المقالات

22 أكتوبر 2023

الدخول إلى العمق

تقرأ علينا ياأحبائى الكنيسة فى هذا الصباح المُبارك فصل من إنجيل مُعلمنا لوقا البشير عن معجزة صيد السمك مع معُلمنا بطرس الرسول وكلّنا نعرف القصة أنّ مُعلمنا بطرس الرسول بيشتغل صيّاد وليس صيّاد عادى ولكن صيّاد مُحترف وهو قد أمضى الليل كلّه فى رحلة صيد فاشلة ومن النادر أنّ صيّاد ماهر لم يصطاد ولا سمكة ففى هذا الليل كان مُعلمنا بطرس الرسول فى منتهى الإحباط لأنّه لم يصطاد شيئاً ووجدنا أنّ ربنا يسوع يقول له " ابعد إلى العُمق وألقوا شباككم للصيد " دعوة من رب المجد يسوع للدخول إلى العُمق أنا أريد أن اتكلّم معكم اليوم فى موضوع " الدخول إلى العُمق " فالإنسان على السطح لم يستطع أن يتمتّع بأن يمسك شيئاً فى الصيد فيوجد شيئاً من الخطورة أنّ الإنسان يأخذ كل شىء بسطحية ولكن دعوة اليوم هى دعوة للدخول إلى العُمق0وهى دعوة مهمة جداً لنا كلّنا أحب أن أتكلّم معكم اليوم بنعمة ربنا فى ثلاث نقط وهم :- 1- أهمية العُمق :- إنّ السطح من الخارج غالباً غير مؤثّر لشىء أبداً العُمق هو المؤثّر دائماً السطح بإستمرار مُجلب لليأس ولكن العُمق مُجلب للفرح توجد خطورة أن نقضى زمن طويل مع ربنا فى السطح فتكون حياة ليس فيها تعزية ولا يوجد فيها ثمر فيملّ الإنسان ويتضايق فتوجد أمور كثيرة جداً فى حياتنا الروحية لو قسناها سنجد أنفسنا بنفعلها بطريقة سطحية وتكون حياة غير مُفرحة وممكن أنّ الإنسان يشعر أنّ الحياة مع ربنا غير مُجدية وخطورة السطح أنّ الإنسان لا يتمتع مع ربنا بحياة لذيذة أبونا بيشوى كامل كان يقول أنّ الحياة مع ربنا مثل الثمرة فلو الإنسان أكل موزة بقشرتها سيكرهها ولو أكل برتقالة بقشرتها سيجد طعمها مُر وغير لطيفة وغير لذيذة فسيكرهها ولكن لكى يحبها لابد أن يدخل للعُمق فالحياة مع ربنا لها قشرة من الخارج فلو أنا تخطيت هذه القشرة سأجد أنهّا حياة لها طعم ولو لم أتخطى القشرة سأجد أنّ القداس ثقيل والصلاة غير محبوبة فالدخول إلى العُمق هو الحل ولا أخذ بالأمور الخارجية كمقياس نهائى فلو صبر الإنسان سيجد أنّ السفينة ستغرق من كثرة الثمر كما يقول لنا الكتاب " حتى تقولوا كفانا كفانا " ، تخيلّوا أننا لو دخلنا إلى العُمق سنجد أنّ طاقتنا لم تحتمل وتقول كفاية أنا لم أحتمل فنحن نحتاج فقط أن ندخل إلى العُمق فحتى الطلبة نلاحظ أنهم يحّبوا أن يذاكروا أشياء فعندما تُقدّم لطالب كتاب كبير يذاكرة يقول لك أنت تريدنى ان أذاكر كُل هذا الكتاب ؟! هات لى عدة ورقات بسيطة لكى أذاكرهم فقط فى حين أنّه عليه أن يقرأ كُتب خارجية إلى جانب الكتاب الأصلى حتى يوسّع ذهنه ويحاول أن يوسّع معرفته فلا يوجد شىء غالى أو ثمين إلاّ وتجده فى عُمق فمثلاً الثروات والبترول والفحم والذهب لا يوجد ابداً على السطح فهى توجد فى بطون الجبال فالحياة مع ربنا هكذا خارجها لا يوحى أبداً أنّه يوجد ثمر وممكن يجعل الإنسان ينفُر منها فأنظر لإنسان يعيش مع ربنا فإن شكله سوف لا يعجبك فى حين أنّ الإنسان الذى لا يعيش مع ربنا ممكن يكون شكله مُغرى فأنظر لصورة واقعية للأنبا أنطونيوس فستجد واحد شكله ضعيف ، نحيف ، يرتدى جلباب قديم ولكن سنجد فى قلبه نور الله وسنجد قلبه مملوء سلام وفى داخله سماء وتسابيح وتماجيد هكذا الحياة مع الله لابد أن ندخل إلى العُمق حتى نجد أنّ الحياة مع ربنا مُفرحة و مُشبعة وذلك لأنّ الإنسان وجد ذهب وإبتدأ يجد كنز ففى العهد القديم خيمة الإجتماع وهى مكان حضور الله وهى مبنى كبير جداً مُغطى من الخارج بشىء شكله غير لطيف أبداً وهو جلود غنم مخيّط فالذى يحب أن ينظر لهذا المبنى فسيجد أنّ الوجهة من الخارج ليست حلوة ولكن تعال إدخل فى داخل الخيمة فستجد عيدان خشب جميلة جداً وقماش كتّان نقى وألوان جميلة جداً من القُرمز والرجوان والأسمانجوانى وندخل فى الداخل أكثر فأكثر فسنجد قُدس الأقداس مصنوع من الذهب الحياة مع ربنا هكذا خارجها غير مُشجّع أبداً ولكن لو دخلنا سنجد كنوز، ففى البداية ستأخذ الجلد ثم تأخذ الفضة والذهب النقى ففى حياتنا مع ربنا سنجد بركات بتنتظرنا ولكن لماذا يارب سمحت بذلك ؟ لماذا وضعت فى الخارج القشرة ؟ فلماذا لم تُشجعنّا من البداية فيقول لك لا ، أنا الغالى عندى لابد أن أخفيه ولكى أصدّ كل من لا يرغب فى الحياة معى أنا أريد أن أتأكد انّ هذه الناس تحبنى أنا أريد دليل على المحبة وهو أنّ القضية ليست سهلة فلماذا فى الحياة مع ربنا أجد التعزية بصعوبة لأنّ لابد أن نُقدّم أمامها جهاد ربنا له قصد أن يجعل إنجيله يكون له كنوز لكى الذى يجتهد أكثر يأخذ الكنوز والصلوات لها أعماق لكى الذى يجتهد ويتعب يستطيع أن يدخل إلى عُمقها وحلاوتها فالحياة مع ربنا تحتاج لجهاد القديس أبو مقار يقول " يا أولادى ها أنّ البئر عميقة ، ولكن ماءها طيب عذب ، الباب ضيق والطريق كربه ولكن المدينة مملوءة فرحاً وسروراً " لو الإنسان تعب قليلاً فسيقول أنّ الماء حلووصحيح أنّ مع ربنا ممكن أن يكون بابها ضيق ولكن المدينة التى سنذهب إليها هى مملوءة أفراح وسرورفنتعب لكى نتمتع بجمال المدينة إُدخل إلى العُمق لكى تأخذ كنوز وأعماق وتعرف التعزيات التى بتنتظرك إُدخل لأنّ السطح كُلّه عبارة عن سلوك يجعلك لا تستمر0 2- مقاييس العُمق :- أريد أن اعرف نفسى أنا فى أى عُمق !! فتوجد مقاييس فهل أنا إختبرت عُمق الصلوات هل أدركت الكلام الذى أقوله ؟! مُعلمنا داود النبى يقول " من الأعماق صرخت إليك يارب " من الداخل فهو كلام خارج من الأحشاء فيوجد كثير من صلواتنا تكون بالشفتين فقط فماذا سيستفيد الإنسان من هذه الصلوات ؟! فلا يجب أن تكون صلواتنا صلاة الشفتين فإُسجد أمامه وإرفع عقلك وإرفع قلبك له وإرفع يديك لكى تختبر لذّة الصلوات فلو أنا فرحت بالثمر سأتلذذ و أتشجّع فالتفاعل مع كلمات المزامير والتنهّد والأنين أثناء الصلاة هو عُمق الصلاة فالقديس أوغسطينوس يقول عبارة جميلة جداً " أنّ المزامير فيها كُل المشاعر وفيها فرح شديد جداً وحُزن شديد جداً فيها شُكر لربنا وعِتاب مع ربنا فهو يقول لك حينما تُصلّى المزامير تنهّد مع المُرنّم حينما يتنهّد وإحزن معه حينما يحزن وإفرح معه حينما يفرح وبارك الله معه شكّل روحك بكلام المزمور إلى أن تصير أنت نفسك مزمور تفاعل مع الكلام فهو ليس مُجرد كلام " مُعلمنا بولس الرسول يقول " الله الذى أعبده بروحى " هو يُصلّى بالروح وبالذهن أبتدأ أخاطب إلهى الحى الواقف أمامه الآن وإبتدأت أشعر بحضرة ربنا فعلاً0وإبتدات أُقدّس وقت الصلاة فلماذا الصلاة صارت واجب ؟! لأنى لم أدخل إلى إعماقها ولم أمارسها بالروح أمور كثيرة لابد أن نذوق عُمقها الكتاب المُقدس هل تذوقت عُمقه ؟ هل تلذذت بكلمة ربنا ؟! هل فرحت بالكلمة ؟ هل شعرت أنها كلمة ربنا الفعّالة ؟! هل دخلت حياتى ؟ هل شعرت أنها كلمة ربنا التى تتّوب وتنقى ؟ هل ذقتها هل فرِحت بها إبتدأت أعطيها وقت وجهد عن أى إهتمامات أخرى ليس لها معنى وأعطيها ساعة وساعتين فيوجد عُمق فى الإنجيل لابد أن تدخل فيه هل لىّ رفع قلب وإنسجام وفهم لكل حركة فى الكنيسة هل أشعر أنّ القداس هو سر حياتنا فالغفران كُلّه والقوة كُلّها بنأخذها فى القداس فهل أشعر برهبة وبقيمة الجسد والدم الذى أتقدّم إليه ؟! فيوجد عُمق فى العقيدة فهل أنا فاهم مسيحيتى التى هى أغلى شىء فى حياتى وهل أنا من داخلى مُقتنع بعقيدتى فهذا الأمر يحتاج إلى معرفة ويحتاج إلى سعى ويحتاج إلى قراءة فهل بأخذ هذا الأمر من الخارج فقط ؟! فإن كنت بتقضى حياتك كُلّها وأنت بتحضر قداسات فهل لا يحتاج منك أن تقرأ كتاب مرة واحدة عن القداس فستجد عُمق فى الفضائل وفى معرفة ربنا عُمق فى المحبة0فيوجد إنسان يحب الذى يحبه فقط ويوجد واحد يحب أعداءه فلو أنا بحب الذين يحبوننى فقط فهل يليق أن أظل فى مرحلة واحدة فقط ! لابد أنّ هذه الدائرة تتسع تتسع إلى أن يقول لك " باركوا لاعنيكم إحسنوا إلى مُبغضيكم صلّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم "التسامح هل عندى عُمق فى التسامح ؟! هل أسامح بسهولة ؟! وهل عندى مغفرة أم التسامح ملغى فيوجد واحد عنده التسامح بشروط وواحد عنده التسامح بلا حدود0 العطاء لابد أن يكون عندى عُمق فى العطاء فيوجد واحد عنده العطاء ملغى وواحد عنده العطاء خوف أو فرض لئلاّ يحدث له ضررولكن يوجد عطاء أجمل فنقول له يارب هذا قليل من يدك أعطيناك فهذه مقاييس العُمق ولابد أن ندخل فى أعماق جديدة لكى نأخذ ثمار0 3- كيف ندخل إلى العُمق :- لابد أن يكون فى رغبة جديدة ومثابرة وإجتهاد فالصلاة تحتاج إلى جهد والإنجيل يحتاج إلى جهد فلو أنا وجدت صعوبات لا أسكت فلابد أن اُثابر وأستمر وارفع قلبى وأقول له إنت يارب علّمنى وإن وجدت آية لم أفهمها أقولّه إنت يارب فهمنى وعلّمنى أن أسمع صوتك فالحياة مع ربنا غالية وتستحق التعب والجهد فليس لأنى أُصلّى وأسرح أختم ! لا أختم ولكن أحاول وأجمع حواسى لكى أقف أمام ربنا بكيان كامل فالحياة مع ربنا تحتاج إلى جهد لدرجة أنّ القديسين يقولوا " أعطى دماً لكى تأخذ روحاً " أعطى دماً أى أعطى جهد فكثرة القراءة تُعطى إستنارة نظّم وقتك لكى تدخل إلى العُمق فليس من السهل الدخول إلى العُمق فالإنسان الذى دخل إلى العُمق عنده تقديس على فكرة وعلى قلبه وعنده تقديس لوقت الصلاة0وكل هذا يحتاج إلى جهد ولكن الأفراح التى سيأخذها ستُغطّى على الجهد وسينسى الإنسان التعب وستجعل الإنسان لا يُبالى بالتعب الحياة مع ربنا صدقونى صدقونى تُنسينا التعب ، فى سفر الجامعة يقول " أنّ الله ملهيه بفرح قلبه " ، الحياة مع ربنا ستجعلنا ننسى أى أتعاب وأى جهاد قدّمناه ولذلك الترنيمة تقول " لو دخلنا العُمق هنشاهد جماله " ، فلو دخلنا العُمق سترى الملك منتظرنا فلكى تدخل العُمق تحتاج إلى مثابرة الله ينتظر أتعابنا ليكافئنا حتى وإن كُنّا غير ناجحين ولكن الله بينتظر منّا خطوة فإثبت فى صلواتك فهذه خطوة ثقوا أنّ ربنا سوف لا يُضيّع أجر وقفة صلاة ولا الإشتياق إلى الوصية ولكن هو يحتاج مننا مُثابرة تعالوا نعيش مع ربنا الفرحة الحقيقية التى تُنسينا ضغوط العالم تعالوا نرى مجد السماء فسنجد أنّ قلبنا إبتدأ يذوق لمحة من أفراح السماء ربنا يسوع يذوّقنا العُمق ونحن متكلين على كلمته وكلمته لا تخيب ولإلهنا المجد دائماً أبدياً أمين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
21 أكتوبر 2023

إنجيل عشية الأحد الثاني من شهر بابه (مت 17 : 24 - 27 )

ولَمّا جاءوا إِلَى كفرناحومَ تقَدَّمَ الذين يأخُذونَ الدَّرْهَمَينِ إِلَى بُطرس وقالوا أما يوفي مُعَلِّمُكُم الدرهمين؟ قالَ: بَلَى فَلَمّا دَخَلَ البَيتَ سَبَقَهُ يَسوعُ قائلاً ماذا تظُنُّ يا سمعان؟ مِمَّنْ يَأخُذُ مُلوكُ الأَرضِ الجباية أو الجزيَةَ، أمِنْ بَنيهِمْ أم مِنَ الأجانب؟. قالَ لهُ بطرُسُ مِنَ الأجانب قالَ لَهُ يَسوعُ فَإِذَا البنونَ أحرار ولكن لنلا نُعثرَهُمُ اذهَبْ إِلَى البحر وألقِ صِنَارَةً، والسَّمَكَةُ التي تطلع أولاً خذها، ومَتَى فتحت فاهـا تجد إستارًا ، فخذهُ وأَعطِهِمْ عَني وَعَنكَ ". لئلا نعثرهم لم يجسر جامعو الجزية أن يتقدموا إلى الرب فيسألوه عن دفع الجزية ولكنهم تقدموا إلى بطرس وسألوه هكذا قائلين: "أما يوفي معلمكم الجزية؟". السؤال ينطوي على نوع من الامتحان وإن كانوا في قرارة أنفسهم يعرفون أنه ليس مفروضا على المواطنين أن يدفعوا لمستعمر جزية أو خراجًا، ولكنه الظلم السائد فـــي العالم وقانون القوة وليس قانون الحق فالقوي هـو صاحب السلطان والسطوة، والضعفاء يخضعون سواء كانوا أصحاب حق أو لا لم يرد القديس بطرس من نفسه، ولم يجب الرب لا السائل ولا أجاب بطرس ولكن عندما دخل البيت ســـــأل الرب بطرس قائلا ماذا" تظن يا سمعان ممن يأخذ ملوك الأرض الجزية أو الجباية أمن بنيهم أم من الأجانب؟" أجاب بطرس من الأجانب، فقال له يسوع: "إذن البنـــون أحرار تجنب الرب الحديث في العلن في هذا الأمر، وهو أمر سياسي اجتماعي لئلا يفهم أن المسيح قائد ثورة اجتماعية أو خارج على النظام السائد ولئلا يصير هذا الموضوع شغل الجماعة الشاغل، فيفهم من الناس أن هذا هو مســيا الخلاص من الاحتلال الروماني وأنه قائد ثورة التحرير والتمرد د على السلطات وعدم دفع الجزية وقد سئل يسوع مجربا لكي يزجوا به في حلقة السياسة قائلين هل يجوز أن تدفع الجزية لقيصر أم لا؟ فقال الرب: "ائتوني بدينار"، وهو العملة السائدة آنذاك، ثم سألهم عن الصورة والكتابة قالوا: "لقيصر"، فقال الرب : أعطوا" ما لقيصر لقيصر وما لله لله أما ما أسره الرب لبطرس فهو القاعدة التي أرســـــى الرب عليها كثيراً من التصرفات التي يجب أن يحياها أولاد الله. لم يكن مفروضا على المواطنين أن يدفعوا الجزية، فهم أحرار في وطنهم وليسوا مستعبدين. فمن حق بطرس أن لا يدفع... وأن يعصي هذه الأوامر المجحفة والقوانين التي جانبت الحق والصواب ولكن من هؤلاء الجباة الصغار الذين يطالبون؟ هم أداة تنفيذ ليس إلا وهم ليسوا واضعي قوانين فماذا يكون إذا أُعثر هؤلاء الصغار؟ ماذا يرون في هذا المعلم الذي اختشوا أن يسألوه؟ هـل يخضع للقانون أو يتمرد عليه؟ هكذا انحصر الأمر في عثرة هؤلاء الصـغار ، وهذا ما جعل الرب يقول لبطرس أن يلقي صنارته في البحر والسمكة التي تطلع أولاً تكون قد أتت بالأستار فـــي فمها فقال الرب لبطرس "ادفع عني وعنك" وهذا عجب العجب في تدبير الرب، ومن هـذا نلمــح بعض الأمور الجديرة بالتأمل:- أن الرب الذي أرسل تلاميذه بلا كيس وبلا مزود لــم يكن أيضا يقتني شيئا من ذلك غاية في الاتضاع والتجرد والمسكنة. قدرته الإلهية تفوق الوصف والإدراك فالخليقة كلها تطيعه البحر والسمك والعالم المادي أليست هـــي صنع يديه؟! من سخرك ميلاً لا تكتفي بما سخرك به، بل امش معه اثنين ضعف ما طلب ليس قسراً ولا قهرا ولا مذلة ولا شيء من هذه السلبيات، بل بكامل الإرادة والحريةوالعطاء والسخاء الإلهي والبذل والتنازل الإرادي. من لطمك على خدك حول له الآخر، من طلب ثيابك تنازل له عن الرداء هذا منهج المسيح الذي غلب به العالم لم ينازع العالم ولا مملكته تنازعت مع مملكة العالم لأن ملكوته فوقاني وليست مملكته أرضية مادية، ساعية إلى خير هذا العالم الزائل ولا طامعة فيه. أشياء كثيرة نفعلها طوعًا لئلا نعثر الآخرين القديس بولس الرسول تبع هذا القانون عينه في رسالته إلى أهل كورنثوس في موضوع ما ذُبح للأوثان فهو وإن كـــان لا يعتد مطلقا بوجود الأوثان ولا يعترف بها كأنها شيء ويستطيع أن يأكل لحما مهما كان الأمر وحتى لو كان قــــد ذبح للوثن، فضميره واثق أن الأكل في ذاته ليس شيئًا ينجس الإنسان المسيحي،حتى لو ذبحوا للوثن نفسه وكان حيوانا ولكن هناك الأخوة أصحاب الضمير المرهف الضعيف فلأجلهم قال القديس بولس الرسول: "لو كـــان أكل اللحم يعثر أخي ما أكلت لحما طول حياتي" فلأجل الآخرين الضعفاء نسلك بهذا التنازل الإرادي عمــا يكــون حتى لنا الذي يشغل بالنا هو ليس ما لنا، بل ما للآخرين، كيف نربحهم فرابح النفوس حكيم وكيف لا نعثرهم لأنهم أعزاء لدينا فإن كان الرب قد رسم منهجاً للحياة المسيحية في أمر إعطاء الجزية رغم أنها غير مفروضة على البنين ولكـــن لكي لا يعثرهم جعل بطرس يدفع هذا كان هـو السلوك المسيحي تجاه الغرباء (جامعي الضرائب) فكـم يكون السلوك تجاه الإخوة في المسيح!! أعتقد أن الذين يسلكون بحسب هذا القانون يصير المسيح ظاهرا فيهم ويستطيعون بنعمته أن يربحوا حتـــى الوثنيين والجاحدين لأن من لا يتحرك قلبه حينما يُعمل بهذا الأسلوب الإلهي الفائق حقا مغبوط هو العطاء أكثرمن الأخذ بقي أن نشير إلى أن فصل إنجيل القداس في هذا الأحد هو معجزة صيد السمك الكثير وهى الآية التي جعلت القديس بطرس الرسول يسجد عند قدمي يسوع ويقول: "اخرج من سفينتي يارب فإني رجل خاطئ" ومن هذه الساعة قال الرب لسمعان "من الآن تصير صيادًا للناس" فتحول مجرى الحياة من صيد السمك المــادي إلى صيد النفوس بشبكة الإنجيل لحياة الخلود فإن أشار إنجيل العشية إلى صيد السمكة الخاصة الحاملة إستاراً في فمها فهى تضاف إلى الخبرات ذات الطابع الخاص الذي لا يُنسى في حياة سمعان بطرس محترف الصيد.فهذه أصبحت حادثة فريدة له تحمل ذكريات تصحيح المنهج نحو السياسة والغرباء والعثرة والسعي إلى الميـــل الثاني وفي تفرد هذه الحادثة حفرت في ذاكــرة القــديس بطرس الرسول تعاليم المعلم الإلهي وتلك السمكة المُعدة لهذا العمل وكأنها حوت يونان أعدها الرب لمأمورية خاصة وكثيرا ما يعد الرب مثل هذه، فلما تحول سمعان إلى صيد الناس صارت عينه فرازة و ذهنه متوقد كمثل هذه السمكة التي تأتي وفي فاها خير جزيل، ولعلـه صــادف المئات من النفوس المُعدّة لخدمة المسيح بل الألوف ذات الإمكانيات الخاصة، والمواهب الفريدة لعمل تكميل إرادة المسيح وقصده هذا غير كثرة السمك الروحي التي صادفها في أول محاولة لإلقاء شبكة الإنجيل على الذين اجتمعوا حول الرسل في يوم الخمسين، وحين جذبها وإذا بها ثلاثة آلاف نفس شيء مهول وأشار إلى زملائه أن يساعدوه حتـــى يجذبها إلى شاطئ الأبدية فمع كثرة السمك هذه توجــــد السمكة الواحدة ذات المواصفات الخاصة والمرسلة خصيصا لخدمة خاصة فريدة.ليكن الرب العامل فينا ومعنا هاديًا لطريقنا مصححا لمنهجنا مالئًا شباكنا بصيد الروح بعد ما تعبنا الليل كله تلفنا ظلمته وبرودته ولم نصطد شيئًا. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد
20 أكتوبر 2023

مائة درس وعظة ( ٣٦ )

سعادتي في العطاء « البذل » مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ » ( أع ٢٠ : ٣٥ ) فكرة البذل أسسها السيد المسيح عندما قال : « مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ ، ( أع ٢٠: ٣٥ ) . أولاً : معان للبذل : ١- العطاء : آدم لم يكن سعيداً لأنه كان وحيداً فأوجد الله له معيناً نظيـــره ، لكي يبـذل من أجل هذا المعين النظير فيكون أكثر سعادة. ٢- النضوج : الذي يبذل أكثر هو الأكثر نضوجاً ٣- الآخر أولا : « مقدمين بعضكم بعضاً في الكرامة » ( رو ١٢: ١٠ ) . ثانياً : عوائق البذل : ١- الكسل : الإنسان الذي يحب الراحة أو الكسل أو الحياة السهلة . نسـبـة الانـتـحـار في المترفهة أكثر من البلاد الأخرى . ٢- الكرامة : محبة الكرامة تقف حـاجـزا أمام الإنسان أن يعطى أو يقدم خدمة أو يشترك مع الآخرين. ٣- الذات : الشخص المعـتـد بذاته .. العنيـد .. غير المعترف بخطئه الذي لـم يبـذل لم يعرف الحب بعد ، والسيد المسيح قال : من أراد أن يتبعني ينكر ذاته ، ليستطيع أن يحمل صليبه . ثالثاً : طريق البذل : ١- علم نفسك : أن تترك شيئاً من أجل الله. ۲- علم أولادك : أن يتـركـوا من أجل الله . ۳- روح العطاء : ليس المقصود العطاء المادي فقط ، بل روح العطاء . رابعاً : أمثلة حية : ١- أبونا إبراهيم : ترك أرضـه وعشيرته وباركه الله . ٢- الآباء الرسل : « قد تركنا كل شيء وتبعناك » ( مت ١٩ : ٢٧ ) . ٣- متى العشار : ترك كل شيء وتبع السيد المسيح. ٤- بولس الرسـول : « من أجله خسرت كل الأشياء ، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح ، ( فی ٣ : ٨ ) ه الأرملة والفلسين : أعطت كل شيء ، أعطت كل معيشتها . ٦- طفل الـخـمـس خـبـزات والسمكتين : بسبب تقدمته حلت عليهم بركة الله ، فأشبعوا خمسة آلاف من الرجـال مـاعـدا النساء والأولاد . ٧- أرملة صرفة صيدا : قدمت بإيمان ما تملك من دقيق وزيت . 8- الشـهـداء : قدموا حياتهم فـصـاروا صـورة حية جميلة للكنيسة. ٩- أصـدقاء المفلوج : كانوا صورة رائعة للبذل . الإنسان الذي يبذل يجب أن يترك شيئاً « وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة » ( ۲ بط ١ : ٥ ) . اسال نفسك كل يوم : مـاذا قدمت ( بذلت ) من أجل المسيح ؟ هل وقتاً أم صحة أم مالأ أم فكراً أم تعباً أم عملاً خيرياً ، أم ... ؟ فجاءت أرملة فقيرة وألقت فلسين ، قيمتهما ربع . فدعا تلاميذه وقال لهم : « الحـق أقول لكم : إن هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من جميع الذين القوا في الخزانة ، لأن الجميع من فضلتهم القـوا وأمـا هذه فـمـن إعـوازها ألقت كل ما عندها ، كل معيشتها (مر٤٢:٢٢-٤٤). قداسة البابا تواضروس الثانى
المزيد
19 أكتوبر 2023

شخصيات الكتاب المقدس برنابا الرسول

برنابا الرسول: إسم آرامى معناه أبن الوعظ برنابا / يوسف قدم بولس للرسل، زميل بولس في الخدمة، استشهد في قبرص مسقط رأسه ويوسف الذى دعى من الرسل برنابا الذى يترجم أبن الوعظ، وهو لاوى قبرصى الجنس إذ كان له حقل وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل (أع 4: 36 - 37).اسم برنابا فى بعض الترجمات معناه ابن الوعظ وفى ترجمات اخرى ابن العزاء، كما فى اللغة السريانية، اللاتنية القديمة.اما المعنى الحرفى لبرنابا فمعناه " ابن النبوة " وربما دعى ابن الوعظ لان الوعظ كان من اعمال انبياء العهد الجديد (أع 15: 32).وكان اسمه أولاً يوسف فدعاه ربنا له المجد عند انتخابه رسولا باسم برنابا الذي يترجم في الإنجيل بابن الوعظ.كان من سبط لاوي وقد نزح كبار عائلته المتقدمين منذ زمن بعيد عن بلاد اليهودية وأقاموا في جزيرة قبرص، لكن كان له اقرباء فى اورشليم منهم القديس مارمرقس الذى دعاه الرسول بولس ابن اخت برنابا (كو 4: 10).ودعاه الرسول بولس رسولاً بين الرسل نظيرة ووضعه كوضع بولس تماماً. وقد نال نعمة الروح المعزي في علية صهيون مع التلاميذ وبشر معهم وكرز باسم المسيح، وكان له حقل باعه واتى بثمنه ووضعه عند أرجل الرسل (أع4: 36-37)، الذين كانوا يجلونه لكثرة فضائله وحسن أمانته. ولما آمن الرسول بولس بالسيد المسيح قدمه هذا الرسول إلى التلاميذ في أورشليم بعد اعتناقه الإيمان بمدة ثلاث سنين، وحدثهم عن كيفية ظهور السيد المسيح لشاول بالقرب من مدينة دمشق، ثم شهد له أمامهم بغيرته حتى قبلوه في شركتهمن وقال الروح القدس للتلاميذ: "افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع13: 2).فقد اعطته الكنيسة الاولى يمين الشركة. (1 ع 14: 4، 14) (كو 6، 9: 5)، (غل2: 9) وكان اسمة العلمانى يوسف وقد داعه الرسل برنابا.وفى المرة الأولى يقدمه لنا القديس لوقا فى صورة مشرقة فى سفر اعمال الرسل كواحد ممن باعوا ممتلكاتهم من اجل صالح الجماعة (ا ع 4: 36 , 37). ومرة ثانية يقول عنه انه كان رجلا صالحاً ممتلئا من الروح القدس والايمان (أ ع 11: 24) وبحكم كونة تلميذا من التلاميذ واحد السبعين رسولاً كانت له مكانة خاصة فى كنيسة اورشليم وانطاكية عندما جاء الى سمعها ان الامميين فيها قبلوا كلمة الله (1 ع 11: 22).وهو الذى قدم بولس الرسول الى الرسل والكنيسة فى اورشليم وادخل الطمأنينة الى انفسهم. خدم القديس برنابا الرسول فى مدينة انطاكية ولما وجد الحقل متسعاً ويحتاج الى اخرين معه ذهب الى طرسوس واحضر شاول. حيث خدما معا سنة كاملة فى انطاكية (1 ع 11: 22 - 26) وفى اثناء هذه السنة صعدا معاً حاملين معهما تقدمات مؤمنى انطاكية الى اخوتهم فقراء اليهودية. وفى عودتهما الى انطاكية اخذا معهما مرقس (1 ع 12: 25).وبناء على ارشاد الروح القدس رافق بولس فى رحلته التبشيرية الاولى الى قبرص موطن اسرتة. ولاشك ان اختيار مرقس ليصحبهما يرجع السبب فيه الى برنابا. ثم عادا ثانية الى انطاكية وبعد ذلك حضرا مجمع اورشليم موفدين من قبل الكنيسة فى انطاكية للنظر فى موضوع تهود الامم. وبعد انتهاء المجمع حملاً قراراتة. لكن برنابا ترك بولس وافترقا فى رحلته التبشيرية الثانية لان برنابا اصر على ان ياخذ معة مرقس وهذا الامر لم يستحسنة بولس فاخذ بولس سيلا بدلا من برنابا (1ع 15: 36 - 40) ثم ابحر الى قبرص ومعة مرقس وبعد ذلك لا يعود سفر الاعمال يذكر عن برنابا شيئاً وكل ما نعلمه انة حتى سنة 57 م وهوتاريخ كتابة الرسالة الاولى الى كورنثوس كان فى ميدان الكرازة والخدمة.ومما لا شك فيه ان برنابا كان شخصية هامة ومعروف فى صدر المسيحية فقد اشار اليه القديس بولس فى رسائلة الى أهل كورنثوس وكولوسى كشخصية معروفة لديهم فى بلاد اليونان واسيا.وقد طاف الرسولان بولس وبرنابا معًا بلادًا كثيرة يكرزان بالسيد المسيح، ولما دخلا لسترة وأبرأ الرسول بولس الإنسان المقعد ظن أهلها أنهما آلهة وتقدموا لكي يذبحوا لهما، فلم يقبلا مجد الناس بل مزقا ثيابهما معترفين بأنهما بشر تحت الآلام مثلهم. أستشهاده بعد أن طاف مع بولس الرسول بلادًا كثيرة انفصل الرسولان عن بعضهما، فأخذ الرسول برنابا معه القديس مرقس ومضيا إلى قبرص وبشرا فيها وردا كثيرين من أهلها إلى الإيمان بالسيد المسيح ثم عمداهم، فحنق اليهود وأغروا عليهما الوالي والمشايخ فمسكوا الرسول برنابا وضربوه ضربًا أليمًا ثم رجموه بالحجارة، وبعد ذلك أحرقوا جسده بالنار فتم بذلك جهاده ونال إكليل الشهادة. وبعد انصراف القوم تقدم القديس مرقس وحمل الجسد سالمًا وفه بلفائف ووضعه في مغارة خارج قبرص.أما مرقس الرسول فإنه اتجه إلى الإسكندرية ليكرز بها.وقيل ان اليهود قامواعليه ورجموه جسدة وم يحترق فدفنوه فى قبرة سنة 61 م..وقيل انه كشف فيما بعد جسده بموجب رؤيا اعلنت لاسقف المكان فى القرن الخامس. وتعيد له الكنيسة القبطية تحت اليوم الحادى والعشرون من شهر كهيك. السنكسار 21 كيهك. نياحة القديس برنابا أحد السبعين رسولا (21 كيهك) في مثل هذا اليوم ستشهد القديس برنابا أحد السبعين رسولا وهو من سبط لاوي، وقد نزح مقدمو عائلته منذ زمن بعيد من بلاد اليهودية، وأقاموا في جزيرة قبرص، كان اسمه أولا يوسف فدعاه رينا له المجد عند انتخابه رسولا باسم برنابا الذي يترجم في الإنجيل بابن الوعظ، وقد نال نعمة الروح المعزي في علية صهيون مع التلاميذ، وبشر معهم وكرز باسم المسيح، وكان له حقل باعه وأتى بثمنه ووضعه عند أرجل الرسل (أع 4: 36 – 37)، الذين كانوا يجلونه لكثرة فضائله وحسن أمانته، ولما آمن الرسول بولس بالسيد المسيح، أحضره إلي الرسل في أورشليم وحدثهم كيف ابصر الرب في الطريق وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع (أع 9: 27) وشهد له أمامهم بغيرته حتى قبلوه في شركتهم، وبعد ثلاث سنوات خرج برنابا إلي طرسوس ليطلب شاول ولما وجده جاء به إلي إنطاكية (أع 11: 25)،، وقال الروح القدس للتلاميذ: " افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه " (أع 13: 2). وقد طاف الرسولان بولس وبرنابا معا بلادا كثيرة يكرزان بالسيد المسيح، ولما دخلا لسترة وأبرا الرسول بولس الإنسان المقعد، ظن أهلها انهما آلهة ة تقدموا لكي يذبحوا لهما، فلم يقبلا مجد الناس، بل مزقا ثيابهما معترفين بأنهما بشر تحت الآلام مثلهم (أع 14: 8 - 18)،و بعد إن طاف مع بولس الرسول بلادا كثيرة انفصل الرسولان عن بعضهما، فاخذ الرسول برنابا معه القديس مرقس ومضيا إلي قبرص، وبشرا فيها وردا كثيرين من أهلها إلي الإيمان بالسيد المسيح، ثم عمداهم، فحنق اليهود وحرضوا عليهما الوالي والمشايخ، فامسكوا الرسول برنابا وضربوه ضربا أليما، ثم رجموه بالحجارة، وبعد ذلك احرقوا جسده بالنار، فتم بذلك جهاده ونال إكليل الشهادة، وبعد انصراف القوم تقدم القديس مرقس وحمل الجسد، ولفه بلفائف ووضعه في مغارة خارج قبرص، أما مرقس الرسول فانه اتجه إلي الإسكندرية ليكرز بها،صلاة هذين الرسولين تكون معنا، ولربنا المجد دائما أبديا آمين.
المزيد
18 أكتوبر 2023

الإنسان العملي

هناك أشخاص يعيشون في الخيال، يسبحون في آمال من خيال، ويبنون قصورا من خيال، ويعيشون في أحلام اليقظة، ولا يصلون إلى شيء لأنهم غير عمليين ويعكس ذلك أناس عمليون، يعيشون في الواقع ويتصرفون بما يناسب الواقع الذي يعيش في آمال الخيال ليس عملي وماذا أيضًا والذي يبكى على الماضي، دون أن يعمل للحاضر ليس هو عمليًا، أن البكاء لا يفيده شيئًا والذي ينظر إلى المشكلة فينهار، دون أن يفكر في حلها ليس هو عملي. إن الانهيار لا ينقذه والذي يتصرف لمجرد التصرف دون أن يفكر في نتائج عمله، وفيما تحدثه من ردود فعل، ليس هو عمليًا والذي يعامل الناس بعقليته هو دون أن يضع في اعتباره عقليتهم، ونوع فهمهم ليس هو عمليًا وكذلك من يصدق كل من يمدحه، ويصادق كل من يبتسم في وجهه، ويظن أنه مادام قد اقتنع بالأمر، فلابد أن هذا الأمر صحيح، والكل يقتنعون به! ليس هو عمليًا والذي يظن أن من حقه أن ينتصر وان يُطاع لمجرد أنه فلان ليس هو عمليًا الإنسان العملي يعيش في الواقع، بكل ما في هذا الواقع من ظروف، وبكل ما فيه من معوقات ومن مشاكل لا يتجاهل منها شيئًا والإنسان العملي يعامل الناس كما هم، وليس كما ينبغي أن يكونوا. لا يفترض مثاليات خيالية للناس الذين يتعامل معهم، إنما يعرف أنهم بشر، كسائر البشر بكل ما في البشرية من ضعفات ونقائص الإنسان العملي لا يعالج مشاكله بالبكاء ولا بالندب ولا بالضجيج ولا بشكوى من هذا الزمان ومن يعيش فيه إنما يقابل مشاكله بالفكر الرصين والحكمة والحلول العملية، ويطلب من الرب أن يبارك عمله وينجحه الإنسان العملي لا يعيش بكلمة (لو) ولا يفكر طول عمره في الماضي، وإنما يأخذ من الماضي دروسا، ويعمل للحاضر وللمستقبل، بكل جهده. قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث عن كتاب كلمة منفعة الجزء الاول
المزيد
17 أكتوبر 2023

حقائق الإيمان المسيحى

٢ - الثالوث القدوس نؤمن بإله واحد. هذه حقيقة جوهرية، ومن يؤمن بأكثر من إله، يكفر بالإله الحق !! كل ما في الأمر أننا ندخل قليلاً. بالإعلان الإلهي في الكتاب المقدس إلى الهنا الواحد هذا، فنجد أنه «مثلث الأقانيم» الجوهر اللاهوتي واحد، لكن الأقانيم التي في هذا الجوهر الواحد هي ثلاثة الآب والابن والروح القدس. إنها - إذن مجرد تفاصيل نؤمن بها في إلهنا الواحد العظيم. فما هي الأقانيم؟ أولاً: في العهد القديم كان الله يتكلم في العهد القديم بصيغتين في أن واحد المفرد حين يتكلم كجوهر واحد والجمع «حين يتكلم عن نفسه كأقانيم»... وليس في اللغة العبرية صيغة التعظيم، كما في العربية، حين كان يقول الملك عن نفسه: نحن فلان ملك مصر صيغة الجمع في العبرية هي جمع حقيقي، لأن الله يتحدث عن الأقانيم الثلاثة الكائنة داخل الجوهر الإلهي الواحد. مثلا «في البدء خلق الله« "ألوهيم ""صيغة جمع "السماوات " تك ١:١«. «قال الله "الوهيم"" صيغةجمع"نعمل الإنسان على صورتنا کشبهنا» «تك ٢٦:١«.« هوذا الإنسان قد صار كواحد منا « « تك ٢٢:٣ ». المتحدث هنا هو الهنا العظيم الواحد، لكنه مثلث الأقانيم من الداخل. مثال 1: الله الحكيم، فيه الحكمة ومنه ينبثق روح الحكمـة الحكيم + الحكمة + روح الحكمة = إله واحد. مثال ۲ : الله القدير، تولد منه القدرة وينبثق عنه روح القدرة. القدير + القدرة + روح القدرة = إله واحد. مثال ۳: الطبيعة البشرية: نفس + جسد +روح = إنسان واحد. مثال ٤ »الشمس: قرص + ضوء+حرارة = شمس واحدة. ثانيا : في العهد الجديد عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس « مت ۱۹:۲۸ ». «أنا فى الآب والابن في «يو١٤ : ١٠ ». أنا والآب واحد » »يو ۳۰:۱۰ » الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الآب والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد « ١ يوه : ٧». ولقد سمى الابن» هكذا، لأنه مولود من الآب مثل ولادة النور من النار... فهى ليست ولادة جسدية تناسلية مى الآب» هكذا لأنه أصل الوجود وسمى الروح» هكذا لأنه منبثق من الآب مثل انبثاق الحرارة من النار النار + النور + الحرارة = شمس واحدة. النار يولد منها النور، وتنبثق عنها الحرارة هكذا الآب يولد منه الابن الكلمة ولادة روحية أزلية أبدية مستمرة، دون انفصال، ودون فارق زمنى النور يولد من النار دون أن ينفصل عنها، ودون فارق زمني هذا مجرد تشبيه ونفس الشيء بالنسبة للروح القدس الذي ينبثق من الآب كانبثاق الحرارة من النار. النار + النور المولود منها الحرارة المنبثقة منها= نار واحدة. وهكذا أيضا الآب +الابن المولود منه+ الروح المنبثق منه= إله واحد. نيافة الحبر الجليل الأنبا موسى أسقف الشباب
المزيد
16 أكتوبر 2023

كيف نحب الآخرين ؟ المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ

"المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ " ( ١كو١٣ : ٤ ) المحبة تسعى بطبيعتها لتكريم الآخرين، وتجد سعادتها فى أن تنكر نفسها لتكرم غيرها وذلك عملاً بنصيحة القديس بولس الرسول «مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة» (رو۱۲ : ۱۰). «حاسبين البعض أفضل من أنفسهم » ( في ٢ : ٣) ولأن المحبة تفرح بتكريم ،غيرها، فإنها تنسب إليهم الفضل في كثير من الأمور، وتعمل وتنسب الفضل لمن تحب إنها من خلال منظار الحب ترى في تكريم الغير تحقيقاً لأهدافها، لأن في تكريمهم تمجيداً للفضيلة التي فيهم، وإبرازاً العمل نعمة الله بواسطتهم، وتشجيعاً لهم على المزيد من العمل لمجد الله لهذا كله فالمحبة لا تتفاخر، ولا تحاول أن تبدو متفوقة على من تحب ، أو أن تمدح ذاتها متفاخرة على الآخرين، أو أن تنتقص من شأنهم لكي تبدو في صورة المتفوق . الإنتفاخ يتعارض مع المحبة : حينما نقصت المحبة في قلب إبليس من نحو الله ، بدأ ينتفخ ويتفاخر وبالرغم من حكمته الكبيرة، إلا أن الكبرياء سيطرت على أفكاره، لأنها صارت خالية من المحبة «أفسدت حكمتك لأجل بهائك » ( حز ۲۸ : ۱۷ ) المحبة تمنع الكبرياء عن القلب، لهذا قيل أن «من يثبت في المحبة يثبت فى الله والله فيه» «لأن الله محبة» (١يو٤ : ١٦ ) إن المعرفة وحدها قد تقود إلى الكبرياء، أما المحبة فهى محفوظة على الدوام، وتحفظ المعرفة من الظلمة العقلية جميل أن يمتلىء العقل بالمعرفة التي تجعل المحبة تزداد أما المعرفة التي تقود إلى الإنحصار حول الذات، وإنهيار المحبة فهى معرفة باطلة ومفسدة للعلاقة مع الله ومع خليقته العاقلة لهذا ترى أن وصية المحبة الله هى الوصية الأولى والعظمى، والثانية مثلها - محبة القريب وبهذا يكمل الناموس كله والأنبياء (متى ٢٢ :٤٠) المحبة هي السر الخفى الذى يتدفق من قلب الله نحو الخليقة وهى الرباط المقدس الذي يربط الخليقة بالله . ويربطها بعضها ببعض على مثال الحب الكائن في الثالوث القدوس منذ الأزل المحبة هى سر الحياة، وهى رباط الكمال، وهي الوصية الأولى والأخيرة، والجديدة القديمة التي لا تشيخ، ولا تسقط أبداً لهذا صلى السيد المسيح قبل الصليب مباشرة، وخاطب الآب قائلاً: «أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتنى وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به، وأكون أنا فيهم»( يو ١٧: ٢٥، ٢٦) كانت أحلى طلبة للسيد المسيح هي أن يسكب الآب محبته في قلوب تلاميذه والذين أحبهم، وأن يحفظ فيهم الحب بعضهم نحو بعض «أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحداً كما نحن» (يو ١٧ : ١١) ونلاحظ أيضاً كيف ربط السيد المسيح بين الحب والمعرفة «أنا عرفتك الحب الذى أحببتنى به » ، «عرفتهم اسمك ليكون فيهم الحب»فالمعرفة السليمة الحقانية تقود إلى الحب، والحب يقود إلى المعرفة ويحفظها لهذا نرى حول عرش الله الشاروبيم الممتلئين أعيناً( أى ملء المعرفة) والسارافيم المتقدين بالنار ( أى ملء المحبة المشتعلة ) فليمنحنا الله معرفة مفعمة بالحب،وحباً ممتلئاً بالمعرفة الخالية من الإنتفاخ والكبرياء والعجرفة .( للحديث بقية ) نيافة مثلث الرحمات الانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس دير الشهيدة دميانة عن مجلة الكرازة العدد التاسع عشر عام ١٩٨٩
المزيد
15 أكتوبر 2023

شفاء المفلوج الأحد الأول من شهر بابة

طُول الشَّهْر المَاضِي ( تُوت ) نَتَكَلَّمْ عَنْ التُّوبَة اليُّوم نُدْخُل فِي شَهْر جِدِيد هُوَ شَهْر بَابَه فَفِي شَهْر بَابَه يُكَلِّمْنَا عَنْ السَيِّد الْمَسِيح وَقَبُولُه لِلخُطَاة وَيَتَكَلَّمْ أيْضاً عَنْ ثِمَار التُّوبَة فِي تُوت تَكَلَّمْ عَنْ المَرْأة الخَاطِئَة اليُّوم نَتَكَلَّمْ عَنْ المَفْلُوج فَهُوَ يُقَدِّم نَفْسُه لِلْمَسِيح اليُّوم نَتَكَلَّمْ عَنْ شِفَاء المَفْلُوج وَعَمَل أعْظَم مِنْ الشِّفَاء وَقَالَ لَهُ مَغْفُورَةٌ لَك خَطَايَاك ( مر 2 : 5 ) وَقَالَ أعْظَمْ مِنْ ذلِك إِحْمِل سِرِيرَك وَامْشِي ( مر 2 : 9 ) كُلَّ أُسْبُوع مِنْ الآحَادٌ يَتَكَلَّمْ عَنْ الخُطَاة وَمَعْرِفَتْهُمْ لِشَخْص يَسُوع :- الأحَد الأوَّل زَكَّا وَصُعُودُه عَلَى شَجَرِة الجِمِّيز . الأحَد الثَّانِي مُعْجِزِة صِيد السَّمَك وَارْتَبَطِتْ بِتَغْيِير بُطْرُس . الأحَد الثَّالِث شِفَاء المَوْلُودٌ الأعْمَى الأخْرَس . الأحَد الرَّابِع إِقَامِة إِبْنَة أرْمَلِة نَايِين . الْمَسِيح هُوَ شَافِي الأمْرَاض قَادِرٌ عَلَى كُلَّ شِئ لَهُ سُلْطَان عَلَى المَرَض وَالشِّفَاء وَالبَّحْر وَالمُوْت لَهُ سُلْطَان عَلَى الشَّيْطَان الْمَسِيح مُجَرَّدٌ إِنَّك تِعْرَفُه يُعْطِيك القُدْرَة مِنُّه هُوَ عَلَى تَرْك الخَطَايَا وَعَلَى المَرَض وَالسُّلْطَان وَالشَّيْطَان وَهذَا هُوَ مُخْتَصَر رُوحِي عَنْ الخَطْ الرُّوحِي لِشَهْر بَابَه فِي مُقَابَلَة الْمَسِيح لِزَكَّا لَمَّا عِرِفْ إِنْ يَسُوع حَيْمُر مِنْ أرِيحَا كَانْ فِي هُنَاك زَحَام شِدِيد مِنِينْ يَسُوع يِكُون مَوْجُودٌ يِكُون هُنَاك زَحَام لأِنُّه مُحِبْ مُرِيح غَافِر قَادِرٌ وَالنَّاس تَتْبَعُه أيْنَمَا يَمْضِي النَّاس بِتِنْسَى شُغْلَهَا وَتِنْسَى أكْلَهَا وَشُرْبَهَا مِثْل مُعْجِزِة إِشْبَاع الجُمُوع عَلَى الجَبَل فَالنَّاس قَعَدِت ثَلاَثَة أيَّام مِنْ غِير ما يَأكُلُوا أوْ يَشْرَبُوا إِلَى أنْ قَالَ التَّلاَمِيذ لِيَسُوع إِصْرِف الجُمُوع لِيَذْهَبُوا لِيَأكُلُوا( مت 14 : 15) هذَا إِخْتِبَار يَشْعُر بِوُجُودُه الإِنْسَان فَجَاذِبِيِة الْمَسِيح فِي حَيَاة الإِنْسَان تَرْفَعُه فُوق نَفْسُه فُوق جَسَدُه فُوق قُدْرَات جَسَدُه وَنَفْسُه وَمُتَطَلِبَاتْهَا – فَاجْتَمَع كَثِيرُون – فَالْمَسِيح لَدَيْهِ رُوح جَذَّابَة الإِنْسَان الَّذِي لَدَيْهِ رُوح الْمَسِيح المَفْرُوض يِكُون لَدَيْهِ نَفْس الجَاذِبِيَّة البُولُس مِنْ رِسَالِة بُولِس الثَّانِيَة إِلَى أهْل كُورُنْثُوس ﴿ إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ ﴾ ( 2كو 5 : 17 ) وَأنْتُم الرُّوح الذَّكِيَّة الَّتِي تَجْذِب كَذلِك أوْلاَدٌ الْمَسِيح لَدَيْهِمْ جَاذِبِيَّة لِلآخَرِينْ فَالإِنْسَان الَّذِي لَدَيْهِ رَائِحِة الْمَسِيح الذَّكِيَّة فَهُوَ يَجْذِب الآخَرِينْ فِيهِ لَوْ وُجِدٌ الْمَسِيح فِي إِنْسَان يَصِير لَدَيْهِ جَاذِبِيِّة الْمَسِيح يَسُوع وَيَجْذِب النَّاس حَوْلُه وَيَأتِي بِالآخَرِينْ أيْضاً إِلَى الْمَسِيح فِي المَكَان المَوْجُودٌ فِيهِ الْمَسِيح فَيَكُون سَبَبْ شِفَاء وَبَرَكَة لِكُلَّ مَنْ مَعَهُ كَانَ الرَّبَّ يَسُوع يُخَاطِبَهُمْ بِالكَلِمَة فَالإِنْسَان الَّذِي لَدَيْهِ رُوح رَبِّنَا كَلاَمٌ رَبِّنَا يِتْكَلِّمْ عَلَى شَفَتِيه الإِنْجِيل شَبْعَان مِنُّه مُتَغَلْغِل فِيه فَلَمَّا يِتْكَلِّمْ يِتْكَلِّمْ مِنْ أفْكَار الإِنْجِيل جَمِيلٌ هذَا الإِنْسَان الَّذِي يَكُون الإِنْجِيل مُنْسَاب عَلَى شَفَتَيْهِ فَيَكُون العَقْل مِتْشَبِّعْ بِالكَلِمَة وَحَيَاتُه سِرَاج لِكَلِمَة رَبِّنَا مِنِينْ يَسُوع مَا يِجْتِمِع تِلاَقِي النَّاس حَوَالِيه الفَلَجٌ هُوَ حَالِة شَلَلْ كَامِلٌ فِي جَمِيع الأعْضَاء هذَا هُوَ حَال الإِنْسَان اللِّي فِي الخَطِيَّة فَالسَيِّد الْمَسِيح لَمْ يَكْتَفِي بِحَالِة الشِّفَاء فَقَطْ بَلْ قَالَ لَهُ مَغْفُورَة لَك خَطَايَاك الْمَسِيح رَبَطْ بِين غُفْرَان الخَطَايَا وَشِفَاء الفَلَج وَهُوَ لَمْ يَبْدَأ بِشِفَاء المَرَض الظَّاهِر بَلْ المَرَض المَخْفِي فَالخَطِيَّة هِيَ الَّتِي أحْدَثِتْ الفَلَج فَهذَا هُوَ حَال الإِنْسَان فَنَحْنُ مُحْتَاجِينْ أنْ نَقُول لَهُ حِلِّنِي فُكِّنِي جَمِيلٌ إِنْ الإِنْسَان يُقَدِّم ذَاتُه لِلْمَسِيح كَمَرِيض وَهُوَ الطَّبِيب الشَّافِي فَهُوَ عَمَل عَمَل عَظِيم فَهُوَ حَلِّنَا مِنْ رَبَاطَات خَطَايَانَا المَزْمُور يُعَبِّر عَنْ فَرَحٌ المَفْلُوج ﴿ أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ وَقْت وَفِي كُلَّ حِينٍ تَسْبِحَتُه فِي فَمِي بِالرَّبَّ تَفْتَخِر نَفْسِي يَسْمَع الوُدَعَاء وَيَفْرَحُون ﴾ ( مز 34 : 1 – 2 ) الرَّجُل المَفْلُوج فَرْحَان بِعَمَل الله فِي حَيَاتُه فَهُوَ شَفَانِي فَالإِنْسَان الَّذِي يُسَبِّح وَيَشْكُرالله فَهُوَ شَاعِر بِغُفْرَان خَطَايَاه أنَا مِنْ غِيرَك مَفْلُوج وَلكِنَّك إِقْتَرَبْت مِنِّي وَقُلْتَ لِي لاَ تَخَفْ فَأنْتَ زَعْزَعْت مِنْ دَاخِلِي صُخُور وَأوْجَاع وَاضْطِرَابَات ﴿ فِي كُلَّ حِينٍ تَسْبِحَتُه فِي فَمِي بِالرَّبَّ تَفْتَخِر نَفْسِي ﴾ يُوم الإِفْتِخَار نَفْتَخِر بِالرَّبَّ﴿يَسْمَع الوُدَعَاء وَيَفْرَحُون ﴾ فَنِسْمَع مَا يَعْمَلُه الرَّبَّ مَعَ أوْلاَدُهٌ فَنِفْرَح المَدَاخِل إِذَا كَانِتْ كُلَّهَا إِتْسَدِت عَنْ الْمَسِيح نُحْمَل إِلِيه أنَا مُشْتَاقٌ أنْ أُحْمَل إِلِيه فَهُوَ لاَ يُهْمِلْنِي فَهُوَ تَرَك كُلَّ شِئ وَتَبَعْ الْمَسِيح فَلَمَّا رَأى الْمَسِيح إِيمَانْهُم قَالَ لَهُ ﴿ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ ﴾عَجِيب عَمَل رَبِّنَا يَسُوع الأوِّل يَسْمَع الوُدَعَاء وَيَفْرَحُون وَآخَرُون يُجَدِّفُوا إِنْسَان يَرَى عَمَل الْمَسِيح فِي حَيَاتُه فَيَفْرَح وَآخَر لأِنَّهُ لاَ يَعْرِف أنْ يُدَافِعْ عَنْ نَفْسُه فَهُوَ يَأخُذ الأُمور بِتَجَادِيفْ فَهُوَ يَسْمَع الوُدَعَاء وَيَفْرَحُون وَيَفْرَح هُوَ مَعَهُمْ رَبِّنَا يَسُوع قَالَ لَهُ إِحْمِل سِرِيرَك وَامْشِي لَمَّا يِحِبْ يَسُوع يِعْمِل مُعْجِزَة يُعْطِي عَلاَمَة يِشْفِي المَفْلُوج قُدَّام النَّاس وَيَقُول لَهُ إِحْمِل سِرِيرَك إِنَّ عَضَلاَتُه كُلَّهَا يَابِسَة لكِنْ لِيَقُوم وَيَحْمِل سِرِيرُه فَهذِهِ قُدْرِة يَسُوع فَهُوَ يُرِيدْ أنَّ قُدْرِتُه تُعْلَن وَكُلَّ المَوْجُودِين يِقُولُوا بِالحَقِيقَة صَارَ فِينَا إِله الأهَمْ عَنْد السَيِّد الْمَسِيح إِنْ يِفُكُّه مِنْ القُيُودٌ الدَّاخِلِيَّة أنْ يُحَرِّك قَلْبُه نَحْو الله أنْ يَشْفِي العَقْل رَبِّنَا يَسُوع شَفَى الأوِّل المَرَض الحَقِيقِي وَبَعْدَهَا شَفَى الأعْرَاض فَنَزْع الخَطِيَّة هُوَ أسَاس الشِّفَاء دَاوُد النَّبِي قَالَ ﴿ الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ ﴾( مز 103 : 3 )فَهُوَ طَلَبْ مِنْ الرَّبَّ أوَّلاً أنْ يَغْفِر الخَطَايَا وَالذُّنُوب ثُمَّ يَطْلُب الشِّفَاء مِنْ مَرَضُه فَالخَطِيَّة تَجْعَل الإِنْسَان عَاجِز عَنْ التَّحَرُّك نَحْو السَّمَاء وَعَنْ التَّعْبِير عَنْ إِشْتِيَاقَاتُه إِلَى السَّمَاء وَالحَيَاة الأبَدِيَّة وَالعِشْرَة مَعَ الله كَمْ مَرَّة تَقُول أنَا نِفْسِي أصَلِّي لكِنْ مِشْ بِتْصَلِّي أنَا نِفْسِي أتَضِعْ وَلكِنْ لاَ أعْرِفْ الخَطِيَّة تَجْعَل الإِنْسَان عَاجِز عَنْ الحَرَكَة وَتَسْلِبْ إِرَادْتُه وَالإِنْسَان العَاجِز النَّاس تِحْمِلُه شِمَال وَيِمِين القِدِيس يُوحَنَّا الإِنْجِيلِي فِي أوَاخِر أيَّامُه كَانْ لاَ يَسْتَطِيعْ الحَرَكَة تَمَاماً فَكَانَ يُوضَعْ عَلَى نَقَّالَة وَسَطْ أي كِنِيسَة لِيَعِظْ وَهُوَ قَاعِدْ عَلَى نَقَّالَة وَيُوصِيهُمْ بِوَصِيَّة جِدِيدَة ﴿ وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾( يو 13 : 34 )حَرَكِة الرِّجْلِينْ وَالإِيدِينْ مِشْ مُهِمَّة زَي حَرَكِة اللِّسَان وَالقَلْب زَي بُولِس الرَّسُول لَمَّا كَانْ مَسْجُون فِي سِجْن فِيلِبِّي فَهُوَ كَانْ مَرْبُوط فِي مَقْطَرَة وَلاَ يَسْتَطِيعْ الحَرَكَة وَعَاجِز عَنْ التَّحَرُّك وَلكِنْ قَلْبُه وَلِسَانُه فِي الكِنِيسة ( أع 16 : 23 – 24 ) لَمَّا إِبْتَدأ الرَّبَّ يَسُوع فِي الشِّفَاء إِبْتَدأ بِالقَلْب وَاللِّسَان جَمِيلٌ الإِنْسَان أنْ يَتَحَرَّر مِنْ قُيُودٌ الخَطِيَّة الدَّاخِلِيَّة فِي قَلْبُه وَلِسَانُه أحَد الآبَاء القِدِّيسِينْ يُعَبِّر عَنْ حَالِة الهَوَان وَالذُّل لِلخَطِيَّة فَقَالَ﴿ لَيْسَ لِي قُدْرَة عَلَى القِيَام وَلَيْسَ لِي مَسَرَّة بِالسُّقُوط ﴾وَيَسْمَع الوُدَعَاء فَيَفْرَحُون فَهُوَ يُقِيم مَيْتٌ وَيَقُول لَهُمْ حِلُّوه وَاتْرُكُوه يَمْضِي يُقِيم بِنْت مَيِتَة وَيَقُول إِعْطُوهَا لِتَأكُل وَتَأكُل أي كُلَّ الأجْهِزَة المُتَوَقِفَة إِشْتَغَلِتْ فَلَّمَا شَفَى حَمَاة سِمْعَان فِي الحَال قَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ( لو 4 : 38 – 39 ) " قَامَتْ خَدَمَتْهُمْ " هذِهِ هِيَ قُدْرِة عَمَل الْمَسِيح فَأنَّهُ يُعْطِي قُدْرَة لاَ نِهَائِيَّة عَلَى العَطَاء الإِنْسَان التَّائِبْ تَأخُذْ مِنْهُ عَلاَمِة شِفَاء وَنُمُو وَصِحَّة مِثْل القِدِيس أُوغُسْطِينُوس فَأنَّهُ لَمْ يَتُبْ فَقَطْ بَلْ أصْبَح أُسْقُف فَهُوَ أعْظَمْ مَنْ كَتَبْ تَفَاسِير فِي الكِتَاب المُقَدَّس القِدِيس العَظِيمْ الأنْبَا مُوسَى الأسْوَد فِي المَدِيح الخَاص بِه نِقُول ﴿ القَاتِل أصْبَح بَار ﴾ فَهُوَ إِتْغَيَّر مِنْ رَئِيس جَمَاعِة لُصُوص إِلَى رَئِيس جَمَاعِة رُهْبَان هذِهِ هِيَ عَلاَمِة الصِّحَة وَالقُدْرَة فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَرَى عَلاَمَة لِلتُّوبَة فَلاَزِم تِحْمِل سِرِيرَك وَتِمْشِي وَتَأكُل طَعَام رُوحِي إِسْتِقَامِة مَسِيرَة تَغْيِير الإِنْسَان الدَّاخِلِي فِي مُعْجِزِة صِيد السَّمَك لَمَّا قَعَدٌ طُول اللِّيل يِصْطَادٌ التَّلاَمِيذ فَفَشَلُوا فِي الصِيد وَلكِنْ لَمَّا لاَقَهُمْ يَسُوع وَقَابِلْهُمْ وَمَلأُوا الشِّبَاك بِالسَّمَك فَهُمْ تَرَكُوا شِبَاكُهُمْ وَتَبَعُوه المَقْصُودٌ بِذلِك بِإِنَّك تِتْغَيَّروَكَيَانَك يِتْغَيَّر وَإِهْتِمَامَاتَك تِتْغَيَّر زَكَّا لَمَّا تَغَيَّر وَزَّع نِصْف أمْلاَكُه عَلَى الفُقَرَاء وَرَدَّ أرْبَعَة أضْعَاف لِلَّذِينَ أخَذْ مِنْهُمْ فَالله يَنْظُر لِلتَغْيِير فِي الفِكْر وَالسُّلُوك فَالسَّامِرِيَّة رِجْعِت وَقَبَلِتْ الْمَسِيح بِفِكْرَهَا وَرَاحِتْ بَشَّرِتْ المَدِينَة كُلَّهَا بِسُلُوكْهَا التُّوبَة تَعْنِي * مِيطَانْيَا * أي تَغْيِير إِتِجَاه فَهْيَ عَلاَمِة حَيَاة عَلاَمِة قُدْرَة بُولِس الرَّسُول فِي كِرَازْتُه فِي مَدِينِة أفَسُس كَانْ مِنْتِشِر فِيهَا السِحر جِدّاً وَأهْل هذِهِ المَدِينَة مِنْ شِدِّة تَأثُّرَهُمْ بِكَلاَمُه وَجَمَال دَعْوِتُه أحْضَرُوا لَهُ كُلَّ كُتُبْ السِحر وَحَرَقُوهَاعَلاَمِة تُوبْتُه عَايِز يِحْرَقْهَا وَيِقُولْ كَارِهِين الشَّر ( رو 12 : 9 ) فَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أعْمَال الظُّلْمَة بَلْ بِالحَرِيِّ وَبِّخُوهَا( أف 5 : 11) فَتَكُون بِدَاخِلُه يِوَبَخْهَا فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَعِيش فِيك وَكَلاَمَك يِتْغَيَّروَاهْتِمَامَاتَك تِتْبَدِّل وَتَسْلُك بِالرُّوح فِي كُلَّ أُمور حَيَاتَك فَتِتْغَيَّرالخَوَّاف يِتْغَيَّر وَيُصْبِح شَهِيدٌ عَايِز تِبْدأ فِعْلاً بِالتَغْيِير تَرَى أنَّكَ تَغَيَّرْت فِي كَلاَمَك وَسُلُوكَك وَحَرَكَاتَك وَاحْتِمَالَك لِلآخَرِينْ وَطَرِيقِة تَعَامُلَك مَعَ المَال وَالوَقْت تَغَيَّرَت أُمور كَثِيرَة نُقَدِّمْهَا لله تَدُل عَلَى تَغَيُّرْنَا فَهُوَ يُرِيدْ أنْ يَسْتَخْدِمْنَا نَحْنُ كَشَاهِد لِعَمَلُه ﴿ اِذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ ﴾ ( مر 2 : 11 ) رَبِّنَا عَايْزَك تِتُوب عَلَشَانْ تِشْهَدٌ لُه إِنُّه قَادِر أنْ يُغَيِّر وَيِبَدِل وَتُمَجِّدُوا الله فَنَتَقَدَّم إِلِيه وَاثِقِينْ مِنْ شِفَائْنَا وَأنَّهُ يُحَوِّلْنَا مِنْ مَرِيض غِير قَادِرٌ عَلَى المَشْي إِلَى إِنْسَان سَلِيم يَحْمِل سَرِيرُه وَيَمْشِي رَبِّنَا يِكَمِّل نَقَائِصْنَا وَيِسْنِد كُلَّ ضَعْف فِينَا بِنِعْمِتُه وَلإِلَهْنَا المَجْد دَائِماً أبَدِيّاً آمِين. القمص أنطونيوس فهمى كاهن كنيسة مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك الاسكندرية
المزيد
14 أكتوبر 2023

إنجيل عشية الأحد الأول من شهر بابه( مت 15:14 - 21 )

ولَمّا َصارَ المساءُ تَقَدَّمَ إليهِ تلاميذه قائلين: المَوْضِعُ خلاء والوقت قد مَضَى اِصرِفِ الجُموعَ لِكَيْ يَمضوا إِلَى القرى ويبتاعوا لهُمْ طَعامًا فقالَ لَهُمْ يَسوعُ: لا حاجَةَ لهُمْ أنْ يمضوا أعطوهُمْ أنتُم ليا كلوا فقالوا له ليس عِندَنا ههنا إلا خمسَةُ أَرغِفَةٍ وسمكتان فقال: ائتوني بها إلى هنا فأمَرَ الجُموعَ أَنْ يَتَّكِبُوا عَلَى العُشب ثمَّ أَخَدَ الأَرغِفَةَ الخَمْسَةَ والسَّمَكَتَينِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نحو السماءِ وبارَكَ وَكسَّرَ وأعطى الأرغفة للتلاميذ،والتلاميذ للجموع فأكل الجميـع وشـبعـواثم رفعــوا ما فضَلَ مِنَ الكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَملوءةً والآكِلُونَ كانوا نَحوَ خَمْسَةِ آلافِ رَجُلٍ، ما عدا النساء والأولادَ " "ولما صار المساء تقدم إليه تلاميذه قائلين الموضـع خلاء والوقت قد مضى اصرف الجموع لكي يمضوا إلـــى القرى ويبتاعوا لهم طعامًا ، فقال لهم يسوع "لا حاجة لهـم أن يمضوا أعطوهم أنتم ليأكلوا" في كل عشية عندما تغيب الشمس يقبل المساء والظلام ومع قدوم الظلام تصير المخاوف والليل دائما ثقيل بهمومه وكئيب بظلامه، ولكن عندما تشرق الشمس تبدد الظلام وينتهي كل شيء وقد وضع الآباء أناجيل العشيات تحمل ذات الملابسات من جهة حلول الليل وحلول الظلام مع ما يحمله ذلك من معاني كانت تخيف الإنسان وتضغط على نفسه، لا سيما أنه في الأيام القديمة لم تكن إضاءة في الليل ولا كهرباء، فكان ستر الظلام يخفي وراءه كل أنواع الغدر والشر والسرقة والاعتداءات التي لا يمكن أن تحدث في النور بل ومازالت غارات الحروب تشن ما بعد الغروب حيث يكون الظلام خافيًا للتحركات على كل حال فإن الظلام المادي يُشير دائما إلى روح الظلمة والعدو الشرير الذي هو ضد النور الحقيقي، وكل أعماله أعمال ظلمة وكل تابعيه بنور الظلام حتى يستقروا في الظلمة الخارجية حيث البكاء وصرير الأسنان. على أن الكنيسة وهى تضع في معظم العشيات فصــــول الأناجيل التي تتحدث عن إقبال المساء والظلام والأهوال تضع المسيح شمس البر والنور الحقيقي الذي لم تدركه الظلمة النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسان وفصل إنجيل هذه العشية يشير إلى إقبال المساء ودخول التلاميذ في حيرة ماذا يفعلون مــع هـذا الجمــع الغفير؟ خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد شيء مهول حين أحسوا بالمسئولية الملقاة عليهم فـودوا لو يتحرروا منها فقالوا للرب اصرف الجموع أين نأتي لهم بطعام؟ وحين أراد الرب أن يمتحن إيمانهم قال لفيلبس كـــم يكفيهم؟ فأجاب فيلبس - ويبدو أنه كان يحب الحسابات لا يكفيهم بمائتي دينار حتى يأخذ كل واحد منهم شيئا يسيرا قال هذا ليمتحنه حسب رواية القديس يوحنــا الإنجيلي، والواقع أن يسوع عارف بما يفعله ولم يكن ينوي أن يعطيهم شيئًا يسيرًا بحسب كلام فيلبس الرسول ورأيـــهبل كان الرب مزمعًا أن يعطيهم للشبع والفيض واثنتى عشرة قفة مملوءة من الكسر الفائضة. ولما قال الرب للرسل أعطوهم أنتم ليأكلوا. جعل عليهم هذه المسئولية من تلك اللحظة وهيهات أن يتحرروا منها أو يتحللوا من نيرها ... لقد حمّلهم حمل الشعب رجالاً ونساءً وأطفالاً معًا... ليطعموهم لا الخبز المادي فقط بــل الخبز النازل من السماء الذي هو المسيح ذاته. فحمل التلاميذ ذلك النير اللذيذ من تلك اللحظة وصاروا آباء المسكونة. والآباء دائما مسئولون اسمع القديس بولس يقول: "يا أولادي الذين أتمخض بهم إلى أن يتصور المسيح : كاملاً فيكم لأني حاملكم في قلبي وفي وثقي". أما وقد صار المساء ولكن النور الحقيقي قائم في وسطهم .مع المساء كان الجوع ولكن في المسيح الشبع. كل الذين اختبروا المسيح صاروا في الشبع كل أيام حياتهم... لم يجوعوا أبدًا لأن في يمينه شبع سرور. الجوع إلى العالم الجوع إلى الشهوات، الجوع إلى المراكز، الجوع إلى الكرامة الجوع إلى الانتقام الطمع في الماديات جوع، الميول المنحرفة جوع. هكذا تنبأ الأنبياء أنه يكون في العالم جوع لا إلى خبز وماء بل إلى كلمة الرب هذا هو الجوع الحقيقي نحو البر وطوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون" المسيح وحده هو الذي يُشبع النفس الجائعة فتكتفي عن كل شيء وعن كل أحد. * أما سر البركة في المسيح فهو فائق للعقل والإدراك. من يقول إن خمس خبزات شعير صغيرة تستطيع أن تشبع خمسة آلاف رجل ؟ ولكن إن وضعت في يد المسيح فإنها تشبع وتفيض. * لا تعتذر بالإمكانيات البسيطة التي لك فقط ضعها بين يدي يسوع الخبزة في يد يسوع تستمد قوة إلهية، ولكنها لابد أن تكسر، لا يمكن أن تشبع دون أن تكسر، وإن ظلت الخبزة غير مكسورة وحافظت على نفسها كمـا هى لا تؤكل ولا تشبع. جيد أن نسلم نفسنا ليد يسوع، ليكسرنا كما يشاء ويوزعنا بحسب تدبيره إلى حيث يريد وبالطريقة التـى يستحسنها هو، هذه هي حياة التسليم. إن ظلت الخبزة كما هى في أنانية تبقى واحدة، ولكن إن انكسرت وتوزعت تصير لكثيرين من يحيا لذاته يكون كخبزة واحدة، ولكن من يبذل نفسه لآخرين يعرف البركة ويدرك سر الشبع في نفسه وفي الآخرين. ولكن قبل أن يكسر شكر وبارك، فالخبزة جازت أولاً خبرة الشكر ونعمة البركة قبل أن تكسرها يد الرب لتوزعها، فإنه يعبر بنا في مراحل الشكر والبركة ويستودعنا سر نعمته الغنية فيا مرحبًا بحياة البذل والعطاء حتى النهاية، ما أجمل العبارة التي قالهــا القديس أغناطيوس اللابس الروح: "أنا حنطة الله". واشتهي أن تطحنه الأسود بأسنانها محبة في المسيح الذي مات لأجله. ومن الأمور التي يلذ لنا أن نتأملها أن المسيح ذاته هو خبز الحياة المكسور لأجل خلاص العالم، فإن اتحدنا به بشبه موته واختبرنا قيامته حين نأكل الخبز المكسور الذي هو جسده تصير فينا هذه الشهوة أن نبذل نفسنا على مثال الذي أحبنا بل نشعر بشركتنا مع الآخرين أننا خبز واحد وأعضاء بعضا البعض.من البداية قال الرب للتلاميذ : أعطوهم أنتم"، ربما كان الرب يقصد أن التلاميذ قد نما إيمانهم ونمت بالمسيح حتى أصبحوا على مستوى المعجزة، ولكن التلاميذ اعتذروا في ذلك الوقت، أما عندما امتلأوا من الروح المعزي صارت لهم النعمة والقوة حتى أنهـم عملوا أعمال المسيح بحسب وعده القائل: "الأعمال التي أعملها أنا تعملونها وأعظم منها . وذلك بحلول روحه القدوس فيهم وصار الروح يعمل بهم آيات غير المعتادة، شفوا مرضى وأخرجوا شياطين وأقاموا موتى. والذي يجذب الانتباه أن الرب في معجزة إشباع الجموع جعل التلاميذ يُتكئون الجموع بحسب الترتيب الإلهي خمسين خمسين وهو حين كسر الخبزات بيديه الطاهرتين أعطى التلاميذ والتلاميذ أعطوا الجموع فتناول الشعب هذا الخبز من يد المسيح بواسطة رسله القديسين فهم الذين دعاهم وقدسهم وبررهم وأعطاهم ليعطوا وملأهم ليفيضوا ثم إذ أكل الجميع وشبعوا قال للرسل: "ارفعوا الكسر لئلا يضيع منها شيء". فالكسر عند الناس مهملة وملقاة.أما عند المسيح فهى مجموعة مكرمة لئلا يضيع منها شيء أو تداس بالأرجل فلا تفتخر الخبزات على الكسر ، فالذي صنع المعجزة بالخبزات اهتم بالكسر هؤلاء هم الصغار غير المعتبرين من الناس ولكن ليس عند المسيح فهو كثير العناية بالضعفاء وصغار النفوس والقلوب، وغير المعتبرين والمرذولين والمهانين إله عجيب ساكن في الأعالي وناظر إلى المتواضعين وقد رفع التلاميذ اثنتي عشر قفة مملوءة من الكسر، وكأن كل واحد من الاثني عشر قفة كاملة من الكسر، جمع واعتنى بها حتى الملء. أكل الجميع وشبعوا تُرى ماذا كان طعم هذا الخبز الذي بارك الرب عليه وشكر وكسره؟ وكيف أكله الناس؟ يا للحسرة إن كانوا قد أكلوه جسديًا، كلقمة خبز عادية !! وإذ كان الحال كذلك وطلبوه مرة أخرى قال لهم: "تطلبوني ليس لأنكم رأيتم آيات فآمنتم بل لأنكم اكلتم من الخبز فشبعتم اعملوا لا للطعام البائد بــل للطعام الباقي للحياة الأبدية"فإن كان الحال هكذا مع خبز المعجزة، فكم يكون الحال ونحن نأكل خبز الحياة الأبدية من على المذبح كل يوم، بأي حاسة روحية نأخذه وبأي روح نأكله؟!. المتنيح القمص لوقا سيدراوس عن كتاب تأملات فى أناجيل عشيات الأحاد
المزيد

العنوان

‎71 شارع محرم بك - محرم بك. الاسكندريه

اتصل بنا

03-4968568 - 03-3931226

ارسل لنا ايميل