المقالات
23 نوفمبر 2024
فتيلة مدخنة لا يطفئ
قيل عن ربنا يسوع المسيح ” قصبة مرضوضة لا يقصف .. وفتيلة مُدخنة لا يُطفئ “( مت 12 : 20 ) هو إله رجاء قادر أن يُصلح ما قد تلف كثيراً ما يُصاب الإنسان بروح يأس أو فشل ” قال الجاهل في قلبه ليس إله “ ( مز 14 : 1 ) نتحدث في ثلاث نقاط مهمين في هذا الموضوع :-
أولاً أهمية الرجاء :-
معلمنا بولس الرسول يقول ” لأننا بالرجاء خلصنا “ ( رو 8 : 24 ) إن الذي جعل الإنسان يبقى في الحياة هو الرجاء بعد سقوطه في البداية والذي جعله يحتمل صعوبة العقوبة إن هناك وعد بخلاص والذي جعل الإنسان يتصالح مع نفسه ومع الله هو الرجاء تخيل لو فقدنا رجاءنا في خلاصنا ماذا يُصيبنا ؟ وبالطبع هذا ما يرغب فيه العدو لذلك يقول الكاهن في القداس ” لا تقطع رجاءنا يا سيدي من رحمتك “ ومعلمنا داود يقول ” انتظرت نفسي الرب من محرس الصبح إلى الليل من محرس الصبح فلينتظر إسرائيل الرب لأن الرحمة من عند الرب عظيم هو خلاصه وهو يفتدي إسرائيل من كل آثامه “ ( مز 130 : 5 – 8 ) رأينا مريض بيت حسدا ثمانٍ وثلاثين سنة يجلس بجانب البِركة ينتظر الرجاء ( يو 5 : 2 – 9 ) ويقول الحكيم ” لكل الأحياء يوجد رجاء فإن الكلب الحي خير من الأسد الميت “ ( جا 9 : 4 ) إن لك رجاء في كل نموذج وضعهُ الإنجيل ليجعلك صاحب رجاء أمنا سارة أعطاها الله نسل بعد فوات الأوان ” أ بعد فنائي يكون لي تنعُّم “ ( تك 18 : 12 ) لذلك في سفر أشعياء يقول ” ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد “ ( أش 54 : 1) إن الله أحبَّ أن يعلن قدرته في أُناس ميؤس منها تماماً عندما شفى أعمى ” إنساناً أعمى منذ ولادتهِ “ ( يو 9 : 1) أي وهو جنين وهو أعمى أيضاً لعازر الذي مات وكان له أربعة أيام في القبر ( يو 11 : 17) أي حالة مستحيلة ومستعصية الله قادر على إقامة ميت بعد أربعة أيام والكنيسة تقول له ” أنت رجاء لمن لا رجاء له وعون لمن لا عون له “ يقول أحد القديسين ” إن كان للموتى رجاء هكذا يكون رجائي فيك “ لأن الخطية جعلته مثل لعازر الذي قد أنتن في القبر وقال له أيضاً ” ليس لي مرثا ولا مريم يدعوك لإقامتي “ إن الخطية جعلت كثيرين جرحى ولا يوجد حل إلا في المسيح يسوع جميل معلمنا داود قوله للرب” اقترب إلى نفسي فكها “( مز 69 : 18) والقديس يوحنا ذهبي الفم يقول ” كل ما زادت الحالة تعقيداً كل ما زاد الطبيب مهارة “ لذلك يزداد هذا الطبيب في قيمته ” كما أن الطبيب يُمدح بمرضاه .. فإن يسوع يُمدح بالخطاه “ جميل جداً أن تنتظر الرب كالسامرية ” كان لكِ خمسة أزواج والذي لكِ الآن ليس هو زوجكِ “( يو 4 : 18) .
ثانياً الرجاء بالمسيح :-
إجعل رجاءك بالمسيح بالأكثرولا تنظر إلى نفسك ولضعفاتك بل انظر له هو ” أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ “ ( غل 2 : 20 )” أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقويني “ ( في 4 : 13) ” يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني “ ( مت 8 : 2 ) حوِّل الموضوع عنده هو صاحب الخلاص ” اللهم باسمك خلصني وبقوتك احكم لي “ ( مز 54 : 1) الإنسان يوعد ويخلِف لكن الله يوعد ولا يخلِف فقل له " إوعدني إنت يارب " إلتمِس الرجاء منه فالله يسمح أن ندخل في خطايا كبيرة لكي يُعلن لنا :-
ضعفنا .
إحتياجنا .
إعرف ضعفك واجعله يقودك إلى معرفة القوة القديس مارإسحق يقول ” إن الذي يعرف خزيه يعرف كيف يطلب النعمة “ أحد الآباء يقول لربنا يسوع ” ليس لي مسرة على سقوط وليس لي قدرة على قيام “ أنت مصدر الخلاص لا توجد أعمال بر بدون المسيح فهناك من يصلي ويصوم ويعطي صدقة ومع ذلك لا يعرفون المسيح فالبر يجب أن يكون بالمسيح فنجد معلمنا بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس ” فتقوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع “ ( 2تي 2 : 1) مهما كان حال الإنسان وضعفاته عليه أن يتمسك بالله ونسمع عن قصة في بستان الرهبان عن قديس كان دائم السقوط لكنه كان يرفع عينه إلى الله ويقول له " أُنظر يارب إلى شدة حالي وانتشلني إن شئت أنا وإن لم أشأ لأنك تعلم إني من تراب " ويرجع ويقول له " إن كنت تقف مع القديسين فما الحاجة ولكن إظهر مجدك فيَّ أنا المحتاج إلى عمل محبتك " عند الوقوع لمرات كثيرة ثم أقف مرة أخرى فإن المحصلة في النهاية لصالحي لذلك الآباء القديسين يقولون ” إن المجاهد يُكلل بكثرة جراحاته “ الله لا ينظر لنا إن كنا نقع أم لا بل ينظر لنا إن كنا نجاهد أم لا نجاهد لذلك يقول أيضاً الآباء ” إن الله لن يسألك لماذا سقطت ولكنه سيسألك لماذا لم تتُب “ أبونا بيشوي كامل كان يقول أنه هو أيضاً بيقع في خطايا كثيرة ولكن الفرق بينه وبيننا إنه يرجع ويصالح الله سريعاً .
ثالثاً خطورة اليأس :-
أ- الفشل :-
الفشل هو أن يشعر الإنسان إنه سيظل كما هو ومستحيل التغيير معلمنا بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس ” الله لم يُعطِنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح “ ( 2تي 1 : 7 ) حذاري وأنت تجاهد أن تضع في ذهنك النتيجة بالفشل هناك مقارنة بسيطة بين جهاد الذات وجهاد النعمة :-
جهاد الذات هذا جاء من الغرور كيف أكون أنا كذلك ؟! جهاد لا يقبل السقوط ونتيجته لا توَّصل إلى أي جهاد حقيقي .
أما جهاد النعمة يأتي بالإتضاع مثل موسى الأسود الذي ذهب إلى أب اعترافه ثلاثة عشرة مرة في ليلة واحدة هذا جهاد يأتي بالنعمة جهاد يقبل أن يكون ضعيف ويسقط وهذا السقوط يأتي بمزيد من الإتضاع والتذلل أمام الله ما الفرق بين توبة يهوذا وتوبة بطرس ؟ يهوذا تاب ورجَّع المال واعترف إنه سلِّم دم برئ لم يشعر بضعفه ولا بقبول توبته فمات بفشله ومات بيأسه جميل أن تقول ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله “ ( تك 39 : 9 )إحذر التوبة التي تقوم على الذات والفشل .
ب- الإستهتار :-
كثرة التبريرات والأعذار التي جعلت أيوب الصديق يقول ” الإنسان الشارب الإثم كالماء “( أي 15 : 16 ) الحكيم يقول في سفر الأمثال ”الرخاوة لا تمسك صيداً “ ( أم 12 : 27 ) جميل أن يكون لك قانون روحي وعدم استهتار ” خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المُفسدة الكروم “( نش 2 : 15) .
ج - التأجيل :-
لا تؤجل إبدأ الآن قل " يارب ارحمني واقبلني " لأن أي اشتياق غير مضمون أن يُعاد” أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم “ ( رو 13 : 11) ” الآن يوم خلاص “( 2كو 6 : 2 ) إستفيد بنداءات الله وتجاوب لأن عدم التجاوب يزيد القساوة قد تأتي مرحلة في العمر يجد الإنسان نفسه غير متجاوب مع أي نداءات وأي فِعل كل ما سمِع الإنسان وأجِّل هذا يعمل على قساوة قلبه فأي نداء مصدره من الله وعدم الذهاب مسئوليتي أنا لذلك يقول أحد القديسين ” إن في الدينونة الله يُطالبنا بثمن توسلاته السابقة “ وقيل عن سكان الجحيم إنهم كانوا ينوون التوبة ولكنهم أجلوها ربنا يقبل توبتنا ويعطينا رجاء من عنده ربنا يقبلنا ويعطينا رجاء ويكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته له المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
22 نوفمبر 2024
مائة درس وعظة (٥٥)
عظمة مار مرقس "كاروز ديارنا "
"ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون"(أع ۱۲:۱۲).
تتجلى عظمة مار مرقس في نواح متعددة منها:
اولا بيت مارمرقس
نشأ في منطقة غنية في ليبيا، وكانت أسرته غنية وقد سافر من ليبيا إلى مناطق فلسطين وكانت أمه مريم إنسانة تقية، وكان بينها مقراً للعبادة والصلاة، وتمت فيه أهم الأحداث مثل. ١- غسل الأرجل غسل السيد المسيح له المجد أرجل تلاميذه
٢-صنع الفصح صنع السيد المسيح له المجد الفصح، وأسس سر الإفخارستيا. ٣- حلول الروح القدس:حل الروح القدس على التلاميذ والرسل والمؤمنين في يوم الخمسين ويعتبر هذا البيت هو أول كنيسة عرفتها المسيحية باعتبار أن الكنيسة جماعة المؤمنين.
٤- اجتماع الصلاة: اجتمع فيه التلاميذ والرسل والمؤمنون مواظبين على الصلاة يقول يوحنا ذهبي الفم إن الأسرة ايقونة الكنيسة، فإذا كانت هذه الأيقونة مقدسة
ومباركة. فبالتأكيد سيكون ابناؤها مقدسين ومباركين وهكذا نشأ مارمرقس.
ثانياً: تلمذته للمسيح
لما انتقل من افريقيا في ليبيا إلى أسيا في فلسطين كانت تلمذته للسيد المسيح في مراحل كثيرة منها.
١- التعليم بالسماع: سمع تعاليمه وأمثاله وشروحاته وكتب منها انجيله.
٢- التعليم بالقدوة: وهو أرقى انواع التعليم فقد رأي مارمرقس حياة السيد المسيح وتصرفاته وعايشه.
٣- رؤية المعجزات: فقد شاهد السيد المسيح في معجزاته. ثالثاً: كرازته النارية
جاء إلى مصر ودخل مدينة الإسكندرية وكان بمفرده ماذا كان يحمل معه في هذه الكرازة التي تظهر عظمته وروحانيته
١- الإيمان القوى : الإسكندرية في هذا التوقيت كان يسكنها ثلاثة ارباع مليون نسمة وكان يسكنها اجناس مختلفة يعملون في الصناعة والتجارة والجيش منهم عبيد وأسياد، وبعضهم يونانيون وأخرون رومانيون ويهود وايطاليون وهنود، ومن فارس والنوبة والحبشة، مما جعل الاسكندرية توصف بانها كوزموبوليتان وتعنى مدينة عالمية، وحتى يوحنا هذا الأبنية الموجودة فيها تنتمي إلى حضارات مختلفة ووصلت الإسكندرية إلى أن تكون عاصمة العالم الثقافية في هذا العالم الصغير المترامي الثقافات بدا قديسنا مارمرقس يحمل في داخله هذا الإيمان القوي الذي كان وقودا في الرحلة الطويلة من ليبيا إلى الإسكندرية كان يمتلك الإيمان، واعتقد أن إيمانه القوي كان ينبع من النبوة التي ذكرت في سفر إشعياء" في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر" (اش ۱۹:۱۹) اتمنى لو جانا اليوم بعد ما يقرب من الفي سنة وشاهد مدينة الإسكندرية، وكيف انتشر إيمانه القوي في كل ربوع مصر عبر التاريخ الطويل اعتقد أنه سيكون فرحاً جداً وسيشعر بالثمر الوفير الذي قدمه من خلال هذا الإيمان القوى المعاش وحياة الامتلاء الحقيقية بالمسيح فقد كانا هما البذرة القوية لهذا الحضور بالإسكندرية ونقبل الإيمان بالمسيح.
2- الغيرة والحماس: طريق المسيحية إلى ا الإسكندرية من خلال مار مرقس لم يكن مفروشا بالورد والحرير فقد كانت هناك صعوبات شديدة، وبالتأكيد عاصمة العالم الفلسفية الممتلئة بالثقافات والفلسفات والمذاهب كانت تحديا كبيرا بالنسبة له لكن الله دبر له كل شي ولأن مار مرقس كان نفسه طويلاً ولا ييأس ولا يحبط بسهولة نجح في كرازة الإسكندرية وهذا يبين مقدار عظمة مار مرقس
٣- طول البال: الاستخدام الجيد لعنصر الوقت والزمن هما من أهم عوامل النجاح عنصر الوقت أو عامل الزمن هو الذي يثمر من الملامح الموجودة في كنيستنا أن صلاتها ممتدة، فمثلا القداس ساعتين أو ثلاث العشية والتسبحة وهكذا هذه الحياة الروحية الممتدة الإنسان أحياها لانه يحتاج لعنصر الوقت حتى يستطيع أن يستفيد مارمرقس كان مثابراً وجهاده طويلاً ولذلك الثمر كان وفيرا المثابرة ميزته بروح الخدمة الحقيقية استخدم مارمرقس كلمة للوقت (فى الحال) فى إنجيله ٣٢ مرة إحساسك في نهاية قراءة إنجيل مرقس تشعر أن نفسك طويل لان انجيل سريع الأحداث، وسريع التقرير عما ذكر من أحداث حياة السيد المسيح ينتقل من نقطة لنقطة وهو في حال المثابرة، يعمل كل شيء بدون إهدار وقت الخادم الشاطر ليس له نهاية ( تاريخ انتهاء) يخدم لآخر وقت في مثابرة في طول أناة يعمل بصورة مستمرة ومنتظمة وطول بال ومثابرة لوقت طويل.
٤- إنكار الذات: كان منكراً لذاته يعمل فقط ومن العبارات التي ذكرها عن السيد المسيح في "من أراد أن ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبة ويتبعني" (مر ٣٤:٨)
٥- محبة الصلاة: كان يذكر عبارات الصلاة كثيرا عن السيد المسيح منها"وأسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (مر ٣٨:١٤)
رابعا: ميراث مارمرقس
١- إنجيل: انفرد بأنه ذكر في العبارة الأولى" بدء إنجيل"
٢- مدرسة: مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بكل ابعادها
٣- قداس: المعروف الآن باسم القداس الكيرلسي
٤- كنيسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيسة المصرية
قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
21 نوفمبر 2024
هل كان أوريجانوس هرطوقى
أوريجانوس.. ذلك المفكر المسيحي الذي ولد في العام 185 وعاش في فترة من أصعب الفترات التي واجهتها المسيحية حيث واجهت الاضطهادات مع التيارات الفكرية المضادة في وقت واحد أوريجانوس الذي تولى التدريس في مدرسة الأسكندرية الشهيرة خلفا للقديس إكليمنضس الإسكندري الذي قال عنه ج. ياردي " أنه رفع قلوب طلبته الى الأعالي التي أعلنها لهم بصبره وابتسامته الدائمة، كما ظهرت أيضا في حياة خلفه وتلميذه العلامة أوريجانوس Origeneالذي تخطت علاقته بطلبته حدود الدراسة، فكان يلتقي بهم في السجن ويرافقهم في ساحات القضاء وساحات الاستشهاد كان يقبلهم قبلة السلام بحرارة شديدة في مشهد من الجميع، ويبق ملازما لهم حتى يسلمون أرواحهم في يدي الآب" وقد قال أسقف نيصص عن ذلك لعلامة أوريجانوس " كان شرارة منيرة، ألقيت في أعماق نفوسنا الداخلية، فاشتعلت الحب فينا، وصار لهيبا، بذلك صرنا نحب الكلمة القدوس (اللوغوس) الذي أحب العلوم الى نفوسنا، يجتذبنا الى جماله غير المنطوق به بغير مقاومة" ذلك الرجل الرائع في نظر الكثيرين هل كان هرطوقيا؟ مثلما اعتبرته الكنيسة العامة في مجمع 543م ....
وعلى الرغم أن هذا التساؤل هو موضوع البحث الا أن كاتب البحث يعترف بصعوبة الإجابة على هذا السؤال وذلك لسببين هامين.. أولهما قلة المؤلفات التي وصلت الينا للكاتب نفسه. فعلى الرغم من غزارة انتاجه الفكري ستة آلاف لفافة من ورق المخطوطات إلا أن ما وصل الينا هو القليل ولحكم على شخص ما علينا قراءة جميع ما كتب. وهذا ليس في الإمكان.
السبب الثاني لصعوبة إصدار الحكم هو صعوبة اكتشاف جميع التيارات الفكرية المضادة التي يواجهها والتي على أساسها صاغ أوريجانوس كتبه وأفكاره ولكن سيحاول كتب البحث الوصول الى هدفه رغم صعوبته وذلك من خلال البحث في هذه النقاط •
الاتهامات الستة لأوريجانوس •
اورجانوس والمسيح •
البيئة الفكرية المحيطة لأوريجانوس •
الوصول بالاستنتاج
الاتهامات الستة لأوريجانوس تنحصر الاتهامات الستة لأوريجانوس فيما كتبه في تلك الموسوعة الكبرى المسماه المبادئ تلك الموسوعة التي كتب فيها عن الأقانيم الثلاثة والملائكة والخليقة والإنسان والتجسد والآخرة والأخلاق المسيحية والوحي الإلهي، وطرق تفسير الكتاب المقدس. في هذا العمل الجبار بعض مآخذ يصيغها "تاريخ الكنيسة الشرقية " بأنها مآخذ طفيفة بالغ فيها تلاميذه وانقسموا في الشرق الى قسمين معه وعليه. ولكن السؤال هو هل هذه المآخذ كما يسميها المؤلف يمكن فعلا أن تكون طفيفة؟! لقد لخص منسى يوحنا في كتابه تاريخ الكنيسة القبطية هذه الاتهامات كما يلي: التهمة الأولى وهي المختصة بخلق النفوس قبل أجسادها وقد ورود في كتابه "المبادئ" ك3 ف5 " إن النفس البشرية خلقت في اليوم السادس عندما نفخ الله في آدم وكان ذلك بعد خلق الملائكة" التهمة الثانية هي المختصة بخلق نفس المسيح قبل تجسده التهمة الثالثة هي المختصة بخلاص الشياطين والهالكين التهمة الرابعة هي المختصة بعدم قيام الأجساد نفسها وقد ادعى أورينموس عدو أوريجانوس بأنه اعنقد بتغير شكل الأجساد عند القيامة بأن تأخذ أشكالا كروية كالشمس والنجوم وسائر الكواكب التهمة الخامسة هي المختصة بتقمص الأرواح والتهمة السادسة هي المختصة بخلق عوالم كثيرة. وقد أسرع الكاتب منسى يوحنا بالدفاع عن التهم المنسوبة الى أوريجانوس بينما قال ملاك لوقا في دفاعه " في هذا الصدد يقول الواقفون على الحقيقة أن هذه الهرطقات لا أثر لها في مؤلفات أوريجانوس، ولم تظهر إلا في الترجمات اللاتينية التي وضعها من بعده روفينوس الأكويلي غير أن أنسطاسيوس أسقف رومية (398 – 402م) في رسالته الى يوحنا أسقف أورشليم، أحد أنصار أوريجانوس أوقع الحرم على ترجمة روفينوس لا على الأصل اليوناني" ويسترسل ملاك لوقا في دفاعه فيقول " معظم تلك الأضاليل المذكورة مأخوذه عن اعتقادات وثنية ولا يعقل أن أوريجانوس نصير المسيحية الوحيد حينذاك ضد الوثنية يعتنق تلك الآراء السخيفة...." وفي الواقع يرى كاتب البحث أن أهم هذه الآراء والجديرة بالنقاش والتي يمكن أن تحكم على وريجانوس بكونه هرطوقيا أم لا هي تهمة وحيدة يجب علينا تفنيدها جيدا وهي المختصة بطبيعة المسيح. أوريجانوس والمسيح بعد أن نفى الأسقف ديمتريوس أوريجانوس الي قيصرية وسمع عنه أنه يمارس عمله الديني هناك كتب يعتب على أسقف قيصارية المسمى تاودكطس ويلومه عنده ويصعب عليه الأمر ويقول " ما ظننت أن هذا يكون في قيسارية ... وقد وجدنا في كتب هذا ارجانوس يقول ان الإبن مخلوق والروح القدس" وقد قال كيرنز أيضا " ولكن مما يؤسف له أنه وإن كان يرى أن المسيح موجود منذ الأزل مع الآب، إلا أنه اعتبر في مكانه أقل من الآب" ويقول حنا الخضري " القارئ المدقق لتعاليم أوريجانوس يشتم منها كل أنواع الهرطقات"فهل هذه الفكرة هي فكرة أوريجانوس عن المسيح حقا؟ ان الاعتراضات الأخرى سواء كانت حقيقية أو غير حقيقية لا يستطيع كاتب البحث أن يسميها هرطقة فهي ليست جوهر الإيمان المسيحي ولكن هوية المسيح هي من أساسيات الإيمان. فعلينا أن نحدد من خلال ما كتب نظرته الى المسيح. وفي الواقع أن فقدان كم هائل مما كتبه يجعل الوصول الى نتيجة صحيحة صعبة، وقد صدق حنا الخضري عندما تمنى قائلا " وكم نتمنى لو أن الذين ينبشون في بطون الأرض، يكتشفون بعضا من مئات الكتب التي تركها هذا المعلم المصري العظيم، لتعطي لنا صورة مكتملة الجوانب عن تعاليمه بنوع عام، وعن مفهومه لشخص المسيح يسوع بنوع خاص" المسيح يسوع في مفهوم أوريجانوس بين الابن والآب { نظرة سلبية } لقد فصل حنا الخضري الكثير من النقاط التي أخذت على أوريجانوس في نظرته للمسيح، وفي الواقع يستطيع كاتب البحث أن يلخص تلك الهرطقة المتهم بها أوريجانوس بأنه وضع الابن في مرتبة أقل من مرتبة الآب فيقول ... " ونحن الذين نؤمن بكلام السيد الذي يقول بأن الآب الذي أرسله هو أعظم منه والذي لا يسمح بأن يلقب بالصالح ناسبا هذا اللقب للآب .. فإنه بهذا يدين الذين يمجدون الآب بافراط. فنحن نؤمن بأن المخلص والروح القدس يفوقان كل الأشياء المخلوقة، في العظمة والسمو بلا وجه للمقارنة. كذلك الآب يفوقهما في العظمة والسمو بدرجة سموهما وتفوقهما على كل الخلائق الأخرى" وفي الواقع يرى كاتب البحث هذا التصريح خطير جدا ولكن لن نتسرع بالحكم من خلال تصريح واحد بل علينا أن نكمل نظرة أوريجانوس عن المسيح المسيح المخلص {نظرة إيجابية } وفي الواقع النظرة الإيجابية التي يرى بها أوريجانوس للمسيح هي نظرة أشمل وأعم وكما يقول تادرس يعقوب ملطي في كتابه origan" ركز العلامة أوريجانوس على السيد المسيح إذ كان قلبه مشتعلا بحبه لذلك الذي وجد فيه كل احتياجاته"
وقد لخص تادرس في نفس المرجع في ثمان نقاط معتقد أوريجانوس عن المسيح وهي:
(1) اعتقد أوريجانوس أن النفس البشرية قد هبطت من مرتبتها السماوية وبعد أن كانت حرة صارت غير قادرة على استعادة أصلها بدون السيد المسيح.
(2) السيد المسيح –بحبه غير المحدود – يبسط يده للبشرية جمعاء ليضفي عليها مجدا أبديا
(3) إذا بعنا أنفسنا بالخطية عبيدا لعدو الخير ابليس، بذل السيد المسيح بمحبته دمه الثمين لإبليس الذي يستعبدنا كثمن لحريتنا
(4) كمخلص للعالم هو رئيس كهنة الذي يقدم حياته كقربان فريد وضحية
(5) ربنا يسوع المسيح هو العريس السماوي الذي يعمل من أجل اقترانه الروحي بنفوسنا كعروس له
(6) انه المعلم والطبيب السماوي الوحيد الذي يشفي أرواحنا من ظلم الجهال والفساد مانحا ذاته بكونه الحق والدواء والبر
(7) يشبع كل احتياجاتنا، مطالبا ايانا بأن نقبله بكونه الملكوت السماوي، الخبز السماوي، الأردن الروحي، الكنز المخفي، الطريق الإلهي، الباب، الحق، الصخرة، القيامة، البداية والنهاية... الخ
(8) كان رجال الله في العهد القديم ينتظرون المسيا (السيد المسيح) بفرح ويجد أوريجينيوس ربنا يسوع المسيح في كل مكان، ويرى أن العهد القديم في مجمله لا يتكلم إلا عنه لقد كان أوريجينوس مؤمنا بأن ربنا يسوع المسيح هو المخلص لجميع الخليقة العاقلة. وبالأخص للجنس البشري. كما كان مؤمنا بتجديد هذه الخليقة بأسرها . بما في ذلك ابليس وملائكته الأشرار!! وفي الواقع لم يجد كاتب البحث كتابا يشرح فكرة اوريجانوس بالتفصيل مثل الكتاب الذي تحدث عن الوهية المسيح وتجسده وخلاصنا من خلاله... لقد تكلم أوريجانوس كثيرا عن وحدة شخص المسيح وعلى الرغم أنه لم يفرق بين الجوهر والأقنوم ولكنه يصر على وحدة شخص المسيح واستعماله لصور متعددة للمسيح داخل النفس. وعلى الرغم أن أوريجانوس كان يملك حسا مرهفا بأن الله لا يمكن إدراك طبيعته السرية إلا أنه كان واضحا كل الوضوح في إظهار شخص المسيح وعمله الاستنتاج على الرغم من أن أوريجانوس لم يشكك مطلقا في الوهية المسيح وفداؤه وخلاصه للبشر وأهمية تجسده إلا أنه لم يساو الابن بالآب فيقول " أما ربنا ومخلصنا ففي علاقته بالآب اله المسكونة ليس معه جسد واحد ولا روحا واحد بل ما هو أعظم من الجسد والروح في الله الواحد وفي اعتقاد كاتب البحث أن تجسد المسيح هو السبب الأول الذي من خلاله اعتقد أنه أقل رتبة من الآب فيقول في مقاله عن الصلاة " إن أردنا أن نفهم الصلاة بمعناها الأدق ربما يجب أن لا نوجه صلاة الى أي شخص مولود حتى المسيح نفسه" وكأن أوريجانوس يضع فكرة أن التجسد يقلل من القيمة التي للمسيح. وعلى الرغم من أهمية التجسد بالنسبة لأوريجانوس إذ يقول " ما كنا نستطيع أن نتمتع بمثل هذه المزايا التي نلناها من اللوغوس لو بقي كما هو عند الآب منذ البدء ولم يتأنس ولكنه إذا صار إنسانا إستطعنا أن نقبله، نقبل هذا العظيم الذي له مثل هذه الطبيعة إن أعددنا له موضعا مناسبا في نفوسنا" إلا أن نظرة التجسد عند أوريجانوس تحتاج الى دراسة في حد ذاتها.. ولقد واجه أوريجانوس المفكريين الغنوسيين وواجه الأفكار السائدة في ذلك الوقت، ولذلك علينا بدورنا أن ندرس ما واجهه أوريجانوس وحاول أن يرد عليه من خلال كتابات حتى نستطيع أن نصدر حكما صحيحا وذا يقودنا الى النقطة التالية من البحث التحديات الفكرية التي واجهها أوريجانوس يرى كاتب البحث أن دفاعيات أوريجانوس جعلته يحاول أن يميز بين الأقانيم الثلاث.. ويقول سمير نوف "وحيث أن أوريجانوس يقصد تفنيد تعليم مضادي الثالوث موداليست الذين مزجوا أقانيم الثالوث الأقدس حتى إزاله تمييزهم الجوهري فيما بينهم، لذلك وجب عليه ان يبرهن بحزم إنفراد أقانيم الثالوث الأقدس أحدهم عن الآخر بالتوسع في التعاليم عن خاصيتهم الشخصية. هكذا الله الآب حسب مفهوم أوريجان غير مولود وغير مخلوق والابن مولود وصادر منذ الأزل عن جوهر الآب. والروح القدس صادر من الآب. وهكذا في الله الآب يأخذ بداه الابن والروح القدس. من هنا الله حسب تعبير أوريجانوس هو اله من ذاته أو اله بالمعنى الخاص وابن الله كصادر عن الآب هو اله على بسيط الحال أو اله ثان. ومن هنا ينتج أن أوريجان قد أوصل حسب الظاهر التمييز بين أقانيم الثالوث الأقدس حتى أنكر مساواتهم مع بعضهم فوضع أقنوما واحدا أعلى والآخر أوطا مخضعا الواحد للآخر..... ان اوريجان قد اسس عدم مساواة أقانيم الثالوث الأقدس على أن أحد الأقانيم خلقه الآخر، ومع هذا لاحظ أوريجان أنه لا يمكن بلغة البشر أن تعبر عن فهم العلاقة المتبادلة بين أقانيم الثالوث الأقدس" ومن هنا نستطيع أن نسأل هل كان أوريجانوس هرطوقيا؟ الخاتمة: هل كان أوريجانوس هرطوقيا في الواقع لقد أراد كاتب البحث –لولا الوقت- أن يسترسل في البحث وراء تلك الأفكار التي واجهها أوريجانوس. ولكن النتائج الحالية تعتبر مرضية للوصول الى حقيقة أوريجانوس.
فنجد أن:
• لم ينكر أوريجانوس الوهية المسيح ولا أهمية خلاصه ولم ينكر العقائد الأساسية .
ولكنه حاول أن يصنع ما هو أبعد من ذلك وحاول أن يحلل شخص الله نفسه فيما وراء الأزل فصاغ الكلمات لذلك الاله الغير محدود محاولا تحديدة في إطار لكي يفهمه لنا وهنا أخطأ أوريجانوس وتجاوز الخط الأحمر في هذه النقطة التي ما كان يجب أن يتخطاها.
• لا يستطيع كاتب البحث أن يسمي العلامة الكبير أوريجانوس هرطوقيا . ولكنه فيلسوف تجاوز حدوده ويمكن أن نلتمس له بعض العذر إذ أنه يواجه الفلسفة الأفلاطونية . وفي عصره يوجد الكثير من الأفكار وكان مطالبا بالرد وصياغة كل الأمور.
• أوريجانوس كان حياته تشهد شهادة عظيمة بإيمانه ومحبته للمسيح. ومن خلال كتاباته وضح أهمية الفداء الذي قدمه لنا المسيح. لقد وضع أوريجانوس ثقته في المسيح وفي خلاصه وأحبه وعبده عبادة صادقة وهذا الأمر أصدق شهادة على عدم هرطقة أوريجانوس
المزيد
20 نوفمبر 2024
الانقسام
قال أحد القديسين:لو اجتمع عشرة آلاف من الملائكة، لكان لهم رأى واحد، للأسف حينما يجتمع عدد قليل من البشر، فإنهم يختلفون..!
والانقسام قد يكون دليلًا على وجود الذات الذات التي تعمل وحدها، بعيدًا عن روح الله والتي تريد أن تنفذ رأيها، مهما كانت النتيجة والتي لا تبالي بالنتائج الخطيرة التي يسببها الانقسام!
وما هي هذه النتائج ؟ قال أحد الأدباء:تنازع نسران على فريسة، كانت من نصيب الثعلب ولهذا قال السيد المسيح "كل بيت منقسم على ذاته يخرب"، إنها عبارة ينساها المنقسمون كثيرًا ما تقوم جماعة بعمل انقسام، تترك الجو خرابًا، ثم تمضى لحالها، وكأنها لم تفعل شيئًا! بينما يطالبها الله بدم ما قد خربته بأفعالها..
الانقسام بين الأخوة يدل على عدم محبة وانقسام الصغير على الكبير يدل على التمرد، وعدم الطاعة، وعدم احترام الرئاسات وكلها خطايا وكما قد يدل الانقسام على كبرياء في النفس، واعتداد بالذات. وغالبًا ما يكون أب الاعتراف خارج الدائرة في كل هذا، لا يستشار في شيء في رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس، وبخهم على الانقسام، ووصفهم بأنهم جسديون (1كو3) ذلك لأن المنقسمين بعيدون عن وحدانية الروح إن أعضاء الجسد الواحد تتعاون معًا لخير الذي يتعاون فيه الكل معًا والوحدانية تحتاج إلى احترام الرأي الآخر، وعلى الأقل التدريب على التعامل مع الرأي الآخر، دون ثورة، ودون غضب، ودون تشهير، ودون تحطيم نصيحة نقولها لكل من يسير في طريق الانقسام:حاول أن تكسب غيرك، بدلًا من انقسامك عليه كُن موضوعيًا، وابعد عن المسائل الشخصية دَرِّب نفسك على التعاون وروح الجماعة.
قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
عن كتاب كلمة منفعة الجزء الثانى
المزيد
19 نوفمبر 2024
من ثمارهم تعرفهم
جزء من إنجيل معلمنا متى البشير إصحاح 7{ احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخلٍ ذئاب خاطفة من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثماراً ردية لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثماراً ردية ولا شجرة ردية أن تصنع أثماراً جيدة كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النار فإذاً من ثمارِهم تعرفونهم } ( مت 7 : 15 – 20 ) إن أردت أن أعرف نوع شجرة وأنا غير خبير في الزراعة أنه إن رأيت ثمرة واحدة أعرف عن طريقها نوع الشجرة إن رأيت بها تفاحة أعرف أنها شجرة تفاح إن رأيت بها زيتونة أعرف أنها شجرة زيتون وأولاد الله الثمر الذي فيهم هو ثمر بر فضيلة ثمر مختلف عن ثمر أولاد العالم أولاد الله حياتهم فيها ثمر الروح محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح وداعة تعفف ( غل 5 : 22 ) الإنسان المسيحي حياته مثمرة لله تعرفه من ملامحه من كلامه من سلوكه من تصرُّفه من مظهره من لِبسه الآباء القديسين يقولون لنا إملأ قلبك سلاماً وكثيرين حولك يخلصون جميل أن الفضيلة تُزرع داخلي وتنمو إلى أن تُثمر وما أجمل أن أشهد للمسيح بثماري ما أجمل أن تخرج مني ثمار تشهد لنوع الشجرة الخاصة بيَّ كلٍ منا شجرة صغيرة مغروسة في شجرة كبيرة ( الكنيسة ) كلٍ منا في طقس صلاة المعمودية يُدهن بالزيت من الكاهن ويقول له { تُغرس في شجرة الزيتون اللذيذة في كنيسة الله الواحدة الوحيدة المقدسة } عندما غُرسنا فيها أخذنا شكلها وتعاليمها ثم ثمارها يُقال عن أحد الملوك كان يُعذب المسيحيين فوجد فيهم شئ غريب أنهم يحبون التعذيب يسعون للإستشهاد ويُقبِلون عليه بالآلاف ومن يُقبِل على الموت نجده يُصلي ويُسبح شئ يُثير العجب فأرسل الملك شخص جاسوس وطلب منه أن يعيش في وسط المسيحيين ويقول له كيف يُفكر هؤلاء وكيف يعيشون ؟ هل هذا لون من ألوان الإنتحار ؟ قل لي أفكارهم فكتب هذا الجاسوس تقرير للملك يقول له : " لم أرى مثل هؤلاء لا يزنون ولا يسرقون لا يكذبون يعيشون في العالم غرباء كأنهم ينتظرون مدينة أخرى يقولون أنها مدينة باقية يعيشون في العالم ولكن ليس حسب العالم أي مدينة يسكنونها يعتبرونها كأنها وطن غريب يُشبهون النفس في الجسد مختلفين عن الجسد لكن عايشين مع الجسد وهم سر حياة الجسد " ويقول أيضاً : " أن المسيحيين هم سر حياة العالم " فإنها شهادة جميلة عن أولاد الله الذين أحبوا المدينة السماوية عندما نحتك بإنسان تظهر ثماره الداخلية إن وُضِع في اختبار للأمانة أو المحبة الغضب الشهوة تظهر ثماره فكيف أصل إلى أن أكون مسيحي فِعلاً ويكون داخلي ثمر يُمجد ربنا ؟
أولاً البذرة :-
كلٍ منا إعتباراً من يوم المعمودية حصل على بذرة سماوية حية تصلُح أن تأتي بثمر سماوي عليَّ كشخص أن أحافظ عليها حية كما حصلت عليها وأتأكد أنها كذلك لكي أُثمر لله عليَّ أن أكون بذرة حية وعلامة الحياة هي أن يكون بها بذرة حية عليك أن تعرف نفسك حية أم ميتة هل بك نبض في الصلاة في الكنيسة متفاعل ؟ علاقة مع الله بلا روتين وقفة الصلاة بها إحساس الإنجيل كلمة حية تدخل داخلي لتسكن فيكم كلمة المسيح بغِنى ( كو 3 : 16) أقول له يارب أعطيني أن أسمع وأعمل وأعيش وأسلك هذه هي علامة حياة وليست ممارسات روحية فقط من علامات الحياة أن لا يكون هناك ملل ممكن أن تمل من شئ ولا تمل من كائن آخر علامة الحياة الموجودة في الإنسان أو أي كائن حي أنه متجدد عندما أقف مع الله أقف باشتياق وكما يقول معلمنا داود النبي بالليل تُنذرني كليتاي ( مز 16 : 7 ) ويقول سبقت عيناي وقت السَحَر لأتلو في جميع أقوالك ( مز 119 : 148) لكي يُصلي جميل أن نشعر أننا أخذنا الحياة ندخل الكنيسة أحياء وليس مجرد مبنى من أحجار لكنها كائن حي هو جسد ربنا يسوع المسيح الحي أصعب شئ أن تعيش وأنت ميت فالآباء القديسين يقولون لنا كن ميتاً بالحياة لا حياً بالموت وأنت عايش عِش الإتضاع ولا تكن حياً وأنت ميت ( الكنيسة ثقيلة الحياة صعبة الصلاة هكذا ) إن كان هناك حياة تكون الممارسات جميلة الإنجيل يُفهم الصلاة بلا ملل القداس متجدد لذلك يقول الرب أنا نيري هيِّن وحملي خفيف ( مت 11 : 30 ) كيف يارب ؟ فيقول لك لو أنت حي ويوجد داخلك تفاعل وحب مثلما سأل أولاد القديس العظيم الأنبا أنطونيوس " يا أبانا الوصايا ثقيلة علينا ولا نستطيع حملها " فقال لهم " إعلموا يا أولادي أن ليس كل الوصايا ثقيلة أو صعبة بل نور حقيقي وسرور أبدي لكل من أكمل طاعته وجودنا معاً ليس تجمع اجتماعي أصحاب يأتون مجرد إننا جئنا لكي نُثبت بعض في الحياة ربنا يسوع قال لنا لكي تعيشوا ينبغي أن تأكلوا وأنا الذي سأُطعمكم وقديماً ربنا يسوع بنفسه هو الذي كان يرعى آدم وحواء ويُطعمهم فغار الشيطان من هذا وأراد أن يُطعمهم هو – الشيطان – ونجح في ذلك وطُرد أبونا آدم من الجنة بسبب الأكل الأكل الذي كان وسيلة شرِكة وتعاون بينه وبين آدم وهذا ما يحدث إلى الآن بدلاً من أن آكل وأشكر آكل وأتذمر لذلك يؤكد لك الرب أنه ينبغي أن تأكل من يده مرة ثانية لكي تحيا أكل المذبح خذوا كلوا منه كلكم وعندما تريد أن تأكل صلي أولاً وقول له " يارب افتح يدك فتُشبع كل حي رِضى " أقول له " تباركت يارب يا من تعولنا منذ حداثتنا " علامة الحياة أن آكل وأشرب أيضاً أشرب ينابيع روح { سواقي الله ملآنة ماء } ( مز 65 : 9 ) عطايا روح بلا حدود ونحن محجبين لأننا فاقدين الرغبة في الحياة الأبدية .
ثانياً التربة :-
عليك أن تضع البذرة في التربة حتى تأتي بثمر أي تدفن البذرة في الأرض كيف ؟ أي تُوضع في طين – البذرة الجميلة تُوضع في طين – إن لم تُوضع في الطين لا يمكن أن تكون شجرة البذرة حياتها في الطين ولا يمكن أن تضعها في برواز مثلاً أو علبة ثمينة لكي نُثمر يجب أن ننظر ذواتنا ونحمل صليب ربنا يسوع المسيح وأعرف أنه لابد أن تقع حبة الحنطة في الأرض وتموت ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير( يو 12 : 24 ) هذا هو شرط الثمر لا تصنع لنفسك طريق غير طريق ربنا يسوع المسيح ربنا يسوع أخذ طريق الحبة التي تُدفن { ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً } ( 1يو 2 : 6 ) هو سلك بطريق الإتضاع لابد أن أُقمع جسدي وذاتي لكي أُثمر لابد أن تكون حياتي كلها جهاد أعمال جهاد كثيرة تنتظرني فالصلاة تنتظر أمانتك لكي تحب الذي أمامك يجب أن تُنفق نفسك وتبذِل وتُضحي وتبذر البذرة الآباء القديسين يقولون لنا إعطي دماً لكي تأخذ روحاً { لأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله } ( أع 14 : 22 ) يجب أن ندخل من الباب الضيق حذاري أن يِوسع الباب يجب أن تنزِل البذرة في التربة وتتفاعل مع ظلمتها وهذا هو ألذ صراع وأفيد صراع للبذرة الصراع الذي يدخل عُصارة التربة داخل البذرة بذرة تأخذها وتشكلها حسب تكوينها تخيل أن تكوين التربة يمكن أن يُشكل وردة جميلة فما أكثر الضيقات المرة التي يجتازها الإنسان وتُثمر وردة جميلة يسمح الله بضيقات واضطهادات وأتعاب ويسمح بأمور قاتمة جداً ويُخرج منها وردة جميلة مثل الضيقات التي تعرَّض لها يوسف الصديق وأستير الملكة لكي يُخرج منها وردة جميلة الضيقات التي تعرَّض لها أبونا إبراهيم إسحق والقديسين مثل مارجرجس خاصةً ( أمير الشهداء ) لأنه تعذب 7 سنوات الكنيسة توجت مارجرجس ملك لأنه تألم كثيراً تريد أن تُثمر لربنا عِد نفسك للآلام ولا تشفق على ذاتك وجسدك لا تقل كرامتك أو جسدك أو مُرهق بل ضع نفسك في التربة وضع نفسك في يد الله لا تجعل البذرة في برواز بل ضعها في التربة من أراد أن يُخلص نفسه يُهلكها ( مت 16 : 25 ) هذا ما قاله الإنجيل وعلَّمهُ لنا ربنا يسوع المسيح أن من أراد أن يأتي ورائي يحمل صليبه كل يوم ويتبعني ( مت 16 : 24 ) هذا هو طريق القديسين طريق الباب الضيق لا تستطيع أن تفعل ذلك وأنت حزين ومكتئب يوجد فرق كبير بين شخص يضع البذرة وهو مضطر في التربة وبين شخص وضعها في التربة لأنه عشمان في الثمر وضعها وهو فرِح ننتظر المجد السماوي نحن ننتظر الأمور التي لا تُرى وليست الأمور التي تُرى لأن الأمور التي لا تُرى أبدية ( 2كو 4 : 18) الآباء القديسين يقولون لنا أن الإتضاع هي أرض حاملة جميع الثمار لكي تُثمر عليك أن تتضع لا تكلمني عن زرع وأنت لا تملُك الأرض فالإتضاع خلَّص كثيرين بلا تعب وتعب كثيرين بلا اتضاع لم ينفع شيئاً .
ثالثاً النمو :-
راعي نفسك وانظر هل أنت تنمو ؟ هل أنت تتابع نفسك ؟ جميل أن تراقب نفسك وتكتشف أمورٍ ما إن رأيت إنسانٍ ما منذ معرفته لم يتغير ولم ينمو ربما تجد هذه الزرعة تحتاج إلى ماء سماد رش كيماوي آفة على هذه الزرعة وتحتاج إلى يدك لتلتقطها هل حياتنا مع الله لا تستحق المتابعة ؟ يقول القديس أغسطينوس { لك حياة واحدة ولك نفس واحدة فلا تُضيعهما } إسهر عليها وارعاها إحترس من الإهتمامات الكثيرة التي دخلت عليك لاحظ المعاشرات والصداقات والموضوعات التي تطرأ عليك لاحظ العاطفة الجسد الأفكار كن يقِظ لاحظ أسباب خطاياك فما أكثر الأمور التي تجعل الإنسان في هذا الجيل مُشتتاً ومشاعره الروحية باردة إعرف أن الباب ضيق وأن الذين يدخلون ملكوت السموات قليلين لو كان أهل العالم يعيشوا بأي أسلوب كان فنحن يجب أن نختلف عن أهل العالم إغمض عينيك كل يوم واسأل نفسك عن خطايا اليوم وتسأل نفسك لماذا أخطأت ؟{ الذين يُراعون أباطيل كاذبة } ( يون 2 : 8 ) أتظن أن نعمة ربنا توجد في إنسان لا يصلي ولا يفتح إنجيله ويعيش في رياء وصراعات ؟ كيف تعمل إذن النعمة داخلك ؟ لابد أن تُخلي المكان ليسوع وقلبي يلاحظ الإهتمامات التي تدخل فيَّ وأراها جدد روح الله داخلك واستدعيه باستمرار لا تنزعه مني بل جدد روحك في أحشائي إجري على أب اعترافك لكي تقول له على ما اكتشفته من سوء إظهر جراحاتك للطبيب وهو يشفيك أصعب شئ هو المريض المُتصالح مع مرضه والأصعب هو المرض الذي لا يُلاحظ – لأنه مثل المرض الخبيث لأنه لا يُلاحظ – إن الخطية مرض خبيث فإنها تمنعني من الملكوت وأنا لا أشعر إهتم بالبذرة لأن ثمرها جيد وعطاياها جميلة القديس أبو مقار كان يجلس مع أولاده ويقول لهم : " ها أن البئر عميقة ولكن مائها طيِّب وحلو ولذيذ " صحيح أن الحياة مع الله فيها تعب ولكن ثمر هذا حلو وجميل { ها أن الطريق ضيق ولكن المدينة ملآنة فرح وسرور } وأنت تعيش مع الله وجدته يُعزيك ويسندك وتذوقت نعمته ربما تجد البذرة بعد فترة نمو توقفت فقد تجد هناك بعض الحجر الذي يعوق نموها فما أكثر خداعات العدو .. قد لا يقدر هو عليك فيسلط عليك أحد المُقربين لكي يسلط عليك مضايقاته إن عدو الخير عندما طُرد من حضرة الله كوَّن حزب إسمه " أعداء الله " دخل مع الله في صراع لكي يأخذ كل أولاد الله إن أكثر الناس المُستهدفين هم أولاد الله إن الإنسان الذي يأتي بالبذرة ويدفنها في التربة ويرعاها بالتأكيد سيُثمر كثيراً وما أكثر الثمار دعوة للفرح يعيش السماء على الأرض { ها ملكوت الله داخلكم } ( لو 17 : 21 ) الله أعطانا الحياة لكي نعمل الثلاث خطوات السابقين لنذهب إليه حاملين فضائلنا { يأتي الشهداء حاملين عذاباتهم } ولكننا لم نستشهد ولم نعيش في عصر استشهاد أعطانا الله فترة زمن محددة لكي يقول لك في النهاية هل أثمرت ؟ الله أعطانا كلمته لكي يعرفنا شخصه وطبيعته كان هناك شاب يعيش في أمريكا طلب من والدته أن تجد له عروسة في مصر فأرسلت له والدته تقول له أن هناك فتاة بنت ربنا ولكن رفضت الفتاة وقالت إنها لم تعرفه جيداً لكي توافق على الإرتباط به فكتب لها هذا الشاب خطاب طويل لكي يعرفها على نفسه في هذا الخطاب أمسكت الفتاة بالخطاب باستهزاء وقالت كيف يستطيع هذا أن يعرفني بنفسه عن طريق خطاب ؟ قرأت سطرين منه ثم تركته وبعد فترة جاء العريس وطرق باب الفتاة عندما فتحت له لم تعرفه فقال لها من هو وعندما دخل قال لها أن الخطأ الأول عندك أنكِ لم تعرفيني وأنا أرسلت لكِ صورة لي في الخطاب سألته متى جئت ؟ فقال لها أنه الخطأ الثاني لأني كتبت لكِ متى سأحضر سألته إلى متى تمكث معنا ؟ فقال لها وهذا خطأ ثالث لأني كتبت لكِ فترة جلوسي في الخطاب وهكذا وبعد جلوسه معها فترة من الوقت إعتذر لها لأنها لم تحترم رسالته ولم تقرأها إن نفس الموقف سيحدث في السماء معنا الله كتب لنا أشياء كثيرة في كتابه لكي يعرفنا به ونحن لا نعرفها إننا نستهين برسالته التي أرسلها لنا لكي تقرأها عمرك كله لكي ترسم صورة لكل حقائقه إقرأه واعرفه ربنا يسوع المسيح قادر أن يُثمر فينا ربنا يكمل نقائصنا ويسند كل ضعف فينا بنعمته ولألهنا المجد دائماً أبدياً آمين.
القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
18 نوفمبر 2024
قضية العفة من منطلق مسيحى (٣)
العفة والنمو النفسي
السنوات الأولى وأثرها :
لقد أوضحت الدراسات النفسية أن السنوات الخمس الأولى من حياة الانسان لها دور فعال للغاية في تشكيل الجهاز النفسي للانسان . هذا ما يسميه رجال علم النفس بالاتجاهات أو المواقف النفسية Attitud والميول Tendencies انما تبدا جذورها الأولى في هذه المرحلة المبكرة ولان هذه الاتجاهات عميقة ولها قدرة ضخمة في التحكم في حياة الانسان الداخلية - وأنشطته المختلفة ، فإنه من السهل علينا أن ندرك خطورة هذه المرحلة على الحياة الجنسية عند الانسان . بل إن كثيراً من العقد النفسية ، وما يتصل بها من نواحي الجنس ، تكمن أصولها في المراحل المبكرة من حياة الإنسان .
المراهقة وفاعليتها :
وكما أن السنين الأولى من عمر الانسان لها أثرها في النمو النفسي الوجداني وبالتالى فى النمو الجنسي ، هكذا أيضاً لمرحلة المراهقة أثرها الكبير في قضية العفة . فالمراهق يشعر في قرارة نفسه برغبات غامضة توجه له نداءات قوية وخفية ، وهو يتذبذب بين الفرح والحزن وبين الياس والجمود، وبين الميل الشديد واللامبالاة، بين حركات الطفولة والتزام الرجولة .ويقع المراهق في صراع عنيف بسبب الاثارات الخارجية العنيفة ،المواجهة بين وسائل الاعلام واباحية الموضات وما يقابل هذه المثيرات
من قیم روحية ودينية تعلمها فى الكنيسة ومن الكتاب المقدس والمرشدين الروحيين بل وكثيراً ما يظل هذا الصراع عنيفاً ولا يعرف له مصالحة مزيده حدة توجيهات الكبار : فبعضها حرفى متزمت وبعضها متساهل وبعضها يركز على الداخل والبعض الآخر يهتم بالشكليات و الممارسات الخارجية وقد ثبت علميا أن للحياة النفسية أكبر الأثر على الحياة الجنسية . فالانسان عندما يقع فى الضيق والملل والحزن الشديد والفشل وخيبة الأمل، تثور عنده الغريزة الجنسية ولهذا تفسير نفسى معروف . ومما يؤكد هذا الاتجاه أن المراهقين الذين يعيشون فى حرمان شديد وقسوة وبعد عن الوالدين كثيراً ما يسقطون فى العادة السرية والشذوذ والانحراف وكما أن عقدة النقص تؤثر في عفة الانسان ، هكذا عقدة الكبرياء والعجب والخيلاء لها فاعليتها في هذا المضمار فالفتاة أو الشاب المعجب بجماله أو صوته أو قوامه أو مواهبه أو تفوقه ، يتمركز فى ذاته . وهذا يؤدى إلى ما يسمى بالنرجسية ( Narcissism ) التي تعبر عن نفسها أعمق تعبير في نفس الانحرافات التي يعاني منها أصحاب عقدة النقص .
عمل النعمة في الجهاز النفسي :
هل معنى هذا أن كل حزين لا بد أن يسقط ؟ وان كل معجب بنفسه لا بد أن ينحرف ؟
لقد أعطانا الرب يسوع علاجاً لكل متاعبنا النفسية . إذ يعلم هو بضعف و نقص البشرية . فقد أتى بنفسه ليدخل إلى متاعبنا الداخلية كما دخل العلية والأبواب مغلقة، وعندما دخل قال لتلاميذه سلام لكم ففرحوا إذ رأوا الرب هكذا نحن نحتاج إلى اللقيا والسلام كل الذين تدربوا على أن يسلموا حياتهم بكل ما فيها من متاعب وآلام لكي يعمل فيها الرب يسوع ، وبروح الطلبة والتضرع تذللوا أمام الله لكي يملا حياتهم الداخلية أمكنهم أن يتجاوزوا انفسهم ويعيشوا في اختبار النصرة والفرح سلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ عقولنا وقلوبنا وأفكارنا وجميع أجهزتنا في المسيح يسوع والفرح الذي لنا في الرجاء ،والبهجة التي لنا فى الخلاص ، والنعمة الغنية التي لنا في الأسرار الإلهية ،تزيل عقد النقص والكبرياء وبصمات الطفولة ولهب المراهقة . ويملا الرب حياتنا بوعده الأمين ها أنا أصنع كل شيء جديداً .
نيافة الحبر الجليل مثلث الرحمات المتنيح الانبا بيمن أسقف ملوى وأنصنا والاشمونين
عن مجلة الكرازة العدد الثالث الاربعون عام ١٩٧٥
المزيد
17 نوفمبر 2024
إنجيل قداس الأحد الثاني من شهر هاتور
تتضمن ايضاح ما هو مشاهد من عدم تأثير التعليم.مرتبة على فصل مثل الزارع. ( مت ۱۳ : ۱-۲۳ )
إن حالة الكرازة فى هذا العصر تغير ما كان يحدث في أوائل العصر الرسولي فأن بطرس الرسول أول خطبة بسيطة في أورشليم جذب إلى الأيمان ثلاثة ألاف نفس أع٤١:٢ وبثاني خطبة أنضم نحو خمسة آلاف رجل أع٤:٤ اما في هذا العصر فنجاح الكرازة قليل جداً. وهو أمر عجيب للغاية !
ويقول البعض في نجاح الكرازة في العصر الرسولى كان بسبب العجائب. وذلك لأن الذين آمنوا بكرازة بطرس الأولى كانوا قد شاهدوا الرسل وهم أميون يتكلمون بلغات مختلفة فأمنوا أع ٧:٢-٨ وإن الذين أمنوا بكرازته الثانة كانوا قد شاهدوا ذلك الذي ولد من بطن أمه أعرج يمشى أع٢:٣-٨. وان الوالي أمن لأنه رأى ان لعنة بولس الرسول أعمت عين الساحر في الحال أع٦:١٣-١٢ وقد شهد بذلك أيضاً البشير بقوله: اما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان. والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالأيات التابعة أع٢٠:١٦ على انه يوجد كثيرون قد أمانوا بدون يشاهدوا عجائب ولا ايات منهم وزير كنداكة ملكة الحبشة فانه عند ما بشره فيلبس الرسول بيسوع أمن في الحال واعتمد أع ٢٧:١-٣٨ بدون مشاهدة ايات. وكذلك أهل أثينا عندما بشرهم بولس الرسول أمن منهم ديونيسيوس الأريوباغى وامرأة أسمها دامرس وأخرون معها أع٣٤:١٧. فإذا كانت الأيات هي كل السبب فى جذب الناس إلى الأيمان. فلماذا لم يؤمن فرعون الذى شاهد أعظم العجائب ؟ وبدلا من كونه يؤمن نراه قد قسا قلبه. ولماذا لم يؤمن الفريسيون ؟ فأنهم عندما شاهدوا ابراء السيد له المجد للمجنون الأخرس بدلا من أن يؤمنوا قالوا أنه: " برئيس الشياطين يخرج الشياطين" مت٣٢:٩-٣٤ وقال أخرون أن عدم نجاح الكرازة هو من عدم استقامة الواعظ. وعدم مطابقة أعماله لوعظه وحجتهم في ذلك قول بولس الرسول: "فانت إذن الذي تعلم غيرك الست تعلم نفسك. الذي تكرز ان لا يسرق أتسرق "رو٢١:٢-٢٢ على أن الرسول لم يقل أن الكرازة لم تثمر بسبب عدم استقامة الوعظ. ولا من عدم أنطباق أعماله على وعظه وإنما اراد بذلك توبيخ ذلك الواعظ الذميم السيرة الذى لا يصلح أمور نفسه قبل غيره. وسيدنا له المجد قد أزال كل شك وريب من هذا القبيل بقوله: " على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فأحفظوه وأفعلوه. ولكن حسب اعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون لا يفعلون " مت١:٢٣-٢١ حقا هذا. فإنه كما أن الخصب لا يكون من حسن الزارع. كذلك تأثير الكرازة وعدمه لا يكون من قداسة الواعظ وعدمها. وإلا لكان قد أمن جميع الناس
بكرازة قدوس القديسين. لكن نحن ما لنا وهذا كله. ومثل الزارع قد حل كل أعتراض كما ترى ذلك فيما يلي: إن سيدنا له المجد بفصل أنجيل اليوم قد مثل الكرازة الأنجيلية بالزرع. وهو تمثيل في غاية المناسبة. لأنه كما ان الزارع يلقى البذار من يده في الأرض. كذلك الواعظ يلقى كلمة الله من فمه فى مسامع المؤمنين. وكما أن الزرع أما أن يصادف أرضا جيدة فينمو ويثمر . أو لا يصادف فلا يثمر . كذلك التعليم بالكلمة أما ان يصادف أستعداد الإنسان وميله فيثمر في نفسه أو لا يصادف فلا يأتي بفائدة.ينتج من هذا أن ليس كل الذين يسمعون الكلمة يخلصون. لأن التأثير يختلف حسب أختلاف السامعين. وهو ما ضرب من أجله هذا المثل. فأن ربنا له المجد قد شبه فيه الواعظ بالزارع والعالم بالحقل. وكلمة الله بالبذار وذلك لأن غلة الزرع هي قوت للجسد. كما أن ثمرة كلمة الله هي خلاص للنفس اننا نتعلم من فصل انجيل هذا اليوم أن السامعين لكلمة الله أربعة انواع: النوع الأول : هم الذين يسمعون الكلمة بدون أكتراث. ويشبهون الزرع الذي سقط على الطريق فانداس واكلته طيور السماء. لأن قلوبهم غير مستعدة وقاسية حتى أن كلمة الله لا تؤثر فيها ولذا تراهم يجلسون في الكنيسة أن أتوا إليها فارقين في بحار التفكير بأمور يعرفونها هم. وأن انتبهوا فإلى ملابس الشعب او الواعظ وصوته. وأن سمعوا الوعظ فبقصد الانتقاد على الواعظ والتنديد عليه لا السماع كلمة الله. وفاتهم أنهم في تلك اللحظة يكونون في حضرة الله تعالى. ويأتي وقت يردد فيه كلا منهم قول الحكيم: "كيف أنى أبغضت الأدب ورذل قلبي التوبيــــخ ولم أسمع لصوت مرشدى" أم ١٢:٥-١٤
النوع الثاني : هم الذين يسمعون الكلمة بفرح ولكن إلى حين. ويشبهون الزرع الذي سقط على الصخر. ولما نبت جف لأنه لم تكن له رطوبة. لأنهم يسمعون التعليم بأبتهاج وتنتعش عواطفهم من شدة الفرح ولكن بما أنهم ليس فيهم أصل للأقرار بالخطايا. ولا محبة فيهم ولا قداسة فأن فرحهم لا يدوم. لأنهم عند أول تجربة يعثرون ويسقطون. نعم أنهم يسمعون الكلمة بأشتياق حار لكنهم لا يفهمون البشرى فهما تاما وخصوصا من جهة كونهم خطاة ومعرضين لغضب الله. فتراهم يسلمون بحقائق البشرى ويتصورنها. ولكنهم لا يجددون ذهنهم بأتضاع قلوبهم وبخضوع ارادتهم وتقديس أهوائهم. ويأخذون آرائهم عن الدين من شهادة البشر ويلتذون بسماع الوعظ عن واعظ ويبغضون الأخرين. لا يتأملون في أمروهم "ولا يمتحنون ذواتهم. وبالأجمال " لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها" ٢تى٥:٣ فهذا النوع ديانته باطلة أيضا كالنوع الأول. وأن امتاز عنه بفرحه وقت سماع الكلمة.النوع الثالث : هم الذين يسمعون الكلمة لكنهم لا يستفيدون لارتباكهم بهموم الحياة ويشبهون الزرع الذى سقط بوسط الشوك فنبت معه الشوك وخنقه، لأنهم يقبلون الكلمة بفرح وتنموا فيهم نمواً يبشر بثمرة صالحة. فتراهم كأنهم أخذون فـــي التجديد. ولكنهم بسب هموم الحياة الحاضرة وملذاتها وغرور الغني وسائر الشهوات. يسقطون ويصيرون بلا ثمر. فأن قلت ما السبب الداعى لسقوط هذه الأنواع الثلاثة منم الناس وهلاكهم ؟ أجبتك. أن سبب النوع الأول هو عدم الأكتراث وسبب هلاك النوع الثاني هو فقد . وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث. المبادئ ،وسبب هلاك النوع الثالث هو محبة العالم أى نعم فأن عدم الأكتراث يضر بكثيرين والتوانى يضر بأخرين وغرور الحياة الدنيا يهلك البقية
أما النوع الرابع فهم الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويحفظونها. ويشبهون الزرع الذي سقط على الأرض الصالحة. ولما نبت صنع ثمراً مئة ضعف. لأنهم يقبلون الكلمة بأيمان حقيقى ورغبة صحيحة ككلمة الله كما هى بالحقيقة. لا ككلمة بشر ١تس١٣:٢. فيثمرون أثمار التقوى وعمل كل ما يحب الله فتظهر فيهم نعمته. وتعلمهم أن يتجنبوا الفجور وكل الشهوات فيعيشون بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر . تى١١:٢-١٢ فسبيلنا أن نواظب على الحضور إلى الكنيسة لسماع كلمة الله بإصغاء تام وبكل ورع وتقوى. تاركين عنا هموم العالم وغروره. ولذات الجسد وكل شهواته. لتكن كل تأملاتنا في ما نسمعه وليس لنرى الغير لأجل الانتقاد. حتى نفهم كل ما يتلى على مسامعنا فنثمر أثمار الفضيلة ونفوز بالخلاص بتعطف وتحنن ربنا وإلهنا يسوع المسيح الذى له المجد إلى الأبد. أمين.
القديس يوحنا ذهبى الفم
عن كتاب العظات الذهبية
المزيد
16 نوفمبر 2024
بمناسبة عيد الشهيد العظيم مارجرجس
مَن هو البَطَل في المسيحيّة؟
في نظَر أهل العالم، البطل هو الفارس الذي يركب على حصان، أو هو صاحب العضلات المفتولة، أو هو الشخص المشهور صاحب الإنجازات العظيمة، أو هو القائد صاحب السلطان والصوت العالي، أو هو مُحَطِّم الأرقام القياسيّة أمّا في المسيحيّة فالبطل هو القدّيس، وهو الإنسان المُحِبّ، وهو الشاهد بكلمة الحقّ.
أوّلاً البطَل هو القدّيس:-
القداسة مصدرها هو عمل الروح القدُس فينا فهي تأتي من عمق شركتنا مع الله القداسة تجعل الإنسان قويًّا متماسِكًا بعكس النجاسات والعبوديّة للشهوات، التي تجعل النفس مُمَزّقة من الداخل ومهزومة القدّيس هو إنسان يعيش الإنجيل وقد غلب الخطية، وكرّس حياته بصدق لله هو يسلُك بطهارة وتعفُّف، ويتوب كلّ يوم ويضع وصيّة المسيح أمام عينيه باستمرار لو لم يكُن مارجرجس قدّيسًا، ما كان ليحتمل كلّ تلك العذابات ولا كان يصمد أمام إغراء الفتاة التي جاءت لكي تصنع معه الشرّ؛ فرفضُهُ للخطيّة من داخل قلبه جعلَهُ في لحظة دخولها يعطيها ظهره، ويَقِف مُصلِيًا بقوّة لساعاتٍ طويلة، حتّى ذابت الفتاة من الحضور الإلهي، وقادها روح الله للتوبة، فأتت تحت قدميّ مارجرجس لتكون تلميذة للمسيح، وأسيرة لمحبّته، بعد أن تابت وتحرّرت من رباطات الخطيّة وفي اليوم التالي، قدّمَت حياتها للاستشهاد، كذبيحة حُبّ للذي أحبّها واشتراها بدمه! هكذا كان البطل مارجرجس يَقتنِص النفوس للمسيح بحياته المقدّسة.
ثانيًاالبطل هو الإنسان المُحِبّ:-
المحبّة هي الطاقة الإلهيّة التي تملأ قلوب أولاد الله، فيخدمون ويسامحون ويبذلون إلى مستويات بطوليّة، إذ أنّهم يرتوون من محبّة الله بلا حدود "نحن نحبّه لأنّه هو أحبّنا أوّلاً" (1يو4: 19)، و"محبّة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المُعطَى لنا" (رو5:5) البطل الحقيقي هو الذي أدرك محبّة المسيح له، وكيف أنّه أخلى ذاته وتجسّم بلحمنا، لكي يُحيينا ويهبنا نِعمة التَبَنّي، فنصير وارثين لملكوته (رو8، غل4) وقد شرّفنا بعضويّة جسده (1كو12)، وجعلنا أهل بيته (أف2) عندما يُشبِع الحُبّ الإلهي القلب، يستطيع أن يترُك أباطيل العالم بسهولة، ويُضحّي بكلّ شيء في سبيل الملكوت البَطَل هو الذي يقبل احتمال الآلام لأجل خاطر محبّة المسيح مُدرِكًا أنّنا إذا قبلنا أن نتألّم معه ومن أجله، فبالتأكيد سوف نتمجّد معه (رو8) إذ أنّ خفّة ضيقتنا الوقتيّة تُنشئ لنا ثُقلَ مجدٍ أبديًّا (2كو4)لقد أدرك الشهداء أنّ الألم هِبة ونعمة (في1) يمكن أن نَدخُل بها لشركة آلام المسيح، ونُعَبِّر باحتمالنا للآلام وبتسامُحنا وبخدمتنا للآخَرين عن حبّنا له هكذا كان الشهداء أبطالاً في التسامُح والغُفران للذين كانوا يُهينونهم بقسوة، ويعذّبونهم بأشدّ أنواع التعذيب مثلما خرج التلاميذ فرحين بعد جلدهم بالسياط، إذ حُسِبوا مستأهَلين أن يُهانوا من أجل اسم يسوع (أع5: 41) لكي نكون أبطالاً حقيقيّين، نحتاج أن ننمو في محبّة المسيح كلّ يوم والحُبّ ينمو بالتواصُل معه، وبالذات في صلاة المزامير، وبسماع صوته الحلو عندما نتغذّي بكلام الإنجيل، وبالتسبيح، وبالتناول من جسده ودمه المبذولَين حُبًّا فينا!
ثالثًاالبطل هو الشاهد بكلمة الحقّ:-
الواقع أنّ الشهادة للحقّ لا يستطيعها إلاّ الأحرار، الذين حرّرهم المسيح من رباطات الخطيّة، فيشهدون لإيمانهم بكلّ قوّة فالمحبّة للحقّ تُحَرّر من الخوف والقلق والمجاملات الكاذبة الشهداء كانوا أبطالاً في الشهادة للحقّ، ولم يَقبَلوا النجاة من أجل الثبات في الحقّ ولكي ينالوا قيامة أفضل (عب11: 35) فاعترفوا بإيمانهم رغم كلّ الظروف المُعاكِسة هناك مصطلَح إنجيلي جميل عن الشهادة للحقّ، هو عبارة "الاعتراف الحسَن" (1تي6: 12-13) وتَستخدِمه الكنيسة أيضًا في صلواتها ففي طقس المعموديّة مثلاً؛ نحن نجحد الشيطان ونعترِف "الاعتراف الحسَن"، أي نُقِرّ بإيماننا قَبل الدخول لجُرن المعموديّة كما اعترف الربّ يسوع أمام بيلاطس بهذا "الاعتراف الحسن"، مُعلِنًا له أنّ مملكته ليست من هذا العالم، وأنّ بيلاطُس ليس له سُلطان إن لم يكُن قد أُعطِيَ من فوق (يو18: 33-37، يو19: 8-11)، فهذه هي الشّهادة للحق؛ أنّ مملكتنا ليست من هذا العالم، وأنّ الله إلهنا هو ضابط الكلّ وصاحب السلطان.
أخيرًا الشهادة للحقّ ليس معناها التطاوُل على الناس، ولا تُعنِي التجريح أو التشهير أو التحريض أو الإدانة فالذين يفعلون هكذا بداعي حماية الإيمان أو الغيرة على الكنيسة أو تحت أيّ سِتار، هم يَسعون إلى اكتساب بطولات مزيّفة، محاولين اجتذاب أتباعٍ لهم، غير مُشفِقين على الرعيّة(أع20: 29-30) أمّا الإنجيل فيعلّمنا أن نقول كلمة الحقّ في وداعة ومحبّة حقيقيّة speaking the truth in love (أف4: 15) البطل الحقيقي هو الذي يقول كلمة الحقّ مُعتَرِفًا بإيمانه مهما كان الثّمَن، أمّا الجُبَناء وغير المؤمنين فليس لهم نصيب في الحياة الأبديّة (رؤ21: 8)،وسينكرهم المسيح أمام أبيه السماوي وملائكته القدّيسين (مت10: 33).
ربّي يسوع: "لا تنزع من فمي قول الحقّ، لأنّي توكّلتُ على أحكامك" (مز119: 43 - القطعة السادسة من صلاة نصف الليل بالأجبية).
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء بشيكاجو.
المزيد
15 نوفمبر 2024
مائة درس وعظة (٥٤)
اسم مار مرقس « نصيبنا الحلو»
بهمة رجل واحد (مار مرقس) قهرت أمة بعزيمة رجل أعزل تغير شعب من حال إلى حال، وتأسست في بلاده كنيسة (الكنيسة القبطية) عزيزة الجانب مرفوعة الرأس.
(القديس حبيب جرجس)
ولد مارمرقس في مقاطعة الخمس المدن الغربية، وقد أقام المتنيح البابا شنودة الثالث نيافة الأنبا باخوميوس مطراناً للبحيرة والخمس مدن الغربية، وكان ذلك إحياء لهذه المنطقة التي لم تكن فيها خدمة، وشاءت نعمة الله أن أخدم في هذه الإيبارشية وأن أذهب إلى ليبيا وإلى وادي مرقس، وإلى وادي الإنجيل، وإلى وادى الأسد، وهذه كلها أودية معروفة في ليبيا مسقط رأس مارمرقس و كنيستنا في طرابلس عاصمة ليبيا على اسم مار مرقس، وخدمت فيها مرات ومرات اسم مرقس مكون من 4 حروف م رق س، يقدمون لنا شخصية مارمرقس
اولا: حرف الميم مدرسة
مدرسة تعليمية لاهوتية تختصرها بحرف الميم كان التعليم عند مارمرقس من أهم أولوياته، وحينما كرر في مدينة الإسكندرية كانت مدرسة الإسكندرية اللاهوتية من أهم اعماله والمدرسة ليست مواد بناء كالطوب والربط والأسمنت فقط بل تعليم وفكر وحياة صار للمدرسة بعد ذلك امتداد بالمدارس اللاهوتية والإكليريكية والمعاهد الدراسية بصفة عامة في مصر وخارج مصر
ثانيا: حرف الراء: رسول:
رسول إنجيلي يعنى رسولاً من رسل السيد المسيح الـ ٧٠.
كتب البشائر الأربع من التلاميذ: متى البشير ويوحنا البشير - ومن الرسل القديس مرقس والقديس لوقا
الرسول وإنجيل مارمرقس هو اقدم واقصر وأسرع الأناجيل مارمرقس ولد في ليبيا (أفريقي)، وعاش في فلسطين، وتتلمذ على يد المسيح له المجد (اسيوى)، وذهب إلى روما التي كانت عاصمة. العالم الروماني وقت ميلاد المسيح له المجد (اوروبي) لذلك هو جامع ثقافات من أفريقيا واسيا وأوروبا، وحينما كتب الإنجيل كانت عينه على كل هذا العالم القديم المعروف ومار مرقس رسول وإنجيلي ما اسعدنا في مصر أن يكون نصيبنا من وسط الرسل وتلاميذ المسيح مار مرقس الذي كتب الإنجيل.
ثالثا: حرف القاف قداس:
هو الذي وضع الصورة الأولى لفقرات القداس الإلهى المسمى بالقداس الكيرلسي وجاء بعده القديس كيرلس عامود الدين رتبه ونظمه فصار على اسمه القداس الكيرلسي.و نصلی به حتى الآن في كنائسنا
رابعا: حرف السين: سيرة سيرة عطرة انتهت باستشهاد مارمرقس ومن ملامحها
١- كرازة جال في الإسكندرية يكرز بالمسيح كان مار مرقس شخصاً واحداً ثم تعرف على إنيانوس فصارا اثنين، وبعد ذلك تعرف على أسرة إنيانوس و اصحابه فصاروا عشرة، وبعد ذلك العشرة صاروا عشرين والعشرون صاروا مائة، والمائة صاروا الوفاً. والألوف صاروا مليوناً، والمليون صاروا ملايين
٢- استشهاد : كرازته أغضبت الوثنيين فقبضوا عليه ولم ينكر إيمانه، فاستشهد على أرض الإسكندرية لو سرت في شارع من شوارع الإسكندرية لوجدت فيها دماء مار مرقس، لذلك يتسمى البابا في كنسيتنا بابا الإسكندرية، حتى لو كان مقره القاهرة (وذلك على اعتبار أنها عاصمة البلاد) لكن الإسكندرية هي أول مدينة على أرض مصر نالت الإيمان بالسيد المسيح وهي إحدى مقار الكراسي الرسولية في العالم. ٣- كنيسة: أنشأ كنيسة، والكنيسة ولدت كنيسة، وصارتا كنيستين وثلاث، ومازالت كنيسته تلد كنائس كثيرة في كل مكان في العالم يوجد في كل العالم كنائس كثيرة. واباء كثيرون يخدمون في أوروبا وأفريقيا وأمريكا وكندا واستراليا وأورشليم ما هذا العمل العجيب يا قديسنا العظيم مارمرقس يقول أنا أتيت إلى مصر، ومن كنيسة مصر خرجت كنائس لكل الاقباط ولكل المسيحيين في كل مكان في العالم سيرته عطرة حتى للكنائس الأخرى.
ففى إيطاليا وفي بلد اسمها فينيسيا توجد كاتدرائية كبيرة اسمها سان مارك. تقريباً في كل مكان نجد كنيسة
مار مرقس أو سان مارك أو سان ماركو وهكذا.
قداسة البابا تواضروس الثاني
المزيد