المقالات

10 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر أمشير (يو ٦ : ١٥ - ٢١)

" وأَما يَسوعُ فإِذ عَلِمَ أنهُم مُزمِعون أن يأتوا ويَحْتَطِفوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انصَرَف أَيْضًا إِلَى الجَبَلِ وحده. ولمّا كانَ المساءُ نَزَلَ تلاميدُهُ إِلَى البحرِ، فَدَخَلُوا السفينة وكانوا يَذهَبونَ إِلَى عَبر البحر إلى كفرناحوم. وكانَ الظَّلامُ قد أقبل ، ولم يَكُنْ يَسوعُ قد أتى إليهِمْ. وهاج البحـر مـن ريـح عظيمةٍ تهب. " فَلَمّا كانوا قـد جَدَّفوا نحو خمس وعِشرين أو ثلاثينَ غَلَوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ ماشيًا على البحرِ مُقتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فخافوا. فقالَ لَهُمْ: أنا هو، لا تخافوا. "فرضوا أن يقبلوه في السَّفِينَةِ. وللوقتِ صارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها ". الشاطئ الآخر: في شهر أمشير تكثر الرياح التي تهب عنيفة، فشهر أمشير معروف لدى كافة أنه شهر الزوابع في كل أنحاء مصر. وإنجيل العشية يُشير إلى الرياح العظيمة التي هبت وهيجت البحر وداهمت سفينة الرسل الأطهار. ولكن المسيح أتاهم ماشيًا على الماء وحين رضوا أن يقبلوه. صارت السفينة إلى الشاطئ الآخر.عمل إعجازي فائق أن تصل هذه السفينة بسلام إلى الشاطئ الآخر حالما دخلها المسيح.الشاطئ الآخر بالنسبة للمسافرين في بحر هذا العالم. الأبدية... والوصول إلى الأبدية... إلى شاطئ الأمان حيث لا اضطراب ولا خوف ولا زوابع ولا ظلام... هو أمنية غالية على نفس الإنسان المسيحي. كل ما يشغل باله هو متى أصل بسلام إلى الشاطئ الآخر؟ مادامت السفينة في وسط الماء، وفي وسط البحر، فهى عرضة لهذه الأهوال وللرياح والأمواج.لا تأمن للبحر إذا صار هادئًا إلى زمان. فهدوء البحر لا يدوم. قد تمر أيام سلام بلا حروب وبلا اضطراب وكأن الحروب الروحية بطلت وكأن الشيطان قد أوقف نشاطه وكأن التجارب صارت بعيدة عنا !! إن كل هذا إلى حين. حينما جرب الشيطان السيد المسيح على جبل التجربة قيل: "فلما أكمل إبليس كل تجربة تركه إلى حين". ثم بعد ذلك عاود مناوشاته وحروبه حتى الصلب. ولما حارب موسى عماليق وكسره . قال: "للرب حرب مع عماليق من دور فدور". عادت الحرب وتعود طالما عماليق الروحي كائن. فإن هدأت مناوشات الجسد وحروبه إلى حين. فهل مات الجسد؟ وإن سكنت الأفكار المضادة والخيالات. فهل بطل الفكر أن يكون ؟ هكذا كان الآباء القديسون يقظون لا يعطون الأمان ولا يسلمون نفوسهم للتعاون بل كان انتباههم ووعيهم في حالة الصحو الدائم. وكانوا يقولون إلى أن تبلغ السفينة الشاطئ الآخر لا يجب أن ينام الملاحون ولا يتهاونوا لحظة لا أمان للبحر لأنه في لحظة تهيج الرياح وتنقلب أحوال البحر الهادئ فيصير صاخباً بالأمواج.جاء العدو المجرّب للقديس أنبا مقار وهو على فراش الموت يقول له: طوباك يا مقاره لقد غلبت" فقال له القديس وهو في يقظة الروح ولو أنه في انحلال الجسد، قال له: "لم أبلغ بعد إلى الشاطئ الآخر". القديس بولس الرسول أيضًا رغم ما صنع به الرب من العجائب ورغم ما تعب وكرز وشفى مرضى وأقام موتى، يقول: "الست أني قد نلت أو صرت كاملاً... ولكنـي أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام نحو جعالة دعوة الله"، والجعالة هى الملكوت ... فإلى أن يصل إلى الشاطئ الآخر يظل يسعى ويمتد ويجاهد... حتى يأخذ إكليله.يُخطئ الذين يمدحون أحدًا وهو في وسط جهاده ولم يصل بعد إلى الشاطئ الآخر لأن كثيرين بعد أن قطعوا شوطًا كبيرًا من السير، انقلبت بهم الأحوال وانقلبوا إلـى سيطرة غير مرضية ولم يصلوا إلى الميناء. وانكسرت سفنهم في وسط البحر. كثيرون من الذين كنت أذكرهم لك أذكرهم الآن باكيًا وهم أعداء صليب المسيح". شيء محزن "ديماس قد تركني لأنه أحب العالم الحاضر". فالعبرة دائما بالنهايات ... حين تصل السفينة إلى الشاطئ الآخر بسلام. كثيرون بدأوا بالروح ولكن أكملوا بالجسد. كنت مرة جالسًا مع أبينا عبد المسيح الحبشي الراهب المتوحد ، فسألني كيف الحال ؟ وكان كلامه للغة العربية وفهمه لها ضعيفًا ، قلت له أشكر الله، ففهم أنني أقول أشكر الله أنني وصلت أو أنني صرت كاملاً، فصار يضربني ويقول، حمد الله إيه؟ إيه شمشون؟ إيه نهاية؟ إيه أبو مقار؟. وكان أبونا بيشوي كامل جالسًا بجواري، وهو يعرفه تمامًا فقال له: أبونا بيقول حمدًا لله أنا خاطئ وضعيف!!. فهدأ الرجل وابتسم.لقد كان القديسون حريصين أن لا يثق الإنسان في شيء طالما هو مازال في الجسد . فهو عرضة للحروب وعرضة للسقوط "من هو قائم فلينظر لئلا يسقط". حتى القائم أي الذي يعيش في المستويات العالية بعيدًا عن الخطايا والأهواء فلينظر لئلا يسقط لأنه لا يوجد من هو فوق مستوى السقوط.فإن كان الإنسان يسهو أو يتغافل فإنه يسقط. آباء وأنبياء أخطأوا في لحظات ضعف أو رياح مفاجئة أو فخاخ الشياطين. فأين نحن من هؤلاء؟.فلنحذر من غدر البحر، وقسوة الرياح وتلاطم الأمواج ولا نأتمن الحياة في الجسد طالما نحن لم نصل إلى الشاطئ الآخر.وليكن معلومًا أن ضمان وصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هو المسيح فيها ، فبدونه لا خلاص ولا وصول ليس بأحد غيره الخلاص".ووصول السفينة إلى الشاطئ الآخر هكذا بسلام هو عمله الإعجازي لأن ليس في مقدور أحد - مهما بلغ من خبرة أو فن - أن ينجو من هياج بحر العالم وتلاطم أمواجه. فالخلاص ليس بالقوة ولا بالقدرة البشرية بل بنعمة المسيح وحده وهو الذي يحملنا إلى الأبدية بذراع قوية ويد ممدودة فلنسبحه ونمجده ونزيده علوا. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
09 فبراير 2024

وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا

نتأمل اليوم في الطلبة الثانية من طلبات قصيرة نصليها في القداس: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا".كتب معلمنا يعقوب الرسول: "مَن هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيَر أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةً وَتَحَزَّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلا تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ لَيْسَتْ هذه الْحِكْمَةُ نَازِلَةٌ مِنْ فَوْقَ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيسُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوْلَا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفْقَةٌ، مُدْعِنَةٌ، مَمْلُوةً رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحةً عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلَامِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلام" (يع ۳: ۱۳-۱۸). ما هي أكثر خطية تغضب قلب ربنا ؟ إن الخطية التي تحزن قلب الله هي خطية الانقسام، لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزبُ، هُنَاكَ التشويسُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ" حدث انقسام في مدينة كورنثوس فكتب لهم بولس الرسول: "وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلَا يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأَي وَاحِدٍ، لَأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ فَأَنَا أَعْنِي هَذَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: «أَنَا لِبُولُسَ»، و «أَنَا لأَبْلُوسَ»، و «أَنَا لِصَفَا» (بطرس الرسول)، و«أَنَا لِلْمَسِيح» (۱ کو ۱: ۱۰-۱۲).فوبخهم بولس الرسول بلطف قائلاً: "هَلْ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ ؟ (۱ کو ۱ :۱۳)، إذا كان المسيح واحدا يجب أن تكونوا جميعًا واحدًا. وحدانية القلب التي للمحبة افهم هذه الطلبة وصليها في البيت وفي الكنيسة: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا". ولكي تفهمها أكثر سأغير لك حرفًا واحدًا: "وحدانية القلب التي بالمحبة فلتتأصل فينا".هناك وحدانية مظهرية، وحدانية شكلية، وحدانية منافع ومصالح وحدانية مؤقتة إلخ، لكن الوحدانية الحقيقية هي وحدانية القلب التي بالمحبة لأن المحبة هي السبيل الوحيد للوحدانية. الخطية هي سبب الانفصال حينما دخلت الخطية إلى العالم بحسد إبليس سببت انفصال الإنسان عن الله، وعن أخيه الإنسان، وانفصال الشعوب.٠الخطية بكل أشكالها بما فيها شكل الانقسام هي السبب في الانفصال والانعزال بين الله والإنسان. عدو الخير دائما يريد أن ينقسم الشخص على ذاته، ينقسم البيت الواحد، والمجتمع الواحد،والكنيسة الواحدة، والعمل الواحد، لأن عدو الخير لا يعيش أبدًا في الوحدانية واعلم أن الخصام والانقسام يعطي فرصة لعدو الخير أن يسكن في المكان، وأن يدخل فيه روح الشر . وحدانية المحبة في مجمع الرسل بأورشليم في بداية المسيحية كان رأي البعض أنه لكي يصير الإنسان الوثني مسيحيًا لابد أن يتهود أولاً، وكان رأي البعض الآخر أن الأممي يصير مسيحيًا دون الحاجة للتهود. فقرر الأباء الرسل أن يجتمعوا معًا تكلم بولس الرسول، وبطرس الرسول، ويعقوب الرسول، كل منهم معبرًا عن وجهة نظره، وفي النهاية قالوا: "قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لَا نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ: أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا" (أع ٢٨:١٥-٢٩) تقرر عدم الاحتياج للتهود، وتم حل المشكلة.القديس باسيليوس الكبير قدم تشبيها جميلاً فقال: المسيحيون مثل الجزر، ولكن روح المحبة هو المحيط الذي يجمعهم، ولا شيء يفرقنا سوى العزلة التي نفرضها على أنفسنا. كيف يعيش الإنسان هذه الوحدانية وما علاماتها ؟ ١- الحكمة ذكرنا كلمات معلمنا يعقوب الرسول عن الحكمة. فلا سبيل للوحدانية إلا بالحكمة والكتاب يقول رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ" (مز ۱۱۱ :۱۰). إن أكثر شيء ينقص الناس اليوم هي الحكمة في التصرف في الكلام في الأسلوب. وكعلاج سريع اقرأ كل يوم إصحاح من سفر الأمثال. ٢- المحبة اثبت في محبة حقيقية صحيحة مستمرة من القلب، فالمحبة هي التي تثبت الوحدانية.يقول الكتاب: "حينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الْأَعْمَى الْأُخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ . فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوع وَقَالُوا: أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟ أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: هَذَا لَا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلَّا بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ. فَعَلِمَ يَسُوعُ أفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لَا يَتْبَتُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟" (مت ۱۲ :٢٢-٢٦).ليتكم تحفظون هذه العبارات التي قالها السيد المسيح نفسه.ويقول الكتاب: "تُشْتَم فَنُبَارك" (١ كو ٤ :١٢) الشتيمة يمكن أن تسبب الانقسام، لكن اثبت في محبتك وقل لشاتمك: "الله يباركك" فلا تعطي فرصة للانقسام وهذا ما علمنا إياه السيد المسيح انه أحبنا أولاً (١يو ١٩:٤) ٣- عمل الرحمة اثبت في عمل الرحمة اصنعها باستمرار. اجعل لك قلبا رحيما، لا قلبا قاسيًا. لقد فقدت راعوث ،زوجها، وهي في أرض غريبة وليس لها أولاد لكنها لم تفارق حماتها نعمى وصارت تصنع معها رحمة هل تعمل أنت كذلك؟ كل البشر يحتاجون إلى الرحمة وأكثر كلمة نصليها في الكنيسة هي: "يارب ارحم"طالبين من الله الرحمة لنا جميعا. ٤- الصلاة من أجل الآخرين صل حتى من أجل الذين يضايقونك، ويتعبونك، ويريدون أن يعملوا انقسامًا في حياتك. صلِ من أجل من يسيء إليك، فيعطيك الله نعمة ورحمة. واعرف أن الصلاة قادرة على صنع المعجزات. الوحدانية تتطلب دائما أن أصلي من أجل الآخرين من القلب. ٥- التواضع الوحدانية تحتاج إلى التواضع.أحيانا يشترط كل طرف أن يبدأ الطرف الآخر بالاعتذار، فيطول الخلاف بسبب العناد والكبرياء. وأمنا العذراء قالت: نزل الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ" (لو ٥٢:١).وفي العهد القديم نجد هامان وقد أضاعه کبر بازه اما مردخاي وأستير في تضاعهما حفظا وحدانية الأمة بأسرها.إن آخر درس قدمه السيد المسيح لتلاميذه هو إنه انحنى وغسل أرجلهم وكان هذا هو الدرس القمة في التواضع. 6- البعد عن الكبرياء قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ (أم ۱٦ :۱۸). أكثر شيء يكسر الوحدانية هي ذات الإنسان الـ ego ذاتك هي عدوك. واعلم أن القوي هو المتضع الذي يسامح ويغفر وينسى ويتقدم بالخطوة الأولى في الاعتذار. أما من يتفوقع حول ذاته فلا يقدر أن يعيش وسط الجماعة في وحدانية. الخلاصة يجب أن تكون حكيمًا من أجل أن تكون في هذه الوحدانية . تذكر أن أكثر خطية تغضب قلب الله هي الانقسامية إن الكلام عن الآخرين ونقل الكلام يسبب الانقسام، لذلك قال داود النبي: ضَعُ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفْمِي. بَابًا حَصِينًا لشَفَتَيْ" (مز ٣:١٤١) كلمة واحدة ممكن أن تشوه صورة شخص عندك وممكن أن تقسم المجتمع. الانقسام خطية شديدة تغضب قلب الله وتضيع البشر والأسرة والمجتمع والكنيسة.صل هذه الطلبة باستمرار وضعها شعارًا أمامك.وليعطنا المسيح أن نعيش هذه الوحدانية. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
08 فبراير 2024

أبا أبيللين

نسكه يحدثنا القديس جيروم عن راهب التقى به يدعى أبيللين Abba Apellen عُرف بنسكه الشديد، وأيضًا وُهب عمل المعجزات بطريقة خارقة من أجل بساطة قلبه.قال عنه أنه في مرات كثيرة إذ كان يتحدث مع الإخوة في بساطة عن صنع المعجزات بكونها أمرًا سهلاً بالنسبة لهم، كثيرًا ما كان يضع النار في حضنه ولا يحترق. وكان يقول لهم: "إن كنتم بالحق خدام الله اظهروا ذلك بالمعجزات العجيبة".عُرف بنسكه الشديد منذ صباه، أحيانًا متى كان في البرية وحده، تثور فيه شهوة أكل العسل فيجد عسل النحل على صخرة، لكنه كان يمتنع، قائلاً في نفسه: "ابتعدي عني أيتها الشهوة الشريرة، فقد كُتب: اسلكوا في الروح ولا تكملوا شهوة الجسد" (غلا 5: 16)، ويترك عسل النحل على الصخرة ويرحل.حدث مرة أن صام ثلاثة أسابيع في البرية، فوجد الفاكهة تحته، عندئذ قال: "لن أذقها ولا ألمسها لئلا أسيء إلى أخي أي إلى نفسي (أي يعثر جسده)، إذ هو مكتوب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (مت 4: 4)، وصام أسبوعًا آخر، ونام قليلاً ليرى في حلم ملاكًا يقول له: "قم وكلّ ما استطعت". عندئذ قام فوجد ينبوع ماء وخضراوات حوله أكثر مما كان يطلب، عندئذ شرب ماء وأكل أعشابًا خضر، وهو يقول: "لا أجد ما هو أحلى وأبهج من ذلك في أي مكان!". عندئذ وجد في ذلك الموضع كهفًا صغيرًا سكن فيه أيامًا قليلة بلا طعام، وإذ بدأ يشعر بالجوع ركع وصلى فوجد طعامه بجانبه: خبزًا ساخنًا وزيتونًا وفاكهة متنوعة. استخدامه لتيس قال أيضًا القديس جيروم أنه كان يفتقد الإخوة الذين كانوا يعيشون بالقرب منه في البرية من حين إلى آخر. في إحدى المرات كان مشتاقًا أن ينطلق إلى بريته، وأن يحمل بعض البركات الضرورية التي قدمها له الإخوة، وإذ كان سائرًا في الطريق وجد بعض التيوس تأكل فقال لهم: "باسم يسوع المسيح ليأتِ أحدكم ويحمل هذا الحمل"، وللحال جاءه تيس منهم، فوضع يديه على ظهره وجلس عليه، وسار به إلى مغارته في يوم واحد.في دفعة أخرى نشر الطوباوي خبزه في الشمس، وإذ جاءت الحيوانات المفترسة كالعادة تشرب من ينبوع الماء، فإن كل حيوان اقترب من الخبز مات. عبوره النيل على ظهر تمساح في مناسبة أخرى ذهب إلى جماعة رهبان في أول الأسبوع فوجدهم لا يتممون الأسرار المقدسة، فانتهرهم قائلاً: "لماذا لا تتممون الخدمة؟" أجابوا: "لأنه لم يأت إلينا كاهن من عبر النهر"، عندئذ قال لهم: "إني أذهب واستدعيه" أجابوه: "يستحيل أن يعبر شخص النهر من أجل عمقه ومن أجل التماسيح التي تقتل البشر". أما هو فذهب قليلاً إلى حيث المكان الذي منه يتم العبور عادة، وقد جلس على ظهر تمساح وعبر. وإذ وجد الكاهن أن أبيللين يرتدي ثيابًا قديمة ومهلهلة تعجب لاتضاعه وفقر مظهره، ثم تبعه. جاء إلى النهر ولم يجد الكاهن قاربًا يعبر به، وإذ بأبيللين ينادي التمساح بصوته فأطاع وجاء إليه، وكان مستعدًا ليحمل على ظهره الرجل القديس. توسل الطوباوي لدى الكاهن أن يأتي ويجلس معه على ظهر التمساح لكنه خاف وتراجع. أما الإخوة الساكنون في الجانب الآخر فإنهم إذ رأوا الطوباوي يجلس على ظهر التمساح في الماء، وقد عبر به إلى البر وخرج خافوا.قال الطوباوي للتمساح: "إنك قتلت كثيرين لذلك فالموت هو أفضل شيء لك"، وللحال مات الحيوان (دون أن يمسه أحد). معرفته الأسرار الداخلية يذكر القديس جيروم أن هذا الأب جلس مع الإخوة ثلاثة أيام، وكان يحدثهم عن الوصايا، وقد كشف لكل إنسان خطيته الداخلية في صراحة مملوءة محبة، فدهش الكل من أجل صدق معرفته لأسرارهم الداخلية.كما روى لنا بعض قصص لنبوات نطق بها تحققت. ثقته العجيبة في أبوة الله في قامته الروحية العالية عاش بلا همّ، يثق في أبوة الله ورعايته له. ففي إحدى المناسبات إذ كان الإخوة في المغارة لم يكن يوجد طعام، وإذ بملاك الرب يظهر في شكل أخ يحضر طعامًا في الحال... وقد تكرر ذلك بصورة مختلفة. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج عن كتاب قاموس أباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية
المزيد
07 فبراير 2024

كلمة "أخطأت" بين الحقيقة والزيف

كثيرًا ما تُقال كلمة (أخطأت) من قلب منسحق صادق، فتدل على التوبة، وتنال المغفرة من الله مثال ذلك الابن الضال، حينما قال لأبيه "أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقا أن أدعى لك ابنًا" (لو 15: 18)، فنال المغفرة، وذبح له العجل المسمن ومن أمثلة ذلك أيضًا، قول داود في المزمور الخمسين "لك وحدك أخطأت، والشر قدامك صنعت". ونحن نكرر هذه العبارة في كل صلاة من صلوات اليوم السبع. على أن هناك مناسبات أخرى، قيلت فيها عبارة أخطأت، ولم تدل على توبة ولم يقبلها الله..! لقد كرر فرعون هذه العبارة بلون السياسة، أكثر من مرة خوفاً، لكي يرفع عنه الرب العقوبة وما أن ترتفع الضربة عنه، حتى يرجع إلى قسوة قلبه كما كان!! في ضربة البرد، دعا فرعون موسى وهارون وقال لهما "أخطأت هذه المرة الرب هو البار وأنا وشعبي الأشرار صليا إلى الرب وكفى حدوث رعود الله والبرد فأطلقكم" (خر 9: 37)، ولما رفعت الضربة رجع إلى قساوته وفى ضربة الجراد قال لهما "أخطأت إلى الرب إلهكما وإليكم والآن اصفحا عن خطيتي هذه المرة فقط وصليا إلى الرب إلهكما ليرفع عنى هذا الموت" (خر 10: 16) كثيرون كفرعون يقولون (أخطأت) ويرجعون كرجوعه بلعام، الذي تحدث الكتاب عن ضلالته، قال لملاك الرب: "أخطأت" (عد 22: 34) وعاد وخالف وشاول الملك قال لصموئيل (أخطأت)، وكررها مرتين، لا عن توبة، وإنما لكي يكرمه النبي أمام الشعب (1 صم 15: 24، 30) وهلك شاول ورفضه الرب وعخان ابن كرمي قال ليشوع "أخطأت إلى الرب" (يش 7: 20) وهلك عخان، مثلما هلك بلعام من قبل، ومثلما هلك شاول الملك من بعد، على الرغم من عبارة (أخطأت) شمعي بن جيرا أيضًا قال لداود عبارة "أخطأت" (2 صم 19: 20) ولعله قالها بنوع من الخوف ومن التملق، ولمتقبل منه، وهلك شمعي بن جيرا وماذا أقول؟ إن يهوذا الخائن نفسه قال (أخطأت) قالها في يأس لرؤساء الكهنة والشيوخ، بعد فوات الفرصة "أخطأت إذ أسلمت دما بريئا" (مت 27: 4) ثم مضى وخنق نفسه، وهلك يهوذا بعد قوله (أخطأت). قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
06 فبراير 2024

من هو المسيحي ؟

على نحو ما توجد الروح في الجسد ، هكذا المسيحيون في العالم الروح كائنة في الجسد، لكنها ليست منه، والمسيحيون مقيمون في العالم ، لكنهم ليسوا من العالم . الجسد المنظور يغلف الروح التي لا ترى، والمسيحيون كائنون في العالم، لكن صلاحهم يظل مخفياً الجسد يبغض الروح ويحاربها ، لكن الروح تحب الجسد الذي يبغضها وهكذا المسيحيون يحبون من يبغضونهم الروح الخالدة تسكن في خيمة مائتة ، والمسيحيون يحيون كغرباء في أجساد قابلة للفساد، متطلعين إلى مسكن لا يفنى في السموات بحرمان الإنسان من المأكل والمشرب تتحسن حالة روحه، والمسيحيون كلما تعرضوا للآلام والعذابات إزدادوا عدداً. ألا ترى المسيحيين يتعرضون للوحوش المفترسة لينكروا إلههم ، ومع ذلك لم يقهروا ؟ ألا ترى أنه كلما كثر عدد من يعذب منهم كثرت البقية الباقية. يبدو أن هذا ليس من صنع الناس بل : هي قوة الله" . (من الرسالة إلى ديوجنيتس) أولا : التسميات الأولى تعكس طبيعة حياته بادئ ذي بدء نقف عند التسمية "مسيحى" هذه التسمية ظهرت في العصر الرسولي متأخرة بعض الشئ ودعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) لكن هناك بعض تسميات ظهرت قبلها وكل من هذه التسميات تحمل معنى أو معان معينة أ - تلاميذ : كانت علاقة الرب يسوع بمن تجمعوا حوله علاقة المعلم بتلاميذه. ولقب معلّم وتلاميذ لم يكن غريباً عن تلك البيئة . هكذا عرف أتباع يوحنا المعمدان باسم "تلاميذ يوحنا" (أنظر مت٩: ١٤؛ لو ۱۱: ١ ، يو ١: ٣٥ ، ٣: ٢٥) وبعد قيامة الرب يسوع من بين الأموات وحلول الروح القدس عليهم، شهد تلاميذه علانية أنه هو المسيا ، واستمروا يدعون أنفسهم "تلاميذ" . ولم تكن هذه التسمية قاصرة على الرسل الإثنى عشر، بل أطلقت على جميع أعضاء الكنيسة الأولى الذكور والإناث : "أما شاول فكان لم يزل ينفث تهديداً وقتلا على تلاميذ الرب "(أع ٩: ۱) "وأما التلاميذ فكانوا يمتلئون من الفرح والروح القدس" (أع٥٢:١٣) "ولكن إذ أحاط به التلاميذ قام ودخل المدينة وفي الغد خرج مع برنابا إلى دربة . فبشرا في تلك المدينة وتلمذا كثيرين . ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان .. وأقاما هناك زماناً ليس بقليل مع التلاميذ" (أع ١٤: ۲۰، ۲۱، ۲۲، ۲۸) " فالآن لماذا تجربون الله بوضع نير على عنق التلاميذ لم يستطع آباؤنا ولا نحن أن نحمله " (أع ١٥: ١٠) والمهم في هذه التسمية أنها تعبر عن إرتباط المسيحي شخصياً بالمسيح كمن يتتلمذ له وعليه هنا نتذكر كلمات بولس "كونوا متمثلين بي، كما أنا أيضاً بالمسيح" (1 كو ١١: ١) . فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحباء" (اف ٥: 1) ب : مؤمنون : وإذا كانت التسمية الأولى تعبر عن التلمذة للرب ، فإن هذه التسمية تعبر عن جوهر إيمان هؤلاء الأتباع، وحياة الإيمان التي يحيونها حية في أشخاصهم وسلوكهم : "وكان مؤمنون ينضمون للرب أكثر جماهير من رجال ونساء" (أع ٥ : ١٤) . "ثم وصل إلى دربة ولسترة وإذا تلميذ كان هناك اسمه تيموثاوس ابن امرأة يهودية مؤمنة ولكن أباه يوناني" (أع١٦: ١) . "بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله إلى القديسين الذين فى افسس والمؤمنين في المسيح يسوع" (أف١: ١) ."بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثاوس الأخ إلى القديسين في كولوسي والأخوة المؤمنين في المسيح.. " (كو ۱: ۲). " إن كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليساعدهن ولا يثقل على الكنيسة" (اتى ٥: ١٦). ج - قديسون : وهذه التسمية كانت تعبر عن حياتهم وعلاقتهم بالله. فقد تقدسوا في الله وله بالروح القدس ، وكانوا في حياتهم في قداسة حقيقية كشركاء للمجد العتيد إن كلمة قديس من الأصل اليوناني .. .. Hagios وتعنى مسيحى مفرز ومكرس لأجل الله لم تكن تسمية قديسين مجرد تسمية ، لكنها كانت تعبيرا عن واقع قدسی روحانى حى يحياه المسيحيون وكانوا يشعرون إنهم للرب وليسوا لسواه ، كشئ مكرس ومقدس ، لا يستخدم إلا للشئ الذي كرس له وقدس لأجله . وتقابلنا هذه التسمية كثيراً في سفر أعمال الرسل ورسائل الآباء الرسل : "فأجاب حنانيا يارب قد سمعت من كثيرين عن هذا الرجل كم الشرور فعل بقديسيك في أورشليم" (أع۹: ١٣) . "وحدث أن بطرس وهو يجتاز بالجميع نزل أيضاً إلى القديسين الساكنين في لدة" (أع۹ :۳۲) " فناولها يده ( طابيثا) وأقامها . ثم نادى القديسين والأرامل وأحضرها حية" (أع ٩ : ٤١) ."بولس عبد ليسوع المسيح إلى جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (روا: ۷) راجع أيضاً (۱ کو ۱: ۲ أف١:١؛ فى ٢١:٤) إن لفظ قديسين في مفهومنا الحالي لا يطلق إلا على من انتقلوا إلى العالم الآخر ، بعد أن عاشوا حياة القداسة على الأرض . أما في عصر الرسل فكانت تطلق على أعضاء الكنيسة الأحياء وقد ظلت هذه التسمية شائعة ، يطلقها المسيحيون على بعضهم بعضا ما بعد منتصف القرن الثاني، لكن ما لبثت أن اختفت تدريجياً بعد ذلك، إذ لم يعد للمسيحيين الشجاعة على دعوة أنفسهم قديسين بعد أن بدأت تظهر عليهم أعراض الضعف الروحي، وبدأت تأثيرات العالم تأخذ طريقها إليهم. د - إخوة وأخوات : وإذا كانت التسمية تلاميذ ومؤمنين وقديسين هي تعبير عن علاقتهم بالله، فتمسية "إخوة وأخوات" تعبر عن علاقتهم بعضهم ببعض كأعضاء في جسد المسيح الواحد : لكن اليهود غير المؤمنين غروا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة (أع ٢:١٤) " وأما الإخوة فللوقت أرسلوا بولس وسيلا ليلا إلى بيرية وهما لما وصلا مضيا إلى مجمع اليهود .. فحينئذ أرسل الإخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر وأما سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك" (أع ١٧: ١٠، ١٤) ."وبعد يوم واحد حدثت ريح جنوب فجئنا في اليوم الثاني إلى بوطيولي حيث وجدنا إخوة فطلبوا إلينا أن نمكث عندهم سبعة أيام" (أع ٢٨: ١٤) "سلموا على اسنيكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الإخوة الذين معهم" (رو١٦: ١٤) . وراجع أيضاً (١كو ١٦: ۱۲، غل ۱ : ۲؛ فی ۱ :١٤؛ ٤: ٢٤ اتى ٤ : ٦ ؛ عب ٢ : ١١ ؛١يو ٣ : ١٤) . تلك العلاقة الحبية التي كانت تدعو إلى الدهشة والإعجاب إنها تسمية تلائم سلوكهم المسيحي . واسفار العهد الجديد وكتابات الآباء الرسوليين تكشف لنا عن سمو حياة المسيحيين الأوائل وحياتهم الأخوية أما تسمية مسيحيين الشائعة الآن ، فقد بدأت في أنطاكية حينما دعى التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولاً (أع ١١: ٢٦) .. ولم يستخدم بولس هذه التسمية فى رسائله ، ولا نجدها في اسفار العهد الجديد الأخرى إلا في موضعين آخرين : " إن عيرتم باسم المسيح فطوبي لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم. أما من جهتهم فيجدف عليه وأما من جهتكم فيمجد . فلا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو متداخل في أمور غيره . ولكن إن كان كمسيحى فلا يخجل بل يمجد الله من هذا القبيل "(ابط ٤ : ١٦) . . "فقال أغريباس لبولس بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً" (أع٢٨:٢٦ ) وفي كتابات الآباء الرسوليين نجدها في كتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي الشهيد الذي استخدمها كثيراً . نيافة مثلث الرحمات الانبا يؤانس أسقف الغربية عن كتاب كيف يعايش المسيحى المجتمع
المزيد
05 فبراير 2024

قيمة الشخصية عند الله

خلق الإنسان على صورة الله فى الحرية والإرادة والقداسة والنطق ، ليكون نموذجاً مباركاً للعمل الإلهى ، إذ يتمجد الله بما في خليقته وعمله من حسن وما فى صنعه جمال . والإنسان قد خلق على أعلى مستوى من الحسن ، وإلى أعمق أبعاد الملء قد دعى إلى الوجود والكيان . وسر عظمة الإنسان أن لديه أبعاداً لا تتوفر لأى خليقة أخرى . إذ له البعد الداخلي وله البعد الخارجي، له الحياة الباطنية وله الحياة الاجتماعية أيضاً عنده العمق وعنده الإنساع أيضاً . فيه الروح وفيه الجسد ، فيه الحياة الروحانية السماوية الملائكية ، وفيه الحياة المادية المرتبطة بالكون وتراب الأرض . فيه العقل والنطق ، وفيه العاطفة والحواس ، فيه الإرادة والحرية ، وفيه الحركة والحيوية. وبإختصار فيه كل ما تتطلبه الحياة السماوية والحياة الأرضية معاً هذه الأبعاد المجتمعة فى إنسجام عجيب هي التي تعطى الإنسان قيمة تجعله تاج الخليقة المنادية كلها . وفى هذا يقول كاتب رسالة العبرانيين مستشهداً بما رنم به داود النبي وضعته قليلا عن الملائكة ، بمجد وكرامة كلته ، وأقته على أعمال يديك . أخضعت كل شيء تحت قدميه .. ( عب ۲ : ۸،۷ ) ولقد بين الله لنا عظم محبته للإنسان أنه نزل من المجد ليحتضن الطبيعة البشرية ويقتبلها فى أقنومه متحدا بها صائراً في شبه الناس مساوباً لنا فى كل شيء فيما عدا الخطية وحدها . ومن خلال تجمد المسيح أصبح الإنسان ذا رتبة أعظم من مركزه الأول إذ صار الإنسان شريكا لرب المجد ، وصار الرب بكراً بين إخوة كثيرين ولقد احتفظ الرب بجسده بعد القيامة ليكون شفيعاً ووسيطاً وحيداً لجنس البشرية أمام الآب السماوى . وأصبح الله حاضراً في العالم وليس مشاركاً لتاريخه فقط بل الجوهره أيضاً ، وأصبح الإنسان المختوم بالروح القدس حاملا المسيح وصار الجسد المعمد ميكلا للروح القدس وعضواً في جسد المسيح الحى أى الكنيسة و كما خلق الله آدم وجعله في الجنة متمتعاً بالمجد والفرح والنور والبهاء الذى يعيش فيه الثالوث الأقدس ، فإن الله أعطى للإنسان أن يشاركه في عملية الخلق ، إذ أمر الله آدم و حـواء أن يكثرا وينسلا ويملأ الأرض. فالرجل والمرأة يقدمان جسدهما في ذبيحة الحب والإتحاد ، والله ينفخ فى الجنين المتكون نفخة حياة وهذا الجسد المستقل وهذه النفخة الفريدة هما اللذان يكونان الإنسان فى كيان شخصى والله يعطى إهتمامه لكل واحد في أبوة عجيبة لا يمكن تصورها وقد كشف لنا الرب يسوع عن هذا السر الأبوى المذهل إذ يقول عن نفسه أنه هو راعى الخراف لهذا يفتح البواب والخراف تسمع صوته فيدعو خرافه الخاصة بأسماء و يخرجها ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها والخراف تقبعه لأنها تعرف صوته . و إنى أنا الراعى الصالح ، وأعرف خاصتي وخاصتى تعرفنى ، كما أن الآب يعرفنى وأنا أعرف الآب ، ( يو ۱۰ : ١٤،٨ ) . ومن هذا القول الألهى يتبين لنا أن الله يتعامل مع أولاده معاملة خاصة وله علاقة سرية هي علاقة المعرفة الاختبارية الباطنية ، أعطاها الرب نموذجاً وصعيداً هی العلاقة الفريدة التى بينه وبين أبيه الصالح لأجل هذا نقدم الشكر والسجود للرب يسوع لأنه خلقنا بشراً على صورته ، ولأنه تجد وأخذ طبيعتنا ، وصار واحداً منا ؛ ولأنه يعرف كل منا معرفة خصوصية ... كل ما يمسنا يمس حدقة عينه إذ قد نقشها على كفه بل وضعنا في جنبه المطعون ، وصار ضامناً لنا ومسئولا عنا وإذا كان رئيس الكهنة في القديم يكتب أسماء الأسباط الإثنى عشر على سترته عندما يدخل إلى قدس الأقداس ليخدم ، فما كان هذا إلا رمزاً لما يعمله الرب يسوع معنا إذ يحمل شخص كل واحد فينا في قلبه وعلى منكبيه مبارك أنت يا رب فى محبتك. مستحق كل شكر وتمجيد إلى أبد الابدين آمين نيافة المتنيح الانبا بيمن اسقف ملوى وأنصنا والاشمونين عن كتاب المسيحية وبناء الشخصية
المزيد
04 فبراير 2024

البصيرة الداخلية للمولود أعمى الاحد الرابع من شهر طوبة

الكنيسة النهارده الاحد الرابع من شهر طوبه تقرا علينا انجيل المولود اعمى كلمتين عايزين نقف معهم شويه في المولود اعمى لما نيجي نشوف احنا بالنسبه لنا نستفاد ايه من الانجيل ده؟! وايه هو المولود اعمي بالنسبه لى انا؟ اقول لك حاجتين او حاجات كثيرلكن ناخذ حاجتين صغيرين ان ممكن الواحد فينا يكون بيشوف بس اعمى ايه اكثر حاجتين بيدلوا على ان الشخص اعمى؟ الذى لم يرى خطيتة والذى لم يرى الاحداث المحيطة بية اعمى يعني ايه لما يشوفش خطيتة؟ يعني يبقى الشخص متكبر جدا بس مش عارف مش شايف انانى جدا مغرور جدا بس مش عارف والذى يثبت انة أعمى اكتر مش بس مغرور جدا لا شايف ان الناس مغروره شايف ان الناس هما المتكبرين يعني هو مش شايف خالص يبقى هو كتلة كبرياء كل حاجه بيعملها وبيفكر فيها بيفكر فيها بس محب لنفسه جدا محب للنصيب الاكبر جدا محب للظهور جدا محب لمديح جدا طب هو كل ده فاضل ايه ثاني فاضل ايه ثاني بس كل ده وايه مش شايف مع كامل احترامنا دة كده اعمى ارحمنا يا رب ممكن يكون الواحد أعمى وهو مش واخد باله ؟!! اقولك اة ممكن اللي مايشوفش خطيتة والذى لم يرى انة محب جدا لسيرة الناس محب جدا للمال وشهواني جدا وبيخاصم بسهوله ومخاصم معظم الناس كل دي اخطاء عنده في حياته وسبته فيه بس للاسف مش شايفها اقولك ياساتر يا رب دة يبقى عمى عشان كده مره واحد من القديسين قال ان تبصر خطاياك اعظم من ان تبصر ملائكه بمعنى ان لو شوفت خطيتي احسن ما اشوف ملائكه اصل انا لو شفت ملائكه هتكبرهقول انا بشوف ملائكه لكن لما اشوف خطيتى هيحصل لي ايه هتواضع ايه اكثر حاجه تجعل الشخص تجعل الشخص يبقى اعمى ؟ الذى لم يرى خطيتة يبقى مش حاسس اكتر لحظه ربنا يعطينا فيها نعمه لما الواحد خطيتة تكون قدام عينيه يا رب ارحمني ياااة ماكنتش واخد بالي خذ بالك عشان كده تلاقي دائما الشيطان بيلهينا عن فحص انفسنا دائما بيلهينا عن ان احنا نشوف احنا بنعمل ايه واتصرف دة لية والدوافع بتاعتنا لية وانا بكرة دة لية يمكن عشان احسن منى ؟! اة عشان عايز انا اكون انا احسن واحد اذا انا وانا وانا انا دي دى خطية كبيرة جدا الشخص بيكون مش شايفها خطايا كثير جدا والشخص مش شايفها ومش واخذ باله ممكن واحد يبقى عندة للعالم محبة شديده جدا ومش واخد باله ممكن واحد بيبقى عنده محبه للنصيب الاكبر ممكن واحد يبقى عنده كراهيه للي حواليه ممكن واحد يكون دائما بيجيب في سيره الناس ممكن واحد بيحتكر الفقراء كل دي خطاياة طب عاوزين نفتح طب نعمل ايه نقول له ايه؟! يا رب اكشف عينيا يا رب اجعلني ارى اكثر شي يفرحك شي يعزيك عندما ترى خطيتك ليه هتتواضع وعندما تتواضع ترى اللة معلمنا داود قال كدة قبل ان اتواضع انا تكاسلت تخيلوا وداود ظل سنة كامله والخطيه موجوده واشترك في القتل والخطيه موجوده بس اكنه مش شايفها اللي حصل ده كله مش شايفه يا داود؟!لكن اول ما ربنا ارسل له ناثان وكشف له خطيبته قال له ارحمني يا الله كعظيم رحمتك لك وحدك اخطئت وبعد كده قال صارت لى دموعى خبزا نهارا وليلا يا رب لا تبكتني بغضبك ولا تأدبنى بسخطك ارحمني يا رب فانى ضعيف اشفيني يا رب فان عظامي قد اضربت ونفسي قد انزعجت جدا(عندما تاب) لكن قبل كده كان عادى محتاجين نشوف خطيتنا طب نعمل ايه ،؟!اعدل نفسي شويه افحص نفسى افحص تصرفاتى وافكاري ومشاعري وارادتى اصعب حاجه ان الشخص يعمل خطيه مايشعرش بها او يبررها لنفسه او يشعر انة افضل من غيره يقول لك ما كل الناس بتعمل كده ده انا ارحم من غيرى بكتير كده لسه في مرحله العمى امتى يبصر ،؟عندما يرى الخطايا بتاعته تانى شي الذى لا يرى الاحداث النهاردة بنعيد ع الانبا انطونيوس حدث هز الانبا انطونيوس هزة جامدة جدا حدث وفاه والدة والدة كان رجل غني طويل عريض و صاحب املاك 300 فدان عارفين يعني ايه 300 فدان يعني اللي عنده فدانين ثلاثه ده بيبقى مهم فوالدة دة فى ايامة كانوا بيقولوا عليه ناظر وناس تحاسب وناس تبيع و ناس تشتري حاجه كدة كبيره كده فجاه دخل الانبا انطونيوس لاحظ البيت بتاعهم زحمه في ايه؟! ما حدش عايز يقول له لحد ما مانظر لوالدة جالس على دكة متمدد ميت ا تصدم الطول بالعرض بالصوت والغناء والمراكز والدنيا والممتلكات في لحظه كده كله راح قال لة لو انت كنت عشت كده وانا استمر عايش زيك يبقى المشكله عندي انت قد خرجت من العالم بغير ارادتك اما انا فساخرج منة بارادتى انت تركت كل شي بدون ارادتك وفي لحظه ما بقاش في اى حاجه الاحداث كام مرة احنا ممكن نودع احد من احبائنا؟! طب فى رساله بتوصل بتغير فينا؟! كام مره بنشوف احداث ان في خطر حوالينا طب بنقول مانتمسكش بالدنيا قوي ماهو ربنا قاصد بالاحداث يعلمنا بس فى ناس بتشوف وفى ناس ما بتشوفش نفس الحدث يبقى قدام واحد ونفس الحدث يبقى قدام واحد ثاني واحد يشوف وواحد ما بيشوفش اذا الحكاية حكايه اية حكايه واحد اعمى ولة واحد بيبصر محتاج اشوف محتاج اشوف ايدك يا ربى في المرض و الوباء المنتشر الايام دي اشوف ايدك يا رب انت يا رب اخذت ناس كثير من مختلف الاعمارعاوز تقول لي ايه لازم اشوف ايه اقول ان نهايه كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات زي ما قال معلمنا بطرس اشوف ايه اشوف ايد ربنا اشوف البحر اشوف ايد ربنا اشوف السماء اشوف ايد ربنا اشوف المطر اشوف ايد ربنا اشوف الشمس اشوف الزرع في ناس بتشوف وفي ناس ما بتشوفش لدرجه ان في ناس تقولك كل ده ماشي بالفتره ما فيش الاة ؟!!!مش شايفينوعميان ويبصروا شوف الاحداث!!مااجمل احبائي ان يكون لنا ضمير حي ورؤيه بصيره داخليه زي الانبا انطونيوس شاف والدة قال خلاص اشوف ببصيره داخلية كدة اشوف ناس بيعملوا كذا وكذا اشوف حدث حصل في كذا اشوف الدنيا وهي عماله ناس يحصلها ارتفاع وناس يحلصها انخفاض اشعر ان الحياه دى غير ثابتة غير مضمونه مخدوع الانسان اللي يطمن لهذه الحياه مخدوع لا يوجد اطمئنان الا في المسيح يسوع لا يوجد سلام الا في المسيح يسوع لا يوجد رجاء الا في المسيح يسوع لكن الانسان عشان يتكل على نفسه لا ابدا ولا غناة ولا ايامة ولا قدرته ولا اي حاجه ابدا الذى لا يرى الاحداث ويري المعنى اللي فيها وماذا يريد الله يبقى عينه ضعيفه ما بتشوفش ما بيشوفش عناية ربنا ليه في مختلف المراحل يبقى ما بيشوفش اللي ما بيشوفش احداث ربنا يبعثها على بلاد محيطه يبقى ما بيشوفش ربنا عاوز يقولنا من خلال الاحداث لا سلام الا معايا لا امان الا معايا مثال لناس قدمنا كانوا وكانوا وكانوا ودلوقتي أصبحوا فين ؟! طب مانتعلم ما دة حدث من لغات الله مخاطبه الله للبشر الاحداث ان ربنا يعلمهم بالحدث قال لهم فاكركم الناس اللي وقع عليهم البرج بتاع سلوان وتوفى منة سبعة عشر شخص فكركم الناس اللي ماتت لية هل انتم فكركم انهم كانوا اكثر شرا من الباقي؟ ابدا دة حدث انا عامله لاجل الناس كلها تتوب ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون حدث الناس كلها عارفاة دة مجرد حادثه طب لما احنا نشوف حادثه نقول اية؟ نقول نشكرك يارب لانك ساتر علينا بس ممكن اكون انا فى الحادث دة طب هل انا مستعد هل اتا رباطاتى بالحياه جعلتنى اشعر ان انا عايش للابد ولا انا متعلم الدرس؟ ان دى فترة بتعلم ولا مش بتعلم اللي بيشوف واللى ما بيشوفش في ناس مش عايزه تشوف يفوت عليها الف حدث والعجيب ان ممكن يسمع بانتباة والعجيب ان ممكن يتصعب على الناس بس الكلام ده كله بعيد عنه هولا المفروض ان انا اسمع واقول الموضوع ده مش بعيد عني ابدا ممكن جدا يكون انا بالنسبه لي يحصل معي كده اللى يشوف خطاياة واللى يشوف الاحداث ينظر ربنا في الحدث والخطيه بتعتة كدة عينوا ابتدت تتقتح ربنا يعطينا احبائي عنينا تنفتح مع المولود اعمي يلة نفحص نفسنا ونشوف الخطيه بتاعتنا ونقول يا رب ارحمني محتاجه اتوب محتاجه اوقف يا رب اكشفلى خطايا يا رب وريني مقدار المرض الخبيث اللي جوايا المستخبي الذى يؤدي الى موت ان كان مش باين عشان كده اسمه خبيث يا رب وريني المرض الخبيث اللي جوايا الذى تملك عليا يا رب اجعلنى اتعلم من الاحداث كل يوم بتبعتلى حدث كل يوم كل يوم ربنا بيكلمنا بطرق وأنواع كثيرة بس فى الذى يرى والذى لم يرى ربنا يعطينا بصيرة نرى خطايانا ونراة فى الأحداث ويجعل حياتنا كلها توبة واستعداد يكمل ناقصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولالهنا المجد الابد امين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
03 فبراير 2024

إنجيل عشية الأحد الرابع من شهر طوبه( يو٥ : ٣١-٤٦ )

" إِنْ كُنتُ أَشْهَدُ لَنَفسي فشهادتي ليست حقا. "الذي يَشْهَدُ لي هو آخَرُ ، وأنا أعلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ التي يَشْهَدُها لي هي حَقٌّ. " أنتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يَوحَنَا فَشَهِدَ للحَقِّ.وأنا لا أقبَلُ شَهادَةً مِنْ إنسان، ولكني أقولُ هذا لتخلصوا أنتُم. كـان هـو السراج الموقدَ المُنير، وأنتُمْ أَرَدتُمْ أن تبتهجـوا بنوره سـاعَةً. "وأما أنا فلي شَهادَةً أَعظَمُ من يوحنا، لأنَّ الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها،هذِهِ الأعمالُ بعينها التي أنا أعمَلُها هى تشهَدُ لِي أَنَّ الْآبَ قد أرسلني. والآبُ نَفسه الذي أرسَلَني يَشهَدُ لي.لم تسمعوا صوته قط، ولا أبصرتُمْ هَيئَتَهُ، وليست لكُمْ كَلِمَتُهُ ثابتَةً فيكُم، لأنَّ الذي أرسله هو لستُم أنتُمْ تؤمِنونَ بهِ. فتّشوا الكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيها حياة أبدية. وهى التي تشهَدُ لي. ولا تُريدون أن تأتوا إلَيَّ لتكونَ لكُم حياة.مجدًا مِنَ الناسِ لستُ أقبَلُ، ولكني قد عَرَفتُكُمْ أن ليستْ لَكُمْ مَحَبَّةُ الله فى أنفُسِكُمْ. أنا قد أتيتُ باسم أبي ولستُم تقبلونني. إنْ أَتَى آخَرُ بِاسمِ نَفسِهِ فذلك تقبلونَهُ. كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتُمْ تقبلُونَ مَجِدًا بَعضُكُمْ مِنْ بَعض، والمجد الذي مِنَ الإِلَهِ الوَاحِدِ لستُم تطلبونَهُ؟ لا تظُنُّوا أني أشكوكُمْ إِلَى الآب. يوجَدُ الذي يَشكوكُمْ وهو موسَى، الذي عَلَيهِ رَجَاؤُكُمْ. لأَنَّكُمْ لو كنتُم تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُو كَتَبَ عنى شهادة القديس يوحنا المعمدان عن المسيح شهادة صادقة قاطعة من جهة أنه عمّد ابن الله وقد رأى الروح نازلاً عليه مثل حمامة ورأى بعينه أن السموات انشقت بأذنه صوت الآب الصارخ قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الذي به وسمع سررت".ويوحنا المعمدان لم يكن يعرفه ولكن الذي أرسله قال له الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه هو هو الذي سيعمّد بالروح القدس. وشهد يوحنا المعمدان في الغد أن المسيح هو حامل خطية العالم وقال: "من له العروس فهو العريس". فالمسيح هو العريس الحقيقي الذي اشترى الكنيسة بسفك دمه. أما صديق العريس فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس.وقال عن المسيح: إن" رفشه في يده وسينقي بيدره ويجمع الحنطة إلى مخازن الأبدية ويحرق القش بنــار لا تُغنى".وقال يوحنا المعمدان عن المسيح: "ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص". وقال: "أنا لست مستحقًا أن أنحني وأحل سيور حذائه". وقال: "إن الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء إلى يده. الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل سيمكث عليه غضب الله".هذه هي شهادة يوحنا التي شهدها للحق الذي هو المسيح.ولم يشهد يوحنا من نفسه بل ما سمعه من الذي أرسله وما نطق به الروح القدس الذي يشهد للمسيح كروحه الخاص.وليس كثيرًا على يوحنا أن ينطق بهذه الشهادة لأنه امتلأ من الروح القدس من بطن أمه وارتكض ساجدًا للمسيح وهو بعد في الحشا. وقد سبقت أمه القديسة أليصابات فطوبت العذراء القديسة مريم كأول البشر الذين مجدوا أم ربي وبهذا صارت أليصابات باكورة من مجدوا العذراء . لا أقبل شهادة من إنسان: لم يكن المسيح محتاجًا إلى شهادة إنسان، لأن من هو الإنسان حتى يشهد الله؟ هل تُزكي المسيح شهادة إنسان؟حاشا .الذي يشهد لبنوته الحقيقية هو الآب والروح القدس، الشهادة للمسيح جاءت دائمًا من فوق ولم تأت من الأرض. لما ولد المسيح في صورة العبد وأخلى ذاته وولد في مذود، جاءت الشهادة من فوق بجمهور من جند السماء يسبحون ومجد الرب أضاء على الرعاة وبشارة من فم الملاك ونجم سماوي قاد المجوس إلى حيث كان. ولما تعمّد الرب في الأردن جاءت الشهادة من السماء صوت الآب هذا هو ابني الحبيب... وحلول الروح بهيئة جسمية. ولما قارب الصليب قال: مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. فكان صوت الآب: "مجدت وأمجد أيضًا". وقد ظن الذين سمعوا أنه رعد هو الذي حدث أو ملاك كلمه.ولما صلب على الصليب جاءت الشهادة من فوق إذ غابت الشمس في وسط النهار وكانت الظلمـة علـى الأرض كلها من وقت الساعة السادسة إلى وقت الساعة التاسعة والصخور تشققت والأموات قامت وانشق حجاب الهيكل من فوق.وأيضًا شهدت للمسيح أعماله ، فهو لا يحتاج إلى شهادة الناس بل على العكس كان يأمر الذين نالوا النعم والآيات والأشفية ألا يقولوا لأحد . وأعماله شهدت للاهوته أنه هو هو الخالق رب الطبيعة آمر الريح ومسكن الأمواج. وهو مقيم الموتى من القبور وهو غافر الخطايا وقابل الخطاة وهو الأزلى الأبدي الكائن في كل مكان وفوق الزمان. فما حاجته إذن إلى شهادة الناس؟ شهادة الكتب : "فتشوا الكتب التي تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهى التي تشهد لي". إن شهادة يسوع المسيح هي روح النبوة. فكل الكتب الموحى بها من الله، والتي هي أنفاس الروح القدس، وهى التي كتبها وتكلم بها أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس وهي ليست كلمة إنسان، بل هي بالحق كلمة الله الحية الفعالة التي هي أمضى من كل سيف ذي حدين.وهى قول الله وكلمته المرسلة بيد عبيده الأنبياء. "قال الرب لموسى"، قول الرب الذي صار إلى إرميا،وحزقيال... كلمة الرب التي جعلها في فمهم وعلى لسانهم. هذه هى الكتب التي صار اليهود أمناء عليها يحفظونها في خزائنهم ويحرصون على تمجيدها شكليًا. ولكن المسيح يوجههم أن يفتشوها ويفحصوها ويدخلوا إلى أعماقها ليدرك قصد الله من كل كلمة وكيف أنها كلها كتبت عنه وله ولأجله وأنها كلها تُشير إليه وتتحدث عن أنه هو هو المسيا وليس غيره وأنه كما قال إشعياء : "يُدعى اسمه مشيرًا إلها قديرًا أبا أبديًا رئيس السلام". لأن كل من وعى المكتوب رأى المسيح لأن الذين كتبوا رأوا المواعيد من بعيد وصدقوها وحيوها. وها القديس بطرس يوم الخمسين يوم أن امتلأ من الروح القدس أخرج ما كان مكنونا في كنوز العهد القديم والمزامير شهادة عن المسيح. والقديس اسطفانوس وهو ممتلئ من الروح القدس أيضًا شرح في إيجاز معجز وتسلسل بديع من إبراهيم إلى موسى وكيف أنهم عندما رفضوا موسى (المُخلَّص من العبودية) كرمز للمسيح - كان هذا عين ما فعله رؤساء الكهنة وكتبة الشعب حين رفضوا المسيح وقال لهم اسطفانوس: "أنتم دائما تقاومون الروح القدس كما كان أباؤكم أيضًا، يا قساة الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان. هذه هي الشهادة للمسيح الكائن منذ الأزل وإلى الأبد واحدًا مع الآب والروح القدس الذي تجسد من أجل خلاصنا.شهادة من الآب والروح القدس الناطق في الأنبياء وشهادة أعماله التي تنطق بلاهوته ووحدانيته مع الآب، كما أن الآب يقيم الموتى ويحييهم كذلك الابن أيضًا يُحي من يشاء . كل ما هو للآب هو لي"، "أنا والآب واحد". لكن قبل شهادة يوحنا المعمدان - التي هي أصلاً من الله - لكي تؤمنوا أنتم هكذا قال الرب، لأنهم إن كانوا يشهدون ليوحنا المعمدان بنسكه وبره وتعففه عن العالم، وقوة إرساليته ككارز بالتوبة... إلخ، فلعلهم يقبلون كلامه من جهة المسيح. ولكن كان يوحنا المعمدان بالنسبة لهم كسراج منير مؤقت فابتهجوا بنوره ،ساعة، ثم أهملوه وانطفأ نوره في قلوبهم فلم يعبأوا به ولا بكلامه ولا بكرازته. بل رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم غير معتمدين منه فأغلقوا على أنفسهم في الظلام. ولكن طوبى لأولئك الذين قادهم هذا السراج الموقد المنير إلى شمس البر. فأقبلوا إلى النور الحقيقي الذي يُضيء لكل إنسان. إن كل تلاميذ يوحنا المعمدان جاءوا إلى المسيح وأصبحوا له، وقادتهم تلمذتهم للمعمدان لمعرفة المسيح المُخلّص. وهذه هى غاية كرازة المعمدان وإرساليته. لأنه جاء كسابق يُهيئ الطريق قدام المسيا، ويُهيئ للرب شعبًا مستعدًا ويرد القلوب ويشفي تجبر العصاة ويقودهم إلى حمل الله حامل خطية العالم. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
02 فبراير 2024

ثبت أساس الكنيسة

لموضوع تأملنا نقرأ من رسالة معلمنا بولس الرسول لأهل أفسس: "لأن بِهِ لَنَا كِلَيْنَا (اليهود والأمم) قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الْآبِ. فَلَسْتُمْ إِذَا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنَا اللَّهِ فِي الرُّوحِ" (أف٢: ١٨ -۲٢) الأواشي أي الطلبات في كنيستنا نصلي مجموعة من الأواشي: نصلي أوشية المرضى والراقدين والمسافرين، ونصلي أوشية من أجل رئيس أرضنا أي المسئول المدني على الأرض، ونصلي من أجل الزروع والثمار ونبات الحقل، ومن أجل الهواء، ومياه الأنهار (كنا نصلي من أجل نهر النيل فقط لكن لما انتشرت كنائسنا في العالم صرنا نصلي من أجل الأنهار والأمطار والينابيع)، هذه مجموعة من الأواشي الكبيرة. وهناك أيضًا أواشي من أجل سلام الكنيسة، والبابا والأساقفة والكهنة والشمامسة ومن أجل الاجتماعات. طلبة: "نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة هي مجموعة من الطلبات الجميلة المركزة نصليها بعد التقديس في القداس. هذه الطلبات قصيرة تناسب الجميع، ومن الممكن أن تحفظها وتصلي بها في بيتك مع صلواتك الخاصة الأجبية، التسبحة الخ.). ويمكنك أن تقف عند طلبة معينة تهمك في مرحلة خاصة من حياتك وترددها كثيرا.في هذه الطلبات نصلي من أجل المكرسين والمتبتلين، وكذلك نطلب "حياة صالحة للذين في الزيجة. فمثلاً لو كنت تعرف أسرة بها مشكلة يمكنك أن تصلي هذه الطلبة مع ذكر أسماء أفراد الأسرة.وضمن هذه الطلبات نطلب: "نجاحًا للطلبة وعملا للمحتاجين، بسبب نسب البطالة العالية واحتياج البعض إلى عمل فنصلي من أجلهم.نصلي أيضًا من أجل انقسامات الكنيسة. ومن قلبنا نصلي أن تصير الكنيسة واحدة لأن المسيح واحد.نطلب أيضا: "حل تعاظم أهل البدع"، وأهل البدع هم من يخرجون بابتداع في الإيمان والعقيدة مثل أريوس ومقدونيوس ونسطور إلخ. وذكر التعاظم بالتحديد هو لأن الصفة السائدة لأهل البدع هي الكبرياء، فالمبتدع لا يسمع لأحد، لأنه يظن في نفسه أنه يملك كل العلم، وتكون النتيجة أنه يُعثر كثيرين هي طلبات متعددة وسوف نركز هنا على الطلبة الأولى منها: نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة ما المقصود بالكنيسة؟ ليس المقصود هو مبنى الكنيسة إنما المقصود ١- الهيكل أي الفرد بحسب تعبير معلمنا بولس الرسول: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللَّهِ، وَرُوحُ اللَّهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟" ( ١ كو : (١٦)، فكل فرد هو هيكل الله، أي جزء من الكنيسة. ٢- الأسرة أو الكنيسة التي في بيتك: لأن كل بيت من بيوتنا هو كنيسة ترفع فيه الصلوات الفردية لكل فرد من الأسرة) والجماعية (أثناء تجمع الأسرة). ٣- الكنيسة التي تنتمي إليها من الأمور الجميلة في حياتنا كأقباط داخل مصر وخارجها إننا حينما نتقابل نسأل بعضنا البعض: "بتروح كنيسة إيه؟" فالانتمانية الكنسية تعبير مهم جدا عندنا. ما المقصود بالأساس؟ الأساس هو الجزء الرئيسي في المكان. فحينما أقول "ثبت أساس الكنيسة" أقصد اجعل كنيستي القبطية ثابتة ولها أساس قوي كما سنشرح حدث صراع على من هم لبولس ومن هم لأبولس وصار هناك ،حزبان، فقال لهم معلمنا بولس الرسول: "فَإِنَّنَا نَحْنُ (بولس وأبولس) عَامِلَانِ مَعَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ فَلَاحَةُ اللَّهِ، بِنَاءُ اللَّهِ (كل منا بناء) حَسَبٍ نِعْمَةِ اللَّهِ الْمُعْطَاةِ فِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا، وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ الَّذِي هُوَ يَسُوع المَسِيحُ (۱ کو ۳ :۹ - ١١) إذن الأساس هو المسيح. وفي مصر الذي وضع أساس الإيمان بالمسيح هو القديس مار مرقس الرسول الذي استشهد في أراضي مدينة الإسكندرية. وعلى هذا الأساس الذي وضعه بدأ كل جيل يبني، واليوم هذا البناء يرتفع إلى عشرين قرنا من الزمان. لذلك فإن القديس مار مرقس له مكانة خاصة عندنا، فنحتفل بأعياده، ونعمل القداسات والتماجيد، ونسمي كنائس باسمه ونسمي أولادنا على اسمه إلخ. ما هو المقصود بالثبات؟ الثبات صفة جيدة، والإنسان الثابت في حياته ومبادئه وتصرفاته يمتدح، أما المتغير والمتلون فهو غير مقبول.ثلاثة معاني رئيسية للثبات: ١- ثبت الخلاص في القلوب: أي ثبت خلاص المسيح الذي تممه من ألفي عام في قلوبنا نانوا انكم ولوا قلوبكم، لأن مجيء الرَّبِّ قَدِ اقْتَرَبَا (يع ٨:٥).نحن في زمن تخرج فيه كل يوم موضة جديدة، وتتزايد الخطايا وتنتشر ، بل أحيانا تصدر من أماكن علمية عالمية لها وضعها ولها صوت في العالم، فتخرج الخطية مغلفة بغلاف علمي لكن المسيح جاء من أجل الصليب ومن أجل خلاص الإنسان. فهل أنت تشعر وتعرف قيمة الخلاص الذي قدمه المسيح على الصليب مرة واحدة من أجلك؟ هل تعلم إنه لولا خلاص المسيح لما كان لك مكان في السماء؟ هل تعرف أن مفتاح السماء هو من خلال صليب المسيح؟ هل هذه الحقائق داخلك؟. في أيام نوح، عمل الفلك خلاصا نجى به ثمانية أنفس، وكل العالم انتهى. أما فلك خلاصنا نحن فهو المسيح حيث نحتمي، كما تقول عروس النشيد: خت ظله (ظل الصليب) اشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة الخلقي (نش ٣:٢)هل تتأمل في الصليب كل يوم وفيما صنعه المسيح من أجلك؟ هل تنظر إلى المسيح الذي يقول: تعالوا إلى يا جَمِيعَ المُتعبين والتقيلي الأحمال وأنا أريحُكُمْ (مت ۱۱: ۲۸)، أم أن المسيح تاه وسط زحام الحياة، ولا تتذكره إلا داخل الكنيسة؟ حينما تقول طلبة "ثبت أساس الكنيسة" قل: يارب ثبت خلاصك في قلبي اجعلني أشعر بحضورك، وبيدك الممدودة، وبالصليب الذي قدمت عليه نفسك ذبيحة من أجل خطايانا. ففي نهاية كل قداس يقول الكاهن في نهاية الاعتراف: "يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". هذه النعمة الكبيرة التي نحن مقيمون فيها نعمة وجود الصليب الذي يفتح أمامنا الطريق، ويكون خلاص المسيح هو الصورة الجميلة التي نتمتع بها هي كل يوم. ٢- ثبت الاستنارة في العقول: مشكلة الإنسان في هذا الزمان هو ظلام العقل.. كثيرون عقلهم مظلم لا يرى إلا الدنس والخطية، ويعيش في التراب. أما نحن فنطلب من الله أن يجعل عقلنا مستنيرا في قطع صلاة الساعة الثالثة نقول: "أيها الملك السمائي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان المالئ الكل كنز الصالحات ومعطي الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس أيها الصالح". من أين نحصل على الاستنارة؟ أولاً: الاستنارة تبدأ في سر المعمودية. ومن الأمور الرائعة في كنيستنا إنها تحرص أن يتم سر المعمودية والطفل عمره أيام، لكي يولد الإنسان من فوق بالماء والروح، لأن هذا ما سيعطيه استنارة العقل.يقول كليمندس السكندري: "إذ نعتمد نستنير".ويقول القديس باسيليوس: "المعمودية ثوب منير"، والقديس ديونيسيوس يقول: "المعمودية لها مفعولان التطهير والاستنارة". ثانيا: الاستنارة تأتي من الكتاب المقدس المفتوح على الدوام. كما قال ربنا يسوع المسيح: "الكَلامِ الَّذِي أَكَلِّمُكُمْ به هو روح وحياة (يو ٦: ٦٣). قربك من إنجيلك الشخصي المفتوح باستمرار يعطيك استنارة. إذا ابتعدت عن الإنجيل فإن عقلك يصير مظلما، وأحكامك خاطئة، وأفكارك غير سليمة، مشورتك غير صحيحة أنت تحتاج هذه الاستنارة لتتمكن من فهم الحياة وأيضا الكتاب المقدس تتفرع منه الصلوات والتسابيح إلخ. ثالثًا: الاستنارة تأتي من ممارسة باقي الأسرار مثل سر التوبة وسر التناول. إن الممارسات الكنسية ليست مجرد ممارسات تطيب خاطرنا وتطمئنا بعض الوقت. أبدًا إن دوام استمرارك في الحياة الروحية هو الذي يعطيك استنارة، والأسرار تساعدك من أجل استنارة حياتك. حرب التشكيك في المسيحية في هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك من يشكك في المسيحية باستهزاء وباستفزاز لابد أن تعرف أن مسيحيتك بدأت من ألفي عام وأن تعرف أنه لا يوجد سؤال في المسيحية ليست له إجابة، حتى إن كنت أنت لا تعرف الإجابة لكن هناك إجابة. لقد ظهرت في تاريخ المسيحية هرطقات كثيرة كلها انتهت في التراب.يجب أن تعرف أن عدو الخير يستخدم بعض الأشرار الذين يدخلون للإنسان من باب التشكيك فعدو الخير ليس له إلا حربين حرب اليأس وحرب التشكيك. وحرب الشك تزيد ويطرح سؤالاً ليشكك السامع.. قل له أنت لا تعرف شيئًا ولا تكن مثل الريش في مهب الريح بل كن منتبها. كن قويًا واعرف أن إيمانك الذي تعيش فيه اليوم هو هو منذ أن تسلمته الكنيسة من ألفي عام إنه إيمان ثابت وقوي، وإيمان له أساس. لكن أيضا لا تكن مهملاً في حق نفسك: اقرأ، اعرف ،اسأل افهم اكتب فمن عنده فراغ تلهو به الأفكار أما من هو ثابت فلا يلهو به أحد. اطلب ثبت أساس الكنيسة، وثبت الاستنارة في العقول ولا تنسى أن الروح القدس أي بعشار متى الرسول وصيره تلميذا للمسيح، وبصياد محدود المعرفة بطرس الرسول) وجعله ينطق بالإلهيات، وبمضطهد للكنيسة (بولس الرسول) وحوله إلى كارز و عملاق و شهید من عدة سنوات قدمت كنيستنا على مرأى من العالم كله، ۲۱ شهيدًا في ليبيا. كانوا شبابا من قرية صغيرة جدًا في صعيد مصر، وإمكانياتهم محدودة للغاية، لكن إيمانهم كان قويا وباستشهادهم ثبتوا إيمان الملايين.وفي زيارتي الأخيرة للفاتيكان (مايو (۲۰۲۳م)،أخذنا كهدية منا للكنيسة الكاثوليكية، قطعة صغيرة من كل سترة من ملابس إعدام هؤلاء الشباب الحمراء الملطخة بدمائهم. وكم كان بابا روما في غاية التأثر، وللوقت أمر بوضع سيرتهم في سنكسار الكنيسة الكاثوليكية الذي تتم قراءته في العالم كله وسألونا على اليوم، فقلنا لهم إننا اخترنا يوم ١٥ فبراير من كل عام وأطلقنا عليه "عيد الشهداء المعاصرين وهو عيد استشهادهم فكتبوا سيرتهم في سنكسارهم يوم ١٥ فبراير، فصار هذا عيد يحتفل به في كل العالم. ومن شدة تأثر البابا فرانسيس بابا روما قال إنه سوف يعمل مذبحًا في الفاتيكان باسم شهداء الأقباط في ليبيا.إن الاستنارة تثبت في عقلك بعمل الروح القدس الذي يستطيع أن يحول كل شيء. أما الأشخاص الذين يسببون بلبلة العقول فنصلي من أجلهم، ونثق أن الروح القدس سوف يصطادهم ويحولهم ويصيرهم شهودًا للمسيح. ٣- ثبت اشتياقنا للسماء : من الأمور الجميلة في كنيستنا أننا نتجه للشرق في الصلاة وحتى في جلوسنا في الكنيسة. يقول الشماس وقت القداس "وإلى الشرق انظروا"، لأن الشرق هو موطن النور وموطن مجئ السيد المسيح.يا ترى هل شوقك للسماء موجود؟ أم إنه باهت؟ أم إنك مشغول بأمور كثيرة؟إن أحد أسباب قوة الإنسان المسيحي هو اشتياقه الدائم للسماء، ونظرته الدائمة للسماء. ولذلك في کنیستنا صلوات نسميها مجمع القديسين (في القداس والتسبحة) وكأننا نقوم برحلة للمواطنين الموجودين في السماء (العذراء مريم، وآباءنا الرسل، ومار مرقس، والشهداء، والقديسين والنساك، والخدام). كان الغني الغبي مشغولاً، ولم يكن عنده اشتياق للسماء: "قَالَ: أَعْمَلُ هَذَا أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أعظم وأجمع هناك جميع غلاتِي وَخَيْرَاتِي وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةً لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ إِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي فَقَالَ لَهُ الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي اعددتها لمن تكون (لو ١٨:١٢-٢٠) نحن حينما نردد صلاة: "أبانا الذي في السموات" فإننا نخاطب أبانا الذي في السموات، ونجعل فكرنا في السموات.هل عندك حنين للأبدية؟ أم إنك مشغول بالأرض والحاضر والمستقبل والمال وحتى بالخدمة لابد أن مكانك في السماء يكون موضع انشغالك ويكون حاضرًا أمامك في كل حين ولا تظن أن السماء رخيصة لا، السماء غالية وتحتاج ثمنًا عاليا تحتاج إيمانا غاليا وتعبا روحيا غاليا وإصرارًا. ونحن حتى في المثل العامي نقول: "الغالي ثمنه فيه" كل يوم في القداس نشتاق للأبدية وللسماء وكل يوم عمرنا يزداد فنقترب من السماء والأبدية. نطلب ثبت أساس الكنيسة وثبت اشتياقنا للسماويات، لأن الكنيسة هي المكان الذي نقدر أن نعيش فيه ونفهم السماء التي نحن مدعوون إليها ونصلي بما ورد في نهاية الكتاب المقدس: "آمين. تعالَ أَيُّهَا الرب يسوع (رو ۲۰:۲۲). الخلاصة: "ثبت أساس الكنيسة" هي الطلبة الأولى: ثبت أساس كل فرد ثبت أساس كل أسرة، ثبت أساس الكنيسة التي نخدم فيها، ثبت أساسنا وعقيدتنا وإيماننا وتراثنا وحياتنا. لا تنسى أن كنيستنا القبطية هي الكنيسة الوحيدة التي زارتها العائلة المقدسة ببركة خاصة لأهل مصر لا تنسى أن كنيستنا قدمت أعدادًا كبيرة من الشهداء والنساك والمعلمين لا تنسى تاريخ كنيستنا المجيد، وتراثنا الغني من أيقونات وموسيقى وألحان ولغة القبطية وطقوس. لا تنسى أن الرهبنة نشأت في حضن الكنيسة القبطية وانتشرت منها للعالم كله كنيستنا غنية ومرتفعة بارتفاع عشرين قرنا من الزمان ولها أساس قوي وحجر زاويتها هو ربنا يسوع المسيح. إنها كنيسة قوية وعلية ولامعة.لنعش ونتمتع جميعًا بكنيستنا التي لها هذا الأساس القوي مبنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نفسة حجر الزاوية الَّذِي فِيهِ كُل الْبِناءِ مركبا معا، ينمو هيكلا مقدسًا فِي الرَّبِّ الَّذِي فِيهِ أنتم أيضا مبنيون معا، مسكنا لله في الروح" (آف٢٠:٢-٢٢).نعمة الله تكون معنا والمجد الله دائما أبديًا أمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل