المقالات

11 يناير 2020

المرأه ... العذراء

1 كلمة امرأة ومريم العذراء: كلمة امرأة فى كل اللغات وخاصة اللغة العبرية واللغة اليونانية اللذان كتب بهما الكتاب المقدس واللغة العربية التى ترجم إليها أيضاً الكتاب المقدس تعني بشكل عام "أنثى" سواء كانت عذراء او متزوجة، أى تعنى جنس المرأة مقارنه بالرجل، ففى اللغة العبرية المرأة هى "أيضاَ Isis والرجل هو "ايص is " سواء قبل الزواج او بعده وكذلك فى اللغة اليونانية المرأة هى "gene" سواء كانت أنثى آو زوجه لرجل، امرأة كجنس وعذراء أو امرأة متزوجه وعلى هذا الأساس دعيت حواء امرأة بعد خلقتها مباشرة وقبل أن يكون لها علاقة زوجية مع أدم "وبنى الرب الإله الضلع التى أخذها من أدم امرأة أحضرها إلى آدم. فقال آدم هذه... تدعى امرأة لأنها من امرأ أخذت"(1). ودعى العهد الجديد المنضمات للكنيسة من الإناث سواء كن عذارى أو متزوجات "النساء" "وكان مؤمنون ينضمون للرب اكثر جماهير من رجال ونساء"(2) وهكذا دعيت القديسة مريم "امرأة": أولاً: كأنثى بصفة عامة "مباركة أنت فى النساء". ثانياً: كزوجة ليوسف كما دعى يوسف رجلها "فقال الملاك ليوسف لا تخف آن تأخذ مريم امرأتك"(3). "فصعد يوسف ليمكث مع امرأته المخطوبة"(4) "ففعل كما آمره الملاك وأخذ امرأته"(5) "فيوسف رجلها.."(6). ثالثاً: لأنها المرأة الموعودة، حواء الجديدة، التى سيأتى من نسلها المسيح، حسب وعد الله القائل أن نسل المرأة سوف يسحق رأس الحية "واضع عداوه بينك (أى الحية) وبين المرأه وبين نسلك ونسلها وهو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه"(7) ولذلك قال الوحى عن تحقيق هذه ألنبؤه وميلاد المسيح من المرأة "ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأه"(8) أي ان حواء الأولى كانت سبب فى سقوط ادم فى التعدى والخطية وحواء الجديدة أنجبت النسل الموعود الذى صار أدم الثانى وأعاد البشرية إلى الفردوس(9) "لأنه كما فى أدم يموت الجميع هكذا فى المسيح سيحيا الجميع"(10) إذاً فلقب امرأة بالنسبة للعذراء مريم لا يقلل من شأنها، ولا ينفى دوام بتوليتها إنما يعطيها رفعه لأنها المرأة التى حبلت وولدت بالإله التجسد، عمانوئيل، نسل المرأة، الذى جاء فى ملء الزمان. 2 مالى ولك يا امرأة: فى عرس قانا الجليل دعيت العذراء مريم كما دعي السيد المسيح وتلاميذه لحضور هذا العرس ولما فرغت الخمر طلبت العذراء مريم من السيد المسيح، ابنها، التى كانت تعرف إمكانياته جيداً، فقد كانت تحفظ كل شىء يحدث له او منه منذ طفولته المبكرة فى قلبها(11) وقالت له موحيه بما يجب عليه عمله "ليس لهم خمر"(12). فقال لها "مالى ولك يا امرأة لم تأت ساعتى بعد"(13). وقد ظن بعض الهراطقه وغيرهم ان فى هذا القول تحقيراً للعذراء آو أبعاداً لها عن طريق الرب. ولكن هذا مستحيل فواضع الناموس لا يمكن ان يخالف شريعته، فهل يمكن أو يعقل أن يخالف الوصية القائلة "أكرم أباك وأمك"(14)، هل يخالف الناموس واضعه وهو القائل "لا تظنوا أنى جئت لأنقض بل لأكمل"(15) هل يمكن او يعقل ان يهين أمه وهو الذى قال عنه الكتاب "قدوس بلا شر ولا دنس قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات"(16) والذى قال عنه الكتاب أيضاً أنه كان خاضعاً لأمه وأبيه الاعتبارى يوسف النجار "وكان خاضعاً لهما"(17) حاشا وكلا: لم يكن فى كلام الرب مع أمه العذراء المباركة أي تناقض مع احترامه وخضوعه لها حسب الوصية وهذا ما أعلنه الكتاب عنه انما السبب الحقيقى فى رده هذا هو قوله "لم تأتى ساعتى بعد"(18)، لم تأت ساعته بعد إعلان عمله المسيانى علناً، لم تأت ساعته بعد ليعرف العالم كل ما تعرفه وما لا تعرفه أمه المباركة عنه. لم تأت ساعته بعد لأن كل عمل كان يعمله لم يكن خاضعاً للصدفة او الظروف وإنما كل شيء معلوم لديه منذ الأزل "معلومة عند الرب منذ الأزل جميع أعماله" وهذا يتضح أيضاً من أقوال الكتاب الكثيرة فى هذا الشأن كقوله قبل العشاء الربانى: قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان(19) فجاءه صوت من السماء مجدت وامجد أيضاً(20) ولما اقتربت ساعة الصلب قال "قد آتت الساعة"(21) ومع ذلك كانت ثقة العذراء فى ولدها الإلهى غير محدود، لذا قالت للخدام "مهما قال لكم فافعلوه"(22) فاستجاب السيد له المجد لطلب أمه وأيضاً لإعلان مجده امام تلاميذه ليؤمنوا به. 3 يا أمرأه لقب تكريم: ومناده الرب يسوع لأمه العذراء المباركه بلقب "يا امرأة" فضلاً عن إنه لا يحمل أي معنى لإهانة او جفاء، كما يحمل معنى عظيم لأنها المرأة الموعودة بأن يأتى منها "نسل المرأة" فهو أيضاً فى ذلك العصر كان لقب تكريم بمعنى يا "سيده" ويدل على الإجلال والأحترام ففى الأدب اليونانى يخاطب "اوديسيوس" زوجته المحبوبه "بنلوب"بلقب "يا امرأة"(23) واغسطس قيصر خاطب كليوباترا ملكة مصر بنفس اللقب "يا امرأة" مما يدل على ما كان لهذا اللقب من تكريم واحترام. كما نادى الملاك على مريم المجدليه بنفس اللقب "يا امرأة"(24) وكذلك الرب يسوع أيضاً ناداها قائلاً "يا امرأة لماذا تبكين"(25) ولم يكن فى هذا أي تحقير او توبيخ لها وإنما إجلال واحترام. فالأولى زوجه محبوبه والثانية ملكة والثالثة غير متزوجه وهذا اللقب استخدمه أيضاً الرب وهو على الصليب، فى وقت كان يتحمل فيه كل الألام البشريه على الصليب، وكان يعانى سكرات الموت واحتجاب وجه الأب عنه، وسط آلامه الرهيبه، ومعركته الأخيرة وهو يصارع الشيطان لم يغب عنه ما تعانيه امه من حزن شديد، فقد جاز فى نفسها سيف كنبؤة سمعان الشيخ(26) ولم ينس واجبه كأبن، فسلمها لتلميذه الحبيب قائلاً "يا امرأة هوذا ابنك"(27) وهذا يدل على الحب الذى لا حد له لأمه، نسى آلامه وفكر فى آلام والدته، فناداها "يا امرأة" ولم يقل "يا أمى" لكى لا يزيد قلبها جرحاً كما قال اسحق لأبيه وهو يقدمه للذبح "يا أبى"(28) أسلمها لتلميذه، "الحبيب ولعنايته كما اعتنى بها من قبل يوسف النجار. وفى هذا دليل على ان العذراء لم يكن لها أولاد من يوسف. قال القديس اوغسطينوس فى تعليقه على لقب "امرأة" "فى الواقع حتى العذراء نفسها دعيت "امرأة" ليس لأنها فقدت بتوليتها ولكن لأن هذا التعبير هو المألوف فى لغة شعبها والرسول بولس نفسه يقول عن الرب "ولد من امرأة" وهذا لا يعنى تحطيم إيماننا الذى نعترف فيه انه "ولد من الروح القدس ومن مريم العذراء" لأنها كعذراء حبلت وكعذراء ولدت واستمرت عذراء، ولكن فى اللغة العبرانية تدعوا كل انثى امرأة، وها هو اوضح مثال لذلك، أول أنثى صنعها الله أخذ اياها من جنب الرجل هى أيضاً دعيت امرأة قبل ان ترقد مع رجل إذ ان ذلك حدث بعد خروجها من الفردوس لأن الكتاب يقول "وعملها الرب ...امرأة"(29). القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
10 يناير 2020

لماذا خطبت القديسة مريم ليوسف النجار؟

هناك عدة اسئلة تطرح نفسها عن سبب خطبة العذراء ليوسف النجار إذا كانت القديسة مريم قد اختارت البتولية فلماذا خطبت ليوسف النجار؟ هل اتفق يوسف النجار مع العذراء أو كان فى نيتها الزواج الفعلى وإنجاب الأطفال؟ ماذا يعنى قول الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه واهرب إلى ارض مصر"(1)؟ والكتاب المقدس والتقليد يجيبان على هذه الأسئلة وغيرها بدقة ووضوح. 1 عذراء إلى الأبد:- تتضح نية القديسة مريم من عدم إعتزام الزواج الفعلى واعتزام البتولية كل ايام حياتها من موقفها عند بشارة الملاك لها بالحبل بالطفل الإلهى. فلما قال لها الملاك: "ها انت ستحبلين وتلدين أبنآ وتسمينه يسوع"(2) سألت هى الملاك فى دهشة واستغراب قائلة "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلاً"(3)؟ وسؤال العذراء هذا يؤكد بما لا يدع مجالاً من الشك انها لم تفكر فى الزواج والإنجاب مطلقاً. فلو كانت قد اعتزمت الزواج من يوسف لما كانت قد سألت الملاك هذا السؤال على الإطلاق بل لأعتقدت أن هذا (الحبل) سيتم بعد الدخول الفعلى بيوسف خاصة وانها مخطوبة له. ولكن سؤالها يؤكد إنها لم تفكر فى الزواج والحبل مطلقاً. ومما يؤكد ذلك أن سؤالها للملاك يشبه أستفسار زكريا الكاهن عندما بشره الملاك بحبل زوجته وإنجابها ليوحنا المعمدان فقال "كيف اعلم هذا لأنى شيخ وإمرأتى متقدمة فى أيامها"(4) وكذلك إستغراب سارة وضحكها عندما بشر الرب ابراهيم بولادة اسحق "وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين فى الأيام. وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة فى باطنها قائلة أبعد فنائى يكون لى تنعيم وسيدى قد شاخ.. ضحكت سارة قائلة أفبالحقيقه ألد وانا قد شيخت"(5) زكريا استغرب واندهش من بشارة الملاك لأن زوجته كانت عاقراً كما إنهما قد شاخا وهناك استحالة حتى فى مجرد التفكير فى الإنجاب بحسب المقاييس البشرية وكذلك سارة. زكريا استفسر من الملاك عن كيفية حدوث ذلك غير مصدق وسارة ضحكت غير مصدقة والقديسة مريم اندهشت واستغربت "كيف يكون لى هذا وانا لست أعرف رجلاً"؟. زكريا وسارة لم يصدقا مطلقاً قبل البشارة انهما سينجبان وبعد البشارة شكا لأن الطبيعة تقول أن هذا محال والعذراء مريم استغربت حدوث الحبل والولادة لإنها نذرت البتولية، فكان المعجزة ان الشيوخ إبراهيم وسارة وزكريا واليصابات ينجبون اسحق ويوحنا والعذراء تحبل وتلد الإله المتجسد وتظل عذراء إلى الأبد. فأمنت العذراء على الفور قائلة: "هوذا أنا امة الرب ليكن لى كقولك"(6). قال القديس اغسطينوس"بالتأكيد ما كانت تنطق بهذا (كيف يكون لى هذا..) ولم يوجد نذر مسبق بأن تقدم بتوليتها لله وقد وضعت فى قلبها ان تحققه"(7) وقال ذهبى الفم "كيف يكون لى هذا وانا لا أعرف رجلآ، ليس شكاً بل أستفساراً وهو دليل على انها أعتزمت البتوليه"(8)وقال القديس امبروسيوس "لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك ولا اعتذرت عن قبوله بل أبدت أستعدادها له، أما عبارة: "كيف يكون هذا"؟ فلا تنم عن الشك فى الأمر قط إنما تساؤل عن كيفية إتمام الأمر...لأنها تحاول ان تجد حلاً للقضية.. فمن حقها ان تعرف كيف تتم الولادة الإعجازية العجيبة"(9). 2 لماذا خبطت مريم ليوسف؟:- بشر الملاك مريم انها ستحبل بقوة الروح القدس وبدون زرع بشر وإنها ستلد القدوس، فماذا يقول عنها الناس عندما يجدونها حامل وهى غير متزوجة؟ والأجابة هى إنها ستتهم بالزنا وترجم حتى الموت، حسب الشريعة(10). أو ان يقوم الجنين بإعلان حقيقة الوهيته بقوات وعجائب كما سجد له المعمدان وهو جنين فى بطن أمه(11)، ولكن السر الإلهى، سر التجسد كان لابد يخفى عن الشيطان الذى لو علم به وتيقن منه لكان، على الأقل، قد حاول ان يفسر عمل الفداء ومن ثم يحاول تعطيله. لكن الشيطان لم يعلم هذه الحقيقة، حقيقة الحبل الإلهى إلا بعد القيامة وحلول الروح القدس قال القديس اغناطيوس"أما رئيس هذا العالم فقد جهل بتولية العذراء وايلاها وكذلك موت الرب"(12) ويرى العلامة اوريجانوس بأن وجود خطيب او رجل لمريم ينزع كل شك من جهتها عندما يظهر الحمل عليها"(13) قال القديس امبروسيوس عن خطبة العذراء ليوسف "ربما لكى لا يظن إنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين فى أن واحد، انها زوجة وعذراء. فهى عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة تحفظ مما قد يشوب سمعتها، فأنتفاخ بطنها يشير إلى فقدان بتوليتها (فى نظر الناس). هذا وقد اختار الرب ان يشك فى نسبه الحقيقى عن ان يشكوا فى طهارة أمه لم يجد داعياً للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته(14)" ويضيف "هناك سببآ أخر لا يمكن اغفاله وهو ان رئيس هذا العالم لم يكتشف بتولية العذراء فهو إذا رأها مع رجلها، لم يشك فى المولود منها، وقد شاء الرب ان ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته"(15) وقد ذكر القديس جيروم عدة اسباب لخطبة مريم ليوسف اولاً: لكى ينسب (المسيح) للقديس يوسف قريب القديسة مريم، فيظهر إنه المسيا الموعود به من نسل داود من سبط يهوذا. ثانياً: لكى لا تُرجم القديسة مريم طبقاً للشريعة الموسوية كزانية، فقد سلمها الرب للقديس البار الذى عرف بر خطيبته وأكد له الملاك سر حبلها بالمسيا المخلص ثالثاً: لكى تجد القديسة معها من يعزيها خاصة اثناء هروبها من مصر. قال ذهبى الفم "مع العلم ان عذراوية مريم كانت سرآ مخفيآ عن الشيطان مثل امر صلبه" قال الأنبا بولس البوشى "ذكر انها خطبت ليوسف لكى ما يخفى الرب تدبير التجسد عن الشيطان. لأن النبوه تذكر بأن العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعوا اسمه عمانوئيل. ولهذا كانت البشارة بعد خروج السيدة العذراء من الهيكل إلى بيت يوسف ليخفى سر الحبل فى ذلك"(18) قال العلامة يوحنا الدمشقى"ولما كان عدو خلاصنا يترصد العذارى لسبب نبؤة اشعياء القائل "ها العذراء... ". ولكن لكى يصطاد الحكماء بخدعتهم"(19) فلكى يخدع المتباهى دوماً بحكمته دفع الكهنة بالصبية للزواج من يوسف، وكان ذلك "كتاب جديد مختوم لمن يعرف الكتابة"(20). فأصبح الزواج حصناً للعذراء وخدعه لمترصد العذارى"(21) قال القديس أغريغوريوس الصانع العجائب "أرسل جبرائيل إلى عذراء مخطوبة لكنها لم تتحد معه، إنها مخطوبة ولكنها لم تمس. لماذا كانت مخطوبة؟ حتى لا يدرك الشرير (الشيطان) السر قبل الأوان فقد كان عارفاً ان الملك سيأتى من عذراء إذ سمع ما جاء فى اشعياء ... وكان يهتم ان يعرف العذراء ويتهمها بالعار، لهذا جاء الرب من عذراء مخطوبة حتى يفسد حيل الشيطان لأن المخطوبة مرتبطة بمن سيكون رجلها"(22). 3 كيف تمت خطبة العذراء مريم ليوسف؟:- وندرس هنا ثلاث نقط: 1 كيفية اتمام الخطبة والزواج فى بنى إسرائيل وقت ميلاد المسيح. 2 متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف. 3 هل كان يوسف النجار فتى أم شيخ؟ يقول التقليد والأباء ان الخطبة كانت تتم، حسب عادة اليهود، رسميآ أمام الكهنة، والشريعة تعتبر المخطوبة كالمتزوجة تمامآ عا العلاقات الزوجية، وتدعى زوجة وتصبح أرمله ان مات خطيبها وتتمتع بجميع الحقوق المالية إن مات خطيبها او طلقت منه، ولايمكن ان يتخلى عنها خطيبها إلا بكتاب الطلاق، كالزوجة تماماً، وإذا زنت تعتبر خائنة لزوجها وتعامل معاملة الخائنة وليس معاملة العذراء الغير مرتبطة برجل(23) ويروى التقليد ان العذراء مريم خطبت ليوسف رسمياً أًمام كهنة اليهود بعقد رسمى وكما يروى الكتاب والتقليد أيضاً فقد احتفظ بها فى بيته فى الناصره(24). فكانت فى نظر بنى إسرائيل خطيبته، وإمرأته، فهو رجلها، وقال له الملاك: "لا تخف ان تأخذ مريم أمرأتك"(25) قال ذهبى الفم "وهنا يدعوا الخطيبة زوجة كما تعود الكتاب ان يدعوا المخطوبين أزواج قبل الزواج، وماذا تعنى "تأخذ"؟ اى تحفظها فى بيتك لأنه بالنية قد أخرجها، احفظ هذه التى أخرجتها كما قد عهد بها إليك من قبل الله وليس من قبل والديها"(26) اما متى تمت خطبة العذراء مريم ليوسف، فهذا يتضح من الزمن المستخدم فى اللغة اليونانية فى قوله "كانت مريم مخطوبة ليوسف"(27) والذى يبين أن الخطبة كانت قد تمت حديثاً جداً وبما قبل ظهور الملاك لها بأيام قليلة جداً. وهذا مايبين قصد الله من خطبة العذراء ليوسف، فقد خطبت قبل الوقت المعين للبشارة بوقت قليل، لتصبح تحت حماية رجل، ولأنها نذرت بتوليته إلى الأبد فقد عاش معها يوسف النجار التى تجمع التقاليد على إنه كان شيخاً وعاش معها فى حالة قداسه كامله قال تاتيان عن علاقة يوسف بمريم العذراء "كان يسكن معها فى قداسة"(28) مما سبق يتضح ان ما تصوره بعض الأفلام الأوربية وماتدعيه بعض الطوائف المتطرفه عن صبا مريم ويوسف أو عن وجود نية للزواج بينهما لا أساس له من الصحة سواء عقلياً او تاريخياً او كتابياً. 4 خذ الصبى وأمة هناك نقطة هامة فى بحث العلاقة بين القديسة مريم ويوسف النجار وهى إننا لا نجد نصاً واحداً فى الكتاب خاصة بعد ميلاد الطفل الإلهى يشير او يشتم منه اى صله زواجية بين يوسف النجار والعذراء بل على العكس تماما فبعد الميلاد يخاطب الملاك يوسف ويقول له قم وخذ الصبي وأمة وأهرب إلى ارض مصر"(29) ومتى الإنجيلى يقول "فقام وأخذ الصبى وأمه"(30) ثم يخاطبه الملاك فى مصر أيضاَ قائلاً: "قم خذ الصبى وأمه واذهب إلى ارض إسرائيل.. فقام وأخذ الصبى وأمه وجاء إلى ارض إسرائيل"(31). الوحى يخاطبه بالقول "خذ الصبى وأمه" وليس الصبى وزوجتك، مما يدل ويؤكد انه لم يصبح زوجآ فعليآ بعد ميلاد الطفل الإلهى وانه لم يكن له اى صله زواجيه بها وإلا لكان قال له "خذ الصبى وزوجتك" وليس "الصبى وأمه". ولكن قول الملاك هذا وتأكيد الإنجيلى يؤكدان ان مهمة يوسف كخطيب وزوج قد نجحت فى حماية العذراء من الأتهام بالزنا كانت مهمة شرعية وظاهرية أمام الناس ولأخفاء سر التجسد والفداء عن الشيطان وليست علاقه زواجيه. بل ان ذلك يؤكد لا لبس فيه ولا غموض أن يوسف كان رجلاً باراً من تهمة الزنا وعقوبة الرجم فصار زوجاً لها على الورق وأمام بنى إسرائيل فقط، وأيضاً للهروب بالصبى وأمه إلى مصر ثم العودة إلى إسرائيل والسكن فى الناصرة وإعطاء الصبى اسم يوسف كأب أمام الناس بالإضافة إلى حرفة النجارة فقيل عنه"وهو (يسوع) على ما كان يظن ابن يوسف"(32). "يسوع ابن يوسف الذى من الناصرة"(33)"أليس هذا هو يسوع ابن يوسف الذى نحن عارفون بأبية وأمه"(34) "أليس هذا ابن النجار"(35) قال ذهبى الفم "وقال الملاك ليوسف "خذ الصبى وأمه" ولم يقل له "زوجتك" هذا الكلام بعد الولادة يثبت إنها لم تعد زوجه له بعد ولادة المسيح بل علاقتها مازالت مع المسيح وليست معه"(36) وقال القديس باسيليوس "ان المسيحيون لا يطيقون أن يسمعوا بزواج العذراء بعد ولادة السيد المسيح لأنه على خلاف ما تسلموه من آبائهم"(37). القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
09 يناير 2020

النبؤة بميلاد المسيح من العذراء

جاء فى سفر نبؤة اشعياء النبى 14: 7 "ولكن يعطيكم السيد نفسه آيه ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعوا أسمه عمانوئيل". والآيه تركز على أربعة نقاط هامة: 1 آيه "يعطيكم السيد نفسه آيه". 2 العذراء..من هى؟ 3 العذراء تحبل وتلد ابناً. 4 المولود هو عمانوئيل. 1 الأيه والأية المقصودة فى هذا الفصل الإلهى أو المعجزة مزدوجة، فهى أولآ تعنى ان "عذراء" او "العذراء" ستحبل وتلد ومع ذلك تظل "عذراء" لأنه يتكلم عنها كعذراء سواء قبل الحبل أو اثناؤه او بعد الميلاد "ها العذراء تحبل وتلد" فالأيه تنص على ان العذراء ستحبل وان العذراء ستلد وبذلك تنص ضمنآ على أنه ستظل بعد الحبل والولادة عذراء ايضاً لأنه يدعوها "بالعذراء" معرفة بأداء التعريف. والأيه ليست معطاه من بشر أو بواسطة بشر ولكن معطاة من الله ذاته "ولكن السيد نفسه يعطيكم أيه"، السيد نفسه وليس مخلوق هو معطى الأيه. ولكن كيف تتم هذه الأيه؟ وهذا ما سألته العذراء مريم نفسها للملاك قائله "كيف يكون لى هذا وأنا لست اعرف رجلاً"؟(1) أى كيف أحبل وأنا عذراء وقد نذرت البتوليه وليس فى نيتى التراجع؟ ويجيب الملاك أن هذا الحبل لن يمس بتوليتك ولن يضطرك للتراجع عما نذرتيه وسوف تظلين بتول إلى الأبد. وأما عن الكيفيه فهذا عمل الله حده: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله"(2). الروح القدس هو الذى سيتولى هذه المهمه الآلهيه لأن المولود هو القدوس ذاته. وقوه الله هى التى تظللها أى تحل عليها، تسكن فيها، لذلك لن تحتاج إلى رجل، لن يكون المولود من زرع بشر لأنه القدوس، بل لابد أن يولد من عذراء بحلول الروح القدس على العذراء وكان برهان المعجزة، معجزة حبل العذراء هو حبل اليصابات العاقر المتقدمه فى الأيام وأمراه الشيخ(3) والتى لم تنجب فى شبابها ولكن أراد الرب أن تحبل وتنجب فى شيخوختها عبر هنا على قدرته التى ليست لها حدود. 2- العذراء وكلمه "العذراء" المستخدمه هنا فضلاً عن أنها تشير إلى دوام البتوليه كما قلنا – وكما سنبين فى الفصول التاليه – وجاءت فى اللفظ العبرى "عولما – Alma" ونعنى فتاه ناضجه، وهو مشتق من أصل بمعنى "ناضج جنسياً" كما يعنى عذراء كامله الأنوثه، كما تشير إلى أمرأه فى سن الزواج ولكن لم تلد أطفال ويرادفها فى اليونانيه (neanis) نيانيس – فتاه)(4). وقد تكررت هذه الكلمه سبع مرات فى الكتاب المقدس وكلها ترجمت بمعنى فتاه (أو عذراء) غير متزوجه وهى كالأتى:- جاء فى تك 23: 24،44 "فها أنا واقف على عين الماء وليكن أن الفتاه (عولما) التى تخرج هى المرأه التى عينها الرب لأبن سيدى"والفتاه المقصوره هنا هى التى ستكون عروس لأسحق، أى أنها عذراء غير متزوجه. وجاء فى نش 3: 1 "أسمك دهن مهراق لذلك أحبتك العذارى" والعذارى هنا جمع (عولما). وقع نش 8: 5 "احلفكن يا بنات أورشليم أن وجدتن حبيبى". وبنات هنا جمع (عولما) والمقصود عذارى فى مرحله الحب قبل الزواج. وقيل عن أخت موسى العذراء "فذهبت الفتاه ودعت أم الولد" خر8: 2 والفتاه هنا (عولما). وجاء فى ام 19: 30 "طريق رجل بفتاه". والفتاه هنا (عولما) والمقصود بها العروس التى احضرت توا(5) ولم يدخل بها العريس" أى ما زالت عذراء. وجاء فى مزمور 25: 68 عن ضاربات الدفوف اثناء التسبيح للرب "فى الوسط فتيات ضاربات الدفوف" والفتيات هنا جمع (عولنا) والمقصود بهن العذارى(6) او الفتيات غير المتزوجات. والكلمة السابعة هى ماجاء عن العذارء نفسها فى نبؤة أشعياء النبى. وهذا يدل على ان كلمة "عولما" المقصود بها فى اللغة العبرية على الأقل فى زمن الأيات المذكورة والتى يرجع تاريخ احداثها إلى سنة 1000 قبل الميلاد الفتاة العذراء غير المتزوجة ولكنها فى سن النضوج والزواج كرفقة عروس اسحق وعذارى سفر النشيد وأخت موسى العذراء التى لم تكن قد تزوجت بعد وعروس وعروس النشيد وضاربات الدفوف فى فريق التسبيح للرب وهناك لفظ عبرى أخر هو "بتول" وهو مشتق من لفظ عبرى بمعنى يفصل، وتعنى عذراء منفصلة لم تعرف رجلآ قط، ومرادفها باليونانية "بارثينوس thenospar(7) وقد اختار الوحى الكلمة الأولى "عولما" للعذراء مريم فى سفر اشعياء النبى للدلاله على انها كانت فتاة ناضجة وفى سن الزواج، كما إنها كانت ستكون تحت وصايا خطيب وذلك حسب الترتيب الإلهى لحمايتها عند الحمل والولادة ولكن الوحى أيضاً الهم مترجمى الترجمة السبعينية فترجموا كلمة "ها العذراء(عولما).." إلى "ها العذراء (بارثينوس).." اى ترجموها "بارثينوس" عذراء منفصله لم تعرف رجلآ قط ولم يترجمها "نيانيس" للدلاله على انها ستكون عذراء دائمآ ولن تعرف رجلآ قط لأن محتوى الأية يدل ويؤكد على هذا المعنى وأن الفتاة المقصودة وإن كانت ستكون ناضجة وتحت وصايا خطيب إلا إنها ستكون عذراء لم ولن تعرف رجلآ قط "بارثينوس" رغم خطبتها ليوسف. 3 العهد الجديد والعذراء وقد سار العهد الجديد على هذا النهج وأطلق على العذراء لقب "بارثينوس" واقتبس القديس متى فصل نبؤة اشعياء النبى وكتبها هكذا"هوذا العذراء (بارثينوس) تحبل وتلد"(9). وكذلك القديس لوقا لم يستخدم عن العذراء مريم سوى "العذراء بارثينوس""ارسل جبرائيل إلى عذراء (بارثينوس9 مخطوبة"(10) "وأسم العذراء (بارثينوس) مريم"(11) وهكذا أيضاً صار أباء الكنيسة داعين القديسة مريم بالعذراء "بارثينوس" والدائمة البتولية "إيبارثينوس" ومما يذكر يبطل زعم اليهود ومن تبعهم بقولهم لم يكتب فى نبؤة اشعياء "عذراء" بل كتب "فتاة" محاولين النيل من بتولية العذراء سواء قبل الحبل أو بعده وإلى جانب ماذكر يضيف القديس كيرلس أورشليمى براهين اخرى لتفنيد رأى اليهود ودحض حجتهم قائلاً "لكن اليهود يعارضوننا فى ذلك (ومقاومة الحق عادة قديمة عندهم) إذ يقولون إن لم تكتب "العذراء" بل الفتاة. فليكن، لنسايرهم، وهكذا سنجد الحقيقة، إذ فى وسعنا أن نسألهم: متى تصرخ الفتاة المغتصبة طالبة النجدة. قبل الأعتداء أم بعده؟ وإذا كان الكتاب يقول فى موضع اخر: "صرخت الفتاة فلم يكن من يخلفها"(12)، أفلا يتكلم هنا عن عذراء؟ ولكى تعلم بوضوح ان العذراء فى الكتاب المقدس تدعى فتاه، اسمع ما جاء فى سفر الملوك عن ابيشاج الشونميه "كانت الفتاة جميلة جداً"(13) لابد من التسليم إنها اختيرت بسبب بتوليتها"(14). 4 عمانوئيل والنقطة الهامة فى هذا الموضوع من ستحبل به هذه العذراء وتلده، انه "عمانوئيل" أى "الله معنا"(15) أى ان الذى ستحبل به العذراء هو "إيل الله" الذى اتحد بالناسوت داخل احشائها، انها ستلد الإله المتجسد، الله الظاهر(16) فى الجسد، ستلد الناسوت المتحد باللاهوت "الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً" ولذلك كان لابد ان تكون عذراء وتظل عذراء لأنها لم تلد مجرد مخلوق بل ولدت الإله المتجسد الذى حل فى أحشائها تسعة اشهر واتخذ جسداً داخل احشائها(17)، وتغذى على غذائها فكان لابد ان تحبل وهى عذراء وتظل عذراء وتلد وتظل عذراء، فالمولود هو الخالق ذاته. القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
08 يناير 2020

تجسد الله الكلمة لخلاصنا من الخطية

لهذا كان له مرة أخري أن يأتي بالفاسد إلي عدم الفساد وأن يوفي المطلب العادل الذي للأب على الجميع وحيث إنه هو كلمة الأب وفوق الكل كانت له وحده لياقة طبيعية أن يجدد خلق كل شيء وأن يحتمل بالنيابة عن الكل وأن يكون شفيعًا عن الكل لدي الأب وإذا رأي "الكلمة " أن فساد البشر لا يمكن إبطاله بأية وسيلة سوى الموت كشرط ضروري بينما كان من المستحيل أن يتحمل الكلمة الموت إذ أنه غير مائت وإذ إنه ابن الأب فلهذه الغاية اخذ لنفسه جسدًا قابلًا جديرًا بأن يموت بالنيابة عن الكل ولآن الكلمة أتي وسكن فيه يبقي في غير فساد وبذلك ينزع الفساد من الكل بنعمة القيامة وبتقديمه للموت الجسد الذي أخذه هو نفسه كذبيحة وضحية خالية من كل دنس أزال الموت فورًا عن جميع نظرائه (أي عن أخوته الذين أشبههم في كل شيء) بتقديمه العوض فأوفي دين الموت وإذ اتحد ابن الله عديم الفساد بالكل بطبيعة مماثلة؛ فإنه بطبيعة الحال ألبس الجميع عدم الفساد وكما إنه إذا ما دخل ملك عظيم مدينة واتخذ مسكنه في أحد بيوتها فإن مثل هذه المدينة تعتبر على أية الحالات جديرة بشرف عال ولا ينزل إليها بعد ذلك ويخضعها أي عدو أو قاطع طريق وإنما تعتبر على العكس مستأهلة لكل عناية لأجل أن الملك اتخذ مقره في بيت واحد من بيوتها هكذا أيضًا ما حدث مع ملك الكل فإنه لما جاء إلي عالمنا واتخذ مسكنه في جسد واحد بين نظرائه أبطلت من ذلك الحين كل مؤامرة العدو ضد الجنس البشري وارتفع عنهم فساد الموت الذي كان متفشيًا فيهم من قبل. البابا القديس أثناسيوس الرسولى
المزيد
07 يناير 2020

كيف ُولد المسيح وظلت أمه عذراء

تنبأ إشعياء عن ميلاد الإله المتجسد من العذراء قائلاً "ها العذراء تحل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل"(1) وقد استخدم النبى فى تعبيره كلمه "العذراء" وليس "عذراء" فهو يتكلم بلفظ معروف لإنسانه معروفه فى خطة الله الأزلية للخلاص(2) فتكلم عنا بآل التعريف ليعنى دوام بتوليتها، فهو يتكلم وكأنه يرى العذراء قبل الحبل وأثنائه وبعده ولا يرى فيها سوى العذراء التى ستلد عمانوئيل، الله معنا، فهو يراها عذراء قبل الحبل وعذراء أثناءه وعذراء بعد الولادة لذلك استخدم تعبير العذراء "ليعبر عن هذه الحقيقة"حبلت العذراء بالطفل الغلهى وولدت وظلت عذراء وبتوليتها مختومة والسؤال الأن كيف ولدت القديسة مريم وظلت عذراء بعد الولادة؟يقول الكتاب "وبينما هى هناك (فى بيت لحم) تمت أيامها لتلد فولدت أبنها البكر وقمطته واضجعته فى المزود"(3) وهذه الآية تؤكد لنا أن العذراء مريم حبلت لمدة تسعة أشهر، تمت أيامها، ثم ولدت وقمطت الطفل كسائر المواليد ولم يشر الكتاب إلى شئ غريب ربما يكون قد حدث وقت الولادة ولكن كل الظواهر نوحى بأن العذراء ظلت عذراء بعد الولادة كما كانت قبل الولادة، عذراء روحاً وجسداً وقد اعتادت الكنيسة منذ فجرها الأول أن تلقب القديسة مريم بالعذراء Parthenos (بارثينوس) والدائمة البتولية air Parthenos (ايبارثينوس) للتعبير عن دوام بتوليتها قبل وأثناء وبعد الحمل والولادة ولكن يظل السؤال كيف ولدت القديسة مريم ومع ذلك ظلت عذراء؟! والإجابة هى أنه كما خرج الرب يسوع المسيح من القبر والقبر مغلق وكما دخل على التلاميذ والأبواب مغلقة حتى إنهم ظنوه شبح(4) هكذا أيضاً خرج من العذراء وظلت العذراء كمت هى وبتوليتها مختومةوترى الكنيسة فى ما جاء فى حزقيال (1: 44،2) "ثم ارجعى إلى طريق باب المقدس الخارجى المتجه إلى للمشرق وهو مغلق" فقال لى الرب هذا الباب يكون مغلقاً لا يفتح ولا يدخل منه إنسان لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً" اشارة إلى بتولية العذراء الدائمة فقد حل عليها الروح القدس والكلمة الأزلى اتخذ جسداً من لحمها ودمها وحل فى أحشائها تسعة اشهر وخرج، فلا يعقل أن يفض بكارتها ولا يعقل أيضاً أن تجتمع بعد ذلك بإنسان أو تلد بنين أخرين غير المجد قال القديس جيروم: (مع أن الباب كان مغلق، دخل يسوع إلى مريم، القبر الجديد المنحوت فى الصخر، الذى لم يرقد فيه من قبل ولا بعده أنها جنة مغلقة، ينبوع مختوم(5) هى الباب الشرقى الذى تحدث عنه حزقيال المغلق إلى الدوام، المملوء نوراً يدخل إلى قدس الأقداس منه يدخل ويخرج من هو على رتبه ملكى صادق ودعوهم يخبرونى كيف دخل يسوع والأبواب مغلقة، وأنا أجيبهم كيف تكون القديسة مريم أماً وعذراء بعد ميلاد ابنها؟"(6) قال مارافرام السريانى "كما دخل الرب والأبواب مغلقه هكذا خرج من حشا البتول وبقيت بتوليتها سالمة لم تحل"(7) قال أغسطينوس "بعد قيامة المسيح عندما ظن إنه روح قال لتوما هات يدك وانظر لأن الروح ليس له جسد وعظام كما ترى، وبالرغم من ان جسده جسد شخص فى سن الرجولة فأنه دخل إلى حيث يوجد تلاميذه خلف الأبواب المغلقة، فأذا كان قد استطاع لأن يدخل خلال الأبواب المغلقة وهو فى جسد فى سن الرجولة فكيف لا يستطيع إذآ كطفل أن يترك جسم أمه دون أتلاف بتوليتها. الذى يؤمن ان الله ظهر فى الجسد يصدق الأمرين كليهما، أما غير المؤمن فلا يصدق هذا ولا ذاك"(8) قال ذهبى الفم: "نحن نجهل أموراً كثيرة وعلى سبيل المثال كيف وجد غير المحدود فى رحم العذراء؟ ثم كيف الذى يحوى جميع الأشياء حملته امرأة؟ ثم العذراء كيف ولدت وهى كما هى عذراء؟"(9) قال أغريغوريوس صانع العجائب "رأى النبى المولود منك أيتها العذراء القديسة خلال الرمز.. بأى كلمات يمكنا أن نعبر عن كرامة بتوليتها النقية الطاهرة"(10) قال القديس كيرلس الكبير "لنمجد مريم دائمة البتولية بتسبيحة الفرح"(11)قال القديس أغريغوريس الثيؤلوغوس "ولد من عذراء وحفظ أيضاً عذريتها وبتوليتها بلا تغيير"(12) قال القديس أغريغوريوس أسقف نيصص "أن رحم العذراء الذى استخدم لميلاد بلا دنس هو مبارك لأن الميلاد يبطل أو يحل عذريتها، كما أن العذراوية لم تمنع أو تعق ذلك الميلاد العالى، كما اعلن عنه فى الإنجيل "طوبى للبطن الذى حملك والثديين اللذين رضعتهما"(13). وجاء فى ثيؤتوكية الخميس "يا للطلقات الإلهية العجيبة التى لوالدة الإله مريم العذراء كل حين هذه التى منها اجتمع معاً بتولية بلا دنس وميلاد حقيقى لأنه لم يسبق الميلاد زواج ولم يحل الميلاد أيضاً بتوليتها لأن الذى ولد إله بغير ألم من الأب ولد أيضاً حسب الجسد ونقول فى المجمع فى القداس الإلهى "وبالأكثر القديسة المملؤة مجداً العذراء كل حين والدة الإله القديسة الطاهرة مريم التى ولدت الله الكلمة بالحقيقة". القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد عن التجسد الإلهى و دوام بتولية العذراء
المزيد
06 يناير 2020

مقتطفات من ميمر يوحنا ذهبي الفم علي ميلاد ربنا يسوع المسيح

الجميع يعيدون إذ يرون الإله في الأرض -المرتفع- تنازل رأفة منه، والهابط ارتفع إذ أحب الله البشر، اليوم تشبهت بيت لحم بالسماء وإن كان اليهود يجحدون الميلاد العجيب ولقد تقوًل الكتبة مضادو الناموس وكان هيرودس الملك يطلب المولود لا ليكرمه بل ليقتله الملوك قد تعجبوا كيف ينزل ملك السماء إلي الأرض وليس في معيته ملائكة ولا رؤساء أو قوات فقد سلك طريقًا غريبًا لم يسلطه غيره تناول اللبن كالطفل من ثدي أمه العذراء، جاءه الأطفال، نعم جاءوا إلي الذي صار طفلًا ليجري منطق التسبيح علي أفواه الأطفال والرضع.. جاء الآدميون إلي ذلك الذي صار إنسانًا وأبرأ آدم من مصائبه جاء الرعاة إلي الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن غنمه، جاء الكهنة إلي رئيس الكهنة علي طقس ملكي صادق جاء الصيادون إلي رئيس الحياة ليجعل صيادي السمك صيادين للناس جاء العشارون إلي الذي صًير العشار كارزًا بالإنجيل جاء الخاطئات إلي الذي كانت قدماه تبللهما الزانية وبدموعها غسلتهما، جاء كل الخطاة إلي حمل الله الذي يرفع خطايا العالم فإذًا الكل في عيد وأنا أيضًا أريد أن أحتفل بالعيد وأفرح فرحًا وأتهلل مبتهجًا بلا ضرب طنبور ولا نفخ مزمار هو فرحى وزينتي ورجائي وهو أملي وهو خلاصي فمن أجل ذلك أبتهج لكي بقوته أقوي وأقول مع الملائكة المجد لله في الأعالي، ومع الرعاة أٌول وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة. مثل إنسان ولد من العذراء وبقيت عذراء بعد ولادتها بم أنطق وبماذا أعبر يا للأعجوبة العظيمة أن المولود وحيد قبل الدهور الذي بلا جسد لا يُحس ولا يفتش جاء في الجسد لأن الناس إنما يصدقون ما يرون ويسمعون عنه، وما لا يرونه لا يصدقونه، فمن أجل ذلك أحتمل المسيح سيدنا أن يُنظَر إليه بالجسد ليؤمن جحود الذين لا يؤمنون به ويولد من عذراء غير عارفة بالأمر لأنها كانت إناء طاهرًا وبسيطًا لا تعرف إلا ما سمعته من جبرائيل الملاك إذ سألته أنىَ يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلًا، فأجابها الملاك وقال لهاالروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك والذي يولد منك قدوس إبن العلي يدعى أما كيف كان معها وبعد قليل ولدته فكما أن الصانع الحاذق إذا صب فضة نقية جيدة عمل منها إناءً جيدًا كذلك المسيح وجد العذراء طاهرة الجسد والنفس واتخذها هيكلًا هكذا شاء ولم يأنف من الطبيعة لأنها خلقة يديه، وإن هذا لمجد عظيم إذ عرف الناس الخالق بِمَ أنطق أو بِمَ أُعبر، عتيق الأيام صار اليوم طفلًا -الذي علي العرش في العلو يوضع اليوم في مذود، العالي الذي لا يُجس ولا يفتش يقلب اليوم بيد البشر، الذي يفك أغلال الخطايا اليوم يشد بالأقماط حقًا أنه يريد أن يبدل الهوان بالكرامة ويلبس المجد من لا مجد له من أجل ذلك جاء في الجسد.. يأخذ جسدي ويعطيني من روحه، فهو يعطى ويأخذ ليكسبني كنوز الحياة (أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له فلنسبحه ونمجده ونزيده علوًا إلي الأبد [الإبصلمودية]) أقدم جسدي هذا ليطهره ويعطيني روحه لكيما يخلصني لقد تحقق ما قيل عنه، أن العذراء ستحبل ما كتب كان لجماعة اليهود، أما الاقتناء فللكنيسة تلك الجماعة أخذت اللوحين أما الكنيسة فقد اقتنت الجوهر، تلك الجماعة صنعت الصوف أما هي فقد لبست السندس، يهودية ولدته وأمم كثيرة قبلته، نشأ في تلك الجماعة وقبلته الكنيسة وقطفت الثمرة فتلك الجماعة غصن الكرمة ولنا عنقود الحق هي عصرت العنقود فشربت الأم كأس الشراب، زرعت حبة القمح وحصدت الأمم من أجل الإيمان السنبل وقطفت الثمر مخشية الله وقد بقيت أشواك الكفر عنداليهود يا لهذا الميلاد العجيب، ليس كمثل البشر كان مولده لكن الإله صار بشرًا الأزلي أتى من العذراء إن الذي خلق آدم أولًا من أرض عذراء خلقه من غير امرأة، ثم خلق المرأة كما شاء، كذلك العذراء ولدته ولا تعرف رجلًا كما قال الكتاب هو إنسان ومن يعرفه، وللنساء دورهن بعد آدم، فآدم من غير امرأة خلق الله له امرأة، وجاءت العذراء وولدته لتفي عن حواء الدين الذي لزمها من آدم. جاءت حواء من غير امرأة، فلا يفتخر آدم بمدح عظيم أن حواء كانت له بدونها. العذراء ولدته لكي تكون الطبيعة شريكة فقد أخذ الله من آدم ضلعًا ولم ينقص من جنبه شيئًا ومن العذراء ولد ولم تفك بتوليتها وكما أن آدم كان تامًا وكاملًا بعد أخذ الضلع منه، كذلك العذراء بقيت صحيحة لم يُبن له من غيرها هيكل، كما أنه ليس من غير جسدها تجسد إن الإنسان إذا خدع صار إناء للشيطان، من أجل ذلك اتخذه المسيح هيكلًا وظهر إنسانًا كاملًا بلا خطية لينقذ الإنسان من ولاية إبليس، ويفك أغلال الخطية وإذ صار إنسانًا لم يولد مثل ميلاد الإنسان ولكن الإله صار إنسانًا، ولأنه لو ولد كالبشر لظن كثير من الناس أنه باطل أما وقد ولد من عذراء ومن بعد ولادته حفظ العذراء فإن ميلاده عجيب غريب وهذه هي الأمانة العظيمة لكيما يخلصني من ذنوبي وله المجد دائمًا أبديًا آمين. المقدس يوسف حبيب عن كتاب أفراح عيد الميلاد المجيد
المزيد
05 يناير 2020

دُخُول المَدِينَة

عِنْدَ البَاب :- { يَقِفُ فِي مَدْخَلِ بَابِ الْمَدِينَةِ وَيَتَكَلَّمُ بِدَعْوَاهُ فِي آذَانِ شُيُوخِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَيَضُمُّونَهُ إِلَيْهِم إِلَى الْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً فَيَسْكُنُ مَعْهُمْ } ( يش 20 : 4 )عِنْدَ البَاب يَقِفُ شُيُوخ كَهَنَة وَلاَوِيِّين يُرَحِبُّوا بِسَلاَمِة الوُصُول وَإِعْطَاء الإِطْمِئْنَان وَالسَّلاَم وَهُنَا يَتِمْ فَحْص الأمر مَعَ القَاتِل لِيُثْبِتْ لَدَيْهِمْ أنَّهُ لَمْ يَقْتُل عَنْ عَمْد أوْ تَرَصُّدْ أوْ بُغْضَه ( تث 19) ثُمَّ يُفْسَحٌ لَهُ مَكَاناً وَيَسْتَقِرُ فِيهِ أمَّا إِذَا وُجِدَ القَاتِل مُذْنِباً إِذْ قَتَلَ عَمْداً وَلَهُ بُغْضَه فَكَانُوا يُسَلِّمُونَهُ إِلَى وَلِيِّ الدَّم لِيَقْتُلَهُ وَهذِهِ دَعْوَة لِلدُّخُول فِي أعْمَاق قَاتِل النَّفْس وَهُوَ يَتَحَدَّث مَعَ كَاهِنْ إِسْتَقْبَلَهُ عِنْدَ الوُصُول إِلَى بَاب المَدِينَة :- القَاتِل وَهُنَا بَدَأَ القَلَق يَدْخُلَنِي بَعْد أنْ شَعَرْت بِالإِطْمِئْنَان فَذَهَبْتُ إِلَى كَاهِنْ مَا هذَا الَّذِي يَحْدُث ؟هَلْ سَتُسَلِمُونِي إِلَى وَلِيِّ الدَّم بَعْد أنْ إِلْتَجَأت إِلَيْكُمْ ؟ الكَاهِنْ فَإِذَا بِهِ يَحْتَضِنِّي وَيَهْمِس لاَ تَخَفْ لاَ تَخَفْ نَحْنُ مَعَك الله أقَامَنَا لِنَحْمِي أوْلاَدُه الَّذِينَ إِلْتَجَأُوا إِلَى مَدِينَتِهِ نَحْنُ مَوْضُوعُون لأِثْبَات بَرَاءَتَك وَسَنَسْمَعَك وَنَتَمَهَّلْ وَنَتَحَقَّق وَلاَ نُورِدْ حُكْم إِفْتِرَاء بَلْ مَا يُفَرِّحْنَا دِخُولَك مَدِينَتْنَا فَهِيَ مُقَامَة مِنْ أجْلَك وَأقْسَى أمر عَلَيْنَا هُوَ مَا تَخَاف أنْتَ مِنْهُ . القَاتِل وَكَيْفَ يُصْدِرُونَ حُكْماً فِي أمرٍ لَمْ يَرَوْنَهُ ؟ الكَاهِنْ أنْتَ تَتَعَجَّبْ مِنْ رُوحٌ الإِفْرَاز وَالمَشُورَة وَالإِلْهَام الإِلهِي الَّتِي أنْعَمْ بِهَا الرَّبَّ عَلَى هؤُلاَء الشُّيُوخ فَتَجِدْهُمْ يُمَيِّزُون المَلاَمِحٌ الصَوْت القِصَّة وَإِنْ إِخْتَلَطَ الأمر يَسْألُون وَيَتَمَهِّلُون . القَاتِل سَامِحْنِي لِكَثِرِة أسْئِلَتِي فَالأمر يَتَعَلَّق بِمَصِير حَيَاتِي كُلَّهَا . الكَاهِنْ إِسْأل كَيْفَمَا تَشَاء فَأنَا أُرِيدُ رَاحَتَك . القَاتِل هَلْ أغْلَب الَّذِينَ أتُوا إِلَى المَدِينَة دَخَلُوا أم أُسْلِمُوا إِلَى وَلِيِّ الدَّم ؟ الكَاهِنْ بِالطَبْع أغْلَبَهُمْ دَخَلُوا .. لأِنَّهُمْ صَدَّقُوا الوَعْد بِالحِمَايَة وَأتُوا بِسُرْعَة إِلَى مَدِينَة المَلْجَأ وَلَمْ يُؤَجِّلُوا وَلَمْ يَرْتَبِكُوا بِشَيْءٍ فِي الطَّرِيق فَأغْلَب الَّذِينَ سُلِّمُوا لِيَدِ وَلِيِّ الدَّم سَلَّمُوا أنْفُسَهُمْ بِأنْفُسَهُمْ مِنْ خِلاَل الإِسْتِهْتَار أوْ طَلَبَ الحِمَايَة فِي مَكَانٍ آخَر . القَاتِل مَاذَا يُقْصَدْ بَالقَتْل عَنْ عَمْدٌ ؟ الكَاهِنْ أي الَّذِي دَبَّر وَسَعَى وَتَحَدَّى مِثْلَ مَنْ ضَرَبَ بِأدَاة حَدِيدْ أوْ حَجَر يَدْ كَأنْ يُقْذَف بِهِ بِشِدِّة وَيَضْرَبَهُ حَتَّى يَمُوْت وَلَمْ يَسْمَعْ لِمَشُورِة الحُكَمَاء وَألْقَى الكَلاَم خَلْفَهُ وَسَمَعَ لِمَشُورِة المُعَانِدِينْ وَلَكَ أنْ تَعْرِف أنَّ وَلِيِّ الدَّم يَطْلُبْ مَا لَهُ مِنْ حَقٌ وَعِنْدُه شُهُود وَإِنْ كُنَّا لاَ نَضْمَنْ شَهَادَتِهِمْ وَلكِنْ نَحْنُ أيْضاً لَنَا شُهُود . القَاتِل لَمْ أسْتَطِعْ أنْ أتَذَكَّر تَفَاصِيل الحَادِث مِنْ شِدِّة إِرْتِبَاكِي وَلكِنْ غَالِباً كَانَ هُنَاك مَجْمُوعَة مِنْ طَرَفُه وَآخَرُونَ مِنْ طَرَفِي وَالله يَعْلَمْ وَيَشْهَدْ إِنِّي لَمْ أقْصِدْ أبَداً قَتْلَهُ . الكَاهِنْ سَنَسْمَعْ وَلاَ نَأخُذْ بِكَلاَم أحَدٌ إِلاَّ المَشْهُود لَهُ بِالأَمَانَة وَالإِسْتِقَامَة وَحِينَ تَتَفِقٌ شِهَادَتِهِمْ مَعَ شُعُورْنَا الدَّاخِلِي يَصْدُر الحُكْم . القَاتِل وَمَاذَا تَرَى فِي أمْرِي ؟ كَيْفَ سَيُحْكَمُ عَلَيَّ ؟ الكَاهِنْ أنْتَ سَيُسْمَحُ لَكَ بِالدُّخُول وَالحِمَايَة فِي المَدِينَة يَظْهَرُ ذلِك مِنْ سُرْعِة مَجِيئَك وَكَثْرِة أسْئِلَتَك وَثَبَات عَزِيمَتَك فِي النَّجَاة . القَاتِل أشْكُرَك أشْكُرَك هَلْ سَنَلْتَقِي ثَانِيَةً ؟ الكَاهِنْ بِالطَّبْع دَاخِلْ المَدِينَة . ضَرُورِة الإِعْتِرَاف :- هذِهِ المَرْحَلَة تُمَثِّلْ بِالنِسْبَة لَنَا لِقَاء الإِعْتِرَاف أي لِقَاء كَهَنِة الكَنِيسَة قَبْل التَّقَدُم لِلأَسْرَار الإِلَهِيَّة وَالتَّمَتُّع بِبَرَكَات الخَلاَص لاَبُدْ مِنْ تَحْقِيق يُعْلِنْ صِدْق الرَّغْبَة فِي الدُّخُول لِلكَنِيسَة وَالإِحْتِمَاء فِيهَا وَطَلَبْ النَّجَاة وَهذَا مَا يَشْعُر بِهِ الكَاهِنْ فِي إِنْكِسَار المُعْتَرِف حِينَ يُعْلِنْ نَدَمُه وَحُزْنُه عَلَى كُلَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ بِجَهْل وَيَطْلُبْ المَعُونَة لِلتُوْبَة وَيَلْتَمِس غُفْرَان الله إِمَّا أنْ يَشْعُر أنَّ هُنَاك تَهَاوُن وَعِنَادهذَا لاَ يُسْمَح لَهُ بِالإِشْتِرَاك فِي الأسْرَار المُقَدَّسَة بَلْ يَأخُذْ فِتْرِة حِرْمَان لِيَتَأدَّبْ وَيَعْرِف أنَّ القُدْسَات لِلقِدِّيسِين أي الَّذِين رَفَضَوا خَطَايَاهِمْ وَجَاهَدُوا ضِدَّهَا وَأتُوا مُنْكَسِرِينْ وَمُقِرِينَ بِهَا يُسْمَحُ لَهُمْ بِالدُّخُول وَالتَّمَتُّعْ بِبَرَكَات الخَلاَص . دُخُول المَدِينَة :- وَعِنْدَ الدُّخُول يَضُمُّونَهُ إِلَيْهِمْ تَعَالَ أُدْخُلْ إِلَى فَرَحٌ سَيِّدَك مَدِينَة مُعَدَّة لِلحَيَاة بِالكَمَال كُلَّ شَيْءٍ أُعِدَّ كُلَّ الإِحْتِيَاجَات المَادِيَّة وَالنَّفْسِيَّة وَالرُّوحِيَّة المَدِينَة الَّتِي تُمَثِّلْ الْمَسِيح تَجِدْ فِيهَا كُلَّ مَا يَلْزَمَك وَكُلَّ مَا تَحْتَاج وَلَكَ ضَمَان فِي الْمَسِيح يَسُوع أنَّكَ سَوْفَ لاَ تَشْعُر بِحِرْمَان أبَداً يَضُمُّونَهُ بِمَحَبَّة وَاحْتِضَان وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً لِيَسْكُنْ مَعَهُمْ مَا أبْهَجَهَا مَدِينَة وَمَا أرْوَعَهَا بُيُوت مَنَازِل كَثِيرَة مِنْهَا الَّتِي تَمَّ السُكْنَى فِيهَا وَمِنْهَا الخَالِي الَّتِي تَنْتَظِر مَنْ يَأتِي وَيَسْكُنْ فِيهَا وَسُكَّان المَدِينَة كَهَنَة وَلاَوِيِّين يَكْتَسِبَهُمْ أصْحَاب جُدُد يُقِيمْ وَسَطْ حُمَاة الشَّرِيعَة وَمُعَلِّمُوهَا فَيَحْمُونَهُ بِمُوجَبْ القَانُون الإِلهِي وَيَكُونْ أيْضاً تَحْتَ رِعَايَتِهِمْ الرُّوحِيَّة فِي المَدِينَة رَاحَة وَسَلاَم هُدُوء لاَ يَشُوبُه خَطَر هُنَاكَ الأمَان الَّذِي يُنْزَعُ مِنْهُ الخِيَانَة هُنَاكَ سَيْف وَلِيِّ الدَّم المُنْتَقِمْ مَنْ يَسْتَطِيعْ الوُصُول إِلَيْهِ ؟ بَلْ شَعْرَة وَاحِدَة مِنْ رَأسِهِ لاَ تَسْقُطْ لأِنَّهُ فِي حِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ وَيُعَاوِنَهُ كَهَنِتُه وَخُدَّامُه وَلَيْسَ هُوَ فَقَطْ فِي إِطْمِئْنَان تَام بَلْ وَأيْضاً جَمِيعْ سُكَّان المَدِينَة يَسُودُ عَلَيْهِمْ سَلاَم وَثِقَة حَيْثُ أنَّهُ تَقَابَلْ مَعَ أُنَاس يَعْرِفَهُمْ وَقَعُوا فِي نَفْس ظُرُوفُه وَجَدَهُمْ فِي حَالٍ أفْضَل جِدّاً مِمَّا كَانَ يَتَوَقَعْ بِالنِسْبَة لَهُمْ وَبِحَسَبْ قَوْل المُرَنِمْ { وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلْجَأً لِلْمُنْسَحِقِ مَلْجَأً فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ } ( مز 9 : 9 ) . المَدِينَة وَالكَنِيسَة :- هُنَا نَجِدْ فِي مَدِينَة المَلْجَأ صُورَة لِلكَنِيسَة مَدِينَة الله عَلَى الأرْض الَّتِي أسَّسَهَا عَرِيسَهَا وَهَيَّأَهَا وَوَضَعَ فِيهَا كُلَّ أسْرَارُه المُقَدَّسَة المُعْطِيَة الحَيَاة لِيَجِدْ كُلَّ إِنْسَان خَاطِئ رَاحَة لِنَفْسِهِ وَنِهَايَة لأِتْعَابِهِ دَاخِلْ المَدِينَة الأمَان التَّام وَاليَقِينْ آتٍ عَنْ طَرِيق كَلِمَة الله فَهُوَ يَعْلَمْ بِزَوَال الخَطَر عَنْهُ لأِنَّ الله أخْبَرَهُ بِذلِك وَلاَ يُحْسَبُ أمر تَأكُدِهِ فِي نَجَاتِهِ مِنْ الغُرُور فِي شَيْءٍ فَطُمَأنِينَتِهِ حَقِيقِيَّة لاَ شَكَ فِيهَا وَهُنَا نَرَى إِمْتِدَاد لِعَمَلْ الله مَعَنَا فِي ضَمَان كَلِمَة الله الثَّابِتَة بِأمر سَلاَمَتِنَا وَنَجَاتِنَا بِمُجَرَّدْ أنْ نَلْتَجِئُ إِلَيْهِ وَنَدْخُلْ كَنِيسَتَهُ نَجِدْ الحَيَاة بَعْدَ المَوْت – هذَا وَعْد الله لَنَا – أنَّ الَّذِي يَهْرُب إِلَى هُنَاك يَحْيَا وَأمَام هذِهِ المَحَبَّة وَالرَّحْمَة لَيْسَ لِي إِلاَّ أنْ أتَضَرَّع بِكَلاَم دَاوُد النَّبِي القَائِلْ { أُذْكُر لِعَبْدَك كَلاَمَك الَّذِي جَعَلْتَنِي عَلَيْهِ أتَكِلْ هذَا الَّذِي عَزَّانِي فِي مَذَلَتِي } ( مز 119 : 49 ) . فِي المَدِينَة :- فِي المَدِينَة المَكَان رَحِيب نَدْخُل وَنَخْرُج هُنَاك فِي بَهْجَة وَأمَان الكُلَّ مَدْيُون بِحَيَاتُه الكُلَّ يَتَحَدَّث عَنْ فَرْطٌ صَلاَحٌ الله وَرَحْمَتَهُ الَّذِي دَبَّرَ هذَا الفِدَاء العَجِيبْ حِينَ تَسْمَعْ هُنَاك أصْوَات تَسْبِيح تَجِدُه بِالحَقِيقَة تَسْبِيحاً جَدِيداً إِنَّهَا تَسْبِحَة الغَلْبَة وَالخَلاَص وَتَعْرِف مَعْنَى تَعْلِيَات الله فِي حَنَاجِرَهُمْ وَالَّذِي سَبَقَ وَرَتَّلْ " أُعَظِّمَك يَارَبَّ لأِنَّكَ إِحْتَضَنْتَنِي " هُنَا رُبَّمَا لاَ يَجِدْ لِسَان يَنْطِق بِهَا فَيَجِدْ نَفْسُه يَحْتَاج إِلَى لُغَة جَدِيدَة وَلِسَان جَدِيد يُعَظِّمْ الَّذِي رَفَعَهُ مِنْ أبْوَاب المَوْت وَالَّذِي أنْقَذَ نَفْسَهُ مِنْ المَوْت وَعَيْنَيْهِ مِنَ الدُمُوع وَرِجْلَيْهِ مِنَ الزَلَلْ الكُلَّ لاَ يَسْتَطِيعْ أنْ يَسْكُتْ بَلْ يُرِيدْ أنْ يُحَدِّث بِفَضْل مَنْ دَعَاه وَيُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ بِهِ الرَّبَّ وَرَحَمَهُ وَنَحْنُ الآنْ فِي كَنِيسِة الْمَسِيح الغَنِيَّة بِالأسْرَار المُقَدَّسَة لَنَا أنْ نُعَبِّر عَنْ سَلاَمَتِنَا وَطُمَأنِينَتِنَا بِمِثْل هذِهِ الكَلِمَات الدَّالَة عَلَى الثِّقَة التَّامَة وَاليَقِينْ الكَامِلْ فَهَيَّا نَحْتَمِي فِي الكَنِيسَة وَنَطْمَئِنْ دَاخِلْهَا وَنَثِق بِخَلاَصِنَا المُعَدْ لَنَا دَاخِلهَا فَنَفْرَحٌ وَنَتَهَلِّلْ وَنُسَبِّح تَسْبِيحاً جَدِيداً وَنُخْبِر بِكَمْ صَنَعَ مَعَنَا الرَّبَّ وَرَحَمَنَا وَإِنْ سَمَعْنَا أحَدٌ وَتَسَاءَل مَنْ هؤُلاَء وَلِمَاذَا يُسَبِّحُون هكَذَا ؟ يُقَالُ لَهُمْ هؤُلاَء الَّذِينَ أُشْتُرُوا مِنْ بَيْنَ النَّاس ( رؤ 14 : 5 ) هُمْ الَّذِينَ بَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الخَرُوف ( رؤ 7 : 14) فَهُمْ يُعَبِّرُونَ عَنْ فَرَحِهِمْ بِخَلاَصِهِمْ وَعَمَلْ إِلَهَهُمْ مَعَهُمْ لِذلِك هُمْ يَهْتِفُونَ وَيُصَوِّتُونَ وَيَنْشِدُونَ هُمْ لاَ يُخْبِرُونْ عَنْ أنْفُسَهُمْ فِي شَيْءٍ بَلْ يَتَحَدَّثُونَ بِفَضْل الَّذِي دَعَاهُمْ وَوَهَبَ لَهُمْ طَرِيقاً وَمَدِينَة وَأخْرَجَهُمْ مِنْ سُلْطَان المَوْت وَالظُّلْمَة . مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ :- وَهُنَاكَ حَدِيثاً آخَر هُوَ مِحْوَر لَهْفِة وَشَغَفْ الجَمِيعْ وَهُوَ مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة العَظِيمْ الَّذِي بِهِ يَنَال الجَمِيعْ العِتْق وَالحُرِّيَّة{ يُقِيمُ هُنَاكَ إِلَى مَوْتِ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي مُسِحَ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ } ( عد 35 : 25 )هَلْ رَأيْتَ مَوْتاً يُعْطِي فَرَحاً ؟ هَلْ سَمِعْتَ عَنْ أحَدٌ يُرِيدْ مَوْت مَنْ يُحِبُّه وَيُمَجِّدَهُ ؟ وَهُنَا نَتَسَاءَل لِمَاذَا يَنْتَظِر حَتَّى مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة ؟ رَئِيسُ الكَهَنَةهُوَ الأب الرُّوحِي لِجَمِيعْ شَعْبِهِ الَّذِي يُقَدِّم عَنْهُمْ الذَّبَائِح دَائِماً لِلتَّكْفِير عَنْ أخْطَائِهِمْ وَسَهَوَاتِهِمْ ( لا 16 : 17) وَوُجُودْ القَاتِل سَهْواً فِي مَدِينَة المَلْجَأ مَدَى حَيَاة رَئِيس الكَهَنَة فَلِكَيْ يَكُون تَحْتَ رِعَايَتِهِ الرُّوحِيَّة دَائِماً وَمَوْضُوع صَلاَتُه وَشَفَاعَاتُه وَتَكْفِيرُه لأِنَّ رَئِيسُ الكَهَنَة هُوَ المُعَلِّمْ لِلشَّرِيعَة وَالمَسْؤُل عَنْ تَنْفِيذِهَا وَوُجُودْ القَاتِل فِي حِمَاه يَدُل عَلَى أنَّهُ فِي حِمَى شَرِيعَة الله وَفِي ظِلِّهَا لاَ يَجُوز لأِحَدٌ أنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ وَفِي عَوْدِة الرَّجُل إِلَى بَيْتِهِ بِمُجرَّدْ وَفَاة رَئِيس الكَهَنَة إِشَارَة إِلَى أنَّهُ إِسْتَفَادَ فِعْلاً بِتَكْفِيرِهِ عَنْهُ وَقَدْ نُظِّفَتْ حَيَاتُه مِنْ خَطَأ السَهْو الَّذِي لَوَّثَ يَدَهُ بِدَمِ إِنْسَانٍ . وَهُنَا نُرِيدْ أنْ نُبْرِز عِدَّة نِقَاط :- 1- مُدُن المَلْجَأ كُلَّهَا تَتْبَعْ اللاَّوِيِّين وَرَئِيسَهُمْ هُوَ رَئِيسُ الكَهَنَة وَكَأنَّ القَاتِل سَجِين رَئِيسُ الكَهَنَة وَحِينَ يَمُوت يُصْبِح مِنْ حَقِّهِ الخُرُوج . 2- القَاتِل يَتَمَتَّعْ بِكَفَّارِة وَحِمَايِة رَئِيسُ الكَهَنَة الَّذِي يُقَدِّم كَفَّارَة عَنْ الشَّعْب كُلُّه لِسِمُو مَرْكَز رَئِيسُ الكَهَنَة فَإِنَّهُ حِينَ يَمُوت فَالحُزْن عَلَيْهِ يَبْتَلِعْ أي حُزْن آخَر فَيَتْرُك الوَلِيِّ القَاتِل إِذَا خَرَجَ مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ . 3- مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة يُشِير لَمَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة الحَقِيقِي وَهُوَ يَسُوع الْمَسِيح الَّذِي بِمَوْتِهِ عَتَقْنَا مِنْ أُجْرِة الخَطِيَّة وَحُكْمَهَا وَوَهَبْنَا الحُرِّيَّة الكَامِلَة . حَقَّاً إِنَّهُ مَوْت عَجِيبْ مَوْت أرْجَعْ القَاتِل لأِحْضَان عَائِلَتُه مَوْت أطْلَق أسْرَى الرَّجَاء مَوْت فَكَّ القُيُود وَهُوَ رَمز بَدِيعْ لِمَوْت رَئِيسُ كَهَنَتِنَا الأعْظَمْ الَّذِي بِمَوْتِهِ رَدَّنَا إِلَى أحْضَان الآب السَّمَاوِي وَدَخَلْنَا فِي رَعِيَّة بَيْت أهْل الله إِنُّهُ مَوْت رَئِيسُ كَهَنَة قَدَّمَهُ لاَ بِذَبِيحَة حَيَوَانِيَّة بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ فَصَارَ مَوْتاً فَرِيداً إِذْ قَدَّم ذَبِيحَة نَفْسِهِ وَهُوَ رَئِيسُ كَهَنَة أعْظَمْ مِنْ هَارُون وَمِنْ مَلْكِي صَادِق{ قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّموَاتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلاً عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا الشَّعْبِ لأِنَّهُ فَعَلَ هذَا مَرَّةً وَاحِدَةً إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ } ( عب 7 : 26 – 27 ) وَبِهذَا يَكُون قَدْ أبْطَلَ سُلْطَان الخَطِيَّة بِذَبِيحِة نَفْسِهِ( عب 9 : 26 ) . فَصَارَ لَنَا هذَا المَوْت هُوَ رَصِيد خَلاَص وَمَغْفِرَة حَيَاة دَائِمَة تَتَغَنَّى بِهِ الكَنِيسَة عَبْرَ الأجْيَال وَتَجْعَلَهُ نَشِيدْ حُبْ وَوَفَاء " بِمَوْتِكَ نُبَشِر " وَنَصْنَعُ ذِكْرَى آلاَمِهِ المُقَدَّسَة فَلاَ تَجِدْ فِي عُشَّاق يَسُوع عُذُوبَة ألَذْ مِنْ الحَدِيث عَنْ مَوْتِهِ وَصَلْبِهِ وَقِيَامَتِهِ وَيَسْتَأسِرَهُمْ الحَدِيث عَنْهُ وَكَأنَّهُ لاَ يُوْجَدٌ غَيْرَهُ حَدِيث بِحَسَبْ قَوْل مُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول { لَمْ أَعْزَمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً } ( 1كو 2 : 2 ) . الخُرُوج مِنْ المَدِينَة قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة :- { وَلكِنْ إِنْ خَرَجَ الْقَاتِلُ مِنْ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ الَّتِي هَرَبَ إِلَيْهَا وَوَجَدَهُ وَلِيُّ الدَّمِ خَارِجَ حُدُودِ مَدِينَةِ مَلْجَئِهِ وَقَتَلَ وَلِيُّ الدَّمِ الْقَاتِلَ فَلَيْسَ لَهُ دَمٌ } ( عد 35 : 26 – 27 )إِنْ خَرَجَ القَاتِل خَارِج أسْوَار مَدِينَة المَلْجَأ قَبْل مَوْت رَئِيسُ الكَهَنَة وَقَابَلَهُ وَلِيِّ الدَّم يَقْتُلَهُ وَفِي مِثْلِ هذَا الظَّرْف تَكُونُ مَسْؤُلِيَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ ( لَيْسَ لَهُ دَمٌ ) أي يَكُونْ وَلِيِّ الدَّم بَرِيئاً وَلاَ يُحَاسَبْ عَلَى قَتْلِهِ وَلاَ يُطَالِبْ القَضَاء بِدَمِهِ لأِنَّ القَاتِل هُوَ الَّذِي تَرَكَ مَدِينَة المَلْجَأ وَيَكُون كَسَر الشَّرِيعَة وَخَالَفْهَا وَبِالتَّالِي تَمَرَّدْ عَلَى التَّرْتِيب الَّذِي وَضَعَهُ الرَّبَّ وَخَرَجَ عَنْ حِمَى مَدِينَة المَلْجَأ وَحِمَى رَئِيسُ الكَهَنَة وَالكَهَنَة وَاللاَّوِيِّين وَبِالتَّالِي إِسْتَهَانَ بِالإِمْتِيَازَات الَّتِي أعْطَاهَا لَهُ الرَّبَّ وَالفُرْصَة الَّتِي مَنَحَتْهَا إِيَّاهُ الشَّرِيعَة وَهذَا مَا نَجِدِهُ فِي كُلَّ مَنْ إِبْتَعَدَ عَنْ الكَنِيسَة مَدِينَة مَلْجَأهِ وَاسْتَهَانَ بِكُلَّ مَا تُقَدِّمُه لَهُ وَاعْتَقَدَ أنَّ لَهُ خَلاَصً خَارِجْهَا وَأنَّ لَهُ ضَمَان حَيَاة بِدُون كَفَّارِة رَئِيسُ الكَهَنَة الأعْظَمْ فَيَكُون بِذلِك عَرَّى نَفْسُه مِنْ الحِمَايَة وَأخْلَى نَفْسُه مِنْ سُلْطَان النَّجَاة فَيُبْتَلَعْ مِنْ وَلِيِّ الدَّم الَّذِي يَتَرَبَصْ بِهِ يَنْتَظِر أنْ يَبْتَلِعُه كَحَقٍّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ دَم وَهُنَا نُذَكِّرَك أنْ تَرْجَعْ إِلَى كِتَابْنَا " بَيْت رَاحَاب " لِتَرَى أنَّ الرُّوح الوَاحِدٌ الَّذِي يَعْمَلْ فِي الكِتَاب المُقَدَّس كُلُّه يُرِيدْ أنْ يُلْزِمْنَا بِألاَّ نَبْرَحٌ الكَنِيسَة وَإِلاَّ نَهْلَك وَهذَا هُوَ التَّحْذِير الَّذِي قَالَهُ الجَّاسُوسَان لِرَاحَاب { اجْمَعِي إِلَيْكِ فِي الْبَيْتِ ( رَمز الكَنِيسَة ) أَبَاكِ وَأُمَّكِ وَإِخْوَتَكِ وَسَائِرَ بَيْتِ أَبِيكِ فَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِكِ إِلَى خَارِجٍ فَدَمُهُ عَلَى رَأْسِهِ وَنَحْنُ نَكُونُ بَرِيئَيْنِ } ( يش 2 : 18 – 19) فَكُلَّ مَنْ يَخْرُج مِنْ مَدِينَة المَلْجَأ وَأيْضاً مِنْ بَيْت رَاحَاب الَّتِي هِيَ مُجَرَّدْ رُمُوز لِلكَنِيسَة يَهْلَك فَيَالِعِظَمْ العَطَايَا المَجَّانِيَّة الَّتِي تَنْتَظِرْنَا فِي الكَنِيسَة المُقَدَّسَة . القس أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا أنطونيوس محرم بك الاسكندرية عن كتاب مدن الملجأ
المزيد
04 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج4

أخوتـــه النقطة الأخيرة لهلفيديوس كانت هذه: أن أخوة الرب قد ذكروا في الاناجيل مثال ذلك “هوذا أمك وأخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك” (مت 12)، وفي مكان آخر “وبعد هذا انحدر إلى كفرناحوم هو وأمه وأخوته” (يو 2)، ومرقس أيضاً ومتى يقولان “ولما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجامعهم حتى بهتوا وقالوا: من أين لهذا هذه الحكمة والقوات؟ أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعى مريم؟ وأخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أو أليست أخواته جميعهن عندنا” (مت 13، مر 6). ولوقا أيضاً يخبر في أعمال الرسل “هؤلاء كلهم كانوا بنفس واحدة يواظبون على الصلاة مع النساء ومريم ام يسوع ومع اخوته” (أع 1)، وبولس أيضاً يقول بنفس الرأي “ولم أرَ أحداً آخر من الرسل إلا بطرس ويعقوب أخا الرب” (غل 1). ويقول متى “ونسوة كثيرات كن هناك ينظرن من بعيد، وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وأم ابن زبدي” (مت 27)، ومرقس أيضاً “وكانت أيضاً نساء ينظرن من بعيد بينهم مريم المجديلة ومريم أم يعقوب الصغير وسالومي” (مر 15). إن غرضي من تكرار نفس الشيء مرة واخرى هو أن أمنعه من أن يحتج باطلاً ويصرخ بأني قد احتجزت مثل هذه الفقرات كما لو كانت نافعة له. أنه يقول: “لاحظوا: يعقوب ويوسي .. هم ابناء مريم، ونفس الاشخاص دعوا من اليهود أخوة للرب. مريم هي أم يعقوب الصغير ويوسي. ويعقوب قد دعي الصغير لتمييزه عن يعقوب الكبير الذي كان ابناً لزبدي. كما يقول مرقس في موضع آخر: “مريم المجدلية ومريم أم يوسي نظرتا أين وضع. وبعدما مضى السبت احضرتا حنوطاً واتيتا لتدهناه” (مر 15). ومثلما كان متوقعاً، قال هلفيديوس: “ما أبأس وأشَّر الفكرة التي نأخذها عن مريم ان رأينا أن النسوة الأخريات كن مشغولات بدفن يسوع، بينما وهي أمه كانت غائبة، أو كنا نخترع نوعاً من مريم ثانية. وخصوصاً أن إنجيل يوحنا يشهد أنها كانت حاضرة هناك عندما عهد بها الرب وهو على الصليب كأم له وأرمله إلى عناية يوحنا، أم هل ينبغي أن نفترض أن الإنجيليين كانوا مخطئين ومضلين لنا في أن يسموا مريم أم أولئك الذين كانوا معروفين لليهود كأخوة ليسوع؟!” أية ظلمة وأي جنون هائج مندفع نحو هلاك نفسه. أنك تقول أن مريم أم الرب كانت حاضرة عند الصليب، وتقول أنه قد عهد بها إلى تلميذه يوحنا بالنسبة إلى أرمليتها وحالتها المنفردة، كأنما هي في طريقة عرضك للأمر ليس لها أربعة أبناء وعدد وفير من البنات يعزين وحدتها !! كذلك أنت تفرض عليها لقب أرملة الذي ليس هو موجوداً في الكتاب. وعلى الرغم من أنك تقتبس كل الأمثلة الواردة في الأناجيل، فإن كلمات يوحنا فقط لا تعجبك. أنك تقول قبلاً أنها كانت حاضرة عند الصليب، إلا انك لم تذكر كلمة عن النسوة اللائي كن معها. كان يمكنني أن اسامحك لو كنت جاهلاً، ولكني أرى أن هناك سبباً لصمتك. دعني إذن أظهر ماذا يقول يوحنا: “وكانت واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية” (يو 19). ليس أحد يشك في أنه كان هناك رسولان يدعيان باسم يعقوب: يعقوب بن زبدي ويعقوب بن حلفى. فهل تعني بالمقارنة أن يعقوب الصغير غير المعروف الذي يدعى في الكتاب ابن مريم – ليس مريم أم الرب – هو رسول أم لا؟ فإن كان رسولاً فلابد أنه ابن حلفى ومؤمن بيسوع .. وإن لم يكن رسولاً وإنما يعقوب ثالث – وهو ما لا أستطيع أن أخبر من يكون – فكيف أعتبر أخاً للرب … لاحظ أن أخا الرب هو رسول كما يقول بولس الرسول (غل 1)، وكما يقول أيضاً “يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون أنهم أعمدة” (غل 2)، ولكيما لا تفترض أن يعقوب هذا هو ابن زبدي، ليس عليك إلا أن تقرأ أعمال الرسل، وستجد أن هذا الأخير كان قد قتل قبلاً بواسطة هيرودس (أع 12). والخلاصة من هذا هي أن مريم التي توصف بانها أم يعقوب الصغير كانت زوجة حلفى، وأخت مريم أم الرب، وهي التي تدعى بواسطة يوحنا الإنجيلي “مريم زوجة كلوبا”. ولكن إن كنت تظن انهما اثنتين لأننا في مكان آخر نقرأ “مريم أم يعقوب الصغير” وهنا “مريم زوجة كلوبا”، فاعلم أنه من عادة الكتاب أن يحمل الشخص الواحد أسماء مختلفة. فراعوئيل حمو موسى يدعى أيضاً يثرون، وجدعون يربعل، وبطرس أيضاً دعي سمعان وصفا، ويهوذا الغيور يدعى في إنجيل آخر تداوس، وتوجد أمثلة أخرى عديدة يمكن للقارئ أن يجمعها لنفسه من كل جزء من الكتاب من الواضح إذن أن مريم أم يعقوب ويوسي لم تكن نفس شخصية أم الرب. يقول هلفيديوس: كيف إذن دعو أخوة الرب هؤلاء الذين ليسوا هم أخوته؟ سأريك كيف يكون هذا؟ يوجد في الكتاب المقدس أربعة أنواع من الأخوة: بالطبيعة، وبالجنس، وبالقرابة، وبالحب. من أمثلة الأخوة بالطبيعة عيسو ويعقوب، والبطاركة الاثنا عشر، وأندراوس وبطرس، ويعقوب ويوحنا. أما عن الجنس فكل اليهود دعوا أخوة لبعضهم البعض كما في سفر التثنية “إذ بيع لك أخوك العبراني أو أختك العبرانية، وخدمك ست سنوات، ففي السنة السابعة تطلقه حراً من عندك (تث 15). وفي نفس السفر “فانك تجعل عليك ملكاً، الذي يختاره الرب، واحداً من بين أخوتك تجعله عليك ملكاً. لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك” (تث 17). وبولس الرسول يقول “كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل أخوتي انسبائي حسب الجسد الذين هم اسرائيليون” (رو 9). كذلك يدعون أخوة بالقرابة الذين هم من أسرة واحدة. نقرأ في سفر التكوين “فقال ابرام للوط: لا تكن هناك مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لأننا نحن أخوان” (تك 3). بالتأكيد لم يكن لوط أخاً لابراهيم ولكن أبناً لآرام أخي ابراهيم. لأن “تارح ولد ابراهيم وناحور وآرام وآرام ولد لوطاً” (تك 11). وأيضاً نقرأ “وكان ابرام ابن خمس وسبعين سنة لما خرج من حاران، وأخذ ابارم ساراي زوجته ولوطاً ابن أخيه” (تك 12). وإن كنت ما تزال تشك في ان ابن الأخ يدعى أخاً دعني أقدم لك مثالاً “ولما سمع ابرام أن أخاه قد سبي، جر رجاله المدربين المولودين في بيته ثلاثمائة وثمانية عشر” (تك 14)، وبعد وصف ليلة الهجوم والغزو يستطرد “واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطاً أخاه أيضاً”. فليكفِ هذا للبرهنة على ما أريد اثباته. ولكن خوفاً من أنك تراوغ محتجاً، أو تتلوى في ضيقتك كالأفعى، فلابد لي أن أربطك جيداً برباطات البراهين لأوقف دمدمتك وشكواك …إن يعقوب ابن اسحق ورفقة “عندما كان خائفاً من غدر أخيه. ذهب إلى فدان آرام وتقدم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى غنم خاله لابان” (تك 29)، وقبل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكى ، وأخبر يعقوب أنه أخو ابيها وأنه ابن رفقة”. هوذا مثال عن القاعدة التي أشرنا إليها التي بها يُدعى ابن الأخ أو ابن الأخت أخاً. وأيضاً “فقال لابان ليعقوب: ألا أنك أخي تخدمني مجاناً، أخبرني ما هو أجرتك” (تك 29). وهكذا عندما رجع إلى وطنه في نهاية عشرين سنة، بدون علم حميه مصطحباً مع زوجاته وأولاده، فإذا ادركه لابان عند جبل جلعاد وفشل في العثور على الأصنام التي خبأتها راحيل في الأمتعة، أجاب يعقوب وقال للابان ” ما هو جرمي وما هي خطيئتي حتى أنك في حرارة تتبعني؟ فمع أنك حسست جميع متاعبي. ما ذا وجدت من كل أمتعة بيتك؟ ضعه ههنا أمام إخوتي وإخوتك حتى يحكموا بيننا نحن الاثنين” (تك 31). فاخبرني من كان أخوة يعقوب وأخوة لابان الحاضرون هناك؟ عيسو أخو يعقوب بالتأكيد لم يكن هناك. ولابان بن يتوئيل لم بكن له أخوة بل كانت له أخت هي رفقة (تك 24). يوجد في الاسفار المقدسة ما لا يُحصى من هذه الأمثلة. وللإختصار سأرجع إلى النوع الأخير من أربعة أنواع الأخوة. واعني به أخوة المحبة. وهؤلاء أيضاً ينقسمون إلى قسمين: نوع خاص بالعلاقات الروحية، وآخر خاص بالعلاقات العامة. وآخر خاص بالعلاقات العامة. أقول الروحية لأننا كلنا نحن المسيحيين ندعى أخوة كما في الآية: “هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الأخوة معاً” (مز 133)، وفي مزمور آخر يقول المخلص “أخبر باسمك أخوتي” (مز 22)ن وفي موضع آخر “اذهبي إلى اخوتي وقولي لهم” (يو 20). أما النوع العام فلأننا كلنا ابناء أب واحد، لذلك توجد بالمثل رابطة أخوة بيننا جميعاً. إن الرسول يكتب إلى الكورنثيين فيقول “إن كان أحد مدعوا أخاً زانياً أو طماعاً أو عابد وثن أو شتاماً أو سكيراً أو خاطفاً أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا” (1 كو 5). وأنا أسأل الآن: لأي نوع من هؤلاء ينبغي أن يُنسب أخوة الرب في اعتبارك؟ أتقول أنهم أخوة بالطبيعة؟ ولكن الكتاب لا يقول هذا. انه لا يدعوهم أبناء لمريم ولا ليوسف، فهل تقول إنهم أخوة بالجنس. ولكن من غير المعقول أن نفترض أن نفراً قليلاً من اليهود دعوا أخوته في حين أن كل اليهود في نفس الزمن كانوا على هذا المبدأ يحملون نفس اللقب ! فهل كانوا أخوة من جهة قرب الصلة ووحدة القلب والعقل؟ إن كان الأمر كذلك فمن كان أخوته على الحقيقة أكثر من الرسل الذين كانوا يتقبلون تعليمه الخاص ولاذين دعاهم أخوته وأيضاً إن كان كل الناس بالمثل أخوته، فمن الحمق الآن تقديم رسالة خاصة “هوذا أخوتك يطلبونك”، لأن كل الناس بالمثل يلقبون هكذا !! الحل الوحيد إذن هو اعتناق التفسير السابق بفهم: أنهم دعوا أخوة بدافع من رابطة القرابة، كما دعي لوط أخاً لابراهيم، ويعقوب أخاً للابان. الواضح أن أخوة الرب حملوا الاسم بنفس الطريقة التي دُعي بها يوسف أباً له “أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” (لو 2). إنها أمه التي قالت هذا وليس اليهود، وتوجد عبارات مشابهة فد اقتبسنا منها قبلاً، وفيها يُدعى يوسف ومرسم والديه وفي إنجيل يوحنا قد كُـتب بوضوح: “فيلبس وجد نثنائيل وقال له قد وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع بن يوسف” (يو 1) والآن أخبرني: كيف أن يسوع أباه هو ابن يوسف بينما واضح انه ولد من الروح القدس !! هل كان يوسف أباه الحقيقي؟ مهما بلغت بك الحماقة فلن تجرؤ أن تقول هذا. هل كان أباه بحسب الصيت والشهرة؟ إن كان كذلك، فلتتبع مع الذين دعوا أخوته نفس القاعدة التي اتبعت مع يوسف عندما دعي أباه إنه إذ شعر بأنه قد ألقى الكلام على عواهنه، فإنه يقدم ترتليان كشاهد، ويقتبس كلمات فكتورينوس اسقف بتافيا. من جهة ترتليان، فلست أقول أكثر من أنه لم يكن ينتمي إلى الكنيسة، وأما من جهة فكتورينوس فإني أؤكد ما سبق اثباته أنه تكلم عن أخوة الرب ليس كأبناء لمريم، وإنما أخوة بالمعنى الذي شرحته، أعني أخوة من جهة القرابة وليس بالطبيعة.وعلى أية الحالات، نحن نضيع وقتنا في التوافه تاركين ينبوع الحق وتابعين بركاً ضحلة الرأي. فهل أصف ضدك أغناطيوس وبليكاربوس وإيريناوس ويوستين الشهيد وكثيرين غيرهم من الرجال الرسوليين الفصحاء الذين كتبوا مجلدات مليئة بالحكمة، تحوي نفس الآراء، ضد إبيون وثيئودوتس البيزنطي وفالنتينوس. فلو كنت قد قرأت ما كتبوه، لصرت أكثر حكمة … القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد
03 يناير 2020

دوام بتولية العذراء ج3

ابنها البكر ينبغي الآن أن أتقدم إلى النقطة الثالثة إنه يرى أن مريم قد حملت بأبناء آخرين، ويقتبس العبارة “فصعد يوسف أيضاً إلى مدينة داود، ليكتتب مع مريم المخطوبة إليه وهي حبلى وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد، فولدت ابنها البكر” (لو 2) وهو يحاول من هذا أن يظهر أن عبارة البكر لا تستعمل إلا لشخص له أخوة. كما أنه يدعى الابن الوحيد من هو وحيد لأبويه. وموقفنا هو هذا كل ابن وحيد هو ابن بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد وان تعبير البكر لا يشير إلى شخص ولد بعده آخرون، ولكن إلى واحد ليس له من يسبقه قال الرب لهارون “كل فاتح رحم من كل جسد يقدمونه إلى الرب من الناس والبهائم يكون لك، ولكن بكر الإنسان ينبغي لك أن تقبل فداءه، وبكر البهائم التجسة تقبل فداءه” (عدد 18) إن كلمة الرب تُعرِّف البكر بأنه كل فاتح رحم وإلا فإن كان اللقب يتعلق فقط بمن لهم أخوة أصغر منهم فإن الكهنة ما كانوا يستطيعون أن يطالبوا بالأبكار إلى أن يولد ما بعدهم، لأنه ربما في حالة ما إذا لم تكن هناك ولادة أخرى، فإن هذا يبرهن على أنهم كانوا مجرد أبناء وحيدين! يقول الكتاب إن الذين يقبل فداؤهم “من ابن شهر تقبل فداءه حسب تقويمك من المال هسة شواقل حسب شاقل القدس ولكن بكر البقر أو بكر الضأن أو بكر الماعز لا تقبل فداءه إنه مقدس” (عدد 18) إن كلمة الله ترغمني على أن اكرس كل فاتح رحم إن كان من أبكار الحيوانات الطاهرة، وإن كان من أبكار الحيوانات غير الطهارة فيجب أن أفديه وأعطي ثمنه للكاهن فهل يجوز أن أجيب وأقول “لماذا تقيدني بفترة قصيرة هي شهر؟ لماذا تقول عنه انه بكر في حين أنني لا أستطيع أن أخبر ما إذا كان سيولد بعده أخوة له أم لا أنتظر حتى يولد الثاني، لست مديناً للكاهن بشيء حتى يولد الثاني فيضبح الأول بكراً !!” ألا تصرخ كل الحروف ضدي وتقنعني بحماقتي، وتعلن بأن البكر هو لقب لمن يفتح رحماً ولا ينحصر في من له أخوة؟ولنأخذ إذن مثال يوحنا أننا متفقون على أنه كان ابناً وحيداً وأريد أن أعرف ألم يكن أيضاً بكراً، وألم يكن بالكلية مذعناً للناموس؟ ليس هناك شك في هذا الأمروكل حوادث الكتاب تتكلم هكذا على المخلص “ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى، صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب – كما هو مكتوب في ناموس الرب أن كل فاتح رحم يدعى قدساً للرب – ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام” (لو 2) فإن كانت هذه الشريعة تختص فقط بالابكار، ولم يكن ممكناً أن يكون هناك أبكار ما لم يولد أخوة بعدهم، فانه لم يكن هناك أحد مطالباً بشريعة الأبكار إذ هو غير مستطيع أن يخبر ما إذا كان هناك من سيولدون بعده ولكن طالما الذي ليس له أخوة صغار مقيداً بشريعة الأبكار، فاننا نستخلص من ذلك بأنه كان يدعى بكراً كل فاتح رحم ليس له من يسبقه، وليس ذلك الذي يتبع ميلاده بأخ أصغرإن موسى يكتب في سفر الخروج “فحدث في نصف الليل أن الرب ضرب كل الأبكار في أرض مصر، من بكر فرعون الجالس على كرسيه إلى بكر الأسير الذي في السجن، وكل أبكار القطعان” (خر 12) فاخبرني هل الذين أهلكهم المهلك كانوا هم أبكارك فقط أم ما هو أكثر من ذلك؟ هل كانوا يشملون الابناء الوحيدين؟ إن كان الذين لهم أخوة هم فقط المدعوون أبكاراً، إذن فقد نجا الابناء الوحيدون من الموت وفي هذه الحالة تصير اضحوكة، فان وافقت بانهم قد قتلوا، فاننا نكسب نقطتنا، وهي أن الابناء الوحيدين يدعوهم أيضاً أبكاراً. القديس جيروم أسقف أثينا
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل