المقالات
07 يوليو 2024
الله يعمل بضعفك
تقرا علينا احبائي في هذا الصباح المبارك فصل من بشاره معلمنا مار لوقا اصحاح 9 اشباع الجموع كلنا عارفين ان الجموع كانت بتتبع يسوع بكثافه وكان الجمع يزدحم لسماع التعليم وابتدا يكلمهم فتره طويله فالتلاميذ لهم دالة كبيرة عند ربنا يسوع المسيح تقدم اليه الاثنى عشر فقط مش كل الناس اللى ليهم دالة قالوا له اصرف الجمع ليذهبوا الى الكره التى حولنا والحقول ليستريحوا ويجدوا ما ياكلونه لاننا هنا في موضع خلاء وكانهم بيتشفعوا في الشعب الناس تعبت ظلوا ثلاث ايام ومن جمال التعاليم اللي بيسمعهوها لم يطلبوا طعام لياكلوا وهاهما في ضيافتنا المفروض ان احنا نهتم باكلهم لكن احنا ما نقدرش نأكلهم فالحل ان تصرف الجموع كل واحد يذهب يدور على حاجه ياكلها الحل عندي يسوع غير الحل بتاعهم فجئهم وقال لهم اعطوهم انتم لياكلوا ازاي دة عدد كبير!! قووى فتحيروا تعجبوا صمتوا فقال القديس فيلبس ليسوع ولا 300 دينار تكفي لكي نبتاع لهم طعاما لكي ياخذ كل واحد منهم شيئا يسيرا فقال يسوع اعطهم انتم لياكلون فقال له التلاميذ ليس عندنا اكثر من خمس خبزات وسمكتين في الحقيقه احبائي في حياتنا يبدوا ان في امور كثيره ما لهاش اى حل لكن الحل جوانا الحل فى الخمس خبزات والسمكتين اللي جوه الانسان امكانياتى الضعيفه القليلة اللى ربنا اعطهالى بيقولك اشتغل بها وانا هقبل ان انا اشتغل بها تقول له بس دي حاجه لا تذكر دي حاجه تكسب انا اخجل انى اقدم لك خمس خبزات وسمكتين الانسان احبائي كثير ينظر لنفسه نظرة انة لا يمتلك اى شئ ينظر لنفسه ان امكانياتة ضعيفه وحقيره لكن فى عين ربنا التقدمات دى هي كثيرا و كريمة مش هو ده اللي انت تملكة؟مش هو دة اللى عندك فعلا مش هي دي امكانياتك الحقيقيه هما دول خمسة سمكتين ؟ هل عندك اكتر ؟خلاص اعطيهم لى انا قادر انا اعمل بيهم الله يريد ان يعمل بالقليل والكثير الله يريد ان يعمل بالضعف ربما يحب أن يعمل بالضعف أكثر لكى ما يتمجد هو ولكى ما تظهر قوته هو دة عمل ربنا في حياتنا ايه اللي عندك تقدمه؟ عندى امكانيات ضعيفة عندي جسد ضعيف كسول جسد تقولة صوم مش عاوز جسد تقولة صلى مش عايز دي الامكانيات اللي عندي يقولك قدملى جسدك وشوفي انا هاعمل به ايه!!!اجعلة جسد منير اجعلة جسد يسكن فيه النور هجعلة مكان لحلول الله الغير محدود الجسد الذى يعمل بة العدو يبقى هو ادات مجد للة هجعلة هيكل هجعلة موضع سكناى وموضع راحتى للدرجه دي الجسد الضعيف ممكن يتحول لكده اقول لك اة ممكن تقدم جسدك قدم وقت قليل قدم امكانيات قليله قصيره فقيره قدم المرأة التى اعطت فلسين هما دول اللي كانوا عندها خليك زيها لدرجه ان الكنيسه تقول لك(و الذين يريدون ان يقدموا لة وليس لهم) ما اجمل ان تقدم له كل ما عندك و اغلى ما عندك ما اجمل الا تمسك عليه شيئا ما يبقاش في شيء في يدك الا وتعطي لة اوصل للدرجة انى اقول ما فيش حاجه تستاهل اقدم لك عمري اقدمك مشاعرى ايامي وقتي اقدم لك امكانياتي ده كل ده واقول لك منك الجميع و من يدك واعطيناك جميل الانسان لما يعيش بهذا الفكر قدم لربنا اي امكانيات جواك ولا تخجل لانه ينظر الى هذه التقدمه بكرامه عظيمه ويتمجد فيها ويعلن نفسه فيها اصل ربنا ما يحبكش ان انت تقول لة اشتغل وانت مش عايز تقدم ولا حاجه هو لا يعمل من ما شيء لازم يعمل بشيء ولو قليل عشان يخلق ادم بشويه تراب عشان يقوم ميت لازم ناس ترفع الحجرلازم في دور من الانسان ربنا اراد ان الانسان يقدم شيء وهو يعمل به قدم وقفه صلاة صغيره قدم رفع يد ارفع ايدك قدام ربنا هتفيد كثير ارفع ايد طاهره فى الصلاة وانظر إلى الثمر اللى هتاخده في حياتك والنور اللي هيدخل جوه قلبك قدم لربنا من وقتك القليل لان ربنا عارف ان انت مشغول بس انت ممكن تقدر تقدم عشان كده اقدر اقول لك اللة ينظر الى الحب والامانه اكثر ما ينظر الى القيمه وقفه صغيره رفع يد لا يجب ان تقف امامه ابدا فارغ اليدين لازم تقف امامة معاك حاجه كان زمان في العهد القديم في انواع كثيره من التقدمات تناسب كل المستويات انواع كثيره من التقدمات تناسب كل المستويات تخيل انت بقى لما كانوا يعملوا تقدمه لأفقر انواع الشعب فرخى يمام حاجه رخيصه قوي للفقراء الست العذراء و ربنا يسوع وشخص يوسف البار كانوا لا يخجلوا من فقرهم برغم انهم فقراء قدموا فرخى حمام فقرا بس هو ده اللي عندنا هو ده اللي نقدر نقدمة كان في تقدمة ثانيه اكثر فقرا فى بعض الحالات الاخرى تقدمة اسمها تقدمة دقيق يعنى يادوب الشخص يجيب شويه دقيق ارخص حاجه وغالبا يبقى الناس عندها دقيق في بيتها هما اللي بيطحنوا يعني اقل شيء موجود في كل البيوت عاوز يقول لك انك جواك حاجات كثير ممكن تقدمهالي يعني ممكن تقدم جسد مش واقف على الإمكانيات مش ربنا معطينا كلنا وقت؟ مش ربنا معطينا كلنا مشاعر وعواطف ؟ مش ربنا معطينا كلنا علاقات مع ناس ؟قدم قدم من اللى عندك وعندما يطلب الرب انك تقدم لة فبلاش تعمل زي التلاميذ وتدورله على حاجه بره منك التلاميذ كانوا يبحثوا على حاجه بره منهم لازم يكون عليك انت دور في اكثر انة بيقول لك انا عايزك بس تنظم لي الناس دول واديني الخمس خبزات والسمكتين انت تقف متعجب!! جميل جدا ان ربنا يبقى عاوز يعطيك وانت تبقى بخلان انك تاخد قدملوا اشتياقات ولو ضعيفة قدملة وقت ولو قليل قدام له جسد ولو كسلان قدم له قلب ولو بليد قدم لانه ينظر الى جميع تقدماتك نقطه احب اتكلم فيها ربنا بيحب جدا يعمل بالضعف و بالقليل هو ده ربنا هو قال قوتي في الضعف تكمل احب الضعف لما جاء صموئيل النبي يروح ليسى عشان يختار ولد لربنا عرض علية كل اولادة اختار منهم اضعفهم أصغرهم انا هجعلوا داود فتش قلب كل البشر وجد قلب داود بحسب قلبي قدم الضعيف فهو قادر ان يعمل في الضعف هو بيحب يعمل في الضعف الولد الصغير ده هو ده اللي ربنا يستخدمه لخلاص الشعب كله لما يجي الولد ده ربنا يستخدمة لخلاص الشعب كله يستخدم ابسط الوسائل يجيب مقلاع وخمس حجارة ابسط الوسائل زي ما خمس خبزات وسمكتين مقلاع وخمس حجاره بس كده يقول لك اه بس انت اعطيهم لى الامكانيات الضعيفه بتاعتك مش انت يادوب بتعرف تضرب بالمقلاع انا هخليك تنتصر بالمقلاع ايه القليل اللي عندك ؟مش هاقدر اخليك تنتصر بلا شيء ابدا لابد أن تعمل عمل لكى تنتصر عشان كده الكنيسه تقول لك صوم دة عمل قليل جدا الكنيسة تقول لك صلى ده عمل بسيط تقول لك حب دة عمل بسيط قدم عشور قدم وقت قد مشاعر قدم اللى تقدر عليه وربنا قادر يعمل بهذا الضعف فهو ينظر الى هذه التقدمة بكرامة كبيره جدا ربنا يحب يستخدم الضعف يجي ربنا في عصر القضاه يكون في ناس اسمها المديانين كانوا يذلون شعب اللة والشعب كان فى ذل عميق وكان فى مهانة وانكسار نظر اللة لشخص وجدوا مستخبي وخايف اسمه جدعون قالوا انا هستخدمك عشان تخلص الشعب قالوا لة جدعون ها عشيرتي هى الذل فى منسى انا اصغر واحد فى اصغر سبط ما لناش كرامه مافناش عدد انا اصغر واحد في اصغر مجموعه قال لة هو دة اللى انا عاوزة انا عاوزك انت جميل لما قال(ليقل الضعيف بطلا انا ) الله يريد ان يعمل بالضعف يستخدم جدعون لدرجه انة شاهد رؤيه انة يوجد رغيف خبز ينحدر من على جبل ويسقط على خيام المديانين ويدمرها في رغيف يقع على خيام يدمرها ؟!عمل الله قادر ان يعمل بالقليل وبالكثيرجميلة الست العذراء لما تقول انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين عمل اللة يعملوا بالمتضعين لا يعمل بالاعزاء لا يعمل بالاقوياء هو قوته تعلن في ضعف الانسان ربنا عاوز يعمل كده ينظر للامكانيات الضعيفه جميل فى الكتاب المقدس عندما ذهبت الأرملة اللى اليشع النبي بتشتكيلوا له قالت له انا جوزي و علينا ديون الراجل صاحب الديون عاوز ياخذ مني الفلوس بتاعته وانا لا املك شئ كان عاوز ياخذ مني اولادي بدل الديون الحقني يا رجل الله فقال لها اليشع ماذا عندك؟ قالت لة ما عنديش امال انا جيالك ليه؟! لازم تقولي لي ايه اللي عندك ظلت تفكر افتكرت انها عندها زجاجة زيت فيها شويه فاضلين تحت لها بس كويس روحي اجمعي اوعيه فارغه وخلي بالك لا تقللى كلام عجيب فذهبت تجمع اوعيه واحضرت كل الاوعيه تقريبا من كل الناس اللي تعرفهم فقال لها صبي من الزيت تصب من الزيت الأوعية تملئ كل الاوعية ملئت لغيت لما يقول لك بطلوا يجيبوا اوعيه وقف الزيت مش العكس مش الزيت خلص والاوعيه لسه موجوده هو عاوز يقول لك انا هافضل املا طول ما انت بتقدم انت تديني وعاء فارغ انا املئة لا يصح أن أطلب منة انة يملئ بدون وعاء معقول انت عايز تاخذ فضيله من غير ما ترفع قلبك معقوله انت عاوز تاخذ بر من غير ما تقدم مشاعرك طب ازاي قدم اللي عندك اعطينى وعاء فارغ وانا هملئة سلم امورك لربنا وربنا يجري في كل امورك رحمة وحق وعدل قدم اللي عندك قدم اللي عندك خمس خبزات وسمكتين تقدمة قليله حقيره فقيره لكن في عين ربنا كريمة و كبيرة الله لاينظر الى قيمه العمل ولكن ينظر الى الامانه والحب والاتضاع الذي يفعل بة العمل ياما ناس تعمل اعمال عظيمة لكن من اجل كرامتها ياما ناس تعمل امور من اجل ان يتمجدوا وهم اشخاص لكن ربنا عارف القلوب جميل فى معجزه تحويل الماء الى خمر اللي يعمل الخمرقال يسوع اية اللى عندكم؟؟ عندكم اجران؟ فارغه املئوها مياه فملئوها الي فوق انت قدم اجران فيها مياه هو يجعل الماء خمر جيد لو واحد قال له ما عنديش مياة يقول له لا انت كسلان لما يجي يقول له قدم وقتك قدام مشاعرك تقول له ما عنديش يقول لك لا ازاي انت عندك وقت وعندك مشاعر عندك امكانيات انت فيك بركات جواك انت مش مكتشفها لازم تنظر اليها لازم ان تقدم ولو شيء يسير عشان كده ربنا يحبب يستخدم الامكانيات الضعيفه الفقير القليلة دى وقوته تظهر في الضعف خمس خبزات وسمكتين هو يشبع بهم جموع دة عمل اللة فى حياتنا دة مسؤوليته هو مش مسؤوليتنا احنا احيانا الانسان ينظر الى الامكانيات الضعيفه فتصغر نفسه سيحبط او يصاب بيئس يعني انا هاقدر اعمل ايه يعني انا ماخلاص مش هينفع اقول لك لا انت كده بتبقى بتقلل من قدرتة انت المفروض ان انت تبقي عندك ايمان في انة قادر ان يعمل جميل جدا ان ربنا يسوع لما يحب يستخدم اشخاص يستخدم ناس يكونوا بسطاء شويه ناس صيادين شويه ناس بسطاء استخدم ضعفاء العالم ليخزي بهم الاقوياء استخدم جهال العالم ليخزى بيهم الحكماء موسى النبى قال لة اللة انا هجعلك تخلص الشعب قال لة انا ثقيل الفم واللسان انا ما اعرفش قالوا لا انت تعرف انا هجعلك تقدر انا الذى هتكلم فيك وبلسانك وهرسل معك هارون انت عليك ان انت تقف قدام فرعون وتتكلم بالكلام اللي انا هقوله قدامه انا مش عايزه واحد فصيح انا عايز شخص ثقيل الفم واللسان عشان لو واحد فصيح يفتكر ان هو اللي بكفاءته وقدرته على الحوار خلص الشعب من هذه المحنة لا انا عايز واحد تقيل الفم واللسان زيك ربنا عايز يشتغل بامكانياتك الضعيفه مهما كان عندك من ضعف هو عاوز يستخدم جميل جدا لما كان يقول لارميا النبى لا تقل اني ولد انت كبير في عيني ارمياء شخص حساس جدا وشايف انه خجول جدا وربنا مكلفة برساله صعبه جدا انة يذهب وينظر شعب بويلات الله و ايضا انهم سوفا يسلموا لسبى ويسلموا ليد ملوك يستعبدوهم ويذلوهم رساله قاسية جدا عايز يقدمها ارميا ومع ذالك قدامها وكانت النتيجه انة القوا بية فى الجب الجروب من قساوت قلوبهم جميل جدا ان ربنا عايز يتمجد بامكانياتنا القليله الضعيفه كنا في مره بندرس في رساله معلمنا بولس الرسول لتيموثاوس وسألت الولاد اقول لهم قولوا لي ايه نقط الضعف في تيموثاوس؟!
اولا سنه صغير مش ناضج كفاية نبصي نلاقي واحد زي معلمنا بولس الرسول يقول لا يستهن احد بحداثتك مش مهم ان انت تبقي صغير الحكايه مش بالسن الحكايه باستعداد القلب الداخلي مش مهم ان انت صغير وبرغم انة صغير الا انه مسكين وكان مريض بامراض كثيره يعني صغير ومريض فدة واحد المفروض انه يشعر انة مش هو دة اللى يستخدم للخدمة وخدمة كبيرة كان عنده حاجه ثانيه كان خجول جدا لدرجه ان بولس الرسول كان يقول له لا تخجل بشهاده يسوع المسيح ولا بى انا ايضا اسيرة ما تتكسفش مني ان انت تعرف بولس الرسول الى مرمى في السجن ده لا تخجل لقينا عنده نقطه ضعف كثير حساس لما قبض على معلمنا بولس كان تيموثاوس حاضر الموضوع ده ما اقدرش يستحمل فبكى عشان كده قال له ذاكرا لك دموعك حساس وخجول وضعيف واصقام كثيرة ومرض وسنة صغير ربنا عايزك بكل ما فيك من ضعف عشان يتمجد فيك لكى يكون فضل القوه لا منا بل من اللة ربنا عايز يستخدم الانسان بكل ما فيه فتش في نفسك وشوف ايه اللي عندك تقدمهولو. اوعى تقول ما عنديش اوعى تقول ما اعرفش اوعى تقول ما اقدرش.. انت عندك انت يا يختفى في داخلك خمس خبزات وسمكتين انت تمتلك في نفسك مفاتيح لمخازن حياه انت جواك امكانيات اية اللي تقدر تقدموا؟لية مش بتدرس في كلمه ربنا ما عندكش ذهن؟! ما عندكش وقت ؟!عندك وقت.؟ طب ليه مابتكلش في الكلمه لية مابتجلس مع الانجيل وقت اطول اعطي الانجيل وقت لية مش بتقدم أعمال محبه للانسان انت تقدر ليه مش بتحب كل الناس زي ما بتحب اولادك ليه ما بتعتبرش الكل فى درجة ولادك؟! مش ربنا عطيك!! مش ربنا عطيك ينبوع المشاعر دى دى عطيه منه ربنا وهبك عقل ومشاعر ابحث في داخلك ماذا تملك ستجد انك تملك امور كثيره يحتاجها كل من حولك الخمس خبزات والسمكتين دول ومانتظرهمش على أنهم قليلين لا دول كتار ربنا قادر انة يستخدمهم اوعى تدور على حل يكون مش من جواك فتش اية اللى عندك انت قدم من اللى جواك امكانيات قليله فقيره ربنا قادر ان هو يستخدمها عشان كده احبائي تخيل انت كده منظر ربنا يسوع المسيح وهو ماسك الخمس خبزات والسمكتين دول هو فرحان بهم جدا اللي انا اخجل منه هو يقدسوا ويباركوا واذاكان مشاعري غرائزى وقتى كل ما انا انظر الية على انة قليل هو ينظر عليه على انة كريم ربنا قادر احبائى ان يستخدم ضعفنا و ان يحول من الضعف قوه ومن الامور القليله الى امور كثيرة في اسمة القدوس ربنا يكمل نقائص ويسند كل ضعف فينا ولالهنا المجد اللى الابد امين
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
06 يوليو 2024
معجزة إشباع الجموع
معجزة إشباع الجموع الكثيرة التي كانت تتبع الرب، تكرَّرت مرتين متتاليتين: في الأولى: أشبع الرب خمسة آلاف رجـل عدا النساء والأولاد من خمسة أرغفة وسمكتين (مت 14: 14-21؛ مر 6: 30-44؛ لو 9: 10-17؛ يو 6: 5-14)؛ وفي الثانية: أشبع أربعة آلاف رجل عـدا النساء والأولاد مـن سبعـة أرغفـة وبعض صغـار السمك (مـت 15: 32-38؛ مـر 8: 1-9) وفيما يتعلَّق بالمعجزة الأولى - التي نحن بصددها - نُلاحِظ أن النصوص المذكورة في الأناجيل الثلاثة المتناظرة، وإنْ اكتفت بذِكْر المعجزة كإعلان عن لاهوت المسيح وكمال قدرته على إشباع الروح والجسد، تتميَّز بتفاصيل سبقت إجراء المعجزة لم يذكرها إنجيل القديس يوحنا الذي تنفرد روايته بما قاله الرب في اليوم التالي للجموع، وكَشَفَ عن البُعْد الأعمق للمعجزة التي أجراها، ناقلاً فكر الناس من الاهتمام بخبز الجسد إلى شخص يسوع ”الخبز الحي الذي نزل من السماء الذي مَن يأكله يحيا إلى الأبد“ (يو 6: 51).
+ ما قبل المعجزة:
من القراءة المقابلة في البشائر الثلاث الأولى، خاصة إنجيل معلِّمنا مرقس، نعرف أن التلاميذ، بعد أن عادوا من خدمتهم الكرازية، اجتمعوا إلى يسوع يُخبرونه: «بكل شيء، كل ما فعلوا وكل ما علَّموا» (مر 6: 30). بعدها قال لهم الرب مُشفِقاً أن يأتوا معه منفردين ليستريحوا قليلاً خاصة أنه لم تتيسَّر لهم فرصة لأن يأكلوا لكثرة الجموع الآتين والذاهبين. فأبحروا بالسفينة من كفرناحوم إلى موضع خلاء خارج مدينة بيت صيدا. على أنَّ الجموع رأوهم ينطلقون وعرفوا وِجهتهم، فتراكضوا إلى هناك حتى سبقوهم وتجمَّعوا في انتظارهم. وما أن وصلت السفينة وخرج يسوع حتى أبصر جمعاً كبيراً. ولكن الرب، رغم أنه قد جاء مع تلاميذه إلى هنا ليختلوا ويستريحوا، لم ينزعج بل قَبِلَهم وتحنَّن عليهم، إذ كان يراهم «كخراف لا راعي لها» (مر 6: 34). وبدأ بأن شفى مرضاهم، وأَخَذَ يُعلِّمهم طويلاً عن ملكوت الله لما ابتدأ النهار يميل، تقدَّم الاثنا عشر من الرب وسألوه أن يصرف الجموع، تخلُّصاً من هذا العبء الذي لا طاقة لهم به، لكي يمضوا إلى الضياع والقرى من حولهم ليبيتوا (فكثيرون منهم قادمون من مدن بعيدة للاحتفال بعيد الفصح القريب) وليبتاعوا لهم طعاماً، فالموضع الذي هم فيه خلاء وبعيد عن العمران. فقال لهم يسوع: لا حاجة لهم أن يمضوا «أعطوهم أنتم ليأكلوا» (مت 14: 16؛ مر 6: 37؛ لو 9: 13) وفي قول الرب هذا دعوة لكل المؤمنين أن يسدّوا إعواز المحتاجين كخدمة إيمانية مسيحية وليست اجتماعية، وهو بهذا يُتيح لنا أن ننال بركة برغم أننا لا نملك ما نُعطيه، مُتمثِّلين بالملك داود الذي قال في آخر كلماته لشعبه: «لأنَّ منك الجميع، ومِن يدك أعطيناك» (1أي 29: 14)، كما أنها في المقام الأول دعوة للكنيسة أن تُقدِّم الغذاء الروحي في الكرازة بكلمة الله، وأيضاً أن نُمارِس أعمال الرحمة مع إخوة المسيح الأصاغر كما كان يفعل السيِّد.
+ حوار مع فيلبُّس وأندراوس:
ينفرد إنجيل القديس يوحنا بدوره بهذا الحوار السابق على المعجزة، فنجد الرب، وهو بالطبع عالِم بما قد عزم على فعله، يُخاطب فيلُبُّس ليمتحنه ويُتيح له فرصة ليدعم إيمانه، فيسأله: «مِن أين نبتاع خبزاً ليأكل هؤلاء (الآلاف)؟». في إجابته يُضيف فيلبُّس إلى مشكلة ”مِن أين؟“ صعوبة جديدة بقوله: «لا يكفيهم خبزٌ بمئتَي دينار ليأخذ كل واحد منهم شيئاً يسيراً»!
هنا قال الرب مُفصِحاً عمَّا ينوي عمله: ”كم رغيفاً عندكم. اذهبوا وانظروا“. ولما سمع أندراوس أَخَذَ يجول هنا وهناك باحثاً عن أرغفة، بعدها قال «هنا غُلام معه خمسة أرغفة شعير وسمكتان»، ولكنه أضاف مُعبِّراً عن خيبة أمله: «ولكن ما هذا لمثل هؤلاء؟» كما نرى، فإيمان أندراوس لم يختلف كثيراً عن إيمان فيلبُّس الذي - رغم المعجزات - لم يبلغ إلى مستوى التجربة. فالحسابات العقلية هي ضد الإيمان، والإيمان بشخص المسيح يتجاوز حدود العقل والمنطق، وإلاَّ لا يكون إيماناً. وفي قصد الرب، وهو مزمِع أن يصنع آيته العظيمة أمام تلاميذه، أن يُنهِض إيمانهم ليروا بأعينهم قدرته التي ستُساندهم في مستقبل الأيام عندما يبدأون كرازتهم للعالم كله.
+ الرب يُبارك في القليل فيُشبع الجميع:
ولكن ما كان في نظر أندراوس كأنه لا شيء، هو ما رآه الرب كافياً لكي يبدأ به. وهكذا لما خاب مسعى الجميع وأعلنوا عجزهم، تأهَّب الرب للعمل قائلاً: «ائتوني بها (الخبزات والسمكتين) إلى هنا» (مت 14: 18)، وأمَرَ التلاميذ أن يُتْكِئوا الجميع على العُشب صفوفاً صفوفاً (أو رفاقـاً رفاقـاً) مئة مئة وخمسين خمسين. ففعلوا كما أمرهم الرب، وأخذ الأرغفة والسمكتين: «ورَفَعَ نظره نحو السماء (وشَكَرَ) وبـاركهُنَّ، ثم كسَّر وأعطى التلاميذ ليُقدِّموا للجمع» (لـو 9: 16) «بقدر ما شاءوا» (يو 6: 11) فالخبز والسمك كان يتضاعف بين يدَي الرب، والتلاميذ كانوا يأتون ويأخذون ويوزِّعون على الناس، والطعام لم ينفد حتى أكل الجميع وشبعوا (مت 14: 20؛ 15: 37؛ مر 6: 42؛ 8: 8) نحن نرى التكاثُر في الطبيعة كأحد مظاهر الحياة. فالبذرة تنمو إلى شجرة، وحبة الحنطة تنمو إلى سنابل تمتلئ بحبَّات القمح، وسمكة واحدة يمكن أن تُنتج الآلاف. على أنَّ هذا كله يتطلَّب الوقت والموسم المناسب. ولكن الرب كثَّر خبزاً وسمكاً بما يكفي الآلاف بكلمة منه، فهو الذي «الكل به قد خُلِقَ» (كو 1: 16). والجموع بعد أن تمتَّعت بكلمة الله، ونالت الشفاء، شبعت أيضاً بالطعام حتى امتلأت، والتلاميذ نما إيمانهم بمعلِّمهم واشتركوا في البركة ونالوا امتياز العمل مع الرب (1كو 3: 9).
+ ”اجمعوا الكِسَر“:
في النهاية قال الرب لتلاميذه: «اجمعوا الكِسَر الفاضلة لكي لا يضيع شيء»، فرفعوا منها «اثنتي عشرة قفة مملوءة» (مت 14: 20؛ مر 6: 43). والرب قصد أن نقبل ونُقدِّر كل عطاياه، كثيرها وقليلها. والمهتم بالكِسَر سوف يعتني بالطبع بما هو كامل وكثير. كما أنَّ الكِسَر الصغيرة لما اجتمعت معاً ملأَت اثنتي عشرة قفة. «فالأمين في القليل يُقيمه الله على الكثير» (مت 25: 23،21)، وبقايا الطعام ليست تافهة فهي قد تسدُّ جوع المحتاج. والكنعانية كشفت عن إيمانها ورضاها بالموضع الأخير لمَّا ذَكَرَت أنَّ «الكلاب أيضاً تأكل من الفُتات الذي يسقط من مائدة أربابها» (مت 15: 27)، ففازت بأن أَخَذَت مِن فم الرب شفاء ابنتها. ومُعلِّمنا بولس يكتب: «تعلَّمت أن أكون مكتفياً بما أنا فيه... في جميع الأشياء قد تدرَّبتُ أن أشبع وأن أجوع، وأن أستفضل وأن أنقُص. أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوِّيني» (في 4: 11-13).
+ النبي، الملك، المُخلِّص:
الآية الأخيرة في فصل الإنجيل تقول: «فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا: ”إنَّ هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم“» (يو 6: 14). ففي أجواء عيد الفصح، الذي كان على الأبواب، استعادت الجموع ذِكْرى تدخُّل الله لإنقاذهم وإخراجهم من مصر، ورأوا في يسوع الذي أشبعهم تحقيقاً لوعد الله القديم على فم موسى أن يُقيم لهم «نبيّاً من إخوتهم» (تث 18: 18). على أنهم، وهم ملتصقون بالأرض، لم يروا فيه المخلِّص الذي ينتزعهم من موت الخطية، وإنما الملك الذي ينقذهم من سطوة المحتل واستبداد هيرودس. ووجدوا أن الظرف مُواتٍ لكي «يختطفوه ليجعلوه مَلِكاً» (يو 6: 15). وإذ يكشف الرب ما جال في خاطرهم، ينصرف حزيناً إلى الجبل وحده. فهو لم يأتِ ليأخذ مُلْكاً على الأرض، وإنما ليكون فصحاً فريداً يدخل بدم نفسه مرة واحدة إلى الأقداس ليصنع فداءً أبدياً (1كو 5: 7؛ عب 9: 12).
+ ملاحظات حول المعجزة:
1. الظروف كلها كانت مضادة. فالجمع كان بالآلاف ومطالبهم كثيرة، والمكان خلاء بعيد، والتكلفة كانت غالية وغائبة، والمتاح في اليد كان قليلاً لا يفي بشيء، كما أنَّ النهار قد بدأ يميل (بما يُشير في حياتنا إلى انحدار القوة والقدرة والعمر وتدهُّور الأحوال من معاناة الوجوه وغياب المعونة). على أنه عندما بلغ العجز أقصاه، توهَّجت قدرة الرب لإشباع الآلاف بقدر ما شاءوا. هذا يملأنا بالإيمان بالله والثقة في قدرته، خاصة عندما تتصاعب الظروف جداً ويُناوئنا الجميع أو ينفضُّون عنَّا، فهو الوقت المناسب لتدخُّل الرب، وعلينا فقط أن ننتظره واثقين.
2. لماذا استخدم الرب الخمس خبزات والسمكتين كي يُطعِم الجموع، ألم يكُن قادراً - وهو الذي أقام الموتى - أن يُنشئ طعاماً للآلاف من العدم؟ ربما كان القصد أن يؤدِّي البشر واجبهم وأن يُقدِّموا أقصى ما عندهم مهما كان قليلاً كالعبد الأمين الذي يستثمر وزناته بقدر ما أُوتي من قوة وهبات، فلا يركن إلى الكسل معتمداً كلِّياً على الله، لا لأنه يؤمن بقدرته وإنما كي يعفي نفسه من الجهد. والرب عندما وضع آدم في جنة عدن، كلَّفه ”أن يعملها ويحفظها“ (تك 2: 15). فالثمار لا تأتي عشوائياً وإنما بالغرس والسَّقْي حتى وإن كان «الله الذي يُنْمِي» (1كو 3: 7). والعبد الذي دفن وزنته في الأرض، دعاه الرب بالعبد الشرير والكسلان والبطَّال، ونفَّذ فيه عقابه (مت 25: 30،26).
3. الله قادر أن يُبارِك في القليل فيفيض. وفي القديم بارك الله - على يد إيليا - في ملء كف الدقيق والزيت القليل الذي لأرملة صرفة صيدون، فجعل الدقيق لا يفرغ والزيت لا ينقص إلى اليوم الذي نزل فيه المطر (1مل 17: 4). والأرملة التي هدَّدها دائن زوجها أن يأخذ ابنيها عبدَيْن مقابل الدين، لما استنجدت بأليشع ملأ الله أوعيتها وأوعية الجيران بالزيت فسددت دينها (2مل 4: 1-7). وفي أيام أليشع أيضاً فإنَّ عشرين رغيفاً من خبز الباكورة كفت مائة رجل «أكلوا وفضل عنهم حسب قول الرب» (2مل 4: 42-44) فلنُقدِّم ما عندنا من إمكانات محدودة وهو يستثمرها لمجده. فهو قادر أن يسدَّ بعطائنا القليل إعواز الكثيرين. وهو رأى فلْسَي الأرملة أكثر ممَّا أعطى الأغنياء لأنها من إعوازها أعطت (لو 21: 1-4). وهو الذي طلب ألاَّ نحتقر الصغار (مت 18: 10)، وأنَّ مَن يُقدِّم كأس ماء بارد لا يضيع أجره (مت 10: 42) (ومثله كلمة التعزية وابتسامة التشجيع).
4. الله يتقدَّم منَّا كأنه محتاج، وهذا من نِعَمه علينا لأنه يُتيح لنا الفرصة أن نشترك معه، وأن يُقدِّس ما لنا ويستخدمه لمجد اسمه. فهو أَخَذ جسده من العذراء، والسفينة من بطرس، والأموال من يونَّا وسوسنة وغيرهما (لو 8: 3)، والأتان من صاحبه (مت 21: 3؛ مر 11: 3؛ لو 19: 31)، والعلِّية من رب البيت (مت 26: 18؛ مر 14: 15،14؛ لو 22: 14)، والقبر من يوسف الرامي (يو 19: 41) وفي حياتنا الروحية هو يفيض بنعمته المجانية علينا، ولكن لابد من إيماننا العامل في جهادنا. وهو عندما طلب أن نحمل نِيره علينا، فهو هنا الشريك الأقوى بما لا يُقاس، ولهذا يصير نِيره هيِّناً علينا (مت 11: 30،29). وهو في النهاية يُكافئنا كإنما كنَّا نحمل أثقالنا وحدنا، فقط لأننا كنَّا أُمناء وقدَّمنا ما نستطيع ”قدر الطاقة“ (مت 25: 5).
5. طلب الرب أن يتَّكئ الآلاف فرقاً فرقاً، ويأتيهم الطعام وهم جلوس في أماكنهم. وهكذا تمَّ كل شيء في هدوء وأَكَلَ الجميع وشبعوا دون تزاحُم وهرج بما مجَّد الله. فإلهنا طيِّب ومتضع، ولكنه أيضاً ”إله سلام (ونظام وترتيب)، وليس إله تشويش“ (1كو 14: 33). وهذا ما ينبغي الالتزام به في كل اجتماعاتنا، سواء أثناء القدَّاسات وصلوات سرِّ الزيجة، أو الاجتماعات وفصول الخدمة. ولنتذكَّر أنه لما غاب الشعور بحضور الله في الهيكل، وتحوَّل إلى سوق التجارة؛ تدخَّل الرب وقد أخذته الغيرة على بيته وطرد الجميع (مت 21: 12؛ مر 11: 16،15؛ لو 19: 46؛ يو 2: 15) عند المسيح، كانت المعجزات والأحداث كأنها أيضاً أمثال ترمي إلى معانٍ أبعد وأعمق مما تبدو. فلقاؤه مع السامرية الذي بدأ بطلب الماء ليشرب، انتهى بأن قدَّم نفسه كمُعطي ”الماء الحي“ الذي مَن يشرب منه لن يعطش إلى الأبد (يو 4: 14)، وقبل أن يفتح عينَي الأعمي قال: «ما دمتُ في العالم فأنا نور العالم» (يو 9: 5)، وفي مجيئه ليُقيم لعازر قال: «أنا هو القيامة والحياة. مَن آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو 11: 25) وفي هذه المعجزة، بعد أن أشبع الرب الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، قال عن نفسه: «أنا هو خبز الحياة. مَن يُقبل إليَّ فلا يجوع، ومَن يؤمن بي فلا يعطش أبداً» (يو 6: 35). وهو في موعظة الجبل طوَّب الجياع والعطاش إلى البرِّ (مت 5: 6) وليس إلى لقمة العيش وأمور الجسد. فهو الإله الغَني الرحيم الذي يُشرق شمسه ويفيض بخيراته بغير تمييز على الكل أشراراً وصالحين. ومِن ثمَّ فهو يدعونا، كأولاد الله، أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره، ولا ننشغل بأمور الجسد، فهذه كلها تُزاد لنا (مت 6: 33). وليكن ناموس حياتنا كلماته التي قالها بعد معجزة الخبز: «اعملوا لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية» (يو 6: 27).
المزيد
05 يوليو 2024
نشكرك لأنك نعمة المعونة
من أجمل الكلمات التي يمكن للإنسان أن يخاطب بها الله هي «نشكرك». وحسب تقلید كنيستنا، فإن هذه العبارة هي المقدمة التعبدية التي نفتتح بها صلواتنا في كل المناسبات، بعد أن نتلو الصلاة الربانية.
اللهم، إلى تنجيتي. يارب إلى معونتي أسرع. ليخز ويخجل طالبو نفسي ليرتد إلى خلف ويخجل المشتهون لى شرا. ليرجع من أجل خزيهم القائلون: «هه هه!» وليبتهج ويفرح بك كل طالبيك، وليقل دائما محبو خلاصك: «ليتعظم الرب» أما أنا فمسكين وفقير اللهم أسرع إلى. معيني ومنقذى أنت. يارب لا تبطؤ (مز ١:٧٠-٥) الله هو صاحب المعونة، وكلمة المعونة كلمة معزية ولها معان وأبعاد كثيرة فمثلاً قد يشعر الإنسان في بعض الأحيان أنه لا يستطيع القيام بعمل ما !! أو أنه عاجز على مواجهة بعض المواقف أو بعض الأشخاص، وهنا لا يعزيه إلا هذه الصلاة القصيرة، والتي نحبها جميعا اللهم التفت لمعونتي يارب أسرع وأعنى»، وهذه الصلاة تعتبر من الصلوات السهمية التي من الممكن أن تقال في أي وقت وفي أي مكان. وأيضا يقول الله على فم إشعياء النبي هذه العبارة المعزية "لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك.قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين برى.إنه سيخزى ويخجل جميع المغتاظين عليك. يكون كلا شيء مخاصموك ويبيدون. تفتش على منازعيك ولا تجدهم. يكون محاربوك كلا شيء وكالعدم لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك، القائل لك: لا تخف. أنا أعينك" (إش ١٠:٤١-١٣). ومن أكثر الأمثلة المشهورة عن معونة الله لأولاده، هو داود النبي فهو شخص كان أصغر إخوته، وله بنية جسدية ضعيفة، وقد اختاره الله وأرسل له صموئيل النبي لكيما يمسحه ملكاً عوضاً عن شاول الملك، ليقود مملكة بني إسرائيل ويخلصها "فأخذ صموئيل قرن الدهن ومسحه في وسط إخوته وحل روح الرب على داود من ذلك اليوم فصاعدا" (١صم ١٣:١٦) ومن المعروف أنه هناك ثلاثة ملوك، تم تناوبهم على كرسى إسرائيل وهم شاول و داود وسليمان، وقد أقام كل منهم أربعين عامًا على كرسى المملكة، وهذه هي المملكة المتحدة. بمعنى أن هذه هي الفترة التي كانت أسباط إسرائيل الاثنا عشر تحت قيادة ملك واحد، ثم بعد فترة ملك سليمان، انقسم أسباط بني إسرائيل إلى مملكتين، مملكة يهوذا وكانت تتكون من سبطين، ومملكة إسرائيل وتتكون من عشرة أسباط.وداود النبي كما يقول عنه الكتاب "وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر" (١صم ۱۲:١٦)، فهو مجرد راعي غنم، ذی حس مرهف في كتابة الشعر وكتب لنا العديد من المزامير، وقد تعرض لتجارب كثيرة منها القتل من قبل شاول وبالرغم من كل محاولات شاول لقتل داود، إلا أنه في إحدى المرات أتيحت الفرصة لداود لقتل شاول، ولكنه رفض فعل ذلك، واكتفى بقص جزء من جبة شاول التي كان يرتديها !! وقال داود لشاول: لماذا تسمع كلام الناس القائلين: هوذا داود يطلب أذيتك؟ هوذا قد رأت عيناك اليوم هذا كيف دفعك الرب اليوم ليدى في الكهف وقيل لي أن أقتلك ولكنني أشفقت عليك وقلت: لا أمد يدى إلى سيدى لأنه مسيح الرب هو(١صم ٩:٢٤-١٠) وقد وعد الله داود بالمعونة، كما قال الكتاب: وقد أرحتك من جميع أعدائك والرب يخبرك أن الرب يصنع لك بيتاً (۲صم ۱۱:۷)، وقد استمرت معونة الله تسند داود حتى صار ملكاً، وحتى في سقوطه لم تتركه معونة الله!! ودفعته إلى التوبة، وهذا يتضح من خلال مزمور التوبة ارحمني يا الله تعظيم رحمتك (مز ۵۰ قبطی). وأيضا معونة الله كانت مع يوسف الصديق (تك ٣٩ -٥٠)، الذي كان في ضياع كامل وبيع كعبد ولم يكن له ذكر.. ولكنه بهذه المعونة صار الرجل الثاني في تاريخ مصر !! رغم أنك عندما تتأمل في قصته تجد أن جميع الأبواب قد أغلقت في وجهه.. أبواب الأهل وأبواب الأصدقاء إلا أن الله كان يحفظ له نصيبا صالحا !!
ومعونة الله نراها أيضاً مع دانيال النبي، فعندما وضع في جب الأسود تدخلت المعونة الإلهية وأنقذته وأغلقت أفواه الأسود، وعندما جاء الملك للسؤال عنه قال له دانيال: «إلهى أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود فلم تضرني لأني وجدت بريئاً قدامه، وقدامك أيضاً أيها الملك، لم أفعل ذنباً (دا ٢٢:٦)، وكلمة إلهي تعنى إيماني أي يد إلهي التي تقف خلفى حتى إن كنت في جب الأسود!! وعبارة «أرسل ملاكه أي أن إلهي يهتم بي اهتماماً خاصاً جداً حتى أنه أرسل ملاكاً يتميز أنه له قدرة فائقة، تستطيع أن تسد أفواه الأسود. فمن يستطيع أن يسد أفواه أسود جائعة !! فالمعونة الإلهية هي التي سدت أفواه الأسود. وإذا تأملنا في حياة إرميا النبي، نجد أن المعونة الإلهية كانت معه في بداية خدمته، فيقول الكتاب: «ها قد جعلت كلامي في فمك.. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك، يقول الرب، لأنقذك (إر۱: ۹-۱۹). والمعونة الإلهية أيضاً هي التي سندت الرسل في الخدمة، فقد كانوا مجرد جماعة من الصيادين وبسطاء الناس. وهي أيضاً التي سندت الشهداء في عذاباتهم، فعندما نقرأ قصص الشهداء نتعجب ونتساءل من يستطيع أن يتحمل كل هذه الآلام ؟!! إنها نعمة ومعونة خاصة من الله في توقيت الاحتياج ما هي أهمية معونة الله؟!
إن كل إنسان منا يحتاج إلى معونة الله لأنه
أولاً: هو القادر على كل شيء.
ثانياً: نحتاج المعونته في الحياة الروحية.
ثالثاً: نحتاج للمعونة في وقت الضيقات.
رابعاً: نحتاج معونة من الله في الخدمة.
أولاً: الله هو القادر على كل شيء إن الإنسان مهما كبر أو تعاظم، فإن قدراته تظل محدودة أمام قدرة الله. كما يعلمنا الكتاب قائلاً: «بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً (يو٥:١٥). فالله هو الذي يعطينا الصحة والقدرة والفكر وكل شيء، وهذه هي معونة الله للإنسان.
ثانياً: الاحتياج للمعونة في الحياة الروحية نحتاج المعونة الله في الحياة الروحية بمفرداتها المختلفة من القراءة في الكتاب المقدس والصلوات والأصوام وممارسة الأسرار الكنسية عامة، وخصوصاً في أيام الصوم الكبير، وكيف يصوم الجميع إلى أوقات متأخرة من النهار، بالرغم من وجودهم في مدارسهم وكلياتهم وأشغالهم، وذلك لكيما يتقدموا للتناول من جسد الرب ودمه في القداسات المتأخرة!! وبعد هذا الصيام الطويل الذي يبدأ من منتصف الليل، وحتى وقت متأخر من النهار، يأكل الإنسان طعاماً نباتياً ذا طاقة قليلة !! وعندما نتساءل كيف يكون هذا ؟!! نجيب هذه هي المعونة الإلهية، كما يعلمنا الكتاب: الأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون (غل ١٧:٥).فمثلاً القديس موسى الأسود كانت حياته قبل التوبة حياة شهوانية جداً ... وخاطئة بالجملة.. وهنا نتساءل ما الذي حدث في حياته حتى تحولت من قاع الشر والخطيئة إلى القداسة والبر، حتى أنه أصبح قديساً للتوبة وسيرته موجودة بيننا، ونحن في القرن الـ ٢١ وإلى النهاية؟!!
إنها المعونة الإلهية، فهذه المعونة هي التي وقفت مع موسى الشرير ودعته إلى التوبة وعندما أعلن توبته انسكبت نعمة الله في حياته وصار قديساً قوياً، كما نسميه القديس موسى القوى.
ثالثاً: المعونة في الضيقات ونحتاج أيضاً للمعونة الإلهية في وقت الضيقات، فأي إنسان في هذه الحياة يتعرض لضيقات كثيرة، قد تكون كبيرة أو صغيرة، لكن ما يجب أن نعلمه جيداً أن كل ضيقة هي لخير الإنسان، كما يقول الكتاب: احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة (يع ٢:١)، ففى كل تجربة تمر على الإنسان يتمجد الله ويشعر الإنسان بالمعونة الإلهية عندما يجد
يد الله تعمل. فمثلاً المعونة الإلهية تساعد الإنسان في وقت المرض، فأحياناً يقول الأطباء عن حالة ما، أنه يوجد تطور في هذه الحالة، ولكن لا يخضع هذا التطور لكتب الطب!! وهذا ما نعبر عنه بلغتنا البسيطة: «أنه معجزة !! وقصص تدخل الله بنعمته ومعونته في حال المرض كثيرة جداً.
رابعاً: المعونة في الخدمة
ونحتاج المعونة الإلهية أيضاً في الخدمة فالخادم إمكانياته محدودة جداً، ولا يوجد خادم يستطيع أن يقول المثل المشهور يا أرض انهدى ما عليك أدى !! بمعنى أن الخدمة لن تستمر في حال عدم وجوده!! لذلك من المهم أن نتعلم أهمية عملية التغيير، والطبيعة تعلمنا هذا، فمثلاً: الشجرة يتغير حالها في الفصول المختلفة ففى فصل الخريف تتساقط أوراقها، وفي فصل الشتاء تجف، وفي فصل الربيع تزهر مرة أخرى، وفى فصل الصيف تخرج أثمارها، وهكذا فالمعونة الإلهية تستطيع أن تعمل مع كل إنسان، فمثلاً النعمة الإلهية هي التي غيرت بولس الرسول وحولته من شاول المضطهد للكنيسة، والذي اسمه كان يرعب المسيحيين!! إلى بولس الرسول أعظم كارز إن بولس لم يكتف بمطاردة المسيحيين في أورشليم فقط، بل تتبعهم بعد هروبهم، كما قال الكتاب: أما شاول فكان لم يزل ينفت تهدداً وقتلاً على تلاميذ الرب، فتقدم إلى رئيس الكهنة وطلب منه رسائل إلى دمشق إلى الجماعات، حتى إذا وجد أناساً من الطريق، رجالاً أو نساء، يسوقهم موثقين إلى أورشليم (أع ۱:۹-۲). ولكن في أحد الأيام وهو في الطريق اصطادته النعمة الإلهية، فقال: «يارب، ماذا تريد أن أفعل؟ (أع ٦:٩)، إن القديس بولس الرسول عرف المسيح في النصف الثاني من حياته، لكن في النصف الأول من حياته كان يضطهد كنيسة الله بإفراط، كما ذكر في رسائله "كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها "(غل ۱۳:۱) أما في النصف الثاني من حياته، فكان
يكرز باسم الرب باتساع، لدرجة أنه سمى عملاق الكرازة، وقد تعرض لأخطار وضيقات كثيرة جداً، وخدم وبذل بما يفوق الوصف، إلى جانب أنه كتب لنا ١٤ رسالة في الكتاب المقدس، لقد كان القديس بولس أداة للاضطهاد، وبالمعونة والنعمة صار أداة للكرازة والخدمة. فبولس الرسول نموذج لباقي الرسل فمثلاً مارمرقس الرسول عندما أتى إلى مصر لم يكن يمتلك أي شيء!! فلم يكن لديه مال أو أى إمكانيات أو وسائل مواصلات، لكن اعتماداً على المعونة الإلهية جاء إلى مصر وبشر، وانتشر الإيمان بالمسيح في كل مكان. ويقول الكتاب الروح أيضاً يعين ضعفاتنا» (رو ٢٦:۸)، بمعنى أن المعونة الإلهية تعين ضعف الإنسان، فتذكر دائماً أن يد الله تعمل، فأحياناً يظن الإنسان أن الله في السماء، والإنسان هنا على أرض الشقاء وأحياناً أخرى يظن آخر أن الله قد نساه!! وهذا الفكر قد وقع فيه داود النبي حين قال "إلى متى يارب تنساني كل النسيان؟ إلى متى تحجب وجهك عنى؟" (مز ۱:۱۳). فتذكر دائماً العبارة التي تقول" ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا" (٢ كو٧:٤) والمقصود بهذا الكنز هو المعونة الإلهية أما الأواني الخزفية فهي أجسادنا فالإنسان مثل الإناء الزجاجي يتعب من أقل الأشياء فالإنسان ضعيف جداً، لكن بداخله (الكنز يد الله التي تعمل والمعونة التي تعمل في ضعفه، فيكون فضل القوة لله لا منا، وكما أن الله يعين الإنسان، فنحن أيضاً نحتاج معونة بعضنا إلى بعض فالله يسرع بإعانة الإنسان من خلال الإنسان.
أمثلة المعونة الإنسان لأخيه الإنسان يقول الكتاب ليعط الرب رحمة لبيت انيسيفورس، لانه مرارا كثيرة أراحتي ولم يخيل بسلسلتی (۲تی ۱ :١٦) قبولس الرسول كان في هذا الوقت تحت التحفظ والسلاسل، وقد أراحه انيسيفورس، فهذا الله ارسل معونته البولس الرسول من خلال بيت انيسيفورس وأيضاً نظراً عن الشماسة فيبي، التي كتب عنها القديس بولس قائلاً أوصى إليكم باختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنجريا كي تقبلوها في الرب كما يحق القديسين وتقوموا لها في أي شيء احتاجته منكم، لأنها صارت مساعدة لكثيرين ولى أنا ايضاء (رو١٦ : ١-٢). لقد كانت بمثابة الابنة الروحية البولس ونقرأ في قصة حياة القديس يوحنا ذهبي الفي كيف أنه في وقت من الأوقات منع الإمبراطورة من دخول الكنيسة، لأنها اغتصبت حق أرملة فقيرة، ولأنها كانت إمبراطورة شريرة وقفت امامه بالمرصاد وأرادت أن تنهي حياته بطريقة غير مباشرة قأمرت بنفيه إلى بلاد بعيدة، وقد أوصت بعدم إراحته طوال هذه الرحلة الشاقة ونظراً الصعوبة المواصلات في هذا الوقت لم يحتمل القديس هذا التعب وتتيح في نهاية الرحلة ولكن أرسل الله معونته القديس من خلال الشماسة أولمبياس التي كانت تقوم بتوصيل رسائله الشعبه، فقد كانت مثالاً للابنة الروحية الساهرة على رعاية أبيها القديس يوحنا الذهبي القم، وكانت أيضا تدير له الغذاء والدواء معونة البشر البشر تظهر في أمثال كثيرة. فمثلاً نقول الحار قبل الدارة، وأيضاً الرفيق قبل الطريق والصديق عند الضيق وأسئلة كثيرة نجدها في حياتنا اليومية، وترى كيف بدير الله معونته للبشر من خلال بشر واتذكر انني في إحدى المرات اثناء خدمتي خارج البلاد، قبل مسئوليتي الحالية، فوجئت في المطار أنني لا استطيع دخول هذه البلد. لان جواز السفر قارب على الانتها.. وقانون هذه الدولة يمنع دخول أحد إلا إذا كان جواز سفره له صلاحية ٦ أشهر على الأقل وكانت هذه الدولة تبعد عن مصر ما يقرب من
عشر ساعات فأرسل الله لي المعونة، من خلال أحد العاملين في المطار الذي تصمني بالتوجه الأخذ رأى المسئول في هذه المشكلة، وانتهت المشكلة بقبول دخولي البلاد، بشرط أن الغادر البلد قبل نهاية جواز السفر بيوم واحد وهكذا كانت معونة الله فحسب قوانين هذه الدولة كان على الرجوع إلى مصر، ولكنهامعونة الله !
فالله يدير في حياة البشر أموراً كثيرة جداً، والكتاب يعلمنا قائلاً: ملفين كل همكم عليه لانه هو يعتنى بكم، (١بط ٥ :۷)، فاجعل وعود الكتاب المقدس حاضرة أمامك باستمرار
كيف تستمتع بمعونة الله؟
لكي تستطيع أن تستمتع بمعونة الله باستمرار، أمامك ثلاث خطوات، وهي أولاً: صلواتك لأنه من خلال الصلاة يسكب الله معونته، لذلك كنيستنا مليئة باشكال وانواع من الصلوات ثانياً: كن إنساناً متضعاً، فالكتاب يعلمنا قائلا: لأن الله يقاوم المستكبرين. وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة ابط ٥:٥ ) فالاتضاع هو بمثابة قناة تنسكب فيها معونة الله للإنسان، ولكن قد تجد أحيانا إنساناً متكبراً، يعتقد أنه يستطيع أن يعمل وينجح، بدون معونة الله له أما الإنسان المتضع، والذي يشعر باحتياجه لنعمة الله ومعونته، فهو الذي يكون له رصيد عند الله يسكبه في وقت الاحتياج ثالثاً كن إنساناً مجتهداً في العمل. في الدراسة، في الخدمة، في المسئولية في كل شيء فاجتهد أيها الحبيب في حياتك وأعلم أن النعمة لا ثاني وانت مستلق على ظهرك، كما يعلمنا الكتاب إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده تقوم وتبني (نج ۲ : ۲۰)، فالنجاح هو معونة من الله فحاول أن تشعر أيها الحبيب بالنعمة والمعونة التي يقدمها لك الله في كل يوم. واجعل تدريبك اليومي هذه الآية المعزية فاتحة المزمور الـ ٧٠: اللهم التفت إلى معونتي يارب أسرع وأعنى كررها باستمرار وتعر بها كصلاة قصيرة تقال في كل وقت، وتصلى دائما أن يعطينا الهنا الصالح النعمة والمعونة في كل وقت.
قداسة البابا تواضروس الثاني
عن كتاب نشكرك لأنك
المزيد
04 يوليو 2024
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
القديس بولس الرسول من أعظم و أقوى الرسل و المبشرين في تاريخ كنيستنا الكارز اللي لف العالم كله تقريباً و فتح كنايس في أماكن كتير جداً القديس بولس له 3 رحلات تبشيرية تعالوا نشوف أول رحلة فيهم: خط السير (و المدن اللي عدّى عليها) و مين كان معاه و إيه اللي حصل في كل مدينة؟
رحلة القديس بولس الرسول التبشيرية الأولى
بطاقة الرحلة
زمن الرحلة:بدأت الرحلة حوالي سنة 47م و استمرت سنتين
موجودة فين؟ في سفر أعمال الرسل إصحاح 13 و 14
مين كان مع بولس؟
القديس برنابا و القديس مرقس (لكن سابهم في النص)
خط السير:
البداية من أنطاكية (مروراً بسلوكية)
بالبحر إلى قبرص (سلاميس و بافوس)
بالبحر إلى تركيا (برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية)
بالبر إلى أيقونية و دربة و لسترة
العودة إلى أنطاكية بعكس الطريق اللي فات
تفاصيل الرحلة
سوريا
البداية: أنطاكية مع برنابا
وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا، وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيرواني، ومناين الذي تربى مع هيرودس رئيس الربع، وشاول. وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: «أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه». فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهما.
أعمال الرسل 13 : 1 ل 3
البداية كانت من أنطاكية (سوريا حالياً) ... كان ساعتها فيه خادم عظيم و قديم اسمه برنابا الرسول هو اللي عمل الكنيسة هناك و كان ساعتها بولس لسة جديد على الكنيسة و على الإيمان و الروح القدس اختار ال2 خدام دول يطلعوا رحلة تبشيرية
قبرص
قبرص: باريشوع و سرجيوس بولس
فهذان إذ أُرسِلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية، و من هناك سافرا في البحر إلى قبرص. ولما صارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود وكان معهما يوحنا خادماً ولما اجتازا الجزيرة إلى بافوس، وجدا رجلا ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع، كان مع الوالي سرجيوس بولس،وهو رجل فهيم. فهذا دعا برنابا وشاول والتمس أن يسمع كلمة الله فقاومهما عليم الساحر،لأن هكذا يترجم اسمه، طالبا أن يفسد الوالي عن الإيمان وأما شاول، الذي هو بولس أيضا، فامتلأ من الروح القدس وشخص إليه وقال: «أيها الممتلئ كل غش وكل خبث! يا ابن إبليس! ياعدو كل بر! ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة؟ فالآن هوذا يد الرب عليك، فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين». ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة، فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى، آمن مندهشا من تعليم الرب.
أعمال الرسل 13 : 4 ل 12
القديس برنابا مش بس أخد معاه بولس الرسول أخد معاه كمان يوحنا (مرقس الرسول) ابن أخته
طلعوا بالبحر على قبرص مرّوا على 3 مدن:
سلوكية
و لم يُذكر إنهم بشّروا فيها
سلاميس
و ذُكر إنهم بشّروا اليهود هناك لكن لم يُذكر رد فعل اليهود كان إيه
بافوس
الوالي بتاع المكان ده كان راجل فهيم اسمه سرجيوس بولس سمع عن الرسل و طلب إنه يسمع منهم كلمة ربنا ساعتها كان فيه ساحر اسمه باريشوع ده حاول يقاوم الرسل (لأن طبعاً المسيحية مافيهاش سحر و الكلام ده بل فيها قوة الروح القدس)و نتيجة مقاومته دي إنه أُصيب بالعمى و آمن الوالي لما شاف اللي حصل.
تركيا
برجة بمفيلية و أنطاكية بيسيدية
ثم أقلع من بافوس بولس ومن معه وأتوا إلى برجة بمفيلية. وأما يوحنا ففارقهم ورجع إلى أورشليم. وأما هم فجازوا من برجة وأتوا إلى أنطاكية بيسيدية، ودخلوا المجمع يوم السبت وجلسوا. وبعد قراءة الناموس والأنبياء، أرسل إليهم رؤساء المجمع قائلين: «أيها الرجال الإخوة، إن كانت عندكم كلمة وعظ للشعب فقولوا». فقام بولس وأشار بيده وقال: «أيها الرجال الإسرائيليون والذين يتقون الله، اسمعوا! إله شعب إسرائيل هذا اختار آباءنا، ورفع الشعب في الغربة في أرض مصر، وبذراع مرتفعة أخرجهم منها. ونحو مدة أربعين سنة، احتمل عوائدهم في البرية. ثم أهلك سبع أمم في أرض كنعان وقسم لهم أرضهم بالقرعة. وبعد ذلك في نحو أربعمئة وخمسين سنة أعطاهم قضاة حتى صموئيل النبي. ومن ثم طلبوا ملكا، فأعطاهم الله شاول بن قيس، رجلا من سبط بنيامين، أربعين سنة. ثم عزله وأقام لهم داود ملكا، الذي شهد له أيضا، إذ قال: وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي، الذي سيصنع كل مشيئتي. من نسل هذا، حسب الوعد، أقام الله لإسرائيل مخلصا، يسوع. إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل. ولما صار يوحنا يكمل سعيه جعل يقول: من تظنون أني أنا؟ لست أنا إياه، لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن أحل حذاء قدميه. «أيها الرجال الإخوة بني جنس إبراهيم، والذين بينكم يتقون الله، إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص. لأن الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا. وأقوال الأنبياء التي تقرأ كل سبت تمموها، إذ حكموا عليه. ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل. ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات. وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم، الذين هم شهوده عند الشعب. ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم ولدتك. إنه أقامه من الأموات، غير عتيد أن يعود أيضا إلى فساد، فهكذا قال: إني سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضا في مزمور آخر: لن تدع قدوسك يرى فسادا. لأن داود بعد ما خدم جيله بمشورة الله، رقد وانضم إلى آبائه، ورأى فسادا. وأما الذي أقامه الله فلم ير فسادا. فليكن معلوما عندكم أيها الرجال الإخوة، أنه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى. فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء: انظروا أيها المتهاونون، وتعجبوا واهلكوا! لأنني عملا أعمل في أيامكم. عملا لا تصدقون إن أخبركم أحد به» وبعدما خرج اليهود من المجمع جعل الأمم يطلبون إليهما أن يكلماهم بهذا الكلام في السبت القادم. ولما انفضت الجماعة، تبع كثيرون من اليهود والدخلاء المتعبدين بولس وبرنابا، اللذين كانا يكلمانهم ويقنعانهم أن يثبتوا في نعمة الله. وفي السبت التالي اجتمعت كل المدينة تقريبا لتسمع كلمة الله فلما رأى اليهود الجموع امتلأوا غيرة، وجعلوا يقاومون ما قاله بولس مناقضين ومجدفين. فجاهر بولس وبرنابا وقالا: «كان يجب أن تكلموا أنتم أولا بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم، وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلى الأمم. لأن هكذا أوصانا الرب: قد أقمتك نورا للأمم، لتكون أنت خلاصا إلى أقصى الأرض» فلما سمع الأمم ذلك كانوا يفرحون ويمجدون كلمة الرب. وآمن جميع الذين كانوا معينين للحياة الأبدية. وانتشرت كلمة الرب في كل الكورة. ولكن اليهود حركوا النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة، وأثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا، وأخرجوهما من تخومهم.
أعمال الرسل 13 : 13 ل 50
مرقس الرسول كان ساعتها لسة صغير حسّ إن الرحلة هاتطوّل رجع على أورشليم تاني طبعاً ده سبّب خلاف مع بولس الرسول (هانشوفه في الرحلة التبشيرية التانية) لكن كان لخير الكنيسة راحوا لإقليم كبير اسمه بمفيلية و دخلوا عاصمته برجة و لم يُذكر إنهم بشّروا هناك راحوا لإقليم تاني كبير اسمه بيسيدية و دخلوا عاصمته أنطاكية بيسيدية و هناك دخلوا المجمع اليهودي و كالعادة بعد القرائات، لمح اليهود الرسل الغرباء عن المدينة فقالوا لهم لو عندكم كلمة وعظ قولوها (زي ما حصل قبل كده مع ربنا يسوع دي كانت عادة عند اليهود) طبعاً بولس بحماسه مافوّتش الفرصة و حكى لهم حكاية بني إسرائيل من ساعة الخروج لحد داود الملك مروراً بفترة القضاة و بعد كده دخل على طول للكرازة بربنا يسوع و قال إنه هو المسيح بشهادة يوحنا المعمدان و قال إنه مات و قام من الأموات في اليوم التالت كما في الكتب و ظهر لكتير من تلاميذه و جاب نبوات من مزامير داود النبي لا تنطبق إلا على ربنا يسوع و قال لهم: دلوقتي عندكم القرار: إيمان و توبة؟ ولا تجاهل لدعوة ربنا؟
طبعاً كلام كبير و مهم و الغريب إن مش بس اليهود هم اللي فكّروا في الكلام، ده كمان ناس من الأمم و اجتمعت المدينة كلها تسمع من آبائنا الرسل لكن للأسف اليهود بدل ما يؤمنوا هم الأول، رفضوا الكلام فالرسل قالوا لهم نبوة إشعياء النبي إن الكرازة هاتكون للأمم مش بس لليهود و فعلاً ناس كتير آمنت لكن اليهود غير المؤمنين ماسكتوش هيّجوا حكام المدينة على بولس و برنابا فطردوهما من المدينة إقليم ليكأونية (دربة و لسترة) أما هما فنفضا غبار أرجلهما عليهم، وأتيا إلى إيقونية. وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس. وحدث في إيقونية أنهما دخلا معا إلى مجمع اليهود وتكلما، حتى آمن جمهور كثير من اليهود واليونانيين. ولكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة. فأقاما زمانا طويلا يجاهران بالرب الذي كان يشهد لكلمة نعمته، ويعطي أن تجرى آيات وعجائب على أيديهما. فانشق جمهور المدينة، فكان بعضهم مع اليهود، وبعضهم مع الرسولين. فلما حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما شعرا به، فهربا إلى مدينتي ليكأونية: لسترة ودربة، وإلى الكورة المحيطة. وكانا هناك يبشران وكان يجلس في لسترة رجل عاجز الرجلين مقعد من بطن أمه، ولم يمش قط. هذا كان يسمع بولس يتكلم، فشخص إليه، وإذ رأى أن له إيمانا ليشفى، قال بصوت عظيم: «قم على رجليك منتصبا!». فوثب وصار يمشي فالجموع لما رأوا ما فعل بولس، رفعوا صوتهم بلغة ليكأونية قائلين: «إن الآلهة تشبهوا بالناس ونزلوا إلينا». فكانوا يدعون برنابا «زفس» وبولس «هرمس» إذ كان هو المتقدم في الكلام. فأتى كاهن زفس، الذي كان قدام المدينة، بثيران وأكاليل عند الأبواب مع الجموع، وكان يريد أن يذبح. فلما سمع الرسولان، برنابا وبولس، مزقا ثيابهما، واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين: «أيها الرجال، لماذا تفعلون هذا؟ نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم، نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد، وهو يفعل خيرا: يعطينا من السماء أمطارا وأزمنة مثمرة، ويملأ قلوبنا طعاما وسرورا». وبقولهما هذا كفا الجموع بالجهد عن أن يذبحوا لهما ثم أتى يهود من أنطاكية وإيقونية وأقنعوا الجموع، فرجموا بولس وجروه خارج المدينة، ظانين أنه قد مات ولكن إذ أحاط به التلاميذ، قام ودخل المدينة، وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة. فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين.
أعمال الرسل 13 : 51 ل 14 : 21
اتحركوا على مدينة إيقونية و حصل هناك زي اللي حصل في أنطاكية بيسيدية دخلوا بشّروا ناس آمنت من اليهود و الأمم و بعد كده اضطهاد من اليهود غير المؤمنين راحوا إقليم ليكأونية مدينة لسترة و بشّروا الأمم من أهالي المدينتين و في لسترة، بولس عمل معجزة عظيمة و شفى إنسان مقعد من بطن أمه رد فعل أهل المدينة كان على حسب معتقداتهم الوثنية افتكروا بولس و برنابا آلهة لكن الرسولين فهموا الناس الحقيقة إن دي قوة ربنا يسوع خالق كل شيء و فجأة اتغيّر كل شيء جه اليهود غير المؤمنين من إيقونية و هيّجوا أهل المدينة على الرسولين فرجموا بولس لحد ما افتكروه مات!! آية واحدة ممكن تعدّي علينا لكن أكيد كام فيها عذاب كبير جداً بعد كده راح بولس و برنابا دربة و بشّروا هناك
أنطاكية
العودة إلى أنطاكية
ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان، وأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله. وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة، ثم صليا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به ولما اجتازا في بيسيدية أتيا إلى بمفيلية. وتكلما بالكلمة في برجة، ثم نزلا إلى أتالية. ومن هناك سافرا في البحر إلى أنطاكية، حيث كانا قد أسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه ولما حضرا وجمعا الكنيسة، أخبرا بكل ما صنع الله معهما، وأنه فتح للأمم باب الإيمان. وأقاما هناك زمانا ليس بقليل مع التلاميذ.
أعمال الرسل 14 : 21 ل 28
انتهت الرحلة على كده و بدأ طريق العودة اللي مر فيه الرسل على كل الأماكن تاني طبعاً إحساس الناس بتوع لسترة و بولس الرسول (اللي مشي من عندهم مرجوم و بين حي و ميت) داخل تاني و بيقول لهم إن طريق الملكوت لازم يكون فيه ضيقات أكيد كان قدامهم أقوى مثال فقوّى إيمانهم و طبعاً الرسل رسموا كهنة عشان الكنايس اللي بدأت في الأماكن دي تفضل مستمرة بعد ما يمشواو لما رجعوا كنيسة أنطاكية و حكوا لهم انبسطوا جداً بزيادة الكنيسة و إيمان الأمم و بعد كده حصل مجمع أورشليم بسبب بدعة التهود و لهذا مقال آخر :)
دروس من الرحلة
1- الروح القدس هو اللي بيختار خدام معينين لعمل معين حتى لو كان شكل الاختيار غريب (خادم كبير و طيب زي برنابا مع خادم جديد و ناري زي بولس) ربنا عارف هو بيعمل إيه و لازم الكنيسة تمشي بإرشاد الروح القدس مش بالتفكير البشري
2- مش عيب إننا نفشل أو نخاف في خدمة معيّنة مرقس الرسول في أول مهمة ليه مانجحش، رجع في نص الطريق لكن بعد كده إيمانه و استعداده بقى أقوى و بقى أحد أعظم الرسل.
3- في كل زمان و مكان فيه حد يسمع كلمة ربنا فقلبه يتحرك و حد يقسّي قلبه و يعاند الكلمة و ببساطة الفارق في الآخر باين بين شاول اللي بقى بولس لأنه لم يعاند و بين المعاندين اللي شفناهم في أيقونية و لسترة.
4- بضيقات كتيرة ينبغي أن ندخل ملكوت السماوات مافيش خدمة مافيهاش باب ضيّق لكن مع الضيقات فيه يد الله التي تنجي و تنجح الخدمة
5- لازم أي خادم شاطر يسيب مكانه حد يكمل خدمته عشان الخدمة ماتقفش على شخص واحد زي بولس و برنابا لما عملوا مع المدن اللي بشّروا فيها لما رسموا لهم قسوس و هم راجعين أنطاكية.
المزيد
03 يوليو 2024
صوم الرسل
أيام قليلة تفصلنا عن انتهاء صوم الرسل، وصوم الرسل من الأصوام التي أشار اليها السيد المسيح قائلآ “ولكن حينما يرفع عنهم العريس حينئذ يصومون”لا يستهن أحد بصوم أباءنا ، فهو أقدم صوم الرسل عرفته الكنيسة المسيحية فى كل أجيالها واشار إليه السيد بقوله “ولكن حينما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون” وصام الآباء الرسل ، كبداية لخدمتهم ، فالرب نفسه بدأ خدمته بالصوم ، أربعين يوماً على الجبل . صوم الرسل إذن ، هو صوم خاص بالخدمة والكنيسة، قيل عن معلمنا بطرس الرسول إنه صام إلـى أن “جاع كثيراً واشتهى أن يأكـل ” (أع10:10) فى جوعه رأى السماء مفتوحة، ورأى رؤيا عن قبول الأمم ،وكما كان صومهم مصحوباً بالرؤى والتوجيه الإلهى ، كان مصحوبا أيضاً بعمل الروح القدس وحلوله، ويقول الكتاب: “وبينما هم يخدمون الرب ويصومون ، قال الروح القدس إفرزوا لى برنابا وشاول للعمل الذى دعوتهما إليه.فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى ، ثم أطلقوهما فهذان إذ أرسلا من الروح القدس،انحدرا إلى سلوكية”(أع13: 2-4) تميز صوم آبائنا الرسل بعدة أمور هامة منها: الصوم، والصلاة والخدمة، وعمل الروح القدس، ويسرنا أن يعمل الروح القدس خلال الصوم وأن تأتى الدعوة الإلهية خلال الصوم، وان تتم سيامة الخدام أثناء الصوم أيضاً ، وأن يبدأ الخدام بالصوم ، قبل البدء بالخدمة.هناك أصوام خاصة بالتوبة ، مثل صوم أهل نينوى، ومثل أصوام التذلل التى تكلم عنها سفر يوئيل . وأصوام أخرى خاصة بطلبة معينة، مثل صوم أستير ، وأصوام لإخراج الشياطين، كما قال الرب إن هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة والصوم هناك أصوام نصومها قبل كل نعمة نتلقاها من الرب، كالأصوام التى تسبق الأسرار المقدسة كالمعمودية والميرون والتناول والكهنوت. أما صوم الرسل فهو من أجل الخدمة والكنيسة على الأقل لكى نتعلم لزوم الصوم للخدمة ، ونفعه لها نصوم لكى يتدخل الله فى الخدمة ويعينها . ونصوم لكى نخدم ونحن فى حالة روحية . ونصوم شاعرين بضعفنا… كم اشتهينا مجئ هذا الصوم ، خلال الخمسين المقدسة.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
02 يوليو 2024
القديس بولس الرسول ج2
القديس بولس مدرسة الفضائل ..
عاش القديس بولس حياته يجاهد ويعمل ويعلم حياة المحبة والإيمان والرجاء والجهاد الروحي كمدرسة للفضائل كما تسلمها من الرب يسوع إذ يقول لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضاً (1كو 11: 23) وكانت تعاليمه بنفس روح تعاليم السيد المسيح فمن المخلص وبوحى روحه تعلمها وكان أميناً فى تسليمها { إذ يقول لذلك انت بلا عذر ايها الانسان كل من يدين. لانك في ما تدين غيرك تحكم على نفسك} (رو 2: 1) والتى تقابل {لا تدينوا لكي لا تدانوا. لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون . وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم }(مت 7: 1، 2). ويقول {لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون. ولكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون }(رو 8: 13). و التى نجد مقابلها من تعاليم السيد {فان من اراد ان يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من اجلي يجدها} (مت 16: 25). { لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضا ان الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزا. وشكر فكسر وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لاجلكم اصنعوا هذا لذكري.كذلك الكاس ايضا بعدما تعشوا قائلا هذه الكاس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري.فانكم كلما اكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكاس تخبرون بموت الرب الى ان يجيء} (اكو23:11-26). لقد كتب القديس بولس الرسول 109 إصحاحاً فى 14 رسالة شاهداً ومفصلاً لكلمة الله المقدس.باستقامة ، وما تسلمه من الرب سلمه لمن أمنوا علي يديه لاسيما لتلاميذه الذين اوصاهم بان ان يكونوا أمناء فى تسليم شعلة الإيمان للآخرين { و ما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا }(2تي 2 : 2).
كان القديس بولس قلباً ملتهباً بمحبة الله { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف. كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. و لكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت و لا حياة و لا ملائكة و لا رؤساء و لا قوات و لا امور حاضرة و لا مستقبلة.و لا علو و لا عمق و لا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} (رو 35:8-39). كما قدم حياته قربانا لله الذى أحبه ومنذ ان تقابل مع الرب فى الطريق الى دمشق والى ان قدم دمه الطاهر شهادة لإيمانه وكانت حياته صلاة وحب لله كما جاهد الجهاد الحسن لنشر الإيمان ولبناء كنيسة الله { متضرعا دائما في صلواتي عسى الان ان يتيسر لي مرة بمشيئة الله ان اتي اليكم} (رو 1 : 10). { نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين اياكم في صلواتنا} (1تس 1 : 2). ولهذا طلب منا كما تعلم من سيده ان نصلى ولا نمل { صلوا بلا انقطاع }(1تس 5 : 17) . { فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1).
استجاب القديس بولس لدعوة الله له منذ دعاه الى أن أستشهد في غيرة وجهاد لنشر الإيمان المسيحي تحقيقا لدعوة الله المقدسة له { فقلت انا من انت يا سيد فقال انا يسوع الذي انت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما وشاهدا بما رايت وبما ساظهر لك به. منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم.لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا و نصيبا مع المقدسين}( أع 15:26-18). ودعانا للثبات فى الإيمان { اسهروا اثبتوا في الايمان كونوا رجالا تقووا }(1كو 16 : 13). { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20). وطلب منا حياة الفضيلة والنمو الروحي سعيا في طريق الكمال {الى ان ننتهي جميعنا الى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله الى انسان كامل الى قياس قامة ملء المسيح }(اف 4 : 13) ويدعونا ايضا للجهاد الروحي حاملين ترس الإيمان {حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة }(اف 6 : 16).
انه رجل الغيرة الملتهبة من أجل خلاص البعيدين والقريبين ومن غيرته على خلاصنا يقول { فإني أغار عليكم غيرة الله ، لانى خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح . ولاكننى أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التى للمسيح} (2كو2:11-3).ومن أجل غيرته على خلاص بني جنسه يقول { فإنى كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل أخوتى وانسبائي حسب الجسد} (رو 3:9). وأحتمل فى غيرة وانكار لذاته وباتضاع قلب { وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل اجمعين. و اخر الكل كانه للسقط ظهر لي انا.لاني اصغر الرسل انا الذي لست اهلا لان ادعى رسولا لاني اضطهدت كنيسة الله. ولكن بنعمة الله انا ما انا ونعمته المعطاة لي لم تكن باطلة بل انا تعبت اكثر منهم جميعهم ولكن لا انا بل نعمة الله التي معي. فسواء انا ام اولئك هكذا نكرز وهكذا امنتم} 1كو 7:15-11).
لخص القديس بولس حياته بانه جاهد الجهاد الحسن وأكل السعي وحفظ الإيمان منتظر آكليل البر من الديان العادل فيقول لتلميذه تيموثاوس { اناشدك اذا امام الله والرب يسوع المسيح العتيد ان يدين الاحياء والاموات عند ظهوره وملكوته. اكرز بالكلمة اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب وبخ انتهر عظ بكل اناة وتعليم.لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم. فيصرفون مسامعهم عن الحق و ينحرفون الى الخرافات.واما انت فاصح في كل شيء احتمل المشقات اعمل عمل المبشر تمم خدمتك. فاني انا الان اسكب سكيبا ووقت انحلالي قد حضر. قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} (2تي 1:4-8).
أذكروا مرشديكم ..
اليك يا الهنا الصالح نقدم الشكر والتسبيح على نعمة الإيمان التى تسلمناها من أبائنا الرسل القديسين ومن بينهم قديسنا وكارزنا القديس بولس الرسول شاكرين محبته وذاكرين اتعابه من أجل نشر الإيمان . وكما علمنا هذا الكاروز العظيم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). فاننا ننظر الى نهاية سيرته الطاهرة ونتمثل بإيمانه وغيرة وجهاده ومحبته .
السلام لك يا رسول الجهاد ومدرسة الفضائل ، ايها الكارز بالأيمان الأقدس الذى دعوتنا اليه . داعيا ايانا ان نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحتة النور ونجاهد الجهاد الحسن من أجل الرجاء الموضوع أمامنا ناظرين الى رئيس الإيمان ومكمله . السلام لك يا ابانا القديس يا من لم يفتر بدموع ان ينذر كل أحد لكى نسلك بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء ، مفتدين الوقت فى هذه الأيام الشريرة.
السلام لك يا معلمنا اسلحة الحرب الروحية لننتصر على محاربات الشيطان { اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس.فان مصارعتنا ليست مع دم و لحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا.فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق و لابسين درع البر. و حاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام.حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. و خذوا خوذة الخلاص و سيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة و طلبة لاجل جميع القديسين} أف 10:10-18.
السلام لك ايها الرسول الذى دعانا الى حياة المحبة والايمان والرجاء { المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ.ولا تقبح و لا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء.ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق. وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء.المحبة لا تسقط ابدا ، اما الان فيثبت الايمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة ولكن اعظمهن المحبة} (1كو 4:13-8،13). أطلب من الرب عنا ايها الرسول القديس بولس الرسول ان يقوى إيماننا ويلهب قلوبنا بالمحبة ويملأ حياتنا بالرجاء ويغفر لنا خطايانا.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
01 يوليو 2024
مع الآباء الرسل القديسين القديس بطرس، رسول الرجاء (1)
سمعان بطرس الرسول
القديس بطرس الرسول هو سمعان بن يونا وهو أخو أندراوس وكانت مهنته صيد السمك، من بيت صيدا على ساحل بحيرة طبرية. أصبح هو وأخوه أندراوس من تلاميذ يوحنا المعمدان لفترة قبل أن يتعرف على السيد المسيح وتتلمذ على يديه ويترك كل شئ ويتبعه. تعرف علي السيد المسيح فى وقت مبكر لخدمة المخلص الجهارية عقب العماد عن طريق أخيه أندراوس الرسول {هذا وجد أخاه سمعان. فقال له قد وجدنا مسيا الذي تفسيره المسيح. فجاء به إلى يسوع. فنظر إليه يسوع وقال: أنت سمعان بن يونا. أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس } (يو 1: 40 – 42). وأصبح سمعان بطرس أول إسم في الإثنى عشر لكبر سنه عن بقية التلاميذ ، بل وأصبح أحد ثلاثة مقربين جداً من السيد المسيح وهم بطرس ويعقوب ويوحنا، الذين أخذهم إلى جبل التجلي أضاء وجهه أمامهم كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور ورأوا معه موسى وإيليا يتكلمان معه، وأخذه الرب معه في إقامة ابنة يايرس من الموت. وفي ذلك يقول إنجيل مرقس { ولم يدع أحداً يتبعه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب }(مت 37:26). ولذلك فإن بولس الرسول يعتبره أحد الأعمدة الثلاثة في الكنيسة أيام الرسل{ فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون أنهم أعمدة، أعطوني وبرنابا يمين الشركة. لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان} (غل 9:2).
كان القديس بطرس الرسول يحب السيد المسيح جداً. ويحب كلامه وتعليمه. ولذلك لما رجع بعض التلاميذ إلى الوراء سأل الرب بقية التلاميذ{ ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا ؟! أجابه سمعان بطرس "يارب، إلى من نذهب ؟! كلام الحياة الأبدية عندك{ (يو 66:6-68) . وليلة خميس العهد لما قال الرب لتلاميذه { كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة } فأجاب بطرس باندفاعه المعروف { وإن شك فيك الجميع، فأنا لا أشك أبدا. ولو اضطررت أن أموت معك، لا أتركك} (مت31:26-35) { إني مستعد أن أمضي معك، حتى إلى السجن وإلى الموت} (لو 33:22) حقاً، إنه أنكره ثلاث مرات، ولكن عن ضعف، وليس عن عدم حب. بدليل أنه لما صاح الديك { خرج خارجاً، وبكى بكاءً مراً } (مت 75:26). وبدليل أنه أجاب الرب بعد القيامة { أنت يارب تعرف كل شيء. أنت تعلم أني أحبك } وقد قبل الرب توبته، وثبته في رسوليته وقال له { فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء قال نعم يا رب انت تعلم اني احبك قال له ارع خرافي }(يو 21 : 15).
وقد أظهر بطرس الرسول شجاعة كبيرة وجرأة بعد حلول الروح القدس. الإصحاحات الأولى من سفر أعمال الرسل تكاد تكون مركزة على خدمة الرسولين بطرس ويوحنا وعمل الروح القدس معهم. وتحكي لنا عما فعلاه في بناء الكنيسة الأولي ويكفي تأثير عظته في يوم الخمسين، التي جذبت إلى الإيمان حوالي ثلاثة آلاف رجل نخسوا في قلوبهم و تعمدوا (أع 2). كذلك عظته بعد شفاء الأعرج (أع 3)، ووقوفه أمام كل رؤساء اليهود وكهنتهم بكل شجاعة. وإظهار إيمانه بكل مجاهرة.
رسول الرجاء
حياة القديس بطرس الرسول شاهد حي على نعمة الله المغيرة والقادرة على تغيير رجل عادى من عامة الشعب بلا مؤهلات دراسية او منصب مرموق ، له أخطائه و تهوره واندفاعه وطيبة قلبه ، عندما سلم حياته للتلمذة على يد النجار الأعظم ، حوله إلى رسول ورابح النفوس ملكوت الله السماوي . انه شهادة حيه لعمل النعمة التى أنتشلته من الضعف والأنكار والحزن فى لحظات الضعف ليرده المخلص الذى طلب من الآب السماوي لكي لا يفنى إيمانه . لقد أختبر القديس بطرس قوة الرجاء الغافرة للخطايا من أجل هذا كتب يقول لنا {مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم . انتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الأخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح}( ابط 3:1-7). نعم إن القديس بطرس هو رسول الرجاء للخطاة والأمل لمن تعثروا فى الطريق، والإيمان لمن جاء عليه زمان ضعف وأنكر مخلصه، الرسول الداعي للقداسة لمن عاشوا فى وحل الخطية والمبشر بالإيمان والثقة بالله لكل نفس بشرية تعرضت للفشل والإحباط مراراً كثيرة .
صياد السمك يتكل على الله وتتغير من حوله الظروف الجوية ويكتسب رزقه يوما بيوم ولا يملك الا القليل. وقد ترك حتى القليل الذي يملكه ليخدم ويتتلمذ على المعلم الصالح، وربح نفسه والجوهرة الكثيرة الثمن "الإيمان " الذى يصنع المعجزات ويقيم الأموات ويجعل الجاهل حكيم والخاطئ قديس. كما رأينا فى حديثه مع الشحاذ الأعرج المقعد عند باب الجميل {فتفرس فيه بطرس مع يوحنا وقال انظر إلينا، فلا حظهما منتظرًا أن يأخذ منهما شيء}(أع 3: 4). لقد قدم له الشيء الذي لا يملكه آخر، وهو أعظم شيء يمكن أن يقدم للإنسان البائس على الأرض {فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فإياه أعطيك. باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش. وامسكه بيده اليمنى وأقامه ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي ودخل معهما الهيكل وهو يمشي ويطفر ويسبح الله} (أع 3: 6-8) كان اسم المسيح عند بطرس أعظم وأجل وأمجد من كل كنوز العالم، وقد قدمه للرجل المريض فشفاه، وأعطاه الرجاء في حياة حرة كريمة نافعة. وأعطاه أكثر من ذلك إيمانًا قويًا بسر الحياة في الاسم العجيب المبارك اسم المسيح. وما أحوج العالم اليوم إلى السيد المسيح الذى يشفى مرضه وعجزه وحاجته وضعف إيمانه بالله.
+ كان بطرس ممتلئ من العواطف البشرية ويعلن عنها في مواقف حياته ولا يخبئها ، أليس هو الصارخ في إحدى المناسبات {أخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطيء}(لو 5: 8) وفي قيصرية فيلبس عندما تكلم السيد المسيح عن آلامه وصلبه {فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً حاشاك يارب لا يكون لك هذا} (مت 16: 22). بل قال {إني أضع نفسي عنك} (يو 13: 37). وعندما خرج في تلك الليلة الرهيبة يوم ان أنكر معرفته بسيده {بكي بكاء مرًا} (لو 22: 62). وأكثر من ذلك كان يملك قوة إرادة هائلة، لقد ترك كل شيء ليتبع المسيح، وترك القارب ليمشي إليه على الماء ، وتجرأ على أن يحتج على المسيح علنًا، وجرد سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة ، أنه كالفحم الهش الذي يسهل أن تتفكك عناصره لكن بقوة الضغط والحرارة عليه ومع الزمن يتحول إلى الماس الصلب الصلد الثمين، والذي يعتبر من أقوى العناصر تماسكًا وصلابة. وقد أمكن للإنسان على هذا الأساس أن يصنع الماس الصناعى من الفحم الأسود! وإن كان الأمر في الطبيعة هكذا ، فإن نعمة الله الغنية التي للفخاري العظيم، غيرت سمعان الي بطرس الرسول وتغيير من وعائنا الفاسد ليعيد الله صنعه من جديد اناءاَ الكرامة والمجد عندما يخضع لعمل محبة الله الآب ونعمة الإبن الوحيد ونعمة الروح القدس.
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
30 يونيو 2024
وصاياه ليست ثقيلة - الأحد الرابع من بؤونة
من إنجيل معلمنا لوقا البشير بركاته على جميعنا آمين ﴿ أحبوا أعداءكم أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ﴾ ( لو 6 : 27 – 28 ) هذه الآيات هي جزء من التعاليم التي قالها ربنا يسوع في الموعظة على الجبل وربما تجد أن هذه التعاليم تصطدم مع العقل البشري وقد أيضاً تصطدم مع الذات البشرية ولو بحثنا في كل الأديان لا نجد مثل هذه التعاليم أبداً ولذلك فكثير من الذين قرأوا هذه التعاليم شعروا أنهم أمام طريق يصلهم إلى الله فالموعظة على الجبل إلى الآن تعاليمها تجذب الكثير من النفوس البعيدة عن الله لأنها تعاليم جديدة وغريبة عليهم لأن هذه التعاليم لا تخاطب الإنسان العتيق ولكنها تخاطب الإنسان الجديد فهي تعاليم فريدة في معانيها وأحياناً عندما نقرأ هذا الكلام قد نقول أن هذه الوصايا ثقيلة علينا فكيف نحب الناس الذين لا يحبوننا ؟ وسنتحدث في ثلاث نقاط هامة :-
1- أهمية تنفيذ الوصية :-
في الجزء السابق يقول ربنا يسوع أن نحب أعداءنا ونُحسن إلى مبغضينا وأن نبارك لاعنينا ولابد أن نلاحظ الفرق بين العدو والمُبغض واللاعن لأن العدو يعتبر أقل وطأة من المُبغض فقد نستطيع أن نسمي الإنسان الذي يكون ضدي على أنه عدو ولكن الذي يُبغض أي أنه يكره بشدة والذي يلعن يعني أنه لا يُبغض فقط بل يعبر عن هذه البغضة ولذلك نجد أن هناك ثلاث درجات :-
أ - العدو
ب- المُبغض
ت- اللاعن
ولكن كل ما تزداد عداوة أي إنسان ليَّ كل ما أزداد في محبتي له وأيضاً الذي يبغضني من داخل قلبه فعليَّ أن أُحسن إليه وهذا يعني أن لا أحبه فقط بل أُحسن إليه من كل قلبي وأيضاً أعطيه أي شئ وبذلك يعتبر الحب الذي أقدمه هو حب إيجابي فهو يصل إلى درجة أن الإنسان الذي يلعني أباركه .
فهناك جانبين الجانب الأول يبدأ من العدو الذي لا يحبني إلى الذي يلعني والجانب الآخر يبدأ بالحب وينتهي بالمباركة ولكن من يستطيع أن ينفذ هذا الكلام ؟ فالعقل البشري يصطدم بالوصايا لأنه إذا قرأ الإنسان الوصية خارج إطار المسيح فسيُصدم بها وعندما يقرأ الوصية خارج الروح القدس الذي يستطيع أن ينفذ الوصية داخله فسيصاب باليأس والإحباط والعجز وفي هذه الحالة تظهر الوصية على أنها كلام صعب .. ولهذا يقول القديس أنطونيوس ﴿ أن وصاياه ليست ثقيلة بل نور حقيقي وسرور أبدي لكل من أكمل طاعتها ﴾ وعندما ينفذ الإنسان الوصايا يبدأ يتعلم طريق جديد في حياته وهو أن لا ينظر إلى ما لنفسه بل إلى ما للآخر وابتدأ يعرف أن هناك طريق جديد في حياته مقاد بروح الله وروح القداسة ولهذا فإن وصايا المسيح لا نستطيع أن ندركها أو نحياها إلا بالمسيح ولكن خارج المسيح يشعر الإنسان بالعجز والفشل فكيف يستطيع أن يحب الذي يكرهه ثم يحسن إليه ويباركه ؟!! وكلمة * المباركة * هنا تعني * الله يباركك * ولكن الإنسان في المسيح يسوع يستطيع أن ينفذ الوصايا ولهذا يقول رب المجد ﴿ ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً وكل من سألك فأعطه ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه ﴾ ( لو 6 : 29 – 30 ) وهذا الكلام لا يستطيع أن يفهمه إلا الإنسان الجديد أي الإنسان الثابت في المسيح يسوع فأنت لا تقدر أن تأخذ قوة فعل الوصية إلا بالمسيح يسوع وفي هذه الحالة تستطيع أن تقول ﴿ أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقويني ﴾ ( في 4 : 13) فالله هو القادر أن يعلمك ويرشدك ويقودك إلى كل الحق وهنا يأتي سؤال هام وهو كيف يطبق الإنسان الوصايا ؟ وكيف يقيس نفسه على الوصية ؟ فكل ما على الإنسان أن يدخل داخل الوصية وأن يأخذ قوتها فكل وصية لها قوة مختفية ورائها وهناك بعض من الأفعال التي تظهر أنها مستحيلة ولكن الله يعطي للمشتاق والذي يطلب ويعطي للإنسان الذي قلبه يتحرك بفعل الوصية فالإنسان عندما يعيش الوصايا يبدأ يتغير ويصير هو نفسه آية ويصير هو نفسه إنجيلاً ويُصبح رسالة المسيح المقرؤة وترى الناس فيه صورة لم تراها من قبل لأنها ترى فيه الإنجيل العملي والوصايا المشروحة ويروا المسيح الذي يجول يصنع خيراً ويُبارك كل من يلعنه فالمسيح ليس قصة إنتهت أو أن المسيح جاء لزمن ما وانتهى ولكن المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد( عب 13 : 8 ) إن وصية المسيح باقية إلى الأبد لأنها وصية لم تُكتب لزمنٍ ما أو لفئة معينة بل كُتبت لكل من استنار عقله وقلبه بعمل الروح ومن هنا يستطيع الإنسان أن يتخطى نفسه ويصبح فيه قوة جديدة داخل حياته تعمل فيه وبذلك يستطيع أن ينفذ الوصايا ولكن كل ما يعيش الإنسان في دائرة ذاته ولا يخرج إلى دائرة المسيح فسيظل يعيش في عزلة .
2- مفهوم الآخر في المسيح يسوع :
نجد أن جماعة الفلاسفة والملحدين الذين ينكرون وجود الله يقولون أن الآخر هو الجحيم لأن الآخر هو الذي يأخذ الأشياء التي تخصني وهناك قصة ذكرها أحد الملحدين يقول فيها أن الإنسان الأول وُجد في الفردوس ثم بدأ يصف الإنسان وهو يعيش في الفردوس في حالة من الفرح والشكر لله ثم بعد ذلك جاء ملاك ومعه شخص آخر فبدأ في تقاسم المكان بينهما ثم بعد ذلك جاء الملاك وأحضر شخص آخر وهكذا إلى أن إزداد عددهم وابتدأ يحصل بينهم مشاجرة ومن هنا جاءت فكرة أن الجحيم هو الآخر ولكن في المسيح يسوع الآخر هو المسيح والآخر هو الذي أحبه وأعطيه وأقدمه على نفسي والآخر هو الذي أعيش معه الوصية وهو الذي يوصلني للملكوت فالآخر في المسيح يسوع هو الملكوت في حين يقول الفلاسفة أن الآخر هو الجحيم والذي يوافق على هذا الرأي هو الإنسان الأناني والمنعزل فوصايا المسيح تخرجك خارج أنانيتك وخارج نفسك وتجعلك تنفق نفسك من أجل الآخر وتقول﴿ أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ﴾ ( غل 2 : 20 ) وذلك لأن الذات لم تصبح المركز بل أصبح المسيح هو المركز وأيضاً يقول رب المجد ﴿ إن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضلٍ لكم ﴾ ( لو 6 : 32 ) لأن هذا يعتبر مستوى أناني لأن هذا الحب يكون متبادل وأيضاً يقول رب المجد ﴿ وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأي فضلٍ لكم فإن الخطاة أيضاً يقرضون الخطاة لكي يستردوا منهم المثل بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا وأقرضوا وأنتم لا ترجون شيئاً ﴾ ( لو 6 : 32 – 35 ) فاقرض وأنت لا تنتظر أن تأخذ شيئاً ومن هنا يصبح الإنسان لا يعيش للأرض ولا يعيش للأنانية أو لجمع المال لأن كل من يسأله يعطيه حتى ينفق كل أمواله ثم يوزع أيضاً الثوب والرداء لأن هذا الإنسان إبتدأ يخرج من دائرة نفسه ومن سلطان الأنا إلى سلطان المسيح فلكي يستطيع الإنسان أن ينفذ الوصية عليه أن يدخل داخل دائرة الروح وأن يدخل في شرِكة المسيح وفي حياة المسيح وفي أسراره وسيشعر أنه يبحث عن أي فرصة للعطاء ويشعر أن الإنسان الذي يعطيه هو الذي يعمل فيه معروف وليس العكس ولكن إذا بعد الإنسان عن المسيح فيشعر أنه لا يريد أن يرى الشخص الذي يعطيه بل ويشعر أنه يريد أن يهرب منه وذلك لأنه يعيش لنفسه وعندما يعيش الإنسان مع المسيح تُصبح الوصية خفيفة ونيره خفيف وحمله هين لأن الإنسان بدأ في تنفيذ الوصية بالمسيح وبالروح وبدأ يكون فيه جبروت أولاد الله ويستطيع أن يسيطر على مشاعره وعندما يتحد الإنسان الجديد بالمسيح يسوع يشعر أن هناك أشياء كثيرة تتغير داخله ويحدث له ثورة ويبدأ في الخروج من الأنانية ومن الذات وابتدأ يكون داخله روح القداسة وبذلك لا تصبح الوصية ثقيلة أو مُبالغ فيها ولكن مادام الإنسان بعيد عن دائرة المسيح تُصبح الوصية بالنسبة له مُبالغ فيها فالإنسان فيه قوة كبيرة ولكن عليه أن يكتشفها فأنت في المسيح يسوع فيك قوة كبيرة أنت مدعو إليها ولو ترك الإنسان مركز القوة الذي داخله وأصبح يعيش لنفسه فهو بذلك فقير ولكن إتحد بالمسيح وخذ منه القوة حتى تستطيع أن تعيش الوصايا فالإنسان في المسيح يسوع يقدر أن يغلب العدو ويغلب ذاته وشهواته ويغلب العالم ويقف ضد العالم لأن المسيح داخله فالله هو الذي يعطي له حياة ويجعله يرتفع فوق صغائر كثيرة جداً فالإنسان العادي قد يتشاجر على ماديات أو يتصارع على أشياء ولكن الذي إقتنى المسيح فهو إقتنى جوهرة غالية الثمن فالإنسان عندما يجد شئ غالي فإن كل الأشياء الأخرى تبدو له تافهة وصغيرة فكل ما الإنسان يصعد إلى أعلى كل ما تبدو الأشياء التي تحته صغيرة مثل سن الدبوس وعندما نصعد إلى فوق سنجد أن كل الأشياء التي نتمسك بها ما هي إلا أشياء صغيرة والكنيسة تحتفل بعيد القديس العظيم الأنبا موسى الأسود فإذا قرأ الإنسان قصته خارج دائرة المسيح يجدها أنها مستحيلة فكيف إنسان يصل إلى هذه الدرجة من الشر ثم بعد ذلك يتوب ؟!! ولم يتب يوم أو إثنين بل إنه تاب مدى حياته ثم بعد ذلك يتقدس ويُصبح راهب ومرشد ورئيس جماعة ويُحكى أن الرهبان أرادوا أن يكون القديس موسى الأسود قس وكلمة * قس * ليست مجرد رتبة ولكن تعني * مدبر * فقد يوجد آلاف الرهبان ولكن يوجد قس واحد أي كاهن واحد هو الذي يأخذ الإعترافات وهنا نجد التحول الذي حدث في حياة الأنبا موسى الأسود من شرير وفاسق وقاتل إلى راهب ومن شدة نسكه وفضائله ذاع صيته لدرجة أن الرهبان أرادوا أن يكون الأنبا موسى مرشد لهم فأخذوه إلى البطريرك ليرسمه كاهن وكلمة * قس القلالي * تعني أنه الشخص الوحيد الذي أخذ الرتبة التي تسمح له بأخذ الإعترافات فالراهب في العصور الأولى يعتبر راهب فقط ولا يُصبح كاهن إلا إذا أصبح مدبر لجماعة الرهبان فالتحول الذي حدث للأنبا موسى الأسود ما هو إلا نعمة الله الغزيرة القادرة أن تحول فكل ما فعله الأنبا موسى أنه إتحد بالمسيح واختفى داخله فذاب شره داخله وانتقل بر المسيح له وأصبح فيه حرية مجد أولاد الله وفيه سلطان المسيح وفيه قوة المسيح .
3- كيفية تنفيذ الوصية :
إن الله قادر أن يغير قلبك ويحولك من إنسان يعيش تحت نير خطايا ثقيلة إلى قديس ويحولك إلى إنسان مرشد وإلى إنسان يشتهي الإستشهاد وهذا ما حدث مع الأنبا موسى الأسود فالمسيح قادر أن يغيرنا ولكن كل ما علينا أن نخضع للنعمة وأن نترك أنفسنا لعمل الله فهي التي تشكلنا من جديد فالوصية تعطي للإنسان قوة وتغيره ويُصبح فيه إمكانيات جبارة ويهزم العدو بالرغم من أن العدو له سلطان وشرس جداً على كل من ترك الوصايا وكل من خرج من دائرة قوة الله ولكن الإنسان المسيحي متسلح بسلاح قوي جداً وهو إسم المسيح وأيضاً متسلح بقوة الوصايا فالإنسان المسيحي يأخذ جسد ودم ربنا يسوع فأنت مدعو إلى حياة النصرة وعندما نترك مصادر قوتنا فإن العدو يسخر بنا ويلهو بنا إلى درجة أنه يُعير إلهنا ويقول * هؤلاء هم أولادك * ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم ﴿ أنه يتعجب على إبن الأكابر الذي يقف على رؤوس الشوارع ليسأل لقمة وهو يملك في نفسه مفاتيح مخازن الحياة ﴾ أنت داخلك كنز فالمسيح داخلك ولكي تستطيع أن تنفذ وصية فعليك أن تقترب إلى آية وتتودد إليها وتطلب أن تعمل في حياتك وتطلبها طوال النهار وأيضاً يستطيع الإنسان أن يطلب فضيلة مثل العفة أو يطلب أن يكون متسامح أو يطلب العطاء أو روح الصلاة أو المحبة فاطلب فضيلة أو وصية تكون بعيدة عنك تماماً وترى أنها تكاد تكون مستحيلة بالنسبة لك وسلم نفسك لعمل نعمة الله فهي تشكلك وتبنيك وتعطيك ما لم تصدقه والناس ترى هذا التغير الذي حدث داخلك ويتعجبوا !!
لقد كان آباؤنا الرسل يكرزوا في أماكن وصل الشر فيها إلى درجة عالية وملك فيها إلى درجة أن عبادات الزنا كانت متاحة والطرق التي كانت تتم فيها السرقة والسُكر والخلاعة منتشرة ومعلمنا بولس الرسول كان يكرز لهؤلاء الناس الذين كانوا يشتغلوا بمثل هذه الأمور ولقد قال عن هذه الأمور أن ذكرها قبيح ( أف 5 : 12) ونجد أن هذه الناس تغيرت وتابت وتقدست وأصبحت الناس تتعجب لأن الشر له سلطان فما الذي يجعل هذه الناس تتغير ؟ ولهذا يقول ﴿ الأمر الذي فيه يستغربون أنكم لستم تركضون معهم إلى فيض هذه الخلاعة عينها مجدفين ﴾ ( 1بط 4 : 4 ) لقد إستغربوا كيف هؤلاء الناس الذين كانوا معهم في الشر وفي الأعمال القبيحة إستطاعوا أن يتوبوا عن هذه الأفعال ؟!! فكيف يستطيع إنسان أن يدخل في دائرة هذه الأشياء ويتوب عنها ؟ ولكن نعمة الله الغزيرة تحول الإنسان من إنسان أناني إلى إنسان معطي ومن إنسان عدواني إلى إنسان يبارك الذي يلعنه فنرى كيف كان الأنبا موسى الأسود إنسان شرير وشرس ويقتل بلا سبب ثم ابتدأ يرحم بلا سبب !! وإذا سألته يقول لك أن نعمة الله قد إفتقدته لقد ذاق حلاوة الله وذاق قوته في حياته فهو لا يريد أن يتذكر هذا الشر كل هذا نتيجة عمل المسيح فعندما يدخل الإنسان داخل دائرة المسيح فالمسيح قادر أن يغيره وقادر أن يعطي له نعمة وأن يقدس كل كيانه ويُصبح إنسان محب للصلاة ومحب للعبادة وللتسامح وهذا هو انتصار الروح داخل الإنسان وهذا هو التغيير الذي يدعونا إليه ربنا يسوع فهو يريد أن لا تتحول فقط من إنسان شرير إلى إنسان صالح بل إنسان على صورة الله إنسان يحمل الله داخله إنسان يمجد الله بكل أعماله فقط كل ما على الإنسان أن يصلي بأمانة ويطلب النعمة لكي يستطيع أن ينفذ الوصية ومن الجميل أن كل الوصايا تؤدي إلى بعض فمثلاً عندما يطلب الإنسان الطهارة تجد أنه يتعلم هذه الفضيلة وتأتي إليه فضيلة أخرى مثل الوداعة ثم العفة ثم المحبة فالوصايا كلها لها قانون واحد وقاعدة واحدة وكل هذا لأنك دخلت داخل دائرة المسيح ومن المؤسف أن يكون الإنسان غني ويشعر أنه فقير أو تكون القوة متاحة له ويشعر أنه ضعيف فالقديس الأنبا موسى سُميَ * بالقوي * لأنه قوي في توبته وفي ثباته وفي عزيمته فلا تظن أنك إذا أردت أن تعيش في طريق الله أنك ستجد كل الأمور سهلة ولكن الحروب ستستمر ولقد ظل الأنبا موسى يصارع ولكن بثبات وقوة وظل يحارب لدرجة أنه كان من الممكن أن يذهب إلى أب إعترافه عشرات المرات يشكو نفسه ويشكو عدوه ويفضح ذاته لأنه إنسان وضع في قلبه أنه مهما العدو أغواه فإنه لن يرجع مرة أخرى وهذا هو الثبات المدعوين له نحن أيضاً ففي المسيح يسوع هناك قوة كبيرة تنتظرك وربنا يسوع هو معطي الصالحات وهو كنز الصالحات الذي يعطي لأولاده كل قوة وكل خير فالله يريد أن ينقلنا من إنسان يسلك حسب الجسد إلى إنسان روحي ومن إنسان مهزوم إلى إنسان غالب ولكن كل ما عليك أن تدخل داخل دائرته وأن تحتمي فيه وأن تطلب إسمه باستمرار وأن تتودد إلى الوصية لكي ما تأخذ قوة من فعلها ولكي ما تخترق حياتك وتمجد إلهك الذي أعطاك قوة ونعمة لتنفيذ الوصية ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولإلهنا المجد إلى الأبد آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
29 يونيو 2024
إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر باؤنه ( مت ٥ : ٣٤ - ٤٨ )
" وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تحلفوا البَتَّةَ، لا بالسماء لأنَّها كرسي الله ، ولا بالأرض لأَنَّها مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، ولا بأورشليم لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيم. ولا تحلف برأسك، لأنَّكَ لا تقدر أن تجعَلَ شَعرَةً وَاحِدَةً بَيضاء أو سوداء. " بل ليكن كلامُكُمْ : نَعَمْ نَعَمْ، لا لا. وما زادَ على ذلك فهو مِنَ الشَّرِّيرِ. سمعتُم أنَّهُ قيلَ : عَينٌ بعَينِ وسِن بسن. وسن بسن. وأما أنا فأقولُ لكُم: لا تُقاوموا الشَّرَّ، بل مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خدك الأيمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخر أيضًا. ومَنْ أَرادَ أنْ يُخاصِمَك ويأخُذَ ثوبَكَ فاترك له الرداء أيضًا. ومن سخَّرَكَ ميلاً واحِدًا فاذهب معه اثنين. مَنْ سألك فأعطهِ، ومَنْ أَرادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنكَ فَلا تَرُدَّهُ. سمعتُمْ أَنَّهُ قيلَ: تُحِبُّ قريبك وتُبغِضُ عَدوَّكَ وأما أنا فأقولُ لكُم: أحبوا أعداءكُمْ. باركوا لاعنيكُمْ.أحسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إِلَيْكُمْ ويطردونكُمْ ، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماواتِ، فَإِنَّهُ يُشرِقُ شَمسَهُ علَى الأشرار والصالحين، ويُمطِرُ على الأبرار والظَّالِمِينَ لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الذين يُحبونكم، فأي أجر لكم؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ ذلك؟ " وَإِنْ سلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فقط، فأي فضل تصنعون؟ أليس العشارون أيضًا يَفْعَلُونَ هكذا ؟ فكونوا أنتُمْ كاملين كما أنَّ أباكم الذي في السماوات هو كامل ".
ناموس المسيح
قيل للقدماء ... أما أنا فأقول لكم". الله لم يتغير ، ووصاياه وأحكام فمه هي هي. ولكن الذي يتغير هو الإنسان كان قبلاً عبدًا أما الآن فابن المسيح كان مرفوضًا أما الآن فمقبول ... كان ميتا أما الآن فحي بالمسيح ... كان قبلاً ظلمة أما الآن فنور في الرب. لذلك لم يعد ما قيل للقدماء وهم في حال العبودية يتناسب مع الأبناء المولودين ثانية الذين حررهم الابن فصاروا بالحقيقة أحرارًا. لم ينقض الرب الناموس، حاشا، بل أعطاه كماله ورفع قدر الوصية فصارت تتناسب مع الإنسان الجديد.
فإن كانت الوصية في العهد القديم تحكم على الإنسان وتدين انحراف إرادته وتظهر الخطية أنها خاطئة جدا، وتضع أمام الإنسان بشاعة الخطية ناهيه عنها مثل "لا تزن ... فإنسان العهد الجديد ليس فقط ينفر من الزني كخطية بشعة فهذه بديهية، ولكن حتى بذرة الخطية صارت مكروهة... فالدعوة الجديدة لتقديس النظر لأن الداخل مقدس وصار مسكنا لروح القداسة، فالوصية الجديدة جاءت من فم المسيح أن يتحذر الإنسان لنظره ويرفعه دائما نحو السماويات ولا يدع العدو الشرير يخدعه بخداع النظر
وتحويل القلب إلى الشهوات القديمة. الوصية الجديدة إيجابية تشجع على حياة الفضيلة ليس بالنهي عن الرذيلة بل بارتفاع الحياة في الفكر والقلب والنظر معًا . قيل للقدماء وهم محصورون في الجسد - أي جسدانيون - أما أنا فأقول لكم كروحيين.
القسم:
كان كلام الرب في القديم أن تحلف باسم الرب إلهك" لأن الأمم الذين كانوا حولهم كانوا يتعبدون لآلهة كثيرة غريبة - كلها شياطين وكانوا يتبارون في احتفالاتها ونجاساتها وبناء معابدها ونشر أسماءها، لذلك سمح الرب لشعبه أن يحلفوا باسمه، لإظهار اسمه بين الأمم ولكي يظهر أنهم ينتمون إليه تمييزا لهم عن الأمم وآلهة الأمم... أما وقد ظهر أنه ليس إله آخر في السماء وعلى الأرض إلا الآب والابن والروح القدس لذلك قال الرب "لا تحلفوا البتة".أما ما يدور بين الناس في المعاملات، ويتعود الناس على الحلف ليثبتوا كلامهم ويتدخلوا بالأقسام من أجل التصديق فهذا نهى عنه الرب تماما. وضع قانون الكلام لأولاده هكذا "ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا". وهذا مرجعه إلى الروح القدس الساكن فينا والناطق والعامل في حياتنا، مرشدنا إلى جميع الحق، وليس فيه كذب أو شبه ظل دوران ... فإن عشنا بالروح فإن من فضلة القلب والكنز الصالح كنز الروح القدس تخرج الصالحات على شفاهنا ... ويمتلئ لساننا سبحًا ... فلا مجال لكلام بطال ولا لأقسام... بل تصير النعم نعم واللا لا... موزونين بميزان
الحق. فإن عاش الإنسان بحسب هذا القانون فإن لغته تظهره أنه إنسان حق وصدق ولا يحتاج إن يبرهن على صدق كلامه لأن الروح نفسه يختم على صدق أقواله في ضمائر الناس جميعًا وصايا الكلام واللسان لا تعالج المظاهر إطلاقا بل تعني بالقلب لأن منه مخارج الحياة من فضلة القلب يتكلم الفم.لذلك يصير الأمر طبيعيًا كلما امتلأ الإنسان بروح النعمة والتضرعات وامتلأ من كلام الصلاة وكلام البركة وصار ينبوع قلبه عذبًا فمن أين يأتي ماء مر كقول يعقوب الرسول فلنجعل الينبوع الذي في الداخل، ينبع إلى حياة أبدية ونعطي للروح القدس أن يعمل فينا بلا مانع من إرادتنا أو عنادنا أو شهوات قلوبنا حينئذ يفيض كقول المزمور فاض قلبي بكلام صالح" فإن كان ثمة وصية للكلام وللسان كمثل باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" فهى تأتي طبيعية سهلة في حياة أولاد الله الذين امتلأت قلوبهم من نعمة الروح المعزي فلا مكان للعنة أو كلمة نابية أو إساءة إلى أحد، بل كل الكنز صار مباركًا فإن لزم الأمر أن أرد على شاتمي فمن ينبوع الروح القدس في قلبي أرد بالبركة فالفم الذي يُبـــــــارك لا يعرف اللعنة.
عين بعين وسن بسن
هذا ما قيل للإنسان البشري ... فإن حقق الإنسان ذلك يكون قد ارتفع عن الطبيعة الحيوانية التي تهاجم وتفترس وتبتدئ بالعدوان.أما وقد رفع المسيح من شأن الإنسان حتى دعي ابن الله. فلا يقاوم الشر... بل يغلب الشر.الذي يشتم فيشتم يصير هو والشاتم في ذات المستوى. الذي يشتم فيبارك يبرهن أنه ارتفع عن مستوى الشاتم إلى مستوى البركة ... الإنسان المسيحي لا يتاجر في الشر، ولا يقابل شرا بشر إن جاع عدوك أطعمه وإن عطش اسقه... هذا هو ناموس المسيح، ناموس الخير كل الخير ... يغلب الشر ويهزمه كما يغلب النور الظلام.إنه عمل كمثل إخراج الشياطين. لا يقدر شيطان أن يخرج شيطانا ، فالشتيمة لا تغلب الشتيمة، والغضب لا يغلب الغضب والبغضة لا تغلب البغضة. بل بروح الله نخرج الشياطين بروح الوداعة نغلب الغضب وبروح المحبة نغلب العداوة.المسيح بذل نفسه لأجل الخطاة. البار من أجل الأثمة
ليقربنا إلى الله ... هذا هو منهج الحياة في المسيح.فبذل الخد الآخر عمل إرادي لا يسلبه أحد منا عنوة أو يغصبنا عليه ... نحن نقدمه طواعية حبًا في الذي مات عنا. هكذا قدم الشهداء ذواتهم حتى ما كان غير مطلوب منهم فعلوه حبًا في المسيح... لقد صاروا أبعد من الوصايا، وتجاوزوا الميل الثاني والثالث لأن الحب الذي فيهم صار کنار لا تعرف حدود.إن الخضوع لوصايا المسيح وعدم مناقشتها يُظهر أننا أولاد الله، وهذه الوصايا عينها هي التي تفرزنا من العالم وتظهر للجميع أننا فعلاً لسنا من هذا العالم... ولأن أولاد الله مولودون من فوق لذلك فالوصايا جميعها فوقانية عالية أعلى من كل ما في العالم وحين نحيا الوصايا فإنها ترفعنا من مجد إلى مجد.بقي أن نقول للذين يستصعبون وصايا المسيح بحسب فكر العقل البشري إن وصاياه" ليست ثقيلة" هذه شهادة التلميذ الحبيب وأن نير المسيح هين وحمله خفيف"بحسب قول المسيح نفسه فلا تصدق عكس هذا الكلام، الأمر يحتاج إلى مجازفة وتنفيذ دون أن نحسب حسابات ويضعف إيماننا يسوع المسيح قال : الذي يحبني يحفظ وصاياي".
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد