المقالات

30 يناير 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلتَّثْنِيَة

1- بين اصحاح 1 : 1 (ص 34) ففى الاول ان موسى كلم الشعب فى عبر الاردن فى البريه وفى الثانى انه مات قبل ان يعبر اسرائيل الاردن. فنجيب انه لم يقصد بالقول الاول الجهه الغربيه بل الشرقيه، وكلاهما يطلق عليه هذا اللقب. 2- وبين اصحاح 2 : 12 وبين ما جاء فى سفر يشوع ففى الاول قيل (فطردهم بنو عيسو وابادوهم من قدامهم وسكنوا مكانهم كما فعل اسرائيل بارض ميراثهم) وفى الثانى ان اسرائيل لم ياخذوا ارض كنعان الا فى ايام يشوع. فنجيب ان الاسرائيليين اخذوا الاراضى الواقعه شرقى الاردن فى عهد موسى. والاراضى الواقعه غربى الاردن فى عهد يشوع. 3- وبين اصحاح 2 : 19، يش 13 : 24 و25 ففى الاول قال الرب لاسرائيل (لا اعطيك من ارض بنى عمون ميراثا) وفى الثانى انهم اخذوها. فنجيب ان الاموريين حاربوا العمونيين واستولوا على ارضهم كما ورد فى (قض 11 : 12 – 28) فالاسرائيليين لم ياخذوا الارض من العمونيين بل من الاموريين. 4- وبين اصحاح 6 : 4، مت 28 : 19 ففى الاول ان الله واحد وفى الثانى انه ثلاثه الاب والابن والروح القدس. فنجيب ان الثانى لا يقول ان الله ثلاثه جواهر بل ثلاثه اقانيم فى جوهر واحد. ففى الله وحده وتعدد. وحده فى الجوهر وتعدد فى الاقانيم. والاقانيم غير الجوهر فلو قيل ان الثلاثه اقانيم اقنوم واحد لكان ذلك محالا ومضادا للعقل والبديهه. ولو قيل ان الله ثلاثه جواهر والثلاثه جواهر واحد لكان ذلك محالا، ولكن الله واحد باعتبار وثلاثه باعتبار اخر، فلا مناقضه اذن فى ذلك. 5- وبين تث 7 : 3، 1 مل 3 : 1 ففى الاول حرم على الاسرائيلى التزوج بالاجنبيات وفى الثانى ان سليمان صاهر فرعون ملك مصر واخذ ابنته له زوجه. فنجيب ان التزوج بالاجنبيات منع خوفا من ان تسوق الاجنبيه زوجهاالىعباده الاوثان فاذا زالت هذه العله لا يقيد بالقانون الذى وضع لاجلها اى اذا تركت الاجنبيه ديانه ابائها وعبدت الاله الحى جاز التزوج بها كما فى امر راعوث (1 : 4 و4 : 3) ولعل سليمان كما ظن بعض المفسرين قد افتكر ان يجذب ابنه فرعونالىالديانه الاسرائيليه بتزوجه كما سبق وتزوج امميه اخرى(2 اى 2 : 13) الا انه لنا من خبر الكتاب المقدس ان النساء الاجنبيات اللواتى تزوج بهن سليمان جذبته لعباده الاوثان، وهذه هى العله التى لاجلها منع التزوج بالاجنبيات. وعلى كل حال فسليمان بذلك خالف شريعه الله وقد ذكر ملوما فى الكتاب المقدس كما فى (نح 13 : 26) حيث قيل (اليس من اجل هؤلاء اخطا سليمان ملك اسرائيل ولم يكن فى الامم الكثيره ملك مثله فكان محبوبا من الهه فجعله ملك على اسرائيل هو ايضا جعلته النساء الاجنبيات يخطىء). 6- وبين اصحاح 12 : 15، اصحاح 14 : 3 ففى الاول اباح لليهود اكل الطاهر والنجس وفى الثانى قال لهم (لا تاكلوا رجسا ما) فنجيب ان لا تناقض بين الاثنين لان الحيوانات النجسه تختلف بعضها عن بعض فمنها ما كان حراما اكله وذبحه لله كالارنب والخنزير. ومنها ما كان حلال اكله وحرام ذبحه كالابل والظبى. 7- وبين اصحاح 14 : 26، 1 كو 6 : 10 ففى الاول اباح الله المسكر وفى الثانى حرمه. فنجيب : قرر علماء الكتاب المقدس انه يوجد نوعان من الخمر. منه ما هو مسكر لاشتماله على الكحول ومنه ما هو غير مسكر، والنوعان مترجمانالىاللغه العربيه واللغات الاخرى بلفظه (خمر) وكانت هذه المشروبات عند قدماء اليهود، ووقد عرف سليمان نوعا من الخمر المسكر بقوله (لا تنظرالىالخمر اذا احمرت التى تظهر حبابها فى الكاس فى الاخر تلسع كالحيه وتلدغ كالافعوان) هذه هى الخمر المسكره.وفى اللغه العبرانيه التى كتب بها العهد القديم قد ذكرت انواع كثيره من الخمر وكلها ترجمت بكلمه واحده. واما الكلمات الرئيسيه المستعمله فهى – (ياين) و (سكر) و (تيروش). (ياين) حسب قول الباحثين فى التوراه تشيرالىعصير العنب تحت اشكاله حامضا كان او حلوا، مختمرا كان ا و غير مختمر، و (سكر) كلفظه السكر باللغه العربيه تشيرالىعصير حلو ماخوذ مما حوى العنب وقد ترجمت احيانا عسلا ويقصد بها غالبا عصير التمر وهى مثل (ياين) تحتوى على العصير المختمر اما (تيروش) فقد اطلقت على ثمر العنب الناضج وعصير العنب قبل الاختمار فيه وتترجم عاده بالخمر الجديده او السلافه (اع 2 : 13).وقد اطلق العبرانيون لفظه (ياين) على الخمر الماخوذ من العنبمهما كانت حالته سواء مختمرا كان أو غير مختمر، وهذا يكفى لاثبات نوعين من الخمر يسمى كل منهماباسمين مختلفين يذكرهما الكتاب المقدس، الواحد غير مختمر وغير مسكر وهو الذى يظهر من بعض ايات الكتاب ان شربه مباح، والاخر مختمر وهو الذى تحرمه ايات كثيره0 8- بين اصحاح 23 : 2 مت 1 : 3 ففى الاول قيل (لا يدخل ابن زنى فى جماعه الرب) وفى الثانى ان فارص الذى جاء من نسله المسيح كان ثمره فعل الزنى. فنجيب ان القول الاول قيل عن الامم العمونيين والموابيين الذين كان الزنى محللا عندهم فلا يصح ان يكونوا فى جماعه الرب الا بعد ان يقضوا مده ينسون فيها عاداتهم الذميمه. 9- بين تث 24 : 16 وبين عد 16 : 27و32 ويش 7 : 24و25 ففى الاول يقول (لا يقتل الاباء عن الاول اد ولا يقتل الاول اد عن الاباء) وفى الثانى قضى على الاول اد الابرياء مع الاباء المذنبين. فنجيب ان القانون المذكور فى الاول اعطى للقضاه ليحكموا بموجبه وليس لهم الا يحكموا على المذنببحسب ما يظهر لهم ولكن ليس لهم ان يدينوا احدا. اما اذا كان القاضى الله سبحانه وتعالى فهو يعرف حدود الجرم وله ان يدين العائلات ولو لاجيال عديده كما دان بيت عالى بل ويدين الامم كدينونه امه اسرائيل. فاذا كان القاضى انسانا لا يحكم الا على المذنب نفسه. اما الله القاضى العالى فله ان يحكم بحسب مشيئته وليس لنا ان نعترض على احكامه. ويجب ان يعلم ان القانون فى الاول وضع ضد الامم التى كانت تعتبر العائله مدينه مع رئيسها فيعاقبونها معه كما فعل مع هامان (اس9 : 13) ومع الذين اشتكوا على دانيال (دا 6 : 24). المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
28 يناير 2020

الضيقات واختبار الله

من المزامير التي تعزينا ونحن نمر بضيقات متكررة هي كلمات مزمور «الرب نوري وخلاصي»، فالمزمور يتكلم عن الآلام والضيق، وفي ذات الوقت يتكلم عن اختبارات التعزية في الألم، ففي وقت الضيق نستطيع أن ندرك كيف أن الله يخبّئنا في مظلته. فالله يسمح لنا أن نقابل تجارب وضيقات، ولكن بركة هذه الضيقات تمنح الإنسان خبرات جديدة في حياته الروحية. فكثيرًا ما تقابلنا تجربة خطية.. أو تجربة الضيقة.. أو خبرة تنفيذ الوصية، وفي جميعها علينا أن نضع في قلوبنا أننا ينبغي أن نخرج من كل منها بخبرة روحية جديدة في حياتنا، لأنه بدون الضيقات لا يمكننا أن ننال اختبارات أو تعزيات جديدة.. أولًا: تجربة الخطية عندما تمر حياتنا بتجارب واختبارات وحروب العدو بالخطايا المختلفة، هذه التجربة القاسية تمنحنا أن نختبر تعامل الله معنا بحب وحنو، وكيف يقودنا في طريق النصرة، وكيف نصنع توبة، وكيف نتجنب طرق الشر، وكيف نتجنب العثرة، وكيف نكمّل توبتنا بحرص.. وهذه نماذج من الكتاب المقدس 1) داود النبي: قبل أن يسقط داود ربما شعر أنه هو المرتل الحلو وقائد الجيوش وصاحب القيثارة الذي قلبه بحسب قلب الله.. أمّا سقوطه فجعله يراجع نفسه، ويبلّل فراشه بدموع مُرة، وارتعشت ركبتاه من النُسك، وبدأ يتعلم الانسحاق وينال بركة الاتضاع.. ولم يكرّر داود خطيته لأنه تعلم منها.. نعم أخطأ مرة أخرى عندما عدّ الشعب، ولكنه تعلّم من هذه الخطية أيضًا ولم يكررها مرة أخرى. 2) يعقوب أبو الآباء: كان يعقوب ابنًا محبوبًا، إلّا أنه خدع أباه وخدع أخاه عيسو ليحقق مكاسب، لكنه أيضًا في خطيته جُرِّب إذ خُدِع من خاله لابان وتغرّب لسنوات طويلة في أرض غريبة وتعرّض لغضب أخيه.. ولكن من هذه التجارب تعلم يعقوب أن يتضع، فسجد أمام أخيه الذي خدعه من قبل واعتذر له. 3) بطرس الرسول: عندما أنكر اختبر محبة الرب وغفرانه عندما نظر إليه وقت محاكمته، وتعلّم قبول الله له كخادم عندما دعاه للخدمة مرة أخرى على بحيرة طبرية.. وهذه الخبرة الروحية سندته طوال حياته وحتى استشهاده في نهاية حياته. ونحن في كل مرة نمرّ بتجربة ضعف وخطية ننال خبرة النصرة والاتضاع والتدقيق ومراجعة الذات والحرص من أخطاء السان. نتعلم متى نصمت ومتى نتكلم.. نتعلم الأسلوب الليّن، ونتعلم أن نضع حارسًا لفمنا، وندقق في كلماتنا لئلا تؤذي الآخرين مدى الحياة، ونتعلم أن نبتعد عن مجال العثرة سواء قراءات أو أصدقاء، ونتعلم جدية السلوك والحرص على النقاوة. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
27 يناير 2020

تداريب روحية - النمو الروحى

يطلب منا بولس الرسول أن ننمو روحياً لنصل إلى ملء قامة المسيح قائلاً "لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح إلى أن ننتهى جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس ملء المسيح .. صادقين فى المحبة ننمو فى كل شئ إلى ذاك الذى هو الرأس المسيح"(1). والمسيح هو ملء النعمة كقول يوحنا المعمدان "ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا"(2). ويطلب الرسول بولس من أهل أفسس أن يمتلئوا بالمحبة قائلاً "ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون فى المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو، وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله"(3). ويوحنا المعمدان كان ينمو حسب قول لوقا الرسول "وأما الصبى فكان ينمو ويتقوى بالروح ذلك فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل"(4). والمسيح نفسه كان ينمو جسدياً كقول لوقا الرسول "وكان الصبى ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه"(5). ويطلب القديس بطرس الرسول أن ننمو فى النعمة قائلاً "فأنتم أيها الأحباء احترسوا من أن تنقادوا فى ضلال الأردياء تسقطون من ثباتكم ولكن إنموا فى النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد الآن وإلى دهر الدهر آمين"(6). ويصلى بولس الرسول من أجل أهل كولوسى لكى يكون لهم نمو فى معرفة الله قائلاً "من أجل ذلك نحن أيضاً منذ أن سمعنا لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم (1)-(أف4: 12- 15). (2)-(يو1: 16، 17). (3)-(أف3: 17- 19). (4)-(لو1: 80). (5)-(لو2: 40). (6)-(2بط3: 17، 18). أن تمتلئوا من معرفة مشيئته فى كل حكمة وفهم روحى لتسلكوا كما يحق للرب فى كل رضى مثمرين فى كل عمل صالح ونامين فى معرفة الله متقدمين بكل قوة بحسب قدرة مجده"(1). ويجب أن نعلم أن هناك فرق بين النمو الجسدى والنمو الروحى فالنمو الجسدى له حدود معينة لا يتخطاها .. أما النمو الروحى فهو غير محدود لأنه قد يصل إلى كل ملء الله(2) كما يقول بولس الرسول. ولكى تستطيع أن تنمو روحياً حاول تطبيق التدريبات الآتية : 1- إن النمـو الروح هو إزدياد فى القامة الروحية .. ولنضرب على ذلك مثلاً .. الصلاة .. إذا كنت تصلى صلاتين بالأجبية مرة فى الصباح (باكر مثلاً) ومرة فى المساء (النوم مثلاً)، فيمكنك أن تزيدهما صلاتين أخريتين فيصبحا (باكر والثالثة) فى الصباح، و(الغروب والنوم) فى المساء .. وبعد أن تثبت فيهما يومياً يمكنك أن تزيدهما إلى أن تصل إلى الصلوات السبعة التى تصليها الكنيسة كل يوم [ باكر – الثالثة – السادسة – التاسعة- الحادية عشر (الغروب) – الثانية عشر (النوم)- صلاة نصف الليل ] هذا بالإضافة إلى الصلاة الشخصية وبالإضافة إلى التأمل الروحى حتى تصل إلى انفتاح القلب على الله طول اليوم فتتمتع بالصلاة الدائمة، وتقول مع داود النبى "أما أنا فصلاة"(3) هذا بخلاف التسبيح إذ يقول داود النبى "سبع مرات فى النهار سبحتك على أحكام عدلك"(4).. هذا بالإضافة إلى تسابيح الليل ونصف الليل والسحر (الفجر). يقول داود النبى "ثابت قلبى يا الله ثابت قلبى أغنى وأرنم استيقظ يا مجدى استيقظ يا رباب وياعود أنا أستيقظ سحراً أحمدك بين الشعوب. يارب أرنم لك بين الأمم لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات"(5). (1)-(كو1: 9- 11). (2)-(أف3: 19). (3)-(مز109: 4). (4)-(مز119: 164). (5)-(مز57: 7- 10). 2- إن أردت أن تنمو فى فضيلة الصوم فلا تأكل إلا صنفاً واحداً فقط فى كل مرة ويندرج الانقطاع عن الطعام تدريجياً حتى تصل إلى قامات روحية عالية مثل الأنبا أنطونيوس الذى عاش فوق المائة سنة على البلح والماء فقط .. والأنبا بولا الذى كان يأكل نصف رغيف فقط يومياً مع بعض الماء، وعندما أتاه الأنبا أنطونيوس للزيارة أمر الله الغراب الذى يأتى له بنصف الخبزة أن يأتى بنصف خبزة أخرى للضيف الجديد (الأنبا أنطونيوس). ويروى لنا بستان الرهبان عن آباء قديسون كانوا يصومون بالثلاثة أيام، والبعض الآخر بالأسبوع، وهكذا .. هذا بالإضافة إلى الصوم الروحى وهو عدم الخطأ بالنسبة للحواس الخمسة كلها .. فلا تتكلم إلا للضرورة القصوى، ويكون كلاماً نافعاً لا يضر أحداً ولا يجرح أحداً ولا يسئ إلى أحداً .. وهكذا بالنسبة لحاسة السمع والنظر.. إلخ. 3- وإذا اردت أن تنمو فى فضيلة الصدقة (العطاء) فيجب أن يكون عطاءك فى الخفاء كما قال رب المجد "فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون فى المجامع وفى الأزقة لكى يمجدوا من الناس الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تُعرف شمالك ما تفعله يمينك لكى تكون صدقتك فى الخفاء فأبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية"(1). وبالنسبة للعشور يقول رب المجد "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيون لن تدخلوا ملكوت السموات"(2). وفى القامات الروحية العالية نسمع عن أن قديساً باع إنجيله ليقوت به فقيراً وآخر باع ثوبه لكى يقيت به مسكيناً، وآخر لم يجد شيئاً يبيعه إلا نفسه، فباع نفسه نظير أنه يساعد مسكيناً على الحياة !! (1)-(مت6: 1- 4). (2)-(مت5: 20). 4- يجب أن يؤخذ تدريب النمو الروحى بالتدريج .. أى درجة درجة، والتأكد من الثبوت فى الدرجة السابقة لئلا يسقط الإنسان ويرتد إلى الخلف عدة درجات .. القديس بولس يقول "فإنى أقول بالنعمة المعطاة لى لكل من هو بينكم أن لا يرتئى فوق ما ينبغى أن يرتئى بل يرتئى إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان"(1). 5- لا تأخذ عدة تدريبات للنمو الروحى معاً، فيصعب عليك تنفيذها دفعة واحدة إلا إذا كان التدريب فى فضيلة المحبة مثلاً فهى فضيلة كبيرة تضم تحتها فضائل أخرى وتتشابك معها .. والسيد المسيح له المجد قال "أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم احسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"(2). فابدأ أولاً بمحبة القريب .. محبة باذلة قوية .. ثم بعد ذلك تدريب على محبة الأعداء. 6- استشر أب اعترافك أو مرشدك الروحى فى التداريب الروحية الخاصة بالنمو الروحى .. يقول الكتاب "أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حساباً لكى يفعلوا ذلك بفرح لا آنين لأن هذا غير نافع لكم"(3). 7- من عوائق النمو الروحى هو الإلتصاق بالأردياء لذلك ينصح بطرس الرسول فيقول "فأنتم أيها الأحباء إذ قد سبقتم فعرفتم احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم ولكن إنموا فى النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد الآن وإلى يوم الدهر آمين"(4). 8- من عوائق النمو الروحى أيضاً الكسل لأنه يعطل تنفيذ التداريب فى مواعيدها، وبذلك لا يتقدم إلى الأمام بل يرجع إلى الخلف. (1)-(رو12: 3). (2)-(مت5: 44). (3)-(عب13: 17). (4)-(2بط3: 17). وقد ضرب لنا السيد المسيح مثلاً عن العبد الكسلان ولقبه بالشرير لأنه أخذ فضة سيده وطمرها فى الأرض ولم يتاجر بها ولم يربح .. فقال له سيده "أيها العبد الشرير والكسلان كان ينبغى أن تضع فضتى عند الصيارفة وعند مجيئ كنت آخذ الذى لى مع ربا (ربح) فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذى له عشر وزنات .. والعبد البطال إطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان"(1). 9- التمثل بالقديسين وذوى القامات الروحية العالية ونجعلهم قدوة حسنة لنا وعلى رأسهم الرب يسوع الذى هو رئيس الإيمان ومكمله، لذلك يقول الكتاب "لذلك نحن أيضاً لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر فى الجهاد الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى فجلس فى يمين عرش الله فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم"(2). 10- الجهاد الروحى مهم جداً يوصلنا إلى النمو الروحى لذلك يقول الكتاب "لم تقاوموا حتى الدم مجاهدين ضد الخطية وقد نسيتم الوعظ الذى يخاطبكم كبنين يا ابنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذى يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأى إبن لا يؤدبه أبوه"(3). (1)-(مت25: 26- 30). (2)-(عب12: 1- 3). (3)-(عب12: 4- 7). تداريب روحية - النمو الروحى يطلب منا بولس الرسول أن ننمو روحياً لنصل إلى ملء قامة المسيح قائلاً "لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح إلى أن ننتهى جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسان كامل إلى قياس ملء المسيح .. صادقين فى المحبة ننمو فى كل شئ إلى ذاك الذى هو الرأس المسيح"(1). والمسيح هو ملء النعمة كقول يوحنا المعمدان "ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة لأن الناموس بموسى أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا"(2). ويطلب الرسول بولس من أهل أفسس أن يمتلئوا بالمحبة قائلاً "ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم وأنتم متأصلون ومتأسسون فى المحبة حتى تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو، وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله"(3). ويوحنا المعمدان كان ينمو حسب قول لوقا الرسول "وأما الصبى فكان ينمو ويتقوى بالروح ذلك فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل"(4). والمسيح نفسه كان ينمو جسدياً كقول لوقا الرسول "وكان الصبى ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه"(5). ويطلب القديس بطرس الرسول أن ننمو فى النعمة قائلاً "فأنتم أيها الأحباء احترسوا من أن تنقادوا فى ضلال الأردياء تسقطون من ثباتكم ولكن إنموا فى النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد الآن وإلى دهر الدهر آمين"(6). ويصلى بولس الرسول من أجل أهل كولوسى لكى يكون لهم نمو فى معرفة الله قائلاً "من أجل ذلك نحن أيضاً منذ أن سمعنا لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم (1)-(أف4: 12- 15). (2)-(يو1: 16، 17). (3)-(أف3: 17- 19). (4)-(لو1: 80). (5)-(لو2: 40). (6)-(2بط3: 17، 18). أن تمتلئوا من معرفة مشيئته فى كل حكمة وفهم روحى لتسلكوا كما يحق للرب فى كل رضى مثمرين فى كل عمل صالح ونامين فى معرفة الله متقدمين بكل قوة بحسب قدرة مجده"(1). ويجب أن نعلم أن هناك فرق بين النمو الجسدى والنمو الروحى فالنمو الجسدى له حدود معينة لا يتخطاها .. أما النمو الروحى فهو غير محدود لأنه قد يصل إلى كل ملء الله(2) كما يقول بولس الرسول. ولكى تستطيع أن تنمو روحياً حاول تطبيق التدريبات الآتية : 1- إن النمـو الروح هو إزدياد فى القامة الروحية .. ولنضرب على ذلك مثلاً .. الصلاة .. إذا كنت تصلى صلاتين بالأجبية مرة فى الصباح (باكر مثلاً) ومرة فى المساء (النوم مثلاً)، فيمكنك أن تزيدهما صلاتين أخريتين فيصبحا (باكر والثالثة) فى الصباح، و(الغروب والنوم) فى المساء .. وبعد أن تثبت فيهما يومياً يمكنك أن تزيدهما إلى أن تصل إلى الصلوات السبعة التى تصليها الكنيسة كل يوم [ باكر – الثالثة – السادسة – التاسعة- الحادية عشر (الغروب) – الثانية عشر (النوم)- صلاة نصف الليل ] هذا بالإضافة إلى الصلاة الشخصية وبالإضافة إلى التأمل الروحى حتى تصل إلى انفتاح القلب على الله طول اليوم فتتمتع بالصلاة الدائمة، وتقول مع داود النبى "أما أنا فصلاة"(3) هذا بخلاف التسبيح إذ يقول داود النبى "سبع مرات فى النهار سبحتك على أحكام عدلك"(4).. هذا بالإضافة إلى تسابيح الليل ونصف الليل والسحر (الفجر). يقول داود النبى "ثابت قلبى يا الله ثابت قلبى أغنى وأرنم استيقظ يا مجدى استيقظ يا رباب وياعود أنا أستيقظ سحراً أحمدك بين الشعوب. يارب أرنم لك بين الأمم لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات"(5). (1)-(كو1: 9- 11). (2)-(أف3: 19). (3)-(مز109: 4). (4)-(مز119: 164). (5)-(مز57: 7- 10). 2- إن أردت أن تنمو فى فضيلة الصوم فلا تأكل إلا صنفاً واحداً فقط فى كل مرة ويندرج الانقطاع عن الطعام تدريجياً حتى تصل إلى قامات روحية عالية مثل الأنبا أنطونيوس الذى عاش فوق المائة سنة على البلح والماء فقط .. والأنبا بولا الذى كان يأكل نصف رغيف فقط يومياً مع بعض الماء، وعندما أتاه الأنبا أنطونيوس للزيارة أمر الله الغراب الذى يأتى له بنصف الخبزة أن يأتى بنصف خبزة أخرى للضيف الجديد (الأنبا أنطونيوس). ويروى لنا بستان الرهبان عن آباء قديسون كانوا يصومون بالثلاثة أيام، والبعض الآخر بالأسبوع، وهكذا .. هذا بالإضافة إلى الصوم الروحى وهو عدم الخطأ بالنسبة للحواس الخمسة كلها .. فلا تتكلم إلا للضرورة القصوى، ويكون كلاماً نافعاً لا يضر أحداً ولا يجرح أحداً ولا يسئ إلى أحداً .. وهكذا بالنسبة لحاسة السمع والنظر.. إلخ. 3- وإذا اردت أن تنمو فى فضيلة الصدقة (العطاء) فيجب أن يكون عطاءك فى الخفاء كما قال رب المجد "فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون فى المجامع وفى الأزقة لكى يمجدوا من الناس الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تُعرف شمالك ما تفعله يمينك لكى تكون صدقتك فى الخفاء فأبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علانية"(1). وبالنسبة للعشور يقول رب المجد "إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيون لن تدخلوا ملكوت السموات"(2). وفى القامات الروحية العالية نسمع عن أن قديساً باع إنجيله ليقوت به فقيراً وآخر باع ثوبه لكى يقيت به مسكيناً، وآخر لم يجد شيئاً يبيعه إلا نفسه، فباع نفسه نظير أنه يساعد مسكيناً على الحياة !! (1)-(مت6: 1- 4). (2)-(مت5: 20). 4- يجب أن يؤخذ تدريب النمو الروحى بالتدريج .. أى درجة درجة، والتأكد من الثبوت فى الدرجة السابقة لئلا يسقط الإنسان ويرتد إلى الخلف عدة درجات .. القديس بولس يقول "فإنى أقول بالنعمة المعطاة لى لكل من هو بينكم أن لا يرتئى فوق ما ينبغى أن يرتئى بل يرتئى إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان"(1). 5- لا تأخذ عدة تدريبات للنمو الروحى معاً، فيصعب عليك تنفيذها دفعة واحدة إلا إذا كان التدريب فى فضيلة المحبة مثلاً فهى فضيلة كبيرة تضم تحتها فضائل أخرى وتتشابك معها .. والسيد المسيح له المجد قال "أحبوا أعدائكم باركوا لاعنيكم احسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم"(2). فابدأ أولاً بمحبة القريب .. محبة باذلة قوية .. ثم بعد ذلك تدريب على محبة الأعداء. 6- استشر أب اعترافك أو مرشدك الروحى فى التداريب الروحية الخاصة بالنمو الروحى .. يقول الكتاب "أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حساباً لكى يفعلوا ذلك بفرح لا آنين لأن هذا غير نافع لكم"(3). 7- من عوائق النمو الروحى هو الإلتصاق بالأردياء لذلك ينصح بطرس الرسول فيقول "فأنتم أيها الأحباء إذ قد سبقتم فعرفتم احترسوا من أن تنقادوا بضلال الأردياء فتسقطوا من ثباتكم ولكن إنموا فى النعمة وفى معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح له المجد الآن وإلى يوم الدهر آمين"(4). 8- من عوائق النمو الروحى أيضاً الكسل لأنه يعطل تنفيذ التداريب فى مواعيدها، وبذلك لا يتقدم إلى الأمام بل يرجع إلى الخلف. (1)-(رو12: 3). (2)-(مت5: 44). (3)-(عب13: 17). (4)-(2بط3: 17). وقد ضرب لنا السيد المسيح مثلاً عن العبد الكسلان ولقبه بالشرير لأنه أخذ فضة سيده وطمرها فى الأرض ولم يتاجر بها ولم يربح .. فقال له سيده "أيها العبد الشرير والكسلان كان ينبغى أن تضع فضتى عند الصيارفة وعند مجيئ كنت آخذ الذى لى مع ربا (ربح) فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذى له عشر وزنات .. والعبد البطال إطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان"(1). 9- التمثل بالقديسين وذوى القامات الروحية العالية ونجعلهم قدوة حسنة لنا وعلى رأسهم الرب يسوع الذى هو رئيس الإيمان ومكمله، لذلك يقول الكتاب "لذلك نحن أيضاً لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر فى الجهاد الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى فجلس فى يمين عرش الله فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم"(2). 10- الجهاد الروحى مهم جداً يوصلنا إلى النمو الروحى لذلك يقول الكتاب "لم تقاوموا حتى الدم مجاهدين ضد الخطية وقد نسيتم الوعظ الذى يخاطبكم كبنين يا ابنى لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر إذا وبخك. لأن الذى يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين فأى إبن لا يؤدبه أبوه"(3). (1)-(مت25: 26- 30). (2)-(عب12: 1- 3). (3)-(عب12: 4- 7).
المزيد
26 يناير 2020

مَجِّدُوا الله فِي أجسادكُمْ

مُقَدِمة أجسادنا مُقدَّسة يلِيق بِها كُلَّ كرامة فَتَعالوا معنا لِنَتَجَوَّل معاً فِى هذا الكِتاب لِنَعرِف كيف نُكَرِّم هذا الجسد وَكيف يسلُك بِوَقار وَحِشمة لأِنَّهُ هيكل الله تعالوا نَعرِف ما هُوَ مفهُوم الجسد فِى المسِيحِيَّة وَما الَّذِى يُناسِب هذا الجسد مِنْ ملابِس تلِيق بِكَرامته وَقداسته وَكيف نهتم بِالزِينة الدَّاخِلِيَّة وَنَتَعرَّف عَلَى تعالِيم الآباء حول الحِشمة إِنَّها دعوة إِلَى شبابنا وَشاباتنا وَفِتياننا وَفتياتنا لِيعرِفوا مِقدار كرامة أجسادهُمْ فَتسلُك كُلَّ شابَّة بِوَقار وَحِشمة شاهِده بِمظهرها عَنْ حقائِق ثمِينة آمَنت بِها وَاقتنعِت وَسَلَكت بِمُقتضاها إِنَّهُ حقاً شىء مؤسِف أنْ تظهر الشَّابة المسِيحِيَّة الَّتِى لها كنُوز البركات وَالمواعِيد الصَّادِقة وَلها قدوة مِنْ ربوات العذارى الحكِيمات فِى المُجتمع بِمظهر غير لائِق مِمَّا يُسِىء إِلَى مسِيحها وَمسِيحِيتها وَلاَ ننسى أنَّ المظهر الخارِجِى يُعَبِّر عَنْ الجوهر الدَّاخِلِى وَالنَّاس لاَ ترى الجوهر بَلْ المظهرفَنَحنُ علينا مسئولِيَّة مِنْ خِلال مظهر الشَّابَّة المسِيحِيَّة أنْ نُعلِنْ عَنْ مسِيحَنَا وَإِنجِيلَنَا وَكنِيسَتنا وَقِدِيسِينا لأِنَّها رِسالة المسِيح وَبِحسب تعبِير مُعلِّمنا بُولِس الرَّسُول صِرنا منظراً لِلعالم لِلملائِكة وَالنَّاس( 1كو 4 : 9 ) فَعَلينا أنْ نعتنِي بِأمور حَسَنة قُدَّام جمِيع النَّاس ( 2كو 8 : 21 ) فَأنتُمْ شُهُود المسِيح وَرُبما اليوم فِى المُجتمع لاَ نستطِيع أنْ نَتَعرَّف عَلَى الشَّاب المسِيحِى بِسِهُولة لأِنَّهُ يُشابِه الآخرِين فِى المظهر الخارِجِى أمَّا بِالنِسبة لِلشَّابَّة فَصَارت أكثر وضُوحاً وَلَكِنْ هل هذا مكسب لنا أم خِسارة هل إِستفدنا بِهذا التميُّز الَّذِى يُمكِنْ أنْ نُعلِن بِهِ مجد الله فيِنا0وَرُبما يعرِف الكثِيرُون ما يُقال عَنْ شابَّة مسِيحِيَّة غير مُلتزِمة فِى ملابِسها أرجو أنْ يستخدِم الله هذِهِ الكلِمات لِتغيِير أفكار وَملامِح كُلَّ شابَّة مسِيحِيَّة فَقَدت طرِيقها وَبِحسب تعبِير القدِيس كبريانُوس إِحفظن أنفُسَكُنَّ أُسلُكنَ بِوَقارإِجعلنَ المسِيح يُكَافئ فِيكُنَّ الله الغنِى فِى النِعمة المُتأنِّى عَلَى كُلَّ أحد يستخدِم هذِهِ الكلِمات لِمجد إِسمه القُدُّوس مَجِّدُوا الله فِي أجسادكُمْ بِحسب تعبِير القِدِيس إِيرِيناؤس أنَّ الجسد هُوَ علامة الشخص وَظُهوره بِمعنى أنَّ الجسد هُوَ الهيكل المادِى الَّذِى يحوى نسمة الحياة الإِلهِيَّة الَّتِى نفخها الله فِى الإِنسان ( تك 2 : 7 ) وَقد يتهِمْ البعض الجسد أنَّهُ مصدر كُلَّ الشرُور أوْ يتعامل أحد مَعْ جسده بِإِحتِقار وَهذا يتعارض مَعْ الفِكر المسِيحِى الإِنجِيلِى السلِيم لأِنَّ الإِنجِيل يُعَلِّمنا أنَّ مصدر الخطِيَّة ليسَ فِى الجسد بَلْ فِى القلب الَّذِى هُوَ مركز النَّفْس فَمِنْ القلب تخرُج سَرِقة وَزِنا وَقتل ( مت 5 : 28 ) وَما الجسد إِلاَّ وسِيلة تعبِير عَنْ رغبات القلب لِذلِك الرَّبَّ يَسُوع يُقَدِّم لنا عِلاجاً لِلخطايا بِإِقتلاع جذُورها مِنْ القلب فَنَجِده يُعالِج القتل بِإِقتلاع جِذره مِنْ القلب الَّذِى هُوَ الغضب وَكَذلِك الزِنا وَالسَرِقة وَغيرِها مِنْ هُنا علينا أنْ ننظُر نظرة جدِيدة لأجسادنا أكثر إِكراماً وَوَقاراً يكفِى أنَّ الله حِينَ أعلن محَّبتهُ لِلبشرِيَّة أخذَ جسداً وَحلَّ بيننا بِهذا الجسد أكل وَشرب وَنام وَتعب فَصَارَ الجسد شيئاً مُقدَّساً وَصَارَ مسكناً لله وَهيكل لَهُ فَتَباركت طبِيعِتنا بِحلُول الله المُتَّجَسِد فِى وسطنا وَحِينَ قدَّم إِبن الله جَسَده المُقدَّس وَدَمَهُ الكرِيم لِنأكُلَهُ وَنشربهُ بِسِرٍ إِلهِى فائِق الإِدراك لِيتحِد بِنا وَبِأجسادنا صَارت أجسادنا تقتات مِنْ الخُبز السَّماوِى كُلَّ مَنْ يأكُلَهُ لاَ يجوع وَيحيا إِلَى الأبد فَصَارت أجسادنا تحيا فِى العالم وَلكِنَّها محسوبة أنَّها ليست مِنْ هذا العالم فَأخذنا فِى أجسادنا ما يصعُب التعبِير عنهُ وَبدأنا مُشاركه سعادة الحياة الأبدِيَّة وَعدم الفساد وَلاَ ننسىَ أنَّ أجسادنا حِينَ دُفِنت فِى مِياه المعمودِيَّة نالت الصِفة المُقدَّسة الَّتِى لاَ تُمحىَ وَصَارت لاَبِسة لِلمسِيح وَحِينَ دُهِنت بِزيت الميرُون المُقدَّس الَّذِى مصدره الأطياب وَالحنُوط الَّتِى وُضِعت عَلَى جسد المسِيح المُقدَّس00فَأخذنا فِى أجسادنا نِعمة التلامُس مَعْ جسد المسِيح وَبِحسب تعبِير مُعَلِّمنا يُوحنَّا الرَّسُول أمَّا أنتُمْ فَلَكُم مسحة مِنْ القدُّوس ( 1يو 2 : 20 ) فَأجسادنا ممسُوحة بِها سِتة وَثَلاَثُون رشماً بِالميرُون المُقدَّس عَلَى جمِيع أعضائها إِعلاناً لِتقدِيس هذا الجسد بَلْ وَتكرِيسه لِلمسِيح وَكأنَّ أعضاءنا مختومة لِحِساب المسِيح لِتحيا فِى ملكِيَّة المسِيح وَلنا أنْ نعلم أنَّ زيت الميرُون هذا هُوَ الَّذِى يُدَّشِن الكنائِس وَالمذابِح وَالأوانِى المُقدَّسة فَأرادت الكنِيسة أنْ تُكَرِّس أجساد أولادها عَلَى مِثال تكرِيس الأوانِى المُقدَّسة أى كرامة وَمجد تلِيق بِهذا الجسد الَّذِى إِستمدَ مجده وَكرامته مِنْ جسد المسِيح نَفْسَهُ فَعلينا أنْ نُدرِك أنَّ أجسادنا هِىَ أعضاء فِى جِسمه وَمِنْ لحمه وَمِنْ عِظامه لِذلِك سمح الله لِهذا الجسد أنْ يشترِك فِى مجد الحياة الأبدِيَّة بعد أنْ تتغيَّر طبِيعته وَيلبِس عدم فساد وَمجد بِما يُناسِب طبِيعة الحياة الأبدِيَّة نعم سيُغَيِّر شكل جسد تواضُعنا لِيَكُون عَلَى صورة جسد مُمجَّد ( فى 3 : 21 )هُنا نفهم ماذا يُرِيد مُعَلِّمنا بُولِس الرَّسُول حِينَ أوصانا مجِّدُوا الله فِى أجسادكُم( 1كو 6 : 20 ) وَنجِد أنَّ أجساد القِدِيسِين وَالشُهداء وَعِظامِهِمْ صَارت سبب بركة وَشِفاء بَلْ وَأعطت حياة كما حدث مَعْ عِظام ألِيشع النَّبِي الَّتِى أقامت ميت حقاً إِنَّهُمْ مجَّدُوا الله فِى أجسادهُمْ بِأعمال الجِهاد وَالنُسك وَأعراق التقوى وَآلام الإِستشهاد فَصَارت أجساد تحمِل قوة عمل الله فِيها ربِّنا يسنِد كُلّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيَّاً آمِين. القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب ثياب الحشمة
المزيد
25 يناير 2020

وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ

اعتاد القديس بولس الرسول في افتتاحية رسائله أن يخاطب المؤمنين واصفاً إياهم بالقديسين، فيكتب مرة قائلاً: «إِلَى الْقِدِّيسِينَ فِي كُولُوسِّي، وَالإِخْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ» (كولوسي 1: 2)، ومرة أخرى: «إِلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ فِي رُومِيَةَ أَحِبَّاءَ اللهِ مَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ» (رومية 1: 7). بل ويصف أيضاً أهل كورنثوس بنفس الصفة برغم المشاكل الكثيرة التي كانت موجودة بين مؤمني هذه الكنيسة: «إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ» (كورنثوس الأولى 1: 2) كلمة القديسين حسب معناها اللغوي تعني المكرَّسين لله، أو الْمُفرَزين لله، أي الذين هم من نصيب الله. لذلك خاطب الله الشعب في القديم قائلاً: «وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ. وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي» (لاويين 20 : 26). أي اخترتكم من وسط جميع الشعوب لتكونوا شعباً خاصاً لي إن مجرد التكريس لله، حسب المعنى اللغوي، لا يجعل الإنسان بالضرورة قديساً، فقد كان أولاد عالي الكاهن مكرَّسين لله ولخدمة خيمة الاجتماع، لكن الله رفضهم وأماتهم لأنهم لم يكونوا أمناء لهذا التكريس (صموئيل الأول 4: 11) والقديس بولس الرسول لم يصف المؤمنين بالقديسين لأنهم مكرَّسون لله، فهم لم يكونوا كذلك بالمعنى اللغوي. بل السبب الرئيسي لقداسة الإنسان أنه نال من قداسة الله، أو أصبح شريكاً لقداسة الله: «لأَنَّ أُولَئِكَ (أي آباءنا الجسديين) أَدَّبُونَا أَيَّاماً قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا (الرب الإله) فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ» (عبرانيين 12: 10). ولا يأتي الاشتراك في قداسة الله إلا بالروح القدس نفسه الذي نناله بميلادنا الجديد في المعمودية. يقول القديس أثناسيوس الرسولي في الرسالة ضد الأريوسيين (1: 46)[الرب نفسه يقول بفمه في إنجيل يوحنا: «من أجلهم أقدِّس أنا ذاتي، ليكونوا هم أيضاً مقدَّسين في الحق» (17: 19). كيف تمّ ذلك؟ وكيف يقول ذلك إلا بما معناه: ”أنا كوني كَلمةُ الآب، أُعطي الروح القدس لذاتي الصائر إنساناً، وأُقدِّس به ذاتي الصائر إنساناً، حتى يكونوا جميعاً مقدَّسين فيَّ أنا الحق (لأنَّ كلمتك هو حقٌّ)“ فإن كان من أجلنا يقدِّس ذاته، ويفعل ذلك بعد أن صار إنساناً، فمن الواضح تماماً أن حلول الروح القدس عليه في الأردن، كان حلولاً للروح علينا نحن، بسبب أنه كان حاملاً جسدنا نحن، فلم يكن ذلك من أجل ارتقاء الكلمة ذاته،بل بالحري من أجل تقديسنا نحن، حتى نشترك في مسحته ويُقال عنا: «أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم؟» (كورنثوس الأولى 16:3)]. نيافة الحبر الجليل الانبا إبيفانيوس الأسقف الشهيد رئيس دير القديس أبو مقار
المزيد
24 يناير 2020

كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟

اقرأ معكم فصل من رسالة معلمنا يوحنا الحبيب الإصحاح الخامس كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟”ونحن في اجتماع شباب في هذا السن الجميل نعيش في هذا العالم المتصل ببعضه ومعنا أجهزة تصلنا بالعالم كله أحدثك عن ثلاثة أشياء :- ١- نفسك ٢- الزمان ٣- كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟ الله عندما خلق الإنسان، قال له سأعطيك أشياء اميزك بها عن باقي الكائنات. – أولًا: أعطى له عقل والبشر سموه “العقل زينة”، وصار العقل زينة للإنسان وجماله، ويوجد من لديه عقل فارغ ويوجد من لديه عقل تحترمه ويبدع ويفكر به. – ثانيًا: أعطى له الحرية ورمز لها باليد وكل شئ في الحياة مصنوع بهذه الأصابع، وأعطى له اليد رمز للحرية ضع اليد مع العقل تبدع كل يوم ما هو جديد وتخيل أنه أعطانا الشجر وبعقله الإنسان صنع من الشجر أشكالًا كثيرة. – ثالثًا: أعطى له قلب خاص بالإنسان والله، وهو محطة نتقابل فيها مع الله، والله أعطانا (عقل ويد وقلب) وصرت إنسانًا متميزًا، عاقلًا، عاملًا، كائنًا روحيًا، وصارت حياتك على صورة الله ومثاله. وصرت كائنًا وأنت على الأرض نكلم الله، وفي المعمودية صرت مولودًا من السماء ومدشنًّا بالميرون مخصص أي مكرس، وابتديت تتناول، وفتح أمامك طريق الأبدية وصرت متميزًا، والله لن يتدخل في حريتك والارتباط بالكنيسة في ذهننا هو يؤكد لك أننا نسير في طريق الأبدية. ولذلك كلنا نحمل جنسيات كثيرة لكن يوجد جنسية أخرى قالها بولس الرسول في رسالة تيموثاوس، وهي أنك صرت أبن الله في الرعوية ومدعو للأبدية وحياتك لها معني . أعرف أن الله خلقك ويريدك أن تعرف أنك صرت على صورته ومثاله وهيكل لله ومستودع للمسيح، لهذا قال بولس الرسول “استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني” (في ٤ : ١٣) وصارت صورتك الجميلة وأعطاك الكنيسة التي تحميك وتحوط عليك. ٢- الزمن الذي نعيشه به تغيرات شديدة جدًا صار فيه تواصل وتقارب بين البشر بصورة لم نشاهدها من قبل وفي عام ١٩٣٦ تم اختراع التليفزيون وبعد الحرب العالمية الأولى أي بعد ٣٠ عاما اخترعوا الكمبيوتر وكان حجمه كبير وصغروه وسمي PC وبعد ٤٠ عاما الـ TV تزوج الـ PC وخلفوا الموبايل أو الجوال أو النقال أو المحمول، لكن من يوم اختراعه للأسف قلبك توقف وصار استعمالنا في هذا الجهاز الصغير أكثر من أعداد البشر وصار الإنسان يتعامل مع آلة، وليس بشر وصارت الآلة بيني وبينك، وهذا غير المقابلة وجهًا لوجه، لأن التعامل الإنساني يشعرنا ببعض ولكن الآلات بلا مشاعر، والعالم صار يعتمد علي هذا لكن بعد انفصال التليفون عن السلك صار لك عالمك ودخل الإنسان في الأنانية وبهذه الطريقة انتشر العنف والإرهاب والإلحاد، وهذا نتيجة انقطاع التواصل الإنساني وصار عالم غريب.وأصبح يوجد مرض الخوف من فقدان الموبايل وأصبح مرض رسمي مسجل طبيًا، فانتم الشباب وحياتكم وسنكم هذا، كيف نعيش في هذا الزمن؟ الإنسان أصبح يفقد إنسانيته والعالم يتغير. ٣- فماذا أفعل لكي أكون إنسان ناجح ؟ يجب أن اضع خمسة خطوط عريضة، ولكن يجب أولًا أن نضع أمام أعيننا هذه الآية”وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤). – أول خط عريض، كن واثقًا في إيمانك فلا يتزعزع ففي العهد القديم، الناس استهزأت بنوح، ولكن في يوم أتيذى الطوفان ولم يكن في الفلك سواه هو وأسرته، ولولا ثقته هذه ما كان يبني الفلك ولم يهتز إيمانه، ثق في إيمانك مثل نوح. – كن إنسان صاحب مبادئ لا تسير مع الموجة مثل السمك الميت، دانيال عندما أخذ للسبي، وقيل له كُل هذا الأكل يقول الكتاب “أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ” (دا ١ : ٨)، وكان صاحب مبدأ، ابني لنفسك مبادئ مثل يوسف. – كن إيجابي في علاقاتك كن شخص ايجابي، فكر صح في المجتمع، في البلد ولا تكن سلبي، أكثر مثل في الإنجيل يوجد صورة ايجابية عندما تقابل المسيح مع السامرية، كن إيجابي في رأيك وفي تعبيرك عن أي موضوع إذا وجدت مشكلة عبر وقل. – كن إنسان شاهد لمسيحك، أنت تحمل اسم المسيح وتكون شاهد له مثل شهداء ليبيا في بلد غريبة وتعليمهم محدود يبحثون عن لقمة عيش، وتعرضوا لهذا الموقف ولكن شهدوا لمسيحهم وكانت كرازتهم للعالم كله، كن شاهدًا بكلامك أو دراستك مثل الدكتور مجدى يعقوب يخدم آلاف الناس. – كن دائما مصلياً .. بلا صلاة تضيع وما رفعت صلاة إلا ووصلت للمسيح، وكنيستنا مليئة بالصلوات، “طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.” (يع ٥: ١٦)، هذا كلام الإنجيل الصلوات تفعل أشياء كثيرة، فكن إنسانًا مصليًا، وأعرف أن الصلاة تصنع المعجزات. بالأمس زارنا الرئيس الفرنسي، وشاهد أيقونة شهداء ليبيا بالكاتدارئية، أيقونة شهداء البطرسية، وسئلنا رد فعلكم ايه؟ قولت له نصلي من أجل كل الناس. الخلاصة: ١- كن إيجابي في حياتك ناجحًا. ٢- كن إنسان واثق في إيمانك. ٣- كن إنسان صاحب مبادئ. ٤- كن إنسان إيجابي في علاقاتك. ٥- كن إنسان مصليًا لكل أحد. ربنا يحافظ عليكم، ونردد مع بعض هذه الآية مرة أخرى “وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤).ضعوها أمامكم، ربنا يحافظ عليكم و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
23 يناير 2020

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلْعَدَد

1- بين اصحاح 1 – 4، اصحاح 26 ففى الاول والثانى ذكر عدد بنى اسرائيل ولكنهما اختلفا فى تقدير العدد فبعض الاسباط فى الاحصاء الثانى زاد وبعضها نقص. فنجيب: كان بين الاحصائين ما يزيد عن 38 سنه فلهذا زاد عدد بعض الاسباط فى الثانى عن الاول، والاحصاء الاول تكرار للاحصاء المذكور فى (خر 38 : 6).اما النقص فى بعض الاسباط فسسبه ان الله كان قد قضى قبل دخول ارض كنعان بافناء كل الرجال الذين فوق سن العشرين وقت الخروج (ماعدا اثنين وسبط لاوى) اى كل الذين تضمنهم الاحصاء الاول، وان ذلك القضاء اخذ يجرى منذ نطق الله به اى منذ بدء السير فى البريه او منذ رجوع الجواسيس (عدد 14 : 29) ولا ريب فى ان نتيجه ذلك نقص عدد الاسرائيليين فى الجيل التالى. ولم يكن النقص متناسبا فاننا نرى النقص الاعظم فى شمعون ولاوى مع كونه خرج من ذلك القضاء فلم يزد سوى الف وهى زياده زهيده وذلك لتتم عليهم نبوه ابيهما (تك 49 : 5 – 7) انظر ايضا بخصوص شمعون (عد 25 ويش 19 : 9 و1 اى 4 : 27) وبخصوص لاوى (عد 3 : 4 و16 : 32 و26 : 10) واصاب النقص الراوبينيين لانهم كانوا على موسى (تث 11 : 1). 2- وبين اصحاح 1 : 7، را 4 : 20 ففى الاول ان نحشون كان فى عصر موسى وفى الثانى ان بينه وبين داود اربعه اعقاب فقط هم سلمون وبوعز وعوبيد ويسى، على ان بين موسى وداود اكثرمن 450 سنه (اع 13 : 20). فنجيب لعل الثانى ترك بعض اشخاص واكتفى بذكر المشاهير من رؤساء العائله. مثال ذلك انه فى (1 اى 6 : 3 – 15) توجد سلسله رؤساء الكهنه من هارونالىالسبى، اما عزرا الذى كان منهم فعند ذكر نسبه فى سفره اصحاح 7 : 1 – 5 يهمل من هذه السلسه ذاتها نحو سته اجيال كما يظهر من مقابله هذين الشاهدين فى محلهما. 3- وبين لا اصحاح 4، عد اصحاح 15 ففى الاول تقدم ذبيحه ثور فداء عن الشعب وفى الثانى لابد ان يكون الثور مع لوازمه. فنجيب ان الاول قصد به ذبيحه الاثم وقصد بالثانى ذبيحه الاثم مع النذور. راجع العبارتين. 4- وبين عد 4 : 3 و23 و30 و35 و39 و43 و47 وبين اصحاح 8 : 24 و25 ففى الاول ان خادم خيمه الاجتماع يكون من ابن 30 سنه فصاعداالى50 سنه وفى الثانى يكون ابن 25 سنه فصاعداالى50 سنه فنجيب كان اللاويون فى عصر موسى يخدمون من سن 25 سنه فى الخدم البسيطه اما وقت نقل ادوات خيمه الاجتماع الثقيله فكان يختار لها الرجال الاقوى. وبعد ان بنى الهيكل وخف العمل قبل فى خدمته من كان سنه 30 سنه. 5- وبين اصحاح 16 : 32، اصحاح 26 : 11 ففى الاول ان الارض ابتلعت قورح وكل من كان له وفى الثانى ان بنو قورح لم يموتوا فنجيب. جاء فى الكتاب ان قورح من عشيره قهات وداثان وابيرام اللذان اعتصبا معه على موسىمن سبط راوبين عد 16 ومحله الاول كانت قبلى خيمه الاجتماع المركزي ه على جانب المسكنالىالتيمن واما محله الاخرين فقد كانت قبلى الخيمه ايضاالىالتيمن فى صف خارجى وهذا يعلل لنا سبب مخاطبه موسى لقورح لقربه منه (عد 16 : 8) وسبب استدعائه لداثان وابيرام (عد 12) اللذين رفضا ان يجيئا ثم تركه فى الصباح خيمه الاجتماع المركزيه (عد 16) حيث كان الشعب يقدمون البخور امام الرب وذهابهالىداثان وابيرام (عد 25)ويعلل ايضا سبب ذكر خيام داثان وابيرام مرتين واغفال ذكر خيمه قورح مع انه زعيم المحرضين (عد 26 و27) ويفصح لنا ايضا عن سبب هلاك هاتين العشيرتين وعدم ذكر عشيره قورح لان انشقاق الارض كان قاصرا على المكان المنصوبه فيه خيام داثان وابيرام التى امر الرب شعب اسرائيل بالاعتزال عنها (عد 26) فعشيره قورح لم تهلك لان خيمتها كانت فى صف داخلى وهذا هو السبب فى ذكر داثان وابيرام فقط فى (تث من 11 : 6) واما قول الاول (وكل من كان لقورح) اى من الثائرين معه ولا يقتضى ان يكونوا من عشيرته، وذكر الاول له بصفته كبير المعتصبين. 6- وبين اصحاح 23 : 19، 1 صم 15 : 11 ففى الاول ان الله لا يندم وفى الثانى انه ندم على انه جعل شاول ملكا. فنجيب قلنا انفا لا يخفى ان الكتب الالهيه كتبت للبشر فينبغى ان تكتب بلغتهم لكى يفهموها فالالفاظ المسندهالىالعزه الالهيه التى يستفاد منها انه ندم (يون 4 : 2) وغضب (عد 12 : 9) وغير ذلك ليست الا استعارات اتخذها البارىء، من لغه البشر يعبر بها عن انه يكره الخطيئه وينسب لنفسه الانفعالات الانسانيه ليفهم البشر مراده وقصده لان الانسان البشرى الناقص لا يفهم الله اذا تكلم تعالى عن نفسه كما هو. 7- وبين اصحاح 25 : 9، 1 كو 10 : 8 ففى الاول ان الذين ماتوا بالوباء 24000 وفى الثانى 23000، فنجيب ان الثانى ذكر بصريح اللفظ (فسقط فى يوم واحد) فالعدد الذى ذكره ليس كل الذين هلكوا بل الذين هلكوا فى يوم واحد فقط. 8- وبين اصحاح 28 : 29، حز 45 و46 فبين الاول والثانى خلاف فى نظام الهيكل فنجيب ان كلام حزقيال عباره عن نبوات استعاريه القصد منها الالماحالىمجد ملكوت المسيح (1 كو 3 : 16 و2 كو 6 : 16 واف 2 : 20 – 22 واتى 3 : 15) فحزقيال اطلق الهيكل على كنيسه المسيح والرسول بولس استعمل هذه الاستعاره كما فى (2 تس 2 : 4) واستعملها كاتب سفر الرؤيا (11 : 19 و14 : 17 و15 : 5 و8) بل استعمل عبارات حزقيال (رؤ 4 : 2 و3 و6). 9- وبين اصحاح 31، (قض 6) ففى الاول ذكر ان الاسرائيليين ابادوا المديانيين عن اخرهم وفى الثانى ان المديانيين بعد 200 سنه تقووا حتى عجز الاسرائيليين عن مقاتلتهم. فنجيب لا يبعد ان يكون قوم مديانيون ساكنين فى مدن اخرىغير التى ابادها الاسرائيليين، ولا ريب انه نجا من الساكنين فى المدن التى اهلكت وفر عدد عظيم. ومده 200 سنه تكفى لنموهم وانتصارهم على اسرائيل فى وقت سخط فيه عليهم الههم الذى كان يتداخل فى امر حروبهم فكان يجعل الامه الصغيره تغلبهم وقت غضبه عليهم، والامه الكبيره مغلوبه لهم وقت رضاه عنهم. 10- وبين اصحاح 31 : 17، مز 7 : 11 ففى الاول امر موسى بقتل كل ذكر من الاطفال وكل امراه عرفت رجلا بمضاجعه ذكر من المديانيين مع ان الاطفال والنساء لم ياتوا ذنبا وفى الثانى ان الله قاضى عادل فكيف يتفق عدله وذلك الامر الجائز. فنجيب ان الامر بقتل الاطفال الذكور والنساء المستعدات للولاده نظر فيهالىالمستقبل فالاطفال ومن تلده النساء بنمو ويكبر ويصير شوكه فى جنب شعب الله، فقتلهم من قبيل تدارك الخطا قبل وقوعه.وفى سفر يشوع ان الله امر يشوع بما ينافى الرحمه الالهيه من قتل الكنعانيين. ويدفع هذا بان ذلك انتقام منهم لانهم خبثوا وتوغلو فى عباده الاوثان واباحوا المحظورات التى لا تحسن امور الناس عموما الا بالامتناع عنها وقد جائتهم النذور ونهتهم النواهى الطبيعيه سنين بل قرون كثيره. والله يعاقب الاثمه بالموت بطرق مختلفه فقتل بعضهم بالوباء وبعضهم بالحرب وبعضهم بالصواعق او الزلزالالىغير ذلك من طرق الهلاك المخيفه. ولولا انقراض الكنعانيين لكانوا افسدوا اخلاق الاسرائيليين وعلموهم عباده الاصنام والاعمال القبيحه فانقراضهم كان امرا. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
22 يناير 2020

تأمل فى معجزة عرس قانا الجليل

كان القديس يوحنا الحبيب من أوائل التلاميذ الذين دعاهم السيد المسيح وعاصر تقريبا كل معجزات وخدمة السيد المسيح مدة خدمته على الارض اى ما يقرب من 1000 يوم وقد اختار القديس يوحنا الحبيب 20 يوم خدمة وقدمهم لنا فى انجيله فلم يقدم لنا أمثال لانه يريد ان يقدم لنا السيد المسيح من خلال لاهوته فى هذه المعجزة يقدم لنا الصديق المفرح فالانسان منذ خطية ادم غاب عنه الفرح فاراد القديس يوحنا ان يقدم لنا المسيح المفرح فذكر معجزة عرس قانا الجليل فى بداية انجيله. لماذا بدأ السيد المسيح معجزاته بهذه المعجزة؟ 1- اراد ان يقدس حياة الاسرة. 2- اراد ان يرفع اتعاب أو لعنة المرأة و لعنة الارض فبهذا العرس يبدأ خليقة جديدة. 3- أراد ان يقدم البداية المفرحة فقدم لهم هدية (الخمر). هذا العرس حضره السيد المسيح فى بداية خدمته وكان العرس من العادات والتقاليد اليهودية المشهورة فكان العرس فى اليهودية يبدأ من الاربعاء وينتهى فى الاربعاء التالى واجازة السبت فكانوا يضعون ستة اجران عند مدخل البيت مخصصة لحفظ الماء ويقدم فى العرس المشروب المشهور فى ذلك الوقت وهو عصير العنب الطازج اى الغير مختمر وكانت العادة ان يقدموا العصير الجيد اولاً ثم الاقل جودة , وفى هذا العرس ينتهى الخمر فطلبت العذراء مريم من السيد المسيح وقالت له "ليس لهم خمر" اى ليس لهم فرح و يرد عليها بقسوة "ما لى و لك يا امرأة لم تاتى ساعتى بعد" أى ساعة الصليب ثم يصنع السيد المسيح المعجزة ويعود الفرح الى هذا العرس والى كل البشر بصليب المسيح الفرح يغيب عن الانسان اذا حلت الخطية فالخطية تسرق الفرح من الانسان. خمر فى اللغة اليونانية و العبرية 3 كلمات:- 1- عصير العنب الطازج (تيروش). 2- عصير العنب الطازج أو المختمر (يايين). 3- عصير العنب المختمر (سكر). هذه الكلمات الثلاثة تستخدم فى اللغة العربية بكلمة واحدة وهى الخمر. كيف يكون السيد المسيح صديقاً مفرحاً لك؟ 1- مسيحنا مفرح من خلال الايمان الذى نعيشه, الايمان يمنح الانسان سلام ثم فرح داخلى حقيقى. 2- مسيحنا مفرح من خلال الكتاب المقدس الذى هو رسالة فرح. 3- مسيحنا مفرح من خلال وجوده فى الكنيسة على الدوام , الكنيسة هى سر فرح حياتى. 4- مسيحنا مفرح لانه يسند الانسان فى ضعفه دائماً , فلا يرفض ابدأً توبة انسان. 5- مسيحنا مفرح لانه يعد لنا حياة أبدية , فكل من عاش حياته بامانه له اكليل فالسماء هى مكان الفرح الدائم.القديس يوحنا الحبيب يقدم لنا المسيح بأكثر من صورة كالمسيح المحب والمسيح مفرح القلوب. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 يناير 2020

«وإذ كان يُصلِّي»

صلاة يسوع أثناء معموديته في الأردن عيد الغطاس هو أحد أكبر ثلاثة أعياد سَيِّدية في الكنيسة، وهي التي يُقام فيها القداس في نصف الليل. فهو من جهة الأهمية يأتي مباشرة بعد عيدَي الميلاد والقيامة. بل يجب أن نعرف أنه في زمن لم يكن فيه عيد الميلاد قد عُرف بعد، كان عيد الغطاس من أكبر أعياد الكنيسة، ولاسيما في الشرق. نقرأ من إنجيل معلمنا لوقا البشير: «ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً. وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلاً: أنت ابني الحبيب بك سررت» (لو3: 21و22). تركيزنا اليوم سيكون على عبارة ”وإذ كان يُصلّي“، وسنتأمل في نوعية صلاة المسيح في هذه المناسبة، بماذا كان يصلي؟ وماذا كانت مشاعره وأحاسيسه عند العماد؟ نقرأ في إنجيل يوحنا أن يوحنا المعمدان أشار إليه قائلاً«هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يو1: 29). فالذين سمعوه تذكروا للتو نبوة إشعياء العجيبة التي لم تنطبق على أحد من قبل«لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها. ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه وبِحُبُرِه شُفينا. كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا. ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاه تُساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه... إنه ضُرب من أجل ذنب شعبي... على أنه لم يعمل ظلماً ولا وُجد في فمه غش... إنه جعل نفسه ذبيحة إثم... بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها... إنه سكب للموت نفسه وأُحصِيَ مع أثمة، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين» (اش53: 412)هذه النبوة هي عن إنسان حَمَلَ خطايا الشعب، وتذلَّل وظُلم ولم يفتح فاه، ولم يوجد في فمه غش، لكنه بإرادته جعل نفسه ذبيحة إثم، بل وسكب للموت نفسه! إنها نبوة خالدة عن العبد المتألم. كانوا يقرؤونها في العهد القديم ولا يفهمونها، ثم جاء المعمدان وأشار إلى تحقيقها في المسيح، قائلاً باختصار بليغ: «هذا هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم!». ففي هذه اللحظة بدأت رسالة المسيح كحمل الله!ولكن في الحقيقة ليست هي إشارة المعمدان التي أثَّرت على المسيح وجعلته يبدأ رسالته كحمل الله، ولكن العكس هو الصحيح: فمشاعر الرب الداخلية وما كان يعتمل في قلبه من تصميم على تقديم نفسه ذبيحة إثم هي التي أحس بها يوحنا المعمدان، فنطق بما كان يراه أمام عينيه في قلب المسيح والآن يهمُّنا أن نتحسس ماذا كانت مشاعر الرب وأعماقه الداخلية في هذا الموقف، تلك التي صمت عنها الإنجيل واكتفى بأن يقول باختصار «إذ كان يصلي». من الأشياء التي تساعدنا على التعرُّف على مضمون صلاة الرب أثناء العماد هو ما نقرأه في سفر العبرانيين«لذلك عند دخوله إلى العالم يقول: ذبيحة وقرباناً لم تُرِدْ ولكن هيِّأتَ لي جسداً» (عب10: 5) بمعنى أن كل الذبائح والقرابين السابقة لم يُسَرَّ الله بها، لأنها كانت مجرد ذبائح حيوانية غريبة عن طبيعة الله. ولكن الشيء الذي يُسرُّ به الله هو ذبيحة الحب الإلهي المقدَّمة من ابنه الحبيب بمشاعر حب بنوي لائق بالله. ولذلك ”هيَّأَ له جسداً“، ليصير هو الذبيحة المقبولة عند الآب. وبقية الآية تؤكد هذا المعنى«بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرَّ. ثم قلتُ ”هانذا أجيء، في درج الكتاب مكتوبٌ عني، لأفعل مشيئتك يا الله“. إذ يقول آنفاً ”إنك ذبيحةً وقرباناً ومحرقاتٍ وذبائحَ للخطية لم تُرِدْ ولا سُررتَ بها“ ... ثم قال ”هانذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله“، ينزع الأول لكي يثبِّت الثاني» (عب10: 6-9) العجيب في هذه الآية أنها تبيِّن لنا بوضوح نوعية صلاة المسيح الداخلية التي اكتفى إنجيل لوقا بالإشارة إليها باختصار قائلاً: «إذ كان يصلّي». إنه كان يقول في قرارة نفسه: ”هانذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله. هانذا أجيء لأصير أنا الذبيحة الحقيقية المرضية أمامك، عوض كل ذبائح ومحرقات العهد القديم التي لم تُرضِك ولا سُررتَ بها“. أمر آخر يُقرِّب لنا ماذا كانت مشاعر الرب وصلاته أثناء العمادلقد جاء يوحنا المعمدان يُعمِّد بمعمودية التوبة لغفران الخطايا، وكان الجميع يأتون إليه تائبين وينزلون إلى الماء معترفين بخطاياهم. فكون المسيح يأتي هو أيضاً ويتقدَّم مثلهم وكأنه يريد أن ينال معمودية التوبة لمغفرة الخطايا، وهو البار القدوس الذي بلا خطية ولا شر؛ هذا يدل بكل تأكيد أنه كان يتقدَّم بصفته حامل خطايا العالم كله، بل بصفته قد صار هو نفسه خطية لأجلنا لكي يبررنا من كل خطية، بحسب المكتوب«جعل الذي لم يعرف خطيةً خطيةً لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه» (2كو5: 21)أي أن الله الآب جعل المسيح خطية، وضع على كتفه كل خطايا البشرية ابتداءً من خطية آدم ثم جميع خطايا الأجيال اللاحقة حتى آخر إنسان سوف يوجد قبل اليوم الأخير، كلها تجمعت على أكتاف المسيح. فلم يكن إحساس المسيح أنه حامل خطايا فقط، بل بلغ إحساسه أنه هو نفسه خطية، ما أقسى هذه الحقيقة، ولكن كل هذا لكي يجعلنا نحن بر الله فيه لذلك كانت صلاة المسيح: «هانذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله». ها أنا مستعد أن أتألّم وأتقدّم إلى الصليب وأتقبّل معمودية الدم، وليس فقط معمودية يوحنا هذه التي للتوبة. فالمسيح في هذه اللحظات كان ينظر إلى صليبه على اعتبار أنه هو المعمودية الحقيقية التي ستغسل البشرية كلها من خطاياها«لي صبغة (حرفياً: معمودية b£ptisma)أصطبغ بها (حرفياً: أعتمد بها baptisq»nai)،فكم أنا منحصر حتى تُكمَّل!» (لو12: 50)«وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة، وكان صوت من السماء قائلاً: أنت ابني الحبيب بك سُررتُ» (لو 3: 21و22). صلاة المسيح بنية تقديم نفسه ذبيحة حب هي التي جعلت السماء تنفتح وأظهرت فيض الحب الأبوي المنسكب عليه من الله الآب، بشهادة الآب أن «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررتُ»، فتحقق قول المسيح «لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً» (يو10: 17)على أن الحب المتبادل بين الآب والابن لم يبدأ اليوم، ولا هو كان متوقِّفاً على تقديم المسيح نفسه ذبيحة بالنية، ولكنه حب أزلي لانهائي موجود من قبل تأسيس العالم. الآب يحب الابن حباً لا نهائياً، والابن يحب الآب حباً لا نهائياً، والروح القدس ينقل مشاعر الحب من الآب للابن ومن الابن للآب هذا كله كان يتم من قبل تأسيس العالم في مرأى من الملائكة التي تشاهده وتسبِّح الثالوث قائلة ”قدوس قدوس قدوس“، كما ظهر في رؤيا إشعياء. ولكن لماذا في هذا اليوم بالذات، عند معمودية المسيح، يظهر هذا الاستعلان علناً؟ ما هو الجديد الذي حدث اليوم ولم يكن موجوداً قبل تأسيس العالم؟ الجديد هو أن الابن ظهر لابساً جسد الإنسان وأبدى استعداده لأن يقدِّم هذا الجسد الذي أخذه من الإنسان كذبيحة حب لله أبيه بالنيابة عن الإنسان: «هيّأتَ لي جسداً، فقلتُ هانذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله»، فظهرت علاقة الحب المتبادلة بين الآب والابن منذ الأزل وقد شملت الآن بشرية الرب يسوع – وبالتالي شملت جميع العتيدين أن يتحدوا بجسد المسيح ويصيروا أعضاءً منه لذلك يرى القديس كيرلس الكبير أن نزول صوت الآب على المسيح في هذا اليوم قائلاً «أنت ابني الحبيب. بك سُررتُ» كان من أجلنا نحن ليشملنا في التبني ويُدخلنا في مجال حب الآب للابن: [لقد جاء صوت الله الآب على المسيح في وقت معموديته ليقبل به وفيه الإنسانَ الأرضي، قائلاً: ”هذا هو ابني الحبيب“. لأن الابن الوحيد الحقيقي بحسب الطبيعة، لما صار مثلنا تعيّن ابناً لله، ليس ليقبل هذه الكرامة لنفسه - إذ كان ولازال كما قلتُ هو الإله الحقيقي - بل ليوصِّل إلينا نحن هذا المجد] ويؤيده في هذا الرأي القديس يوحنا ذهبي الفم[حينئذ انفتحت السموات ونزل الروح القدس، وذلك لكي يُخرجنا من سيرتنا القديمة إلى الجديدة، ويفتح لنا أبواب السماء، ويُرسل لنا الروح القدس من السماء، داعياً إيانا إلى ذلك الوطن. بل وليس فقط داعياً إيانا بل ومؤهلاً إيانا لأعظم كرامة، إذ لم يجعلنا ملائكة أو رؤساء ملائكة بل جعلنا أبناءً لله وأحباءَ الله!]لقد كان صوت الآب النازل على المسيح في معموديته يشمل البشرية التي كان ينوب عنها. لقد كان المسيح ممثِّلاً لملايين ومليارات من الناس الذين وُجدوا والذين سوف يوجدون فيما بعد. كان المسيح المتجسد يُقدِّم مشاعر الحب البنوي لله الآب، باستعداد تقديم جسده الذي أخذه من الإنسان ذبيحةً بالنيابة عن الإنسان، وبالتالي فإن الآب قَبِل هذه المشاعر لحسابنا نحن، ومن ثمَّ كان هذا الصوت لصالحنا. فسرور الآب بالابن في وضعه المتجسد هو لنا ولحسابنا، أي للبشرية جمعاء الممثَّلة في المسيح وهو لابس جسدنا. ونحن على قدر ما نشارك المسيح في مشاعره الداخلية، وعلى قدر ما نكون صادقين في مشاركته في حبه للآب، وفي استعدادنا للاشتراك في شرب الكأس التي يشربها هو وفي الاصطباغ بالصبغة التي يصطبغ هو بها، على قدر ذلك نشعر بتعزية الروح القدس تنسكب داخل قلوبنا، وبأننا صرنا فعلاً أبناءً لله وأحباءَ.
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل