المقالات

28 يوليو 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج3

ضوابط اتخاذ القرار: الروح القدس، الأب الروحي، الحوار أن أي قرار نتخذه في حياتنا له -بالضرورة- الأثر البعيد، إما إيجابيا أو سلبيا. لذلك كان لابد من ضوابط تساعدنا على الوصول إلى القرار الصحيح، خصوصًا إذا تذكرنا محدودية الإنسان: عقله، وقدراته، ورؤيته، وعدم قدرته على معرفة ما يحمله المستقبل من مفاجآت، والمصادمات اليومية في الحياة مع النفس، ومع الآخرين، الأكبر والأصغر منا... وكما أن الإنسان يحتاج نفسيا إلى "الحرية"، ولا ينمو بدونها، إلا انه محتاج أيضًا إلى "الضبط"، ويستحيل أن ينمو بدونه. هنا يكون الاتزان والتوازن، وهذه شريعة الحياة. فلو أننا أسرفنا في إعطاء أنفسنا الحرية، انفلتنا إلى نوع من الفوضى أو التفكك أو الإحساس بالضياع. ولو أننا أسرفنا في جرعة الضبط المطلوبة، سقطنا في الإحباط والقنوط وحتى اليأس. من هنا تحتاج الطبيعة الإنسانية إلى مزيج بناء من الحرية والضبط، بحيث لا نتطرف يمينا نحو انفلات مدمر، أن يسارًا نحو إحباط يحطمنا. ولهذا السبب بالضبط خلقنا الله أحرارًا، وتركنا نختار طريقنا وطريقتنا في الحياة كما نريد، لأنه لا يحب أن يرانا دمى تافهة أو قطع شطرنج في جنته السعيدة، بل يريدنا أن نختار الحياة معه وله، عن قناعة وفرح ورضى. كما انه وضع في أعماقنا الضمير أو الشريعة الأدبية أو الناموس الطبيعي، حتى يساعدنا بأنواره الكاشفة وأصواته البناءة في تحديد المسار في حرية وفرح، بعد أن نختبر متاعب الانحراف والمعاندة، وبركات الحياة مع آلهة في طريق الخير. فما هي يا ترى الضوابط الذي تساعدنا على التحقق من صحة اختيارنا وسلامة قراراتنا؟ 1- الروح القدس: العامل في الضمير، ذلك الصوت الإلهي، الذي يأتينا من عند الله، والذي يزداد إرهافًا وحساسية بسكنى روح الله فينا. فالروح القدس غير الضمير، وغير الروح الإنسانية. انه الأقنوم الثالث في إلهنا الواحد، الأقنوم الذي يفعل فينا، وينقل إلينا بركات الفداء، ويضيء لنا الطريق: يبكتنا كلما أخطأنا، ويشجعنا كلما أصبنا، ويسكب النور في قلوبنا فنميز الأمور المتخالفة، كما يغرس طريقنا بالنور فنعرف كيف نسير وفي أي طريق نتجه. وهكذا فالذين " ينقادون بروح الله، أولئك هم أبناء الله " (رو8: 14) والإنسان الذي يحب أن يضبط مساره، ويتأكد من صحة قراره، عليه أن يصلى في إلحاح، وبروح كلها إخلاص في طلب معرفة مشيئة الله، وفي تسليم صادق لإرادته وتفكيره لإرادة الله وتفكيره... وهكذا... إذ يشعر براحة ضمير، واستقرار وسلام نفسي، دون انفعال أو تشنج، يحس أن روح الله مستريح فيه لهذا القرار متفقا مع معطيات، الإنجيل وطريق القداسة. هذه قوة ضابطة هامة، عودتنا الكنيسة أن نطلبها باستمرار في صلاة الساعة الثالثة، ونكررها في صلوات نصف الليل: "أيها المعلم السمائي المعزي روح الحق، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل كنز الصالحات ومعطى الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح وخلص نفوسنا". وما تطهير القلب من تلوث الخطية وانحراف الغرض والمشيئة الذاتية الأنانية، سوى خير ضمان لسلامة المسيرة وصحة القرار. ألم يقل لنا الرب عن الروح القدس: " متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو16: 13)؟ علينا إذن أن نصلى باستمرار كلما تحيرنا، طالبين من الرب أن يكشف لنا مشيئته، وسوف نستريح إلى اتجاه معين، يشهد الكتاب المقدس على صحته وسلامته، فنتحرك في هذا الاتجاه في روح الصلاة والتسليم، تاركين للرب أن يكمل الطريق أو يلغيه، كاشفا لنا مشيئته التي سنتقبلها بكل فرح. وليكن شعارنا قول المرنم: "تمسكت خطواتي بآثارك، فما ذلت قدماي" (مز17: 5). ولنسمع في كل حين وعد الرب: "أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها، أنصحك عيني عليك " (مز32: 8). 2- الأب الروحي: وهذا ضابط آخر غاية في الأهمية، ذلك عملا بقول القديسين: الذين بلا مرشد هم كأوراق الخريف، سريعا يسقطون. وتنبع أهمية أب الاعتراف في القرارات المصيرية من عدة منطلقات: أ‌) الآب الحاني المحب، الذي يهمه أمري، ويحب أن يطمئن إلى كل خطوات مساري. ب‌) وهو وكيل السر، الذي يصلى معي إثناء الاعتراف طالبًا من الرب أن يرشده ويرشدني لما فيه خير حياتي... ج‌) هو الأكثر خبرة، بسبب المواقف الكثيرة التي عاشها شخصيا، أو من خلال الخدمة... د‌) وهو الأنضج سنا، بحيث يرفعني من انفعالات واندفاعات الشباب المبكر، وينبهني إلى خطورتها... هـ‌) وهو الصوت الروحي والصوت العاقل، الذي يمكن أن يخرجني من "الحصر النفسي" الذي أحياه حينما ادرس مشكلتي بمفردي داخل "خزانتي النفسية". إن مجرد "فرد" النفس وكشفها أمام أب روحي، كفيل بأن أعيد تقييم الأمور، إذ افرغ شحنتي الانفعالات فلا تتحكم نفسي في، ولا عواطفي، ولا انفعالاتي، بل يتحكم روح الله، والعقل المستنير بالروح والإنجيل، في مسار حياتي. وهكذا يكون دور أب الاعتراف غاية في الأهمية في ضبط المسار، واتخاذ القرار، وبالذات في الأمور المصيرية. خصوصًا إذا أضفنا إلى ذلك عنصر إخلاص الأب لابنه الروحي، وصلواته من اجله، وكتمانه لأسرار حياته. لذلك ليتك تعرض أفكارك يا أخي الحبيب على أبيك الروحي، ويجب أن يكون واحدًا ثابتًا، لا يتغير ما لم تكن هنالك ضرورة قصوى، حتى يكون شاعرًا بمسار حياتك من مرحلة إلى مرحلة، وبظروفك الفردية والعائلية والعامة، ومن هنا يقدم لك المشورة المناسبة مسترشدًا بروح الله القدوس. 3- الحوار: وهذا هو الضابط الثالث في الحياة، فما اخطر أن يعتمد الإنسان على فكره الخاص، ويرفض أن يتحاور مع غيره حتى في أموره الخاصة. إن فكرك الخاص هو بالقطع فكر محدد، معرض للصواب والخطأ. كما أن تفكيرك بمفردك يسقط في "شرك نفسي"، هو التفكير الانفعالي المقود بالعاطفة، وأحيانًا بالغريزة. كما انك بمفردك ستركز على زاوية في الموضوع ناسيا أو متناسيا زوايا أخرى هامة. أما خروجك من هذه القوقعة الذاتية إلى شركة المحبة، مع الأسرة، أو الأصدقاء البنائين، أو خادمك في الكنيسة، أو أبيك في الاعتراف... هذا كله يغمر موضوعك بالضوء، ويساعدك على اكتشاف نفسك، ودوافعك، وزوايا الخطأ والصواب في الأمر، والمسار المطلوب والبناء، وطريقة الوصول إليه وتنفيذه... وهكذا. أما "الانحصار في الذات"، والحياة داخل قوقعة ذاتية محضة، فأمر أشيه بالحياة داخل حجرة تسرب فيها الغاز، وأضحت محفوفة بالمخاطر الخانقة أو الحارقة. إذن، فلنخرج من ذواتنا، ونناقش في روح هادئة، قابلة للنقد، والتعلم، معترفة بإمكان الخطأ وبحقيقة أن الإنسان ضعيف ومحدود... وهكذا بالحوار الوديع، بقلب مفتوح، وعقل واع، نصل إلى القرار الحسن. ولكن هذا لا يعنى أن أحاور أي إنسان أو كل إنسان في أموري، فقديما قال الآباء: "لا تكشف نفسك إلا أمام ما يمكنه أن يساعدك لخلاص نفسك". فالكلام ينطبق هنا على الأسرة والأصدقاء البنائين والخادم الكنسي وأب الاعتراف... ولكنه بالقطع لا ينسحب إلى "الشلة"، أو الأصدقاء المنحرفين، الذين هم في حاجة إلى من يرشدهم. فلا تكن مثل رحبعام بن سليمان الملك، الذي ترك مشورة الشيوخ بأن يخفف على شعبه ويعاملهم بحب واتضاع، وانساق إلى مشورة الشبان الذين نصحوه بأن يقسو على الشعب، فتمزقت المملكة، واستمرت هكذا لمئات السنين. ولنذكر كلمات الحكيم: "المساير الحكماء يصير حكيما، ورفيق الجهال يضر " (أم13: 20). نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف عام الشباب
المزيد
27 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (7) الإيمان

الايمان ومكانته فى الحياة الروحية + الإيمان هو قلب الحياة الروحية النابض والحافز نحو اقتناء حياة الفضيلة والبر . ثقتنا فى ان الله موجود ويرى ويراقب ويعين ويقوى وينجى الذين يطلبونه تدفعنا الى عبادته والصلاة الواثقة اليه ، ومعرفتنا انه محب وغافر الاثم للراجعين اليه تدفعنا الى التوبة اليه والحياة معه والعمل على رضاه { ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي ياتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه} عب 11:6. ومعرفتنا ان الله قدوس وعادل وان يكأفى الذين يفعلون الخير ويعاقب فاعلى الأثم تجعلنا نسرع الى عمل الخير ونبتعد عن الشر {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة }(2بط 1 : 5). ايماننا بابوة الله الصالحة يجعلنا نهابه ونحبه ونطيع وصاياه عالمين انها لخيرنا { مخافة الرب اول محبته والايمان اول الاتصال به} (سيراخ 25 : 16). الايمان بالحياة الأبدية يجعلنا نسعى الي الوصول اليها لنكون مع ابائنا القديسين متحملين كل ضيقات الزمان الحاضر من اجل المجد العتيد ان يستعلن فينا { فانما نحن بنو القديسين وانما ننتظر تلك الحياة التي يهبها الله للذين لا يصرفون ايمانهم عنه ابدا} (طو 2 : 18). نعمل على ان نحيا فى الإيمان لنصل الى نهاية الرحلة { نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} (1بط 1 : 9). + الايمان السليم بالله ومحبته وعمل روحه القدوس يقودنا الى حياة روحية سليمه نحيا بها وفق العقائد الأساسية التى نادى بها الله من خلال انجيله المقدس وعاشته الكنيسة عبر تاريخها الطويل وبه انجبت الملايين من القديسين ابناء لله وملكوته السماوى . فالايمان عقيدة تقود الى حياة الفضيلة والتقوى والبر { والبار بايمانه يحيا} (حب 2 : 4). ان الايمان يحتاج الى العمل والجهاد ضد الخطية والشهادة لايماننا باعمالنا فيكون لنا الإيمان العامل بالمحبة { هكذا الايمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت في ذاته. لكن يقول قائل انت لك ايمان وانا لي اعمال ارني ايمانك بدون اعمالك وانا اريك باعمالي ايماني.انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون.ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت. الم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال اذ قدم اسحاق ابنه على المذبح. فترى ان الايمان عمل مع اعماله وبالاعمال اكمل الايمان.وتم الكتاب القائل فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله.ترون اذا انه بالاعمال يتبرر الانسان لا بالايمان وحده} يع 17:2-22. ان رجال الإيمان كما يقول قداسة البابا شنوده الثالث ليس من دافعوا عن العقيدة فقط بل من حيوها وعاشوها فان كل رجال الايمان عاشوا الايمان وبرهنوا علي يقينهم بالله ومحبتهم له { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم و صار وارثا للبر الذي حسب الايمان. بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق و يعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه.لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها و بارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل و بعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض. فان الذين يقولون مثل هذا يظهرون انهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. ولكن الان يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لانه اعد لهم مدينة} عب 11:7-16. + الإيمان كما عرفه القديس بولس الرسول { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى} عب 11:1. هو ثقة فى الله وتصديق لكلامه والايقان بالامور التى لا نراها واعلنها لنا الله من خلال الإنجيل المقدس { بالايمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر} عب 3:11. فنحن بالإيمان نسلك لا بالعيان وان كان الإيمان يتماشى وينمو مع الفهم والتبصر والتعقل ولكن الايمان يحتاج الى اناس تنفتح بصيرتهم الروحية نحو عالم الروح { كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله.التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات} 1كو 9:2-13. ذلك لان { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). السيد المسيح ودعوته للإيمان.. + لقد جاء السيد المسيح متجسدا فى ملء الزمان ليدعونا للإيمان فمنذ بدء خدمته { جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله.ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} مر14:1-15.حتى قبيل صعوده اوصى تلاميذه قائلاً { اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} مر15:15-16. وهكذا نرى الايمان بالله كما جاء فى الإنجيل طريقنا للخلاص والدخول الى ملكوته السماوى .لقد لخصت الكنيسة منذ عصرها الرسولى عقيدتها المسيحية فى قانون الإيمان المسيحى انطلاقاً من مبادئ الانجيل المقدس التى كرز بها السيد المسيح ورسله القديسين من بعده وذلك فى مواجهة الهرطقات الايمانية والذى نردده فى كل صلواتنا ونحياه وبه نثق فى الدخول الى الحياة الإبدية . اننا نؤمن ونعترف باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض ، مايرى وما لايرى ، ونؤمن بيسوع المسيح ربنا كلمة الله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء الذى صلب من اجل خلاصنا على عهد بيلاطس البنطى وقام فى اليوم الثالث وصعد الى السموات وايضا ياتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات، وبالروح القدس الرب المحيي الناطق فى الانبياء . ونؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسوليه وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وبالمجى الثانى للسيد المسيح الذى يعطى فيه كل واحد بحسب اعماله فى حياة الدهر الاتى . + ان الله فى المسيحية ليست مجرد قوة عليا تضبط وتدير الكون بل هو اب محب يسعى لاعلان خلاصه ورحمته للبشر ومن اجل ذلك جاء الينا فى ملء الزمان متجسدأ بالروح القدس من العذراء مريم { في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ... و الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1، 14.فالسيد المسيح هو العقل الالهى متجسدا دون ان يحد التجسد من اللاهوت كما تخرج الفكرة من العقل وتتحول الى كلمات مكتوبة او الى رسومات هندسية يتم تجسيمها فى مبنى مجسم وتبقى الفكرة فى العقل البشري ، وكما تتجسم الصورة بالارسال التلفزيونى الى صورة حية تتحدث الينا وتتحرك ولا نحد الارسال والصورة فى اجهزتنا التلفزيونية فقط ، فالله واحد كائن بذاته ناطق بعقله حي بروحه القدوس { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7).وهذا ما أمر السيد المسيح ان يكرزوا به لجميع الامم وهذا ما فعلوه الرسل { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ، وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. + لقد بين الله محبته لنا ليس بالكلام واللسان بل بالعمل والحق { و لكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا} (رو 5 : 8).ويجب ان نؤمن بالتجسد والفداء وناتى الى النور ونفعل الحق والبر لكي نخلص { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم.الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.لان كل من يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله.واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 14:3-21. لقد آمنا بالعمل الخلاصى الذى للسيد المسيح وهو قادر ان يتمجد فينا بالايمان لنكون واحداً فيه { لان الكلام الذي اعطيتني قد اعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا اني خرجت من عندك وامنوا انك انت ارسلتني . من اجلهم انا اسال لست اسال من اجل العالم بل من اجل الذين اعطيتني لانهم لك.وكل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وانا ممجد فيهم. ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن} يو 8:17-11. ونحن نؤمن بمحبة الاب المعلنة فى المسيح يسوع { لان الاب نفسه يحبكم لانكم قد احببتموني و امنتم اني من عند الله خرجت} (يو 16 : 27). + لقد سأل اليهود السيد المسيح ماذا نفعل هى نعمل اعمال الله ؟ { فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل اعمال الله. اجاب يسوع و قال لهم هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذي هو ارسله} يو 28:6-29. فالذى يؤمن يخلص والذى لا يؤمن يدان { فقال لهم انتم من اسفل اما انا فمن فوق انتم من هذا العالم اما انا فلست من هذا العالم.فقلت لكم انكم تموتون في خطاياكم لانكم ان لم تؤمنوا اني انا هو تموتون في خطاياكم.فقالوا له من انت فقال لهم يسوع انا من البدء ما اكلمكم ايضا به} يو 23:8-25. كما ان أعماله الالهية وسلطانه تشهد للاهوته { ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي . ولكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الاب في وانا فيه (يو 10 : 37- 38). لقد صلب المسيح ومات بالجسد وقبر لكن اللاهوت لا يموت ولا يحد من اجل ذلك برهن على قيامته للتلايمذ وظهر لهم مراراً وعندما شك توما الرسول فى قيامته وكان بطبعه شكاكا علم المخلص وظهر للتلاميذ وبكته على شكه واكد حقيقة قيامته { وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم.ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.اجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا. وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه} يو26:20-31. ولنا إيمان وثقة فى رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع وانه قادر ان يقودنا بحكمته الى ملكوت ابيه الصالح + الإيمان المطلوب منا بالله ليس شئ نظرى { انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون} (يع 2 : 19) . ولكن يجب تظهر ثماره العملية فى حياتنا من محبة لله والغير وعمل الخير { لانه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الايمان العامل بالمحبة} (غل 5 : 6). فالثمار الصالحة هى شهادة صادقة على صدق وصحة ايماننا كما قال السيد المسيح له المجد { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولاشجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات} مت 16:7-21. ونحن نصلى الى الله فى ايمان انه يستجيب لصلوات المؤمنين به الصارخين اليه ليلاً ونهاراً { لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فامنوا ان تنالوه فيكون لكم }(مر 11 : 24). النمو فى الإيمان ونتائجه فى حياتنا الروحية + ان الإيمان فضيلة وقامة روحية يجب علينا ان ننمو ونتدرج فيها الى ان نصل الى قامة الكمال الانسانى الممكن . يجب علينا ان نحيا فى الايمان ونصلى ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20).يجب ان نثق فى رعاية{فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان(مت 6 : 30). لا تخافوا اذاً من الظروف المحيطة ولا يتزعزع إيماننا كما خاف التلاميذ قديما عندما راوا الريح المضادة تتقاذف سفينة حياتهم فبكتهم الرب لقلة إيمانهم {فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام و انتهر الرياح والبحر فصار هدو عظيم (مت 8 : 26) . لكن يجب ان نعلم انه بضيقات كثيرة ندخل ملكوت السموات {يشددان انفس التلاميذ و يعظانهم ان يثبتوا في الايمان و انه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله }(اع 14 : 22).ولكن ليكن لنا فى الايمان سلام ورجاء {و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس (رو 15 : 13). + نصلى لله كي ينمى ويقوى أيماننا به واثقين فى حنانه وابوته ورعايته ، اننا عندما نقرأ فى حياة رجال الإيمان والقديسين الذين ارضوا الرب ونصادقهم نتشجع ونتشدد فى الأيمان من اجل هذا يوصينا الانجيل ان نتعلم من حياة رجال الايمان وبساطة ايمانهم وقوة رجائهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). لقد آمن نوح بكلام الله له وبنى الفلك على ارض يابسة حتى جاء الطوفان واخذ حتى الذين صنعوا الفلك { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثا للبر الذي حسب الايمان} عب 7:11. ونحن يجب ان نحيا إيماننا للنجو من طوفان بحر العالم . لقد عاش بيننا قداسة البابا كيرلس السادس وكان رجلاً مملؤاً من الإيمان وله صداقة وطيدة باهل السماء الذين كان يرسلهم كمساعدين له فى خدمة اولاده وبناته العتيدين ان يرثوا الخلاص . يجب ان نبتعد عن الشكاكيين ومن يعثرونا فى الإيمان ونصلى خصيصا ليقوى ايماننا ويشتد رجائنا وتذداد محبتنا ونربى اولادنا وبناتنا على الإيمان الحى {اذ اتذكر الايمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن اولا في جدتك لوئيس وامك افنيكي ولكني موقن انه فيك ايضا (2تي 1 : 5). لنداوم على الصلاة والتوبة والتناول والقراءة والتأمل والاتحاد بالله متمثلين بابائنا القديسين {لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالايمان والاناة يرثون المواعيد} (عب 6 : 12). + لنجنى ثمار الإيمان فى حياتنا الذى من نتائجه ان نحيا فى سلام فايماننا بان الله ضابط الكل وصانع الخيرات وإيماننا باننا ابناء الله الراعى الصالح يجعلنا نثق فى رعايته وتدبيره وحمايته لنا من اجل هذا قال داود النبي {الرب راعي فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني الى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي يهديني الى سبل البر من اجل اسمه ، ايضا اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن راسي كاسي ريا.انما خير ورحمة يتبعانني كل ايام حياتي واسكن في بيت الرب الى مدى الايام} مز 1:23-6. السلام ثمرة حلوه من ثمار الايمان لهذا قال الانجيل {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله} رو1:5-2.لقد جاء الينا الله الكلمة المتجسد وصار ابناً للإنسان لكى يجعلنا ابناء بالتبني لله ونلنا نعمة وبركة ورفعة تجعلنا نحيا كابناء لله وورثة للملكوت السماوى فلنثق فى رئيس سلامنا الذى وعد ان ابواب الجحيم لم تقوى على كنيسته . لقد كان القديسين الرسل فى السجن لكن ثقتهم فى الله جعلتهم فى سلام يسبحوا الله { فالقوا ايديهم على الرسل ووضعوهم في حبس العامة ،ولكن ملاك الرب في الليل فتح ابواب السجن واخرجهم و قال.اذهبوا قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة} أع18:5 -20. وكما ارسل الله ملاكه وسد افواه الاسود عن دانيال النبى هو يقدر ان يسد افواه جميع القائمين علينا القائلين هل يستطيع الهكم ان ينجيكم من اتون النار والاضطهاد {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم }(يو 16 : 33). + حياة التسليم والثقة فى الله هى ثمرة جميلة من ثمار الإيمان ، فنحن نصلى { لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض} (مت 6 : 10). اننا نعمل ما يجب علينا ونسلم حياتنا لله القدير الحكيم برضى وشكر وعدم تذمر، حياة التسليم هى اعتراف بحكمة الله وتوجيهه للاحداث {ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). لقد دعي الله ابونا ابراهيم ان يترك ارضه وشعبه وعشيرته فاطاع {بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي} عب 8:11. وقدم ابنه على مذبح المحبة لله واثقا ان الله قادر ان يقيمه { بالايمان قدم ابراهيم اسحق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده. الذي قيل له انه باسحق يدعى لك نسل.اذ حسب ان الله قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال} عب 17:11-19. وهكذا فعل عندما ارسل عبده لعازر الدمشقى ليتخذ زوجة لاسحاق ابنه من أور الكلدانيين { الرب اله السماء الذي اخذني من بيت ابي و من ارض ميلادي و الذي كلمني والذي اقسم لي قائلا لنسلك اعطي هذه الارض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابني من هناك} تك 7:24. لذلك استحق ابراهيم ان يدعى اب لنا {لهذا هو من الايمان كي يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل ليس لمن هو من الناموس فقط بل ايضا لمن هو من ايمان ابراهيم الذي هو اب لجميعنا. كما هو مكتوب اني قد جعلتك ابا لامم كثيرة امام الله الذي امن به الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة. فهو على خلاف الرجاء امن على الرجاء لكي يصير ابا لامم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك } عب 16:4-18.على دروب اب الاباء ابراهيم سار ابائنا الرسل القديسين تاركين كل شئ حتى ارادتهم الخاصة ليسيروا مع الله ونحن نسير على ذات النهج ونقول مع القديس بولس {سلمنا فصرنا نحمل }(اع 27 : 15). + التغلب على الصعاب والفرح .. الايمان قوة جبارة بها يستطيع المؤمن ان يقول أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقويني { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله } (مر 10 : 27). فنحن يجب ان نقاوم ابليس وجنوده فى تواضع وثقة راسخين فى الايمان{فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم} (1بط 5 : 6- 9). فالايمان يهبنا النصرة والغلبة التى يتبعها الفرح والرضا {وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا }(1يو 5 : 4).فلنصلى ونعمل على التغلب على العقبات التى تواجهنا طالبين من الرب المعونة والقوة والنجاح وهو يستجيب {الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24). + الصبر كفضيلة يتأتي نتيجة لحياة الإيمان بالله وعمله ، فنحن لا نعرف الوقت ولا الاسلوب المناسب لبلوغ اهدافنا من اجل هذا ننتظر بصبر وسكوت خلاص الرب { هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله و ايمان يسوع }(رؤ 14 : 12). نصبر فى التجارب {احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة.عالمين ان امتحان ايمانكم ينشئ صبرا. واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} يع 2:1-4. نصبرفى أقتناء الفضائل والسير فى طريق الكمال {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى} 2بطر5:1-6. نصبر حتى ناتي بالثمار المطلوبة { الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لو 8 : 15) فبصبرنا نربح أنفسنا لله وملكوته {بصبركم اقتنوا انفسكم }(لو 21 : 19) . والى متي نصبر؟ ان الصبر يرافقنا حتى النهاية {و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص} (مت 10 : 22). فلنثق اذا فى الله الصانع الخير العامل فى التاريخ والاحداث ونحيا فى سلام وتسليم وشكر وفرح وصبر واثقين انه سيصل بسفينة حياتنا الى بر الامان وميناء السلام والحياة الابدية. يارب قوي إيماننا .. + وسط صحراء الحياة نصرخ اليك لتقوى إيماننا وتنمي رجائنا بك يا الله ، وعندما نواجه امواج الحياة العاتية والرياح المضادة التي تضرب بسفينة حياتنا نصلى ان تأتى سريعا لتأمر البحر ان يهدأ والرياح ان تسكت لتسير سفينة حياتنا وانت وسطها وقائدها لتصل الى بر الأمان ، وسط الضيق واتون التجارب نصلى لتطفئ نيران الاتون المتقدة وتنجنا من سهام أبليس المتقدة ناراً لنقول مع المرتل ان سرت فى وادى ظلال الموت فلا أخاف شرا لانك انت معى . + نطلب اليك فى رجاء وثقة ان تعين المجربين وتقوى الضعفاء وتقيم الساقطين وترفع البائسين وتنصف المظلومين وتحل المقيدين وتبشر المساكين وتعصب المجروحين وتجبر المنكسرين وتعين من ليس لهم معين ، فانت رجائنا فى يائسنا وقوتنا فى ضعفنا وحكمتنا فى جهلنا وفرحنا فى ضيقنا وعزائنا فى أحزاننا اليك نرفع الدعاء فكن لنا معين ايها الرب الاله . + يا اله ابائنا القديسين الذين أمنوا بك وساروا في رضاك وعملوا ارادتك ، كما كنت مع ابائنا القديسين ابراهيم واسحاق ويعقوب وكما باركت وقدست ابائنا القديسين انطونيوس واثناسيوس وكيرلس ومقاريوس وكما قدت كنيستك المقدسة عبر العصور ، انت قادر ان تقودنا وكل شعبك يا ضابط الكل لنصل بك ومعك الى حياة الإيمان الراسخ والرجاء الثابت والمحبة الكاملة لنهتف هتاف النصرة { قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} 2تيم 7:4-8. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
26 يوليو 2020

الخادم والمفقودون ج3

ولو راجعنا ذاكرتنا لتذكرنا العديد والعديد من المفقودين الذين لابد أن ندرك مسؤليتنا تجاههم... لأنه سيسألنا: أين أخوك؟ وسيطالبنا بهم، بل ومن المرعب أن نعرف أنه سيطلب دمهم من يدنا (حز3: 18)، وقد سبق وأوصانا «معرفة اعرف حال غنمك، واجعل قلبك على قطعاناك...»+ في (تك٣٧) حين مضى إخوة يوسف إلى شكيم ليرعوا غنم أبيهم، وقد استولوا عليها من أهل شكيم بعد قتل أهلها انتقامًا لأختهم دينا، لذلك أرسل يعقوب يوسف لينظر سلامة إخوته وسلامة الغنم خشية أن تكون بعض القبائل الكنعانية قد اعتدت عليهم انتقامًا لأهل شكيم، ويردّ له خبرًا ليطمئن عليهم. انطلق يوسف في طاعة لأبيه المحب لأولاده، بالرغم مما اتسموا به من أعمال النميمة الرديئة، وما حملوه من بغضة وحسد لأخيهم المحبوب والمحب يوسف؛ لكنها لم تكن طاعة الخوف كالعبيد ولا طاعة الأجير المنتظر الأجرة، إنما طاعة الابن المحب لأبيه ولأخوته الحاسدين له. في حب انطلق من وطاء حبرون إلى شكيم، وإذ لم يجدهم لم يرجع بل بحث عنهم وذهب وراءهم إلى دوثان.+ وكذلك رأينا نموذجًا أمينًا في خدمة المفقودين في أبينا يعقوب حين كان أمينًا على خراف خاله لابان لدرجة الإعياء، إذ قال: «الآنَ عِشرينَ سنَةً أنا معكَ. نِعاجُكَ وعِنازُكَ لَمْ تُسقِطْ، وكِباشَ غَنَمِكَ لَمْ آكُلْ. فريسَةً لَمْ أُحضِرْ إلَيكَ. أنا كُنتُ أخسَرُها. مِنْ يَدي كُنتَ تطلُبُها. مَسروقَةَ النَّهارِ أو مَسروقَةَ اللَّيلِ. كُنتُ في النَّهارِ يأكُلُني الحَرُّ وفي اللَّيلِ الجَليدُ، وطارَ نَوْمي مِنْ عَينَيَّ» (تك31: 38-40). هكذا يعلن يعقوب مدى أمانته في خدمته للابان على مدى عشرين عامًا، مقدِّمًا صورة حيّة لا لراعي الخراف غير العاقلة فحسب، إنما لكل خادم مؤتمن على رعاية النفوس، كيف يحتمل حرّ النهار وجليد الليل كي لا يسمح بافتراس نفس واحدة أو سرقة قلب واحد!وتبقى عبارات يعقوب توبّخ كل خادم في كرم الرب... فإن كانت الخراف غير الناطقة هكذا ثمينة في عيني يعقوب، فكم بالأولى أن تكون كل نفس في أعيننا؟!لقد غيّر لابان الأجرة عشر مرات، أما يعقوب فلم يتغير عن أمانته... وهكذا يليق بنا ألا نرعى من أجل الأجرة أيًا كانت: مادة أو كرامة أو غيرها... فإن كان هذا ينطبق على النعاج والعناز، فكم يكون على أولئك الذين مات المسيح لأجلهم؟! ولنتذكر دائمًا قيمة كل نفس في عين خالقها الذي أحبها وأوجدها وفداها ونجاها ليردها اليه مرة أخرى بعد أن عصت قديمًا.. فقد أعلن لنا إشعياء النبي عن قيمة كل نفس في عين الله حين قال «قد صرتَ عزيزًا في عينيّ الرب مُكرَّمًا، وأنا قد أحببتك».+ أحبائي.. نعجز أمام هذه الأمانات أن ندَعي أننا نخدمه، لذلك علينا أن نصلح من أنفسنا ونتكل على محبة الله للبشر، ونثق أنه يستخدم الضعفاء ليعلن قوته فيهم ويعمل بعديمي القدرة ليتمجد اسمه القدوس، ونثق أنك صالح رؤوف. وليكن رجوعهم إليك سرورًا وإكليلًا لنا، وفرحًا وتهليلًا للسماء بكل من فيها. القس أنطونيوس فهمى - كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
25 يوليو 2020

المقالة السابعة حكم

أيها العابد أسأل الرب أن يمنحك المواهب اللائقة بميعادك فيعطيك ربوات ضعف ما سألت.بغير ماء لا يبنى برج وبغير معرفة لا تقوم فضيلة، رأينا شاباً يعزي شيخاً ويلاطفه بمعرفة فأعطينا به المجد اللـه. أيها العابد لا تمضي وراء شهواتك وأمتنع من أمانيك، إن وسعت على نفسك بما تتمناه من الخير العالمي فقد جعلته شماتة للأعداء، من يسمن لحم جسده إنما يرى شهوات رديئة والأفكار القبيحة لا تزول من عنده.أضعف جسدك وعبده لئلا تصير منفياً، أعمل الخير به فتثمر للـه وأنت تتصرف مع الإخوة، أتشاء أن تجد نياحاً أرتضِ بمائدة الإخوة العمومية فتكون شفاء لجسدك واهتماماً لعظامك ونفسك لا تخسر. فإن بذلت عينيك لمعاينة البرك والأقداح ؛ ستنوح أخيراً ملدوغاً من حية، إن رأيت إنساناً ورعاً ماسكاً بيده أطعمة فلا تدينه بذهنك لأنك لا تدري لمن يقدمها.أهتم بالصنعة الباطنة ولا تزين حائطاً لا ينفع لأن زخرفة القلاية لا تمنح لك صبراً، فلنطلب الأمور الكافية حاجتنا فإن الأشياء الزائدة والمسببة لنا تجاذب الذهن غير نافعة، العاجز يحتج ويقول: أنا اليوم ساكن هنا وغداً أنتقل ولماذا أتعب.ضع في عقلك مثل مطرقة وسنديان مقدم أفكار قلبك ولا تسرع في عمل المنفية منها، من يشمت بسقطة العباد حسناً فذاك سيسقط سقوطاً مضاعفاً، ومن يسترجع إنساناً من ضلال طريقه يخلص.إذا أخطأ أخونا نوبخه بتلذذ وإذا أُدبنا لا نقبل التوبيخ بلذة، يا أخي لا تكن مع المحال بل بالحري كون علية، أتخذ يا أخي الأدب منذ حداثتك فتجد في أوان الشيب فطنة وفهماً، المستعد يحتمل بشهامة العوارض ومن بغض جزء من الحزن يحزن كثيراً، من لا يتوقع المحنة يحزن حزناً وافراً.تسليم المنزل من التواني والتواني شيء ردىء، أما اليقظة فتسبي السابين، ببطلان اليدين يكف البيت وإذ لا يشاء من فيه أن يقيم يهرب منه.العابد العاجز الذي لا يغلق باب قلايته البراني يتكسر من تحريك الرياح إياه، والمتيقظ يكون بغير لؤم، من يلجم عينيه يستر نفسه ومن يطمح بِهما يعبي لذاته ثقلاً لأنه زعم أن طموح الشهوة يضل عقلاً ساذجاً.إن كنت باختلاس أطلقت عينيك إلى الضلال والغرور فأغمض نظرك سريعاً لئلا تسقط في المجامعة القبيحة، وفي حال حرارة جسدك لا تمسه لئلا تضرم الحرارة جداً.الطوبى لمن قد غلب كل شهوة بشرية، ردىء أن ينمو فكر خبيث في النفس يينع كالعشب في مسكبة البقل، أيمكن لجزيرة في بحر أن تجعل الأمواج ألا تصدمها سوى كونِها تقدر أن تناصب بِها، كذلك نحن لا يمكننا أن نقطع ورود الأفكار لكن يمكننا أن نناصبها. ولعل يقول إنسان: فكيف تنغلب النفس وقتاً ما للأفكار ؟ الجواب: لأن النفس لا تناصبها بل تركتها أن تدخل إلى باطنها، فإذا وجدت بعد ذلك مرعى ففي طرفه تحل انتصاب النفس وتحطمها. أربعة آلام بصعوبة تقبل الشفاء: (1) محبة الذات. (2) محبة الفضة. (3) السبح الباطل. (4) أثرة الرئاسة. وهذه لا تقول حسبي لكن لا يصعب على اللـه برء واحدة من هذه. أقتلع الألم قبل أن يتأصل فيك، وقبل أن تغرس عروقه أسحب أصله من أسفل قعر الحفرة وأقتلعه، فإنك إن أهملته يعرق فيك أصلاً يستأسد عليك.المصلي بتيقظ يحرق الشياطين، ومن يصلي متنزهاً متلفتاً فهو مغلوب منهم.من ينقاد لشهوته وللذات الأفكار سريع الانقباض، ومن يحتم ويمسك ينجُ. عدم الأمانة تنتج رخاوة النفس، ورخاوة النفس تنتج التواني، والتواني ينتج النسيان، والنسيان ينتج الغفلة، والغفلة تنتج اليأس، واليأس يولد الموت. من أين تستأسد “تصير كالأسد” الآلام وتترأس علينا؟ أليس من توانينا. لا تستعبد من أعطاك ولا تجعل أعضائك تتمرد عليك وتغتصبك، أعمل بِها الخير لا الشر فتكون قنية مكرمة لسيدك. علامة النفس الوانية كونَها لا تسمع الكتب بتلذذ، والنفس المتيقظة تقبل الأقوال الإلهية كأرض ظامئة إلى المطر. المفرش الوطيئ يربي النوم وينميه، وعدم تقوى اللـه يقويه، ألك خروف لا تحبس معه ذئباً، والأمر الذي يحاربك به العدو لا تدخله إلى بيتك فإن أدخلته إلى بيتك فلا تتراخى للفكر لكن ضع مخافة اللـه بازاء عينيك لئلا تقهقه عليك أعداؤك. البيت المبني على الرمل لا يثبت ؛ ونسك ممزوج باسترضاء الناس لا يثبت ولا يدوم. من يعمل بخشية اللـه لا تخسر أخرته، لا تجلب مناجاة غريبة في وقت الصلاة. يا أخي إن قمت لترتل للـه أفتح فمك لقول اللـه نظير القائل: أرتل لإلهي ما دمت موجوداً. لئلا تناجيك أفكار غريبة فتزعج ذهنك وتكدره لكن رتل بالروح ورتل بالعقل. الدموع في الصلاة موهبة عظيمة والانقياد مع الأفكار الشيطانية هو نظير الموت ومساويه. قلب يتكردس من المعقولات السماوية يربطه الشيطان بالأمور الأرضية ويكتفونه بِها. إذا تَهاونت بالأمور البالية تأخذ الأشياء التي لا تبلى. على الجثة تجتمع النسور وعلى نفس يائسة من ذاتِها تجتمع الشياطين ؛ لأنه أينما تكون الجثة هناك تجتمع النسور. أيها الحبيب فليكن عقلنا فوقاً فإن من بعد مدة يسيرة ننصرف من هنا والأشياء التي قد جمعناها لمن تكون. كما يطرد الدخان النحل هكذا تطرد الرذيلة المعرفة. لا يفرح أحد بالعدل لكن بالاحتشاد، ولا أحد يسر بأنه لم يظلم قريبه بل يسر إن أبتاع بشىء يسير أشياء كثيرة. أمام الرعد يبرق البرق وقدام الغيم المتكاثف يجتمع كل طائر متسارع، وبأكله طُعم الفخ يسلم ذاته للذبح، وغيظ الإنسان يسبب له سقطة. السبع يصطاد من أجل جوفه، والنهم البطن يتهشم من أجل لذة البطن. الفرس الصعب الرأس يدفع صاحبه إلى يد الأشرار، والإنسان الصعب العنق يسقط في الأسواء. في أوان الثلج يقتفى أثر الصيد، وفي وقت التجربة يقتفي العابد الشيطان، دربة العابد تستبين في المحن. أجتهد أيها الحبيب أن تقتني الإفراز الذي فيه فضائل سيرة العبادة مكنوزة، فما ترجمة الإفراز سوى أن تحفظ رفيقك بلا شك ولا اضطراب، وأن تتكلم بأقوال مهذبة مفضلة مؤدية إلى الخلاص. أتريد أن تكون عظيماً صر أخِر الجماعة، أتشاء أن تقتني اسماً صالحاً جهز أعمالك بوداعة، أتقي الرب بالحقيقة ليصير حظك حسناً في أواخرك فإنه يشرف الذين يتقونه. أيها العابد لا تخضع للجسد ؛ ولا تكمن لأخيك ؛ وتصنع له اسماً ذا تعيير مريداً أن تطرده من مكانه بخزى لئلا تتكبد الأشياء التي تآمرت بِها على رفيقك، لأن من يحفر هوة لقريبه يسقط فيها ؛ ويسمع المكتوب: يسقط الخطاة في شركهم. ويتم فيه ذلك القول: كل الذين يريدون أن يعيشوا بالمسيح بتدين حسن يطردون. يا أخي لا تحتج قائلاً: أن الأخ فرزته الجماعة. لا تعمل بإنسان آخر سوءاً، ولا تشارك من يعمل الشر فإن الرب يفحص القلوب والكلى. إن خرج أخوك من الدير فلا تترفع عليه في ذهنك، ولا يكن مستحقراً في عينيك فإنك لا تعلم ماذا ينتج اليوم المقبل، أسمع القائل: من يظن أنه واقف فليحظر ألا يسقط. وأيضاً ليس من يبرهن عن ذاته هو المهذب بل من يبرهن اللـه عنه. لأن كثيرين ارتأوا أن يتقلدوا ويترأسوا فصاروا أقصى بعداً من المقصين، والميئوسين منهم أخذوا نعمة، لأن اللـه يناصب المتكبرين ويعطي المتواضعين نعمة. إن رأيت رجلاً لا يستمع ولا يتمسك في ذاته وهو متكبراً ويعد نفسه حكيماً فاضلاً هذا نصفه أنه مائت إذ لم يتقبل الدسومة الصائرة من مخافة اللـه، وإذا أبصرت إنساناً هادئاً ومتواضعاً فأعلم أن أصله سيثبت لأنه مسق من دسومة مخافة اللـه. يا إخوتي إن كانوا رؤساؤنا ليسوا حاضرين هنا لكن الراعي هو بيننا، لأن صادق هو القائل: أينما يكون اثنين أو ثلاثة مجتمعين باسمي فأنا هناك بينهم. فلنصغ إلى ذاتنا يا أحبائى، مستقبح للعابد أن يضع يده على إنسان، ومن يَرحم يُرحم. إن أعطيت أخاً عملاً فعملاً جيداً تكمل إن أعطيته أجرته بمحبة اللـه لأن من الورع أن لا تضر رفيقك. من وجد طريق طول الأناة والحلم فقد وجد طريق الحياة. الإنسان المسامح يعمل في اليوم المشهور ولا يتزعزع في عمله. عصفور يستدعي عصافير إلى القفص، والخاطئ يستدعي نظيره إلى الشرور. أيها العابد أستعفِ من أن تكون مع الذين يحبون البطالة ولا يرتضون السكون. أهرب من المحبين مجالس الشرب القائلين: أعمل أنا اليوم وتعمل أنت غداً فإنك إن تنازلت لهذه الأقوال فلا تقوم سيرة ذات فضيلة. لكن ماثل الحارين بالروح السالكين في الطريقة الضيقة والمحزنة لتدرك الحياة الخالدة، لأن الطريق العريضة الواسعة ترشد السالكين إلى الهلاك. العابد السئوم الضجور إذا وافاه فكر ما يغلق باب قلايته ويدور هنا وهناك كمركب لا رجل له. فأما الجالس بصبر فلا ينقاد مع الأفكار الباطلة. من يحسد أخاه على نجاحه يفصل ذاته من الحياة الدائمة، ومن يؤازر يكون شريكه. فإن الذين يسعون مع فاعلي الأفعال الطالحة لا يتبرءون لأن الحكم يعذب الفريقين جميعاً، ألا يليق بالرب أكثر أن يعطي ثواباً لمن يساعد في عمل مسرته، وقد كتب: أحزان الصديقين كثيرة ومنها كلها ينجيهم الرب، وكثيرة جلدات الخاطئ وموت الخطاة شرير. ليست هذه فضيلة أن تُشتَم فلا تحس، بل الأفضل أن تتفهم وتطرح المساوئ بتدين حسن لأنه قد قال: إن العاجز إذا عُير لا يخجل. فرأي حسن أن تقطع الغضب بالتبسم أفضل من أن تتوحش متنمراً بلا استئناس. الإنسان الحكيم يستلذ البكاء أكثر من الضحك، من يعطي لفمي حياطة ولشفتي خاتماً لئلا أهفو بِهما فيهلكني فمي، يا سيد حياتي لا تُهملني في رأيهما ولا تتركني أن أسقط بِهما. أنت يارب قلت: من أقوالك تتزكى ومن كلماتك تدان. إن كان النبي قال: إن عدلنا كله وبرنا كخرقة امرأة معتزلة. فماذا أقول أنا المولود بالخطايا؟ فالآن يا سيدى أعلق كافة رجائي برأفتك، فاغفر لي أنا الخاطئ، ولا تعطيني طموح عيني، وصُد عني الشهوة الرديئة. أيها الحبيب لا تصدق المنامات الخداعة فإن كثيرين أضلتهم وسقطوا إذ توكلوا عليها، لأننا إلى أى مقادير بلغنا حتى نعاين مناظر الملائكة. التواضع نجاح عظيم وشرف مجيد ولا سقطة فيه، علامة تواضع القلب أن تعمل بكلتا يديك في كل حين حاجة الأخ وتقبله كذلك. الذي يطلب أن يرث والديه بالجسد يقع في تغلبات تجاذب ذهنه ومن يتقي الرب ينج، لا تقل فإن شخت فمن أين أغتذى لأننا لم نؤمر أن نَهتم من أجل الغد أفتهتم من أجل شيخوختك، فاطلب ملك اللـه وعدله وهذه كلها تذدادها. هو قال: قد علم أبوكم السماوى وعرف الأشياء التي تحتاجونَها قبل أن تطلبوها منه، إن لم تطلب الأشياء أولاً فيكون أمرنا ظاهراً أننا لا نجتهد من أجلها، ألق إذاً همك على الرب فهو يعولك. إن كان في يدك شيء يسر الرب فأهتم به كمزمع أن تعطيه عنه حججاً وحساباً، من يرحم المسكين يشبع من الخيرات، ومن لا يرحم يغلق أمامه الخدر السماوي. كل من يتكل على إنسان لا يعاين الخيرات، ومن يتوكل على الرب يسلم. لا تكن فظاً خشناً بلسانك فإن فم الصديق يقطر نعماً ومنحاً. الأطعمة الكثيرة تكثف الذهن والمسك المعقول ينقيه. تأمل وتوق محادثات النساء، أحذر يا حبيبي لئلا بحجة قلنسوة أو إسكيم أو بأحد أنواع اللباس تصاد نفسك فإن مكائد المحال كثيرة، الأفضل أن تلبس عتقاً بالية وتقتني بنفسك مخافة اللـه من أن تلبس لباساً بَهياً وتسلك سلوكاً متدنساً. من يحفظ الوصايا يحب نفسه ومن يتهاون بِها يخسر نفسه. الرجل السكير والغضوب يقلق نفوس الإخوة وتعيره معه دائماً. ضع على الجرح مرهماً وعلى الشاب تورعاً لا رياء فيه. الشاب يعود مصفراً مقفراً إذا أتبع فكره ولا يقبل وعظ المجربين. ضلالة رديئة للشاب عدم الخضوع ؛ والطاعة بالرب ستر عزيز. الرجل المتكبر والغير مطيع يرى أياماً مرة، والمتواضع القلب والصبور يسر بالرب كل حين. فائدة عظيم خطرها أن يوجد إنسان صبوراً ومتواضعاً فلا يوجد شيء يوازي جماله. لا ترادد الحق مجاوباً وأخجل من عدم التأديب. لا تخجل أن تعترف بخطاياك ولا تقل قد أخطأت فماذا أصابني فإن الرب طويل الأناة، لا تتباطأ أن تعود إلى الرب ولا تدافع يوماً بعد يوم اذكر أن الرجز لا يبطئ. لا تكن يدك ممدودة إلى الأخذ ومقبوضة عن العطاء، العاقل يحصن ذاته بالمحبة والجاهل يكنز لذاته البغض، من يترفع على أخيه تلعب به الشياطين، لا تحتقر إلى الأبد أخاً لأنه قد كتب إن أمراء كثيرين جلسوا على الحضيض ومن لم يتوهم شيئاً لبس التاج. كن مستبشراً بالعدل مقطباً بازاء الخطية، سقم النفس أثرة الشرف أما السبح الباطل فهو ألم خبيث. إذا خرجت من قلايتك في خدمة فأرصد حواسك وصنها لئلا تجمع لك الأفكار قتالات واضطرابات، فإنه قد قيل القنية التي لا سياج لها تختطف، والإنسان الذي لا صبر له يتنهد سريعاً مخدوعاً. العاجز يجمع لذاته حججاً كثيرة والنؤوم يسقط في الأسواء. المحب القنية هو نخلة غير مثمرة، والعادم القنية كالنخلة المثمرة يتسامى إلى العلاء. المحب الهيولي يضاهي طائراً يطير وقد أخذ في رجليه سيراً وأينما جلس يلتف عليه، والذي لا هيولي يشابه مسافراً متشمراً. كثيرون يظنون بذاتِهم أنِهم عقلاء ولا يستطيعون أن يفطنوا، إن الفهم الذي يظنونه يجلب لهم خسارة النفس، لا تكون حكمة ولا توجد فطنة ولا رأي صالح في نفس تمقت مخافة اللـه. الحكمة بالحقيقة أن تعمل كل شيء كما يشاء اللـه. الخلق الحلو يكثر الأصدقاء، والمحب للرب يحفظ وصاياه. أكرم الأخ بحضرة معارفه فتكون قدام الرب مكرماً. القهرمان الأمين يربح نفوس إخوته وعزم الحقود يشتتهم. الخازن التقي العاقل يوزع الأنصبة بالعدل ؛ والخازن الجاهل ينشئ الخصائم. الذي لا يشبع لا يرضيه الأمر المقسط بالحق، واللبس يسبب الهيوج، والمتقي الرب يجلب صمتاً. القهرمان السكير يحط من شرفه ؛ والماسك والوديع والمتواضع القلب ينجح في الشرف. لا تحتج عن ذاتك بمرض وأنت معافى لأنه قد كتب: وأعطاهم شهوتَهم وبعد ذلك صرعهم. لا ننكر يا إخوتي نعمة الرب الذي رزقنا القوة لنعمل بِها الخير لكن إذا عملناه بِها فلنشكر الرب كل حين. من يضحك على قريبه كمن يغتابه والاغتياب مبغض عند اللـه والناس، ومن يغظ قريبه يستنهض غضبه والمصلح مغبوط لأنه يدعى ابناً للـه. أكرم الشيوخ من أجل الرب ؛ والشاب المعوز تألم معه ؛ فتأخذ من الرب الثواب، فقد كتب لا تعملوا للطعام الضائع بل أعملوا للطعام الباقي في الحياة الأبدية، فلتعمل يداك الخير لتعطي المحتاج، وليكن قلبك إلى اللـه كل حين فتكون عاملاً للطعام الباقي لا الفاني. أيها الأخ أعمل ولا تسترح فإن البطالة قد عملت رذيلة كبيرة. المتذمر يخسر كثيراً، والمحتمل بشهامة يجد في أواخره مسرة. الخادم العاقل لا يتوانى في عمله، والمتقي الرب لا يشكك إخوته. أيها الحبيب أتَهرب من الذين يرشقون الجسم ؟ فالأليق أن تَهرب من الذين يرشقون النفس. وتَهرب من حية تلدغ الجسد ؟ فالأولى بك أن تَهرب من المرأة التي تلدغ النفس. من يتمتع بجمال امرأة ؛ ينصب في نفسه اشتهاء حسنها، ومن يداوم المضي إلى أبواب منزلها ؛ يشبه من يمشي على الجليد لأن الزلق ليس بعيداً منه. أتَهرب يا حبيبي من النار لئلا تحرق جسدك ؟ فأهرب من الخطيئة لئلا تحرق جسمك مع نفسك في النار التي لا تطفأ. العابد الذي يحدث امرأة كمحاربين، والمتيقظ يغتم ولا يسلب. البواب الأمين حافظ النفوس بعد اللـه، والبواب الغير آمين يضيع المؤتمن عليهم ويضيف إلى نفسه أيضاً. ونحن إذا جهلنا الزمان الذي سلكناه في سيرة الغباوة والتواني الذي صنعناه فيها نتشامخ، مديح الرجل ليس بالزمان فقط بل بالنجاح والنمو؛ لا النمو في الشيب بل في اقتناء السيرة ذات الفضيلة. للجندي مبادئ وهي السلاح والسيف والخوذة، والعابد المبتدئ له مبادئ وهي الأمانة والتوبة والمحبة، فالأمانة تولد الطهارة، وتواضع القلب والطاعة يولدان طول الأناة والمسك، وأما التوبة فتنتج الدموع ؛ وأما المحبة فتولد الصبر والرجاء. من ينتقل دائماً من قلاية إلى قلاية أخرى يقتني أفكاراً جدداً، ومن يقم في موضع واحد يسكت أكثر. أيها الحبيب منذ حداثتك أختار التأديب فتجده في شيخوختك عقلاً وفهماً. منذ شبابك أزرع حقلك وأهتم به لئلا ينبت فيه شوك كما ينبت في البائرة، أجعل فيه ثمراً جيداً ؛ وأعطي مجداً لمن يرزقك القوة. المياه تُنبت الحشيش ؛ والحديث مع العلمانيين ينشئ ألم استعلاء الرأي؛ والخائف من الرب لا يترفع. إذا أهلت لموهبة فلا تعلي ذهنك فإن ليس لك شيء جيد ما لم تأخذه من اللـه، وإن لم تسلك برأيه ينتزع منك الشىء المختص به ويعطيه لمن هو أصلح منك، وحينئذ تشابه من يلزم أن يكمل رسم الكتابة بلا حبر. ديكان يجتمعان معاً كفكرين في قلب العابد ؛ فأخرج ما للغرباء وتسكت نفسك. الرجل العاقل يحفظ الوصايا ؛ ومن يحفظها فقد أقتنى فردوس النعيم الخالد. اسم صالح أفضل من غناء جزيل، والنعمة الصالحة أفضل من الذهب والفضة. أعطى النفس السائمة كلام تعزية فيوطد الرب قلبك. إذا تفرغ قدح النبيذ بعد الصلاة فاذهب إلى قلايتك مسرعاً ؛ وأشكر الرب الذي دبر ويدبر، لأن كثرة الكلام بعد الأغتذاء تولد زلات ونكالاً. الرجل السكير في حين المساء يقول ما لا يجب ؛ وعند السحر يندم ؛ وإذا صادف خمراً يتلطخ بتلك الأمور أيضاً. إن جُرِّبت دفعة فتحرز فيما بعد لأنه قد كتب: المولود من اللـه يحفظ ذاته ولا يمسه الخبيث. لا تشرب أيها الحبيب خمراً للسكر ؛ وإن تملقك الأصدقاء الحاضرون لأنه إن سكرت فقبل الكل يسخر بك الذين أمروك، فتحرز جداً من أن يسود عليك النسيان. يتعب البطينى ويتهشم ليملأ بطنه أطعمة، وإذا أكل يتوجع عند الهضم، والحمية تتبعها الصحة، واليقظة المسك، والدوار لا يسلم من جرح إن لم يتيقظ، ومن يثبت في المكان الذي دعي إليه يجد نياحاً أكثر. من يستحقر الأمور اليسيرة يسقط بعد يسير، والعجز بعد هنيهة ينتج فقراً اضطرارياً. لا ترفض وعظ الناس القديسين وإن كنت عالماً فإن هذا هو ثمر العلم. هروب العابد من أن يشارك ضوضاء ؛ وأخرته غم وندم. فقد كتب ” إذا مُدح الصديقون تسر الشعوب واسم المنافقين يخمد “. وأيضاً ” ليمدحك الغريب ولا يمدحك فمك، والغريب ولا شفتاك “. وأيضاً ” تختبر الفضة والذهب بالإحماء والتصفية ؛ والإنسان يختبر بفم الذين يمدحونه “. يحفظ الشريعة الابن الفهيم ؛ ومن يراع الفهم المحظور فقد شتم أباه. أكرم الكل من أجل الرب ولا تبتغي أنت إكراماً فتجد من لدن الرب نعمة، فقد كتب ” من لا يخجل من وجوه الصديقين فليس صالحاً فمن هو هكذا بأكلة خبز يسلم إنسان “. وكتب أيضاً ” طوبى لمن يتوقى كل شيء من أجل التورع والقاسي القلب يسقط في الأسواء “. الإنسان المحب للحكمة يُفرِّح أباه، ومن يراعي الزواني يضيع غناه. الأفضل أن ترعي باهتمام أجود من أن ترعى بلا اهتمام، والأجود أن تتعلم باهتمام أفضل من أن تعلم وتعمل أعمالاً لا يجب افتعالها. من يؤدب ذاته يؤدب إنساناً آخر، ومن يعلم ذاته يعلم قريبه. لا تثقل على أخيك ؛ فإنك إن وضعت على بَهيمتك حملاً يفوق قوتِها تجلس في وسط الطريق. كل شئ يثقل عليك فليكن لك به التدرب والخبرة ؛ واذكر المعونة الصائرة من للـه إليك. لا تبذل مسامعك لأقوال قبيحة لئلا يتدنس عقلك ؛ لأنه كما يضر العينين الدخان ؛ يضر الكلام القبيح النفس. إذا آذاك روح الزنا فأزجره قائلاً: ” الرب يلعنك أيها المملوء نتانة ؛ يا شيطان النجاسة. لأننا قد عرفنا القائل: إن رأي البشرة عداوة للـه. لا توجد حكمة ولا يكون عقل حيث ليس مخافة الرب، لأن رأس الحكمة مخافة الرب، فإنه قد كتب ” النور للصديقين كل حين وضوء الخطاة ينطفئ “. شجرة الحياة شهوة الصديق، ومن يبغض التوبيخات فجاهل. من أكثر في الكلام لا يفلت من خطيئة، ومن يشفق على شفتيه يكون فقيهاً. أفكار الصديقين حكم وتدبير، والمنافقين تدبيرهم غش. من يقدم قريبه في الكرامة يجد إكراماً، ومن لا يتورع من وجه أخيه يؤدب بتعب. إذا أكلت مع الإخوة فضع يدك في القصعة بترتيب، فإن اليمام والخطاطيف والعصافير وطيور البر قد حفظت أوقات ورودها. ضع يدك ولا تستهجن من أجل من هم أصغر منك فقد استكملت طول النهار صوماً ومن أجل لحظة ساعة تقلق. فالبطالة لذيذة عندك لكن نَهايتها مرة، أتتعب إذا عملت لكنك أخيراً تفرح. فقد كتب ” رذالة عند الرب الشفة الكذوبة ومن يعمل الصدق ذاك مقبول عنده “. من أكثر أقواله يمقت ؛ ومن يمسك فمه يُحَب. إذا رأيت رجلاً يتوانى عن التيقظ للفضيلة فلا تتراخ أنت بفكرك بل تشجع أكثر ؛ وفي أوان المحنة جاهد جهاداً جزيلاً. لا تغير حدود التواضع لئلا يظن أن لنا عذر فنفسد تورعنا وتستهون فيما بعد الخسارة من أجل القائل: ” أن عبد الرب ما سبيله أن يخاصم “. وأيضاً ” مغبوط من يرهب كل شيء من أجل التورع “. لا تبادر أن تغضب بروحك فإن الغضب إنما يستروح في حضن الجاهل فقد كتب ” الابن المكرم يطيع أباه والابن الذي لا يطيع يكون في الهوان”. من يحفظ فمه يصن نفسه ؛ والمتهجم تذهله شفاهه. الابن الغاش لا يكون صالحاً ؛ ومن يحفظ الوصايا مغبوط. شريعة الحكيم عين حياة ؛ ومن لا عقل له يموت في الفخ. من يسلك مستوياً يتقي الرب ؛ ومن يعوج طريقه يهان. تطلب عند الأشرار حكمة فلا تجد ؛ والحس موجود عند العقلاء. أمر سهل بستان لا سياج له إذا وطئ يصير بريه ؛ ومن لم يصن فمه يضيع ثمره. من يتوكل على الغنى يسقط ؛ ومن يعضد الصديقين يتلألأ لامعاً. من يفرق ماله بجهل ويبدده يصير محتاجاً ؛ ومن يبدده بأمانة الرب لا يخذل إلى الأبد ؛ لأنه قد كتب ” بدد وأعطى الفقراء وبره يبقى إلى أبد الدهور ورونقه يعلو في الشرف “. من يكثر يساره بالربا والربح يجمعه لمن يرحم المساكين بمقدار ما يترفع بكبرياء قلبه ويدوس الأرض التي منها أخذ، فإلى الأرض يذهب والرب يرفع شأن المتواضعين. الدخان يطرد النحل ؛ والحقد يطرد المعرفة من القلب. تضرع إلى الرب وأسكب دموعاً قدام خيريته ؛ ولا يقطن في قلبك حقد ؛ وتكون صلاتك كبخور قدامه ؛ فقد كتب ” نجس عند الرب كل متعالي القلب والشرف يتقدم أمام المتواضعين ” ؛ وأيضاً ” الإنسان يطلب حجة إذا أراد أن يفارق أصدقاءه وفي كل حين يكون معيراً “. وكذلك الذي يريد أن يفارق ديره يتعلل بالرئيس والإخوة. فقد كتب ” تكون طريق مظنونة عند الناس أنَها مستوية وأواخرها تقضي إلى قعر الجحيم. يا أحبائي فليعزِ بعضنا بعضاً، وليخدم بعضنا بعضاً، وليعظ بعضنا بعضاً بتقوى اللـه إلى أن ننتهي إلى ميناء الحياة. النهم البطن يهتم بأشياء كثيرة ؛ والممسك يضاهي غزالاً في غابة. كما أن الماء للسك ؛ هكذا السكوت للعابد بتواضع قلب ومحبة. زاد العابد لطريقه الورع ومخافة اللـه. تقوى الرب ذهن مهذب ؛ ومن أقتناه لا يخزل. ستبتدئ يا ابني الشياطين الأعداء أن يحوطوا بفكرك عند استماعك خبر والديك بالجسد لكن الفرح يضاعف لك والعز يزداد لك في ملكوت السماوات إن صبرت تخدم إلى النهاية. من يشاء أن يعيش في كل موضع عيشة سلامية فلا يطلبن نياحهُ بل نياحة قريبه بالرب فيجد النياح، فأما المماحك الردىء العزم فلا يسكت في موضع أصلاً. قبل أن يتهاون الإنسان بمخافة اللـه لا يخطئ قط في موضع. إن شئت أن لا تخطئ فأحفظ مخافة اللـه، أشعر أن الخطيئة كالجبال العالية أو كلجة البحر الموعبة مهاول الهيوج ؛ أو مثل لهيب النار الآكل من يسقط فيه، وإن حرص العدو أن يصغرها في عينيك إلى أن تسقط فيها. لا تشاء أن تخطئ ولا تحتج بأبيك، الرب قد نصبك راعياً فلا تدخل إلى رعيته ذئاب مفسدة لئلا ترد مقفراً من رعاية الغنم. وإذا جاء رئيس الرعاة فلا يرتضي بذلك، فأطرد من الغنم كل أمر يضاددها فلا تدعى أجيراً غاشاً بين إخوتك، المدبر مكرم والمتقين الرب مكرمين في عينيه. قبل أن تبدأ في أمر تفطن في نَهايته فقد كتب ” أن المولود من اللـه يحفظ ذاته ولا يمسه الخبيث “. ليس بأمر صعب أن يعرض شيء رديء لكن الرديء المستصعب هو الثبوت في الشر إن عرضت خصومة بين أخين فإذا تاب الأول يأخذ إكليل الغلبة، ويكلل الثاني إن لم يطرح التوبة بل يصنع بنشاط أسباب المصالحة. علامة نقص الأدب في العابد هي إذا جلس بين إخوته يكشف ساقيه، فأما المتورع فيجلس بزي حسن. تفكر في كثرة الكلام فإن ربوات الأقوال نَهايتها السكوت، فأسبق وخذ الفائدة وأهرب من الخسارات. أيها العابد أحتقر أمر الجوف فتكون لك راحة، وأطرح استعلاء القلب وأستدرج راية التواضع. أيها الحبيب إذا أُدخلت إلى قلايتك أحداً فأحرص أن تصرفه بزي حسن وغير مرتاب ولا مشكك، الأمر الذي معناه ألا تعمل شيئاً خارج مخافة اللـه لئلا تصير له رسم عمل لا بر فيه لأن الرسول يقول ” كونوا بلا عثرة لليهود ولا لليونان ولا لكنيسة اللـه “. يا عابد أكرم الكل لا من أجل مكافأة بل من أجل الرب. خلواً من نخر لا تنشأ دودة ؛ وبغير اهتمام لا تباد. بغير تواني لا ينشأ تَهاون ؛ وبغير اهتمام لا يقلع. أتقِ الرب فتجد نعمة، لا يصادفك العدو عاملاً أشياء خارج عن ميعادك فلا يذهلك البتة، الإنسان الذي يرضي الناس يحرص أن يرضي كثيرين لكن ليس من أجل الرب، والمتقي الرب يحفظ وصاياه. الخائف من الرب لا يغتر لأنه يسلك في نور وصاياه. الغضب للإنسان حفرة له ؛ ومن يغلب الغضب يعبر الحفرة قفزاً. من يؤدب شعبه يكون له صلح مع الذين خارج حوزته. والواثق بذاته يستكثر العداوة لنفسه. الطوبى لمن يحمل نير المسيح بوداعة إلى النهاية لأن الكبرياء رديئة. في ألفة الإخوة يسكن الرب ؛ وطرب العدو الغاش إنما هو معاداتِهم. إلى متى تخفي الأرض البذار المزروعة فيها ؟ إلى أن تأخذ نسيم الماء. أعمل أيها الحبيب وصايا المسيح عملاً مكتوماً ؛ فيعطيك في الجهر ظاهراً. العاجز والمحب لذاته إذا رأى العمل يخبئ ذاته، وفي العشاء يحسب ذاته في الأولين. العاقل لا يفضل ذاته على الإخوة الخاملين بل يصير رسماً للمؤمنين. الغير رحوم لا يتوجع لمريض لأن الطوبى للرحومين فإنَهم يرحمون. القهرمان الأمين لا يستغنم إخوته، وذو الفضيلة يعمل كل شيء كما يشاء اللـه. لا تسئ إلى أجير باذل نفسه، ولا تتأخر في أجرة الفاعل أذكر أنه قد تعبد لك وأعطية أجرته في وقتها فتنال ثواباً في حينه. ومن يُوبخ ويصمت في خبث يخبئ في قلبه حقداً، ومن يجاوب بوداعة سلامية يكون غير حقود. من لا أدب له يتهزأ بالشيوخ والمتأَدب يحب. من يحب الأدب يحب الحياة. كما أن الجليد والثلج يضمران الخضرة ؛ هكذا تضمر الخطيئة قلب من يعملها. كما ينضر النبات بورود المطر ؛ هكذا تتباهى نضارة القلب بالأعمال الصالحة. الرجل الغضوب والصياح يكون كثير الحلف ؛ أما الصامت فيكون فقيهاً. ما هو الغضب ؟ الغضب هو ألم لا حياة فيه ولا خجل. الألم هو الذي يعقبه التندم والحزن سريعاً، والحزن يأكل ويفني قلب من يسقط فيه. لا تعطي قلبك غماً لكن سلم ذاتك للرب. عدم الأمانة ولدت رخاوة النفس، والنفس الرخوة جلبت المحك، والمحك يتبعه الضلال، ومن قد ضل فليهتف بصوت عظيم إلى رئيس الرعاة مخلص نفوسنا كي ما إذا عاد يجمعه في صيرة غنمه. لا تستفحص أيها الحبيب قائلاً: كيف هذا أو ذاك بل آمن بالرب وصدقه فهو يضئ ذهنك لأنه بمقدار الأمانة تسكن النعمة في النفس، لأن الرب صادق في كافة أقواله وبار في جميع أفعاله. الأصوات ضربت في عساكر بني إسرائيل في البرية، أما كرازة الرسل فوصل صوتِها إلى كافة الأمم مثل البوق الجهير. الإنسان المؤمن دالية المسيح، والرجل غير العامل مثل العنقود المسطح على الأرض الغير نافع، هكذا الفكر المشتغل بالأمور الأرضية يصير غير مختبر في الفضيلة. من يبتغي المشاغبة يوافِ هلاكه بغتة، لأنه يفرح بسائر الأشياء التي يبغضها الرب، ومن يحب السلامة يرث السلامة. وداعة الرجل أن يقمع الغضب ويرده. إن عرض لك بغي وبعد ذلك ظهرت دالة ضميرك فلا تعلِّ رأيك بل أخدم بتواضع الرب الذي فداك من بغي الناس لئلا تسقط سقطة مذهلة. كما أن البلوط يربي الخنازير هكذا الأفكار الخبيثة تربي الشهوات الطالحة، الغضب والحقد يشابه سم الأفاعى لأنه يغير الصورة ويخبط العقل، ويحلل الغضب، ويضعف القوة عن العمل. أما الوداعة والمحبة فتفني هذه كلها، ثم يُحَل الحقد بتذكار مخافة اللـه ويوم الوفاة. أيها الحبيب تذكر أواخرك وأكفف عن الغيظ، وإذا تذكرت الموت فلا تترفع لأنه بعد يسير تدخل إلى القبر ؛ وهذا العمل الردىء ماذا ينفعك.والمجد للآب والابن والروح القدس الآن وكل أوان وإلى أبد الآبدين آمين مار إفرآم السريانى
المزيد
24 يوليو 2020

القديس إكليمنضُس الإسكندريّ

وُلد إكليمنضس الإسكندريّ من أبوين وثنيّين حوالى العام 150. بعد اهتدائه إلى المسيحيّة، استقرّ في مدينة الإسكندريّة حيث تتلمذ على يد المعلّم بانتينُس، ثمّ فتح هو نفسه مدرسة فلسفيّة وتكرّس للتعليم والتأليف. توفّي إكليمنضُس قبيل العام 216 في فلسطين بعد اضطراره إلى مغادرة الإسكندريّة بسبب الاضطهادات التي أثارها الإمبراطور سبتيمُس ساويرس. تميّزت شخصيّة إكليمنضس بالثراء والتنوّع، إذ كان مدافعاً عن المسيحيّة وفيلسوفاً وشارحاً للكتاب المقدّس ولاهوتيّاً عقائديّاً، ولكنّه كان أيضاً حارّ الإيمان وواعظاً ومربّياً ومرشداً أشهر مؤلّفات إكليمنضس هي سلسلة من ثلاثة كتب معروفة ب"الثلاثيّة". وهذه الكتب الثلاثة هي: "الإرشاد لليونانيّين" و"المربّي" و"المتفرّقات". يتضمّن "الإرشاد لليونانيّين" اثني عشر فصلاً يحثّ فيها الكاتب اليونانيّين على الاهتداء إلى المسيحيّة. فبعد أن يعرّف بالسيّد المسيح وتدبيره الخلاصيّ والفداء، ينتقل إلى انتقاد اعتقادات الوثنيّين وشعائرهم، ويدعوهم إلى الانضمام إلى الكلمة المتجسّد والتألّه معه، فهو المعلّم الذي يفوق جميع المعلّمين والفلاسفة اليونانيّين، وفي هذا السياق يتوجّه إليهم قائلاً: "بما أنّ الكلمة نفسه قد أتى إلينا من السماء، يبدو لي أنّه يجب علينا ألاّ نذهب بعد إلى أيّة مدرسة بشريّة، فلا نأبه لا لأثينا ولا لسائر اليونان". يتابع إكليمنضس في كتابه الثاني "المربّي" ما بدأه في الكتاب الأوّل. ولمّا كان الكتاب الأوّل موجّها إلى الوثنيّين فقد خصّ إكليمنضس كتاب "المربّي" بالمعمَّدين. والمقصود بالمربّي، هنا، المسيح المعلّم. ويتألّف الكتاب من ثلاثة أبواب يشيد فيها الكاتب بالطفولة الروحيّة وبالجدّة المسيحيّة ويرسم سلوك مَن يريد أن يكون مسيحيّاً حقيقيّاً. فيقول إكليمنضس عن المسيح المربّي: "يهتمّ الله بالإنسان، وفي الوقت عينه يعنى به، ويبيّن ذلك بالفعل إذ يربّيه بالكلمة الذي هو رفيق عمل محبّة الله للبشر". ويقول أيضاً: "نحن الأطفال، بحاجة إلى مربٍّ، والبشريّة كلّها بحاجة إلى يسوع". أمّا الكتاب الثالث "المتفرّقات" فهو مجموعة من الملاحظات والمذكّرات، وقد جمع فيها زبدة أفكاره عن المعرفة المسيحيّة. وفي هذا الكتاب يصف الإنسان المسيحيّ، فيقول عنه إنّه ذاك الذي "لا يرغب في شيء، إذ لا ينقصه شيء للتمثّل بالذي هو صالح وجميل (...) ليس هو عرضة للرغبة ولا للشهوة، ولا ينقصه أيّ خير من خيرات النفس، فهو بالمحبّة اتّحد بالحبيب (أي بالله)". ويتحدّث عن التنزّه من الأهواء الذي يبلغ إليه الإنسان الزاهد بالدنيا والساعي إلى الله، فيصير شبيهاً له. أمّا التنزّه عن الأهواء فهو "السيطرة المكتسَبة بالنعمة التي تستسلم لها حرّيّتنا، على كلّ ما يناقض فينا إشعاع المحبّة. إنّه إشعاع المحبّة المنتصر".إكليمنضس رجل فكر وفلسفة يحبّ الثقافة والعلم. ويعتبر أنّ العلم والمعرفة ضروريّان لخدمة الكنيسة، لذلك تكثر في كتاباته الاستشهادات المستلّة من الكتّاب والفلاسفة اليونانيّين الكبار كأفلاطون وهوميروس وغيرهما. غير انّ المعرفة الحقيقيّة تبقى، عنده، المعرفة الإلهيّة التي ينهل منها المرء في الكنيسة: "كنيستنا هي المدرسة الجامعة، ومعلّمها الأوحد إنّما هو عريسها (المسيح)، وهو التعبير الرحيم لإرادة الله الرحيمة، والحكمة الحقيقيّة ومقدِس المعرفة". والكنيسة، بالنسبة إليه، هي الأمّ الحاضنة المؤمنين: "الأمّ تضمّ إلى ذراعيها أطفالها الصغار، ونحن نبحث عن أمّنا الكنيسة".يمكن إيجاز فكر إكليمنضس بفكرة أساسيّة هي التأكيد على عمل الكلمة في حياة المؤمنين لتأليههم وتأليه العالم. ويتحدّث عن النعمة التي يمنحنّا إيّاها الله، والتي يعتبر أنّها كاملة ولا يمكن أن تكون ناقصة بأيّ حال من الأحوال: "إنّه منافٍ للعقل أن ندعو نعمةً إلهيّةً عطيّةً غير كاملة؛ فبما أنّ الله كامل، من الواضح أنّه يهب نعماً كاملة؛ فحالما يأمر، تُخلق الأشياء كلّها؛ وكذلك عندما يمنح نعمة، يريد أن تتمّ هذه النعمة في ملئها". وفي مكان آخر يؤكّد الكاتب على أنّ الله خلق الإنسان على صورته، وهو الذي يقوده إلى المثال: "نال الإنسان منذ ولادته الصورة، وكلّما تقدّم في الكمال، يتقبّل في ما بعد في ذاته المثال".يذكّر إكليمنضس دوماً في مؤلّفاته بمحبّة الله اللامتناهية للبشر، هذه المحبّة التي تمنحه الخلاص والحياة. ولا يغفل الكاتب التشديد على العناية الإلهيّة المرافقة للإنسان منذ ولادته: "إنّ الله، في محبّته العظيمة للبشريّة، يرتبط بالإنسان، وكما أنّ العصفورة الأمّ تطير إلى صغيرها عندما يسقط من العشّ، هكذا يبحث الله عن خليقته بأبوّة ويلتقط من جديد الصغير مشجّعاً إيّاه ليطير ثانيةً نحو العشّ". وفي الختام، نقول مع إكليمنضس: "الله يدعونا إل الاستحمام (المعموديّة)، إلى الخلاص، إلى الاستنارة، وكأنّه يصرخ قائلاً: أعطيك، يا صغيري، الأرض والبحر والسماء، أهبك جميع ما فيها من حيوانات، ولكن، يا بنيّ، ليكن فيك ظمأ إلى أبيك، فيظهر لك مجّاناً". آمين.
المزيد
23 يوليو 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين إِنْجِيلُ يُوحَنَّا

1- بين اصحاح 5 : 31، اصحاح 8 : 14 ففى الاول يقول المسيح : (ان كنت اشهد لنفسى فشهادتى ليست حقا) وفى الثانى يقول : (ان كنت اشهد لنفسى فشهادتى حق). فنجيب : ان القول الاول قاله المخلص دفعا لاعتراض تبينه فى افكار اليهود وهو انك تشهد لنفسك وليس من يشهد لك، والشريعه تقضى بان الدعوه لا تثبت باقل من شاهدين (عد 35 : 30) فمعنى كلامه ان كنت انفردت بذلك بلا سند فاعترافكم فى محله، اى لو امكن ان اكون منفردا بشهادتى لكانت كاذبه، ولكن ذلك فرض لا اساس له فالنتيجه سقوط دعواهم. 2- وبين اصحاح 7 : 16، وبين اصحاح 10 : 30 ففى الاول يقول (المسيح تعليمى ليس لى بل للذى ارسلنى) وفى الثانى يقول (انا والآب واحد). فنجيب : ان مضمون قول المسيح الاول جوابا على من قاله فى عد 15 (كيف هذا يعرف الكتب) معناه انه لا محل للتعجب كانى ابعت علمى من نفسى. فانه كان من عاده ربانى اليهود ان يسندوا تعليمهم بذكر مشاهير المعلمين، او بايراد اقوالهم اثباتا لما قاله لكن يسوع اسند تعليمه الى المعلم الالهى اى الله وهذا جواب مضمون قولهم (من علمهم) فكانه قال ان السماء مدرستى وان الذى ارسلنى هو معلمى وانا لم ابدع شيئا من نفسى، وفى نفس الوقت يعتبر جوابه ((تعليمى ليس لى) اى انه ليس لى وحدى حتى اذا قبلتموه تكونون قد قبلتم مجرد قولى، وان رفضتموه رفضتوا مجرد كلامى، لكن تعليمى مثل ما سمعت من الآب (ص 8 : 40) وانا صرحت به بسلطان ابى (ص 12 : 49) وقول المسيح هنا كقوله فى (ص 5 : 19 و30، اصحاح 14 : 24). 3- بين اصحاح 9 : 35 وبين 1 يو 3 :1 وبين لو 3 : 38 ففى الاول ان المسيح ابن الله، وفى الثانى ان المؤمنين اولاد الله، وفى الثالث ان آدم ابن الله. فنجيب : دعى المسيح ابن الله فى الكتاب المقدس باعتبار كونه الاقنوم الثانى فى الثالوث بالنسبه الى الاقنوم الاول ودعى الاقنوم الاول الآ ب للاشاره الى نسبته الى الاقنوم الثانى. فلفظه آب ولفظه ابن لم ترد للتعبير عن النسبه الازليه بين الاقنوم الاول والاقنوم الثانى بالمعنى المشهور فى الابوه البشريه والبنوه البشريه، فسمى الابن فى الكتاب المقدس بالكلمه وصوره الله ورسم جوهره وبهاء مجده، وكل هذه العبارات توضح مضمون لفظه ابن اى ان الابن يعلن الآب كما ان الكلمه توضح الفكر وتعلن ما هو عند العقل. كما ان ضوء الشمس يبين طبيعتها مع انه من جوهرها نفسه، هكذا المسيح بهاء مجد الله يبين لنا امجاد اللاهوت الروحيه (مت 11 : 27 و لو 10 : 22). 4- وبين اصحاح 9 : 39، اصحاح 12 : 47 ففى الاول يقول السيد المسيح (لدينونه اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون) وفى الثانى يقول (لانى اتيت لادين العالم) فنجيب : ان كلمه دينونه فى الاول معناها لتمييز اناس عن اناس واعلان ما فى قلوب الفريقين. وكان اتيانه امتحانا لباطن كل انسان وهذا كقول سمعان الشيخ لمريم (وان هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين) (لو 2 : 34) فحين اتى الى العالم اتحد به ابناء النور وعاداه ابناء الظلمه. اما الدينونه فى الثانى فهى الشجب والحكم وطبعا ذلك لم يكن من اغراض المسيح فى مجيئه الاول بل سيكون عمله فى المجىء الثانى. 5- بين اصحاح 10 : 30، اصحاح 14 : 28 ففى الاول يقول المسيح (انا والاب واحد) وفى الثانى (ان ابى اعظم منى). فنجيب : ان معنى قوله الثانى : ليس اعظم منه فى الطبيعه لانهما متساويان، لكن فى الحاله التى تكلم فيها بهذا الكلام، وهى حاله اتضاعه وتامه باعتبار كونه فادى الخطاهعلى وفق قول يوحنا (والكلمه صار جسدا) (يو 1 : 14) وقول بولس (اخلى نفسه اخذا صوره عبد) (فى 2 : 7) فالابن كان يتكلم عن ناسوته حينئذ فقط، وعلى هذا الاعتبار يكون الاب اعظم من ناسوت الابن كما ان تلك الاعظميه لم تكن دائمه بل وقتيه (فى 12 : 1 – 13) اما اللاهوت فهما متساويان فى الجوهر والمجد والمقام والقوه كما جاء فى الايه الاولى. 6- بين اصحاح 20 : 17، رو 9 : 5 ففى الاول يقول المسيح عن الله مخاطبا المجدليه (ابى وابيكم والهى والهكم) وفى الثانى يقال (ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل الها مباركا الى الابد). فنجيب لا يخفى ان الانسان الواحد او الشىء الواحد يمكنه ان يتخذ اسمين باعتبارين مختلفين، فالانسان يدعى نفسا ويدعى جسدا مع انه ليس نفسا محضا ولا جسدا محضا. هكذا السيد المسيح له المجد فله لاهوت وله ناسوت واحيانا كان يتكلم عن نفسه بصفته اللاهوتيه كانه اله واحيانا يتكلم عن نفسه بصفته الناسوتيه كانه انسان فقوله: ((الهى والهكم)) قاله بصفه الناسوتيه ولكنه ميز فيه ايضا نفسه عنا، لانه لو سوى بينه وبيننا لقال : (اصعد الى ابينا والهنا) ولكن فى قوله : (ابى وابيكم والهى والهكم) يبين ان معنى قوله : ان الله ابوه والهه، خلاف معنى انه ابونا والهنا. 7- بين اصحاح 21 : 25، اع 1 : 1 و2 ففى الاول يوحنا ان ما صنعه يسوع اذا كتب واحده فواحده فلا يسع العالم الكتب المكتوبه وفى الثانى يقول ان لوقا كتب جميع ما ابتدا يسوع يفعله ويعلم به. فنجيب : ان مفاد كلام يوحنا اظهار ان يسوع صنع امورا كثيره فكلامه من باب المبالغه الجائزه والتى استعملت كثيرا فى كتاب الله (راجع تك 41 : 57) حيث يقول وجاءت كل الارض الى مصر الى يوسف لتشترى قمحا) وهو لا يقصد الا سكان الاراضى المجاوره 0 وكذلك قيل عن الطوفان انه غطى جميع الجبال الشامخه التى تحت كل السماء (تك 7 : 19) وهو لم يكن الا فى القسم المغمور من الارض، وغير ذلك. اما كلام لوقا فهو يذكر البعض ويريد به الكل، كما ذكر فى حل مشكله 162. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
22 يوليو 2020

طبيعة الأتحاد

أتحاد بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا استحالة :- المقصود أن وحدة الطبيعة هي وحدة حقيقية ليست اختلاطاً مثل اختلاط القمح بالشعير ، ولا امتزاجاً ، مثل مزج الخمر بالماء أو مزج اللبن بالماء كما لم يحدث تغيير مثل الذي يحدث في المركبات ، فمثلاً ثاني أكسيد الكربون فيه كربون وأكسجين ، وقد تغير طبع كل منهما في هذا الاتحاد وفقد خاصيته التي كانت تميزه قبل الاتحاد ، بينما لم يحدث تغيير في اللاهوت ولا في الناسوت باتحادهما كذلك تمت الوحدة بين الطبيعتين بغير استحالة فما استحال اللاهوت إلى ناسوت ، ولا استحال الناسوت إلى لاهوت ، كما أن اللاهوت لم يختلط بالنا سوت ، ولا امتزج به ، إنما هو اتحاد ، أدى إلى وحدة في الطبيعة . مثال اتحاد الحديد والنار:- وقد استخدمه القديس كيرلس الكبير ، واستخدمه أيضاً القديس ديسقورس ففي حالة الحديد المحمى بالنار ، لا نقول هناك طبيعتان حديد ونار ، إنما نقول حديد محمى بالنار ، كما نقول عن طبيعة السيد المسيح إله مستأنس ، أو إله متجسد ، ولا نقول إنه إثنان إله وإنسان وفى حالة الحديد المحمى بالنار لا توجد استحالة فلا الحديد يستحيل إلى نار ، ولا النار تستحيل إلى حديد ولكنهما يتحدان معاً بغير اختلاط ولا امتزاج وإن كان هذا الحال ليس إلى دوام ، وهنا نقطة الخلاف غير أننا نقصد التشبيه بالحديد فى حالة كونه محمى بالنار ، وله كل خواص النار وكل خواص الحديد وكذلك كانت طبيعة الكلمة المتجسد واحدة ، ولها كل خواص اللاهوت وكل خواص الناسوت مثال اتحاد النفس والجسد :- وقد استخدم هذا التشبيه القديس كيرلس عامود الدين ، والقديس أوغسطينوس ، وعدد كبير من علماء اللاهوت القدامى والحديثين وفى هذا المثال تتحد طبيعة النفس الروحانية ، بطبيعة الجسد المادية الترابية ، ويتكون من هذا الاتحاد طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية هذه الطبيعة التي ليست هي الجسد وحده ، ولا النفس وحدها ، وإنما هما الاثنان معاً متحدين بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا استحالة فما استحالت النفس إلى جسد ، ولا استحال الجسد إلى نفس ، ومع ذلك صار الاثنان واحداً في الجوهر وفى الطبيعة ، بحيث نقول إن هذه طبيعة واحدة وشخص واحد فإن كنا نقبل مثال اتحاد النفس والجسد في طبيعة واحدة ، فلماذا لا نقبل اتحاد اللاهوت والناسوت في طبيعة واحدة ؟!هنا ونطرح سؤالاً هاماً بالنسبة إلى تعبير طبيعة واحدة وتعبير طبيعتين : ألا نعترف كلنا أن هذه التي نسميها طبيعة بشرية ، كانت فيه قبل الاتحاد طبيعتان هما النفس والجسد ومع ذلك فالذين يستخدمون تعبير (الطبيعتين) اللاهوتية والبشرية ، لا يتكلمون عن طبيعة النفس وطبيعة الجسد ، إنما عن طبيعة واحدة بشرية فى المسيح فإن كان لابد من التفصيل ، فإن هذا سيؤدى إلى أن فى المسيح ثلاث طبائع !!! هي اللاهوت ، والنفس ، والجسد ، وكل من هذه الطبائع له كيانه الخاص وجوهره الخاص وطبعاً لا يقبل أحد هذا الكلام ، لا هذا الجانب ولا ذاك أما إن قبلنا اتحاد النفس والجسد في طبيعة واحدة في المسيح ، واستخدمنا هذا التعبير لاهوتياً، فإنه يكون من السهل علينا أذن أن أن نستخدم عبارة طبيعة واحدة للمسيح أو طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد وكما أن الطبيعة البشرية يمكن أن يقال عنها أنها طبيعة واحدة من طبيعتين ، كذلك نقول عن الكلمة المتجسد أنه طبيعة واحدة من طبيعتين فإن قيل إن طبيعة اللاهوت مغايرة لطبيعة الناسوت ، فكيف يتحدان ، نقول أيضاً أن طبيعة النفس هي كذلك مغايرة لطبيعة الجسد ، وقد اتحدت معه في طبيعة واحدة هي الطبيعة الإنسانية ومع أن الإنسان تكون من هاتين الطبيعتين ، إلا أننا لا نقول عنه مطلقا أنه اثنان ، بل إنسان واحد وكل أعماله ننسبها إلى هذه الطبيعة الواحدة وليس إلى النفس فقط ، ولا إلى الجسد فقط فنقول أكل فلان أو جاع أو تعب أو نام أو تألم ولا نقول إن جسد فلان هو الذي أكل أو جاع أو تعب أو نام أو تألم والمفهوم طبعاً أنه جاع أو نام بالجسد لكننا ننسب هذا الأمر إلى الإنسان كله ، وليس إلى جسده فقط كذلك كل ما كان يفعله المسيح كان ينسب إليه كله ، وليس إلى لاهوته وحده أو إلى ناسوته وحده كما قال لاون في مجمع خلقيدونية وسنشرح هذه النقطة بالتفصيل فيما بعد إن شاء الله إن اتحاد النفس والجسد ، هو اتحاد ذاتي جوهري حقيقي ، اتحاد أقنومى ، كذلك اتحاد الطبيعة الإلهية للمسيح بالطبيعة البشرية في رحم العذراء ، هو اتحاد أقنومى ، ذاتي جوهري حقيقي وليس مجرد اقتران أو مصاحبة كما يزعم نسطور ومع أن مثال وحدة النفس والجسد في الطبيعة البشرية هو مثال شامل في أوجه شتى ، هي التي قصدناها وحدها ، إلا أن هذا التشبيه فيه نقطة نقص ، هي إمكانية انفصال النفس عن الجسد بالموت ، وعودتها إليه بالقيامة أما وحدة الطبيعة بين اللاهوت والناسوت في المسيح ، فهي وحدة بغير انفصال فلم ينفصل لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب طبيعه المسيح
المزيد
21 يوليو 2020

كتاب كيف أتخذ قرارًا؟ ج2

كيف أميز مشيئة الله؟ العلامات، القرعة الهيكلية والآن وبعد أن أدركنا: 1- ضعفنا البشرى ومحدودية معرفتنا بالحاضر وجهلنا بما يخبؤه المستقبل. 2- ضرورة توافق مشيئتنا مع مشيئة الله المحب، القادر على كل شيء، صانع الخيرات... مع قناعة كاملة وثقة في حنان الله وحكمته. 3- ضرورة الاحتماء بمظلة الصلاة وروح التسليم طوال مسيرتنا ونحن نناقش موضوعا معينا، لنستطيع أن نضمن التدخل الإلهي بالصورة المناسبة وفي اللحظة المناسبة. 4- ضرورة أن تتاغم كل قوى النفس، وتعمل معا، بقيادة روح الله القدوس، فيأخذ كل من: الضمير والعقل والنفس والجسم والمجتمع، الدور المناسب، بالحجم المناسب. 5- أهمية سؤال الله باستمرار، والتشاور مع أب الاعتراف، والدخول في حوار هادئ وهادف، دون تشبث أو عناد، بل في إحساس بالضعف والقصور، والحاجة إلى مشورة بناءة. بعد كل ذلك... كيف أميز مشيئة الله؟ هل هناك علامات معينة استطيع بها أن أتأكد أن ما استقر عليه الرأي هو مشيئة الله؟ العلامات: يتصور البعض ضرورة أن يعطينا الرب علامات معجزية أو محددة، نتعرف بها على مشيئة الله، كأن نحلم بشيء، أو يحدث شيء محدد، أو نسمع كلمة معينة من شخص ما... الخ. ولكن هذا الأسلوب غير سليم لأسباب: 1- إن الله أعطانا روحه القدوس ليرشدنا إلى جميع الحق، فلا يصح أن نتعامل مع الله من باب الخرافات والتخمين والرؤى والأحلام، لأنه حاضر معنا، وعامل فينا وقادر على إرشادنا... 2- سهولة تدخل عدو الخير في هذه الأمور، إذ يعرف إلحاحنا عليها واهتمامنا بها، وهكذا يصور لنا هذه العلامة أو تلك ليسقطنا في حفرة... 3- احتمالات الخداع النفساني، فلا شك أن الأحلام مرآة لشهوات واهتمامات النفس، فإذا اشتهيت أمرًا ما -حتى إذا كان سلبيًا- فمن الممكن أن يدخل في أحلامي، ويحدث الارتباك... وحتى الانحراف.! وهكذا فالإنسان المؤمن لا يعلق نفسه بأمور غريبة، فكم أضاعت الرؤى والأحلام قديسين فقدوا الإفراز أو الاتضاع، وانساقوا وراء إيحاءات عدو الخير. وهناك باب في بستان الرهبان مخصص لهذا الخطر. كما أن القديس انطونيوس الكبير يعتبر فضيلة الإفراز أهم الفضائل، وبدونها تتحول الفضائل إلى رذائل. فهذا يصلى دون إفراز لدوافعه، فيطيل في صلاته طالبًا مديح الناس، فَتُحْسَب صلاته عليه ولا تبني حياته إطلاقًا، بل بالحري تضخم من ذاته فيسقط في الكبرياء... وهكذا. لذلك لا يصح أن ننتظر علامات غريبة لنعرف مشيئة الله في أمر ما، بل هناك روح الله القدوس، وهناك التفكير الإنساني، وأب الاعتراف، والأسرة والأحباء المشيرين... الخ. القرعة الهيكلية: يلجأ البعض إلى هذا الأسلوب لكي يتعرف على مشيئة الله، ولكن هذا الأسلوب غالبًا ما لا يكون مناسبًا... والحالة الوحيدة التي يكون فيها مناسبا تستلزم شروطًا صعبة التنفيذ وهي: 1- إن يكون الإنسان مخلصا تماما في التعرف على مشيئة الله، وتاركا النتيجة بصفة نهائية وحاسمة لله. 2- إن يكون الاختيار بين أمرين متساويًا تمامًا بحيث استحال على الإنسان أن يختار هذا ويترك ذاك. 3- ألا يتردد الإنسان بعد خروج النتيجة بل يعتبرها نهائية. وعموما، هذه الأمور صعبة التواجد في الحياة اليومية، إذ لابد أن يجد الإنسان -بروح الله، وبالتفكير، وبالمشورة- ما يجعله يرجح كفة على الأخرى. وما نلاحظه عمومًا أن الإنسان بعد خروج النتيجة يتضح انه: 1- إما كان يشتاق إليها فيستريح، وقد يكون اشتياقه على أساس خاطئ. 2- وإما انه كان ينتظر الرفض مثلا فتأتى النتيجة بالإيجاب (أو العكس)، فيطلب تكرار القرعة. 3- وإما انه أقتنع فيما بعد باختيار لم تفرزه القرعة فيتشكك... انه خالف المذبح. لهذا فيستحسن عدم اللجوء إلى القرعة الهيكلية عموما، ما لم تتوافر الشروط التي ذكرناها قبلا. وإذا ما تحير الإنسان فعليه أن يلجأ إلى المزيد من الصلاة والتفكير والتشاور والرب سيحسم الأمر لأولاده سلبًا أو إيجابًا بآلاف الوسائل. إن الآباء الرسل لم يلجأوا إلى القرعة إلا: 1- قبل حلول الروح القدس... 2- في حالة تساوى الاختيارات، فالشروط توافرت بالتساوي بين متياس ويوسف (أع1: 21-26). 3- فلنصلى من عمق القلب طالبين تدخل الرب، وإرشاده، وحسمه للأمور، وقطعا سيتدخل، ويوضح كل شيء! إذن كيف أعرف مشيئة الله إن مشيئة الله، حينما تتضح لنا من خلال الصلاة المتوترة التي تلح على روح الله، والتسليم الصادق لمشيئة الله عن ثقة واقتناع، والتفكير الهادئ الرزين، والحوار البناء مع آخرين... تحمل معها علامات معينة: 1- السلام الداخلى: إذ يحس الإنسان بصفاء نفسي وسلام داخلي نحو القرار الذي اتخذه، مع ضمير مستريح انه ترك للرب أن يحدد ما يختاره بحكم عمله الواسع وحنانه الدافق وقدرته اللانهائية. 2- موافقة الكتاب المقدس: إذ يستحيل أن يتعارض الاختيار الإلهي مع وصايا الكتاب، فما كان العمل المعثر والذي يسبب نكوصا على الإعقاب ليس من الله، وشريكة الحياة البعيدة عن المسيح ليست من الله، والقرار المادي الذي تفوح منه رائحة الطمع أو استخدام وسائل غير مشروعة ليس من الله... وهكذا. 3- سير الظروف: إذ يتحرك الإنسان تحت حمى مظلة الصلاة، تاركا للرب أن يتدخل بالصورة التي يراها، بحيث تسود مشيئته كل مشيئة. حينئذ سوف يتدخل الله قطعا، إما إيجابًا أو سلبًا أو تأجيلًا... وسوف يكون الإنسان في قمة الراحة لأي اختيار الهي من هذه الثلاثة، "لان شهوة قلبه مختارة أفضل من الذهب والحجر الكثير الثمن، وأحلى من العسل والشهد. عبدك يحفظها، وفي حفظها ثواب عظيم" (مز19: 10). وهكذا يتحرك الإنسان في الطريق دون توتر، ودون شهوة ذاتية أو مشيئة خاصة، وصرخة قلبه المستمرة: "لتكن مشيئتك" (مت6: 10). من حقه أن يطلب، حسب وصية الرب: "اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا" (مت7: 7) "لا تهتموا بشيء، بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله" (في4: 6)، ولكنه يسلم كل شيء لله، تاركا له تحديد المسار، والنتيجة النهائية: "لتكن لا إرادتي بل إرادتي" (مت22: 42). وقديما قال الآباء: "سوف يأتي وقت فيه نشكر الله على الصلوات غير المستجابة أكثر من الصلوات المستجابة". ونحن كثيرا ما نطلب دون أن نأخذ لأننا حسب تعبير الرسول "نطلب رديًا لكي نتفق في لذاتنا" (يع4: 3). فلنطلب أولًا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لنا "(مت6: 33). فليعطنا الرب القلب المرتبط به، والحياة السالكة فيه، والأذن الواعية لصوته، لنتعرف على مشيئته المقدسة، ونصنعها بفرح قائلين: "طعامي أن اعمل مشيئة الذي أرسلني واتمم عمله" (يو4: 34). ولا شك أن مشيئته "صالحة ومرضية وكاملة" (رو12: 2). والآن أتركك يا أخي الشاب لتراجع ما قلناه، وإذ تقف متحيرًا: ماذا افعل؟ تسمع الصوت الإلهي: "سر أمامي وكن كاملًا، أجرك كثير جدًا" (تك15: 1)، (تك17: 1) الرب مع روحك.. نيافة الحبر الجليل الانبا موسى أسقف عام الشباب
المزيد
20 يوليو 2020

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (6)الصدق

الصدق واهميتة فى حياتنا ما احوجنا الى الصدق الذى هو قول وصنع الحق والحقيقة وعدم الالتجاء الى الكذب والخداع والرياء سواء على مستوى علاقتنا بالله او بالناس او مع أنفسنا وذلك من أجل ان نبنى مجتمع راقى ومتقدم ونحن نرى المجتمعات المتخلفة تتفكك من أجل روح الاكاذيب والنفاق والشر التى انتشرت فيها ، بينما نرى دول تتقدم وتتطور لانها اتخذت من الصدق والأمانة فى الحياة والعمل قيمة روحية واخلاقية عليا فيها وحتى ان كانت قد بعدت عن الدين الا انها اتخذت من المبادئ الدينية السامية قيم عليا لها.وليست فضيحة بيل كلنتون ومونيكا ليونسكى ببعيدة عن الاذهان وقد عاقب المجتمع الامريكى رئيسه ليس لوجود علاقة له بمتدربة فى البيت الابيض ولكن لانه كذب على الراي العام هناك ولم يقل الصدق.هكذا نرى العلاقات بين الافراد والدول والجماعات يجب ان تقوم على الصدق والامانة والا فقد الانسان مصداقيته أمام الناس وساد الشك والانقسام والفساد والرياء والكراهية بما لها من نتائج سئية على الحياة الروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ان كم الفساد الادراى والمالى والسياسى الذى تم الكشف عنه فى مصرنا العزيزة وكم الأنتهاكات والتجاوزات والسرقات التى حدث فى الماضى وقادت الى الفقر والبطالة والمرض والثورة تحتاج منا الى وقفة حق وصدق مع النفس ومع الله والغير فلو نال كل كاذب عقابه وكل مرتشى جزائه او استٌبعد الفاسدون والكاذبون من مناصبهم لما وصل بنا الامر الى ما نحن عليه الان ولما كان يجرؤ أحد على السرقة والنهب فى المال العام كغنيمة وهو ملك لكل مواطن منا . فهل نفيق من سباتنا ونتعود على الصدق والأمانة أم يستمر استنزاف موارد ومقدرات الشعب لنواصل التخلف والفقر والمرض والظلم . يجب ان يكون للتوعية الاسرية والدينية والاعلامية والسياسية دورها الخلاق فى تنمية الضمير الأخلاقى للشعب وان نعى المسئولية التاريخية الملاقاة على عاتق كل واحد منا للأخذ بزمام المبادرة فى العيش والمناداة بقيم الصدق والامانة والحق والرحمة والمساواة حتى ننجح ونتقدم ونرقى الصدق هو دعوة وأمر إلهى وعلى كل انسان بأن يلتزمبالصدقوالصراحة والحق فى كل قوله وعمله وحياته تمثلا بالله الصادق { و انت يا الهنا ذو صلاح و صدق طويل الاناة ومدبر الجميع بالرحمة }(حك 15 : 1). ان الله صادق وامين ليس فى أقواله وأعماله بل حتى فى مقاصده ونواياه { يا رب انت الهي اعظمك احمد اسمك لانك صنعت عجبا مقاصدك منذ القديم امانة و صدق} (اش 25 : 1). { انا الرب المتكلم بالصدق} عش 19:45. ومن يقول الصدق والحق فانه يتمثل بصفات الله الصادق اما من يكذب فانه يصير متمثلاً ومتعلما من أبليس الذى قال عنه السيد الرب {انتم من اب هو ابليس و شهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء و لم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب} (يو 8 : 44) الصدق فضيلة روحية وقيمة اخلاقية جميلة ومحبوبة وهو من الفضائل الامهات أى التى تلد فضائل أخرى مثل عدم الكذب او الرياء او الخداع او المكر والشهادة للحق والأمانة فى العمل والبر والتقوى ومخافة الله وانجاز الوعود والعهود سواء المكتوبة او الشفاهية والتعامل بامانة مما يجعل الانسان الصادق يؤتمن على أسرار الناس ومصدر ثقة وقبول الله والغير من أجل هذا يدعونا الكتاب ان نجعل الصدق والرحمة والحق كقلادة فى أعناقنا وقلوبنا {لا تدع الرحمة والحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3).لان الشفاة الناطقة بالصدق تثبت {شفة الصدق تثبت الى الابد ، ولسان الكذب إنما هو الى طرفة عين} أم 19:12. وهكذا يحثنا الانجيل على الصدق { لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض} (اف 4 : 25). ويكفى ان نعرف ان الكذبة نصيبهم فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت لنقول الصدق ولانكذب { واما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الاوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني }(رؤ 21 : 8).من اجل هذا علينا ان نتحلى بالصدق والامانة وقول الحق. فالله هو االصادق والامين ويظهر صدقه وامانته ورحمته لنا حتى لو كنا نحن غير أمناء { ان كنا غير امناء فهو يبقى امينا لن يقدر ان ينكر نفسه} 2تيمو 13:2. وهو يدعونا للأمانة والصدق للنفس الأخير {كن أمينا الى الموت فساعطيك إكليل الحياة } رؤ 10:2. وليكن لساننا شاهدا على نقمة قلوبنا وينبوع حياة للغير{ فم الصديق ينبوع حياة و فم الاشرار يغشاه ظلم} (ام 10 : 11). السيد المسيح الصادق ودعوته للصدق:- لقد دعى السيد المسيح { الشاهد الامين الصادق} رؤ 14:3. وشهد بصدقه الاعداء قبل التلاميذ والمؤمنين { فلما جاءوا قالوا له يا معلم نعلم انك صادق ولا تبالي باحد لانك لا تنظر الى وجوه الناس بل بالحق تعلم طريق الله } (مر 12 : 14). وقال لنا انه الطريق والحق والحياة وبه نصل الى السماء { قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتي الى الاب الا بي} (يو 14 : 6).ولو لم يكن السيد المسيح صادقاً لما صنع المعجزات وأقام الاموات واشبع الالاف بخمس خبزات ولهذا نراه يصدق على شهادته باعماله {الست تؤمن اني انا في الاب والاب في الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال. صدقوني اني في الاب والاب في والا فصدقوني لسبب الاعمال نفسها}.يو 10:14-11{الحق الحق اقول لكم ان من يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني فله حياة ابدية ولا ياتي الى دينونة بل قد انتقل من الموت الى الحياة} (يو 5 : 24). لهذا فقد صدقنا وامنا بشهادته { الذي ياتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الارض هو ارضي ومن الارض يتكلم الذي ياتي من السماء هو فوق الجميع.وما راه و سمعه به يشهد وشهادته ليس احد يقبلها. ومن قبل شهادته فقد ختم ان الله صادق.لان الذي ارسله الله يتكلم بكلام الله لانه ليس بكيل يعطي الله الروح. الاب يحب الابن و قد دفع كل شيء في يده.الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله} يو31:3-36. {من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا لانه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه }(1يو 5 : 10) لقد دعانا السيد المسيح الى قول الصدق والحق والأمانة { ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل اوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم.ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير} مت 33:5-37. ورايناه فى صدقه وامانته يصب الويل على الكتبة والفريسيين المراؤون{ ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل. ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا.ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة.هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما} مت 23:23-28. وبصدقنا وأمانتنا نسمع صوته الحنون فى اليوم الاخير { فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت 25 : 21) يحزرنا السيد المسيح من الانبياء والمعلمين الكذبة { احترزوا من الانبياء الكذبة الذين ياتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (مت 7 : 15). ولاسيما في الايام الاخيرة التى يقوم فيها انبياء كذبة {ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين }(مت 24 : 11).{ ولكن الروح يقول صريحا انه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين.في رياء اقوال كاذبة موسومة ضمائرهم} 1تيمو1:4-2. فالكذب هو سلوك مرفوض {لا يكذب بعضكم بعضاً، قد خلعتم الإنسان القديم، ولبستم الإنسان الجديد} كو 3: 9- 10)، {وليصدق كل منكم قريبه، فإننا أعضاء بعضنا لبعض} (أفسس 4: 25). فالكذب يكون بمثابة عودة إلى الطبيعة المشوهة بالخطيئة، ويوقعنا في تناقض مع الإيمان بالمسيح . ولقد عاقب الله فى سفر الأعمال، حنانيا وسفيره بكذبهما على بطرس، لقد كذبا في الواقع على الروح القدس (أعمال 5: 1- 11). فالكذب هو خطية موجهه الى الله قبل ان تكون موجهه الى الناس وان كان الشيطان هو ابو كل كذاب فاننا اخذنا روح الشهادة للحق والصدق بايماننا بالمسيح {و من ملئه نحن جميعا اخذنا ونعمة فوق نعمة.لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا }يو 16:1-17. الصدق مع الذات:- علينا قبل كل شئ ان نكون صادقين أمناء مع ذواتنا وفى تصرفاتنا الخاصة واثقين ان انه ليس شئ مخفى على الله وان ابونا الذى يرى فى الخفاء يجازينا علانية .{ احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية. ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع و في زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك و اغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 1:6-6. نعم قد نصلى فى الكنيسة او مع جماعة المؤمنين او نعطى صدقة بدون ان نقدر ان نخفيها لكن يجب ان نكون قصدنا محبة الله والفضيلة لا بقصد ان نأخذ مجداً من الناس وقد قال الرب { مجدا من الناس لست اقبل }(يو 5 : 41).يجب اذا ان نتحلى بالتواضع { وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة }(1بط 5 : 5). ولا نفتخر ونمدح انفسنا او نرتدى قناعاً يظهرنا للناس اكبر من حقيقتنا { فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} (رو 12 : 3). فلنعرف حقيقة انفسنا ومواضع القوة فيها ونستخدم الوزنات المعطاة لنا من الله فى خدمة الله والغير وصنع الخير . ولا نجرى وراء مديح باطل او مجد زمنى { لانه ليس من مدح نفسه هو المزكى بل من يمدحه الرب} (2كو 10 : 18). كن اذا صادقاً من نفسك واعرفها لأنه من الطبيعي ومن المفيد ان تتأمل نفسك وافكارك ومواهبك وتنميها وابعاد شخصيتك وأن تحاول ان تفهمها بصورة أدق . وأن تعرف لماذا تفكر وتتصرف وتشعر على نحو ما تفعل. لتعرف الى أي مدى انت تختلف عن غيرك. لتعرف الى اين تسير واين المصير؟ لتعرف كل شيء عن نفسك . وليكن ذلك فى ضوء كلمة الله والضمير الصادق وارشاد الروح القدس فان ذلك هو الخطوة السليمة التى تخطوها في طريق الحياة الصحيحة المتكاملة والسعيدة . معرفتك لنفسك تساعدك على ان تستكشفها وتعرف ضعفاتها وقوتها وتعالجها وتتوب وتقلع عن كل ما فيها من رياء وكذب . وتعرف ما يجب ان تقوم به في الحياة وما تستطيع ان تتقنه، وما لا تستطيع.وبهذا تتخلص من الزيف وتكون صادقا مع نفسك { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26) وكلما اتسعت معلوماتك عن نفسك وشخصيتك وواقعك وأهتماماتك ازددت فهما لغيرك وامكنك ان تجد حلول لمشاكلك وتكون صادقا في تعاملك مع الامور غير المجدية في حياتك، وتتوقف عن اختلاق الاعذار، تمتلك الشجاعة الادبية فى الاعتراف بالخطأ ان حدث منك وتعالجه بالطرق السليمة والسعى الحثيث فى تنمية قدراتك الروحية والعقلية والنفسية { واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة} (1تي 6 : 6).ان الله قد وهب لكل منا الكثير من الاستعدادات والقدرات والامكانات وإن كنا لم نستثمرها او استخدمنا منها النذر اليسير ، فنحن مخلوقين على صورة الله ومثاله { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). لنا ارواح خالدة لا تموت ونستطيع بها ان نحلق فى السماء اذ تتطهر وتستنير عندما يكون لها شركة ومحبة واتحاد بالله ولنا عقل جبار به وصل الانسان للقمر واخترع الباخرة والطائرة والكمبيوتر والنت وكل وسائل الاتصال الحديثة وكل العلوم الحديثة ، ولنا العواطف الجياشة التى تخلق من عالمنا فرودس او جحيم بحسب ما نوجهها الى الخير او الشر . فلنكن صادقين فى المحبة للنمو ونبدع { بل صادقين في المحبة ننمو في كل شيء الى ذاك الذي هو الراس المسيح }(اف 4 : 15). فلنتوب عن أخطائنا ونعترف بخطايانا ولنقلع عنها ونحيا الصدق مع أنفسنا ومع الناس. ومع الله الذى لايمكن ان نغشه او نخدعه لان ما يزرعه الانسان اياه يحصد فلنزرع زرع الصدق والبر والخير { فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16 : 27). لكى ندرب أنفسنا على الصدق والامانه أضع هنا بعض التداريب البسيطة كامثلة للتفكير : فكر قبل الاجابه على الاسئلة وقل بماذا كان السيد المسيح يجيب عن هذا السوال لو وجه له ؟، فكر قبل ان تتحدث وما تراه ليس صدقا او مفيداً لا تتحدث به ،استمع كثيرا موجهاً الحديث للخير وعدم الادانة. لا تأخذ شيئا مما فى عهدتك او عملك من ملكية عامه لتستخدمه كشئ خاص بك ، لا تدخل فى جدال او نقاش فى موضوعات لا تعرفها مدعياً معرفتها وان ثبت ان رايك خطأ فاعتذر بلباقه وادب .احترس من التعميم ولا تصدر أحكاما ضد الاخرين بل استفسر عن ما لا تعرف، ارجوك لا تفتى وتدعى المعرفة ابداً فى أمور تجهلها بل اعرف الطريق الى لا أعرف! . لا تبالغ فى شئ بدافع المباهاه والافتخار الباطل واقتنع بان حبل الكذب قصير وان الصدق يكسبك ثقة الناس والله. الصدق مع الله:- نحن نؤمن بان الله عالم بكل شئ حاضر بلاهوته فى كل زمان ومكان { وليس خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا}(عب 4 : 13). فلهذا يجب ان نكون صادقين له فى عبادتنا وصلواتنا وتعاملاتنا وقديما عاتب الرب الشعب { فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب الي بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني } (اش 29 : 13). وهذا ما عاتب عليه السيد المسيح ايضا البعض { فاجاب وقال لهم حسنا تنبا اشعياء عنكم انتم المرائين كما هو مكتوب هذا الشعب يكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مر 7 : 6). لقد طلب الله ان نحبه من كل القلب والفكر والقدرة { تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك }(لو 10 : 27).فهل نحن صادقين فى محبتنا وصلواتنا. ام حتى فى صلواتنا نصلى بلا روح ويطيش فكرنا هنا وهناك { ان قلنا انه ليس لنا خطية نضل انفسنا و ليس الحق فينا.ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم. ان قلنا اننا لم نخطئ نجعله كاذبا وكلمته ليست فينا} 1يو8:1-10 الله يحب الصدق ويكافئ الصادقين الامناء ويطلب منا ان نكون هكذا { فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها} (لو 12 : 42). والانسان الامين الصادق على الوزنات المعطاة له يسمع فى اليوم الاخير { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} (مت 25 : 23). وان كان البعض غير أمناء فان ذلك لا يبطا أمانة الله{ فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء افلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله.حاشا بل ليكن الله صادقا و كل انسان كاذبا كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك و تغلب متى حوكمت} رو3:3-4.فلنعرف اذا الله بصدق ونعبده بالروح والحق { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). يجب ان نتحلى بالايمان والوفاء الاعتراف الامين لله والشهادة لمحبته ولا ننكره لا باقوالنا او بأعمالنا او تصرفاتنا حتى لا نسمع ذلك الصوت القائل { اقول لكم لا اعرفكم من اين انتم تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم }(لو 13 : 27). لقد عاش ابائنا أمناء للرب الذى أحبهم فى جهاد روحي وتعب واسهار واقتنوا الفضيلة والصدق والامانة بالدموع والدم فمنهم من كان يربط شعره فى الحائط لكى لا ينام ويسهر فى الصلاة كالانبا بيشوى ومنهم من كان يقف للصلاة والشمس خلفه ويظل واقفا الى ان تشرق الشمس فى وجهه كالانبا ارسانيوس ومنهم من نفي بعيداً فى ظروف قاسية لسنين طويله مجاهدا لحفظ الامانة والايمان كالقديس الانبا اثناسيوس وديسقورس ومنهم الالاف الذى سجنوا وعذبوا ولم يقبلوا ان ينكروا ايمانهم ومنهم من تقدم للاستشهاد بالالاف عبر العصور فى سبيل حفظ الأمانة وتوصيل الايمان القويم لنا وهذا ما يجب علينا العيش به والدفاع عنه والشهادة له { و ما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا (2تي 2 : 2). الصدق مع الناس:- عندما أتي اخوة يوسف ليبتاعوا قمحا من مصر وكانوا قد باعوه حسدأ وكذبوا على اباهم وقالوا ان وحش ردئ افترسه ! عرفهم يوسف وتنكر لهم وساله عن اباه واخوه بنيامين { ارسلوا منكم واحدا ليجيء باخيكم وانتم تحبسون فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق والا فوحياة فرعون انكم لجواسيس} تك 42:16. فقالوا بعضهم لبعض { حقا اننا مذنبون الى اخينا الذي راينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة. فاجابهم راوبين قائلا الم اكلمكم قائلا لا تاثموا بالولد وانتم لم تسمعوا فهوذا دمه يطلب. وهم لم يعلموا ان يوسف فاهم لان الترجمان كان بينهم. فتحول عنهم وبكى ثم رجع اليهم وكلمهم واخذ منهم شمعون و قيده امام عيونهم....وقال يوسف لاخوته انا يوسف احي ابي بعد فلم يستطع اخوته ان يجيبوه لانهم ارتاعوا منه.فقال يوسف لاخوته تقدموا الي فتقدموا فقال انا يوسف اخوكم الذي بعتموه الى مصر.والان لا تتاسفوا ولا تغتاظوا لانكم بعتموني الى هنا لانه لاستبقاء حياة ارسلني الله قدامكم} تك 21:42-24، تك 3:45-5.ان الكذب حبله قصير ولابد ان يعلن الحق وتظهر الحقيقة فيجب ان نتحلى بالصدق فى اقوالنا وتصرفاتنا واعمالنا مع الاخرين . بيوت كثيرة بل بلاد خربت وتحطمت بسبب الكذب والرياء والنفاق ان الصدق يورث الملكوت ونصيب الكذبة هو الجحيم من اجل هذا قال المرتل { يا رب من ينزل في مسكنك من يسكن في جبل قدسك. السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلم بالصدق في قلبه. الذي لا يشي بلسانه ولا يصنع شرا بصاحبه ولا يحمل تعييرا على قريبه. والرذيل محتقر في عينيه ويكرم خائفي الرب يحلف للضرر ولا يغير. فضته لا يعطيها بالربا ولا ياخذ الرشوة على البريء الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر} مز1:14-5.ولقد قبل السيد المسيح المرأة السامرية رغم خطاياها لانها كانت صادقة معه فى حديثها ومن ثم توبتها {لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الان ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق }(يو 4 : 18) لذلك يدعونا الكتاب الى الصدق نحو بعضنا البعض { لذلك اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض }(اف 4 : 25) قلنا يجب ان نقول الصدق مع الاخرين سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع وهنا اود ان اذكر ايضا القراء باهمية الافراز والحكمة فيما نقرأ وان لا نصدق كل ما نقرأه ولا ننقله الا بتاكدنا من صحته لان وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية تنقل لنا سيل من الاخبار والاقوال والكتابات الكاذبة سواء بقصد او بحسن النية وعدم تحرى الدقة . ان الاعلام الموجه يبث الدعايات الكاذبة بمقاصد ليس خافية على العارفين فيجب علينا ان نكون حكماء ولا ننساق وراء الاكاذيب او فيض الدعايات الكاذبة والمضلله فى مختلف المجالات . كما نحذر الذين يبثون الاكاذيب بقول الرب { ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين (مت 12 : 36). هذا من جهة الله أما الناس فقد ينخدع البعض بدعاية كاذبة لبعض الوقت ولكن الحقائق لابد ان تنكشف سريعاً ويفقد الكاذبين سمعتهم ومصداقيتهم امام الناس. لكى أكون صادقا ايها الرب القدوس الصادق والأمين لتكن انت الراعى الأمين لنفوسنا وتهدى ارجلنا فى دروب الحق والصدق والأمانة لنعرفك ونخافك ونتبعك ونحرص على رضاك والعمل بوصاياك لا خوفا من العقاب ولا طمعاً فى الثواب بل لانك ابونا وخالقنا ورازقنا ومعلمنا الذى يريدنا ان نكون على صورته ومثاله فى حب الخير والامانة والقداسة والكمال ايها الرب الاله القادر على كل شئ هبنا القدرة لنقول ونعمل الواجب واعطنا الشجاعة لنقول الحق ونأخذه من أنفسنا قبل ان نطالب به الأخرين وهبنا الحكمة لنعرف متى نتكلم وماذا نقول ومتى نصمت ولا يكون صمتنا تكاسل او هوى او تقصير فى قول الحق . هبنا النعمة ليكون قولنا واعمالنا وكل حياتنا من أجل محبتك وخلاص نفوسنا وفائدة الغير وحباً للخيرعلمنا يارب ان الصدق خير طريق للشهادة للحق وللانسانية الحقة وان الكذب مرض قاتل يجعلنا ابناء لابليس وجنوداً للشر ، وان الامانة سر تقدمنا كما ان الأمين على القليل ستقيمه على الكثير. ونحن يكفينا ان نتاجر بالوزنات القليلة التى بين ايدينا لنسمع صوتك الحنون قائلاً : تعالوا اليٌ يا مباركي ابى رثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم. أمين القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل