُدوا ربِنا أوْ إِذا كان ما بيعبُدوش ربِنا0 كيف أحتمِل التجرِبة ؟ إِزاى أحتمِل أى تجرِبة ؟ إِنْ أنا أشكُر ربِنا وَأثِق أنّها مُرسلة لىّ مِنَ عِند الرّبّ ، أشعُر أنّها إِيده ، أنّها مشيئتهُ ، أنّها مشورتهُ وَمشورتهُ صالِحة ، إِنّهُ هو لَمْ يشأ إِنّه يستأصِلنا وَلَمْ يُريد هلاكنا الأبدِى علشان كده يقول لك فِى إِنجيل الشُهداء[ وَيحفظ جميع عظامِهِمْ وَعظمة واحِدة منها لاَ تنكسِر ] ، فِى حين إِنْ إِحنا نلاقِى مَثَلاً الشهيد ده إِنْ مش واحدة بس الّلى أكسرِت ، لا عِظامه كُلّه أكسّر زى القديس يعقوب المقطِّع ، ده قطّعوه كُلَّه ويقول لك واحدة منها لاَ تنكسِر ، أصده إِنّه يحفِظ نَفْسِه سالِمة فِى المجد الأبدِى هو ده الّلى ربِنا بيجهِّزنِى له ، هو ده الّلى ربِنا بيعدِّنِى له ، حتّى وَلو بِمدرسة الألم وَلو بالضيق ، شوفوا أحبائى النَفْسَ البشريّة دى صعبة جِداً ، مغرورة جِداً ، مُتكبِرة جِداً ، مُعتزّة جِداً ، مُتسلِّطة جِداً ، بتحاوِل تستغِل عقلها مش لِمجد ربِنا لاَ لِمجدها الذاتِى يقعُدوا يتكلّموا فِى الطب مُمكِن يزرعوا قلب ، يزرعوا عين ، ويعمِلوا وَيعمِلوا ، يجِى ربِنا يقولهُمْ مهما كان أنا مُمكِن أبعت لكُمْ فيرس صغير يغلِبكوا تقعُدوا تعمِلوا عليه أبحاث20 سنة ويادوب أول ما تقولوا إِكتشفنا حاجة للفيرس ده أطلِّع لكُمْ حاجة بعدها ،علشان عايِز أعرّفكوا إِنْ إِنتُمْ فِى قبضة يدِى ، أنا الّلى عطِتكُمْ العقل وَإِنتُمْ لازِم تمجّدونِى أنا وَلازِم أكون أنا موضِع المشورة بِتعاكُمْ مش عقولكُمْ لِذلِك ربِنا يخفِى بعض أمور العلم ميقدروش يخترِقوها ، لإِنْ ربِنا عايِز يكون النّاس كُلّها فِى خضوع كامِل لإِرادتهُ لأنّهُ هو القادِر على كُلَّ شىء وَخاضِع لِكُلَّ شىء ، فالإِنسان لو مكنش فِيه حاجة محتاج فيها لِربِنا مُمكِن يزوغ وَيزوغ ، فربِنا يعمِل إِيه ؟ يقول لك شوف أنا حبعت لك حِتّة متقدرش عليها ، فيبعت لك حِتّة فِى حياتك ما تقدرش عليها ، كُلَّ واحِد فينا ربِنا عايِز يبعت له حِتّة ميقدرش عليها ، علشان يقول معقول ده مِنَ عِند الرّبّ ؟! علشان أقوله يارب إِفتقدنِى أنت ، إِسندنِى أنت ، عوّض ضعفِى أنت ، أنا ليس لِى مُعين آخر سِواك ، علشان أعرف فِعلاً [ أن تخرُج روحهُمْ فيعودون إِلَى تُرابهُمْ ] ، الإِنسان ده وَلاَ حاجة وَساعِتها أثِق أكتر فِى قُدرة ربِنا ، وَساعِتها كُلّنا نمجِّد مين بالأكتر ؟ ربِنا أدِى حكمة ربِنا إِنْ يكون الكُلَّ خاضِع لهُ ، الكُلَّ مُلتف حولهُ ، الكُلَّ يُسبِّحه وَيُبارِك عظمته فِى كُلَّ أُمور حياتنا يُبقى : (1) لِماذا الألم ؟ (2) كيف نحتمِله ؟ 3- بركاته شوفوا أحبائى طوبى للرجُل الّذى يحتمِل التجرِبة ، طوبى للنَفْسَ الّلى فِعلاً تشكُر أثناء التجرِبة ، صدّقونِى أحبائى فِى نفوس مُستنيرة لمّا تلاقِى حياتها مفهاش تجرُبة تِبدأ تطلُب مِنَ ربِنا تجرُبة ، وَفِى ناس لمّا تلقى فِى حياتها مفيش تجرُبة تِبدأ تسعى علشان يشارِك المُتألمين فِى حياتهُمْ علشان يشعُروا أنّهُ مُتألِم عِوض عنهُمْ ، فِى ناس يقول لك طب أنا ميعتبرش عِندى تجرُبة فِى حياتِى بس أحِب إِنْ أخُد البركة دى ، أحِب أُشارِك المُتألمين وَأشعُر بألامهُمْ أشاركهُمْ ضيقتهُمْ وَتعبهُمْ ، إِيه الكلام ده ؟ دى نَفْسَىِ أيقنت مجد الألم علشان يقولوا كده إِنْ لولا أنّ دانيال وقع فِى جُب الأسود ما كان تمتّع بِصُحبه الملائِكة ، وَلو أنّ يوسِف بيع وَلو أنّ يوسِف كان فِى بيت فوطيفار ، وَلو أنّ يوسِف وَضِع فِى السجن ما كان ذهب لفرعون وَما كان رئيساً على مصر يُبقى صارت المؤامرات دى كُلّها وَالكلام ده كُلّه فِى النهاية إِيه ؟ صار مجد00 مجد ، نهايِة مرض إِنسان إِيه ؟ واحدة تقول لك مات ، أقول لها أبداً يتنقّى ، يتمجِّد ، ده ربِنا جعله وعاء جديد ، ده شايِف ربِنا فعطايا سماويّة نهايِة إِنسان فِى تجرُبة إِيه ؟ إِتضع ، وَداوُد النبِى قال لربِنا كده [ خير لِى أنّك أذللتنِى ] ، وَلو النَفْسَ أحبائى عارفه إِيد ربِنا أقوله أفضل حاجة لىّ الذُل وَأنا متكبِر ، متكبِر جِداً ، أنا أخفِى جوايا كبرياء غير عادِى فلو إِنت ما خلتنيش أنكسِر وَأتضِع بِتجرُبة أنا كان زمانِى بقى حالتِى حالة ، كُنت هلكت فعلشان أنا خاطِر غالِى عندك فمش عايزنِى أهلك بِذاتِى ، فحاوِلت إِنْ إِنت تبعت لِى تجرُبة علشان أتحِد بِك مِنَ خلال التجرُبة القديس يوحنا ذهبىّ الفم يقول قول رائِع[ إِنْ لَمْ يُجرِّبك إِعلمْ أنّهُ تركك ] ، علشان كده القديسين واعيين لمّا كان ربِنا ما يبعتش لهُم تجرُبة يقولوا إِتأخرت علينا كتير ليه ؟ سِبتِنا وَلاّ إِيه ؟ وَلمّا كانِت حياتهُمْ ماشية بِطريقة طبيعيّة كانوا هُمّا بيصنعوا لنَفْسَهُمْ آلام ، ألم نُسك ، ألم جِهاد ، ألم سهر ، الألم حروب مَعَ عدو الخير علشان يتزّكوا بِهذهِ الآلام ،[ فكُلَّ ألم نحتمِله مِنَ أجل الله هو مجد فِى الأبديّة]ما أجمل أحبائى الإِنسان الصابِر الشاكِر ، ما أجمل الإِنسان المُتألّم الّلى يقول يارب أشكُرك ، تشكُره على إِيه وَأنت مُتألّم ؟ لا إِنت شايِف حِتّة واحدة بس لكِن أنا شايِف حاجات تانية كتير ، أنا شايِف يد الله الصالِحة فِى حياتِى وَفِى حياة بيتِى ، أنا شايِف إِنْ الأمر ده للخير [ لأنّ كُلَّ الأمور تعمل معاً للخير للّذين يُحِبّون الله ] ، أنا شايِف إِنْ الأمر ده بيقرّبنا أكتر ، أنا شايِف إِنْ الأمر ده بيوّحدنا أكتر ، أنا شايِف إِنْ الأمر ده مدّينا وحده مَعَ ربِنا أجمل وَأنقى ، هى دى النفوس الّلى ربِنا مجهزها للمجد الإِنسان الّلى يتحمِلّ بِشُكر وَفرح أجرة عظيم فِى السماء ،[ إِنّ خفّة ضيقتنا الوقتيّة تُنشىء لنا ثِقل مجد أبدى ] ، مجد تُنشىء ثِقل مجد أبدى ، علشان كده أحبائى ما مِنَ حياة إِنسان عاش فِى حياة البِر إِلاّ ما كان دايِب وَمتألّم ، وَنموذجنا السِت العذراء ، نموذج نموذج للألم وَالحرمان وَالفقر ، نموذج للإِهانة وَالإِحتمال ، سيف يجوز فِى نَفْسَهَا ، صامِتة وَشاكِرة وَحتّى بعدما إِبنها إِتصلب ماسمعناش صوتها وَلاَ مُتذّمِرة وَراحت ترفع قضيّة مَعَ الجماعة اليهود وَلاَ الجماعة الرومان وَلاَ تثبِت إِفتراهُمْ وَلاَ ثبتِت إِنّهُمْ كذّابين ، وَلمّا صلبوه سكتِت ، تحمّلت الألم بِكُلَّ المعانِى لأنّها واثقة فِى إِبنها وَإِلهها وَعارفه إِنْ طريقها طريق ألم وَعارِفه إِنْ إِبنها علشان يتمجِد لازِم يتصِلِب وَطالما إِتصلب يُبقى لازِم يتمجِد ، أه إِحنا كده مفيش لينا مجد مِنَ غير صليب ، مفيش لينا أبديّة مِنَ غير ما يكون لينا شرِكة فِى بُستان جثسيمانِى علشان كتير أحبائى بنحِب نهرب مِنَ أى ألم ، كتير قوِى لمّا ربِنا يبعت أبسط شىء نتذّمر ، تلقى كُلَّ واحِد ربِنا بعت له حِتّة تقرّبه منّه ، أحياناً يُبقى مش فاهِمها وَهى دى النُقطة الّلى تتعِبه وَهى دى النُقطة الّلى تجيب له تمرّد فِى حياته وَعدم شُكر فِى حياته ، لاَ إِعلمِى أنّ الحكاية دى الّلى يبعت هالِك علشان تقرّبِى أكتر مش علشان تبعِدِى ، دى نُقطة ربِنا بعت هالِك علشان تتزّكِى أمامه ، علشان تُبقِى فِى أمان وَفِى صبر وَفِى صمت وَفِى شُكر مهما كانِت قاسية ثِقِى أنّ ربِنا هو الّذى قَدْ صنع وَهو الّذى قَدْ فعل [ أضع يدِى على فمِى ] ، وَأشكُر ، فِى مجد منتظرنِى ، مجد فِى السماء ، أحبائى كُلَّ النّاس الصامتين المُتألمين ، الشاكِرين حنشوفهُمْ بِمجد عظيم ، الفقير الّلى إِحتمل حنشوفه بِمجد عظيم ، المريض الّلى صبر وَشكر حنشوفه بِمجد عظيم فِى السماء ، بلاش نظراتنا تُبقى نظرات العين البشريّة ، لازِم نظراتنا تُبقى أوسع القديس أوغسطينوس بيحكِى لنا عَنَ أُمّه القديسة مونيكا كانِت بارة تقيّة نقيّة ، قبل ما يتوب مكانش عارِف قيمتها وَكان يعنِى بيستهزأ بيها ، بعد ما تاب عرف قيمة أُمّه دى فإِبتدأ يسترجِع الذاكِرة بتاعته وَإِبتدأ يفتِكر الّلى كانِت أُمّه بتعمِله أبو القديس أوغسطينوس رجُل شرّير سكّير وَكُلَّ أنواع الشر موجودة فيه وَقاسِى وَكان بيضربها ، كُلَّ ده كان بيشوفه مين أوغسطينوس ، لمّا تاب إِبتدى يحكِى لنا عَنَ مونيكا دى يقول إِيه فِى إِعترافاته [ وَكُنت أراها تخدِمه بِكُلَّ أمانة وَوقار كأنّها تخدِم جلالك أنت يا الله ] ، كُنت شايِفها بتخدِمه بِكُلَّ أمانة رغم أنّها عارفة إِنّه سكّير إِنّه بيضربها ، كُنت أراها تخدِمه بِكُلَّ أمانة وَوقار كأنّها تخدِم جلالك أنت يا الله ، أصل هى شاعرة أنّ الراجِل ده مسئوليتها إِنْ هى تصلّى لهُ لأنّ مُمكِن يكون ربِنا عاطِى هلها علشان يحسِنّ فِيها نُقطة مُعيّنة علشان كده واحِد مِنَ القديسين بيسأل واحِد مِنَ تلاميذه مين الّلى علّمك الصلاة ؟ قال لهُ التجارُب الّلى علّمتنِى الصلاة مين الّلى علّمنِى الصلاة !! أفتِكر أنّ أحسن صلوة وَأعمق صلوة صلاّها يونان الّلى فين ؟ فِى بطن الحوت ، مفيش بعد كده مِنَ جوف الهاوية صرخت وَإِنت سمعت الصوت يارب ، يُبقى ربِنا مُمكِن يكون عايِز ينقّينِى ، عايِز يعلّمنِى إِزاى أشوفه ، إِزاى أتكلِّم معاه ،[ خيراً صنعت مَعَ عبدك ] ما أجمل أحبائى أنّ الإِنسان ينظُر إِلَى حياته بِنظرة الله وَليست بِنظرِته الشخصيّة ، ما أجمل أنْ نثِق فِى يد الله ، ما أجمل أنْ ننظُر إِلَى البركة المُعدّة لينا فِى الألم وَالمجد إِنْ ربِنا هيدينا تزكية ، ربِنا هيدينا عِوض الألم الأرضِى مجد أبدى ، نختار المجد الأبدى وَلاّ المجد الأرضِى ؟ عايِز المجد الأبدى ، إِحنا عنينا على السماء مش على الأرض وَعشمنا كُلّه فِى السماء ، وَرحلِة غُربِتنا أهى رِحلة تنقضِى بأى طريقة ، المُهِم فِى النهاية نكسِب فيها السماء بأى طريق الّلى إِنت تختاره الأضمن هو الألم ، الأسهل هو الألم ، علشان كده أحبائى لو الإِنسان قابِل أى ألم ربِنا يبعت هوله يوصل كده للسِت العذراء عشان كده تسابيح الكنيسة تقول لنا [ يأتِى الشُهداء حاملين عذاباتهُم وَيأتِى الصدّيقين حاملين فضائِلهُمْ ] ، أنا صحيح مش شهيد لكِن لازِم أحمِل عذابات ، لازِم أحمِل آلام مُعيّنة أتقدِّم بيها إِليه ، علشان كده لو ربِنا بعت لأى حد منّنا تجرُبة أشكُره عليها وَأعرف إِيه قصده منها ، قصدك الّلى إِنت توحّدنِى بيك ، تقرّبنِى ليك ، لو مبعتليش أقول لك أنا مش قصدى تبعت لِى تجرِبة بس وحّدنِى بيك فِى خواتِى المُتألمين ، خلّينِى أشعُر بألمهُمْ وَأشارِكهُمْ آلامهُمْ علشان يُبقى لىّ إِستحقاقات مجد آلامك ربِنا يسوع المسيح ينّور عقولنا علشان نفهِم ما قصد أى ألم فِى حياتنا وَيسنِد كُلَّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد إِلَى الأبد آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
12 أغسطس 2024

العذراء وحياة الاحتمال

تعتبر العذراء مريم نموذجا في حياة الصبر والاحتمال ، فمنذ ولادتها حتى نياحتها وصعود جسدها الطاهر ، وهي تحيا حياة قوامها الألم ، اذ تحققت فيها النبوءة « وانت يجوز في قلبك سيف » . منذ الطفولة إذا ما تتبعنا حياة العذراء ، لوجدنا أنها قاست آلاماً كثيرة . ففي الطفولة الأولى عاشت حياة اليتم ، فقد مات يواقيم أبوها وهي في سن السادسة ، بينما ماتت حنة أمها وهي في الثامنة وهكذا عاشت مريم منذ نعومة اظافرها بلا اب او ام ولكنها عاشت في الهيكل عابدة مصلية خادمة إن اليتم يترك بصمات صعبة على نفسية الإنسان أحياناً ،ولكن العذراء كانت مثالا في تجاوز آلام الطفولة وحرماناتها وهذا نموذج وهذا عزاء لكل طفل يحيا حياتة الأولى بعيداً عن حنان الأمومة وعطف الأبوة إن مريم هي شفيعة كل هؤلاء لأنها فيما قد تألمت مجربة بكل هذه الآلام قادرة أن ترفع لابنها شفاعتها عن كل محروم ومحتاج ومسكين ، مادياً أو نفسياً أو اجتماعياً وعاشت العذراء في بيت يوسف في الناصرة ، في حياة صعبة خالية من الترف والراحة . ولكنها كانت صابرة وفرحة ،مطيعة لخطيبها ، مكرسة كل أوقاتها للعبادة ، حتى استحقت أن يأتيها الملاك مبشراً إياها بأنها قد وجدت نعمة عند الرب، وأنها ستحبل وتلد ابنا تسميه يسوع ، هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسى داود أبيه ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهايه (لوقا ۱ : ۲۰-۲۳) وقد أطاعت العذراء صوت السماء قائلة هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك ، ومنذ هذه اللحظة حل الأقنوم الثاني في أحشائها التي طهرها الروح القدس لكي تكون عرشاً للرب يسوع وسماءاً ثانية . بشرى تحمل طابع المعاناة والمتأمل في هذه البشرى المفرحة ،يجد أنها تحمل طابع المعاناة أيضا لأنه لم يسمع في البشرية كلها أن عذراء تحبل وتلد وهذا لا بد أن يعرضها لأفكار وهواجس عند يوسف البار ، وقد تتعرض إلى متاعب من البيئة التي تحيا فيها ولكن مريم احتملت واطاعت و خضعت وقدمت نموذجا لحياة الايمان المليء بالالم وبذل الذات ،وبالفعل عندما لاحظ يوسف علامات الحمل على العذراء ساورته الشكوك ، ولكنه إذ كان باراً لم يرد أن يشهرها ، وفيما هو يفكر في هذه الأمور ، لم تتركه السماء في حيرته، إذ تراءى له ملاك الرب في حلم قائلا لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك ، لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس ( مت ۱ : ۲۰ ) وفى الميلاد عانت مریم و تالمت و احتملت إذ صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة ، فصعد يوسف من الجليل من الناصرة إلى اليهودية إلى بيت لحم، لكونه من بيت داود ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى ، وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد ، فولدت إبنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود ، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل . صبر و احتمال عجيب : من من الناس يرضى ان يضع وليده في مدود للبهائم ؟! ومن من الناس يقبل أن ينزل الوليد ، فلا يجد ما يغطى جسده الغض سوى قطع بالية قديمة من الأقمشة ؟ ! كل هذا والعذراء تعرف يقيناً أن الذي ولد منها هو المسيا المنتظر طوباك ايتها العذراء ، يا من عشت حياة الصبر ، ولم يكن عندك احتجاج ولا تذمر ولا حتى تساؤل ، بل تسليم كامل للمشيئة الالهية ، وطاعة تامة للمقاصد الأبوية وما أن ولدت العذراء طفلها ، حتى ظهر الملاك ليوسف في حلم قائلا و قم وخذ الصبى وأمه واهرب إلى مصر وكن هناك حتى أقول لك ، ( مت ۲ : ١٣ - ١٥ ) . وبعد أن أمضت العائلة المقدسة في مصر الفترة المحددة من السماء ، إلى حين موت الذي يطلب الصبى ، عادت العائلة إلى الناصرة وكان الصبى ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه طوباك ايتها العذراء يا من احتملت السفر الطويل الشاق وطوباك ايتها البتول لانك في كل مسيرة حياتك ، كان الألم الجسدي والنفسي قربانا على مذبح الطاعة شبيه بالمر الذي قدم من المجوس . أحشائي تلتهب ، ولكني أفرح : ومن في البشرية كلها يحتمل أن يعلق ابنه على الصليب محتملا أصعب وأمر الآلام لقد كانت احشاء العذراء تتمزق ،وهي واقفة عند الصليب مع مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية ( يو ١٩ : ٢٥ ) قائلة في قلبها "أما العالم فيفرح بقبوله الخلاص ،وأما أحشائي فتلتهب عند نظرى إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه يا ابني وإلهي " إن كل أم متألمة مهما اشتدت آلامها ، عندما ترفع قلبها بالروح نحو الصليب ، وترى مريم في صمتها واتضاعها وصبرها واحتمالها ، تهون عليها كل أوجاعها ، لأن شفيعة البشرية تشفع في كل من يختبر شيئا من اختباراتها الروحية العجيبة ثم استودع يسوع أمه عند التلميذ الذي كان يحبه ، وكانت العذراء مع التلاميذ طيلة فترة الأربعين المقدسة ، ما بين القيامة والصعود، مواظبة معهم على الصلاة والطلبة ، وحضرت يوم العنصرة في بيت مرقس في العلية وبعد خمسة عشر عاما من صعوه الرب ، جاء الرب يسوع بنفسه لياخد روحها الطاهرة بين يديه وكان ذلك يوم الأحد ٢١ طوبة، ورفع الرسل جسدها الطاهر وهم يرتلون مع الملائكة المحتفلين بانتقال أم النور ان الصبر واحتمال الآلام وحمل الصليب ، ليس نذرا رهبانيا فقط ، وانما هو دعوة عامة لكل مؤمن يريد أن يتبع يسوع باخلاص قلب ويسوع رئيس كهنتنا العظيم إذ هو رئيس أحبار رحيم ، قادر أن يرثى لضعفاتنا ويعيننا في تجاربنا ، لأنه اختبر كل أنواع الآلام البشرية .ووعده صادق أمين " تكفيك نعمتى لان قوتي في الضعف تكمل" ان سر الألم هو أحد اسرار الحياة المسيحية ، وهو يمنح كل مختبريه حياة الطاعة الحقة ( تعلم الطاعة مما تألم به ) وهو سر يهيء النفس لتقبل إشراقة المسيح الحلوة وتدفق سر المحبة الصادقة صلاة : أيتها الشفيعة المؤتمنة عن جنس البشرية إشفعي فينا أمام إبنك الوحيد ،كثيرة هي شفاعتك ومقبولة عنده .ان تألمنا آزرینا بصلواتك ، لأنك تالمت كثيرا واحتملت كثيرا وإن ضعفنا فاسرعى لنجدتنا لأنك أم يسوع وأمنا أيضاً. واسمحى يا من ظهرت في الزيتون ، لتشددى شعب مصر الذي باركه الرب منذ القدم ، أن يكون أبناؤك في كرازة مار مرقس بالبركة ألوف ألوف وربوات ربوات، مؤمنين صابرين في الضيق حارين في الروح ، فرحين في الرجاء آمين المتنيح نيافة الأنبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والأشمونين عن مجلة الكرازة العدد الرابع والثلاثون عام 1976
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل