المقالات

01 أكتوبر 2025

ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا

المعمودية هي أول الأسرار الكنسية، وبها يصبح المؤمن عضوًا في الكنيسة وفي يوم الخمسين، لما آمن اليهود ونخسوا في قلوبهم وسألوا "ماذا نفعل أيها الرجال الأخوة؟" قال لهم بطرس الرسول "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا" (أع 2: 37-38) فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس (أع 2: 41) لم يكن سهلًا تعميد 3000 إنسان في يوم واحد. ولكن ذلك كان لازمًا لأهمية المعمودية، لمغفرة الخطايا ومما يدل على أهمية المعمودية قول السيد المسيح لنيقوديموس "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو 3: 5) وهذا يدل على أهمية المعمودية للخلاص وكما قال الرب لتلاميذه قبل صعوده "مَن آمن واعتمد خلص" (مر 16:16) والذي يتتبع سفر الأعمال يجد أن المعمودية كانت تتبع الإيمان باستمرار كما حدث يوم الخمسين (أع 2: 41). وفي إيمان السامرة (أع 8) وفي أيمان الخصي الحبشي (أع 8: 36-38) وفي إيمان كرنيليوس وأصحابه (أع 10: 47-48) وإيمان ليديا بائعة الأرجوان (أع 16: 14-15)، وإيمان سجان فيلبي (أع 16: 31-33) إلخ ونرى أهمية المعمودية لمغفرة الخطايا في أيمان شاول الطرسوسي هذا الذي ظهر له الرب في طريق دمشق، ودعاه بنفسه ليكون إناء مختارًا ورسولًا للأمم (أع 9: 3-16) شاول هذا، قال له حنانيا الدمشقي "أيها الأخ شاول لماذا تتوانى؟ قم اعتمد وأغسل خطاياك، داعيًا باسم الرب" (أع 22: 16) هذا الإنسان العظيم، الذي صار اسمه بولس الرسول -على الرغم من هذه الدعوة العظيمة- كان محتاجًا إلى المعمودية ليغسل خطاياه ولم تكن خطاياه قد غسلت بعد، ولا بالدعوة الإلهية، ولا بإيمانه بل من أهمية المعمودية وخطورتها، قول القديس بولس الرسول " لأن جميعكم الذين اعتمدتم بالمسيح، قد لبستم المسيح" (غل 3: 27) أي لبستم البر الذي في المسيح بمعموديتكم. لماذا؟ لأن المعمودية، هي موت مع المسيح وقيامة معه كما يقول الرسول "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضًا معه" (كو 2: 12) في هذا الدفن يكون إنساننا القديم قد صلب مع الرب ومات (رو 6:6) ويشرح الرسول هذا الأمر فيقول "فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب، هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته" (رو 6: 4-5) المعمودية موت وميلاد: موت للإنسان العتيق، وميلاد إنسان جديد على شبه المسيح هي ميلاد من الماء والروح (يو 3: 5) وهكذا قال الرسول "بل بمقتضي رحمته خلصنا، بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الروح القدس" (تي 3: 5).= وفي هذا الميلاد الثاني، نصير أبناء لله وأبناء للكنيسة. وكما قال أحد القديسين "لا يصير الله لك أبًا، إلا إذا صارت الكنيسة لك أمًا" في المعمودية ننال استحقاقات دم المسيح للمغفرة، فتغفر لنا جميع الخطايا السابقة للمعمودية، سواء الخطية الأصلية الجدية أو الخطايا الفعلية السابقة للمعمودية ومادامت الخطية الأصلية قد غفرت، فلا داعي لتكرار المعمودية إذن أما الخطايا الفعلية التي ترتكب بعد المعمودية فتغفر بواسطة سر التوبة نظرًا للزوم المعمودية، لمغفرة الخطايا، ولدخول الملكوت، حسب قول السيد الرب (يو 3: 5) لذلك نحن نعمد الأطفال المعمودية لا بُد أن يسبقها الإيمان بالنسبة إلى الكبار، حسب قول الرب "مَنْ آمن واعتمد خلص" (مر 16: 16) أما الطفل الصغير، فيعمد على إيمان والديه المعمودية موت مع المسيح. ولما كان الموت واحدًا، لذلك تكون المعمودية أيضًا واحدة. المعمودية الواحدة كما قال الرسول "رب واحد وأيمان واحد. ومعمودية واحدة" (أف 4: 5)هي معمودية واحدة، ولكن بشرط: 1- بإيمان واحد، وإيمان سليم. ولذلك نحن نقبل معمودية الكنائس التي معنا في إيمان واحد. 2- أن تكون المعمودية بواسطة كهنوت معترف به، وليس تحت حكم. وهذا كان حكم مجمع قرطاجنة سنة 276 م برئاسة القديس كبريانوس. 3- يشترط أيضًا أن تكون المعمودية سليمة ثلاث غطسات باسم الآب والابن والروح القدس (مت 28: 19) ولأن المعمودية واحدة، إذا حدث وارتد إنسان عن الإيمان المسيحي، ثم عاد إليه، لا تُعَاد معموديته. وننتظر قيامة الأموات إننا نؤمن بقيامة جميع الأموات الأبرار والأشرار حسبما ورد في إنجيل يوحنا "تأتي ساعة يسمع فيها جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو 5: 28-29) كانت قيامة السيد المسيح باكورة لقيامتنا جميعًا أن الإصحاح 15 من الرسالة الأولى إلى كورنثوس كله عن قيامة الأموات يقول الرسول "قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة للراقدين فإنه إذ الموت بإنسان أيضًا قيامة الأموات ولكن كل واحد في رتبته المسيح باكورة، ثم الذين للمسيح في مجيئه" (1كو 15: 20- 23) وسنقوم بأجساد روحانية سماوية غير مادية وهكذا قال الرسول عن جسد القيامة " يزرع جسمًا في هوان ويقام في مجد" "يزرع في ضعف ويقام في قوة يزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًا وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي إن لحمًا ودمًا لا يقدران أن يرثا ملكوت الله" ( 1 كو 15: 42- 50) وقال في موضع آخر "وننتظر مخلصًا هو الرب يسوع الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (في 3: 20-21) أي إننا سنقوم على شبه الجسد الممجد الذي قام به السيد الرب. قيامة الأموات القيامة العامة ستعقبها الدينونة والدينونة تكون في المجيء الثاني للرب لذلك قيل عن الرب "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله" (مت 16: 27) وقيل أيضًا "متي جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار" (مت 25: 31- 33) وتبدأ الدينونة وتنتهي بعبارة "فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 25: 46) وقيل في سفر الرؤيا عن الدينونة "ورأيت الأموات صغارًا وكبارًا واقفين أمام الله وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه وسلم الموت والهاوية الأموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب أعماله وطرح الموت والهاوية في بحيرة النار هذا هو الموت الثاني وكل من لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار" (رؤ 20: 12-15) في القيامة سيختطف الأحياء على الأرض، وتتغير أجسامهم يقول الرسول أن الذين سبق رقادهم، سيحضرهم الرب معي في مجيئه (1تس 4: 14) لأن الرب "سيأتي في ربوات قديسيه" (يه 14) الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولًا ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعًا معهم في السحب، لملاقاة الرب في الهواء وهكذا نكون في كل حين مع الرب" (1تس 16، 17) وفي القيامة وفي لحظة الاختطاف Rapture، نتغير إلى الجسد الروحاني يقول الرسول "لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغيرفي لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير لأن هذا الفاسد لا بُد أن يلبس عدم فساد، وهذا المائت عدم موت" (1كو 15: 51- 53) أي نلبس الأجساد الروحانية السماوية التي لا تفسد ولا تموت. إذن ثلاثة أحداث خطيرة ستتم معًا متتابعة. وهي: 1- المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح، مع ملائكته وربوات قديسيه. 2- قيامة الأموات: الأبرار والأشرار. 3- الدينونة العامة كما قال الرسول "لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد، بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2كو 5: 10) بعد ذلك ينتهي هذا العالم الحاضر كله وتبدأ حياة الدهر الآتي "كل واحد في رتبته". نهاية العالم الحاضر كما قال السيد الرب من قبل إن السماء والأرض تزولان (مت 5: 18) وقال القديس يوحنا الرائي "ثم رأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد فيما بعد" (رؤ 21: 1) وقال أيضًا "رأيت عرشًا عظيمًا أبيض والجالس عليه، الذي من وجهه هربت الأرض والسماء، ولم يوجد لهما موضع" (رؤ 20: 11) ويقول القديس بطرس الرسول عن نهاية هذه الأرض "سيأتي كلص في الليل، يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" (2بط 3: 10) وشرح سفر الرؤيا أمورًا كثيرة تمس نهاية هذا العالم وردت في الضربات التي تلحق العالم عندما يبوق الملائكة السبعة (رؤ 8) كذلك ما تكلمت به الرعود السبعة ( رؤ 10: 3-4) وقال السيد الرب في العلامات التي تسبق مجيئه "وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس، والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء، وقوات السموات تتزعزع" (مت 24: 29) وورد ما يشبه هذا في سفر الرؤيا، عندما فتح الختم السادس (رؤ 6: 12- 16). وحياة الدهر الآتي بعد ذلك يتقدم الرب يسوع، فيسلم الملك لله الآب وتبطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة ويخضع الكل لله، ويصير الله الكل في الكل وآخر عدو يبطل هو الموت (1 كو 15: 24- 28) تبدأ حياة الدهر الآتي، في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس (رؤ 21: 2) بعد أن ينتقل إليها الأبرار المنتظرون في الفردوس الموت لا يكون فيما بعد، ولا يكون حزن ولا وجع، لأن الأمور الأولى قد مضت ويقول الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدًا (رؤ 21: 4-5) وأورشليم السمائية لا تحتاج إلى شمس ولا قمر ليضيئا فيها، لأن مجد الله هو الذي ينيرها، ولا يكون هناك ليل ولا يوجد فيها إلا المكتوبون في سفر الحياة (رؤ 21: 23- 27) ويتمتع الأبرار بالوعود التي وعد الرب بها الغالبين (رؤ 2-3) وأيضًا ما أعده الله لمحبي أسمه القدوس ما لم تره عين ولم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر (1كو 2: 9) وحياة الدهر الآتي، هي حياة النعيم الأبدي للأبرار في السماء يعيشون هناك كملائكة الله في السماء (مت 22: 3) وسيكون الله هو نعيمهم وفرحهم "وهم ينظرون وجهه الرب الإله ينير عليهم. وسيملكون معه إلى أبد الآبدين" (رؤ 22: 4-5). قال القديس بولس الرسول "أننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجهًا لوجه الآن أعرف بعض المعرفة ولكن حينئذ سأعرف كما عرفت" (1كو 13: 12) ليس سهلًا ولا في الإمكان أن نشرح حياة الدهر الآتي إن كان القديس بولس الرسول لما صعد إلى الفردوس، قال إنه "سمع كلمات لا ينطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها" (2كو 12: 4). فماذا يقال إذن عن النعيم الأبدي ماذا يقال عن الحياة مع الله، وكل مصاف ملائكته وجميع الطغمات السمائية، وكل ربوات قديسيه؟! ماذا يُقال في التعرف على كل هؤلاء؟! قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب قانون الإيمان
المزيد
30 سبتمبر 2025

فكرة لليوم وكل يوم { نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ.}

تختار الدول سفرائها لدى غيرها من الدول بمواصفات وشروط خاصة ويجب ان يكونوا على ثقافة عاليه ومعرفة بمصادر قوة دولتهم وظروفها ولغة بلدهم الأم والدولة التي يذهبوا اليها فهو يمثلوا حلقة الوصل بين الدولتين ويعملوا على تقوية العلاقات بين الدولتين ويجب أن يكون السفير لدية الحكمة والوعي والخبرة الكافية لتمثيل دولته كصاحب مركز سامي يتمتع بامتيازات دبلوماسية وعليه واجبات تجاه دولته ونقل الصورة كاملة فى الدولة التى هو سفير فيها لدولته. والمؤمنين عامة والخدام والرعاة بصفة خاصة يمثلوا دور السفراء عن المسيح {إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ} (2كو 5 : 20). يسعوا لنقل صورة طيبة، حلوه عن السماء للذين على الأرض. ويحيوا حياة فاضلة منزة عن كل عيب تليق بأهل السماء والقديسين وأناس ذوى مكانة رفيعة ومقام سامى. أن كثيرين مما نعيش بينهم لا يقرأون الإنجيل ولكن يرواه فى أقوالنا وأعمالنا وحياتنا بينهم، فما هي النتائج والتأثير الذى يخرجون به بعد مقابلاتنا ومعاملاتنا معهم؟. وهل نعكس نحن فكر المسيح ومحبته وتواضعه ووداعته ونحبب الناس فيه؟ يجب أن يكون ذلك من مهامنا علي الأرض. لقد أختارنا الله لنمثله كسفراء علي الأرض لا لفضل فينا وعلينا أن ننمي وزناتنا ونتاجر بها ونربح. فنكون على صلة دائمة بالله الذى نمثله ومنه نأخذ مهامنا ومسئولياتنا ونصلى من أجل الأرض ومن عليها ولاسيما الدولة التي نعيش على أرضها ونأكل من خيرها ونكون أوفياء للسماء ونخجم مجتمعنا وكنيستنا ونطلب عن المسيح من الناس ليتصالحوا مع الله بالتوبة وهذه رسالة المسيح الخلاصية { قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ} (مر 1 : 15). وكسفراء لم نأتى للنزهة على الأرض أو لمنفعة خاصة بنا مع تعهد الله بنا لنكون فى وضع متميز ومسؤليته تجاه سلامتنا. نحن نسعى لتقوية العلاقات بين السماء والأرض كرسل للسيد المسيح نعالج بالحكمة كل ما يطرأ من خلل على الأرض بالصلاة والصوم والخدمة الباذلة {اَلرَّسُولُ الشِّرِّيرُ يَقَعُ فِي الشَّرِّ وَالسَّفِيرُ الأَمِينُ شِفَاءٌ} (ام 13 : 17). كسفراء نقضى فترة زمنية مؤقتة على الأرض فطبيعة عمل السفير تدفعه للعمل بعيداً عن وطنه بصفة موقته، وطالما كان يعمل سفيراً، فإنه دائماً غريب في أي بلد كان. يتنقل من دولة الي أخرى حتى يرجع الى وطنه الأم { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ} (1بط 2 : 11) وكسفراء عن ربنا يسوع المسيح فإننا نعمل تحت قوانين مختلفة يضعها هذا العالم الذي نعيش فيه نحترم ونلتزم بالقوانين بامانة لكن لا نشاكل أهل هذا الدهر فى تصرفاتهم { وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ }(رو 12 : 2). وحتى أن أختلفت وظائفنا وأعمالنا ومكانتنا في العالم، نستخدم وقتنا وطاقتنا وأموالنا لخدمة وطننا السمائى ونمثل من أحبنا { الَّذِي لأَجْلِهِ أَنَا سَفِيرٌ فِي سَلاَسِلَ، لِكَيْ أُجَاهِرَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ }(اف 6 : 20) فيكون سلوكنا متسم بالعفة والقداسة وكسفراء نحن مسئولون أمام المسيح الذي سيعطي كل واحد كما يكون عمله. فنكون مستعدين للرجوع الي وطننا الحقيقي فوظيفة السفير لا تعني أنه سيستمر هكذا بلا نهاية، فقد يستدعي السفير إلى بلاده في أية لحظة لظروف التقاعد والسن، أو لأية أسباب أخرى. وعند ذلك تنتهي إرساليته ويعود لوطنه. أن الله لا يترك مؤمناً واحداً على الأرض إلى الأبد. وعندما تنتهي وظيفتنا هنا على الأرض، فإننا لحظتها نُستدعى إلى وطننا الأصيل. ونسمع ذلك الصوت المفرح { ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ للَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ }(مت 25 :34). القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
29 سبتمبر 2025

الكاهن بين الصليب والإنجيل

" ِ شماُله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (نشيد 2: 6) ونحن نحتفل بعيد الصليب المجيد لاحظتُ أن الكھنة قدیمًا كانوا یظھرون في الصور وھم یحملون في الید الواحدة الصلیب وفي الأخرى الكتاب المقدس،وعلى مدار حیاة الكاھن یرافقه ھذان، فھو ممسك بالصلیب في یده طوال الوقت، بینما یحمل كتابه بالید الأخرى أینما وُجِد، وفي القداس بینما یمسك بالصلیب فإنه یضع الإنجیل فوق رأسه، أو یمسكھما معًا، بل أینما وُجِد الكتاب في مكان فالصلیب یوجد فوقه! فلماذا ترتبط حیاته بھما؟ أولا الكاهن والصليب:- عندما سیم الكاھن كان ما قاله الرب عن بولس یتردّد أمام الجمیع "لأنّي سأُریه كمْ یَنبَغي أنْ یتألَّمَ مِنْ أجلِ اسمي" (أعمال ۹: 16) ،ومن ثَمَّ التصق الكاھن بالمسیح المصلوب سیترك كل ماله، وینكر نفسه، ویحمل الصلیب تابعًا الرب، بل وسیتألم ویُصلَب معه، وسیسعى لیكمّل نقائص شدائد المسیح في جسده، سینظر في أثقال شعبه (صلبانھم) ویتألم معھم إنه یحمل الصلیب من جھتین: الأولى لیعلن افتخاره به دومًا، وأنه یسیرعلى درب المصلوب، والثانیة لیحمل ثقله ومسؤولیته بفرح ستتعدّد بركات الصلیب خلال مسیرته، من صلیب الاتضاع حین یقبل الضیقة بفرح،إلى صلیب السھر على الرعیة، إلى صلیب التجارب والمضایقات التي تأتي علیه من عدو الخیر، إلى صلیب المرض الذي قد یسمح له الله به، وصلیب المسؤولیات المتعدّدة إنه یسفك دمه في الخدمة نقطة نقطة،ھكذا یقول الآباء: "إن الشھید یسفك دمه مرة واحدة،وأمّا الكاھن فإنه یسفكه كل یوم". ثانيا الكاهن والإنجيل: أمًا الإنجیل فھو مرجعه ومصدره ونبراسه، وسیكون كل تعلیمه وقراراته مُؤیَّدة بآیات الكتاب،وقدیمًا كانت العظة كتابیة بالدرجة الأولى وكل جوانبھا مستندة على الإنجیل، ودائمًا ما تبدأ العظة بفصل من الكتاب المقدس، وتستند كلمات الكاھن وتعلیقاته وحتى دعاباته إلى الآیات الكتابیة الأكثر من ذلك،ستصیر الوصیة مُعاشة فیه أكثر ممّا ھي محفوظة ومشروحة،وسیدرّسه لأولاده ویجعلھم یتسابقون فیه،وستكون ھدایاه الرئیسیة ھي الكتب المقدسة وما یتعلّق بھا ھذا من جھة وأمّا من الجھة الأخرى، فإنه سیجد في الكتاب تعزیته الشخصیة، یحادث الله في الصلاة بینما یسمع صوته في الكتاب، ولن یفارقه الكتاب في أي مكان یوجد فیه، أي أنه یصیر "صدیق الكتاب المقدس"، وستتحول نسخته الشخصیة مع الوقت إلى موسوعة من التعلیقات والتأملات والملاحظات وھكذا یوصف بإنه خادم وصدیق الصلیب والإنجیل، وھكذا عاش حیاته والإنجیل "سراجه" والصلیب "فخره" حتى إذا ما كملت خدمته وأكمل سعیه، فإن كل من یلقى علیه نظرة الوداع سیتعجّب عندما یجد یده الیمنى ممسكة بالصلیب وكأنه قد تشبّث به حتى الموت، بینما الید الأخرى ممسكة بالكتاب المقدس، لأنه لم یَحِد حتى النھایة عن تعلیم المسیح، وفي ھذا وذاك قد أطاع الوصیة "كُنْ أمینًا إلَى الموتِ فسأُعطیكَ إكلیلَ الحیاةِ" (رؤیا ۲: 10) ھكذا كان أمینًا في تبعیته وأمینًا في تعلیمه نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها
المزيد
28 سبتمبر 2025

الصليب قوة الله

عيد الصليب هو عيد هام جداً بتحتفل به الكنيسة مرتان فى السنة المرّة الرئيسيّة هى عيد ظهور الصليب يوم 10 برمهات ولأنّ شهر برمهات دائماً يكون فى فترة الصوم الكبير ولأنّ الكنيسة تُكرّم عيد الصليب جداً وتشعُر أيضاً أنّ الصوم الكبير يأخذ إهتمام كبير منها فتشعُر أنّ هذا العيد للصليب لا يأخُذ كفايته فتحتفل الكنيسة بعيدهِ الثانى وهو عيد تكريس كنيسة الصليب يوم 17 توت إحتفال رسمى كبير لمُدة ثلاثة أيام بصلاة فرايحى الصليب هو المسيحيّة والمسيحيّة هى الصليب مُمكن نعرف أى شخص إنّه مسيحى من الصليب ونعرف المكان أنّه مسيحى من الصليب ، أى صار الصليب علامة المسيحيّة وفخرُهم وقوتّهُم ومجدُهم حتى أنّ المسيح بشخصهِ المُبارك مُرتبط بالصليب عندما ظهر الملاك للمجدليّة عند القبر قال لها إنتِ تطلُبين المسيح المصلوب ، أصبح المسيح مُقترن بالصليب والصليب مُقترن بالمسيح وكما قال بولس الرسول " عزمت أن أعرف بينكُم المسيح وإياه مصلوب " الكنيسة القبطيّة تُكرّم الصليب لأنّه مصدر كُل بركة وقوة لها الصليب هو :- قوة الله وحكمة الله 1- الصليب قوة الله :- نستطيع أن نعرف قوة الصليب من الشيطان لأنّه هو الذى هُزم وخُزى بالصليب إن كان إنسان به روح شرير ووضع آخر عليه الصليب وإن كان ليس كاهن أى ليس الروح مواجه بسر الكهنوت بل بصليب من شخص عادى فإنّه يُهزم أمام الصليب فى أحد المرات كان إنسان بهِ روح شرير يسير بأحد الشوارع وكان آخر يسير فى نفس الطريق يحمل صليب فى جيبهُ فصرخ الذى به روح شرير قائلاً " إخرج الصليب من جيبك " ، الصليب علامة تسحق الشيطان قوتّةُ تظهر عندما يرتعب أمامه الشيطان كمُجرم أمام آلة إعِدامهُ هكذا الصليب مُرعب للشيطان أكثر واحد يعرف جبروت الصليب عدو الخير لذلك نمسك الصليب فى أيدينا ونرشم به جسدنا وطعامنا ومضاجعنا ونُعلّقه على منارات كنائسنا و أكثر شىء يحميك الصليب نحن نعبُد الإله المصلوب الذى بالصليب أعطانا غلبة الصليب هو قوة الله للخلاص لذلك قد يرشم الكاهن قليل من الماء الرشومات الثلاثة بالصليب فيحمل الصليب قوة الثالوث وبالتالى يحمل الماء قوة الثالوث ويرّشُها فى المنزل أو يشربه مريض فيُعطى الماء بركة قوة أيضاً خاتم الزواج يرشمه الكاهن بالصليب فيحمل قوة الثالوث وقوة الإرتباط المُقدّس ، أيضاً فى بداية القُداس يرشم الكاهن التوانى بالثالوث بالصليب ، القرابين أيضاً يرشمها بالصليب فتحمل قوة الثالوث وتتحّول من نبات أرضى إلى جسد مُقدّس غير المؤمنين عندما يرون الصليب يسخرون منّهُ " كلمة الصليب عِند الهالكين جهالة " لأنّهُ مُشكلة خزى وعار لكنّه يحمل قوة تخُزى حكمة العالم مزمور العشية يقول " قد إرتسم علينا نور وجهك يارب " وفى القُداس نقول أعطيت أولادك علامة أى علامة الصليب وفى سفر الرؤيا أنّه أعطى علامة لأولاده هى علامة الصليب أيضاً فى سفر النشيد تقول عروس النشيد " علمُه فوقى محبة " أى صليبهُ و كأنّ كُلٍ منّا يسير وفوقه علم هو الصليب يُميزّنا عن كُل قبائل الأرض كما يُميّز كُل بلد علم خاص بها ،نحن علمنا هو الصليب يعرفنا به الله وسط الأُمم ويُميّز به قطيعهُ علامة قوية لذلك معروف عن يسوع أنّه يسوع المصلوب حتى فى الأبديّة " خروف قائم كأنّه مذبوح " أى مصلوب هكذا رآه يوحنا لأنّ الصليب قوة عندما أراد الله أن يُخلّص إسرائيل من أرض مِصر أعطاهم علامة فقال لهُم أن يأخذوا من دم الذبيحة ويضعوا على القائمتين والعتبة العُليّا لأبواب منازلهُم ما هذا الخشب المُلّطخ بالدم ؟ هو الصليب وهو يُنجى من الموت الملاك المُهلك يعبُر وعندما يرى خشب مُلّطخ بالدم لا يُهلك من بداخل هذا البيت لكن إن كان باب هذا البيت غير مُلّطخ بالدم يدخُل ويُهلك الصليب قوة مُخلّصة إحتمى فيهِ وأنت تعرف معنى إدراكهُ ، أكيد الذين كانوا فى البيوت التى أبوابها مُلّطخة بالدم فى حالة صعبة من الرُعب والخوف وهم يسمعون صُراخ الذين فى الخارج لكنّهُم عرفوا كيف يحتموا بالصليب عندما تذّمر الشعب على الله وعلى موسى النبى فى البريّة أرسل لهُم الله حيّات تلدغهُم ومات منهُم كثيرون وعندما تضرّع موسى لله قال لهُ الله إصنع حيّة نُحاسيّة وإرفعها على خشبة وكُل من نظر إليها وهو ملدوغ لا يموت بل يُشفى قوة لا تُدرك لكن نقول لله لتقُل كلام يستوعبه العقل ، قُل لموسى إعطيهم هذا الدواء المُضاد لسُم الحيات ، لكن كيف ينظُر إنسان بهِ سُم لحيّة نُحاسيّة يشفى من أثر السُم ؟ يقول الله هذه قوة غير مُدركة لأنّ صليبى جهالة لكنّه صار أحكم من حكمة حُكماء العالم عندما رأوا المسيح مصلوب فى صورة ضعف قالوا أنّهُم حسبوهُ مُهان لكنّه قوة لذلك وهو على الصليب نقول لهُ قدوس قدوس لأنّ صليبهُ قوة فى العهد القديم كانوا يُقدّمون ذبائح كثيرة لكن الله قال لهُم إنّ دم التيوس والعجول لا يفى العدل الإلهى ، إذاً ما هو يا الله الذى يفىِ عدلك ؟ يقول الصليب هو الذبيحة التى تفىِ العدل الإلهى ذبيحة الكفّارة هى عبارة عن تيسين يُذبح إحدُهما ويؤخذ من دمهِ ويُوضع على الآخر ويُطلق الآخر المُلّطخ بالدم بعيداً فى البريّة ، وكأنّ الله يقول إنّ خطاياكُم لم تُمحى لكنّها بعُدت لأنّ التيس حى لكنّه بعيد ، إذاً الخطايا موجودة لكنّها بعيدة " كما من حمل بلا عيب بدم نفسهِ " ، بروح أزلى جاء حمل الله ورفع عنّاخطايانا بدم نفسهِ ، لذلك جاء مولود فى مزود لأنّه حمل أى ذبيحة ، وكأنّه يقول كما عرفتمونى من يوحنا المعمدان " هوذا حمل الله " وأنا أعيش ذبيحة من أجلكُم لابُد أن تتمتّع بفدائهِ قوة خلاص جبّارة بدم يسوع ، إن كان غير المؤمن يستهين بالصليب فنحن نفتخر بهِ قديماً أيام بولس الرسول كان الناس بهُم روح التفاخُر بالأنساب والثقافة والجاه والغِنى و فوجد بولس أنّ تيار التفاخُر قد دخل الكنيسة فقال لهمُ " حاشا لى أن أفتخر إلاّ بصليب ربنا يسوع المسيح " ، لا تفتخر بغِناك أو أولادك أو نسبك كُل هذا يفنى لكن إفتخر بالصليب لأنّه يُعطى الخلاص ، لذلك سمح الله أن يُعلن صليبهُ بكُل قوة وإن كان مظهرهُ الضعف المسيح مات مصلوب كى يشترك العالم كُلّه فى موتهِ حيث كان فى هذا العصر العالم كُلّه تحت حُكم الرومان وكُل دولة دائماً لها عُرف لقتل المُجرم اليهود يقتلوه بالرجم وأُمّة أُخرى بالحرق وهكذا الرومان بالصلب ، قال المسيح سأجعل العالم كُلّه يشترك فى قتلى ، سأموت بطريقة الرومان وبمشورة اليهود أى إجتمع فى موتهِ العالم كُلّه لأنّه جاء ليُخلّص العالم كُلّه المحكوم عليه كمُجرم صار مُخلّص وطريقة موت المُجرم صارت خلاص. 2- الصليب حكمة الله :- إن كان الصليب هو قوة الله وأعطانا غُفران لكن مظهره ضعف وخزى وعار فكيف يكون حكمة الله ؟ نقول كان لابُد لهُ أن يموت بضعف ليرفع عنّا ضعفنا وأن يموت بخزى كى يحمل عنّا خزينا بعض اليهود يقولون أنّ كُل اليهود سيدخلون الفردوس لأنّ أبونا إبراهيم سيقف أمام الفردوس ويُدخل كُل مختون إلاّ الملعونين على خشبة أى الذين وقع عليهم حُكم الصلب والسيد المسيح جاء من تلك الفئة ليُحّول اللعنة إلى خلاص " حولّت لى العقوبة إلى خلاص " يقول القديس مارِأفرآم السُريانى أنّ الموت جاء لنا عن طريق شجرة مُعلّق عليها ثمرة وأدخل الشيطان الغوايّة لآدم فأخذ الثمرة وأكل منها ومات أى الخطيّة دخلت بشجرة وثمرة وغوايّة وموت والسيد المسيح جاء وخلّصنا بنفس الإسلوب بشجرة أى الصليب وثمرة أى المسيح المُعلّق على الصليب والغواية جاءت للشيطان الذى أراد أن يأخذ الثمرة ليأكُلّها فأكلته هى بدلاً من أن يبُتلع المسيح للموت إبتلعهُ المسيح وقيّدة والنتيجة كانت الخلاص ، إذاً الخلاص بشجرة أى الصليب والثمرة أى المسيح نيابة عن ثمرة البشريّة كُلّها هو ثمرتنا والغُوايّة للشيطان الذى رأى المسيح فى ضعف مُعلّق على خشبة لكنّه إبتُلع منّه وقُيّد وطُرح وبدلاً من أن يُعطينا هلاك وموت أعطانا حياة ، لذلك قال المسيح قديماً أكلتُم و مُتّم أمّا الآن تأكلون للحياة حكمة الله نعم الصليب بهِ ضعف ومهانة ومظهره لا يُشجّع لكن داخلهُ قوة لذلك يطلب منكِ أن تشترك فى آلامهِ هو ليس ضعيف لكنّه يُعلن قوة الله لأنّه لا يوجد صليب إلاّ ولهُ قيامة ومجد ، لذلك من شروط تلمذته أن تحمل صليبهُ وتتبعهُ إحملهُ بفرح وإِعلم أنّ داخله حكمة خفيّة أصعب شىء أن يُرسل لنا الله صليب لنفرح به و نخلُص ونحن نرفضه حكمة الله إفهمها إنّه يُريد خلاصك للحياة الأبديّة لا توجد قيامة بدون صليب ولا مجد بدون جُلجُثة الذى يُريد المجد بدون صليب كأنّه يُخلىِ الحياة من تدخُلّ المسيح وكأنّه يقول لله جيدّة الحياة التى أعطيتنى إِياها لكن ليتكّ ترفع المرض منها أو المشاكل أو المتاعب لا مثل إنسان قرأ الإنجيل بطريقة فلسفية فقال هو كتاب جيد جداً ماعدا الإصحاحات التى تحكى صلبهِ فى الأناجيل الأربعة ، نقول لهُ لا هذا فخرِنا ، لا ترفُض الألم الإنسان كثير الشكوى يجلب على نفسهِ مزيد من الأتعاب أمّا الذى لهُ عِشره مع الله نجدهُ قليل الكلام قليل الشكوى كثير الشُكر ، بينما الذى يرفُض الصليب دائم الشكوى لأنّ ذاته غالية عليه أى ألم فى حياتى هو جُزء هام من تدبير خلاصى فأقبله وأقبله بفرح وإن كُنت غير قادر على حملهِ سأقول لهُ فى صلواتى إحمله عنّى يا الله الذى لهُ رغبة فى الإشتراك فى ألم المسيح لهُ هدف هو شِفاء نفسهِ والنمو فى حياته مع الله الله يُريدنا أن نغلب أوجاعنا الأرضيّة لنصل للإبديّة لأنّ الإنسان إن إستراح سينسى الله لذلك الله يُريدنا أن نشترك فى آلامهِ لننال بركة ونكون جنود صالحين فى جيشهِ حكمة عجيبة يا الله كيف تنوب عن البشر وتحمل خلاص البشر وخطايا البشر ؟ يقول لنا بالصليب ، إكثر من رشم الصليب فى كُل عمل وعلى طعامك وفى نومك وقبل خروجك من بيتك وأنت فى طريقك و إرشم ذاتك بالصليب وما تعملهُ أيضاً حتى الهواء من حولك وستشعُر أنّ العالم كُلّه أصبح لك كنيسة لأنكّ دشنتّه بالصليب وأصبحت كُل الأماكن تحمل قوة الخلاص طوبى لمن يحمل صليبهُ لذلك حرب شرسة يُحاربنا عدو الخير بها وهى أننّا نرشم الصليب بغفله دون أن ندرى معناه وقوتّه لا إرشمه بقوة وإيمان وإعلِم أنّه قوة وحكمة الله وهو الذى هزم عدو الخير وخزاه ربنا يسند كُل ضعف فينا بنعمته لهُ المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس محرم بك الأسكندرية
المزيد
27 سبتمبر 2025

إنجيل قداس عيد الصليب (يو ۱۰ : ۲۲ - ۳۸ )

عظة عيد التجديد عيد التجديد : جاء في بعض كتب التفسير الكنسية المخطوطة أن سبب قراءة فصول إنجيل القداس المذكور فى يوم ۱۷ توت هو « أن مدينة القدس بعد صعود ربنا بنحو ثلاثين سنة كانت قد أخربت أخربها الرب على يد الروم نقمة منه لليهود صالبيه كما تقدم وأعلمهم بذلك قبل صلبه ولم تزل خرابا حتى ظهرت خشبة الصليب على يد قسطنطين ملك الروم لأنه صار ملكا مسيحيا ، وحينئذ بني المدينة من جديد لهذا يقرأ في هذا اليوم هذا الفصل الذي فيه ذكر تجديدها تمهید : بعد أن أعاد المخلص البصر للرجل المولود أعمى ، وبعد خطابه الشهير عن الراعى الصالح ، حضر عيد التجديد بأورشليم حيث قامت المناقشة بينه وبين اليهود كما وردت بفصل الأنجيل ، وفيها أثبت أنه المسيح ، وأنه واهب الحياة ، وأن معجزاته خير دليل على ألوهيته : ييوع هو المسيح : وكان عيد التجديد فى أورشليم وكان شتاء وكان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سلمان فاحتاط به اليهود وقالوا له إلى متى تعلق أنفسنا إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهرا أجابهم يسوع إنى قلت لكم ولستم تؤمنون . الأعمال التي أعملها بأسم أبي هي تشهد لي ولكنكم لستم تؤمنون لأنكم لستم من خرافى كما قلت لكم . كان الملك أنطيوخوس الرابع الملقب أبيفانوس الذي حكم الشام من ١٧٤ - ١٦٤ ق.م قد استولى على مدينة بيت المقدس وخربها وقتل أربعين ألفا من يهودها ، وباع منهم مثل هذا العدد ، وذبح خنزيرة على باب الهيكل لينجسه ولكن زعيم المعارضين له وهو يهوذا المكاني قام بتعيين ( عيد التجديد ) تذكارا لتطهير الهيكل من النجاسة التي أصابته على يد أنطيوخوس الطاغية وهذا العيد هو الذي سماه يوسيفوس المؤرخ "عيد الأنوار " لكثرة المصابيح التي كانت توقد فيه ، وكانت مدته ثمانية أيام تبدأ في ١٥ كانون الأول الذي يوافق شهر كيهك تقريبا ، وكان يقضيها اليهود في فرح شامل وبسبب برد الشتاء في ذلك العيد كان السيد يتمشى في رواق سليمان لأنه كان مسقوفا فحدث أن أحاط به اليهود ، وقيل الكتبة والفريسيون ، وسألوه إن كان حقا هو المسيح المنتظر حتى يزول ارتيابهم وتنقضى حيرتهم والواقع أنهم كانوا غير مخلصين في طلبهم إذ كانوا يقصدون أن يعترف بأنه المسيح لكي يشتكوا عليه بدعوى التجديف وقد أوضح السيد في إجابته أنه أعلن لهم غير مرة أنه المسيح المنتظر وذلك حين قال « أنا نور العالم » ، و« أنا الراعي الصالح ، و أنا ابن الله ) ، ولكنهم كانوا يتعامون عن ذلك ولا يصدقونه ، ثم أشار إلى معجزاته التي يصنعها بسلطان أبيه وأنها كانت كافية لحملهم على تصديقه ،ومع ذلك أصروا على عدم التصديق حسدا وكبرياء ، لأنهم ليسوا من خرافه التي تسمع صوته وتطيعه . وهو واهب الحياة : خرافي تسمع صوتى وأنا أعرفها وتتبعنى وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى أبى الذى أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى أنا والآب واحد . ثم استطرد المخلص يبين لهم ما يناله المؤمنون به من نعم فقال إن خرافه تطيعه وتحبه وتقبل تعاليمه ، وهو بدوره يحبها ويسد احتياجاتها ويعزيها في أحزانها وينقذها من تجاربها وهى تسير فى خطواته وتتكل عليه فيمنحها حياة دائمة ، فتنعم برضا الله في هذا العالم ،وبالأمجاد السماوية في العالم الآخر ،وهي لن تهلك بعذاب النار كالأشرار ،ولن يجتذبها أحد إلى الخطية فتبعد عنه ،ولا تقوى على خدعها حيل الأبالسة ،وفصاحة المضلين ،وسطوة المضطهدين وظلمهم كل ذلك لأن الآب هو الذي أعطاه إياها وبما أنه لا قدرة لأحد على انتزاعها من يد الآب كذلك لا يستطيع انتزاعها من يد الابن ، لأن الآب والابن واحد في الجوهر والمجد والقوة وسائر الكمالات الألهية. اتهام بالتجديف : فتناول اليهود أيضا حجارة ليرجموه أجابهم يسوع أعمالا كثيرة حسنة أريتكم عند أبى . بسبب أي عمل منها ترجموني أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فأنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها . لم يقتنع اليهود عند سماع ذلك بأنه المسيح ، وتناولوا حجارة ليرجموه ، مما دل على أنهم كانوا غير مخلصين في السؤال الذي وجهوه إليه ولكنه غل أيديهم بقدرته فلم يتمكنوا من تنفيذ قصدهم ثم شرع يتساءل عن سبب محاولتهم رجمه وقد أتى بينهم أعمالا حسنة كثيرة ، كشفاء المرضى وتطهير البرص وفتح أعين العميان وإقامة المقعدين والموتى ، وما إلى ذلك من عجائب عملها بسلطان أبيه ، وبرهن بها على وحدته معه ، وليس فيها شر يستوجب الرجم فراحوا يبررون محاولتهم الشريرة بقولهم أنه جعل نفسه إلها ، وهذا في نظرهم يعد تجديفا . معجزاته دليل ألوهية : أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت إنكم آلهة إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم كلمة الله . ولا يمكن أن ينقض المكتوب فالذى قدسه الآب وأرسله إلى العالم أتقولون له أنك تجدف لأني قلت إنى ابن الله إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي ولكن إن كنت أعمل فأن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكى تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه . بادر السيد بدحض تهمة التجديف التي وجهت إليه فبين في دليله الأول أنه جاء في المزمور قول الله عن القضاة عقب موت يشوع بن نون تطرق الوهن إلى نفوس بني إسرائيل واختلت أمورهم وغرقوا فى شرورهم وأعرضوا عن إلههم فسمح الله لأعدائهم بأذلالهم ولكن رحمته الواسعة كانت تمتد إليهم كلما دعوه لدفع مكروه حل بهم فكان يقيم لهم قوادا ينقذونهم من أعدائهم المحيطين بهم ،وهؤلاء القواد هم القضاة وكانت سلطتهم في الغالب تنتهي بانتهاء الأزمة التي دعت إلى قيامهم وبلغ عددهم خمسة عشر قاضيا وأشهرهم باراق وجدعون ويفتاح وشمشون وعالى وصموئيل النبي « أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى كلكم » ( مز ٦:٨٢ ) ، وذلك لسموهم في المنزلة عن غيرهم ، ولأن كلمة الله "صارت اليهم " أى أوحى الله بكلامه إليهم ،وأعطاهم سلطانا أن يقضوا باسمه ، وهذا الذي كتب لا يمكن إبطال حرف منه بل يجب قبوله باحترام وبما أنه جاز تسمية هؤلاء آلهة وهم بشر ، دون أن يعد ذلك تجديفا فمن باب أولى لا يكون السيد مجدفا إن سمى نفسه ابن الله ، وهو حقيقة ابنه الأزلي الذي أرسله لخلاص العالم وأما الدليل الثاني فاستمده المخلص من عجائبه فأوضح أن اليهود لا يطالبون بالإيمان به إن لم يكن قد صنع عجائب لا يستطيع أن يعملها إلا الله أما وقد صنعها فلا مندوحة لهم عن الإيمان بها ما داموا بتعنتهم وكبريائهم لا يؤمنون به وهذه المعجزات لا تترك مجالا للشك في أنه والآب واحد ، وأن الاتحاد بينهما تام والمساواة كاملة. المتنيح الارشيذياكون بانوب عبده عن كتاب كنوز النعمة الجزء الاول
المزيد
25 سبتمبر 2025

بدعة نيبوس

بدعة الألف سنة ذكر المؤرخ يوسابيوس القيصرى تحت عنوان " نيبوس وبدعته " 1 - وعلاوة على كل هذه فإنه هو الذى كتب أيضاً الكتابين عن المواعيد، أما سبب كتابتهما فهو أن نيبوس أحد أساقفة مصر نادى يأن المواعيد التى أعطيت للأتقياء فى الأسفار الإلهية يجب أن تفهم بروح يهودية، وأنه سوف يكون هنالك ألف سنة تقضى فى تمتع جسدى على هذه الأرض. 2 - وإذ توهم بأنه يستطيع أن يدعم رأيه الشخصى من رؤيا يوحنا كتب كتاباً عن هذا الموضوع عنوانه " تفنيد الرأى القائل بتفسير الكتاب مجازياً " 3 - ويقاوم ديونيسيوس هذا الكتاب فى كتابيه عن "المواعيد" ففى الأول يبين رأيه عن العقيدة، وفى الثانى يتحدث عن رؤيا يوحنا، وإذ يذكر أسم نيبوس فى البداية يكتب عنه ما يلى: 4 - ولأنهم يقدمون مؤلفاً ل نيبوس، يعتمدون عليه كلية، كأنه قد أثبت أثباتاً قاطعاً أن هنالك سيكون ملك المسيح على الأرض، فإننى أعترف بتقديرى ومحبتى ل نيبوس من نوا أخرى كثيرة، لأجل أيمانه ونشاطه وأجتهاده فى الأسفار المقدسة، ولأجل تسابيحه العظيمة التى لا يزال الكثيرون من الأخوة يتلذذون بها، ويزداد أحترامى له لأنه سبقنا إلى راحته على أن ألحق يجب أن يحب ويكرم قبل كل شئ، ومع أننا يجب أن نمتدح ونصادق على كل ما يقال صوابا، دون أى تحيز، فإننا يجب أن نمتحن كل ما يبدو أنه لم يكتب صواباً و ونصححه. 5 - لقد كان يكفى أن يكون موجوداً لشرح رأيه شفوياً وأقناع مقاوميه دون حاجه إلى تدوين مناقشاته كتابة، ولكن نظراً لأن البعض يظنون أن مؤلفة لا غبار عليه، ونظراً لأن بعض المعلمين يعتبرون أنه لا أهمية للناموس والأنبياء، ولا يتبعون الأناجيل، ويستخفون بالرسائل الرسولية، وينتظرون إلى المواعيد - وفق تعليم هذا الكتاب - كأنها أسرار خفية، ولا يسمحون لأخوتنا البسطاء بتكوين آراء سامية رفيعة عن ظهور ربنا المجيد الإلهى، وقيامتنا من ألأموات، وأجتماعنا إليه، وتغييرنا على صورته، بل بالعكس يدفعونهم إلى أن يرجوا أمور تافهة زمنية فى ملكوت الرب، أموراً كالموجودة الآن - نظراً لأن هذا هو الموقف، فمن الضرورى أن نناقش أخانا نيبوس كأنه موجود." وبعد ذلك يقول: 6 - ولما كنت فى أقليم أرسينوى حيث سادت هذه التعاليم زمناً طويلاً كما تعلم، الأمر الذى نشأ عنه أنشقاق بل أرتداد كنائس برمتها دعوت قسوس ومعلمى الأخوة فى القرى والأخوة الذين أرادوا أيضاً الحضور ونصحتهم بفحص هذا الأمر علانية. 7 - وإذ قدموا إلى هذا الكتاب، كأنه سلاح ماض وحصن لا يغلب، وجلست معهم من الصباح إلى المساء ثلاثة أيام متوالية، جاهدت لتصحيح ما كتب. 8 - وأغتبطت بمثابرة وإخلاص الأخوة ودماثة خلقهم إذ كنا نبحث بالترتيب وبهدوء المسائل والصعوبات التى تحت البحث، والنقط التى أتفقنا عليها، وقد تحاشينا كلية، من دون نزاع، الدفاع عن أى رأى كنا نعتقده سابقاً، إلا إذا أتضحت صحته، كما أننا لم نتجنب أى أعتراض، وأجتهدنا على قدر أستطاعتنا أن نثبت ونؤيد الأمور المعروضة علينا وإن أقنعتنا بالبراهين المقدمة لم نخجل من تغيير آرائنا وموافقة الآخرين، بالعكس أننا بكل أخلاص ونزاهة، وبقلوب مكشوفة أمام الرب، قبلنا كل ما أيدته بالبراهين تعاليم الأسفار الإلهية. 9 - وأخيراً أعترف منشئ وباعث هذا التعليم - ويدعى كوراسيون - على مسمع كل الأخوة الحاضرين، وشهد لنا بأنه لن يتمسك بعد يهذا الرأى أو يناقشة، أو يذكره أو يعلم به، إذ أقتنع أقتناعاً كلياً بفساده،،ابدى بعض الخوة الآخرين سرورهم بالمؤتمر، وبروح الصفاء والوفاق التى أظهرها الجميع. من كتاب المؤرخ القس منسى عن هرطقة نيبوس: من هو نيبوس؟ كان نيبوس أسقفاً لأيبروشية أرسينو عاصمة محافظة الفيوم، وقد كانت له صفات وأخلاق جيدة فكان شعبه يحترمه احتراماً زائداً، وفى اثناء تعليمه لشعبه أكد إقتراب الوقت الذى يملك فيه المسيح ألف سنة على الأرض كأحد ملوك العالم مفسراً ما قيل فى سفر الرؤيا عن المجئ الثانى تفسيراً حرفياً، وكتب كتاباً أسماه " مضادة المتغزلين " وأزدرى بمن يقاومون فكره عن الأف سنة، وأعترض فيه على من يعتقدون أن ما جاء فى سفر الرؤيا يدخل تحت باب المجاز، فوجدت هرطقته أرضاً خصبة لأنه أجهد نفسه فى أقناع رعيته بتلك البدعة فقبلوها بدون فحص. أصل هذه البدعة ولم يكن أعتقاد نيبوس فكراً جديداً فقد أنتشر فى عهد العلامة أوريجانوس فقاومة وأستطاع إفناؤه حيث انه فسر الايات التى تصرح بملك المسيح ألف سنة أنها تشير إلى الفراح السمائية الروحية المناسبة لطبيعة الأرواح التى تقوم كاملة وهذا لا يكون فى هذا العالم بل العالم الآتى وقصد نيبوس إحياء هذه العقيدة مرة أخرى بعد إضمحلالها، ثم بعد موت نيبوس أخذ رجل أسمه كراسيوس على عاتقه إحياء هذه البدعة وكان رجلاً غنياً من الأشراف وخبيراً وذو سطوة وحدث أن البابا ديونيسيوس كان يتفقد رعيته فى الأقاليم سنة 255 م وذهب إلى أرسينوى عاصمة الفيوم فى ذلك الوقت، فعرض تابعوا هذه الهرطقة عليه أن يحكم فيها فإستعمل الحكمة المتناهية وجذبهم إليه باللطف والرقة، فعقد مجمعاً لمدة ثلاثة ايام متوالية، ذكر أتباع هذه الهرطقة حججهم التى رددها على مسامعهم نيبوس وبعدها كتب البابا رسالة بها نبذة فى " المواعيد الإلهية " فند فيها آراء نيبوس ودحض فيها تلك الأفكار ولم يكتف البابا ديونيسيوس بذلك بل وضع شرحاً لسفر لارؤيا قاعدته أنه لا يجب أن يفسر عبارات هذا السفر تفسيراً حرفياً، لأنه عبارة عن رموز وتنبؤات بعضها تم وبعضها سيتم فى وقته ويقول بعض المؤرخون أن هذا البابا كان يرى أن يوحنا الرسول ليس هو الذى كتب سفر الرؤيا بل وضعه يوحنا آخر غير أنه أعترف بأنه سفر موحى من الرب الإله يجب قرائته مع الحذر الكلى.
المزيد
24 سبتمبر 2025

الرب ملك على خشبة (مز ٩٥ )

إن أصلح صورة للمسیح كملك، ھي صورته وھو مصلوب ذلك لأنه على الصلیب اشترانا بدمه (رؤ ٥: 9) فصرنا ملكًا له، وھكذا ملك الرب على العالم الذي اشتراه، وھكذا بدأت مملكة روحیة للرب ونحن ننظر إلى ھذا الملك الذي اشترانا، ونغني له في یوم الجمعة الكبیرة لحن "بیك إثرونوس" أي "عرشك یَا الَلهُ إِلَى دَھْرِ الدُّھُورِ قَضِیبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِیبُ مُلْكِكَ" نقول له " تَقَلَّدْ سَیْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَیُّھَا الْجَبَّارُ، واستله وانجح واملك" (مز ٤٤). كیف ملك الرب على خشبة؟ وما قصة ھذا المُلك؟ الرب یملكنا منذ البدء، لأنه خلقنا وأوجدنا من العدم، ولكننا بالخطیة انفصلنا عن ملكوت الله، وبالخطیة ملك الموت علینا (رو ٥: 17 , 14) إذ صرنا تحت حكمه والسید المسیح على الصلیب، بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، ووھبنا الحیاة، فصرنا له بمُلك الخطیة والموت، كان الشیطان أیضًا یملك، ولذلك تلقب في الإنجیل أكثر من مرة بأنه "رَئِیسُ ھذَا الْعَالَمِ" (یو ۱۲: 31) ، أي العالم الذي تحت الخطیة والموت وبالصلیب، استطاع المسیح أن یقضي على مملكة الشیطان،ویدوس الموت، ویدفع ثمن الخطیة وإذا بالرب یقول عن الشیطان "رَئِیسَ ھذَا الْعَالَمِ قَدْ دِینَ" (یو ۱٦: 11) ویقول أیضًا "رَأَیْتُ الشَّیْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ" (لو ۱۰: 18) إن السید المسیح قد ھزم الشیطان في كل تجاربه وكل حروبه، ولكنه بالصلیب تمم الفداء الذي قضى على ملكه كل ما اقتناه الشیطان خلال آلاف السنین، أفقده المسیح إیاه على الصلیب لما افتدى الناس من خطایاھم، لذلك فإن الشیطان یخاف الصلیب الذي یُذكِّره بھزیمته ولھذا كان لعلامة الصلیب سلطان على الشیطان ھذا الفادي ھو ابن الله الذي یقدم كفارة غیر محدودة، تكفي لغفران جمیع الخطایا لجمیع الناس في جمیع العصور، لذلك صرخ الشیطان على أفواه تابعیه بعبارته المشھورة "إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَانْزِلْ عَنِ الصَّلِیبِ" (مت ۲۷: 40 ؛ مر ۱٥ : 30) وسكت المسیح لأنھا عبارة لا تستحق الرد فھو، لأنه ابن الله، صعد على الصلیب، وملك اللص على الصلیب اعترف بملكوت المسیح فقال "اذْكُرْنِي یَارَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ" (لو ۲۳: 42) ولعله كان یقصد الملكوت الآتي،ولكن السید المسیح نبه اللص إلى موضوع ھام، وھو أن ھناك مملكة قد تأسست على الصلیب ، وبدلاً من عبارة "متى جئت" قال له "الیوم تكون معي" أبشر، فالیوم قد بدأت مملكة المسیح، وقد تقلد سیفه على فخذه،وقید الشیطان ألف سنة، وسقط الشیطان مثل برق من السماء كان المسیح على الصلیب أكثر جمالاً وجلالاً من كل أصحاب التیجان حینما نقول له "قَضِیبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِیبُ مُلْكِكَ" نقصد أنه ملك بكل استقامة، بكل عدل، بدفع ثمن الخطیة ووفاء العدل الإلھي تمامًا مبارك الرب في ملكه. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث
المزيد
23 سبتمبر 2025

فكرة لليوم وكل يوم { اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ}

لما كان الصليب هو علامة محبة الله وفدائه وبذله وخلاصه المقدم للبشرية، فقد جعله المسيحيين شعار لهم يضعونه أعلى كنائسهم ومؤسساتهم ويفتخرون به ويعلقونه على صدرهم ويحملونه كرمز لإيمانهم فالصليب حياة وقيم روحية وروح وعقيدة {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17) كما أن حمل الصليب وتبعية المصلوب فى طريق البذل والعطاء والمحبة والتواضع والصبر من وأجبات التلمذة للمسيح ودعوته الخلاصية { تَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ} (مر21:10) وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو سبب خلاصنا ونجاتنا من طوفان العالم الشرير{ فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18) الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي لأن تأثيره الفعال يمتد في الحاضر والمستقبل لأن الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا وقداسة وبرًا وفداء بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو 9 : 23) أنكار الذات يعنى أن نتمم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا { لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22) المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2) لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجله وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5) ونحن في الصلاة الربانية نصلي {لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6) فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟ حمل الصليب بشكر سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب 12 : 2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب فننفذ من خلال الصليب إلى أحشاء رأفات الله، وتحتضن أحشاؤه الحانية نفوسنا الخائرة لتحميها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن في الواقع نجد الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18) من أجل السرور الموضوع أمامنا والأبدية السعيدة التى نجاهد من أجلها فاننا نحمل الصليب بشكر وفرح وننال منه البركة والحكمة والقوة على رجاء المجد العتيد أن يستعلن فينا. القمص أفرايم الأنبا بيشوى
المزيد
22 سبتمبر 2025

الصليب والجمال الحقّ

لا نخاطب الأطفال بما قد يخيفهم وذلك في سنيهم الأولى لأنّ ما قد نزرعه رهبة يرسب في الوجدان ويشكل الوعي والحياة فيما بعد إلاّ أنّه في الحياة الروحيّة تبدأ قامة الطفولة بإعلان الصليب شعارًا للحياة ولكنّه الصليب المتفجِّر بضياء القيامة لا تكرز المسيحيّة بصليب مجرّد، بصليب نهائي، بصليب ختامي للرواية الإلهيّة المدوّنة بأحبار الزمن البشري الصليب في المسيحيّة في حالة تجلٍّ، لأنّ منه تقطر قطرات دمٍ هي هي واهبة للحياة ليس موتًا صارمًا يختم العقيدة الفكريّة التي نعتنقها بأختام الألم ولكنّه حياة تجدّد معنى الموت برسمه بأقلام النور والفجر والضياء السرمدي حينما نعانق الصليب ونُقبِّله، لا نُقبِّل موتنا بل حياتنا، وإن كنّا نَقْبَل مسيرة الموت إلى الحياة حينما نرشم جباهنا وأجسادنا به لا نعلن خضوعنا للألم بل خضوعنا لله وإن كان عبر الألم نحن لا نرى الصليب وحده، بقدر ما نتلمّس ببصائرنا الجديدة، المصلوب، كربّ الحياة وسيد الخليقة ومالك مفاتيح البرّ ودافع حركة الوجود إلى البهاء الدهري في مُلْكٍ مزركش بزينة الروح لقد دعا المسيح الكنيسة لتتبعه حاملة صليبها يرى البعض أن ملمح الألم ونغمة الحزن هي السائدة على هذا النمط من التبعيّة، ولكن دعنا نتساءل، إلى أين سيقودنا؟؟ أليس إلى المجد إلى القيامة لذا فالتبعيّة ليسوع حاملين صليبه تعني أن نسير وراءه نحو المجد المُعدّ لقابلي خلاصه بالروح والحقّ وهنا يظهر الوجه الآخر لعملة التبعيّة؛ فهي ليست آلام السائرين على الطريق ولكنّها ضمان الوصول إلى المجد طالما نتحرّك على آثار يسوعنا المحبوب تلك الصورة نحو المجد وإن كان من خلال بعض أنّات الطريق تفسّر أنغام التهلُّل الصادر من الجمع المتحرّك نحو الأبديّة البَهِجَة من أين يأتي التهلُّل لمن يرزحون تحت وطأة الصليب؟؟؟؟ إنه يأتي من التبعيّة للراعي الحقّ للقطعان الملكيّة لذا فإن وجدت أن نغمات الحزن تغلف عالمك اعلم أنك لا تدرك وراء من تسير وإلى وجهة تتّجه انحسارك في قسوة الصليب وطول الطريق يحرمك من تجدُّد قواك كنسرٍ محلِّق بحريّة الروح الداخليّة، في شباب وفتيّة دائمة الصليب لنا ليس جهالة ولكنّه يقين الواقع الجديد ووعي بآليات تحقُّه فينا الصليب لنا شريعة خطّها الربّ يسوع بقبوله المُجدِّد لقبحه وللعنته؛ فخشبّة الصليب تحوّلت بارتفاع المصلوب عليها إلى عرش ملكي، هذا ما نراه؛ السيد مرتفعًا على عرشٍ من خشب يجدّد عليه واقع الإنسان المنهزم بجمالات الحياة زائفة من هنا ننطلق في تكوين وعي جمالي مسيحي خاص؛ فالجمال في المسيحيّة ليس ذهبٍ وفضة وثياب ملكيّة وبهرجة إمبراطوريّة إلخ ولكن التجلِّي الحادث بسكنى الله وإن كان المسكن قبيح بدرجة الصليب ما قبل ارتفاع السيّد الصليب بيسوع صار جمالاً لقد استقطب ذاك الأبرع جمالاً من كلّ البشر أفئدة الخليقة لتترنّم للجمال المجروح من أجل حياة العالم. أبونا الراهب سارافيم البرموسي
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل