المقالات

29 يناير 2024

القديس أنطونيوس الكبير أبي الرهبان وكوكب البرية 356

كاتب القصة: في أواسط القرن الرابع للميلاد فاحت رائحة فضائل القديس الأنبا[1] أنطونيوس الذكية في أرجاء العمورة. فكتب بعض المتوحدين الأتقياء في الغرب[2] إلى القديس أثناسيوس الرسولي 373+ مستفسرين منه عن صحة الأمور العجيبة التي قيلت عن هذا الحبيس[3] البار، والناسك القديس. فأجابهم القديس أثناسيوس بكتاب باليونانية شرح فيه بالتفصيل ما رآه بنفسه أو سمعه ممن عاشروا الأنبا أنطونيوس. ويقول في مقدمته: «… إنني أسرعت في الكتابة إليكم عما أعرفه أنا شخصياً إذ رأيت أنطونيوس مراراً، وعما استطعت أن أتعلمه منه، لأنني لازمته طويلاً، وسكبت ماء على يديه، وفي كل هذا كنت أذكر هذه الحقيقة أنه يجب أن لا يرتاب المرء إذا ما سمع كثيراً، ومن الناحية الأخرى يجب أن لا يحتقر الرجل إذا ما سمع عنه قليلاً» وقد نُقلت هذه القصة إلى السريانية[4]. أنارت سيرة القديس الأنبا أنطونيوس الطريق أمام جمهور غفير من الشبان، فتركوا العالم، وتبعوا الرب يسوع، وامتلأت برية مصر بالمتوحدين والمتوحدات، والرهبان والراهبات، بل ازدهرت حياة الرهبانية في العالم المعروف. ذلك أن القديس أثناسيوس كاتب قصة حياة القديس أنطونيوس، حملها إلى روما في زيارته إياها عام 339، وأشاع في إيطاليا طريقة الأنبا أنطونيوس في النسك فانتشرت وكانت أقوى عامل لازدهار الحياة النسكية في غرب أوربا، ولما درسها أوغسطينس 430+ بعدئذ ساعدت على توبته[5] وقد وصف القديس أثناسوس القديس أنطونيوس بقوله: «إنه أبو الرهبان وكوكب البرية»، ويعد أول مصابيح البرية ومؤسس الرهبنة التي هي فلسفة المسيحية الروحية. نشأة مار أنطونيوس: ولد أنطونيوس في بلدة «قِمَن» (وهي كوم العروس اليوم) في صعيد مصر، حوالي سنة 251م من أسرة مسيحية تقية وتربى في كنف والدين فاضلين أحبهما كثيراً وأطاع أوامرهما، وكان يرافقهما بالذهاب إلى الكنيسة لعبادة اللّـه بالروح والحق.لم يكن للفتى أنطونيوس رغبة في تحصيل العلوم الدنيوية، فنشأ أمياً أو شبه أمي، ولكنه كان يتلذذ بسماع كلمات الإنجيل المقدس، ويحفظ عن ظهر قلبه حوادثه، وآياته الكريمة.ولما أكمل العشرين من عمره نال سر العماد المقدس. وبعيد ذلك بمدة قصيرة انتقل والداه إلى الخدور العلوية تاركين له مالاً دثراً، وأختاً وحيدة أصغر منه ألقيت على عاتقه مسؤولية العناية بها. اعتزاله العالم: تألم أنطونيوس جداً على وفاة والده، ووقف يتأمله وهو جثة هامدة باردة ويقول: أليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شيء البتة سوى توقف هذا النفس الضعيف!؟.. وخاطب أنطونيوس أباه الميت قائلاً: «أين هي عزيمتك، وأمرك، وسطوتك العظيمة، وهمتك العالية بجمع المال الكثير!؟ إنني أرى أن ذلك قد بطل، وقد تركت كل شيء ورحلت.. فيا لهذه الخسارة الفادحة، والحسرة الجسيمة! فإن كنت أنت يا أبتاه قد تركت هذا العالم مجبراً، أما أنا فسأعتزله طائعاً، كيلا يخرجوني منه مثلك يا أبي كارهاً»[6]. بدأ أنطونيوس الشاب التقي يكثر من التأمل بحقارة هذا العالم وبأمجاد السماء. وحدث مرة بينما كان يصلي في الكنيسة، والكاهن يتلو الإنجيل المقدس، جذب انتباهه قول الرب للشاب الغني: «إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني» (مت19: 21). واعتبر أنطونيوس كلام الرب يسوع موجهاً إليه. وأن الرب بهذا الكلام يدعوه ليترك كل شيء ويتبعه كما فعل الرسل الأطهار (مت19: 27ـ 29) فللحال خرج أنطونيوس من الكنيسة، وعاد إلى بيته مصمماً على أن ينفذ الوصية بحذافيرها، فوزع على الفقراء ما ورثه من والديه من مال وعقار، ومن جملة ذلك ثلاثمائة فدان من الأراضي الممتازة، واحتفظ لأخته بيسير من المال فقط. وقد ازداد إيماناً واندفاعاً عندما سمع الرب يقول أيضاً في الإنجيل المقدس: «فلا تهتموا قائلين: ماذا نأكل، وماذا نشرب، وماذا نلبس؟ فإن هذه كلها تطلبها الأمم، لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها، لكن أطلبوا أولاً ملكوت اللّـه وبره، وهذه كلها تزاد لكم، فلا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه، يكفي اليوم شره» (مت6: 31ـ 34). لما سمع الشاب أنطونيوس هذا الكلام وزع البقية الباقية من الإرث على المحتاجين، وأودع أخته بيتاً لبعض العذارى التقيات، واعتزل العالم، وانفرد متنسكاً في مكان قريب لبلدته، إذ لم يكن نظام الرهبنة قد ظهر بعد[7] وبدأ يسترشد ببعض المتوحدين، فقد كان في القرية المجاورة واحد منهم طاعن في السن وقد اعتزل الناس منذ نعومة أظفاره ـ والعزلة عبادة ـ فكان يتعبّد مكثراً من الصوم والصلاة، فقصده أنطونيوس وسمع منه عن حياة الزهد، والنسك، والتوحد، واقتدى بسيرته الفاضلة، كما قصد أنطونيوس غيره من المتوحدين الذين سبقوه في طريقة النسك هذه، وأخذ عنهم ذلك وأفاد من خبرتهم لبلوغ الكمال المسيحي، وشابه بذلك النحلة التي تنتقل من زهرة إلى أخرى ترتشف الرحيق لتعطي الشهد الفاخر.وخرج أنطونيوس بعدئذ هائماً على وجهه في البرية حتى وصل إلى شاطئ النهر فسكن إلى جانب جميزة، وصادف أن شاهد مرة نسوة يستحممن في النهر أمامه، فلامهن قائلاً: أما تخجلن مني وأنا رجل متوحد أعبد اللّـه في هذا المكان!؟ فأجابته إحداهن: على المتعبدين المتوحدين أن يعبدوا اللّـه في البرية الداخلية لا على ضفاف الأنهار، فاعتبر أنطونيوس هذا الكلام رسالة له من اللـه، فترك المكان حالاً وسكن في البرية الداخلية حيث أقام له صومعة قرب وادي العربة.جهاده في حياة النسك، والتجارب التي طرأت عليه: وكان الشيطان يحاربه بالملل والكسل، كاد أن يغلبه مدخلاً اليأس في قلبه، فسئم أنطونيوس حياة النسك، وشعر كأن الصلاة عبء ثقيل، وأمام هذه التجربة الصعبة سكب أنطونيوس نفسه أمام اللّـه بتواضع، وذرف الدموع السخينة، وهو يطلب حياته الروحية، فظهر له ملاك الرب بشكل رجل متشح برداء طويل ومتمنطق بمنطقة من جلد ولابس زنار صليب كالإسكيم وقد غطى رأسه بقبعة، وهو جالس يضفر الخوص، ثم يقوم يصلي، ويعود يضفر الخوص، ثم يقوم ثانية للصلاة، وأنطونيوس يتأمله مندهشاً، فالتفت أخيراً إلى أنطونيوس قائلاً له: «اعمل هكذا تسترح» ثم اختفى عنه، فعلم أنطونيوس أن الرب أرسل ملاكه ليعلمه كيفية عبادة اللّـه بالصلاة وعمل اليدين، فاتخذ أنطونيوس زي الرهبنة وخاصة الإسكيم الرهباني على الشبه الذي كان الملاك متشحاً به، وأكثر من العمل في ضفر الخوص، وهكذا تخلص من تجربة الملل والكسل، وعاد إليه نشاطه وعلو همته في الصوم والصلاة وعمل اليدين. وكان ينفق جزءاً مما يحصل عليه من عمل يديه لأجل القوت ويوزع الباقي على الفقراء. أنطونيوس كثيراً وبكاه بكاء مراً. واهتم به وكفنه بعباءته التي أهداها اليه الأنبا اثناسيوس الرسولي البابا الاسكندري العشرون، وصلى عليه وأودعه لحداً حفره أسدان أرسلهما اللّـه اليه، وأخذ قميصاً من خوص كان عليه ورجع الى تلاميذه وأخبرهم بقصته، وقد عمَّر الأنبا بولس نحواً من مئة وثلاث عشرة سنة. ولما شعر القديس الأنبا انطونيوس بدنو أجله، جمع تلامذته الرهبان ووعظهم، وأوصاهم أن يدفنوا جسده في التراب ويخبئوه تحت الأرض. وأناط هذه المهمة إلى تلميذيه أماثاس وكاريوس، ومما قاله في وصيته: «حافظا على كلمتي حتى لا يعرف المكان أحد سواكما. لأنني في قيامة الأموات سأتقبل جسدي بلا فساد من المخلص» وأمر بتوزيع ثيابه وأن تعطى للأسقف أثناسيوس (الفروة) أي جلد الخروف والرداء الذي كان مضطجعاً عليه والذي أعطاه إياه جديداً الأسقف أثناسيوس نفسه، ولكنه عتق مع القديس أنطونيوس. وإن تعطى (الملوطة) الجلد لتلميذه انكونيوس الاسقف سرابيون. وان يعطى عكازه لتلميذه الانبا مكاريوس وأن يحتفظا لهما بالثوب المصنوع من الشعر وأن يأخذا أيضاً ما تبقى له، ومما قاله لهما : «أما الباقي فخذاه يا ولديَّ لأن انطونيوس راحل ولن يبقى معكما فيما بعد». وهكذا رقد بالرب وكان عمره مئة وخمسين سنة. وذلك في 17 كانون الثاني ( يناير) عام 356م، وقام بدفن جسده حسب وصيته تلميذاه اماثاس ومكاريوس[18] وتعيد له كنيستنا السريانية المقدسة وبقية الكنائس في 17 كانون الثاني من كل عام. ومما هو جدير بالذكر أن القديس الأنبا أنطونيوس حتى ساعة انتقاله الى الخدور العلوية، لم تضعف قوته، ولا تناثرت أسنانه ولا تغيرت سحنته. وبحسب نبوته أزدهرت الرهبنة فقبل وفاته كان عدد الرهبان الذين يدبرهم في مصر قد بلغ مائة ألف، ولم تنقض خمسون سنة بعد ذلك حتى كان عدد الرهبان في براري مصر مساوياً تقريباً لعدد سكان البلاد[19]. وظلت رفاته مخفية حتى عام 561م حين اكتشفت، ووضعت في كنيسة بمدينة كابون القريبة من الإسكندرية، ونقلت عام 635م إلى القسطنطينية، وفي القرن الحادي عشر إلى مدينة فيينا في شمال مارسليا فرنسا واستقرت أخيراً في كنيسة يولياني في مدينة آرل الواقعة على مصب الرون غرب مارسيليا. وقد ظهرت منها معجزات كثيرة[20]. دائرة الدراسات السريانية
المزيد
28 يناير 2024

من له العروس فهو العريس

هذا الصباح المبارك احبائي هو الاحد اللي بعد احتفلنا بعيد الغطاس بعيد الظهور الالهي يوم عيد الظهور الالهي رأينا يوحنا وهو بيعمد السيد المسيح لكن دلوقتى شاهدوا مشهد مختلف ذهبوا ليوحنا وقالوا له الذى اعتمد منك في الاردن والذى انت شاهدت له ها هو يعمدعايزين يقولوا له ايه اللي بيحصل؟! ده هيحصل انقسام ولا ايه المفروض انت بس يا يوحنا اللي تعمل بعدين ده لسه متعمد منك عايزين يقولوا له طالما متعمد منك يبقى ايه اقل منك يعني المفروض انت يوحنا تكون الرئيس بتاعه فى الحقيقه كلامهم كان فى شكل شكوى وعلى فكره يوحنا كان شخصيه قويه جدا ولة تلاميذ كثير وكثير من تلاميذ ربنا يسوع المسيح كانوا اساسا تلاميذ يوحنا فلو ما كانش يوحنا قال الكلام ده كانت تحصل مشكله كبيره جدا ما كانش يوحنا قال الكلام ده ناس كثير هتفضل متمسكه بيوحنا وضد الرب يسوع هيقولوا لة انت صغير انت لسة تليمذ هو اللى معمدك انت مين!!!عشان تعمل كدة وكانت هتبقى مشكله هوذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له عايزين يقولوا له انت اللي شهدت له يعني انت اللي كبرتة يعنى ها هو يعمد والجميع يأتون اليه اجاب يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيء من نفسه وحدة الا لم يكن قد اعطيا من السماء عايز يقول لهم دى عطية السماء لينا انتم تشهدون لاني قلت لكم لست انا المسيح انا من الاول قلت لكم مش انا من الاول قولت لكم ان انا بهيى الطريق قدامه انا من الاول باقول لكم ان انا السابق من الاول انا بقول لكم لستوا انا بل ارسلت امام ذاك من له العروس فهو العريس اما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا بصوت العريس عايز يقول لهم هو ده العريس مش انا هو ده الاول مش انا هو ده اللي نازل من السماء مش انا انا فرحي.قد كمل ينبغي ان ذاك يزيد وانا انقص عايز يقول لتلاميذه ايه او تتبعوا فكروا البشري اوعوا تفتكروا انكم تكبرونى بأنتمائكم ليا.لا.دة ذاك يزيد وانا انقص الذي ياتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الارض فهو ارضى ومن الارض يتكلم والذى يأتى من السماء هو فوق الجميع وما راه وسمع هذا يشهد بية وشهادتة ليس احد يقبلها والذى يقبل شهادته فهذا قد ختمها لانة شهد ان اللة حق لان الذي ارسله الله يتكلم بكلام الله لانه ليس بكى يعطى اللة الروح الاب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يديه ومن يؤمن بالابن فله حياه ابديه تكمله الايه عشان مش موجوده لا يؤمن بالابن ينقص عليه غضب الاب عاوز يقول لهم خلي بالكم بلاش الفكر اللي في دماغكم من يؤمن بالابن فله حياه ابديه في الحقيقه عاوزين ناخذ لحظات عن الايمان بالابن الحقيقه بدون الاب ما كانش هيكون معرفه بالاب بدون الاب هيكون ايماننا ناقص عاجز مين الله بالنسبه لنا؟ الساكن في الاعالي من الله بالنسبه لنا ؟ في لاهوت في الكنيسه بيدرس بناخذ منه لمحات اسمه لاهوت النفى يعني ايه لاهوت النفي يعني كل اللي تعرفوا ربنا مش هو دة اسمة لاهوت النفي يعني مثلا احنا نعرف الحاجات المرئيه هو يقول لك وغير المرئي احنا نعرف مثلا حاجات الزمنيه هو غير الزمنى يعني من كثر ما نعجز عن ان نجد صفات لله مش عارفين نوصفوا فبقى نوصفوا ان كل اللي نعرفه مش هو اسمه لاهوت النفى غير الزمنى غير المحور غير المفحوس الذى لا يحد ده اسمه لاهوت النفى يعني بنثبت ان ربنا غير كل حاجه احنا نعرفها طب وبعدين هنفضل ربنا كده ما نعرفوش هنفضل ربنا كده بالنسبه لنا علامه استفهام قالت لا طب ايه اللي حصل بصينا لقينا الابن عرفنا الاب نقول كده في القداس الذى أظهر لنا نور الاب الذي اعطى الذين على الارض تسبيح السيرافيم اثبت لنا نور الاب الله لم يراه احد قط الابن الوحيد الذي في حضن ابيه هو خبر خبر يعني ايه ؟هو اللي عرفنا فاحنا لولا اللابن ماعرفنا الاب كان هيظل الاب بالنسبة لنا هو البعيد المحتجب كانوا الانبياء تطلعوا عليه في غموض قالك كده ليتك تشق السماء وتنزل تعالى عرفنا على نفسك هتفضل بعيد ؟عشان كده الذى يؤمن بالابن له حياه ابديه من لا يؤمن بالابن ينقص عليه غضب اللاب مره فيلبس قال ارنا الاب وكفانا كون ان احنا نبقى شوفنا الاب كفايه علينا قوي يبقى عارفنا كل حاجه فربنا يسوع فى كلمه بسيطه قال له ايه؟ من راني فقد راي الاب انا في الاب والاب فيا فربنا يسوع المسيح هو اللي عرفنا الاب مره طفل صغير اربع سنين وبيتكلموا قدامة عن ربنا يتكلموا عن ربنا فسال مامته مين ربنا ؟ مامته قالت له كلمه واحده بس يسوع مين عرفنا حنوا اللة ومحبة الله سعى اللة للانسان مراحم اللة غفران الله طول انات الله مين عرفنا ؟ مين عرفنا الصفات دي كلها لوماهو لو ما كانش كده كنا هنفضل نلتمس الله بخيالنا نفضل نعمل صوره لنفسنا ونكتشف انها صوره مش حقيقيه عاوزه اقول لك انا حتى من بدايه سفر التكوين الابن موجود اصحاح 1 من يوحنا قال لك ايه به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء منما كان الخليقه صنعت بالابن القديس كيرلس الكبير بيقول عباره صغيره لكن فيها كل حاجه بيقول كل شيء صنع بالاب عن طريق الابن من خلال الروح القدس يعني الاب والابن والروح القدس في تناغم لكن احنا الاب والروح القدس مش بنقدر نستوعبهم مين اللي خلاني نقدر نستوعب الاب والروح القدس ؟ هو الابن من رآني فقد راي الاب عشان كده ناس كثير لما عرفت ربنا يسوع المسيح قالوا بالحقيقه هو ابن الله هو ده لغاية الصليب من البدايه لما نقرا في الاصحاحات الاولى في بشاره يوحنا هنلاقي كلمه ابن الله تطلق على ربنا يسوع المسيح من ساعه ما كلم فيلبس على نثنائيل وقال لة تعالا قولة من وانت تحت شجره التينة وانا اعرفك لان نثنائيل كانت والدة خبئتة تحت تينة عندما اراد هيرودس قتل أطفال بيت لحم اية ده هو انت كنت واخذ بالك ؟! اصل انا عينيا تخترك استار الظلام عرفنا الاب كل اللي يعرف الاب يعرف الاب والذى لا يعرف الابن يمقص عليه غضب الاب والذى لا يعترف بالابن لا يعترف بالاب لان الاب في الابن والابن في الاب بية عرفنا عشان كده من ضمن الكلمات في الكتاب المقدس وفي تسابيح الكنيسه بيقول لك ارسل لنا ذراعه اية ذراعة دى؟! الابن ومره ربنا يسوع المسيح قال انا بأصابع اللة اخرج الشياطين ماهو اصبع اللة ؟؟ هو الابن و كأن الله يستخدم الابن ليفعل مشيئته الله يستخدم الابن ان يفعل مشيئته لما لقى البشريه بتضيع وتهلك وتفسد عمل ايه ارسل ابنه الوحيد فصار ابنة هو وسيلة لمعرفتنا بالاب وهو الذى رد لنا الميراث وهو الذى رد لنا كرامتنا وهو اللي رجعلنا صورتنا وهو الذى اخذنا معه لكى ناخذ كرامته عند الاب بس مانخدش كرامته عشان احنا نستاهل احنا بناخذ كرامتنا في هو اخذ الذى لنا واعطانا الذى له اخذت طبيعتنا وبشريتنا وأخد ضعفنا ضع واستشارك الابناء في اللحم والدم اشترك هو ايضا فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذى لة سلطان بالموت اعمل ايه جاء وتنازل واخذ شكل عبد وصار في الهيئه كإنسان و اطاع حتى الموت موت الصليب ولكنة بتدبير الالهى الذي لم يحسب خلسة ان يكون مساويا للاب يعني ايه لم يحسب خلسة يعني هو مش بيخطف حاجه مش بتاعته مش بيختلس مجد الاب لا ده هو في الاب والاب في امال ايه بقى ؟اخلي ذاتة أخذا شكل العبد صائرا في الهيئه كإنسان و اطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله واعطاه اسما فوق كل اسم لكي تكسوا لاسمة كل ركبة دة مجد الاب المجد الذى مجد بة الابن لان ذالك الإخلاء كان اخلاء تدبيرى عشان كده يوحنا حسن الخلق ده ان يقول اهم خلوا بالكم من له العروس فهو العريس امال انا اية؟ انا صديق العريس يا لفرحنا احبائي عندما نشعر ان كلنا اصدقاء العريس وهو العريس نفرح لفرحة ونشاركة مجدة ونشاركوا البركات التى اعطاها لنا ونشاركوا تسابيح وتمجيد احنا كلنا دلوقتى اسمنا اصدقاء العريس بدليل ان احنا هنشترك في مايدة واحده دلوقتى بدليل ان كلنا هناخد من نفس الجسد والدم لاننا اصدقاء العريس مين اللي اعطانا لنا الحق اللي احنا ناكل من جسده ودمة؟ ان احنا اصدقاء العريس لما يجي حد يمنعنا نقول له ايه انا صديق العريس و صديق العريس بحسب تقليد الكنيسه عشان يميز صحابه عملهم زى عارف مثلا كده لما لما تيجي بنات صحاب عروسه يعملهم فساتين شبه بعض بالضبط يكون مثلا لونها ابيض لونها لبنى نبيتي دول صحاب العروسه احنا كمان عملنا فستان او بدلة لينا كلنا لاثبات اننا صحاب العروس البنت اللي داخله لابسة نفس الفستان من وهي على الباب كده تتعرف ان البنت دي بنت مش عاديه من ضمن بنااات صحاب العروسه عشان كده المثل بتاع الراجل اللى مش عليه ثياب العرس قالوا لة اطلع بره اية اللى جايبك هنا ايه ثياب العرس احبائي الذى اعطاها لنا عشان يميزنا بيها و يكون لنا الحق اللي احنا ندخل في المايده ؟ المعموديه كلنا معمدين كلنا اخذنا ثياب العرس كلنا بقى لينا حق اسمنا اصدقاء العريس ناكل من المايدة السماويه من له الابن فلة الاب عشان كده نحن نؤمن بالابن من يؤمن بالابن فله حياه ابديه عبادتنا هتلاقي فيها عباده فيها المجد للاب فيها المجد للابن فيها المجد للروح القدس نسجد لك مع ابيك الصالح والروح القدس نسجد لك اللى هو الابن مع ابيك الصالح ده الاب مع الروح القدس المجد للاب والابن والروح القدس هتلاقي العباده بتاعتنا دايما فيها عباده الثالوث عشان احنا لا نعبد الابن ابدا بمعزل عن الاب و الروح القدس الذى لة الابن لة لحياه الابديه اصل الذى لة الاب له الاب يبقى لة الروح القدس من له العروس فهو العريس ان صديق العريس امال انا ايه بقي ؟ فرحي هذا قد كمل كل مجد يعمله ربنا يسوع المسيح احنا اصدقاء العريس نصبح نحن سعداء بى ومتهللين بية كل عيد قديس احنا اصدقاء العريس يبقى احنا ايه فرحانين لان في واحد مننا نور اليومين اللي احنا فيهم دول ايام مبروك جدا وكنا بنحتفل من يومين بست دميانه والاربعين عذراء اليومين دول بنحتفل ب مكسيموس ودوماديوس اولاد الملك الجمال اللي تركوا مباهج العالم وداسوا عليها وغلبوها وسعوا خلف الغنى بحبة اصدقاء العريس ربنا يعطينا نكون من اصدقاءة الأوفياء ونكون مميزين ونفرح لفرحة ويشوفنا نفرح يكمل ناقصنا ويسندك كل ضعف فينا بنعمته ولالهنا المجد الابد امين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
27 يناير 2024

إنجيل عشية الأحد الثالث من شهر طوبه ( يو ١:٥-١٨)

وبعد هذا كان عيد لليهود، فصَعِدَ يَسوعُ إِلَى أورشليم، وفى أورشليمَ عِندَ باب الضأن بركَةً يُقالُ لها بالعبرانيةِ بَيتُ حِسدا لها خمسة أروقة. " في هذِهِ كانَ مُضطَحِعًا جُمهورٌ كثيرٌ مِنْ مَرْضَى وعُمي وعُرجِ وعُسم، يتوقعون تحريك الماءِ. لأَنَّ مَلَاكًا كَانَ يَنزِلُ أحيانًا في البركَةِ ويُحَرِّكُ الماءَ فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعدَ تحريك المـاء كـان يبرأُ مِنْ أَيِّ مَرَضِ اعْتَراهُ. وَكانَ هناكَ إِنسانُ بِهِ مَرَضٌ منذ ثمان وثلاثين سنة. هذا رَآهُ يَسوعُ مُضطَحِعًا، وعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمانًا كثيرًا، فقالَ لَهُ: أتُريدُ أنْ تبرأ ؟. أجابَهُ المَريض: يا سيد، ليس لي إنسان يُلقيني في البركةِ مَتَى تحرّك الماء، بل بينما أنا آت يَنزِلُ قُدّامي آخَرُ. قَالَ لَهُ يَسوعُ: قُمِ احْمِلْ سَرِيرَكَ وامش". فحالاً برئ الإنسانُ وحَمَلَ سريرَهُ ومَشَى. وكان في ذلك اليوم سبت.فقال اليهودُ للذي شُفي: إِنَّهُ سبتُ! لا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تحمل سريرَكَ. أجابَهُمْ: إِنَّ الذي أبرأني هو قال لي: احمل سريرك وامش. فسألوه : مَنْ هو الإنسانُ الذي قال لك: احمل سريرك وامش؟. أما الذي شفي فلم يَكُنْ يَعْلَمُ مَنْ هو، لأَنَّ يَسُوعَ اعْتَزَلَ إِذ كَانَ فِي المَوْضِعِ جمع. بعد ذلك وجَدَهُ يَسوعُ في الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت، فلا تُخطئ أيضًا، لئلا يكون لك أَشَرُّ. فمَضَى الإِنسانُ وأخبَرَ اليَهُودَ أَنَّ يَسوع هو الذي أبرأه.ولهذا كان اليهودُ يَطرُدُونَ يَسوع، ويُطلبونَ أَنْ يقتلوهُ، لأَنَّهُ عَمِلَ هذا في سبت. " فأجابَهُمْ يَسوعُ: أبي يَعْمَلُ حتَّى الآن وأنا أعمَلُ. فمن أجل هذا كان اليهودُ يَطلُبُونَ أكثرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَم يَنقُضِ السَّبْتَ فقط، بل قال أيضًا إنَّ الله أبوهُ، مُعادلاً نفسَهُ بالله ". بركة بيت حسدا: يقع الأحد الثالث من شهر طوبه بعد احتفال الكنيسة بعيد الظهور الإلهي، لذلك رتّب الآباء أن تكون قراءات الأحد الثالث والرابع من شهر طوبه تدور حول المعمودية المقدسة إكراما لعماد السيد المسيح الذي أنار لنا الحياة والخلود، وفيه قبلنا نعمة البنوة بحميم الميلاد الجديد وتقديس الروح القدس. في إنجيل العشية شفاء مريض بركة بيت حسدا، حيث الملاك الذي كان ينزل أحيانًا في البركة ويحرك الماء، ومن نزل أولاً كان يبرأ من أي مرض اعتراه. والفكر المسيحي يتجه لا إلى بركة حسدا ، وملاك يحرّك الماء، وشفاء الجسد بل إلى الماء والروح وجرن المعمودية الذي هو الرحم المقدس للكنيسة.وليس ملاك هو الذي يحرّك الماء بل روح الرب على المياه، صوت الرب بعظيم الجلال الروح الذي كان يرف على وجه الماء منذ بدء الخليقة المادية هو هو يرف على مياه الخليقة الجديدة. ورهبة الله التي شقت الطريق في الماء للشعب ليعتمد لموسى إذ غطتهم السحابة واحتضنهم الماء من كل جانب. وأيضًا مثل أيام إيليا الشبي حيث إله المجد أرعد برعود وبروق ونار نازلة من السماء حيث الذبيحة محاطة بالماء برسم الثالوث (إذ في حال سكب المال قال: "ثنوا... وثلثوا")، وبعدها صار مطر ماء الحياة بعد قبول الذبيحة، بعد أن أغلق إيليا السماء ثلاث سنين وستة أشهر. هذه هى بركة بيت الرب إلهنا في أورشليم الجديدة أي في كنيسته المقدسة.إنها ليست شفاء من أمراض الجسد بل هي قيامة من الأموات. دفنا معه في المعمودية للموت... حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن في جدة الحياة".لقد وجدنا يسوع... لقد انتهى الزمن الذي يقول فيه البائس ليس لي إنسان، لأنه وجد لنا شفيع ووسيط، الإنسان يسوع المسيح.هذا هو ابن الإنسان الذي صار لكل إنسان ملقى في فراش الخطية للموت، وهو يقترب من كل الذي ألقاهم العدو وطرحهم أمواتا بالخطايا.والمسيح حينما يجدد الطبيعة ويشفي من الأمراض،يقول: "لا تعد تخطئ لئلا يكون لك أشر".الخطية هي السبب الأساسي لكل الكوارث حتى لو لم نقر بذلك لأن كثيرًا ما نعزي ما أصابنا إلى أسباب وأسباب والخطية وراء كل مصيبة، لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء.لمَّا أقام المسيح هذا الرجل الملقى ٣٨ سنة أقامه بقوة القيامة التي فيه، لأنه هو قيامتنا، وهو الذي أقامنا معه. قال له: "قم"، تماما كما قال للعازر المنتن: "هَلُمَّ خارجًا" فخرج الميت قول المسيح - أي كلمته الخالقة - يُحيي الموتى ويدعو الأشياء غير الموجودة كأنها موجودة. قال للمفلوج الذي قدّمه الأربعة: "قم احمل سريرك"، وقال للمخلع: "قم"، فقام وحمل سريره. وهو قالها لنا يوم المعمودية بعد أن كنا جالسين في الظلمة وظلال الموت قالها فقمنا معه.وكلمته هذه يقولها لنا كل يوم وكل ساعة، وهي كلمة الحياة الأبدية، وهى كلمة الإنجيل الذي يحمل لنا قوة الحياة وقوة القيامة. كلمة المسيح حية وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين". ومن يسمعها يقوم من الموت، لذلك قبل أن نقرأها في الكنيسة نقول أوشية الإنجيل "طوبي لآذانكم لأنهـا تسمع". وهذا حق لأن الذين يسمعون يحيون. حمل الصليب لقد صار لنا الصليب في قيامتنا عوض السرير الذي حمله من كان مريضًا لأن حمله للسرير كان الدليل الملموس والمنظور أنه حاز على صحة الجسد فصار قادرًا لا على المشي فقط بل على حمل السرير. هكذا صار لنا الصليب علامة حياة في المسيح، كل من يحمله ويمشي تابعًا المُخلّص يعرف الجميع أنه قد انتقل من الموت إلى الحياة.لما سئل الرجل، من الذي قال لك أن تحمل سريرك... أجاب على الفور الذي أبرأني هو قال لي احمل سريرك... ورغم أنه كان السبت الذي حرص اليهود على حفظه بحسب الحرف فقط ولكن لم يملك الرجل إلا الطاعة للذي أبرأه. فماذا نقول عن الذين أقامهم المسيح من الأموات وأمرهم "من أراد أن يأتي ورائي يحمل صليبه كل يوم ويتبعني". ماذا لنا سوى أن نتبعه حاملين صليبه المحيي الذي به خلصنا وأنقذنا من موت الخطية.لنحمل الصليب بشكر وفرح ونفتخر به قائلين: "حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به صلب العالم لي وأنا للعالم". وليكن في اعتبارنا أن كثيرين سيعترضون سبيلنا ويعترضون على حملنا للصليب بين متهكم وشاتم، وبين مستثقل ومستصعب، وبين ناقد وحاقد... لأن كثيرين هم أعداء الصليب لأن" كلمة الصليب" عن الهالكين جهالة أما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله". قيل عن الرجل الذي كان مريضًا، إذ قد شفاه الرب لم يكن يعلم من هو يسوع، لقد قبل نعمة الشفاء ولم يتعرّف على المنعم عليه. أما نحن فنقول: "أنا عارف بمن آمنت". إنه الذي أعطانا نعمة الحياة الجديدة ونعمة البنوة والولادة التي من فوق وأعطانا روحه.هو حال وساكن فينا وأعطانا جسده ودمه الأقدسين وأعطانا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية وورثة الملكوت... ألا نعرفه ؟!.إن كل هذه العطايا والنعم أنعم بها علينا في شخصه فصرنا نقول: لأعرفه" وقوة قيامته" وشركة آلامه متشبها بموته".بل إننا لا نعرف آخر سواه، فليس لنا معين في شدائدنا وضيقاتنا إلا هو. وليس لنا ذراع بشر نتكل عليه. وليس لنا اسم آخر تحت السماء إلا اسم يسوع بل إننا نقول واثقين: "من لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض". إننا نعرفه، ونعترف بقيامته ونبشر بموته المحيي ونحمل صليبه إلى النفس الأخير. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
26 يناير 2024

كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟

اقرأ معكم فصل من رسالة معلمنا يوحنا الحبيب الإصحاح الخامس كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟”ونحن في اجتماع شباب في هذا السن الجميل نعيش في هذا العالم المتصل ببعضه ومعنا أجهزة تصلنا بالعالم كله أحدثك عن ثلاثة أشياء :- ١- نفسك ٢- الزمان ٣- كيف تكون إنسان ناجح في حياتك ؟ الله عندما خلق الإنسان، قال له سأعطيك أشياء اميزك بها عن باقي الكائنات. – أولًا: أعطى له عقل والبشر سموه “العقل زينة”، وصار العقل زينة للإنسان وجماله، ويوجد من لديه عقل فارغ ويوجد من لديه عقل تحترمه ويبدع ويفكر به. – ثانيًا: أعطى له الحرية ورمز لها باليد وكل شئ في الحياة مصنوع بهذه الأصابع، وأعطى له اليد رمز للحرية ضع اليد مع العقل تبدع كل يوم ما هو جديد وتخيل أنه أعطانا الشجر وبعقله الإنسان صنع من الشجر أشكالًا كثيرة. – ثالثًا: أعطى له قلب خاص بالإنسان والله، وهو محطة نتقابل فيها مع الله، والله أعطانا (عقل ويد وقلب) وصرت إنسانًا متميزًا، عاقلًا، عاملًا، كائنًا روحيًا، وصارت حياتك على صورة الله ومثاله. وصرت كائنًا وأنت على الأرض نكلم الله، وفي المعمودية صرت مولودًا من السماء ومدشنًّا بالميرون مخصص أي مكرس، وابتديت تتناول، وفتح أمامك طريق الأبدية وصرت متميزًا، والله لن يتدخل في حريتك والارتباط بالكنيسة في ذهننا هو يؤكد لك أننا نسير في طريق الأبدية. ولذلك كلنا نحمل جنسيات كثيرة لكن يوجد جنسية أخرى قالها بولس الرسول في رسالة تيموثاوس، وهي أنك صرت أبن الله في الرعوية ومدعو للأبدية وحياتك لها معني . أعرف أن الله خلقك ويريدك أن تعرف أنك صرت على صورته ومثاله وهيكل لله ومستودع للمسيح، لهذا قال بولس الرسول “استطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني” (في ٤ : ١٣) وصارت صورتك الجميلة وأعطاك الكنيسة التي تحميك وتحوط عليك. ٢- الزمن الذي نعيشه به تغيرات شديدة جدًا صار فيه تواصل وتقارب بين البشر بصورة لم نشاهدها من قبل وفي عام ١٩٣٦ تم اختراع التليفزيون وبعد الحرب العالمية الأولى أي بعد ٣٠ عاما اخترعوا الكمبيوتر وكان حجمه كبير وصغروه وسمي PC وبعد ٤٠ عاما الـ TV تزوج الـ PC وخلفوا الموبايل أو الجوال أو النقال أو المحمول، لكن من يوم اختراعه للأسف قلبك توقف وصار استعمالنا في هذا الجهاز الصغير أكثر من أعداد البشر وصار الإنسان يتعامل مع آلة، وليس بشر وصارت الآلة بيني وبينك، وهذا غير المقابلة وجهًا لوجه، لأن التعامل الإنساني يشعرنا ببعض ولكن الآلات بلا مشاعر، والعالم صار يعتمد علي هذا لكن بعد انفصال التليفون عن السلك صار لك عالمك ودخل الإنسان في الأنانية وبهذه الطريقة انتشر العنف والإرهاب والإلحاد، وهذا نتيجة انقطاع التواصل الإنساني وصار عالم غريب.وأصبح يوجد مرض الخوف من فقدان الموبايل وأصبح مرض رسمي مسجل طبيًا، فانتم الشباب وحياتكم وسنكم هذا، كيف نعيش في هذا الزمن؟ الإنسان أصبح يفقد إنسانيته والعالم يتغير. ٣- فماذا أفعل لكي أكون إنسان ناجح ؟ يجب أن اضع خمسة خطوط عريضة، ولكن يجب أولًا أن نضع أمام أعيننا هذه الآية”وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤). – أول خط عريض، كن واثقًا في إيمانك فلا يتزعزع ففي العهد القديم، الناس استهزأت بنوح، ولكن في يوم أتيذى الطوفان ولم يكن في الفلك سواه هو وأسرته، ولولا ثقته هذه ما كان يبني الفلك ولم يهتز إيمانه، ثق في إيمانك مثل نوح. – كن إنسان صاحب مبادئ لا تسير مع الموجة مثل السمك الميت، دانيال عندما أخذ للسبي، وقيل له كُل هذا الأكل يقول الكتاب “أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ” (دا ١ : ٨)، وكان صاحب مبدأ، ابني لنفسك مبادئ مثل يوسف. – كن إيجابي في علاقاتك كن شخص ايجابي، فكر صح في المجتمع، في البلد ولا تكن سلبي، أكثر مثل في الإنجيل يوجد صورة ايجابية عندما تقابل المسيح مع السامرية، كن إيجابي في رأيك وفي تعبيرك عن أي موضوع إذا وجدت مشكلة عبر وقل. – كن إنسان شاهد لمسيحك، أنت تحمل اسم المسيح وتكون شاهد له مثل شهداء ليبيا في بلد غريبة وتعليمهم محدود يبحثون عن لقمة عيش، وتعرضوا لهذا الموقف ولكن شهدوا لمسيحهم وكانت كرازتهم للعالم كله، كن شاهدًا بكلامك أو دراستك مثل الدكتور مجدى يعقوب يخدم آلاف الناس. – كن دائما مصلياً .. بلا صلاة تضيع وما رفعت صلاة إلا ووصلت للمسيح، وكنيستنا مليئة بالصلوات، “طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.” (يع ٥: ١٦)، هذا كلام الإنجيل الصلوات تفعل أشياء كثيرة، فكن إنسانًا مصليًا، وأعرف أن الصلاة تصنع المعجزات. بالأمس زارنا الرئيس الفرنسي، وشاهد أيقونة شهداء ليبيا بالكاتدارئية، أيقونة شهداء البطرسية، وسئلنا رد فعلكم ايه؟ قولت له نصلي من أجل كل الناس. الخلاصة: ١- كن إيجابي في حياتك ناجحًا. ٢- كن إنسان واثق في إيمانك. ٣- كن إنسان صاحب مبادئ. ٤- كن إنسان إيجابي في علاقاتك. ٥- كن إنسان مصليًا لكل أحد. ربنا يحافظ عليكم، ونردد مع بعض هذه الآية مرة أخرى “وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.” (١ يو ٥ : ٤).ضعوها أمامكم، ربنا يحافظ عليكم و لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
25 يناير 2024

قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية

إنجيل عملي مفتوح توجد مجموعة من سير الشهداء والنساك والرعاة والكتّاب الروحيين ومن الشعب، تتلاحم معًا كأشجار متنوعة في فردوس واحد، غرسه الله القدوس بيمينه، وسقاه بمحبته الإلهية الفائقة المعلنة ببذل كلمة الله المتجسد حياته على الصليب، وبعمل روحه القدوس غير المنقطع.ما أسجله هنا ليس هو كل ما بلغ إلينا من سير للقديسين والآباء وإنما أستطيع أن أقول إنها أشبه بعينات تُمثل مجموعة من سير من الشرق والغرب التحم الكل معًا مع اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وظروفهم لتقديم إنجيل ربنا يسوع المسيح حيًا عمليًا في حياة البشرية..... لندرك ما قاله الرسول بولس: "أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد، وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد" (1كو4-5) ليتنا نُدرك موقعنا، فيعلم كل منا أن يكون حجرًا حيًا، في بيت الرب الروحي الواحد، أينما وجُد موقعه أو كان حجمه أو شكله، إذ يقول القديس بطرس: "الذي إذ تأتون إليه حجرًا حيًا مرفوضًا من الناس ولكن مختار من الله كريم، كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارة حية بيتًا روحيًا كهنوتًا مقدسًا لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح" (1بط2: 4-5) هذا وإذ نقدم أمثلة من سير الآباء والقديسين إنما لنتمثل بهم في الرب، كل منا حسب موهبته، منصتين لقول الرسول بولس: "كونوا متمثلين بي كما أنا أيضا بالمسيح" (1كو11: 1). تاريخ الآباء وسيّر حياتهم مع محبتي الشديدة لكتابة سير القديسين وأعمالهم الروحية وتراثهم وعرض أفكارهم، لا كعمل تاريخي بحت أو دراسي، إنما كعمل روحي يمس حياتنا، كثيرًا ما ترددت في كتابة هذا القاموس، وقد بدأت فيه أكثر من مرة ثم توقفت لشعوري بالعجز الحقيقي عن تقديم ما في قلبي وفكري من جهة هذا العمل، فإن حياة القديسين في جوهرها ليست أعمالاً ظاهرة قدر ما هي حياة داخلية والتهاب روحي، كقول المسيح نفسه: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو إاضطرمت؟" (لو12: 49 (وأيضا “ها ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21). هذا اللهيب الداخلي أو الملكوت الإلهي لا يمكن للغة أن تعبر عنه ولكن إذ سمحت لي عناية الله بتقديم هذا العمل المتواضع أرجو توضيح بعض النقاط الهامة في عرض سير الآباء والقديسين التي يصعب توضيحها كما ينبغي خلال عرضنا لكل سيرة. أولاً: بخصوص القديسين: في اللغة العربية كلمة "قدوس" التي تعادل "قدوش" بالعبرية، "وهاجيوس" باليونانية، "وأجيوس" بالقبطية تخص الله وحده، الذي في محبته لخليقته لم يجعل فقط الإنسان الذي يكرس قلبه له قديسًا وإنما حتى الموضع الذي يكرس للعبادة لله بيتًا مقدسًا، والأدوات التي تستخدم فيه مقدسة! إذن فالقديسون في الحقيقة هم أناس الله الذين قدموا قلوبهم وحياتهم وأعمالهم لله كعمل محبة، هذا ما دفع الرسول بولس إلى دعوة مؤمني فيلبي وكولوسي وأفسس ورومية قديسين في مقدمة رسائله لهم، بكونهم أعضاء جسد المسيح القدوس، الذين صاروا شعب الله الجديد المقدس له.يرى العلامة أوريجينوس أن من يدرس الفلسفة مثلاً يُحسب فيلسوفًا بعد شوط معين وإن كان لا يوجد من بلغ نهاية شوط الفلسفة، وهكذا العلم، بنفس المعنى فإن القديس هو من أحب القداسة والتصق بها مجاهدًا فيها بنعمة الله، سالكًا في طريقها وإن كان لم يبلغ إلى كمال مشتهاه بعد. ما نود تأكيده هنا في مفهومنا للقديسين الآتي: 1. القداسة ليست حكرًا على فئة معينة، إنما هي عطية الله المجانية يهبها للكاهن، كما للشعب، وللراهب كما للمتزوج، وللشيخ كما للطفل مادام الإنسان يتجاوب مع هذه العطية عمليًا، ويقبلها في حياته ويسلكها لست بهذا أقلل من أهمية التكريس سواء للحياة التأملية أو الخدمة، إنما أود أن يطمئن كل مؤمن أن عطية الله مقدمة للجميع وسنرى في القاموس الذي بين أيدينا عينات مختلفة سواء من جهة المواهب أو القدرات أو السن أو المركز الاجتماعي أو الثقافي الخ فكنيسة الله تضم قديسين من كل نوع! 2. كثيرًا ما يرتبط في ذهن البعض أن القداسة هي القيام بأعمال خارقة مثل الصوم لفترات طويلة أو صنع معجزات إنما نقول وإن كان الله يهب قديسيه ما هو فائق للطبيعة في أحيان كثيرة، إنما ما نطّوبهم عليه هو غلبتهم الداخلية على الشر، وحياتهم وشركتهم مع الله في ابنه يسوع المسيح. بمعنى آخر القداسة هي عطية روح الله القدوس الذي يثبتنا في الابن القدوس ليكون لنا موضع في حضن أبيه القدوس؛ القداسة هي عمل الثالوث القدوس فينا. بمعنى آخر هي تجاوب عملي مع نعمة الله لكي نحمل مسيحنا القدوس فينا، نشاركه سماته ونمتثل به، فنقول مع الرسول بولس: "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل2: 20). 3. إن كانت الكنيسة تقوم بالتقنين Canonization لتقدم لأبنائها أسماء القديسين من شهداء ومعترفين وآباء أساقفة وكهنة ورهبان وشعب فإنها إنما تقدم ما قد عرفه المؤمنون من قديسين وتبقى بلا حصر من القديسين سحابة شهود لا يعرفها إلا الله وحده، لهذا تقيم بعض الكنائس عيدًا باسم "كل القديسين"، سواء الذين تعرفهم وتطّوبهم بالأسماء أو لا تعرف أسماءهم هنا أيضا يليق بنا أن نؤكد أن القديسين لا يصيرون هكذا خلال التقنين، إنما يأتي التقنين ليكشف عن قديسين ننتفع بصلواتهم ونمتثل بهم، كما فعلت الكنيسة القبطية في السنة الخمسين من نياحة القديس الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة، فقرر المجمع المقدس ذكر اسمه في القداس الإلهي مع سحابة القديسين. 4. بحكمة إلهية تُقيم الكنيسة أعيادًا للقديسين في تذكار نياحتهم أو استشهادهم أو نقل رفاتهم الخ إذ يسكب هذا على الكنيسة في جهادها نوعًا من الفرح الروحي المستمر، فهي لا تنح كمن فقدت أعضاء لها بل تسبح الله وتشكره وتطلب صلوات القديسين كسند للمجاهدين.هنا أود تأكيد أن التطويبات أو التمجيدات الأصلية التي تُمارس إنما تبرز "عمل الله" في حياة القديس وتؤكد عطيته المجانية، فتلهب قلوب الشعب حبًا، وتفتح أمامهم الرجاء، ليكون لهم نصيب مع هؤلاء القديسين. ثانيًا: بخصوص الحياة الرهبانية: 1. لسنا ننكر أن هذا القاموس يضم سير كثير من الرهبان والراهبات والمتبتلين، لكن يجب أن نوضح نقطتين هامتين، الأولى أن البعض يظن خطأ أن الرهبنة والقداسة أمر واحد، مع أن الرهبنة هي طريق فاضل إن سلكه الإنسان روحيًا وبحكمة أما القداسة فهي عطية الله لكل المؤمنين الصادقين في إيمانهم عمليًا، سواء كانوا رهبانًا أو متزوجين. أما النقطة الثانية فهي أن الحياة الرهبانية في حقيقتها ليست حياة منفصلة عن الحياة المسيحية العامة، بمعنى آخر الرهبان ليسوا طبقة منعزلة عن جماعة المؤمنين الرهبنة هي حياة إنجيلية حقه، أو قل هي ممارسة للحياة المسيحية التي يجب أن يعيشها المؤمن أينما وُجد، وأيا كان مركزه الكنسي أو الاجتماعي ومهما كانت ظروفه. فالرهبنة إنما تقدم مناخًا أفضل للتمتع بالإنجيل المقدم للجميع. 2. سير القديسين خاصة الرهبان منهم مبتورة لا تكشف عن الحقيقة الكاملة، إنما تمس بعض الجوانب دون الأخرى، لأسباب كثيرة منها: أولاً: كان الرهبان بوجه عام خاصة في مصر يميلون لإخفاء فضائلهم وإبراز رذائل غالبًا ليست فيهم حتى أن القديس يوحنا كاسيان الذي عاش قرابة تسع سنوات في الجو الرهباني المصري دُهش لهذا الموقف الفريد وسجله لنا في كتاباته، وعلة ذلك انهم يطلبون المجد الأبدي لا المجد الباطل الزمني. ثانيًا: كان التدريب الأول والرئيسي في الحياة الرهبانية، بل وفي الحياة المسيحية بوجه عام، هي التدرب على "السكون"، لا بمعنى التوقف عن الكلام وإنما التمتع بحياة سرّية مع الله لا يدركها أحد، هي سر الشركة الخفية بين الله والنفس. هذا التدريب الروحي الحيوي يجعل حديثنا عن القديسين مبتورًا، إذ تبقى حياة القديس في جوهرها حياة داخلية لا يعلنها للغير. ربما هو ما عناه القديس أنبا أنطونيوس الكبير حينما أعلن أن الراهب كالسمكة إن خرج من قلايته (حجرته) كما من الماء يموت. هنا لا يقصد "القلاية" بالمفهوم المادي البحت، فإن القديس نفسه كان يخرج ويلتقي مع فلاسفة وجماهير مؤمنين، بل ونزل إلى الإسكندرية أكثر من مرة ليسند المعترفين الذين تحت الضيق ويعاون البابا اثناسيوس الرسولي* في مقاومته للأريوسية... لكنه بقيّ في قلاية قلبه له حياته الخفية التي لا يكشف أسرارها للغير. بنفس الروح أيضا عندما زار البابا ثاوفيلس الإسكندري (23)* رهبان الإِسقيط سأل الأنبا بموا* Pambo أن يقول كلمة منفعة، أما الأخير فصمت، وإذا ألح عليه الرهبان أن ينطق بكلمة ينتفع بها البابا قال: "إن لم ينتفع بصمتي فإنه لن ينتفع بكلماتي". وأيضا يقول القديس نيلس* أسقف أنقره: "يستحيل أن يصير الماء الذي به وحلاً نقيًا مادامت هناك حركة مستمرة، هكذا يستحيل أن تصير راهبًا بدون سكون".من هذا كله يمكننا أن نؤكد أن ما سُجل لنا عن آبائنا لا يمثل الحقيقة كاملة، لأن أمورهم الداخلية الحية لم يكشفوها لأحد، إنما ما ورد إلينا عنهم هو مجرد ملاحظات رآها الذين حولهم سواء كانوا تلاميذ لهم أو زملاء أو زائرين. بمعنى آخر ما ورد عنهم هي تصرفاتهم حسب الظاهر أما أعماقهم فخفية! ثالثًا: ما يجب تأكيده هنا أن ما ورد في سير الآباء خاصة الرهبان في غالبيتها صادقة ودقيقة لكنها تظهر غير كاملة، لأن ما سجله المشاهدون لهم سجلوا ما يرونه غير عادي بالنسبة لهم، فجاء مثلا كتاب "بستان الرهبان" يركز على النسكيات والتقشفات لكنه لم يركز كثيرًا على قراءة الكتاب المقدس الخ لأن الأمور الأخيرة طبيعية بالنسبة لكل مسيحي لا تحتاج إلى تسجيل. بمعنى آخر أن "بستان الرهبان" مع ماله من أهمية فائقة في الكشف عن بعض الجوانب الخاصة بالحياة الرهبانية، لكن يلزم ربطه بالحياة المسيحية العادية في ذلك الحين، والتي لم يسجلها المشاهدون والكتّاب في مذكراتهم عن الرهبان هذا ونود تأكيد أن أغلب ما سُجل لنا هو ما بلغه هؤلاء الآباء من قامات روحية دون عرض لتفاصيل حياتهم الأولى وجهادهم الممتد لسنوات. 3. أن الحركة الرهبانية في كل صورها "الوحدة والشركة ونظام الجماعات" ليست حركة كهنوتية لكنها حركة شعبية، انطلق الشعب إليها لا لتولي مراكز قيادية في الكنيسة وإنما لممارسة حياة مسيحية على مستوى ملائكي خلال ظروف أفضل بتكريس كل الوقت ما استطاع الإنسان للعبادة وممارسة الحياة الإنجيلية على مستوى أعمق فأعمق. 4. في قراءتنا لسير الرهبان النساك والمتوحدين نسمع عن جهاد شديد في الحياة النسكية والتقشف، حتى بلغ البعض مستوى يفوق حاجة الطبيعة، كالصوم أيامًا كاملة بلا طعام ولا شراب أو السهر ليالٍ بلا نوم في العبادة فماذا يعني هذا؟ أولاً: في جهادهم لم يقصدوا الدخول في سباق في النسك لذاته، إنما خلال ضبطهم للجسد أرادوا الانطلاق بالروح لتمارس في حرية ما استطاعت حياتهم في الرب، وكأن النسك في سلبيته حرمان للجسد من ملذاته لكن في إيجابّيته ممارسة الروح لانطلاقها نحو السماويات. أقول أن الكثير من الآباء في نسكهم لم يهدفوا بلوغ درجة معينة من حرمان الجسد إنما خلال انطلاق الروح كثيرًا ما ينسى الجسد احتياجاته أحيانًا حتى الضرورية. هذا ما نراه بصورة باهتة في حياتنا اليومية حين ينشغل إنسان بعمل مفرح وبهيج فينسى أكله وشربه ونومه وأحيانا ينسى الزمن نفسه ليقضي أحيانًا يومًا أو يومين وهو لا يدري إن كان قد أكل أم لم يأكل أعطى مثلاً عمليًا معاصرًا: عندما أراد أبونا عبد المسيح الأثيوبي أن يقدم أكلة شهية وعمل محبة لأحد الرهبان المعاصرين (حاليًا أسقف) احضر علبة مستخدمة من فوارغ المعلبات دون أن يغسلها، ملأها ماءً وأوقد تحتها بعض الأعشاب الجافة، ثم وضع "ملوخية جافة مع حلاوة طحينية"، حاسبًا ذلك أكلة شهية وكرم ضيافة عظيم ما فعله لم يكن في ذهنه نسكًا، لكن خلال حياته الطويلة الملتهبة بالروح لم يعد للطعام تذوقا بالنسبة له، فما قد نحسبه نحن طعامًا لا يُطاق يظنه هو ترفًا وتدليلاً! مرة أخرى رأيته بنفسي عندما أراد أحد رهبان دير السريان أن يكرمه ويقدم له كوب شاي قبل سفره، سكب على الشاي ماء ثم ملحًا وكرر ذلك مرارًا ثم شرب وكأنه قد سمح لنفسه من أجل المحبة أن يشرب هذا المشروب الشهي!!! ثانيًا: إن كان العمل الروحي يمس النفس والحياة الداخلية لكنه لا يتجاهل الجسد وتصرفاته، فإن كانت سير القديسين تهتم بدور الجسد في العبادة من احتمال للصوم وعمل مطانيات وخضوع وتذلل فإن هذه الشركة مع النفس عربون لشركة المجد الأبدي التي يتمتع بها الجسد مع النفس في الأحضان الإلهية. بمعنى آخر شركة الجسد في العبادة بوجه عام والصلاة بوجه خاص هي نبوة عن مجد قيامته في اليوم الأخير كما أن الإنسان ليس جسدًا بحتًا، فهو أيضا ليس نفسًا مجردة، لكنه يحمل العنصرين متفاعلين معًا ومشتركين سواء في الجهاد أو في التراخي، في العبادة الحالة كما في فعل الشر، ولا يمكن الانحياز لعنصر على حساب الآخرخلال هذا المنظار الروحي يمكننا أن نميز بين النسك المسيحي عن غيره أنه ليس عداوة للجسد ولا تحطيمًا له، لكنه مشاركة منه في الأتعاب للتمتع بالأمجاد. بمعنى آخر المسيحي ليس مقاومًا للجسد في ذاته إنما مُدبرًا له وضابطًا لشهواته، مُقدمًا جسده ذبيحة حب لله، كقول الرسول بولس: "أطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية" (رو 12: 1). 5. لا نجد للرهبان تراثًا أدبيًا كبيرًا، فقد أتجه غالبية رهبان مصر إلى الحياة العملية والتأمل دون الكتابة وإن كنا لا ننكر فئة النساخ خاصة في أديرة الشركة، لكنهم غالبًا ما ينسخون الكتب الكنسية كالكتاب المقدس والقراءات والتسابيح الكنسية مع عظات لغيرهم، أما بالنسبة لهم فكل منهم يود أن ينعم بالفكر اللاهوتي لا خلال الكتابة بل خلال الحياة التعبدية. هذا ما أعلنه القديس أوغريس البنطي الذي عاش في مصر، وإن كان له كتابات هنا روحية كثيرة، لكنه يقول "إنك تكون لاهوتيًا إن كنت تصلي بالحق، وتصلي بالحق إن كنت لاهوتيًا". 6. مادمنا نقرأ سير لرهبان تركوا العالم ليكرسوا حياتهم للعبادة يلزمنا أن نتفهم نظرتهم للعالم ودورهم فيه من جهة نظرتهم للعالم، فإن "العالم" في عيني الراهب الحق له معنيان، العالم الحاضر المضاد للعالم العتيد، أي شهوات العالم ومحبة ملذاته أو الارتباك بهمومه، هذا هو العالم الذي يليق بنا أن ننبذه ونهرب منه. أما "العالم" بمعنى سكانه أو البشرية فهذا نحبه في الرب "محب البشر" إن كان الله أحب العالم حتى بذل ابنه الوحيد من أجله (يو3: 16)، فيليق بالراهب مهما بلغ توحده أن يحمل في قلبه حبًا صادقًا للعالم يتزايد في كل تقدم روحي وينمو بلا توقف هنا نفهم "الوحدة" ليس انعزالاً عن البشرية بل اتحادًا في الله محب البشر، حتى إن اعتزلنا البشر جسديًا فإننا نحملهم بالحب الحق في قلوبنا. المتوحد الحقيقي إذ يترك العالم بمباهجه واضطراباته ليعيش في السكون يسمع تنهدات البشرية وصرخاتها التي قد لا تجد من ينصت إليها في وسط دوامة العالم الراهب بقلبه الملتهب روحيًا أكثر حساسية ورقة لآلام البشرية وأتعابها وتنهداتها.... يقدم نفسه في صلواته ومطانياته ونسكياته ذبيحة حب عن إخوته لأجل خلاصهم. بهذا يمكنني أن أقول أن المتوحدين والسواح الحقيقيين أقرب إلى العالم (البشرية) بقلوبهم من الذين يخدمون وسط العالم بأجسادهم وفكرهم! 7. الرهبنة مع مالها من أنظمة متباينة تشترك في أمر واحد هو: "التهاب الروح بعمل الروح القدس الناري". فالسالك في نظام الشركة أو المتوحد أو السائح الحقيقي يليق به أن يحيا بالروح.... بهذا حتى إن خضع لنظام معين أو تدبير ديري معين إنما يعيش في داخله على مستوى "الحرية". هذا الالتهاب هو سمة المسيحي الحق، راهبًا كان أو عاملاً في العالم، راعيًا أو مخدومًا، شابًا أو طفلاً أو شيخًا..... الكل يلزم أن يتمتع بما جاء من أجله السيد المسيح القائل: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟" (لو12: 49). 8. خلال الأحاديث السابقة يمكننا أن ندرك في سير القديسين الرهبان خطًا هامًا هو عدم الفصل الكامل بين الحياة التأملية والحياة العاملة بصورة قاطعة، فالمسيحي بوجه عام والراهب كمسيحي إنما يقدم حياته في الرب ذبيحة متكاملة، يشترك الجسد مع الفكر والنفس، ويعمل الكل معًا بتناغم وانسجام؛ فإن قدم عملاً ماديًا يمزجه بالعبادة وإن تعبد للرب لا يفصله عن العمل أيا كان نوعه! 9. في دراستنا لسير الآباء خاصة بعض الرهبان تواجهنا مشكلة الذين تقمصوا صورة الغباوة والجهالة، فالقديسة أناسيمون* تظاهرت كهبيلة وفي عصرنا الحالي أبونا عبد المسيح المناهرى كان يتظاهر بالهزل.... فبماذا تفسر هذا؟ هل يريدنا الله أن نكون جهلة ونتصرف بلا حكمة؟ أولاً: نود توضيح نظرة العالم للمسيحيين في العصر الرسولي، ألا وهي اتهامهم بالغباوة والجهل لأنهم يعبدون إلهًا مصلوبًا، وكما يقول الرسول بولس: "صرنا منظرًا للعالم للملائكة والناس؛ نحن جهال من أجل المسيح وأما أنتم فحكماء في المسيح، نحن ضعفاء وأما أنتم فأقوياء، أنتم مكرمون وأما نحن فبلا كرامة" (1كو4: 9-10). مرة أخرى يقول: "لا يخدعن أحد نفسه، إن كان يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلاً لكي يصير حكيمًا، لأن حكمة هذا الدهر هي جهالة عند الله، لأنه مكتوب: الآخذ الحكماء بمكرهم" (1كو3: 18-19) لا يفهم من هذا أن الإيمان مضاد للفكر أو العقل، وإلا حسبنا رسالة الإيمان مقدمة لغير العقلاء أو لغير البشر من الكائنات الأرضية..... فإن كان الله يهتم بتقديس الجسد كما النفس فبالأولى يكرم الفكر أو العقل ويقدسه، إنما وقد ارتبط الإنسان ببطنه وزحف عليها في تراب هذا العالم تعلق قلبه كما فكره بالزمنيات وحسب الفكر السماوي غباوة والانشغال بالأبدية جهالة.... بل وتطلع إلى "الصليب" أداة الحب الإلهي غباوة وعثرة (1كو 1: 23) نستطيع الآن أن نتعرف على "الجهالة في المسيح" (1كو4: 9) بكونها تعٍد للفكر فوق حدود الحواس والقيم البشرية حين ينعم الإنسان بعربون الحياة السماوية فتمتص كل طاقاته فيها. بهذا يراه العالم غريبًا عنه وجاهلاً وغبيًا! ثانيًا: قصة أليكسوس الروماني* تكشف لنا أحد أسرار التجاء البعض إلى مثل هذه التصرفات فهو ابن أحد الأشراف المعروفين وقد عاش كشحاذ لكنه وهو شحاذ كسب كثيرين من الشحاذين للرب ورفعهم بالنعمة الإلهية، كما كان له دوره الفعّال الخفي حتى شهدت السماء له. وكأن البعض التجأ إلى هذه الطرق ليعيش وسط الفئات المعدمة والمحتقرة والمطرودة لكي يعمل كواحد منهم، وفي هذا لا يعيش خاملاً ولا سلبيًا إنما يشهد إيجابيًا بعمل الله فيه وفاعليته فيمن هم حوله لقد عاشت القديسة أناسيمون كهبيلة لكنها قادت بسيرتها كثيرين للتوبة وصارت سائحة لها دورها في حياة السواح أنفسهم وكأن المسيحي لا يستطيع أن يوقف عمل نعمة الله فيه حتى وإن أراد بكل طاقاته أن يخفيها. ثالثًا: سيرة أبينا عبد المسيح المناهري تكشف لنا جانبًا آخر لهذه التصرفات، فإنه تظاهر بالغباوة ليفلت من العمل كسكرتير للبابا، لكنه وهو في ببا كان له دوره الحّي وكان يشفي باسم الرب كثيرين بل وأقام ميتًا كما شهد أناس لا يزالون أحياء! كان وراء تظاهره بالغباوة يحمل قوة الله وتعزية الروح لا لنفسه وحده وإنما لكثيرين. ثالثًا: بخصوص سير الشهداء: 1. يضم هذا القاموس سيرًا لعدد من الشهداء، وإن كان التاريخ قد قدم لنا أسماء كثيرة لشهداء لا نعرف عن حياتهم سوى أنهم استشهدوا من أجل الإيمان، بل وقدم لنا مدنًا بأكملها قد استشهدت لا يعرف أحد أسماء من كان بها، لهذا يمكننا القول بأن ما ورد هنا من سير إنما أشبه بعينات..... هذه العينات أيضا لا تقدم صورة كاملة عن حياة الشهداء للأسباب التالية: أ. إن كان الله قد سمح بعنايته أن يُعطي نعمة لبعض محبيه في أعين الولاة مثل يوليوس الأقفهصي* ليهتم بأجساد الشهداء ويلتقي بهم قبيل استشهادهم مسجلاً ما رآه بعينيه خلال ممارسة الآلام والميتات التي سقطت على الشهداء، لكن آلاف الشهداء قدموا حياتهم ذبيحة حب ولم يُسجل لنا أحد عنهم شيئًا. ب. ما سجله البعض عن أحداث الاستشهاد إنما تكشف الجوانب الظاهرة في حياة الشهيد أما الحياة الداخلية والمشاعر المقدسة التي يجتازها فغالبًا ما يحتفظ بها الشهيد في قلبه رأسماله الأبدي وسرّ تذكيته لا يكشفها للآخرين. 2. حقا أن الكثيرين من الوثنين قبلوا الإيمان بالسيد المسيح عند رؤيتهم عمله العجيب في حياة شهدائه بل وسلموا أنفسهم للاستشهاد على اسمه، ولم يكن هذا انفعالاً عاطفيًا سريعًا إنما هو عمل نعمة الله الفائقة، كتلك التي عملت في حياة ديماس اللص اليمين حين شاهد السيد المسيح مصلوبًا، فسأله أن يذكره في ملكوته، وكان له النصيب الفوري: "اليوم تكون معي في الفردوس". أما بالنسبة للمؤمنين فكان استشهادهم امتدادًا طبيعيًا لحياة تُمارس يوميًا هي "الموت مع المسيح والقيامة معه وفيه". فالاستشهاد في الحقيقة خبرة مسيحية يومية، وكما يقول القديس أكليمندس الإسكندري: (من يتبع وصايا المخلص يحمل شهادة (مارتيري) في كل أعماله، بممارسته ما يريده السيد، ومناداته اسم الرب على الدوام. إنهم (المؤمنين) هم شهداء بالعمل لحساب ذاك الذي يثقون فيه فيصلبون الجسد مع شهواته وأهوائه)إن كنا نعرض في الغالب الحقبة الأخيرة من حياة الشهيد فإنها لا تأتي فجأة، لكنها هي امتداد لحياة إيمانية عاملة عاشها في الرب، بقبوله الصلب مع المسيح وتمتعه بالقيامة أو بحياة المسيح المقامة عاملة فينا. 3. في سير الشهداء يقدم لنا الكتّاب أحداث الاستشهاد الخارجية، كشجاعة الشهيد أو احتماله الألم بصبر أو حواره مع القضاة والولاة، لكن هناك أمور يصعب تسجيلها. فالشهداء في غالبيتهم يدخلون المعركة لا ليتقبلوا آلامًا أو ضيقًا من أشخاص معينين، إنما يصارعون ضد عدو الخير نفسه إبليس. إنهم لا يتطلعون حتى إلى مضطهديهم كمقاومين لهم أو أعداء، إنما عدوهم الحقيقي هو الشيطان الثائر على المسيح الساكن في داخلهم، أما المحامي عنهم وشفيعهم فهو الروح القدس. المعركة في حقيقتها هي داخل النفس بين الله والشيطان، وليس بين ولاة ومسيحيين! لقد سجل أوريجينوس* مشاعر الشهداء معلنًا أن السيد المسيح هو الذي يدعو للاستشهاد، وهو الذي يحتمل الآلام، وهو الذي يُقدم الإكليل، وهو الذي يتقبله. بمعنى آخر "المسيح" هو المقصود في هذه المعركة، يدخلها خلال أعضاء جسده ليغلب بهم عدو الخير. في هذا يقول يوسابيوس المؤرخ عن الشماس سانكتوس: [أعلن فيه المسيح المتألم مجدًا عظيمًا، طرح المقاوم، وأظهر للغير كيف أنه حيث يوجد حب الله لا يوجد مجال للخوف وحيث يوجد مجد المسيح فلا مجال لما يؤلم] تاريخ الكنيسة 5: 1: 23.وجاء عن القديسة بلاندينا* أن المعترفين رأوا في لحظات استشهادهم أن القائمة التي ربُطت فيها في ساحة الاستشهاد قد صارت في أعينهم صليبًا، وأنهم نظروا بأعينهم الخارجية شكل أختهم قد تحول إلى ذاك الذي صلب من أجلهم، أي اختفت معالم وجهها لتظهر معالم وجه المسيح المصلوب هذه الصورة لم تكن فريدة، إنما بلا شك تمتع بها غالبية الشهداء، لذا تقدموا للاستشهاد بقوة وفرح وبهجة قلب. 4. هناك بعض الأمور تكررت في كثير من سيّر الشهداء حتى ظن البعض أنها من صنع النساخ في كتاباتهم لميامر الشهداء، مثل ظهور ملائكة، بل ظهور السيد المسيح نفسه للشهداء، وتمتع الكثيرون بموهبة شفاء وإخراج الشياطين حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم على الأرض، وتمتع البعض بمعانية الفردوس ولو إلى لحظات! لكننا نعلل هذا بأن الله لا يترك مؤمنيه خاصة في وقت الضيق، فكلما تقسى قلب فرعون تظهر أعمال الله الفائقة؛ بمعنى آخر كانت الأمور لازمة لمساندة الشهداء، كما رافقت الرسل عند كرازتهم وسط الأمم الوثنيين الآلام هي المناخ الأصيل للتمتع بأمجاد إلهية داخلية، والصليب هو طريق التلامس مع بهجة القيامة. لهذا لا نعجب إن رأينا أطفالاً لم يبلغوا بعد العاشرة يتقدمون للألم بفرح، وأمهات يقدمن أطفالهن للذبح، وشابات من أصل ملوكي يتهللن بالعذابات إنها ليست شجاعة بشرية، ولا قدرات خارقة، إنما عطية الله لهم في أعماقهم مع إعلانات سماوية خاصة لتسندهم! 5. بقيّ لنا أن نؤكد بأن الله لا يطالبنا بإثارة الغير لكي يمارسوا الاضطهاد فننال إكليل الشهادة، إذ يقول السيد المسيح: "متى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى" (مت10: 23). ويقول القديس اكليمندس الإسكندري: [إن كل من يقتل رجل الله يخطئ ضد الله فإن من يقدم نفسه أمام كرسي الحكم (لأثاره الوالي ضده) يكون مجرمًا بموته]. وقد سنَّ القديس بطرس خاتم الشهداء* قوانين صريحة في هذا الشأن سبق لنا نشرها في كتابنا عن "البابا بطرس". ومع هذا فقد سمح الله بدعوة البعض للتقدم للاستشهاد لتعزية المضطهدين أو لعمل كرازي كما نرى في سيرة الشهيد أبادير* وغيره الخ. القمص تادرس يعقوب كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج وللحديث بقية
المزيد
24 يناير 2024

عرس قانا الجليل

“وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك. ودُعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر. قال لها يسوع ما لي ولك يا امرآة. لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء. فملأوها إلى فوق. ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ … فقدموا. فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمراً ولم يكن يعلم من أين هي. لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا. دعا رئيس المتكأ العريس وقال له. كل إنسان إنما يضع الخمر الجيد أولا ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن. هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذ.”(يو 2: 1-11). إن من يفتح نافذة عقله على اتساع الكتاب الملهم به من الله ولاسيما الأناجيل المقدسة، يجد طرقاً كثيرة للحياة الفضلى، وسوف يجد أنها جميعها تؤدي إلى الله، وأنها مليئة بالقداسة، تعد من أجل المستقبل، وتدعو إلى الحياة الأبدية؛ لأن الحياة الفضلى هي ألا يترك جانب الله. وسوف يعتقد أنه يسمعه يتكلم بفم أرميا النبي موجهاً كلامه إلى كل الذين يريدون ان يسمعوا: ” قفوا على الطريق وانظروا واسألوا عن السبل القديمة أين هو الطريق الصالح وسيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم” (أر 6: 15). إن كلمة الله الأب الذي تكلم قديماً بفم أنبيائه، “الله بعد ما كلم الأباء بالأنبياء قديماُ بأنواع وطرق كثيرة”( عب1:1). تجد في آخر الزمان وتأنس بطريقة لا ينطق بها، حقيقية وبدون استحالة، من الروح القدس ومن جوهر القديسة والدة الإله دائمة البتولية، وبذلك افتتح طريق البتولية، وهو الطريق الذي يحوي هذا العالم من جانب في الزمن الحاضر الذي يكمل بانسحاب الأولاد بالوصية الإلهية القائلة: ” اثمروا واكثروا (تك1: 28). “ومن جانب آخر يتعداه إلى العالم الأتي الذي سوف تظهره القيامة جديداً، لأن الذين سيقومون يجب أن يكون كملائكة في السماء” (مز12: 25) ولا يلزم أن يكونوا محتاجين إلى معونة الزواج، لأنهم يبقون دائماً دون أن يعودوا إلى الوجود الدنيوي مرة أخرى ودون أن يموتوا. بين الزواج البتولية أن كلمة الله، إذ علم أن فخر العزوبة عسير الامتياز به حالة إخضاعه لقاعدة، وإذ أنه الإله حتم بقانون ما يلائم طاقة طبيعتنا، ولم يحدد بقوانين مكتوبة أنه يلزمنا أن نجتهد لنبقى متبتلين؛ حتى تكون البتولية موضوع غيرة أرادية، فهي الحالة الجميلة جداً المتناهية في البهاء التي تقود إلى كرامة تعدل كرمة الملائكة. رغب الرب في وجودها دون أن يطلب منا ذلك. وبالأحرى يحملنا إليها بالمحبة، وليس يدفعنا إليها باضطرار القانون. فان ما يتضمنه القانون يلزمنا ضرورة أن نفعله، لكن ما لا يحكمه القانون فهو خاص بمن يختارونه طوعاً. لذلك بولس الرسول يطيع إلهه وطبيعته، يكتب منذراً، وما كان جائراً ففيما يتعلق بذلك يعلم في نصيحة هكذا: “وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطي رأيا كمن رحمه الرب أن يكون أميناً” (1كو 7: 25). (1كو7: 1). (1كو7: 26-28). لقد دعا “ضيقاً في الجسد” ما يضاف إلى هموم ومتاعب الزواج الدنيوية. ويقول فعلاً: (1كو 7:32-34). وهو لا يقول ذلك لكي يكرهنا في الزواج كأنه دنس غير طاهر. فهو يعرف أنه طاهر حتى أنه يقول بخصوص زواج غير المؤمن بالزوجة المؤمنة، أو العكس: (1كو7: 14). وفي مكان آخر يكتب: (عب13: 4). حيثما يريد أن يعرفنا بالأحداث ذاتنا ويعلمنا بطريقة واضحة أن الزواج طاهر وأنه لا يفصل أبداً عن الله، فان ربنا وإلهنا يسوع المسيح أيضاً، الذي ولد من العذراء بالجسد، الذي حافظ على بتولية والدته وذلك بعد الولادة أيضاً، الذي أظهر اتساع طريق البتولية لحياة العالم، قد أبهج وليمة العرس التي أقيمت في قانا الجليل، في حضور العذراء أمه وتلاميذه، إذ أنهم كانوا مدعوين بسبب بعض الصدقة البشرية وبسبب بعض الأقرباء إذ كانوا معروفين. وأن ذلك الذي يصنع كل شيء بحكمة_ “ما أعظم أعمالك يا رب_كلها بحكمة صنعت ملآنة الأرض من غناك”(مز 103: 34). _ قد بارك طبقاً للتدبير الإلهي وليمة العرس، وصنع كذلك أول معجزة، وهذا قد رواه يوحنا الإنجيلي وحده غير الإنجيليين الأخريين، وهو الذي أحتفظ ببتوليته وقضى حياته كلها دون أن يعرف علاقة وزواج الجسدية، وكان عزيزاً بصفة خاصة لدى المسيح يسوع ربنا. ومع ذلك ؟؟؟؟؟؟ كان الزواج مكروهاً، الزم ألا يذكر هذه المعجزة بسبب الذين يهربون من علاقة الزواج الجسدية ويبحثون عن محاكاة الملائكة. ولننظر ما هي العلاقة التي صنعها الرب يسوع حينما كرم وليمة العرس. العذراء تعلم بالمعجزة سلفاً يقول يوحنا: ” ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر (يو 2: 3). من ذلك نتأكد أن الذين دعوه إلى وليمة العرس لم تكن عندهم أفكار عالية بخصوصه أي أفكار تليق بالله. فانه كان يلزمهم لو كانت عندهم الأفكار اللائقة أن يرجوه أن يعالج إشكال فراغ الخمر؛ لأن المحتاج يطلب لكي ينال ما يحتاج إليه. وقد قلت أنهم دعوه إلى وليمة العرس لمعرفتهم له بطريقة بشرية، دون أن يعتبروا إطلاقاً رفعة ألوهيته. وبينما مريم العذراء تترأف في فكرها قد ؟؟؟؟ على هؤلاء الأشخاص في حاجتهم وطلبت، فأن يسوع تمهل في هذا الطلب حتى لا يظهر أنه يبحث عن المجد الباطل، كأن يفكر لأجل نفسه في هذا المجد مع دقة، فتبدو أنها طلبت ذلك ظاهرياً، وأنه يجيب صوب ظهور العلامات. فبينما كان يجعل السامعين بعيدين عن هذا الرأي الخاطئ، موضحاً أنه لا يصنع شيئاً من أجل المجد الباطل، بل أنه يصنع كل شيء بعناية المنفعة، رد عليها رداً قوياً معلماً سامعيه، كما قلت، ومعداُ الحق، وليس مريداً الإنقاص من طلب والدته، فقال:” ما لي ولك يا إمرآة لم تأت ساعتي بعد”(يو2: 4). وقد عرفتنا العذراء مريم والدة الإله فعلاً أن هذا الكلمات لم تكن تأنيباً، بل على سبيل التعليم بسبب الغرباء. إذ أنها لم تنسحب وتبتعد كمن وجه إليها تأنيباً، ولم تصمت وتندم على جسارتها كأنها اختصت باللوم. لكنها إذ كانت تعلم في روحها بما يحدث، قالت للخدام وكأن يسوع لم يقل شيئاً على الإطلاق: “مهما قال لكم فافعلوه” (يو2: 5)، وهي تريد أن تبين أيضاً شيئاً أعظم يليق بالله أكثر. قال يسوع موافقاً فكرة أمه وإنما كانت تفكر فيما هو أعظم جداً: “لم تأتي ساعتي بعد” (يو3: 4) كأنه يقول. “تعتقدين أنني فجأة ابحث عن تحقيق علاقات عظيمة لكن أعلمي أن هذه تحكمها مواقيت لائقة، حتى أنه ولا جزء صغير من الساعة يفوته توجيهي وترتيبي. فأني بالفعل أظهر قليلاً قليلاً ألوهيتي بالنسبة إلى نمو القامة الجسدية، ومع تقدم القامة الحقيقي أظهر كأني أنمو في الحكمة وفي النعمة1 بالمعجزات والعجائب، لأني آتي هذه العجائب بطريقة يليق بالله ولأني أكتشف عنها مع ذلك على التوالي كما يتطلب ذلك أسلوب التدبير الإلهي، حتى إلى لحظة من الزمان صغيرة جداً؛ إذ أن ما يتعلق بالأعمال الإلهية يحدث أيضاً للشيء الصغير بل الأصغر من كل شيء، حق لو كنا نجهل ذلك تماماً ويصعب علينا فهمه. بهذا المعنى يوجد في موضع آخر من الإنجيل أيضاً ما يتعلق باليهود: “ولم يلق أحد يداً عليه لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد” (يو7: 30) وفي موضع آخر: “ولم يمسكه أحد لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد” (يو8: 20). وكذلك: “قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان” (يو 12: 33) وأنه إلى تمام التدبير الإلهي حتى النهاية، حينما لم يتبق شيء مما كان معلوماً ومقرراً مقدماً بالنسبة له، بحكمة الله، كان الرب يسوع منبعاً تماماً بالنسبة لجميع الناس. كان يجوز في وسطهم أيضاً حينما كانوا يرمونه بالحجارة. “فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه” (يو10: 31). ” فطلبوا أيضاً أن يمسكوه فخرج من أيديهم”(يو10: 39). ولما وصل كل شيء إلى نهايته، مكملاً تماماً ومنتهياً للغاية حسب مسرة الله ورضائه، حينئذ بالحقيقة سلم ذاته طوعاً ذلك الذي كان يقول : ليس أحد يأخذها متى بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان ان أضعها ولي سلطان أن أخذها أيضاً”(يو10: 18). ما كان يقول ذلك لو كان خاضعاً لضرورات الساعات حسب أكاذيب الخرافات الوثنية. لذلك، حتى بعد ان قال لوالدته، من أجل السبب الذي ذكرته، “لم تأت ساعتي بعد” (يو2: 4). فأنه في الحال صنع علامة لا يمتلكها أبداً من يكون خاضعاً للزمن. وفي نفس الوقت يعلمنا إذا كنا مرة لا نطيع أمهاتنا اللواتي ؟؟؟؟؟ بعمل شيء في وقت غير مناسب، فيبدو الرفض كأنه يتضمن ما يليق وما يرضي كثيراُ. يعلمنا أن نرضيهن في كل الحال بما يجب، سواء بصنعنا ما أمرن به، أو بطريق آخر بالا نتركهن إطلاقاً في حزنهن. يقول فعلاً: “أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك” (خر 20: 12). “أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب إلهك لكي تطول أيامك ولكي يكون لك خير على الأرض التي يعطيك الرب إلهك” (تث5: 16). وبفحصنا الكلمة بأكثر عناية، نجد ان والدة الإله، بعد ميلادها ومنذ أن خدمت سر التدبير الإلهي، كانت ممتلئة من الروح القدس وتعرف مقدماً ما سوف يحدث. وكانت حقاً نبية. لأنه أن لم يكن الأمر هكذا فكيف تفكر العذراء أن الرب يسوع يستطيع أيضاً أن يصنع خمراً أمام أعين الجميع، تلقائياً، من لا شيء من المرئيات؛ لكن لأنها كانت تعلم مقدماً ما سيحدث وأن يسوع كان مزمعاً أن يأمر الخدم بأن يصبوا الماء لكي يحوله خمراً، فهي أيضاً قد أعطتهم أمراً مقدماً قائلة:” مهما قال لكم فافعلوه”(يو:2: 5). في هذا سبق العلم بشأن ما سوف يحدث مشتركاً بين يسوع وبين مريم العذراء؛ المسيح لأنه الله، والقديسة مريم العذراء لأنها تتصرف كنبية. أعداد الحاضرين للمعجزة وقد أراد فعلاً أن يبعد عن المعجزة كل شبهة خيال وقد شاء أن يصنع ذلك. لأنه لو كان تلقائياً جعل الخمر ينبع ويظهر بطريقة عجيبة وسط الذين كانوا يأكلون، لكانوا ينظرون إليه كأنه كاذب، دون أن يؤمنوا، ولكان الأمر يبدو كأنه خدعة للعيون والتذوق، من أعمال الشياطين، مثلما يحاول أولئك المشعوذين بطريقة خادعة، يعملون عملهم في؟؟؟؟؟ إذ ؟؟؟؟؟؟ عملية صنع المعجزات. لذلك فأن الرب يسوع يجعل خلو الخمر يبقى طويلاً، حتى يشعر من كانوا يأكلون بأنه ينقصهم الخمر، يبقى طويلاً، حتى لا يتركون المعجزة تمر أيضاً، بل ؟؟؟؟؟ بها بوضوح. ولم يكن ينتظر الساعة، ليس لهذا تأخر. وكيف يهتم ملك الدهور ؟؟؟؟؟الساعة، وينتظر ويراقب الفراغ في ذلك؟. تمام المعجزة فبتحويله الماء خمراً قد جنبنا أيضاً أن تتخيل في ذلك دعوى، وبذلك أظهر أنه خالق كل الأشياء كما لو كان قد خلق النبيذ من عدم. إذ هو أيضاً يحول كذلك قطرات الندى ويصنع تفاحاً في شجر التفاح وتيناً في شجر التين وكل نوع من الأشجار. تأملوا كيف أن البشير يفصل المعجزة في ظروف مختلفة، محققا صحتها من كل جانب، ورافعاً عنها شبهة الخيال. يقول: “وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل مطرين[1] أو ثلاثة. قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء. فملأوها إلى فوق”(يو 2:6- 7). كان ناموس موسى يقضي بأن من لمس شيئاً نجساً يغسل ملابسه ويغتسل بالماء. وبسبب كثرة مثل هذه التطهيرات ولأن بلاد فلسطين جافة جداً ولا ترويها الينابيع أو الأنهار بل تأخذ الماء من الآبار أو الخزانات، كانت الأجران المذكورة تملأ ماء ويعدها اليهود لهذا الغرض، حتى يتطهروا في الحال. فتلك الأجران التي تصادف أن كانت فارغة، أمر الرب يسوع أن يملأها الخدم ماء، وكانت تستعمل الماء من مدة طويلة ولم يكن بها على الإطلاق أي رائحة أو شيء مما له علاقة بالخمر. فلو كان قد أمرهم بأن يستعملوا أية أوعية أخرى، لكان يمكن أن يقال أنه يسبب بقاء بعض الثمالة فيها قد تأخذ بعض الشيء من صفة الخمر حينما يسكب الماء على بقيا الخمر، وأن الذين كانوا يأكلون قد يشربون الماء على أنه خمر، إذ كانوا قد سكروا فصارت حاسة التذوق عندهم معدومة. تأمل إذا كيف أنه بذلك تستعبد كل شبهة للتخيل. فليس التلاميذ هم الذين أمروا أن يملأوا الأجران، لكنهم الخدم، وهم الشهود الغرباء الذين لا يجلبون من أي مكان قسطاً في الشهادة؛ وكان الأمر لهم ان يملأوا تلك الأجران المخصصة من مدة طويلة وليس أي أجران تصادفهم. يقول الكتاب: “فملأوها إلى فوق”(يو 2: 7) حتى لم يكن ثمة مكان لأي مزيج من الخمر. وحينئذ قال المسيح للخدم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ فقدموا” (يو2: 😎. أن رئيس المتكأ ليس أحد هؤلاء الذين يأخذون مكانهم على المائدة، لكنه رئيس صالة الوليمة ومستلزماتها، ويكون شغله الشاغل هو المرور وكأنه ؟؟؟؟؟ يضع الطباخين والخدم والسقاة في أمكانهم. ويرتب كل شيء في خدمة من يأكلون. إذا يكون هو الشخص الذي أمر الرب يسوع بأن يعطيه الخدم باكورة الماء المتحول خمراً، وهو السهر الذي يحفظ بنقاوة الخمر وتمييز تذوقها، حتى شهد أن المشروب لم يكن نبيذاً فحسب، بل أن هذا النبيذ كان جيداً جداً وممتازاً، إذ قال العريس: “كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن”(يو2: 10). معنى عميق من معاني المعجزة في هذا بهاء الكلمة الإنجيلية ومظهرها الخارجي حسب شرح المعجزة البسيط السهل المعروض أمامنا. ولكن لأولئك الذين يستطيعون أن ينزلوا باعتدال نحو عمق الأفكار _ (وليس أحد يستطيع أن يصل إلى درجة التأمل الكامل) _ ليس الغنى الموجود هنا غنى عادياً فأن وليمة العرس تبين أن المسيح جاء بحلوله بالجسد بين سكان الارض كما في فرح ووليمة عرس. لأنه لم يأت ليدين العالم، بل ليخلص العالم، كما يقول البشير: “لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم”( يو3: 18) وحتى يخطب الكنيسة مثل عذراء طاهرة كما يقول بولس الرسول لأهل كورنثوس: “لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح” (2كو 11: 2) وكان يقول عنه يوحنا المعمدان أيضاً: “من له العروس فهو العريس” (يو 2: 29). وكان المسيح يقول أيضاً عن تلاميذه: “هل يستطيع بنو العريس أن ينوحوا مادام العريس معهم” (مت9: 15). إن وليمة العرس كانت إذا صورة الخطوبة والزواج العقلي الذي صنعه المسيح، صورة اتحاده بأرواحنا، وهو عريس الكنيسة الطاهرة. إن والدة يسوع العذراء القديسة والدة الإله إذ كانت تريد أن ؟؟؟؟؟؟ الرحمة من المسيح، وكأنها تدعوه أن يهب خمر التعاليم، حينما كانت حاضرة في وليمة العرس وكانت ترى أن النبيذ، ويشير إلى كلمة التعليم التي كانت قد أعطيت لمجمع اليهود، قد فرع؛ لأن هؤلاء المعلمين رؤساء الكهنة والفريسيين كانوا على مثال أصحاب المحلات يخلطون تعاليم الخاصة الضعيفة البشرية بماء الرياء والكبرياء؛ وهم الذين قال عنهم أيضاً اشعياء النبي: “صارت فضتك زغلا وخمرك مغشوشة بماء” (اش1: 22) وكانوا يتخذون وصايا الناس مواضيع لتعاليمهم حتى أن كل شيء كان يصير مشوباً. فقالت العذراء والدة الإله باسم الكنيسة: “ليس لهم خمر” (يو 2: 3). لذلك رد يسوع قائلاً: “مالي ولك ياامرآة لم تأت ساعتي بعد” (يو 3: 4). دائرة الدراسات السريانية
المزيد
23 يناير 2024

بمناسبة عيد عُرس قانا الجليل

مقتطفات من تعليقات بديعة للقديس كيرلّس الكبير على معجزة: تحويل الماء إلى خمر في عُرس قانا الجليل + يأتي الربّ في وقت مناسب جدًّا ليبدأ المعجزات، رغم أنّ الذين دعوه لم يكُن لديهم هذا الهدف..! + عندما دُعِيَ هو، جاء مع تلاميذه، لكي يصنع المعجزة، لا لكي يتمتّع بالاحتفال معهم، ولكن بشكل خاصّ جاء لكي يقدّس بداية ميلاد الإنسان، وأنا أعني ميلاده حسب الجسد. لقد كان يليق بمن جاء لكي يجدّد طبيعة الإنسان، وأن يعيدها إلى ما هو أفضل، ليس فقط أن يبارك الذين كانوا موجودين قبلاً (الحاضرين)، وإنّما أيضًا أن يهيِّئ نعمةً مُقدَّمًا للذين سوف يولَدون (كثمرة لذلك الزواج)، ويجعل مجيئهم إلى العالم مقدّسًا. + المخلّص هو محبّ البشر.. هو فرح وسعادة الكلّ.. أَكرَمَ الزواج بحضوره، لكي يزيل اللعنة القديمة الخاصّة بإنجاب الأولاد. + جاء مع تلاميذه إلى العُرس. لقد كان ضروريًّا حضور مُحبِّي المعجزات مع صانع المعجزات، لكي يسجّلوا معجزاته، فتصبح كطعام يغذّي إيمانهم. + لم تأتِ ساعتي بعد.. هو لا يريد أن يتسرّع في القيام بشيء، لأنّه لا يريد أن يَظهر كصانع المعجزات من تلقاء ذاته، بل ينتظر حتّى يدعوه المحتاجون، وليس الفضوليّون. فهو يعطي النعمة لمن يحتاج، وليس لمَن يريد أن يتمتّع فقط بالمشاهدة..! + يريد المسيح أن يؤكِّد على الإكرام العميق للوالدين، فقد قبل طلب أمّه إكرامًا لها، رغم أنّه لم يكُن يريد القيام بالمعجزة في تلك الساعة. + كان لأمّه تأثير عظيم في القيام بهذه المعجزة، وقد تمّت إرادتها، لأنّها طلبت من الرب ما يليق بها كأمّه وهو كابنها. وبدأت تعمل بأن هيّات الخدَم لكي يجتمعوا، لإطاعة ما سيأمُر به. + لقد نزل كلمة الله من السماء، لكي يصير عريسًا للطبيعة الإنسانيّة، فأخذها وجعلها خاصّة به، لكي يجعلها تلد ثمار الحكمة الروحيّة. ولذلك دُعِيَت الطبيعة الإنسانيّة العروس، والمُخَلِّص دُعِيَ العريس.. + لم يأتِ المُخلِّص إلى العُرس من تلقاء نفسه، بل بدعوة، وإلحاح أصوات القدّيسين. ولكنّ الخمر فرغَت، ولم يعُد لدى المحتفلين منها أيّ شيء، لأنّ الناموس لم يكمّل شيئًا، إذ أنّ الوصايا الناموسيّة لم تهب الفرح، ولم يستطِع الناموس الطبيعي المغروس فينا أن يخلِّصنا. ولذلك من الصواب أنْ نقول أنّ عبارة "ليس عندهم خمر" قد قيلَت عنّا نحن أيضًا. ولكن صلاح الله وغِناه لا ينضُب، ولا يمكن أن يعجز أمام احتياجاتنا.. + لقد أعطانا "خمرًا" أفضل من الخمر الأوّل "لأنّ الحرف يقتل ولكنّ الروح يُحيي" (2كو3: 6). فالناموس لم يكمّل شيئًا، ولم يُعطِ الخيرات، ولكنّ التعليم الإلهي للإنجيل يُعطي البركة الكاملة. [عن تفسير إنجيل يوحنا للقدّيس كيرلّس السكندري - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد وآخرون] القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
22 يناير 2024

عيد عُرس قانا الجليل

تحتفل كنيستنا القبطية في بدء العام الجديد بمجموعة من الأعياد يُطلق عليها "أعياد الإبيفانيا" أو "الظهور الإلهي، وتشمل عيد الميلاد وعيد الغطاس وعيد الختان وعيد عُرس قانا الجليل. عيد عُرس قانا الجليل هو أحد الأعياد السيدية الصغرى وهو تذكار لأول معجزة أتمها الرب يسوع وفيها أظهر مجده فأمن به تلاميذه على حد قول الكتاب.وفي عُرس قانا الجليل لنا عدد من التأملات القصيرة التي يمكنها أن تصاحبك في احتفالك بهذا اليوم.. موقف أمنا العذراء مريم في يوم عُرس قانا الجليل يمثل موقف الإنسان الذي يضع مشكلته أمام الرب بأقل ما يمكن من العبارات وأعمق ما يمكن من الإيمان فالعذراء لم تتكلم كثيرا، ولكنها وضعت المشكلة أمام ابنها في ثقة ورجاء بكلمات قليلة وقصيرة ليس لهم خمر » (يو (٣٢)، ورغم أن الرب يسوع لم يُبد آية استجابة لطلبها في البداية بل قد يبدو من إجابته إنه لم يستجب لطلبتها عندما قال «ما لي ولك يا امرأة لم تأت ساعتي بعد» (يو (٤:٢)، إلا أنها وبكل إيمان استمرت في حديثها للخدام قائلة «مهما قال لكم فافعلوه» (يو ٥:٢)، وكأنها تعلم أن ابنها لا بد أن يتدخل وأن دورها هو أن تضع أمامه مشكلتها وتكتفي بذلك. لذلك في يوم احتفالنا بتذكار هذا العيد ليكن لك الثقة التي بها تضع كل أمورك أمام الله وأنت واثق أنه لا بد سيتدخل وسيفعل كل الخير لك، كل ما يفرحك ويبهج حياتك. في عرس قانا الجليل أيضا حول الرب يسوع الماء إلى خمر، وكانت المعجزة معجزة تحوّل، فيسوع هو مصدر التحوّل في حياتنا فهو قد جاء إلى العالم لكي يحول حياة العالم والبشرية كلها، وليطلق الإنسان. من سلطان إبليس، وهذا هو عمل يسوع في حياتنا كل يوم، فهو يحول حياتنا إلى حياة بارة بقوة دمه وسلطان صليبه الذي كتب عنه معلمنا يوحنا إن دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية». لذلك في طريق حياتك كلما وجدت أنك في احتياج للتغيير أو التحول عن شكلك وطبيعتك العتيقة، تذكر أن الوحيد الذي له سلطان التحويل هو الرب يسوع اطلب منه بإيمان وهو لا بد أن يستجيب ويغيرك لتصير على صورته كشبهه. أخيرًا في عُرس قانا الجليل كان يسوع مصدرًا للفرح، فهو قد حفظ لأهل البيت فرحتهم، وأعلن مجد لاهوته أيضًا فأمن به تلاميذه فالاهتمام بإعلان مجد الرب والفرح أمران متلازمان في الحياة المسيحية، وأنت عندما تضع مجد الرب أمام عينيك وتسعى في كل أمورك أن تمجده، كن واثقا أنك ستعيش فرحًا. ليكن اهتمامك الأول إذا في بيتك وفي خدمتك وفي كل حياتك أن تمجــ الرب، ووقتها ستعرف معنى الفرح لأنه وعد «أنا أكرم الذين يكرمونني» (اصم (۳:۲) في تذكار احتفالنا بالعيد لتكن واثقا بالرب الذي يقود حياتك، ولتعش متحوّلا عن شكلك القديم، ولتكن فرحًا لأنك لا تطلب إلا مجده؛ فتعيش العيد كخبرة عملية وليس كذكرى. نيافة الحبر الجليل الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح وشمال افريقيا
المزيد
21 يناير 2024

أوجه الشبه بين الميلاد والغطاس

عاشت الكنيسة فترة لا تقل عن ثلاثة قرون كانت تحتفل بميلاد السيد المسيح وبعماده في يوم واحد تسميه "عيد الإبيفانيا" أي الظهور الإلهي، باعتبار أن الميلاد تجسد فيه ابن الله الكلمة ورآه المجتمع اليهودي، إذ رأوه في الهيكل يقرأ في الناموس حين بدأ خدمته، وسبقهم الرعاة بظهور خاص للملاك لهم مُبشِّرًا قائلًا: «ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لكم ولجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو2: 11)، وقادهم الملاك لرؤية الطفل يسوع موضوعًا في مذود مقمطًا مثل الحملان «وهذه لكم العلامة: تجدون طفلًا مقمطًا مضجعًا في مذود» (لو2: 12). وفي الغطاس ظهر الثالوث القدوس إذ انفتحت السماء وشهد الآب للابن وهو في الماء والروح القدس حالٌّ على الابن لتتم النبوة (إش61: 1) «روح السيد الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق، لأنادي بسنة الرب المقبولة». وهكذا في كلا الميلاد والغطاس حدث ظهور إلهي متنوع، وفي كلا المناسبتين أعلن أنه مخلص كما أعلن الملاك للرعاة، والنجم للمجوس، ويوحنا المعمدان عن السيد المسيح في عماده إذ قال: «وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه، هوذا حمل الله الذي يحمل خطايا العالم كله» (يو1: 29)، فهو المخلص الذي التفّ حوله المحتاجون إلى الخلاص، سواء من المرض فشفى الأعمى والمفلوج والمطروحين والمطرودين والذين ليس لهم أحد يذكرهم. كما أنه المتألم لأجل البشر: ففي الميلاد وُضِع في مذود للخراف الذي يشبه عربة الطفل وليس مذود البقر العالي، ولكن وسط تبن وليس على سرير فيه ترف وتنعُّم، فلقد أختار الألم لأنه حمل الله الذي سيُذبح على الصليب لخلاص العالم كذبيحة منذ الطفولة. وحين نزل في نهر الأردن كالخطاة الذين اعتمدوا ليغسلوا خطاياهم، وكأنهم يتركونها في الماء لينزل ابن الله الكلمة المتجسد ليحمل هذه الخطايا. لذلك أشار إليه يوحنا المعمدان كحمل الله الذي يرفع خطايا العالم على الصليب.. وهكذا تألم في الميلاد كحمل مولود في التبن في المذود، وتألم في العماد إذ تعرّى كآدم الثاني نيابة عن آدم الأول، وفيه كل من سيأتي من بشر عبر الأزمنة والأمكنة ومن يؤمن ويعتمد يخلص كما أعلن يوحنا المعمدان والسيد المسيح نفسه. البركات التي نلناها بميلاد الرب يسوع وعماده: لقد رسم لنا طريق خلاصنا في هذه المناسبات السيدية الهامة، إذ شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها بميلاده وتجسده ليفدي حياتنا من الهلاك الأبدي إلى الحياة الأبدية، وأعطانا بعماده الولادة من فوق، حيث بالماء والروح بدأت الخلقة الأولى إذ كان على وجه الغمر ظلمة وروح الله يرفّ على وجه المياه (تك1: 2)، وبالماء في نهر الأردن وابن الله الكلمة نازل في الماء وروح الله حالٌّ على ابن الله ليُعلن كمخلص العالم من خلال القديس يوحنا المعمدان.. إنه العريس للكنيسة عروسه في العهد الجديد، فقال: «من له العروس فهو العريس، وأمّا صديق العريس فيفرح» (يو3: 29).. وهكذا بدأت خلقة العهد الجديد، فإن كان آدم الأول هو رأس البشرية القديمة حسب الجسد، فآدم الثاني رأس البشرية الجديدة والخليقة الجديدة.. وهكذا نري كيف شابهنا الرب يسوع بتجسده لكي نشابهه في المعمودية كأبناء بالتبني للآب السماوي من خلال الابن الكلمة المتجسد رأس البشرية الجديدة... حقا إنها بركات مفرحة للمناسبات السيدية. نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين مطران المنوفية وتوابعها
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل