المقالات

28 ديسمبر 2024

ها أنا صانع معكم أمرا جديداُ

[ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0 وَالقَدِيمَاتُ لاَ تَتَأمَّلُوا بِهَ هأنَذَا صَانِعٌ أمْراً جَدِيداً ]( أش 43 : 18 – 19 ) 0 مِنْ أجمل العطايا التَّى يُعطِينا إِيَّاها الله أنّهُ دائِماً مُتجّدِد معنا ، كُلّ يوم يُعطِينا بِداية جدِيدة ، يُعطِينا أسابيِع جدِيدة وَشهُور جدِيدة وَسنيِن جدِيدة عيد رأس السنة عيد كنسِى وَليس مُجرّد مُناسبة إِجتماعيَّة ،وَالنَّاس حوّلوه إِلَى مُناسبة إِجتماعيَّة يحتفِلُوا بِهِ بِطريقة عالميَّة ، بينما هُوَ مُناسبة مُباركة لأِنّهُ أتى بِنا لِهذِهِ الساعة ،وَسمح لِعُمرِنا أنْ يكُون لهُ إِضافة وَأنعم علينا بِأيَّامٍ جدِيدة ، لِذلِك هُوَ مُناسبة مُباركة نحتفِل بِهِ بِفِكرٍ رُوحانِى وَمشاعِر رُوحانيَّة وَنمثُل فِيهِ أمام الله فِى العهد القديم كان الله يُحِب المُناسبات وَالأعياد وَأعتبرها مُناسبات لِلإِلتقاء معهُ وَتكُون حضُور مُفرِح معهُ ، الله يُحِب العيد كمُناسبة لِلإِتحاد بِهِ وَالمثُول أمامهُ النَّاس عامةً مُعتادُون تبادُل الهدايا فِى الأعياد ، فما هى الهدايا التَّى نُقّدِمها لهُ فِى هذِهِ المُناسبة ؟ نُقّدِم لهُ قلوبنا وَأعمارنا وَحياتنا لأِنَّها كُلّها مِنْ يدِهِ وَمِنْ يدِهِ وَأعطيناه هذا جمال المُناسبة أنْ نحتفِل بِها فِى وجودنا مَعْ الله وَلِنبدأ بِداية جدِيدة ، بِالتأكيِد يوجد داخِل كُلّ واحِد فِينا أنيِن يُعّبِر عَنْ إِشتياق لِبِداية جدِيدة مَعْ الله وَحُزن على أُمور العام السابِق سيِّدنا مثلث الرحمات البابا شِنوده الثالِث لهُ مقولة فِى هذِهِ المُناسبة هى [ هل أُعزّيكُمْ عَنْ العام السابِق الّذى أغضبتُمْ فِيهِ الله أم أُهنّيئكُمْ بِعامٍ جدِيد ] فِى هذِهِ المُناسبة لدينا مشاعِر حُزن على ما فات وَأمل فِى الجدِيد ، نادِميِن على ما فعلناه وَمُشتاقيِن لِعامٍ جدِيدٍ معهُ ، وَمِنْ حنانه أنّهُ يُعطِينا صفحة جدِيدة بيضاء وَيُرِيد أنْ يرى ماذا سنفعل ؟ مُعلّمِنا بولس الرسُول يقُول [ لِي الحياة هى المسيِح وَالموتُ هُوَ رِبح ] ( فى 1 : 21 ) ، إِذن الحياة تُساوِى المسيِح ، أىّ الحياة هى المسيِح ، العُمر الّذى نحياه عطيَّة مِنْ الله ، لِذلِك لابُد أنْ يكُون بِالكمال مِلك لله ، يملُك الله على مشاعِرنا وَأفكارنا وَقلوبنا لِذلِك عيد رأس السنة مُناسبة لِتجدِيد العهد مَعْ الله وَالشعُور بِوجوده فِى حياتنا ، وَمُناسبة نفرح فِيها بِعمل الله معنا ، فَكَمْ سترنا وَكَمْ أعطانا عطايا كُلّها مُفرِحة لِذلِك هذِهِ المُناسبات عدو الخير يُرِيد فِيها أنْ يُضّيِعها مِنّا لأِنَّها مُناسبة تجدِيد عهد مَعْ الله ، لِذلِك يُلهِينا فِيها بِالعالميات لأِنّهُ يُرِيد أنْ يكُون الإِنسان فِى جهل عُمره كُلّه حتَّى لاَ يلتفِت لله وَيلتقِى معهُ ،لِذلِك نرى مظاهِر إِحتفال عالميَّة لِهذِهِ المُناسبة يُعلن عنها مِنْ قبلِها بِفتره ،حتَّى المُناسبات الرُّوحيَّة يُرِيد عدو الخير أنْ يُحّوِلها إِلَى شر !!!!!! نحنُ نُوّدِع سنة وَنبدأ سنة جدِيدة مَعْ الله بِرحمتِهِ وَحقِهِ وَكُلُّنا رجاء فِى رحمتِهِ وَحُبِّهِ وَحنانه ، وَمِنْ أكثر الأشياء التَّى يُقاتِلنا بِها عدو الخير فِى هذِهِ المُناسبات رُوح اليأس ، فلو جلسنا مَعْ أنَفُسِنا نئِن على مافات ، وَيقُول لنا عدو الخير أنَّنا لاَ نصلُح لِلحياة مَعْ الله ، فنحنُ لَمْ نحيا معهُ فِيما فات لكِنْ نُرِيد أنْ نحيا معهُ الآن ، هذا ليس مِنْ الله لِذلِك يقُول أشعياء النبِى [ لاَ تذكُرُوا الأوَّلِيَّاتِ0وَالقدِيمَاتُ لاَ تتأمَّلُوا بِهَا هأنذا صَانِعٌ أمراً جَدِيدا ] ،هذِهِ الكلِمات قالها الله لِناس عاشت فِى شرٍ لاَ يُوصف وَعِبادِة أوثان ،وَهُو اليوم يقُول لنا هذِهِ الكلِمات أيضاً لاَ تتكلّم فِيما فات وَعَنْ خِداع عدو الخير فِى حياتك بل تكلّم معِى عَنْ عملِى فِى حياتك ، نحنُ لاَ نثِق فِى مهارِة الطبِيب لكِنّنا نشعُر بِتعبنا فقط ، وَهذا عمل عدو الخير ، إِلهنا قوِى قادِر أنْ يجذِب الإِنسان مِنْ أعماق الدنس وَمِنْ الظُلمة إِلَى النَّور ، إِحذر أنْ يُشعِرك عدو الخير بِأنّ خطيتك أقوى مِنك ، حتَّى وَإِنْ كانت قويَّة ،الله أقوى مِنها وَقادِر أنْ يرفعها عنك [ يا حامِل خطيَّة العالمِ ] لمّا تثقُل خطيَّة الإِنسان عليه وَرُوح اليأس يدخُلهُ ،ينظُر إِلَى القديس مُوسى الأسود وَالقديس أُوغسطينُوس فيشعُر أنّ الله أقوى مِنْ كُلّ قوَّات الظُلمة ، عدو الخير بِاليأس يُثّبِت فِينا الخطيَّة لكِنْ [ لأِنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الفشَل بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالمحبَّةِ وَالنُّصْحِ ] ( 2 تى 1 : 7 ) ، أنا ضعيِف لاَ أستطيِع لكِنْ أنا ما أنا بل نعمة الله العامِلة فىَّ الله يُرِيد أنْ يُعطِينا الوعد مِنْ فمهِ المُبارك أنْ لاَ ننظُر لِخطايانا بِيأس لأِنّ هذا اليأس هُوَ يأس مِنْ خلاص الله وَهذا تجدِيف وَكأنّنا نقُول لهُ أنت لاَ تستطيِع خلاصنا كانت القديسة بيلاجية التَّى كانت تُسّمى راقِصة أنطاكية الأولى ، كانت تحيا فِى وحل الخطيَّة ، لكِنْ الله أنار عليها وَعاشت التوبة بِطريقة قويَّة وَكانت راهِبة باقِى حياتها فِى نُسك وَخِشُوع وَصلاة وَتوبة لمَّا الإِنسان يُقّدِم مشاعِر توبة وَيعلم الله دواخِله ، لمَّا الإِنسان يكُون نادِم على خطيته وَيُعلِن عدم راحته لها الله يُقيِمه ، أجمل شيء يفرّح الله اليوم أنَّنا نُقّدِم لهُ إِشتياقات وَأنيِن وَنشعُر أنّهُ حاضِر فِى وسطنا وَهُوَ يُقّدِس إِشتياقاتنا وَيُبارِكها ، هُوَ يُعطِينا عطايا لاَ نستحِقها مُشكِلتنا أنَّنا نقيِس الله بِمُستوانا ، لمَّا نحُزِن إِنسان وَيظِل فترة مُقاطِعنا حتَّى نعتذِر لهُ ، هكذا نقيِس عِلاقتنا بِالله بِمقياس بشرِى ، لكِنّهُ قال لهُمْ إِغفر لأخُوك سبعيِن مرّة سبع مرَّات أىّ 490 مرَّة ، الله ليس بِقصدِه 490 مرَّة بِالضبط ، بل السبعة هُوَ عدد الكمال وَالعشرة هُوَ عدد اللانِهاية ، أىّ إِغفر كمال اللانِهاية لأخُوك فإِذا كان الله يُطالِبنا بِكمال اللانِهاية فِى غُفران البشر لِبعضهُمْ فما هى مغفِرة الله لنا ؟ الشيطان لاَ يحتمِل هذا الكلام لأِنّهُ يُريد أنْ يُثّبِت فِينا أنَّنا مرفُوضُون مِنْ الله ، نحنُ بِالفِعل نافقنا وَأخطأنا لكِنّنا مقبُولُون مِنهُ وَبِهِ الله لاَ يجلدنا لكِنّهُ يبدأ معنا بِداية جدِيدة فَلاَ نستقبِل هذا اليوم بِروح الفشل بل نستقبِلهُ بِصلاح الله وَإِشتياق لِرِضاه وَلِحضوره فِى حياتنا وَنشتاق أنْ نحيا معهُ أيَّام وَأيَّام لِذلِك يُعطِينا رؤوس سنيِن لِهذا لمَّا نحضر اليوم بِمشاعِر توبة يكُون يوم مُفرِح ، وَلِنشعُر بِمراحِم الله المُتدّفِقه القادِره أنْ تُغّطِى كُلّ خطيَّة إِذا كان القديس أُوغسطينُوس وَالقديس مُوسى الأسود وَمريم المصريَّة وَبِيلاجية وَأخطى خُطاة العالم قبلهُمْ الله وَحوّلهُمْ إِلَى قديسين ، إِذن هُوَ قادِر أنْ يقبلنِى ،المُهِم أنْ أُقّدِم لهُ مشاعِر صادِقة وَهُوَ يُكّمِل ربِنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
27 ديسمبر 2024

مائة درس وعظة (٦١)

تأثير كلمة الله ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي» (يو ٦٩:٦) ما أشهى أن يساير الإنسان شخصيات الكتاب ويتعلم منها "المساير الحكماء يصير حكيماً، ورفيق الجهال يضر "(أم ۲۰:۱۳ ) . أولاً: شخصيات غيرتهم كلمة الله بعض الأمثلة لشخصيات كانوا جهالاً وصاروا حكماء: ١- بولس الرسول في زمنه الأول كان شخصاً جاهلاً، رغم أنه تعلم على يد غمالائيل وهو من أرقى المعلمين في هذا الزمن. وعندما شاءت نعمة الله أن تنفتح عليه ويظهر له السيد المسيح في طريق دمشق تكون النتيجة أن تنفتح بصيرته ونسميه رسول الأمم، أى رسول كل كنائس العالم على اختلاف طوائفها، فقد صار حكيماً وفيلسوفاً بكلمة الله. ٢- بطرس الرسول: عندما ألقى الشباك على كلمة المسيح اكتشف ضعفه وخطيته وقال: «اخرج من سفينتى يارب، لأني رجل خاطئ» (لو٨:٥) . وأصبح بطرس الرسول الكارز الممتلئ حكمة. ٣-زكا العشار: أراد زكا أن يرى المسيح، مجرد نظرة، ولكن المسيح قابله عند الشجرة. والشجرة هنا رمز للصليب، فزكا عندما استجاب للصوت بدأ يتحرك بداخله اتجاه آخر: فوقف زكا وقال للرب"ها أنا أعطى نصف أموالى للمساكين،وإن كنت قد وشيت بأحد أرد أربعة أضعاف" (لو ۸:۱۹) فصار حكيماً . ٤-المرأة السامرية : تدرجت معرفتها بشخص السيد المسيح حتى تغيرت بأكملها،وتحولت من الجهل بعد مقابلتها للمسيح إلى إنسانة تؤمن بالمسيح، ومبشرة لأهل مدينتها وصارت قديسة وحكيمة. ٥- موسى النبى : بالرغم من أنه قال عنه الكتاب "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال " (أع٧ : ۲۲)، إلا أنه كان عندما يتكلم مع فرعون يعود إلى الله، ليأخذ منه الحكمة السماوية التي يتعامل بها مع فرعون. ٦- إيليا النبي: امتلأ حكمة، ونجده يقول للشعب: حتى متى تعرجون بين الفرقتين؟ إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه» (۱ مل ۲۱:۱۸). ثانياً: علاقتك بالكتاب المقدس كلمة اله قادرة أن تغيرك إذا اعتبرت أن كتابك المقدس ١- صديق: اجعل من مفردات يومك صداقتك مع الكتاب المقدس، وهي صداقة فرح، وصداقة الفرح هي بالتأكيد تلذذ نفسك. ٢- واسطة : كل مرة تفتح فيها كتابك المقدس أنت تستدعى ينابيع النعمة، وكل مرة تدخل الكنيسة وترى المنجلية، تتذكر كلمة الله وتنال النعمة، ولكن هذه النعمة تحتاج نظاماً والتزاماً يومياً. ٣- مرشد: مرشد في الخدمة في العمل في التربية، في علاقاتك الإنسانية والاجتماعية والأسرية، لذلك من الأمور الجيدة أن نربي أبناءنا بالنعمة وليس بالأوامر. والكتاب المقدس تجد فيه إجابات لأسئلة كثيرة عندما تدخل في حوار أسرى وبركة كبيرة جداً أن يكون إرشادك لابنك في التربية بآيات من الإنجيل، لتكن أنت وبيتك وأسرتك أحياء بكلمة الله في كل حياتكم اليومية. ٤- غذاء: ضع أمامك فكرة إن كل يوم يوجد طعام للجسد وطعام للروح، فمن إنجيلك تأخذ فائدتك الشخصية وأيضاً للأسرة كلها وعندما تتعامل مع إنجيلك احفظ منه واعمل مثل وصية المزمور الأول: "وفى ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز ۲:۱). ه - حكمة: الكتاب المقدس يعرف الجاهل بأنه هو الذي يجهل كلمة الله، والحكيم هو الذي يمتلئ حكمة من كلمة الله، فاجعل الكتاب المقدس مصدراً للحكمة في كل تصرفات حياتك. ٦- متعة الكتاب المقدس مصدر متعة "تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك" (مز ٤:٣٧ ) . قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
26 ديسمبر 2024

بدعة بلاجيوس

البيلاجية - نسطوريوس والمجمع المسكوني الثالث البيلاجية هى هرطقة تنادى بأن الإنسان يصل إلى الخلاص بمجهوداته الخاصة بعيداً عن نعمة الله أو أحياناً مع نعمة الله. والاسم نسبة إلى بيلاجيوس اللاهوتى الرومانى الذى علّم فى القرن الرابع والخامس. وقد كانت تعاليمه نسكية، ونادى بأن الإنسان له حرية الاختيار وأكد أتباعه على إنكار تأثير الخطية الأصلية على الإنسان. (The Oxford Dictionary for World Religions) بدعة بيلاجيوس: نوقشت فى المجمع المسكونى الثالث، مجمع أفسس الأول 431 م كان راهب قس من بريطانيا وكان ينادى بان " خطية آدم قاصرة عليه دون بقية الجنس البشرى وأن كل إنسان منذ ولادته يكون كآدم قبل سقوطه ثم قال أن الإنسان بقوته الطبيعية يستطيع الوصول إلى اسمى درجات القداسة بدون انتظار إلى مساعد النعمة وبديهى أن التعاليم الفاسدة تهدم سر الفداء المجيد ويضعف من دم السيد المسيح. (مز 51: 5) " بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت " (رو 2: 12) " كما فى آدم يموت الجميع هكذا فى المسيح يحيا الجميع " وبدأ ينشر بدعته بين البلاد حتى حكم عليه مجمع أفسس الأول بحرمه وبدعته وقد جذب بيلاجيوس رجلاً أيرلندياً من الوجهاء (الأغنياء) أسمه كلستينوس وذهب معه إلى أفريقيا ثم تركه فى قرطجنة وتوجه إلى مصر وفلسطين.. وهناك إنضم إلى حزب اوريجانوس ونال إعتبار وشهرة وحدث أن شماس كنيسة ميلانو قدم ضد كلستينوس شكوى إلى الأساقفة الأفريقيين إذ كان فى أفريقيا سبع قضايا، فإجتمع منهم مجمع فى قرطجنة سنة 412 وحرمه، فذهب إلى أفسس وهناك رسم بالغش قساً أما بيلاجيوس فقاومه إيرونيموس الشهير وأورسيوس وإشتكياه إلى اساقفة فلسطين فعقدوا مجمعين أحدهما فى (لد) والثانى فى أورشليم وكان قرار مجمع قرطجنة قد وصل إليهما فقدم إلى كل منهما صورة إعتراف مستقيم ووقع على قرار الحكم ضد زميله فقام أورسيوس تلميذ أوغسطينوس بإبلاغ هذا الحكم لمعلمه وأرسله له لمقاومة صاحب هذه البدعة وإلى أساقفة أفريقيا، فعقدوا مجمعين وأصدروا منهما حكماً ضد بيلاجيوس ورفيقه وأعلنوا هذا الحكم للكنائس الرئيسية ومنها كنيسة أورشليم ورومية وكان يوحنا أسقف أورشليم قد قبل بيلاجيوس فى شركته وأيده أيضاً الذى خلفه برايليوس، أما اسقف روما إينوشنسيوس فقد ايد قرار مجمع أفريقيا ضد بيلاجيوس وكلستينوس، ولكن اسقف روما توفى بعد فترة وخلفه زوسيموس فذهب بيلاجيوس وكلستينوس إلى روما ومعهما توصية أسقف أورشليم وإحتجا إلى البابا وتظلما فإنخدع من ظاهر عباراتهما وقبلهما وكتب رسالة مجمعية يعنف بها مجمع أفريقيا فإنعقد سنة 417 وأقام الحجة ضد البابا وثبت قرارات مجمع 412 م وأظهر للبابا إنخداعه، فلما عرف البابا غلطته وعد أن يفحص المسألة من جديد وبمشورة أوغسطينوس أسقف هبو الشهير عقد مجمع كبير فى السنة التالية مؤلف من 214 أسقفاً فأرسل البابا ثلاثة نواب إلى المجمع وكان منهم قساً قبل ذلك قساً أفريقياً من أبرشية سبيكى وهوإيباريوس قطعه (حرمه) أوريانوس أسقفه لذنوب فظيعة إرتكبها فإستجار القس المحروم بزوسيموس فقبله فى شركته وهو محروم وأرسله مع النواب ليرغموا المجمع على قبوله ويردوه إلى كنيسته، وأرسل بيد النواب لائحة تشمل قرارات بها هذا الطلب فى البند الرابع منها، وكان الفصل الأول وجوب إستئناف الأحكام ضد الأساقفة إلى البابا حسب أمر مجمع نيقية المسكونى. الفصل الثانى عدم سفر ألأساقفة إلى باب الحكام إلا بعد ألإتفاق، الفصل الثالث يجب فحص قضايا القسوس والشمامسة عند الأساقفة المجاورين إذ قطعهم (حرمهم) أساقفتهم عن حمق، الفصل الرابع يجب قطع الأسقف أوريانوس من الشركة أو إستدعائه إلى روما إذ لم يصلح ما افسده. فلما إنعقد المجمع أمر أبريليوس رئيسه وأسقف قرطجنة أن تقرأ أعمال مجمع نيقيا، فطلب إليه أولئك النواب لأن يأمر بتلاوة لائحة باباهم فتليت، ولما قرأ الفصل الأول.. قال الساقفة إن نسخ أعمال مجمع نيقية عندنا وليس فيها شئ من إدعاء زوسيموس، ولكى يزيلوا الشك باليقين قرروا إحضار صور أعمال ذلك المجمع من كنائس الشرق الرئيسية فكتبوا إلى كنائس العاصمة (القسطنطينية) والإسكندرية، وانطاكية يطلبون تلك الصور، ثم قرروا تأييد الحكم ضد بيلاجيوس وكلستينوس، وأما بخصوص القس المحروم الذى قبله البابا فنظراً لقانون مجمعهم ألأول المعدل بقانون 134 الذى مضمونه: إن كل إكليريكى يجدد دعواه عبر البحر أى إلى روما لا يقبل فى أفريقيا البتة وأعتبروا أن البابا تداخل بأمره بطريق المحبة، فقبلوا القس المومأ إليه بعد ندامته وتوبته وقبول خدمته فى كنيسة غير كنيسته الأولى وقبل أن تصل صور نسخ أعمال مجمع نيقية توفى اسقف روما زوسيموس وخلفه بونيفاتيوس اسقفاً على روما، وبعد قليل وصلت صورتان أحدهما من البابا السكندرى كيرلس، والثانية من أتيكوس أسقف القسطنطينية، فقراهما المجمع ولم يجد لدعوى زوسيموس الأسقف المتوفى أثراُ وإعتبروه مزوراً ومتلاعباً ثم حدث أن القس إيباريوس الذى كان محروما ونقله المجمع من كنيسته إلى اخرى عاد إلى حالته القديمة فحرمه المجمع، وكان بونيفاتيوس اسقفاً على روما قد توفى وخلفه كلستينوس فإستغاث القس المحروم به فقبله البابا وأرسله بصحبة اسق ليجبر المجمع على قبوله، فأبى المجمع الأفريقى قبوله وصمم على قطعه من الشركة وحرمه، وتمسك المجمع بحقوقه للنهاية، وقد أعتبر المجمع عروض البابا سلباً لحقوقه وحرر له رسالة طويلة شرح له كل ما حدث وتشبث سلفه زوسيموس وقبول المجمع للقس ولكن القس عاد لأخطائه مرة أخرى. أوغسيطنوس وبيلاجى الهرطوقى أنكر بيلاجيوس البريطاني وجود علاقة مباشرة بين خطيئة آدم أي عصيان ادم على الله ووقوعه فغي الخطيئة وسائر أفراد الجنس البشري وعلّم أن الإنسان ينال رضى الله بواسطة جهوده الخاصة. ومع أنه لم يبتعد نظرياً عن تعاليم الكنيسة المتعلقة بالمسيح يسوع إلا أنه كان يعمل بصورة قوية على هدم صرح المسيحية مظهراً بأن الإنسان لم يكن بحالة روحية سيئة إلى درجة تستوجب موت المخلص على الصليب. لم يذكر بيلاجيوس ذلك بصورة علنية ولكن تعاليمه كان لا بد لها من أن تؤدي إلى التقليل من أهمية موت المسيح وعمل الروح القدس في قلب الإنسان، ووجوب الولادة الثانية لكي يقدر الإنسان أن ينال سائر فوائد الفداء الذي كسبه لنا المسيح على الصليب كان جواب أوغسطين على تعاليم بيلاجيوس أن الإنسان يرث خطيئة آدم في حياته وان كل إنسان أخطأ في آدم. وهكذا فالإنسان في حالته الحاضرة غير قادر أن يقوم بجميع متطلبات الشريعة الإلهية وهو يبقى إذاً تحت غضب الإله. ليس هناك من واسطة للخلاص إلا بالمسيح يسوع وبما قام به على الصليب مكفراً عن خطايا المؤمنين. ولكن الإنسان لا يود من تلقاء نفسه أن يؤمن، أنه أسير لإرادته المستعبدة للخطية والشر. فالإنسان هو إذاً بحاجة مطلقة إلى معونة الله، إلى معونة فوق طبيعية، وهذا ما نسميه بالنعمة، أي تلك الهبة المجانية التي يعطيها الله للناس ممكنا إياهم من القيام بما يطلبه منهم في الإنجيل. فبدون هذه النعمة الخلاصية لا يقدر أي إنسان أن يستفيد من الخلاص المقدم مجاناً في الإنجيل. وقد أثّرت تعاليم أوغسطين هذه عن الإنسان في تاريخ الكنيسة في العصور المتتالية. البابا شنودة الثالث يشرح بدعة بلاجيوس بدعة بيلاجيوس كلمتكم من قبل عن البدع التى قامت فى العصور الأولى للمسيحية وأريد أن أكلمكم عن البدعة البيلاجية، بيلاجية نسبة إلى بيلاجيوس، وهى يعنى لها موضوعات حساسة فى أيامنا برضه حالياً بينما كان علماء اللاهوت فى القرن الرابع يبحثون فى اللاهوتيات وفى الثالوث القدوس، ولاهوت الابن وتطوروا إلى الكلام عن طبيعة الابن، كلها موضوعات لاهوتية، قامت هذه البدعة للدخول فى موضوع آخر تماماً، طبيعة الإنسان والنفس البشرية وخطية الإنسان ونتائج هذه الخطية وحرية الإرادة والنعمة والعلاقة بين الإرادة والنعمة، كل دى دخلت فيها موضوع غير حكاية الثالوث ولاهوت الابن ولاهوت الروح القدس.. الخ. بيلاجيوس هذا كان أصله راهب بريطانى من بريطانيا، وكان تقياً ناسكاً، ومشهور بالقداسة والتقوى وبدعوة الناس إلى الروحانيات، حاجة عجيبة صحيح، يعنى كتير نلاقى رهبان ونساك يخشوا فى اللاهوتيات يطبوا ويبقوا مبتدعين زى بيلاجيوس هذا وأوطاخى، ما هو كان راهب وناسك ورئيس رهبنة فى القسطنطينية وانتهى إلى البدعة، وأيضاً فيما بعد هنسمع عن جون كاسيان، إنه اتهموه إنه نصف بيلاجى، وكان راهب وناسك وحياته فى الأديرة وكان معاه واحد تانى اسمه فوستوس، وكان زعيم رهبانى، يا ريت الرهبان يخشوا فى الروحيات ويسكتوا، ويبعدوا عن الأمور اللاهوتية اللى بتتعبهم، إلا من كان فيهم قديراً على التحدث فى اللاهوتيات بيلاجيوس كان راهب بريطانى محب للتقوى ويدعو الناس للحياة المقدسة، فكان يتعبه كثيراً إن البعض يقول أنا مش قادر، أنا ضعيف، أنا مجرد بشر، أنا لا أستطيع، الخطية شديدة والتقوى صعبة، فلذلك هو تضايق من الناس اللى بيتكلموا عن ضعف الطبيعة البشرية، وبدأ يتكلم عن قوة الطبيعة البشرية وقدرتها لدرجة إنه تطرف، قال الطبيعة البشرية قوية وقادرة على إن الإنسان يحيا حياته كلها بدون خطية!، وإن فى العهد القديم قبل ما ييجى المسيح كان فيه قديسين بلا خطية، وقال ونحن لسنا فى حاجة إلى معونة إلهية من الخارج لتقويتنا حتى نعيش بلا خطية، وهكذا أنكر مفعول النعمة. وقال إن النعمة الحقيقية التى ممكن تعطى للإنسان إن ربنا خلقنا بهذه الطبيعة، يعنى النعمة الأصلية إن ربنا خلقنا على هذه الطبيعة التى يمكن أنها لا تخطئ ونعمة تانية اللى هى مغفرة الخطايا ولذلك اصطدم باثنين من القديسين وقفوا ضده، وهما القديس أغسطينوس الذى كان أسقفاً لمدينة هيبو فى إيبارشية قرطاجنة، يعنى إن قلنا إن مصر كانت هى أكبر الكانائس الأفريقية فى شمال أفريقيا من ناحية الشرق نقول من ناحية الغرب كانت قرطاجنة، والقديس جيروم أيضاً، القديس جيروم كان عنده رهبانات فى أورشليم، الراجل ده كان بيلاجيوس هرب إلى فلسطين، ففى شمال أفريقيا لقى أغسطينوس ولما راح فلسطين لقى جيروم وهما الاتين كانا فى خط واحد، فى كلام بيلاجيوس عن قوة الطبيعة البشرية وحرية الإرادة الضخمة التى تستطيع أن تختار الخير من غير النعمة أنكر الخطية الأصلية التى ولد الإنسان، وإزاى هيتولد إنسان بالخطية؟ ما يبقى ضعيف، فأنكر الخطية الأصلية وقال إن خطية آدم أضرت آدم وحده ولم تضر أحداً من نسله أو من أولاده، دى نقطة تانية، وما دام أنكر الخطية الأصلية، يبقى أنكر فائدة المعمودية، شوفوا الخطية دية سلسلة، خطية تقود لخطية.. الخ لغاية لما يقع الإنسان فى مجموعة من البدع، ولما أنكر المعمودية أنكر أيضاً حاجة الأطفال للمعمودية بالتالى، وبعدين قال إن الأطفال حتى غير المعمدين هيروحوا الملكوت، يبقى ما تفتكرش إن مسألة كلامه عن حرية الإرادة وقوة الطبيعة البشرية وقفت عند هذا الحد، دى دخلت فى سلاسل، وبعدين قال هو المشكلة إن الإنسان ربنا خلقه بطبيعة قوية وبإمكانيات لكن هو ساعات ما يستخدمهاش وقال إن أحنا لو أنكرنا هذا الأمر، يبقى هنتهم ربنا بجهل مزدوج، أنا آسف أقول التعبير ده، ده تعبير بيلاجيوس، قال يبقى اتهمنا ربنا بجهله بطبيعة ما قد خلق، وإيه تانى؟ وجهله بالوصية اللى هو اداها للناس هى أدهم ولا لأ، ده على رأى الشاعر اللى قال على الإنسان اللى مش قادر ومصير، قال: ألقاه فى يم يعنى بحر، مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء، ده ربنا يعنى، ولا مؤاخذه، مش هقعد كل كلمة أقول أعوذ بالله، أعوذ بالله، ولا استغفر الله ده مش أسلوبنا، فبيلاجيوس قال الطبيعة البشرية طاهرة وتقدر تمر صح فى كل حاجة، وتستطيع أن تصل إلى الكمال أيضاً وبدون النعمة، قال كون إن المسيح يقول كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل ما دام أمرنا بالكمال يبقى ممكن، إذاً طبيعتنا البشرية ممكن تصل إلى الكمال، إحنا ما بنقولش لأ، لكن تصل للكمال بالنعمة، لكن هو ما بيجبش سيرة النعمة، وكون إن يكون حتى فى العهد القديم، ربنا قال لإبراهيم أب الآباء فى دعوته له فى تكوين 12، سر أمامى وكن كاملاً، مش ممكن يقوله كن كاملاً، إلا لو كان الكمال سهل وممكن، إحنا ما بنقولش مش ممكن يعنى عن طريق النعمة، ولذلك لما قرأ عليه جزء من اعترافات أغسطينوس التى قال فيها للرب، أعطى ما تأمر به، يعنى إدى النعمة اللى تخللى الواحد ينفذ ما تأمر به، أعطى ما تأمر به وأمر بما تشاء، يعنى أمر زى ما أنت عايز، بس على شرط إنك تعطى ما تأمر به، فقال سواء الإنسان أراد أو لم يرد عنده القدرة إنه يعمل الخير وبدون النعمة وأنه يحيا بدون خطية ويصل إلى الكمال، من أجل هذا وجدنا إن القديس أغسطينوس أخذ جهداً كبيراً فى الرد على البيلاجييين، لدرجة فى مجموعة أباء نيقية وما بعد نيقية نلاقى فيه مجلد كبير للقديس أغسطينوس اسمه ضد البيلاجية من ضمن هذه الكتب اللى فى المجلد كتاب عن مغفرة الخطايا ومعمودية الأطفال والروح والحرف وطبيعة النعمة، ونعمة المسيح والخطية الأصلية وأصل النفس، وأيضاً أربع كتب ضد رسائل بيلاجيوس والنعمة وحرية الإرداة كل هذه المؤلفات من سنة 412 لسنة 426 يعنى حوالى 14 سنة كتب عن بيلاجيوس، اللى فيكم يحب يقرأ عن النعمة يقرأ كلام أغسطينوس أتكلم كلام كتير قوى، طبعاً أغسطينوس اتكلم عن أهيمة النعمة بشدة عشان يرد على البيلاجيين، لكن يطلع بعد كده الطوائف تقول النعمة كل حاجة ومفيش أعمال ولا إرادة يبقى تطرف من ناحية أخرى، مش يستغلوا الكلام اللى قاله أغسطينوس ضد البيلاجية ياخدوه بصفة عامة، لأ، أغسطينوس قال يعنى على الرغم من كلام البيلاجيين، لم يوجد إنسان واحد وصل إلى كمال البر، فلابد من حاجة إلى معونة، البيلاجيين يقولوا لو اتكلمنا عن النعمة يبقى الكلام عن معونة خارجية وليس عن معونة داخلية، داخلية الإنسان قادر، لكن من بره يجيب نعمة ما لهاش دعوة بطبيعة الإنسان وأنكروا الخطية الأصلية وقالوا ليس شئ ولدوا معنا، إحنا ولدنا ونحن قادرون. نيجى بقى لتاريخ هذه البدعة، كما ترون راجعة إلى أوائل القرن الخامس سنة 410 – 411 لغاية 426، إن بيلاجيوس وهو راهب بريطانى وكان عايش فى رومية وكان عايش هادى وأفكاره بيقولها بالوعظ ثم كتب كتاباً عن تفسير رسالة بولس ظهرت فيه أفكار، لكن مع ذلك الذى نشر أفكاره صديق له اسمه كلوستيوس وكان رجل محامى، بدأ ينشر تعاليمه، فالمسألة بدأت تنتشر وسط العامة، من معلم وسط تلاميذه كبلاجيوس إلى كلامه وسط الناس وصل الحديث أيضاً إلى أغسطينوس الحكاية كبرت بقت مسألة عامة، فأخيراً هرب الصديقان إلى شمال أفريقيا، وبعد شوية بيلاجيوس ذهب إلى فلسطين وترك كلوستيوس فى شمال أفريقيا، وكلوستيوس كان عايز يبقى قسيس، لكن ما كنش متأسس كويس، إزاى؟ طلع له واحد شماس اسمه باولينوس اتهمه بالهرطقة واتكلم عن 7 نقط ضده فى الهرطقة، فكات النتيجة إن اجتمع مجمع فى قرطاجنة سنة 412 لمحاكمة كلوستيوس، اللى هو تلميذ وصديق بيلاجيوس، المجمع ده كان برئاسة القديس أوريليوس، وده اسم مشهور لأنه كان رئيس الإيبارشية اللى فيها أغسطينوس ماسك مدينة صغيرة فيها اسمها هيبو، كان أسقف قرطاجنة، فالمجمع ده أوقف كلوستيوس، لم ينكر شيئاً من الاتهامات التى وجهت إليه، بس قال عن بعضها دى أمور موضع دراسة بين الناس ولا تصل إلى حدود الإيمان المعترف به، والكلام ده ما دخلش فى أذهان المجمع فحكموا عليه بحرمانه، هو أول ما لاقى أول ما لاقى حكم بالحرمان رجع لبلده واستطاع أن يقنعهم إنه يبقى قسيس، فرسموه قساً فى أفسس، دى تورينا مشكلة فى تاريخ الكنيسة، إن أحياناً إنسان ما ينفعش فى إبروشيته فيروح إبروشية تانية تحالله أو ترسمه، زى أوريجانوس، ما نفعش فى الإسكندرية فراح لقيصرية الجديدة فرسموه قساً هناك يعنى الحكاية بتمشى بنوع مش تمام، إحنا مش هانعاتب بتوع أفسس دلوقتى، خلينا فى حكاية الهرطقة بتاع كلوستوس، فبيلاجيوس كان فى فلسطين وهو موجود هناك وعايش بعيد هناك فى صيف 415 جه قسيس أسبانى اسمه باولوس بيحمل رسائل من أوغسطين إلى جيروم، جيروم كان موجود فى فلسطين، طبعاً الجوابات ده أمور لاهوتية، فالقسيس الأسبانى لما وصل إلى فلسطين سألوه فحكى لهم مسألة حرم كلوستيوس فى مجمع فى قرطاجنة، وإنه واخد التعليم من بيلاجيوس، واتقلبت الدنيا، فجابوا بيلاجيوس يحاكموا، عملوا مجمع برئاسة يوحنا الأورشليمى، واستعدى بيلاجيوس عشان يقدم إيمانه وكان الرجل الأسبانى عايز واحد يترجم له، المهم إن هذا المجمع ما استطعش ياخد لا حق ولا باطل من بيلاجيوس، وبيلاجيوس أنكر ما قيل فيه، اجتمع مجمع تانى فى مدينة اللدة، واستدعة بيلاجيوس، فأنكر أيضاً الاتهامات اللى وصلت ضده، وعلى رأى أغسطين قال المجمع حكم ضد الهرطقة مش ضد الهرطوقى، يعنى الهرطقة معترفين إن الكلام ده هرطقة، لكن ماقدروش يمسكوا بيلاجيوس وبيلاجيوس أدان الأفكار التى كان يقول بها وانتهى الأمر إلى أنهم تركوه بدون حكم، الحكاية دى غلط، هذا الخبر وصل إلى شمال أفريقيا، اللى هم حكموا قبل كده على كلوستيوس، فاجتمع مجمعان، مجمع حضره 69 أسقف سنة 416 ومجمع آخر من 60 أسقف فى مدينة ميلا، وهم الاتنين المجامع دول حكم ضد بيلاجيوس بالهرطقة، وضد كلوستيوس بالهرطقة، لعل بعضكم يقول، طب ما حكموا عليهم يبقى انتهى الموضوع، هو حكم مجمع لكن لسه، وصلت الحكاية إلى روما، فالمجمع التانى قال ده راجل كان عايش طول عمره فى روما نحوله على أسقف روما، كان أسقف روما ساعتها اسمه انوسنت الأول، وأساقفة أفريقيا بعتوا له تقرير عن موضوعه، فوجد إن بيلاجيوس إنسان هرطوقى، وكلوستيوس إنسان هرطوقى، فأيد كلام مجامع أفريقيا المكانية وحكم بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، المشكلة إن بعد أسابيع من هذا الحكم مات إنوسنت وجه واحد اسمه زوسيموس، زوسيموس ده يظهر ماكنش دقيق فى اللاهوتيات جرى له بيلاجيوس، وجرى له كلوسيوس، فحكم إن بيلاجيوس وكلوسيوس إيمانهم سليم وأرسل رسالة إلى أساقفة افريقيا شديدة اللهجة جداً، ويصفهم بالتسرع فى الحكم وطلب إعادة النظر فى الموضوع، دول أفريقيين بتوع زربنة! وإذا بأساقفة أفريقيا هاجوا وعقدوا مجمعاً من أكثر من 200 أسقف وبعثوا برسالة إلى زوسيموس وقالوا له إنت غلطان، والراجل ده ضد النعمة والراجل ده ضد المعمودية، وأرسلوا له الرسالة، وعشان يضمنوا خط الرجعة اتصلوا بالأمبراطور وقالوا ده قرار المجمع و200 أسقف حكموا بهرطقة بيلاجيوس وكلوستيوس، والأمبراطور حكم بنفى بيلاجيوس ونفى كلوستيوس، ونفى كل من ينضم إليهم فى الرأى وأسقف روما وجد نفسه فى حيص وبيص، ماذا يعمل؟ فعلشان يخفى خجله، قالهم أنا أجبهم مرة أخرى عشان إعادة حكمهم، فاستدعاهم محدش جه عشان منفيين، وأخيراً خضع لقرار الإمبراطور وحكم بحرمهم والبدع بتاعتهم وأقر أيضاً إن لزوم المعمودية ووراثة خطية آدم والأمور التى أنكرها هؤلاء ووقع معه جميع اساقفة كرسيه ما عدا 18 فأمروا بنفى ال18، بعضهم رجع والبعض انتهى وظن البعض أن هرطقة بيلاجيوس انتهت، لكن قامت مجموعة فيما بعد حاولوا أن يجدوا حلاً متوسطاً ما بين أغسطين وبيلاجيوس، دول اللى سموهم أشباه البيلاجيين، للأسف منهم جون كاسيان، وده كان تلميذ لذهبى الفم.
المزيد
25 ديسمبر 2024

أخلى ذاته ج5

إخلاء الرب لذاته لأنه أراد أن يصحح فكرة الناس عن الألوهية لقد اقترب إلينا حتى لا تظل فكرة الناس عن الألوهية أن الله جبار ومخيف فأراد أن يجذبنا بالحب لا بالخوف أراد أن يدخل قلوبنا عن طريق محبته، لا عن طريق مخافته وهكذا نري أنه عندما رفضت إحدى قرى السامرة أن تقبله، رفض أن يسمع لتلميذيه اللذين طلبا أن تنزل نار من السماء وتفني تلك القرية، ووبخهما قائلًا "لستما تعلمان من أي روح أنتما" (لو9: 55) إنه لم يشأ أن يرهب أهل السامرة بقوته، بل أن يكسبهم بمحبته وصبر معلمنا الصالح إلى أن جاء الوقت الذي دخل فيه أهل السامرة بالمحبة والترحاب لا بالنار النازلة من السماء الله لا يريد أن يكون مخيفًا بل محبوبًا الناس بطبيعتهم ينفرون ممن يخافونه وقد يخضعون له في ذل، لكنهم ينفرون منه في قلوبهم كان التلاميذ يريدونه قويًا جبارًا مهابًا، بحسب فهمهم البشري، لذلك انتهروا الذين قدموا الأطفال إليه أما هو، فقال لهم "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم" وأخذ الأولاد "واحتضنهم، ووضع يديه عليهم وباركهم" (مر10: 13-16) وكذلك عندما انتهر التلاميذ الأعميين الصارخين نحوه، وقف المسيح وناداهما، وتحنن، ولمس أعينهما فأبصره وتبعاه (مت20: 30-34). أخلى الرب ذاته ليُعالِج السقطة الأولى ماذا كانت السقطة الأولي سوي الكبرياء، سواء سقطة الشيطان أو سقطة الإنسان؟! فالشيطان قال في قلبه "أصعد إلى السموات، أرفع كرسي فوق كواكب الله أصير مثل العلي" (إش14: 13، 14) وعندما أسقط أبوينا الأولين أغراهما بقوله "تنفتح أعينكما، وتكونان مثل الله" (تك3: 5) أخلي الله ذاته آخذًا صورة العبد، لكي يعطي درسًا للعبد الذي أراد أن يرفع ذاته ويصير إلهًا وهكذا صار إبن الله الوحيد ابنًا للإنسان، ليعالج كبرياء الإنسان ويجعله ابنًا لله، بالاتضاع الذي اتضع به ابن الله، وليس بكبرياء السقطة الأولي وهكذا في إخلائه لذاته قيل إنه شابه "أخوته" في كل شيء (عب2: 17) إن الرب عندما يسمي عبيده ومخلوقاته أخوة له، إنما يبكت الذين يعاملون إخوتهم كعبيد لهم، أولئك الذين يؤلهون أنفسهم كلما ينالون مركزًا أعلي من إخوتهم أما السيد المسيح إلهنا فلم يفعل هكذا لقد أخلي ذاته، حتى استطاع بطرس أن يأخذه إليه وينتهره قائلًا "حاشاك يا رب " (مت16: 22) وسمح لكثيرين أن يجادلوه ويناقشوه، بعكس كثرين من البشر الذين لا يقبلون جدالًا من أحد وكان تلاميذه يحاورنه حسبما يريدون حتى سموهم "الحواريين" وهكذا أخلي السيد المسيح ذاته، وصار كواحد منا أراد الإنسان أن يرتفع ويصير مثل الله فنزل الله وصار مثل الإنسان لكي ينيله بغيته، ولكن بطريقة سليمة، باتضاع الله لا بارتفاع الإنسان الإنسان كان يريد أن يقف مع الله في صف واحد فبدلًا من أن يرتفع الإنسان ليقف مع الله، نزل الله ليقف مع الإنسان لكيما بنزوله يخجل الإنسان وتنسحق نفسه ويتضع قلبه وباتضاعه يقترب إلى صورة الله المتضع لقد أخذ الرب صورة العبد، لكي يخفض من تشامخ السادة فليتنا نتضع كلما تأملناه إخلاء الرب لذاته ليتنا نتضع نحن الذين كلما أعطينا سلطانًا في أيدينا، نريد أن تميد الأرض تحت أقدامنا، وترتعش السموات من فوق. كيف نُخلي ذواتنا؟ إن كان السيد المسيح قد أخلى ذاته -وفيه كل الملء- فنحن الفراغ، كيف نخلي ذواتنا؟! السيد المسيح الذي فيه كل ملء اللاهوت، أخلى ذاته وصار في الهيئة كإنسان وهو الإله أخذ شكل العبد، فالعبد عندما يخلي ذاته أي شيء يكون؟ إن سرنا بنفس النسبة في إخلاء الذات، تُرى إلى أين نصل ؟! عمق الاتضاع هو أن يسأل الإنسان ذاته ما هي ذاتي حتى أخليها؟! وعندما يشعر الإنسان أنه فراغ، لا يوجد فيه شيء يخليه، يكون حينئذ قد وصل إلى كل الملء... النزول إلى فوق خطوات عملية النزول إلى فوق إن السيد المسيح إلهنا عندما أخلي ذاته نزل من السماء إلى الأرض، وما أبعد المدى بين الاثنين! ونحن الذين على الأرض إن أردنا أن ننزل منها فإلي أين ننزل، وإلى أين نهبط؟ هل تعلمون إلى أين ننزل وإلى أين نهبط؟ لا شك أننا في هبوطنا، وإنما نهبط من الأرض إلى السماء وفي نزولنا إنما ننزل من تحت إلى فوق...!! وهكذا نري أن السيد الرب قد غير المقاييس البشرية، مقاييس العلو والهبوط ألغاها كلها، وغيرها إلى العكس فقال "من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع" (مت23: 12) وقال في نفس المعني "من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكن خادمًا ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن عبدًا" (مت20: 26) وقال أيضًا "إذا أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل"(مر9: 35) فالشخص الذي يرفع نفسه، إنما يهبط بمستواها الروحي كلما انتفخ، ويتضاءل حتى يصبح لا شيء مثل هذا شبهه القديس أوغسطينوس بالدخان الذي كلما يرتفع، تتسع رقعته وكلما تتسع رقعته يتلاشى حتى يصبح لا شيء وقد أخذ القديس أوغسطينوس هذا التشبيه عن داود النبي عندما قال "لأن الأشرار يهلكون فنوا كالدخان فنوا" (مز37: 20) "كما يذري الدخان تذريهم" (مز68: 2) إن الذين يظنون أنهم يرفعون ذواتهم، إنما (يرفعونها) إلى أسفل، لا إلى فوق وهذا هو ما قصده الرب بقوله "من يرفع نفسه يتضع" أما المتواضعون فكلما يهبطون إلى أسفل يرتفعون إلى فوق أو أن صح التعبير يهبطون إلى فوق هم باستمرار ينزلون إلى الأعالي الكائنة في الأعماق، لأن السيد الرب أعطانا فكرة جديدة عن العلو والعمق، عندما أخلى ذاته لقد علمنا أن العلو هو العمق، وأن العلو يوجد تحت لا فوق وأعطانا مقاييس للعظمة لم تعرفها البشرية من قبل إن المتضعين يرتفعون من قبل في هبوطهم، والمتكبرين يهبطون في صعودهم وكل من يريد أن يصعد إلى فوق، ويلتصق بالله، علية أن ينزل إلى الأرض ويقول مع داود "لصقت بالتراب نفسي" (مز119: 25) وإلهنا الناظر إلى المتواضعات "يقيم المسكين من التراب، ويرفع البائس من المزبلة، ليجلس مع رؤساء شعبه"(مز113: 7). كيف تخلي ذاتك؟ والآن، كيف تخلي ذاتك أيها الأخ إن لم تتمكن من إخلاء ذاتك بالتمام، فعلي الأقل أخفض نفسك درجة عما تستحقه، أو عما تظن أنك تستحقه، في نظر نفسك، وفي نظر الناس في إحدى المرات رسم كاهن جديد، وقضي فترة الأربعين يومًا في الدير وفي تلك الفترة -وهو في الدير سألني- نصيحة له في خدمته المقلبة، فقلت له "كن ابنًا وسط إخوتك، وأخًا وسط أولادك" "انزل درجة باستمرار، أو درجات وباستمرار أسلك بالبساطة في معاملة تلاميذك، وأولادك، وأخوتك الصغار". واليك تدريب آخر: جرب كيف تتنازل عن حقوقك، وعما يليق بك من كرامة وفي كل وقت ضع أمامك الآية التي تقول "المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13: 5) فلا تطلب أن تأخذ كل حقوقك، ولا تطلب أن تدافع عن نفسك في كل شيء ولا ترد التصرف بمثله في إخلائك لذاتك ألق عنك الأشياء التي تضخمك في نظر نفسك أو في نظر الناس سواء كانت داخل نفسك أو من الخارج عليك أن تتخلي عن مظاهر العظمة، وتعيش بسيطًا واعلم أن السيد المسيح في إخلائه لذاته، أعطانا فكرة أن العظمة لا تنبع من مظاهر خارجية، ولا من رفعة تحيط وإنما العظمة الحقيقية تنبع من الداخل، من كنه الذات النقية كلما يصير القلب نقيًا، يأخذ صورة الله، ويصير حقًا على مثال الله حسبما خلق في البدء على صورة الله وشبهه (تك1: 26، 27) وفي كل نقاوتك وفضائلك، أنسِب الفضل كله لله لا إلى نفسك أشعر دائمًا أن الله هو العامل فيك، وليس أنت. وأنك بدونه لا تستطيع أن تعمل شيئًا وإذا اشتركت مع إنسان في عمل، قدمه على نفسك في كل شيء أعطه التفوق، وأعطه الفضل، وانسب إليه ما تحاول بأن تنسبه إلى نفسك من العظمة وتحاول أن تختفي ليظهر الله، وليظهر أخوتك وإن لم تستطع أن تخلي ذاتك، فعلي الأقل لا تضع فوقها ثقلًا جديدًا من الارتفاع، حتى لا تنوء نفسك تحت ثقل ارتفاعك على الأقل لا تكبر ذاتك لا تتحدث عن نفسك، لا تشرح للناس فضائلك لا تسرد قصصًا يفهمون منها شيئًا عاليًا عنك ضع أمامك صورة المسيح في إخلائه لذاته. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب تأملات في الميلاد
المزيد
24 ديسمبر 2024

الأحد الثاني ميمر بشارة الملاك للعذراء مريم وعيد البشارة لمار يعقوب السروجي

انه قبل الأزمان ازلى ،وفى آخر الأزمان صار مولودا لأجلنا له آب وبالنعمة اخذ له اما نزل وحل فيها ليكون لها ابنا اختار له بتولا مخطوبة محفوظة مقدسة بالعفة والطهارة حل في الطوبانية الممتلئة حسنا ،وختم حضنها وقدس جسدها ونقى نفسها أرسل النوراني غبريال ليأتيها ببشارة الآب الممجدة التقى بالعذراء وأعطاها السلام سلم على البتول أم الملك وتكلم معها قائلا السلام لك ايتها الممتلئة نورا الهيا ،السلام لك يا مريم أم شمس البر ، السلام لك يا مقصورة الأقداس ، الممتلئة حسنا ميناء الأسرار ، السفينة الجديدة الممتلئة غنى ، السلام لك أيتها المباركة في النساء الرب معك ، ستحبلين وتلدين ابنا ببتوليتك ، سمعت مريم كلام الملاك فأخذها الدهش لتلك البشارة العظيمة وارتعب ضميرها فأجابته يا سيدي كيف اني احبل وانا بتول خبرك جديد ففسر لى هذا الكلام الذي قلته ،لانه من يطلب ثمارا من أرض لم تزرع ، وعنبا من كرمة لم تفلح ،وولدا من بتول بغير زواج فسر لي كيف يكون هذا ؟ فقال الملاك الروح القدس يحل عليك ينزل ويقدس بتوليتك ،ويحل عنك لعنة آدم وحواء ويباركك ،وتأتى قوة الآب الخفى ويتجسد منك الابن فتلدين طفلا لا تنتهى مملكته لأنه ابن الله الملك العظيم بدون فحص ، وها اليصابات نسيبتك العاقر هي حبلى ايضا قبلت الحبل في عفة وقداسة ومضت تنظر حبل العجوز العاقر وتقول من أين لى أن تأتى الى ام سيدى ؟! فكرزت اليصابات به ،وعرفت مريم البتول أن المحمول بها هو سيد السمائيين والأرضيين وقالت لمريم بفرح عظيم قد تحرك الجنين في بابتهاج فمن أظهر لها أن الطفل داخلها فرح الا الروح القدس لقد امتلأت من الروح القدس و به عرفت تهلیل الجنين ،وفسرت ماذا يريد أن يقول زكريا الكاهن ، وتكلمت بما يزاحم الجنين ليقول وقالت لها طوباك أيتها البتول مريم حينئذ بدأت اليصابات ترفع صوتها لمن حل فيك ، الكاهن الشيخ يسجد لابنك لأنه هو سيده ذاك الذى السموات ممتلئة من مجده مصور الأطفال في البطون حل فيك يا مريم من أجل هذا يتحرك الجنين داخلي ويتهال به ،حملت سید هرون و ملشيصاداق الحبر الأعظم وكانت في بيت الكاهن الشيخ ثلاثة شهور يفرحون بها ويكرمونها ويتلون كل ما نطقت به النبوات وبما في سفر اشعياء وتروى لمريم جميع الكلام قائلة يا ابنتي مكتوب في النبوة أن البتول تحبل وقد دعا النبى ذلك من أجل حبلك المقدس بعد هذا سارت مريم لتأتى الى بيتها قبلها يوسف وعرف أنها حبلى الصبية العفيفة وممتلئة نعمة جميعها اتضاع ، وجهها تزينه الطهارة والنقاوة والبتولية لكنه ارتعب لأنه لم يعرف حبلها وطلب أن يبتعد عنها دون أن يفتش الممتلئة نعمة فأتاه رئيس الملائكة غبريال في رؤيا الليل ليعلمه حقيقة ذلك الحبل المدهش فبشره وفسر له جميع قراءات الأنبياء فارتعب لما تحقق ذلك وسأله من أنت يا سيدى فاجابه الملاك وقال له انا عبد ذلك الذي تحمله مريم العذراء فقال يوسف وكم له يا سيدى مثلك فقال الوف ألوف وربوات ربوات فارتعب وارتعد لوقته وامتلأ دهشا وأتى وسجد للبتول مريم وكان يتفرس فيها كمركبة سمائية وسكنت معه بالقداسة والطهارة ،وكانت له ثمة كبير الكهنة في قدس الأقداس يدهش بها ويحبها ويسجد لها ويكرمها ويخدمها بمخافة ينظرها كالسحابة على جبل سيناء التي حلت داخلها قوة اللاهوت قلبها طاهر أفكارها مقدسة وليس فيها شيء أرضى فالقداسة كانت وثيقة خطبتها له لقد حل فيها ابن الله عندما انخطبت ليوسف ،ولولا انها انخطبت وحل فيها كان يتخبط الحبل ويضطرب اذ عندما يعرف بالبطن جنين دون رجل كانت تحسب كزانية ،وان تظهر السر الخفى من يصدقها ان بتولا تحبل دون رجل فان كان ربنا قد أخرج الشياطين وأحيا الأموات ولم يؤمنوا به فكيف يصدقون وهو في البطن أنه ابن الله ،ومن يجسر ويقول أن صبية حبلت به ، وان تظهر مريم السر الالهى كانت تحتقر وتطرد وترجم وتحسب كاذبة من أجل هذا اختار الله رجلا بارا ليكون خطيبا لها ورئيسا يدبرها البتول دعت يوسف البار بعلا لها حتى شاء ابن الله ليظهر ذاته ولأن جنس يوسف من بيت داود فكان خطيبا لابنة داود ، ليكون رأسها ،واضطر أن يكون للأم البتول رجلا استعاريا دون أن يعرفها وخدم السر الخفى دون أن يعرف أحد حتى أظهر ربنا للعالم من هو أبيه قائلا "ينبغي أن أكون فيما لأبي " (لو ٤٩:٢) ومن أعماله ادرك العالم انه ابن الله ، مبارك هو الغير المرئى الذى أتى الى عالمنا المرئى له المجد الدائم إلى الأبد آمين. المتنيح القمص سمعان السريانى عن كتاب روحانية قراءات شهر كيهك
المزيد
23 ديسمبر 2024

من كنوز تسابيح شهر كيهك نفس مرتفعة إلى السماء

السلّم الذي رآه يعقوب هو واحد من أهمّ وأجمل الرموز الموجودة في العهد القديم عن السيّدة العذراء فقد ظهر الله ليعقوب، وهو هارب من أخيه عيسو في الطريق إلى خاله لابان، وكان المنظر سلّمًا مرتفعًا إلى السماء والملائكة يصعدون وينزلون عليه، والرب يطلّ على يعقوب من أعلى السلّم بمجدٍ عظيم، ويتحدّث معه بكلام فيه طمأنينة وسلام وبركة (تك28) يري الكثير من آباء الكنيسة أنّ السلّم هو رمز لأمّنا العذراء التي نزل عن طريقها الرب إلى عالمنا الأرضي، حاملاً لنا السلام والبركة والخلاص فهي الإنسانة التي اتّخذ منها جسدًا، وسكن في بطنها البتولي تسعة أشهر، فصار بطنها عرشًا لله المستريح في القدّيسين، وأخيرًا قدّمت لنا الله محمولاً على ذراعيها (ثيؤطوكيّة السبت – القطعة الأولى) العذراء هي السلّم الذي ربط السماء بالأرض، أو بالحرى مكّن الأرضيين من الوصول للسماء..! القطعة الثامنة من ثيؤطوكيّة السبت تتحدّث عن سلّم يعقوب، وتبدأ بلحن رائع هو لحن "أريتنثونتي" ومعناه "شُبِّهتِ بالسلّم الذي رآه يعقوب، مرتفعًا إلى السماء، والرب المخوف عليه" ثم نجد في المديح الرومي على هذه القطعة بعض العبارات البالغة العُمق والجمال منها: حَسَنًا رآكِ يعقوب أبونا، مثل سلّم ذي نفس مرتفعة إلى السماء، والرب القدوس جالس عليها، أيّتها اليمامة. لأنّه صنع أحشاكِ عرشًا، وأيضًا بطنك المختوم، جعله أوسع من السموات. السلام لكِ من قِبَلِنا، لأنّ من كنزك المختوم، وَلَدْتِ المستريح في القديسين. أقف قليلاً أمام عبارة واحدة غاية في الروعة، وهي وصف أمّنا العذراء بأنّها مثل سلّم حيّ له نفس تسمو وتحلّق وترتفع حتّى تصل إلى السماء، والرب جالس ومستريح بمجدٍ عظيم على هذه النفس فالعذراء إنسانة ارتفعت بقلبها وكلّ حواسها إلى السماء، فاستحقّت أن تكون مكانًا يستريح فيه الرب..! ارتفاع النفس بالطبع لا يعني التعالي على الآخرين، بل السمو فوق كلّ رغبات العالم والاهتمامات الأرضيّة، لكي تصلّ النفس إلى الله وتتّحد به في الحقيقة لا يمكننا أن نتّصل بالله اتصالاً حقيقيًّا بدون هذا الارتفاع، وتجاوُز هموم العالم ومشغوليّاته.. وهذا ما تُشجِّعنا عليه الكنيسة عندما تخاطبنا في كلّ قدّاس "ارفعوا قلوبكم" أي نرتفع بقلوبنا حتّى نلتقي الله، طارحين عنّا كلّ أفكار الخواطر الشريرة، ومشتركين في التسبيح مع القوّات السمائيّة من الناحيّة العمليّة، الارتفاع ليس أمرًا سهلاً، فهو ضدّ الجاذبيّة الأرضيّة ولكن الذي وقع في دائرة جاذبيّة حُبّ يسوع المصلوب يكون الارتفاع سهلاً بالنسبة له، لأنّ جاذبيّة يسوع أقوى بكثير من جاذبيّة الأمور الأرضيّة، ولذلك هو أكّد قبل الصليب وقال "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يو12: 32) وهذا يعطينا فِكرة عن كيفيّة الارتفاع فعندما ننظر للصليب ونتأمّل في الصليب ونتعلّق بالصليب، يرفعنا الصليب إلى السماء! يظنّ البعض أنّ الصليب هو حِمل ثقيل، قد يكسر الإنسان وينزل به إلى الأرض ولكن الحقيقة أنّ الصليب هو أهم وسيلة تتحرّر بها النفس من روابط الأرض وترتفع بها إلى السماء لقد رأى يعقوب السلّم وهو هارب، وفي وقت شِدّة وضيق، ولم يَرَهُ وهو متنعِّم في بيت أبيه وأيضًا أمّنا العذراء حملت الصليب في حياتها بشكرٍ وتسليم، وقبلت أن يجوز في نفسها سيف الآلام، فارتفعت نفسها إلى السماء وصارت أعلى من الشاروبيم والسيرافيم هكذا دائمًا الصليب يُعِدّ الإنسان للارتفاع إلى السماء، ومَن يتبّع المسيح حاملاً الصليب فهو في الطريق الصاعِد إلى السماء..! هناك الكثير من الأحاديث أو التصرّفات التي تنزل بنا إلى الأرض فإذا أردنا أن نكون مثل أمنا العذراء مرتفعين إلى السماء، لابد أن نتخلّى عن مثل هذه الأمور، وننشغل بما يرفعنا إلى فوق:- التأمُّل في كلام الإنجيل يرفعنا إلى فوق.. التسبيح والترنيم يرفعنا إلى فوق.. التوبة ترفعنا إلى فوق.. الاهتمام بخدمة الآخرين يرفعنا إلى فوق.. قراءة أقوال الآباء وخبراتهم ترفعنا إلى فوق.. رفع أيدينا في صلاة المخدع الهادئة يرفعنا إلى السماء.. حضور التسبحة والقدّاس يرفعنا إلى السماء.. وأخيرًا النفس المرتفعة إلى السماء هي نفس مملوءة بالسلام ينسكب عليها دائمًا السلام السمائي، فلا تُزعجها أحداث الأرض ولا اضطراباته بل هي دائمًا تستمدّ فرحها وطمأنينتها وقوّتها من وعود السماء وبركات السماء ورعاية السماء..! القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
22 ديسمبر 2024

تقرأ بعد انجيل الأحد الثاني من شهر كيهك

تتضمن محاكمة أدم والبشارة بالخلاص مرتبة على فصل إنجيل بشارة الملاك جبرائيل للسيدة العذراء ( لو ١ : ٢٦-٣٨ ) بميلاد المخلص لقد مرت السنون وكرت القرون والجنس البشرى يتألم متقلباً في المشقات والاحزان التي آلت اليه بطريق الميراث عن أبويه الأولين وفي تلك الأثناء كانت رحمة الله تنظر إلى خراب العالم مفكرة فى طريقة جديدة تكفر عن العصيان وتعيد العمران لأن الله قد وجه سهام سخطه إلى بنى الانسان نظير المخالفة والعصيان تارة بالطوفان وطوراً بالنار والكبريت واحياناً بافتتاح الارض فاهـــا وابتلاع المخالفين ثم بالحروب المتتابعة لبعضها وغير ذلك ، وبواسطة الرحمـــــة قد تقرر منذ الازل وصدرت المراسيم الالهية ، بأنه حيث أن الخراب قد حدث للعالم بواسطة ثلاثة هم : لوسيفورس وحواء وأدم فيجب أن يتجدد بواسطة ثلاثة آخرين هم : جبرائيل ومريم ويسوع وقد مضى ردح من الزمان والجنس البشرى ينتظر بفروغ صبر ذلك الوقت السعيد ، إلى أن جاء ملء الزمان وارسل جبرائيل الملاك من عند الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة ، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريـــــم ، فدخــــل اليها الملاك وقال " سلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك " وقد صور بعضهم هيئة المحاكمة والمداولة التي جرت بين عدل الله تعالى ورحمته بديوان المحكمة الإلهية بشأن آدم الانسان الأول هكذا: الاتهام: أن آدم الانسان الأول قد خالف وصية الله ، بأكله من الشجرة المنهى عنها ، وعقابه على ذلك ينطبق على الفقرة الثالثة من المادة الأولى وهذا نصها : " من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً ، وأما شجرة معرفة الخير والشـــــر فـــلا تأكل منها ، لأنك يوم تأكل. منها موتا تموت " قال العدل الالهى : إن أدم يستحق عقوبة الهلاك لمخالفته القوانين ، قالت الرحمة : إنه مخلوق للسماء ويجب أن يعفى عنه قال العدل: ولوسيفوس الملاك أيضاً كان مخلوقا للسماء ، ولما خالف هلك قالت الرحمة : يوجد فرق بين آدم ولوسيفورس الملاك ، فهذا روح نورانى قوى وآدم من تراب ضعيف ، فالملاك كان في السماء وآدم على الارض قال العدل : نعم إنه ضعيف وعلى الأرض ، ولكن كانت له وسائط تقويه وهي النعمة الفعالة ، وخضوع الجسد للروح قالت الرحمة : والملاك أيضاً كان له وسائط تقويه وهى سمو معرفته وقوة ارادته وقربه من الله قال العدل كان الواجب على آدم أن يتخذ له عبرة من قصاص الملاك فلا يخالف مثله قالت الرحمة : ما كان للملاك شيطان يجر به . ولا حواء تغويه . ولا ثمرة يشتهيها . قال العدل: على أى حال يجب قصاصه . لأنه لم يعتبر ربه ولا الملكوت . ولا خاف من هول جهنم . والخطية ليست بالأمر الهين ، ولا شرها بالشئ القليل حتى تعتذرى عنه ، فالمذنب يجازى بذنبه ولا محاباة . والحكم ذاته الذي توقع على الملاك وأتباعه الطالحين يجب أن يتوقع عليه. قالت الرحمة ان ذلك الحكم لم يشمل كل الملائكة ، بل بقى منهم القسم الاكثر يمجد الله في السماء. بخلاف الحكم على آدم فقد شمل كل ذريته قال العدل: فليكن كذلك لكل ذريته فيتمجد عدل الله فيهم. قالت الرحمة : عدل الله قد تمجد في قصاص الملائكة. وأنا متى أظهر بمجده. ومع من استعمل شفقتي ؟ في جهنم لا دخل لي ، وفي السماء لا احتياج إلى الرحمة قال العدل: وأنا لا يهمني سوى وصول حقى تماما قالت الرحمة: إذا وصلك حقك تماماً بدون هلاك أدم ألا ترضى؟. قال العدل: أرضى قالت الرحمة أيكفى لذلك أن يطرد آدم من الفردوس إلى ارض الشقاء والهوان حيث يبكى ويحتمل الأمراض والأحزان على شرط أنه ينجو من الهلاك الأبدى. قال العدل: لا. هذا لا يكفى. قالت الرحمة أيكفي أن يموت ويرجع إلى التراب ويصير طعاماً للحيات بحيث تنجو نفسه من جهنم. قال العدل: كلا. لا يكفي. بل يجب أن يموت عنه بار. فتشوا هل يوجد في الأرض بار؟. لا يوجد. ليس ولا بار واحد بل جميعهم زاغوا وتلطخوا بخطية آدم نعم وجد أبرار كثيرون مثل نوح ويوسف وموسى ويشوع بن نون وغيرهم. ولكن تسميتهم ابرارا محمولة على برارتهم من الخطية الفعلية لا من الخطية الأصلية . لأن نوحاً خلص ذاته وسبعة أشخاص فقط من الطوفان ، لا من الهلاك . ويوسف أنقذ أهل مصر وما حولها من الجوع لا من جهنم . وموسى أنقذ الإسرائيليين من عبودية فرعون ، لا من عبودية الشيطان ، ويشوع قد أدخلهم أرض الميعاد أى أورشليم الأرضية ، لا السمائية . إذن لا يوجد من يوفى عن آدم أم رافائيل؟ سكت جميعهم وما قبلوا الموت عن آدم. فقال الأب: ومع ذلك إن موت البشر أجمع. وملاشاة الملائكة بأسرهم. وابادة كل العالم. كل هذا غير كاف لايفاء عدلى حقه. لان كل ما ذكر هو متناه. أما دين آدم فهو غير متناه . عند ذلك بـرز الاقنوم الثاني وقام في الوسط قائلا لابيه الازلى هأنذا يا أبت فارسلني لأتخذ جسداً وأحتمل الآلام والموت لخلاص آدم ايفاء للعدل وتعظيماً للرحمة. ولأن الانسان أخطأ لرغبته فى أن يصير شبيهاً بالله. فأريد أن أصير بحالة إذا تشبه بي يخلص فقال الآب: يا ابنى يلزمك أن تولد في مغارة بين الحيوانات. فقال: لا يهمني. هأنذا فارسلني. قال الآب : يلزم أن تهرب إلى مصر وتكون مضطهدا مهانا ثم تموت عريانا فقال: لا يهمني. ارسلني. لأن ماذا لى هنا وشعبى قد سبى مجاناً ؟ فقال المبشر لآدم: بشراك افرح. فقال آدم كيف أفرح وأنا جالس في الظلمة . قال المبشر : افرح. لأنه قد تقرر اليوم خلاصك إذا ارتضـــــي ابـــن الله أن يتجسد من بتول لأجلك فترج وتب.فبقی آدم ونسله من بعده ينتظرون تلك البتول المنتخبة ليتجسد منها ابن الله.فقد مرت سارة ولها عظمة الخلافة ولم تكن هي المختارة لأنها ولدت أسحق الذي هو رسم لمخلص العالم ومرت راحيل ولم تكن هي المنتخبة لأنها ولدت يوسف لا يسوع. ومرت بتشبع ولم تكن هي المنتظرة لأنها ولدت سليمان الحكيم لا حكمة الله ومرت دابورة بوظيفة قائدة للشعب ولم تكن هي المنتظرة. ومرت يهوديت مخلصة مدينة الرب وبيدها رأس أليفانا ولم تكن هـــي المنتظرة وهكذا استمر العالم سالكاً في الظلمة مدة أجيال عديدة وبينما كان الناس على هذا الحال إذ ظهرت نجمة الصبح السيدة المختارة مريم البتول التي هي وحدها انتظار العالم ورجاء الشعوب الموقوف عليها اجراء عمل الخلاص وعند بلوغها السنة الثالثة عشرة إذ كانت تصلى ملتمسة من الله أن يرسل سريعاً إلى العالم المخلص المنتظر وإذا بجبرائيل الملاك وقد وقف أمامها وقال لها :" سلام لك أيتها الممتلئة نعمة !! الرب معك " فلما سمعت كلامه اضطربت عجباً !!! إن مريم المختارة تخاف من ملاك سماوى !! وحواء لم تخف من شیطان جهنمی !! ولما قال الملاك للسيدة مريم : " ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع هذا يكون عظيما وابن العلى يدعى قالت له وكيف يكون هذا .؟ أما حواء فلما قال لها الشيطان : " يوم تأكلان من الثمر تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر لم تقل " كيف يكون هذا " فما أكثر الذين يسمعون وساوس الشيطان غير خائفين ولا يتوقفون قائلين : "كيف يكون هذا". وما أحسن وأحكم جواب الملاك لسيدتنا مريم. إذ ترددت اتضاعا وتهيبا من تجسد مخلصنا في حشائها الطاهر قائلة: " كيف يكون هذا فأجابها الملاك. "ليس شئ غير ممكن لدى الله" فأطمأن قلبها بهذا الجواب وأذعنت قائلة: " " هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي قولك وعند جوابها هذا حل الإله في حشائها وصار جسدا الإله صار انسانا وحل فينا والنور الذي كان قد حجب بظلمة الخطية ابتدأ يشرق على السالكين في الظلمة والجالسين في كورة الموت وظلاله تجسد الابن وعاش بيننا كأنسان نحو ثلاث وثلاثين سنة مسكيناً فقيراً تعباً أخذاً أمراضنا وحاملا أوجاعنا وفي آخر سنى حياته كان منذراً او معلماً ومخرجاً للشياطين ومفتحاً للعميان ومشفياً للمجانين وقد أنهى حياته الأرضية معلقا على صليب الآلام والإهانات بإرادته فسحق بذلك رأس الشيطان الحية القديمة إتماما للوعد بخلاص أدم وذريته فيا لمحبة الله غير المتناهية ويالعظمة رأفته بنا ! فإنه لم يكتف بخلقنا وحفظنا وعنايته بنا كل ايام حياتنا وتسخيره لخدمتنا كل ما في السماء وما على الأرض بل ارسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به الذي بذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير حسب إرادة الله وأبينا برنـــــا مجانا بنعمته بالفداء ليس عن استحقاق لنا وإنما حباً منه ورأفة بنا فهل من حب أعظم من هذا؟ يقول البشير : " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع الانسان نفسه لاجل أحبائه " ولكن حب مخلصنا أعظم بكثير لأنه لم يضع نفسه عن أحبائه بل عن أعدائه بالخطية والفرق بين النوعين ظاهر كالفرق بين الصداقة والعداوة. إن الله أحبنا حتى بذل ابنه الوحيد فهل أحببناه نحن لانه أحبنـــا اولا تأملوا هذه المسالة وأسمحوا لي أن أقول الحق بإخلاص وبدون مراعاة ولا محاباة إن الله أحبنا أولا فليتذكر كل منا خطاياه ويعلم أنه كافأ الله عن محبته له ولير سوء تصرفه وقبح نكرانه احسان من صلب ومات عنه وليخف ممن ليس من صفاته الرحمة والرأفة فقط بل العدل والانصاف أيضا ان الله أحبنا أولا فهل أحببناه؟. أن أعمالنا تدل على اننا لم نحبه لأن شرط محبة الله الحفظ والعمل بوصاياه فهل حفظنا الوصايا ؟ أظن لا لأننا نرى الكثيرين يضعون الإساءة بوضع الاحسان ويقابلون النعمة بالنكران ويؤثرون أقـــل الذى اسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا منفعة على محبة الله ولعل البعض يقول : أنى أحب الله واحب قريبي حسنا تقول ولكن ما فائدة القول إذا كان العمل يدل على أنك لا تحب الله ولا تحب أخاك وقريبك ؟ أو لم تسمع قول الرسول: " أن قال أحد أحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره " فأن كنت يا هذا تحب الله وتحب قريبك فلماذا تبخل على الفقير الذي يسالك حاجة وتمنع عنه الخير ثم تهينه وتعيره بالبطالة والكسل؟ ولماذا تسعى في الانتقام من أخيك حينما يغيظك وتقول انك تريد تأديبه فقط؟ أو لم يسمع قوله تعالى: "لـــى الانتقام أنا أجازى يقول الرب إذا كنت تحب الله فلماذا لا تواظب على الكنيسة في أيام الأحد وفي الاعياد على الأقل؟ ولماذا لا تقف بأدب وخشوع فى بيت الله حتى لا تشوش على المصلين ؟ ولماذا لا تؤدى الواجبات الدينية المفروضة كالتوبة والندامة والاعتراف ثم التناول من جسد الرب ودمه الاقدسين ؟ هذا ويعوزني الوقت لو اردت زيادة البيان وانما اقول بالأجمال ما أشد جحود الانسان وما أقرب أنكاره للمعروف والاحسان فسبيلنا أيها الأحباء أن نوبخ نفوسنا على ما فعلناه ضد شرف طبيعتنا. وما جنيناه ضد بارينا وفادينا ولنؤد لعظمته تعالى واجب الطاعة والشكر كل حين ذاكرين أحساناته الكثيرة وكل ما يدل على شدة محبتنا لجلاله السامي مزاولين كلى ما يقر بنا إليه لنكون أهلا لتلك المنزلة الرفيعة التي رفعنا إليها له المجد إلى الأبد امین. القديس يوحنا ذهبي الفم عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
20 ديسمبر 2024

مائة درس وعظة (٥٩)

يوحنا ذهبي الفم «إعلاء الحق » "إن لم تربح خلاص إخوتنا هنا، فلن تحصل على خلاص نفوسنا هناك" (ق يوحنا ذهبي الفم) يوحنا ذهبي الفم عاش في القرن الرابع الميلادي وهو أحد الأقمار الثلاثة كما تسميه الكنيسة اليونانية مع القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس اللاهوتي، وكان بطريركا لمدينة القسطنطينية. اولا ولادته: ولد في عام ٣٤٧م والده كان قائدا في الجيش الروماني في سوريا، وأمه كان اسمه "انثوسا" وبعد أربع سنوات توفي زوجها والد القديس يوحنا وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (اخت القديس يوحنا) بعد الوفاة الوالد، فصارت أرملة فربت يوحنا تربية رائعة وعندما دعيت لزواج أخر رفضت وقالت إنها تعيش من أجل ابنها. نانيا دراسته: نبغ يوحنا في دراسة المحاماة ثالثا: صداقته: له صديق اسمه باسيليوس، وقد أحب الاثنان الله، وكرسا حياتهما، وساعدا بعضهما أن يعيشا حياة التعبد لله، ودعي الاثنان للكهنوت لكن عندما جاءت وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة، وتمت رسامة باسيليوس وكانت حجة القديس يوحنا أن له ميولاً للحياة بالدير. رابعا رهبنته: كان يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية في بيته إلى أن انتقلت والدته فاتجه للدير وصار راهبا وفي زمنه نشطت الحياة الرهبانية وعندما زار مصر رأي البرية بكل سكانها ونساكها ورهبانها، كان كل راهب في قلايته، والأديرة لم يكن بها أسوار كانت القلالي متناثرة في الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة أو قنديل، وكان المنظر في الليل جميل النجوم في السماء والقلالي منيرة في البرية، فقال عبارة مشهورة "السماء بكل نجومها ليست في جمال برية مصر بكل سكانها "وكان يقول للرهبان والاباء في انطاكية "هلموا إلى برية مصر لتروها افضل من ای فردوس" خامسا ارتباطه بالكتاب: من ارتباطه بالكتاب المقدسي صار إنجيلاً و يحكي تلميذة أن بولس الرسول كان يظهر له ويفسر له الرسائل. سادسا راع صالح: لم يكن رجل سياسة ولا فيلسوف لكنه امتاز بالبحث عن خلاص النفوس. سابعة نفيه: كان له مشكلة كبيرة مع الإمبراطورة " افدوكسيا"،وهي كانت قد اغتصب أرضا يملكها انسان عادي فمنعها القديس من دخول الكنيسة. واغلق الأبواب في وجهها، فقالت للجنود اكسروا الأبواب،وشلت يد الجندي التي حاول كسر الأبواب فصلی ذهبي الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندي فعادت سليمة، أما الإمبراطورة فتسبيت في نفى القديس لأخر حدود الإمبراطورية الرومانية، وكان هدف الإمبراطورة من ذلك خبيثا حيث ارادت ان يموت القديس أثناء سفره للمنفي، لأن الرحلة كانت طويلة وجسده كان مريضا كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسة تدعى "اوليمبياس"، وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للاكليروس وكل الشعب ثامنا نياحته: تنيح القديس يوحنا ذهبى الفم في المنفى عام ٤٠٧م تاسعا - كتاباته: له كتب ومقالات عديدة منها ١- سر الكهنوت ٢- الملك وحياة الراهب قارن فيه بين حياة الملك والراهب. . الملك يتحكم في شعوب وجيوش اما الراهب فيتحكم في شهواته. الملك يحارب برابرة أما الراهب فهو يحارب شياطين ويهدي نفوسا .الملك نهاره وليله الام ومشكلات أما الراهب نهاره وليله فرح وسلام .الملك يهدى ذهبا، أما الراهب يقدم نعمة وتعزيات. الملك يرتعب من الموت، أما الراهب يطمئن على مصيرة. ٣- ستعود بقوه أعظم في حياته وهو راهب أحد الآباء الرهبان سقط في خلية كبيرة جعلته يترك رهبنته ويشعر بيأس شديد مكتب له مقالة أسماها "ستعود بقوة أعظم"، وعندما قراها الإنسان الذي سقط بدا يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية باكثر نسك. ٤- سر الزيجة كتاب شرح فيه المفهوم الكتابي والكنسي لسر الزواج وكيف أن الزواج يبارك حضور المسيح. ه- عظات التماثيل الشعب ثار بسبب الضرائب وحطم تماثيل الأمبراطور وكانت النتيجة أن الإمبراطور أراد أن يعاقب هذه المدينة فلجا الشعب للكنيسة فاستغل القديس يوحنا هذه الفرصة وبدأ يكلمهم عن التوبة، وفي نفس الوقت يتشاور مع الله لكي يعبر عن هذه المدينة القي القديس على الشعب عظات كثيرة (۲۱ عظة) سمیت "عظات التماثيل". عاشرة: اقواله له ماثورات وعبارات كثيرة قوية منها ١- اى نفع للمسيحي الذي لا يقيد غيره. ٢-إن غاب عنا عون الله لا تقدر أن نقاوم اتفه إغراء ٣- ليس للشيطان أن يهاجمك إلا عندما يراك قد ملت إلى الخطية وتكاسلت. ٤- ليس لنا عدو إلا واحدا، وهو الخطية التي تفسد سلامنا ٦- الكنيسة أعلى من السماء وأكثر اتساعا من الأرض ٥- الدير اكاديمية تحتضن تفسير الكتاب المقدس. ٧- السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه. قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
19 ديسمبر 2024

بدعة بطرس القصار

تعود إلى النزاع الخريستولوجي إضافة بطرس القصار: فنقرّر من ثم بأن إضافة التي ألحقها بطرس القصار بالنشيد التقديس كفرٌ، لأنها تأتينا بأقنوم رابع، فتضع ابن الله وقوة الآب الأقنومية من جهة، والمصلوب من جهة أخرى على أنه غير القويّ. أو هي تُمجد الثالوث الأقدس المتألم، صالبة الآب والروح القدس مع الابن. فبعداً لهذا الكفر وهذا الهذيان! الأسماء الإلهية العامة: أمّا نحن فننسب لفظة قدوس الله إلى الآب، غير فارزين اسم اللاهوت له وحده، بل مدركين أن الابن إله والروح القدس كذلك. ولفظة قدوس القوي نجعلها للابن، غير نازعين القوة عن الآب والروح القدس. ولفظة قدوس الذي لا يموت نخصصها للروح القدس، غير تاركين الآب والابن بمعزل عن الخلود، بل ناسبين إلى كل من الأقانيم كل الأسماء الإلهية نسبة بسيطة وعامة، مقتدين بالرسول الإلهي القائل: "لنا إله واحد الآب الذي منه كل شيء ونحن إليه، وربّ واحد يسوع المسيح الذي به كلّ شيء ونحن به" (1كور8: 6). ومتشبهين بغريغوريوس اللاهوتي الذي هو ليس بأقل من الرسول في تعبيره حيث يقول: "ولنا ربّ واحدٌ الآب الذي منه كل شي وربُ واحد يسوع المسيح الذي به كل شيء وروح قدوس واحد فيه كل شيء". فلفظة منه وبه وفيه ليس من شأنها أن تفصل الطبائع -لأن على حروف الجرّ هذه أن لا تتبدلّ أو على الكلمات أن لا يتغيّر ترتيبها- بل هي لتمييز خصائص الطبيعة الواحدة بدون تشويش. وهذا واضح من أن الحروف هذه تعود فترجع إلى واحدٍ لدى قراءة ذلك بتأنٍّ في الرسول نفسه القائل: "كل شيء منه وبه وإليه فله المجد مدى الدهور. آمين" (رومة11: 36). النشيد المثلث التقديس موجّه إلى الثالوث الأقدس لا إلى الابن وحده: يشهد الأحبار الإلهيون أثناثيوس وباسيليوس وغريغوريوس وكل خورس الآباء اللابسيّ الله أن النشيد المثلّث التقديس لا يُقال في الابن فحسب، بل في الثالوث الأقدس. فإن السارفيم القديسين في تقديسهم المثلّث يُظهرون لنا الأقانيم الثلاثة للاهوت الفائق الجوهر، ويعرفوننا بوحدة السيادة ووحدة المُلك لرئاسة الثالوث الإلهي. وعليه يقول غريغوريوس اللاهوتي: "وهكذا إذاً، فإن أقدس الأقداس التي هي محجوبة عن السارافيم أيضاً وتتلقّى التمجيد بتقديسات مثلّثة تجتمع في سيادة واحدة ولاهوت واحد. وهذا ما قد استنتجه أيضاً من كانوا قبلنا من السلف الصالح وذلك بأقوال أكثر جمالاً وأعلى سموّاً". تقليد الكنيسة عن هذا النشيد، في عهد بروكلُس الحبر: وعليه، فقد أجمع المؤرخون الكنسيّون على القول بأنّ الشعب القسطنطيني، في عهد رئيس الأساقفة بروكلس، فيما كان يقوم بابتهال لإبعاد محنة إلهية، وإذا بطفلٍ من الشعب قد اختطف بالروح وتلقن -بتعليم ملائكي- النشيد المثلث التقديس على النحو التالي: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا". ولمّا عاد الصبيّ إلى وعيه، أخبر بما تعلّم. فأخذ الجمهور كلّه يترنّم بالنشيد فتوقفت المحنة للحال. وفي المجمع المقدس العظيم المسكوني الرابع، أعني الخلقيدوني، قد تمّ تسليمّ النشيد المثلث التقديس كما هو للترنيم، وعلى هذا النحو قد صار تدوينه في أعمال المجمع المقدس المذكور. إنها إذاً لسخرية مضحكة حقاً أنَّ النشيد المثلث التقديس الذي أشار به الملائكة وتحقق بوحي من إرشادهم وتثبت رسمياً في مجمع آباء جزيل عددهم وكان قبلاً قد ترنّم به السارافيم، على أنه يوضح أقانيم اللاهوت الثلاثة، ينتهي به الأمر أن يوطأ بتفكير سخيف من القصار، ومن ثم يكون عرضة لإصلاحه من مغالاة السارافيم! فيا للاعتداد بالذات، حتى لا أقول: يا للغباوة! - أما نحن فإننا نتابع الهتاف هكذا، ولو خزي الشياطين، ونقول: "قدوس الله. قدوس القوي. قدوس الذي لا يموت. ارحمنا".
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل