المقالات

03 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج3

ابنها البكر ينبغي الآن أن أتقدم إلى النقطة الثالثة إنه يرى أن مريم قد حملت بأبناء آخرين، ويقتبس العبارة “فصعد يوسف أيضاً إلى مدينة داود، ليكتتب مع مريم المخطوبة إليه وهي حبلى وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر” (لو 2) وهو يحاول من هذا أن يظهر أن عبارة البكر لا تستعمل إلا لشخص له أخوة. كما أنه يدعى الابن الوحيد من هو وحيد لأبويه. وموقفنا هو هذا كل ابن وحيد هو ابن بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد وان تعبير البكر لا يشير إلى شخص ولد بعده آخرون، ولكن إلى واحد ليس له من يسبقه قال الرب لهارون “كل فاتح رحم من كل جسد يقدمونه إلى الرب من الناس والبهائم يكون لك، ولكن بكر الإنسان ينبغي لك أن تقبل فداءه، وبكر البهائم التجسة تقبل فداءه” (عدد 18) إن كلمة الرب تُعرِّف البكر بأنه كل فاتح رحم وإلا فإن كان اللقب يتعلق فقط بمن لهم أخوة أصغر منهم فإن الكهنة ما كانوا يستطيعون أن يطالبوا بالأبكار إلى أن يولد ما بعدهم، لأنه ربما في حالة ما إذا لم تكن هناك ولادة أخرى، فإن هذا يبرهن على أنهم كانوا مجرد أبناء وحيدين! يقول الكتاب إن الذين يقبل فداؤهم “من ابن شهر تقبل فداءه حسب تقويمك من المال هسة شواقل حسب شاقل القدس ولكن بكر البقر أو بكر الضأن أو بكر الماعز لا تقبل فداءه إنه مقدس” (عدد 18) إن كلمة الله ترغمني على أن اكرس كل فاتح رحم إن كان من أبكار الحيوانات الطاهرة، وإن كان من أبكار الحيوانات غير الطهارة فيجب أن أفديه وأعطي ثمنه للكاهن فهل يجوز أن أجيب وأقول “لماذا تقيدني بفترة قصيرة هي شهر؟ لماذا تقول عنه انه بكر في حين أنني لا أستطيع أن أخبر ما إذا كان سيولد بعده أخوة له أم لا أنتظر حتى يولد الثاني، لست مديناً للكاهن بشيء حتى يولد الثاني فيضبح الأول بكراً !!” ألا تصرخ كل الحروف ضدي وتقنعني بحماقتي، وتعلن بأن البكر هو لقب لمن يفتح رحماً ولا ينحصر في من له أخوة؟ولنأخذ إذن مثال يوحنا أننا متفقون على أنه كان ابناً وحيداً وأريد أن أعرف ألم يكن أيضاً بكراً، وألم يكن بالكلية مذعناً للناموس؟ ليس هناك شك في هذا الأمروكل حوادث الكتاب تتكلم هكذا على المخلص “ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى، صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب – كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل فاتح رحم يدعى قدساً للرب – ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام” (لو 2) فإن كانت هذه الشريعة تختص فقط بالابكار، ولم يكن ممكناً أن يكون هناك أبكار ما لم يولد أخوة بعدهم، فانه لم يكن هناك أحد مطالباً بشريعة الأبكار إذ هو غير مستطيع أن يخبر ما إذا كان هناك من سيولدون بعده ولكن طالما الذي ليس له أخوة صغار مقيداً بشريعة الأبكار، فاننا نستخلص من ذلك بأنه كان يدعى بكراً كل فاتح رحم ليس له من يسبقه، وليس ذلك الذي يتبع ميلاده بأخ أصغرإن موسى يكتب في سفر الخروج “فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل الأبكار في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن، وكل أبكار القطعان” (خر 12) فاخبرني هل الذين أهلكهم المهلك كانوا هم أبكارك فقط أم ما هو أكثر من ذلك؟ هل كانوا يشملون الابناء الوحيدين؟ إن كان الذين لهم أخوة هم فقط المدعوون أبكاراً، إذن فقد نجا الابناء الوحيدون من الموت وفي هذه الحالة تصير اضحوكة، فان وافقت بانهم قد قتلوا، فاننا نكسب نقطتنا، وهي أن الابناء الوحيدين يدعوهم أيضاً أبكاراً. القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
02 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج2

“ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر” (مت 1). أولاً ليست هناك حاجة إلى أن يجاهد خصمنا لاظهار أن كلمة “عرف” تعني الاضطجاع كما لو كان أحد ينكر هذا !إنه يقول أيضاً أن لفظ “حتى” أو “إلى أن” يسير في زمن محدد ومعين، عندما يكمل يحدث بعده ما لم يكن قد حدث سابقاً ويقول “من الواضح أنه عرفها بعد أن ولدت واجابتنا باختصار هي هذه. أن كلمتي “عرف”، “حتى” في لغة الكتب المقدسة لكل منهما معنى مزدوج. فمن جهة الكلمة الأولى فانه قد قدَّم لنا بحثاً ليظهر أنها تشير إلى المعاشرة الجنسية، كذلك ليس أحد يشك في أنها قد تدل أحياناً على معرفة الفهم.، ومثال ذلك “وبقى الطفل يسوع في أورشليم وأبواه لم يعرفا”. وهكذا بالنسبة إلى كلمة “حتى” أو “إلى أن”، فانه يُرَّد عليه بسلطة نفس الكتاب الذي يشير بها أحياناً إلى زمن محدود كما أخبرنا هو بهذا، وأحياناً إلى زمن غير محدد. مثلما حينما قال الله على فم النبي لبعض الأشخاص “وحتى الشيخوخة أنا هو” (إش 46)، فهل سيتوقف عن كونه إلهاً عندما يشيخون؟! والمخلص يقول للرسل في الإنجيل “وها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء العالم” (مت 28). فهل بعد أن ينقضي العالم سيترك الرب تلاميذه في نفس الوقت الذي يجلسهم فيه على أثنى عشر كرسياً ليدينوا أسباط إسرائيل الاثني عشر. وأيضاً بولس الرسول إذ يكتب إلى أهل كورنثوس يقول: “وبعد ذلك النهاية، متى سلم الملك لله الآب متى ابطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الاعداء تحت قدميه” (1 كو 15)، فهل الرب سيملك فقط حتى يصبح أعداؤه تحت قدميه، وفي الحال إذ يصيروا تحت قدميه يتوقف عن أن يملك؟! بالطبع أن ملكه سيبدأ حينئذ، أن يكون في ملئه عندما يبدأ أعداؤه أن يصيروا تحت قدميه. إن داود في المزمور الرابع للمصاعد يقول هكذا “مثل عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، ومثل عيني الامة نحو يدي سيدتها، كذلك أعيينا إليك يا الله حتى يتراءف علينا”(مز 123)، فهل سينظر النبي نحو الله حتى ينال الرحمة، فإذا ما نالها يحوِّل عينيه إلى أسفل إلى الأرض؟ بينما قد قال في موضع آخر “كلت عيناي اشتياقاً إلى خلاصك وإلى كلمة برك” (مز 19). كان يمكن أن أجمع ما لا يُحصى من الأمثلة بهذا الشأن .. ولكني على أية الحالات سأضيف قليلاً منها، واترك للقارئ أن يكتشف بنفسه ما يشبهها قيل في سفر التكوين “فمات هناك موسى عبد الرب في أرض موآب حسب قول الرب مقابل بيت فغور، ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم” (تث 34) وسواء كانت عبارة “إلى هذا اليوم” تشير إلى وقت كتابة أو وقت نشر هذه الأسفار، فإن سنوات كثيرة قد مضت منذ ذلك اليوم دون أن يكتشف قبر موسى ليته يصنع حسناً ويلتفت معنا إلى اصطلاح الكتب المقدسة إن بعض الأشياء التي تبدو غامضة إن لم توضح يشار إلها بوضوح، بينما تترك الأخرى إلى إدراك عقولنا وبهذا يمكننا أن نفسر ما قيل عن يوسف لقد أشار الإنجيلي إلى ظرف معين كان يمكن أن يصير مجالاً للافتراء، وهو أن مريم لم يعرفها رجل حتى ولدت. ولقد فعل هذا حتى نكون أكثر تأكداً أن هذه التي أمسك عنها يوسف حيث كان هناك مجال للشك في مضمون الرؤيا، هذه لم تُعرَف أيضاً بعد الولادة وباختصار، أن ما أريد أن أعرفه هو هذا لماذا أمسك عنها يوسف حتى يوم الولادة؟سيجيب هلفيديوس “طبعاً لأنه سمع الملاك يقول إن الذي حبل به فيها من الروح القدس .. وهل كان يمكن للرجل البار أن يفكر في الاقتراب منها عندما سمع أن ابن الله في أحشائها؟!”حسناً، إننا نؤمن إذن أن نفس الرجل الذي كانت له مثل هذه الثقة بحلم، حتى أنه لم يجرؤ أن يلمس إمرأته. هذا عندما عرف فيما بعد من الرعاة أن ملاك الرب قد نزل من السماء وقال لهم “لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب” (لو 2)، وعندما انضم إليه الجند السمائي منشدين “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”وعندما رأى الرجل البار سمعان يحمل الطفل ويصيح “الآن يارب أطلق عبدك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك”، وعندما رأى حنة النبية والمجوس والنجم وهيرودس والملائكة، فإن هلفيديوس يريدنا أن نصدق أن يوسف على الرغم من معرفته جيداً بمثل هذه العجائب المدهشة يجرؤ أن يلمس أم الرب، هيكل الله، ومسكن الروح القدس؟!إن مريم في كل هذا “كانت تحفظ جميع هذه الأمور متفكرة بها في قلبها” (لو 2) أنت لا تستطيع أن تقول أن يوسف لم يكن يعرف هذه الأمور، لأن لوقا يخبرنا بأن “يوسف وامه كانا يتعجبان مما قيل فيه” (لو 2) القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
01 يناير 2020

دوام بتولية العذراء

سئلت من أحد الأخوة منذ زمن ليس بطويل، أن أجيب على نبذة كتبها شخص اسمه هلفيديوس ولقد ترددت كثيراً في هذا، لا لأنه عمل صعب، وإنما خوفاً من ان إجابتي تجعله أهلاً لأن يهزم ينبغي لي أولاً أن أدعو الروح القدس ليوضح المعنى بواسطة فمي ويدافع عن بتولية الطوباوية مريم، وينبغي أن أدعو الرب يسوع ليحرس المسكن المقدس، الاحشاء التي حلَّ فيها أشهراً، من كل شبهة إتصال جنسي وينبغي أيضاً أن أتوسل إلى الله الآب ليظهر أن أم ابنه استمرت عذراء بعد ما ولد ابنها ليست لنا رغبة أن نجري في ميادين الفصاحة وإنما سندلي بحجتنا من كلمات الكتاب المقدس الفعلية، وننفض الحجج بنفس الاثباتات التي استخدمها ضدنا. قبل أن يجتمعا كانت أول حججه هي قول متى الرسول“قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس” (مت 1) ويعلق هلفيديوس على هذا بأن الإنجيلي ما كان ليقول “قبل أن يجتمعا” إن كان سوف لا يجتمعان بعد ذلك لأنه ليس أحد يستعمل عبارة “قبل أن يتغذى” عن رجل ليس ذاهباً إلى الغذاء لست أدري ما إذا كنت أحزن لأجله أم أضحك ! تماماً كما لو أن شخصاً قال “قبل الغذاء في الميناء، أبحرت إلى افريقيا”، فهل كلماته هذه لا تنضبط حسناً ما لم يرغم يوماً على الغذاء في الميناء؟! وإن اخترت أن أقول أن “بولس الرسول قبل أن يذهب إلى اسبانيا، قيد في روما”، أو إن قلت “قبل أن يتوب هلفيديوس أدركه الموت”، فعل ينبغي لبولس إذ يفك أسره أن يمضي مباشرة إلى اسبانيا، أو هل ينبغي لهلفيديوس أن يتوب بعد الموت على الرغم من أن الكتاب يقول “ليس في الجحيم من يشكرك” (مز 6) ألا ينبغي لنا أن نفهم أن عبارة “قبل”على الرغم من أنها كثيراً ما تشير إلى ترتيب الوقت، إلا أنها في بعض الأحيان تشير فقط إلى الترتيب في الفكر، فليس هناك ضرورة لتحقيق هذا الفكر ـ إذا ما تدخل سبب كاف لمنع أفكارنا من أن تتحقق إذاً فعندما يقول الإنجيلي “قبل أن يجتمعا”إنما يشير إلى الوقت الذي سبق الزواج مباشرة، ويظهر أن الأمور تقدمت هكذا بسرعة، حتى أن هذه التي خطبت وكانت على وشك أن تصبح زوجة قبل ذلك وجدت حبلى من الروح القدس ولكن لا يتبع هذا أنه أجتمع بمريم بعد الولادة، إذ أن هذه الرغبة قد أخمدت بالوسيلة التي بها حبلت وعلى الرغم من أننا نجد أنه قيل ليوسف في حلم “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك”، وأيضاً “فاستيقظ يوسف وأخذ إليه امرأته”، فينبغي أن لا يضطرب أحد بهذا لأننا نعرف أن الكتاب من عادته أن يعطي هذا اللقب للمخطوبات. والمثل الآتي من سفر التثنية يثبت هذه النقطة، إذ يقول“إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل،فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها، فاخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبة، فتنزع الشر من وسطك” (تث 22) ولكن إن كان أحد يسأل لماذا حبلت العذراء بعد ما خطبت، وليس حينما كانت غير مخطوبة أو ليس لها زوج بلغة الكتاب؟ لأشرح ذلك بأنه كانت هناك ثلاثة أسباب:- أولاً: لكي بنسب يوسف – التي كانت مريم قريبته – يمكن أن يظهر أيضاً أصل مريم. ثانياً: حتى لا تُرجم طبقاً لشريعة موسى كزانية. ثالثاً: حتى أنه في هربها إلى مصر تجد معها من يعزيها، كحارس وليس كزوج. لأنه من كان في ذلك الوقت سيصدق كلمة العذراء أنها قد حبلت من الروح القدس وأن الملاك جبرائيل قد أتى وبشرها بغرض الله؟ ألم يكن الكل سيقولون رأيهم ضدها مثل سوسنة؟ لأنه في وقتنا الحاضر، على الرغم من أن العالم كله قد اعتنق الإيمان، مازال اليهود يجادلون في أنه عندما قال إشعيا “هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً” كانت الكلمة العبرانية تعني فتاة وليس عذراء (ألما وليس بتوللا) فانه باستثناء يوسف واليصابات ومريم نفسها وبعض آخرين من الذين نفترض أنهم سمعوا بالحقيقة من هؤلاء، فالكل كانوا تعتبرون يسوع ابناً ليوسف. وإذا كان هذا هو الحال، فان الإنجيليين بتوضيحهم للرأي السائد، فانهم يدعونه أباً للمخلص. مثال ذلك “فأتى بالروح إلى الهيكل، ولما دخل بالطفل يسوع أبواه ليصنعا عنه كما يجب في الناموس” (لو 2). وفي موضع آخر: “وكان ابواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح” … لاحظ أيضاً أن مريم نفسها التي أجابت جبرائيل بقولها “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!” تقول لابنها من جهة يوسف “يا ابني، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” (لو 2) الإنجيليون يدعون يوسف أباً، ومريم تعترف أنه أب، ليس لأن يوسف كان حقاً أباً للمخلص، وانما لكي تحفظ سمعة مريم، نظر إليه من الكل على أنه أب على الرغم من أنه سمع قبلاً قول الملاك “لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس” (مت 1)، وعلى الرغم من أنه فكر قبلاً في تخليتها سراً. وهذا يظهر أنه كان يعرف تماماً أن الحبل ليس منه هوذا قد قلنا كثيراً – بقصد التعليم وليس للرد على الخصم – لنظهر لماذا دعي يوسف أباً للرب، ولماذا دعيت مريم امرأة ليوسف. وهذا أيضاً بالمثل اجابة عن لماذا دعي بعض الأشخاص أخوة له، على أن هذه النقطة ستجد مكانها فيما بعد. القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
31 ديسمبر 2019

بدء العام الجديد

كثيراً ما يرافق لقاء العام الجديد عند المسيحيين كفر وإلحاد وإفراط وعدم اعتدال. أما الكفر والإلحاد فلأن الكثيرين من المسيحيين يتفاءلون ظانين أنه إذا مضى عليهم اليوم الأول من السنة وهم مسرورون، فالعام كله سيمضي كذلك. وأما الإفراط وعدم الاعتدال، فلأن الجميع رجالاً ونساءً يحتسون الخمر حتى الصباح فهذا السلوك لا يتفق مع حكمة الروح المسيحي اذا اتبعناه، أو سمحنا للآخرين أن يتبعوه. ألم نسمع قول القديس بولس الرسول: "فإنكم تحفظون أياماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين فأنا أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً" (غلاطية 10:4-11). ومن جهة أخرى، ليس من المعقول أن يُبنى على يوم واحد صُرف بسرور، الشيء نفسه طوال العام كله إذن لا يجوز لنا مراقبة الأيام وأن نحب بعضاً منها وننفر من غيرها. بل علينا أن نعلم جيداً أنه لا شر إلا من الخطيئة ولا خير إلا من أعمال البر. السرور لا يكون بالسكر بل بالصلوات الروحية، وليس بالخمر والملاهي بل بالوعظ والإرشاد. فالسكر يحدث الهياج، والإرشاد يهدئ الاضطراب. الأول يظلم العقل والثاني ينير الظلام. الأول يسبب أحزاناً لم تكن في البال والثاني يبددها مهما كانت على المسيحي ألاّ يحتفل بشهور محددة، ولا يأول يوم من الشهر، ولا بأيام الآحاد فقط، بل عليه أن يصرف أيام حياته كافةً في احتفال دائم. ما هي الحفلات التي تناسب المسيحي؟ لنسمع ما علمه رسول المسيح: "فلنعيّد إذاً لا بالخمير العتيق ولا بخمير السوء والخبث بل بفطير الخلوص والحق"(كورنثوس الأولى 8:5). إذاً إن كان ضميرك نقياً فاحتفالك يدوم لأنك تتعزى بالنعم الآتية. وإن كنت مثقلاً بالخطايا الكثيرة، فالحفلات لا تكون لك أحسن من المآتم، ولا نفع لك من يومك السعيد، إن كانت نفسك معذبة بتأنيب ضميرك. فإن كنت تريد النفع لنفسك من اليوم الأول من الشهر فاعمل هكذا. وإذا بلغت اليوم الأخير من السنة فاشكر الإله السماوي الذي أوصلك إلى نهاية العام. اتضع بقلبك، واعدد أيام حياتك، وقل لنفسك: الأيام تمر وتذهب، والأعوام سوف تنتهي، وقد مضى القسم الأكبر من حياتي فما الذي فعلته من أعمال البر؟ كيف أترك هذه الحياة دون أن أتزود شيئاً من أعمال الحق؟ينبغي لنا أن نفكر بحكمة في أول الشهر. يجب أن نذكر الكلمات السابقة عن تداول الأعوام. لنفكر في اليوم الآتي حتى لا يقال عنا كما قال نبي الله عن اليهود: "فأفني أيامهم كنفس وسنيهم كالفجاءة" (مزمور 33:77). إن مراقبة الأيام عمل مغاير لروح الحكمة المسيحية وتضليل وثني. إنك قُبلت مع الأجناد السماوية وأصبحت مع جماعة الملائكة حيث لا يبدل نور النهار بظلام اليل بل هناك نهار دائم لا يزول، ليس لك هناك ما يتفق مع هذه الدنيا، كشروق الشمس وغروبها، وتبدل الأيام لكن إذا صرفت حياتك بالبر والصلاح فاللل يكون عندك نهاراً، وعكس ذلك يكون الذين يصرفون حيتهم بالكفر وعدم الاعتدال، فيتحهل نهارهم إلى ليل داجٍ لأن نفوسهم أظلمت. فلنتجنب الأعمال التي لا تأتي بنفع، لأن الرسول المملوء حكمة يأمرنا أن نعمل حسب قول الرب: "إن أكلتم أو شربتم أو عملتم شيئاً فاعملوا كل شيء لمجد الله" (كورنثوس الأولى 31:10). لنهتم بالأعمال لا بالأقوال. ولنمجد بلا فتور المسيح الرب الذي يليق به مع الآب الأزلي والروح الكلي قدسه كل مجد وإكرام وسجود، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين.آمين.
المزيد
30 ديسمبر 2019

انطباع الصورة الالهية في نفوسنا

الصفة الالهية تُطبَع فينا، وبذلك تُشكَل طريقة حياتنا بممارستنا للصلاح ! فالصلاح فائق بحسب ما يليق بجوهر الله، ورغم ذلك فنحن نستطيع أن نصير صالحين بالاقتداء به، وذلك بفضل طريقة حياتنا، بشرط أن نختار باشتياق وامتداد للأمام كل ما يستحق الاقتداء به، ولأننا نتمتع بذهن صاف ورؤية صائبة فلا يمكن أن ندّعِي أننا لكي تنطبع الحياة الالهية في نفوسنا لابد أن نكون مشابهين لله في الجوهر ! فهذه المشابهة تقودنا الي أن نصير مساويين له في كل صفاته، حاشا ! لأن ذلك سيقودنا الي ان نعطي ذواتنا نفس المقام الالهي بدون أي اختلاف بيننا وبينه علي اعتبار أننا خُلِقنا علي صورته كشبهه ! وهكذا يجب التنويه بأنه رغم أننا خُلِقنا علي صورته ومثاله الا أن الفارق بين الله والانسان فارق شاسع، فالله بسيط في طبيعته وغير مركب بينما نحن نملك طبيعة مركبة، اذ ان طبيعتنا البشرية مكونة من أجزاء متعددة، ونحن من التراب فيما يخص الجسد وهذا يعني أننا معرّضون للفساد والزوال مثل الأعشاب، بينما الله فوق كل ذلك، والنفس الانسانية عرضة لتقلبات كثيرة من الصالح الي الطالح ومن الطالح الي الصالح، ولكن الله هو هو دائماً، صالح الي الأبد ولا يتحول ولا يتغير من حال الي حال، وعدم تغيّر الله ليس صفة عرضية بل يرجع الي جوهره، وهكذا أصبح من الواضح أن البشر الذين أتوا الي الوجود من العدم لا يتشابهون مع الله حسب الطبيعة، بل يمكن أن يتشابهوا معه في نوعية الحياة الجديدة والسلوك المستقيم … لأنه رغم سقوطنا الا انه لا نحن ولا الملائكة الذين سقطوا، لم ننحرف كليّةً عن طبيعتنا، ولم ننحدر الي العدم الكلي، رغم عدم اقتنائنا للفضيلة، ولقد فقدنا القدرة علي المعرفة الصحيحة وفن الحياة وذلك بسبب ميلنا للشر، ولكن المسيح جاء ودعانا الي أن نتشكل من جديد حسب الصورة الأولي بكل بهائها، ولا نقول أبداً ان الوصول الي هذا المجد يعني أن الطبيعة البشرية تصير طبيعة أخري ! ولكن الأمر يتعلق باختيار الارادة في أن يتغير الانسان من حياة شريرة الي حياة مقدسة في القول والفعل … فان صفات الله تضئ في صورتنا، لأننا اخترنا بملء حريتنا أن نسير في الصلاح، ولكننا … لسنا واحداً مع الله في الجوهر لأنه لو صح ذلك كما يدّعُون فما الذي يمنعنا أيضاّ ان نكون من نفس طبيعة خالقنا ؟! ـــــــــــــــــــــــــــــ + ترجمها المركز الارثوذوكسي للدراسات الآبائية عن النص اليوناني + عن الطبعة الثانية بعنوان “حوار حول الثالوث الجزء الأول والثاني” + ترجمت عن المجلد 231 من سلسلة المصادر المسيحية + رُجِعَت من مجموعة ميني اليونانية PG75:657-1124
المزيد
29 ديسمبر 2019

فِي الطَّرِيق

الطَّرِيق مُتَسِعْ حَوَالِي 32 ذِرَاعاً وَفِي حَالَة جَيِّدَة وَاللاَفِتَات وَاضِحَة وَالكَهَنَة مَا إِنْقَطَعُواعَنْ الإِرْشَاد لِلطَّرِيق .. وَالمَدِينَة مُهَيَّأة وَالمَكَان يَنْتَظِر إِذاً الهَّارِب بِلاَ عُذْر . الشَّيْطَان هُوَ وَلِيِّ الدَّم : إِنَّ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يُطَالِبْ بِنَفْس القَاتِل هُوَ الشَّيْطَان الَّذِي قِيلَ عَنْهُ أنَّهُ قَتَّالاً لِلنَّاسٌ مِنَ البَدْءِ ( يو 8 : 44 ) .. الَّذِي يَظُنْ أنَّ نِفُوس الخُطَاة صَارَت مِلْكاً لَهُ فَهُوَ يَتَمَسَّك بِأنَّ أُجْرِة الخَطِيَّة مَوْت .. فَيَطْلُبْ نَفْس الخَاطِئ كَحَقٍّ لَهُ .. وَيَسْعَى أنْ يُوقِعْ بِالنَّفْس قَبْل أنْ تُدْرِك مَدِينِة المَلْجَأ .. وَيُرِيدْ أنْ يَطْمِس مَلاَمِحْهَا .. وَيَلْغِي عَلاَمَاتِهَا .. وَيَضَعْ رُوح يَأس وَفَشَلْ فِي نَفْس القَاتِل وَيُقْنِعُه أنَّ الوُصُول إِلَيْهَا مُسْتَحِيلْ .. وَلكِنْ مُبَارَك الرَّبَّ الإِله الَّذِي جَعَلَ لَنَا سِتَّة مُدُنٍ قَرِيبَة وَفَسِيحَة وَمَهَّدْ الطَّرِيق إِلَيْهَا وَجَعَلَ لَهَا عَلاَمَات وَاضِحَة لِكَيْ لاَ يُوقِعْ وَلِيِّ الدَّم بِالنَّفْس المُتَمَسِكَة بِالرَّجَاء وَلكِنْ عَلَيْهِ أنْ يَرْكُض ( يَجْرِي ) .. يِتْعَبْ وَلاَ يَطْلُبْ رَاحَة لأِنَّ الوَقْت مُقَصِّر .. وَوَلِيِّ الدَّم لَمْ يَهْدأ وَلاَزَالَ يَطْلُبْ .. وَهُنَا نَجِدْ أنَّ القَاتِل يُعَبِّر عَنْ هذِهِ المَرْحَلَة الصَّعْبَة فَنَدْخُلْ فِي أعْمَاقُه لِنَسْمَعْ مَا يَجُول بِخَاطِرِهِ . أشْعُر أنَّ وَلِيِّ الدَّم عَلَى وَشَك أنْ يَقْبِض عَلَيَّ بِيَدَيْهِ الحَدِيدِيَّة .. فَأحْكُمْ عَلَى نَفْسِي بِأنِّي هَالِك لاَ مَحَالَة .. وَحِينَ تَضْعُف نَفْسِي أجِدٌ مَرَاحِمْ الله تُدْرِكَنِي .. وَعَلاَمَتِهِ تَسْنِدَنِي وَكَهَنَتِهِ تُرْشِدَنِي فَأشْكُر الله الَّذِي بِكَثْرِة رَحْمَتِهِ جَعَلَ الطُرُق مُمَهَّدَة وَسَهْلَة .. وَبِالرَّغْم مِنْ خُطُورِة المَوْقِفْ وَهَجَمَات الخُوْف وَالشَّك كُنْتُ أشْعُر بِالأَمَان .. وَلكِنِّي لاَ أعْرِف بِالضَبْط المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا فَوَقَفْت عِنْدَ كَاهِن أسْأل .. أخْبِرْنِي المَدِينَة بَعِيدَة أم قَرِيبَة وَكَمْ مِنْ الوَقْت يَلْزَم لِلوُصُول إِلَيْهَا ؟ فَأجَابَنِي هِيَ قَرِيبَة جِدّاً إِنْ أسْرَعْت وَمَا أبْعَدَهَا إِنْ تَوَانَيْت .. فَأخَذْت أجْرِي وَأجْرِي وَكُلَّ تَفْكِيرِي وَقُوَّتِي فِي إِنْحِصَار كَيْفَ أنْجُو مِنْ وَلِيِّ الدَّم .. وَفِي الطَّرِيق وَجَدْت بَسَاتِين وَأشْجَار وَأزْهَار .. وَلكِنِّي كَيْفَ أقِفْ وَأنَا هَارِبْ لأِجْمَع بَعْض الزُّهُور أوْ أنْظُر بَيْتاً أوْ حَقْلاً فَمَا لِي وَكُلُّ هذَا ؟!!! فَحَيَاتِي فِي خَطَرٍ وَوَلِيِّ الدَّم يَتَعَقَّبَنِي . وَكُلَّمَا أجِدٌ عَلاَمَة أطْمَئِنْ وَأهْدأ .. وَلكِنِّي وَجَدْت فِي الطَّرِيق مَنْ يَجْلِس وَمَنْ يَمْشِي وَمَنْ يَلْهُو .. فَسَألْت الكَّاهِنْ هَلْ هؤُلاَء مِثْلِي يَلْجَأون إِلَى المَدِينَة ؟ فَقَالَ لِي لاَ تَسْأل .. عَلَيْكَ أنْ تُسْرِع .. وَوَجَدْت زَحَام مِنْ النَّاس يَكَادْ يُغْلِق الطَّرِيق فَخُفْت وَلكِنِّي عَزَمْت أنْ أجْتَاز مِنْ وَسَطِهِمْ .. وَعَرَفْت شَيْئاً أفْزَعَنِي .. أنَّ هذَا الزَّحَام هُوَ نَتِيجِة أنَّ وَلِيِّ دَم أمْسَكَ بِفَرِيسَتِهِ .. وَلكِنْ بِمِقْدَار فَزَعِي بِمِقْدَار مَا إِكْتَسَبْت سُرْعَة أكْثَر .. وَوَضَعْت فِي قَلْبِي ألاَّ أنْظُر إِلَى الوَرَاء وَألاَّ أُكَلِّمْ أحَداً .. وَلاَ أُرِيدْ إِلاَّ مَدِينِة المَلْجَأ .. فَهذَا المَشْهَدْ جَعَلَنِي أكْثَر جِدِّيَّة وَلاَ شَيْء عِنْدِي لَهُ قِيمَة غَيْر المَدِينَة .. وَعَاوَدَنِي إِحْسَاس الخُوْف .. وَلاَزَالَتْ المَدِينَة تَبْدُو بَعِيدَة .. وَتَصَارَعَتْ أفْكَارِي .. هَلْ مِنْ نَجَاة ؟ وَأرَدْت أنْ أسْأل ..كَمْ قَاتِل مِثْلِي نَجَى ؟ وَكَمْ أُلْقِيَ القَبْضُ عَلَيْهِ .. وَلِمَاذَا ؟ وَإِنْ كَانَ الله أرَادَ أنْ يُخَلِّص فَلِمَاذَا يَسْمَح أنْ يَمُر وَلِيِّ الدَّم بِالطَّرِيق ؟ وَرَأيْتُ كَاهِناً وَجَدَنِي حَزِيناً بَاكِياً .. فَوَقَفْت لأِسْأل .. فَلَمْ يَدَعْنِي أتَكَلَّمْ وَأشَارَ إِلَيَّ وَوَجْهَهُ مُبْتَسِماً .. أنَّ هَا هِيَ المَدِينَة .. فَرَأيْتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لاَزَالَتْ بَعِيدَة .. وَلكِنِّي فَرِحْت جِدّاً وَصَارَت أمَام عَيْنِيَّ .. لاَ أجِدْهَا تَقْتَرِبْ وَلكِنَّهَا تَبْدُو تَتَضِحٌ .. فَلاَ أُرِيْد أنْ أرَى غَيْرَهَا .. وَظَلَلْت أجْرِي وَأجْرِي حَتَّى خَارَت قُوَاي .. وَلكِنِّي أقْسَرْتُ نَفْسِي حَتَّى وَصَلْت .. يَا لَهَا مِنْ صُورَة بَدِيعَة لِمَرْحَلِة جِهَادْ الإِنْسَان عَلَى الأرْض الَّذِي جَعَلَ فِي قَلْبِهِ إِشْتِيَاقَات الحَيَاة الأبَدِيَّة وَالتَّمَتُّع بِعَمَلْ خَلاَص الْمَسِيح فَلاَ يُبَالِي بِأفْرَاح العَالَمْ وَلاَ تَعُود تَجْذِبُه أُمُور إِسْتَعْبِدِتُه قَدِيماً . أحِبَّائِي هُوذَا وَقْت مَقْبُول .. وَيَوْم خَلاَص لاَ نَنْظُر إِلَى الوَرَاء .. نَرْكُض لِكَيْ نَنَال هُوذَا وَلِيِّ الدَّم وَرَاءَك .. وَالمَدِينَة مِنْتَظَرَاك القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
28 ديسمبر 2019

قلبا ُجديداُ وروحا ُ جديدة

نريد أن تكون هذه السنه جديدة في كل شئ . جديدة في الحياة ، في الأسلوب ، في السيرة ، في الطباع يشعر فيها كل منا ، أن حياته قد تغيرت حقاً إبي أفضل وكما قال الرسول " الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً "( 2كو 5: 17) . هناك أشخاص يعترفون ، ويتناولون ويقرأون الكتاب ، ويواظبون علي حضور الكنيسة والاجتماعات الروحية ، ويمارسون كثيراً من وسائط النعمة ومع كل هذه الممارسات الروحية ، ضعفاتهم ونقائصهم هي هي مازالت لهم نفس الطباع ، ونفس العيوب ، ونفس الشخصية لم يتغير في حياتهم شئ تراهم اليوم كما هو بالأمس لا فارق ! وفي السنة الجديدة كما في السنة الماضية لاتغيير ! الإعتراف عندهم هو تصفية حساب قديم ، ليبدأ حساب جديد ، بنفس النوع وبنفس الأخطاء ، ونفس العيوب و النقائض و السقوط ! ونحن لا ننكر قيمة الأسرار الكنسية وفاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليتها ، لمن يسلك فيها بطريقة روحية سليمة فبلا شك الإعتراف له عمله ، و التناول له فاعليته ، وحضور الكنيسة له تأثيره ولكن هؤلاء الأشخاص لم يأخذوا القوة الموجودة في الأسرار ، أنما رأوها وجازوا مقابلها!ونحن نريد أن نستغل هذا العام الجديد ، لنعمل فيه عملاً لأجل الرب ويعمل الرب فيه عملاً لأجلنا ونقول فيه كفي يارب علينا السنوات القديمة التي أكلها الجراد تكفي السبع سنوات العجاف التي مرت علينا بلا ثمر ولا داعي لأن تستمر الضعفات القديمة نريد أن نبدأ معك عهداً جديده ، نفرح بك وبسكناك في قلوبنا ، وتجدد مثل النسر شبابنا فيهتف كل منا امنحني بهجة خلاصك قلباً نقياً أخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في أحشائي ( مز 50) . أنه عمل إلهى :- وأريد بهذه المناسبة أن أقرأ معكم بعض آيات هامة جداً في هذا الموضوع من سفر حزقيال النبي ولاحظوا في هذه الآيات ، أن الرب يحدثنا عن الدور الذي يقوم به هو من أجلنا ، وليس عن عملنا نحن إنه يقول أرش عليكم ماء طاهراً ، فتطهرون من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم ، وأعطيكم قلب لحم وأجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي ، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها وتكون لي شعباً ، وانا أكون لكم إلهاً وأخلصكم من كل نجاستكم ( حزقيال 36: 25- 29) إذن الله نفسه ، هو الذي سيعمل فينا هذا التغييرهو الذي سينزع القلب الحجري ، وهو الذي سيعطي القلب الجديد وهو الذي سيسكن روحه القدوس في قلوبنا وهو الذي سيطهرنا من نجاساتنا ، ويخلصنا منها كل ذلك عبارة عن عمل إلهي هو حقاً إننا نتوه في الحياة ، أن كان لي عمل التوبة في نظرنا ، هو عمل ذراعنا البشري الذي نتكل عليه ‍ ويقف الأمر عند هذا الحد وهكذا كلت وضعفت وأنهارت كل أذرعتنا البشرية ، ولم يتغير فينا شئ ، ولم نكمل الطريق ونسينا قول الرب لنا " تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريكم ( مت 11: 28) أنا أريحكم من كل نجاستكم أنزع منكم قلب الحجر وأعطيكم قلباً جديداً وروحاً جديدة وأسكن في قلوبكم إنه عمل إلهي إن تركتموه ، وأعتمدتم علي سواعدكم البشرية ، ستظلون كما أنتم متعبين ، وثقيلي الأحمال لذلك حسناً قال مار اسحق عن عمل الله في التوبة " الذي يظن أن هناك طريقاً آخر للتوبة غير الصلاة ، هو مخدوع من الشياطين " لا شك أن عدونا قوي طرح كثيرين جرحي ، وكل قتلاه أقوياء ( أم 7: 26) ولكن الله أقوي من عدونا هذا وهو قادر أن يغلبه فينا ، ويخلصنا من كل نجاساتنا ، أن كنا نلجأ إلي معونته الإلهية لذلك فلنمسك بالرب في بداية هذا العام الجديد نمسك به من أعماقنا ، ونقول له أنت لا تقبل يارب مطلقاً ، أن يكون العام الجديد بنفس ضعفات وسقطات العام الماضي مستحيل يارب أن ترضي بهذا مستحيل ‍ إذن فاعطنا قوة لكي ننتصر بها إننا سنتمسك بمواعيدك التي ذكرتها في سفر حزقيال النبي لقد وعدتنا وأنت أمين في مواعيدك حقق وعودك لنا . حياة جديدة:- قلت لنا علي فم عبدك حزقيال " أعطيكم قلباً جديداً " فأين هو هذا القلب الجديد ؟ وقلت " أنزع منكم قلب الحجر " وللآن لم ينتزع فأعمل يارب عملاً نفذ وعودك فلح هذه الأرض وكما قلت في القديم ليكن نور ورأيت النور أنه حسن قل أيضاً هذه العبارة مرة أخري " أرنا يارب رحمتك ، وأعطنا خلاصك "( مز 85: 7) أعطنا هذا القلب الجديد ، وأعطنا تجديد أذهاننا ( رو 12: 2) ما أكثر الذين ساروا مع الرب ، وأعطاهم أسماء جديدة ، وكان ذلك رمزاً للحياة الجديدة ، التي عاشوها معه إبرآم : أعطاه الرب اسما جديداً هو إبراهيم ،وساراي : أعطاها الرب إسماً جديداً هو سارة ،وشاول الطرسوسى : صار له إسم جديد هو بولس ،وسمعان : صار أسمه الجديد هو بطرس ،ولاوي : أعطاه الرب إسماً جديداً هو متي وكان كل ذلك رمزا للحياة الجديدة التي عاشها كل هؤلاء القديسين مع الرب وكان الاسم الجديد يذكرهم بها مثلما نرسم كاهناً ، ونطيعه اسماً جديداً في الكهنوت لكي يشعر أنه دخل في حياة جديدة مكرسة للرب ، غير حياته الأولي . وانه نال نعمة جديدة لم تكن عنده ، وأخذ سلطاناً جديداً لم يكن له وصارت له مسئوليات جديدة قد وضعت عاتقه بل حتي شكله يتغير من الخارج ، وملابسه تتغير ويشعر أن شيئاً جديداً قد دخل في حياته جعل هذه الحياة تتغير في طبعها وأسلوبها ومسئولياتها وأنت في السنة الجديدة ، هل تشعر بتغيير في حياتك ؟ لا تجعل هذه السنة تمر عليك ، وكل ما فيها من التغيير هو بعض التفاصيل البسيطة لا ، فالكتاب لم يقل تفاصيل وإنما قال " أنزع قلب الحجر ، وأعطيكم قلباً جديداً " والسيد المسيح يشرح لما طبيعة هذا التغيير ،فيقول " ليس أحد يجعل رقعة من قطعة جديدة علي ثوب عتيق لأن الملء يأخذ من الثوب ، فيصير الحزق أرادا " " ولا يجعلون خمراً جديدة في زقاق عتيقة لئلا تنشق الزقاق ، فالخمر تنصب ، و الزقاق تتلف بل يجعلون خمراً جديدة في زقاق جديدة ، فتحفظ جميعاً " ( مت 9 : 16 ، 17 ) إذن لا نضع رقعة جديدة علي ثوب عتيق أي لا تكون كل الجدة في هذه السنة ، أن نضع تصرفاً روحياً ، أو تدريباً روحياً أو سلوكا جديداً في نقطة ما كل ذلك علي نفس النفسية ونفس الطباع ، ونفس النقائص و الضعفات ويبدو هذا التصرف منا جديدة علي ثوب عتيق المطلوب إذن ، هو أن يتغير الثوب كله تخلع الثوب العتيق ، الذي هو قلبك الحالي بكل أخطائه قلبك الخالي من محبة الله ، الخالي من النقاوة و الطهارة ، بل الخالي حتي من مخافة الله ، إذ تسكنه محبة العالم هذا القلب كله ، يجب أن ينزع من داخلك ، ويحل محله قلب جديد كلما نقول في صلواتنا ، ونحن نصلي المزمور الخمسين " قلباً نقياً إخلق في يا الله "ما معني كلمة إخلق ؟ ولماذا لم نقل رمم هذا القلب ، أو أصلحه ، أو جمله ؟ لماذا نقول " قلباً نقياً إخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي "؟ أليس المعني هو أننا نريد شيئاً جديداً وليس مجرد رقعة من سلوك معين توضع إلي جوار طباعنا الحالية الخاطئة ؟‍ إنها عملية تجديد مستمرة نطلبها في حياتنا كل يوم تجديد الطبيعة نأخذه في المعمودية ( غل 3: 27) ، رو6: 3، 4) أما تجديد السيرة ، وتجديد الذهن ( رو 12: 2) فنأخذه في التوبة باستمرار فنقول " روحاً مستقيماً جدده في أحشائي "( مز 50) ويرد علينا " يجدد مثل النسر شبابك "( مر 103: 5) إنها عملية تجديد مستمرة ، يعلمها الرب في حياتنا ، ونطلبها كل يوم في مزاميرنا وليست مجرد حادثة عارضة نذكرها في تاريخ معين إنه تجديد يشمل القلب كله ، والحياة كلها ومن الأمثلة التي تناسبنا هنا مثال الفحمة و الجمرة تصور مثلاً قطعة سوداء من الفحم ، كل من يلمسها يتسخ منها هذه الفحمة دخلت في المجمرة ( الشوريا ) وتحولت من فحمة إلي جمرة أخذت حرارة لم تكن فيها وأخذت ضياء ولهيباً وإشراقاً لم يكن لها بل حتي لونها الأسود صار يحمر ويتوهج ويعد أن كانت وهي فحمة توسخ كل من يلمسها ، أصبحت وهي جمرة تطهر مثال ذلك ما قيل من أن واحداً من السارافيم ، لما سمع أشعياء يقول " ويل لي قد هلكت ، لأني إنسان نجس الشفتين " ، اخذ جمرة من علي المذبح ، ومس بها فم أشعياء ، وقال له " هذه قد مست شفتيك ، فانتزع إثمك " ( أش 6: 7) لأن النار تطهر كل شئ النار التي ترمز إلي روح الله فهل أنت في حياتك فحمة أم جمرة ؟ هل دخل في طبيعتك شئ جديد ، يعمل روح الله الناري فيه ؟ هل في هذا العام الجديد ، وضعك الله في مجمرته المقدسة ، وأصبحت تخرج منك رائحة بخور هل تحس سكني الله فيك ؟إن لم يعمل الله فيك ، فباطل كل ما تعمله لابد أن يسكن النور فيك ، فلا تعود بعد ظلمة ولا أن يسكن الحق فيك ، فلا تكون باطلاً لابد أن تسكن فيك الحرارة ، فلا تكون بارداً ولا فاتراً وهذه السكني تغير حياتك كلها . كيف يحدث التغيير:- كيف يدخل هذا التغيير إلي حياتك ؟ إنك لن تتغيير بحق ، إلا إذا دخلت محبة الله إلي قلبك إسأل نفسك بصراحة : ما سر عدم الثبات في حياتك ؟ لماذا تقوم وتسقط ، وتعلو وتهبط ؟ ما السبب ؟ ما هي مشكلتك الحقيقية في حياتك الروحية ؟ أن مشكلتك هي بكل صراحة إنك تريد أن تحب الله ، مع بقاء محبة العالم في قلبك فأنت تحب العالم ، ولك فيه شهوات تعرفها غير انك من أجل الله - تحاول أن تقاوم هذه الشهوات تقاومها من جهة الفعل ، مع بقائها من جهة الحب في قلبك إثنان لا واحد ينطبق عليك قول أحد الأدباء " وكنت خلال ذلك ، أصارع نفسي وأجاهد ، حتي كأنني إثنان في واحد هذا يدفعني وذاك يمنعني "مشكلتك إذن ، هي هذه الثنائية التي تعيشها هذا الصراع الذي فيك بين محبة العالم ، بين الخير والشر ، البر والفساد ، الحلال والحرام ذلك لأن محبة الله لم تستقر بعد قلبك لا تتمسك إذن بالتفاصيل ، وتترك هذا الجوهر ، أعني محبة الله صارع مع الله في بداية هذا العام ، وقل له " أريد يارب أن أحبك أريد أن محبتك تسكن في قلبي أنا محتاج أن أحب الخير والقداسة ، أن أحب الفضيلة والحق "" لا أريد أن أضع أمامي الخير كوصية ، وإنما كحب " " لا أريد أن تكون الخير وصية ، أكافح نفسي لكي أصل إليها إنما أريد أن يكون الخير حباً ، أتمتع به أريد أن تكون وصيتك محبوبة لدي أجد فيها لذة أذوقها فتشبع نفسي مثلما قال داود النبي " باسمك أرفع يدي ، فتشبع نفس كما من لحم ودسم "( مز 62) ، محبوب هو اسمك يارب ، فهو طول النهار تلاوتي " (مز 119) ، " أحببت وصاياك أكثر من الجوهر الكثير الثمن "( مز 119 ) ، " وجدت كلامك كالشهد فأكلته أحلي من العسل و الشهد في فمي "( مز 119 ) هذا الأساس المتين ، الذي تبني عليه حياتك الروحية من الصعب ومن المؤلم ، أن تكون حياتك صراعاً متوصلاً قيام وسقوط ، توبة ورجوع ، حياة مع الله وحياة مع العالم ‍ إذن قف وقل له أنزع مني يارب هذه الشهوات الباطلة أنزعها أنت بنعمتك ، بقوتك الإلهية ، بفعل روحك القدوس أنزع مني محبة العالم أنزع مني القلب الحجر أنا أضعف من أن أقاوم وقد دلت الخبرة علي سقوطي في كل حرب مهما كانت بسيطة ليست لدي آيه قوة ولست لدي أية قوة ولست مستطيعاً أن أعتمد علي نفسي فادخل أنت إلي حياتي وانقذني أنني مثل إنسان مهدد بالموت ، فماذا بالموت ، فماذا أفعل ؟ أنني امسك بقرون المذبح ، في مدينة الملجأ ، لأجد حياة لأنني لو تركت قرون المذبح ، أقاد إلي القتل ، ولا قوة لي أن قلبي الذي يحبك ، أو الذي يريد أن يحبك ، لا تزال فيه محبة الخطية لا تزال فيه الشهوة الفلانية تتعبه وها أنا قد أمسكت بك ولن أتركك حتي أتمتع بالآية القائلة أبيض أكثر من الثلج ومتي أبيض أكثر من الثلج ؟ عندما تغسلني أنت إذن " إنضح علي بزوفاك فأطهر وأغسلني فأبيض أكثر من الثلج ( مز 50) نعم هذا الذي نقولة في الكنيسة ، في صلوات القداس الإلهي " طهر نفوسنا ، وأجسادنا ، وأرواحنا " أنت الذي تطهرها ، لأنها لا يمكن أن تطهر بدونك أنت الذي ستطهر فينا النفس و الجسد و الروح أنت الذي ستنزع هذه النفس الساقطة الخاطئة الملوثة ، وتعطينا بدلاً منها نفساً جديدة تعطينا روحاً جديدة ، قلباً جديداً ، وتر علينا ماء طاهراً فنطهر أنت يارب منذ زمان ،رششت علي ماء طاهراً فطهرت ، ثم رجعت فلوثت نفسي لكن لي أملاً في قولك المعزي من كل نجاساتكم ، ومن كل أصنامكم ، أطهركم وأعطيكم قلباً جديداً ، وأجعل روحاً جديدة في داخلكم نعم يا أخوتي ، ليتكم تحفظون هذه الآيات وتصارعون بها مع الله . صراع مع الله:- لتكن هذه السنة الجديدة ، سنة صراع مع الله تمسك بالرب ولا ترخه ( نش 3: 4)وقل له كما قال أبونا يعقوب : لن أتركك لن أتركك حتي تباركني ( تك 32: 26) ما معني عبارة " لا أتركك "؟ معناها أن تكون طويل الروح في الصلاة لا تمل بسرعة من الطلبة ، ولا تضجر ، ولا تيأس مهما تأخر الرب عليك بل أمسك بالرب بقوة بدموع ، بمطانيات ، بابتهالات بلجاجة ، بصراع مع الله قل له أنا يارب عاجز عن مقاتلة الشيطان ، الذي من قبل أن يسقط قديسين وأنبياء لا تتركني أنا الإنسان الترابي ، لأقاتل شيطاناً هو روح ونار أليس الشيطان ملاكاً قد سقط وقد قال الكتاب " الذي خلق ملائكته أرواحاً ، وخدامه ناراً تلتهب "( مز 104 : 4) والشيطان وإن كان قد فقد قداسته ، إلا أنه لم يفقد طبيعته ، فمازال روحاً وناراً ، بكل ما للملاك من قوة فمن أنا حتي أحاربه ؟‍‍ ! إن كان القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ، قد قال للشيطان " أنا أضعف من أن أقاتل أصغركم " فمن أنا حتي أدعي القوة وأقف وحدي لآقاتلهم ؟! بصراحة تامة أنا يارب لا أقدر فإن لم تدخل يدك الإلهية لتنقذ وتخلص إن لم تعمل روحك القدوس في داخلي إن لم تنزع مني قلب الحجر ، وتعطيني قلباً جديداً وروحاً جديدة غن لم تنضح علي بزوفاك فأطهر ، وتغسلني فأبيض أكثر من الثلج إن لم تحقق مواعيدك ، فلن أتركك في هذه الليلة هكذا صارع مع الله فكل الذين صارعوا معه ، نالوا ما يطلبون قل له أنا لن أتركك يارب في هذا العام ، دون أن أنال قوة انتصر بها حتي لو تركتني أنت فلن أتركك أنا وإن تخليت عني ، لن أتخلي عنك قل له أنا واقف لك في هذه الليلة لن أبرح سهرة رأس السنة ، دون أن أشعر بتغيير في داخلي ، وآخذ قلباً جديداً إن لم تتصارع مع الله ، لا يشعر أنك جاد في طلبك هذه اللجاجة في الصلاة ، هي التي تقتدر كثيراً في فعلها أما أن تبحث في بداية العام الجديد عن إرادتك وعن عزيمتك ، وتصدر قرارات من جهة ضعفاتك ونقائصك فهذا كله لن يفلح في شئ ، أن لم يدخل الله معك فأكبر جهاد لك إذن تفتتح به هذا العام الجديد ، هو الصراع مع الله إن جاهدت مع الله ، لا تحتاج أن تجاهد مع نفسك لأنك في صراعك مع الله ، سينزع منك الحجر ويعطيك قلباً جديداً وروحاً جديداً وحينئذ لا يحتاج أن تصارع ضد القلب الحجر ، إذ قد نزعه الرب منك وأرواحك من متاعبه وحينئذ يشعر قلبك الجديد بلذة الحياة الروحية ، فتذوق الله ، وتستطعمه وتحيا حياة جديدة ليتنا نأخذ الحياة الروحية بطريقة جدية وطلباتنا إلي الله تكون طلبات جدية بإلحاح شديد برغبة قلب ، بحرارة ، بدموع ، بصلابة، بشدة، بطلب مستمر ونمسك بالرب ونقول له " لن أطلقك " ونأخذ منه معونة ولنأخذ لنا مثالاً صلوات داود النبي كان لا يترك الصلاة حتي يأخذ ، فيحول الطلبة إلي شكر كان يكلم الله بدالة وفي أثناء الصلاة يشعر بالإستجابة يشعر بالإيمان أن الله قد عمل معه عملاً ، وأنه قد أعطاه ما يريد ، فيشكره وهو مازال يطلب لقد جرب داود في مزامير كيف يصارع الله باللجاجة ، بالمودة ، بالإقناع جرب كيف يحنن قلب الله ، وكيف يحنن قلب الله وكيف يعاتبه في دالة ويقول له لماذا يارب تقف بعيداً ؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق ( مز 10) جرب داود كيف يحنن قلب الله بالدموع ويقول للرب " في كل ليلة أعوم سريري ، وبدموعي أبل فراشي " (مز 6) . ويقول له " أنصت إلي دموعي "أختبر أيضاً النقاش مع الله ، بأنواع وطرق شتي نحن نحتاج في بداية العام الجديد أن نطلب معونة إن كان الإنسان الذي تحاربه خطية واحدة ، يحتاج إلي معونة للتخلص من هذه الخطية ، فكم بالأولي أنا الذي تحاربني خطايا عديدة لذلك أنا يارب محتاج إلي شحنة قوية أكثر من جميع الناس حسن أن أليشع النبي ، طلب اثنتين من روح إيليا وليس واحدة ( 2مل 2: 9) وأنا يارب مثله أريد معونة مضاعفة معونة تغطي علي السلبيات ، وأخري تساعد علي العمل الإيجابي الانتصار علي الخطية يحتاج بلا شك إلي معونة والسير في الطريق الروحي وفي عمل البر يحتاج أيضاً إي معونة معونة ونحن نطلب الأمرين معاً في بداية العام الجديد وإن أرادهما الله في عمل واحد من أعمال روحه القدوس ، فليكن لنا كقولة وماذا عن طلباتنا أيضاً في العام الجديد ؟ لا شك نريد ثباتاً نريد فيه تصميماً علي الحياة مع الله ، تصميماً بلا رجعة . تصميم بلا رجعة:- فلا تدخل إلي العام الجديد ، وعيناك لاصقتان بالعام القديم في كل شهواته وأخطائه ونقائصه لا تكن مثل إمرأة لوط ، التي خرجت جسدياً من أرض سادوم ، وقد تركت فيها هناك ، وعيناها لا تزالان متجهتين نحو سادوم ولا تكن أيضاً مثل بني إسرائيل ، الذين عبروا البحر الأحمر ، وخرجوا من أرض مصر ولكن عقلهم لا يزال متعلقاً بقدور اللحم التي في مصر ، وبالبطيخ و الكرات لكن أخرج من خطايا ذلك العام بغير رجعة وفي بداية هذا العام الجديد ، أحتفظ في أذنيك وداخل قلبك بالعبارة التي قالها الملاكان للوط وهم يخرجونه مع أسرته من سادوم " لا تقف في كل الدائرة اهرب لحياتك "( تك 19 : 17) نعم ، لا تقف في كل الدائرة القديمة ، بكل ما تحوي من خطايا وعثرات وبكل ما فيها من ضعفات وسقطات أهرب لحياتك لا تنظر إلي الوراء ، ولا تمس نجساً وقل للرب عن العام الماضي كله هذه العام الماضي كله ، سأدفنه يارب عند مراحمك الكثيرة سألقيه كله في لجة محبتك . سأتركه في المغسل الإلهي ، حيث يغسل الرب نفسي فتبيض أكثر من الثلج لست أريد من ذلك العام شيئاً أنا متنازل عنه كله حتي أن كانت لي فيه فضيلة معينة ، فهذه أيضاً لا أريدها كل ما أريده يارب ، هو أن أبدأ معك من جديد أريد أن انسي ما هو وراء ، وامتد إلي قدام ( في 3: 13) أريد أن أبدأ معك بداية جديدة ، كما بدأت بنعمتك مع نوح ، بعد أن أزلت الماضي القديم كله ، وغسلت الأرض من أدناسها هذا الماضي القديم كله ، أنا متنازل عنه . يكفي اليوم شره ( مت 6 : 34) أما العام الجديد ، فأريد أن أبدأه بالرجاء ربما يحاربني الشيطان باليأس ويقول أنت هو أنت ، في يدي ، لا تخرج ولن تستطيع أن تغير طباعك القديمة أو تتخلص من نقائصك ! نعم ، أن لا أقدر ولكن الله يقدر وأنا لي رجاء في الله ، وفي عمله معي وأنا لست وحدي في هذا العالم الجديد ، لأن الآب السماوي معي سأبدأ هذا العام الجديد ، معي روح الله القدوس ومعي نعمة ربنا يسوع المسيح ومعي من ملائكة ومن أرواح القديسين ومن صلوات الكنيسة المنتصرة ومعي أيضاً وعود الله الصادقة معي وعود الله المحب الرؤف والله أمين في كل مواعيده ، لا يرجع عن شئ منها وأنا سأتمسك بوعود الله ، وأطالبه بها ، وعداً وعداً يكفيني أن أضع أمام الله ما وعد به في سفر حزقيال النبي وأقول له في دالة الحب ألست أنت القائل " أعطيكم قلباً جديداً واجعل روحاً جديدة في داخلكم "( حز 36: 26) أين هو هذا القلب الجديد ، الذي وعدت به يارب ؟ وأين هذه الروح الجديدة ؟ سامحني يارب واغفر لي ، أن قلت وأنا تحت إقدامك أنت مديون لي بهذه المواعيد وأنا سأطلبك بكلامك حقاً إنني مسكين وفقير ولا أملك شيئاً ولكني أملك مواعيد أملك محبتك المجانية التي وهبتني إياها أملك عهدك معي ، وقولك الإلهي " من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم " ، أجعل روحي في داخلكم ، وأجعلكم تسلكون في فرائضي " ( حز 36: 25، 27) ولعل الرب يقول أعطيتك قلباً جديداً ، فرفضت أن تأخذ ! أو لعله يقول " جعلت روحي في داخلك ولكنك أحزنت الروح ، وأطفأت الروح وقاومت الروح " فأنت المديون بهذا كله نعم يارب أنا أعترف بهذا ولكن لا تتركني لضعفاتي وأن أخطأت ، فلا تتركني لخطاياي ولا تحاسبني عليها ، وإنما أنقذني منها فأنت الذي قلت عن سلبياتنا " من كل نجاستكم أطهركم " وأنت الذي قلت عن الإيجابيات " وأجعلكم تسلكون في فرائضي " وأنا متمسك بكل هذا وأن كنت أنا ضعيفاً عن حفظ ملكوتك في داخلي ، وأن كنت مديوناً لك ، إلا أني أقول لك تقلد سيفك علي فخك أيها الجبار ، أستله وأنجح وأملك العمل ليس عملي ، وإنما عملك أنت تعال إذن وأملك أنزع بنفسك القلب الحجر ، وامنح القلب الجديد ، واعطني أن أستسلم لعملك في ، كما يستسلم المريض لمشرط الطبيب ، فيقطع منه ما يلزم قطعه ، ويصل ما يحسن وصله وهو بلا إرادة ولا وعي تحت مشرطه فلاكن يارب هكذا معك ، وأعطني قلباً جدياً . قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كيف نبدأعاماً جديدا
المزيد
27 ديسمبر 2019

تدريب روحي لعام 2020م

بمناسبة استعدادنا للعام الجديد 2020م، أحب أن يكون تأمل هذه الليلة في مزمور رقم رقم 18 وهو مزمور طويل (50 آية)، وقد صلي به داود النبي بعد أن أنقذه الله من أعدائه ومن يد شاول الملك. المزمور به تسبيح وعبارات جميلة ومعانٍ جميلة تصلح لنا جميعًا كأفراد أو مجموعات سواء الكنيسة أو الأسرة، ويصلح أن يكون تدريب روحي نبتدئ به السنة الجديدة.وسنتأمل فقط في الكلمة الأولى «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي»... أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي.. ونحن نستعد لاستقبال عام جديد يجب أن يكون لنا خطة ويجب أن يكون لنا رؤية لهذا العام الجديد، فلتكن لنا هذه الكلمة شعارًا لنا «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي». ولكن ماذا تعني أحبك يا رب أو ما يقصده داود النبي؟ «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» لها خمسة أبعاد تشرحها، وكما ذكرت في مرات سابقة أن رقم خمسة يُعبّر عن القوة (مثل أصابع اليد). «أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي» اختصر فبها المرنم خمس كلمات في كلمة واحدة، ووضعها أمامنا لكي يمكن أن تكون تأملنا أو يمكن أن نسميه خريطة طريق للعام الجديد.المعنى الأول: الشكر أول معنى لكلمة أُحِبُّكَ «أنني أشكرك» أشكرك يا رب.. العام الماضي بأيامه بما فيها أمور حلوة وأمور مُرّة عبر، ومثلما نصلي صلاة الشكر «نشكرك على كل حال ومن أجل كل حال وفي كل حال»، ومثلما تعلمنا كنيستنا أن بداية صلواتنا دائمًا هي بالشكر، وبداية يومنا هي بالشكر، ونشكر الله على عطاياه السبعة الكبيرة التي يعطيها لنا (سترتنا، وأعنتنا، وحفظتنا، وقبلتنا إليك، وأشفقت علينا، وعضدتنا، وأتيت بنا إلى هذه الساعة)، هذه العطايا التي يمنحها الله لنا جميعًا. أنا يا رب أحبــــــــــك.. هذا الحــــــــــب يبـــــــدأ دائمًا بالشكر، أشكرك على كل ما صنعته معي في العام الماضي، أشكرك على كل ما فعلته وقدمته سواء على المستوى الشخصي أو المستــــوى الجماعي، أشكرك يا رب على أمور كثيرة في حياة الإنسان دبرتها ورتّبها، ويقف الإنسان أمام الله قائلًا له: ماذا أقول يا رب أمام حسناتك الكثيرة وعطاياك الجليلة في كل صباح؟ويعلمنا الآباء أنه ليست موهبة بلا زيادة إلا التي بلا شكر، يشكر الإنسان على كل شيء، حتى على الألم والتعب وأحيانًا على الخسارة. أحيانًا يتذمر الإنسان على حياته، فقد كان يأمل أن يتحقق شيء ولم يتحقق.. وتذمُّر الإنسان يتعبه وينسيه الشكر.. يمكن أن تشكر على كل صغيرة وكبيرة، على الصحة، على الخير الذي بين يديك كثر أم قلّ، على صداقاتك ومعارفك، بل وعلى الفخاخ التي نجاك منها، على عطايا الأكل والحماية والملبس والهواء الذي نستنشقه. لو جلس الإنسان لكي ما يعدد عطايا الله له لن يحصرها أبدًا.المعنى الثانـــــــي: التوبــــــــة أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي... يعني أنني أتوب إليك.. في العام الماضي يمكن أن يكون الإنسان قد صنع بعض الأمور الخاطئة أو انجرف إلى بعض الضعفات أو بعض السهوات أو بعض الخطايا أو بعض التقصيرات، خطايا صنعها بمعرفة وخطايا صنعها بغير معرفة، خطايا خفية وخطايا ظاهرة، خطايا بإرادة وخطايا من غير إرادة. لذلك مع بداية عام جديد، جيد جدًا أن الإنسان يقدم توبة: «أتوب إليك يا رب، توّبني، أنا أحبك وأعرف إنك لا تحب الخطية لكنك تحبني حتى عندما أكون خاطئًا، لا تحب خطيتي ولا تريدها ولكنك تحب الإنسان حتى وإن كان خاطئًا، تحبه كإنسان». هل لك جلسة اعتراف وجلسة توبة حقيقية؟ هل تقدر في نهاية السنة أن تفرغ قلبك؟ هل تظنون أنه يمكننا أن نضع في كوب شيئًا صالحًا للشرب وآخر غير صالح للشرب في نفس الوقت؟ لا يمكن..! هل عزمت على التوبة وأن تنقي قلبك؟ أن تبدأ السنة الجديدة بقلب سليم؟ فكّر كيف تسكّن ضعفاتك وكيف تنقي قلبك، لأنه بدون نقاوة القلب لن يعاين أحد الله. لذلك تضع الكنيسة مزمور التوبة في بداية الصلاة هو تعبيرًا عن هذا البُعد في حب الله. مزمور التوبة مزمور فردي (أرحمني يا الله كعظيم رحمتك...)، ونقول في نهاية كل ساعة بالأجبية «ارحمنا يا الله ثم ارحمنا» بصيغة جماعية... التوبة الجماعية مجموع توبة الأفراد.. هل تطبق عبارات المزمور الخمسين على نفسك؟ هذه المزامير أو قطع الصلوات بصفة عامة هي مقاييس نقيس عليها أنفسنا، فترى أين أنت من مزمور التوبة، أين أنت من كلماته وعباراته ومشاعره ودموعه. أحبك يا ربي يا قوتي، أنت هو توبتي، وأنت الذي تساعدني على هذه التوبة.المعنى الثالث: الوعـــــد أعدك يا رب.. فرصة قوية جدًا مع بداية العام الجديد لكي تَعِد الله بتعهدات فمك لكي ما يباركك. كنت مقصرًا في الإنجيل، في الصلوات، في الأصوام، في الحياة الروحية بصفة عامة، في الاعتراف، في النسكيات، في ممارسة الأسرار... فما رأيك أن تقدم وعودًا لله من اليوم؟ قدم وعدًا بقلبك، قل: أعدك يا رب ولكني أريد منك أن تقويني. بماذا يا تُرى ستعد ربنا في نهاية السنة وأنت تستقبل عامًا جديدًا؟.. وعود تخص حياتك الروحية، حياتك الاجتماعية... ممكن أن تتصالح مع من تخاصمهم، ممكن أن تعد الله أنك تُحسّن طريقة تربية أولادك وبناتك. أحيانًا الآباء والأمهات تربيتهم يكون بها شىء خاطىء، ها توعد ربنا بإيه؟ ربنا منتظر وعدك، منتظر تعهدات فمك، وهذه التعهدات هي تعهدات قلبية. لا أريد فقط أن تقدم لله وعود، ولكني أريد أيضًا أن تقدم لإلهك أحلامًا واشتياقات، أحلام في الدراسة في الخدمة في العمل، أحلام في الحياة بصفة عامة... الأحلام تعني أن أن الإنسان حيّ، فالإنسان الميت لا يحلم. وعودك وتعهدات قلبك وأحلامك واشتياقاتك تأتي بها جميعها وتضعها أمام الله.المعنى الرابـــــــع: الصــــــــلاةالصـــــــــلاة هي العمــــــــل الأسمى الذي يمكــــــن أن يمارســـــــــه الإنســـــــــان على الأرض، هو بمثابة خيـــــط رفيع يربطك وأنت على الأرض بالله في السماء. وأقصد هنا الصلاة التي تنبع من القلب، لا من اللسان فقط، الصلاة التي هي لقاء شخصي بينك وبين المسيح، وتتشفع في الصلاة بقديسين يكونون شهودًا على هذه الصلاة، صلاة حقيقية من قلبك، تعبّر فيها عن حبك وشكرك وتوبتك وعن اشتياقاتك، وتعبر فيها عن طلبك واحتياجك ليد الله القوية أن تعمل معك. عمل الصلاة قوي، فطلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها، ولنا في التاريخ قصة جبل المقطم كمثال لهذا. اجعل صلواتك مرفوعة ولا تنشغل بالأمور المادية والاقتصادية والكلام الكثير والأحداث، وناس تتحدث عن كل شيء إلا الأبدية!المعنى الخامس والأخير: أخدمـــــــك أحبك يا رب لا حبًا نظريًا، ولكن أعبّر عنه عمليًا بخدمة المحتاج، المريض، الجائع، العطشان، المحبوس، المأسور، اليتيم، وخدمة أصحاب الاحتياجات الخاصة، والخدمة بكل اتساعها. فأنت لا تخدم أحدًا من الناس ولكنك تخدم الله في عيون ونفوس وفي أشخاص هؤلاء. والخدمة يا أحبائي يجب أن تكون لكل أحد بدون استثناء لأنك تخدم الله في أشخاص الناس، ويكون لديك روح الخدمة والعمل، فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فتلك خطية.نصلي كل يوم صباحًا جزءًا من الاصحاح الرابع من رسالة أفسس ونقول عبارات جميلة: «اسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتهم إليها...»، فأنت دُعيت لكي ما تخدم، بكل صور الخدمة. من القصص اللي تعجبني كثيرًا قصة في القرن الثالث أو الرابع الميلادي، حبنما كان الجنود متجهين جنوبًا وعسكروا عند إسنا، فخرج أهل إسنا الكرام وأطعموهم وأكرموهم، فسأل جندي وثني زميله: لماذا هؤلاء الناس يفعلون هذا معنا؟ فقال له لأنهم مسيحيون. لقد خدموا بهذه الوسيلة، وكان طبق الأكل الذي قُدِّم وسيلة لجذب قلب إنسان صار فيما بعد القديس الأنبا باخوميوس أب الشركة. ولهذا فإن الخدمة ليست فقط هي خدمة تعليم أو خدمة مدارس أحد، بل لها اتساعات كبيرة جدًا بأشكال كثيرة جدًا، ويمكنك أن تبتكر شكل الخدمة التي ستخدمها.الخلاصــــــــــة... ونحــــــــن نبتـــــــــدئ عامًا جديدًا (2020)، نصلـــــــــي أن يكـــــــــون عامًا سعيدًا على الجميع، وأن تنعم مصر وكل شبعها بالخير وبالفرح والسلام والمحبة. ونأخذ هذا المزمور كتدريب لكنائسنا وأسرنا، وكل بيت يمكنه أن يقرأ هذا المزمور، ويمكن أن تكبته وتضعه في مكان ظاهر، ويكون أمامك وتصلي به، وتتذكر أنه عندما وقف داود النبي وقال «أحبك يا رب يا قوتي» كان يقصد هذه الأفعال الخمسة: أشكرك، أتوب إليك، أعدك، أصلي لك، وأخيرًا أخدمك في كل مكان.وكل سنة وأنتم طيبون قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
26 ديسمبر 2019

التناقض المزعوم بين الأسفار وبين سِفْرُ اَلاَّوِيِّينَ ج2

1- وبين اصحاح 23 : 19، 1 صم 15 : 11 ففى الاول ان الله لا يندم وفى الثانى انه ندم على انه جعل شاول ملكا. فنجيب قلنا انفا لا يخفى ان الكتب الالهيه كتبت للبشر فينبغى ان تكتب بلغتهم لكى يفهموها فالالفاظ المسندهالىالعزه الالهيه التى يستفاد منها انه ندم (يون 4 : 2) وغضب (عد 12 : 9) وغير ذلك ليست الا استعارات اتخذها البارىء، من لغه البشر يعبر بها عن انه يكره الخطيئه وينسب لنفسه الانفعالات الانسانيه ليفهم البشر مراده وقصده لان الانسان البشرى الناقص لا يفهم الله اذا تكلم تعالى عن نفسه كما هو. 2- وبين اصحاح 25 : 9، 1 كو 10 : 8 ففى الاول ان الذين ماتوا بالوباء 24000 وفى الثانى 23000، فنجيب ان الثانى ذكر بصريح اللفظ (فسقط فى يوم واحد) فالعدد الذى ذكره ليس كل الذين هلكوا بل الذين هلكوا فى يوم واحد فقط. 3- وبين اصحاح 28 : 29، حز 45 و46 فبين الاول والثانى خلاف فى نظام الهيكل فنجيب ان كلام حزقيال عباره عن نبوات استعاريه القصد منها الالماحالىمجد ملكوت المسيح (1 كو 3 : 16 و2 كو 6 : 16 واف 2 : 20 – 22 واتى 3 : 15) فحزقيال اطلق الهيكل على كنيسه المسيح والرسول بولس استعمل هذه الاستعاره كما فى (2 تس 2 : 4) واستعملها كاتب سفر الرؤيا (11 : 19 و14 : 17 و15 : 5 و8) بل استعمل عبارات حزقيال (رؤ 4 : 2 و3 و6). 4- وبين اصحاح 31، (قض 6) ففى الاول ذكر ان الاسرائيليين ابادوا المديانيين عن اخرهم وفى الثانى ان المديانيين بعد 200 سنه تقووا حتى عجز الاسرائيليين عن مقاتلتهم. فنجيب لا يبعد ان يكون قوم مديانيون ساكنين فى مدن اخرىغير التى ابادها الاسرائيليين، ولا ريب انه نجا من الساكنين فى المدن التى اهلكت وفر عدد عظيم. ومده 200 سنه تكفى لنموهم وانتصارهم على اسرائيل فى وقت سخط فيه عليهم الههم الذى كان يتداخل فى امر حروبهم فكان يجعل الامه الصغيره تغلبهم وقت غضبه عليهم، والامه الكبيره مغلوبه لهم وقت رضاه عنهم. 5- وبين اصحاح 31 : 17، مز 7 : 11 ففى الاول امر موسى بقتل كل ذكر من الاطفال وكل امراه عرفت رجلا بمضاجعه ذكر من المديانيين مع ان الاطفال والنساء لم ياتوا ذنبا وفى الثانى ان الله قاضى عادل فكيف يتفق عدله وذلك الامر الجائز. فنجيب ان الامر بقتل الاطفال الذكور والنساء المستعدات للولاده نظر فيهالىالمستقبل فالاطفال ومن تلده النساء بنمو ويكبر ويصير شوكه فى جنب شعب الله، فقتلهم من قبيل تدارك الخطا قبل وقوعه. وفى سفر يشوع ان الله امر يشوع بما ينافى الرحمه الالهيه من قتل الكنعانيين. ويدفع هذا بان ذلك انتقام منهم لانهم خبثوا وتوغلو فى عباده الاوثان واباحوا المحظورات التى لا تحسن امور الناس عموما الا بالامتناع عنها وقد جائتهم النذور ونهتهم النواهى الطبيعيه سنين بل قرون كثيره. والله يعاقب الاثمه بالموت بطرق مختلفه فقتل بعضهم بالوباء وبعضهم بالحرب وبعضهم بالصواعق او الزلزالالىغير ذلك من طرق الهلاك المخيفه. ولولا انقراض الكنعانيين لكانوا افسدوا اخلاق الاسرائيليين وعلموهم عباده الاصنام والاعمال القبيحه فانقراضهم كان امرا. المتنيح القس منسى يوحنا عن كتاب حل مشاكل الكتاب المقدس
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل