المقالات
01 أغسطس 2025
مختارات حلو الكلام
1- الإخلاص من زجاج، وكتمان السر من الماس.
2- من أنواع الرزق، شخص يطيب خاطرك.
3- تكلفة الجهل أكثر من مصاريف التعليم.
4- لتعيش سعيدًا، عش بعيدًا.
5- أنفق مالك على الأشياء التي يمكن شراؤها بالمال، وانفق وقتك على الأشياء التي لا يشتريها المال.
6- أسوأ مسافة بين شخصين سوء الفهم.
7- من الكمال أن تدرك نقصك، ومن النقص أن تظن بأنك كامل.
8- حضن أمي دواء من نوع نادر.
9- سامح الجميع لأنه من المخجل أن نقف على باب الله نرجو الغفران ونحن لا نغفر.
10- تعلمت أن القراءة فعل خشوع، فأنت حين تنهي قراءة كتاب لا تعود الشخص الذي كنته قبل القراءة.
11- جاور من يخاف الله، وحاور من يحترمك، وشاور من يحبك، وصاحب من يفهمك.
12- العرق عند التدريب يوفر الدم عند المعركة.
13- من لا يعرف التاريخ يكرر أخطاء سابقيه.
14- الناس الأذكياء جدًا لا يمكن أن يكونوا أشرارًا، لأن الشر يتطلب غباء ومحدودية في التفكير. (جان بول سارتر)
15- اجعل حياتك قصة تستحق أن تُروى.
16- للجمال مراتب: أقلها جمال الملامح، وأوسطها جمال الكلام، وأعلاها جمال الروح، وأغلاها جمال النفس، وأنقاها جمال القلب.
17- تعلموا الحب أولاً ثم اصنعوا له عيدًا.
18- أحيانًا نرحل ليس حبًا في الرحيل، لكن لأنه لا فائدة من البقاء (نزار قباني).
19- When “I” is replaced by “we” even “illness” becomes “wellness”.
20- Happiness doesn’t result from what we get, but from what we give.
21- كن مصباحًا أو سلمًا أو قارب نجاة.. كن إنسانًا.
22- لا تطلب الشيء مرتين، إلا من الله.
23- تعويضات الله مذهلة وتستحق الانتظار.
24- علمني أهلي الكلام، وعلمني الناس الصمت. (مثل تشيكي)
25- أن تكون إنسانًا أمر سهل، أما أن تكون رجلاً فهذا صعب. (مثل روسي)
26- الإعجاب بالنفس وليد الجهل. (مثل أسباني)
27- سلِّح عقلك بالعلم خير من أن تزين جسدك بالجواهر. (مثل صيني)
28- فعل الخير مع ناكر الجميل مثل إلقاء ماء الورد في البحر. (مثل بولندي)
29- من هز بيت جاره.. سقط بيته. (مثل سويسري)
30- الشر ليس فوق المقدرة البشرية، بل أقل منها. (أجاثا كريستي)
31- العبد حر إذا قنع، والحر عبد إذا طمع.
32- أحيانًا يكون أقوى انجازاتك بالحياة هو أنك مازلت بقواك العقلية ومازلت تتعامل بأخلاق، مع أنك محاط بكمية لا تحصى من الحمقى. (نجيب محفوظ)
33- طول ما البصل مينفعشي يتعمل منه مربى، أوعى تتوقع من قليل الأصل أنه يتربى.
34- الصباح الذي لا تسمع فيه “صباح الخير” ممن تحب، يبقى ليلاً حتى إشعار آخر. (محمود درويش)
35- يا ماشي فوق أرض مصر، حاسب وأنت بتدوسها، لو التاريخ حكى كنت هتوطي وتبوسها.
36- الحب والعطر لا يختبئان. (مثل صيني)
37- أيها الإنسان لا تنسى الموت، فإنه لن ينساك. (مثل تركي)
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
31 يوليو 2025
بدعة نسطور
لقب والدة الإله
على ما يقول المؤرخ سقراط (2) عن نسطور: " أنه أخذ يندد فى مواعظة بتلقيب مريم العذراء ب " والدة الإله " ولم يكن هذا اللقب أمراً جديداً فى الكنيسة فقد نص عليه الكتاب المقدس بعهديه قال أشعياء النبى: " لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ " (أش 9: 6) وما دام المولود إلهاً فوالدته تدعى بحق والدة الإله وقالت أليصابات عند لقاء العذراء مريم: " فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ " (لوقا 1: 43) وأم الرب ووالدة الإله بمعنى واحد ثم أن مريم العذراء دعيت فى مواقع كثيرة من العهد الجدبد أم يسوع (أع 1: 14) و (مرقس 3: 31 - 32) و (يوحنا 19: 25، 26) وليس ثمة فرق بين أم يسوع ووالدة الإله ما دام يسوع هو الإله الظاهر فى الجسد - " وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: الإِلهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَد..) (1 ى 3: 16) وقد عرفت مريم بوالدة الإله فى الليتورجيات لاقديمة كما ذكرها بهذا اللقب آباء الكنيسة الأوائل ومنهم: أوريجينوس، والأسكندر بابا الإسكندرية 19، ويوسابيوس القيصرى المؤرخ (فى كتابه تاريخ الكنيسة ك 5: ف 3) والقديس أثناسيوس الرسولى فى خطبه ضد الأريوسيين خطبة 3 ف 33، والقديس كيرلس الملقب بعمود الدين (فى كتابه 10 - 19) وغيرهم وقد قام أناستاسيوس (قسيس وتابع لنسطور) يقول فى عظاته: " لا يجوز لأحد أن يدعوا مريم.. والدة الإله لأن مريم لم تكن إلا إمرأة ومن المستحيل أن يولد إله من أمرأة " فأثار بأقواله هذه مشاعر المؤمنين، ومن ثم أصبح هذا اللقب يميز المؤمنين من الهراطقة إن تلقيب مريم بوالدة الإله هو تكريم لها هى جديرة به، وهو على ما أسلفنا يطابق نصوص الكتب المقدسة وأقوال الآباء، ولكن رفض نسطور لهذا اللقب ليس لمجرد أهانة لمريم العذراء، أو سحب كرامة منها وإنما بحمل معنى أبعد من هذا وذلك أن لقب والدة الإله كما يظهر من التعبير اليونانى يركز الإنتباه أولاً على لاهوت المولود من لاعذراء أكثر مما يوجه النظر إلى كرامة العذراء نفسها وهذا معناه أن المولود من مريم هو الإله المتأنس، وان ابن الإله لم يفقد بشأنه شيئاً من اللاهوت الذى كان له منذ الأزل ثم أن هذا التعبير " والدة الإله " يوضح حقيقة أخرى أن المولود من مريم لابد أن يكون له كل ما للأنسان فناسوته حقيقى، ليس خيالاً، ولقد ولد وهو الإله المتأنس ولادة حقيقية، ولم تكن ولادته خيالية أو ظاهرية ولكن سميت مريم العذراء بأم الإله، وأم النور الحقيقيى، كما جاء فى مقدمة قانون الإيمان النيقاوى، إلا أن التعبير " والدة الإله " أكثرها وضوحاً فى بيان أن العذراء مريم حملت فى أحشائها الإله المتأنس وأنها ولدته أو خرج من بطنها، فهى إذاً أصلاً للاهوت أو مصدراً له حاشا، إذ هى مخلوقة به، لكنها حملته ثم ولدته فهى بحق تدعى والدة الإله بهذا المعنى، وبهذا المعنى عينه تفهم الألقاب الأخرى مثل " ام الإله " و "ام النور الحقيقى " وما إلى ذلك.
حروم البابا كيرلس الإثنى عشر:
كان البابا كيرلس مجمع مكانى بالأسكندرية وعرضت فيه هرطقة نسطور وقرأت فيه رسائلة التى أرسلها إلى البابا كيرلس، كما تليت رسائل البابا له ورسائل البابا الأخرى التى أرسلها إلى أخوته الأساقفة والرهبان والشعب فى مصر والخارج فوافق المجمع على رأى البابا كيرلس ثم وضع القديس كيرلس 12 حرمان إلى نسطور، وهى مكتوبة فى أثنى عشر بنداً للعقيدة المسيحية الصحيحة اثنى عشر بنداً يشمل كل بند منها على قضية إيمانية وحرم كل من يعمل بخلافها، وهى معروفة باسم "حرومات القديس كيرلس" The Anathemas of SR. Cyril وختم كل واحدة منها بحرم من لا يؤمن بها كالآتى: -
1 - من لا يعترف بأن عمانوئيل هو إله حقيقى وأن البتول القديسة مريم هى والدة الإله حيث ولدت جسدياً الكلمة المتجسد الذى هو من الإله كما هو مكتوب: " إن الكلمة صار جسداً ".. فليكن محروما (أناثيما)..
2 - من لم يعترف بأن كلمة الإله متحد مع الجسد كالأقنوم، وأن المسيح عينه - هو لا ريب - إله وإنسان معاً متحداً مع جسده.. فليكن محروما..
3 - من فصل بعد الإتحاد المسيح الواحد إلى اقنومين، وقال بأن إتحادهما من قبيل المصاحبة فقط أو بالقدرة أو بالسلطان وليس أتحادهما بوحدانية طبيعية فليكن محروما (أناثيما)..
4 - من فرق بين اقوال المسيح المذكورة فى الأناجيل، وفى الرسائل أو نطق بها الآباء القديسين، أم قالها المسيح عن ذاته ونسبها إلى أقنومين أو إلى أثنين كل قائم بذاته ويفهم أن البعض منها لائق بالأنسان وحده كأنه غريب عن كلمة الإله وأن البعض الاخر ملائم للإله، فيخصة وينسبه إلى كلمة الآب وحده.. فليكن محروما (أناثيما)..
5 - من تجاسر وقال إن المسيح الذى يستعمل سلطانه الإلهى هو إنسان ساذج (يعتقد المعنى إنسان عادى بدون كلمة الإله)، ولم يقل أنه إله حقيقى وإبن واحد طبيعى - الذى كالإتحاد الأقنومى - أشترك معنا فى اللحم والدم لكون الكلمة صار جسداً.. فليكن محروما (أناثيما)..
6 - من قال إن كلمة الآب هو إله أو رب المسيح ولم يعترف بأن المسيح ذاته إله وإنسان معاً كقول الكتاب المقدس: الكلمة صار جسداً.. فليكن محروما (أناثيما)..
7 - من قال إن الإله الكلمة لم يتأنس فى الإنسان يسوع، وأن عظمة إبن الإله الوحيد قائمة فى آخر دونه.. فليكن محروما (أناثيما)..
8 - من تجاسر وقال: إنه ينبغى السجود لأنسان ساذج الذى معه الإله الكلمة، لكونه متخذاً منه ومعه تعظم، ويدعوه إلهاً بحسب واحد فى غيره، ولم يعترف بأنه سنيغى لعمانوئيل سجود واحد، كما ينبغى، لكونه الكلمة صار جسداً.. فليكن محروما (أناثيما)..
9 - من قال إن ربنا يسوع المسيح الواحد ممجداً من الروح القدس، بقدرة غريبة عنه، وانه بنعمة هذه الروح كان يستعمل تلك القدرة والسلطان على إخراج الأرواح، وبه أمتلأ من النعمة الإلهية، ولم يقل إنه كان ممتلئاً من روح خاصة التى كان يعمل بها تلك الآيات.. فليكن محروما (أناثيما)..
10 - لقد نص الكتاب المقدس على ان المسيح صار رسولاً وعظيم أحبار إيماننا، وانه قرب نفسه لله من أجلنا ومن أجل خلاصنا، فمن قال إن كلمة الإله الذى تجسد وصار إنساناً كإعترافنا لم يصر رسولاً ولا حبراً، بل قال أن المسيح كان إنساناً ساذجاً من أمرأة، وأنه آخر دون الكلمة، ومن قال أيضاً إن المسيح قرب نفسه للإله الآب لأجل نفسه، ولم يقل أنه قرب نفسه (للموت) لأجل خلاصنا نحن البشر فقط لأنه لم يعرف خطيئة وليس بحاجة إلى ذلك القربان.. فليكن محروما (أناثيما)..
11 - من لم يعترف بأن جسد الرب هو معطى الحياة لأنه هو كلمة الإله، وقال إنه آخر دونه إجتمع معه، أو قال إنه كان يعطى الحياة، لأن الإله الكلمة كان ساكناً فيه غير متحد معه بإتحاد أقنومى، ولم يقل كما سبق أنه معطى الحياة لكونة صار كلمة الإله خاصة الذى هو قادر أن يحيى الكل.. فليكن محروما (أناثيما)..
12 - من لم يعترف بأن الإله الكلمة تألم فى الجسد وصلب فى الجسد،،انه ذاق الموت فى الجسد أعنى إن جسده تألم وصلب وذاق الموت ولم يعترف إنه صار بكر الأموات وأنه إله فهو حياة، ومعطى الحياة.. فليكن محروما (أناثيما).
فكتب كيرلس رسالة لنسطوريوس "يعلمه فيها كيف يجب أن يؤمن". وأضاف إليها اثني عشر بنداً السابقة يشمل كل واحد منها على قضية وحرم ضد من يعلم غير ذلك وكلفه أن يوقع هذه البنود!
ووصل الوفد الإسكندر إلى العاصمة في السابع من كانون الأول وأمّوا دار الأسقفية في أثناء خدمة القداس الإلهي وطلبوا مواجهة نسطوريوس فأرجأ الأسقف المقابلة إلى الغد. ولما اطلع على الرسالة والبنود رفض مقابلة الوفد الإسكندري. ولم يكتب نسطوريوس ضد كل بند بنداً كما شاع بعد ذلك.. ولكنه أخبر يوحنا أسقف أنطاكية بالبنود الاثني عشر. وما أن اطلع هذا على نص البنود حتى وصمها بالأوبولينارية وشجع علماء الكرسي الأنطاكي على دراستها والرد عليها. فكتب ثيودوريطس (تاودوتوس) أسقف قورش اثني عشر فصلاً كما صنف مؤلفاً آخر في تجسد الكلمة. ووضع إيبا أسقف الرها دافع بها بها عن نسطوريوس. وألَّف اندراوس أسقف سميساط أيضاً كتاباً ضد كيرلس وبنوده وعندما بعث البابا كيرلس هذه البنود السابقة طالباً منه التوقيع عليها، غير أنه ابى ورفض، وقابل ذلك بكتابة بنود ضدها تؤيد بدعته ونشرها فى الشرق واستعان بيوحنا أسقف إنطاكية الذي رأى في أفكار كيرلس نوعا من هرطقة الأبوليناروسية، وكان يميل إلى الإعتناق بتعاليمة ومن الواضح فيما يتعلق بجميع النقاط تقريباً التى تضمنتها تلك الحروم، أن كل فريق قد وقع فى صورة قائمة كل النتائج التى يمكن إستخلاصها من تعليم الفريق الآخر ولم يكن نسطور يجيب على حروم البابا كيرلس بالنفى المباشر إلا نادراً، كان دائماً يتصور فى باطن كل فكره سبباً لرفضها على أنها فكرة باطلة، ولهذا كان يسنكرها وكذلك الأمر فيما يتصل بحرم البابا كيرلس إذ يبدو أنها كانت تنصب على ما يمكن أن يستنبط من تعليم نسطور أكثر مما كانت تنصب على تعبيرات نسطور نفسها.
بعض هذه الحروم أتهم بها البابا كيرلس بهرطقة الأبيوباريوسية
على أن حروم البابا كيرلس لاقت قبولاً إجماعياً ولو أن بعض هذه الحروم أتهم بالأبيوباريوسية ولا سيما من جانب المدرسة الأنطاكية ولهذا عارضها على الخصوص أسقف أنطاكية يوحنا الأنطاكى وثيودوريت وقد قرئت هذه الحروم مع الرسالة التى زيلت فيها فى مجمع أفسس، وصودق عليها، ولكن لم يلتفت إليها فى مجمع خلقيدونيا.
المزيد
30 يوليو 2025
أبانا الذي
إن الصلاة الربية هي صلاة مثالية نموذجية تحمل الكثير من المعاني الروحية:
لو دخل المصلي إلي أعماقها،وأدخلها إلي أعماقه لأمكنه أن يكتفي بها دون أية صلاة أخري هذا إذا صلاها بفهم وتأمل وعمق أما إذا صلاها بسرعة روتينية،ولم يشعر بروحانية الصلاة يكون العيب في السرعة والروتينية، وليس في هذه الصلاة يكفي أنها تسمي الصلاة الربية، لأن الرب علمنا إياها ففي عظته علي الجبل التي تعتبر دستورًا للمسيحية، قال "صلوا أنتم هكذا: أبانا الذي في السموات" (مت 6: 9- 13) وفي إحدى المرات سأله واحد من تلاميذه قائلًا "علمنا يا رب أن نصلي، كما علم يوحنا تلاميذه. ولاشك أن التلاميذ كانوا يصلون، ويعرفون كيف تكون الصلاة. ولكن السؤال كان يحمل معني معرفة الصلاة المثالية. فقال لهم الرب "متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السموات.." (لو 11: 1 –4) وعبارة "متى صليتم فقولوا" جعلتنا نقول هذه الصلاة باستمرار بها نفتتح كل صلاة طقسية، وكل صلاة من صلوات الأجبية، وكل صلواتنا الخاصة وبها نبدأ كل اجتماع، وبها نختمه ولسنا نحن فقط الذين نستخدم صلاة "أبانا الذي"، بل كل كنائس العالم أيضًا مادام الله قد علمنا هذه الصلاة، إذن فهي توافق مشيئته كثيرًا ما نصلي صلوات نعبر فيها عن أفكارنا ورغباتنا ومشيئتنا الخاصة، ولا ندري هل توافق مشيئة الله أم لا أما في الصلاة الربية، فإننا نخاطب الله بكلماته هو، بطلبات علمنا هو أن نقدمها. فهي موافقة تمامًا لمشيئته الإلهية وهكذا نصليها ونحن مطمئنون وواثقون أننا لا نطلب من الله إلا ما يريد هو أن نطلبه هذه الصلاة تشتمل علي سبع طلبات الثلاثة الأولي خاصة بالله، والباقية خاصة بنا وكما أنه في الوصايا العشر التي كتبها الله بإصبعه (خر 31: 18) كان اللوح الأول خاصًا بالوصايا تجاه الله، وكان اللوح الثاني خاصًا بالوصايا المتعلقة بمعاملات البشر والبشر ذلك لأن العلاقة بالله أهم وإن استطعنا أن نكون في علاقة طيبة مع الله فإننا سنكون بالتالي وبالضرورة في علاقة طيبة مع الناس وهكذا الصلاة التي علمنا إياها الطلبات الثلاث الأولي منها خاصة بالله ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك أما الطلبات الأربع الأخيرة فهي خاصة بنا "خبزنا أعطنا" اغفر لنا ذنوبنا لا تدخلنا في تجربة نجنا من الشرير.
تعلمنا هذه الصلاة، أن الله ينبغي أن يكون أولًا.
نحن نطلب قبل كل شيء من أجل أن يكون اسم الله مقدسًا بين الناس، وأن تكون مشيئته نافذة، وملكوته قائمًا فهذا هو المهم بغض النظر كانت طلباتنا أو لم تكن نطلب أولًا ملكوت الله وبره (مت 6: 33) إننا إن أحببنا اسم الله ومشيئته وملكوته، فلابد أن أمورنا الخاصة ستتحسن، وباقي طلباتنا تستجاب وكل هذه تُزاد لنا، حتى دون أن نطلب.. إن الله هو الأول في الوصايا العشر، والأول في الصلاة الربية وكذلك هو الأول في الطاعة، لأنه " ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29) وإن كان هناك ما يرضي الناس علي حساب طاعة الله، فالله يفضل حتى لو غضب الناس وفي ذلك يقول الرسول " إن كنت بعد أرضي الناس، فلست عبدًا للمسيح" (غل 1: 10) هذا الذي قال "مَن أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني" (مت 10: 37) والله أيضاَ الأول في الحب فقد قال " تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك هذه هي الوصية الأولي والعظمي" (مت 22: 37-38) وطبيعي إن كان الإنسان يحب الله من كل قلبه، فلابد أنه بالتالي سيحب قريبه نحب الله ومشيئته وملكوته، ثم بعد ذلك نطلب لأنفسنا.
ونحن في الصلاة، نطلب من الله وليس من البشر فقد قال الكتاب [ملعون مَن يتكل علي ذراع بشر] (أر 17: 5) ويقول المزمور "الاتكال علي الله خير من الاتكال علي البشر الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء (مز 117) في كل احتياجاتنا نتجه إلي الله نرفع إليه قلوبنا قبل أيدينا "لأن كل عطية صالحة وكل موهبة تامة، إنما هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار" (يع 1: 17) الله مصدر كل خير هو يريد أن يعطي، وهو قادر أن يعطي وهو وحده الذي يعطي وليس البشر وفي بعض صلوات الكنيسة نكرر عبارة "من الرب نطلب" حتى العطايا التي نأخذها من الناس، إنما نأخذها من الله عن طريقهم هو الأصل هو الذي أعطاهم ما يعطونه لغيرهم. وهو الذي وضع في قلوبهم أن يعطوا لذلك فنحن نطلب منه كل طلباتنا كذلك فإن العطية التي نأخذها من الله، نضمن أنها سليمة وصالحة ثم نقول بعد طلباتنا "بالمسيح يسوع ربنا" ذلك لأن الرب قال لتلاميذه "كل ما طلبتموه من الآب باسمي يعطيكم إلي الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملًا" (يو 6: 23-24) وقال أيضًا" لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي" (يو 15: 16) وكرر عبارة "تطلبون باسمي" في (يو 16: 26) فنحن لذلك نقدم كل طلباتنا باسمه ونختم هذه الصلاة الربية بتمجيد لائق بالله هذا الله المعطي، نتجه إليه كأب ونقول له: "يا أبانا"..
أبانا إننا نكلم الله في هذه الصلاة ليس كملك أو خالق إنما نكلمه كأب لقد بدأ السيد المسيح يدخل الناس في عاطفية الصلاة ومشاعر الصلاة الابن يكلم أباه وليس المخلوق يكلم خالقه أو العبد يكلم سيده نحن نكلم الله كأب ومن هنا كانت الصلاة حديثًا عاطفيًا بين ابن وأبيه في غير استجداء أو توسل فإذا خرجت صلواتكم عن هذا المستوي تكونون قد خرجتم عن روحانية الصلاة الربانية لقد علمنا السيد أن نخاطب الله كأب ونتذكر أن علاقتنا بالله ليست علاقة عبودية أو مجرد علاقة مخلوقات بخالقها، إنما هي علاقة أبناء بأبيهم والله نفسه يفضل أن يدعي أبًا، ويسمينا أبناء ونحن في صلاتنا إنما نطلب من الله، بدالة البنين.
وأبوة الله لنا معرفة منذ القدم.
فقد قيل في مقدمة قصة الطوفان "أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ" (تك 6: 2) بنات الناس من نسل قايين القاتل أما أبناء الله فهم نسل شيث الذي أنجبه آدم بعد مقتل هابيل (تك 4: 25-26) "حينئذ ابتدئ أن يدعي باسم الرب"، أم أبناء قايين فلم يدخلوا في النسب الإلهي وفي سلسة أنساب السيد المسيح قيل " ابن أنوش بن آدم ابن الله" (لو 3: 38). وهذا يدل علي أن آدم دعي ابن الله كل مؤمن بالله، يسميه الله ابنًا (يو 1: 12) وهكذا يوجه إليه الوصية قائلًا "يا ابني أعطني قلبك" (أم 23: 26) وفي سفر أشعياء النبي يكرر هذه العبارة فيقول لله "فإنك أنت أبونا أنت يا رب أبونا" (أش 63: 16) والآن يا رب أنت أبونا وكلنا عمل يديك (إش 64: 8).
العجيب أنه حتى الخطاة، لا يتخلَّى الله عن أبوته لهم هكذا يقول في أول سفر أشعياء النبي "ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا عليَّ" (أش 1: 2) أنهم بنون، علي الرغم من كونهم عصاه! ولعل هذا يذكرنا بقول الرب "ابني هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجد" (لو 15: 24) كان ميتًا وكان ضالًا ومع ذلك كان لا يزال ابنًا! وأبوة الله لنا، ركز عليها السيد المسيح كثيرًا في العهد الجديد وقال لنا الله " أبوكم السماوي".
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب أبانا الذي في السموات
المزيد
29 يوليو 2025
"الله الآب" ( ٣)
أبوة الله من عطایا التجسد الإلھي: أعلن لنا الكلمة المتجسد نور الآب وأنعم علینا بمعرفة الروح القدس الحقیقیة، فعندما سأل التلامیذ السید المسیح قائلین "یارب علمّنا كیف نصلي" (لو ۱۱: 1) ، أجابھم قائلاً "متى صلّیتم فقولوا أبانا الذي في السموات الخ" لأنه لما جاء ملء الزمان مع تجسد ربّنا یسوع المسیح، نلنا التبني "إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِیَّةِ أَیْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِه نَصْرُخُ: یَا أَبَا الآبُ" (رو ۸: 15)
الله واحد لأن جوھر الألوھة واحد:
"لنَا إِلَه وَاحِدٌ الآب الَّذِي مِنْه جَمِیعُ الأَشْیَاءِ وَنَحْنُ لَه" ( ۱كو ۸: 6) یقول القدیس إیرینیؤس [واحد فقط ھو الله الآب، غیر مولود، غیر منظور خالق الجمیع، فوقه لا یوجد إله آخَر] (الكرازة الرسولیة ٥).
أبوة الآب للابن: أبوة من حیث الطبیعة الإلھیة، وعندما نتكلم عنھا لابد أن نضع نصب أعیننا:-
أولاً: ضعف اللغة في أن تعبر عن الله الذي لا یُعبر عنه یقول القدیس غریغوریوس الناطق بالإلھیات [لا یوجد الإنسان الذي اكتشف أو یستطیع أن یكتشف من ھو لله في الطبیعة أو الكنھ[ ( 2nd Theological Oration).
ثانیًا: إن طبیعة الله روحانیة، فلا تتصور أن الولادة نظیر ما یحدث في البشر الذین لھم طبیعة مادیة والولادة بالنسبة لھم تناسلیة وزمنیة، فولادة الابن من آب أزلي تكون في الأزلیة، وولادة روحانیة كولادة الفكر من العقل، لیست ولادة خارجیة یقول القدیس غریغوریوس الناطق بالإلھیات [لكننا نوقر الأصل الواحد Μοναρχία لكن تلك المونارشیة المحصورة في أقنوم واحد، إنما ھي لطبیعة متساویة، وواحدة في العقل، وتماثل في الحركة وفي میل عناصرھا للوحدة، حتى في التمایز العددي لیس ھناك فصل في الجوھر - وھو الشيء " المستحیل بالنسبة للطبیعة المخلوقة (3rd Theological Oration) ، فكیف تُولد كلمتك من عقلك بلا مفارقة منھا لعقلك، فتصل إلى كل من یسمعھا من
غیر أن تفارق والدھا وكیف یُولد الشعاع من الشمس بلا فرقة بینھما،فیملأ الشعاع الأرض كلھا وما فیھا من غیر أن یفارق عین الشمس التي وُلِد منھا، وكیف یُولد الضوء من النار بلا افتراق منھا فیضئ لمن استضاء به من غیر أن یفارق النار التي ولدته.
عندما نقول الله الآب نعترف بوجود أقنوم الابن والروح القدس: یقول القدیس كیرلس السكندري [لقبوه بالآب ضابط الكل لكي بذكرھم الآب یظھرون الابن معه، الذي ھو آب والابن قائم معه وكائن معه دائمًا. لأن الآب لم یصر أبًا في زمن، بل كان دائمًا ما كانه أبًا وھو كائن دائمًا فوق كل ما ھو مخلوق وھو في أعلى الأعالي ولأنه یضبط ویسود ربًا على الكل فھذا یجعل له مجدًا لامعًا لا یُقارن] (رسالة ٥٥: 12)
أبوة الآب للبشر: المخلوق یختلف في طبیعته عن الخالق، لذلك فأبوة الله لنا ھي بالنعمة بالتبني یقول القدیس یوحنا الإنجیلي: "كُلُّ الَّذِینَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاھُمْ سُلْطَاناً أَنْ یَصِیرُوا أَوْلاَدَ اللهِّ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِه" (یو ۱: 12) یقول القدیس إیرینیؤس [في الحقیقة، إن كل المخلوقات تستمد بالضرورة بدایة وجودھا من علة أولى عظیمة، وعلة كل الأشیاء ھو الله الكل یأتي منه، أما ھو فلم یُوجِدْهُ أحد لذا فإنه من الاستقامة والحق أن نؤمن بأنه یُوجَد إله واحد، الآب الذي خَلْق الكل، وصنع كل ما لم یكن موجودًا من قبل، وھو یحوي "الكل"، ھذا الذي ھو نفسه غیر المحوى من أيِّ شيء كما أن العالم یدخل في نطاق ذلك "الكل" الذي یحویه الله ومن بین ھذا "العالم" الإنسان أیضًا، وبالتالي فإن الله خَلْق ھذا العالم كله] (الكرازة الرسولیة 4).
القمص بنيامين المحرقى
المزيد
28 يوليو 2025
الثبات في الرب
اننا كرعية للراعي الصالح يجب ان نتبعه ونسير خلفه ونثبت فيها كثبات الاغصان في الكرمه حتي ما نأتي بثمر ويدوم ثمرنا وكلما اقتربنا من الراعي الصالح عرفنا مدي محبته واهتمامه بخلاصنا وسعيه لتقويتنا ورعايتنا ونمونا وأثمارنا في الطريق الروحي وهذا ما يدعونا اليه الراعي الصالح(اثبتوا في و انا فيكم كما ان الغصن لا يقدر ان ياتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في (يو 15 : 4).فهل نحن ثابتون في الرب وفي شدة قوته أم لا؟ أمر إلهى إلى كل مسيحى ، بعدم التذبذب أو الشك أو القلق ، أو الحيرة ، ان نبني حياتنا بناء علي أساس روحى عميق ومتين على الصخر ( المسيح ) فلا يتأثر بالزلازل ، ولا بالسيول أو الأعاصير ( زوابع الحياة ) . وقد قدم الرب يسوع مثلاً عظيماً عملياً عن المؤمن الحكيم ، الذى يسمع كلامه ويعمل به :" يشبه إنساناً بنى بيتاً ، وحفر وعمق ، ووضع الأساس على الصخر ، فلما صدم النهر ، ذلك البيت ، فلم يقدر أن يُزعزعه ، لأنه كان مبنياً على الصخر " ( لو 6 : 48 ) . أى ثابتاً فى المسيح ." وكل من يسمع أقوالى ، ولا يعمل بها يُشبه برجل جاهل ( روحياً ) ، بنى بيته على الرمل ( بدون أساس روحى متين ) ، فنزل المطر ، وجاءت ( مياه ) الأمطار ( اكتسحته الهموم ) ، وهبت الرياح ( التجارب الصعبة ) وصدمت ذلك البيت فسقط ، وكان سقوطه عظيماً " ( مت 7 : 24 – 27 ) . وهو يحدث كثيراً فى العالم اليوم .والمؤمن راسخ فى إيمانه المسيحى وعقيدته الأرثوذكسية ( السليمة ) ولا يتأثر بشكوك طوائف منحرفة ، ولا بقراءات عالمية ، ولا بوسائل إعلام شيطانية . ومن أمثلة المتزعزعين غير الثابتين ، ديماس الخادم ، ونيقولاوس الشماس ، الذان مالا الي محبة العالم ( 2 تى 4 : 10 ) ، ( رؤ 2 : 15 ) ان البابا أثناسيوس الرسولى ، يقدم مثالا رائعا عن الثبات في الرب ،فقد حاربه الهراطقة ، والأباطرة 46 سنة ، وتم نفيه 4 مرات ، ووقف ضد العالم كله ، وسنده الله فنجح فى خدمته ، ولولاه لأنتشرت الأريوسية فى العالم .والمؤمن راسخ فى محبة الله : فلا تفصله عنه ضيقات أو شدائد ، ولا جوع ولا غيره من مشاكل ( رو 8 ) كما فعله القديس بولس . على نقيض خادم كنيسة أفسس ، الذى قال له الرب : " عندى عليك ، أنك تركت محبتك الأولى " ( رؤ 2 : 4 ) ، فمحبته لله كانت وسيلة وليست غاية ، أى مثل الذين لم يحبوا الله فى ذاته ، بل يتخذونه وسيلة لتحقيق أغراضهم . إن هو أعطاهم استمروا فى محبته ، وإلا يتحولون عنه ، أو تبعدهم المشاكل عنه ، مثل بنى إسرائيل ، بعد خروجهم من مصر ، ونسيان جميل الله ، فتذمروا عليه ، من أجل المياه والطعام ، ولذلك كانت علاقتهم به متزعزعة ومذبذبة ، وغير ثابتة فيه ومثل كثير من الناس الذين يمارسون أسرار الكنيسة ، ويعيشون مع الله عدة أيام ، ثم يعودون لخطاياهم مرة أخرى ، ويكونون أسوأ ، مما كانوا عليه روحياً ، كما وصفهم الوحى المقدس : " مثل كلب قد عاد إلى قيئه ، وخنزيرة مغتسلة ( عادت ) إلى مراغة الحمأة ( التمرغ فى الطين ) ... " ( 2 بط 2 : 22 ) ، ومثلهم المرتدون عن الإيمان ، فى كل زمان ومكان !! .فأثبتوا ( يا أخوتى وأخواتى ) فى الإيمان ، وفى الرب المُحب (كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي (يو 15 : 9) اثبتوا في محبتة الرب وانجيله ووصاياة ممارسين اسرار الكنيسة من توبة واعتراف وتناول من الاسرار المقدسة مواظبين علي الصلاة بشكر في كل حين متمسكين بمحبة الله وامنا الكنيسة(فاثبتوا اذا ايها الاخوة و تمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام ام برسالتنا (2تس 2 : 15).حتي نكون مستعدين للقاء الرب ليهب كل واحد منا حسب عملة(و الان ايها الاولاد اثبتوا فيه حتى اذا اظهر يكون لنا ثقة و لا نخجل منه في مجيئه (1يو 2 : 28).
القمص افرايم الانبا بيشوى
المزيد
27 يوليو 2025
انجيل قداس يوم الأحد الثالث من شهر أبيب
تتضمن وجوب إلقاء الرجاء على الله مرتبة على أشباع الخمسة الآلاف رجل من الخمسة الأرغفة والسمكتين ( لو ۹ : ۱7-۱0 )
إن السيد المسيح له المجد لما سمع بقطـع رأس يوحنـا المعمـدان تـرك أورشليم وأتى إلى برية قريبة من بيت صيدا ليستريح مع تلاميذه انفـراد . فتبعتـه جموع كثيرة . فتحنن عليهم وعلمهم ثم شفى مرضاهم بدون أن يطلب منه ذلك ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين : " الموضع خلاء والوقت قد مضـى . اصـرف الجموع لكي يمضوا إلى القرى ويبتاعوا لهم طعاما . فقال لهم يسوع لا حاجة لـه ان يمضوا ... أعطوهم أنتم ليأكلوا .. وصنع لهم هذه الآية العظيمة التـى سـمعتم خبرها بفصل اليوم فأكل نحو أكثر من خمسة آلاف رجل مـاعدا النسـاء والاولاد وشبعوا . ورفع ما فضل عنهم اثنتا عشرة قفة مملوءة . وذلك مـن خمسـة أرغفـة وسمكتين مت ١٤ : ١٤-١٢. وهي أعجوبة عظيمة وبرهان مقنع على تحنن فادينا . وبـاعث قـوى لاحياء الثقة التامة داخل قلوب البشر وإلقاء رجائهم على الله دون سـواء . فالرجـاء ينشأ مع نشوء الانسان وهو طبيعي في قلوب البشر . الرجاء هو تعزيـة المريـض أثناء مرضه لانه يأمل الشفاء العاجل . تجد الرجاء في القلب النوتي عنـد مصادفـة أهوال البحار . فإنه يعلل نفسه بالرجاء لنجاته من الغرق . فلولا الرجـاء لمـا زرع زارع ارض ولا صنع صانع شيئا . لان كل الاشياء إنما تعمل على يقين فالرجاء هو الذي جعل هاتيك الجموع الكثيرة تمضى وراء السيد بدون زاد . لانـهم عرفوا أن القادر على شفائهم عن أمرضهم قادر أيضا على اشباعهم خبزا . الرجـاء هو تعزية الانسان في عالم الاتعاب والاحزان . وقد خلقه الله فينا ليكون هـو جلـت قدرته موضوع رجائنا . غير أن فريقا من الناس يلقـــون رجـاءهم علـى النـاس والاموال وما اشبه ذلك . فاسمع توبيخاته تعالى لامثال هؤلاء قال : " ماذا يصنع أيضـل لكرمي وأنا لم أصنعه له " أش ٤:٥ " وقال : " یا اورشلیم یا اورشلیم یا قاتلة الانبياء وراجمـة المرسلين اليها . كم مرة أردت أن اجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخـهـا تحـت جناحيها ولم تريدوا " مت٢٧:٢٣ وقال أيضا : " ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا على " أش٢:١ وقال أيضا : " بسطت يدى طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صـالح وراء أفكاره " أش٢:٦٥ . وقال أيضا : " ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان ويجعل البشـر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه " ار٥:١٧ هذا بعض من أقواله تعالى . فلماذا لا نثق بها ونضع رجاءنا عليه ونــــذوق عذوبة خدمته قبل ان نذوق خدمة العالم ؟ لاسيما وهو يقول لنا بلســـان نبيـه داود : " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب . طوبى للرجل المتوكل عليه "مز٨:٣٤ وإلا فقولوا لي بحقكم أي شئ لم يصنعه لنا إلهنا ليستميل قلوبنا إليـه . وهـا هو يتراءف على البشر بكل هيئة ويخاطبهم بأنواع كثيرة . أحيانـا كمبشـر يبشـر المساكين في كل مدينة . ويلقى الصلح والسلام . وأحيانا كسامرى يعـزى الحزانـى ويشفى المرضى ويسكن الامواج ويهدئ العواصف . وتارة كراع إذا وجـد خروفـا ضالا حمله على أكتافه وقال لاصدقائه افرحوا معي لاني وجدت خروفي الضال لو٥:١٥-٦وتارة كأب شفوق يعانق أولاده ويباركهم قـائلا : " دعـوا الأولاد يـأتون إلـى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات " مت ١٤:١٦ فما بالنا نترك إلهنا الشفوق علينا ونلقى رجاءنا على بشر مثلنا مائتين . مـع علمنا اننا بفقدهم نفقد حمايتهم أيضا فتضيع علينا مصالحنـا . وربمـا يصيبنـا أذى من أعدائهم بسبب انتسابنا اليهم . وما الذي يمنعنا من استدراك خطايانا والعودة إلـى صوابنا فنلقى رجاءنا على إلهنا . ونتكل عليه دون سواه . عمـلا بقولـه تعـالى : " لا تتكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده " مز٣:١٤٦ و " طوبى لمن إلـه يعقوب معينه ورجاؤه على الرب إلهه " مز٥:١٤٦ ولنعد على اسماعكم ذكر بعض الحوادث لتعلموا أن إلـهنا رؤوف ورحيـم بعباده المتكلين عليه . وفي كل حين يعينهم ويجيب طلبتهم . قال الكتــاب المقـدس : " مرض حزقيا ملك أورشليم للموت . فجاء اليه اشعياء النبي وقال لـه . هكـذا قـال الرب أوص بيتك لانك تموت ولا تعيش . فوجه وجهه إلى الحائط وصلى إلى الـرب قائلا : آه يا رب أذكر كيف سرت أمامك بالامانة وبقلب سليم وفعلت الحسـن فـي عينيك . وبكى حزقيا بكاء عظيما . ولم يخرج إشعياء إلى المدينة الوسطى حتى كـان كلام الرب إليه قائلا أرجع وقل لحزقيا رئيس شعبي هكذا قال الرب إله داود أبيـك . قد سمعت صلاتك . قد رأيت دموعك . هأنذا أشفيك . في اليوم الثالث تصعد إلى بيـت الرب . وأزيد على أيامك خمس عشرة سنة وأنقذك من يد ملك أشور مع هذه المدينـة وأحامي عن هذه المدينة من أجل نفسي ومن أجل داود عبدی " ٢مل١:٢٠-٦ فها قد أثبتنا اليكم أيها الاحباء من موسى والانبياء وأخبار الملوك وجـوب القاء الرجاء على الله دون سواه . فسبيلنا أذن أن نتواضع تحت يده القوية لكي يرفعنا في حينه . ملقيـن كـل همنا عليه لأنه هو يعتني بنا لأننا بدونه لا نقدر أن نفعـل شـيئا يو٥:١٥ ولنتمسـك بإقرار الرجاء الموضوع أمامنا كمرساة أمينة للنفس وثابتة تدخل إلـى مـا دخـل الحجاب عب١٩:٦ . غير حائدين عن اعتراف رجائنا فإن الذي وعد هـو أميـن عب٢٣:١٠ . له المجد والاكرام والعزة والسجود إلى الأبد أمين .
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
26 يوليو 2025
عِلاقتِى بالله
سوف نقرأ جُزء مِنَ رِسالة مُعلّمِنا يوحنا الرسول الأولى الإِصحاح الأول بركاته على جميعنا آمين
[ الّذى كان مِنَ البدء ، الّذى سمِعناهُ ، الّذى رأيناهُ بِعيوننَا ، الّذى شاهدناهُ ، وَلمستهُ أيدينَا ، مِنْ جِهة كلِمَةِ الحياة فإِنَّ الحياة أُظهِرت ، وَقَدْ رأينَا وَنشْهَدُ وَنُخبِرُكُمْ بِالحياة الأبديّة التّى كانتْ عِندَ الآبِ وَأُظهِرت لَنَا الّذى رَأيْنَاهُ وَسَمِعنَاهُ نُخبِرُكُمْ بِهِ ، لِكَىْ يَكُونَ لَكُمْ أيْضاً شرِكَةٌ مَعَنَا وَأمّا شرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِىَ مَعَ الآْبِ وَمَعَ إِبنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَنَكْتُبُ إِليْكُمْ هذَا لِكَىْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً]مجداً للثالوث الأقدس
نوِد أنْ نتكلّم عَنَ موضوع عِلاقتِى بالله ، فنحنُ نشعُر أحياناً أنّ عِلاقتنا بالله عِلاقة نظريّة مُجرّد أنّنا نسمع عنها أوْ هى مُجرّد عِظات أوْ كِتاب نقرأهُ أوْ ما نسمع مِنَ أشخاص عمل معهُمْ الله شىء أوْ أنّنِى أُحاوِل أنْ أعرِفهُ وَأفهمهُ ، لكِنْ فِى كثير مِنَ الأحيان إِذا سألنا شخص عَنَ عِلاقتهُ بِربِنا وَعَنَ إِحساسه بِربِنا وَهل فِعلاً لك عِلاقة مَعَ ربِنا ؟ نجِد للأسف أنّهُ مُمكِن يكون لاَ توجد هذهِ العِلاقة وَنجِد مُعلّمِنا بولس الرسول يقول [ إِنّىِ أعرِفهُ ] ، وَمُعلّمِنا يوحنا يقول [ الّذى رأيناه بِعيونِنا وَسمِعناه وَلمستهُ أيدينا ] فلنتخيّل كيف أنّنا أولاد الله وَلاَ نعرِفهُ ، مُجرّد كلام سمِعناه عنهُ ، وَلِذلِك سوف نتحدّث فِى ثلاث نِقاط ، العِلاقة التّى بينِى وَبين الله يجِب أنْ تكون :-
1- عِلاقة حيّة :-
أى أشعُر أنّ الله كائِن حىّ أمامِى أكلّمه يسمعنِى أطلُب منهُ يشعُر بىّ [ أنا حىّ وَأنتُم تحيون ] ،فهل إِحساسنا بالله أنّهُ حىّ أم لا ؟ إِحساس بالله أنّهُ يقدِر فِعلاً عِندما أتكلّم معهُ وَأكون موجودة فِى حضرتهِ أشعُر إِنّى فِى وجود سيِّد ممالِك الأرض ملِك الملوك وَربّ الأرباب إِنّهُ رئيس الحياة ، وَعِندما أتحدّث معهُ لابُد أنْ أشعُر إِنّنِى أتحدّث مَعَ رئيس الحياة كيان حىّ الكيان الإِلهِى كثيراً ما يُحارِبنا عدو الخير يضع بِداخِلنا بذوراً رديئة مِنَ شك وَهم وَحُزن وَيجعلنِى أنصرِف عَنَ الله وَ يُفقدنِى الثِقة فِى وجود الله ، وَمتى أفقدنِى الثِقة فِى وجود الله فصلنِى عَنَ الحياة فصرتُ ميِتاً وَنجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ الله الّذى أعبُدهُ بِروحِى فِى الإِنجيل ]، فإِنّى أشعُر بوجوده وَأشعُر أنّ كُلَّ كلِمة فيها حياة ، وَلِذلِك عِندما نُصلّى وَنسجُد فِى الصلاة فهذا دليل على شعور الشخص بأنّهُ موجود فِى حضرة الله وَالله قائِم أمامه فيسجُد مِنَ جلال عظمتهِ يُسبِّح وَيُمجِّد بِوقار وَخِشوع وَتذلُّل وَيأتِى هذا الوقار وَالخِشوع وَالتذلُّل مِنَ إِحساس إِنّنِى أتحدّث مَعَ إِله حىّ فأجِد أنّ عِلاقتِى بِهِ عِلاقة حيّة إِيليا النبِى كان دائِماً يقول [ حىّ هو الرّبّ الّذى أنا واقِف أمامه ] ، إِنّ العِلاقة الحيّة يا أحبائِى تُعطينِى حُب وَنمو ، وَكثيراً ما نجِد منّا مَنْ لاَ يعرِف يُصلّى لأنّهُ يشعُر أنّ العِلاقة التّى بينه وَبين الله غير حيّة فَلاَ يوجد حوار فهى عِلاقة نظريّة ، فالصلاة تُعنِى صِلة وَلِهذا لابُد أنْ أشعُر إِنّى فِى حضرِة الله وَأنّهُ توجد صِلة بينِى وَبين الله أطرح لهُ همّى وَمشاكِلِى وَخطاياى وَأتحدّث معهُ بِكُلَّ وضوح فهو القادِر وحدهُ أنْ يرفع عنك كُلَّ الهموم وَالأحزان وَهو القادِر أنْ يُعين وَيرفع وَمِنَ المُفترض أنْ تتحّول همومنا إِلَى صلوات وَخطايانا وَضعفاتنا إِلَى صلوات ، إِنّها عِلاقة حيّة [ الإِتكال على الرّبّ خير مِنَ الإِتكال على البشر وَالرجاء بالرّبّ خير مِنَ الرجاء بالرؤساء ] ، فلن يفعل لك البشر شيئاً ، لِذلِك لابُد مِنَ وجود عِلاقة حيّة بينك وَبين الله فِيها حياة وَليس موت ، تطلُب منهُ عطايا ثانويّة وَتطلُب منهُ أنْ يُعطيك خلاص وَغُفران وَيُدّبِر أُمورك ، إِنّهُ حديث سرّى خفِى وَلنرى دانيال وَ الثلاث فتية عِندما طلبوا منهُمْ ألاّ يُصلّوا وَألاّ يطلُبوا أى طِلبة مِنَ غير الملِك ، فنجِد دانيال يذهب وَيفتح نافِذته نحو أورشليم ورفع عينيهِ نحو أورشليم ورفع قلبهُ وسجد لإلههُ وَتحدّث معهُ رغم أنّ هذا سوف يُكلّفهُ حياته وَلنرى آباءنا الرُسُل عِندما كانوا يمُرّون بِمُشكِلة كانوا يرفعوا صلاة لله وَيشكون لهُ قائِلين [ أُنظُر يارب لِتهديداتهُمْ وَأمنح عبيدك أنْ يتكلّموا بِكلامك بِكُلَّ مُجاهرة وَلتُجرى آيات وَعجائِب بإِسم فتاك القُدّوس يسوع ] ، وَلِذلِك نجِد النتيجة كانت تزعزُع المكان ، إِنّها صلاة حيّة صلاة قادِرة مُقتدِرة إِذا كان الله قَدْ أطاع جدعون عِندما طلب مِنَ الله أنْ تكون الدُنيا كُلّها ندى وَأنْ تُصبِح الجزّة يابِسة ثُمّ طلب مِنَ الله أنْ يفعل العكس وَأنْ يجعل الدُنيا جافّة وَالجزّة رطِبة ، وَهذا مُستحيل حتّى وَإِنْ كانت قوانين الطبيعة تمنع ذلِك ، إِنّها عِلاقة حيّة وَثِقة فِى عمل الله وَيقولون عَنَ إِليشع النبِى أنّهُ عِندما مات إِبن الأرملة التّى كانت تعوله صلّى قائِلاً لله [ حتّى إِبن هذهِ الأرملة لَمْ تُمسِك يدك عنها بلْ بسطتها لِتؤذيه ] ، وَبدأ يُصلّى لله وَلقد أقام لهُ الله الصبىّ وَنجِد مُعلّمِنا داوُد فِى مزمور التوبة يقول [ لِكى تتبرّر فِى أقوالك وَتغلِب إِذاحُوكِمت ] ، فلنرى قوّة الحياة التّى تجعل الشخص يشعُر بيقين فِى الله ، فإِذا كانِت عِلاقتِى بالله عِلاقة حيّة أستطيع أنْ أشعُر أنّ الله حىّ وَأعرِف مقاصِدهُ وَأشعُر بإِرادتِهِ وَتدبيره وَترتيبه لىّ وَنرى أنّ العِلاقة التّى بين آبائِنا القديسين وَالله عِلاقة تصنع عجائِب لأنّها عِلاقة حيّة ، وَلِذلِك فمِنْ الخطر أنْ تتحوّل عِلاقتنا بالله إِلَى عِلاقة نظريّة جافّة ميتة ليس فيها حياة ، فإِنْ شعرت بِهِ وَأدركت مَعَ مَنَ أتكلّم [ يجرِى حديثِى معهُ سِرّاً وَلاَ رقيب ] ، فالآباء القديسين كانوا يبدأون الصلاة وَلاَ يُدرِكون كيف ينهوها ، فالقديس الأنبا أرسانيوس كان يُصلّى مِنْ إِشراق الشمس لإِشراق شمس تانِى يوم وَالقديس الأنبا بيشوى كان يربُط شعره بِحبل كى يستمِر فِى الصلاة طوال الليل ، إِنّ لديهِ ذخائِر وَالكلام لاَ ينتهِى لديهِ ، فكيف لاَ يكون بينِى وَبين إِلهِى كلام ؟؟
فأنا لدىّ مِنَ الهموم وَمِنَ الخطايا وَلدىّ إِشتياقات أُريد أنْ يُعطيها لىّ الله ، وَعِندى طلبات عَنَ آخرين وَنجِد أنّ آبائِنا كان مِنَ المُمكِن أنْ يلوموا الله بِطريقة فيها لون مِنَ ألوان الجرأة لأنّهُمْ يشعُرون بوجوده ، فمتى تكلّمت ينساب الكلام مِنَ شفتىّ 0
2- عِلاقِة حُب :-
بِقدر إِدراكِى لِحُب الله لىّ بِقدر ما أحبّه وَبِقدر ما المحبّة تكون مُتبادلة بِقدر ما الحياة فِى العِلاقة تكون عِلاقة وطيدة ، فرُبّما أشعُر أنّ الله أحب العالم وَلكِن لاَ أشعُر أنّهُ أحبّنِى أنا بالأخص ، وَرُبّما أشعُر أنّ محبّة الله مُجزّأة على العالم وَأنّ نصيبِى منها بسيط جِداً وَهذا خطأ إِنّها نُقطة صعبة فِى عِلاقتِى بالله ، فمِنَ المفروض أنْ أشعُر أنّ حُب الله خاص بىّ ، وَنجِد مُعلّمِنا بولس يقول [ الّذى أحبّنِى وَأسلم نَفْسَهُ لأجلِى ] ، الّذى صُلِب لأجلهُ هُو فقط ، وَعلى هذا فبقدر ما أكتشِف حُب الله لىّ بِقدر ما أُبادِلهُ حُب بِحُب ، فالله قَدْ قدّم لك حُب للمُنتهى ، قدّم لك نَفْسَهُ فلنتخيّل عِندما يتحّول حُب الله فِى حياتنا لِكلام نظرِى دون حياة ، وَعِندما تشعُر النَفْسَ أنّهُ ليس لها مكان فِى محبّة الله وَهُنا لاَ تعرِف كيف تُحِبّهُ ، فليكُن لديك إِحساس بِخصوصيّة محبّة الله ، فهذا الصليب لك ، قطرات الدم هذهِ مِنَ أجلك أنت ، لك موضِع فِى كُلَّ مُسمار وَشوكة وَحربة وَكُلَّ ثُقب فِى الأقدام أحد الآباء القديسين يقول[ أنا أثِق أنّهُ لو لَمْ يكُنْ فِى العالم إِلاّ أنا لكان إِبنْ الله أتى مِنَ أجلِى ] ، أى إِذا لَمْ يوجد مِنَ ذُريّة آدم إِلاّ أنا فقط كان الله سوف يأتِى ، إِنّهُ إِحساس بِخصوصيّة محبّة الله لىّ وَالّذى يُضيِّع محبّة الله إِنّنا نشعُر أنّها مِلك الكُلَّ وَإِن أنا لىّ جُزء القديس أوغسطينوس عِندما دخل فِى عِلاقة حُب قويّة جِداً بالله بدأ يشعُر أنّ حُب الله لهُ هو فقط حتّى أنّهُ يقول للرّبّ [ أنت تحتضِن وجودِى بِرعايتك وَكأنّى وحدِى موضوع حُبّك تسهر علىّ وَكأنّك قَدْ نسيت لخليقة كُلّها ، تهبنِى عطاياك وَكأنّى أنا وحدِى موضوع حُبك ] ، لقد شعر القديس أوغسطينوس بأنّ العِلاقة التّى بينه وَبين الله عِلاقة خاصّة جِداً ، حُب قوى غامِر وَمحبّتهُ خاصّة بىّ أنا وَبِحياتِى إِذا أدركنا حُب الله لنا لعرفنا كيف نكون مدينون لهُ بِعُمرِنا وَحياتِنا ، لِذلِك يقول داوُد النبِى [ الّذى نجّا مِنَ الحُفرة حياتِى الّذى رفعنِى مِنَ أبواب الموت الّذى شفى كُلَّ أمراضِى ] ، فهو الّذى يستحِق محبتِى وَغفر لىّ خطاياى أحد الآباء يُشبّه هذهِ العِلاقة بِفتاة مُتمرِّدة على والديها لاَ تستمِع لِكلامهُمْ ووالِدها دائِم النُصح لها ، وَفِى إِحدى المرّات تنزِل هذهِ الفتاة مُتأخِرة بِملابِس سيئة وَينزِل وراها والِدها ، فيتجمّع حولها الشباب وَيسرِقوها وَيُقطِّعوا لها ملابِسها وَيعتدوا عليّها ، فنجِد الأب يُدافِع عَنَ إِبنتهُ ، فتعدّى الشباب عليه وَضربوه ، وَعِندما شعروا أنّهُ رأهُم وَهُم يعتدوا عليها وَيسرِقوا أشياءِها ضربوهُ أكثر حتّى مات الرجُل ، فما إِحساس هذهِ الفتاة بعد ذلِك بِوالِدها ؟ كُلَّ عدم الطاعة سوف يتبدّل وَيتحّول إِلَى طاعة وَعدم الحُب يتحوّل إِلَى حُب وَتبدأ فِى إِسترجاع هذهِ الذكريات إِنّى مديونة لك بِعُمرِى ، وَكما يقول داوُد النبِى [ كلامُك سِراج لِرجلىّ وَنور لِسبيلِى ] ، فلقد أقمت على حِفظ أحكام عدلك ، فبقدر ما أكتشِف محبّة الله لىّ بِقدر ما أُحِبّهُ وَكُلّما أُحِبّه أكثر كُلّما تنمو عِلاقتِى بِهِ أكثر وَكُلّما تزداد طاعتِى لهُ كُلّما علا إِحساسِى بِهِ ، وَعِندما تزداد الطاعة وَيرتفِع إِحساسِى بِهِ أبدأ أدخُل معهُ فِى حياة ما الّذى يجعل شاب أوْ شابة يُعطِى حياته لله ؟إِنّهُ يشعُر بعمل الله السرّى العجيب فِى حياته ، يشعُر بتيار حُب مِنَ الله غير عادِى وَيشعُر بدين غير عادِى تِجاه الله وَأنّهُ لاَ يستطيع أنْ يوفّى الله حقّهُ مِنَ الحُب إِلاّ بأبسط شىء مُمكِن أنْ يُقدّمهُ لهُ وَهو حياته ، وَهذا هو ما نجِدهُ فِى شُبان وَشابّات يُحِبّوا أنْ يُقدِّموا أنَفْسَهُمْ كعذارى لله ، فلقد أدركوا محبّتهُ وَبِقدر ما كانت محبتهُمْ لهُ كبيرة داخِل قلوبهُمْ بِقدر ما نذروا أنَفْسَهُمْ لهُ ، فإِن لَمْ أشعُر بِحُبِّهِ فكيف سأُبادلهُ الحُب إِذ قال[ الّذى يُحِب قليل يُغفر لهُ قليل وَالّذى يُحِب كثير يُغفر لهُ كثير ] فكُلّما شعرت بِمحبّة الله وَأنّ الدين الّذى علىّ لهُ كبير كُلّما أدخُل معهُ فِى عِشرة وَحُب أكثر ، هذهِ هى عِلاقة الله بىّ [ الّذى أحبّنِى وَأسلم نَفْسَهُ مِنَ أجلِى أنا ] ، يا ليت حُب الله لاَ يكون نظرِى داخِلنا وَتكون معرِفتنا بِهِ عقليّة فلابُد أنْ أشعُر بالله فِى حياتِى 0
3- عِلاقِة ثِقة :-
لابُد أنْ أشعُر بِثِقة كبيرة فِى تدابير الله وَفِى أعماله وَفِى خطوات الله فِى حياتِى وَفِى تدابيره لأولادِى وَأنْ أشعُر بيده فِى كُلَّ أُمورِى فهو الّذى يصنع وَهو الّذى يُدّبِر ، فالشخص الواثِق فِى تدابير الله هو الّذى يرفع قلبه بإِستمرار لله وَيقول لهُ أنت فعلت إِنّى سوف أطلُب منك الكثير وَلكِنّنِى لدىّ ثِقة أنّ مشيئتك صالِحة وَعِندِى ثِقة فِى أنّ إِرادتك أفضل وَأنّ تدابيرك أفضل مِنَ تدابيرِى وَأنّ عملك أفضل مِنَ عملِى فإِنّى لاَ أُريد مشيئة نَفْسَىِ بل مشيئة نَفْسَكَ أنت فكُلّما أدخُل فِى عِلاقة حيّة مع الله كُلّما تزداد ثقتِى بِهِ وَتزداد ثِقتِى فِى تدابيره وَأقول لهُ [ لتكُن مشيئتك ] وَأستودِع لهُ هُمومِى وَمشاكلِى وَأحياناً نجِد أنّ الله يبعث لنا بِهذهِ المشاكِل لِكى تزداد خِبرة عِلاقتنا معهُ لأنّ الإِنسان أحياناً يضع ثِقتهُ فِى البشر وَأحياناً يُحاوِل الإِنسان أنْ يحِل مشاكِلهُ بِنَفْسَهِ وَيعتقِد أنّهُ قادِر على ذلِك فيبعث لك بِشىء لاَ تقدِر عليه وَعِندها تطلُب تدخُلّ الله ، وَعِندما تزداد خبرِتك مع الله – مُنذُ البِداية – سوف تلجأ لهُ مُنذُ البِداية قبل أنْ تلجأ لعقلك أوْ معارِفك أوْ حتّى قبل إِمكانياتك إِنّهُ يُريد أنْ أتكلّم معهُ وَأنْ أشكو لهُ وَأثِق فِى تدابيره وَإِنْ كُنت فِى بعض الأوقات لاَ أدرِى لِماذا يفعل ذلِك ؟؟ وَلاَ أستطيع إِستيعاب ذلِك وَلكنّى عِندى ثِقة فِى أنّهُ يفعل كُلَّ خير فِى كُلَّ أمر لأنّهُ صانِع خيرات وَيُقال عَنَ نُعمى فِى الكِتاب المُقدّس فِى سِفر راعوث أنّها خرجت مِنَ أرض يهوذا وَمعها زوجها وَإِثنينْ مِنَ أولادها وَفِى أرض يهوذا مات زوجها ثُمّ مات إِبنها وَبعد ذلِك مات إِبنها الثانِى وَظلّت عشر سنوات بعيدة عَنَ أرض يهوذا وَعِندما رجعت سألوها عَنَ زوجِها وَأولادها فقالت لهُمْ [ إِنّ الرّبّ قَدْ أذلّنِى وَالقدير قَدْ أمرّنِى ] ، فهى لاَ تُنسِب إِليّهِ حماقة فهى تصِفهُ بالقدير وَهذهِ الكلِمة لاَ تخرُج إِلاّ مِنَ أتقياء مِثل حِنّة أُم َصموئيل وَمِنَ السيّدة العذراء عِندما قالت [ لأنّ القدير قَدْ صنع بِى عظائِم ] ، وَهى شاكِرة وَواثِقة أنّ التجارُب التّى حدثت فِى حياتِها لَمْ يُحدِثها إِنسان وَلاَ ظروف أبداً وَلكنّهُ عمل الله فكُلّما دخل الإِنسان فِى عِشرة مع الله كُلّما شعر أنّ كُلَّ أُمور حياته مِنَ الله فأثِق فيها وَأقبلها وَأشكُره ، وَإِذا لَمْ أكُنْ قادِرة عليها أطلُب منهُ نِعمة على إِحتمالها فيُعطينِى بركة وَقوّة لإِحتمالِها فأحياناً يشعُر الرّبّ أنّ أفضل شىء لنا هو الذُل فيبعث لنا بِتجرُبة تُذلِنافَلاَ تغضب لأنّ أفضل طريق لِى لأعرِفك هُو الذُل ، وَنجِد داوُد النبِى يقول دائِماً [خير لِى أنّك أذللتنِى ] فنجِد الإِنسان إِذا إِستند لشىء يتكبّر وَيتعالى على إِخواته وَأبسط الإِمكانيات التّى يُعطيها الله لهُ يتكبّر بِها على النّاس وَهُنا يُحاوِل الله أنْ يُرجِعه عَنَ طريق الذُل ، وِلِذلِك نجِد الآباء القديسين كانوا يُذلّون أنفُسَهُمْ ، فالله لاَ يُذِل إِلاّ الّذى لاَ يعرِف كيف يُذِل نَفْسَهُ المُتكبِرة لِذلِك نجِد أنّ كنيستنا كنيسة نُسك وَأصوام وَشُهداء وَكنيسة تعرِف كيف تتذلّل وَتنسحِق أمام الله بإِختيارها دون إِجبار وَلكِن بِحُب وَثِقة فِى الله وَفِى أعماله وَتدابيره وَأشعُر بيده فِى كُلَّ أمر وَفِى كُلَّ تجرُبة إرميا النبِى كان يقول [ مِنَ ذا الّذى قال فكان وَالرّبّ لَمْ يأمُر ] ، عاموس النبِى كان يقول [ هل مِنَ بليّة فِى الأرض وَالرّبّ لَمْ يُحدِثها ] ، فالرّبّ أحدث الطوفان على الأرض وَأهلك سدوم وَعمورة وَلقد كان الطوفان حُب وَإِشفاق لِئلاّ يفسد العالم كُلّهُ فأراد الله أنْ يوقِف تيار الشرّ إِشفاقاً منهُ على أهل سدوم وَعمورة لِئلاّ يتفاقموا فِى شرِّهِم أهلكهُمْ فكان هلاكه صلاح وَكان الطوفان تجديد للعالم وَتجديد للخليقة الجديدة ، فحتّى إِنْ كان فيها لون مِنَ ألوان العقوبة إِلاّ أنّها عقوبة تحمِل حُب وَخلاص وَخير حتّى إِنْ لَمْ أراهُ لكِنّهُ خير وَنجِد داوُد النبِى يقول [ خيراً صنعت مع عبدك ] ، فعلى الرغم مِنَ كون داوُد مُطارداً مِنَ قوّات الملِك وَمُهدّد فِى كُلَّ مكان يذهب إِليّهِ إِلاّ أنّهُ يثِق أنّ هذا خيراً[ صلاحاً وَأدباً وَمعرِفة علّمنِى ] ، فالعلاقة الحيّة بالله هى عِلاقة ثِقة فِى الله وَفِى كلامه وَفِى مواعيده وَتدابيره فِى كُلَّ أُمور حياتِى ، أثِق فِى أنّك طالما يارب أردت هذا الأمر فأنا أثِق فِى تدبيرك [ وضعت يدى على فمِى لأنّك أنت فعلت ] إِنّنا فِى حاجة أنْ تكون عِلاقتنا بالله فيها بُعد عملِى ، إِنّنا فِى حاجة لِمعرِفتةُ فِعلاً وَليس مُجرّد أنْ نسمع عنهُ أوْ نقرأ عنهُ ، إِنّنا فِى حاجة لِعِلاقة تنتقِل مِنَ مُجرّد عِلاقة نظريّة لِعِلاقة عِبادة بالرّوح وَالحق فلابُد أنْ أقِف فترات طويلة وَأُصلّى بحيث لاَ يحِد هذهِ الفترة زمن وَأبعِد عَنَ أثقال مسئولياتِى لحظة وَليس مِنَ المُهِم متى تختِم الصلاة بل قِف بِكُلَّ حُريّة وَبِحواس مُجمّعة وَذهن يقِظ مرفوع وَتحدّث وَأطرح أمامه كُلَّ أُمورِى ، فلابُد أنْ تكون عِلاقِتنا بالله عِلاقة حيّة فَلاَبُد أنْ يكون فِى عِلاقِتنا بالله بُعد خاص وَأنْ أعرِف أنّ كُلَّ تجارُبِى وَهمومِى وَمشاكلِى وَأحزانِى بِسماح مِنَ الله كى تنمو عِلاقتِى بِهِ أكثر وَكُلَّ أمر يبعثهُ الله لىّ كى أحوّلهُ لِحديث بينِى وَبينه ياليت عِلاقِتنا يا أحبائى بِربِنا يسوع تكون عِلاقة حيّة فيها حُب وَثِقة وَسوف ينظُر الله بِكُلَّ تأكيد إِلَى الإِشتياق وَيُكمِلّ النقائِص ربِنا يسنِد كُلَّ ضعف فينا بِنعمِته وَلإِلهنا المجد دائِماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بك - الاسكندرية
المزيد
25 يوليو 2025
مختارات حلو الكلام
1- الخوف من الحب ھو الخوف من الحیاة. ومن یخاف الحیاة ما ھو إلا شخص میت. (برتراند راسل)
2- اجعل علاقتك مع الجمیع كورق الشجر، من یبقى یثمر، ومن یسقط لن یعود.
3- الحیاة حب لأنھا تنبع من إلھ الحب.
4- صدیقي لا تنسى أن إرھاق الجسد یعیق انشراح الروح.
5- لا تسكب الدموع الساخنة على الأحزان الماضیة. (أغسطینوس)
6- إن الیوم الذي لا تجلس فیھ مع لله،لا تحسبھ من أیام حیاتك. (مار إسحق)
7- اللي یسمع كلام الناس ما ینفعش،واللي یاكل حرام ما یشبعش.
8- عندما یبدأ الجمال من القلب یسمع الأصم ویراه الأعمى.
9- التفكیر في شخص كثیرًا یجعلھ یفكر بك.
10- إذا وجدت لینًا في أحدھم، فاعلم أنھ شخص قوي لأن القساة ضعفاء.
11- الأصدقاء عائلة أخرى أنجبتھم الأیام.
12- أنت لا أحد حتى یحبك أحد.
13- قد تبكي، ھذا حقك، وقد تحزن،وھذا حقك، ولكن إیاك ثم إیاك أن تنكسر.
14- من استرسل بعقلھ، تطور بفكره.
15- كن كالمطر الھادئ یلامس الأرض ولا یخدشھا.
16- لیس كافیًا أن تمتلك عقلاً جیدًا، المھم أن تستخدمھ جیدًا.
17- سیاج العاقل عقلھ وسیاج الجاھل كرشھ.
18- لا وحش أسوأ من الإنسان. ھوالإنسان الذي یقتل أخاه الإنسان.
19- أن تقنع الذبابة أن الزھور أجمل من القمامة، أسھل من أن تقنع الخونة أن الوطن أغلى من المال.
20- الأطفال ملائكة الأرض.
21- القراءة غذاء الفكر، والمحبة غذاء الروح، والكتابة غذاء العقل.
22- حبل الصنارة الطویل لا یصطاد السمكة الكبیرة.
23- ما یمیز الفیلسوف إنھ یعي جیدًا أكثر من غیره.
24- كل فكر یرى الحقیقة من جانب ویكشف منھا عن جزء. (طھ حسین)
25- الموت یعید صیاغة البشر ویجعلھم أكثر إحساسًا بالحیاة.
26- لا تجعل حیاتك كتابًا مفتوحًا حتى لا یمزقھ من لا یحسن القراءة.
27- المغرور كالطائر كلما ارتفع في السماء صغر في أعین الناس.
28- لا یمكنك التخطیط للمستقبل، إذا ظللت تفكر في الماضي.
29- لا تلوموا الزمان، فقد أرھقتھ عیوبنا.
30- الزھور تذبل مع الزمن، لكن الكلمة المكتوبة وردة لا تذبل ولا تموت.
31- لیس عیبًا أن نكون فقراء ولكنھا جریمة أن نكون متخلفین.
32- المحبة كالحق تنتصر دائمًا.
33- ھون علیك: كل الحیاة مغادرة وكل المآسي عابرة. ھذه دنیانا.
34- إذا لم تحب شیئًا فقم بتغییره، وإذا لم تستطع فقم بتغییر موقفك.
35- إذا تكاثرت السھام علیك، فاعلم أنك في المقدمة.
36- لا تبخل بوقتك على من یمنحك العمر كلھ.
37- لطف الرد یبني الود.
38- لا تكن كالفئران ترى القطط أقوى وأكبر الكائنات في العالم.
39- لابد أحیانًا من لزوم الصمت لیسمعنا الآخرون. الصمت فن عظیم من فنون الكلام.
40- یدفع الجندي من دمھ ثمن شھرة قائده. (مثل إیطالي)
41- إذا لم تخرج من الصندوق الذي نشأت فیھ، فلن تدرك كم ھو كبیر حجم العالم.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد
24 يوليو 2025
بدعة نسطور
بعض من تعاليم نسطور0
رفض الاتحاد بين الطبائع
الله منزه عن التجسد
الله منزه عن الاتصال والاتحاد بالمادة
اللاهوت يتصل بالروح الانسانية كوسيط وليس بالجسد الانساني للمسيح.
اللاهوت اتصل بروم المسيح لذلك فالاتصال بالجسد هواتصال بوسيط
الفصل بين الطبيعتين وتوحيد الكرامة
الانسان والله يعبدا معا لأن الله الكلمة أعطى للمسيح الإنسان ألقابه
كلمة الله إذ علم بسابق علمه أن يسوع سوف يكون قديسا، فقد اختاره وأنعم عليه بألقابه الإلهية، موحدا اياه معه في الكرامة. وأنه قد رافقه في البطن، وفي الميلاد والصلب وقواه ثم أقامه من الأموات أي أن المسيح الكلمة يرافق المسيح الانسان.
ومن الواضح من الأقوال التي ذكرها القديس كيرلس عن نسطور أن نسطور قد علّم بإبنين ومسيحين الواحد منهما الله والكلمة والآخر إنسان، وقد نتج عن الهرطقة النسطورية أمران خطيران:
أولاً: إنزال يسوع الناصري إلى مرتبة نبي أو انسان قديس حل عليه أقنوم الكلمة بعد أن اختاره بسابق علمه وقوّاه. وقد رفض القديس كيرلس هذا التعليم الذي ظهر أثره جليا بعد ذلك في القرن السابع الميلادي.
ثانيا: الشرب بالله في العبادة بأن يُعبد إنسان مع الله بعبادة واحدة نتيجة أن الله قد أعطى هذا الإنسان كرامة مساوية لكرامة الله وهذا قد فتح الطريق لرفض المسيحية بعد ذلك عند جماعات كبيرة من الناس قُبِل الأمر الأول باعتباره شيء ممكن ورُفِض الأمر الثاني باعتباره شِرك بالله وكفر، وبهذا قدم نسطور أسوأ صورة للمسيحية تؤدي إلى رفض ما فيها من حق وقبول ما هو ليس فيها في آن واحد لذلك فإن نسطور قدم المسيحية بصورة يسهل مهاجمتها ورفضها وبناء على التعليم النسطوري يترتب أنه لما فارق الروح الجسد على الصليب، أي فارق اللاهوت المتصل بالروح الجسد، أصبح جسداً غير متصل باللاهوت نهائيا ففصَل اللاهوت عن الجسد فصلا تاما في حال موت السيد المسيح لم يكتف بفصل الطبائع من جهة الاتحاد بل فصل الاتصال أيضاً هذه هى البدعة (الهرطقة) النسطورية التي حرمها المجمع المسكوني في أفسس 431 م:
عاشرا: رؤية موجزة لفكر نسطور العقائدي
ثمة إشكاليتان أساسيتان في فكر نسطور اللاهوتي، وسوف نتعرض لهما بصورة موجزة:
1: موقف نسطور من مفهوم والدة الإله theotokos
من الواضح أن نسطور لم يكن هو – ولا حتى صديقه أناستاسيوس – أول من واجه هذا التعبير, إذ قد تعرض له ديردوروس الطرسوسي و ثيودوروس الموبسيوستي وكلاهما رفضه – وإن كان ثيودوروس أقل قليلا من معلمه ديودوروس – تبعا لمدرسة أنطاكية في تصورها الكريستولوجي كما أسلفنا القول وفي رأي نسطور فإن كلمة "ثيوتوكوس" لم تميز بدرجة كافية بين الناسوت واللاهوت في المسيح. ولقد قال في خطبته الأولى: " إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أم إذا؟ وفي هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التي تكلمت عن أمهات للآلهة. لكن بولس عندها يكون كاذبا لما قال عن لاهون المسيح (عب 7: 3) أنه بلا أب, بلا أم, بلا نسب. لا يا أعزائي لم تحمل مريم الله.. المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذي هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة, لكنه أمد له من العذراء المطوبة هيكلا حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرم هذه الحلة التي استفاد منها من أجل ذلك الذي احتجب في داخلها ولم ينفصل عنها..أنا أفرق الطبائع وأوحد الكرامة. تبصر في معنى هذا الكلام. إن ذاك الذي تشكل في رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله اتخذه.. وبسبب ذاك الذي إتخذ فإن المتخذ أيضا يدعى الله".
غير أن د. ق. حنا الخضري يعرض بعض النقاط الرئيسية التي دفعت نسطور لرفض لقب والدة الإله:
1- خوفه من الخلط بين المفهوم المسيحي لمريم العذراء والمفهوم الوثني للإلهات العذارى.
2- مكانة مريم والخوف من التحول إلى عبادتها.
3- رأى نسطور في اصطلاح أم الله رائحة الهرطقة.
2 – فكرة الاتحاد بين شخصين في المسيح
هناك من يرى أن مشكلة نسطور الرئيسية هي في أنه آمن بان ثمة شخصين مستقلين في المسيح وأن ما حدث هو اتحاد خارجي فقط في الصورة، مثلما قال بذلك ديردوروس الطرسوسي.وربما يظهر ذلك بوضوح من الفقرة المقتبسة فيما يتعلق بالميلاد من العذراء مريم في الفكرة السابقة. وفي خطبة أخرى نقلت عنه قال فيها: " إنهم يدعون اللاهوت معطي الحياة قابلا للموت, ويتجاسرون على إنزال اللوجوس إلى مستوى الخرافات المسرح، كما لو كان (كطفل) ملفوفا بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت – بل حلة اللاهوت. ولم يكن اللوجوس هو الذي لف بثوب كتاني بواسطة يوسف الرامي.. لم يمت واهب الحياة لأنه من الذي سوف يقيمه إذا مات.. ولكي يصنع مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة البشرية.. أنا أعبد هذا الإنسان مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب..والثوب الحي الذي للملك غير أن هناك الكثيرون ينفون ذلك ويؤكدون أن نسطور لم يؤمن مطلقا بوجود مسيحين أو ابنين ودائما ما يؤكد وحدة البرسبون (الأقنوم). "فبحسب مفهوم نسطور أن عملية الاتحاد بين الهيئتين أو البروسبونين تمت عن طريق تبادل الهيئتين واختراقهما الواحدة للأخرى وبذلك أصبحت هيئة العبد هي هيئة الله وهيئة الله هي هيئة العبد (في 2: 6 – 11) فإن هيئة العبد "يسوع" أصبح معبودا ومكرما كاللاهوت واللاهوت أصبح بدوره عبدا" وأخيرا فإن هذه المشكلة لابد أن نفهمها في سياق كل ما سبق ذكره بشأن الاختلاف بين مدرسة أنطاكية التي كان ينتمي إليها وبين مدرسة الإسكندرية التي شكلت عدوه الرئيسي. وأيضا ما يتعلق بالصراعات لفرض السطوة والنفوذ. كما يمكننا أن نزعم أنه بلا شك فإن اللاهوت الكريستولوجي في تلك الفترة لم يكن قد وصل إلى مرحلة كافية من النضج التي تؤهله لقبول أو رفض فكرة ما بشكل قاطع وسليم.
كلمة أخيرة
هل كان نسطور هرطوقيا حقا؟ أي هل كانت عقيدته فعلا تنكر بعض من أهم مبادئ الإيمان المسيحي القويم؟ أم تراه قد أدين لافتقاده إلى الأساليب والحيل الماكرة والعقل المتزن غير المتهور, وكذا لشراسة وسعة حيلة كيرلس عدوه السكندري اللدود؟ هل من أدانوه فهموا عقيدته بشكل صحيح؟ أم تراهم أدانوا فقط صورة مشوهة من أفكاره؟ ثمة أسئلة لم يتوصل العلماء إلى إجابات لها، هذه الأسئلة تزداد تعقيدا لميل بعض المؤرخين إلى تفسير الصراع النسطوري في ضوء أحداث وموضوعات تالية بعدها. حتى أن الكثير من البروتستانت رأوا في نسطور رائد ومبشر بالبروتسانتية، ليس لشيء سوى رفضه للقب "والدة الإله" وربما أن نسطور يكون قد أخطئ في بعض الأفكار والاتجاهات ولكن بلا شك فإن ما تعرض له كان مجحفا بشكل كبير. ونحن نحتاج اليوم أن نعيد النظر بشكل موسع وموضوعي – بقدر الإمكان – إلى الفكر الكريستولوجي الخاص بنسطور وكذا مواقفه ضد بعض التعبيرات التي مازالت تستخدم حتى الآن – وكثيرا ما تستخدم بشكل خاطئ أو غير دقيق. علينا الآن ونحن ندرس نسطور أن نسعى بكل اجتهاد لتنقية هذا الصراع من كل العناصر غير الشريفة التي شابته – وهي في تصوري كثيرة للغاية – وإن نعمل على دراسة القضايا اللاهوتية دراسة لاهوتية فقط. أعترف أن هذه الفكرة تبدو بعيدة المنال بل وربما خيالية ومستحيلة، لكنني أؤمن أن ثمة إمكانية لحدوثها إن أردنا نحن ذلك وفي النهاية يبقى نسطور نموذجا لرجل مخلص وخطيب بارع لكنه قليل الدهاء, آمن بفكرة ونادى بها بكل ما أوتي من قوة، ودفع ثمن إيمانه غاليا جدا من شهرته وكرامته ومكانته و تاريخه واسمه الذي ظل لقرون عديدة ملطخا بوصمة الهرطقة القديس كيرلس الكبير في رسالته إلى أكاكيوس أسقف ميليتين Melitene وهي الرسالة رقم (40) من الرسائل التي أرسلت منه وإليه (أي القديس كيرلس) يقول في الفقرة (10) من الرسالة [ قد وجدنا أن نسطور قد ألغى تماماً ميلاد ابن الله الوحيد بحسب الجسد لأنه ينكر أنه وُلد من إمرأة بحسب الأسفار المقدسة إذ يقول: " لا تقول الأسفار الإلهية في أي موضع أن الله وُلد من العذراء، أم المسيح (خريستوطوكوس Christotokos) بل تقول أن يسوع المسيح، الإبن والرب، قد وُلد ] وطالما يعلن هذا بوضوح كيف يمكن أن يشك أحد أنه، بقوله هذه الأمور. يقسٍّم الإبن الواحد إلى إبنين. واحد منهما – ناظراً إليه في إنفصال عن الآخر - يقول عنه إنه إبن ومسيح ورب، إنه الكلمة المولود من الله الآب، أما الآخر، وهو أيضا في إنفصال عن الآخر، يقول عنه إنه إبن ومسيح، ورب. وغلنه ولد من العذراء القديسة؟ "
فقرة (12) في نفس الرسالة يقول القديس كيرلس: [ عندما كان نسطور يعظ في الكنيسة كان يقول: " لهذا السبب أيضا يسمى المسيح (الله الكلمة) لأنه لا إتصال لا ينقطع Uninterrupted Conjoining مع المسيح " وأيضا يقول " إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين الغير مختلط Unconfused Conjoining of Natures، ولنعترف بالله في الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهي، نوقّر ونكرم الإنسان المعبود مع الله الكلي القدرة " ]
فقرة (13) [ وهكذا أنت ترى كيف أن تفكيره متناقض لأنه مملوء بكليته بعدم الوقار، إذ يقول: " أن كلمة الله يُدعى وحده المسيح، وله إتصال دائم مع المسيح ". لذلك ألا يقول بوضوح تام أن هناك مسيحين Two Christs؟ ألا يعترف أنه يكرّم ويوقر إنسانا – لا أعرف كيف – يُعبد مع الله؟ " ] فقرة (16) [ نسطور يتظاهر بأنه يعترف أن الكلمة، بينما هو الله، تجسد وتأنس، ولكن إذ لم يعرف معنى التجسد، يتحدث عن طبيعتين لكي يفصلهما عن بعضهما البعض، فاصلا الله وحده على حده، وأيضا الإنسان بدوره (على حدة)، وهو متصل بالله بعلاقة خارجية فقط بحسب مساواة الكرامة أو على الأقل القدرة الحاكمة. لأنه يقول ما يلي: " الله (الله الكلمة) لا ينفصل عن الواحد (يسوع الناصري الإنسان) المرئي، وبسبب هذا، أنا لا أفصل كرامة الواحد الغير منفصل. أنا أفصل الطبيعتين لكني أوحد العبادة " ] من الواضح أن نسطور علّم بشخصيتين إتحدا في شخص واحد في يسوع المسيح ولذلك رفض لفظ " ثيئوتوكوس " لوصف ميلاد الله المتجسد من العذراء القديسة مريم، واعتبر أن المولود منها وهو إنسان لا غير، متصلا بالكلمة إبن الله وفيما يلي بعض مقتطفات من أقواله:
1) } هما شخصان: شخص ذاك الذي ألبَس وشخص الآخر الذي لَبَس {
2) } لذلك فإن صورة الله هي التعبير التام عن الله للإنسان. فصورة الله المفهومة من هذا المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهي. الله سكن في المسيح وكشف ذاته للبشر من خلاله. مع أن الشخصان هما في الحقيقة صورة واحدة لله {
3) } يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين وشخصين فيه متحدان بقرض وتبادل بسيط
المزيد