المقالات
14 سبتمبر 2021
المسيحية والاستشهاد
إن قصة الاستشهاد هي قصة المسيحية كلها فالاستشهاد والمسيحية صديقين متلازمين لا يفترقان عن بعضهما فالاستشهاد هو قصة الكرازة بالإنجيل في كل العالم لأن الإيمان المسيحي كان ينتشر في كل مكان، وكانت جذوره تدب في أعماق البشرية.. فكان يمتد في المسكونة طولًا وعرضًا وعمقًا، وذلك بشهادة الدم أكثر من الوعظ والتعليم فنجد مُعلِّمينا الكبار بطرس وبولس كليهما استشهد من أجل انتشار الإيمان الأول مصلوبًا منكس الرأس، والآخر بحد السيف، ونالا إكليل الشهادة من أجل تمسكهم بالسيد المسيح وهذا هو الفكر السامي في الكرازة والتبشير في المسيحية أن المبشر والكارز هو الذي يستشهد من أجل الإيمان، وليس مَنْ لا يؤمن بالدين هو الذي تقطع رقبته فلم تعرف البشرية في كل عصورها شهداء مثل شهداء المسيحية من حيث شجاعتهم وإيمانهم ووداعتهم وشجاعتهم واحتمالهم وجدّهم وفرحهم بالاستشهاد فنجدهم يعانقون الموت في فرح وهدوء ووداعة عجيبة تزهل مَنْ يعذبونهم ومضطهديهم!! مما يجعلهم في آخر هذه المرحلة الأليمة يؤمنون بالسيد المسيح الذي يعبده النصارى، عندما يرون إيمانهم وجدّهم واحتمالهم للعذابات لآخر نَفَس!!
فقد وجدنا "إريانوس" أشرس الولاة الذين قاموا بالتفنن في تعذيب المسيحيين، وكل مَنْ احتاروا في أمره أوصلوه إلى إريانوس القاسي القلب فتارة يعذبهم بالهنبازين، وتارة بالحرق، وتارة بتعليقهم على ساري المركب، وتارة أخرى بتمشيط أجسادهم ثم وضعهم في جير حي وتبارى في أنواع التعذيب. وأخيرًا نجد إريانوس هذا يؤمن بالسيد المسيح بل ينال إكليل الشهادة من أجل إيمانه!!
يا ترى ما هو السبب في ذلك؟!
وما الذي جعل الشهداء يحتملون هذا العذاب؟
لقد نظروا إلى العالم نظرة وقتية.. فهذا العالم الفاني لا يُقاس بالحياة الأبدية التي سوف يحيون فيها.. وذلك لأنهم عاشوا الإنجيل وتعاليم الآباء الرسل"لأنَّ خِفَّةَ ضيقَتِنا الوَقتيَّةَ تُنشِئُ لنا أكثَرَ فأكثَرَ ثِقَلَ مَجدٍ أبديًّا.ونَحنُ غَيرُ ناظِرينَ إلَى الأشياءِ التي تُرَى، بل إلَى التي لا تُرَى لأنَّ التي تُرَى وقتيَّةٌ، وأمّا التي لا تُرَى فأبديَّةٌ" (2كو4: 17-18) وقد عاشوا حياة الغربة على الأرض، وشعروا أنهم غرباء ونزلاء في هذا العالم فالنزيل أو الغريب لا يمكنه أن يمتلك شيئًا إلاَّ في وطنه وفي أرضه "أيُّها الأحِبّاءُ، أطلُبُ إلَيكُمْ كغُرَباءَ ونُزَلاءَ، أنْ تمتَنِعوا عن الشَّهَواتِ الجَسَديَّةِ التي تُحارِبُ النَّفسَ" (1بط2: 11) إن حياتنا على الأرض مهما طالت فلا بد أن نرجع إلى وطننا السماوي مستقرنا الأخير بيتنا الأصلي، وإلى ميراثنا المحفوظ لنا في السموات وهذا ما أكّده لنا مُعلِّمنا بولس عندما قال "في الإيمانِ ماتَ هؤُلاءِ أجمَعونَ، وهُم لم يَنالوا المَواعيدَ، بل مِنْ بَعيدٍ نَظَروها وصَدَّقوها وحَيَّوْها، وأقَرّوا بأنَّهُمْ غُرَباءُ ونُزَلاءُ علَى الأرضِ" (عب11: 13) وقد شعروا أن هذا العالم قد وُضع في الشرير، وأن الحياة فيه كلها حزن وألم وضيق ولكن هذا الضيق والألم سرعان ما سوف يتحول إلى فرح، عندما نصل إلى السماء وهذا ما قاله السيد المسيح له المجد "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ إنَّكُمْ ستَبكونَ وتنوحونَ والعالَمُ يَفرَحُ أنتُمْ ستَحزَنونَ، ولكن حُزنَكُمْ يتحَوَّلُ إلَى فرَحٍ" (يو16: 20) ولمعرفتهم أيضًا أن نهاية ضيقات وأحزان وآلام هذا العالم الذي نعيش فيه سوف تؤول إلى مجد عظيم في السماء ولذلك صبروا واحتملوا الآلام مُفضلين الضيقات الأرضية التي تؤهلهم إلى المجد السماوي الذي لا يوصف عاملين بما ذكره مُعلِّمنا بولس الرسول "صادِقَةٌ هي الكلِمَةُ: أنَّهُ إنْ كُنّا قد مُتنا معهُ فسَنَحيا أيضًا معهُ إنْ كُنّا نَصبِرُ فسَنَملِكُ أيضًا معهُ" (2تي2: 11-12) "فإني أحسِبُ أنَّ آلامَ الزَّمانِ الحاضِرِ لا تُقاسُ بالمَجدِ العَتيدِ أنْ يُستَعلَنَ فينا" (رو8: 18) ولذلك زهدوا كل شيء في أيديهم وفي العالم، عائشين حياة التجرد والاختلاء من كل ممتلكات العالم، سائرين على خُطى بولس الرسول الذي قال "لأنَّنا لم نَدخُلِ العالَمَ بشَيءٍ، وواضِحٌ أنَّنا لا نَقدِرُ أنْ نَخرُجَ مِنهُ بشَيءٍ فإنْ كانَ لنا قوتٌ وكِسوَةٌ، فلنَكتَفِ بهِما" (1تي6: 7-8) وذلك لأن مُعلِّمنا بولس اعتبر أن الغنى هو غنى الروح وليس الجسد(أي الغنى الروحي وليس الجسدي)لذلك اشتهوا أن ينطلقوا من الجسد لكي يكونوا مع المسيح "ليَ اشتِهاءٌ أنْ أنطَلِقَ وأكونَ مع المَسيحِ، ذاكَ أفضَلُ جِدًّا" (في1: 23). وما شجعهم على هذا هو قول السيد المسيح " في بَيتِ أبي مَنازِلُ كثيرَةٌ، وإلاَّ فإني كُنتُ قد قُلتُ لكُمْ أنا أمضي لأُعِدَّ لكُمْ مَكانًا، وإنْ مَضَيتُ وأعدَدتُ لكُمْ مَكانًا آتي أيضًا وآخُذُكُمْ إلَيَّ، حتَّى حَيثُ أكونُ أنا تكونونَ أنتُمْ أيضًا" (يو14: 2-3) من أجل هذا اشتهى آباءنا القديسين الاستشهاد لأنه هو الذي يُؤهلهم لهذا اللقاء مع عريسهم السمائي،وقد فعلوا كل ذلك من محبتهم العجيبة للسيد المسيح، مُفضلين الحياة معه عن سواه،واضعين أمام أعينهم الآية القائلة "مَنْ أحَبَّ أبًا أو أُمًّا أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني، ومَنْ أحَبَّ ابنًا أو ابنَةً أكثَرَ مِني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 37)فكانت حياتهم في الجسد وليست للجسد، وحياتهم في العالم وليست للعالم عاشوا في العالم دون أن يعيش العالم في داخلهم وفي قلبهم لذلك أحبوا الموت أفضل من الحياة في الخطية سفكوا دمائهم من أجل محبتهم في الملك المسيح الذي بذل نفسه على عود الصليب من أجلهم.
فيا إلهنا الصالح..
الذي أعنت آباءنا الشهداء على احتمال الآلام والعذابات من أجل تمسكهم باسمك المبارك أعنَّا نحن أيضًا لكي نستطيع أن نشهد لاسمك القدوس المبارك ونقدم للكل مَثلًا حيًا للإنسان الذي يشهد للمسيح في كل مكان ليروا أعمالنا الصالحة فيمجدوك أنت الذي لك كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
13 سبتمبر 2021
موقف المسيحيين في وسط العالم في أيام الاضطهاد
عدم مقاومة الشر:-
تلخَّص موقف المسيحيين في عدم المُقاومة ولا حتى ظِل المُقاومة، وبالطبع دون أي مُقاومة مُسلحة.التزم المسيحيون تجاه الاضطهاد المُنظَّم ضدهم بالتطبيق المُباشِر والبسيط لمبدأ ”لا تُقاوموا الشر“ فتركوا أنفسهم بهدوء وتسليم للإبادة وأحنوا رؤوسهم ورِقابِهِم للسيف لا صاغرين بل فَرِحين غالبين الآلام، الأمر الذي أدهش الوثنيين.وعندما أدركتهم الضيقات قبلوا الموت بقلب راضِ وأحنوا رؤوسهم للسيَّاف بلا مُقاومة ولا حتى مُجادلة، وهم شاكرين قابلين الآلام، حتى ارتجف الجنود من شدة إيمانِهِم.تعال لترى معي إستفانوس العظيم رئيس الشمامسة وأول الشهداء ماذا قال لراجميه؟ ”يارب لا تقِم لهم هذه الخطية“.فكما غفر المسيح ربنا ورب الجميع لصالبيه لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، هكذا فَعَلْ إستفانوس شهيد المسيحية الأول، وهكذا سلك كل شهود وشُهداء المسيح.. شهادِة الحق بوداعة، شهادِة الدم بلا مُقاومة ولا حتى مُجادلة.إنَّ الاضطهاد والآلام هِبة وهدية مُقدمة من الرأس إلى أعضاء جسدهِ حتى تنمو الكنيسة بلا مُقاومة ولا إكراه، بل بالحب والكرازة وبشارِة الفرح.
الصلاة:-
كانت الصلاة هي حصنهم المنيع سواء الصلاة الفردية أو الصلوات الجماعية (الليتورچيَّة)، لأنها سلامهُم الوحيد، مواظبين على الصلوات مُدركين وِحدتهم الروحية مع رب المجد يسوع وفي ذلك كمال الفرح وكثرِة التعزية فأي فرح يشملنا لأننا شُركاء المسيح ومن أجله نتألم!!.. ”نالني ضيق وحُزن وباسم الرب دعوت“ (مز 116).حتى أنَّ كثير من الشهداء صلُّوا لكي ينالوا عطيِة الشهادة فنالوها، وصلُّوا لكي يهِبهُم الله روح النُّصرة عندئذٍ رأوا ولمسوا عمل الله في شهادتِهِم، واقترنت العبادة بحدوث المُعجزات والعجائِب، بنعمة الرب العاملة فيهم.
ازدهار الكِتابات اللاهوتية والروحية:-
في عصور الاستشهاد، صاحب الصلوات والعبادة ازدهار الكِتابات اللاهوتية والروحية لأنَّ الآلام والاضطهاد كما قال القديسون هي بمثابِة معصرِة العنب أو فرك الزهور ذات الرائِحة الطِّيِبة فهي تُسفِر عن رؤية روحية ومعرفة إلهية لأعماق حقائِق الإيمان... لذا نجد الآباء المُلتمسين أو المُدافعين Apologists مثل أكليمنضُس السكندري والعلاَّمة أوريجانوس وهيبوليتيس والبابا ديونيسيوس السكندري وخُلفائِهِم وتلاميذِهِم الذين ازدهرت كتاباتِهِم اللاهوتية والدفاعية وكذا رسائِلهم مثل رسائِل كبريانوس وأوريجانوس (الحث على الاستشهاد) والمُدافِع ترتليان (ترياق العقرب Scorpiacum)، ودِفاعات لكتانتيوس ويوستين الشهيد وغيرِهِم من الآباء الذين تركوا لنا تُراثًا حيًا.
المحبة:-
إنَّ الثبات والاحتمال والوداعة التي أثبتها المُعترفون والشهداء بلا استثناء أمام أعدائِهِم، كانت خبرة المحبة المسيحية الحقيقية لم يثوروا ولم يتمردوا، بل أحبَّ الشهداء أعدائِهِم، وشهدوا بمحبتهم قبل أن يشهدوا بدمائِهِم وصمودِهِم وصبرِهِم ووداعتِهِم، فالتزم الكل بأعمال المحبة وهم في عمق أتون الاضطهاد، ومحبة لكل المُضطهدين والمُقاومين، فغلبوا بمحبتِهِم مُعذبيهم الذين اقتبلوا الإيمان لمَّا رأوا ولمسوا محبة شُهداء المسيحية، الذين حسبوا العالم كله نِفاية من أجل فضل معرفة الله، وحسبوا الشتائِم منفعة لهم، والاضطهادات بركة الحياة وشهادِة الدم أقصر طريق للأبدية.فالاستشهاد حُب مُنسكِب بالروح القدس في قلب الشهيد، حُب لرب المجد يسوع، وحُب للمُضطهدين والمُضايقين، فكثيرون قد تُسفك دمائِهِم وليس لهم نصيب مع الشهداء وكثيرون لم تُسفك دمائِهِم يُشارِكون الشهداء أكاليلهم.إنَّ هناك قُوة جبارة دفعت شُهداءنا لقبول الآلام، تلك هي المحبة التي جعلتهم يتقدمون الصفوف، وهناك من كانت قلوبهم تلتهِب حُبًا نحو الرب، ولم تُتَح لهم فرصة لسفك دمائِهِم.لقد أحبوا فاستحقوا، ولم يفصلهم عن محبة المسيح لا عُلو ولا عُمق ولا خليقة أخرى... فغمرتهم محبِة الفادي ليشهدوا حتى الدم لمحبتهم من أجل الرجاء العتيد.
الارتباط السري بين الصلاة وقبول الآلام:-
يظُن البعض أنَّ الاستشهاد عمل بطولي مثله في هذا مثل الأعمال البطولية الأخرى في كافة الميادين... لكن الاستشهاد المسيحي يتميز بأنه شَرِكة حقيقية مع آلام رب المجد يسوع المُتألِم... فالصلاة تنتعِش وتزكو رائِحتها في معصرة الاضطهادات إذا كانت بحق شَرِكة في الآلام والعذابات فهل نحن الآن نعيش بنفس الروح الإنجيلية الآبائية والرسولية التي تسلمناها في بدايِة المسيحية؟ هل نعيش ببساطِة الإيمان بقوة الروح وخبرِة المخافة وقبول الألم بشكر وصلاة؟
هذا الاختبار السرِّي اجتازه المسيحيون الأوائِل ببساطة لذلك تمجَّد الله في آلامهم وعذاباتهم وأظهر لهم قُّوته ومجده، حتى أنه كلما كان اضطهادهم شديدًا كلما كان عيدهم بهيجًا، وكان المكان الذي يذوقون فيه أشد العذابات لابد أن يُقيموا فيه أهم الاحتفالات ولقد ميَّز المسيحيين ظاهرتان واضحتان، هما شهوِة الاستشهاد ومحبة البتولية، تلك الروحانية العميقة التي عاشوها والسمو العجيب الذي حققوه باحتقار الجسد فحيث الاستشهاد لابد أن توجد الطهارة، لذلك كانت الحياة الرهبانية هي ظِل الاستشهاد، وجاءت الرهبنة بعد عصر الاستشهاد مباشرةً، وكأنَّ الاستشهاد والشهادة لم تنتهي... بل مستمرة وحتى مجيء ربنا يسوع الثاني ليأخذ كنيسته.وأكَّد الاستشهاد على صِدق الإيمان المسيحي فلو أنه مجرد خُرافات مُصطنعة لِمَا قدَّم هؤلاء الشهداء دماءِهِم رخيصة من أجل محبة الملِك المسيح، هو تألم وهم يتألمون من أجله.
الاستعداد للآلام بفرح:-
كانت نفسية الشُهداء والمُعترفين فَرِحة وشُجاعة واثقة، تسندهم المعونة الإلهية التي وعد الله بها جميع المُضطهدين من أجل اسمه (لو 21: 21).لقد أحس المُعترفون بشرف تألُّمهم (في 3: 10؛ كو 1: 24) مُتطلعين إلى المجد العظيم الذي ينتظرهم وينتظر جميع الذين يُحبون ظهوره أيضًا.. وقد تعزُّوا من الرؤى العظيمة المُشجعة، والتي جعلتهم يرون أكاليلهم ويتطلعون لميراثهم الأبدي حيث المسكن المُستعِد في المدينة التي لها الأساسات.لقد استعذبوا الألم وسعوا ورائه، فبهروا العالم كله لا في قبولهم الآلام واحتمالهم العذابات المُرَّة، بل بفرحِهِم بها وشكرهم عليها وسعيهم ورائها كعطية، فحوَّلوا السجون إلى كنائِس يُسمع فيها صوت التسبيح... ليُعطينا الرب أن نفرح في الضيق وأن نُسبِّح في الألم، عالمين أننا نتألم لنتمجَّد كثير من الأُمهات كُنَّ يرفُضنَ الاستشهاد، إلاَّ بعد الاطمئنان على استشهاد أبنائِهِنَّ أمام أعيُنهِن خوفًا عليهم من البقاء بين الوثنيين، وكثيرون أرسلوا يُشجعون أقربائِهِم في السجون ويحسدونهم على نعمة الاستشهاد، حقًا إنَّ الآلام صعبة لكن الانشغال بالمسيح الإكليل واللؤلؤة يُعطي للألم لذة وللنَّفْس سلام وثبات لقد عانق الشُهداء الموت في فرح وهدوء وتسليم عجيب أذهل مُضطهديهم، بعد أن أيقنوا حلاوة المجد الأبدي والميراث الذي ينتظرهم.ويُمكننا أن نقول أنَّ كل من تمتَّع بخلاص الله العجيب اتحد بالمُخلِّص المصلوب يُصلب عن العالم، ومن مات عن العالم تمتَّع بالعِشق الإلهي والفرح.
القمص أثناسيوس فهمي جورج كاهن كنيسة مارمينا فلمنج
عن كتاب الاستشهاد في فكر الآباء
المزيد
12 سبتمبر 2021
الشهادة والاستشهاد
الشهادة والاستشهادالحياة المسيحية هي حياة الشهادة العملية للسيد المسيح؛ فلا يُحسب الإنسان مسيحيًا إن لم يشهد للمسيح في حياته اليومية وتعاملاته مع الناس وتفاعلاته مع الأحداث وأقواله وتصرفاته «أَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ» (إشعياء 43: 10).1- نشهد بإيماننا بوجود ووحدانية الله.. «فَأَنْتُمْ شُهُودِي. هَلْ يُوجَدُ إِلهٌ غَيْرِي؟» (إشعياء 44: 8). وشهادة الإيمان لا يمكن أن تكون إلاّ بطريقة عملية مُعاشة «...أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي» (يعقوب 2: 18).2- ونشهد بألوهية وربوبية الرب يسوع المسيح: «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا...» (أعمال 1: 8).3- ونشهد بقيامة السيد المسيح من الأموات وهي حجر الأساس في إيماننا المسيحي: «فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ» (أعمال 2: 32؛ 3: 15؛ 10: 39-41).4- ونشهد لحياة السيد المسيح.. «وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ» (أعمال 10: 39). وشهادتنا لحياة المسيح تكون بأن نتبنى منهجه الإلهي المقدس في سلوكنا اليومي، لأنه له كل المجد تجسد وعاش وتألم ومات من أجلنا «تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ» (بطرس الأولى 2: 21). وعندما نعيش تعاليم السيد المسيح عمليًا نثبت للعالم كله صدق الإنجيل وسمو تعاليمه المُقدَّسة؛ فالشهادة للمسيح تتضمّن أن نملأ العالم بالحب والتسامح والغفران وقبول الآخر ومشاركة الكل في أفراحهم وأحزانهم بكل المشاركة القلبية.. «فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ» (رومية 12: 15). وأيضا بعدم الشماتة في سقوط عدوك «لا تفرَحْ بسُقوطِ عَدوِّكَ، ولا يَبتَهِجْ قَلبُكَ إذا عَثَرَ» (أمثال 24: 17).5- والإنسان المسيحي عنده استعداد أن يقبل العذاب والخسارة وأن يموت من أجل الإيمان؛ وإن خيّروه بين النجاة أو الموت يختار الموت والخسارة: «وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ» (عبرانيين 11: 35).6- والشهادة للمسيح تتضمّن أن نقبل بكل سرور اعتداء الآخرين علينا دون أن نرد العداوة بعداوة بل بالعكس يُظهر المسيحي قوته وفضيلته بهزيمة الشر.. «لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرٍّ...» (رومية 12: 17). «لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية 12: 21). «لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا» (متى 5: 39). «أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ» (يوحنا الثالثة 1: 11).وقديمًا قال الآباء: "أظهر أنت علامة نقاوة قلبك بمقابلة الشر بالإحسان".والمسيحي لا يمكن أن يعتدي على أي شخص أو أي من خليقة الله، حتى البهائم والطيور والطبيعة الجامدة لا يجب أن تُفسَد أو يُعتدى على جمالها فالكتاب المقدس يعلمنا أن «الصِّدّيقُ يُراعي نَفسَ بَهيمَتِهِ، أمّا مَراحِمُ الأشرارِ فقاسيَةٌ» (أمثال 12: 10).تعالوا أحبائي ننشر سلام المسيح في أرضنا الطاهرة مصرتعالوا نعلن محبة المسيح لكل إنسانتعالوا نشهد لصدق وأمانة الإنجيلولو أدّى الأمر أن نموت من أجل هذا الانجيل الذي يعلن سلام الله مع البشر، فليكن وبكل سرور ومن أجل خير القاتلين لنا، كما مات المسيح من أجل خير الصالبين بل وكل البشر.
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
11 سبتمبر 2021
عيد النيروز... عيد الشهَداء
بدأ الاستشهاد ببدء المسيحية. وكان أول شهيد هو القديس اسطفانوس أحد الشمامسة السبعة والذي تضعه الكنيسة في مجمع القديسين قبل كل الآباء البطاركة.وتوالى الاستشهاد حتى شمل جميع الآباء الرسل ما عدا القديس يوحنا الحبيب الذي نالته عذابات كثيرة ولكنه لم يمت شهيدًا.أما عن الاستشهاد في مصر، فقد كان أول شهيد هو القديس مارمرقس الرسول، ثم كثر عدد الشهداء جدًا، وشمل أيضًا النساء والأطفال. ونذكر من بين هؤلاء القديسة الأم دولاجي وأبناءها الذين ذُبِحوا على حجرها وهي تشجعهم. ونذكر أيضًا القديسة يوليطة وابنها قرياقوص. ونذكر أيضًا الطفل أبانوب.ولكن الاستشهاد بلغ ذروته في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي حكم من سنة 284م. وكان الاستشهاد يشمل أحيانًا مدنًا بأسرها ولذلك جعلت الكنيسة القبطية تقويمها (تقويم الشهداء) يبدأ من سنة 284م على الرغم من أن الاستشهاد بدأ من القرن الأول. وذلك لأنه من ذلك التاريخ بدأ الاستشهاد الجماعي. سواء من قسوة وعنف الحكام، أو من رغبة الكثيرين في أن ينالوا إكليل الشهادة.ونذكر بهذه المناسبة 30000 شخصًا خرجوا للاستشهاد وهم يرتلون فرحين في الطريق من دمنهور إلى الإسكندرية لكي ينالوا بركة الاستشهاد.ومن محبة الناس للاستشهاد، ما أكثر الكتب التي صدرت تحت عنوان (حثّ على الاستشهاد). وأصبح الاستشهاد في المسيحية عبارة عن شهوة، شهوة الموت من أجل الرب ومن أجل الإيمان. وهنا نذكر قول بولس الرسول «لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا» (في1: 23).كان الناس يستهينون بالألم، ويرون أن الموت بالاستشهاد هو أقصر طريق يوصّل إلى الفردوس، وإلى اللقاء مع الرب. لذلك كانوا فرحين بالموت. ولا يخافون إطلاقًا من عذاب الاستشهاد. بل يرونه بركة أكبر.ونحن إن كنا نحتفل بعيد الاستشهاد يوم عيد النيروز، فإننا لا ننكر أبدًا أننا نحتفل بذكرى الشهداء كل يوم. وفي هذا المجال نشكر كل الشكر القديس يوليوس الأقفهصي الذي كتب لنا سير الشهداء. حيث كان يجمع أجسادهم المقدسة ويكتب سيرة كل منهم على قدر ما أمكنه ذلك.+ ووراء الاستشهاد توجد دوافع روحية كثيرة: منها الإيمان العميق بالسيد المسيح، وأيضًا الإيمان بالحياة الأخرى أي الحياة بعد الموت. هذه الحياة التي كان يرقبها الشهداء بكل قلوبهم وبفرح لا يُعبر عنه.وطبعًا كان يدفعهم إلى الاستشهاد محبة الرب الذي قال «لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ..» (يو15: 13)، فكم بالأولى إن كان يضع نفسه من أجل الله.وحلقة الاستشهاد كان يمتزج بها كذلك الزهد في العالم الحاضر وكل ما فيه. بل سادت أيضًا حركة من البتولية التي قال فيها القديس بولس الرسول: «فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ» (1كو7: 32)، يقصد أنه -والاستشهاد قادم بسبب أعداء الإيمان- لا يكون للإنسان وقت ذلك في هَمٍّ من جهة أسرته وأولاده وبيته.ومما شجَع أولئك القديسين على الرغبة في الموت، نعمة كبيرة كانت تحيط بهم وتقوّيهم وتعطيهم قدرة على الاحتمال. وتعطيهم شجاعة كبيرة في التقدم إلى الاستشهاد. كذلك ما حدث من معجزات كثيرة تقوّي الإيمان.والكنيسة في تلك الأيام أعدت أولادها للاستشهاد بما عمّقته في قلوبهم من محبة الإيمان ومن شهوة الحياة الأخرى. وكذلك اهتمت الكنيسة برعاية أسر الشهداء حتى لا يحاربهم القلق من هذه الناحية.إننا نذكر من بين الشهداء لونجينوس القائد الذي طعن المسيح بالحربة، وآمن واُستُشهد. ونذكر أيضًا أريانوس والي أنصنا الذي كان من أقسى الولاة وآمن واستشهد.
مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
المزيد
10 سبتمبر 2021
الملك الألفي (2)
ونحن نصلي دائمًا: «لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ» (مت٦: ١٠) أي ليملك المسيح على قلوب البشر.- هذا الملكوت المُسترَّد من إبليس، دُفِع فيه ثمن عظيم: «لِأَنَّكُمْ قَدِ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا ٱللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ ٱلَّتِي هِيَ للهِ» (١كو٦: ٢٠)؛ «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ ٱفْتُدِيتُمْ لَا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى ، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ ٱلْبَاطِلَةِ ٱلَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ ٱلْآبَاءِ ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلَا عَيْبٍ وَلَا دَنَسٍ، دَمِ ٱلْمَسِيحِ» (١بط١: ١٨-٢٠)؛ «فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ ٱلْمَسِيحُ لِأَجْلِنَا بِٱلْجَسَدِ.... لِكَيْ لَا يَعِيشَ أَيْضًا ٱلزَّمَانَ ٱلْبَاقِيَ فِي ٱلْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ ٱلنَّاسِ ، بَلْ لِإِرَادَةِ اللهِ» (١بط٤: ١-٢)؛ «لِأَنَّ مَحَبَّةَ ٱلْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هَذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لِأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ، فَٱلْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لِأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ ٱلْأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لَا لِأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لِأَجْلِهِمْ وَقَامَ» (٢كو٥: ١٤-١٥).- لقد صرنا له، نحن مملكته، نعيش له ولإرادته.طبعًا لا يمكن أن نظن أن الثمن العظيم قد دُفِع للشيطان، فهو مُغتصِب، وليس له حقوق، بل الثمن هو "الموت" الذي ماته السيد المسيح نيابةً عنا.- ونتيجة هذا الموت تم القبض على الشيطان وتقييده لمدة ألف سنة (رقم رمزي يدل على الأبدية كما سيرد بعد قليل).«وَرَأَيْتُ مَلَاكًا نَازِلًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ ٱلْهَاوِيَةِ ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى ٱلتِّنِّينِ ، ٱلْحَيَّةِ ٱلْقَدِيمَةِ، ٱلَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَٱلشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَطَرَحَهُ فِي ٱلْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لَا يُضِلَّ ٱلْأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ ، حَتَّى تَتِمَّ ٱلْأَلْفُ ٱلسَّنَةِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ لَابُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا» (رؤ٢٠: ١-٣).- هذه الألف سنة لا يمكن فهمهما أنها سنوات يملك فيها السيد المسيح على الأرض، لأنه سبق وأعلن أن: «"مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هَذَا ٱلْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لَا أُسَلَّمَ إِلَى ٱلْيَهُودِ. وَلَكِنِ ٱلْآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا". فَقَالَ لَهُ بِيلَاطُسُ: "أَفَأَنْتَ إِذًا مَلِكٌ؟". أَجَابَ يَسُوعُ: "أَنْتَ تَقُولُ: إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي"» (يو١٨: ٣٦-٣٧).وقد رفض السيد المسيح رغبة اليهود في أن يجعلوه ملكًا «وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، ٱنْصَرَفَ أَيْضًا إِلَى ٱلْجَبَلِ وَحْدَهُ» (يو٦: ١٥).بل بالعكس، تكلم عن ملكوت سمائي عند الآب، يجهزه لنا: «فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلَّا فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لِأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا ، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يو١٤: ٢-٣).خاصة وأن «لَيْسَ مَلَكُوتُ ٱللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلَامٌ وَفَرَحٌ فِي ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (رو١٤: ١٧).يقول القديس أغسطينوس في رده على أناس اعتقدوا أن ملكوت المسيح أرضي: "لن يكون هناك مجيء للمسيح قبل ظهوره للدينونة؛ لأن مجيئه حاصل بالفعل الآن في الكنيسة، وفي أعضائنا. أما القيامة الأولى فهي مجازية تشير إلى التغيير الذي يحدث في حالة الناس عندما يموتون في الخطية، ويقومون لحياة جديدة. فالحكم الألفي للمسيح على الأرض قد بدأ بيسوع نفسه في الكنيسة، والقديسيون يحكمون فيها." - ورقم (ألف) هو رقم رمزي، لا يمكن أن يُفهم بطريقة حرفية «أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ ٱلرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ» (٢بط٣: ٨)، خاصة وأن ملكوت السيد المسيح ملكوت أبدي، فكيف نحدُه في ألف سنة؟ «فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ ٱلشُّعُوبِ وَٱلْأُمَمِ وَٱلْأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لَا يَنْقَرِضُ» (دا٧: ١٤)؛ «وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (لو١: ٣٣).+ إذًا المُلك الألفي هو ما نعيشه الآن منذ الصليب، وحتى المجيء الثاني.«سَأَلَهُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ: "مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ ٱللهِ؟". أَجَابَهُمْ وَقَالَ: "لَا يَأْتِي مَلَكُوتُ ٱللهِ بِمُرَاقَبَةٍ ، وَلَا يَقُولُونَ: هُوَذَا هَهُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لِأَنْ هَا مَلَكُوتُ ٱللهِ دَاخِلَكُمْ"» (لو١٧: ٢٠-٢١).
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
09 سبتمبر 2021
الملك الألفي (1)
يؤمن بعض المسيحيين، أن السيد المسيح سيجيء على الأرض، ويملك ملكًا زمانيًا، لمدة ألف سنة! ويفسّرون أحداث المجـــــــــــيء الثاني بطريقة معقدة جدًا، يمكن تلخيصها -بحسب رأيهم- في:١- يأتــــــــــي المسيــــــــــــــح ســــــــــــــرًا ليخطف المؤمنين. ٢- يأتي ضد المسيح، تحدث الضيقة العظيمة.٣- يؤمــــــــــــــن بعــــــــــــــض اليهود بالمسيح، أثناء الضيقة العظيمة.٤- يجتمع الأشرار لعمل حرب ضد اليهود الذين آمنوا.٥- يأتي الرب يســـــــــوع ليدمر الأشرار، وينقذ اليهود، ويملك على الأرض لمدة ألف سنة. ٦- حلّ الشيطان من قيـــــــوده، والارتداد العظيم، ويصنـــــــــــع الأمم حربًا مع المسيح؛ فيغلب المسيح الشيطان ويطرحه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.٧- المجيء الأخير للدينونة.+ ونحــــــــــــــــــــــن - الكنيســــــــــــــــــــــة الأرثوذكسية- لا نؤمن بكل هذا التعقيدات، فأحداث مجيء المسيح، والاختطاف، والدينونة العامة، كلها ستحدث في لحظة واحدة، يسبقها كل أحداث ماقبل المجيء الثاني، كما سيتبين في هذا البحث. ونؤمن أن مُلك السيد المسيح (الألفي) على البشر بدأ من يوم الصليب. ولكي ندرك هذه الحقيقة الإيمانية، علينا أن نتتبع القصة من الأول بتدقيق.١- بسبب خطية آدم، سقط الانسان تحت سلطان الشيطان، والموت، والفساد. «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ ، وَهَكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ... لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ بِٱلْوَاحِدِ، فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا ٱلَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ ٱلنِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ ٱلْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي ٱلْحَيَاةِ بِٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ!» (رو٥:12 و١٧).٢- بسبب خضوع الإنسان له، صار الشيطان رئيسًا لهذا العالم وإلهًا لهذا الدهر، ليس عن استحقاق، لكن عن اغتصاب لحق ليس من حقوقه. «ٱلَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا ٱلدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ، لِئَلَّا تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ ٱلْمَسِيحِ ، ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللهِ» (٢كو٤:٤)؛ «اَلْآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا ٱلْعَالَمِ. اَلْآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا ٱلْعَالَمِ خَارِجًا» (يو١٢:٣١)؛ «لَا أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لِأَنَّ رَئِيسَ هَذَا ٱلْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ» (يو١٤:٣٠)؛ «وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلِأَنَّ رَئِيسَ هَذَا ٱلْعَالَمِ قَدْ دِينَ» (يو١٦:١١). وصار سلطان الشيطان، ليس على البشر فقط، بل وأيضًا على الخليقة كلها. بسبب أن الإنسان هو سيد ورئيس خليقة الله «إِذْ أُخْضِعَتِ ٱلْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ -لَيْسَ طَوْعًا، بَلْ مِنْ أَجْلِ ٱلَّذِي أَخْضَعَهَا- عَلَى ٱلرَّجَاءِ» (رو٨:٢٠).٣- جــــــــاء السيد المسيـــــــح؛ ليحررنا من سلطان الشيطان - فـ: «أسلم ذاته -فداءً عنا- إلى الموت الذي تملّك علينا، هذا الذي كنا مُمسَكين به، مَبيعين من قبل خطايانا» (القـــــــــــــداس الباسيلـــــــــي). ووسيلة هذا التحرير هي الصليب، الذي به اُستُرِدت مملكة الله من الغاصب الظالم «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلْأَوْلَادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ فِيهِمَا ، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ ٱلَّذِينَ -خَوْفًا مِنَ ٱلْمَوْتِ- كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ ٱلْعُبُودِيَّةِ» (عب٢:١٤-١٥).- سقط الشيطان، وفقد سلطانه على البشــــــــــــر والخليقــــــــــــــــة «رَأَيْتُ ٱلشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ ٱلْبَـــــــــرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ» (لو١٠:١٨)، وهزم المسيح الشيطان، وأشهره جهارًا «وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي ٱلْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ ٱلْخَطَايَا ، إِذْ مَحَا ٱلصَّكَّ ٱلَّذِي عَلَيْنَا فِي ٱلْفَرَائِضِ، ٱلَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ ٱلْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِٱلصَّلِيبِ، إِذْ جَرَّدَ ٱلرِّيَاسَاتِ وَٱلسَّلَاطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ» (كو٢:١٣-١٥).- وصار المسيح ملكًا صالحًا، يملك علـــــــى قلــــــــــوب من يقبلونـــــــه «ٱلـــــــــرَّبُّ قَـــــــــــــدْ مَلَكَ. أَيْضًا تَثَبَّتَتِ ٱلْمَسْكُونَةُ فَلَا تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ ٱلشُّعُوبَ بِٱلِٱسْتِقَامَـــــــــــةِ» (مز٩٦:١٠)؛ «مَلَكَ الربُّ على خشبة» (النص القبطي من السبعينية).
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
08 سبتمبر 2021
علامات نهاية الزمان
كما سمعتم الأنجيل ..أنجيل معلمنا مارمرقس وهو يتكلم عن علامات نهاية الزمان ويعطينا تقرير كامل عن ما سيكون في نهاية الزمان وفصل الأنجيل النهارده يستحق القراءة في كل يوم لأجل ان ينتبه الإنسان وآخر كلمة في هذا الفصل تقول “إسهروا ” يعني خدوا بالكوا …أريد أن أتأمل معكم في 3 آيات وردت في العهد الجديد ولها سمة مرتبطة ببعضها البعض
من السمات الجميلة أن بعض الآيات الكتاب المقدس التي علمها لنا الرب يسوع أن نصف الآية الأول هنا على الأرض والنصف الاخر يكتمل في السماء يعني الآيه تربط بين السماء والأرض نصها الأول يتحقق على الأرض تجدد النصف الثاني يكنمل في السماء
إخترت لكم ثلاثة آيات – طبعا الكتاب المقدس به العديد من الآيات من هذا القبيل لكني إخترت لك ثلاثة آيات من الممكن ان يرسموا طريق روحي لك
1) أول آية التي قالها السيد المسيح في العظة على الجبل “طوبى للمساكين بالروح لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات”
2) والآية الثانية يقولها في مسيرة حياة الأنسان “لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم فد سر أن يعطيكم الملكوت”
3) والآية الثالثة في سفر الرؤيا آخر أسفار الكتاب المقدس يقول : “كن أمينا للموت فسأعطيك إكليل الحياة”
تعالوا نعمل رحلة سريعة ونربط بين الثلاث آيات في حياتنا الروحية:
الآية الأولى : طوبى للمساكين بالروح وهذه هي بداية الطريق المساكين بالروح هم أصحاب الأتضاع. والإتضاع كما علمنا الآباء هو الأرض التي تحمل كل الأثمار. وإتضاع الأنسان هو الذي يحرسه ويحرس حياته الروحية. تصور إنسان بلغ في القداسة علو كبير وبلغ في النقاوة …لكن بلا إتضاع يضيع هذا كله. من اجل هذا عندما فال السيد المسيح تعلموا مني ..نتعلم ماذا وماذا منك يا رب ؟ كل ما هو جميل لديك. يقول تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب … أي أن هذه هي النقطة الأساسية ..لماذا؟ لأنها بداية الأنسان والتي تحرس الفضيلة فيه. عندما تكون متضعا هذا الأتضاع يحرس النعم التي يعطيها الله لك. ولماذا يعطينا الله نعم؟ ليختبرنا هل عندما تأخذ هذه النعمة تتكبر أم أنها تزيدك إتضاعا. من التقاليد الموجودة في إديرتنا بمصر إن باب القلاية يجب ان يكون منخفض فعندما يدخل الراهب يجب أن ينحني لكي يتذكر الراهب في دخوله وخروجه الأتضاع. وعندما ينحني ينظر للتراب قديما لم يكن هناك بلاط أو موكيت …كان تراب ورمل فيتذكر أنه من التراب أخذ والى التراب يعود. طالما الانسان بيفكر هكذا ويعرف حياته جيدا …يبقي ماشي في مسيرة الحياة بطريقة ترضي الرب يسوع المسيح. تعالوا ننظر الى حياة سليمان الحكيم والنبي أعطاه الله أمور كثيرة في حياته كل النعم أعطاه له لكن في الحقيقة كثرة النعم جعلته ينحرف بقلبه وعندما أبتدأ أن يتيقظ كتب سفر الجامعة وبه قال باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس. إتضاعك يعطي معنى لحياتك وجميل جدا التعبير الذي يستخدمه السيد المسيح “طوبي للمساكين بالروح” روحك بها مسكنة ونحن نصلي في مزمور التوبة “القلب المنكسر لا يرذله الله” من أجل هذا من طقوس الصلوات التي نستخدمها هو طقس المطانية. فهي عبارة أن الأنسان يقف ويتلو صلاة صغيرة ياربي يسوع المسيح ثم يسجد الى الأرض. …كانه يعترف أمام الله أن خطيته أنزلته للأرض ويكمل صلاة توبته أرحمني أنا الخاطئ فهي صلاة توبة
أول مبدأ تضعه أمامك أنت تخطط للسنة الجديدة “طوبى للمساكين بالروح”…اللي يعيش بالأتضاع له نصيب في السماء اللي يبعد عن الأتضاع يروح نصيبه اللي في السما….هذه نمره واحد…البداية
الآية الثانية: مسيرة حياة الانسان بها أشياء تجعله يخاف…متاعب تقابل الأنسان وبها الشيطان الذي يحارب والعالم الذي يغري والذات التي توقع الأنسان في فخاخ عديدة …يقول له المسيح لا تخف أيها القطيع الصغير …كن دائما واثق من يعطيك هذا الوعد هو شخص المسيح نفسه. ويعطيه لك بصفة فردية حتى لو كنت قليل أو صغير أو لوحدك …لماذا؟ لأن لك أب يسر أن يعطيك الملكوت. طالما تسير في إتضاع في حياتك ستجد نصيبك السماوي في إنتظارك.
نحن نصلي الصلاة الربانية “ليأتي ملكوتك” كلنا مشتاقين لهذا الملكوت يا رب. أحيانا الأنسان في حياته الروحية يخاف. خوف من امور كثيرة من المستقبل من المرض من مشاكل في الإمتحان كيفما يكون لكن وجود رفقة المسيح ينزع كل خوف. بعد القيامة كان التلاميذ خائفين جدا وكانوا في العليقة مقفلين الأبواب والشبابيك …لا يعلموا ما هذا الذي حدث؟ فظهر لهم المسيح فخوفهم العظيم كما إشار إنجيل معلمنا مار يوحنا وفرح التلاميذ إذ رأوا الرب. في العهد القديم جاء ثلاثة فتية رغم أنهم كانوا في السبي …كانوا يعبدوا الله الواحد ولا يعبدوا الملك الوثن التمثال الذهب. فعندما سألهم نبوخذ نصر عن سبب عدم عبادتهم للتمثال الذهب ..فقالوا لنا آلهنا الذي نعبده. من هو هذا الآله ..لا يوجد من هو أعظم مني ومن التمثال المرتفع هذا سأربطكم وأضعكم في الأتون. فنظروا له وقالوا له بكل ثقة يا نبوخذ نصر لا يهمنا ان نجيبك يوجد ألهنا الذي يجيبك. نحن لا نعلم ماذا سيفعل لكن واثقين في آلهنا وفيما سيصنعه . النتيجة إلقاء الفتية في الأتون الذي تم تحميته سبعة مرات وينتظرهم ليجد أن الخيوط والحبال تتقطع ..ثيابهم تبقى ..أجسادهم تبقى..والأكثر جمالا أن يكون الرابع الشبيه بإبن الآلهة يرافقهم في الأتون فيصير ندى بارد …عبارات كثيرة تكررت في الكتاب “انا هو لا تخافوا” طالما المسيح موجود لا تخافوا.
الآية الثالثة:” كن أمينا الى موت وسأعطيك أكليل الحياة” كل البشر عندما يقفوا أمام المسيح ….ما هو المقياس الذي يقيس به حياتهم؟ طبعا المقياس هو مقياس الأمانة…عشان كده يقول “كن أمينا الى الموت” أنتبه لكلمة “كن”
• كن أنت أو أنتي أو أنا تنفع لكل واحد فينا
• كن بحسب شخصك أنت كبير أنت صغير أنت في أول عمرك أنت في عمرك المتقدم ، أنت عالي التعليم عالي الثقافة أو محدود التغليم او الثقافة
• في هذه البلد أو في آخري …كن بها إستمرارية إلزام وخصوصية لك ….المهم أن تكون أمينا الى الموت
هذا المعيار معيار للأنسان في حياته -أنت راهب أنت مسئول في عمل ما أنا اب وأم في البيت نربي أولادنا أنا خادم ….لازم اكون أمين الى الموت
كن أمين الى الموت يعني كن أمين مدى الحياة يعني أمين وأنت شاب وانت كبير في أوقات حياتك ….العملية لا يوجد بها إختيار متى أكون أمين ومتى لا …ما يناسب تعليم المسيح ان الإنسان يكون أمين الى نهاية الحياة
ثم ماذا بعد ….سأعطيك إكليل الحياة …مرة يقول لنا “طوبي للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات” وآخرى “لا تخف لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت” وهذه المره يقول لنا “كن أمينا الى الموت وسأعطيك إكليل الحياة” …الجائزة تفوز بالنصيب السماوي
من أجل هذا ونحن في مسيرة هذه الحياة ونحن في نهاية عام قبطي وإستعداد لبداية عام جديد ضع هذه المبادئ الثلاثة أمامك:
1. طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات
2. لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت.
3. كن امينا للموت فسأعطيك أكليل الحياة.
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
07 سبتمبر 2021
حقيقة المجيء الثاني
نؤمن أن الرب يسوع سوف يأتي ثانية؛ ليدين العالم، ويعطي كل واحد حسب أعماله. وهذا الايمان هو حقيقة مؤكدة. قال الملاك لآبائنا الرسل عند صعود السيد المسيح إلى السماء: «إِنَّ يَسُوعَ هَذَا ٱلَّذِي ٱرْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى ٱلسَّمَاءِ» (أع١: ١١). ويؤكد الكتاب المقدس في أكثر من موضع، على هذا المجيء الحتمي: «لِأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِٱلتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ كَلِصٍّ فِي ٱللَّيْلِ هَكَذَا يَجِيءُ» (١تس٥: ٢).وسبب هذا المجئ هو المحاسبة: «إِذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ ٱللهِ أَنَّ ٱلَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا ، وَإِيَّاكُمُ ٱلَّذِينَ تَتَضَايَقُونَ رَاحَةً مَعَنَا ، عِنْدَ ٱسْتِعْلَانِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَعَ مَلَائِكَةِ قُوَّتِهِ ، فِي نَارِ لَهِيبٍ ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ ٱللهَ ، وَٱلَّذِينَ لَا يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ، ٱلَّذِينَ سَيُعَاقَبُونَ بِهَلَاكٍ أَبَدِيٍّ مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ وَمِنْ مَجْدِ قُوَّتِهِ ، مَتَى جَاءَ لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ وَيُتَعَجَّبَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.» (٢تس١: ٦-١٠)وعلى قدر تأكدنا من حقيقة المجئ الثاني، على قدر عدم معرفتنا موعده: + «وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ وَتِلْكَ ٱلسَّاعَةُ فَلَا يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلَا مَلَائِكَةُ ٱلسَّمَاوَاتِ، إِلَّا أَبِي وَحْدَهُ» (مت٢٤: ٣٦). + «فَقَالَ لَهُمْ: لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلْأَزْمِنَةَ وَٱلْأَوْقَاتَ ٱلَّتِي جَعَلَهَا ٱلْآبُ فِي سُلْطَانِهِ» (أع١: ٧).+ «اِسْهَرُوا إِذًا لِأَنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. وَٱعْلَمُوا هَذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ ٱلْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي ٱلسَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ» (مت٢٤: ٤٢-٤٤).+ «وَأَمَّا ٱلْأَزْمِنَةُ وَٱلْأَوْقَاتُ فَلَا حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا ، لِأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِٱلتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ ٱلرَّبِّ كَلِصٍّ فِي ٱللَّيْلِ هَكَذَا يَجِيءُ. لِأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: «سَلَامٌ وَأَمَانٌ»، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلَاكٌ بَغْتَةً ، كَٱلْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى ، فَلَا يَنْجُونَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ كَلِصٍّ. جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْلٍ وَلَا ظُلْمَةٍ» (١تس٥: ١-٥).+ «وَلَكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي ٱللَّيْلِ، يَوْمُ ٱلرَّبِّ ، ٱلَّذِي فِيهِ تَزُولُ ٱلسَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ ، وَتَنْحَلُّ ٱلْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ ٱلْأَرْضُ وَٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلَّتِي فِيهَا» (٢بط٣: ١٠).ويرتبط إيماننا بالمجئ الثاني، بحقيقة معرفتنا بقيامة الأموات، وحياة الدهر الآتي.ويخلط بعض الناس بين الحياة الأبدية، والملك الألفي للسيد المسيح.فهل الملك الألفي للمسيح -كما ورد في الأسفار المقدسة- هو ملك زمني أرضي؟ وهل هو سابق أم لاحق للمجيء الثاني؟اختلف المفسرون في تحديده، بسبب غموض النبوات، ورمزية الكتابة في سفر الرؤيا، الذي أخبرنا عن هذا الملك الألفي. وبالرغم من هذا الاختلاف التفسيري، لكن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، مشتركة مع كنائس أخرى تقليدية، تؤمن بحقيقة واحدة، سنشرحها في المقال المقبل...
نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
06 سبتمبر 2021
آباء العصور الوسطى
لا يختلف بقية آباء العصور التالية كثيرا عما سبق يقول سويرس (حوالي 363 –420)، أن معلمه القديس مارتن أسقف تورز أعتقد أن ضد المسيح كان قد ولد فعلا وأنه صبي يستعد لنوال القوة في السن المناسبة. وقال نارساى السرياني (399- 503 م)، أن ضد المسيح هو إنسان يلبسه الشيطان تماما، فيصنع عجائب باهرة، ويؤسس سلاما غاشا، ويطلب أن يعبد. وأن إيليا سيعود إلي العالم لكي يقاوم ضد المسيح باسم البشرية المؤمنة، وسيغلبه في معركة واحدة حاسمة، بالروح القدس، متسلحا بالكلمة وفي نهاية المعركة يظهر السيد المسيح نفسه ويتوج نصرة إيليا بسحق ضد المسيح في الجسد والنفس. وقال اكيومينس (في بداية القرن السادس) أن ضد المسيح سيأتي إنسانا يلبسه شيطان ويصير ملكا علي اليهود ويقبل إيليا وأخنوخ النبيين اللذين يظهران في أواخر الدهور. وقال رومانس (القرن السادس أيضا) أن ضد المسيح هو الشيطان متجسدا، فهو يقاوم مؤمني المسيح بقوة. كما أنه يصنع معجزات ويقيم موتي، ويبذل كل جهده لكي يقود الأبرار إلي حجال عرسه. وأنه سيلقي في النار الأبدية، هو وملائكته وكل الأشرار. وقال أندروس مطران قيصرية أن ضد المسيح يأتي من سبط دان، من باشان في منطقة الفرات. ويظهر كشخص إلهي ويقيم نفسه إمبراطورا رومانيا، ويعيد تأسيس الإمبراطورية الرومانية، لكنه لا يجعل عاصمتها روما بل يقيمها مملكة أرضية عامة، هي " جسد الذين يقاومون كلمة الله في كل الأزمنة والأماكن "أما الأب يوحنا الدمشقي (حوالي 650- 750 م) فقال " أن ضد المسيح سيكون إنسانا عاديا قابلا للموت، مولودا من زنا، تلبسه قوة شيطانية، وسيقبله اليهود بحماس. سيضطهد الكنيسة ويخدع كثيرين بعلامات وعجائب كاذبة. عندما يأتي السيد المسيح علي السحاب كما صعد في مجد ويهلك الإنسان غير الشرعي (ضد المسيح) 000 ينبغي أن تعلم أن المسيح الدجال لا محالة آت وأنه لمسيح دجال كل من لا يعترف أن ابن الله قد أتي بالجسد وأنه إله كامل وأنه قد صار إنسانا كاملا بعد أن كان إلها. ومع ذلك فبالمعني الخاص والحصري فإنهم يدعون المسيح الدجال ذاك الذي سوف يأتي في منتهى الدهر. ومن ثم ينبغي أن يكرز أولا بالإنجيل في جميع الأمم (مت 24: 14)، كما قال الرب، ثم يأتي الدجال ليحاج اليهود مقاومي الله، فقد قال الرب لهؤلاء: " أنا أتيت باسم أبي فلم تقبلوني، ويأتيك آخر باسم نفسه فذاك تقبلون " (يو 5: 43). وقال الرسول أيضا: " لذلك يرسل الله إليهم عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب، ويدان جميع الذين لم يؤمنوا بالحق بل ارتضوا بالإثم " (2 تس 2: 10- 12). " فاليهود إذا لم يقبلوا الرب يسوع المسيح، علي أنه ابن الله والله، ويقبلون الغاش المدعي بأنه الله. وقد سمي نفسه الله لان الملاك الملقن لدانيال يقول هكذا: " لا يعبأ بآلهة آبائه " (دا 11: 37). ويقول الرسول " لا يخدعنكم أحد بوجه من الوجوه، لأنه لابد أن يسبق الارتداد أولا، ويظهر إنسان الخطيئة ابن الهلاك المعاند المترفع فوق كل من يدعي إلها أو معبودا حتى إنه يجلس في هيكل الله ويري من نفسه أنه هو الله " (2 تس 2: 3 – 4). هو يقول " في هيكل الله " - لا هيكلنا - بل الهيكل القديم اليهودي، لأنه لا يأتي إلينا بل إلي اليهود. ليس لأجل المسيح، بل ضد الذين هم للمسيح. لذلك يدعي المسيح الدجال "." وعليه ينبغي أن يكرز بالإنجيل في جميع الأمم، " وحينئذ يظهر الذي لا شريعة له ويكون مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبالعلامات والعجائب الكاذبة، وبكل خديعة وظلم في الهالكين، فيهلكه الرب يسوع بنفس فمه ويبطله بمجيئه " (2 تي 2: 8 – 10). وعليه فإنه ليس هو الشيطان الذي يصير إنسانا علي مثال تأنس الرب، حاشا! بل هو إنسان يولد من زني، ويتسلم كل عمل الشيطان. وقد سبق الله وعلم شناعة اختياره فترك للشيطان أن يسكن فيه ".
" إذا قلنا إنه سيولد من زني ويتربي في الخفية ويثور فجأة ويستولي ويملك. وفي أوائل تملكه أو بالأحرى تجبره يتظاهر بالعدل. وعندما تكون قد اتسعت سلطته يضطهد كنيسة الله ويظهر كل شره. " ويكون مجيئه بالعلامات والعجائب الكاذبة " (2تس 2: 9) المضلة وغير الصادقة. ويخدع من كان أساس ذهنهم فاسدا وضعيفا ويبعدهم عن الله الحي " ويضل المختارين لو أمكن " (مت 24: 24)." وسيرسل الله أخنوخ وإيليا التشبي فيعيدان قلوب الأباء إلي الأبناء، أي شيوخ المجمع إلي ربنا يسوع المسيح وإلي كرازة الرسل. ولكنه سيقتلهما. ثم يأتي الرب من السماء كما كان شاهده الرسل القديسون صاعدا إلي السماء، إلها كاملا وإنسانا كاملا، بمجد وقوة، فيهلك بنفس فمه الإنسان الزائغ عن الشريعة وابن الهلاك.فلا يتوقعن أحد إذا مجيء الرب من الأرض بل من السماء، علي ما أكده لنا هو نفسه ".
4 - أضداد كثيرون للمسيح عبر التاريخ القديم والمعاصر
وكما تحدث السيد المسيح عن ضد المسيح، المسيح الكذاب، أو المسيح الدجال، الذي وصفه "بالآخر " والذي وصفه القديس بولس ب " ابن الخطية، الأثيم، ابن الهلاك " تحدث أيضا عن أنبياء كذبة ومسحاء كذبة وقال " انه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا " (مت24: 24)، تحث القديس يوحنا عن " أضداد للمسيح كثيرون " ؛ " أيها الأولاد هي الساعة الأخيرة وكما سمعتم أن ضد المسيح يأتي قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون من هنا نعلم أنها الساعة الأخيرة " (1يو 2: 18). وكما بينا أعلاه فمن أهم صفات أضداد المسيح ؛ إنكار لاهوت المسيح وتجسده ووحدانية الآب والابن، أي إنكار الثالوث المقدس وعمل الفداء. وهذا الفكر ينطبق على الكثيرين عبر التاريخ من أصحاب البدع والهرطقات وغيرهم، سواء في العصور القديمة أو الحديثة، من أمثال اريوس وشهود يهوه والمورمنس 00الخ كل الذين أنكروا لاهوت المسيح وعقيدة الثالوث والتجسد وعمل الفداء.وقد وُصف قادة اليهود بسبب موقفهم الرافض والمقاوم للمسيح والمسيحية بأنهم أضداد ليس للمسيح فقط بل ولكل الناس لأنهم وقفوا ضد طريق الخلاص " الذين قتلوا الرب يسوع وأنبياءهم واضطهدونا نحن وهم غير مرضين لله وأضداد لجميع الناس (1تس2: 15). كما وُصف عدد كبير من القادة وغيرهم عبر التاريخ القديم والحديث بلقب " ضد المسيح " بسبب مواقفهم المختلفة والمقاومة سواء من جهة العقيدة المسيحية أو بسبب نظريات تفسيرية معينة. وفيما يلي ملخص لأهم هؤلاء من خلال ما سجله لنا تاريخ الكنيسة المسيحية القديم والحديث، وما سجلته الكتب وغيرها من وسائل المعرفة:
(1) ضد المسيح والإمبراطورية الرومانية ؛ تحدث القديس يوحنا بالروح،كما بينا أعلاه، عن أضداد كثيرين للمسيح وكل واحد منهم هو نموذج ورمز وصوره ضد المسيح الآتي في نهاية العالم. وقد تحقق إعلان الوحي على مر التاريخ في انتيوخس ابيفانس مجسم ونموذج ضد المسيح في القديم، وتصور بعض الآباء أنه سيمون الساحر. وكانت الإمبراطورية الرومانية في نظر المسيحيين في القرون الأولى هي ضد المسيح وأباطرتها هم أضداد للمسيح والمسيحية الرومان من كاليجولا إلى نيرون إلى دقلديانوس.. الخ. والذين كانوا اشد قسوة واكثر هولا على المسيحيين والمسيحية وحاولوا استئصال المسيحية من جذورها. ففي سنة 40م أصدر جايوس قيصر المعروف بكاليجولا أمرا بوضع تمثاله في الهيكل في أورشليم، وأرسل كتيبتين من جنوده لتنفيذ هذا الأمر بالقوة وهنا تصور المسيحيون واليهود أن نبوة المسيح عن رجسة الخراب (مت15: 24،16) قد تحققت. ولكن كاليجولا مات فجأة ولم ينفذ أمره! وفى سنة 64م أضطهد نيرون المسيحيين بشدة وأتهمهم بحريق روما، ومنذ ذلك التاريخ أعتبر الكثيرون من الآباء أن نيرون هو ضد المسيح. وقد أستمر ذلك حتى بعد موته! وظهرت نظرية تقول أنه سيقوم من الموت ويكون هو ضد المسيح! وأعتقد كل من لاكتانيوس (240 -320م) وجيروم (340 -420م) واغسطينوس 354 -430م)، أن ضد المسيح هو نيرون القائم من الموت والعائد إلى الحياة! ولما حاول الإمبراطور شارلمان (742 - 814 م) إعادة إحياء الإمبراطورية الرومانية ثانية رأوا فيه ضد المسيح المذكور في نبوات سفر دانيال وسفر الرؤيا. وعندما غزا نابليون بونابرت (1769 - 1821م) أوربا وحاول توحيدها رأوا فيه نفس ما رأوه في شارلمان، ونفس الشيء حدث مع القيصر ولهيم Wilhem، وكذلك وصف كل من هتلر (1889 - 1945م) في ألمانيا، وموسيلينى (1899 - 1955م) في إيطاليا بسبب محاولاتهم أحياء الإمبراطورية الرومانية. ونفس الشيء أيضا يقال عن السوق الأوربية المشتركة والتي ينظرون إليها باعتبارها الإمبراطورية الرومانية العائدة إلى الحياة!! وما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يمهد لمجيء الوحش أحد أعضاء ما يسمى بالثالوث الشيطاني الذي سيحكم العالم ضد حكم المسيح، وكذلك الكومبيوتر العملاق الذى يوجد في المقر الرئيسي في بروكسل ببلجيكا والذي يقال أنه يضم معلومات عن كل شخص على وجه الأرض ويدار بواسطة ثلاث مجموعات مكونة من ست (6) وحدات رقمية!!
(2) ولما ظهرت حركة الإصلاح البروتستانتية قالوا أن بابا روما هو ضد المسيح، وقال مارتن لوثر (1483- 1546م) أن النظام البابوي، كل بابوات روما، هو ضد المسيح، وكانوا يصفون ضد المسيح بشخص مثل البابا. وما تزال هذه النظرة عند بعض البروتستانت إلى بابا روما حتى اليوم!! بل ويصفون البابوية بأنها بابل الزانية التى اضطهدت القديسين!! وبنفس الطريقة وصف الكاثوليك مارتن لوثر بأنه ضد المسيح!! ويقول أحد الكتاب من الكنيسة الإنجيلية المشيخية " من يضطهد من؟ حقيقة أن الكاثوليكية الرومانية متهمة باضطهاد الكثيرين. ولكن هذا الاتهام لا ينطبق علي الكاثوليكية فقط، بل أيضا علي البروتستانت. فإذا كانت الكاثوليكية قد اضطهدت البروتستانت، فهناك اضطهادات كثيرة ارتكبها البروتستانت ضد الكاثوليك - بل هناك الملايين من الجنود من كلا الطرفين قتلوا في حرب الثلاثين عاما من 1618 - 1648 - بجانب اضطهاد الكنيستين لأصحاب مذهب أل Anabaptists (الذين ينادون بقصر المعمودية علي الكبار دون الأطفال) والهراطقة ".وعندما حدثت الثورة الفرنسية وحاول رجالها بإيحاء من مفكرين من أمثال فولتير القضاء على المسيحية سواء الكاثوليكية أو البروتستانتية، وحولوا كاتدرائية نوتردام إلى معبد لعبادة العقل، نظر إليهم المؤمنين على أنهم ضد المسيح، وقالوا أن ضد المسيح أظهر نفسه.
(3) كما وصف بعض رؤساء الدول من المعاصرين بأن كل منهم هو ضد المسيح لأسباب مختلفة ؛ فقد وصف ستالين في روسيا الشيوعية والذي قتل 30 مليون نسمة من شعبه بسبب اضطهاده للمسيحية والدين عموما، والديكتاتور الأسباني فرانشيسكو، وجون كيندى الذى كان أول رئيس كاثوليكي للولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تبعيته للكنيسة الرومانية، كما أن عدد الأصوات التى حصل عليها من المرشحين في الحزب الديموقراطي (666) صوتاً، وهنري كيسنجر بسبب أصله اليهودى وكونه أمريكي ونشاطه في مشكلة الشرق الأوسط وحسب اسمه الأخير هو (666)، والملك الأسباني خوان كارلوس بسبب نسبه وسبب دخول أسبانيا كالدولة العاشرة في السوق الأوربية المشتركة وقالوا أنه سيكون ملكا لأورشليم وحامى حمى الكاثوليكية، وآية الله الخومينى بسب موقفة من أمريكا، والرئيس الأمريكي رونالد ويلسون ريجان لأن كل اسم من أسمائه الثلاثة يتكون من ستة حروف Ronald Wilson Reagan كما أن رقم منزله في كاليفورنيا كان (666) علما بأنه رجل متدين وقد قام بتحويل رقم منزله إلى 668، والرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف أول رئيس روسي يؤيد حقوق الإنسان وبسبب تأييده للنظام العالمي الجديد ولأن اسمه في الروسية هو " جوجرا باتشيف " والحروف الثلاثة الأولى من اسمه هي " جوج " التى تقول النبوات أنه سيحارب إسرائيل، والرئيس العراقي صدام حسين الذى ينظرون إليه باعتباره الوحش في سفري دانيال والرؤيا ولأنه يحاول أحياء الإمبراطورية البابلية من جديد ويحاول إعادة بناء برج بابل، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لأنه وقع معاهدة السلام مع إسرائيل سنة 1993م، السلام الذى يقولون أنه السلام الزائف الذى سيستمر سبع سنوات، وكذلك العروسة، الدمية، الديناصور بارني لأنها تشبه الوحش Dragon الأرجواني في سفر الرؤيا!! وعدى أبن الرئيس صدام حسين لأنه أكثر شراسة من أبيه وهناك احتمال أن يكون الرئيس التالي له، والرئيس الأمريكي كلينتون والرئيس الفرنسي جاك شيراك والرئيس السوري حافظ الأسد الذى يمثل الملك السوري مضطهد اليهود أو ملك الشمال والملك حسين ملك الأردن، الراحل، لأنه الرئيس العربي الوحيد الذى له علاقات ودية مع إسرائيل!! والأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا بسبب أصله الروماني!!
وهناك شخصيات معاصرة أيضا كثيرة أعطيت لقب ضد المسيح بسبب أعمالها وما تدعيه لنفسها. وعلى سبيل المثال ؛ القس صان ميانج مونSun Myung Moon قائد الكنيسة الموحدة Unification Church ويدعى أنه المسيا ودخل السجن بسبب عدم دفعه للضرائب ويتبعه أكثر من 000, 30 شخص من الأمريكيين. وجورو مهيراجي Guru Mahereji رئيس إرسالية النور الإلهي Divine Light Mession والذي وعد بأن يعلن الله وأن يؤسس سلاما عالميا. ويطلقون عليه لقب المعلم الكامل وتضم جماعته 500 ألف أمريكي وأكثر من 8 مليون هندي. والساحر الأمريكي ديفيد كوبر David Cuper والذي يعمل أعمال سحرية مبهرة والذي أوحى للناس أنه أخفى تمثال الحرية لمدة 15 دقيقة في وجود وكالات الأنباء والصحافة والتليفزيون، كما أوحى أيضا أنه اخترق سور الصين العظيم بجسده إلي جانب الأخر.
وغير هؤلاء يوجد عدد كبير من المسحاء الكذبة في الوقت الحاضر والذي يصل عددهم إلى الآلاف فقد نشرت مجلة " أخبار الحوادث " بتاريخ 23/ 3/ 1995 ص 25 تحت عنوان: حرب شرسة جديدة تجتاح العالم " المسيخ الدجال " بالجملة " احترسوا إنها حرب جديدة تجتاح العالم، أبطالها بعض الدجالين والمتخلفين دينيا وعقليا أطلقوا علي أنفسهم الأنبياء الجدد أو المسيخ الدجال! وصل عدد هؤلاء الدجالين إلى 50 ألف مسيخ دجال من بينهم 500 في فرنسا! نوعية من البشر أصبحت تشكل خطورة بالغة علي عشرات الملايين من الأفراد.. تأثير خادع وضلال اشد وطأة من اغتيال الشخص نفسه ممارسات مجنونة تصل إلى حد الإغتصاب والانتحار الجماعي وأفعال إجرامية غريبة 000 هذا وقد اثبت القطاع العالمي للأبحاث والدراسات حول المسيح الذي يراقبه " رونالد ديكون " إن كل مدعي النبوة أو المسيخ الدجال يجب أن يتمتع بوجه قريب الشبه من وجه السيد المسيح ويجيد التحدث بطلاقة ومنطق وتسلسل منتظم، أيضا يجب أن يكون علي دراية بأصول الإنجيل، لا يبتسم كثيرا، ولا يأكل اللحوم وله مقدرة جنسية كبيرة تفوق كل العامة من البشر وأخيرا يأتي ببعض أعمال السحر أو ما يشابه ذلك مثل شفاء المرضى ".ومن هؤلاء " بيتر بولينو " الفرنسي الذي يعمل رجل مطافئ.فقد وقع له في عام 93 حادث مروع ادخله في غيبوبة لمدة 3 أسابيع قام من بعدها يدعي النبوة ويقول ان في استطاعته رؤية الطالع والمستقبل أطلق علي نفسه " مصلح العالم " وانه مندوب المسيح علي الأرض 000!!
ومن هؤلاء أيضا الأيسلندية " ميلاني نيلياك " المرأة التي بدأت نشاطها عام 1989 واستمرت فيه حتى القي القبض عليها في يونيو 1994 بعد أن تمكنت وبيدين من حديد أن تسيطر وتجند 21 ألف فتاة انتحر منهن 400 فتاة.
(4) وكان الفيلسوف الوثني بروفيرى عدوا شديدا للمسيحية وحاول اقتلاعها من جذورها في كتابه ضد المسيحيين "، وكذلك اليهود الذين صلبوا المسيح وقتلوا يعقوب ابن زبدى ورجموا استيفانوس. وفى العصور الحديثة رفضت العقلانية الوحي والنبوات وبالتالي الكتاب المقدس ككلمه الله، وكانت ضدا شديدا للمسيح والمسيحية. ورفضت الشيوعية على مدى 70 سنه وجود الله من الأساس واعتبرت الدين أفيون الشعوب وحرمت الكتاب المقدس وسجنت وأعدمت آلاف، بل وملايين من المؤمنين بالمسيح بسبب إيمانهم، والفت كتاب أسمته " سفر الإلحاد " يحارب ما جاء في الكتاب المقدس ويحارب وجود الله ذاته وكل الأديان التى تؤمن بالله، فكانت بذلك اشد ضد للمسيح في القرن العشرين.
(5) ضد المسيح أو الخطر القادم من المريخ!!
ومن أعجب ما كتب عن ضد المسيح هو ما تقوله كتابات الهيئة الأمريكية المعروفة ب UFOs ونقله عنها أحد الكتاب، هنا في مصر، من أن ضد المسيح ليس بشر ولن يولد من امرأة بل سيأتي من الفضاء الخارجي ومن كوكب آخر لأنه ببساطة يؤمن مثلهم أن ضد المسيح هو ملاك الشيطان، الشيطان نفسه الذي سيظهر في شكل إنسان، ويقول " نخلص مما تقدم بنتيجة قوامها أن الدجال لم يولد ولن يولد فالولادة أي التجسد من أعمال القدرة الإلهية وقد اقتضتها ضرورة إتمام عمل الفداء ولا ضرورة تقتضي الولادة للقيام بأعمال التضليل "!! ثم يقول مؤكدا " من المحقق أن المسيح الدجال هو الشيطان ذاته مستعلنا 000 ومن الكتب المقدسة نعلم أن الشيطان عند إستعلانه على الأرض كضد للمسيح سيتخذ من مدينة صور اللبنانية مقرا له للسيطرة على العالم كما سيتخذ من هيكل الله الذي في قلب البحار (أي في مدينة صور الأممية) مسكنا له، وسيجلس فيه في ترفع واستعلاء ليطهر نفسه أنه إله "!! ويقول أنه سيستعلن في هيئة جسمية منظورة ومرئية " منتحلا اسم المسيح وصفته وهيئته لخداع البشر لكي يدان جميع الذين لا يقبلون الحق بل سروا بالإثم "!! ثم يقول أنه سيأتي على طبق طائر، مركبة نارية سماوية لأنه يعتقد أن الأطباق الطائرة ما هي إلا مركبات كاروبيمية ملائكية " أننا ندق ناقوس الخطر، فالخطر قادم وضد المسيح على الأبواب وسوف تستيقظ الدنيا ذات يوم على نبأ هبوط طبق طائر أو مركبة نارية قرمزية في مدينة صور " الزانية المنسية " التي سوف يصير لها ملك على ملوك الأرض عندما يملك عليها ضد المسيح كما جاء بالأنبياء "!! بل ويرى أن السيد المسيح نفسه سيأتي في مجيئه الثاني على طبق طائر أيضا!! فيقول " والمحقق كتابيا أن مركبات الكروبيم هي بحسب طبيعتها مركبات سمائية طائرة، وعلى إحدى هذه المركبات سوف يأتى رب المجد في مجيئه الثاني على سحاب السماء "!! ثم يحدد مجيئه أو نزوله " في منتصف ليلة 14/15 مايو سنة 2010م!!
والسؤال الآن ؛ من هو ضد المسيح كما يتبين من الكتاب المقدس ومما قاله معظم أباء الكنيسة عبر كل القرون والعصور، وما قاله علماء الكتاب المقدس، في معظم الطوائف الأساسية؟
5 - ضد المسيح وإسرائيل
يجمع معظم أباء الكنيسة والدارسين والمفسرين في كل العصور على أن ضد المسيح هو إنسان، شخص يهودي، سيولد كإنسان عادى من رجل وامرأة ثم يدعى بعد ذلك أنه المسيح الحقيقي الذي ينتظره اليهود.فقد سبق الله ووعد، كما بينا سابقا، بأن نسل المرأة الذي هو نسل إبراهيم واسحق ويعقوب وداود، الذي هو المسيح سيأتي ليخلص العالم من خلال تجسده، مجيئه بالجسد من بنى إسرائيل " ومنهم المسيح بالجسد ". وقد أنتظر اليهود هذا المسيح القادم، الذي سيولد منهم لمئات السنين، وقد تركز فكرهم لا في خلاصهم من عقوبة الخطية والموت الأبدي، بل تركز في خلاصهم وجمعهم من الأمم وسيطرتهم على العالم وأن يجعلهم يعيشون في سلام وأمان! وفسروا جميع نبوات العهد القديم عن المسيح بصورة حرفية بحتة، كما فعل التدبيريون بعد ذلك (أنظر الفصل السادس)، ولما جاء السيد واشبع الجموع بخمسة خبزات وسمكتين آمنوا أنه هو الآتي " فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم، وأما يسوع فإذ علم انهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكا انصرف أيضا إلي الجبل وحده 000 ولما وجدوه في عبر البحر قالوا له يا معلم متى صرت هنا؟ أجابهم يسوع وقال الحق الحق أقول لكم انتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم. اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لان هذا الله الأب قد ختمه " (يو 14: 6،15،25-27). وقال أمام بيلاطس البنطى " مملكتي ليس من هذا العالم " (يو36: 18). ولما وجدوا أن دعوته لا تهتم بما يتمنون ويأملون قالوا "ماذا نصنع فان هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة أن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وامتنا " (يو47: 11،48). ومن ثم قرروا قتله!!
ولا يزال اليهود حتى اليوم ينتظرون مجيء المسيح الذي سيحقق لهم توقعاتهم وأحلامهم! فيملك عليهم كابن داود المنتظر ويجمعهم من كل الأمم ويعيد أورشليم إلى ما كانت عليه، بل ويجعلها عاصمة العالم الروحية، وفى الوقت الحالي يتوقعون قرب مجيئه، ويقول بعضهم أنه سيأتي قبل سنة 2000م!! ويقول بعض الربيين أن المسيح المنتظر سيبنى الهيكل، هيكل سليمان، أو ما يسمونه حاليا بالهيكل الثالث، ويعيد تقديم الذبائح الحيوانية عليه كما كانت أيام موسى وسليمان..الخ (ملا 1: 3)! ويقول حاييم ريتشمان رئيس معهد الهيكل في إسرائيل " بصرف النظر عن كون الهيكل سيبنى قبل أو بعد ظهور المسيا، فالشخص الذي سيأتي من نسل داود، الذي سيكون إنساناً تاماً، والذي سيكون أعظم معلم وجد في الوجود، والذي ستكون له القوة المسلمة إليه ليعيد البشرية إلى قيمها الروحية الأصلية ويعيد ربط كل شخص هو المسيا ".
ونتيجة لحلم اليهود هذا وانتظارهم للمسيح " الآخر الذي سيأتي من نفسه " فقد شهد التاريخ اليهودي وشهدت التجمعات اليهودية في أوربا وآسيا منذ القرن الأول الميلادي وخلال العصور الوسطي الكثيرون الذين ادعوا وزعم كل منهم أنه المسيح المنتظر!! وكانت نهايتهم جميعا واحدة وهي الفشل الذريع أو الموت. فقد ظهر في القرن الثاني الميلادي 24 شخصاً يهودياً أدعى كل منهم أنه المسيح المنتظر ومن أشهرهم باركوبه الذي أدعى أنه رئيس الأمة اليهودية وملكها فانحاز إليه اليهود ضد الرومان وانتهى بالهلاك. وفى القرن الثاني عشر ظهر عشرة رجال ادعى كل منهم أنه المسيح، وكان من بين أولئك المسحاء الكذبة " داود الرائي " (1147 م) والتحق بهم عدد غفير من اليهود.. ومات كثيرون منهم بسبب الاضطهادات. وفى عام 1250م ظهر ابراهام أبو العافية، وفى سنة 1502م ظهر أشير لاملين. وكان أشهرهم سبتاي تسيفي الذي أعلن نفسه انه المسيح عام 1664 م، وفى عام 1682م ظهر مردخاى الألماني الذي هرب باتباعه ولم يعرف له مكان. وفى القرن التاسع عشر ظهر في باريس رجل فرنسي ادعى أنه المسيح ولم ينحز إليه إلا عدداً قليل ثم أختفي مع أنصاره!!
ويؤمن اليهود أنه سيظهر فجأة في الهيكل ويجلب السلام لإسرائيل ثم لكل العالم. ويقول الكتاب أن ضد المسيح سيكون له نفس هذه الصفات. فهو مسيح كاذب، وسيأتي باسم نفسه، كما قال السيد المسيح " أنا قد أتيت باسم أبى ولستم تقبلونني أن أتى أخر باسم نفسه فذلك تقبلونه " (يو5: 43). فهو الآخر أو الذي يدعى أنه المسيح، المسيح الكذاب، والذي يسميه الكتاب ضد المسيح. وعبارة ضد المسيح في أصلها اليوناني Anti Christ وتعنى ضد المسيح وأيضا بديل المسيح. وهو إنسان كما كان المسيح أيضا إنساناً، فقد ولد المسيح في ملء الزمان من امرأة وكان مجربا مثلنا في كل شيء بلا خطية (غل4: 4؛ عب15: 4). وهكذا سيكون من يدعى أنه المسيح، المسيح الكاذب، ضد المسيح. فاليهود يتوقعون مسيا من نسل داود وليس ملاك من السماء، ولكن المسيحيين هم الذين يتوقعون المجيء الثاني للرب من السماء (1كو 47: 15). والمسيح الكذاب سيظهر لليهود على أنه المسيا الآتي من نسل داود، الموعود نسل إبراهيم واسحق ويعقوب، ولن يظهر للمسيحيين على أنه المسيح الآتي ثانية من السماء. ومن ثم يدعوه الكتاب ب " إنسان الخطية ابن الهلاك " (1تس 3: 2). ويبدو أن عبارة إنسان الخطية مع عبارة معصية الخراب التي سترتبط بظهوره في الهيكل أوحت للبعض أنه سيولد من زنى، لذا قال البعض أنه سيأتي من شاب من سبط دان، كما حدد تاريخ ميلاده وختانه وظهوره وقد مرت كل التواريخ التي ذُكرت ولم يظهر شيء!! " بعد حرب يونية 1967م واستيلاء اليهود على مدينة القدس حُبل بهذا الطفل نتيجة علاقة وقتية بين شاب يهودي (من سبط دان - تك 16: 49،17) - وغالبا كان هذا الشاب جندي في هذه الحرب – وشابة صغيرة في سن المراهقة، وولد هذا الإنسان بعد تسعة شهور من آخر يونية 1967م، أي في آخر مارس 1968م 000 فيوم 2أبريل هو يوم ختان الطفل – معصية الخراب – مسيح اليهود الكذاب 000 وجدير بالذكر أن هذا الإنسان سيظل مجهولا ولن يعرفه أحد من بنى البشر، فقط الله في سمواته، وكذلك على الأرض الشيطان الذي سيعده لساعة ظهوره في سن الثلاثين لخديعة العالم 000 ولابد أن يكون ظهوره في سن الثلاثين لكي يكون مطابق للنبوات.سنة ظهور المسيح الكذاب = مارس 1968 + 30 سنة = مارس - أبريل 1988م.
أي في وقت عيد فصح اليهود من 10 - 17 أبريل م. ".
وسيملك هذا الشخص في أورشليم مدة يصفها الكتاب في سفر الرؤيا بزمان وزمانين ونصف زمان (رؤ14: 12) و " أثنين وأربعين شهرا " (5: 13) و" 1260 يوما " (رؤ3: 11)، ثلاث سنوات ونصف. في أثناء هذه المدة، سواء كانت مدة رمزية أو حرفية، سيجلس في هيكل الله ويعطى لنفسه ألقاب السيد المسيح فيدعى أنه المسيح وأنه إله ويحاول أن يضل حتى لو أمكن المختارين! ثم يتحول إلى تمجيد نفسه ويقوم بعمل معجزات بخديعة الشيطان " ويصنع آيات عظيمة حتى انه يجعل نارا تنزل من السماء على الأرض قدام الناس، ويضل الساكنين على الأرض بالآيات التي أعطى أن يصنعها أمام الوحش " (رؤ13: 11،14). وسينخدع فيه ويصدقه ويجرى وراءه ويؤمن به بعض من اليهود ويرفضه المؤمنون. ثم يتحول إلى محاربة " وأعطى أن يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم وأعطى سلطانا على كل قبيلة ولسان وأمة " (رؤ13: 7)، " وحينئذ سيستعلن الأثيم الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه، الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا. ولأجل هذا سيرسل إليهم الله عمل الضلال حتى يصدقوا الكذب " (2تس8: 2-11).ومع عدم موافقتنا على تحديد زمن محدد للمجيء الثاني وظهور ضد المسيح ونهاية العالم، لأنها ضد ما قاله السيد المسيح، نقول أن كثيرين من الأباء قالوا أن ضد المسيح، أو المسيح الكذاب يأتى من سبط دان وذلك بسبب نبوة يعقوب عن سبط دان القائلة " دان يدين شعبه كأحد أسباط إسرائيل. يكون دان حية على الطريق افعوانا على السبيل يلسع عقبي الفرس فيسقط راكبه إلي الوراء " (تك17: 49،18)، وعدم ذكر سبط دان نهائيا في سفر الرؤيا ضمن أسباط إسرائيل الأثنى عشر واستبداله بمنسي ابن يوسف (رؤيا 7).وهكذا وجد أضداد كثيرين للمسيح والمسيحية وسوف يأتي ضد المسيح الرئيسي في المستقبل قبل المجيء الثاني للمسيح والدينونة وسيرى منه المؤمنون كل ما سبق أن كتب عنه في سفر دانيال والعهد الجديد.وسوف تحدث حروب بين جنود المسيح وبين ضد المسيح وجنوده وستنتهي في النهاية بإبادة المسيح لهذا الدجال ضد المسيح ونرى في نهاية كل حديث عن ضد المسيح أن المسيح قد حطمه وأباده. ففي رؤيا دانيال يقول الملاك لدنيال عن فناء ضد المسيح أو القرن الصغير " فيجلس الدين وينزعون عنه سلطانه ليفنوا ويبيدوا(أي العشرة ملوك ضد المسيح وكل ما يتصل بالمملكة الرابعة) إلى المنتهى ". يقول يوحنا الرائي " هؤلاء الملوك العشرة " سيحاربون الحمل " المسيح " والحمل يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك ". ويقول القديس بولس بالروح " الذي الرب يبيده بنفخه فمه ويبطله بظهور مجيئه".وما اجمل هذه الصورة التي نرى فيها المسيح منتصرا على الشر في وقت النهاية إذ أنه خرج غالبا ولكي يغلب لان أزمنة الأمم قد انتهت وجاء زمن رد كل شئ في الأبدية. يقول يوحنا الرائي " ثم رأيت السماء مفتوحة إذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى أمينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب. وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو. وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزا ابيض ونقيا ومن فمه يخرج سيف ماضي لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ. وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب " (رؤ 11: 19-16).
القمص عبد المسيح بسيط أبو الخيركاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد
عن كتاب المجيء الثاني متى يكون وما هي علاماته؟
المزيد