المقالات
29 نوفمبر 2023
هل التجسد يتعارض مع طبيعة الله ؟
يتصور البعض أن التجسد يتعارض مع طبيعة الله ، لأن الله روح بسيط خالد غير مركب ، ولا مادى، ولا يصح أن يأخذ صوراً حسية ، مرئية أو مسموعة أو محسوسة ، فهل هذا التفكير سليم ؟ وما خطورة هذه الفكرة على البشرية وعلى خلاصها ؟
۱ - نظرة خاطئة للمادة :
هذه الفكرة - أن الله لا يتجسد - تخص بين طياتها نظرة خاطئة وخطيرة إلى المادة . أليست المادة بكل صورها إحدى مخلوقات الله ؟! ما الغضاضة إذن في أن يتخذ الله منها وسيلة يعلن بها عن روحانيته واختفائه وعلوه ، لبشر حسيين وضعفاء ؟! إن فكرة نجاسة المادة ليست سليمة إيمانياً، وترجع في أصولها إلى فكر وثنى وهندوسي ، يتصور أن الإنسان روح محبوسة في جسد هولها مثل سجن قابض . وهم بذلك يعذبون أجسادهم بالمسامير، وينهكونها بأصوام مفرطة متطرفة .هل يخلق الله شيئاً دنساً ؟! أليست أجسادنا من صنع يده ؟ ألا تحوى أجسادنا أدق أسرار الخلق ، وتحمل أعمق الأدلة وأصدقها على وجود الخالق الأعظم ؟ لا يصح أن ننسب إلى أعمال الله النقص أو النقيصة ، الإنسان خلق مقدماً ، وعاش مع الله فى الفردوس بنفس جسده الحالي ، ولكنه اختار أن يستمع إلى غواية الشيطان فسقط في براثنه . فالخطأ إذن دخل إلى جسده فيما بعد، وإلى روحه وكيانه كله . أما الإنسان ككل، وكخليقة الله في الأساس ، فكان « حسناً جداً » ( تك ١ : ٣١ ) ولعل هذا هو السبب في أن تتمسك كنائسنا التقليدية باستخدام المادة في الأسرار المقدسة، كالماء في المعمودية، والزيت في الميرون ومسحة المرضى، والخبز والخمر فى التناول ، لتؤكد لنا أن كل شيء خلقه الله هو مقدس ، وأن المشكلة هى فى «سوء الإستخدام» وليس فى المادة نفسها .
٢ - نظرة خاطئة إلى الله : الله بالفعل روح بسيط قدوس ، مالىء السماء والأرض والتجسد لا يغير من طبيعته ، ولا داعى لأن نخشى من التجسد على طبيعته . فالله حينها يتخذ جسداً ، أو يسمعنا صوتاً أو يرينا نوراً لا يكف عن كونه الروح البسيط الخالد القدوس ، مالىء السماء والأرض . إنه لم « يتحول » إلى جسد ... حاشا ! إنه فقط « اتخذ جسداً». فهل في هذا مشكلة ؟ أليس هو قادر على ذلك ؟
وهناك تشبيهات كثيرة لهذا الأمر: مثلاً الجو كله من حولنا يموج بالإرسال الإذاعي والتلفزيوني ، موجات مرسلة من القاهرة وتنتشر في الجوإلى كل بلاد الجمهورية . لا نراها ولا نسمعها بالعين والأذن المجردتين، ولابد من جهاز يستقبلها ويجسدها . وإذا استقبلناها في جهاز لدينا ، لا يعنى ذلك أننا إستنفذناها ، أو إحتكرناها في جهازنا هذا ، فهى لا تكف عن الإنتشار في أجواء مصر كلها . ومن هذا التشبيه نرى : ١ - أن هناك موجات موجودة ، لا نراها ولا نسمعها دون أن يلغى ذلك أنها موجودة بالفعل. والقياس مع الفارق بالنسبة إلى إلهنا العظيم الموجود فى كل مكان وزمان دون أن تراه بعيون الجسد .
٢ - إن هذه الموجات غير المحسوسة يمكن أن تحس وترى من خلال تجسيدها في جهاز. والقياس مع الفارق بالنسبة إلى إلهنا العظيم الذي هو روح سامية، ويمكن أن يتخذ صوراً حسية كالنار أو الصوت أو النور أو الجسم البشري .
٣- إن تجسد هذه الموجات في جهاز لا يعنى إنسحابها من الجو،وانحصارها في هذا الجهاز. وكذلك فإنه حين اتخذ الله جسد إنسان ، لم يكف عن كونه الإله مالىء السماء والأرض . لهذا قال السيد المسيح له المجد: « ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء إبن الإنسان الذي هو فى السماء » ( يو ٣ : ١٣ ) .وما قلناه عن الموجات الإذاعية نقوله عن الطاقه الكهربائية فهى تتجسد في مصباح دون أن يحتكرها هذا المصباح ، وهكذا إذن فالتجسد لا يتعارض مع طبيعة الله، إذ أن الله هو الذي خلق المادة مقدسة ، والمادة من تحده بأى حال إذا ما إتخذها وسيلة يعلن لنا بها عن ذاته.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد
28 نوفمبر 2023
صوم الميلاد
الصوم وضعت الكنيسة صوم الميلاد بقصد الاستعداد للقاء المسيح الربّ المولود الآتي لخلاصنا، فنصوم لتجديد حياتنا الروحية حيث والصلاة والتسبيح والعطاء والتأمل، يجعلوا داخلنا مذودًا يُولد فيه المسيح المتجسد يسعى كل واحد منا في صدق ليهيئ نفسه كما يليق مشتركا مع الكنيسة ليفرح بالحدث الخلاصي المشترك. "هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن اجل خلاصا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء". صوم الميلاد هو أن نتحضر بالتوبة وتبييض الثياب لاستقبال الملك المولود، نستقبله بزينة النفس فنذوق وننظر طيبته ونرتل "المسيح ولد فمجدوه واستقبلوه"، فهل ندرك أن صومنا هو إعداد وتحضير وتهيئة لاستقبال السيد في مذود قلوبنا؟! وهل عرفنا أنّ صومنا هو تحضير للعلية كي يأتي ويحل بخيمته فيجد مكانًا في مذودنا ليستريح ويُولد فيه؟!
إن إيماننا ليس مجرد معتقد أو أدب وفلسفات، بل هو التزام معاش وحياة بالهنا الذي تجسد في التاريخ، وكلمنا في أنبيائه القديسين وظهر لنا نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت، بتجسده العجيب والمحبي. إنّ إيماننا ليس فرضيات لكنه واقع، ليس أفكارًا، لكنه حدثًا بدل مجرى التاريخ عندما نظر الله لنا شيئًا أفضل، حتى لا نهمل خلاصًا كهذا !! مظهرين ثباتًا وأعمالا وثمارًا تليق بكرامة إنسانيتنا وتعقلنا واتحادنا بالكلمة اللوغس Logos الذي أنعم علينا بنعمة ووزنة العقل والحرية ونقلنا من الظلمة والاستعباد، لنبصر نوره العجيب الذي أشرق من المشارق بمجد الأعالي وسلام الأرض ومسرة الناس، وهو حاضرا معنا وفينا الآن وكل أوان وإلى انقضاء الدهر. إننا نصوم لاستقبال حضور الربّ بالجسد، وتأسيس كنيسته جسدا له عبر التاريخ، بعد أن كلم الأنبياء قديما بأنواع وطرق شتى، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة بابنه الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. نصوم لنتهياً من جديد كي يولد فينا ويحل بيننا ويقدس طبيعتنا. إنّه لم يُنزّل لنا كتابًا منزلًا، لكنه أعطانا ذاته لنغتني بفدائه وخلاصه ورحمته وعشرته وأسراره الثمينة والعجيبة. نتعرف عليه ونتحد به لأن هذه هي قيمة الحياة وكرامتها، عمانوئيل إلهنا الكائن في وسطنا بمجده ومجد أبيه والروح القدس، وهو إلى الأبد معنا وإلى دهر الدهور حسب وعده لكنيسته، ففيها نلقاه ونتحد به ونحيا معه لأنه مُسكن المتوحدين في بيت وفلك واحد صومنا ينبهنا أنّ الميلاد ليس مجرد قصة ولادة ملك ملوك الأرض كلها، بل هو دفع جديد لاتحادنا والتصاقنا به اليوم وغدًا، فقصة الميلاد شيء هام والميلاد كتجسد دائم الأهمية ميلاد الكلمة المتجسد هو خلاص وحوار وصلاة ولقاء وتجاوب مستمر، هو نطق وعقل لحياة لا تنتهي.لذلك نحن لا نتصارع مع العالم، بل نتحاور ونجاوب عن سبب الرجاء الذي فينا، اليوم وبلغة اليوم " وأنتم من تقولون إني أنا" وسط عالم متمركز حول الإنسان متمرد على كل ما هو إلهي وبعيد عن خبرة الروح في مادية وإنانية، بينما شخص المسيح يقلب القديم ويلتصق اسمه بالجديد والجدة والتجديد لقد جاء "لتكون الحياة لنا أفضل" في جدة النور والفرح والحق والعدل والحرية والسلطة، وليكون الأصغر كالأكبر والمتقدم كمثل الخادم، وليكون اللص اليمين أعظم من "بيلاطس"، و"بطرس" الصياد أعظم "أفلاطون"، و"يوحنا المعمدان" أعظم من "هيرودس"، و"بولس" أقوى من "نيرون"، لأنه جاء ليرفع البائس والمسكين والفقير والمُزدرى من مزابل هذه الدنيا وترتيباتها الطبقية مؤسسا ملكوتا لا يتزعزع، ملكوتا لا يضم المستكبرين ولا الشتامين ولا الظالمين ولا القتلة والطماعين ملكونًا لا يعرف العداوة والتمييز من والعنصرية والشر إننا نصوم لنُعيّد في عيد الميلاد بمجيء الله إلى الإنسان، لكننا بالأحرى نعيد لعودتنا إليه، لقد جاء إلينا مسيحنا، فكيف نحن نأتي إليه؟!! إذن لنجتهد في صومنا ليكون بمثابة إعلان رغبتنا بالرجوع والعودة إليه، ولنستقبله لأنه تجسد على أرضنا كي يرفعنا کخليقة مستعادة لان هذا العيد يخصنا لذلك لا تعود لنا السنين والتاريخ مجرد أرقام، بل حياة مقدّسة مرتبطة بالذي تجسد لأجل خلاصنا مسيحنا المولود هو صاحب العيد، وصومنا وضعته الكنيسة، كي نستقبله ويولد في مذود قلوبنا، لأنه هو سيد التاريخ والحياة كلها، ولا فرح أثمن من استقباله، كأعظم زائر نستمد منه ينبوع حياتنا فيخمّر عجين العالم كله بالفرح والمسرة، فلنبدأ بدءًا حسنًا ولنشرع أبوابنا لنستقبله كي يبيت ويتعشى ويقيم ويصنع عندنا منزلًا، فالمغارة التي ولد فيها هي كنيسته، والمذود هو هيكله، ويوسف النجار والرعاة والمجوس هم طغماته وجنوده الكهنة والشمامسة والخدام والشعب والعذراء مريم" هي عرشه وهو قربان العالم كله وهو أسقف نفوسنا وراعيها الأوّل والوحيد. إذ لیست کنیسته مؤسسة بشرية لكنها السماء على الأرض. ليت الله يعطينا عيونًا روحيّة أبهى من عين الجسد حتى نمتلك عينا لا تقوى خشبة الخطية على أن تسقط فيها لنبصر مخلصنا المولود لأجل خلاصنا.
القمص اثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
المزيد
27 نوفمبر 2023
لماذا التجسد ؟
سؤال هام هو المسيحية كلها سؤال طالما أثير فى كل مكان وزمان سؤال أستدعى أن يسطر الوحي الإلهي على يدى معلمنا يوحنا الحبيب إنجيله ورسائله، ليوضح لنا حتمية التجسد لخلاص البشريه ، وإستحالة الخلاص دون الإيمان بتجسد الله الكلمة ففى إنجيل معلمنا يوحنا يستهل الوحى حديثه بالتحليق في آفاق اللاهوت العليا « فى البدء - أى فى الأصل، ومنذ الأزل - كان الكلمة ،والكلمة كان عند الله ، وكان الله الكلمة »( يو ١ : ١ ) ثم يقول : «والكلمة صار جسداً » ( أى اتخذ له جسداً فهو لم يكف عن كونه كلمة الله ) ، وحل بيننا ، « ورأينا مجده » ( يو ١ : ١٤ ) وفي رسائل معلمنا يوحنا يعتبر الرسول ( بوحى من الله طبعاً ) أن : «كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد ، هو من الله ، وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد فليس من الله وهذا هو روح ضد المسيح، الذي سمعتم أنه يأتى والآن هو فى العالم » ( ١ يو : ٤ : ٣،٢) ولقد قصد الله أن يبقى يوحنا الحبيب ، الذي طالما اتكاء على صدر السيد المسيح ، حتى نهاية القرن الأول شاهداً أميناً على الفكر اللاهوتي المسيحي السليم كما تسلمه من الرب نفسه. فبينما استشهد بقية الإثني عشر وحتى بولس الرسول قبيل سنة ٧٠ ميلادية ، بقى يوحنا الحبيب حتى نهاية القرن الأول تقريباً لتثبيت العقيدة المسيحية السليمة في مواجهة العديد من الهرطقات مثل :
١- هرطقة الغنوسيين :-
الذين تصوروا أن الخلاص يمكن بالمعرفة العقلانية حيث كلمة Know=Gnoses أي يعرف وقالوا أن التأمل العقلاني يطهر النفس ويخلصها وأن السيد المسيح مجرد إنسان عليه حل روح علوى وإذا سلمنا بهذا فقدنا كل شيء ، فالخلاص بالعقل يلغي ضرورة التجسد والفداء. وأن يكون المسيح إنساناً فمعنى ذلك أن من فدانا محدود ، ففداؤه ناقص . لهذا رفضت الكنيسة هذه البدعة الخطيرة .
٢ - هرطقة التهود
التي سادت لفترة على حياة بعض اليهود الداخلين إلى المسيحية - حيث لم يستطيعوا التحرر بسرعة من أمجاد العبادة القديمة الشكلية وطقوسها وفرائضها الرمزية . فانبرى لهم معلمنا بولس الرسول ليوضح لهم أمجاد المسيح والمسيحية، خصوصاً في رسالته إلى العبرانيين التي مفتاحها هو كلمة « أفضل » . فالسيد المسيح أفضل من الملائكة بما لا يقاس (ص ۱ : ۲)، وأفضل من موسى ( ص3) ، ومن يشوع ( ص ٤ ) ، ومن هرون ( ص ٥ ) ، ووعده هو الأثبت (ص ٦ ) ، وذبيحته كانت ترمز إليها تـقـدمـة ملكيصادق ( ص۷) : وكهنوته أفضل من كهنوت هرون ( ص ) ، وعهده أفضل من العهد القديم ( ص ۹) ،وأقداسه أفضل من أقداس الهيكل ( ص (۱۰) ، والإيمان به هو سر خلاص الآباء (ص ۱۱) ، وناموسه أكمل من ناموس موسى ( ۱۲ ) ، ودمه أفضل من دم الذبائح ( ص ۱۰ ، ۱۳ ) .
٣- هرطقة الدوسينيين
الذين تصوروا جسد السيد المسيح غازياً وخيالياً ، معتقدين أن المادة لا يليق أن ندخل إلى حياة الله . وهى البدعة التي تجددت فيما بعد بواسطة أوطاخي، وما زالت أصداؤها ترن فى التساؤلات حول التجسد إذ يتساءلون :
( أ ) هل التجسد ضد طبيعة الله ؟
( ب ) هل التجسد ضد قداسة الله ؟
( ج ) هل التجسد ضد قدرة الله ؟
( د ) لماذا التجسد ... ألم يكن هناك حل آخر سواه ؟
( هـ ) ما مدلول التجسد في حياتنا ؟
وهذه الأسئلة الهامة يجب أن نستوعب إجابات عليها لعدة أسباب :
أولا : للتثبت من إيماننا الصخرى، الذى تحطمت على صخرته كل الهرطقات .
ثانياً : لندعم أخوتنا في المسيح على أساس المعرفة الأساسية اللازمة للخلاص ، إذ يقول الكتاب المقدس: «هلك شعبي من عدم المعرفة » .
ثالثاً : لأن التخلى عن عقيدة التجسد هو بعينه التخلى عن نصيبنا في المسيح وفي الملكوت فما دام الله يستنكف أن يتخذ له جسدا إذن ، فهو لن يسكن فينا ،وهذا هو الهلاك بعينه ، إذ كيف نحيا معه في الملكوت ونحن لا نشبهه قط لهذا قال الرسول : "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (۱ تي٣ : ١٦ ) فالتجسد إذن هو سر التقوى الإنسانية ،وبالتالي الخلاص الأبدى .
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
عن كتاب أسئلة حول التجسد
المزيد
26 نوفمبر 2023
شروط تبعيه المسيح-الأحد الثالث من هاتور
إنجيل هذا الصباح المبارك ياأحبائى يتحدث عن رب المجد يسوع وهو ينظر إلى الجموع الكثيرة التى كانت تتبعه ومن الواقع يتضح أنّ شخص رب المجد يسوع كان شخص جذّاب جداً وكانت أحاديثه ومعجزاته وأعماله وسيرته الشخصية والذاتية كانت تُجذب إليه الكثيرين كما حدث فى الموعظة على الجبل وفى معجزة شفاء المفلوج كانت الجموع كثيرة " وكان جموع كثيرة سائرين معه فألتفت وقال لهم " فى الحقيقة رب المجد يسوع ناظر للأعماق وأراد أن يقول لهم إن أردتم أن تتبعونى فلكم أن تعرفوا شروط هذه التبعية لا أريد التبعية الظاهرية ولا لأنى صانع معجزات ولا لأنى قد أشبعتكم فتتبعونى لكن هناك شروط ومقاييس لهذه التبعيةما هى ؟
قال لهم شرطان للتبعية
الشرط الأول :- " إن كان أحد يأتى إلىّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً " شرط صعب جداً لكى تتبع الرب يجب أن تبغض أبوك وأمك وإمرأتك وأولادك وإخوتك ونفسك وذلك لتكون تلميذاً للرب الرب يسوع وبعينيه الثاقبة وضع شرطين أمام الجموع كأنّه أراد أن يقول لهم أنّه من الممكن أن يكون بينكم إثنان أو خمسة أو عشرة هم فقط الذين يتبعوننى هؤلاء هم تلاميذى فعلاً من كل قلوبهم يتبعونى أينما أمضى أمّا الباقين فأنا بالنسبة لهم شىء ثانوى أنا بالنسبة لهم صديق أو مُعلّم أو إنسان معجبين به وببطولاته أنا لست بنبى ولا رسول ولا أنا صاحب دعوة فلسفة لا أريد هذا الزحام أنا أفضّل أن معى إثنان أو عشرة أو عشرين وبالشروط التى أريدها أنت يارب صاحب الوصايا التى تأمرنا بأن نحب ونكرم الأب والأم " إكرم أباك وأمك لكى تطول أيامك على الأرض وأن تحب قريبك كنفسك " فى الحقيقة ياأحبائى إن ربنا أراد ان يقول أنا آمرك أن تحب أباك وأمك وزوجتك وأولادك لكن بشرط ؟ فى الرب يقول " أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى الرب " كيف فى الرب ؟ أى محبتى لكل من حولى تكون محبة مقدّسة فى المسيح يسوع مصدرها الله قوّتها هو الله سندها هو فى أى شىء مبنى على محبتى هو الله ولذلك يأمر النفس أن تكون لها علاقة به أقوى من أى علاقة أخرى أقوى من أى عواطف بشرية لأنّ كل هذا فى الحقيقة ثبت أنّه حتى العلاقات الأسرية أساسها جسد وأساسها ذات ولحم ودم لماذا الإنسان يحب أباه وأمه وزوجته وأولاده وإخوته ونفسه بالأخص أكثر من أى شىء آخر؟ لأنّ كل هؤلاء ينّمون لديه ذاته وينّموا عنده إرتباط اللحم والدم ونحن لا نريد أن نعيش للذات ولا لحم والدم أحد الفلاسفة غير المسيحيين أكتشف ويقول أنّه وجد نفسه من أربعين سنة كان يحب أباه وأمه ويقول ومن عشرين سنة محبتى لأمى وأبى إنتقلت إلى زوجتى ثم بعد ذلك إنتقلت محبتى لأولادى فهو يثبت من خلال المشاعر أنّه إنسان أنانى يعطى مشاعره لمن يأخذ منه أكثر من الذى يعطيه هوفأحب امه وأبيه فى وقت عطائهم له ثم إنتقلت محبته لزوجته لأنّه وجد أنها التى تعطيه الأن أمّا أبواه فأصبح من الواجب عليه أن يعطيهم هو وليس سيأخذ منهم ثبت أنّ علاقة الإنسان بالأكثر تتحكّم فيها الأنانية حتى أسمى مشاعر الإنسان علاقته بأسرته ولذلك لأنّ رب المجد لا يُخفى عليه شىء يقدّس الأسرة ويقدّس العلاقات الأُسرية لكنّه يضع نفسه فى مرتبة اعلى منهما بكثيرفنتذّكر عندما إنتهى الرب من الموعظة على الجبل قامت سيّده تقول للرب " طوبى للبطن التى حملتك والثديين التى أرضعتاك " فنجد أنّه ردّ عليها وقال " بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه "الإنتقال من علاقة الجسد والدم واللحم إلى علاقة أرقى وأسمى علاقة حفظ كلام الله وسماع كلامه هذه هى النفس التى تستحق أن يسكن فيها الله ، أيضاً نذكر فى موقف آخر عندما قالوا له " هوذا أمك وإخوتك فى الخارج يطلبونك " قال لهم " من هى أمى وإخوتى إلاّ الذين يصنعوا مشيئة أبى " أيضاً عندما كان المسيح صبى وأخذت العذراء مريم ويوسف النجار يبحثون عن يسوع فى الهيكل لمدة ثلاثة أيام وأخيراً وجدوه فقالت العذراء " هوذا أنا وأبوك كنّا نطلباك معذبين " فردّ عليها المسيح " أمّا تعلمان أنّه ينبغى أن أكون فيما لأبى " ، أراد المسيح أن يغرز ويركّز فى أفهام وأذهان تلاميذه نفس الفكرة أن يفطمهم عن العلاقات الجسدية والعلاقات العاطفية ليس تحب هذا الرجل لأنّه أبوك بل تحب كل الناس كأنهم أبوك وايضاً أريدك أن تحب كل الأولاد كأنهم أولادك هذا هو مقصد رب المجد يسوع من شرطه الأول للتبعية هو شرط صعب لكنه شرط راقىرب المجد يسوع يحب يعلن نفسه ملك على النفس فى العهد القديم كان الرب يقول عن نفسه أنّه إله غيوروالغيرة هذه طبع بشرى يحاول به يفهّمنا فكر روحى الغيرة هى عبارة عن شخص متعلّق بشخص آخر ويحب يكون له وحده ولا يريد أحد يقاسمه هذا الشخص كذلك رب المجد يسوع غيور علينا خلقنا وأحبنا خلّصنا فدانا، يحب أن تكون محبتنا له هى المركز الأول وهو كل شىء قبل أى شىء آخر حتى والدينا أمى وأبى وزوجتى أولادى وإخوتى حتى نفسى يكون هو الأول يجب يكون هو مركز الحياة وليس أنا مركز حياتى ولا علاقاتى الجسدية ولا علاقاتى العاطفية لا هو الأول وعندما يكون هو الأول أعرف أقّدس علاقاتى الأخرى وأعرف أتعامل مع من حولى من خلال المسيح يسوع ولذلك طلب الله فى العهد القديم من إبراهيم أن يقدّم إبنه إسحق ذبيحة " خذ إبنك حبيبك وحيدك وقدّمه لى محُرقة " كان الله يعرف قلب إبراهيم أنّه معه لكن وجد علاقات تنّم عن خطر وهى أن صار إسحق مركز حياة إبراهيم وصارت عواطفه مرّكزة فى إسحق وبدأ الله فى حياته مرتبة ثانية نريد أن نصلح المعادلة يكون الله فى المرتبة الأولى لأنّ أنا الذى أعطيتك إسحق وليس آخر ، أريد أن أكون أنا الأول لأنى وجدت إسحق ينافسنى على محبتك لكن إبراهيم كان قدير وإجتاز هذا القرار الصعب يقول " فبكّر إبراهيم " فبارك الله أبونا إبراهيم " من أحبّ أباً أو أماً أو زوجة أو أولاد أو أخوات أكثر منى فلا يستحقنى " ، يجب أن يكون الله مركز حياتى ولا أعطيه من فضلاتى أو أعطيه من أوقات الفراغ أو أعطيه بعد إنتهائى من إهتماماتى لا يجب التبكير إليه يجب الإنشغال به يكون القلب ينبض بمحبته كل الأوقات هذا هو شرط تبعية يسوع الله ينظر إلى الأعماق ويعرف جيداً قلب كل واحد ومرتبة الله بالنسبة له لابد أن يُخلى الإنسان قلبه حتى يحضر الله لا يمكن قلب مشغول بمحبات كثيرة بأشياء كثيرة وقلبى وفكرى مشتت وتريده يسكن عندك أنت لا تستحقنى وأيضاً لا أسكن فيك ويمكن يكون هذا تفسير لكثير من الشكوى إننّا لا نحس بالله ؟ لسنا فرحانين به قلوبنا غير متحركة نحو محبته أقف لأصلّى أجد نفسى لا أصلّى الكسل يغلبنى غير قادر يكون لى إيمان كافى بالأبدية ولست قادراً لكى أفرح بوصاياه0الأصل لأنّه يوجد عوائق كثيرة داخل القلب قلبى ملىء بأمور أخرى تبعدنى عنه أشعر أنّ المسافات بينى وبينه كبيرة وأنا الذى وضعتها لذلك عندما رب المجد يسوع قال " قدّم إبنك وحيدك حبيبك إسحق " بيطلب من كل واحد منّا نفس التقدّمة يريد إسحاقنا ( أغلى شىء عندى ) رب المجد يسوع يطلب من كل واحد منّا أن يتنازل عن إسحاقه لكى يكون الله هو الأول فى القلب فى معجزة إقامة لعازر0طلبوا الرب يسوع وقالوا له إنّ لعازر مريض " ياسيد هوذا الذى تحبه مريض " تأنّى عليه ولم يذهب وبعدما كان مريض أصبح ميت بل وأصبح له أربعة أيام0فذهب لهم يسوع فوجدهم حزانى جداً وقالوا له نحن طلبناك فإبتدأ يكلّمهم عن القيامة " أنا هو القيامة والحياة ومن آمن بى فلو مات فسيحيا " فقالوا له نعم يارب سيقوم يوم الدينونة فقال لهم لا سيقوم الأن كان الرب يسوع يحب هذه الأسرة ويرتاح لها ويستريح فى بيتهم لعازر ومريم ومرثا لكنّه شعر أنّ بينهم روابط عاطفية شديدة لاحظ الله أنّ محبتهم لبعضهم البعض صنعت لون من ألوان الإنفصال عن الله لماذا ؟ لأنها محبة ذاتية بشرية ليست من خلال الله وهو يريد أن تكون المحبة من خلال الله محبة مقدسة روحانية وليست محبة ذاتية بشرية وبعد إقامته للعازر أعاد ترتيب العلاقة الصحيحة فى الأسرة صار يسوع هو الأول صار الحب الأكبر لذاك الذى أقام لعازر إذاً يجب أن تحب واهب الشىء وليس الشىء من الصعب أن أحب الشىء دون أن أحب واهب الشىء هل من الممكن أن أتعلّق بالشىء ولا أتعلّق بواهب الشىء ؟ يقول الرب هذه عطاياى أنا أجدك تنصرف عنى بعطاياى بدل ما تكون عطاياى تمجدّنى فى حياتك وتزيدنى إرتفاعاً ومجداً فى حياتك ومن هنا يقول يبغض أباه وأمه لذلك يا احبائى شخص رب المجد يسوع مُشبع والذى يتبعه حقيقياً يعرف يعيش بدون الأتكالية على الأخرين يعرف كيف يعيش متكل عليه يعرف يكون هو السند له ولا يقلق القديس أنطونيوس كان له أخت وحيده بعد موت أبيه كان من الممكن العواطف البشرية تغلب عليه ويقول هى بنت وهى أختى وهى أمانة فى عنقى وعدو الخير فى هذه الأوقات يكون نشيط لكن لأنّ الأنبا أنطونيوس مشاعره ثابتة فى الله إستودع إخته فى يد الله فى يد من أعطاه هذه الوديعة قال لله هذه امانتك أنت وهذا عملك أنت وأنا أريد أن أخرج لأباركك وأسبّحك كل أيام حياتى أنا راغب فى الإنطلاق من رباطات الجسد رباطات ضعيفة أريد أن أغلبها يقال عن واحد أراد أن يترهبن وكل إخواته قد تزوّجوا ووالده توّفى ويعيش مع والدته وهى أم كبيرة فى السن ومريضة وكان ضميره يؤلمه أنه يترك أمه كان مدّرساً وسبق أن جاءت له فرص للسفر للإعارة لكنّه كان لا يرغب فى السفر حتى لا يترك والدته وفى الدير هناك أحد الرهبان أعطى له مشورة وقال له أنا أريدك مطمئن من جهة والدتك إذهب وإسألها وقول لها أنّه جاءك عرض للسفر للدول العربية وإذكر لها المرتب الذى ستتقاضاه وإسمع ماذا ستقول لك وفعلاً سمع لنصيحة الراهب فكان رد والدته على السؤال إنها يمكنها أن تذهب عند إخواته فى فترة السفر هذه ويجب عليك السفر ففى الحال إستراح ضميره إن كان ممكن إنسان يترك ماله من أجل ربح بعض النقود لماذا نتعجب أنّ إنسان يترك أهله من أجل الحياة الأبدية0فى الحقيقة صوت الأبدية داخله وصوت الإنجيل والوصايا يعمل بشدّة فأصبح سعيه للأبدية أكثر بكثير لسعيه للمال ممكن للإنسان من أجل هدف أعلى يضحّى بهدف أقل لماذا لا يكون ربنا هدف أعلى فى حياتى وأن أعرف كيفية التعامل مع باقى الأهداف " ورجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء "فى الحقيقة شرط مهم جداً أن أعرف أنّ كل عطاياى هى من يد الله فلا يليق أبداً أنّ عطايا الله تفصلنى عن محبة الله ولا يليق ابداً أنّ الذى يأخذ مركز عواطف حياتى يكون غير الله لأنّه هو واهب العطايا لذلك هو يُحب من كل القلب ولا يريد أن أحد ينازعه رغبات أخرى سواء زوجة أو أولاد ولا حتى نفسك إن لم تتقدّم محبتنا لله عن محبتنا لإنفسنا إذاً نحن مازلنا لا نعرف الله لذلك إذا بقيت قلوبنا وعواطفنا وحياتنا كلها ليست مقدّمة كلها لله سنبقى لا نعرف الله إمّا أعرفه أو لا أعرفه إمّا أحببته أو لم أحبه بعد طالما توجد أمور تعوقنى عنه سوف لا أعرفه ولا أعرف أسمعه ولا أعرف أطبّق وصاياه ولا أعرف أعيش معه سيقى الإنجيل بالنسبة لى مُبهم لذلك كان الأنبا أنطونيوس يقول لأولاده " إعلموا يا أبنائى أنّ كل الوصايا ليست صعبة ولا ثقيلة بل نور حقيقى وسرور أبدى لكلٍ من أكمل طاعته " عندما الإنسان يُكمل طاعتها ويعرف كيف يقدّم ذاته على مذبح محبة ربنا مثل ما حدث للقديسة دميانة مع ابيها مرقس عندما قالت له " إنى أفضّل أن أسمع خبر موتك على إنك تبخّر للأوثان " أصل القديسة دميانة تبغض أباها فى المسيح يسوع وتحب أبيها فى المسيح يسوع لكن محبتها للمسيح أكبر من محبتها لأبيها 0
كان أحد القديسين وهو طفل صغير رأى أبيه فى موكب الإستشهاد فوالده عندما جاءت عينيه فى عين إبنه بكى الوالد على إبنه لأنّه رأى أنّه سوف يستشهد وإبنه هذا لمن سيتركه فنجد أنّ الإبن الصغير هذا ينظر لأبوه ويقول له إحذر أن تغيّر قلبك بسببى ( أصل أبوه ربّاه على محبة ربنا قبل أى شىء آخر )0
الشرط الثانى :- " من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً "
من يتبعنى ليس بالمظهر ولا للمنظره ولا للإفتخار لكن التبعيّة هى حمل الصليب تبعية فيها ألم أنا متقدّمكم فى حمل الصليب وكما أنا متقدّمكم فى حمل الصليب ينبغى أنّه كما سلك ذاك ينبغى أن نسلك نحن أيضاً لكى نتشبّه بسيدنا حامل الصليب إذاً يجب أن نحمل الصليب إن أردت أن لا تحمل الصليب فلا تكون تلميذاً لى ما هو الصليب الذى يمكن أن أحمله ؟
آلام – أوجاع – صلب الشهوات والذات – أصوام تأمرنا الكنيسة بها – مرض – حزن – ضيق – أى ألم من الألام الأرضية ‘ إعتبره صليب ولابد من إنك تحمل الصليب بنجاح لكى تكون فعلاً تلميذ حقيقى لربنا يسوع المسيح كم الإنسان ياأحبائى يتذّمر من حمل الصليب ولمّا ننظر للصليب أنّه شىء مُتعب ومؤلم ولا ننظر إليه أبداً أنّه أداه للمجد وأداه للقوة فنحن لولا الصليب ما كان الخلاص ولا الملكوت ولولا الصليب ما كان لنا القوة ولا الفخر فالصليب هو باب ومفتاح لكل الأفراح ، ونحن لكى نكون تلاميذ له يجب أن نكون حاملين للصليب الكنيسة تقول نصوم إذاً نصوم وآخذ فرصة من الصوم لصلب الذات وصلب الشهوات والجسد وأهواء الجسد وآخذ منه فرصة بأن أتمتّع بالقيامة نجد الكنيسة لكى تهيىء أولادها لأفراح أو لأعياد لابد أن يكون قبل الأعياد أصوام لأنّه لا يوجد قيامة بدون صليب ولا يوجد فرح بدون حزن ولا يمكن لإمرأة أن تولد بدون حِبل والحِبل ممكن يكون له ألم لكن عندما تلد ينتهى الألم والحزن كذلك الصليب هو شركة آلام مع ربنا يسوع المسيح لا يليق أبداً أننّا ننفر منه أو نجزع أو نرفض أبداً أولاد الله يقبلوا الصليب فى حياتهم بفرح لأنهم عارفين أنّ هذا شرط ليكونوا تلاميذ0
لذلك الذى يفهم هذا الفكر تكون حياته مرتفعة عن مستوى الألم لماذا ؟
لأنّه بيأخذ وينال من الصليب البركات التى تسنده على الألم الإنسان الذى يصوم بتغصّب يحمل الصليب وهو تعبان هذا إنسان متألّم ناظر للصليب من واجهه واحدة أمّا الذى يصوم بفرح وحامل الصليب بفرح وحاسس إن هذه شركة مع ربنا يسوع المصلوب المتألم الصائم أنا مشترك معه أنال معه نفس المجد لكم أن تعلموا يا أحبائى أننّا ليس بذواتنا قادرين على حمل الصليب لأنّ الحامل الصليب الحقيقى هو ربنا يسوع المسيح لا يقوى على صليب يسوع إلاّ يسوع هو الذى صام عنّا وهو الذى صُلب عنّا وهو شاركنا فى الآلام وهو تجرّد قبلنا وهو الذى ظُلم " لأنّه فيما هو تألّم مجرّباً يقدر أن يُعين المُجربين " يُقال عن طفلة صغيرة كانت مشلولة ساكنة فى منزل من دورين دخل والدها ومعه هدية كبيرة من أجل والدتها وكانت والدتها جالسة فى الدور الثانى فطلبت إبنته أن تأخذ الهدية لتعطيها هى لوالدتها فحزن والدها وقال فى داخله كيف تقدرين أن تعطيها لوالدتك وأنتِ لا تتحركين فقالت الإبنة لوالدها إحملنى يا ابى لكى أصعد إلى أمى وأعطيها الهدية أريد يا أحبائى أن أقول أنّ الصليب نحن حاملينه لكن الله هو الذى حاملنا وحامل الصليب الحقيقى هو ربنا يحملها عنّا " أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملّها " ، أى ضيقة هو شريك ضيقاتنا أى فقر أى ألم هو يرفع ويحملها معنا نحن لا نقوى على حمل الصليب لكن بولس الرسول يقول " شكراً لله الذى يقودنا فى موكب نُصرته ِ " هو حامل أمامنا ونحن وراءه هو العزاء وهو السند وهو القائد لذلك "من لا يحمل صليبه ويتبعنى لا يقدر أن يكون لى تلميذاً "لعلّ رب المجد يسوع أوضح الفكرة للجموع أراد أن يعلن لهم إحترسوا إنّ الحياة معى تحتاج لبعض المسئوليات وبعض الإستعدادات هل لديك إستعداد أن تحبنى أكثر من نفسك أكثر من زوجتك وأولادك هل لديك إستعداد أن تكون عواطفك أنا مركزها هل لديك إستعداد أن تتخلّى عن الذات وعن رباطات اللحم والدم وتُفطم عنها من أجل أن تتّمتع بغناى هل عندك إستعداد على حمل الصليب وتشاركنى حمل الصليب إن حملت صليبك وإن عرفت فعلاً كيف يكون المسيح هو مركز حياتك وقتها أصبحت فعلاً من القلائل الذين فى وسط الجموع الكثيرة هؤلاء الذين عرفوا المسيح حقاً أحد الأباء القديسين قال " ما أكثر الذين يتزاحمون حول يسوع وما أقل الذين ينالون نعم شفاءه " كثير الذين حوله لكن الذين يعرفوه فعلاً قليلون الذين لمسوه وخلصوا بواسطته الجموع كثيرة لكن نازفة الدم هى التى لمسته وهى التى إستفادت الجموع كثيرة لكن المولود أعمى هو الذى صرخ وقال " يا إبن داود إرحمنى " هو الذى شُفى الجموع كثيرة لكن المفلوج هو الذى شُفى قليلون الذين يخلصون وإن كان الجموع كثيرة نريد أن نكون من القليلون الذين أتوا ليخلصوا نريد أن نأتى بإيمان أن نلتقى به كمخلّص أتينا لنقترب إليه لكى نُشفى من أمراض خطايانا ربنا يسند كل ضعف فينا بنعمته لإلهنا كل المجد أبدياً أمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
25 نوفمبر 2023
إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر هاتور (مت ۱۱ : ٢٥ - ٣٠ )
" في ذلك الوقت أجابَ يَسوعُ وقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السماءِ والأرض، لأنَّكَ أخفيت هذِهِ عـــن الحُكَماءِ والفُهَماءِ وأعلَنتَها للأطفال نَعَمْ أَيُّها الآب لأن هكذا صارَتِ المَسَرَّةُ أمامَكَ.كُلُّ شَيْءٍ قد دُفِعَ إِلَيَّ من أبي، وليس أحَدٌ يَعرِفُ الابن إلا الآبُ، ولا أحَدٌ يَعرِفُ الآبَ إِلا الابنُ ومَنْ أرادَ الابْنُ أَنْ يُعَلِنَ لَهُ. تعالَوْا إِلَيَّ يا جميعَ المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحُكُمْ. احملوا نيري علَيكُمْ َوتعَلَّموا مني، لأني وديع ومُتَواضِعُ القَلبِ، فتجدوا راحةً لنُفوسِكُمْ لأن نيري هَيِّنٌ وحِملي خفيف "."أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء وأعلنتها للأطفال الصغار". جاء هذا بعد أن تكلم الرب عن جماعة الكتبة والفريسيين الذين رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم وأغمضوا عيونهم وسدوا آذانهم من نحو قبول المسيح وصادروه على كل كلمة يقولها وتكلموا عليه بالردئ. ثم تكلم الرب على المدن التي صنع فيها أكثر قواته ولم تتب أو ترجع إليه وقال : أنه سيكون لسدوم في يوم الدين راحة أكثر مما لتلك المدن. وعلى العكس من ذلك نظر يسوع إلى رسله الأطهار القديسين الذين تبعوه وآمنوا بـه والتصقوا به وتركوا كل شيء إذ وجدوا يسوع وألقوا رجاء هم بالتمام عليه، وقالوا : إلى من نذهب" وكلام الحياة الأبدية هو عندك".
نظر إليهم في إيمانهم البسيط فوجد قلوبهم كأطفال أطهار إذ صاروا أنقياء بسبب الكلام الذي كلمهم به. حينذاك رفع عينيه نحو أبيه القدوس الذي في السموات وقال: "أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء... الحكماء في أعين أنفسهم، أغلقوا على أنفسهم خارج ملكوت المسيح. رئيس هذا العالم طمس عيونهم وسد آذانهم صارت كرازة الصليب جهالة عند الحكماء، ولكنها قوة الله، وجهل الله أحكم من الناس. قال الرب لأورشليم في يوم دخوله إليها كملك وديع راكبًا على أتان وجحش ابن أتان "لو كنت تعلمين مـا هـو لخلاصك... ولكنه قد أخفى عن عينيك". فلاسفة وحكماء كثيرون عثروا في المسيح بينما البسطاء سبقوهم إلى الملكوت . موسى بعد أن تهذب بكل حكمة المصريين لم يعرف الله بالحكمة بل في عليقة صغيرة في وسط البرية مشتعلة بالنار . الحكماء عند أنفسهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله، وأحبوا أن يعظمهم الناس وينالوا أجرًا من الناس، ومديح الناس واستحسان الناس، فقال لهم الرب: "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدًا بعضكم من بعض". لقد كان في وسطهم يأكل ويشرب، فعثروا فيه، وحين علّم سدوا مسامعهم لأنهم هم معلمو الناموس فماذا عساه أن يزيد على معرفتهم؟ وإذ صنع آيات قالوا إنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين وحين فتح عيني الأعمى قالوا:"نحن نعلم أن هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت".أما البسطاء المعتبرون أنهم أطفال صغار بحسب الروح فقال للآب: "لقد أعلنتها للأطفال الصغار" فأسرار الملكوت وأعماقها وأبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام الأطفال. لذلك قال الرب: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد لن تدخلوا ملكوت الله، ومن لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله". فلما سأل الرب الرسل من يقول الناس في ابن البشر من هو ؟ أجاب القديس بطرس بإيمان طفل بالحق ونطـق بالإيمان جهارًا قائلاً: أنت هو المسيح ابن الله الحي" فأجاب الرب وقال : طوباك يا سمعان بن يونا إن دما ولحما لم يعلنا لك هذا ولكن أبي الذي في السموات". هذه هي شهادة الآب عن ابنه يسوع المسيح وهي ذات الشهادة التي يعلن بها الآب لكل من حاز قلب طفل في صدق وبراءة ونقاوة وعدم شك. فليس من يعرف الابن إلا الآب، ولا من يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له". معرفة الله إذن ليست عقلانيات، ولا نظريات تدرس ولا علوم جافة وجدل عقيم، هي أولاً وآخِرًا إعلان الله، وإظهار الله لذاته، هي معرفة مفاضة من الله للذين أُعطي لهم أن يكونوا كأطفال صغار بلغ بهم التصديق إلى مداه والثقة في كل ما يسمعونه من الله. أمور الله غير المدركة أعلنها لنا الله بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله.على أن إعلان الله ذاته لأولاده (الأطفال الصغار) إذصار لهم نعمة البنوة، هذا الأمر عينه هو مسرة الآب"هكذا صارت المسرة أمامك لأن اقتبال الآب لأبنائه بعد زمان الغربة والقطيعة هو فرح الآب "ينبغي لنا أن نفرح ونسرّ لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش" الآب يفرح بخاطئ واحد يتوب، يكون فرح في السماء برجوعنا إلى الآب السماوي، وهو يجزل لنا العطاء بسخاء،حتى قيل إن الآب نفسه يحبكم.كل شيء قد دُفع إلي من أبي"كل ما للآب هو لي، أنا والآب واحد". هكذا قال المسيح له المجد، وكل ما أعطاه الآب وهو حامل طبيعتنا صار لنا في المسيح. وقمة عطاء المسيح لنا هو ما نلناه في شخصه من نعمة البنوة حين أخذ ما لنا وأعطانا الذي له، وقمة ما أخذناه هو نعمة البنوة والتمتع بحضن الآب الذي هو كائن فيه كل حين.هنا وبعد هذا الاستعلان الفائق نادى المسيح بصوته الحنون: "تعالَوْا إِلَيَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحُكُمْ". تعالوا إلى حضن الآب، فالأب يحبكم لأنكم آمنتم إني خرجت من عنده. تعالوا بأحمالكم فأنا حمل الله أحملها عنكم تعالوا بحمل خطاياكم لأني مستعد أن أموت حاملاً خطاياكم.كل من يجيء للمسيح يطرح خطاياه وأثقاله على المسيح، ثم يأمره المسيح أن يحمل نيره (صليبه) . المسيح يكسر عنا نير خطايانا، ويخلصنا من حمل العالم ونيره الثقيل المخيف، ثم يحملنا نيره الخاص أي صليب حبه.نير المسيح هين وحمله خفيف. وصايا المسيح ليست ثقيلة كما قال يوحنا الحبيب. هيا بنا نحمل صليب الذي أحبنا. هيا بنا نفرح بهذا النير الهين ونشكره لأنه أخذ عنا ثقل حملنا وأراح التعابي على صدره.
المتنيح القمص لوقا سيدراوس
عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
24 نوفمبر 2023
مائة درس وعظة ( ٤١ )
رجاء الأمم "رجائى فيك" "على أسمه يكون رجاء الأمم "مت٢١:١٢"
ما أجمل كلمة رجاء .. أقرب كلمةلكلمة « رجاء » هي كلمة « أمل » .. كانت البشرية في العهد القديم بلا رجاء .. يقدم الإنسان الذبيحة اليوم ، ويحتاج أن يقدمها غداً ، فلا يوجد من يمسح الخطية ، وكانت الخطية تستشري في الجسد الإنساني ، ومن هنا نشأت الصراعات والحروب والعنف ، كاد يفقد الإنسان رجاءه ، متى يجيء المسيح .. جاء المسيح وتجسد وبث روح الرجاء في البشرية « يا رجـاء من ليس له رجـاء معين من ليس له معين ، عـزاء صغيري القلوب » ، كما تصلي في أوشية المرضى .. والآن يحارب عدو الخير الإنسان لكي ما يفقده رجاءه الذي ناله.
أولاً : مشاهد كتابية:
١- أبونا إبراهيم : طلب منه الله أن يخرج من أرضـه ويترك عشيرته للأرض التي يريها له لو كان إبراهيم بلا رجاء لطلب أولا أن يرى هذه الأرض ويقارن بينها وبين الأرض التي يعيش فيها. للإنسان عينان : عين الإيمان وعين الرجـاء الإيمان لا يكون إيماناً إلا بالرجـاء والرجاء لا يكون رجاء إلا بالإيمان.
۲- داود النبي في سفر المزامير يقول : « رجائي فيك .. هذه العبارة تتكرر كثيرا في صلواته ومزاميره.
۳- يوحنا اللاهوتي : العهد الجديد في آخر سفر الرؤيا يتحدث عن الرجاء « أمين تعال أيها الرب يسوع ، ( رؤ ٢٢ : ٢٠ ).
٤- بولس الرسول بعين الرجاء قال : لى اشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح ، ذاك افضل جدا ، ( فی ١ : ٢٣ ).
ثانياً : فاعلية الرجاء :
1- طاقة أمل : يمد الإنسان بالطاقة . فتصير حياته بلا پاس . يحاربنا عدو الخير بشيء من الأثنين الياس ، أو الشك عندما يمتلك الإنسان الرجاء يمتلك طاقة لحياته شيء مهم أن يكون للإنسان في حياته اليومية هذه النظرة المملوءة بالرجاء.
۲- قوة جذب: تضعف جذب العالم للإنسان ، العالم بكل شهواته واكاذيبه يجذب الإنسان ، ولكن رجاء الإنسان في الحياة الجديدة يجعله غير مرتبط بالأرض .. وهذا ما فعله الأباء القديسون الناسكون والشهداء ، الرجاء يرفع الإنسان من مستوى الأرض إلى مستوى السماء. ٣- أمانة شهادة: الرجـاء يجعلنا شهوداً حقيقيين للمسيح ( كـان فشلنا في الأول هو دافعنا للنجاح ،وعندما فشلنا في المرة الثـانيـة حاولنا في المرة الثالثة ولكننا فشلنا ) ، هذه مقولة أحد الأطباء في مذكراته أثناء محاولاته مع مجموعة لاختراع دواء للسل .
٤- بعد جدید : الرجاء يعطى للإنسان بعداً جديداً في حياته .. إن وجدت ضيقات ومتاعب .. تذكر عبارة "معين من ليس له معين " ، وتذكر أن السيد المسيح جاء لكي يكون على اسـمـه رجـاء الأمم صار للبشرية بعد الرجاء بمجيء المسيا.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
23 نوفمبر 2023
شخصيات الكتاب المقدس تيخيكوس الرسول
تيخيكوس: إسم يونانى معناه محصن (أف6: 21) و (كو4: 7).
تيخيكوس خدم في أسيا الصغري، رافق بولس الرسول في بعض أسفاره
اع 20: 4 فرافقه الى اسيا سوباترس البيري.ومن اهل تسالونيكي ارسترخس وسكوندس وغايوس الدربي وتيموثاوس.ومن اهل اسيا تيخيكس وتروفيمس.
اف 6: 21 ولكن لكي تعلموا انتم ايضا احوالي ماذا افعل يعرّفكم بكل شيء تيخيكس الاخ الحبيب والخادم الامين في الرب
اف 6: 24 النعمة مع جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح في عدم فساد.آمين.كتبت الى اهل افسس من رومية على يد تيخيكس
كو 4: 7 جميع احوالي سيعرّفكم بها تيخيكس الاخ الحبيب والخادم الامين والعبد معنا في الرب
كو 4: 18 السلام بيدي انا بولس.اذكروا وثقي.النعمة معكم.آمين.كتبت الى اهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وأنسيمس
2تي 4: 12 اما تيخيكس فقد ارسلته الى افسس.
تي 3: 12 حينما ارسل اليك ارتيماس او تيخيكس بادر ان تأتي اليّ الى نيكوبوليس لاني عزمت ان اشتي هناك.وهو احد المسيحيين من ولاية اسيا وسافر مع اخرين لما تقدم بولس من مدينة مقدونية الى ترواس وكان اخا محبوباً وخداماً أميناً للرب. وقد ارسلة القديس بولس ليحمل الرسائل الى افسس وكولوسى (اف 6: 21)، (كو 4: 7) وكان القديس بولس قد اقترح ايضا بان يرسلة الى كريت (تى 3: 12) ثم اخيراً ارسلة القديس بولس الى افسس (2 تى 4: 12) وقد صار اسقفا على قلشيدونا.
المزيد
22 نوفمبر 2023
الصلاة
الصلاة هي فتح القلب لله، لكي يتحدث معه المؤمن حديثًا ممزوجًا بالحب وبالصراحة هي عَرْض النفس أمام الله الصلاة هي صِلة، صلة بين الإنسان والله فهي إذن ليست مجرد حديث، إنما قلب يتصل بقلب الصلاة هي شعور بالوجود في حضرة الله هي شركة مع الروح القدس، والتصاق بالله الصلاة هي طعام الملائكة والروحيين، بها يتغذون ويذوقون الرب " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8) الصلاة هي ارتواء نفس عطشانة إلى الله "اشتاقت نفسي إليك كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه" (مز 42: 1)، "باسمك أرفع يدي فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" (مز 63: 5) الصلاة هي تسليم الحياة لله ليديرها بنفسه "لتكن مشيئتك" الصلاة هي اعتراف بعدم كفاية جهدنا، وعدم كفاية ذكائنا، ولذلك نلتجئ إلى قوة أعلى منا ونجد فيها رعايتنا الصلاة هي إلغاء لاستقلالنا عن الله هي التقاء مع الله نصعد إليه، وينزل إلينا هي تحويل النفس إلى سماء والى عرش الله ليست الصلاة فَرْضًا ولا أمرًا ولا مجرد وصية ولا مجرد تقوى وعبادة إنها رغبة وشوق وإلا كانت ثقيلة نمارسها بِتَغَصُّب من أجل الطاعة!!
الصلاة ليست مجرد طلب فقد يصلي الإنسان ولا يطلب شيئًا إنما يتأمل جمال الله وصفاته المحببة إلى النفس هكذا صلاة التسبيح والتمجيد أسمَى من الطلب لا يستطيع أن يتمتع بالصلاة كما ينبغي، مَنْ له طلب آخر غير الله وحده الصلاة هي موت كامل عن العالم، ونسيان كلي للذات، حيث لا يكون في الفكر سوى الله وحده الصلاة هي السلم الواصل بين السماء والأرض هي جسر نعبر به إلى السماويات، حيث لا عالَم هناك إنها مفتاح السماء إنها مجموعة من مشاعر، تتجسد في كلمات وقد توجد صلاة بلا كلام، بلا ألفاظ خفقة القلب صلاة ودمعة العين صلاة وإحساس النفس بوجود الله صلاة في ظل كل هذه المعاني، أتراك حقًا تصلي؟!
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
21 نوفمبر 2023
الكتاب المقدس وأثره في الحياة الروحية (ب)
ذكرنا في العدد الماضي أن أهمية الكتاب المقدس في حياة المؤمن تأتى من أنه كلام الله ونستكمل موضوعنا ٢- الكتاب المقدس هو تاريخ البشرية ففيه دراسة لتاريخ البشرية من بدايته إلى نهايته، وفيه نلمس معاملات الله مع النفس البشرية على اختلاف أحوالها وأنواعها، إنه مدرسة لأخذ الخبرات.فمثلاً في سفر التكوين نتعرف على خبرة آدم وحواء في خطوات السقوط، وأثار الخطية ووعد الخلاص، وفي قصة قايين نتعرف على ضرورة وإمكانية النصرة على الخطية، وعلى خطوة الخضوع لصوت العدو. وفى إبراهيم نتعرف على معنى تبعية الرب في إيمان وثقة، وفي إسحق نثق في مواعيد الله الصالحة، وفي يعقوب نتعرف على خطورة التسرع والخداع والعاطفة، كما نتعرف على أسلوب التصالح مع الناس. ومن يوسف نتعرف على حنان الله إذ يدبر خلاص الجميع، ومع يشوع نتعرف على سر النصرة في أريحا، وسر الهزيمة في عاى وفى القضاة نرى أبطال إيمان، ونتعرف على بركات الطهارة، وخطورة الانحراف في شمشون وهكذا وهكذا. مدرسة واسعة متعددة المراحل تبدأ في التكوين، وتنتهي في الرؤيا حيث صراع الكنيسة والعالم، ونصرة الله النهائية خبرات لا تنتهى نأخذها كعصارة جاهزة لبنياننا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور (اکو ۱۱:۱۰).
٣- الكتاب المقدس هو مكان لقاء واتحاد مع الله إذ أننا حينما نجلس هادئين متأملين في كلمة الله نتقابل مع الرب، وسرعان ما تتحد به أنفسنا. إن فرصة دراسة الكتاب حين تكون بروح الصلاة والحب لله تصير شبيهة بجلسة مريم عند قدمى المسيح حيث "اختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها " (لو ٤٢:١٠). وما هو النصيب إلا الرب الرب لن ينزع منها، فقد اتحدت به وأحبته وتحولت بسبب كثرة الجلوس عند قدميه، إلى شبه صورته القدسية. ألم يقل الرسول: «ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرأة نتغير إلى تلك الصورة، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح» (٢كو١٩:٣) ألم يقل أيضا: «لأن الذين سبق فعرفهم سبق ليكونوا مشابهين صورة ابنه(رو ۲۹:۸) إن مداومة القراءة في كلام الله بروح الصلاة، تعطى النفس اتحادا وثباتًا شخصيا، في الرب يسوع
ختامًا
فلنسمع ذلك القول المأثور: يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب المقدس ويوجد أعظم خطر على أعظم قديس يهمل الكتاب المقدس. وباختصار الكتاب المقدس يكشف لى حاجتي إلى الله وانتظار الله لى... إنه نقطة لقاء الخاطئ المسكين مع قلب الله المحب. إن فقرة واحدة قرأها أوغسطينوس كانت كفيلة بأن تخلص نفسه وتجعل منه قديسا في الكنيسة. إنها الآيات التي وردت في (رومية ١١:١-١٤) افتح كتابك الآن واقرأها بخشوع وتأمل لتدرك أثر الكتاب في حياتك، والرب معك.
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد