المقالات

16 ديسمبر 2019

لماذا التجسد؟

لم يكن تجسد ابن الله هدفًا في ذاته بل كان وسيلة لتحقيق أهداف عظمى وهي:- 1- فداء الإنسان إذ بذل أقنوم الابن جسده فداءً عن الإنسان الساقط. 2- تجديد خلقة الإنسان إذ جاء ابن الله الكلمة المتجسد ليتحد بطبيعتنا الساقطة، ويُقيمها من ضعفها ويجددها بل ويُعيد خلقتها لتصير طبيعة مُقدسة. 3- تعليم الإنسان الفضيلة والكمال،وتقديم المثل الأعلى إذ أتى أقنوم الابن وعلّم الإنسان الفضيلة والكمال، ليس بكلامه فقط بل بشخصيته أيضًا، فعاش كاملًا، مُقدمًا مَثلًا وقدوة يسير عليها المؤمنون لأن الله غير قابل للموت بلاهوته أخذ جسدًا قابلًا للموت،فيه ذاق الموت من أجل الجميع "يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة من أجلنا نحن الخطاة" (قطع الساعة التاسعة). إذًا لابد من التجسد لكي يتم الخلاص وفداء الإنسان. لماذا يفدينا؟ خلق الله الإنسان على صورته ومثاله"وقالَ اللهُ: "نَعمَلُ الإنسانَ علَى صورَتِنا كشَبَهِنا، فيَتَسَلَّطونَ علَى سمَكِ البحرِ وعلَى طَيرِ السماءِ وعلَى البَهائمِ، وعلَى كُل الأرضِ، وعلَى جميعِ الدَّبّاباتِ التي تدِبُّ علَى الأرضِ" (تك1: 26) وبدأ الله يفكر في هذا المخلوق الذي يريد أن يعمله على صورته وشبهه"وجَبَلَ الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ تُرابًا مِنَ الأرضِ، ونَفَخَ في أنفِهِ نَسَمَةَ حياةٍ فصارَ آدَمُ نَفسًا حَيَّةً" (تك2: 7)بهذه النفخة التي نفخها الله لتعطي الحياة للإنسان طبع الله صورته فينا، وسكن فينا بروحه الذي يحبنا ويجعلنا ننمو كل يوم في القداسة على صورة الله "ليس جَيدًا أنْ يكونَ آدَمُ وحدَهُ، فأصنَعَ لهُ مُعينًا نَظيرَهُ" (تك2: 18).. استيقظ آدم فوجد حواء بجانبه وشعر بمحبة عظيمة نحوها "هذِهِ الآنَ عَظمٌ مِنْ عِظامي ولَحمٌ مِنْ لَحمي" (تك2: 23) أعطى الله آدم السلطان على كل الخليقة ثم سقط آدم بمخالفته الوصية آدم أيها المحبوب إنك مخلوق من تراب،وكان يمكن أن تظل تربًا،لكنني أردت أن أخلقك لأمتعك بالوجود معي لقد خلقت الحيوانات يا آدم بلا عقل أو حرية،ولكنني أحبك لذلك أعطيتك من عقلي ومن حريتي ومن إرادتي،لأني خلقتك رجلًا محبوبًا بعد سقوط آدم وحواء صنع لهم الله أقمصة من الجلد "ذبح حيوان" "الدم".. فكرة الذبيحة النائبة عن المخطئ وضعت من ذلك الوقت فكر الله في خلاص الإنسان الذي أخطأ وطُرد من الجنة كيف ومتى لقد أخذ العدل الإلهي مجراه، فطُرد آدم من حضرة الله القدوس، وسرى عليه حكم الموت الأبدي. ما هو قدر خطية آدم؟ إنها غير محدودة لماذا؟لأن الخطية تقدر بشخصية المخطئ إليه فمثلًا:- لو أخطأ إنسان في حق ابنه، يكون الخطأ بسيطًا فيمكن إصلاحه بالاعتزاز بينما نفس الخطأ لو حدث مع صديق فيكون الصلح أصعب ولو حدث مع الرئيس في العمل يكون أصعب وأصعب وقد يحتاج تدخل الآخرين ولكن ما رأيك لو حدث نفس الخطأ مع رئيس الدولة؟ بلا شك ستكون هذه الإهانة موجهة للدولة ككل،وقد يقع مرتكب هذا الخطأ تحت حكم السجن مدى الحياة. هنا نتأمل خطية أبونا آدم.. كم هي معقدة وغير محدودة!! لأنها موجهة ضد الله الغير محدود هذه الخطية توارثها جميع أبناء آدم ولم يفلت منها أحد وبما أن خطية آدم وجهت لله الغير محدود، أصبحت خطية غير محدودة لذلك وجب أن الذي يفي العدل الإلهي ويخلص آدم يكون كائن غير محدود ولأن الخطية التي وجهت لله كان المخطئ فيها إنسان له جسد أصبح الذي يفي عدل الله لابد أن يكون له جسد ولأن الإنسان بطبيعته التي أفسدها أصبح طبيعة خاطئة يحمل الخطية في كل شيء، ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف يفي الإنسان الخاطئ أو يفدي الإنسان الخاطئ إنسانًا آخر خاطئ مثله؟ فلابد الذي يفديه يكون بلا خطية. لذا وجب شروط للفادي الذي يفدى الإنسان:- شروط الفادي كائن ذو طبيعة بشرية له جسد. كائن غير محدود. بلا خطية. مَنْ يفدي آدم؟ رئيس ملائكة!!نبي أو رئيس أنبياء!!إنسان!!اللاهوت لا يموت لذلك لازم يأخذ جسد قابل للموت لذلك وجب تجسد الابن الوحيد لذلك لزم أن يكون كائنًا غير محدود بلا خطية، ذو طبيعة بشرية وطبيعة قابلة للموت مَنْ هذا الكائن غير الإله المتجسد السيد المسيح!لذلك وجب نزول الأقنوم الثاني، وحلوله في بطن السيدة العذراء، وتكوين جسد له بحلول الروح القدس فى بطنها، وخروجه من بطنها إلهًا متجسدًاإلهًا آخذًا صورة إنسان ربنا يبارك حياتكم ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين. الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
15 ديسمبر 2019

عَدَد مُدُن المَلْجَأ مَوْقِعْ المُدُن الطَّرِيق المُؤَدِّي إِلَيْهَا :-

عَدَد مُدُن المَلْجَأ :- قَدْ يَرَى البَعْض أنَّ إِيجَادْ مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة كَافٍ جِدّاً لِلدِلاَلَة عَلَى نِعْمَة الله الغَنِيَّة وَلكِنْ مُبَارَك إِسْم إِلهْنَا الَّذِي يَعْمَلْ فَوْقَ مَا نَفْتَكِر وَأكْثَر جِدّاً مِمَّا نَطْلُبْ وَنَنْتَظِر فَنَجِدْ أنَّ الله يَأمُر بِإِقَامِة سِتَّة مُدُن وَلَيْسَتْ مَدِينَة وَاحِدَة أوْ إِثْنَتَيْنِ . وَلِمَاذَا سِتَّة ؟ رَقَمْ سِتَّة يُشِير إِلَى أيَّام الخَلِيقَة أيَّام العَمَلْ الكَامِلَة لِلإِنْسَان وَكَأنَّ الإِنْسَان مُعَرَّض فِي عَمَلُه أنْ يُخْطِئ فَيَجِدْ فِي الله مَلْجَأ لَهُ كُلَّ أيَّام غُرْبَتِهِ عَلَى الأرْض فَأذْرُع الله مَفْتُوحَة لِلإِنْسَان كُلَّ أيَّام حَيَاتُه عَلَى الأرْض لاَ يُغْلِقْهَا مُطْلَقاً إِذْ خَلَقَ الله الإِنْسَان فِي اليَوْم السَّادِس وَهُوَ مُعَرَّض لِلخَطَأ كُلَّ يَوْم فَيَلْزَمُه سِتَّة مُدُن يَا لِعِظَمْ مَحَبِّة إِلهْنَا الَّذِي حِينَ دَبَّر فِدَاء الإِنْسَان أحَبَّ أنْ يُغَطِّي كُلَّ أيَّام غُرْبِة الإِنْسَان عَلَى الأرْض فَنَجِدُه يُصْلَبْ فِي اليَوْم السَّادِس وَفِي السَّاعَة السَّادِسَة وَرَقَمْ سِتَّة هُوَ رَقَمْ نَاقِص يَحْتَاج أنْ يُكْتَمَلْ بِالسَّابِعْ فَمَا هُوَ السَّابِعْ الَّذِي يُكْمِلْ هذَا النَّقْص سِوَى رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي أكْمَلْ وَيُكَمِّلْ هذَا النُقْصَان إِذْ أتَى إِلَى العَالَمْ وَحَلَّ بَيْنَنَا وَنَصَبْ مَدِينَتَهُ لِنَجِدْ فِيهَا كَمَال المَلْجَأ فَهُوَ المَلْجَأ الحَقِيقِي فَهُوَ مَدِينِة مَلْجَأنَا السَّابِعَة الكَّامِلَة الَّذِي عُيُون الكُلَّ تَتَرَجَاه هذَا الَّذِي رَأى المَرْأة السَّامِرِيَّة الَّتِي كَانَ لَهَا خَمْسَة أزْوَاج وَالَّذِي مَعَهَا لَيْسَ زَوْجِهَا وَبذلِك أصْبَحُوا سِتَّة رِجَال وَلكِنْ مَنْ السَّابِعْ الَّذِي سَيَدْخُلْ حَيَاتْهَا وَيَفْطُمْهَا مِنْ رِبَاطَاتِهَا السِتَّة القَدِيمَة ؟ إِنَّهُ شَخْص رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي عُيُون الكُلَّ تَتَرَجَاه مُشْتَهَى كُلَّ الأُمَمْ ( حَجَّي 2 : 7 ) الَّذِي صَارَ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا فَقَطْ بَلْ وَلَنَا جَمِيعاً مَدِينِة مَلْجَأ حَصِينَة الَّذِي تُرِتِلْ لَهُ نِفُوسْنَا مَعَ دَاوُد النَّبِي أَمَّا أَنْتَ فَمَلْجَإِي الْقَوِيُّ ( مز 71 : 7 ){ اللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ . عَوْناً فِي الضِّيقَاتِ وُجِدَ شَدِيداً } ( مز 46 : 1) . مَوْقِعْ المُدُن :- قَدْ إِهْتَمَّ الرَّبَّ أنْ يُقَرِّبْ مُدُن المَلْجَأ مِنْ قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً وَهُوَ البَّائِس المِسْكِين فَهُوَ يَجْعَلْ نِعْمَتِهِ الغَنِيَّة وَالثَّمِينَة تَفِيض وَتُلاَقِي كُلَّ مِحْتَاج حَيْثُمَا كَانْ هذِهِ هِيَ تَدَابِير إِلَهْنَا الصَّالِح الَّذِي إِهْتَمَّ أنْ تَكُون هذِهِ المُدُن فِي وَسَطْ أرْضِهِمْ فَلاَ يُنَاسِبْ أنْ تَكُون هذِهِ المُدُن بَعِيدَة أوْ صَعْب الوُصُول إِلَيْهَا إِنَّهُ الإِله العَارِف بِضَعْف البَشَر الَّذِي يُقَدِّم كُلَّ شَيْء مِنْ أجْل النَّجَاة إِنَّهُ بِر إِلَهْنَا المُعْلَنْ لِجَمِيعْ النَّاس . وَسَطِ أَرْضِكَ تُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ :- ثُلْث عُلْوِي وَسُفْلِي وَوَسَطْ وَفِي مُنْتَصَفْ كُلَّ ثُلْث تُوضَعْ مَدِينَة لَيْسَ لَهَا عِلاَقَة بِالأسْبَاط حَتَّى لاَ تُطِيل الطَّرِيق بِحَيْثُ أنْ تَكُون قَرِيبَة لِلكُلَّ وَيُسْرِع إِلَيْهَا القَاتِلْ لِيَنْجُو وَكَانَ الوُصُول إِلَى مُدُن المَلْجَأ سَهْلاً فَقَدْ كَانَ البُعْد بَيْنَ المَدِينَة وَأي مَكَان قَدْ يَحْدُث فِيهِ القَتْل لاَ يَزِيدْ عَنْ ثَلاَثِينَ مِيلاً يَسْتَطِيعْ القَاتِلْ أنْ يَقْطَعْهَا فِي نِصْف يَوْم تَقْرِيباً بِشَرْط الإِسْرَاع . وَسَطْ أرْض إِسْرَائِيل :- هذَا المَكَان هُوَ المُحَبَّبْ لِحُلُول الله فَهُوَ يَشْتَاق أنْ يَكُون فِي وَسَطْنَا فَتَرَى أنَّهُ حِينَ أمَرَ مُوسَى النَّبِي بِمَكَان الخَيْمَة الَّتِي تُعْلِنْ حُضُورُه وَسَطْ شَعْبِهِ إِخْتَارَ الوَسَطْ { لأِسْكُنَ فِي وَسْطِهِمْ }( خر 25 : 8 )إِنَّهُ يُرِيدْ المَرْكَز يَدْعُو الجَمِيعْ يَرَاهُ الجَمِيعْ مِحْوَر الجَمِيعْ يُرِيدْ أنْ يَكُون مَوْضُوع إِنْشِغَالْنَا كَمَا وَجَدْنَا مُخَلِّصْنَا يَسُوع الْمَسِيح يُحِبْ الوَسَطْ حَتَّى أنَّهُ فِي صَلْبِهِ إِخْتَارَ الوَسَطْ وَسَطْ لِصَيْنِ ( يو 19 : 18) وَفِي القِيَامَة وَقَفَ وَسَطْ تَلاَمِيذُه ( لو 24 : 36 )وَفِي مَجْدِهِ سَنَرَاهُ وَسَطْ العَرْش خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأنَّهُ مَذْبُوحٌ ( رؤ 5 : 6 ) . مَوَاقِعْ المُدُن :- المُدُن الَّتِي أُخْتِيرَت لِتَكُون مُدُن مَلْجَأ هِيَ ثَلاَثَة :- مُدُن شَرْق الأُرْدُن :- حَيْثُ يَسْكُنْ سِبْطَيْنِ وَنِصْف ( رَأُوبِين ؛ جَاد ؛ نِصْف مَنَسَّى ) وَهيَ :- (1) بَاصِر :- الَّتِي تَقَعْ فِي المُرْتَفَعَات الوَاقِعَة شَرْقَيّ مَصَبْ نَهْر الأُرْدُن فِي البَحْر المَيِت فِي نَصِيب رَأُوبِين فَتَكُون المَدِينَة الجَنُوبِيَّة لِلمَلْجَأ وَيُقَابِلْهَا فِي الغَرْب حَبْرُون وَكَلِمَة " بَاصِر " تَعْنِي " حِصْن " وَالْمَسِيح حِصْنَنَا الَّذِي نَرْكُض إِلَيْهِ وَنَتَحَصَّنْ . (2) رَامُوت جِلْعَاد :- تَقَعْ عَلَى بُعْد خَمْسِين مِيلاً إِلَى الشَّمَال مِنْ بَاصِر فِي مُرْتَفَعَات جِلْعَاد الَّتِي وَقَعَتْ نَصِيباً لِسِبْط جَاد فِي المَنْطِقَة المُتَوَسِطَة تُقَابِلْهَا تَقْرِيباً فِي الأرَاضِي القَرِيبَة مَدِينَة شَكِيم " رَامُوت " تَعْنِي" مُرْتَفَعْ " فَالْمَسِيح رَفَعَهُ الله وَهُوَ فِي السَّمَاء وَنَزَلَ إِلَى الأرْض لِيَرْفَعْنَا مَعَهُ إِلَى السَّمَاء . (3) جُولاَن :- تَقَعْ فِي المُرْتَفَعَات شَرْقَيَّ بَحْر الجَلِيل فِي نَصِيب سِبْط مَنَسَّى فَكَانَتْ مَدِينِة المَلْجَأ الشَّمَالِيَّة وَيُقَابِلْهَا فِي الغَرْب مَدِينِة قَادِش وَكَلِمَة "جُولاَن" تَعْنِي" فَرَحٌ " فَالرَّبَّ فَرِح بِأوْلاَدُه وَهُمْ يَفْرَحُونَ بِإِلَهِهِمْ وَقَدْ تُعْنِي" تَجُول "وَهُنَا تُشِير لِمَسِيرِة المُؤمِنِين مَعَ فَادِيهُمْ نَحْو السَّمَاء وَالعَجِيبْ أنَّ بَعْض هذِهِ المُدُن كَانَتْ مَرْكَزاً لِلعِبَادَات الوَثَنِيَّة صَارَتْ مُدُن لِلمَلْجَأ تَحْمِلْ طُمَأنِينَة وَسَلاَمَاً لِكُلَّ مَنْ يَلْجَأ إِلَيْهَا تُمَثِّلْ بَيْت الله وَاهِبْ التَّعْزِيَة . مُدُن غَرْب الأُرْدُن :- وَهيَ تَقْرِيباً فِي المُقَابِلْ مَعَ الثَّلاَث مُدُن الأُخْرَى شَرْق الأُرْدُن وَسَطْ كُلَّ ثُلْث مِنْ الأرْض :- (1) قَادِش :- الَّتِي كَانَتْ تَقَعْ عَلَى بُعْد نَحْو خَمْسَة عَشَرَ مِيلاً إِلَى الشَّمَال مِنْ بَحْر الجَلِيل فِي القِسْم الَّذِي خَرَجَ نَصِيباً لِسِبْط نَفْتَالِي كَلِمَة " قَادِش " تَعْنِي " المُقَدَّس " وَتُشِير إِلَى قَدَاسِة الْمَسِيح وَبِرِّهِ . (2) شَكِيم :- تَقَعْ فِي الطَّرْف الشَّرْقِيَّ مِنْ الوَادِي الَّذِي يَمْتَدْ مِنْ الغَرْب إِلَى الشَّرْق بَيْنَ جَبَلْ عِيبَال وَجَبَلْ جَرْزِيم فِي مُرْتَفَعَات أفْرَايِمْ وَدَاخِلْ حُدُود نَصِيب سِبْط أفْرَايِمْ فِي مَوْقِعْ مُتَوَسِطْ فِي أرْض كَنْعَان كَلِمَة " شَكِيم " تَعْنِي " كِتْف "وَقَدْ حَمَلَ الْمَسِيح صَلِيبُه عَلَى كَتِفُه فَالكِتْف تُشِيرإِلَى قُوَّة عَمَلْ الْمَسِيح فِي حَمْلِنَا إِلَيْهِ وَنَقْل خَطَايَانَا إِلَيْهِ فَيَحْمِلْهَا وَيُعْطِينَا بَرُّه . (3) حَبْرُون :- الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى أيْضاً قَرْيِة أرْبَع وَكَانَتْ تَقَعْ فِي نَصِيب يَهُوذَا عَلَى بُعْد نَحْو عِشْرِين مِيلاً إِلَى الجَنُوب مِنْ أُورُشَلِيم " حَبْرُون " تَعْنِي " زَوَاج أوْ إِرْتِبَاطٌ " وَهذَا يُشِير إِلَى إِتِحَادْنَا بِالْمَسِيح عَرِيس نِفُوسْنَا الحَقِيقِي وَفِي هذَا الجَدْوَل مُخْتَصَر لِمَوْقِعْ وَمَعَانِي أسْمَاء سِتَّة مُدُنْ المَلْجَأ :- الجِهَة شَرْق الأُرْدُن غَرْب الأُرْدُن شَمَال جُولاَن = فَرَحٌ قَادِش = قَدَاسَة وَسَطْ رَامُوت جِلْعَاد = مَرْتَفِعْ شَكِيم = كِتْف جَنُوب بَاصِر = حَصِين حَبْرُون = زَوَاج أوْ إِرْتِبَاط وَفِي أسْمَاء هذِهِ المُدُن نَجِدْ كُلَّ مَا نَحْتَاجُه مِنْ الْمَسِيح فَهُوَ قَدَاسِتْنَا وَكِتْفِنَا وَعَرِيسْنَا وَفَرَحْنَا وَارْتِفَاعْنَا وَحِصْنِنَا مَا أبْهَج النَّفْس الَّتِي تَمَتَّعَتْ فِيهِ . تَوْزِيعْ المُدُن :- وَرَغْم أنَّ شَرْق الأُرْدُن يَسْكُنْ سِبْطَيْنِ وَنِصْف فَقَطْ حَدَّدْ الله لَهُمْ ثَلاَث مُدُن مَلْجَأ مِثْلَهُمْ مِثْلَ تِسْعَة أسْبَاط وَنِصْف غَرْب الأُرْدُن رُبَّمَا يَرْجَعْ هذَا إِلَى أنَّ غَرْب الأُرْدُن هُنَاك تُوْجَدٌ خَيْمَة الإِجْتِمَاع فِي وَسَطِهِمْ يُقَرِّبُونَ ذَبَائِح وَعِبَادَة وَأمَّا فِي الشَّرْق لاَ يُوْجَدٌ فَهؤُلاَء البَعِيدِين ( سُكَّان الشَّرْق ) يَحْتَاجُونَ إِلَى مُدُن أكْثَر إِذْ أنَّ البَعِيدْ عَنْ العِبَادَة مُعَرَّض لِلخَطَأ أكْثَر فَيَحْتَاج إِلَى مُدُن أكْثَر وَمُدُن شَرْق الأرْض وَسُكَّانْهَا هُمْ الَّذِينَ طَلَبُوا أنْ يَمْتَلِكُوهَا مِنْ مُوسَى النَّبِي وَلاَ يَعْبُرُونَ الأُرْدُن{ إِنْ وَجَدْنَا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلْتُعْطَ هذِهِ الأَرْضُ لِعَبِيدِكً مُلْكاً وَلاَ تُعَبِّرْنَا الأُرْدُنَّ } ( عد 32 : 5 ) وَيَرْجَعْ السَبَبْ فِي إِشْتِيَاقِهِمْ لِهذِهِ الأرْض لِمَا إِتَسَمَتْ بِهِ مِنْ صَلاَحِيَة لِلرَعْيّ وَقَدْ مَلَكَ سِبْط رَأُوبِين وَجَاد مَوَاشٍ وَفِيرَة جِدّاً فَأحَسُّوا أنَّهُمْ أحْوَج إِلَى هذِهِ الأرْض مِنْ غَيْرِهِمْ وَكَانَتْ هذِهِ إِشَارَة إِلَى إِخْتِيَارِهِمْ البَشَرِي وَفَقَدُوا إِشْتِيَاق التَّطَلُّع إِلَى الأرْض الَّتِي وُهِبَتْ لِلجَمَاعَة كُلَّهَا مِنْ قِبَل الرَّبَّ تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً وَبِهذَا إِنْفَصَلُوا عَنْ التِّسْعَة أسْبَاط وَنِصْف غَرْبَيَّ الأُرْدُن فَصَارُوا كَمَنْ فِي عُزْلَةعَرَّضَتْهُمْ لِهَجَمَات الأعْدَاء حَتَّى إِضْطَّرَ بَاقِي الأسْبَاط لِلتَدَخُّل لإِنْقَاذِهِمْ( 1صم 11 ؛ 1مل 22 )أرَادُوا أنْ يَطْلُبُوا أكْلاً لِبَقَرِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَرَفَضُوا المَذْبَح وَالخَيْمَة وَالشَرِكَة مَعَ إِخْوَانِهِمْ وَهُنَا نَجِدْ فِي السِّبْطَيْنِ وَنِصْف سُكَّان شَرْق كَنْعَان صُورَة حَيَّة لِكَنِيسِة العَهْد القَدِيم الَّتِي كَانَتْ وَلاَ تَزَال جُزْءاً لاَ يَتَجَزَّأ فِي كَنِيسَة الله الوَاحِدَة وَلكِنَّهَا لَيْسَتْ فِي غِنَى بَرَكَات كَنِيسَة العَهْد الجَدِيد الَّتِي عَبَرَت مِيَاة المَعْمُودِيَّة المُقَدَّسَة ( نَهْر الأُرْدُن ) وَحَمَلَتْ فِي وَسَطْهَا المُقَدَّسَات إِنَّهَا صُورَة بَدِيعَة لِلكَنِيسَتَيْنِ جُزْء نَالَ نَصِيباً خِلاَل النَّامُوس ( مُوسَى ) حَيْثُ تَمَّتْ الغَلْبَة عَلَى يَدَيْهِ عَلَى فِرْعُون وَأخَذَ الوَصَايَا وَقَادَ الشَّعْب فِي البَرِّيَّة حَتَّى حُدُود أرْض المِيعَاد أمَّا الجُزْء الأعْظَمْ فَقَدْ تَحَقَّق فِي قِيَادِة يَشُوع ( يَسُوع ) الَّذِي دَخَلَ بِهِمْ إِلَى الأرْض عَيْنِهَا الَّتِي تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً أمَّا غَرْب الأُرْدُن فَلَهُمْ مَذْبَحٌ وَخَيْمَة وَذَبِيحَة وَكَهَنَة وَتَقْدُمَات وَأعْيَاد وَإِنْ كَانَ سُكَّان شَرْق الأُرْدُن صَنَعُوا لأِنْفُسِهِمْ مَذَابِح إِلاَّ أنَّهَا كَانَتْ مُجَرَّدْ رَمْزاً وَلكِنْ المَذْبَح الحَقِيقِي فِي الغَرْب الَّذِي يُمَثِّلْ المَذْبَح الحَقِيقِي الَّذِي لِكَنِيسِة العَهْد الجَدِيد الله أوْجَدٌ مَلْجَأ لِكَنِيسِة العَهْد القَدِيم مِنْ خِلاَل الذَّبَائِح الدَّمَوِيَّة كَرَمْز إِلَى أنْ نَتَمَتَّعْ بِالذَّبِيحَة الحَقِيقِيَّة ذَبِيحِة نَفْسِهِ فِي العَهْد الجَدِيد كَذَبِيحَة وَفِدَاء وَكَفَّارَة لَيْسَ رَمْزاً بَلْ مَلْجَأً حَقِيقِيّاً فِيهِ خَلاَصِنَا وَفِدَاءِنَا وَرُبَّمَا هُنَا نَجِدْ صُورَة بَالِغَة لِصَلاَح الله الَّذِي تَعَامَلْ مَعَ السِّبْطَيْنِ وَنِصْف بِكُلَّ رَأفَة إِذْ كَانَ يُمْكِنْ أنْ يَقْضِي لَهُمْ أنَّ مَادُمْتُمْ قَدْ إِخْتَرْتُمْ مِيرَاثَكُمْ فِي أرْض خِلاَف أرْض المَوْعِد وَاقْتَنَعْتُمْ وَرَضَيْتُمْ بِأقَلْ مِنْ كَنْعَان أرْض المَوْعِد فَلاَ تَنْتَظِرُوا أنْ تَتَمَتَّعُوا بِإِمْتِيَازَات وَبَرَكَات هذِهِ الأرْض فَيَجِبْ أنْ تَكُون قَاصِرَة فَقَطْ عَلَى سُكَّانْهَا وَلِهذَا يَجِبْ عَلَى قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً لِكَيْ يَنْجُو بِحَيَاتُه أنْ يَجْتَاز نَهْر الأُرْدُن وَيَتَحَصَّنْ فِي إِحْدِى مُدُن المَلْجَأ هُنَاك وَلكِنْ الله يُعَامِلْهُمْ بِحَسَبْ نِعْمَتِهِ وَلاَ بِحَسَبْ نَامُوسِهِمْ إِذْ أفْكَارُه غَيْر أفْكَارِهِمْ وَطُرُقُه غَيْر طُرُقِهِمْ وَقَدْ نَرَى نَحْنُ أنَّ إِيجَادْ مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة لِلسِّبْطَيْن وَنِصْف كَافٍ جِدّاً لِلدِلاَلَة عَلَى نِعْمَة الله وَمَحَبَّتِهِ وَلكِنْ مُبَارَك إِلَهْنَا الَّذِي يَعْمَلْ فَوْقَ مَا نُفَكِّر وَأكْثَر جِدّاً مِمَّا نَطْلُب أوْ نَفْهَمْ وَلِهذَا إِقْتَضَتْ نِعْمَة الله الغَنِيَّة أنْ تَجْعَلْ مِنْ إِقْلِيمْ السِّبْطَيْنِ وَنِصْف الصَّغِير الرَّافِض الدُّخُول إِلَى أرْض المِيعَاد أنْ يَكُون لَهُمْ ثَلاَث مُدُن مَلْجَأ فِي تَسَاوٍ مَعَ التِّسْعَة أسْبَاط وَنِصْف سُكَّان غَرْب الأُرْدُن هذَا هُوَ إِلَهْنَا الصَّالِح الَّذِي لاَ يُعَامِلْنَا بِحَسَبْ تَعَدِيَاتْنَا بَلْ بِحَسَبْ كَثْرِه مَحَبَّتِهِ لِلبَشَر . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
14 ديسمبر 2019

تسبحة 7 و 4 والأربعة هوسات

إن تسبحة كيهك التي تُصلى ليالي الآحاد الكيهكية هي تسبحة كل أحد على مدار السنة لأنه هو يوم القيامة، الذي تحتفل فيه الكنيسة بهذه الذكرى أسبوعيًا، بسهرها حتى طلوع الفجر الذي قام فيه السيد المسيح وعند طلوع الفجر كانت البُشرى الملائكية بدحرجة الحجر، وإعلان القيامة المجيدة فبعد أن تُصلى صلوات مزامير نصف الليل بخدماتها الثلاثة يُقرأ في أول خدمة إنجيل لقاء العريس مع العذارى اللواتي استعددن بإيقادهن مصابيحهن(مت25: 1-13)"حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ" (مت25: 1-13). وفي الخدمة الثانية نصلي إنجيل التوبة "المرأة الخاطئة"، ولقاء المحبة مع السيد المسيح في بيت الفريسي، فنشتم رائحة طيب عطرة (هي أصلًا رائحة دموع المرأة الخاطئة وليست رائحة الطيب المسكوب).. فدموعها التي بللت بها قدمي المُخلّص هي أقصر قيمة وأريجًا من رائحة الطيب المسكوب.. (لو7: 36-50)"وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: "لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ". فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: "يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ". فَقَالَ: "قُلْ، يَا مُعَلِّمُ". "كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟" فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ:"أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ". فَقَالَ لَهُ: "بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ". ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: "أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا". ثُمَّ قَالَ لَهَا: "مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ". فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: "مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟". فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ" (لو7: 36-50). ونختم صلوات الخدمة الثالثة بوعد الراعي لقطيعه بعدم الخوف من أي شيء.. هذا القطيع ولو أنه صغير ومفروز من العالم، لكنه بإطاعته لراعيه أصبح الرب من نصيبه ومن حقه أن يرث الملكوت.. (لو 12: 32-40)"لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ. بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاسًا لاَ تَفْنَى وَكَنْزًا لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ، حَيْثُ لاَ يَقْرَبُ سَارِقٌ وَلاَ يُبْلِي سُوسٌ، لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضًا. "لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ" (لو 12: 32-40). وتبدأ التسبحة بلحن نُصليه يوميًا.. وهو لحن (تين ثينو Ten;ynou)، ومعناه: "قوموا يا بني النور لنسبح رب القوات".. وهنا نجد الكنيسة تحثنا على السهر، الذي هو تعبير عن الوقوف في نور السيد المسيح، لنسبح رب القوات، لأن بنوره نعاين النور.. وهنا ينطبق قول بولس الرسول: "جَمِيعُكُمْ أَبْنَاءُ نُورٍ وَأَبْنَاءُ نَهَارٍ. لَسْنَا مِنْ لَيْل وَلاَ ظُلْمَةٍ. فَلاَ نَنَمْ إِذًا كَالْبَاقِينَ، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ... فَلْنَصْحُ لاَبِسِينَ دِرْعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ، وَخُوذَةً هِيَ رَجَاءُ الْخَلاَصِ" (1تس5: 4-8) وكلمة "اسهروا" نجدها من أكثر الكلمات التي تكررت في الأناجيل، لأنها هي متعة روحية تنعش الروح، وتجدد النفس، وتقوي العلاقة بين الإنسان والله فالسهر في تسبيح رب القوات خالق الكل هو: - اشتراك في تمجيد مع القديسين والملائكة في تمجيد الرب. - وتدريب على الوجود مع الله باستمرار. - وأيضًا استعداد للقاء العريس السماوي.. فهو تصريح واضح لأصحاب المصابيح الموقدة للدخول مع العريس السماوي عندما يأتي الصوت الصارخ: "هوذا العَريسُ مُقبِلٌ، فاخرُجنَ للِقائهِ!" (مت25: 6). ولاشك أن السهر في بدايته يكون عبئًا على الإنسان وشيئًا ثقيلًا عليه، ولكن مع جهاد الإنسان وتخطيه هذه المرحلة بالتغصب (يبدأ بالتغصب.. أي تغصب الذات على السهر، وينتهي بالحب).. تنتهي هذه المرحلة بالمحبة الغير محدودة، والانطلاقة الروحية التي لا يساويها شيء، وهي أن يقضي الإنسان ليلة في التسبيح والشكر وتقديم صلوات يشتمها ضابط الكل رائحة بخور عطرة، فيتحول السهر داخل الإنسان من شيء ثقيل إلى عادة شهية لذيذة، يتمتع بها، ولا يستطع فيما بعد أن يتخلى عنها أو يفضل النوم عنها. أقسام تسبحة 7 و 4 تسمى التسبحة الكيهكية (7 و4) لأنها تتكون من أربع هوسات، ويعقبها سبع إبصاليات، ثم سبع ثيؤطوكيات، مرتبة على سبعة أيام الأسبوع،وكل يوم من أيام الأسبوع له "إبصالية" و"ثيؤطوكية" الخاصة به، وهذا بخلاف المدائح العربية والابصاليات القبطية المرتبة على الأربع هوسات.. والهدف من ذلك هو إطالة وقت التسبيح الذي نتمتع به في تسبيح رب القوات وخالق الكل.. وأيضًا الطروحات المترتبة على الهوسات والمَجمَع والثيؤطوكيات، التي تفسر لنا مع تذكرة ما نركز عليه في هذا اليوم. وإليك فكرة بسيطة عن ترتيب التسبحة: (1) الهوس الأول هو عبارة عن تسبحة موسى النبي والشعب كله عندما عبروا البحر الأحمر، وهى المسجلة بالتفصيل فيسف الخروج (خر 15) "حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ وَقَالُوا: "أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ. الرَّبُّ قُوَّتِي وَنَشِيدِي، وَقَدْ صَارَ خَلاَصِي. هذَا إِلهِي فَأُمَجِّدُهُ، إِلهُ أَبِي فَأُرَفِّعُهُ. الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ. مَرْكَبَاتُ فِرْعَوْنَ وَجَيْشُهُ أَلْقَاهُمَا فِي الْبَحْرِ، فَغَرِقَ أَفْضَلُ جُنُودِهِ الْمَرْكَبِيَّةِ فِي بَحْرِ سُوفَ، تُغَطِّيهِمُ اللُّجَجُ. قَدْ هَبَطُوا فِي الأَعْمَاقِ كَحَجَرٍ. يَمِينُكَ يَا رَبُّ مُعْتَزَّةٌ بِالْقُدْرَةِ. يَمِينُكَ يَا رَبُّ تُحَطِّمُ الْعَدُوَّ. وَبِكَثْرَةِ عَظَمَتِكَ تَهْدِمُ مُقَاوِمِيكَ. تُرْسِلُ سَخَطَكَ فَيَأْكُلُهُمْ كَالْقَشِّ، وَبِرِيحِ أَنْفِكَ تَرَاكَمَتِ الْمِيَاهُ. انْتَصَبَتِ الْمَجَارِيَ كَرَابِيَةٍ. تَجَمَّدَتِ اللُّجَجُ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ. قَالَ الْعَدُوُّ: أَتْبَعُ، أُدْرِكُ، أُقَسِّمُ غَنِيمَةً. تَمْتَلِئُ مِنْهُمْ نَفْسِي. أُجَرِّدُ سَيْفِي. تُفْنِيهِمْ يَدِي. نَفَخْتَ بِرِيحِكَ فَغَطَّاهُمُ الْبَحْرُ. غَاصُوا كَالرَّصَاصِ فِي مِيَاهٍ غَامِرَةٍ. مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزًّا فِي الْقَدَاسَةِ، مَخُوفًا بِالتَّسَابِيحِ، صَانِعًا عَجَائِبَ؟ تَمُدُّ يَمِينَكَ فَتَبْتَلِعُهُمُ الأَرْضُ. تُرْشِدُ بِرَأْفَتِكَ الشَّعْبَ الَّذِي فَدَيْتَهُ. تَهْدِيهِ بِقُوَّتِكَ إِلَى مَسْكَنِ قُدْسِكَ. يَسْمَعُ الشُّعُوبُ فَيَرْتَعِدُونَ. تَأْخُذُ الرَّعْدَةُ سُكَّانَ فِلِسْطِينَ. حِينَئِذٍ يَنْدَهِشُ أُمَرَاءُ أَدُومَ. أَقْوِيَاءُ مُوآبَ تَأْخُذُهُمُ الرَّجْفَةُ. يَذُوبُ جَمِيعُ سُكَّانِ كَنْعَانَ. تَقَعُ عَلَيْهِمِ الْهَيْبَةُ وَالرُّعْبُ. بِعَظَمَةِ ذِرَاعِكَ يَصْمُتُونَ كَالْحَجَرِ حَتَّى يَعْبُرَ شَعْبُكَ يَا رَبُّ. حَتَّى يَعْبُرَ الشَّعْبُ الَّذِي اقْتَنَيْتَهُ. تَجِيءُ بِهِمْ وَتَغْرِسُهُمْ فِي جَبَلِ مِيرَاثِكَ، الْمَكَانِ الَّذِي صَنَعْتَهُ يَا رَبُّ لِسَكَنِكَ الْمَقْدِسِ الَّذِي هَيَّأَتْهُ يَدَاكَ يَا رَبُّ. الرَّبُّ يَمْلِكُ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ". فَإِنَّ خَيْلَ فِرْعَوْنَ دَخَلَتْ بِمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَرَدَّ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ مَاءَ الْبَحْرِ. وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَمَشَوْا عَلَى الْيَابِسَةِ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ. فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ النَّبِيَّةُ أُخْتُ هَارُونَ الدُّفَّ بِيَدِهَا، وَخَرَجَتْ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَرَاءَهَا بِدُفُوفٍ وَرَقْصٍ. وَأَجَابَتْهُمْ مَرْيَمُ: "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ..." (خر 15: 1-21) والبحر الأحمر هنا يذكرنا أنه كان رمزًا للمعمودية، التي تُعتبر حدًا فاصلًا بين فرعون وجنوده، وبين الشعب الماشي في البرية مع إلهه فالكنيسة بعبور أولادها في مياه المعمودية.. هي الآن في برية العالم، وترنم تسبحة الغلبة والخلاص (ترنيمة موسى).. فهي تُرتلها كل يوم إلى أن تُرتلها في تمام الغلبة والنُصرة في الأبدية.. كما ذكر ذلك مُعلمنا يوحنا الرائي.. "ثُمَّ رَأَيْتُ آيَةً أُخْرَى فِي السَّمَاءِ، عَظِيمَةً وَعَجِيبَةً: سَبْعَةَ مَلاَئِكَةٍ مَعَهُمُ السَّبْعُ الضَّرَبَاتُ الأَخِيرَةُ، لأَنْ بِهَا أُكْمِلَ غَضَبُ اللهِ. وَرَأَيْتُ كَبَحْرٍ مِنْ زُجَاجٍ مُخْتَلِطٍ بِنَارٍ، وَالْغَالِبِينَ عَلَى الْوَحْشِ وَصُورَتِهِ وَعَلَى سِمَتِهِ وَعَدَدِ اسْمِهِ، وَاقِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ الزُّجَاجِيِّ، مَعَهُمْ قِيثَارَاتُ اللهِ، وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللهِ، وَتَرْنِيمَةَ الْخَرُوفِ قَائِلِينَ: "عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! عَادِلَةٌ وَحَق هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ! مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَارَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ" (رؤ15 : 1–4) ومن هنا نجد ارتباطًا قويًا بين كنيسة العهد القديم في رموزها، وبين كنيسة العهد الجديد.. كنيسة تحقيق الرموز. إن الكنيسة اليوم ترتل ترنيمة الغلبة وهي عابرة بحر هذا العالم، لتؤكد لنا نصرتنا على العالم وشهواته، ولترفع من أرواحنا المعنوية في جهادنا وحربنا الغير منظورة مع قوات الشر الروحية، وأيضا تأكيدًا لقوة الله وروحه القدوس الذي يعمل فيها.. فهي سر نصرتنا.. فهي تؤكد لنا أن الشيطان قد ذُل وهو يغوص مثل الرصاص في بحر ليس له قرار.. أي جرن المعمودية). (2) الهوس الثاني هو عبارة عن المزمور (135)"هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ. سَبِّحُوا يَا عَبِيدَ الرَّبِّ، الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ بَيْتِ إِلهِنَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ لأَنَّ ذَاكَ حُلْوٌ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ يَعْقُوبَ لِذَاتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ لِخَاصَّتِهِ. لأَنِّي أَنَا قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ، وَرَبَّنَا فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ. كُلَّ مَا شَاءَ الرَّبُّ صَنَعَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، فِي الْبِحَارِ وَفِي كُلِّ اللُّجَجِ. الْمُصْعِدُ السَّحَابَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. الصَّانِعُ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ. الْمُخْرِجُ الرِّيحِ مِنْ خَزَائِنِهِ. الَّذِي ضَرَبَ أَبْكَارَ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَهَائِمِ. أَرْسَلَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي وَسَطِكِ يَا مِصْرُ، عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى كُلِّ عَبِيدِهِ. الَّذِي ضَرَبَ أُمَمًا كَثِيرَةً، وَقَتَلَ مُلُوكًا أَعِزَّاءَ: سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ، وَكُلَّ مَمَالِكِ كَنْعَانَ. وَأَعْطَى أَرْضَهُمْ مِيرَاثًا، مِيرَاثًا لإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ. يَا رَبُّ، اسْمُكَ إِلَى الدَّهْرِ. يَا رَبُّ، ذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ، وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ. أَصْنَامُ الأُمَمِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. كَذلِكَ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهَا نَفَسٌ! مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، وَكُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا. يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ هَارُونَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ لاَوِي، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا خَائِفِي الرَّبِّ، بَارِكُوا الرَّبَّ. مُبَارَكٌ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، السَّاكِنُ فِي أُورُشَلِيمَ. هَلِّلُويَا" فهذا المزمور هو تسبحة شكر خالص لله.. وهذا الشكر هو الذي تُقدمهُ الكنيسة لله خالقها ومدبرها وراعيها من أجل محبته لها ولنا.. (فالكنيسة هي نحن).. فهو الذي أنقذها عندما عبر بنا بحر الموت، وقد أعالنا في البرية، ويعولنا حتى اليوم في برية العالم، ويقوتنا بجسده ودمه الأقدسين، كما أعال الشعب في البرية أربعين سنة.. وثيابه لم تُبلى، ونِعال رجليه لم تتهرأ، وأعطاهم المَن من السماء.. فهو أعطانا اليوم المَن السماوي الذي يأكل منه لا يموت إلى الأبد إن الشكر هو طبيعة الكنيسة المجاهدة كل يوم.. فكما قال مار إسحق:"ليست موهبة (عطية) بلا زيادة إلاَّ التي بلا شكر".. فنحن نشكره لأنه يحتمل ضعفاتنا البشرية، ويستر ضعف طبيعتنا الساقطة، ويغسل أرجلنا التي اتسخت بخطايا وأقذار العالم بالتوبة والاعتراف، ويجدد طبيعتنا، ويعطينا الحياة بدل الموت بالإفخارستيا أي جسده ودمه الحاضرين كل يوم على المذبح.. فهو يقودنا في موكب نصرته من مجد إلى مجد. (3) الهوس الثالث هو عبارة عن تسبحة الثلاثة فتية القديسين (وهذه التسبحة مدونة في الكتاب المقدس وقد حذفها البروتستانت في طبعة بيروت).. وملخص هذه التسبحة هو أن الملك أمر بإلقاء الثلاثة فتية القديسين في أتون النار المتقدة.. فرغم أن النار لم تنطفئ لكنها لم تمسهم بأي أذى، ثم بعد ذلك اكتشف الملك وجود شخص رابع (شبيه بابن الآلهة) يتمشى معهم وسط الآتون.. وهذا الهوس ترتله الكنيسة بنغمة الابتهاج والفرح، لتعلن لنا هذه المعاني الروحية السامية وهي أن السلام الداخلي لا يُعني زوال التجارب والآلام عنا.. لكنه يعني وجود الله معنا في وسط نيران العالم.. فمفهوم التجربة في المسيحية هي أنها لا تحل بزوالها، ولكن باجتياز الرب معنا في هذه التجربة، وبحمله الصليب معنا.. أي الوجود الدائم معنا فالشهيد اسطفانوس كان يُرجم بالحجارة وعظامه تتفتت، ولحم جسمه يتهرأ من الحجارة.. ولكنه كان يرى ابن الإنسان قائمًا عن يمين العظمة.. فكان شاخصًا للسماء، ولا يبالي بالحجارة ولا الراجمين أن نار العالم لازمة لتجربة الكنيسة.. (الكنيسة كجماعة ونحن كأشخاص في هذه الجماعة)، ولكن الله الرؤوف الحنون واقف في وسط هذا الأتون (التجارب القاسية)، فيحول النار إلى ندى بارد. * هذه التسبحة تجمع في مشهد واحد وجودها في الحاضر الزمني المؤلم (الأتون)، ووجودها في الأبدية السعيدة (ابن الآلهة الموجود في الآتون).. "الخَروفَ الذي في وسطِ العَرشِ يَرعاهُمْ" (رؤ7: 17).. فهي في نار العالم وهى في حضرة الله والسعادة الأبدية أن هذه التسبحة تحمل معنى الغلبة بقوة الصليب، بسر الرابع، الشبيه بابن الآلهة فنهتف كلنا بصوت الفرح والتهليل: "سبحوه مجدوه زيده علوًا"، وهو المَرَد المتكرر في كل أرباع الهوس الثالث وهو اللحن الرائع الذي نتغنى به على مدار ما يقرب من الخمسة عشر دقيقة في تناغم ليس له مثيل في لحن (هوس ايروف \wc `erof)، وهو يقال في آخر ربع من أرباع هذا الهوس.. لنعبر عن فرحتنا بإلهنا الذي لا يتركنا حتى ونحن في آتون النارولعل هذا ما يجعلنا نجد أن الهوس الثالث هو أكبر جزء في التسبحة اليومية بألحانها العديدة والجميلة والرائعة.. فنحن في ختام الهوس الثالث نقول الألحان الآتية: (1) ازمو ابشويس `Cmou `e`P[oic (2) هوس ايروف \wc `erof (3) آري هواؤ تشاسف `arihou`o [acf (4) أربسالين `Ari'alin (5) تنين ولحنه الممتع الرائع (6) تين أويه انسوك Tenoueh `ncwk كل هذا كختام للهوس الثالث.. ولنلاحظ أن إبصالية أربسالين نجدها تبدأ بـ "رتلوا للذي صلب عنا وقبر وقام وأبطل الموت وأهانه سبحوه وزيده علوا".. ونعقبها بعد ذلك بلحن تينين، وهى القطعة اليونانية التي تقال للثلاثة فتية القديسين، ونقول فيها: "فمن ثم تقدم الذبيحة والعبادة العقلية. ونرسل لك في هذا اليوم التسابيح لدى مجدك يا مخلصنا.. حنانيا وعزاريا وميصائيل.... يسبحون ويباركون الله كل حين" ثم نتبعها بلحن للثلاثة فتية القديسين أيضًا هو (تين اويه انسوك) بلحنه الكيهكي الرائع الذي نقول فيه: "نتبعك بكل قلوبنا ونخافك ونطلب وجهك يا الله لا تحزنا...". *وأخيرًا نقول بعد هذه الألحان الجميلة (مجمع الآباء القديسين)، الذي هو امتداد للثلاثة فتية.. فكما شهدوا هؤلاء الثلاثة أمام الملك نبوخذ نصر، كذلك هؤلاء الشهداء والقديسين شهدوا أمام الولاة وأمام الكل بحياتهم حسب المسيح فكمثل إحساس الكنيسة بوجود الله مع الثلاثة فتية القديسين في أتون نار هذا العالم.. هكذا يتدرج بإحساس المجاهدين والعابدين بعمق الشركة والعلاقة القوية التي تربط بين الكنيسة المجاهدة والكنيسة المنتصرة.. يجمعها هدف واحد وروح واحدة فالعضوية هي جسد واحد يقرب بينهما اشتياق لا مثيل له، لملاقاة الرب على السحاب حيث نكون مع الرب كل حين.. "ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ" (1تس4: 17) فنجد المجمع يبدأ بشفاعة السيدة العذراء كلية الطهر والقداسة مريم والدة الإله، ثم رؤساء الملائكة وبقية رتب السمائيين، والأربعة وعشرون قسيسًا ويوحنا المعمدان، ثم طلب صلوات القديسين ابتداء من البطاركة الأولين (إبراهيم وإسحق ويعقوب)، ثم الآباء الرسل والأنبياء والشهداء والنساك والرهبان.. إلى أن نصل إلى طلب صلوات البابا البطريرك اعترافًا منا أننا كنيسة آباء وكنيسة رسولية.. هؤلاء أجدادنا والأحياء الآن آباءنا ونخضع لهم بكل ترتيب ونظام فنحن نطلب صلوات الآباء الرسل والأنبياء والشهداء والقديسين.. فهم بمثابة سحابة الشهود التي لنا في السماء تطلب من أجلنا ليلًا نهارًا.. وكل منهم يتطلع لنظيره متمثلًا بسيرته طالبًا معونته.. هؤلاء هم الموجودون تحت المذبح في السماء يصلون من أجل المضطهدين والمتضايقين من اجل المسيح. وأيضا المئة والأربعة والأربعون ألفًا البتوليون يطلبون من أجل الذين اشتهوا بحياة البتولية والقداسة في السيد المسيح، وأيضًا الغالبون عند البحر البلوري يطلبون من أجل شبابنا المسيحي العفيف المجاهد حتى الدم ضد الخطية فالمجتمع يعتبر لحظة من لحظات التجلي على قمة جبل الرب العالي (وهو الكنيسة)، حيث يشمخ الرب يسوع المسيح بين موسى وإيليا (أبطال العهد القديم)، والتجلي ما هو إلا حالة الصلاة التي يجتمع فيها الرب يسوع مع قديسيه.. فلا فارق بينهما في عنصري الزمان والمكان.. إنها الأبدية الجميلة. (4) الهوس الرابع الهوس الرابع يتكون من ثلاثة مزامير هم: (مز148، 149، 150)"هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي. سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ. سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ، وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ. سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ. النَّارُ وَالْبَرَدُ، الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ، الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ، الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ، الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ، الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ، الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ، الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ، الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضًا، الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ، لِيُسَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ. وَيَنْصِبُ قَرْنًا لِشَعْبِهِ، فَخْرًا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ، لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّعْبِ الْقَرِيبِ إِلَيْهِ. هَلِّلُويَا" (مز 148). "هَلِّلُويَا. غَنُّوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَتَهُ فِي جَمَاعَةِ الأَتْقِيَاءِ. لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ. لِيُسَبِّحُوا اسْمَهُ بِرَقْصٍ. بِدُفّ وَعُودٍ لِيُرَنِّمُوا لَهُ. لأَنَّ الرَّبَّ رَاضٍ عَنْ شَعْبِهِ. يُجَمِّلُ الْوُدَعَاءَ بِالْخَلاَصِ. لِيَبْتَهِجِ الأَتْقِيَاءُ بِمَجْدٍ. لِيُرَنِّمُوا عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. تَنْوِيهَاتُ اللهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَسَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ فِي يَدِهِمْ. لِيَصْنَعُوا نَقْمَةً فِي الأُمَمِ، وَتَأْدِيبَاتٍ فِي الشُّعُوبِ. لأَسْرِ مُلُوكِهِمْ بِقُيُودٍ، وَشُرَفَائِهِمْ بِكُبُول مِنْ حَدِيدٍ. لِيُجْرُوا بِهِمُِ الْحُكْمَ الْمَكْتُوبَ. كَرَامَةٌ هذَا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ. هَلِّلُويَا" (مز 149). "هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اللهَ فِي قُدْسِهِ. سَبِّحُوهُ فِي فَلَكِ قُوَّتِهِ. سَبِّحُوهُ عَلَى قُوَّاتِهِ. سَبِّحُوهُ حَسَبَ كَثْرَةِ عَظَمَتِهِ. سَبِّحُوهُ بِصَوْتِ الصُّورِ. سَبِّحُوهُ بِرَبَابٍ وَعُودٍ. سَبِّحُوهُ بِدُفّ وَرَقْصٍ. سَبِّحُوهُ بِأَوْتَارٍ وَمِزْمَارٍ. سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ التَّصْوِيتِ. سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ الْهُتَافِ. كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبَّ. هَلِّلُويَا" (مز 150) هذه المزامير كلها عبارة عن تسبيح، وهذا التسبيح هو عمل الملائكة، وهو عمل الكنيسة الدائم في السماء، وعمل القديسين وكل الخليقة أيًا كانت.. إنسان أم حيوان أم نبات أم جماد.. الكل يمجد الله في صورة منقطعة النظير فأتركك أيها الفادي العزيز لنتمعن في كلمات الهوس الرابع الرائعة، وأذكرك أنك الآن تعرفت على معنى أربعة.. وبقي أن نتعرف عن جمال سبعة في التسبحة الكيهكية (سبعة وأربعة) وهذا ما سوف نلتقي به في المقال القادم إن شاء الله لإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين. الراهب القمص بطرس البراموسي
المزيد
13 ديسمبر 2019

ميمر دخول العذراء الهيكل للقديس كيرلس أسقف اورشليم

بالحقيقة يا أحبائي قد كمل اليوم كلام داود المرتل " مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات، نفسي تشتهي أن تدخل ديارك يارب، قلبي وجسدي يتهللان بالله مخلصي ". بالحقيقة قلب الملك يستريح في قصره الذي هو مريم لأنها اشتهت أن تصير في هيكله المقدس وقلبها يطلب مساكنه أكثر من كل العالم وأمواله الزائلة ووجهها يتهلل بتعليم الكهنة وطهارة جسدها نقية جدًا أفضل من ان تكون في مساكن آبائها وأقاربها لأن العصفور قد وجد له مسكنًا واليمام عشًا حيث تضع فراخها هكذا هي العذراء فرحت بوجودها في هيكل الرب، وتهللت عندما وجدت مسكنًا لإله يعقوب هكذا أخبر آباؤنا الرسل عن دخول العذراء إلى الهيكل وذلك أنه عندما بلغت العذراء السنة الأولى من عمرها حيث كان وقتئذ يوجد في هيكل الرب زكريا بن براشيا الكاهن الأعظم الذي أوقف حياته لخدمة الرب، فظهر له ملاك الله ذات يوم قائلا : السلام لك أيها الشيخ المبارك قم وأخبر حنة ويواقيم أن يحتفظا بالطفلة التي ولدت ويقدماها لهيكل الرب وديعة طاهرة تظل مرعية بك .. فلما سمع زكريا هذا تعجب كثيرًا وبارك الله وقص رؤيته على زوجته أليصابات التي قامت مسرعة معه حيث توجد العذراء البتول، فلما وصلا سلما على حنة ويواقيم اللذان تجمعهما رابطة القرابة، وبعد هنيهة من الزمن قام الكاهن العظيم زكريا وشرح ما سمعه من الملاك بشأن العذراء فأجابته والدتها قائلة : يا أبي القديس إن كل ما أومات به قد قيل لي قبل أن أحبل بها وقد سبقت فأنذرت أن كل ما يعطي لنا ذكرًا أم أنثى ندفعه لجدمة الرب داخل هيكله المقدس،فبارك زكريا السيدة العذراء وانثنى راجعًا هو وزوجته المباركة إلى مدينته بسلام.وفي ذات يوم حالما كانت تسكب على الرضيعة ماء لتحميها، رأت وجهها يتلألأ نورًا ساطعاص ففرحت وباركت الله وسبحت مع داود النبي " إلهي قد رفعت شعبًا متواضعًا وأذللت أعين العظماء ". بسبب حلولك في بيتي أنا المسكينة،نظرت إلى تواضعي في شدتي وخلصتني بما أوجدته مني من الثمرأنا العاقر، عيناي نظرتا خلاص الرب القدوس إله إسرائيل.طوبى لي أنا الحقيرة لأن المولودة مني مريم العذراء والدة الإله،فلتفرح معي قوات السماء، والقسوس الروحانيين، والحيوانات غير المتجسدة، والكراسي وكل خدام الله والشاروبيم والسارافيم. أشكرك أيها الرب الإله ضابط الكل وأمجدك إلى الأبد آمين.ولما قالت حنة هذا لفت الرضيعة بأقماط ووضعتها على سرير وجلست أمامها مبتهجة بما أعطيت من نعمة عظيمة. ولما بلغت الثانية من عمرها صنع أبواها وليمة عظيمة للفقراء والمساكين في ذلك اليوم الذي فيه والدها أن يذهب بها إلى هيكل الرب. لكن حنة طلبت من زوجها إبقاءها إلى أن تبلغ السنة الثالثة من عمرها وفعلا تم إبقاءها إلى أن أتمت السنة الثالثة وبضعة أيام يقدرونها بثمانية عشر يومًا. وإذ بدأت الصبية تمشي على الأرض تذكرت والدتها أن تذهب بها إلى هيكل الله لتخدمه بالطهارة كما سبقت وأنذرت قبل الحبل بها، وليتم قول داود النبي القائل " إن أرجلنا قامت في طريق مستقيمة " فأرسل يواقيم إلى الرعاة يأمرهم بإحضار ذبائح وقرابين كثيرة ثم ذهبا بها إلى أورشليم بالصبية يتبعهم الجمع الغفير من الناس، وستةعذارى من بنات اليهودية الطاهرات يلقبن باسم مريم أيضًا.وكان ذلك في اليوم الثالث من شهر كيهك والأمرالعجيب الذي احتارت فيه فلاسفة بني إسرائيل أن الصبية لما تركها أبواها ومع حداثتها لم تتألم ولم تبك ولم تقلق بل ظلت ساكتة ساكنة بالهيكل وهي تنمو كل يوم حتى أنها كانت موضوع حديث بني إسرائيل. وكان الكثير يقصدون إلى الهيكل لينظروا مريم ابنة يواقيم ويحمدوا الله لأن خضوعها ووداعتها كان ظاهرًا في حياتها.كانا أبواها غنيين من نسل داود الملك فكانا يبعثان لها الطعام وكانت تقبله بشكر وخضوع دون افتخار، وبعد أن يخرجا من عندها تستحضر فقراء الهيكل وتعطيهم طعامها تحيرت عقول الكهنة وقلقت أفكارهم إلى أن انكشف لهم ظهور الحقيقة برؤية نور ساطع سماوي من نعمة الروح القدس. وبذلك صارت وسط الهيكل كأنها حلة نورانية، ولا عجب في ذلك لأنها إناء مختار أو بالحري مسكن طاهر لروح الله القدوس، وفي آخر كل أسبوع كان أبواها يعملان وليمة للفقراء في بيت الرب فكانت مريم تخدمهم وتعطي الطعام لكل محتاج، وظلت سيرتها الحسنة وأعمالها المرضية تزداد يومًا فيومًا.عظيم هو مجد بتوليتك يا مريم العذراء لأنك وجدت نعمة أمام الرب الكائن منك. أنت السلم الذي رآه يعقوب ثابتًا على الأرض ومرتفعًا إلى السماء والملائكة عليه، أنت العليقة التي رآها موسى النبي والنار في أغصانها ولم تحترق. أنت الحقل الذي لم يزرع وأخرج ثمرة الحياة. أنت الكتر الذي اشتراه يوسف ووجد فيه الجواهر مختفية أعني بذلك مخلصنا الذي ولد منك لخلاص البشرية.. افرحي يا والدة الإله تهليل الملائكة. افرحي يا بشرى الأنبياء يا من استحققت حلول الكلمة القدوس في بطنك.افرحى يا من بواسطتها قد خلص آدم وذريته. افرحي يا من أرضعت مغذي كل البرية. افرحي أيتها القديسة أم الأحياء. جميعهم. نطلب إليك أن تشفعي فينا لدى ابنك الإله المتجسد منك الذي أتى وخلص العالم بأجمعه. كرامتك يا مريم العذراء من يقدر أن ينطق بها لأن الله أحبك وسكن فيك. الساكن في النور الحقيقي تنازل وسكن في بطنك تسعة أشهر. قد ولدتيه وبقيت عذراء لأن هذا هو الحجر الذي رآه دانيال النبي مقطوعًا من جبل بغير يد إنسان. هو الله الكلمة الذي تجسد من العذراء، وولد من الآب قبل كل الدهور الذي أخذ جسدًا من العذراء مريم بغير زرع بشر حتى يخلصنا فمن لا يطوبك أيتها الحمامة النقية أم المسيح ؟!. عظيمة هي رحمته فإياه نسأل بشفاعة هذه العذراء القديسة والدة الإله أن يتجاوز عن هفواتنا ويستر عيوبنا وينجينا من ضربات الشياطين، وشدائد الزمان، ويثبتنا في الإيمان المسيحي إلى النفس الأخير، ويجعلنا مستحقين دخول البيعة المقدسة الواحدة الجامعة الرسولية، متشبهين بملائكته النورانية، ويجعل باب بيعته مفتوحًا على ممر الأزمان. ويخذل سائر الأعداء، ويرزقنا الطمأنينة في الوطن ويعطف قلوب المتولين علينا بالرأفة والإحسان. وأن يسمعنا الصوت الفرح القائل " تعالوا إ لى يا مباركي أبي رثوا اُلملك المعد لكم من قبل إنشاء العالم ". " الذي لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر " بشفاعة. السيدة العذراء مريم وجميع الأنبياء والرسل والشهداء والصديقين وكل من أرضى الرب بأعماله الصالحة إلى دهر الدهور آمين. كنت منذ ثلاث سنين يا مريم أعطوك للهيكل فمشيتي مثل الحمامة والملائكة يأتون إليك.
المزيد
12 ديسمبر 2019

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلاَّوِيِّينَ

قال المعترض: «نقرأ في سفر اللاويين شرائع عن ذبائح كثيرة، وشرائع مختصَّة بآل هارون في الكهنوت والملابس، وقد نُسخت كلها في الشريعة المسيحية». وللرد نقول: أوضح الله للبشر طريق الخلاص برموز محسوسة ليقرّب لعقولنا القاصرة الأمور المعنوية الروحية. فلما أراد أن يوضح طريقة الفداء، وأنه لا يمكن الخلاص إلا بدم المسيح، رتَّب الذبائح والفرائض الطقسية في التوراة، للإشارة إلى دم الفادي الكريم، وأوضح أن الطريقة الوحيدة لمغفرة الخطايا هي سفك الدم، وأن دم الحيوانات لا قيمة له في حد ذاته، إلا في أنه يرمز إلى دم المسيح وقد عيَّن الله الرمز ليشير إلى أمر أهمّ منه لا بد من وقوعه هو «المرموز إليه». ولا بد أن يوجد في الرمز إشارة حقيقية تشير إلى المرموز إليه، وهذا لا يستلزم أن يكون الرمز من ذات جوهر المرموز إليه. فحَمَل الفصح مثلاً كان رمزاً للمسيح مع تباينهما في الجوهر. والغاية من الرمز هو تمهيد الطريق للمرموز إليه، وإعداد عقولنا لفهمه. وقد أعطى الله في التوراة رموزاً كثيرة تشير إلى المسيح وملكوته، لا على سبيل الصدفة، بل بالتدبير والقصد، فإن التوراة توطئة وتمهيد للإنجيل. فما أشارت إليه التوراة بالتلميح أوضحه الإنجيل بالتصريح. وطريقة الخلاص واحدة في العهدين. وأنت تعلم أن الأستاذ الحكيم يعلِّم تلاميذه القضايا الضرورية البديهية، ثم يرتقي معهم بالتدريج للحقائق العالية، فيستفيدون. وكذلك لا يجوز لمن كان في ظلام دامس أن يعرِّض عينيه لأشعة الشمس مرة واحدة، بل بالتدريج، إلى أن يصل إلى نور النهار الكامل. وكذلك نعطي الطفل أولاً اللبن لأن معدته لا تقدر على هضم غيره، ومتى نما وكبر نعطيه الغذاء اليابس. فكذلك عمل الله معنا: فأفهمنا في أول الأمر الحقائق الإلهية بطرق بسيطة محسوسة، وسلك معنا بالتدريج إلى أن أوضح لنا الحقائق بغاية الوضوح. فما أوضحه قليلاً في العهد القديم أوضحه كوضوح الشمس في العهد الجديد (لوقا 1: 79 و1يوحنا 2: 8 ورومية 16: 25، 26 وكولوسي 1: 27 و1كورنثوس 2: 7، 10) وإذ أدركنا هذا عرفنا أن كتاب الله منزَّه عن الناسخ والمنسوخ، فقد جاء المسيح ليكمل شريعة موسى، شريعة الطقوس بشريعته هو، وهي شريعة النعمة. كما جاء هو، المرموز إليه، ليحقّق رموز شريعة موسى ومن الرموز الواردة في العهد القديم التي تشير إلى المسيح: الذبائح والكهنة. أولاً - الذبائح: حكم الله أن النفس التي تخطئ تموت، لأنه قدوس طاهر يكره الإثم. وهذا الحكم يسري على الجميع بلا استثناء، لأن الجميع أخطأوا. ولكن الله تفضَّل وأوجد طريقة يمكن بها للخاطئ أن ينال مغفرة الخطايا، فيكون الله رحيماً وعادلاً في آن واحد إذا برر الخاطئ. وهذه الطريقة هي الإيمان بالمسيح الفادي الكريم. ووضع في التوراة الذبائح إشارةً إليه. فالحكم الذي كان يستوجبه الخاطئ احتمله المسيح في جسده، وبذلك استوفى العدل الإلهي حقه. وعليه فلا تفاوت بين عدله ورحمته. وهذه الطريقة هي المقبولة والمعقولة. وذبائح التوراة إشارة إلى دم المسيح، فقال في لاويين 17: 10، 11 «الدم يكفِّر عن النفس». وسبب التكفير (ومعناه: التغطية والسَّتر) بالدم هو أن الحياة هي في الدم. فالغاية من الذبيحة إذاً هي تقديم نفس لله عن نفس أخرى مدنَّسة بالخطايا، كتقديم حياة حيوان بريء عن حياة إنسان مذنب. والدليل على ذلك أن أيوب كان يقدِّم ذبائح بعدد أولاده لأنه قال: «ربما أخطأوا وجدفوا على الله» (أيوب 1: 5) وقال الرسول بولس: «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة» (عبرانيين 9: 22). وقد كانت الذبائح غير كافية لنزع الخطية (عبرانيين 10: 11) ولكنها كانت تكفر لأنها كانت ترمز إلى ذبيحة المسيح الكافية ذات الفعالية، ولذلك قدم المسيح نفسه مرة واحدة، بخلاف الذبائح التي كان يجب أن تُقدَّم مراراً لعدم كفايتها (عبرانيين 9: 9-14، 25، 26). قال يوحنا المعمدان عن المسيح: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا 1: 29). وقال يوحنا الحبيب إن ذبيحة المسيح هي كفارة لخطايا كل العالم (1يوحنا 2: 2). وقال المسيح إنه يموت فداءً عن شعبه (يوحنا 10: 15، 17، 18). وإنه يبذل نفسه فدية عن كثيرين (متى 20: 28 ومرقس 10: 45) وتنبأ عنه إشعياء بقوله: «مجروح لأجل معاصينا. مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه وبحُبُره شُفينا. والرب وضع عليه إثم جميعنا. كشاةٍ تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازّيها فلم يفتح فاه» (إشعياء 53: 5-7). وقال بولس الرسول عنه: «الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا» (أفسس 1: 7). والكتاب المقدس يعلمنا: (1) أن المسيح قدم نفسه ذبيحة كفارية للجميع. (2) كل من يؤمن بالمسيح يتبرر. (3) أظهر الله بذبيحة الكفارة برَّه ورحمته للخطاة. (4) كانت ذبائح العهد القديم تشير إلى ذبيحة المسيح هذه. ثانياً - حمل الفصح: كانت جميع الذبائح رمزاً إلى ذبيحة المسيح، وإليك أوجه الشبه بين حمل الفصح والمسيح: (1) كان يلزم أن يكون حمل الفصح بلا عيب (خروج 12: 5). ومع أن خطايانا طُرحت على المسيح إلا أنه كان قدوساً طاهراً، قال الرسول بطرس عنه: «حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح» (1بطرس 1: 19). (2) كان يلزم ذبح حمل الفصح وسفك دمه (خروج 12: 6) فمات المسيح ليفي العدل الإلهي حقه (لوقا 24: 26). (3) كان يلزم أن يُشوى حمل الفصح بنار (خروج 12: 8، 9) إشارة إلى آلام المسيح. (4) كان يلزم أكل الحمل تماماً (خروج 12: 10) رمزاً إلى قبول المسيح بكل صفاته. فالواجب الإيمان به بكل وظائفه، لأنه صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسةً وفداءً (1كورنثوس 1: 30). (5) كان يلزم رش دم حمل الفصح على العتبة العليا لأبواب بني إسرائيل فلا يهلكون (خروج 12: 7). وهكذا إذا رُشَّت النفس بدم المسيح بالإيمان نجت من الغضب الإلهي. وكذلك يلزم رشنا بدم المسيح لنكون خليقة جديدة «لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا» (1كورنثوس 5: 7). ثالثا - صفات الكهنة: (1) كان الكهنة بشراً، وكذلك المسيح اتخذ جسداً مثلنا «كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء، لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أميناً في ما لله، حتى يكفر خطايا الشعب. لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّباً يقدر أن يعين المجرّبين» (عبرانيين 2: 17، 18). (2) كان الكهنة رمزاً للمسيح، لأنهم توسطوا بين الله والشعب، فكان لا يمكن لأحد أن يقرِّب ذبائح إلا بواسطة الكهنة. قال المسيح: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي« (يوحنا 14: 6). (3) كان الكهنة يقدمون ذبائح الكفارة، دم ثيران وكباش، رمزاً للمسيح الذي قدَّم نفسه عن الخطية (عبرانيين 7: 27 و9: 12-28 و10: 10-14). هذه هي أوجه الرمز، غير أن الكهنة كانوا خطاة، ولهذا كانوا يقدمون الذبائح عن أنفسهم أولاً، ثم بعد ذلك عن الشعب (عبرانيين 5: 3). وأما المسيح فقدوس طاهر قدَّم نفسه (عبرانيين 7: 26). وكان الكهنة عُرضة للفناء، وأما المسيح فيبقى إلى الأبد (عبرانيين 7: 23، 24). ولم تكن ذبائح الكهنة تقدر أن تنزع الخطايا لأنها كانت رمزاً ولزم تكرارها إلى أن يظهر المرموز إليه، وأما المسيح فبقربانه الواحد أكمل إلى الأبد المقدَّسين (عبرانيين 10: 11-14). قال المعترض: «يقول لاويين 1: 9 عن عِجل قربان المحرقة «وأما أحشاؤه وأكارعه فيغسلها (الكاهن) بماء، ويوقد الكاهن الجميع على المذبح، محرقة وقود، رائحة سرور للرب». ولكن جاء في إشعياء 1: 11 «لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب؟ اتَّخمْتُ من محرقات كباشٍ وشحم مسمناتٍ، وبدم عجولٍ وخرفان وتيوسٍ ما أُسَرّ!». وفي هذا تناقض». وللرد نقول: عند قراءة نبوَّة إشعياء الأصحاح الأول نرى أن الله لا يعترض على تقديم الذبائح، بل على روح الذي يقدِّمها، فيقول لشعبه إنه قد ملَّ ليس فقط من محرقاتهم، بل من أعيادهم وصلواتهم أيضاً. فواضح أن عبادتهم كلها كانت مكروهة أمامه. والسبب في هذا أن أيديهم كانت مملوءة دماً، فكانوا جيلاً شريراً، وأكثروا من الذبائح لينجوا من القصاص الذي كانوا يستحقونه. وقصدوا في الوقت نفسه أن يتمادوا في خطاياهم، فكانوا يظنون أن مجرد تأدية الفرائض والطقوس الخارجية يكسبهم رضى الله، ويعطيهم (كما أرادوا) فرصة التمادي في شرورهم. ولا بد أن الله يرفض الذبائح متى قُدِّمت بهذه الروح. لما أمر الله بالذبائح المختلفة المنصوص عنها في شريعة موسى ووعد بأن يبارك مقدِّميها، كان ينتظر أن تكون قلوبهم خاشعة طاهرة. ولكن في عصر إشعياء انحطت عبادة الشعب لله، وكانت قاصرة على ممارسة طقوس ظاهرية وفرائض خارجية. وقد أوصى الله شعبه بالصلاة، ولكن إن كانت الصلاة مجرد نفاق ورياء، فالله يبغضها. فلا تناقض بين إشعياء 1: 11 ولاويين 1: 9 لأن العبادة إن لم تصدر من قلب نقي فهي ليست عبادة بالمرة، ولا هي مقبولة عنده. قال المعترض: «ورد في لاويين 4: 3 أن يُقدَّم ثورٌ فداءً عن الشعب، ولكنه يقول في سفر العدد 15: 9 إن الثور يجب أن يُقدَّم مع لوازمه». وللرد نقول: الذبائح متنوعة، والثور المطلوب تقديمه في سفر اللاويين 4: 3 هو ثور ذبيحة الإثم، وأما المطلوب تقديمه في سفر العدد 15: 9 فهو ثور ذبيحة الإثم مع النذور. قال المعترض: «جاء في لاويين 4: 14 أنه إذا سها كل بني إسرائيل وارتكبوا خطية، ثم اكتشفوا أنهم أخطأوا، يقربون للرب ثوراً ذبيحة خطية. ولكنه في سفر العدد 15: 24 يذكر نوعين من الذبائح للتكفير عن نفس الذنب، هما ثور وتيس. وهذا تناقض». وللرد نقول: هناك احتمالان: (1) قد يكون أن ما جاء في اللاويين خاص بذبيحة الخطية عن ارتكاب الشر سهواً، وأن ما جاء في سفر العدد خاص بذبيحة الخطية عن السهو في عمل الخير. (2) وقد يكون أن سفر اللاويين أورد ما يجب تقديمه من ذبيحة خطية سهو الشعب والرؤساء معاً، بينما أورد سفر العدد ما يجب أن يقدمه الشعب، وما يجب أن يقدمه القادة كلٌّ على حِدة. وفي هذه الحالة لا يكون هناك تناقض، بل إن ما جاء في سفر العدد يكمل ما جاء في سفر اللاويين. قال المعترض: «جاء في لاويين 7: 15 أمرٌ بأكل لحم ذبيحة الشكر في ذات اليوم، ولا يُبقَى منه شيء إلى الصباح. وهو أمرٌ تكرَّر في لاويين 22: 30. ولكن جاء في لاويين 19: 6 «يوم تذبحونها تؤكل وفي الغد. والفاضل إلى اليوم الثالث يُحرق بالنار». وهذا تناقض». وللرد نقول: عندما يظهر لعين القارئ المتعجِّل تناقضٌ ظاهري، عليه أن يدرس القرينة. فإذا قرأنا لاويين 7: 15 و19: 6 على حدة يُخيَّل إلينا وجود تناقض صريح، لأن إحدى العبارتين تفيد عدم جواز إبقاء شيء من الذبيحة للغد، بينما الأخرى تفيد أن بعض الذبيحة الباقي إلى الغد يؤكل في اليوم التالي. ولكن إذا قرأنا لاويين 7: 15، 16 يسطع منه نور يكشف لنا الحقيقة بجملتها. فالآيتان تقولان: «ولحم ذبيحة شكر سلامته يُؤكل يوم قربانه. لا يُبقي منه شيئاً إلى الصباح. وإن كانت ذبيحة قربانه نذراً أو نافلةً، ففي يوم تقريب ذبيحته تؤكل. وفي الغد يُؤكل ما فضل منها». فبعض الذبائح المشار إليها في لاويين 7: 15، 16 كانت من النوع الذي يجوز إبقاء جزء منه للغد. على أننا نجد في لاويين 7: 16 و19: 6 القانون العام الذي يشمل نوعين من الذبائح. فمنها ما كان يتحتَّم أكله في نفس اليوم، وما كان يجوز إبقاء بعضه للغد، أما لاويين 7: 16 فيتضمَّن استثناءً للقانون المتقدِّم. والكلام عن الذبائح التي تُؤكل في نفس اليوم يتناول ذبائح النذور والنوافل (لاويين 22: 21) خاصة إذا كانت الذبائح من الرضّع ذوات الثمانية أيام (لاويين 22: 27) فهذه يُؤكل لحمها في نفس يوم ذبحها ولا يُبقى منها للغد، لأنه قليل ولا يحتمل إبقاء شيء منه إلى الغد. أما ذبيحة السلامة من غير الرضّع (لاويين 19: 5-7) التي تُؤكل يوم ذبحها وما تبقّى منه يُؤكل في الغد، ولا يبقى منها لليوم الثالث شيء. فالرب في هذا يصدر أمراً في منتهى المعقولية، إذ أنه لم يكن على عهد موسى أجهزة لحفظ اللحوم، وبالطبع ما يتبقى إلى اليوم الثالث سوف يفسد ويضر الإنسان، فبهذا القدر يحرص الله على الإنسان. قال المعترض: «جاء في لاويين16: 29 أن صوم التذلل يكون في اليوم العاشر من الشهر السابع. ولكن جاء في اللاويين 23: 32 أن صوم التذلل هذا يكون في اليوم التاسع». وللرد نقول: كان الصوم يمتد من مساء اليوم التاسع إلى كل اليوم العاشر، فيصح أن يُقال اليوم التاسع أو اليوم العاشر. قال المعترض: «ورد في لاويين 17: 3، 4 «كل إنسان من بيت إسرائيل يذبح بقراً أو غنماً أو مِعزى في المحلة، أو يذبح خارج المحلة وإلى باب خيمة الاجتماع، لا يأتي به ليقرِّب قرباناً للرب أمام مسكن الرب، يُحسب على ذلك الإنسان دمٌ. قد سفك دماً. فيُقطع ذلك الإنسان من شعبه». وورد في التثنية 12: 15 أن يأكل الإنسان كل ما تشتهي نفسه في جميع أبوابه. وفي آية 20-22 يأكل كل ما تشتهي نفسه إذا كان المكان الذي يختاره الرب بعيداً عنه». وللرد نقول: الكلام في سفر التثنية 12 عن أمرين: (1) المحرقات لله، وقد قال عنها في آيتي 13، 14 «احترز من أن تُصعد محرقاتك في كل مكان تراه، بل في المكان الذي يختاره الرب في أحد أسباطك هناك تصعد محرقاتك، وهناك تعمل كل ما أنا أوصيك به». ويقول في آيتي 17، 18 «لا يحل لك أن تأكل في أبوابك عُشر حنطتك وخمرك وزيتك، ولا أبكارَ بقرك وغنمك، ولا شيئاً من نذورك التي تنذر ونوافلك ورفائع يدك، بل أمام الرب إلهك تأكلها، في المكان الذي يختاره الرب إلهك». وهو مثل ما ورد في لاويين 17: 3، 4. فالمقصود أن يقدم ذبائح لله في المكان الذي يخصصه الله لعبادته. (2) الذبح للأكل الاعتيادي، الذي يجوز في أي مكان، وهو الذي أورده المعترض، وأوهم وجود تناقض بينه وبين ما ورد في سفر اللاويين. اعتراض على لاويين 17: 10-12 - هل نقل الدم حرام؟ انظر تعليقنا على أعمال 15: 20 قال المعترض: «يقول في لاويين 17: 13 إن من يصيد حيواناً أو طائراً صالحاً للأكل، يجب أن يَسْفِك دمه ويغطيه بالتراب، ولكن في التثنية 12: 24 يقول إن الصياد يجب أن يسفِك دم الحيوان الذي يصيده على الأرض، كالماء». وللرد نقول: النصَّان يكمل أحدهما الآخر، فعندما يصيد الصياد صيداً يؤكل لحمه، يجب أن يسفك دمه كالماء على الأرض، ثم يغطي الدم بالتراب. قال المعترض: «ذكر سفر اللاويين 23 الأعياد اليهودية بالتفصيل، ويتضح من لاويين 23: 14، 21، 31، 41 أن هذه الأعياد أبدية. ولكن لا يحتفل أحدٌ بهذه الأعياد في أيامنا هذه». وللرد نقول: لم يقل سفر اللاويين إن هذه الأعياد «أبدية» بل قال إنها «فريضة دهرية». وقول المعترض إنها «أبدية» تحريفٌ منه لنصّ التوراة. ولا يخفى أن الدهر هو «الزمن الطويل». وقد احتفل بنو إسرائيل بأعيادهم دهراً، بمعنى لمدة زمن طويل. فيوجد فرق بين كلام المعترض ونص التوراة. قال المعترض: «جاء في لاويين 23: 18، و19 أن تقدمات عيد الخمسين هي ثلاث عشرة ذبيحة، ولكن جاء في سفر العدد 28: 27-30 أن عددها إحدى عشرة فقط». وللرد نقول: قال علماء بني إسرائيل إن الذبائح في سفر العدد هي بالإضافة للذبائح المذكورة في اللاويين. فكانوا يقدِّمون ثلاث عشرة ذبيحة أولاً كما جاء في سفر اللاويين، ثم يقدمون إحدى عشرة ذبيحة كما ورد في سفر العدد، وبعد ذلك يقدمون الذبيحة اليومية الصباحية. قال المعترض: «جاء في لاويين 23: 27-29 أن اليوم العاشر من الشهر السابع هو يوم الكفارة العظيم الذي يتذلَّل فيه الناس أمام الرب، ولا يعملون فيه شيئاً. ولكن الملك سليمان لم يجعل لهذا اليوم اعتباراً، كما يظهر من 1ملوك 8: 65، 66 و2أخبار 7: 10». وللرد نقول: لا يوجد ما يبرهن أن الملك سليمان لم يقدس يوم الكفارة العظيم، فما جاء في سفري الملوك الأول وأخبار الثاني يبيِّن أنه احتفل بعيد المظال في يوم 15 من الشهر السابع، وانتهى منه في يوم 22، وذلك لمدة سبعة أيام (حسب الشريعة). وخُتم الاحتفال بيوم ثامن صرف فيه سليمان الشعب إلى خيامهم، هو يوم 23 من الشهر السابع. وهذا يُظهر التوافق الكامل بين رواية سفري الملوك الأول وأخبار الثاني. غير أن احتفال الملك سليمان دام في تلك السنة 14 يوماً، إذ يقول في 1ملوك 8: 65 «وعيَّد سليمان العيد في ذلك الوقت وجميع إسرائيل معه، جمهورٌ كبير من مدخل حماة إلى وادي مصر، أمام الرب إلهنا سبعة أيام وسبعة أيام، أربعة عشرَ يوماً». فيكون بدء الاحتفالات في اليوم الثامن من الشهر السابع، ويكون تلك السنة قد احتفل بيوم الكفارة العظيم الذي هو في اليوم العاشر من الشهر السابع، حسب الشريعة. اعتراض على لاويين 23: 32 - صوم التذلل في اليوم التاسع أم العاشر؟ انظر تعليقنا على لاويين 16: 29 قال المعترض: «جاء في لاويين 25: 39-41 أن اليهودي المستعبَد عند اليهودي يخرج حراً في سنة اليوبيل. وهذا يناقض ما جاء في تثنية 15: 12 من أنه يخرج في السنة السابعة». وللرد نقول: تنتهي العبودية بنهاية السنة السادسة، أو في سنة اليوبيل، أيهما أقرب. فالرجل الذي يُباع عبداً في الظروف العادية يخدم ست سنوات كاملة. أما إذا بيع في السنة 46 مثلاً فيمضي حراً في السنة الخمسين، ويكون قد خدم أقل من ست سنوات. قال المعترض: «جاء في لاويين 27: 26 أن البِكر الذي يُفرَز للرب لا يقدسه أحد. ولكن جاء في تثنية 15: 19 أن كل بِكر يُقدَّس للرب». وللرد نقول: البكر الذي يخصَّص للرب بحسب الشريعة يكون من أول الأمر ملكاً للرب، فلا يجوز تقديمه لله كنذر! لأنه من الخطأ أن ننذر للرب ما هو من حقه! قال المعترض: «جاء في لاويين 27: 28، 29 «أما كل مُحرَّم يحرمه إنسانٌ للرب من كل ما له، من الناس والبهائم، ومن حقول ملكه، فلا يُباع ولا يُفك. إن كل محرَّمٍ هو قدْسُ أقداسٍ للرب. كل مُحرَّم يُحرَّم من الناس لا يُفدى. يُقتَل قتلاً». وهذا يعني إباحة تقديم ذبائح بشرية. وهناك ما يناقضه في تثنية 12: 30، 31 حيث يقول «فاحترز من أن تُصاد وراءهم من بعد ما بادوا من أمامك، ومن أن تسأل عن آلهتهم، فأنا أيضاً أفعل هكذا. لا تعمل هكذا للرب إلهك، لأنهم قد عملوا لآلهتهم كل رجسٍ لدى الرب مما يكرهه، إذ أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لآلهتهم». وللرد نقول: يحرِّم الكتاب المقدس الذبائح البشرية. وما جاء في لاويين 27: 28، 29 لا يتكلم مطلقاً على الذبائح بل على الأشياء «المحرَّمة للرب» بمعنى أنها تخصَّصت للقضاء عليها وقتلها. فإذا نذر إنسان بهيمة يجب تحريمها، بمعنى قتلها، ولا يمكن فداؤها البتة. أما بالنسبة للإنسان فلم يكن الحكم بالموت يصدر إلا من (1) الله رأساً، كما جاء في يشوع 6: 22-24 «وقال يشوع للرجلين اللذين تجسسا الأرض: ادخلا بيت المرأة وأخرِجا من هناك المرأة وكل ما لها كما حلفتما لها.. فدخل الجاسوسان وأخرجا راحاب .. وكلَّ ما لها.. وأَحرَقوا المدينة بالنار مع كل ما بها». لقد حكم الله بالتحريم على المدينة كلها، أي بتوقيع حكم الموت عليها. ونقرأ في سفر العدد 21: 2 أن بني إسرائيل تعهَّدوا بتحريم مدن أعدائهم، أي بتنفيذ حكم الموت فيهم. ومن مقارنة كل النصوص الواردة فيها نرى غضب الله مشتعلاً على الذين قضى بتحريمهم (أي إهلاكهم). (2) من القضاة المقامين منه. ولم يكن مأذوناً للإسرائيلي أن يقتل إنساناً ولو كان عبداً له (خروج 21: 20). ولا نجد مطلقاً إشارة هنا إلى أوامر من الله بتقديم ذبائح بشرية، بل نرى أسلوباً صارماً خطيراً للنطق بحكم الموت على أي فردٍ أو جماعةٍ من الأثمة. فالمقصود مما جاء في اللاويين هو أن يضع بنو إسرائيل الأشياء المحرمة (أي المحكوم عليها من الله بالموت) في صف النذور التي يمكن فداؤها على أن أشهر ما يستند عليه المعترضون في اتّهامهم الكتاب المقدس أنه يتضمن مصادقةً على تقديم الذبائح البشرية هو قصة بنت يفتاح الجلعادي (قضاة 11: 31). فقد نذر يفتاح أن أول شيء يخرج من بيته للقائه عند رجوعه بسلام من محاربة العمونيين، يقدِّمه محرقةً للرب. ومما يُؤسف له أن أول من خرج من بيته كانت ابنته، فحزن حزناً لا مزيد عليه. ولكن الكتاب يفيد أنه حفظ نذره (قضاة 11: 39). ويجب أن نذكر أن يفتاح في نذره هذا تصرَّف بحسب ما أوحاه إليه عقله، مدفوعاً بما كان في نفسه من شديد الغيرة على تحرير بني إسرائيل من أعدائهم. وكان قصده أن يبيّن شكره لفضل الله بطريقة غير عادية كما فعل معه الله إحساناً عظيماً. ولكن الله لم يأمر يفتاح أبداً بتقديم ابنته محرقة، كما لا نجد إشارة إلى أن الله صادق على عمل يفتاح أو مدحه. ويروي كاتب سفر القضاة القصة بدون أن يتعرَّض للحكم على عمل يفتاح، لأن عمله هذا كان تسرُّعاً منه واندفاعاً. فإن يفتاح قد قطع غصن شباب ابنته الغضّ، وفعل هذا بدون أمرٍ من الله. وبعمله هذا زاد خطية أخرى على خطيته الأولى، لأنه كان من الخطأ العظيم أن ينذر نذراً كهذا، كما كان من الخطأ أيضاً أن ينفذ هذا النذر. وإذا سأل سائل: كيف أمكن أن يعمل رجل عظيم كيفتاح شراً فظيعاً منهياً عنه في شريعة موسى؟ فالجواب أنه عاش في عصر نُسيت فيه أوامر الله نسياً تاماً، وقوِيَ فيه تأثير الشعوب الوثنية على بني إسرائيل. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد
11 ديسمبر 2019

مفهوم المعرفة

لقد أعطانا الرب عقلا يمكنه أن يعرف ولكنه أراد لنا أن نعرف ما يفيدنا وينفعنا وأيضا ما يفيد وينفع الآخرين ، أفرادا كانوا أو جماعات غير أن المشكلة التى قابلت الإنسان منذ البدء ، هى أنه أراد أن يعرف وحسب ، ولو أن يعرف الشر كان الإنسان الأول يعرف الخير فقط ولكنه أكل من شجرة معرفة الخير والشر فصار يعرف الشر أيضا وبهذا أضر نفسه تأكد من سلامة كل معرفة تصل إليك وتأكد من فائدتها قبل أن تقبلها واعرف أن المعرفة ليست غاية فى ذاتها ، وإنما هى وسيلة لمنفعتك اختر لإذن هذا اللون من المعرفة النافعة 0 أنواع من المعرفة :- هناك معرفة حسية تأتى عن طريق الحواس ، يعرفها الناس بالنظر ، أو باللمس ، أو بالشم ، أو بالسمع وهناك معرفة تأتى عن طريق العقل ، يعرفها بالدراسة أو الإستنتاج وهناك معرفة هى نوع من الكشف الإلهى أو الإعلان الإلهى يكشف بها الرب لقديسيه ما يريد لهم أن يعرفوه وذلك بواسطة الروح القدس الذى قيل عنه فى سفر أشعياء النبى ( روح الحكمة والفهم روح المعرفة ) ( أش 11 : 2 ) وهى التى كان يطلبها المرتل فى صلواته قائلا ( عرفنى طرقك فهمنى سبلك ) إنها أعظم معرفة ، هذه التى نقول عنها فى القداس الغريغورى ( أعطيتنى علم معرفتك ) هذه أيضا التى قال عنها السيد المسيح فى مناجاته للآب ( هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك) ( يو 17 : 3 ) وقال أيضا ) أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك ، أما أنا فقد عرفتك )( يو 17 : 25 ) وقال عن تلاميذه فى منحه لهم لهذه المعرفة الإلهية ( عرفتهم إسمك وسأعرفهم ، ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به ، وأكون أنا فيهم ) ( يو 17 : 26 )إذن هى المعرفة التى تقود إلى محبة الله ، وإلى سكناه فينا العالم شغوف أن يبحث عن المعرفة التى تعطيه فكرة عن القمر والكواكب ، بسفن الفضاء التى تكلفه أموالا طائلة جدا ولكن ليس بنفس الشوق إطلاقا إلى معرفة الله إنه يسعد جدا أن أحضر بعض حجارة من القمر ، أو بعض صور ، لأنها تعطيه بعض المعرفة عن الطبيعة التى من خلق الله دون أن يسعد بمعرفة الله ذاته ونفس الكلام يقال عن كثير من الإكتشاف التى يقوم بها الإنسان. وهناك معرفة تأتى من الآخرين عن طريق الكتب ، أو صحف ، أو الأفلام ، أو وسائل الإعلام المتعددة ومعرفة تأتى عن طريق الأصدقاء أو الزملاء0 وهناك معرفة تأتى عن طريق الشيطان إما يلقيها إلى أذهان الناس ، كما فعل مع حواء وقد يلقى الشيطان معرفة ما عن طريق فكر أو حلم أو بواسطة أحد جنوده وقد تكون معرفة كاذبة 0 أو قد تكون صحيحة ، ولكنه لم يستغلها من أجل غرض سئ وربما يسعى الإنسان بنفسه ليحصل على معرفة من الشيطان عن طريق السحر ، أو استشارة الموتى أو الأرواح ، أو بطرق عديدة هذا الذى نهى عنه الوحى الإلهى بقوله ( لا يكن فيك من يعرف عرافة ، ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ، ولا من يسأل جانا أو تابعة ، ولا من يستشير الموتى لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب ) ( تث 18 : 10 ، 11 ) ومن أمثلة من وقعوا فى هذا الأمر شاول الملك ، حينما طلب المعرفة عن طريق صاحبة جان كانت عرافة فى عين دور ( 1صم 28 : 7 ) ومن أمثلة هؤلاء أيضا من يلجأون إلى المنجمين ، وإلى قارئى الكف والفنجان ، وإلى ضاربى الرمل ، وإلى إستشارة الأرواح عن طريق التنويم المغناطيسى أو البندول ، وما أشبه من الأمور التى وصفها الرب بأنها رجس الأمم ( تث 18 : 9 ، 12 ) ما الذى تعرفه من يقينية هذه الأخبار ، أو مدى استخدامها للضلالة ؟‍! ‍‍ اعرف جيدا أن الشيطان إن أعطاك معرفة ما ، لا يعطيها لك مجانا ، أو بدون مقابل ولا يعطيها بدون هدف شيطانى يريد الوصول إليه للإضراربك ، أو لجعلك تحت سلطانة أو تحت إرشاده 0 نوع آخر من المعرفة هو أن تعرف نفسك هذه الحكمة التى دعا إليها سقراط الفيلسوف (اعرف نفسك ) وما أعظم الفوائد التى تحصل عليها من معرفة النفس تعرف أنك تراب ورماد ، لكى تتضع وتعرف خطاياك لكى تندم وتتوب وتنسحق وتعرف طبيعتك وحروبك ، لكى تنجو منها بل تعرف مواهبك ، لكى تستخدمها لتمجيد الله 0 معرفة أخرى هى أن تعرف كتاب الله وصاياه كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس ( وأنت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان ) ( 2تى 3 : 15 )هذا الكتاب الذى هو ( نافع للتعليم والتوبيخ ، للتقويم والتأديب الذى فى البر ) ( 2تى 3 : 16 ) وهو الذى بمعرفته تعرف طريق الرب ، وتعرف كيف سار فيه القديسون وبهذه المعرفة تدخل إلى الحكمة والتمييز وتعرف ما هو الخير لك ، وتميز طريق الله وضلالة الشياطين وحيلهم بل إن عرفت هذا ( تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضا ) ( 1تى 4 : 16 ) وبهذه المعرفة تميز بين الأرواح كما قال القديس يوحنا الرسول ( لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ) ( 1يو 4 : 1 ) أيضا أعرف غيرك ، لكى تعرف كيف تتعامل معه وهذا كما ينطبق فى محيط الصداقة ، وفى محيط العمل والحياة الإجتماعية ، ينطبق أيضا فى محيط الأسرة حيث يعرف كل من الزوجين طبيعة شريكه فى الحياة وكيفية التعامل معه بل ويعرف نفسية الطفل وكيف يعامله وفى الحياة الإجتماعية يعرف نفسية المعوق ، ونفسية العاقر ، ونفسية المراهق ، وكيف يتعامل مع كل هؤلاء اعرف الله واعرف أنه يراك حيثما كنت ويعرف أفكارك ونياتك وشهواتك وخطاياك ، لكى يدركك الخجل من كل فكر شرير ومن كل شهوة بطالة بل ضع أمامك العبارة التى كررها الرب فى كل رسائله إلى ملائكة الكنائس السبع التى فى آسيا ( أنا عارف أعمالك ) ( رؤ 2 ، 3 ) وبهذه المعرفة تدخل إلى قلبك مخافة الله اهتم بمعرفة الحق وإن عرفته اتبعه وما أجمل قول داود النبى فى المزمور الكبير ( اكشف عن عينى ، لئلا تعاينا الأباطيل ) ( مز 119 ) وحاول أن تعرف أيضا احتياجات الناس ، لكى تدبرها لهم وأن تعرف طريق الخلاص ، لكى تمشى فيه ، وتقود الناس إليه واحترس من المعارف التى فوق مستواك التى قال عنها أيوب النبى ( قد نطقت بما لم أفهم بعجائب فوقى لم أعرفها ) ( أى 42 : 3 ) فكثير من الناس يبحثون فى الإلهيات فوق مستواهم فيضلون وكثيرون يبحثون فى أمور خاصة بعالم الأرواح فتضل أفكارهم أما أنت فتواضع وابحث عن الأمور التى توصلك إلى خلاص نفسك المعرفة الضارة:- هناك معرفة ضارة جدا ، مثل التى وقع فيها أبونا آدم وأمنا حواء وكانت النتيجة أنهما فقدا البراءة والبساطة التى كانت لهما وعاشا فى ثنائية الخير واشر ، الحق والباطل ، الحرام والحلال هذه الثنائية التى عاش فيها أولادهما إلى يومنا الحاضر ولذلك ما أصدق قول الحكيم فى سفر الجامعة الذى يزداد علما ، يزداد غما ( جا 1 : 18 ) ويقصد طبعا معرفة الإنسان بأمور تضره ، ليست من صالحه ويجمع فى فكره أشياء تؤذيه وللأسف يدعى أن معرفة تلك الأمور الضارة لونا من الثقافة العامة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! لذلك قال أحد الآباء الروحيين كلمة لطيفة جدا وهى أحيانا نجهد أنفسنا فى معرفة أمور ، لسنا نلام فى يوم الدين على جهلنا إياها فإن كنا لا نلام على معرفة هذه الأمور ، فكم وكم يحاسبنا الله على معرفة الأمور التى تضرنا ، ونتائجها السيئة علينا ضع فى ذهنك مدى نتائج تلك المعرفة الضارة ما يدخل فى ذهنك من معارف ، يؤثر على حواسك ومشاعرك ، وقد يؤثر على علاقتك بالآخرين بل بالأكثر من هذا يخزن فى عقلك الباطن ثم يخرج من عقلك الباطن ، على هيئة ظنون أو أفكار أو أحلام وإذا بهذه المعرفة التى أخذتها قد امتدت فى داخلك وخارجك إلى نطاق واسع ، وقد لا تستطيع أن تحد إنتشارها ومدى أضرارها علينا إذن أن نستخدم قدرة عقلنا فى المعرفة ، فى ما ينفعنا وينفع غيرنا كم من أناس بكوا بدموع بسبب معارف خزنوها فى أذهانهم وقالوا يا ليتنا ما كنا عرفنا ، سواء بالقراءة أو الحواس ويحتارون كيف يمكنهم إخراج ما فى ذهنهم من معلومات رسخت فيه مثلهم فى ذلك مثل الذين وقعوا فى إدمان نوع من المخدرات Drugs ، وأصبحوا عاجزين عن الخروج من سيطرة ما قد أدمنوا عليه هناك ألوان من المعرفة تغير نظرة الإنسان إلى كثير من الأمور ، وتغير نظرتهم أيضا إلى بعض الناس أمنا حواء بعد أن أخذت من الحية معرفة ضارة خداعة ، تغيرت نظرة حواء إلى شجرة معرفة الخير والشر ، التى كانت فى وسط الجنة ، وربما كانت تراها كل يوم بعد ما دخل ذهن حواء من معرفة ( رأت أن الشجرة جيدة للأكل ، وأنها بهجة للعيون ، وأن الشجرة شهية للنظر ) ( تك 3 : 6 ) وبعد أن تغيرت نظرتها هذه إلى الشجرة ، دخلت شهوة الأكل منها إلى قلبها ( فأخذت من ثمرها ، وأكلت وأعطت رجلها معها فأكل ) مثال آخر للمعرفة وهو الشك وكما قال أحد العلماء سهل أن يدخل الشك إلى عقل إنسان ولكن ما أصعب خروج هذا الشك من عقله فإن أملت أذنك لمن يلقى فى قلبك شكا من جهة إنسان باثباتات معينة قد تكون زائفة أو إن سمحت لنفسك أن تقرأ قراءات خطرة تشكك فى الإيمان أو فى الكتاب قد تبذل جهدا كبيرا للخروج من هذا الشك وقد يبقى معك فترة طويلة ، إلى أن تفتقدك النعمة ، فتريحك منه لذلك يلزم أن يدقق كل إنسان فى اختيار مصادر معرفته احتفظ بنقاوة فكرك ، ولا تلوثه بمعرفة ضارة وينبغى أن تدقق كثيرا فى كل ما نقرأه ، وكل ما تسمعه ، وكل ما تراه وتدقق أيضا فى اختبار الأصدقاء الذين يصبون معلومات فى أذنيك ، أو ينقلون خبرة أمور ضارة ، أو أخبارا ضارة ، أو أفكارا متعبة ولا تسمح لكل تلك المعرفة أن تثبت فى ذهنك ، إلا بعد أن تتحقق منها تماما ، وتعرف الحق فيها من الباطل والزيف ولا تظن أن الأفكار عواقر ، بل ما أكثر ما تلد أفكارا أخرى كثيرة بل ربما كلمة واحدة تصل إلى ذهنك ، فتلد حكاية أو حكايات وأعرف أن الوقاية من الفكر ، خير بكثير من قبوله ثم محاولة التخلص منه واحترس جدا من نقل المعرفة والأفكار ربما تصل إليك معرفة تضرك وتنقلها أنت بدورك إلى غيرك فتضره ثم بعد أن تقاسى من تلك المعرفة ، تحاول أن تتخلص منها وربما تتخلص بنعمة من الرب ولكن ما نقلته إلى الغير لا يزال ثابتا فيه ، تضره معرفته وتكون أنت مدانا عن ضرر غيرك ، لأنك كنت السبب فيه وحينئذ لا تتعبك خطيئتك فى معرفتك ، بل تتعبك خطيئتك فى نقل تلك المعرفة الضارة إلى غيرك إنه ماضيك الذى يطاردك المعرفة الضارة التى نشرتها سواء نقلتها بالكلام ، أو بالكتابة ، أو بطرق حسية كثيرة ومن ذلك فإن الذين يقعون فى التشهير بالغير ، الذين ينقلون أخبارا سيئة عن أخطاء الغير ، أو ما يظنونها أخطاء ، أو ما يخترعونها ويل لهم إذا استيقظت ضمائرهم ، وبدأت تلومهم على ما كانوا يقولونه من قبل ويدخل فى هذا النطاق الذين يطلقون الشائعات أو ينشرونها ، سواء بقصد الإيذاء أو لمجرد التسلية الخاطئة بالتحدث عن أسرار الآخرين ، التى يلذ لهم الحديث عنها إما كما هى ، أو بإضافة استنتاجات من خيالهم 0 معرفة التافهات :- إن عقلك مثل كومبيوتر ، له طاقة معينة فى جميع المعلومات فلا تشغل جزءا كبيرا فيه بأمور تافهة ، تعطله عن تسجيل ما ينفعه وهكذا لا تخزن فيه إلا ما تحتاج إليه وما يلزمك فى حياتك بحيث تخرج منه تلك المعرفة فى الوقت المناسب ، لهدف نافع واعلم أن تخزنه فى عقلك لابد سيخرج منه أردت أو لم ترد وربما معلومات قد خزنتها فى عقلك الباطن منذ سنوات ، تجدها تخرج من ذاكرتك فى موعد لا تتوقعه ، أو فى مناسبة ما كنت تدريها البعض يستخدم عقله فى جميع معارف فانية وباطلة قد لا تكون فى حد ذاتها خطية ولكنها أمور تافهة تشغل عقله ، وتعطل هذا العقل عن الإنشغال بالروحيات والإلهيات ، أى أنها تعطل العمل الإيجابى فى بناء حياتهم الروحية ، وفى تعطيل ذهنهم عن التأمل النافع وقد ينقلون هذه المعرفة التافهة إلى الآخرين فى أحاديثهم التى تشغل آذان الناس وأذهانهم ، وبالتالى تشغل أفكارهم أيضا ، دون أية فائدة من ذلك كله إلا ضياع الوقت الذى يمكن استخدامه فيما ينفع يا ليت عقلك لا تشغله إلا المعرفة التى تبنيه ، وتكون سببا فى تقوية شخصيته ، والسمو بإنسانيته ونموه الروحى وفى نفع الإنسانية أو المجتمع الذى تعيش فيه 0 قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
10 ديسمبر 2019

الصوم في كنيستنا القبطية

تعتبر كنيستنا القبطية أن الأصوام في الكنيسة هي زمان للتوبة، فكثيرًا ما نجلس وسط الكتب وننشغل بالقراءات في المجالات المختلفة، وكثيرًا ما نشارك في الاجتماعات، وقد ننشغل بالكثير من الخدمات والدراسات، لكنها جميعًا كوسائط روحية تتضاءل أمام عمل التوبة في حياتنا الروحية. فالتوبة هي احتياج دائم للإنسان الروحي، فهي ليست فعلًا في طريق الحياة، لكنها حياة وفعل دائم يتجدد في حياتنا كل يوم. لذلك كانت التوبة هي نداء كل أنبياء العهد القديم، كما كانت رسالة يوحنا المعمدان النبي السابق للرب يسوع، وكانت أيضًا نداء الرب يسوع للشعب «توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات» (مت3: 2). كذلك كانت التوبة هي رسالة كل الآباء الرسل «توبوا وليعتمد كل منكم عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا» (أع2: 38)، وكل الخدام في الكنيسة على مر السنين. لذلك فالكنيسة تعلّمنا أن نقدم توبةً كل يوم، ونسعي نحو تجديد عهودنا مع الله في كل صلاة وكل تسبيح، ونكتشف في كل تعليم دعوة الله لنا للتوبة. وتعتبر الكنيسة أن الصوم هو زمان لتجديد التوبة.والتوبة في طقس الكنيسة القبطية هي سر يسبق جميع أسرار الكنيسة، فهي تسبق الاعتراف والتناول ومسحة المرضى، وأيضًا سر الزيجة إذ كان الطقس يتم مسبقًا مصاحبًا لصلوات القداس الإلهي. وهي أيضًا شرط أساسي لسر المعمودية عند تعميد الكبار. فالتوبة هي تعزية الإنسان طوال مدة غربته على الأرض، لذلك يُحكى أن القديس أغسطينوس كانت لذّته في نهاية حياته هي ترديد مزامير التوبة.والتوبة في أبسط تعاريفها هي المحبة الحقيقية لله وكراهية كل ما يحزنه، ومحبة الله الحقيقية هي أن نطرد كل خطية محبوبة من القلب، وننتبه للخطايا التي تأتي لنا في ثياب برّاقة، فتحترس من كل طريق للكسب غير المشروع، وكل علاقة محبة غير نقية أو غير شرعية، ومن متابعة للمواد الإعلامية الغير أمينة أو متابعة مواقع الإنترنت الغير طاهرة.. الخ، ونتحفظ من الخطايا التي قد تبدأ بنيّة حسنة، ثم تقودنا في طريق الخطية المحزن. فالخطية تقودنا إلى طرق مؤلمة، وتفقدنا كل ما اكتسبناه من البر والنقاوة، وتفقدنا فرحنا وبهجتنا بالقرب من الله، لذلك على الإنسان أن يفكر دائمًا فيما تصنعه الخطية داخله، فالعالم بكل ما فيه من تسليات مملة وراحات متعبة لا يمكنه أن يسعد قلب الإنسان، فالتائب وحده يستطيع أن يختبر معنى الراحة والفرح الداخلي، ويستطيع أن يحيا مستعدًا للحياة الأبدية، وهذه هي بركات التوبة.وفي مفهوم كنيستنا القبطية فإن التوبة تحتاج إلى جهاد حتى الدم، في أصوام وصلوات وميطانيات، وفي محاولات لضبط رغبات الجسد وشهواته الغير مضبوطة. فلا يستطيع الإنسان أن يقتني نقاوة القلب أو التسامح أو المحبة للآخرين دون جهاد طويل مع النفس. لكننا نؤمن أيضًا أن الإنسان في جهاده يحتاج بلا شك إلى معونة النعمة الإلهية، ولكن النعمة لا تُمنَح للإنسان الكسول، لذلك لابد من الجهاد والرغبة الأمينة لنوال معونة الله ونعمته. فنحن نحتاج أن نقطع كل شهوة شريرة، وكل أهواء ردية، وهذا قد يحتاج إلى بعض الألم، فنحتاج أن نتجنّب بعض العلاقات المحبوبة، ونحتاج أن نتنازل عن بعض المسرّات التي تبدو مبهجة، وهكذا فعل القديس أغسطينوس عندما قطع علاقاته العاطفية القديمة قبل توبته نهائيًا، لذلك تصلي الكنيسة في تحليل نصف الليل "اقطع عنا كل الأسباب التي تسوقنا إلى الخطية".وفي طريق التوبة لنحترس دومًا من أمور قد تعطّل توبتنا، لنحترس من روح اليأس التي تُفقد الإنسان رجاءه في العودة إلى الآب السماوي، فمهما كانت خطايانا نحتاج أن نثق أن الله قادر أن يجدّد حياتنا. ولنحترس أيضًا من فكرة تأجيل التوبة فننشغل بأمور كثيرة قد تعطلنا، بل لنكن دائمًا مستعدين أن نقول مع الابن الشاطر «اقوم الآن وأذهب إلى أبي» (لو15).لتكن أيام الصوم في حياتنا هي دعوة للتوبة. وتسابيح الكنيسة طوال شهر كيهك هي دعوة للتوبة. وحضور القداسات والخدمات الروحية هو دعوة للتوبة. والتقدم من الأسرار المحيية دعوة للتوبة. وكذلك لتكن كل قراءاتك هي دعوة للتوبة.. فهذا هو قصد الله وقصد الكنيسة من فترة الصوم.. لنستقبل الرب يسوع طفل المذود في قلوب نقية. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال أفريقيا
المزيد
09 ديسمبر 2019

ضرورة التجسد الإلهيّ

بمناسبة صوم الميلاد، الذي نحتفل فيه بتجسد الكلمة في أحشاء العذراء القديسة مريم، يتساءل البعض: ألم تكن هناك وسيلة أخرى للخلاص؟ غاية التجسد الإلهيّ هو فداء الإنسان. فالله محب البشر دبّر خلاص الإنسان، والخلاص بدون موت أمرٌ ضد طبيعة الله:- الله له السلطان المطلق والقوة المطلقة، فلماذا لم يخلص الإنسان بقوته، بدون التجسد؟!!إن الله يليق به العدل والحق، آدم عندما أخطأ، وخالف الوصية، فعل ذلك بمحض إرادته الحره، فوجود الوصية: «وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا. وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا» (تك2: 16، 17). ووجود عقاب «لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوت»، دليل على الحرية، فحرية الإرادة التي منحها الله للإنسان، تجعل طبيعته قابلة للقداسة، وقابلة أيضًا للخطأ. يقول القديس مقاريوس الكبير: [إنك سيد نفسك، فإذا اخترت أن تهلك فطبيعتك تقبل التغير. وإذا اخترت أن تجدف أو أن تخلط سمومًا لكي تقتل إنسانًا ما، فلن يمنعك أو يعوقك أحد. فإذا أراد الإنسان، يمكنه أن يخضع لله ويسير في طريق البر ويضبط شهواته. فإن عقلنا هذا هو قوة متوازنة وقد أُعطيت له القدرة أن يخضع حركات وشهوات الخطية المخجلة] (عظات القديس مقاريوس15: 23). فكيف لله العادل أن يعاقب الإنسان على أمرٍ كان مجبرًا عليه؟!! فإذا رد اللهُ الإنسانَ، وخلصه بسلطانه وقوته، دون موت، يكون بذلك قد خرج من العدل. - ألم تكن توبة الإنسان كافية للخلاص؟! خطيئة آدم أحدثت فسادًا في الجنس البشريّ، يقول معلمنا القديس بولس الرسول: «وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا» (أف2: 3)، فخطيئة آدم لم تكن خاصة به كشخص، فالبشرية كانت في صلب آدم حينما أخطأ، لذلك «بإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ» (رو5: 12). يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [لا تَقْدِر التوبة أن تُغَيِّر طبيعة الإنسان، بل كل ما تستطيعه هو أن تمنعه من أعمال الخطيئة. فلو كان تَعِدِّي الإنسان مجرد عمل خاطئ ولم يتبعه فساد، لكانت التوبة كافية. أما الآن بعد أن حدث التَعَدِّي، فقد تورّط البشر في ذلك الفساد الذى كان هو طبيعتهم ونُزِعَتْ منهم نعمة مُمَاثَلَة صورة الله. فما هى الخطوة التى يحتاجها الأمر بعد ذلك؟ أو مَن ذا الذي يستطيع أن يُعيد للإنسان تلك النعمة ويَرُدّه إلى حالته الأولى إلاَّ كلمة الله الذي خَلَقَ في البدء ـ كل شئ من العدم؟] (تجسد الكلمة7: 3، 4). لماذا تجسد الكلمة، ولم يترك الإنسان يموت؟ معنى أن الله يترك الإنسان يموت، وفقًا لنتيجة فعله ووجود عقاب هو عدل إلهيّ، ولكن صفات الله لا تتجزّأ، فالله عادل ورحيم في آنٍ واحد. وأيضًا إذا مات الإنسان فكأن الشيطان قد انتصر على الله، الذى خلق خليقة ولم يستطع أن يحميها. فحكم الموت يعني موت الإنسان موتًا أبديًا، وليس فقط موت الجسد. يقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: [طالما طال الفساد الخليقة العاقلة، وكانت صنعة الله في طريقها إلى الفناء، فما الذى كان يجب على الله الصالح أن يفعله؟ أيترك الفساد يسيطر على البشر، والموت يسود عليهم؟ وما المنفعة إذًا من خلقتهم منذ البدء؟ لأنه كان أفضل بالحري ألاَّ يُخلقوا بالمرة من أن يُخلقوا وبعد ذلك يُهملوا ويفنوا. فلو أن الله قد أهمل ولم يبالِ بهلاك صنعته، لأظهر إهماله هذا ضعفه وليس صلاحه ... كان يجب إذًا أن لا يُترك البشر لينقادوا للفساد، لأن هذا يُعتبر عملًا غير لائق ويتعارض مع صلاح الله] (تجسد الكلمة6: 7، 8، 10). وان لم يمت الانسان يكون الله رحيمًا بغير عدل...اذ قد تساوى عنده وضع الإنسان وهو مخطئ .. كما ان الله سيكون حينئذ غير صادق لأنه قال للإنسان "موتا تموت"، وحاشا لله ان يكون غير عادل أو غير صادق... فما الحل اذًا والإنسان قد داس الوصية وأصبح مستوجبًا للموت؟ لذلك لكي تتحقق صفتا العدل والرحمة في الله، تجسد وأعدّ فداء الإنسان. القمص بنيامين المحرقي
المزيد
08 ديسمبر 2019

شَرِيعِة مُدُن الْمَلْجَأ

وَمِنْ هذِهِ التَّدَابِير الرَّائِعَة شَرِيعِة مُدُنْ الْمَلْجَأ الَّتِي نَوِدْ أنْ يَقُودَنَا رُوح الله فِي رِحْلَة هَادِئَة مَعَهَا لِنَتَعَرَّفْ عَلَى أهْدَافْهَا وَمَقَاصِدْهَا وَبَرَكَاتْهَا وَلاَبُدْ أنْ نَأخُذْ فِكْرَة أوَّلاً سَرِيعَة عَنْ هذِهِ الشَّرِيعَة مِنْ خِلاَل الإِطِّلاَع عَلَى هذِهِ الأجْزَاء المُقَدَّسَة( تث 19 ؛ يش 20 ؛ عد 35 ){ مَتَى قَرَضَ الرَّبُّ إِلهُكَ الأُمَمَ الَّذِينَ الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ أَرْضَهُمْ وَوَرِثْتَهُمْ وَسَكَنْتَ مُدُنَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ ثَلاَثَ مُدُنٍ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا تُصْلِحُ الطَّرِيقَ وَتُثَلِّثُ تُخُومَ أَرْضِكَ الَّتِي يَقْسِمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فَتَكُونُ لِكَيْ يَهْرُبَ إِلَيْهَا كُلُّ قَاتِلٍ . وَهذَا هُوَ حُكْمُ الْقَاتِلِ الَّذِي يَهْرُبُ إِلَى هُنَاكَ فَيَحْيَا . مَنْ ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ وَمَنْ ذَهَبَ مَعْ صَاحِبِهِ فِي الْوَعْرِ لِيَحْتَطِبَ حَطَباً فَانْدَفَعَتْ يَدُهُ بِالْفَأْسِ لِيَقْطَعَ الْحَطَبَ وَأَفْلَتَ الْحَدِيدُ مِنَ الْخَشَبِ وَأَصَابَ صَاحِبَهُ فَمَاتَ فَهُوَ يَهْرُبُ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدْنِ فَيَحْيَا لِئَلاَّ يَسْعَى وَلِيُّ الدَّمِ وَرَاءَ الْقَاتِلِ حِينَ يَحْمَى قَلْبُهُ وَيُدْرِكَهُ إِذَا طَالَ الطَّرِيقُ وَيَقْتُلَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمَوْتِ لأَنَّهُ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ . لأِجْلِ ذلِكَ أَنَا آمُرُكَ قَائِلاً ثَلاَثَ مُدُنٍ تَفْرِزُ لِنَفْسِكَ . وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ . إِذْ حَفِظْتَ كُلَّ هذِهِ الْوَصَايَا لِتَعْمَلَهَا كَمَا أَنَا أُوصِيكَ الْيَوْمَ لِتُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ كُلَّ الأَيَّامِ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثَ . حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَيَكُونَ عَلَيْكَ دَمٌ . وَلكِنْ إِذَا كَانَ إِنْسَانٌ مُبْغِضاً لِصَاحِبِهِ فَكَمَنَ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً قَاتِلَةً فَمَاتَ ثُمَّ هَرَبَ إِلَى إِحْدَى تِلْكَ الْمُدُنِ يُرْسِلُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَأْخُذُونَهُ مِنْ هُنَاكَ وَيَدْفَعُونَهُ إِلَى يَدِ وَلِيِّ الدَّمِ فَيَمُوتُ لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ فَتَنْتَزِعَ دَمَ الْبَرِيِّ مِنْ إِسْرَائِيلَ فَيَكُونَ لَكَ خَيْرٌ }( تث 19 : 1 – 13) نَجِدْ أنَّ الله يُدَافِعْ عَنْ الَّذِي يُقْتَل سَهْواً بِغَيْرِ عَمْدٍ أوْ بُغْضَه وَيَأمُر بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ لِيَحْتَمِي فِيهَا فَأمَرَ الله مُوسَى بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن شَرْق الأُردُن وَأكْمَلَهُمْ يَشُوع بِثَلاَث مُدُن أُخْرَى غَرْب الأُرْدُن لِكَيْ يَحْتَمِي فِيهَا كُلُّ قَاتِل نَفْس سَهْواً وَبِغَيْرِ عَمْدٍ وَيَسْكُنْ فِي تِلْكَ المَدِينَة حَتَّى يَقِفْ أمَام الجَمَاعَة لِلقَضَاء وَلاَ يَخْرُج مِنْهَا إِلاَّ بَمَوْتِ الكَّاهِنْ العَظِيمْ ثُمَّ يَرْجِعْ إِلَى مَدِينَتِهِ وَبَيْتِهِ وَاهْتَمَّ الله أنْ تَكُون المُدُن مُوَزَعَة تَقْرِيباً عَلَى حُدُود مِسَاحِة الأرْض بِحَيْثُ تَكُون فِي وَسَطْ الأسْبَاط وَالطُّرُق المُؤَدِيَة إِلَيْهَا تَكُون مُصْلَحَة وَوَاضِحَة كَلِمَة " مَلْجَأ " تَأتِي مِنْ لَجَأَ وَلَجَأَ إِلَى الشِئ أوْ المَكَان أي إِعْتَصَمَ بِهِ وَلاَذَ بِهِ وَاسْتَنَدَ إِلَيْهِ وَالمَلْجَأ هُوَ المَلاَذْ أوْ المُعْتَصَمْ وَكَانَ تَوْزِيع مُدُن المَلْجَأ يَجْعَل مِنْ القَاتِلْ سَهْواً أنْ يَهْرَب إِلَى إِحْدَاهَا قَبْل أنْ يُدْرِكَهُ وَلِيِّ الدَّم( المُنْتَقِمْ ) وَكَانَ وَلِيِّ الدَّم فِي إِسْرَائِيل قَدِيماً هُوَ أقْرَب الذُّكُور إِلَى القَتِيلْ وَكَانَ مُلْتَزِماً بِأخَذْ الثَّأر لِقَرِيبُه المَقْتُول ( عد 35 : 19) وَمِنْ هُنَا كَانَ ضَرُورَة لِتَدَخُّل إِلهِي لِحِمَايِة القَاتِلْ السَهْو فَسَمَحَ الله وَدَبَّر بِإِقَامِة مُدُن المَلْجَأ وَهُنَا يَجِبْ أنْ نَدْخُلْ فِي عُمْق التَّدْبِير الإِلهِي لِنَعْرِف مَا هُوَ المَعْنَى الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ ؟ المَفْهُوم الرُّوحِي لِمَدِينِة المَلْجَأ :- سَفْك الدَّم :- فِي ( تك 9 : 6 ) نَجِدْ أبْنَاء نُوحٌ تُقَدَّم لَهُمْ وَصَايَا أنَّ مَنْ يَسْفِك دَم إِنْسَان يُسْفَكُ دَمَهُ إِنْتِقَاماً لِلدَّم وَلكِنْ فِي حَالِة سَفْك دَم خَطَأ وَلَيْسَ عَنْ عَمْد أوْ بُغْضَه أمَرَ الله بِإِقَامِة مُدُن مَلْجَأ يَحْتَمِي فِيهَا القَاتِلْ سَهْواً وَأوْصَى الله بِتَحْدِيدْ ثَلاَث مُدُن وَإِذْ كَانَ الشَّعْب إِقْتَرَبَ مِنْ الدُّخُول إِلَى أرْض المَوْعِدْ قَدَّم لَهُمْ تَوْجِيهَات بِإِقَامِة ثَلاَث مُدُن أُخْرَى بَعْدَ عُبُورِهِمْ الأُرْدُن .. { وَإِنْ وَسَّعَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُخُومَكَ كَمَا حَلَفَ لآِبَائِكَ وَأَعْطَاكَ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي قَالَ إِنَّهُ يُعْطِي لآِبَائِكَ فَزِدْ لِنَفْسِكَ أَيْضاً ثَلاَثَ مُدْنٍ عَلَى هذِهِ الثَّلاَثِ حَتَّى لاَ يُسْفَكَ دَمُ بَرِيٍّ فِي وَسَطِ أَرْضِكَ } ( تث 19 : 8 – 10) الله يُرِيدْ أنْ يُوقِفْ تَيَار الدَّم لِذلِك حَدَّدٌ هذِهِ المُدُن وَأسْمَائِهَا وَمَوَاقِعْهَا وَشُرُوطْهَا هُنَا نَجِدْ مَجَالاً وَاسِعاً لِنِعْمَة الله الَّتِي سَمَتْ وَتَسْمُو دَائِماً فَوْقَ ضَعَفَات الإِنْسَان وَسَقَطَاتُه فَالله يَهْتَمْ بِالضُّعَفَاء حَتَّى أنَّهُ يَنْظُر إِلَى قَاتِلْ النَّفْس سَهْواً وَلاَ يَتْرُكَهُ بَلْ يُدَبِّر لَهُ مَلْجَأً يَحْتَمِي فِيهِ لِيَضْمَنْ سَلاَمَتِهِ وَأمْنِهِ . مُدُن المَلْجَأ ضِمْنَ مُدُن اللاَّوِيِيِّن :- وَلاَبُدْ أنْ نَعْرِف أنَّهُ حِينَ دَخَلَ الشَّعْب أرْض المِيعَاد تَمَّ تَقْسِيم الأرْض عَلَى الأسْبَاط أمَّا سِبْط لاَوِي فَلَمْ يُعْطِهِ مُوسَى نَصِيباً بِحَسَبْ وَعْد الرَّبَّ لَهُمْ .. { الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ هُوَ نَصِيبُهُمْ كَمَا كَلَّمَهُمْ } ( يش 13 : 33 ) وَبَعْدَ أنْ تَمَّ تَقْسِيمْ الأرَاضِي عَلَى الأسْبَاط أمَرَ الرَّبَّ إِعْطَاء اللاَّوِيِّين مُدُن خَاصَّة بِهِمْ لِيَسْكُنُونَ وَسَطْ الأسْبَاط وَحَدَّدْ لَهُمْ ثَمَانٍ وَأرْبَعُونَ مَدِينَة مَعَ مَسَارِحْهَا" أي المِسَاحَة الَّتِي حَوْلَهَا " ( يش 21 : 41 ) . وَصْف مُدُن المَلْجَأ :- { أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُعْطُوا اللاَّوِيِّينَ مِنْ نَصِيبِ مُلْكِهِمْ مُدُناً لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحَ لِلْمُدُنِ حَوَالَيْهَا تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ فَتَكُونُ الْمُدُنُ لَهُمْ لِلسَّكَنِ وَمَسَارِحُهَا تَكُونُ لِبَهَائِمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَلِسَائِرِ حَيَوَانَاتِهِمْ . وَمَسَارِحُ الْمُدُنِ الَّتِي تُعْطُونَ اللاَّوِيِّينَ تَكُونُ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ إِلَى جِهَةِ الْخَارِجِ ألْفَ ذِرَاعٍ حَوَالَيْهَا فَتَقِيسُونَ مِنْ خَارِجِ الْمَدِينَةِ جَانِبَ الشِّمَالِ أَلْفَيْ ذِرَاعٍ وَتَكُونُ الْمَدِينَةُ فِي الْوَسْطِ هذِهِ تَكُونُ لَهُمْ مَسَارِحَ الْمُدُنِ } ( عد 35 : 2 – 5 ) كَانَتْ كُلَّ مَدِينَة مِمَّا يُعْطَى لِلاَّوِيِّين تَتَوَسَط الضَّوَاحِي( المَسَارِح ) الَّتِي تُحِيطْ بِهَا مِنْ الجِهَات الأرْبَعْ بِعَرْض ثَلاَثَة آلاَف ذِرَاع مِنْ سُور المَدِينَة إِلَى الخَارِج مِنْ كُلَّ جِهَة الألْف ذِرَاع تُخَصَّص لإِقَامِة مَسَاكِنْ العَبِيدْ وَحَظَائِر المَوَاشِي وَالحَيَوَانَات الأُخْرَى وَمَخَازِنْ لِلغِلاَل وَالثِّمَار وَرُبَّمَا زَرَعُوا بِهَا بَسَاتِين وَكُرُوم وَالألْفَيّ ذِرَاعٍ تُخَصَّص كَمَرَاعٍ لِلمَاشِيَة وَالأغْنَام وَقَدْ دَبَّرَ الله بِحِكْمَتِهِ إِقَامِة القَاتِلْ بَيْنَ الكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَهُمْ مُعَلِّمُوا الشَّرِيعَة فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْت رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فَيَفْتَقِدُونَهُ وَيُعَلِّمُونَهُ وَهُنَا يُعْلِنْ الله إِهْتِمَامُه بِخُدَّامُه الَّذِينَ لاَ يَرِثُونَ أرْضاً لكِنَّهُمْ يَسْكُنُون فِي مُدُن مُعَيَّنَة خَصَّص بَعْضٍ مِنْهَا كَمَلْجَأ لِلَّذِينَ يَقْتِلُونَ إِنْسَاناً سَهْواً وَكَأنَّ الله أرَادَ أنْ يُعَرِّف الشَّعْب أنَّ غَايِة الكَهَنَة هُوَ إِرْشَادَهُمْ إِلَى السَيِّدْ الْمَسِيح المَلْجَأ الحَقِيقِي الَّذِي فِيهِ يَخْتَفِي المُؤمِنُون مِنْ الشَّر وَالشِّرِّير الله أقَامَ الكَهَنَة وَسَطْ الشَّعْب لأِجْل التَّعْلِيمْ وَالقَضَاء{ يُعَلِّمُونَ يَعْقُوبَ أَحْكَامَكَ وَإِسْرَائِيلَ نَامُوسَكَ }( تث 33 : 10)تَخَيَّلْ مَعِي أنَّ القَاتِلْ سَيَسْكُنْ وَسَطْ الكَهَنَة يَسْمَعَهُمْ يُرِتِلُون وَيُسَبِّحُون وَيَنْصِتْ إِلَى تَفْسِير الشَّرِيعَة هذَا الأمر سَيَجْعَلَهُ فِي تَعْزِيَة وَمَسَرَّة لأِنَّنَا لاَ نَنْسَى أنَّ هذَا الشَّخْص إِنْفَصَلَ عَنْ عَائِلَتُه وَأحِبَّائُه وَانْتَقَلَ إِلَى حَيَاة جَدِيدَة فِي مَدِينَة لاَ يَعْرِف فِيهَا أحَدٌ وَلكِنَّهَا مُعَدَّه بِالأفْرَاح وَمَمْلُؤَة بِالأمْن السَّلاَم . الله مَلْجَأنَا :- هذِهِ المُدُن هِيَ نَصِيب لِلرَّبَّ إِنَّهَا إِشَارَة إِلَى أنَّ الله مَلْجَأ الخُطَاة .. وَإِذْ كَانَ اللاَّوِيِّين يَحْمُون القَتِيل بِحَسَبْ الشَّرِيعَة وَهُوَ يَعِيش فِي وَسَطِهِمْ فَلِذلِك كَانَ قَتْل إِنْسَان يَحْتَمِي بِمُدُن المَلْجَأ هُوَ إِهَانَة لله وَلاَ يُوْجَدٌ أي سِلاَحٌ يَحْمِي القَاتِلْ دَاخِلْ مَدِينَة المَلْجَأ سِوَى كَلِمَة الله وَوَعْدُه وَهذَا يُشِير إِلَى أنَّ وَعْد الله وَكَلِمَتَهُ فِيهَا حِمَايَة كِفَايَة لَنَا فَنَحْنُ نَثِق فِي أنَّ مَوَاعِيدُه صَادِقَة وَغَيْر كَاذِبَة فَهُوَ الأمِين عَلَى غُفْرَان خَطَايَانَا وَهُوَ الَّذِي سُرَّ أنْ يُعْطِينَا المَلَكُوت . الخَلاَص وَمُدُن المَلْجَأ :- نُلاَحِظْ أنَّ مُوسَى النَّبِي أوْصَى بِالمُدُن وَلكِنْ بَعْد دُخُولَهُمْ إِلَى كَنْعَان ثُمَّ قَامَ بِبُنَائَهُمْ يَشُوع{ اجْعَلُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنَ الْمَلْجَإِ كَمَا كَلَّمْتُكُمْ عَلَى يَدِ مُوسَى } ( يش 20 : 2 ) إِذاً النَّامُوس أوْصَى وَيَشُوع تَمَّمْ وَعَمَلْ لِيَصِير يَسُوع هُوَ المَلْجَأ الحَقِيقِي الله مَالِك السَّمَاء وَالأرْض وَهَبْ شَعْبُه أرْض المَوْعِد بِكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مُدُن ثُمَّ عَادَ وَطَلَبْ أنْ يَكُون لَهُ ثَلاَث مُدُن فِي كُلَّ ضَفَّة تُنْسَبْ لَهُ يَلْجَأ إِلَيْهَا الطَّالِبُونَ رَحْمَتَهُ مَا أعْظَمْ تَدَابِير عَمَلْ الله المُعْتَنِي بِكُلَّ أحَدٌ الَّذِي أنْقَذَنَا مِنْ حُكْم المَوْت الأبَدِي المُؤَكَدْ إِذْ أرْسَلْ إِبْنَهُ الوَحِيدْ لِيَكُون لَنَا مَلْجَأً حَصِيناً فَنَحْنُ الَّذِينَ كُنَّا أمْوَاتَاً بِالذُّنُوب وَالخَطَايَا الَّتِي سَلَكْنَا فِيهَا أحْيَانَا مَعَ الْمَسِيح .. لَقَدْ أنْقَذَ بِمَوْتِهِ عَلَى الصَّلِيب المُنْقَادِينْ إِلَى المَوْت المَمْدُودِينْ لِلقَتْلِ ( أم 24 : 11) وَرَفَعْنَا مِنْ أبْوَاب المَوْت ( مز 9 : 13) إِذْ بَذَلَ نَفْسَهُ فِدَاءً عَنَّا وَبِذلِك تُشِير مَدِينِة المَلْجَأ إِلَى الْمَسِيح مُخَلِّص العَالَمْ الَّذِي حَلَّ بَيْنَنَا ( يو 1 : 14) وَلَمْ يَعُدْ بَعِيداً عَنَّا بَلْ إِقْتَرَبَ إِلَيْنَا جِدّاً لِيَصِير حِصْنَنَا فِيهِ نَتَحَرَّر مِنْ الدَّيْنُونَة ( رو 8 : 1) تَطَّلْع أشْعِيَاء النَّبِي إِلَى هذِهِ المَدِينَة الفَرِيدَة فَقَالَ { مَدِينَةٌ قَوِيَّةٌ يَجْعَلُ الْخَلاَصَ أَسْوَاراً وَمَتْرَسَةً }( أش 26 : 1) وَأوْضَح أشْعِيَاء وَقَالَ { يَكُونُ إِنْسَانٌ كَمَخْبَإٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ}( أش 32 : 2 ) . مَدِينِة المَلْجَأ وَالْمَسِيح :- وَجَدْنَا شَخْص رَبَّنَا يَسُوع الْمَسِيح فِي تَجَسُّدِهِ بِالحَقَّ مَلْجَأً حَصِيناً لِكُلَّ مَنْ أتَى إِلَيْهِ صَارَ مَلْجَأً لِلمَرْأة الخَاطِئَة بِالرَّغْم مِنْ وُجُودْهَا فِي بَيْت الفَرِّيسِي فَأوْقَفْ الإِنْتِقَادَات وَدَافَعْ عَنْهَا وَبَرَّرْهَا وَهِيَ صَامِتَة هَلْ رَأيْتَ مَلْجَأً مِثْلَ هذَا ؟ كَذلِك فَعَلَ مَعَ لاَوِي وَمَعَ زَكَّا وَالَّتِي أُمْسِكَتْ فِي ذَاتَ الفِعْل المَضْبُوطَة لِيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِمَوْتٍ مُحَقَّق وَجَدْنَاه يُدَافِعْ عَنْهُمْ دُونَ أنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ وَلكِنْ بِمُجَرَّدْ وُقُوفِهِمْ بِجَانِبِهِ هُوَ يُقَدِّم الحِمَايَة الكَافِيَة وَإِنْ إِتَهَمَهُ أحَدٌ بِحِمَايِة الخُطَاة !!! يُذَكِّرَهُمْ أنَّهُ لاَ يَحْتَاج الأصِحَاء إِلَى طَبِيب بَلْ المَرْضَى وَيُعَرِّفَهُمْ بِقِيمِة هذَا الَّذِي إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ إِذْ هُوَ إِبْن إِبْرَاهِيم لأِنَّهُ جَاءَ لِيَطْلُبْ وَيُخَلِّص مَا قَدْ هَلَك . الكَنِيسَة مَلْجَأنَا :- وَلِيَضْمَنْ لَنَا دَوَام بَقَاء وَعْدَهُ بِسَلاَمِة الخَاطِئ طَالَمَا إِلْتَجَأَ إِلَيْهِ هَيَّأ لَنَا أرْوَع مَدِينِة مَلْجَأإِنَّهَا دَاخِلْ جَنْبَهُ المَطْعُون الَّذِي سَمَحَ أنْ يُفْتَح لِكَيْ نَدْخُلُ إِلَيْهِ وَنَسْكُنْ فِي عَرْشِ نِعْمَتِهِ وَيَكُونُ بِهذَا أسَّسْ كَنِيسَتُه الَّتِي هِيَ مَدِينَة المَلْجَأ الَّتِي تَحْمِلْ بَهَاء الْمَسِيح الَّذِي يُشْرِق عَلَى النِّفُوس إِنَّهَا تُنَادِي الجَمِيعْ إِهْرَبُوا إِلَى المَلْجَأ إِلَى الرَّجَاء الَّذِي يُقَدِّمَهُ لَكُمْ الْمَسِيح وَبِحَسَبْ تَعْبِير القِدِيس إِيرِينِيِئُوس أُسْقُفْ لِيُون يَنْبَغِي أنْ نَلْجَأ إِلَى الكَنِيسَة وَنَحْتَمِي فِي حِضْنَهَا وَنَرْضَعْ وَنَتَغَذَّى مِنْ أسْرَارِهَا الإِلَهِيَّة لأِنَّ الكَنِيسَة غُرِسَتْ فِي وَسَطْ العَالَمْ كَفِرْدُوس نَعِيمْ عَلَى الأرْض إِنَّهَا المَجَال الخِصْب لِعَمَلْ رُوح الله فَهِيَ إِسْتِمْرَار لِلبِشَارَة المُفْرِحَة حَيَّة وَحَاضِرَة وَدَائِمَة وَمَنْ هُوَ القَاتِلْ السَهْو الغِير مُبْغِض ؟هُوَ يُشِير لِلخَاطِئ الَّذِي هُوَ أنَا وَأنَا أقْتُلْ نَفْسِي سَهْواً رَغْم إِنِّي أعْلَمْ أنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت إِلاَّ إِنِّي دَائِمْ السَعْي إِلَيْهَا بِكُلَّ شَوْق وَاجْتِهَادْ وَأنْسَى أوْ أتَنَاسَى إِنِّي بِخَطَايَاي أذْهَبْ إِلَى الجَحِيمْ وَالهَلاَك وَهُنَا تَتَصَارَعْ رَغَبَات الإِنْسَان مَعَ حِيَلْ العَدُو فَيَدْخُلْ إِلَى اللامُبَالاَه فَالخَاطِئ يُرِيدْ أنْ يُحَقِّق رَغَبَات لَمْ يُدْرِك أنَّهَا لِهَلاَكُه فَهُوَ يَقْتُلْ نَفْسُه مَعَ أنَّهُ لاَ يُبْغِضْهَا فَهُوَ يَقْتُلْ بِغَيْر عِلْم " سَهْو " وَرَغْم مَحَبِّتْنَا لأِنْفُسَنَا إِلاَّ أنَّنَا نُهْلِكَهَا وَالسَيِّدْ الْمَسِيح الدَّيَان العَادِل يَنْظُر إِلَى الخَاطِئ أنَّهُ لاَ يُدْرِك هذَا مَا رَأيْنَاه فِيهِ حِينَ إِلْتَمَسَ العُذْر لِصَالِبِيه إِذْ قَالَ أنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا يَفْعَلُون فَهُوَ مِنْ كَثْرِه صَلاَحُه جَعَلَ مِنْ تَعَدِّي الإِنْسَان عَدَم دِرَايَه وَحِينَ يَدْخُلْ الخَاطِئ فِي مَشَاعِر تَوْبَة حَقِيقِيَّة وَصَادِقَة يَكْتَشِفْ مِقْدَار الجَهْل وَالزِيف الَّذِي كَانَ يَحْيَاه فَيَصْرُخ خَطَايَا صِبَاي وَجَهْلِي لاَ تَذْكُر وَحِينَ يَتَضَرَّع الكَّاهِنْ أمَام الذَّبِيحَة عَنْ خَطَايَا شَعْبُه يَذْكُرْهَا { جَهَالاَت شَعْبَك }هذَا الشُّعُور أدْرَك مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول الَّذِي كَانَ قَبْلاً يَضْطَهِدْ الْمَسِيحِيِّين وَيَظُنْ أنَّهُ يُقَدِّم خِدْمَة لله فَهُوَ لاَ يُدْرِك مَا يَفْعَلْ لِذلِك نَجِدَهُ يَعْتَرِف بِجَرْأة{ لكِنَّنِي رُحِمْتُ لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ } ( 1تي 1 : 13) فَإِنْ كَانَ قَتَلْ أوْ سَيَقْتِل أحَداً فَهُوَ يَعْتَرِف بِجَهْلٍ فَعَلْتُ ذلِك وَهذِهِ أرْوَع مَشَاعِر التَوْبَة الَّتِي تَجْلِب مَرَاحِمْ الله الغِير مُتَنَاهِيَة وَهيَ الإِعْتِذَار عَنْ الجَهْل وَلأِنَّ مَرَاحِمْ الله وَاسِعَة فَلَمْ يَشَأ أنْ يَجْعَلْ لِكُلَّ إِسْرَائِيل مَدِينَة مَلْجَأ وَاحِدَة بَلْ أمَرَ بِإِقَامِة سِتَّة مُدُن وَهذَا مَا سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْهُ . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل