المقالات

11 أكتوبر 2021

الرجاء

الرجاء هو وقود الحياة، وهو البَر الذي نرنو إليه، وهو النور الآتي من نهاية النفق المظلم، وهو الدالة التي لنا عند الله، وهو الثقة في إمكانياته وإمكانية التغيير، وهو التعلق بما هو آتٍ، والصخرة التي في عرض بحر عالمنا المضطرب، وبه ننحلّ من رُبُط الفشل الراهن، وهو الابتسامة التي تداعب المخيلة، والباب الذي لا يوصد، والكنز الذي لا يفنى، والمحرك الذي يقود ويجذب ويرفع، هو دواء الفشل والحزن والقلق، الرجاء هو الله .«لأنك أنت هو رجاؤنا كلنا» (أوشية الإنجيل). نيافه الحبر الجليل الانبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
10 أكتوبر 2021

الخادم إنجيل معاش

نَقْرأ مَعاً آيَتَيْن لِبُولِس الرَّسُول لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُس بَرَكَاتُه عَلَى جَمِيعْنَا أمِين ﴿ لاَ يَسْتَهِنْ أحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلمُؤْمِنِينَ فِي الكَلاَمِ فِي التَّصَرُّفِ فِي المَحَبَّةِ فِي الرُّوحِ فِي الإِيمَانِ فِي الطَّهَارَةِ ﴾( 1تي 4 : 12 ) & ﴿ وَأمَّا أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي وَقَصْدِي وَإِيمَانِي وَأنَاتِي وَمَحَبَّتِي وَصَبْرِي وَاضْطِهَادَاتِي وَآلاَمِي ﴾ ( 2تي 3 : 10 – 11 ) نِعْمَة الله الآب تَحِل عَلَى أرْوَاحْنَا جَمِيعاً أمِين . الخَادِم إِنْجِيل مُعَاش الخَادِم إِنْجِيل مَفْتُوح الخَادِم وَصِيَّة مُتَحَرِّكَة الخَادِم قُوِّة حَيَاة أكْثَر مِنْهُ قُوِّة مَعْرِفَة أوْ مَعْلُومَات لِذلِك سَوْفَ نَتَحَدَّث عَنْ ثَلاَث نِقَاط :- 1- التَّعْلِيم بِالحَيَاة :- يَعْنِي لاَ فَائِدَة مِنْ كَلاَم دُونَ حَيَاة لاَ فَائِدَة مِنْ مَعْلُومَات دُونَ تَطْبِيق لاَ فَائِدَة مِنْ إِنِّي أكُون كَثِير المَعْرِفَة وَقَلِيل الفِعْل لِذلِك يَقُول ﴿ وَأمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوت السَّموَات ﴾( مت 5 : 19) فَأنَّهُ ذَكَرَ هُنَا * عَمَلَ * الأوِّل فَالأهَمْ هُنَا هُوَ العَمَل أهَمْ مِنْ التَّعْلِيم لأِنَّ التَّعْلِيم سَهْل هُوَ تَلْقِين مِنْ المُمْكِنْ أنَّ أي شَخْص يَقْرأ مَوْضُوع وَيِسَمَّعُه فَمَثَلاً مُمْكِنْ أطْلُب مِنْ أي شَخْص أنْ يِحَضَّر مَوْضُوع عَنْ الصَّلاَة فَيَقُول مَا هِيَ الصَّلاَة ؟ فَيَرُدٌ * الصَّلاَة * هِيَ إِتِصَال بِالله وَهيَ حَدِيث خَفِي .. شُرُوط الصَّلاَة ؟ فَيَرُدٌ 1/ ..... ، 2/ ..... ، 3/ .....فَمَا هِيَ المُشْكِلَة أنْ يَقُوم شَخْص بِقِرَاءِة مَوْضُوع مِنْ أي مَكَان وَيُلَقِّنُه لِلأوْلاَدٌ فَيَقُول ﴿ مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ ﴾ نُلاَحِظْ أنَّ الجُزْء الَّذِي قَرَأنَاه لِمُعَلِّمْنَا بُولِس الرَّسُول لِتِلْمِيذُه تِيمُوثَاوُس يَقُول ﴿ أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي ﴾ * سِيرَتِي * أي * حَيَاتِي * يَقْصِدٌ أنْ يَقُول أنْتَ رَأيْت حَيَاتِي عَامْلَه إِيه وَعَاشِرْتِنِي فَمَا رَأيُكُمْ إِذَا كَانَ عَاشَ تِيمُوثَاوُس الرَّسُول وَرَأى بُولِس الرَّسُول يَكْرِز وَيُخْبِر بِرَبِّنَا يَسُوع وَلكِنْ لاَ يَرَى حَيَاتُه مُنْضَبِطَة وَلاَ يَعِيش حَيَاة الإِنْجِيل وَيَرَى أنَّهُ إِنْسَان شَهْوَانِي وَغَضُوب وَأنَّهُ إِنْسَان مُحِبْ لِلمَال وَلَيْسَ لَدَيْهِ مَحَبَّة وَيُحِبْ ذَاتُه ؟ لكِنْ بُولِس غَيْر هذَا فَقَالَ لِتِيمُوثَاوُس ﴿ أنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي وَسِيرَتِي ﴾ أنْتَ رَأيْت كُل شِئ إِنِّي أُرِيدْ أنْ أقُول لَكُمْ شِئ مُهِمْ يَا أحِبَّائِي إِذَا سَألْتُكُمْ مَا قَصْد رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح مِنْ تَجَسُّدِهِ ؟ فَيَكُون رَدُّكُمْ الخَلاَص وَالصَّلِيب وَالفِدَاء فَإِنِّي أقُول لَكُمْ أنَّ هذَا هَدَف لكِنْ هُنَاك شِئ مُهِمْ جِدّاً رَبِّنَا جَاءَ عَلَشَانُه فَهُوَ هَدَف مُهِمْ جِدّاً وَهُوَ أنَّهُ يَكُون نَمُوذَج لِلإِنْسَان فَيَقُول مُعَلِّمْنَا بُطْرُس ﴿ تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ ﴾ ( 1بط 2 : 21 ) فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح جَاءَ فِعْلاً لِكَيْ يَصْنَع الفِدَاء فَكَانَ مِنْ المُمْكِنْ أنْ يَنْزِل مِنْ سَمَاه فَيَأتِي بِطَريقَتُه لأِنَّهُ إِله مُمْكِنْ مَثَلاً يَأتِي اليُوْم صَبَاحاً وَيُصْلَب بَعْد الظُّهْر وَيُنْهِي عَمَلِيِة الفِدَاء فِي خِلاَل أُسْبُوع مَثَلاً وَبِهذَا يَكُون تَمَّ الفِدَاء لكِنْ لأ لكِنُّه ﴿ حَلَّ بَيْنَنَا وَرَأيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ ﴾ ( يو 1 : 14)﴿ الَّذِي سَمِعْنَاهُ الَّذِي رَأيْنَاهُ بِعُيُونِنَا الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَة الحَيَاة ﴾ ( 1يو 1 : 1)رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح بِشَخْصُه المُبَارَك لَمَّا جَاءَ عَلَى الأرْض جَاءَ لِكَيْ يُعَرِّفْنَا كَيْفَ نَسْلُك فِي العَالَمْ وَكَيْفَ نَسْلُك عَلَى الأرْض وَكَيْفَ نَسْلُك فِي المُجْتَمَع كَيْفَ نَتَعَلَّمْ المَحَبَّة وَكَيْفَ نَتَعَلَّمْ مَحَبِّة الأعْدَاء وَكَيْفَ نَعِيش فِي طَهَارَة وَقَدَاسَة وَكَيْفَ نَتَعَامَل مَعَ الخَاطِئ وَالمُتَوَانِي وَكَيْفَ نُقَدِّس كُل أحَدٌ وَكَيْفَ تُقَدِّس المُجْتَمَع بِسِيرْتُه وَحَيَاتُه تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ نَتَّبِع خُطُوَاتِه جَاءَ لِكَيْ يُمَهِّد آذَانَنَا لِلحَيَاة الأبَدِيَّة جَاءَ عَلَشَان لَمَّا يِكَلِّمْنَا عَنْ وَصِيَّة نِكُون شُفْنَاه وَهُوَ يِعِيشْهَا قَبْل مَا يِكَلِّمْنَا بِهَا ﴿ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُك ﴾ ( 1يو 2 : 6 ) لِذلِك نَقُول ﴿ شُكْراً للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِب نُصْرَتِهِ ﴾ ( 2كو 2 : 14) فَهُوَ أمَامَنَا وَنَحْنُ نَسِير خَلْفُه وَأعْيُنَنَا عَلِيه فَالتَّعْلِيم بِالحَيَاة أجْمَل مِنْ التَّعْلِيم بِالكَلاَم فَيَقُول مُعَلِّمْنَا بُولِس ﴿ كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أنَا أيْضاً بِالْمَسِيح ﴾ ( 1كو 11 : 1) أنَا بَتْمَثِّل بِالْمَسِيح وَأنْتُمْ تَتَمَثَّلُوا بِيَّ إِذاً أنْتُمْ تَتَمَثَّلُوا بِالْمَسِيح إِذاً التَّعْلِيم بِالحَيَاة هُوَ جَوْهَر التَّعْلِيم هُوَ تَسْلِيم أكْثَر مَا مِنُّه مَعْلُومَات لِذلِك سَيِّدْنَا البَابَا لَهُ عِبَارَة جَمِيلَة يِقُول ﴿ الخَادِم هُوَ إِنْجِيل مَفْتُوح هُوَ إِنْجِيل مَشْرُوح ﴾ يِمْكِنْ الإِنْجِيل عِنْدَمَا نَقْراؤه تَكُون هُنَاك آيَات تَقِفْ مَعَنَا لكِنْ عِنْدَمَا نَرَى إِنْسَان يَعِيش الإِنْجِيل فَبِذلِك أكُون فِهِمْت الإِنْجِيل مِنْ ضِمْن الكَلِمَات الجَمِيلَة لِسَيِّدْنَا البَابَا ﴿ أنَّ الخَادِم هُوَ وَسِيلِة إِيضَاح لِلفَضَائِل ﴾فَإِذَا حَبِّيت أنْ تِشْرَح الإِتِضَاع هَات بِخَادِم مُتَضِعْ فَإِذَا حَبِّيت أنْ تَتَكَلَّمْ عَنْ الصَّلاَة هَات بِخَادِم مُصَلِّي فَالخَادِم وَسِيلِة إِيضَاح لِلفَضَائِل فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَتَكَلَّمْ مَعَ الأوْلاَدٌ عَنْ نُوح وَالفُلْك وَقُوس قَزَح وَالغُرَاب وَالحَمَامَة وَتَأتِي بِنَمَاذِج تُسَاعِد فِي الدَّرْس إِذاً الدَّرْس يَثْبُت بِالنِّسْبَة لِلأوْلاَدٌ كذَلِك أنْتَ تَكُون أجْمَل وَسِيلِة إِيضَاح التَّعْلِيم بِالحَيَاة كُنَا فِي مُؤتَمَر لإِعْدَاد الخُدَّام لِشَبَاب وَشَابَّات الأسْكَنْدَرِيَّة فَفِي سَنَة مِنْ السَنَوَات تَعَلَّمْنَا تَرْنِيمَة تَقُول : عَلِّمْنِي بِحَيَاتَك قَبْل كَلاَمَك لِيَّا هذَا أفْضَل جِدّاً لِحَيَاتِي الأبَدِيَّة وَكَأنَّهُمْ يَتَكَلَّمُوا بِلِسَان الأطْفَال كَأنَّ الطِّفْل يُخَاطِبْنِي أنَا كَخَادِم وَيَقُول لِي هذِهِ الكَلِمَات فَمِنْ المُمْكِنْ الخَادِم يَعِظْ الطِّفْل وَبَعْد وَقْت صَغِير جِدّاً يَرَى الطِّفْل هذَا الخَادِم غَضُوب Nerves وَمُمْكِنْ يِغْلَط فِي الكَلاَم وَخَارِج الخِدْمَة هذَا الخَادِم أمَام الطِّفْل يِهَذَّر بِطَرِيقَة غِير لاَئِقَة مِثْلَمَا كَانْ فِي وَقْت قَالُوا الخُدَّام أنَّهُمْ لاَ يُرِيدُوا أوْلاَدٌ إِبْتِدَائِي فِي النَّادِي الخَاص بِالكِبَار وَيَتَشَدَّدُوا فِي هذَا الأمر وَاتَضَح أخِيراً لأِنَّهُمْ يُرِيدُوا أنْ يَأخُذُوا رَاحِتْهُمْ وَلكِنْ فِيهَا إِيه عِنْدَمَا يَحْضَر الأوْلاَدٌ الصِّغَار فِي نَادِي الخُدَّام وَقْت لِعْبُهُمْ ؟!! وَلكِنْ عِنْدَمَا يَرَى الأطْفَال خُدَّامْهُمْ وَهُمَّ بِيِلْعَبُوا يِعْرَفُوا إِنُّهُمْ مُحِبِين وَمُتَعَاوِنِين وَرُوحْهُمْ جَمِيلَة وَطَيِّبَة – وَهُمَّ بِيِلْعَبُوا – وَمَالُوا فَمِنْ المُمْكِنْ إِنِّي ألْعَب مَعَاكُمْ شِئ عَادِي لكِنْ الخُدَّام الَّذِينَ طَلَبُوا هذَا الطَلَبْ يَعْرِفُون أنَّ بِهُمْ ضَعَفَات وَسَيَغْضَبُوا وَمُمْكِنْ يِشْتِمُوا وَصُوتهُمْ يِكُون عَالِي فَهُمْ لاَ يُرِيدُوا الأوْلاَدٌ يَرُوهُمْ بِهذَا الوَضْع الحِكَايَة يَا أحِبَّائِي لاَ تَحْتَاج إِلَى مَعْلُومَات إِحْنَا الأوْلاَدٌ الَّذِينَ نَخْدِمَهُمْ لاَ تَحْتَاج مِنِّنَا إِلَى مَعْلُومَات بَلْ تَحْتَاج إِلَى أنْ تَرَى مَسِيح وَاضِح أمَامَهُمْ تَرَى إِنْجِيل مُعَاش بِحَيَاتْنَا وَسُلُوكْنَا وَتَصَرُّفَاتْنَا وَهُدُوئْنَا بِوَدَاعِتْنَا بِصُوتْنَا الهَادِئ صَدِّقُونِي كُل جُزْء فِينَا يَجِب أنْ يَشْهَد لِلْمَسِيح النِّعْمَة عِنْدَمَا تَدْخُل فِينَا تُقَدِّس كُل حَيَاتْنَا تُقَدِّس نَظَرَاتْنَا وَتُقَدِّس مَشْيُه وَخَطَوَاتُه وَتُقَدِّس إِنْفِعَالاَتُه وَتَصَوُرَاتُه وَتَجْعَلُه أكْثَر إِلْتِزَاماً وَأكْثَر أدَباً أكْثَر صَمْتاً وَأكْثَر رَزَانَة هذَا هُوَ عَمَل النِّعْمَة الإِنْجِيل عِنْدَمَا يَدْخُل جُوَّا الكَيَان يُقَدِّسُه وَيَجْعَل مَلاَمِحُه عَلِيهَا نِعْمَة فَنَقُول ﴿ قَدْ أضَاءَ عَلَيْنَا نُور وَجْهَك يَارَب ﴾ ( مز 4 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) لِذلِك قَالَ رَبِّنَا لَهُ المَجْد ﴿ الكَلاَم الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاة ﴾ ( يو 6 : 63 )فَلَيْسَ المَوْضُوع كَلاَم فَقَطْ بَلْ رُوح وَحَيَاة حَيَاة تُعَاش هُوَ رُوح تَتَحَوَّل إِلَى حَيَاة وَحَيَاة تَتَحَوَّل إِلَى رُوح إِنْجِيل مُعَاش لِدَرَجِة إِنُّه مُمْكِنْ أرَى فِيك كَأنَّكَ أنْتَ نَفْسَك مَزْمُور كَأنَّكَ إِيه ؟ أنْتَ نَفْسَك تَكُون آيَة جَمِيل جِدّاً أنَّ الإِنْسَان يَتَحَوَّل إِلَى إِنْجِيل فَرَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح قَالْ آيَة الوَاحِدٌ يِتْكِسِفْ مِنْهَا جِدّاً – أنَا نَفْسِي بَكُون مَكْسُوف جِدّاً مِنْهَا وَهيَ فِي يُوحَنَّا 17 – عِنْدَمَا قَالَ ﴿ لأِجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أنَا ذَاتِي لِيَكُونُوا هُمْ أيْضاً مُقَدَّسِينَ فِي الحَقِّ ﴾( يو 17 : 19) .. فَإِنَّ كَلِمَة * أُقَدِّس * تَعْنِي * تَخْصِيص وَتَكْرِيس *يَعْنِي إِنْتَ يَارَب تُقَدِّس ذَاتَك لأِجْلِنَا فَيَجِبْ عَلِينَا نَحْنُ أنْ نُقَدِّس ذَوَاتْنَا إِذَا كَانْ هُوَ القُدُّوس الَّذِي بِلاَ شَر الَّذِي إِنْفَصَلَ عَنْ الخُطَاة مِثْلَمَا قَالَ مُعَلِّمْنَا بُولِس فِي الرِّسَالَة إِلَى العِبْرَانِيِّين ( عب 7 : 26 ) فَإِذَا حَال القُدُّوس الَّذِي إِنْفَصَلَ عَنْ الخُطَاة إِنُّه يُقَدِّس ذَاتُه فَيَجِبْ عَلَيْنَا مِنْ أجْل خِدْمِتْنَا أنْ نُقَدِّس وَنُخَصِّص ذَوَاتْنَا الحِكَايَة لَيْسَتْ حِكَايِة شِوَيِة وَقْت وَنَتَقَمَص شَخْصِيَّة مُعَيَّنَة فِي الخِدْمَة وَخَلاَص لكِنْ هذَا سُلُوك بِاسْتِمْرَار وَحَيَاة بِاسْتِمْرَار أقْدَر أقُولَّك أنَّ الوَاحِدٌ يَجِبْ أنْ يَتَحَوَّل إِلَى حَالِة وُجُودٌ فِي حَضْرِة الله الدَّائِمَة بِاسْتِمْرَار بِاسْتِمْرَار يِكُون الوَاحِدٌ فِي قَلْبُه وَفِي ذِهْنُه فِكْر إِنْجِيلِي وَيَعِيش بِمُقْتَضَاه وَيَكُون قُدْوَة لِلمُؤمِنِينْ فِي التَّصَرُّف فِي الرُّوح فِي الكَلاَم فِي طُول الأنَاة فِي الطَّهَارَة فِي كُل عَمَلْ يَكُون قُدْوَة وَيَكُون نَمُوذَج جَيِّد نَمُوذَج يِفَرَّح إِيلِيَّا النَّبِي كَانَ بَرَكَة فِي بَيْت سَيِّدَة صَرْفَة صَيْدَا يُوسِف البَّار كَانَ بَرَكَة فِي بَيْت فُوطِيفَار وَصَارَ بَرَكَة لأِرْض مَصْر كُلَّهَا نُوح البَّار كَانَ بَرَكَة لِلعَالَمْ كُلُّه وَحَفَظْ العَالَمْ مِنْ الهَلاَك الله أبْقَى ثَمَانِيَة أنْفُس بِبَرَكِة نُوح البَّار هذَا الإِنْسَان البَرَكَة هذَا الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش وَيَكُون الإِنْجِيل فِي فِكْرُه وَفِي قَلْبُه لِدَرَجِة إِنُّه يِقُول أنَّ الله تَنَسَّم رَائِحَة سُرُور وَرَائِحَة رِضَى فَإِنْ رَبِّنَا فِرِح بِنُوح وَأوْلاَدُه التَّعْلِيم بِالحَيَاة كَثِيراً مَا نَسْمَع عَنْ قِدِّيسِينْ كَانُوا غِير مُؤمِنِينْ فَنِسْمَع عَنْ قِدِّيس إِسْمُه يَعْقُوب رَاجِل غَنِي وَأبُوه وَثَنِي وَكَانْ عَنْدُهُمْ قَطِيع غَنَمْ كِبِير وَكَانَ هُنَاك رَاعِي غَنَمْ مِسِيحِي فَالقِدِيس يَعْقُوب تَعَلَّمْ مِنْ رَاعِي الغَنَمْ أُصُول الْمَسِيحِيَّة بِدُون مَا الرَّاعِي يَقُول لَهُ عَنْ الْمَسِيح وَيِعَلِّمُه وَيِحَفَّظُه أي شِئ بَلْ عَلَّمُه بِالحَيَاة العَمَلِيَّة فَجَاءَ الرَّاعِي لأِبُو القِدِيس يَعْقُوب يَقُول لَهُ أسْتَأذِنَك فِي إِنِّي حَبَطَّل شُغْل فَسَألَهُ أبُو القِدِيس يَعْقُوب عَنْ السَبَبْ فَرَدٌ الرَّاعِي أنَا رَايِح لِلإِسْتِشْهَادٌ فَفِي البَلَد المُجَاوِرَة لَنَا هُنَاك جَمَاعَة تَجْعَل الْمَسِيحِيِّينْ يَسْتَشْهِدُوا فَالرَّاعِي يَسْتَأذِن لِكَيْ يَذْهَبْ لِلإِسْتِشْهَادٌ فَلَّمَا عَلِمَ القِدِّيس يَعْقُوب طَلَبْ مِنْ الرَّاعِي أنْ يَذْهَب مَعَهُ لِيَتَفَرَّج فَقَالَ الرَّاعِي لكِنْ مَتْخَفْش إِذَا شُوفْتِنِي وَأنَا بَدِبِح فَعِنْدَمَا وَصَلُوا لِلبَلَد كَانَ هُنَاك شَاب يُعَذَّب فَقَالَ الرَّاعِي * أتَعْلَم يَا يَعْقُوب مَنْ هذَا الشَّاب ؟ الشَّاب الَّذِي يُعَذَّب هُوَ إِبْن الوَالِي وَاسِيلِيدِس وَهذَا الشَّاب هُوَ القِدِّيس بُقْطُر * فَقَالَ يَعْقُوب وَهَلْ هذَا مَعْقُول ؟ فَقَالَ الرَّاعِي أصْل يَابْنِي هذَا العَالَمْ فَانِي وَفِي الحَال طَلَبْ يَعْقُوب مِنْ الرَّاعِي إِنُّه يَتَقَدَّم لِلإسْتِشْهَادٌ وَفِعْلاً تَقَدَّم لِلإِسْتِشْهَادٌ فَالْمَسِيحِيَّة هِيَ حَيَاة قُدْوَة فَهُنَاك قِصَّة مَعْرُوفَة ذَهَبَ مُدَرِّس إِلَى إِحْدَى الدُوَل العَرَبِيَّة وَلَمَّا ذَهَبْ كَانَتْ المُفَاجَأة أنَّ المُدَرِّس شَخْص مَسِيحِي فَقَالُوا لَهُ إِنَّنَا لاَ نُعَيِّنْ مَسِيحِيِّينْ إِنْتَ إِزَّاي جِيتْ ؟!! فَقَالَ لَهُمْ أنَا رَاسِلْتُكُمْ وَإِنْتُمْ بَعَتُوا لِي فَأنَا قُمْت بِإِخْلاَء طَرَفِي وَجِئْت فِعْلاً وَمَا يِنْفَعْش إِنِّي أرْجَع فَكَتَبُوا عَلِيه تَعَهُّدْ وَفَرَضُوا عَلِيه شَرْط وَهُوَ * أنَّكَ لاَ تَتَكَلَّمْ عَنْ الْمَسِيح وَلاَ تِجِيب سِيرْتُه أبَداً * وَهُوَ وَافِق وَبَعْد فِتْرَة لاَحْظُوا أنَّ الأوْلاَدٌ مُلْتَفِّين حَوْلَهُ وَيُحِبُّوه جِدّاً فَقَالُوا لَهُ فِي شِئ غَرِيب إِنْتَ شَكْلَك بِتِتْكَلِّمْ عَنْ الْمَسِيح وَإِحْنَا حَا نِسْأل الأوْلاَدٌ فَكَانْ رَدٌ المُدَرِّس أنَا لَمْ أفْتَح فَمِي وَلَمْ أتَكَلَّمْ بِشِئ أمَّا هُمْ فَرَاقَبُوه أثْنَاء تَأدِيَتُه لِحِصَصُه وَيُرَاقِبُوه أثْنَاء كَلاَمُه وَلاَحَظُوا إِنُّه لاَ يَتَكَلَّمْ عَنْ الدِّينْ وَبَدَأُوا يَتَعَجَّبُوا مَا هُوَ سِر إِنْجِذَاب الأوْلاَدٌ إِلِيه بِهذِهِ الدَّرَجَة ؟!! وَعِنْدَمَا سَألُوا الأوْلاَدٌ قَالُوا لَهُمْ أنَّ هذَا المُدَرِّس يَهْتَمْ بِنَا جِدّاً وَأخَذَ أرْقَام تِلِيفُونَاتْنَا وَعِنْدَمَا يَغِيب أي وَاحِدٌ مِنِّنَا يَتَصِل بِهِ وَيِسْأل عَلِيه وَيَطْمَئِنْ عَلِيه وَالوَلَدٌ اللِّي تِكُون دَرَجَاتُه ضَعِيفَة يِحَدِّد مِيعَاد مَعَاه دَاخِل المَدْرَسَة وَيِشْرَح لَهُ مَا يَصْعُب عَلِيه فَهْمُه وَالوَلَدٌ المُتَفَوِق يِجِيب لُه هِدِيَّة عَلَى حِسَابُه الخَاص وَبِهذِهِ الطَّرِيقَة الأوْلاَدٌ حَبُّوه وَحَبُّوا حَيَاتُه وَلَمَّا يِعْرَفُوا إِنْ السِّر فِي ذلِك إِلَهُه يَتْبَعُوا حَيَاتُه وَإِلَهُه فَهذَا هُوَ التَّعْلِيم بِالحَيَاة ﴿ وَأمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوت السَّموَات ﴾ فَيَجِبْ كُل شَخْص يِسْأل نَفْسُه كَمْ شَخْص أحَبَّ الْمَسِيح بِسَبَبِي ؟ كَمْ شَخْص ؟!! فَإِنْتَ حَبِّبْت كَمْ شَخْص فِي الْمَسِيح بِسَبَبَك ؟ ﴿ يَرَوْا أعْمَالَكُم الحَسَنَة وَيُمَجِّدُوا أبَاكُم الَّذِي فِي السَّموَات ﴾ ( مت 5 : 16) . 2- خُطُورِة التَّعْلِيم دُونَ حَيَاة :- عَلِّمْ .. عَلِّمْ .. عَلِّمْ .. قُول .. قُول .. قُول .. إِتْكَلِّمْ .. إِتْكَلِّمْ .. إِتْكَلِّمْ .. وَلاَ يَكُون هُنَاك فِعْل فَهذَا يُسَبِّبْ بَلاَدَة .. جُمُودٌ ..رِيَاء ..إِزْدِوَاج ..بَلْ عَلَى العَكْس فَهذَا يِعْمِل الإِنْسَان عِنْدُه رُوح غُرُور وَكِبْرِيَاء فَكُل مَا الشَخْص يُعَلِّمْ فَكُل مَا يِفْتِكِر نَفْسُه كذَلِك فَيَظُنْ أنَّ الّذِي يُعَلِّمُه هذَا إِنَّهُ عَايْشُه فَتِكْبَر الذَّات بِدُون فِعْل وَيَتَأخَّر التَّقَدُم الرُّوحِي جِدّاً وَبَدَل مَا الخِدْمَة تَكُون وَسِيلِة خَلاَص تِكُون وَسِيلِة جُمُودٌ وَبَدَل مَا الإِنْسَان يِكُون فِي طَرِيقُه لِلقُرْب مِنْ رَبِّنَا لكِنْ فِي الحَقِيقَة إِنُّه بِالشَكْل يِكُون بِيقَرَّب لكِنُّه فِي الحَقِيقَة إِنُّه بِيِبْعِد عَنْ رَبِّنَا مَا أخْطَر أنْ تَتَحَوَّل الخِدْمَة إِلَى مِهْنَة فَإِنَّ الخَادِم يَذْهَب لِيُلْقِي دَرْس وَيِحَكِّي شِوَيَة وَيِهَذَّر وَيِنَكِتْ شِوَيَة وَخَلاَص عَلَى كِدَه مَا أخْطَر أنْ يَتَحَوَّل الأمر إِلَى مُجَرَّد تَلْقِين أوْ مَعْلُومَات فَهذَا أخْطَر لِدَرَجِة أنْ تَكُون الخِدْمَة عِبَارَة عَنْ مُسَكِّنْ يِزِيدْ المَرَض وَلاَ يُزِيلُه لِدَرَجِة أنَّ هذَا التَّعْلِيم يُضَخِّمْ ذَات الإِنْسَان وَيَجْعَلُه يَشْعُر بِأنَّ النَّاس أقَلْ مِنْهُ لأِنَّهُ هُوَ مُعَلِّمْ لِذلِك رَبِّنَا يَقُول ﴿ لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِين كَثِيرِين ﴾ ( يع 3 : 1) لاَ تَكُون حَابِبْ أنْ تَكُون مُعَلِّمْ وَخَلاَص بَلْ عِيش فَمَا أكْثَر الكَلاَم عَنْ المَحَبَّة لكِنْ مَا أرْوَع المُحِبْ فَمَا أكْثَر الكَلاَم عَنْ الصَّلاَة لكِنْ مَا أجْمَل المُصَلِّي فَهذَا شِئ يِجْذِب قَلْب رَبِّنَا هذَا شِئ يَجْعَل الإِنْسَان المُحِبْ جَذَّاب مَا أخْطَر أنْ نَكُون كَالكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّين الَّذِينَ يَعْرِفُوا النَّامُوس وَلاَ يَعِيشُوه مَا أخْطَر أنَّ الإِنْسَان يَتَحَوَّل إِلَى صِرَاع فِي دَاخِلُه بَيْنَ المَعْرِفَة وَبَيْنَ التَّطْبِيق فَهذِهِ خُطُورَة تِعْمِل إِزْدِوَاج وَجُمُودٌ وَتَجْعَل الإِنْسَان لَهُ شَكْل التَّقْوَى وَيُنْكِر قُوِّتْهَا ( 2تي 3 : 5 ) فَيَقُول الشَخْص أنَا خَادِم أنَا خَادِمَة أنَا رُوحْت أنَا عَمَلْت أنَا إِتْكَلِّمْت أنَا أدِّيت المَوْضُوع دَه أنَا شَرَحْت أنَا حَفَّظْت أنَا عَمَلْت أنَا قَرَأت فَمَا أخْطَر شَخْصِيِّة الإِزْدِوَاجِيَّة مَا أخْطَر أنْ تَتَحَوَّل حَيَاتْنَا إِلَى جُزْء فِي الخِدْمَة وَجُزْء لِلشَّخْصِيَّة الطَّبِيعِيَّة الخَاصَّة بِنَا فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَقُول أنَّ الخَادِم يَلْتَزِم بِأشْيَاء مُعَيَّنَة لِلخِدْمَة فَمَثَلاً عِنْدَمَا تَقُول لِلخَادِمَات تَعَالِي الخِدْمَة بِدُون مِكْيَاچ وَبِدُون بَنْطَلُون تَعَالِي بِچِيبَة وَاسْعَة وَالْبِسِي حَاجَة حِشْمَة فَمُمْكِنْ أنْ تَأتِي الخَادِمَة وَقْت مَدَارِس الأحَدٌ مُنْضَبِطَة تَمَام وَفِي أي وَقْت غِير مَدَارِس الأحَدٌ بِشَكْل تَانِي خَالِص فَهذَا كَأنَّنَا بِنْمَثِّل سَاعْتِين وَلكِنَّنَا إِحْنَا فِي الخِدْمَة بِنْكُون أكْثَر إِلْتِزَاماً لكِنْ هذَا مَعْنَاه أنَّ هذِهِ الحَيَاة تَكُون غِير طَبِيعِيَّة بَلْ يَتِمْ التَّحْوِيل إِلَى أنْ تَكُون هذِهِ طَبِيعَتِي وَيَكُون هذَا سُلُوكِي وَشَخْصِيِتِي وَأنَا لاَ أقْبَل أنْ أكُون غِير ذلِك فَهذَا هُوَ الصَّح مَا أصْعَب الإِزْدِوَاج وَهذَا لِلأسَفْ السِمَة الَّتِي يَعِيشَهَا جِيلْنَا هذَا حِلْوِين جِدّاً جِدّاً جِدّاً دَاخِل الكِنِيسَة وَيَكُونُوا أيْضاً مَعَاك عَلَى الخَطْ خَارِج الكِنِيسَة ألْحَان وَتَسْبِحَة تَمَام وَغِير ذلِك أيْضاً تَمَام فَفِي قِصَّة كُنْت مَرَّة سِمِعْتَهَا إِنْ نَاس قَامُوا بِالإِتِفَاق مَعَ شَمَامِسَة عَلَى المُشَارْكَة فِي صَلاَة إِكْلِيل فَعَرَفُوا الشَّمَامِسَة مِيعَادٌ الإِكْلِيل وَفِي أي كِنِيسَة وَاتَفَقُوا فِعْلاً فَقَام شَمَاس يِسْأل النَّاس أصْحَاب الفَرَح * إِنْتُمْ بَعْد الكِنِيسَة رَايْحِينْ فِينْ ؟ * فَالنَّاس رَدُّوا إِنُّهُمْ رَايْحِينْ مَكَان لِلفَرْفَشَة بَعْد الإِكْلِيل .. فَالشَّمَامِسَة قَالُوا مُمْكِنْ إِحْنَا كَمَان نَقُوم بِالفَرْفَشَة فَهُمْ نَفْس الشَّمَامِسَة ( مِينَا وَمَايْكِل وَدِيڤيد وَجِرْجِس وَبِيشُوي وَ ) فَهُمْ أثْنَاء الإِكْلِيل لاَبْسِين التُونْيَة وَمَاسْكِين الدَّف وَبَعْد الإِكْلِيل يِقْلَعُوا التُونْيَة وَيِسِيبُوا الدَّف وَيِمْسِكُوا حَاجَة تَانِي فَهذَا إِزْدِوَاج فَأنْتَ إِيه بِالظَّبْط ؟ مَاذَا تُرِيدْ ؟ مَاذَا تُحِبْ ؟ مَا هِيَ مُيُولَك ؟ أرْجُوك إِسْأل نَفْسَك هذَا السُؤال إِلَى أي التَّيَارَات تَمِيل ؟ مَنْ أنْتَ ؟ سُؤال مُهِمْ جِدّاً مَا أخْطَر إِزْدِوَاجْنَا القَلْب المَقْسُوم هذَا صَعْب وَلاَ نَسْتَطِيع أبَداً أنْ نَعْرُج بَيْنَ الفِرْقَتَيْنِ ﴿ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ الله فَاتَّبِعُوهُ وَإِنْ كَانَ البَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ ﴾( 1مل 18 : 21 )مَا أصْعَب إِنْشِقَاق الإِنْسَان مِنْ دَاخِلُه فِي الجَامْعَة مَعَ أصْحَابُه يِجَارِي الجَو إِلَى أقْصَى دَرَجَة وَفِي الكِنِيسَة كَذلِك وَأيْضاً فِي الشُغْل كَذلِك لاَزِم نُمَجِّد رَبِّنَا وَلاَزِم يِكُون عِنْدَك الإِقْتِنَاع الكَافِي فِي شَخْصِيِتَك إِنَّك إِنْتَ كِدَه إِنْتَ مَسِيحِي وَيَجِبْ أنْ تَشْهَدٌ لِمَسِيحَك إِنْتَ فِيك شِئ مُخْتَلِف لاَزِم نِكُون عَايْشِينْ بِمُقْتَضَاه ﴿ مَجِّدُوا الله فِي أجْسَادِكُمْ وَفِي أرْوَاحِكُم الَّتِي هِيَ لله ﴾( 1كو 6 : 20 ) مَا هِيَ مَشِيئَة قَلْبَك وَمَاذَا تُحِبْ ؟ لِذلِك الإِنْسَان الَّذِي يَعِيش مَعَ الله فِعْلاً وَالإِنْجِيل مَغْرُوس بِدَاخِلُه فَلاَ يَعْرِف أنْ يَعِيش كُل فِتْرَة بِشَخْصِيَّة فَلاَ يَكُون عَايِش مِثْل الكَتَبَة وَالفِرِّيسِيِّينْ الَّذِي لَهُمْ حَيَاة فِي الشَّكْل وَلَهُمْ حَيَاة أُخْرَى فِي الخَفَاء وَمُخْتَلِفَة فَلاَ تَكُونُوا كَالنَّاس الَّذِينَ يُحَمِّلُوا الآخَرِينْ أحْمَالاً عَثِرَة وَلاَ يُحَرِّكُونَهَا بِأصَابِعَهُمْ( مت 23 : 4 )فَهُمْ كَانُوا يُعَشِّرُون النِّعْنَاع وَالشِّبِثَّ وَالكَمُّون وَتَرَكُوا الحَقَّ وَالرَّحْمَة( مت 23 : 23 ) كَانُوا يَأكُلُوا مَال اليَتِيم وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ فِي الصَّلاَة ( مر 12 : 40 ) فَهذَا تَنَاقُض رَهِيب لِذلِك الخَادِم يَنْطَبِع عَلَى أوْلاَدُه فَالإِنْسَان الَّذِي فِي خِدْمِتُه عَايِش حَيَاة فِيهَا إِهْتِمَامَات رُوحِيَّة فَيَكُون أوْلاَدُه لَهُمْ إِهْتِمَامَات رُوحِيَّة وَالخَادِم الَّذِي يَهْتَمْ بِالمَظْهَر وَالشَّكْل وَالرِّيَاضَة وَالفُسْحَة وَالتَّرْفِيه يِكُونُوا أوْلاَدُه يِحِبُّوا الهِيصَة فَهَلْ أنَا بَحْرِص إِنِّي فِي يُوْم السَبْت أحْضَر عَشِيَّة وَأجْعَل أوْلاَدِي يِحْضَرُوا عَشِيَّة ؟ فَهَلْ أنَا بَحْرِص أنْ أحْضَر تَسْبِحَة فِي الكِنِيسَة ؟ فَهَلْ أنَا مُهْتَمْ بِحُضُور القُدَّاسَات ؟ هَلْ أنَا مُهْتَمْ بِأعْيَادٌ القِدِّيسِينْ ؟ هَلْ أنَا مُهْتَمْ بِالسَّهَرَات الرُّوحِيَّة ؟ فَلَوْ أنَا مُهْتَمْ بِكُل هذِهِ الأُمور فَأتَفِق مَعَ أوْلاَدِي أنْ يَحْضَرُوا هُمْ أيْضاً وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِي نَفْس هذِهِ الإِهْتِمَامَات وَلِي إِهْتِمَامَات أُخْرَى فَأوْلاَدِي سَيَتَعَلَّمُوا مِنِّي نَفْس الإِهْتِمَامَات خُطُورِة التَّعْلِيم دُونَ حَيَاة تَجْعَل الإِنْسَان يَكُون بِشَكْل مِنْ الخَارِج وَجَوْهَرُه شِئ مُخْتَلِف تَمَاماً وَهذَا يَجْعَلُه يِعِيش فِي رِيَاء وَفِي إِزْدِوَاجِيَّة وَفِي صِرَاع فِي صِرَاع فِي شَخْصِيِتُه . 3- كَيْفَ نَحْيَا حَسَبْ الإِنْجِيل ؟ كَيْفَ أكُون إِنْجِيل مُعَاش ؟ إِهْتَم بِمَبْدأ الفِعْل قَبْل الإِهْتِمَام بِمَبْدأ المَعْرِفَة فَرَبِّنَا قَالْ لِلنَّامُوسِي ﴿ إِفْعَل هذَا فَتَحْيَا ﴾ ( لو 10 : 28 ) مُهِمْ جِدّاً وَصِيِة * إِفْعَل * طَبَّقٌ فَقَالَ الغَنِي﴿ هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي ﴾ ( مر 10 : 20 ) لكِنْ رَبِّنَا رَكِّزعَلَى الفِعْل فَفِي الكِتَاب المُقَدَّس آيَة تَقُول ﴿ فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيل الْمَسِيح ﴾ ( في 1 : 27 ) لِذلِك يَكُون التَّرْكِيز عَلَى * عِيشُوا * مَا أجْمَل أنْ يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة فِي دَاخِلْنَا جَمِيل جِدّاً رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح لَمَّا يِقُول لِشَخْص * إِتْبَعْنِي * وَيَقُول ﴿ فَقَامَ وَتَبِعَهُ ﴾( مر 2 : 14) فَإِنَّ الشَخْص الّذِي قُدِّمَتْ لَهُ الدَّعْوَة قَامَ وَتَبَعَهُ فَعَمَلَ وَفَعَلْ فَمَا هُوَ الفِعْل الَّذِي حَصَلْ فِي حَيَاتْنَا الَّذِي نَقُول أنَّ الإِنْجِيل إِشْتَغَل بِدَاخِلْنَا ؟ إِنْ لَمْ يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى سُلُوك فَيَتَحَوَّل بِالنِّسْبَة لَنَا إِلَى أي كِتَاب مِثْل الَّذِي دَرَسْنَاه فِي أُولَى إِعْدَادِي وَتَانْيَة إِعْدَادِي وَتَالْتَة إِعْدَادِي وَهَكذَا لأِنَّهُ يُعْتَبَر كِتَاب وَبِهِ نَظَرِيَات لِذلِك يُكَلِّمْنَا عَنْ الإِيمَان العَامِل بِالمَحَبَّة لاَزِم يِكُون لَنَا إِيمَان عَامِل لَيْسَ مُجَرَّدٌ كَلاَم بَلْ إِيمَان عَامِل الإِنْجِيل مِشْ مَطْلُوب مِنِّنَا أنْ نَأخُذُه كَمَعْرِفَة وَمَعْلُومَات فَعِنْدَمَا تَقْرأ لاَزِم يَتَحَوَّل بِنِعْمِة رَبِّنَا إِلَى تَطْبِيق إِلَى تَدْرِيب إِلَى فِعْل إِلَى عَمَل أنْتَ يَجِبْ أنْ تَدْخُل إِلَى دَاخِل الإِنْجِيل مَا الَّذِي يَجْعَلْنَا نَعِيش فِي غُرْبَة عَنْ الإِنْجِيل ؟ لِمَاذَا تَقُول عَلَى الإِنْجِيل صَعْب ؟ لأِنَّنَا لَمْ نَقْرَاؤه بِاسْتِمْرَار لأِنَّنَا نَأخُذُه بِالفِعْل بِقِرَاءَة مِنْ الخَارِج فَعِنْدَمَا شَخْص يِعْزِمَك عَلَى حَاجَة سَاقْعَة هَلْ بِيُدْلُوقْهَا فُوق مِنَّك وَلاَّ بِيشَرَّبْهَا لَك فِي فَمَك ؟ وَالإِنْجِيل إِوْعَى تَاخْدُه بَرَّه مِنَّك بَرَّه مِنَّك حَيغَرَّقَك وَحَيِعْمِل لِيك كَلاَكِيع لكِنْ لَوْ تِشْرَبُه مِنْ الدَّاخِل يُبْقَى لَذِيذ لَوْ نِفْرِض وَإِنْتَ بِتِقْرا فِي الإِنْجِيل جُزْء خِلْقِة العَالَمْ ﴿ لِيَكُن نُورٌ ﴾( تك 1 : 3 ) مُمْكِنْ شَخْص يِقُول * أنَا مَالِي وَمَال ( لِيَكُنْ نُورٌ ) * العَالَمْ إِتْعَمَل وَلاَّ مَتْعَمَلْش خَالِص وَأنَا مَالِي لكِنْ تَقُول عِنْدَ خِلْقَة هذَا العَالَمْ * يَارَب إِلَى هذَا الحَدٌ إِنْتَ بِتْحِبِّنِي ؟ * مَا هُوَ هذَا العَالَمْ وَلِمَنْ خُلِقَ ؟ وَالكُون هذَا لِمَنْ ؟ فَإِنَّ رَبِّنَا خَلَقُه لَنَا فَنَقُول نَشْكُرَك يَارَب الكِنِيسَة وَاعْيَة تَقُول ﴿ ثَبَّتَ لِيَ الأرْضَ لأمْشِي عَلَيْهَا مِنْ أجْلِي ألْجَمْتَ البَحْر مِنْ أجْلِي أظْهَرْتَ طَبِيعَة الحَيَوَان ﴾ ( جُزْء * قُدُّوس * فِي القُدَّاس الغِرِيغُورِي ) فَالخَلِيقَة كُلَّهَا أُنْشُودِة حُبْ لله شُوفُوا الرَّوْعَة تَخَيَّل إِنْتَ لَوْ لَمْ تَكُنْ الأرْض ثَابْتَة كُنَّا نِمْشِي إِزَّاي ؟ فَالوَاحِدٌ لَوْ كَانْ عَنْدُه مِشْوَار لأِخِر الشَّارِع كُنَّا نِمْشِيه فِي سَنَة لكِنْ رَبِّنَا ثَبِّت الأرْض لِينَا شُوف تَرْتِيب رَبِّنَا﴿ لِيَكُن نُورٌ ﴾ قُولُّه يَارَب بَدِّد ظَلاَمِي بَدِّد ظُلِمِة حَيَاتِي بَدِّد ظُلْمِة الأيَّام الإِنْجِيل مِشْ المَقْصُودٌ مِنُّه إِنُّه يِحْكِي لِينَا قِصَص وَيِحْكِي لِيَنَا عَنْ أشْخَاص فِي العَهْد القَدِيم وَالجِدِيد وَيِحْكِي لِينَا عَنْ طَبَائِع الشُّعُوب وَيِحْكِي لِينَا عَنْ قِصَص حُرُوب وَيِحْكِي لِينَا عَنْ تَدْبِير الخَلاَص وَيِحْكِي لِينَا عَنْ أُمور كَثِيرَة فَلَيْسَ هذَا هُوَ المَقْصُودٌ لكِنْ يَجِبْ أنْ أكْتَشِف نَفْسِي فِي الإِنْجِيل يَجِبْ أنْ أكْتَشِف خَلاَصِي أنَا الَّذِي يَجِبْ أنْ أتَمَتَّع بِهِ دِلْوَقْتِي فِي الْمَسِيح يَسُوع مِنْ هُنَا يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة وَإِلَى فِعْل وَإِلَى سُلُوك جَمِيل جِدّاً أنْ يَكُون لَك آيَات تَتَذَكَّرْهَا بِاسْتِمْرَار رَدِّد آيَة رَدِّد قَوْل مَثَلاً ﴿ اللَّهُمَّ إِلْتَفِت إِلَى مَعُونَتِي يَارَب أسْرِع وَأعِنِّي ﴾ ( مز 69 – مِنْ مَزَامِير بَاكِر ) رَدِّدْهَا رَدِّد آيَة وَاسْعَى لِتَطْبِيقْهَا فَتَأخُذ قُوِّة فِعْلَهَا فَفِي شَخْص إِسْمُه السَّائِح الرُّوسِي عَامِل كِتَاب فَهُوَ قَرَأ آيَة ﴿ صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ ﴾( 1تس 5 : 17) وَظَلَّ يِسْأل وَيَقُول فِي أوْقَات بَنَام فِيهَا وَفِي أوْقَات بَاكُل فِيهَا وَفِي أوْقَات بَشْتَغَل فِيهَا فِضِل يِسْأل إِلَى أنْ عِرِف كَيْفَ يُصَلِّي بِلاَ إِنْقِطَاع أي يَكُون فِي حَالِة وُجُودٌ فِي حَضْرِة رَبِّنَا فِي إِتِحَاد ذِهْنِي وَفِكْرِي طَوَال النَّهَار وَظَلَّ يَقُول ﴿ يَارَبِّي يَسُوع الْمَسِيح إِبْن الله إِرْحَمْنِي أنَا الخَاطِئ ﴾ وَيُرَدِّدْهَا فِي كُل الأوْقَات حَتَّى فِي أوْقَات الأكْل فِي أوْقَات الشُغْل لَوْ مَاشِي لَوْ قَاعِدٌ فَهُوَ عِرِف مَعْنَى ﴿ صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ ﴾عِيش الآيَة لاَ مُجَرَّدٌ مَعْرِفِتْهَا فَقَطْ كَانَ أبُونَا بِيشُوي كَامِل – الله يِنَيِّح نَفْسُه – كَانْ إِسْمُه * إِنْجِيل مُعَاش * لأِنُّه مَكَنْش بِيِقْرَا الإِنْجِيل إِلاَّ لَمَّا يِشُوف إِزَّاي يِحَاوِل أنْ يِطَبَّقُه فَكَانَ يَتَكَلَّمْ مَعَ أحَدٌ أوْلاَدُه وَيَقُول لَهُ تِحِب أدِّيلَك هِدِيَّة ؟ فَيَرُدٌ الوَلَدٌ * إِدِّينِي يَا بُونَا * فَيَقُول أبُونَا * أدِّيلَك آيَة حِلْوَة تِعِيشْهَا * فَيَرُدٌ الوَلَدٌ * حَاضِر يَابُونَا * فَقَالَ أبُونَا ﴿ مَنْ أرَادَ أنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا ﴾( مت 16 : 25 ) يَالاَّ يَا حَبِيبِي رَبِّنَا مَعَاك فَهذِهِ الآيَة يِعِيش بِيهَا عُمْرُه كُلُّه فَمَا الَّذِي يُضَيِّع حَيَاتْنَا ؟ هُوَ أنَّنَا لاَ نُحِبْ أنْ نُهْلِكْهَا وَنُحِبْ أنْ نَحْتَفِظ بِهَا فَعِنْدَمَا نُحِبْ الذَّات فَالذَّات تَرْتَفِع لكِنْ الَّذِي يُحِب نَفْسُه يُضَيِّعُهَا أي طُول مَا أنَا بَحِبْ نَفْسِي فَأنَا بَضَيَعْهَا لكِنْ الَّذِي يُبْغِض نَفْسُه فَهذَا يَجِدْهَا كُل يُوْم ضَعْ نَفْسَك ضَعْ نَفْسَك فِي رَاحْتَك فِي أكْلَك فِي شُرْبَك فِي ذَاتَك فِي غِيرْتَك فِي إِنْفِعَالاَتَك مَعَ الآخَرِينْ إِنْفِق ذَاتَك إِبْذِلْهَا إِعْطِي فَهذِهِ قُوَّة جَبَّارَة الوَصِيَّة فِيهَا قُوَّة جَبَّارَة وَأجْمَل مَا فِي الوَصِيَّة إِنَّك لاَ تَعِيش وَصِيَّة إِلاَّ لَمَّا تِعِيش بَاقِي الوَصَايَا مَعَهَا لِيه ؟ فَعِنْدَمَا يُبْغِض الوَاحِدٌ نَفْسُه يُحِب الَّذِينَ حَوْلُه وَيُحِب العَطَاء وَيُحِب التَّسَامُح وَيُحِب الصُوْم فَتَكُون الوَصَايَا دَاخِلُه عَلَى بَعْضَهَا فَمَثَلاً الأسْكَنْدَرِيَّة مُصَمَّمَة بِطَرِيقَة تَكُون فِيهَا الشَوَارِع مُتَوَازِيَة وَسَهْلَة فَعِنْدَمَا نَذْهَب لِمِشْوَار يَكُون لَهُ طَرِيق يِوَصَّل لِمِشْوَارَك كذَلِك الوَصَايَا تِدَخَّلَك عَلَى بَعْضَهَا فَمَثَلاً الَّذِي يُصَلِّي بِلاَ إِنْقِطَاع يَعِيش الطَّهَارَة وَيَعِيش الحُبْ وَيَعِيش البَذْل وَيَعِيش الأبَدِيَّة فَأي وَصِيَّة تِسَاعْدَك فِي تَنْفِيذ الأُخْرَى وَالعَكْس الشَّر يِوَصَّل لِلشَّر الكِبْرِيَاء يِوَصَّل لِلغُرُور يِوَصَّل لِلشَّك يِوَصَّل لِلكَرَاهِيَّة تِوَصَّل لِلشَّهْوَة وَهكَذَا فَتَكُون شَبَكَات فِي بَعْضَهَا فَيَجِبْ أنْ تَعِيش الوَصِيَّة لاَ تَكْتَفِي أنَّكَ تَعْرِف بَلْ عِيش تِعْرَفُوا لِمَاذَا تَكُون تُوبِتْنَا تُوبَة وَقْتِيَّة شَكْلِيَّة ؟ لأِنَّهَا لَمْ تَكُون مِنْ الإِنْجِيل فَإِنَّ التُوبَة لَيْسَتْ مُجَرَّدٌ كَشْف عَقْل يَا أحِبَّائِي وَلاَ كَشْف ضَمِير التُوبَة بِالإِنْجِيل فَعِنْدَمَا نُحْضِر مَثَلاً وَلَدٌ غِير مِسِيحِي وَنِسْألُه * إِنْتَ مَاذَا تَفْعَل مِنْ الأُمور الوِحْشَة ؟ *فَيَقُول أنَا بَشْتِم بَابَا وَبَزَعَّل مَامَا وَبَاخُدٌ حَاجَات مِشْ بِتَاعْتِي وَبَتْفَرَّج عَلَى حَاجَات وِحْشَة وَأحْيَاناً تَكُون عِينِي وِحْشَة لَمَّا أمْشِي فِي الشَّارِع وَهكَذَا فَهُوَ بِيْقُول خَطَايَا وَهُوَ وَلَدٌ غِير مِسِيحِي فَدَه يُعْتَبَر كَشْف عَقْل وَضَمِير فَهَلْ هذِهِ تَكُون تُوبَة ؟ هذِهِ لَيْسَت تُوبَة أحْيَاناً إِحْنَا تَكُون تُوبِتْنَا عَلَى مُسْتَوَى كَشْف العَقْل وَالضَمِير وَأحْيَاناً يَكُون إِعْتِرَافْنَا عَلَى مُسْتَوَى العَقَل وَالضَمِير فَهذِهِ لاَ تَأتِي بِتُوبَة وَلاَ تَأتِي بِاسْتِمْرَار فَالتُوبَة المَعْمُولَة بِالإِنْجِيل المَعْمُولَة بِالوَصِيَّة إِنِّي أنَا قِيِسْت نَفْسِي عَلَى الوَصِيَّة﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾ ( مز 119 : 105)﴿ كَلاَمَك الَّذِي جَعَلْتَنِي عَلَيْهِ أتَّكِل ﴾ ( مز 119 : 49 ) أنَا بَقِيس نَفْسِي بِالإِنْجِيل الإِنْجِيل يَقُول ﴿ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ ﴾ ( يو 13 : 34 ) فَألاَحِظ نَفْسِي إِذَا كَانَ لاَ يُوْجَدٌ عِنْدِي مَحَبَّة فَأنَا بَكُون نِفْسِي أعْمِل هذِهِ الوَصِيَّة وَلاَ أعْرِف عِين غِير بَسِيطَة وَغِير نَقِيَّة فَالَّذِي يَتُوب بِرُوح الإِنْجِيل تَكُون تُوبْتُه لَهَا قُوَّة مَعْمُولَة بِالإِنْجِيل مَا أجْمَل أنْ يَكُون المِقْيَاس لِمُحَاسَبِة نَفْسِنَا هُوَ الإِنْجِيل وَهُوَ مُرْشِد لِطَرِيقْنَا وَالَّذِي يِعَرِّفْنَا الإِشْتِيَاقَات هُوَ الإِنْجِيل هُوَ الَّذِي يَرْفَعْنِي هُوَ الإِنْجِيل الَّذِي يِسْنِدْنِي فَيَقُول الكِتَاب المُقَدَّس ﴿ أبْتَهِج أنَا بِكَلاَمَك كَمَنْ وَجَدَ غَنَائِم كَثِيرَة ﴾ ( مز 119 : 162) الله يِنَيِّح نَفْسُه أبُونَا بِيشُوي كَامِل كَانْ مَرَّة فِي سَيِّدَة لَدَيْهَا ظُرُوف صَعْبَة فَاسْتَضَافْهَا أبُونَا فِي بِيتُه فَقَعَدِت عَنْدُه فِتْرَة لكِنْ تَاسُونِي أنْچِيل بَدَأت تُلاَحِظْ أنَّ هُنَاك أشْيَاء بِتُفْقَد مِنْ المَنْزِل وَبَدأَ الشَك يِرُوح إِلَى هذِهِ السَيِّدَة المُهِمْ تِدُور الأيَّام وَيِرُوح أبُونَا بِيشُوي وَتَاسُونِي أنْچِيل إِلَى هذِهِ السَيِّدَة فِي مَنْزِلْهَا يِزُورُوهَا فَالسِتْ قَدِّمِت لِيهُمْ حَاجَات فِي أطْبَاق كَانِتْ أخَدِتْهَا مِنْ ضِمْن الحَاجَات اللِّي أخَدِتْهَا مِنْ بِيتْ أبُونَا بِيشُوي فَتَاسُونِي أنْچِيل أخَدِت بَالْهَا مِنْ الطَبَق وَبَصِّتْ لأِبُونَا وَقَالِتْ لُه الطَبَق دَه بِتَاعْنَا فَرَدٌ عَلِيهَا حَنْرُوح فِين مِنْ الوَصِيَّة اللِّي بِتْقُول ﴿ قَبَلْتُمْ تُسْلَب أمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ ﴾ فَسَكَتَتْ تَاسُونِي أنْچِيل وَلاَ تَقْدِر أنْ تَقُول شِئ أمَام الوَصِيَّة فَإِنَّ الوَصِيَّة لَهَا قُوَّة يَعْنِي المَفْرُوض إِنِّي أضَعْ الآيَة أمَامِي وَأسِير بِهَا وَابْقَى أنَا بَتْقَاس عَلَى الآيَة وَيِكُون لِيَّ مَرْجِع وَيِكُون لِيَّ سَنَد فِيَّ قُوَّة أعِيش بِيهَا فَهذَا هُوَ الإِنْجِيل هذِهِ هِيَ الحَيَاة المَطْلُوبَة مِنِّنَا لاَ أنْسَى أبَداً طُول عُمْرِي بِنْت صُغَيَّرَة كَانِتْ بِتِعْتِرِف وَهِيَّ بِنْت بَسِيطَة وَغَلْبَانَة يَعْنِي مَعَنْدِهَاش إِمْكَانِيَات وَقَالِتْ لِي * صَحْبِتِي مَعَاهَا بَرَّايَة بِتِبْرِي لِوَحْدَهَا وَتِزَمَّر * فِعْلاً فِي بَرَايَات حَدِيثَة بِأشْكَال مُخْتَلِفَة وَفِي الغَالِبْ تِكُون مِنْ الخَارِج يَعْنِي بِتْحُط القَلَمْ فَتِبْرِيه وَنِشَارِة القَلَمْ بِتِتْجَمَّعْ فِي مَكَان مُعَيَّن فَأنَا إِفْتَكَرْت إِنْ البِنْت أخَدِتْهَا فَلِغَايِة هِنَا وَسَكَتِتْ البِنْت فَقُلْت لَهَا * يَعْنِي أخَدْتِيهَا ؟ *فَالبِنْت قَالِتْ * لاَ يَابُونَا أنَا مَخَدْتِهَاش * فَالبِنْت دِي بِتِعْتِرِف بِإِيه تِفْتِكْرُوا ؟ – البِنْت دِي فِي سَنَة تَانْيَة إِبْتِدَائِي – فَقَالِت يَابُونَا إِحْنَا أخَدْنَا مَرَّة دَرْس عَنْ * لاَ تَشْتَهِي مَا لِقَرِيبَك * فَأنَا إِشْتَهِيت بَرَّايِة صَحْبِتِي دِي فَالبِنْت جَايَة تِعْتِرِف إِنَّهَا إِشْتَهِت هذِهِ البَرَّايَة اللِّي الوَاحِدٌ وَهُوَ مَاشِي عِينُه بِتَاكُل الدُنْيَا كُلَّهَا ﴿ لاَ تَشْتَهِ مِمَّا لِقَرِيبَك ﴾ ( خر 20 : 17) فَمَا الَّذِي أعْطَى قُوَّة لِلتُوبَة ؟ هِيَ الآيَة جَعَلِت التُوبَة لَهَا قُوَّة لكِنْ مُمْكِنْ كَانِتْ البِنْت تِقُول* عَادِي وَمَافِيهَاش حَاجَة * مَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ الوَصِيَّة تَحْكُمْنِي وَمَا أجْمَل أنْ أشْعُر أنَّ الوَصِيَّة وَاجِبَة التَّنْفِيذ هُنَا تَتَحَوَّل حَيَاتِي إِلَى إِنْجِيل وَإِنْجِيلِي إِلَى حَيَاة وَلاَ أتْرُكُه أبَداً وَعِنْدَمَا أقْرأ إِنْجِيلِي أكْتِشِفْ خَلاَصِي وَأكْتِشِفْ مَحَبِّتِي يَا سَلاَم عَلَى القُوَّة الَّتِي تَأخُذْهَا مِنْ الإِنْجِيل فَأنَا لاَ يُمْكِنْ أجْبِرَك عَلَى قِرَايِة الإِنْجِيل وَأقُولَّك مَاتِنْسَاش تِقْرَا الإِنْجِيل فَيِجِي شَخْص يِقُول لِي المُشْكِلَة إِنِّي بَنْسَى يَابُونَا فَأنَا أقُولَّك تِنْسَى لِيه ؟ لأِنَّك لَوْ إِنْتَ أخَذْت الإِنْجِيل مُذَاكْرَة يُبْقَى تِنْسَى لكِنْ لَوْ إِنْتَ أخَذْت الإِنْجِيل صَدَاقَة وَحَيَاة صَارَ الإِنْجِيل هُوَ دُسْتُورَك وَمَنْهَج حَيَاتَك لِمَاذّا حَيَاتْنَا وَاقْفَة وَنِمُوِنَا غِير سَرِيع ؟ وَلِمَاذَا مَحَبِّتْنَا لِرَبِّنَا بَطِيئَة ؟لأِنَّهُ لَمْ يَتَحَوَّل الإِنْجِيل إِلَى حَيَاة لَمْ تَعُدْ الوَصِيَّة مُقْنِعَة لِحَيَاتْنَا إِنَّنَا نَعِيش بِمُقْتَضَاهَا فَأنَا فِي طَرِيقٌ وَالإِنْجِيل فِي طَرِيقٍ آخَر وَمِنْ هُنَا تَكُون حَيَاتِي لَيْسَ لَهَا شَكْل لِمَاذَا ؟ فَأنَا إِسْمِي مَسِيحِي وَلكِنْ سِيرْتِي غِير مَسِيحِيَّة الْمَسِيحِي يَعِيش فِي العَالَمْ وَلكِنْ لاَ يَحْيَا بِحَسَبْ العَالَمْ الْمَسِيحِي يَكُون وَاثِقٌ إِنْ لَوْ كَانْ العَالَمْ أحَبَّ سَيِّدُه كَانَ العَالَمْ يِحِبُّه وَلكِنْ العَالَمْ إِضْطَهَد الْمَسِيح بِلاَ سَبَبْ إِذاً أنَا كَمَان يَجِبْ أنْ أعْرِف إِنِّي لاَ أُحِبْ العَالَمْ وَلاَ غُرُورُه وَلاَ شَهَوَاتُه وَلاَ مَبَاهِجُه فَأنَا لِيَّ طَرِيقٌ آخَر أنَا طَرِيقِي فِي السَّمَاء أنَا مَدِينْتِي فِي السَّمَاء أنَا الإِنْجِيل حَيَاتِي ﴿ جَعَلْت الرَّبُّ أمَامِي فِي كُل حِين لأِنَّهُ عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أتَزَعْزَع ﴾( مز 16 : 8 )﴿ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي ﴾ كُل مَكَان أرُوح فِيه أقْدَر أنْ أقُول أنَا هِنَا أعِيش الإِنْجِيل سَاعِتْهَا أقْدِر أنْ أقُول إِنِّي أنَا إِنْجِيل مَفْتُوح كُل الَّذِي يَرَانِي كَأنَّهُ قَرَأَ الإِنْجِيل قَرَأ آيَة وَيُحِبْ الْمَسِيح بِسَبَبِي رَبِّنَا يَسُوع الْمَسِيح يُكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيُرْشِدْنَا لِلعَمَل بِوَصَايَاه وَيِسْنِد كُل ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلَهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد
09 أكتوبر 2021

ظروف شباب المرحلة الثانوية

هناك ظروف قديمة وجديدة تحيط بهذه المرحلة، لابد من التعرف عليها، حتى نحسن التعامل مع شبابها المبارك... لاشك أن هناك مستجدات هامة لدى شباب المرحلة الثانوية، فى هذه الأيام، نذكر منها : 1- العملية التعليمية : ولاشك أنها ليست على ما يرام، فهى فى أفضل صورها عملية تلقين لا تكوين... بمعنى أنها تهتم بحشو الذاكرة - وليس الذهن - بكمية ضخمة من المعلومات فى مجالات واسعة من المعرفة.. وكل ما يطلبونه من الشباب هو أن يحفظ هذه المعلومات غيباً، ويسكبها سكيباً فى ورقة الإجابة فى إمتحان واحد خطير آخر العام. هذا بينما يؤمن العالم كله بأهمية التربية قبل التعليم، والتكوين قبل التلقين. لهذا يعتمدون فى الخارج على تكوين روح البحث لدى التلميذ، وعلى تحريك ذهنه للفهم والإبتكار والإبداع. وهذا ما نشاهده فى الغرب، إذ يطلبون من التلميذ تحضير ورقة بحث فى موضوع ما، ربما يختاره هو، ويبحث عن مادة الموضوع فى المكتبة، ولدى المدرس، والأسرة، والكنيسة، حتى تكتمل العناصر، ويتقدم ببحثه، ويناقشه فيه المدرس والزملاء.. وأكثر من مرة حضر شباب من أمريكا أو استراليا، ليدرس مثلاً الفرق بين الشباب القبطى داخل وخارج مصر، من خلال استبيانات وإحصائيات فى مجالات مختلفة: شخصية وعائلية وكنسية... بهدف معرفة ما يجب أن ننتبه إليه فى خدمة الشباب، هنا أو فى المهجر... وقد استفدنا كثيراً من هذه البحوث الميدانية. كذلك نجد العملية التعليمية الآن فيها فاقد رهيب للوقت، فالشباب يذهبون فى الصباح الباكر إلى المدرسة، وتكون الفائدة قليلة جداً، لتكدس الفصول وارهاق المدرسين، وظروفهم الصعبة. ثم يبدأ الشباب فى مدرسة أخرى بعد الظهر، فى فصول التقوية، أو الدروس الخصوصية، حيث الشرح أفضل، ولكن لشباب مرهق... ولا يتبقى سوى سويعات قليلة فى المنزل للاستذكار. هذا كله عبء ضخم على شبابنا الغض، الذى لا يجد فرصة للنمو الروحى والثقافى والإجتماعى والبدنى من خلال الأنشطة والاجتماعات الكنسية والمهرجانات... ولاشك أن تمديد الثانوية العامة إلى عامين بدلاً من عام واحد، أصبح عبئاً كبيراً على شباب المرحلة الثانوية، بحيث لم يعد لديهم النفس الهادئة، أو الوقت المناسب، لتكوين شخصياتهم المتكاملة: روحياً وثقافياً ووجدانياً وبدنياً وإجتماعياً... هذه العناصر الخمسة فى الشخصية الإنسانية، لم يعد من الممكن إشباعها، بينما الشباب يعيش الأرق والإرهاق، مع عملية تعليمية تلقينية مؤسفة. أن شباب المرحلة الثانوية فى هذه الأيام، لا يتمتع حتى بالإجازة الصيفية، حيث الملحق (والتحسين سابقاً)، وحيث ضرورة الاستعداد للعام الدراسى بدروس خصوصية فى الصيف، تمهيداً للعام الدراسى الجديد. وقد لاحظنا ذلك أثناء خدمتنا لهذه المرحلة، فبعد أن كنا نقدم لهم مادة دسمة فى المهرجان، على الأقل أثناء دراستهم فى الصفين الأول والثانى، حيث كانوا يواظبون على الخدمة الكنسية، وبالتالى يستوعبون الكثير من المعلومات اللاهوتية والعقيدية والطقسية والتاريخية والكتابية، مع فنون وآداب ورياضة وكومبيوتر.. مع الإندماج المفرح فى الحياة الكنسية والأنشطة الصيفية... صار شبابنا المرهق المهموم بالثانوية العامة، كثير الغياب عن الكنيسة، ولذلك اضطررنا إلى تخفيض حجم النشاط الكنسى والدراسات والمهرجان، تقديراً لظروفهم... 2- أسلوب الامتحان : ولاشك أنه أسلوب مؤسف، فالشباب يستذكر طوال العام، بمجهود ضخم، ليتم تقييمه من خلال الحفظ وليس الفهم، ومن خلال امتحان واحد فى ساعتين.. وربما أصيب الشاب أو الشابة بوعكة صحية أو مجرد انفلونزا، فيضيع الإمتحان، ويضيع المجهود، ويضيع المستقبل. أى توتر يمكن أن ينشأ عن هذا الأسلوب؟!! الإمتحان فى الخارج يرتكز على الفهم، ويستمر طوال العام من خلال الأسئلة، والإختيارات، والبحوث، والمتابعة الشخصية من المدرس، ولذلك تكون نفسية الشباب هادئة، وإذا فشل مرة، ينجح فى المرة التالية...إن تقييم شبابنا من خلال ورقة واحدة، فى ساعة معينة، ويوم محدد... أمر مثير للتوتر.. فإذا ما حدثت مشكلة فى المنزل، أو مرض، أو وفاة... ضاع كل شئ!! هذا بالإضافة إلى اعتماد الإمتحان على التذكر وليس التفكير، وعلى الحفظ وليس الفهم... ونحن جميعاً نعلم إمتحانات الخارج، التى كثيراً ما تكون من خلال "الكتاب المفتوح" (Open book)، ولا يستطيع الإجابة على الأسئلة إلا كل من درس المادة واستوعبها تماماً. وهكذا لا يرتبط الامتحان بحالات من التوتر والقلق والإحباط كما يحدث فى بلادنا، ليس فقط على مستوى الشباب، بل أيضاً على مستوى أسرهم... وهذا ما نراه فى بيوتنا أثناء أيام الإمتحانات، والأيام السابقة عليها... 3- سلبيات الإعلام : وما يواجهه شبابنا فى هذا العصر من تنوع لوسائل الإعلام، إلى استمرارية تأثيرها على مدى 24 ساعة يومياً إلى سهولة الوصول إلى السلبى منها، وبطريقة لا يستطيع الوالدون اكتشافها بسهولة. هناك الآن شرائط الكاسيت وما تحمله من أغانى هابطة، وشرائط الفيديو والكثير منها يحمل إنحلالاً وإثارة، والبث من الأقمار الصناعية على عشرات القنوات على مدى الليل والنهار، وشبكة الانترنيت وما تقدمه من إباحية وإنحلال. وبالطبع فنحن لا نرى كل الوسائل الإعلاميةشراً، بل نقصد أنها تقدم للشباب الكثير من الإيجابيات فى المعلومات والتواصل والثقافة والتسلية البرئية، ولكنها تحمل - مع ذلك - سلبيات خطيرة، لها أثرها فى شبابنا، سواء فى إعثاره أو فى تعويقه عن الجهاد الروحى، ناهيك عن صعوبة النمو الروحى فى هذا الجو الصعب. لقد أصبحت الخطيئة "محيطة بنا بسهولة" كما يقول الرسول بولس (عب 1:12). الأمر الذى يحتاج إلى إفراز وتوعية وتغذية وبدائل وجهاد كثير، ينبغى أن يبذله شبابنا المبارك، عملاً بقول الكتاب "إمتحنوا كل شئ، وتمسكوا بالحسن" (1تس 21:5). 4- سلبيات الوسط المدرسى : لاشك أن الوسط المدرسى لم يعد كما كان فى الماضى، سبباً فى إنماء المعرفة وتربية الخلق القويم، إذ أنه صار حافلاً بسلبيات كثيرة منها: أ- التكدس فى الفصول، الذى يعوق علمية التعلم، ناهيك عن عملية التربية. ب- التدنى العام فى المجتمع، واهتزاز القيم، وتآكل الطبقة الوسطى، وصعود نوعيات غير متحضرة إلى السقف بسبب دخلها المادى المتزايد. ج- انتشار ظاهرة المخدرات بين الشباب، فضلاً عن التدخين والشيشة. د- تنامى ظاهرة العنف بين الشباب، بتأثير التكدس فى المساكن، وصعوبة العيش، وازدحام الطريق، والتوتر اليومى العام، ومشاهد العنف فى وسائل الإعلام، وشيوع مبادئ منحرفة كالبلطجة، وأخذ القانون باليد، وليس بالوسائل المشروعة. هـ- التدنى الخلقى فى اللفظ والتعامل اليومى، بتأثير الأفلام والمسلسلات، وما تحويه كثيراً من عبارات وألفاظ غريبة وغير لائقة، تنزل بسرعة رهيبة إلى الشارع والمنزل والمدرسة ويتبادلها الشباب فى سلوكهم اليومى. و- الفوارق الطبقية وما تثيره من حراك إجتماعى وأحقاد بين فئتى الأغنياء والفقراء، وحتى الموظفين، الذين أصبحت دخولهم المادية لا تساعدهم على الحياة الكريمة. ز- تأثيرات الأسرة على الطفل والفتى والشاب، والتى يأتى بها إلى المدرسة، مشحونة بالسلبيات الخطيرة. ى- روح التهريج واللامبالاة والسخرية والتهكم، التى تسود فئات كثيرة، بسبب الإحباط والمتاعب الإقتصادية.. وهذه كلها أمور لها تأثيرها على شباب المرحلة الثانوية، وتستدعى من الكنيسة أن تكون "الأسرة البديلة"، التى يمكن أن تقوم "بإعادة تربية" للكثير من الشباب (Re- education Process). 5- أزمة المستقبل : ويالها من أزمة، بين شبابنا المكافح!! فمع تزايد الأعداد، بسبب الإنفجار السكانى، وتكدس الفصول، وضعف العملية التعليمية، والتنافس المحموم على الحياة والعمل، وصعوبة إختيار الدراسة التى يحبها الشباب، وأكثر منها صعوبة الحصول على عمل مجز بسبب البطالة المنتشرة، والركود العام فى الإقتصاد. هذه كلها أمور مقلقة لشبابنا، إذ لا يرى المستقبل بهيجاً ولا واضحاً ولا مأموناً... الأمر الذى يصيبه بتوتر فى أعماقه، قد يظهر على السطح فى صورة أشكال من العنف، أو أنواع من التهريج والسخرية والسلوك غير السوى، بل أنه قد يدفع الشباب إلى نوع من الإحباط والاكتئاب، ثم إلى التدخين والمخدرات، مع رفقاء السوء، وما أكثرهم!! 6- اختلاف الأجيال : وهو عامل آخر نضيفه إلى الظروف المحيطة بشباب المرحلة الثانوية، حيث كثيراً ما يحدث انفصال بين الوالدين وأبنائهم وبناتهم فى هذه المرحلة، ويكتفى الوالدون بالعمل على جمع المال، المطلوب طبعاً، وربما يستغرقون فى ذلك بطريقة تحرم الأولاد والبنات من عطف والديهم، واستماعهم إليهم، ومشاركتهم آمالهم وآلامهم. أضف إلى ذلك إمكانية سفر الوالدين أو أحدهما إلى الخارج، طلباً لمزيد من الدخل، مما يعرض الشباب إلى جوع عاطفى، و صداقات سيئة، وإنحرافات خطيرة. فإذا ما أضفنا إلى ذلك إحساس شباب ثانوى بأنهم كبار، ومحاولاتهم الاستقلال والاستغناء عن نصيحة الوالدين ومشورتهم، واستماعهم إلى أصدقائهم أكثر من والديهم، يتضاعف حجم المشكلة، وتتزايد الفجوة إتساعاً. وفى نفس المجال، إذا ما حاول الوالدين تربية أبنائهم وبناتهم بأسلوب ما تربوا هم عليه فى عهود سابقة، دون تفهم لما يدور حول الأجيال الجديدة من أمور، ودون تفاهم وحوار معهم... تتزايد الفجوة أكثر فأكثر. أضف إلى ذلك ما يمكن أن يحدث من أخطاء فى التربية مثل القسوة، أو التدليل، أو التفرقة فى المعاملة بين الأبناء والبنات، الأمر الذى يجعل من إختلاف الأجيال خلافاً، ثم إنحرافاً. هذه بعض الظروف التى تحيط بأبنائنا وبناتنا فى المرحلة الثانوية، فكيف يكون أسلوب التعامل الفعال معهم، وهم يجتازون مرحلة صعبة، وظروفاً أصعب... نيافة الحبر الجليل الانبا رافائيل أسقف عام وسط القاهرة
المزيد
08 أكتوبر 2021

مثَل حبة الخردل

-1- «وَقَالَ: بِمَاذَا نُشَبِّهُ مَلَكُوتَ اللهِ؟ أَوْ بِأَيِّ مَثَل نُمَثِّلُهُ؟ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُذُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ. وَلكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ، وَتَصْنَعُ أَغْصَانًا كَبِيرَةً، حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا» (مر4: 30-33). ~~~~~~~~~ هكذا يا مخلّصي أعلنتَ سرّ ملكوتك في كلمات بسيطة ليدركها أولادك البسطاء، فالأمر يا سيدي ليس فلسفة كلام، فملكوتك ليس كلامًا ولا خيالاً، بل هو حقّ كلّ الحقّ. وحبّة الخردل الصغيرة تُلقيها أنت بذاتك في القلب. ولكن فيها سرّ الحياة، سرّ الخلود. وأنا أؤمن يا سيدي أنّ زرعك الإلهي كائن في داخلي. وقد نبّهت رسلك الأطهار قائلاً: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ... فَيَنْتَقِلُ» (مت17: 20). ليس الأمر يخصّ نقل الجبال، وإن كان هذا قد حصل فعلاً بقوّتك في ساعة ضيقة أولادك الذين وقع عليهم الاضطهاد.. ليس عسيرًا عليك يا إلهي أن تنقل الجبال، فأنت خالق الجبال. لكن على ما يبدو لعبدك أنّك توجِّه ذهني إلى أنّ الإيمان يقدر على المستحيل، لاسيّما فيما يواجه عبدك من تجارب وحروب، أو ما يبدو عائقًا أمام نمو عبدك. فالإيمان بك يجعل الجبل سهلاً ويُزيل العوائق.. أتوسّل إليك بحقّ حبّك الحاني أن تجعل هذه البذرة تنمو في قلبي.. في أعماقي. + يا سيدي الرب.. ما أكثر ما شبَّهت ملكوتك ببذور النبات، تسقط على الأرض وتُدفَن وتموت فيها، ثم تحيا، وتنبت، وتعطي أثمارها.. وفي الواقع فإنّ تعليمك يا مخلّصي مُنصبٌّ دائمًا على كون البذرة هذه تحوي سرّ الحياة الأرضية، فهي والحال كذلك تصير أصدق تعبير عن سرّ الحياة الدائمة الذي هو ملكوتك الأبدي. إنّ سرّ الحياة الأرضية، لم يصل إليه عِلم العلماء، ولا فهم الفهماء بعد. إنّ كلّ ما يعرفه العلماء هو مظاهر الحياة. أمّا ماهيّة الحياة، فهذا أمر يفوق مستوى الإدراك البشري، إذ أنّ الحياة مستمَدّة مِنك يا إلهي الحيّ الأبدي الأزلي الذي يُدرَك ولا يُدرَك كماله، كما يقول أحد أولادك. فمظاهر الحياة في الكائن الحيّ مُدرَكَة بالحواس: كالتنفّس، والحركة، والنمو والتكاثر والتغذية، إلى آخر هذه الظواهر التي لا تخطئها حواس الإنسان مهما كان بسيطًا في إدراكه. وهذا ما يميّز الكائن الحي من الميت. أما إدراك الحياة ذاتها، فكيف يُدرَك غير المحسوس بالحواس؟ + إنّ اختيارك يا سيدي في هذا المثل، لِحبّة الخردل، ووصفها بأنّها أصغر جميع البذور، ولكن فيها يكمن سرّ الحياة، فقط هيِّئ لها تربة صالحة، وتعهّدها بسقي الماء، وأعطها وقتًا للنمو، ثم تأمّلها.. إنّها أعجوبة وآية باهرة، حيث تصير أكبر من جميع البقول وتصنع أغصاناً كبيرة. وهذا هو صميم عملك في امتداد ملكوتك. والاعتبار الأول الذي تَنَبَّه ذهني إليه في هذا المثل، أنّ الحبّة صغيرة متناهية في الصغر، فهل من هذا الصِغَر يمكن أن تخرج شجرة كبيرة؟! إنّ ملكوتك يبدأ داخل القلب كبذرة صغيرة، كحبّة خردل. وأنّ ملكوتك داخل العالم يبدأ كبذرة صغيرة كحبّة خَردل. ماذا كان الرسل بالنسبة لحقل العالم المتّسع، المترامي الأطراف يا سيدي؟ لقد كانوا قِلّة صغيرة جدًّا، اثني عشر تلميذًا، وسبعين رسولاً. ما هؤلاء بالنسبة لملايين البشر، هل تستطيع حبّة الخردل هذه أن تنمو، أن تُخرِج أغصانًا، أن تصير شجرة كبيرة تأوي إليها طيور السماء؟ لقد حَوَتْ سِرّ الحياة الأبدية، الحياة هي المسيح، لقد حمل التلاميذ سرّ حياة المسيح فيهم، وسرّ الحياة يتحدّى كلّ معوّقات الطبيعة وكلّ ظلمة الأرض وبرودتها المائتة.. أتوسّل إليك أن تستودع قلبي سرّ الحياة هذه! إمكانيّات الرسل كانت ضئيلة، لا عِلم ولا معرفة علميّة، ولا صيت ولا اسم، ولا مركز ولا سُمعة، ولا أموال، ولا مقتنيات، ولا كيس ولا مزود، ولا حتى عصا للطريق، ولا ثوبين.. حقًّا كانوا كحبّة خردل، صغيرة، صغيرة في كل شيء. ولكن هذه الحَبّة، إذ روتها دماء الشهداء، وعَرَق النسَّاك، ودموع التائبين، نَمَت بسرعة أذهلت العالم، وصارت فروع أغصانها تظلّل المسكونة، إذ تعهّدتها يا واهب الحياة، إذ وضعت حياتك فيها واستودعتها روح الحياة، نبتت ونمت وأخرجت أغصانها. ملكوتك يا إلهي، ليس بالقوة ولا بالقدرة، هو كخميرة صغيرة ولكن حيّة. هو قطيع صغير ولكن راعيه الحنون قائم يرعاه، والآب سُرَّ أن يعطيه الملكوت. لا أخاف إذا وجدتُ نفسي كحبّة الخردل، صغير في وسط العالم، أو في وسط المجتمع، أو حتى في وسط أهل بيتي. إنّ الإنسان الأمين لإلهه يبدو كحبّة خردل في وسط بذور الشرّ المنتفخة والمتضخّمة بالكذب. الشاب الطاهر يبدو كحبّة خردل صغيرة في وسط بذور النجاسة المنتشرة في كلّ مكان. الشابّة العفيفة تبدو كحبّة الخردل الصغيرة في مواجهة تيارات التسيُّب والانحلال. اجعل روحك في داخلى يُطَمْئن قلبي.. إنّ سرّ الحياة فيك، فلا يستهين أحدٌ بك، أنا قوي بحياة إلهي فيَّ، سرّ الدم الإلهي يسري في أعماقي، إنّه سرّ الحياة التي لا تموت، ولا يقوى عليها الموت. (يُتّبَع) المتنيح القمص لوقا سيداروس
المزيد
07 أكتوبر 2021

شخصيات الكتاب المقدس حبقوق

حبقوق والبار بإيمانه يحيا "" حب 2: 4 " مقدمة كان دانيال وبستر، يتحدث فى أحد الأيام إلى عدد من الفنانين المشهورين حول بعض المناظر والرسوم المسرحية، قال لهم: إنه يدهشنى أن واحداً من الفنانين لم يحاول أن يرسم منظراً لقطعة لا نظير لها فى أجمل قطع الآداب الإنسانية، فسألوه: وما هى؟ فأجاب: صورة حبقوق النبى وهو جالس فى وسط الخراب يغنى رغم كل شئ أغنية الإيمان المبتهج الفرح.ومن الواضح أن حبقوق ارتفع إلى ذروة الإيمان، بعد المناقشة المحاجية والمجادلة والصلاة، والوقوف على المرصد، والانتصاب على الحصن،.. أو فى عبارة أخرى أن إيمانه لم يكن اعتباطاً، أو اندفاعاً بدون تأمل أو عقل، بل كان على العكس بعد التفكير العميق والتأمل النفاذ، فهو إيمان فيلسوف طرح القضية بعمق ليخرج بالنتيجة الرائعة، أن الإيمان ليس مضاداً للعقل أو رافضاً لنشاطه وقوته، بل هو الإيمان الذى يأخذ العقل معه، ويحلق به فى جو الحياة، وسماء الوجود، مرتفعاً على أجنحة الإيمان،... وهو الذى علم فى عبارة من أعظم عبارات الكتاب المقدس، كيف يمكن للإنسان أن يعيش أسمى حياة، وأروع حياة وأعظم حياة، وذلك بالإيمان وحده،... فالبار بإيمانه يحيا، من هو هذا الرجل الفيلسوف، والذى رفض أن يحكمه العقل وحده أو يتحكم فيه، فسار حاملاً عقله فى درب الإيمان العظيم!.. إن هذا ما نريد أن نضعه أمامنا،... نحن ندرس هذا الرجل بين الشخصيات المختلفة المتعددة فى الكتاب المقدس، ولعلنا نراه بعد ذلك فيما يلى: حبقوق ومن هو!!؟ لا نكاد نعرف عن حبقوق شيئاً خارج السفر الذى يحمل اسمه، كما لا نعلم - على وجه التحقيق - هل اسمه اسم علم غير مشتق أم مجرد كناية ورمز؟، يقول البعض إن اسمه مأخوذ من أصل أشورى: « حمبقاقى » وهى فصيلة من نبات الحدائق، ويعتقد آخرون أنه من « حبق » العبرية التى تعنى « يشبك اليدين » أو « يحتضن » وكاسم علم إما تدل على إنسان يحتضن آخر أو يحتضنه آخر، وقبل لوثر المعنى الأول فقال: « إن حبقوق يعنى المحتضن، أو الإنسان الذى يحتضن آخر، أو يضمه بين ذراعيه.. وقد سار فى تفسيره على هذا القياس فقال: « إن حبقوق يحتضن شعبه ويضمه بين ذراعيه... فهو يعزيهم وينهضهم كإنسان يحتضن شخصاً أو طفلا باكياً مؤكداً له أن الأمور، بإذن اللّه، ستصير إلى أحسن.. » أما عن مولده وتاريخه، فلا نكاد نعلم شيئاً، ظن البعض نسبة إلى ما جاء فى ختام الأصحاح لرئيس المغنين على آلاتى ذوات الأوتار،... أن عمله كان فى فرق المغنين فى الهيكل، وبذا يكون من سبط لاوى، وإذا فمثله مثل إرميا وحزقيال اللذين وصلا إلى مصاف الأنبياء من بين اللاويين، وقد وجد فى قصة قديمة فى إحدى المخطوطات تأييد لذلك، بينما ظن آخرون أنه من سبط يهوذا، وقال غيرهم إن هناك تقليداً يرجع بنسبه إلى سبط شمعون، وأنه ولد فى بيت زوخار، وهى قرية صغيرة شمال لدة، وأنه حين أتى نبوخذ نصر إلى أورشليم ترك بلاده إلى استراقين غرب العريش بستة وعشرين ميلاً، وأنه رجع إلى بلاده بعد السبى بعامين، وأنه دفن قرب جبعة،، وعرف قبره فى زمن يوسابيوس وجيروم، ولا يفوتنا أن نذكر أن هناك تقليداً غريباً ينسب إلى بعض الربيين أنه ابن المرأة الشونمية الذى أعطى لها بمعجزة وأقامه أليشع.. ولكن الحقائق الثابتة المعروفة ضد ذلك تماماً،... وقد كان حبقوق كاتباً أخاذ الأسلوب رائع التعبير، وقد قال عنه أحدهم: أنه يشابه إشعياء فى سموه، وإرميا فى عواطفه، وداود فى طاعته، وبولس فى ثقته، كما أن وصفه لعظمة اللّه فى الأصحاح الثالث من سفره ربما لا يوجد له مثيل فى الكتاب المقدس!! وأغلب الظن أنه كتب نبوته عام 603 ق. م. بعد قيام الكلدانيين بغزواتهم الواسعة وهزيمتهم لآشور عام 612 ق.م. ولفرعون نخو ملك مصر عام 605 ق.م. فى موقعة كركميش المشهورة!!.. حبقوق المشتكى وصف أحد الشراح حبقوق بالقول: « إنه المفكر الفيلسوف الذى يعد من أعظم أحرار الفكر فى التاريخ، ذو الحزم والسريرة الصافية الذى يملك قوة وابتداعاً خارقين، وهو العطوف بين الأنبياء وواعظ البشائر الإلهية!!.. ووصفه آخر أنه توما العهد القديم، إذ أنه الرجل الذى لا يؤمن قبل أن يضع كل شئ فى موضع البحث والنقاش والدراسة والاختبار... وهو أكثر الأنبياء استعمالا لعقله ومنطقة فى المحاججة والمناقشة مع اللّه،... وهذا واضح من مطلع سفره. « حتى متى يارب أدعو وأنت لا تسمع، أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص. لم ترينى إثماً وتبصر جوراً. وقدامى اغتصاب وظلم ويحدث خصام وترفع المخاصمة نفسها؟! لذلك جمدت الشريعة ولا يخرج الحكم بتة لأن الشرير يحيط بالصديق فلذلك يخرج الحكم معوجاً »... "حب 1: 2 - 4 ".لقد طرح حبقوق سؤالا ما يزال يطرحه إلى اليوم ملايين الناس من أبناء اللّه، وهم يصرخون إلى اللّه ليلا ونهاراً: « حتى متى يارب أدعو وأنت لا تسمع؟ أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص؟ »... كانت المشكلة أمام حبقوق، ذلك الفساد الذى استشرى فى داخل البلاد، والذى حاول بعض ملوك يهوذا، عبثاً، مقاومته، وكان آخرهم الملك الرقيق القلب يوشيا الذى مات فى معركة مجدو، والذى تنبأ حبقوق فى أيامه،... والسؤال مع ما فيه من شجاعة خارقة تبلغ بها الجرأة إلى حد أن تقول للّه: « لا تسمع » و« لا تخلص »... إلا أنه سيبقى سؤال العقل المشتكى أمام اللّه مما يحس به المؤمنون من الواقع الأليم،... واللّه لم يغضب من هذا السؤال، ولا يمكن أن يغضب من أى سؤال يمليه العقل المخلص لواحد من أبنائه!!.. كان السؤال فى الواقع هو الصراع الذهنى بين الواقع الذى يعيشه المؤمن فى العالم، وبين الانتظار للّه فى حل المشاكل والمتاعب!!.. ماذا حدث أمام حبقوق، وفى عصره؟؟ كانت هناك فى البلاد أغلبية شريرة فاسدة، تفعل كل ما يفعله الأشرار الفاسدون الفاسقون، وقد أحاطت هذه الأغلبية بالأقلية التقية، وسحقتها تحت أقدام الظلم والاغتصاب والتعسف، فشت الرشوة، حتى أصبح الالتجاء إلى القضاء عبثاً، إذ عوجت الأحكام برشوة القضاء،.. وعندما يفسد القضاء فى أمة، فقل على الأمة السلام، لأن القضاء هو الملاذ الأخير للبؤساء والمتضايقين والمنكوبين والمعتدى عليهم،.. ومقياس تقدم الأمم أو تأخرها يقاس فى العادة بمقياس نزاهة القضاة أو فسادهم.. وقد رأى حبقوق كيف جمدت الشريعة بأحكام القضاة الفاسدين المرتشين!!.صلى حبقوق اللّه وصرخ وهو يتألم لآلام التعساء المنكوبين، دون أن يجد نتيجة ظاهرة، فوضع السؤال الذى يتكرر فى كل الأجيال والعصور: « حتى متى يارب أدعو وأنت لا تسمع. أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص »؟؟.. نحن لا ننكر أن هذا السؤال من أهم الأسئلة التى يطرحها العقل البشرى!! لماذا لا يسمع اللّه؟ أو بتعبير أدق: لماذا يبدو كما لو أن اللّه لا يخلص شعبه من الظلم الصارخ البين الملحوظ من الجميع؟ من الواضح أن حبقوق، وهو يشتكى لم يظهر فى شكواه أن اللّه لا يسمع أو لا يخلص، لأن الأقلية التى يشتكى باسمها، ارتكبت شراً أو خطأ،.. ومرات كثيرة ما لا يسمع اللّه، أو لا يخلص، لأن المصلى أو الصارخ لم يتخلص بعد من شره أو خطيته وهكذا يأخذ الجزاء نتيجة خطية معينة، أو إثم واضح لديه،.. لقد أخطأ شمشون فقلعت عيناه، وأخطأ داود فأخذت ثمرة الخطية من الأرض، رغم أنه صلى لبقاء الولد،... وصاح إرميا فى مراثيه: « لماذا يشتكى الإنسان الحى الرجل من قصاص خطاياه؟ لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب. لنرفع قلوبنا وأيدينا إلى اللّه فى السموات. نحن أذنبنا وعصينا. أنت لم تغفر إلتحقت بالغضب وطردتنا. قتلت ولم تشفق. إلتحفت بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة ».. " مراثى 3: 39 - 42 " لكن شكوى حبقوق لا يبدو فيها أن هناك خطية معينة عند الأقلية التقية، واللّه يريدهم أن يتحرروا منها قبل أن يمد لهم يد المعونة والمساعدة!!.وكانت الأيام التى عاشها حبقوق أشبه بأيامنا هذه التى يحيط فيها الفزع بالكثيرين من أبناء اللّه محلياً أو فى العالم كله، عندما يحاول الشرير أن يسحق المؤمن، ويرفع المؤمن صلاته إلى اللّه،... ولكن اللّه يأتى إليه فى الهزيع الرابع،... ولعل حزقيا وهو يدعو إشعياء للصلاة قائلا: « لأن الأجنة دنت إلى المولد ولا قوة على الولادة » " إش 37: 3 " كان فى خياله أو فى تفكيره، وهو يتعجب: لماذا يترك اللّه أبناءه حتى يصبح الواحد منهم كالمرأة الماخض التى تتلوى من الألم قبل أن تأتيها نجدة السماء ومعونتها!!.. إن هذه السياسة الإلهية مرات كثيرة ما تكون ضرورية لإنسان سريع النسيان يلزمه أن يصل إلى الاختبار: « حين أعيت فى نفسى ذكرت الرب »... " يونان 2: 7 " وهى التى تعلن مجد اللّه الواضح الكامل العظيم!!... قال أحدهم: جاءتنى برقية أن أختى التى تقيم على بعد 500 ميل ستجرى لها عملية جراحية خطيرة، وأن الأمل فى نجاح العملية واحد فى المائة، وصليت من أجلها ثلاث ساعات متوالية، وقمت وكلى يقين أنها ستحيا، وفى اليوم التالى دعيت إلى محادثة تليفونية،... وقال العامل: إنها إخطار بوفاة... ورفضت أن أصدق،... على أنها كانوا يطلبون منى أن أحضر فى القطار التالى فقد تحسنت الحالة، وأختى تطلب أن ترانى.... وكتبت أمى إلى كتاباً تقول: إنه فى الساعة الخامسة والنصف من مساء اليوم الذى صليت فيه فتحت أختى عينيها وقالت: أماه لقد صلى أخى من أجلى، واللّه أخبره أنى سأشفى!!..فى الحقيقة كثيراً ما تكون تأجيلات اللّه لإظهار مجده الأعظم!!... عندما سمع المسيح خبر مرض لعازر، لم يذهب بسرعة، وفعل عكس ما كان ينتظر، إذ بقى فى مكانه يومين، لا لأنه لا يسمع أو لا يجيب، بل لأنه يرغب أن يكون مجد اللّه أعلى وأعظم وأجل!!.على أية حال... عندما رفع حبقوق شكواه إلى اللّه بهذه الصورة، تركه لينفس عن نفسه وعن المظلومين والأبرار معه واللّه على استعداد أن يستمع إلى النفس المريرة التى تأتى إليه لتسكب عصارة أحزانها وسر شكواها وأنه سيقبل من يجاهد معه ويصارعه، ولو استعمل ألفاظاً جريئة كموسى عندما قال: « ياسيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب، لماذا أرسلتنى فإنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك أساء إلى هذا الشعب وأنت لم تخلص »... " خر 5: 22 و23 " أو كإيليا عندما صرخ إلى الرب وقال: « أيها الرب إلهى أ أيضاً إلى الأرملة التى أنا نازل عندها قد أسأت بإماتتك ابنها » " امل 17: 20 "... إنه يعرف أن هذه الألفاظ لا تخرج إلا من قلوب معاتبة عامرة باليقين والاتكال عليه!! إطرح كل شكواك أمام الرب وتحدث بمخاوفك وآلامك وعبر عنها كما تشاء نفسك الإنسانية، مادمت قد اختبرت اليقين المبارك أنك بن اللّه!!.. حبقوق الحائر أجاب اللّه على شكوى حبقوق، فبين له أنه يجهز عقاباً رهيباً للاشرار والأثمة، وأن هذا العقاب لن يكون بعد زمن طويل، بل أنه قريب، وفى أيامهم، وهو رهيب إلى درجة لا تكاد تصدق، إذ أنه سيقيم « الكلدانيين، الأمة المرة القاحمة السالكة فى رحاب الأرض، والتى ستدمر الممالك، وتستولى على المساكن، وهى تندفع بصورة هائلة ومخيفة: « وخيلها أسرع من النمور وأحد من ذئاب المساء، وفرسانها ينتشرون، وفرسانها يأتون من بعيد ويطيرون كالنسر المسرع إلى الأكل. يأتون كلهم للظلم. منظر وجوههم إلى قدام ويجمعون سبباً كالرمل. وهى تسخر من الملوك، والرؤساء ضحكة لها، وتضحك على كل حصن وتكوم التراب وتأخذه »،. "حب 1: 6 - 10 ".وإذا يسمع حبقوق هذا يرتعب ويصعق،... إنه كان ينتظر عقاباً وتأديباً، ولكنه لم يخطر بباله أن يتحول العقاب تدميراً رهيباً على هذه الصورة،.. ومما ضاعف الرعب عنده، أن الكلدانيين لن يتصوروا، (وقد نجحوا هذا النجاح وجمعوا المسبيين كما يصطاد السمك بالشص والشبكة) أن هذا من فضل اللّه عليها بل أنها ستراه من فضل آلهتها الوثنية التى تتعبد لها، الأمر الذى جسمه نبوخذ نصر فى تمثاله العظيم، وطلب إلى كل الشعوب أن تنحنى أمام هذا التمثال، إقراراً بفضل آلهته عليه فى انتصاراته وغزاوته الواسعة العظيمة!!.. وقارن حبقوق بين الشر الذى يرغب فى دفعه، والشر الذى سيسمح به اللّه على شعبه، فوجد أن الشر الحاضر أهون بما لا يقاس من الشر الآتى، وفزع، إذ كيف يعالج اللّه شراً بشر أقسى وأرهب وأشد!! وكيف يحدث هذا واللّه القدوس موجود، وهتا تغير سؤال حبقوق، فهو لم يعد يسأل سؤاله الأول عن اللّه، الذى تصور أنه لا يسمع ولا يخلص من الشر، بل وجد سؤالا أهم وهو يقول للّه: « عيناك أطهر من أن تنظر الشر ولا تستطيع النظر إلى الجور، فلم تنظر إلى الناهبين وتصمت حين يبلع، الشرير من هو أبر منه » " حب 1: 13 ". لئن كانت الأغلبية حوله شريرة، إلا أنها فى قياس الشر هى أبر من الأمة الغازية،... فكيف يسمح اللّه، أن يبتلع شعبه مهما يكن فعلهم من الوثنية الطاغية التى لا تعرف اللّه، والتى تأثم وآخر الأمر تحمد آلهتها وتبخر لها؟!!.. حبقوق المنتظر ألقى النبى سؤاله وصعد على المرصد ووقف، وعلى الحصن انتصب ليرى ماذا يقول له الرب، وماذا يمكنه هو أن يجيب على ما يقوله اللّه،.. وطبعا ليس من الضرورى أن يكون هناك مرصدا أو حصن مادى، ولكن المقصود هو ارتفاع النفس، والتطلع برجاء وانتظار وثقه نحو الرب، لتسمع كلمته وتناجيه وتحاجه.. وهنا يمكن أن نستمع إلى كلمات « ألكسندر هوايت » وهو يقول: « أصعد كل يوم إلى حصن حبقوق العالى وخذ معك صلاته ورجاءه: « ألست أنت منذ الأزل يارب إلهى قدوسى، لا نموت » " حب 1: 12 " وهذا هو الإيمان الذى أمكن أن يعيش به البار فى كل أجيال كنيسة اللّه، فلم يمت إنسان تحت يد العدو متروكاً من قوة اللّه ونعمته!!.. وقد جاء اللّه إلى النبى بالجواب: « فأجابنى الرب وقال: اكتب الرؤيا وانقشها على الألواح لكى يركض قارئها، لأن الرؤيا بعد إلى الميعاد وفى النهاية تتكلم ولا تكذب. إن توانت فانتظرها لأنها ستأتى إتياناً ولا تتأخر »!! " حب 2: 2 و3 ". عدد الرب مظالم الكدانيين، فويل، أول الأمر، للكسب الشرير، كسب أولئك الذين يغنمون بالظلم والفساد والإثم. ويبنون بيوتاً عالية يصرخ فيها الحجر والخشب ضد صاحبه، وضد المكسب الحرام الذى سيكون لخزى البيت ودماره وضياعه!!... وويل للقاسى العنيف، رجل الدماء الذى يطغى وهو يسحق تحت أقامه الضعفاء المساكين،... وويل للشهوانى الآثم الذى يسكر الضحية، ويكشف عورتها، ويفرق معها فى الدنس والإثم،... وويل لمن ينحنى للتمثال المنحوت، ويتعبد للوثن، وينسى أن الرب فى هيكل قدسه. ويلزم أن تسكت قدامه كل الأرض، فى روح الولاء والخشوع والتعبد!!.. حبقوق المنتصر أدرك حبقوق، آخر الأمر، أن الكلدانيين ليسوا إلا عصا استخدمها اللّه ثم كسرها بعد ذلك تكسيراً،... وأدرك حبقوق أن اللّه الذى أخرج شعبه من مصر بقوة وذراع عظيمة، هو الذى يتمشى فى موكب العصور بقوته القادرة، وسلطانه الرهيب،... وسبيل المؤمن على الدوام مركز فى العبارة العظيمة الخالدة: « البار بإيمانه يحيا » أن أن المؤمن سيحيا فى وسط الأخطار والمخاوف والحروب بثقته فى اللّه، ويقينه فى حراسته وخلاصه، هذا هو المعنى الأول والمستفاد من الآية،... على أن المعنى البعيد العميق يشير إلى أن خلاص النفس البشرية من خراب الخطية وشرها يرجع دائماً إلى اليقين باللّه والإيمان به،... وعلى هذا بنى بولس العقيدة العظيمة عن التبرير بالإيمان، وامتلأ لوثر سلاماً واطمئناناً وهو يضع دعائم إصلاحه المجيد.كان الأصحاح الثالث من سفر حبقوق أغنية رائعة منتصرة خرج بها حبقوق من وسط الخراب والدمار بالفرح والترنم وختمها بالكلمات التى قال « أسبرجن » عنها إنها ينبغى أن تكتب بماء الدهب: « فمع أنه لا يزهر التين ولا يكون حمل فى الكروم، يكذب عمل الزيتونة، والحقول لا تصنع طعاما، ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر فى المذاود، فإنى أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصى، الرب السيد قوتى ويجعل قدمى كالأيائل ويمشنى على مرتفعاتى »! "حب 3: 17- 19" هل يستطيع الإنسان أن يمسك قيثارته ويغنى، فى مثل الظروف التى يتحدث عنها حبقوق؟؟ هل يمكنه الغناء فى أرض الحاجة والمجاعة والتعب، يذهب إلى التينة فلا يجد حتى الزهور، وينتقل إلى الكرمة فلا يجد عنا قيد العنب، ويتحول إلى الزيتونة فيجدها وقد امتنعت عن الإثمار،.. يترك هذه إلى الحقول، فلا يجد حنطة أو طعاماً... يذهب إلى الحظيرة فلا يجد غنماً، وإلى المذاود فلا بقر هناك!!.. كان من المنتظر أن يبكى ويتذكر وينتحب،... ولكنه رغم كل هذا يغنى!!.. ما سر حبقوق؟؟،.. وما سر كل مؤمن مثيله ونظير للّه؟؟!!.. إن السر يرجع فى الحقيقة؟ إلى أن الخراب مهما حدث، ومهما أخذ، لا يمكن أن يأخذ منه ثروته وقوته الحقيقية التى هى شخص اللّه،... ترك بولس أرضه وبيت أبيه، ترك امتيازاته، وظروفه الحسنة، وسار فى أرض الخراب لا يملك شيئاً، ولكنه مع ذلك قال: « لكن ما كان لى ربحاً لهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة. بل إنى أحسب كل شئ أيضاً خسارة من من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربى الذى من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح »... " فى 3: 7 و8 " ولم يكن بولس وحده فى هذا، بل ما أكثر القديسين والأبطال الذين غنوا فى أرض الخراب،... فقد « يوحنا بنيان » أمنه وهدوءه وقضى فى السجن اثنى عشر عاماً، وهناك كتب كتابه العظيم " سياحة المسيحى "... عاشت فرانسس هفرجال « حياتها » الصحية العليلة، ولكنها ارتقت فوق علتها، وغنت أعظم الأغانى والترانيم!!.. إن الحقيقة التى لا مراء فيها هى أن وجود اللّه فى أرض الخراب، يحولها إلى جنة وارفة مكتملة الجمال والجلال والبهجة!!..على أن حبقوق كان يؤمن - إلى جانب هذا - بخلاص اللّه فى أرض الخراب، إذ أن معونة اللّه هناك أقوى وأظهر وألمع،... ألم يدخل يوسف السجن، ورأت نفسه أقسى ضروب الآلام والتعاسات؟ ولكن اللّه دخل معه هناك ليخرجه إلى الحرية والسيادة والمجد،... ألم يكن موسى ملقى فى السنط على حافة النيل فى أرض الخراب؟ ولكن اللّه مد له فى الحياة على الصورة العجيبة التى وصل إليها!!.. ألم يقف اللّه فى كل العصور والأجيال مع البؤساء والمعوزين والمتألمين، على النحو العجيب الذى جعلهم يتمشون على مرتفعات الحياة فى أقسى الأوقات وأدق الظروف!!.. بعد أن قامت الحرب العالمية بعامين، جاءت أوقات دقيقة على القديسة « لليان تراشر »، وقد انقطعت كل المعونات والمساعدات،... وبلغت الحالة أقصاها فى يوم من الأيام، فجمعت لليان أربعمائه وخمسين من البنات، وظللن يصلين يوماً بأكمله، وفى ثانى يوم دعيت هذه السيدة لمقابلة عاجلة مع السفير الأمريكى فى القاهرة، وقال لها السفير: إن سفينة للصليب الأحمر كانت معدة للذهاب إلى اليونان، وبها أطعمة وملابس، ولكن الأوامر صدرت لها وهى فى عرض البحر الأبيض أن تذهب إلى الإسكندرية، لأن اليونان قد اكتسحتها قوات المحور، وطلب السفير من « تراشر » أن تأخذ كل ما تحتاجه من السفينة المذكورة،... وغنت القديسة وفتياتها أغنية الفرح فى أرض الخراب!!. لست أظن أن هناك ما يمكن أن نختم به قصة حبقوق، أفضل من ذلك القول الذى قاله أحدهم وهو يسمع عن العذاب الأحمر فى الصين أو فى روسيا أو فى شتى ألوان المتاعب والاضطهادات بين الناس متسائلا: ألا يجوز أن نقول ما قاله حبقوق قديماً: « حتى متى يارب أدعو وأنت لا تسمع، أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلص!!؟.. وكان الجواب: « أكتب الرؤيا وانقشها على الألواح ليركض قارئها لأن الرؤيا بعد إلى الميعاد وفى النهاية تتكلم ولا تكذب. إن توانت فانتظرها لأنها تأتى إتياناً ولا تتأخر»..!!..
المزيد
06 أكتوبر 2021

فوائد النسيان

كثير من الناس يشكون من أنهم ينسون، ويسألون باستمرار عن علاج للنسيان.. وحقًا إن للنسيان مساوئ كثيرة ومع ذلك فلكي ننصفه، نقول إن هناك ولا شك فوائد للنسيان النسيان على أنواع. هناك نسيان ضار ليس هو الذي نقصده في هذا المقال. فمن الخطأ طبعًا أن ينسى المرء واجباته الدينية أو واجباته العالمية. ومن الخطأ أن ينسى عهوده ووعوده ومواعيده. ومن الخطأ أن ينسى فضل الناس عليه أو ينسى بالأكثر إحسانات الله العديدة.. الخ على أن النسيان ليس كله شرًا، لقد سمح الله به من أجل نفع الإنسان وفائدته، لو أحسن الإنسان استخدامه.. فالإنسان الحكيم يعرف متى ينبغي أن يذكر، ومتى ينبغي أن ينسى. فلا ينسى حيث يجب التذكر، ولا يتذكر حيث يجب النسيان.. وسنحاول في هذا المقال أن نشرح بعض المجالات التي يحسن فيها النسيان.. فمن فوائد النسيان مثلًا أن ننسي إساءات الناس إلينا ننساها لكي نستطيع أن نصفح وأن نغفر. وننساها لكيلا يملك الغضب على قلوبنا من جهتها ننساها لكي نهرب من شيطان الحقد ومن شيطان الكراهية الذي ينسى أخطاء الناس إليه، يمكنه أن يحب الجميع، ويملأ السلام قلبه من جهة الكل. ويستطيع أن يقابل كل أحد ببشاشة، ولا يختزن في قلبه شرًا من جهة أحد لذلك إن أساء إليك أحد، لا تحاول أن تسترجع في ذهنك إساءته إليك. ولا تجلس مع الناس وتحدثهم عما فعله بك هذا المسيء لا تفكر في هذا الموضوع، ولا تتكلم فيه، لئلا يرسخ في ذاكرتك وفي قلبك، ويتعبك ولا تنسى فقط أخطاء الناس، إنما إنس أخطاءهم عمومًا. لو تذكرت على الدوام أخطاء الناس، لاسودت صورتهم في نظرك، ولعجزت عن أن تجد لك في الناس صديقًا كل الناس لهم أخطاء، ولو تذكرنا لكل واحد أخطاءه لما استطعنا أن نتعامل مع أحد وربما يدخل الشك إلى قلوبنا من جهة الناس جميعًا وربما لا نستطيع نتكلم باحترام مع كل أحد إن الله لا يضع أخطاءنا على الدوام أمام عينيه، فلنفعل هكذا مع الناس يقول لنا الإنجيل المقدس: "بالكيل الذي به تكيلون، يكال لكم ويزاد". ليتنا إذن ننسى أخطاء الناس، لكي ينسى الله أخطاءنا. وفي نفس الوقت الذي ننسى فيه أخطاء الناس، ينبغي أن نذكر خطايانا الخاصة، لكي نصل إلى حياة الاتضاع قال القديس الأنبا أنطونيوس (إن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله، وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله) إذن اذكر خطاياك، وانس خطايا غيرك.. فإن هذا يقودك إلى الاتضاع وإلى المحبة أما الإنسان المتكبر أو غير المحب فإنه على العكس: دائمًا ينسى نقائصه الخاصة، ودائمًا يذكر أخطاء غيره. وقد يتحدث عن خطايا الناس، ويتضايق إن تحدث الناس عن خطاياه. كذلك من النسيان النافع، أن تنسى فضائلك، أو تنسى الأعمال الحسنة التي شاءت نعمة الله أن تعملها على يدك.. إن عملت خيرًا أو إن عمل الله خيرًا بواسطتك، فالواجب عليك أن تنسى ما عملته. لا تذكره، ولا تتذكره. لئلا يوقعك في هذا الأمر في الإعجاب بالنفس أو في الكبرياء، وأيضًا لكيلا تجلب لنفسك مديحًا من الناس يضيع معه أجرك في السماء إذ تكون – حسبما يقول الإنجيل – " قد استوفيت خيراتك على الأرض" الذي يعمل خيرًا، عليه أن يخفى الأمر، ليس عن الناس فقط، إنما حتى عن نفسه هو، بالنسيان. وفى هذا يقول السيد المسيح: "وأما أنت فمتى صنعت صدقة، فلا تعرف شمالك ما تفعله يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء، هو يجازيك علانية".. حقًا إن الذي يذكر فضائله، أو يظهر فضائله، إنما يقع في الغرور ويفقد ثوابه.. لذلك إنس الخير الذي تعمله، وإن ألح عليك الفكر في تذكره، أو أن تكلم الناس عنك فانسب ذلك إلى نعمة الله وعمله لا إلى نفسك. ومن فوائد النسيان، أن تنسى المتاعب والضيقات.. أحيانًا يكون التفكير في الضيقة أشد إيلامًا وضررًا من الضيقة ذاتها.. اجعل الضيقات خارجك لا داخلك. لا تسمح بدخول الضيقات في فكرك أو في قلبك لئلا تتعبك. حاول أن تنساها. وإن ألح عليك الفكر ولم تستطع أن تنسى، حاول أن تنشغل بالقراءة أو بالعمل أو بالحديث مع الناس، لكي تنسى وعندما تنسى ضيقاتك ومتاعبك وآلامك، ستدرك أن النسيان نعمة وهبها لنا الله. وستشكر الله الذي جعلك تنسى.. أليس أن الأطباء يقدمون للمرضى المتعبين بأفكارهم ومشاكلهم النفسية، أدوية لكي تشتت تركيز أفكارهم فينسون.. وهكذا يحاول الإنسان أن يشترى النسيان بالطب والدواء والمال. مبارك هو الله الذي يهب النسيان مجانًا، لمحبيه إنس المتاعب إذن والهموم، لأن تذكرها يجلب الأمراض النفسية والعصبية، وأمراضًا أخرى باطنية كثيرة. من فوائد النسيان أيضًا أن ينسى الإنسان المعثرات التي تجلب له الخطية. فقد يقرأ شاب قصة بذيئة، أو يرى منظرًا خليعًا، أو يسمع كلامًا مثيرًا.. وإن لم ينسى كل هذا، تظل هذه الأمور حربًا على فكره تضيع نقاوة قلبه. ومن الخير له أن ينسى و قد يقع شاب في مشكلة عاطفية، ويحاول من أجل راحة قلبه أن ينسى وإن استطاع يعترف أن النسيان نعمة عظيمة لذلك حاول أن تنسى كل ما يعكر نقاوة قلبك لا تجلس وتفكر في أي أمر ينجس ذهنك أو مشاعرك إنما إن عبر شيء من هذه الأمور عليك لا تستبقيه ولا تعاود التفكير فيه لكي تنساه. ومن فوائد النسيان أيضًا أن تنسى التافهات لكي تبقى في ذهنك الأمور الهامة النافعة لك ولغيرك تصوروا مثلًا لو أن إنسانًا تذكر كل ما يمر عليه طوال يومه أو طوال أسبوع أو شهر من كل الأمور التافهة التي تختص بالأكل والشرب وأحاديث الناس ومناظر الطريق وأيضًا كل القراءات وكل الإحداث، مثل هذا الشخص لا تحتمل طاقة فكره أن تخزن المعلومات اللازمة له والأساسية.. لذلك يسمح الله أن ننسى التافهات لكي تبقى في ذهننا الأمور الهامة فقط تصور مثلًا إذا أردت أن تصلى، وجاءت إلى ذاكرتك كل الأخبار والأحاديث التي عبرت عليك في يومك!! هل تستطيع حينئذ أن تركز فكرك في الصلاة. كذلك إن أراد أحد أن يذاكر درسًا، أو أن يكتب بحثًا، أو أن يناقش موضوعًا هامًا، أتراه يستطيع ذلك وفي ذهنه كل التفاهات التي عبرت عليه في يومه أليس من صالحه أن ينساها؟! ولو إلى حين إن النسيان إذن عملية غربلة حيوية تغربل في الذهن وفي الذاكرة جميع المعارف والمعلومات والمناظر والسماعات والأخبار، فتستبقى منها النافع، وتترك ما لا يفيد حاولوا إذن أن تتحكموا في ميزان ذاكرتكم، ولا تستبقوا فيها إلا كل ما يفيدكم أما الباقي فانسوه فلمثل هذا أوجد الله النسيان.. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
05 أكتوبر 2021

المسيح المحرر

" أرسلنى لأُنادى للمأسورين بالإطلاق " ( لو 4 : 18 ) أول عظة بدأها الرب يسوع ، كانت فى مجمع الناصرة ، واقتبس عنوانها من سفر إشعياء ، مُعلناً أن هذا النبى الذى سبق التجسد الألهي بنحو سبعمائة عام ، قد تنبأ عن مجئ المسيح الفادى ورسالته الخلاصية ، فلم يأت المسيح واعظاً ولا منذراً فقط ، ولكن مخلصاً الناس من العبودية لإبليس وللخطية . وهى نفس رسالة كل خادم ، وكل مسيحى ومسيحية ، لكسب الأهل والأصدقاء والعالم إلى بيت الله ، وللتحرر من قيود الشر والإثم والظلم . وما أكثر الأسرى فى هذا الزمان : أسرى الحروب والتمييز والأضطهاد : أسرى الحروب عادة ماينالون قسوة فى المعاملة من اسراهم ، وربما يظلون فى غياهب السجون أعواماً قد تمتد لعدة سنوات يعانون فيها من مرارة الأسر ، وهناك العديد من الأسري نتيجة الظلم الواقع من الأنسان علي اخيه نتيجة عدم حرية العقدة والاضطهاد الواقع علي الأقليات لاسيما في العالم الثالث ووسط أجواء الصراع الديني والتعصب الأعمي والمضطهدين من اجل الاختلاف في الرأي او الجنس او العرق .ورغم تجريم القانون الدولي والأقليمي والمحلي للظلم والتمييز وسوء معامله الاسري الا انه شتان بين الواقع والقوانين ومن أجل هذا نصلي ونطلب ليفتح الله عيون العمي ويستنيروا ويعطي الله القادة والمسئولين الحكمة والقوة لأقرار السلام الدائم والشامل والعادل ورفع الظلم وتطبيق قواعد العداله والمساواة بين جميع المواطنين أسرى الخطية والعادات الشريرة : أدمان المكيفات والخمر والتدخين ، والدنس ، وكل العادات الشريرة ، وقال القديس اغسطينوس : " إن عبد الشهوة أذل من عبد الرق " ، ونحن نشعر بحالاتهم الصحية والنفسية والمادية البائسة ، ونعطف عليهم ، ونسعى لخلاصهم وعلاجهم روحياً ، ونرشدهم للمختصين إذا أحتاجوا للعلاج الطبى ، فربما يكون موتهم فى شبابهم بسبب ما هم فيه ( جا 7 : 17 ) لقد جاء الرب ليعطي القوة والنعمة والحكمة لكل من يريد الخلاص نعم جاء لتكون لنا حياة وليكون لنا ملء الحياة الفاضله الكريمة .اننا لن نحيا الا حياة واحدة وحيدة فلماذا نهدر حياتنا ووزناتنا وطاقاتنا وأمكانيتا فيما يضر ونحي نعاني المرارة ونخسر ابديتنا ،ان المسيح له المجد يدعو كل نفس للتحرر من قيود العادات الضارة والمهلكة ويريد لنا ان نتغير ونغير حياتنا ونعرف ارادة الصالحة المرضية ونعمل بها .أن التوبه تعني الرجوع الي الله والحياة المقامة في المسيح يسوع القائم منتصرا علي الشيطان والخطية والضعف والقادر ان يحرر الخطاة ويعطيهم قوة القيامة والانتصار علي الشر. أسرى الفكر : وهو تقييد الفكر ، بأفكار خُرافية ، مثل تصديق أثر العين ( الحسد ) والسحر ، والحظ ، والتشاؤم بأمور مُعينة ، والجن والعفاريت (عالم الغيبيات ) .او ان يفكر الانسان فقط في الارضيات وينسي الله والحياة الروحية ،او ان يتعصب الانسان لفكرة او لبني جلدته او دينه ،او يحي الانسان لنفسه في أنانيه مفرطه حتي داخل الاسرة الواحدة ويحي متغرباً عن أخوته غير مشاركا لهم همومهم وافراحهم ... الخ . دور الرب يسوع فى تحرير الخطاة : سدد الدين القديم ، وحررهم من سجن الجحيم ، وكان إبليس قبل الفداء والقيامة يقبض على روح الميت ، ويدفع به إلى الهاوية ، ففتح الرب الفردوس ، بعدما قيد عدو الخير ، وحد من سلطانه وسطوته . يُحرر الله النفوس من العادات القاتله للنفس ، والمهلكة للجسد ويقوينا بوسائط النعمة – لكسر قيود الفساد ، مثل أغسطينوس ، وموسى الأسود ، وبلاجية ، ومريم المصرية .وهو يمد يده لكل نفس مكبلة بسلاسل الدنس ، ومرتبطة بعبودية الخطية ، والتى تحاول عبثاً الإتكال على ذاتها وحدها فلا تستطيع الفكاك منها ، بينما يناديها الرب لتأتى إليه ليكسر لها قيودها ، ويحررها من عبودية الخطية ، ومن اي عادة ردية ، تجلب الهموم والعار والفقر والمرض الشديد والموت المفاجئ . وهذه دعوة لكل مؤمن وأنسان ، إلى المناداة للمأسورين بالإطلاق من سجن الخطية والشهوات العالمية ، ولكى يُقبلوا إلى حرية مجد أولاد الله .اننا نسير علي خطي المخلص الذي كان وسيبقي يجول يصنع خيراً ويشفي كل مرض وضعف في الشعب الحصاد كثير والفعلة قليلون لنطلب من رب الحصاد ان يرسل فعلة لحصاده. لنكون اذاً رسل سلام وسط ظلمة هذا العالم ورائحة المسيح الذكية التي يشتم منها الأخرين قوة المحبة والبذل والعطاء ، لنكون سفراء لمملكة السماء نطلب عن المسيح له المجد من الناس ان يتصالحوا مع أنفسهم واخوتهم والله. استخدمنا يارب لسلامك واجعلنا أواني مقدسة لحلولك لنزرع المحبة ونشعل نور الأيمان في القلوب ندعوا في الناس بالتوبة فقد أقترب ملكوتك نعلن بشري الخلاص للمقيدين ورساله الحرية للخطاة نختفي ويظهر مجدك ايها الاله المحب للبشر ليختفي الظلم ويعلن حبك وعدلك ورحمتك وينتشر الهي أننا نصلي من أجل العالم الحزين ليفرح، والمريض ليشفي، والخاطي لكي يتوب ويرجع اليك وانت ضابط الكل فأعمل فالجميع ليخلصوا والي حضنك ليرجعوا فيفرح الزارع والحاصد ويستعلن حبك لكل بشر ..أمين
المزيد
04 أكتوبر 2021

الخطية والزمن

يصرف الإنسان وقتًا في التفكير في الخطية حيث تبدأ بالفكر، ويحدث أحيانًا أن يظل يدفع في الفكر حتى يهزمه أو يُهزَم منه، ويمكن أن نطلق على ذلك "زمن المقاومة"، فإذا سقط فهو يفعل ذلك في وقت يُسمّى "زمن الخطية"، ثم أنه يصرف بعد السقوط وقتًا في الندم قبل أن يقدّم عنها توبة. والإنسان العاقل هو ذاك الذي يستطيع تجاوز الأزمنة الثلاثة للخطية، زمن التفكير وزمن التنفيذ وزمن التوبة، ومن ثَمّ يتجاوز الخطية نفسها.إن الزمن الذي تتم فيه الخطية يكون ضئيلًا جدًا، مقارنة بالزمن الذي يسبقها والآخر الذي يليها. وفي بعض الأحيان تتم الخطية في لحظات، بينما يعاني الإنسان من نتائجها لسنوات، بل وقد يفقد حياته كلها بسببها، ويوصف الإنسان هنا بأنه "انحمق". وبخصوص زمن الخطية يفرِّق الآباء بين وضعين فيما يتعلق بزمن الخطية، الأول زمن اقتراف الخطية، والثاني وصم أو وسم الشخص بالخطية كجزء من شخصيته أو علامة في حياته، كأن تقول إن فلانًا سرق أو إنه سارق، كذب أو كاذب، والفرق هو الزمن المرتبط بكل حالة، فبينما يستغرق الكذب ثوانٍ معدودة، ترتبط الصفة بحياة الكاذب.وكما أن "زمن الخطية" قد يعني الساعات أو الدقائق التي مارس فيها الإنسان الخطية كالسرقة والزنى والسكر، فقد يعني أيضا الحقبة أو الفترة التي عاش الإنسان فيها في الخطية بعيدًا عن الله، عنها يقول القديس بطرس «لأنَّ زَمانَ الحياةِ الّذي مَضَى يَكفينا لنَكونَ قد عَمِلنا إرادَةَ الأُمَمِ» (١بطرس٤: ٣)، وتُسمّى أيضًا أزمنة الجهل: «فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ النّاسِ في كُلِّ مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ» (أعمال١٧: ٣٠). ويتحدث علماء اللغة في الكتاب (الإيتيمولوجيا) عن نوعين من الزمن، المدة أو التاريخ: (الأيام والسنوات= كرونيكال)، والفرصة (أو اللحظة أو الموقف أو القرار= كاريوس) ومنها قولنا «ملء الزمان» وكمال الزمان. هذه الفرصة هي التي تُمنَح للتوبة، يمكن أن تُسمى أيضًا "زمن الافتقاد" «لأنَّكِ لَمْ تعرِفي زَمانَ افتِقادِكِ» (لوقا١٩: ٤٤)، أو زمن استجابة الإنسان «اليومَ، إنْ سمِعتُمْ صوتَهُ، فلا تُقَسّوا قُلوبَكُمْ» (عبرانيين٤: ٧). أخيرًا: فإنه مع طول الزمان يمكن أن يتقسّى قلب الإنسان، وبينما تكون أمامه الفرصة (كاريوس) فإن إرادته تكون عاجزة، ومتى تحركت الرغبة فيه في زمن لاحق فإنه حينئذ يكتشف أن القدرة قد فارقته، هكذا قال الآباء: "لن ينتظرك الزمان حتى تبكي على خطاياك". إذًا فإن كل من استطاع أن يتجاوز زمن الخطية فإنه يستطيع تجاوز الخطية نفسها، ربما كان المقصود بـ«الوقت المقبول» (٢كورنثوس٦: ٢) هو الوقت المقبول من الطرفين: الله والإنسان، أو بمعنى أدق: الوقت الذي قبل فيه الإنسان أن يطيع الله ويقبله، أن يمد يده ليمسك بيد الله الممدوة إليه، إنه زمن الافتقاد ... نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
03 أكتوبر 2021

الخادم الكنسى

خادِم الكنِيسة الأرثُوذُوكسِيَّة لَهُ صِفات مُعيَّنة ليسَ كُلَّ إِنسان يحيا فِى الفضِيلة وَيعرِف الإِنجِيل يصلُح للخِدمة الخادِم الكنسِى لابُد أنْ يكُون :- ترَّبى عَلَى أسرار الكنِيسة0 ترَّبى عَلَى صلوات وَتسابِيح الكنِيسة0 تغَّذى عَلَى لبن الكنِيسة العدِيم الغِش وَارتوى مِنْ ينابِيعها الحيَّة0 1- الخادِم الكنسِى لَهُ عِلاَقة بِالمذبح :- الخادِم وَالمذبح0 الخادِم وَالتَّسبِيح0 الخادِم وَالوعى الكنسِى0 الخادِم وَعِشرِة القدِيسِين0 هذِهِ الأربعة أركان هِى الَّتِى تجعل الخادِم كنسِى أرثُوذُوكسِى أى لَهُ تعالِيم بِحسب ربَّ المجد يسُوع لأِنَّ الكنِيسة مؤتمنة عَلَى أسرار الله وَالكنِيسة هِى المسِيح المنظُور إِذن لابُد للخادِم أنْ يكُون لَهُ عِلاَقة بِيسُوع وَمَنْ هُوَ يسُوع إِلاَّ الكنِيسة وَالَّذِى ليسَ لَهُ عِلاَقة بِيسُوع أوْ الكنِيسة فَلاَ يصلُح للخِدمة الآباء شعروا بِقُوَّة العِلاَقة بينَ المسِيح وَالكنِيسة فَقَالُوا أنَّ الكنِيسة تحمِل كنُوز يسُوع وَتقُول الكنِيسة تارِيخ يسُوع فِى القُدَّاس فتقُول فِى البِداية أنَّهُ خلقنا عَلَى صورته وَبِغير فساد ثُمَّ أتى وَصُلِبَ وَمَاتَ وَقَامَ ثُمَّ يأتِى للدينُونة تحكِى تارِيخ يسُوع لِذلِك يقُول الكاهِن { فَفِيما نحنُ أيضاً نصنع ذِكرَ آلامِهِ المُقدَّسة وَقِيامتِهِ مِنْ بينَ الأموات وَصعُودِهِ إِلَى السَّموات وَجلُوسِهِ عَنْ يمِينك أيُّها الآب}0أحد القدِيسِين يقُول أنَّ المعمودية هِى الأردُن وَبيت القُربان هُوَ بيت لحم وَصحن الكنِيسة هُوَ العالم وَالمذبح هُوَ الجُلجُثة وَكأنَّ المسِيح جدِيد معنا كُلَّ يوم وَكأنَّنا لمسناه مِنْ بيت لحم حيثُ وُلِدَ حَتَّى الجُلجُثة حيثُ صُلِبَ وَمَاتَالخادِم ليسَ مَنْ يُعَلِّم درس لكِنَّهُ لابُد أنْ يكُون شبعان بِرُوح ثبات الكنِيسة وَمزرُوعة فِيهِ وَيتكلَّم بِرُوح كنسِيَّة وَإِذا كَانَ الدرس مِنْ العهد القدِيم بِما أنَّهُ خادِم مُرتبِط بِالكنِيسة يستطِيع أنْ يشرح وَيربُط درسه بِالمذبح أوْ القُدَّاس أوْ التسبِحة أوْلأِنَّهُ مُتَّشَّبِعْ بِكُلَّ الحياة الكنسِيَّة وَبِمُجرَّد أنْ يرِد أمامه موضُوع يصِغه تلقائِى بِاللمحة الكنسِيَّة فَمَثَلاً إِذا سمعنا موضُوع إنجِيلِى مِنْ شخص غير أرثُوذُوكسِى لاَ نجِد بِهِ أى مسحة كنسِيَّة سواء عَنْ المعمودِيَّة أوْ القُدَّاس أوْ التسبِحة أوبَلْ مُجرَّد معلومات جافة وَلكِنْ كنِيسِتنا مُحَّقِقة للإِنجِيل وَكأنَّها تقُول " أنا الوارِثة للمسِيح وَأنا أُحَقِقه فِى أولاده " وَرَثَتَ المسِيح بِكُلِّ غِناه وَمجده0 1- الخادِم وَالمذبح :- الخادِم القبطِى الأرثُوذُوكسِى لابُد أنْ يكُون لَهُ عِشرة وَعِلاَقة وَحياة وَحُب وَتفاعُل مَعَْ المذبح00{ الخادِم الَّذِى لاَ يشهد لَهُ المذبح لاَ يشهد لَهُ المِنبر }00إِذا لَمْ يكُنْ التعلِيم مُستمِد مِنْ المذبح لاَ نقُول إِنَّهُ تعلِيم فِصحِى أوْ إِفخارستِى أى غير آتِى مِنْ قُوَّة عمل الله فِى مذبح الكنِيسة00 مِنْ أينَ آخُذ قُوَّتِى ؟00مِنْ حُبه00مِنْ صلِيبه00مِنْ غُفرانه00كُلَّ هذا نلمسه مِنْ المذبح00نلمس محبَّته وَغُفرانه مِنْ المذبح مهما كانت خطيتنا00المذبح يرفع عنَّا كُلَّ ثِقل إِذاً لابُد أنْ تكُون عيوننا نحو المذبح نستمِد مِنْهُ قُوَّة لِخدمِتنا00المحبَّة ليست خارِج المذبح00حَتَّى الحِل الَّذِى نأخُذهُ مِنْ الكاهِن لاَ نعتمِد عليهِ بِدُون إِقراره بِالتناوُل00نعترِف وَنتناول كخِتم للإِيمان00التناوُل هُوَ الخِتم لِذلِك لنا إِيمان أنَّ المذبح هُوَ مذبح حى حَتَّى أنَّنا نُخاطِب الله عَنْ الذبائِح قائِلِين { إقبلها إِليكَ عَلَى مذبحك المُقدَّس الناطِق السَّماوِى } أى حى مُتكَلِّم00لِذلِك عِندما يكُون عِندنا مشاكِل دائِماً نضع لها ورق عَلَى المذبح لِحلها00 أوْ لِنياحِة إِنسان أوْ000لَوْ لَمْ يكُنْ لنا إِيمان بِالمذبح لاَ نُرسِل طِلبات عليه00ما دام لِى إِيمان بِالمذبح أضع عليهِ كُلَّ همومِى وآخُذ كُلَّ طِلباتِى مِنَّه0 البابا كِيرلُس كَانَ يُوَّزِع مشاكِل الخِدمة عَلَى المذابِح00كُلَّ مذبح قدِيس لَهُ مُشكِلة يحِلها وَكَانَ يهتم أنْ تكُون المذابِح مفتُوحة مِنْ السَّاعة الرابِعة صباحاً حَتَّى الثالِثة ظُهراً00مذبح يُنهِى قُدَّاس وَآخر يبدأ قُدَّاس00لأِنَّ الذبِيحة لها فِعل الغُفران وَتُعطِى قُوَّة00لاَ توجد أى وسِيلة ترفع عنَّا أى أمر إِلاَّ ارتباطنا بِالمذبح نأخُذ مِنْه قُوَّة لِذاتنا وَنُصره وَغُفران00نحضر إِليهِ مُبكِراً وَنأخُذ مِنْهُ عِشرة رفع بخُور باكِر وَعشية هذِهِ ذبائِح لأِنَّهُ إنتهى الزمان الَّذِى تُقدَّم فِيهِ ذبائِح عجُول وَبدلاً مِنْها يُقدِم بخُور رُوحانِى يدخُل للحجاب فِى موضِع قُدس أقداسك00دائِماً البخُور يصعد للسماء بِكُلَّ طِلباتنا وَكما كَانَ يدخُل بِدم الذبِيحة وَيرُشها عَلَى المذبح وَأركان قُدس الأقداس00نحنُ ندخُل بِالبخُور عِوض الدم00ندخُل بِدم إِبنك00إِذا كَانَ بِدم عجُول يرفع خطايا فَكَمْ دم إِبنك ؟ لِذلِك قَالَ { دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأقداسِ فَوَجَدَ فِداءً أبديّاً } ( عب 9 : 12 )0 عِندما نحضر القُدَّاس لاَ نِنَّزِل عِيُوننا عَنْ المذبح وَفِكرِنا لاَ يخرُج عَنْ المذبح00قُلُوبنا نحوه00 حياتنا وَمشاعِرنا مُتَّعلِقة بِالمذبح وَكأنَّ المسِيح المذبُوح قائِم أمامنا حقِيقةً فنأخُذ مِنْ جماله وَبهائه الحُب الَّذِى يُعطِيه لنا عَلَى المذبح00نأخُذ كُلَّ كياننا00هذا الإِحساس إِذا عِشناه بِأمانة نستطِيع أنْ ننقِله بِكُلَّ أمانة وَبِدُون تكَّلُف لأولادنا00إِذا كُنتِ شبعانة بِالمذبح أولادِك سيشبعُون بِالمذبح00إكثِرِى مِنْ حضُور القُدَّاسات وَكُونِى شغُوفه بِالذبائِح وَاستمدِى مِنْها غُفران وَشفاعة عَنْ نَفسِك وَعَنْ مخدومِيكِ00 توجد عِبارة يقُولها الكاهِن فِى القُدَّاس الكِيرلُسِى { إمنحنِي أنْ أفهم ما هُوَ عِظم الوقُوف أمام مجدك }0 حَفِزِى أولادِك باستمرار أنْ يكُون لَهُمْ عِلاَقة بِالمذبح كَعِشرة وَحُب00صعب أنْ نُعَلِّمَهُمْ حضُور القُدَّاسات دُونَ أنْ ننقِل لَهُمْ حياة وَحلاوة المذبح00القدِيس يُوحنا ذهبى الفم يقُول لأولاده أنَّهُ يراهُمْ وَهُمْ آتون مِنْ المذبح كَمِثل أسود مُضطرمِينَ بِالنَّار00كانُوا زمان يتناولوا قبل الإِستشهاد لِذلِك قالُوا زمان { المسِيحِيين يُقِيمُون الأفخارستيا وَالأفخارستيا تُقِيم المسِيحِيين }0 2- الخادِم وَالتَّسبِيح :- لاَ يكُون خادِماً كنسِيَّاً إِلاَّ وَيكُون لَهُ عِلاَقة وَعِشرة وَمحبَّة لِصلُوات الكنِيسة00يكُون قَدْ ذَاقها وَعاشها وَحبَّها00يجِب أنْ يعبَّر عَنْ شُكره وَفرحه بالله عَلَى عِظم خَلاَصه فيقُول سبَّحوه مجَّدوه زِيدوه عُلواً للأبد00أُسَّبِحك وَأُبارِكك وَأعترِف لَكَ00إِفتح فمِى وَلِينطِق فمِى بِتسبِيحك الخادِم الكنسِى يُحِب وَيُتقِن تسابِيح الكنِيسة وَيُحِب ينقِل لأولاده هذا الحُب – المِيراث الَّذِى أخذهُ – فِى سِفر الأمثال يقُول { لاَ تنقُل التُخْمَ القدِيم الَّذِي وَضَعَهُ آبَاؤُكَ } ( أم 22 : 28 )00نحنُ الَّذِينَ ورثنا الكنِيسة بِتسابِيحها إِذا أهملناها كأنَّنا ننقِل تخُوم آباءنا00تخيَّلوا لَوْ غِنى كنِيستنا أُهمِلَ ؟! نحنُ لاَ نكتفِى بِخُدَّام مُسَّبحِين فقط نحنُ نُرِيد شعب بِالكامِل مُسَّبِح00لابُد أنْ يكُون عندِى غِيره عَلَى تسابِيح كنِيستِى حَتَّى أكون حامِله لِتُراثها00لَوْ عرفناها وَذُقناها وَذُقنا حلاوِة معانِيها لاَ يهون علينا أنْ يكُون أولادنا لاَ يعرِفوها لِذلِك لابُد أنْ نضع صبغة كنسِيَّة فِى أولادنا وَنحفَّظهُمْ تسابِيح الكنِيسة وَليسَ مِنْ الصعب أنْ يحفظ أولادنا التسبِحة لكِنْ الصعب أنْ يملأ الخادِم أولاده بِحُب التسابِيح00إِذا أنا فرحت بِاللحن وَتفاعلت معهُ أستطِيع أنْ أحفَّظه لأولادِى وَأزِيد مِنْ تفاعُلهُمْ مَعَْ الكنِيسة وَعِندئِذٍ لاَ يشعروا بِغُربة داخِل الكنِيسة00الترانِيم تتلاشى وَتنتهِى أمَّا الألحان فتبقى للأبد00تُراث الكنِيسة لاَ يفنى فَلاَبُد أنْ نفرح بِهِ وَنتفاعل معهُ وَنسَّلِمه لأولادنا0 3- الخادِم وَالوعى الكنسِى :- أى يشمل أشياء كثِيرة مِنْها :0 وعى بِمُناسبات الكنِيسة0 وعى بِقراءات الكنِيسة0 وعى بِأسرار وَرُتب الكنِيسة0 1) وعى بِمُناسبات الكنِيسة :- مَثَلاَ هذِهِ الأيَّام أيَّام سنوية أى الكنِيسة تُصَلِّى التسبِحة عادِى وَالقُدَّاس عادِى أى رِتم ليسَ لَهُ مِيزه خاصة لكِنْ هُناك أيَّام فرايحِى مِثلَ الخماسِين وَأيَّام عِيد الصلِيب أوْ يوم 29 مِنْ الشهر القبطِى00 مَثَلاً اليوم تذكار إِستشهاد القدِيسِين سرجيُوس وَواخِس وَنعرِف أيَّام تذكاراتِهِمْ وَنعرِف الطقس الكيهكِى00طقس الصوم الكبِير00كُلٍّ مِنْها لَهُ ألحانه المُميِزة0 لابُد أنْ يكُون لَهُ وعى بِالدورة الكنسِيَّة أى الدورة الِليتروجيَّة وَهِى دورة يوميَّة مِنْ صَلاَة باكِر حَتَّى صَلاَة نِصف الليل مِنْ القيامة حَتَّى المجئ الثَّانِى00دورة أسبوعِيَّة وَهِى السبت وَالأحد تذكار القيامة00الأربعاء تذكار المُحاكمة وَالجُمعة تذكار الصلب00دورة سنوِيَّة نعِيش المِيلاد ثُمَّ الصلب ثُمَّ القيامة ثُمَّ000لابُد للخادِم أنْ يعِيش هذِهِ الدورات00وَما هِى أعياد الكنِيسة وَمُناسباتها0 2- وعى بِالقراءات الكنِيسة :- كُلَّ مُناسبة فِى الكنِيسة لها قِراءات مُعيَّنة00الشهِيد غير الرَّاهِب غير الأسقُف غير البطريرك غير الرسُول غير000إِذا تتبعنا القِراءات نجِد أنَّهُ يوجد خط رُوحِى رائِع يربُطها بِبعض وَيُناسِب المُناسبة00إِذا كُنت أنا غير مُتمتِعة بِالكنِيسة لاَ أستطِيع أنْ أنقِل لأولادِى هذا التمتُّع فَمَثَلاً إِذا كَانَ تذكار شهِيدة نجِد المزمُور يقُول { يدخُلن عَذَارَى فِي إِثرِهَا } ( مز 45 : 14)00وَنجِد إنجِيل القُدَّاس مِنْ متى 25 مَثَل العذارى الحكِيمات وَلابُد أنْ نكُون مِثْلَ هذِهِ العذارى الحكِيمات00لَوْ شهِيد تعَّذب عذابات شدِيدة نجِد المزمُور { جُوزنا فِي النَّار وَالماء وَأخرجتنا للرَّاحة } ( مز 66 : 12 )00لَوْ الشهِيد جُندِى نجِد المزمُور { الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ القِتَالَ } ( مز 18 : 34 )00وَالبُولُس { إِذْ أسلِحةُ مُحاربِتنا ليستْ جَسَدِيَّةً } ( 2كو 10 : 4 )00وَإِنجِيل الشُهداء مِنْ لو 12 : 4 – 5{ لاَ تخافُوا مِنَ الَّذِينَ يقتُلُونَ الجسد000خافُوا مِنَ الَّذِي بعد ما يقتُلُ لَهُ سُلطان أنْ يُلقِي فِي جَهَنَّمَ } وَكأنَّ الشهِيد يقُول أنا لَمْ أخَفَ مِنَ الَّذِينَ قتلُوا جسدِى00 إِذا كَانَ بطريرك نجِد المزمُور { أقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يندم أنَّكَ أنتَ الكاهِن عَلَى طقس ملكِي صَادَقَ } ( مز 110 : 4 )00وَالإِنجِيل إِنجِيل الرَّاعِى الصَّالِح ( يو 10 : 11 )0 3- وعى بأسرار الكنِيسة وَرُتبها :- أى يعرِف ترتِيب الأسرار وَلِماذا وَتارِيخها وَأصولها الكِتابِيَّة00مَثَلاَ المعمودِيَّة فِى الإِنجِيل وَالإِعتراف فِى الإِنجِيل00لأِنَّهُ مُمكِنْ نخدِم حالات مُتردِدة أوْ حالات تعِيش بِلاَ انتماء لأِنَّ هُناك تيارات حالة اللاإِنتماء المُهِمْ عِندهُمْ معرِفة كلِمة الله فقط0 إِذا كانت كنِيستِى أشبعتنِى وَفرَّحتنِى لَنْ أُفَّكِر فِى أُخرى غيرها00مادُمت شبعانة لَنْ أطلُب غِذاء مِنْ مكان آخر المُهِمْ أنْ ألاحِق عَلَى غِناها وَيِمكِنْ أقُول كَفَانَا كَفَانا00إِذا كَانَ لِى وعى بِأسرار الكنِيسة صعب أنْ يجذبنِى عنها طرِيق آخر0 وعى بِرُتب الكنِيسة :- بطريرك00أُسقُف00كاهِن00شمَّاس00شعب00رُتب مُرتبة مِنْ الله وَليسَ مِنْ بشر وَأنَّ البطريرك وَإِنْ كَانَ بشر إِلاَّ أنَّهُ رأس الكنِيسة المنظُور وَهُوَ مُستودع الرُّوح القُدُس وَأنَّهُ مُمكِنْ أنْ يضع يَدَهُ عَلَى شخص وَينفُخ فِيهِ نفخة الرُّوح القُدُس وَيرشِمه ثَلاَث رشُومات لِيُصبِح أُسقُف0 لابُد للخادِم أنْ يكُون عِنده فِكرة عَنْ الرُتب الكنسِيَّة وَما هُوَ سُلطانها وَما هُوَ عمل الكاهِن فِى وجُود أُسقُف00مَثَلاً الكاهِن لاَ يلِيق أنْ يُعطِى البركة فِى وجُود أُسقُف وَالأُسقُف لاَ يُعطِى بركة فِى وجُود بطريرك00هذِهِ رُتب مِنْ الله وَسُلطانها مِنْ الله وَالخادِم الكنسِى لابُد أنْ يعرِف ذلِك وَيقتنِع بِها وَيعرِف إِحترام الرُتب الكنسِيَّة وَأنَّهُ كيف يعمل مِيطانية للأُسقُف لأِنَّهُ حامِل الرُّوح القُدُس00 وَلِماذا يُقَّبِل يد الكاهِن لأِنَّهُ بِذَلِك يُقَّبِل المسِيح فَيُقَّبِل وكِيل أسراره عَلَى الأرض وَأنَّهُ عِندما يتناول يتناول مِنْ يد المسِيح نَفْسَه وَليسَ الكاهِن وَينقِل كُلَّ ذلِك لِمخدومِيه كحياة ربِّنا يسنِد كُلَّ ضعف فِينا بِنِعمِته لَهُ المجد دائِماً أبدِيَّاً آمِين القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة القديسين مارجرجس والأنبا أنطونيوس - محرم بك
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل